الموضوع: لمسات_بيانية
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-20-19, 04:04 PM   #1
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:36 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي لمسات_بيانية



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



.
الفرق بين ( استجار ) و ( استغاث ) .

زياد السلوادي

⁦⁩ كلتا اللفظتين تفيد معنى طلب العون والنجدة والمساعدة ، ولكنهما وإن كانتا تشتركان في معنى عام واحد إلا أن لكل منهما معنى دقيقاً مختلفاً . وحين نستعرض الآيات الكريمة التي ذكرت اللفظتين ومشتقاتهما فسوف يتضح لنا المعنى الخاص لكلا اللفظتين .

⁦⁩ ⁦⁦أولا – استجار

وردت لفظة ( استجار ) ومشتقاتها في القرآن الكريم 8 مرات في 6 سور ، وسوف نعرض المرات الثماني ونعلق على كل منها لنخرج بالمعنى الدقيق كما يلي :

⁦▪️⁩- يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ الأحقاف: ٣١ .

⁦⁩نلاحظ من قوله تعالى ( ويجركم من عذاب أليم ) أن الفرصة لا تزال مهيأة للقوم إن هم أجابوا داعي الله ، أي أنهم إن آمنوا بالله تعالى فسوف يجيرهم من عذاب لا يزال بعيداً لم يقع .

⁦▪️⁩- قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ المؤمنون: ٨٨ .

⁦⁩وفي هذه الآية تقرير بأن الله تعالى بيده ملكوت كل شيء وأنه سبحانه يجير من يخاف وقوع المكروه به ، وأنه لا يستطيع أحد أن يؤمّن أو يجير من أراد الله تعالى أن يصيبه بعذاب . ونلاحظ أن المكروه والعذاب لم يقع ولكنه في الأولى ( يجير ) حيث كان على وشك الوقوع فمنع الله تعالى وقوعه ، وفي الثانية ( يجار عليه ) فإن سيقع فيما بعد لأن أحداً لا يستطيع أن يمنع إرادة الله تعالى .

⁦▪️⁩- قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ الملك: ٢٨ .

⁦⁩ وفي هذه الآية لا يستطيع أحد أن يمنع وقوع العذاب ( المنتظر ) بالكافرين .

⁦▪️⁩- قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا الجن: ٢٢ .
وفي هذه الآية نجد أن ( لن يجيرني ) تفيد المستقبل ، وهذا يعني أن المكروه لا يزال منتظراً .

⁦▪️⁩- وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ التوبة: ٦.

⁦⁩وفي هذه الآية نجد أن المكروه لم يقع بعد بالمشرك ، ولذلك فإن الآية تأمر بإبلاغه مأمنه .

⁦▪️⁩- وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ الأنفال: ٤٨ .

⁦⁩وتذكر هذه الآية الكريمة أن الشيطان وعد الكفار بأن يجيرهم من خطر وشيك وهو لقاء المؤمنين في الحرب .

مما سبق نستطيع أن نقول إن لفظة ( استجار ) ومشتقاتها تعني العون والمساعدة لإبعاد خطر وشيك الوقوع ولكنه لم يقع بعد .

⁦ ثانياً – استغاث .

وردت لفظة ( استغاث ) ومشتقاتها في القرآن الكريم 5 مرات في 4 سور ، وحين نستعرض هذه المرات سيتبين لنا المعنى الدقيق للفظة كما يلي :

⁦▪️⁩- وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا الكهف: ٢٩ .

⁦⁩نلاحظ هنا أن الاستغاثة قد حدثت أثناء وجود الظالمين في النار ، أي حال إحساسهم المباشر بالعذاب وبالألم ، وتقرر الآية أنهم ( يغاثوا ) - على سبيل الاستهزاء بهم – بماء ، ولكنه ليس كالماء المعهود بل إنه يشوي وجوههم .

⁦▪️⁩- وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ القصص: ١٥ .

⁦⁩⁦وفي هذه الآية جاءت الاستغاثة من أحد رجلين يقتتلان ، أي أن المستغيث كان في حالة معاناة نتيجة لتغلب خصمه عليه .

⁦▪️⁩- وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ الأحقاف: ١٧ .

⁦⁩وفي هذه الآية جاءت الاستغاثة من والدين يعانيان ضغطاً نفسياً كبيراً نتيجة خوفهما على مصير ابنهما الكافر .

⁦▪️⁩- إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ الأنفال: ٩ .

⁦⁩وفي هذه الآية جاءت الاستغاثة من المؤمنين وهم يقاتلون الكافرين فأمدهم الله تعالى بألف من الملائكة .

ومما سبق نفهم أن معنى الاستغاثة هو طلب العون والمساعدة والنجدة في أثناء وقوع المكروه .

وأن معنى الاستجارة هو طلب العون والمساعدة قبل وقوع مكروه متوقع .