عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-15, 02:42 PM   #1
الخيال التغلبي

آخر زيارة »  10-19-17 (07:57 PM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي من غرائب آي التنزيل ، سورة (النّاس) .




(سورة النّاس) ـ

فإن قيل : كيف خصّ النّاس بالذّكر ، في قوله تعالى : (قُل أعُوذُ برب النّاس) : الناس ـ 1 ، وهو رب كل شيء ومالكه وإله؟

قلنا : إنّما خصّهم بالذّكر تشريفاً لهم ، وتفضيلاً على غيرهم ، لأنهم أهل العقل والتمييز .
الثاني : أنّه لمّا أمر بالاستعاذة من شرّهم ذكر مع ذلك أنه ربهم ليُعلم أنه هو الذي يعيذ من شرّهم .
الثالث : أنّ الاستعاذة وقعت من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي هو إلههم ومعبودهم ، كما يستغيث بعض العبيد إذا اعتراه خطب بسيّده ومخدومه وولي أمره .

فإن قيل : هل قوله تعالى : (من الجنّة والنّاس) الناس : 6 ، بيان للذي يوسوس على أن الشيطان الموسوس ضربان أنسي وجنّي ، كما قال تعال : (شياطين الإنس والجنّ) الانعام : 112 ، أو بيان للناس الذي أضيف الوسوسة إلى صدورهم ، والناس المذكور آخر بمعنى الإنس؟

قلنا : قال بعض أئمة التفسير : المراد المعنى الأول ، كأنه قال : من شرّ الوسواس الجنّي . ومن شر الوسواس الإنسي ، فهو استعاذة بالله تعالى من شرّ الموسوسين من الجنسين ، وهو اختيار الزّجاج ، وفي هذا الوجه إطلاق لفظ الخنّاس على الإنسي ، والنقل أنه اسم للجنّي . وقال بعضهم : المراد المعنى الثاني ، كأنه قال : من شر الوسواس الجنّي الذي يوسوس في صدور الناس ، من جنّهم وإنسهم ، فسمى الجنّ ناساً كما سمّاهم نفراً ورجالاً ، في قوله تعالى (أنّه استمع نفرٌ من الجنّ) الجن : 1 ، وقوله تعالى : (يعوذون برجال من الجنّ) الجن : 6 ، فهو استعاذة بالله من شر الوسواس الذي يوسوس في صدور الجنّ ، كما يوسوس في صدور الإنس ، وهو اختيار الفرّاء وآخرين ، والمراد من الجنّة هنا ، الشياطين من الجنّ على الوجه الأول ، ومطلق الجنّ على الوجه الثاني ، لأن الشيطان منهم هو الذي يوسوس لا غيره ، ومطلقهم يُوسوس إليه ، واختيار الزمخشري الوجه الأول ، وقال : ما أحق ان النّاس ينطلق على الجنّ ، لأن الجنّ سموا جناً لاجتنانهم ، أي لاستتارهم ، والنّاس سموا أناساً لظهورهم من الإيناس وهو الإبصار ، كما سموا بشراً لظهورهم من البشرة ، ولو صحّ هذا الإطلاق لم يكن هذا المجمل مناشباً لفصاحة القرآن . قال : وأجود منه أن يراد بالناس الأول الناسي ، كقوله تعالى (يون يدع الدّاع) القمر : 6 ، وكما قيء (من حيث أفاض الناسي) ثم بيّن بالجنّة والنّاس ، لأن الثقلين ((هما الجنسان الموصوفان بنسيان حقوق الله تعالى)) ، والله أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم .