عرض مشاركة واحدة
قديم 07-26-20, 01:38 PM   #65
الــقيصـر

الصورة الرمزية الــقيصـر

آخر زيارة »  02-01-21 (11:25 PM)
المكان »  أرض الله الواسعــة
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ممثل قانوني مشاهدة المشاركة
القصة الحادية عشر: المحامي المحتال

قبل عدة سنوات نشرت سيرتي الذاتية على أحد مواقع التوظيف كمتدرب للعمل في أحد مكاتب المحاماة، وفي اليوم التالي وردني إتصالان أحدهما من محامي شهير يملك شهادة الدكتوراة وله سمعة واسعة في سوق المحاماة وفي التحكيم الدولي طلب مقابلتي، والإتصال الآخر وردني من شخص يدعي بأنه محامي وأنه يحتاج لمساعد له في مكتبه للعمل على القضايا وطلب مقابلتي.
في اليوم التالي ذهبت للمحامي الدكتور واستقبلني بمكتبه الفاخر هو وأخيه المحامي بأخلاق رفيعة وبكرم الضيافة دون إتباع العرف الغربي في إجراءات المقابلة الشخصية، فقد كانت المقابلة سلسلة مع وجود أريحية في التعامل، ولكن العرض الوظيفي كان لا يتوافق مع رؤيتي وأهدافي فاعتذرت منه وتوجهت للمحامي الآخر.

استقبلني المحامي برفقة محامي آخر وكان وجهه شاحباً ويظهر عليه التعب والإرهاق؛ جلسنا بمكتبه الضيق والذي كان يتشارك فيه مع محامٍ آخر له سمعة وباع طويل بسوق المحاماة والتوثيق، وأخذ يطرح علي الأسئلة وإكتشاف إمكانياتي وقدراتي والمهارات اللازمة لشغر الوظيفة، وعرض علي وظيفة مساعد محامي بمزايا أفضل من المحامي الذي قابلته سابقاً، فوافقت على العرض فوراً، وحيث أنه كان مستعجلاً في إجراءات التعيين فقد قام بإعداد عقد العمل على ورقة فارغة لا تحمل أية شعارات أو أسماء تشير لوجود كيان قانوني، وقرأت واطلعت على شروط وأحكام العقد ووجدت بأن هناك راتباً شهرياً يسيراً بالإضافة إلى عمولات 10% من أتعاب كل قضية، فأبديت موافقتي ثم وقعت على العقد وحصلت على نسختي وأخبرني بالبدء فوراً منذ الغد.

بدأت العمل معه بمراجعة الدوائر الحكومية وحضور جلسات تأجيل المواعيد وتقديم صحائف الدعوى بالمحاكم لمدة شهرين تقريباً، بعد ذلك قام بإستئجار مكتب جديد في موقع آخر بأحد أبراج الأعمال التجارية، وكلفني بالوقوف على العمال لتشطيب المكتب، ومكثت شهرين أتابع أعمال التشطيب في المكتب حتى اكتمل، وكانت تكاليف التشطيب مكلفة، حيث أنه زين المكتب بالديكورات الفارهة وبعض التحف واللوحات الفنية التي إشتراها بمبالغ باهضة من خارج المملكة، حيث أن تجهيز المكتب كلفه (300.000) فقط ثلاثمائة ألف ريال سعودي لا غير؛ قمت بعد ذلك بالوقوف على العمال والإشراف عليهم حتى اكتمل المكتب وتم تجهيزه بالكامل ليخرج بشكله النهائي كمكتب محاماة ذو واجهة راقية فاحشة الثراء.
بدأنا العمل وبدأ المحامي بالعمل على جلب العملاء بطريقته، حيث كان يستهدف جنسيات معينة لإبرام عقود محاماة معهم مستغلاً بذلك جهلهم بالأنظمة وضعف موقفهم النظامي، فكان يأخذ قضاياهم بمبالغ زهيدة ويأخذ مقدم أتعاب ما يعادل 70% من إجمالي قيمة الأتعاب حتى يضمن الجزء الأكبر من إجمالي قيمة الأتعاب في حالة عدم سداد المؤخر، وفور حصوله على هذه المبالغ فإنه لا يحضر الجلسات القضائية، أو يتصل علي قبل الجلسة بنصف أو ربع ساعة ويوجهني بالحضور عوضاً عنه بموجب وكالة، ولا يرد على إتصالات العملاء ويتغيب كثيراً، ومزاجه متقلب، وينفجر غاضباً على أتفه الأمور، وفي كثير من الحالات يأتون العملاء إلى مكتبه بعد يأسهم من محاولة الإتصال به وعدم الرد، وعند مواجهته يهددهم بالإبلاغ عنهم بالتستر التجاري، فلا يملكون حيلةً غير الدعاء عليه والإحتساب والإنصراف.
بعد ثلاثة أشهر من العمل مع المحامي لم أحصل خلالها على عمولتي من القضايا التي جلبتها للمكتب قمت بسؤاله عن عمولتي، ولكنه قال لي: (تريث قليلاً، الآن السوق نائم ولا يوجد دخل كافٍ، بمجرد أن تأتينا قضايا أخرى جديدة سأقوم بإحتسابها وتحويل عمولتك فوراً على حسابك) فصدقته وانصرفت.
في أحد المرات كان المحامي مسافراً خارج المملكة، فاتصل بي ووجهني بالدخول لمكتبه والبحث عن أحد المستندات وإرسالها إليه، وأثناء بحثي وقعت يدي على بعض الخطابات ولاحظت وجود اسمي بهذه الخطابات، وعند معاينتها تفاجأت بأنها عروض أسعار من مكتبه موجهة لوزراء وجهات حكومية يعرض عليهم خدماته القانونية موقعةً باسمه، ولكن الصدمة في أن الخطابات تتضمن أسماء محامين ومستشارين وهميين، إضافةً إلى فبركة مهنتي ومؤهلاتي العلمية والجهات التعليمية الخاصة بي ليقوم بالتدليس على هذه الجهات المستهدفة من قبله، فقمت بتصوير هذه المستندات والإحتفاظ بها.
لم يهدأ لي بال بعد أن رأيت هذه المستندات المفبركة، ودفعني هذا الأمر إلى البحث والتحري عن هذا الرجل، فقمت بالدخول إلى منصة المحامين بوزارة العدل وأدخلت بيانات هذا المحامي فلم أجد له أي أثر بقائمة المحامين المعتمدين، ثم توجهت إلى أحد مراكز الشرط وقابلت زميل سابق لي وشرحت له الموضوع وقام بإدخال بيانات المحامي على الجهاز وكانت المفاجأة، فوجدنا بأن هذا المحامي ما هو إلا عسكري مفصول نظامياً من جهة عمله، وما هو إلا منتحلاً صفة المحامي.
في اليوم التالي أتى المنتحل إلى مكتبه وقال لي: (سوف يأتي شخص آخر إلى المكتب للعمل كوكيل شرعي ليساعدك في إنجاز الأعمال بالمحاكم وحضور الجلسات، أرجو أن تقوم بتدريبه)، ثم أتى الرجل وتعرفت عليه واكتشفت بأنه عسكري متقاعد بأحد القطاعات العسكرية وهو زميل المنتحل.
كان الرجل متواضعاً وذو خلق رفيع وصادقاً، ولكنه عصبي جداً، فكان في صدام دائم مع المنتحل، وفي أحد المرات تشاجر الإثنان بالمكتب، فقام المنتحل بطرد الوكيل الشرعي دون أي مستحقات، بعد ذلك اتصل علي الوكيل وأخبرني حقائق صادمة عن المنتحل، فأخبرني بأن هذا المنتحل يقوم بتعاطي عقار (الزاناكس) المخدر، وأنه (الوكيل) من يقوم بجلبها له من أحد مروجي المخدرات منذ فترة طويلة، لأجل ذلك يتخدر جسمه ولا يستطيع حضور الجلسات ويغط في نوم عميق دون إحساس، وحتى أثناء تواجده بالمكتب فإنه يكون غالباً تحت تأثير المخدر.
بعد ذلك دخلت مع منتحل الشخصية في نزاع أدى إلى الإستغناء عن خدمتي لديه، فقمت بإعداد لائحة إتهام بعد الحصول على جميع المستندات وشهادة الشهود التي تدينه وتثبت صحة إتهامي له بإنتحال الشخصية، وقبل شروعي بتقديم الدعوى ضد منتحل الشخصية قمت بعرضها على أحد المستشارين الشرعيين من أصقائي ونصحني بعدم تقديمها وقال لي: (دع الخلق للخالق، إن مصير هذا الرجل سوف تراه بأم عينيك، فدع الإنتقام يأتي من الله عز وجل وليس منك، فهو ستيرٌ على عباده، وإذا أخذ فإنه يأخذ أخذ عزيز مقتدر) فاستجبت إلى نصيحته ولم أقم بتقديم الدعوى.
وبعد مدة علمت بأن هذا المنتحل قد قام بالحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة، ولكنه قام بإستغلال أحد الوزراء في الدولة والحصول على قرض حسن منه بملايين الريالات بغرض الإستثمار، وقام بإهدارها بالسفريات خارج المملكة والزواج وهدر الأموال في أمور دنيوية لا تنفع حتى شارف على الإفلاس، والآن يطالبه الوزير برد الأموال التي قام بإقتراضها منه وقام بتقديم دعوى قضائية ضده.

أعجبتني القصة ...وأيضاً أعجبني كثيراً النهاية بالستر وترك الخلق للخالق ...
فعلا ...الأيام دول ...

يعطيك العافية أخي ممثل قانوني ...


 

رد مع اقتباس