عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-20, 12:42 PM   #1
كهله بقلب طفله

الصورة الرمزية كهله بقلب طفله
طيفك معي

آخر زيارة »  06-05-23 (09:14 PM)
المكان »  بلا هوية .. بلا وطن
الهوايه »  جمع ذكرياتي

 الأوسمة و جوائز

247 وَمَنْ .. كأبِي ؟



وَمَنْ .. كَأبِي ؟



مدخل

قيل في الأب :
هو ذاك الذي تطلب منه نجمتين ..
فيعود حاملاً السماء


نشأت فاطِمة ..
في بيئة مليئة بالحب بالقرب من والديها ..
وخاصة والدها ..

فمنذ طفولتها كانت هي البنت المدللة بالرغم من وجود إخوتها
الأكبر منها ،

كان والدها لايسمح لأحد منهم بأن يجرحها أو يتلفظ عليها بكلمة ..
وكان لايرفض لها طلباً ،

وكان يناديها منذ صغرها ب( فطومتي ) ..

فتارة كان يمازحها ،
وتارة أخرى ينشد لها بعض القصائد القديمة ،
أو يحكي لها قصصاً عن أيام شبابه ..
كان يحكي .. وهي تستمع له بكل اهتمام وحب ،

كبُرت فاطمة بالعمر ..
وكبُر والدها أيضاً ،






ومع مرور الأيام أصيب والدها بمرض السكري حتى ضعف بصره
فلم يعد يرى جيداً ،
وضعف جسده ولم يقدر على العمل كما كان ،

وفي يوم ما ارتفع مستوى السكر لديه لمدة ليست بالقصيرة ،
حتى أصابه مرض ( الغارغرينا ) في إحدى رجليه فقرر الأطباء بترّها ،
فبترت ساقه وأصبح طريح الفراش


كانت فاطمة تتألم حين تشاهده وقد أصبح على هذه الحال ،
فقد كان فيما مضى رجلاً قوياً صلباً شامخاً ..
ورغم هيبتة الا أنه حنون عليها وعلى إخوتها ،
يحبهم ويكرمهم ولايقصر عنهم بشيء ،

ولكن المرض أقعده حتى تعبت نفسيته مع مرور الوقت ..
وأصبح لايخرج من منزله ولا يستقبل أحد من الضيوف إلا نادراً ،

ومع مرور الأيام أصبح ينسى كثيراً ..
فأحياناً لايتذكر متى وماذا أكل !
بل حتى في صلاته أصبح ينسى كم ركعة صلى ؟
أو ياترى هل صلى أم لم يصلي ..!


وذات يوم دخلت فاطمة على أبيها فنظر اليها قائلاً :
من أنتي ومااسمك ؟
حينها تعجبت فاطمة من سؤاله وقالت وهي تبتسم :
هل نسيتني ياأبي ؟ أنا ابنتك فاطمة ( فطومتك )
كما كنت تناديني وأخذت تضحك وهي تقبّل رأسه !!

هي تظن أنه يمازحها ..!
وماعلمت بأنه نسيَها كما نسيَ غيرها ،

فكررت كلامها له مرة ثانيه
فقال لها : لاأتذكرك من أنتي ؟

وخرجت مذهولة لتسأل والدتها عنه ،
مابه ؟ومالذي أصابه ؟ ولماذا ؟
وكيف نسيَها ونسى إسمها ؟

فأجابتها والدتها بأنه أصبح كثير النسيان في الفترة الأخيرة
وقد كتب له الطبيب العلاج اللازم
وأن ذاكرته ستعود وسينسى بين فترة وأخرى وهكذا بقية حياتة ،

حزنت فاطمة على والدها وأخذت تبكي وتتذكر حبه لها ..
وذكرياته التي لن تنساها ،



ثم دخلت على والدها في غرفته وإذ به يغطُ في نوم عميق ..
جلست بجانبه وتركته ليرتاح ولم توقظه ،


كانت تنظر إليه وقلبها يتفطّر ألماً وحزناً عليه ..
وأخذت تهمس في أذنه بهذه الكلمات :

يُبَه ..
يابعد عيني وراسي
يُبَه .. يابعد روحي وكل انظري ..


يُبَه ..
تذكر يوم انك تناديني ..
ب فطومتي
تذكر يوم أطيح على الأرض ..
وتشيلني

تذكر يايُبَه ..
ذاك اليوم الي رسبت فيه ..
وكنت تلمّني
وتجبرني .. وتواسيني !

يُبَه ..
تدري انك إليا نطقت اسمي
( فطومتي ) ..
كأن الجنة .. تناديني

يُبَه ..
قوم .. وكلمني .. وحاكيني
يُبَه تعال أبيك لي سند
وأبيك عون لي ..

يُبَه ..
شفت كل هالناس من حولي
ترى كلهم مو مثلك ..
ولا ممكن يحنّون لي ،

يُبَه ..
قوم ..
تعال أبيك تلمّني
أبيك تقول :
وينكْ يابنتي ؟
تعالي .. يا فطومتي .




همسة

وتمر الأيام ..

ولازالت فاطمة تحدث والدها وتقبّل رأسه
وهي تبتسم وتذكره بها ..
وبقصصه وحكاياته ..
وهو إلى الآن ينساها ..
وينسى اسمها بين فترة وأخرى .

شافاه الله وعافاه
وأطال في عمره في طاعته


،



مخرج

عندما أتكلم عن أبي ..
فأنا أتكلم عن عَالم ، عن دُنيا ، عن جَنة ..
عن وَطن كبير ، وعن حُبٍ لايموت أبداً




قصة تشبه الواقع ..
وكثيراً


كهله