عرض مشاركة واحدة
قديم 11-17-15, 01:42 AM   #1
اللورد يحيا
إداري سابق ونجم من نجوم الموقع

الصورة الرمزية اللورد يحيا

آخر زيارة »  05-04-17 (09:43 PM)
الهوايه »  لعب الشطرنج ♔

 الأوسمة و جوائز

Icon N25 ابو عبدالله والمرأة الرضيعة ؟!!





بقلم / زارب بن علي بن زارب آل معدي


مسك الغلا - متابعات :



يروي لنا( القحطاني ) وهو الآن في السبعينات من العُمر – متّعه الله بالصحة والعافية – قصة عجيبة حصلت عليه ، بدأت فصول هذه القصة قبل ٤٢ عاماً ، وانقطعت قبل عشر سنوات ، ومازالت فصولها لم تنتهي ، خارجةً عن ارادة المُخرِج كما يقولون ، ومن خلال سرد هذه الرواية لعلها تصل الى الطرف الآخر ، لتكتمل القصة ، وينتهي الطرفان من حَسرة الموقف وتبادل المعروف والجميل .
كانت الرواية لهذه القِصَة ، مساء يوم الجمعة ١٧ / محرم/ ١٤٣٧هـ لأحد ضيوفي الأعزاء بالمجلس ( حمد القحطاني ) الملقب بـ( أبو عبدالله ) حيث أنصت الجميع ، لعظمة قُدرة الله وعجائب القضاء والقدر بإذن الله في هذه القصة العجيبة ، التي جعلت من السامعين بالمجلس ، صغيراً وكبيراً ، أن يصمتوا ، بِدّقةٍ ، ومتابعة ، بإشتياق ، لفصول الأحداث ، التي جعلت من البعض أن يجهش بالبكاء في آخر المطاف ، والاعتبار بقدرة الله العظيم ، حيث كانت بداية الحدث في ما يُقارب عام ١٣٩٤هـ للهجرة فقد كان ( ابو عبدالله ) في عنفوان الشباب آنذاك ، ترك السلك العسكري بعد خدمة ست سنوات تقريباً ، وقرر على العمل الحُر ، بشراء سيارة تاكسي ( أجرة ) وأستمر في هذه المهنة ، مابين المنطقة الشرقية ( الدمام والخبر ) والعاصمة الرياض ، وبإحدى السفريات ، في ذات ليلة عصيبة ، كان قد أشتد بها الظلام ، وفي وقت متأخر من الليل ، ولم تكن الطرقات آنذاك كما هي عليه الآن ، ولله الحمد والمنّة ، تفاجأ أبو عبدالله بحادث مروري أمامه ، كان قد وقع بمنطقة تسبق منطقة ( سِعْد ) قُبيل العاصمة الرياض ، بـ ١٥٠ كيلوا تقريباً ، وكان ( أبو عبدالله) ممن حضر ذلك الحادث من المواطنين المسعفين ، أو الشرطة آنذاك ، حيث كان قضاء الله وقدره بواقعة هذا الحادث قد تسببت في وفاة عائلة كاملة ، مكونة من الزوج والزوجة ، وأبنائهم الخمسة ، رحمهم الله جميعاً ، وبعد الانتهاء من نقل الجثامين الى الرياض وفحص السيارات ، وانتهاء حصر الوقوعات للحادث ، ومغادرة الناس للموقع ، وما كان من ( أبو عبدالله ) إلا أن أوقف سيارته بالصدفة مرة ثانية وعلى بعد خمسين متراً تقريباً من مكان الحادث ، بقصد الخروج للخلاء ، بجانب الطريق ، وحينما هْمّ بالجلوس ، تفاجأ بجسمٍ صغير ، وجثة هامدة ، ملطخة بالدماء ، والتراب ، قريبةً منه ، فعاد مُنفجعاً من الموقف ، ومسرعاً لسيارته ، ليحضر جهاز الكشاف ( جهاز يدوي يضيئ ويعمل على البطاريات الجافة ) ليتأكد ماذا رأى في ذلك المكان ؟!! وما إن وصل الى هذه الشيء ، حتى وجدها طفلة رضيعة ، لا تتحرك بتاتاً ، وأيقن بأنها كانت قد سقطت من السيارة ، إثر الحادث الماضي ، وأن لا أحد يعلم بها ، لكون الأسرة كلها ماتت بالحادث المروري المذكور ، فحملها ذلك الشاب ، حتى وصل سيارته وأخرج ( علبة من الماء ) في السيارة وغسل وجهها ، فإذا بها تستعيد أنفاسها ، وظهرت عليها الحياة من جديد بقدرة الله ، فاندهش من الموقف !! وأُبتلي بشيء لم يكن ليستطع التعامل معه !! فهو شاب وحيد ، وليس حوله أو معه من يساعده في الأمر ، وعائلته تسكن بالمنطقة الجنوبية ، فقام بغسل تلك الرضيعة ، وتنظيفها مما التصق بها من الدم والتراب ، ولفها بما يملك من قطع القماش ، التي بحوزته ، وأستبشر خيراً بإنقاذه لهذه الطفلة الرضيعة ، حاملاً عبء رعايتها ، لتصل الى مدينة الرياض ، وهي مازالت على قيد الحياة بقدر المستطاع ، وهبّ مسرعاً ومتوجهاً بها الى الرياض ، وبعد ساعات ، وصل بها الى أحد أقسام شرطة ومرور الرياض آنذاك ، رفضوا استلامها ، وفضلوا أن تبقى معه ، لحين يحضر أحد من أقارب هؤلاء الضحايا ، والله المستعان ، فيقول حينما تأكدت بأن الرضيعة بخير ، وقد حفظها الله من أي اصابة بالحادث ، أبقيتها معي ، وأخذت لها ملابس من السوق ، وحليب مجفف وأدوات الرضاعة ، وقمت برعايتها لمدة أربعة أيام ، حتى استدعتني الشرطة ، وأبلغتني بحضور أحد أقاربها ، وعلى ما أعتقد بأنه ( عمها ) ، حينها فَرحت وعرفت أنها فُرِجت ، وأقبلت مسرعاً ، الى مكتب الشرطة ، وهي بين أحضاني ، حتى تعَرَّفْتُ على عمها ، وسلمته إبنت أخيه ، وقد قام بشكري وتقديري بوقتها ، وبنفس الوقت طلب مني الضابط ابراز هويتي ليتأكد من بعض المعلومات لديه ، فأخرجت هويتي ، وهي ما كانت تُسمى سابقاً بـ ( التابعية ) كُتيب صغير يصدر من ادارة الاحوال المدنية آنذاك ، يحمل صورتي ، ومعلوماتي ، وبعض الاوراق الأخرى ، وما إن فتحت ( التابعية ) ومددت بيدي للضابط حتى سقطت من بين أوراقها صورة شخصية لي ، كانت زائدة ، كنت قد وضعتها قبل فترة ، ثم أُنسيتها ، فوقعت على الأرض ، فطلبها عم الطفلة الرضيعة ، لتبقى معه ، ودوّْن اسمي كاملاً خلف الصورة بالنص التالي ( حمد بن عبدالله الحياني القحطاني ) بهذه الصيغة بالضبط ، ووضعها بجيبه ، ثم قام هذا الرجل بتجهيز وجبة غداء جماعية ، وغادرت بعدها في أمور حياتي ، وانقطعت بيننا الاتصالات من وقتها ، لعدم وجود الوسائل الموجودة حالياً ، حتى قُبيل عشر سنوات تقريباً ، أي بعد مرور ما يقارب أكثر من ٣٢ عام من الحادثة ، كنت موجود من باب الصُدفة ، على موعد مراجعة بوالدتي بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض ، وتم تنويمها بأحد الأقسام بالمستشفى ، وبداخل احدى صالات الانتظار ، تلقيت اتصالاً من أحد الأقارب والأصدقاء ، من المنطقة الجنوبية ، وقال لي بالنص ( من معي ؟ أنت حمد ؟! ) فأجبته مؤكداً ذلك ، ونوع من الاستعباط بصراحة !! ( قلت له نعم ، أنا حمد بن عبدالله الحياني القحطاني ) واذا بامرأة جالسة على أحد الكراسي لا أعرفها ..! تتحرك بشكل مريب حولي !! وكأنها تتعرفني !! أو تريد شيئاً مني !! وبرفقتها أحد ابنائها الصغار ( إبن شاب ) دون أن تقترب مني ، واذا بها (( تلك الرضيعة )) التي كنت قد انقذتها مسبقاً بتلك الحادثة ، لكن بالطبع في تلك اللحظة انا لا أعلم عنها شيئاً ، ولكنها سمعتني حينما أدليت بإسمي كاملاً للمتصل ، فتذكرت هي .. ( هذا الاسم ) لكونه موجود لديها مسبقاً – الاسم مدوّن من فترة طويلة بظهر الصورة – التي مازالت معهم ويتوارثونها للبحث عنّي ، من تلك الايام ، فابتعدت قليلا حتى انهيت مكالمتي ، واذا بهذا الشاب قادم اليَّ ، وسلّم على رأسي ، وقال لي يبدو انك رجل غريب ، لست من الرياض ، واذا بالمرأة وهي والدته تراقبه عن قُرب ، قلت له نعم أنا من الجنوب ، فقال اذن حياك الله عندنا وأعز ضيف يزورنا ، ومنزلنا قريب ، فشكرت له ذلك الأدب والدعوة واعتذرت ، لكنه مازال يُلح عليّ بقوة ، ويكرر الكلام ، وكأنه من أقاربي ويناديني ( يا عم ، يا جد ) لكبر سني ، وهكذا ….. حتى اقتربت والدته ، وألحت عليّْ قائلةً أطع ابني ، وبيتنا قريب ، وأنت رجل كبير في السن وغريب ولك الحق علينا ، حتى انهم غلبوني بحفاوتهم ودعوتهم ، ووافقت لهما بشكل عادي دون أن أعلم لماذا ؟!
وأبلغت والدتي بذلك ، وابنتي المرافقة معها ، على ان اعود لهما لا حقاً ، وخرجت الى مواقف السيارات ، واذا بهم ينتظرونّي ، وطبعاً المرأة وابنها لا يعلمون عن سبب وجودي بالمستشفى أي شيء ، ولا حتى القِسم ، وكانت سيارتي بمواقف المستشفى ، وبالصدفة لا تبعد عن سيارتهم قليلا وكانت سيارتهم انذاك ( كرسيدا اعتقد موديل ٨٠ ) ولحقت بها وابنها ، ولا أعرف من أين اتجهوا بي ؟! إلا أنني مررت من تحت كبري مُعَلّق ، وهكذا ..، والله أعلم بأنهم اتجهوا بي الى الدخل المحدود ، واقتربنا من منزلهم ، عِبارة عن بيتٍ من دورٍ واحد ، واستقبلوني ، ودخلت المجلس ، وأحضروا لي شيئا من الماء والقهوة ، وكانت المصيبة الكبرى ، حينما رفعت رأسي بجدار المجلس ، واذا بصورة شخصية مُكبرة ، ومعلقة ببرواز جميل ، تحمل ( ملامح وتقاسيم وجهي أيام الشباب ) فسألت ذلك الشاب ، وقلت له من هذا ؟!!
هل هو والدك أو أخيك ؟ ! فردَّ علي ّ قائلاً هذا قريب لنا وسكت ، فأوجست منه خِيفة ، وطلبت الخروج ، لغسل يدي على المغسلة اليدوية ، بالصالة الخارجية ، كتخطيط مني للهروب ، بصراحة ، فإذا بالصورة الأخرى إمامي معلقة وكأنها تلك ، عندها أيقنت أن حولي شيء مريب ، وبدأت أستأذن لكي أُغادر ، فطلبت المرأة ابنها من خلف الباب وحضر اليها ، فأوكلته عدة أسئلة ، لكي يوجهها لي ، وهي تستمع من خلف الباب ، و جائني قائلاً يا عم ..! هل عرفت هذه الصورة ؟ ! قلت لا .! ولكن كأنها لي مطلع شبابي ! فكيف بها هنا ؟!
أعاد لي سؤال آخر ، قائلاً هل وقع عليك حدث ؟! أو حادث منذ فترة ؟! فقلت لا ..! والحمد لله ، ولم يحضر ببالي شيء مما فات .
حتى أعاد الكرة بسؤال ثالث ، قائلاً هل أنقذت ناس بأي حادث مروري قبل كذا وكذا ؟! حينها تذكرت وقلت نعم
، القصة كذا وكذا ، وانتهت من زمان ، فماذا تقصد ..؟!
حينها تأكَدَت تلك المرأة ، من خلال استماعها من خلف الباب لإجاباتي ، والنقاش الذي حصل بيني وبين أبنها ، بأنها هي الطفلة الرضيعة ، وهذا هو الرجل الذي أسعفها ، وأنقذها وقام برعايتها ، بعد وفاة والديها ، بتلك اللحظات ، وهذه صورته بالفعل ، ودخلت عليَّ بالمجلس ،وأجْهَشَتَ هي بالبكاء ، وكشفت عن وجهها ، وتفاجئت بإقبالها علىَّ لتُقَبِلَ رأسي ، وتشكر الله أن حقق لها أمنيتها لتقابلني ، وترد لي الجميل ، وقد صمت ( أبو عبدالله ) قليلاً ثم أسترسل بالقصة فقال ، فأخذته الرجفة ، والخيفة ، مِنَ الذي حدث ، وقال لها ، يا امرأة ؟!! من أنتِ حتى تدخلين بهذا الشكل ؟! قالت أنا ابنتك ، التي انقذتها بإذن الله ، قبل اكثر من ثلاثين عام ، ورعيتها أربعة أيام معك ، وأنت وقتها في ريعان شبابك آنذاك ، كُنت تمتلك معادن الأُسر الأصيلة ، ومن شجرة تربت على فِعل الوفاء والمعروف ، ولعلي أن أرد لك جميلك ، !! يا ابن الأوفياء ، وأنت الآن أصبحت أباً لنا بدلا من والديّ رحمهما الله ، وأملاً أرى فيك نوره ، وأبحث عنك كل هذه المدة ، فأجّهَشْتُ أنا بكاء من موقفها ، واستأذنت ، فرَفَضت إلا أن أحدد لهما موعداً ليكرموني وأتعرف أكثر ، فوافقت لهما ، ووعدتهما بأنني سأعود وأزورهما ببيتهما إن شاء الله ، وغادرت المنزل ، وكُنت في حِيرة وإحراج ، وموقف عصيب ، ومدهش حقاً ، وبعد ما يقارب ساعة من الوقت بعد خروجي وعودتي للمستشفى ، وجدت نفسي أصبحت بعيداً عنهم وقد أخطأت ، وأُنسيت الموقع بالفعل ، لكوني لم استوعب من أين أتيت منزلهم ، أو كيف خرجت ،!! فلم أُرَكِّز على الطريق والعنوان عند الذهاب والإياب ، ففقدت العنوان والمنزل بالفعل ، ولم نفطن كلنا وقتها لأخذ أرقام الجوال من بعضنا البعض وهكذا ، لحساسية الموقف ، والمفاجأة ، وكنت أفكر حينها فقط بالمغادرة ، وهم بالتأكيد اعتقدوا بأني عرفت المنزل ، وسأعود لهم عند ( الفرصة ) والله المستعان ، ولكن …………….

ولكن فقدنا بعضنا البعض مرة أخرى ، لهذه الاسباب التي ذكرت ، ولم يتم لنا التواصل أو اللقاء مرة أخرى من عشر سنوات مضت الى الآن ، ورجعت القصة كما كانت ، وبالتأكيد تجد هذه المرأة تبحث من جديد ، فأقدم لهم اعتذاري لهذه الأسباب ، وندمت ندماً شديداً وما زلت في حيرة من أمري لِما حدث ، ولا أريد منهم شيئاً غير الاطمئنان عليهم ، وتحقيق أمنيتهم باللقاء والتواصل لمعرفتي برغبتهم وحسرتهم على ذلك الموقف فقط .
وقدّر الله أن أروي لكم هذه القصة الواقعية بهذا المجلس المبارك واستودعناهم الله والله الحافظ لنا ولهم وللجميع ، والله يحفظ بلدنا وأمننا واستقرارنا وحكومتنا الرشيدة وعلمائنا ومشائخنا والشعب كله ، ويحفظ حماة العقيدة والوطن المرابطين على كل الثغور والله يديم النعمة على جميع المسلمين .
———————
هكذا أسعدنا (أبا عبدالله ) وتم روايته لنا بهذه القصة و يشهد الله بأني أكتبها وقد اجهشت بكاء من الموقف وأنا أكتبها ، في وقت رفض ( أبو عبدالله ) أن تُنشر ، لرغبة أن لا يكون في عمله رياء أو منّْة ، حتى أفهمته بأنها قصة واقعية ورواية تستحق النشر ، وأخذ العِبرة منها ، ولعل ولربما أن تقع هذه الرواية بيد هذه المرأة وأولادها ،مرة ثانية ، فنحقق لهم ، التواصل والوفاء ، فوافق على ذلك والله يجزيه خير الجزاء على ما فعل ، والله على كل شيء قدير


 
مواضيع : اللورد يحيا