منتديات مسك الغلا | al2la.com

منتديات مسك الغلا | al2la.com (/vb/)
-   صور من حياة الأنبياء والصحابه والتابعين (https://www.al2la.com/vb/f89.html)
-   -   هذا الحبيب (https://www.al2la.com/vb/t109135.html)

عطاء دائم 10-13-20 07:02 AM

هذا الحبيب « 71
السيرة النبوية العطرة (( شعب أبي طالب ))
_________

رجع عمرو بن العاص خائباً من الحبشة [[ كي لا ننسى عمرو بن العاص هو صحابي جليل - رضي الله عنه - أسلم في السنة الثامنة للهجرة ، وكان له مواقف كثيرة في خدمة هذا الدين ]] . وقد تمتع المسلمون بالأمن والأمان في الحبشة ، ومارسوا شعائردينهم بحرية تامة، وكانت محاولة قريش لرد المسملين إلى مكة قد عادت بالفائدة على المسلمين ، فقد دخل النجاشي رحمه الله في الإسلام لاحقا بعد فتح مكة.
وظل المسلمون في الحبشة، وعملوا هناك كما ذكرنا بالتجارة و الصناعة والزراعة، ومكثوا هناك حتى هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة المنورة. وهكذا أدى النجاشي دوره في حماية المهاجرين المسلمين إلى الحبشة . وعندما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم – خبر وفاة النجاشي قال: {{ مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصحَمَةَ }} فصلوا عليه صلاة الغائب .

نرجع إلى مكة ومقاطعة قريش لكل من بني هاشم وبني المطلب مسلمهم وكافرهم،كلهم سواء بالمقاطعة ( وكان ذلك أثناء وجود المسلمين المهاجرين في الحبشة ) . قلنا إن أبا طالب قام وجمع قومه ، واستجاب له بنو المطلب وبنو هاشم أبناء العم .. وخالفهم أبناء أعمامهم من بني عبد شمس وبني نوفل و وقفوا مع قريش ، ولم يتخلّ عن الهواشم إلا رجل واحد هو .. أبو لهب .
وقد قررت قريش أن تقاطع بني هاشم ، وكان من بنود تلك المقاطعة – كما ذكرت لكم - لا نزوجهم ولا نتزوج منهم ، ولا نبيعهم ولا نشتري منهم ، ولا نساعدهم ولا نقبل منهم الصلح [[حتى الصلح مرفوض ]] حتى يسلموا إليهم محمدا للسيف .
وهنا اجتمع بنو هاشم وبنو المطلب في {{ شعب أبي طالب }} ، وتركوا بيوتهم ؛ وذلك لأن بيوتهم كانت متفرقة في أحياء مكة ، نصبوا الخيام بقرب بيت أبي طالب الذي كان أول الشعب

[[ والشعب هو الطريق الضيق بين جبلين ، وكلنا يعرف أن مكة تحيط بها الجبال ]] ، ليكونوا جميعا بجانب بعضهم البعض ، لحماية النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وطال الحصار [[ هم لم يمنعوهم من الخروج ]] ،

ولكن المقاطعة كانت عبارة عن الحصار فقط ، وظل الحصار مدة { ٣ سنوات } حصار اقتصادي ونفسي قاس جدا ، فعندما كان التجار يأتون إلى مكة ، يسارع أهل مكة إليهم ويشتروها بأعلى الأسعار، حتى لا يسمحوا لهم بالشراء ، وكان أشد عداء للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقومه هو

{{ زوج حمالة الحطب أبو لهب }} ، فقد كان عنده المال الكثير، قال تعالى :{{ ما أغنى عنه ماله وما كسب }} ، كان يأتي إلى السلعة فتكون بدينار، فيقول للتاجر : أنا أعطيك عشرة أضعافها ، ولا تبعها لهؤلاء القوم .. وإذا زاد معك شيء ، أنا آخذه منك وأعطيك عشرة أضعافه . . . وقد أنفق الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل ماله خلال هذه السنوات وكذلك أمّنا خديجة - رضي الله عنها ، وأبو بكر - رضي الله عنه - وكل بني هاشم أنفقوا الكثير الكثير في هذا الحصار .

وكانت سنوات الحصار قاسية جدا ، فأكلوا ورق الشجر حتى تشققت شفاههم ، وكانت أصوات بكاء أطفالهم ترتفع في الليل والنهار من شدة الجوع ، ومرض الكثير منهم وماتوا . يقول سعد بن أبي وقاص: إنه عثر في ليلة على قطعة من الجلد، فأخذها ووضعها على النار ، ثم أخذ يمضغها ولا يقدرعلى بلعها ، يقول : وبقيت عليها ثلاثة أيام .

وكانت قريش تقوم بعمل دوريات حراسة طوال الليل والنهار على مداخل ومخارج الشعب، حتى تتأكد أنه لا يتم دخول أي طعام إلى بني هاشم ، وكانت قريش تؤذي كل من يكتشفون أنه أرسل شيئا من الطعام إلى بنى هاشم . وكان هذا الحصار يمثل ضغطا نفسيا كبيرا جدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وعلى المسلمين ، حيث كان بينهم كفار من بني هاشم ، وقد وجّهوا عتبهم ولومهم و اتهامهم إلى النبي لأنه السبب في بكاء أطفالهم ، و السبب في الألم الذي أصاب أهلهم في هذا الحصار .

ثلاث سنوات كاملة لا يصل اليهم طعام إلا ما يُهرب إليهم من خلال بعض المتعاطفين معهم، وخصوصا من تربطهم بهم صلة النسب من البطون الأخرى من قريش . يسر لهم الله بعض الرجال الذين فيهم نخوة ورجولة .. كانوا لا يرضون بهذه المقاطعة ولكن لا يستطيعون رفضها لأنها إجماع رأي في قريش .
وكان هناك رجل اسمه {{ حكيم }}
هل تذكرون هذا الاسم ؟ [[ الذي ذكرت لكم قصته في جزء حارثة بن زيد ، تكون خديجة - رضي الله عنها عمته ، وأهداها خادما وهو زيد بن حارثة ]] كان حكيم يوصل إليهم الطعام بالسر، فلقيه أبو جهل
قال : ما هذا يا حكيم واللات لا أدعك أنت وطعامك حتى أفضحك في كل مكة وهم يتجادلون ... جاء رجل اسمه
{{ أبو البختري بن هشام }} كان رجلا وجيها في قومه فسمع المجادلة بينهم . قال ما شأنك يا أبا الحكم ؟؟ رجل عنده طعام يريد أن يوصله لعمته ؟

[[ أبا الحكم اسم أبي جهل ، ولكن قريشا تناديه أبا الحكم والمسلمون أبا جهل ]] . قال أبو جهل :لا ، أجمعت قريش أن لا نوصل لهم شيئا ، فتجادل البختري مع أبي جهل ، فغضب البختري وأخذ عظمة بعير من الأرض ، وضرب بها رأس أبي جهل [[ الاثنان مشركان ]] ،

ولكن شهامة البختري ورجولة دفعته إلى ذلك . ثم قال البختري : ما رأيت في العرب لئيما مثلك يرضى أن يموت ابن عمه جوعاً وهو منعّم .

وقد كان لأبي طالب قصيدة من الشعر اسمها [[ لامية أبي طالب ]] قال عنها أهل الأدب والعلم بالشعر: فاقت كل المعلقات التي كانت معلقة على جدار الكعبة ، بلغت أبيات أبي طالب 130 بيتا - لا يسع المقام لذكرها - يذكر فيها مناقب النبي - صلى الله عليه وسلم - و يذكّر قريشا عندما استسقى لها بوجه النبي ، وألصق ظهره بالكعبة ، فأنزل الله عليكم ماء السماء غدقاً وأسقاكم بوجهه ، ولكنها الآن تطالب بقتله !!!!

{{ وأبيض يستسقي الغمام بوجهه . . . ثمال اليتامى عصمة للأرامل }} .
يتبع نهاية الحصار . . .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-13-20 07:04 AM

هذا الحبيب « 72 »

السيرة النبوية العطرة (( نهاية حصار المسلمين في شعب أبي طالب ))
__________

. . . أبو طالب هذا الشيخ ذو الشيبة ، والذي هو الآن في العقد الثامن من العمر ، كان يخاف على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى قريش ، وكان يسهر الليل في حماية النبي - صلى الله عليه وسلم - و يأمر أولاده أن يناموا مكانه في سنوات الحصار ، و يتبادلون الأماكن معه خوفا عليه وحماية له طوال تلك المدة .
آن أوان نهاية الحصار ، وتقول بعض الروايات عن تلك النهاية :
قام رجال من قريش عندهم نخوة ، وقالوا : إلى متى نأكل ونشرب وأبناء عمنا يموتون جوعا إلى متى ؟

فذهب رجل اسمه {{هشام بن عمرو العامري }} إلى رجل آخر اسمه {{ زهير }} قال : يا زهير .. أترضى أن يموت قومك جوعاً ونحن نسمع صراخهم في الليل والنهار وأنت تأكل وتشرب ؟؟

أسألك برب البرية لو كان أخوال أبي جهل في الشعب هل يوافق على المقاطعة ؟؟ فقال زهير: لا ،لا يرضى . قال : يا زهير، إذن لم ترض أنت ؟؟هل أبو جهل خير منك ؟؟فاشتعل غضب زهير وقال له : ماذا أصنع ؟

لو أجد رجلا يقف معي !! فقال له هشام : ها أنا معك . قال زهير: ولكن نريد رجلا ثالثا معنا فإنّ الجماعة خير .. فذهبوا وضموا إليهم ثلاثة رجال فأصبح العدد {{ ٥ }} هشام و زهير و المطعم بن عدي و أبو البختري و زمعة . تواعدوا بالسر ليلاً على جبل الحجون، واتفقوا أن يجلسوا في قريش ، ورجل منهم يدخل يعترض على المقاطعة ،ثم يقومون هم بمساندته أمام قريش . في الصباح دخل زهير ووقف في نادي قريش ، قالوا له : اجلس يا زهير

فقال : لا والله ، لا أجلس . إلى متى نأكل ونشرب وبنو هاشم يموتون جوعاً ؟؟
والله لا أجلس حتى تُمزق هذه الصحيفة الظالمة . فقام أبو جهل وقال : كذبت . والله إنما كُتبت وعٌلقت بإجماع من سادة قريش . فقال رجل آخر [[ أي من الخمس رجال الذين كانوا متفقين مع بعض بالسر ]] .

فقام وقال : بل كذبت أنت والله ، ما وافقنا عليها وما رضيناها ، ولكنكم أجبرتمونا عليها ، فقام الثالث وقال : صدقتم يا قوم . فقام الرابع والخامس وقالوا : سيوفنا معكم أينما تريدون . فقال أبو جهل : هذا أمر دُبّرله من الليل !!! [[ يعني مش معقول اتفقتوا مع بعض هيك قدامنا ]]
واشتد الجدال بينهم ، وبينما هم يتجادلون نمزق الصحيفة لا نمزقها ، وإذا بأبي طالب يمر !!! فاندهش سادة قريش!! ما الذي جاء به ؟ لقد اعتزل قريشا منذ زمن ؟؟ ما الذي حدث ؟؟؟


وكان قد جلس رسول الله في صباح هذا اليوم مع أبي طالب؛ وهو لا يعلم عن موضوع الرجال الخمس واتفاقهم، لأنه كان لا يدخل عليه أحد ، ولا يخرج أيضا ؛ لأن أبا طالب كان لا يأمن عليه من قريش ، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمه : لا عليك يا عم إن صحيفتهم الظالمة قد أرسل الله عليها الأرضة [[ الأرضة تأكل الخشب و الورق، والصحيفة من جلد ،وملفوفة داخل الكعبة ، ومختومة بختم سادة قريش ، ولكنها آية من الله ]] .

فلحست كل ما فيها إلا ذكر الله ، وكان على رأس الصحيفة مكتوب " باسمك اللهم ". الرسول قال {{ لحست }} وليس {{ أكلت }} وهذا المعنى الأدق حسب الرواية .
قال أبو طالب : يا محمد هل ربك الذي يوحي إليك هو الذي أخبرك ؟

قال : أجل . فقال أبوطالب : إنك لصادق . فذهب إلى قريش ووجدهم يتجادلون مع الرجال الخمس ، فأوقف الجدال ، وطلب منهم أن يجتمع بكل سادة قريش ، وقال لهم :

يا قوم ، لقد أخبرني محمد - وكلكم يعلم أن محمدا لا يكذب – أن الله قد أرسل على صحيفتكم الأرضة فلحست كل ما فيها إلا {{ اسم الله }} ولم يبق من ظلمكم وقطيعتكم شيئا، فضحكوا وسخروا من كلامه !!! فقال لهم : إن كان محمد صادقاً في ما قال ، فعلينا أن ننهي هذه القضية ، وإن كان قد كذب في ما قال ، أسلّمه إليكم الآن تضربوا عنقه ؛ هل أنتم موافقون؟

. . . لقد وافقوا كلهم و أحضروا الصحيفة أمامهم ، فوجدوها ملفوفة ومختومة ، فأسرعوا وفكوا الختم ، و أزالوا القماش الملفوف عليها ، ثم نظروا إلى الصحيفة وإذا هي كما قال - صلى الله عليه وسلم _ ولم يبق من الكتابة ... إلا {{باسمك اللهم }} الختم عليها مثل ما وضعوها قبل ثلاث سنوات . فقالوا : هذا من سحر ابن أخيك [[ قاتل الله الكفر والكفار]] دائما يعاندون !!!

فقام زهير وسلّ سيفه وقام معه باقي الرجال وقالوا : والله لا نبرح هذا المكان حتى نمزق هذه الصحيفة ، ويخرج بنو هاشم ، فمُزقت الصحيف وخرج الهواشم من الحصار .
[[ هل وضحت لكم الصورة ؟ ليس مثل فلم الرسالة ؛ يدخلون الكعبة يجدون الأرضة أكلت الصحيفة وهي معلقة على جدار الكعبة !!!! ]


. . . يتبع وفاة أبي طالب
_________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-15-20 07:59 AM

هذا الحبيب « 73 »

السيرة النبوية العطرة (( وفاة أبي طالب ))
__________


انتهى الحصار بإرادة الله تعالى ، وخرج بنو هاشم وبنو المطلب من شعبهم ، ورجعوا إلى حياتهم الطبيعية يمارسون كل نشاط في مكة وانتهت المقاطعة الظالمة ، ولكن العداوة مازالت مستمرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - و أصحابه .
وبسبب الحصار الذي استمر ٣ سنوات تعب ومرض أبو طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي بلغ من العمر الآن قرابة ٨٣ سنة .

ضعف جسده وأشرف على الموت ، فبلغ سادة قريش أن أبا طالب على فراش الموت .
فقال بعضهم لبعض : لنذهب إلى أبي طالب قبل أن ينزل عليه الموت ،فإنّا نخاف من حمزة وعمر ، أن يأخذوا السيادة منا . فحضر إلى بيت أبي طالب سادة قريش ومشايخها مثل عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وأبو سفيان ، وأبو جهل ، وغيرهم من وجهاء قريش .

فلما حضروا ، أحب أبو طالب أن يعقد صلحا بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل موته . فقال أبو طالب : إني أحب أن أرحل عن الدنيا ، وأنا أشهد صلحا بينكم وبين محمد ، فأرسل إلى النبي من يخبره بالحضور ، فحضر - صلى الله عليه وسلم – ( وتقول بعض الروايات ) :

فلم يبق للنبي مكانا للجلوس ، لم يجد مكانا إلا أن يقف عند عتبة الباب ، و امتلأت الغرفة بالرجال .
[[ وهو صاحب الخلق العظيم ، ومن أخلاقه كان يجلس حيث ينتهي المجلس ، يدخل أعرابي على الصحابة والنبي جالس بينهم ، ينظر إليهم ثم يسأل ... أيكم محمد ؟؟ هذه أخلاق نبينا - صلى الله عليه وسلم - ]]
رفع أبو طالب رأسه إلى النبي وقال :

يا محمد يا ابن أخي .. هؤلاء أشراف قريش وسادتها ، وقد نزل بي من الأمر ما ترى، وأنا أحب أن أرى بينكم صلحا قبل أن أفارق الدنيا .
فقال - صلى الله عليه وسلم - أريد منهم كلمة واحدة ، تدين لكم بها العرب وتتبعكم العجم :( قولوا لا إله إلا الله .. وتخلعون عبادة الأصنام ) ، وكعادة قريش سخروا و صفقوا ، وصفروا ، ووضعوا أيديهم على رؤوسهم . ثم توجه – صلى الله عليه وسلم بالكلام إلى عمه فقال : أنت يا عم ؛ قلها ، أشهد لك بها عند الله وأشفع لك بها .. فلم يعلن أبو طالب إسلامه ، وفاضت روحه .
لم يقل على سمع النبي لا إله إلا الله . . .

يا أبا طالب !! يا عم نبينا - صلى الله عليه وسلم - : والله إننا نشهد أنك بذلت جهدا جباراً في سبيل الإسلام ، وتحملت الكثير لمدة سبع سنوات كاملة ، وهي أصعب سنوات من تاريخ الدعوة ، لكنّ النبي لم يسمع منك لا إله إلا الله !!! أبو طالب أعماله وأفعاله كلها تدل على إيمان ، فقد دافع بقوة عن النبي ، ولكن لم يسمع أحد إسلامه ... !!!

مات أبو طالب ، وحزن النبي - صلى الله عليه وسلم - على موت عمه ، ودفن في مقبرة مكة الحجون ، وبعد موت عمه زاد شر قريش على النبي ، لأن أبا طالب هو الذي كان يقف في وجوههم دائماً .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-15-20 08:00 AM

هذا الحبيب « 74 »

السيرة النبوية العطرة (( وفاة خديجة - رضي الله عنها ))
__________

لم ينته حزن النبي – صلى الله عليه وسلم – على عمه حتى فُجع - صلى الله عليه وسلم - بوفاة السيدة خديجة {{ فبينهما قرابة شهر واحد فقط }} . مات النصير القوي خارج البيت وهو عمه {{ أبو طالب }} .

و مات الحضن الدافئ داخل البيت وهي أمنا
{{ خديجة - رضي الله عنها }} . وحزن النبي - صلى الله عليه وسلم - على موتهما حزناً شديداً ، وأطلق على هذا العام اسم {{ عام الحزن }} . وكان ذلك في أكثر فترات الدعوة حرجا . ولقد اختار الله – عز وجل – هذا التوقيت لحكمة كبيرة ، {{ إن النصر من عند الله تعالى ، وليس من عند أبي طالب ولا خديجة ولا أي أحد }} .

ماتت خديجة - جزاها الله عنا كل خيرو رضي الله عنها وأرضاها - وهنيئاً لها منزلتها في الجنة {{ سيدة نساء أهل الجنة }} .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب ولا نصب " .

وشيّعها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مقبرة الحجون ، ونزل في قبرها ودعا لها ، ماتت السكن والطمأنينة والمودة والصدر الحنون الذي كان داخل بيته - صلى الله عليه وسلم -
.
كانت تخفف عليه همومه وتواسيه ، وتبشره وتعينه في مالها ، كانت خير نصير له ، كانت جنته على الأرض . وكان - صلى الله عليه وسلم - يذكرها دائماً ويكرم صاحباتها ،وكان إذا ذبح ذبيحة يقول :

أرسلوا إلى صويحبات خديجة ، وفاء ومحبة و إكراما لها رضي الله عنها .
-----------------------

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-17-20 07:38 AM

هذا الحبيب « 75 »

السيرة النبوية العطرة (( صفات السيدة خديجة رضي الله عنها ))
__________

وكما قلنا لكم أحبتي : إنّ السيرة للاقتداء و التأسّي وليس للتسلّي :

فها هي أمّنا خديجة تضرب لنا مثالا صادقا لنموذج المرأة المسلمة ، فقد اتصفت - رضي الله عنها – برجاحة العقل وقدراتٍ إداريةً هائلةً، وكانت ذات سريرة صافية و نفس سامية توَّاقةٌ إلى معرفة الحقّ، والحقيقة، وهذا ما جعلها تُقبِل على الدخول في دين الله تعالى بمجرَّد أن نزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،
وهذا ما جعلها أيضاً تُسخِّر حياتها كلّها لنصرة دين الله تعالى . وعُرفت – رضي الله عنها - في مجتمعها بالطاهرة؛
لشدّة عفتها، وطهارتها، ولهذا فقد كانت اختيار رسول الله - صلى الله عليه وسلم لتكون شريكة حياته، فشرَّفها الله تعالى بأن تكون أماً للمؤمنين، وسيدة نساء العالمين.

وكانت رضي الله عنها نعم الزوجة الصالحة، فلم يعرف التاريخ الإسلاميّ زوجةً أخلصت في رعاية بيتها، ودعم زوجها، وتمكينه، وتأييده، ونصرته، ونصرة فكرته كالسيدة خديجة رضي الله عنها، فبعد أن آمنت أمُّنا خديجة بالله تعالى، وبدعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحوّلت حياتها إلى جهادٍ، ودعوةٍ مستمرَّين، فقد أخلصت للفكرة التي آمنت بها، واستطاعت بعد وفاتها أن تترك الأنموذج الأفضل لكلّ نساء المسلمين، بل لكلّ نساء العالمين.

وهذه كلمات أشعلتها إحدى الكاتبات ، لعلّها تُضِيءُ دُروبكنّ أيتها المسلمات :
في الأربعينيات من عُمرها تتزوّج شابا ذا الخامسة والعشرين ، ذا حسب ونسب، عُرِفَ في قومه بالصدق والأمانة ،رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ...ثم تمرّ به - صلّى الله عليه وسلّم - لحظات عصيبة.. لحظات الوحي الأولى في غار حراء ، انطلق حينها إلى خديجة .. حتى إذا بلغ حجرتها أحسّ أنه وصل إلى مأمنه - صلّى الله عليه وسلّم - فقال : "زمّلوني زمّلوني" فزمّلته حتى ذهب عنه الروع.. ثم قال لها : " لقد خشيت على نفسي"!

خديجة - رضي الله عنها - كانت ذاك الحُضن الذي لم يلجأ زوجها لغيره لتُواسيه، خديجة كانت ذاك السند الذي يُعوّل عليه في الشدائد قبل الرخاء.. فأيّ سرّ هذا يختبئ وراء شخص خديجة - رضي الله عنها - يا ترى، حتى شرّفها الله - جلّ في علاه - بأن تَكُونَ ذاك الحِصْن الداخلي لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

إنّ أهمّ ما ميّز خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - قدرتها العجيبة على التركيز على المميزات دون العيوب والنقائص. ذلك أنها لمّا أخبرها النبي - صلى الله عليه وسلّم - أنه قد خشي على نفسه.. استدلّت في الحين بشمائله - صلّى الله عليه وسلّم - فقالت له بكل ثقة ويقين :

" كلا والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق" .

نِعمَ الزوجة تلك، التي لا ترى إلا الوجه المشرق في زوجها لدرجة أنّها لا تذكر عند الشّدة إلا مميزاته . لقد كانت – رضي الله عنها – امرأة بارعة في إدخال السرورعلى زوجها والتخفيف عنه، فكانت تمسح بيدها الحانية على قلبه في الوقت الذي لاقى فيه القسوة و الجحود من قومه .

ليس هذا فحسب ، بل لقد سلبت خديجة لُبّ قدوة الخلق وخير البرايا ، وملكت عليه شغاف قلبه كما لم تفعل أيّما امرأة مع زوجها ، حتى قاده حبّه لخديجة إلى أن يصدع به جهاراً بعد مماتها فيقول :

" إنّي رُزقتُ حبّها " .
وأنا أتساءل أختي المسلمة : لو أنّ زوجك مرّ بفترات عصيبة، أتُراه يلجأ إليكِ أوّلا؟
أواضعٌ هو كلّ ثقته فيكِ حتى يشرككِ في أهمّ القضايا التي تشغل باله؟
أم أنّك "مَتْنُ نصٍّ أنتِ حاشيته"؟ أم أنّك بالنسبة له محنة وشدة يفرّ منكِ إلى غيرِكِ ؟! هل تركزين على مميزاته أم عيوبه ؟ نحن لسنا معصومين ، لكنّ المهم الآن أن نبدأ بداية جيدة . . . إذن فلتكن قدوتك خديجة .. حتى تصفو لك الحياة...
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-17-20 07:40 AM

هذا الحبيب « 76 »

السيرة النبوية العطرة (( اشتداد إيذاء قريش للرسول - صلى الله عليه وسلم - الجزء 1 ))
__________

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :

{{ ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب }} ، فبعد وفاة أبي طالب ، تجرأت قريش على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما لم تتجرأ من قبل، ولكن وفاة أبي طالب لا تعني أن بني هاشم تخلوا عن حماية النبي ، فقد ظل الرسول - صلى الله عليه وسلم -
بالرغم من وفاة أبي طالب في حماية بقية أعمامه وبني عمومته وكل بني هاشم وبنى عبد مناف .

[[ ممكن واحد يسأل و يقول: أين حمزة ؟ أين عمر الذي تهاب منهم كل قريش ؟!! ]] ، هنا يجب أن نعرف أن الله في العهد المكي أراد أن يربي الصحابة في مكة التربية الروحية ، قبل التربية الجهادية ، فلم يُؤذن بالمواجهة و القتال مع الكفار بعد . إذن عمر و حمزة و غيرهم صادقو الإيمان ، ولكنهم ينتظرون إرادة الله بالقتال و التي كانت في المدينة المنورة .

أعرض عليكم بعض الصور لجرأة قريش على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
كان - صلى الله عليه وسلم - يسير يوما في طرقات مكة فاعترضه سفيه من سفهاء قريش ،وقذف في وجهه التراب والرمال ، فرجع إلى بيته معفراً مغبرا ، فأسرعت إليه بناته ينفضون التراب عنه وهنّ يبكين . فلم يتحمل سماع بكائهنّ، فأخذ يصبرهنّ : لا تبكين ، فإنّ الله مانع أبيكم

وقف - صلى الله عليه وسلم - يوماً يصلي عند الكعبة فأتى اليه ذلك الشقي {{ عقبة بن أبي معيط }} ،فلف عباءته حول رقبة النبي حتى سقط - صلى الله عليه وسلم - على ركبتيه وكاد يفقد حياته فعلاً ، ولم ينقذه إلا أبو بكر الذي جاء ودفع عقبة وهو يقول : أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم ؟؟؟

صورة أخرى عن هذا الشقي {{ عقبة بن أبي معيط }} ، فقد أرسله مرة أبو جهل ليضع فرث جزور[[ وسخ البطن ]] على ظهر رسول الله وهو يصلي عند الكعبة ، فلم يستطع أن يرفع رأسه – صلى الله عليه وسلم - وسادة قريش يضحكون في ناديهم لهذا الموقف ، فما استطاع أحد من المسلمين أن يميطه عن رسول الله خشية من بطش قريش

[[ لأن العهد المكي كانوا ضعفاء أمام بطش الجبابرة في قريش ]]، فانطلق رجل قد أخفى إسلامه وأخبر ابنته فاطمة فجاءت وأماطت الأذى عن ظهر أبيها ، ثم رفع رأسه - صلى الله عليه وسلم - وأتم صلاته . يقول عبد الله بن مسعود : فلما فرغ من صلاته - صلى الله عليه وسلم - سمعته يقول : {{اللهم عليك بالملأ من قريش وذكر أسماءهم }} ، فوالذي بعثه بالحق ما ذكر اسم رجل منهم ، إلا قتل بأيدينا يوم بدر . [[ دعوة خير الخلق و حبيب رب العالمين ؛ يمهلهم الله سنين ثم يحقق دعوته بعد الهجرة يوم بدر . . .

فيا أمة محمد ، ادعوا الله ، ولا تقنطوا من إجابة الدعاء ، فالله أعلم حيث يجعل استجابته ]] {{وَإذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَان فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}} .


هل تتخيلون أن هذا الشقي [[عقبة بن أبي معيط ]]

كان على وشك أن يسلم، وكان سيصبح من الصحابة، والذي منعه من الإسلام هو صداقته لأبي جهل ؛ فقد سافر أبو جهل مرة وعاد ليجد صديقه [[عقبة بن أبي معيط ]] قد تأثر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وكاد أن يسلم، فذهب اليه أبو جهل وقال له : وجهي من وجهك حرام، وكلامي من كلامك حرام، حتى تذهب فتبصق على وجه محمد !

فذهب عقبة بن أبي معيط وبصق على وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وينزل قول الله تعالى {{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فلانا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكان الشيطان للإنسان خَذُولًا }} .

[[ هذه القصة دائما أضرب بها المثل في خطورة أصدقاء السوء ]]
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-21-20 07:36 AM

هذا الحبيب « 77 »

السيرة النبوية العطرة (( اشتداد إيذاء قريش للرسول - صلى الله عليه وسلم - الجزء 2 ))

__________

ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعا من الرسل، بل ضرب الأنموذج الأكمل في تحمل الاضطهاد والإيذاء المعنوي والبدني في سبيل توصيل رسالة ربه إلى الناس، وهو رغم ما لاقاه من عنت وكفر وتكذيب وسب وشتم كان يبدو على الدوام رحمة للعالمين ، و أحرص على هداية قومه، حتى يعاتبه ربه على حزنه عليهم ، يقول تعالى :

" فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً " .

تحمل النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من البلاء والعناء، منذ أول يوم صدع فيه بالدعوة، ولقي - صلى الله عليه وسلم - من سفهاء قريش أذى كثيراً، فكان إذا مر على مجالسهم بمكة استهزؤوا به، وسخروا منه، يقول سفهاؤهم : هذا ابن أبي كبشة يُكلّم من السماء !! وكان أحدهم يمر على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيقول له ساخراً: أما كُلمت اليوم من السماء؟!.

موقف آخر تعرض له الرسول - صلى الله عليه وسلم – فقد طاف يوما بالكعبة ، فجاء إليه رجال من قريش والتفوا حوله ، وتهجموا عليه ويقولون : أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا ؟؟
أنت الذي تقول كذا ؟؟
والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لهم : نعم . حتى جاء أبو بكر مسرعا ليدفع المشركين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فضرب المشركون أبا بكر ، وسقط على الأرض، وخلعوا نعالهم وأخذوا يضربونه على وجهه - رضي الله عنه - حتى انتفخ وجهه، وأغمي عليه .

وحُمل إلى بيته وهو مغشى عليه، وعندما أفاق سأل أولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام اليه النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتضنه وهو حزين .
هذه بعض المواقف ذكرناها للاعتبار والاقتداء به - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فعلى كل داعية أن يصبر على الأذى لأنه سنة من سنن الله تبارك وتعالى لمن سلك طريق الأنبياء قال الله تعالى:

{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } .

نسأل الله تبارك وتعالى أن يجزيه عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، وأن يرزقنا اتباعه والاقتداء به في جميع أمورنا بمنّه وكرمه . فيا أمة الحبيب محمد ، و الله إننا في بلاء شديد ولنا في رسول الله أسوة حسنة ، فالصبر الصبر على الابتلاء، والدعاء الدعاء للمستضعفين في الأرض ، ولا تقنطوا من رحمة الله ، فستعود العزة للمسلمين ، و ينتصر الإسلام بإذن الله .

__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-21-20 07:37 AM

هذا الحبيب « 78 »

السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الأول ))
__________

نحن الآن في السنة العاشرة من بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قلنا إن هذا العام أطلق عليه {{ عام الحزن }} ، ولقد توفى فيه عم النبي أبو طالب ، وخديجة - رضي الله عنها - ، وتحدثنا أن قريشا اشتد إيذاؤها جداً للنبي - صلى الله عليه وسلم – من هنا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأمور تفاقمت في مكة ، وأن تربة مكة لم تعد صالحة لرمي بذور الدعوة فيها ، أراد أن يدعو إلى الله في مكان آخر فاختار الطائف ، فلماذا اختار النبي - صلى الله عليه وسلم - الطائف ؟؟

لأن الطائف هي المدينة الثانية في الجزيرة العربية بعد مكة، وتعتبر مركزا تجاريا ، ومركز كثافة سكانية ، ولها مكانة في قلوب العرب ، وقبيلة ثقيف التي تحكم الطائف ، هي أكبر قبيلة في الجزيرة بعد قريش ،وسنرى ذلك بعد فتح مكة [[ إذا شاء الله و وفقني لأكمل السيرة ]]، سنرى كيف كانت الطائف هي المدينة الوحيدة التي استعصت على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، بالرغم من حصارها فترة طويلة ، حتى جاءت إليه بعد ذلك مسلمة .

إذن الطائف هي المدينة الثانية في الجزيرة بعد مكة، وإذا آمنت ، فإنّها تستطيع أن تقف في وجه قريش ، ولذلك كان اختيار الرسول - صلى الله عليه وسلم - للطائف للخروج إليها ودعوة أهلها .

الطائف كانت تسمى قرية، والآن تسمى في وقتنا الحاضر مدينة ، فهي تبعد عن مكة {{ ١٢٠ كيلو }} ، و الطائف كانت تعتبر مصيافا لمكة والمدينة وجدة وما حولها ، لذلك كان لسادة قريش في الطائف بساتين ، [[ اللي معروف عنا اليوم بالمزارع ، فلان الله رزقه واشترى مزرعة ، بس يزهق من بيته بروح بقعد بالمزرعة ، أو يصيف فيها ]] .

كان لسادة قريش في الطائف وعلى طريقها بساتين ، إذا اشتدّ الحر في موسم السنبلة [[ يعني شهر ٧ و ٨ ]] ،خرج أهل مكة إلى الطائف يستصيفون . مناخها يقال إنه يشبه مناخ فلسطين ، وثمارها كثمار فلسطين ، وعليها وعلى مكة أطلق القول بالقريتين عندما قال سفهاء قريش وسفهاء الطائف وهم يكذبون الرسول - صلى الله عليه وسلم -

{{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا القرآن عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }} يعني مكة والطائف .
فلما فقد الأمل - صلى الله عليه وسلم - في أهل مكة وسادتها ، توجه إلى الطائف ، فخرج ليلاً متخفياً إلى الطائف ، مشياً على الأقدام [[ لأنه لو خرج على راحلة لشعرت به قريش ]] ، خرج متسللا ، وخرج معه زيد بن حارثة متبنّاه .
يتبع . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

ذكرياتي 10-21-20 03:38 PM

محمد تــــاج رســل الله قـاطبــة محمد صـادق الأقــوال والكلـــم
محمد ثـابـت الميثــاق حـافــظه محمد طـيب الأخلاق والشيــم
محمـد ســـيد طـابـت مناقـبـهُ محمد صــاغة الرحـمن بالنعم


https://pbs.twimg.com/media/DVakpAmW4AASxUk.jpg

عطاء دائم 10-22-20 07:36 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ذكرياتي (المشاركة 2778964)
محمد تــــاج رســل الله قـاطبــة محمد صـادق الأقــوال والكلـــم
محمد ثـابـت الميثــاق حـافــظه محمد طـيب الأخلاق والشيــم
محمـد ســـيد طـابـت مناقـبـهُ محمد صــاغة الرحـمن بالنعم


https://pbs.twimg.com/media/dvakpamw4aasxuk.jpg

عليه الصلاة والسلام
شكرا لك على كرم المرور

ذكرياتي 10-22-20 02:29 PM

https://pbs.twimg.com/media/EKTWKYtXkAErqOX.jpg

ذكرياتي 10-22-20 02:31 PM

نور أطل على الحياة رحيما
وبكفه فاض السلام عظيما
لم تعرف الدنيا عظيما مثله
صلوا عليه وسلموا تسليما.
اللهم صل وسلم وبارك على حبيبك سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة
وأتم التسليم و علي آله و صحبه و سلم ..

عطاء دائم 10-23-20 07:03 AM

هذا الحبيب « 79 »
السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الثاني ))
_________

وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف مشياً على قدميه
مسافة {{ ١٢٠كم }}، وكان السفر في شوال من السنة العاشرة، وكان يوافق {{ شهر ٦ __ عام ٦١٩ ميلادية }}، وطبعا في شهر ٦ تكون درجة الحرارة مرتفعة جدا في صحراء الجزيرة العربية ،ولا يستطيع الإنسان أن يسير أكثر من ١٠ دقائق فيها .

خرج - صلى الله عليه وسلم - هذه المسافة الكبيرة جدا مشيا على قدميه [[ لأن معنى ركوبه دابة : أنه سيسافر ، وهو لا يريد أن تعرف قريش تحركاته، حتى إذا لم ينجح في دعوة الطائف لا تشمت فيه قريش، وتستقوي عليه ]] . واصطحب معه {{ زيد بن حارثة }}

والذي كان اسمه حتى هذا الوقت {{ زيد بن محمد }} لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تبناه كما أخبرتكم من قبل . هذا يوم واحد من أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى يقول لنا إن طريق الدعوة إلى الله ليس بالسهل .

ولما دخل الطائف؛ كان من عادة العرب إذا أرادوا أمرا من قوم ، توجهوا إلى رؤوس القوم وسادتهم ، الذين إذا قالوا سمع القوم قولهم ، فتوجه - صلى الله عليه وسلم - إلى سادة ثقيف ، وكانوا ثلاثة أخوة : الكبير فيهم اسمه {{ عبد يا ليل }}،[[هكذا اسمه ، عبد يا ليل ، كأنك تغني موال]] الثاني اسمه {{ مسعود }}، والثالث اسمه،قيل {{ نعيم، وقيل حبيب }} هؤلاء سادة ثقيف في الطائف ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إليهم .

[[ وهم يعرفون الرسول من قبل ، يعرفون أن هذا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب؛ لأن الطائف ومكة ، تعتبران مجتمعا واحدا ، ولأن مجتمع مكة مختلط بمجتمع الطائف ، وقد وصلهم خبر محمد، وخبر دينه الجديد، وعندهم علم بموقف قريش منه ]] .

جلس - صلى الله عليه وسلم - إلى سادة ثقيف في الطائف ، والعرب كلها لا تنكر منزلة الضيف وحق الضيافة ، جلس - صلى الله عليه وسلم - عندهم، فلم يقوموا بحق الضيافة له ، ولم ير منهم حسن الضيافة ولا استقبالا حسنا، ومع هذا كله حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - داعية إلى الله، ولا يريد ضيافة أحد ، يريد من الناس فقط أن يستجيبوا لدين الله، فعرض عليهم الأمر ، وطلب منهم أن يدخلوا في دين الله ،فمإذا كان ردهم عليه ؟

{{ عبد ياليل }} قال: ألم ير الله إلا أنت يا محمد، يبعثك رسولا إلى العالمين؟ لو لا أنزل على رجل من القريتين عظيم ؟ [[يعني لو نزل على شخص من سادة الطائف أو مكة عظيم ]]؟

أما {{ مسعود }} فقال : لئن كان الله أرسلك رسولاً، [[يعني لو ثبت أن هالحكي صحيح ، وأن الله أرسلك رسولا]]؛ لأمزقن ثياب الكعبة !!
[[يعني رح يغضب من ربنا !!!مش ملاقي غير هذا نبي !!! والله لأشق ثياب الكعبة إذا صحيح هذا الكلام ]]

أما {{ حبيب }} فكان أصلحهم بالرد؛ وقال : أنا لو أعلم أنك رسول من الله ، لا أكلمك أبداً ،لأنك إن كنت كما تزعم فأنت أعظم أن أكذبك ، وإن لم تكن كما تزعم ، فأنت أهون من أن أرد عليك .

فقام - صلى الله عليه وسلم - محزونا من عندهم ، وقبل أن يخرج من عندهم قال لهم : أما إذا قلتم ما قلتم، فإنّ لي مطلبا عندكم كضيافة [[ يعني أنتم ما أحسنتم ضيافتي ، اعتبروا هذا الطلب هو الضيافة ]]

قالوا: ما هو ؟ قال : أرجو أن لا تخبروا قريشا أني جئت إليكم ، [[ لأنه لو عرفت قريش أنه جاء للطائف، ستزداد العداوة ، لأن في عُرف قريش ذهاب محمد للطائف ، يعني أنه خرج يستنصر علينا بقوم آخرين ]] . قالوا : لا واللات لنرسلن إليهم الآن ، وأنت عندنا، ثم أمروا : قم يا فلان ، وأمروا فارسا أن يركب فرسه ويأتي قريشا ، ويخبر سادتها بأن محمدا يستنصر بثقيف عليكم . [[ حبيبي يا رسول الله ، أي بلاء هذا ؟؟

ورحلته - صلى الله عليه وسلم - استغرقت عشرة أيام إلى الطائف ، لأنه جاء مشياً على الأقدام ؛ الفارس يصل مكة ويخبر قريشا، ويرجع للطائف ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مازال في طريق الرجعة ]] !!

خرج - صلى الله عليه وسلم - من عندهم وقد يئس أيضاً من أهل الطائف ،فلما خرج من عندهم ؛قاموا ونادوا سفهاءهم [[ فإنّ في كل مجتمع سادة وسفهاء، فهم سادة الطائف مش من مستواهم أعمال السفهاء فأرسلوا سفهاءهم ]] ، وقالوا لهم :إذا خرج محمد القرشي ، فارموا عليه الحجارة ، واشتموه، واصرخوا في وجهه ، وصفقوا وراءه حتى يخرج من أرض الطائف !!
[[ طيب لماذا هذه الهمجية يا طغاة ؟ إيمان ولم تؤمنوا!! وضيافة لم تضيفوا!! لماذا هذا الإيذاء ؟؟ لأن الإنسان بلا دين كما وصفهم الله :

{{ إن هُمْ إِلَّا كالأنعام ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا }} ،الحمير خير منهم ]] . خرج - صلى الله عليه وسلم - ومعه زيد، وإذ بالسفهاء يصطفون في الطريق كالمراسيم ، اصطفوا على جانبي الطريق، فلما أراد الخروج أخذوا يصفقون ، ويصيحون في وجهه ، ويشتمونه ، ويضربون قدميه بالحجارة ، حتى سالت الدماء من قدميه الشريفتين ، وتلطخت نعلاه بالدماء الزكية .


ولما اشتد به الألم - صلى الله عليه وسلم - ولم يعد يقوى على المشي ، جلس يستريح ، فرموا الحجارة عليه ، فوقف زيد بينه وبينهم ، يتلقى الحجارة بجسده ، حتى شُج زيد في رأسه ، وفي وجهه وجسده جراح كبيرة وكثيرة - رضي الله عنه - وأرضاه ، وظلوا يطاردونه مسيرة

{{ ٥ كيلو متر }} كاملة ، حتى استطاع - صلى الله عليه وسلم - الخروج من أرض الطائف ، فوجد بستان وكان هذا البستان لابني ربيعة {{ عتبة وشيبة ، وهم من سادة مكة}} ، وكان هذا البستان قريبا من الطائف ، ولكنه ليس من أرض الطائف .

فلما رأى البستان ، ذهب وجلس تحت ظل شجرة ، وأفاق من الصدمة والأزمة التي مر بها ، والأوجاع والدماء تسيل منه - صلى الله عليه وسلم -
ثم رفع طرفه إلى السماء ودعا . . . يتبع . . .
________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-23-20 07:06 AM

هذا الحبيب « 80 »
السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الثالث ))
_________

جلس - صلى الله عليه وسلم - تحت ظل شجرة ، وأفاق من الصدمة والأزمة التي مر بها ، والأوجاع والدماء تسيل منه - صلى الله عليه وسلم - وكان هذا الموقف من أشد المواقف التى مر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه أشد من يوم غزوة أُحد ، لما شُج رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته في فكه السفلي

[[ الرباعية هي السن الذي يقع بين الثنية والناب ]] ، وجرحت شفته السفلية ، وسالت منه الدماء - صلى الله عليه وسلم - فسألته السيدة عائشة - رضي الله عنها - وهي تصب له الماء ليغسل وجهه من الدماء : هل أتى عليك يوم أشد من هذا اليوم ؟؟

فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : {{ لقد لقيت من قومك، فكان أشد ما لقيت منهم يوم رحلة الطائف }} .
جلس تحت الشجرة، ثم رفع طرفه إلى السماء ودعا بهذا الدعاء ( كما تقول بعض الروايات ) :
{{ اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت ربُّ المستضعفين ، وأنت ربّي إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهَّمني ؟ أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي ، ولكنَّ عافَيَتَك أوسعُ لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تُنزل بي غضبك ، أو يَحِلَّ عليَّ سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك }} .

لما دعا خير خلق الله على الإطلاق - صلى الله عليه وسلم - بهذا الدعاء الخارج من القلب ؛ خير خلق الله على الإطلاق

[[ يعني خير من الملائكة والبشر والجن على الإطلاق ]] خرج هذا الدعاء من قلب خير رجل محزون مهموم ، [[ هذا الدعاء عمل انتفاضة في السماوات السبع ، ضجت ملائكة السماء كلهم ؛كيف ينال النبي هذا ؟؟ أي واحد من ملائكة السماء يستطيع أن يدمر الطائف كلها ؛ ولكن الله هو البصير السميع ، سمع ما قال أهل الطائف ،وسمع دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر جبريل أن يهبط ]] .
نظر - صلى الله عليه وسلم - فإذا بغمامة [[ غيمة ]]

تهبط عليه من السماء تظلله ، وإذ عليها جبريل ،يقول - صلى الله عليه وسلم - ومعه رجل لا أعرفه ، فاقترب جبريل وسلم ، وقال : يا محمد ،هذا ملك الجبال [[أي الموكل بأمور الجبال]] ،أرسله الله إليك ليطيعك فيما تأمره ، فأمره بما شئت، فتقدم ملك الجبال، وقال:

السلام عليك يا رسول الله ، إن الله أمرني أن أطيعك فيما تأمرني ، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين [[ أي جبلين في مكة ]] ، وإن شئت دمدمت عليهم [[ أي أهل الطائف دمرتهم ، وخسفت بهم الأرض ]] ، فلا ترى بعد ذلك منهم عدوا .

صلى الله وسلم عليك يا حبيبي يا رسول الله ، يا من أنزله الله رحمة للعالمين ؛ دماؤه تنزف ، ودموعه على لحيته ، وما أفاق من الصدمة بعد، تخيلوا معي : كلنا إنسان ، والنبي لا ننسى أنه بشر مثلنا ، كلنا يعرف لو شخص ظلمنا وذقنا طعم الظلم المر ، لتمنينا أننا نملك أمر الظالم يوما، وعندها كل واحد منا يقول :

[[ يا ريتني أحكم الناس يوم واحد أفرجيكم ايش أعمل في الظالمين]]
هذا محمد رسول الله ، وقد أعطاه الله الحكم الآن ، الحكم بين يديه وهو مظلوم ، وملك الجبال خادم عنده ، كلمة واحدة من رسول الله ينتهي أمر قريش والطائف ... وإذا به - صلى الله عليه وسلم - يضم ملك الجبال إلى صدره ويقول : لا ، لا يا أخي ، إني لأرجو الله أن يُخرج من أصلابهم من يعبده وحده ، لا يشرك به شيئاً . فنظر إليه جبريل ، وقال : صدق من سماك رؤوفٌ رحيم !!
قال تعالى :

{{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }} .
{{ رؤوف ، رحيم }}
اسمان من أسماء الله - عزوجل - أعطاهما الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - فهما لله اسم ، وفي النبي وصف،

وفعلاً خرج من ذرية الطائف كثير من كبار العلماء الذين نشروا هذا الدين .
عتبة وشيبة كانا في البستان ، نظرا من بعيد، فشاهدا الدماء تسيل منه - صلى الله عليه وسلم - ، وقد علما بما فعل به أهل الطائف ، وهما صاحبا البستان الذي يجلس فيه رسول الله ،
وكان شيبة وعتبة من سادة قريش ، فلما شاهدا النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا المنظر الحزين ، والدماء تسيل منه ، دخل العطف لقلبيهما ، وتعاطفا معه ، لأنه من صلة رحم ، فهما من بني عبد شمس ، والنبي من هاشم ، وجدهم الأكبر عبد مناف . . .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-25-20 07:18 AM

هذا الحبيب « 81 »

السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الرابع والأخير ))
_________

شعر شيبة وربيعة بالتعاطف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان عندهما غلام نصراني ، على دين المسيح اسمه {{ عداس }} ، فأرسلا عداس بطبق عليه عنب ، وماء بارد ، وقالوا : اذهب إلى ذلك الرجل ، وضع الطبق والماء أمامه، لعله يأكل ويشرب ، فأقبل إليه عداس وجلس بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يعرفه ولا النبي يعرفه ، وقال : أيها الرجل، أرسل إليك سيّداي بهذا ، تفضل وكُل منه . [[ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقدم له أهل الطائف أية ضيافة ، ومضت أيام له في الطريق من مكة للطائف مشيا على الأقدام، وها هو الآن عائد إلى مكة، فهو في جوع وعطش ]].

مد يده للعنب وقال : {{ بسم الله }} ،فتعجب عداس وقال : من أنت ؟ وماذا تقول ؟ ! والله هذه الكلمة لا يعرفها أهل هذه البلاد أبداً ! فقال له صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ ومن أين أنت ؟ قال: أنا عداس،رجل نصراني من نينوى [[ نينوى بلد في شمال العراق]] فابتسم النبي ،وقال له : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟
فقال عداس بلهفة ودهشة : وما أدراك من يونس بن متى؟ !! والله لقد خرجت منها منذ سنين ، ليس في نينوى عشرة رجال يعرفون من يونس بن متى! فما علمك به وأنت في بلد الأُميين ؟؟

[[ بلد الأُميين يعني بها هذا البلد، يعبدون الأصنام ، ولم يرسل فيهم أي نبي ،كل الأنبياء كانوا من بني إسرائيل ، العرب ما بُعث فيهم نبي إلا محمد العربي - صلى الله عليه وسلم - ]] فقال له النبي وهو مبتسم : ذلك نبي وهو أخي، وأنا نبي مثله . يقول عداس - رضي الله عنه - وهو صحابي :

{{ والله أخبرني خبره ، وما وقع له مع قومه }} ، أي ذكر له قصة نبي الله يونس مع قومه .
بشكل مختصر عن قصة نبي الله يونس عليه السلام : نبي الله يونس عليه السلام ، دعا قومه إلى الله، فلم يستجيبوا له ، قالوا : يا يونس إن رأينا أسباب الهلاك آمنا بك [[ وهي النذر التي تمر علينا في هذا الزمن كل يوم ، وخير أمة ، غارقون بالدنيا نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، إلا من رحم ربي ]] ، وأي نبي إذا أنذر قومه العذاب، ولم يستجيبوا له ،تركهم وهجر تلك المدينة ، فهجرهم نبي الله يونس ، ومضى يريد السفر عن طريق البحر لما أحس باليأس من قومه ، وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا ، وقرر هجرهم ، ووعدهم بحلول العذاب بهم .

فلما جاءت نذر الله على قوم يونس ، امتلأت السماء بالغيوم شديدة السواد ، وكان يخرج منها دخان شديد ، ثم يهبط الدخان فوق رؤوسهم حتى ملأ مدينتهم ، فتذكروا يونس وكلامه ، وافتقدوه ، فلم يجدوه ، فألقى الله في قلوبهم الهداية ، والتوبة ، والندم ، عندها قاموا و لبسوا المسوح ،

[[ المسوح هو لباس خشن ، كان يصنع من شعر الماعز الأسود ، متعب ومؤلم جدا لمن يلبسه لدرجة كبيرة ، من أراد أن يعبر عن ندمه وحزنه ، يلبس المسوح ، ويجلس على الرماد، ويضع الرماد على رأسه ، " بمعنى اللي عملته أنا خراب بيوت وأنا نادم على ما فعلت أشد الندم " ]] ، لبسوا المسوح تعبيرا عن ندمهم وذلهم ، وأخرجوا المواشي ، وأخذوا الأطفال الصغار من أمهاتهم ، وفرقوهم ، وأيضا فرقوا بين كل بهيمة وولدها ،فضاجت المدينة كلها بالصراخ والبكاء ، بكى الأطفال ، والنساء ، والرجال ، وخارت الأبقار ، وارتفعت أصوات الحيوانات .

وصرخوا يستغيثون : يا حيّ حيث لا حي، ويا حي يحيي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت. اللهم إن ذنوبنا قد عظمت وجلت، وأنت أعظم منها وأجلّ، فافعل بنا ما أنت أهله ، ولا تفعل بنا ما نحن أهله، فلما علم الله الرحمن الرحيم ، اللطيف الودود منهم الصدق؛ تاب عليهم ، وصرف عنهم العذاب وكي لا أطيل عليكم، كلنا يعرف بعدها ركوب نبي الله يونس السفينة، وكيف هاج البحر [[ إشارة من الله لنبيه يونس، لأنه لم يصبر على قومه ]] ، وكيف التقمه الحوت .
أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عداس خبر نبي الله يونس مع قومه، وقرأ عليه قوله تعالى:

{{ وَإن يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إلى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكان مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أنهُ كان مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ }} .

فلما سمع عداس هذا قال : أشهد أنك رسول الله المنتظر خاتم الأنبياء ، وهبّ عداس يقبل رأسه ويديه وقدميه - صلى الله عليه وسلم - وعتبة وشيبة ينظران من بعيد ، فلما شاهدا عداسا يُقّبل رأس النبي ويديه وقدميه ، قال أحدهم للآخر: أما غلامنا ، فقد أفسده محمد !!!

فرجع إليهم ، فقالوا له : ويحك ؟؟!!

[[ ويحك عند العرب كلمة تعجب واستغراب ]]، ويحك! أرسلناك تطعم الرجل وتسقيه ، قمت تقبل رأسه وقدميه!! ما الذي دهاك ؟ !! قال : يا سيدي، والله ما على وجه الأرض كلها رجل خير من هذا الرجل ، إنه خير خلق الله . قالوا له : ويحك سحرك محمد يا عداس ! دينك خير من دينه، فلا تسمع له . قال :

لا بل هداني. إنه نبي . قالوا: وما علمك بذلك ؟ قال لهم : أخبرني بأمر لا يعرفه إلا نبي ؛ لقد أخبرني بيونس بن متى نبي بلادنا مع قومه ، وقرأ علي ما أنزل الله عليه ، وهو موافق لما نعلمه نحن أهل الكتاب ، وهذا لا يعرفه إلا نبي ، وأسلم عداس .
[[ لنتقدم قليلا في السيرة ]]
غزوة بدر وكان {{ شيبة وعتبة }} في صف المشركين من قريش وقبل المعركة كانا يستعدان للخروج للمعركة، قالا لعداس : اخرج معنا. قال : إلى أين ؟ قالوا : للحرب . قال: حرب من ؟ قالوا :حرب محمد. فقال عداس لهما متعجباً مندهشاً : أتريدان حرب ذلك النبي الذي جلس يوم كذا تحت الشجرة في البستان؟؟! وقدمنا له الطعام ؟؟ ! وأسلمت على يديه ؟ ! قالوا :أجل . قال عداس : والله الذي لا إله إلا هو ، إن هذا الرجل لا تقف في وجهه الجبال كلها لو اجتمعت . أنصحكم لا تخرجا . فلم يسمعا منه وتركاه، وخرجا؛ فكانا أول قتيلين في غزوة بدر .
رجع - صلى الله عليه وسلم - من الطائف متجها إلى مكة، ولم يلق من أهل الطائف أي خير ، ولكنه لقي من الله كل الخير والتأييد له ونصرته.
يتبع إن شاء الله .... إيمان الجن في طريق رجوعه لمكة صلى الله عليه وسلم .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-25-20 07:19 AM

هذا الحبيب « 82 »

السيرة النبوية العطرة (( المطعم بن عدي يُجيرالنبي - صلى الله عليه وسلم -))
_________

رجع - صلى الله عليه وسلم - من الطائف متجها إلى مكة ، ولم يلق من أهل الطائف أي خير - ولكنه لقي من الله كل الخير - فلما وصل مكان يقال عنه {{ بطن نخلة }} قريبا من مكة ، جلس هناك يتدبر أمره كيف يدخل مكة الآن ؟؟ وقد أرسل سادة ثقيف رجلا على فرس ، ليخبر قريشا أن محمدا جاء إليهم للطائف ؟؟ [[ وفي عُرف العرب هو ذهب يستنصر ثقيف على قريش .. فأصبح الآن في نظر قريش عدوا وهو في حكم المحارب ]] .

جلس يتدبر أمره ، فهداه الله ، حيث أرسل زيد بن حارثة إلى رجل اسمه {{ عبدالله بن أريقط }}
وهو [[خادم عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه ]] فجاء عبدالله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلب منه النبي أن يذهب إلى المُطعَم بن عدي [[ هذا الاسم مر معنا ، أحد الخمسة الذين قاموا بنقض الصحيفة اسمه مُطعم ، وهو ابن عمومة النبي ، يلتقي به في جده عبد مناف ، يعني ملزم به في الدم ، لم يكن ابن عمه القريب ، وهو سيد قومه ]] .

و أن يقول له : إن محمد بن عبد المطلب يريد أن يدخل مكة في جوارك ، على أن يجيره حتى لا تعتدي عليه قريش .
استماع الجن للقرآن :

لما أرسل – صلى الله عليه وسلم - زيدا إلى عبد الله بن أريقط ، قام يصلي ويقرأ القرآن وهو محزون ، عندها صدرت الإرادة الإلهية أن يسوق الله إلى "بطن نخلة" أمراء من الجن من نينوى بلد في العراق ، بلد نبي الله-يونس بن متى- ذكرناه[[ التي تكون بلد عداس ]] ، وكانوا سبعة كما يُروى ، فاستمعوا إلى القرآن بصوته – صلى الله عليه وسلم - فتعجبوا من القرآن ورونقه وجماله قالوا لبعضهم : والله إنه ليس بقول جن ولا بشر!! فقال أميرهم و اسمه

{{ زوبعة }} : سأذهب وأسأل هذا الرجل ، ابقوا مكانكم كي لا نُفزع الرجل [[عشان ما يخاف ]] فتشكل بشكل آدمي ثم تقدم للنبي صلى الله عليه وسلم

. . . قال المطعم لعبد الله بن أريقط : قل لمحمد فليأت فقد قبلت أن يدخل إلى جواري ، مضى النبي ودخل دار المطعم بن عدي ، فاستقبله وأكرم ضيافته ، ولما أشرقت الشمس أخذ المطعم بن عدي سيفه وقال لأولاده الستة :احملوا سلاحكم . وقال للنبي – صلى الله عليه وسلم - :

قم يا محمد ، فتقدم المطعم وجعل اثنين من أولاده على يمين النبي ، واثنين على يساره ، واثنين خلفه ، حتى وصل الكعبة . نظرت قريش إلى المطعم سيد نوفل ، وهو يحيط هو وأولاده بمحمد ، فجن جنونهم ، واعتقدوا أنه قد دخل في دين محمد . فقام أبو سفيان بكل هدوء إلى المطعم وقال : يا مطعم أمُجير أم تابع ؟؟ قال : بل مُجير .
قال أبو سفيان : نعم قد أجرنا من أجرت . ولما أتم النبي الطواف ذهب إلى داره ، وعلمت قريش أن المطعم قد أجار محمدا ، ومن اقترب من محمد يريد أن يؤذيه فقد أعلنها المطعم حربا على عبد مناف كلهم .

نتقدم قليلا بالسيرة هُنا: ظل صلى عليه وسلم حافظاً لجميل المطعم بن عدي ، وموقفه معه حتى بعد موته على الكفر، قبل غزوة بدر بسبعة أشهر مات المطعم على شركه ، فلما أسر المسلمون في غزوة بدر سبعين رجلا من المشركين،
قال - صلى الله عليه وسلم - :

{{ لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني [[ طلب الشفاعة ]] في هؤلاء النتنى لتركتهم له }} ، وهذا ما رواه البخاري .
يتبع . . . مبايعة الجن للنبي عليه الصلاة و السّلام .
______

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم – في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-25-20 07:22 AM

هذا الحبيب « 83 »

السيرة النبوية العطرة (( مبايعة الجن للنبي - صلى الله عليه وسلم - ))
_________

تشكل بشكل آدمي ، ثم تقدم للنبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه ، وقال : سمعتك تقرأ كلاما لا هو كلام جن ولا إنس ، وأنا أمير من الجن ، ومعي إخوتي وقفوا بعيدا كي لا يفزعونك ، فقال له - صلى الله عليه وسلم - : ادعهم فليأتوا ، فلما حضروا وسلموا على الرسول ؛

دعاهم - صلى الله عليه وسلم - إلى الله فأسلموا ، و واعدوا الرسول بأن يخبروا قومهم ، ويحضرونهم إليه ، كي يبايعوه على الإسلام ، ثم انطلقوا إلى أهلهم .
قال تعالى :

{{ و إذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القرآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إنا سَمِعْنَا كِتَابًا أنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إلى الْحَقِّ وَإلىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأرض وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }}

في اليوم الثاني، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته ، جاء أمير الجن السبع الذين بايعوه ، واستأذن النبي بالدخول ، ودخل على هيئة آدمي وقال :
يا رسول الله ، إنا دعونا قومنا كما أمرت واستجابوا لله ورسوله ، وهاهم قد قدموا كلهم إليك من نينوى، يريدون مبايعتك ، كل قبائل العراق من الجن حضرت فقال له - صلى الله عليه وسلم - : أين هم ؟

قال : تركناهم عند جبل الحجون [[أهل مكة يعرفون هذا الجبل - كذلك من ذهب عمرة - وفيه مقبرة مكة ، مقبرة الحجون ]] ، قال له - صلى الله عليه وسلم - : امكثوا في الحجون ، وأنا أذهب إليهم . [[ تخيلوا قبيلة من الجن ؛ جن العراق كلهم لو دخلوا مكة لهربت قريش كلها ]] .
فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحجون . . .
[[ وفي هذه القصة روايتان ؛ أن هذه الليلة خرج النبي وحده ، وكان عددهم يقارب الألف ، وكان لهم عودة ثانية ، وكان عددهم عشرين ألفا ، وخرج معه عبدالله بن مسعود ، وسنأخذ برواية عبد الله بن مسعود ، لأن هذه الرواية أخرجها مسلم في صحيحه ]] .

قال ابن مسعود : خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا اقتربنا من الحجون ، خط لي رسول الله برجله خطا في الأرض وقال: اجلس هنا ولا تتجاوزه [[ أي لا تتحرك من هذا المكان ، لأن عالم الجن غير عالم الإنس ]] وتقدم - صلى الله عليه وسلم - إليهم فاستقبله رؤساء الجن، وأخذ يصافحهم وجلس إليهم . يقول ابن مسعود وهو يصف المنظر للصحابة :

ثم جاءت أفواجهم كأنها سحاب ، قال : " كأنهم الزط " سود يركب بعضهم فوق بعض، حتى اقتربوا من رسول الله ، فحجبوه عني وازدحموا عنده ،فلم أعد أراه .
قال تعالى:{{ كادوا يكونون عليه لبداً }}، [[ لبدا ركوبهم فوق بعضهم البعض وازدحامُهم على رسول الله ليسمعوا منه ]]. يقول ابن مسعود :

وأمضى الليل كله معهم حتى الفجر، وأنا لا أرى إلا سوادا ، فوقه سواد ، فوقه سواد ، حتى حجبوا ما بيني وبين رسول الله إلى السماء ، فلما كان الفجر سمعت لهم أزيزا وأصواتا ، وأخذوا ينقشعون كأنهم سحابة تتلوها سحابة ، وبايعوا الرسول على الإسلام ، وسلم عليه أمراء الجن ، وودعوه .

يقول ابن مسعود : حتى إذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعته يحدث أقواما لا أراهم !!!! يقول لهم : لكم كل عظم وروث . فلما تقدم مني رسول الله مددت يدي كي أصافحه ، فمد يده، فوجدت يده حارة جداً [[ مثلما تضع يدك على شيء حار يلسع يدك فتسحب يدك بسرعة ]] !!

فقلت بأبي وأمي أنت يا رسول الله ما هذا ؟!! قال: من مصافحة إخوانك من الجن ، فإنّهم مخلوقون من نار {{ وخلق الجان من مارج من نار }} فقال ابن مسعود : يا رسول الله سمعت أزيزا ، وسمعت أصواتا !!

قال له - صلى الله عليه وسلم - :

أما تلك الأصوات فسلامهم عليّ ، وهم يودعونني مرتحلين إلى بلادهم . قال : سمعتك تقول ولكم كل عظم وروث !؟
فقال له : أخبرتهم بعد إسلامهم ، أنه لا يحل لهم أن يعتدوا على طعام مسلم فيأكلوا منه ، فقالوا : يا رسول الله، يضيق بنا الرزق [[يعني بصير صعب علينا نلاقي أكل]] فقلت لهم : لكم كل عظم وروث ، أما كل عظم ، فلكم أن تجدوه مكسوا لحما كما كان [[ نحن نرمي العظام بعد الأكل وعالم الجن لا نراه ، ولا نرى ما يأكلون ، أما في عالمهم هذا العظم يكسوه الله لحما يأكله إخواننا من الجن ، وكل روث تعود علفا لدوابهم ، ... بقايا الخضرة مثلا : ترمي قشرة البطيخ ، يكسوها الله في عالمهم ليطعموا دوابهم ]] .

وقد جاء تشريع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك قال - صلى الله عليه وسلم


- : {{ إذا قضى أحدكم حاجته ، فلا تستنجوا بعظم ولا روث ، فإنّه طعام إخوانكم من الجن }} . فيا مؤمن لك إخوان من الجن المسلمين ، إخواننا في لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فكل عظم ترميه ، اذكر اسم الله عليه ، لأنه يرجع لإخواننا المسلمين من الجن لحما يأكلون منه .
يقول ابن مسعود: ثم أخذني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأراني مباركهم ، وآثار نيرانهم ، فقد صنعوا طعاما ، وشربوا شرباً في جلوسهم عند النبي صلى الله عليه وسلم .

وفي إسلام الجن ومبايعتهم جبر خاطر لقلب رسولنا الكريم ، [[ بمعنى إذا رفضت الطائف دعوتك يا رسول الله سأصرف إليك نفر من الجن ليدخلوا في هذا الدين ]] .

والمسلم على يقين أن الجن المسلم لا يؤذي أحدا ، وأنهم غير قادرين على دفع الأذى أو جلب الخير للبشر، أو العلم بالغيب كما يدّعي الدجالون و المشعوذون، فالأمور كلها بيد الله ، و الشعوذة و الدجل و ادّعاء العلم بالغيب في التعامل مع الجن ، كل ذلك غير مقبول في شريعتنا ، و المسلم يعالج مس و أذى الجن الكافر بالقرآن و الذكر و الدعاء كما علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم .
______


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم – في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-27-20 07:52 AM

هذا الحبيب « 84 »
السيرة النبوية العطرة (( الإسراء والمعراج .. الجزء الأول ))
________

دخل مكة - صلى الله عليه وسلم - بجوار المطعم بن عدي بعد أن رجع من الطائف ، ولم يلق منهم أي خير ، وفي هذه الظروف الصعبة ، كانت رحلة {{ الإسراء والمعراج }} كأنها جاءت مواساة لِما لاقاه من أهل الطائف وقريش وكأن الله يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم - :

{{ إذا كان هذا ما لقيته يا رسول الله من أهل الأرض ، فتعال وانظر إلى مكانتك عند أهل السماء }}.
الإسراء والمعراج ... ليست مناماً كما يدّعي البعض
قال تعالى :

{{سبحان الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ أنهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} ، تبدأ الآية الكريمة بقوله تعالى : {{ سبحان } ،والتسبيح [[ هو تنزيه الله تعالى عن النقص والعجز]] ، فعندما يقول :

{{سبحان الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ }} ، يعني هذا الإسراء أمر معجز وعظيم ، ولو كان الأمر مناماً - كما يجادل البعض في هذا الأمر- لما كان معجزاً ، وما كان مستعظماً، ثم قال :

{{ بِعَبْدِهِ }} ، والعبد هو مجموع الجسد والروح ، ولو كانت رحلة {{ الإسراء والمعراج }} مناماً ، لما سخرت قريش وضاجت و استهزأت عندما أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الرحلة ؛ ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر قريشا أنه رأى في نومه كذا وكذا ، لما قامت الدنيا وقعدت عندما أخبرهم !!

لأن [[ أي واحد منا لو يرى مناما : كأن يسافر مثلا أو يطير أو يصعد فوق الغيوم ، ثم يخبرأي إنسان بما رأى، لما أنكرعليه كلامه ]] ، فهذا أمر طبيعي عند البشر .

لم تمض ليلتان أو ثلاث على إيمان الجن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - [[ أرجح الروايات تقول الليلة السابعة من رجوع النبي من الطائف ]] ، وكان يبيت في بيت أم هانئ

[[ بنت أبي طالب ، أخت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بنت عم النبي ]] ، وكان في الخمسين من العمر .
هناك روايات كثيرة تعددت : بعضها يقول : كان في حجر الكعبة ، والبعض قال : في بيته، ولكن أكثر الروايات في بيت أم هانئ ، نحن نأخذ جوهر الموضوع ، ليس مهما أين كان النبي ؟ المهم جاءه جبريل في منتصف الليل ، جاء جبريل وناداه ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - نائما فأيقظه جبريل من النوم، وسلم عليه، وقال له : يا محمد ، استعد للقاء الله ... للقاء الله !! كيف سيكون لقاء الله ؟!!! قال له جبريل : الله يدعوك لزيارته ،،، الله يدعوني لزيارته ؟! قال : نعم ، الله يدعوك لزيارته في السماوات .

نقف هنا عند موضوع مهم ، لنغسل أذهاننا من بعض الشوائب العالقة :
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أعلم الخلق بالله عزوجل ، ومن شرعه - صلى الله عليه وسلم - تعلمنا {{ أن الله عزوجل }}

لا يقالُ عنه متى كان ؟ولا أين كان ، ولا كيف ؟؟ لا يتقيدُ بالزمان ، ولا يتخصصُ بالمكان ، ولا يشغلهُ شأن عن شأن، ولا يلحقهُ وهمٌ ، ولا يكتَنِفُهُ عقلٌ، ولا يتخصَّصُ بالذهن، ولا يتمثلُ في النفس، ولا يتصور في الوهم ، ولا يتكيّفُ في العقلِ ، لا تلحقهُ الأوهام والأفكار {{ لَيْسَ كَمِثلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }} .

سؤال : لو قلنا لأي إنسان قم لزيارة ربك ، هل الله عزوجل يتخصص بمكان لأذهب لذلك المكان حتى أصل إليه ؟؟!! الله عزوجل معنا أينما كنا : {{ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }} إذن ؛ كيف يذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - للقاء الله ؟؟

الحديث ببساطة أن هذا الانتقال في رحلة الإسراء و المعراج هو كرامة لنبينا - صلى الله عليه وسلم – وبيان منزلته العظيمة عند الله .
فالله عزّ وجل - مقدس عن الجهات ، ولا يوصل إليه بالحركات

[[ يعني أية وسيلة مواصلات لا تنفع للوصول إلى الله، حتى البراق ]] ، ومن اعتقد أنه سبحانه وتعالى يوصل إليه بالخُطى [[ أي بالمشي والسفر ]] فقد وقع بالخَطأ ، فما حدث هو كرامة ومعجزة خاصة بالرسول – صلى الله عليه و سلم - حتى أنّ أهل السماء جميعهم ، مفتقرون إلى الله ، متشوقون لقربه ، وكل الأبواب مسدودة بينهم وبين الله ، إلا بابا واحدا، هو محمد رسول الله ،

لا ينظرون إلى موضع في السماء منذ أن خلقهم الله ، إلا وجدوا اسم الله مقرونا بمحمد ، {{ لا إله إلا الله ، محمد رسول الله }} قال تعالى : {{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }} .

صلوا ياملائكتي على محمد ، تصلكم أنواري ومعرفتي ، فالله يصلي عليه ، ويمده بالأنوار الإلهية ، وتستمد منه الخلائق - كل الخلائق - الأنوار المحمدية ، {{ إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ }} ، حتى الأنبياء مأمورون باتباعه - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يُخلق ، مأمورون هم و من تبعهم من قبل :

{{ وَإِذْ أخذ ٱللَّه مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّنَ لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍۢ وَحِكْمَةٍۢ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥ ۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأخذتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى ۖ قَالُوٓاْ أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأنا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّهِدِينَ }} .

{{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }} ،

كان الملأ الأعلى كلهم ، ينتظرون عروجه - صلى الله عليه وسلم - وكأنهم يقولون : نحن من العالمين ، فلا بد لنا من نصيب من تلك الرحمة ، فشرّف عالم الملكوت ، كما شرفت عالم الملك ، وشرف بقدميك قبة السماء ، كما شرفت بهما أديم البطحاء .

وقد أسري بالرسول – صلى الله عليه وسلّم – بالروح و الجسد ، وليس بالروح فقط كما تحدّثت بعض الروايات ، فهي معجزة خالدة ، وليس مناما.

لو أردت أن أذكر تفاصيل الإسراء والمعراج ، الضعيف منها والصحيح ، لذكرت أمورا كثيرة ... ولكن سأكتفي بما ورد بالصحيح منها في كلامي لأني لا أحب الجدال ، فنحن أصبحنا في زمن لا يجيد فيه بعضنا غير الجدال
_______

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-27-20 07:53 AM

هذا الحبيب « 85 »

السيرة النبوية العطرة (( الإسراء والمعراج ، الجزء الثاني ))
_________

قال جبريل : استعد للقاء الله ، فالله يدعوك ، لزيارته في السماوات،[[ وما أجملها من رسالة من الله لحبيبه محمد - صلى الله عليه وسلم -

أعز خلقه وأقربهم إليه ، إذا كانت الطائف وقريش أغلقت في وجهك أبوابها فها هو- الله عزوجل - يفتح لك أبواب السماوات السبع ، وإن لم يكونوا أعطوك نصراً ولم يحسنوا ضيافتك فالله رب العالمين يعطيك نصره هذه الليلة، وإذا كان أهل الطائف وأهل مكة ، لم يؤمنوا بك ولم يتّبعوك ،

فأنا سأجعل ملائكة السماوات السبع كلها ، والأنبياء والمرسلين من لدن آدم إلى عيسى، يُصلون خلفك في هذه الليلة ]] ، فكانت الإسراء والمعراج دعوة تكريم من الله لنبيه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم .

فقام النبي - صلى الله عليه وسلم – واغتسل ، ثم طلب منه جبريل أن يعتم بعمامة سوداء ، فلبس - صلى الله عليه وسلم - عمامة سوداء ، لها ذؤابتان [[ الذؤابة : طرف العمامة يرخيها على كتفه ، وقد دخل يوم فتح مكة - صلى الله عليه وسلم - وهو يلبسها ]] ، ثم مشى مع جبريل إلى الكعبة ، فطاف بها سبعة ، و صلى ركعتين ثم قدم له جبريل دابة اسمها {{ البراق } ،

يصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه قال : هو اسم دابة فوق الحمار ودون الفرس [[ يعني أكبر من الحمار بقليل، وأصغر من الحصان ، نسميه بغلا حجمه بحجم البغل ]] ، لونه أبيض ، فلما اقترب منه النبي بدأ البراق يتفلت ! [[ يعني مثل الدابة التي ترفض أن يركبها أحد ]] .

فقال له جبريل : أتصنع هذا بمحمد ؟ !!!

والذي نفسي بيده ما ركبك أحد أفضل من محمد .[[هنا نستفيد أن البراق كان مركوب الأنبياء، وجبريل يؤكد أن أكرم الأنبياء وأقربهم إلى الله هو محمد - صلى الله عليه وسلم - ]] ، فلما قال جبريل للبراق ذلك سكت البراق وأنصبّ عرقا ، [[حياء وخجلا من رسول الله ]] .
يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - البراق لأصحابه : إن له بين يديه وفخذيه جناحين يطير بهما ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، بمعنى [[ إن أبصر مسافة ٣٠ كيلو مثلا ، يكون حافره عند ال ٣٠ كيلو ]] .

ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - على البراق ، ثم ارتقى به في السماء بعد منتصف الليل، والدليل أنه بعد منتصف الليل قوله تعالى : {{سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً }} ، أسرى : [[ كانت تقول العرب إذا سافر الرجل بعد منتصف الليل سرى في الليل قبل طلوع الفجر ]] ، أما إذا سافر أول الليل ، [[ يقولون : أدلج أي، خرج في وقت العتمة ]] . . .

يتبع
_______


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-28-20 07:40 AM

هذا الحبيب « 86 »
السيرة النبوية العطرة ((الإسراء والمعراج ، الجزء الثالث))
________

قال تعالى :
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " لماذا سماه الله بالأقصى ؟

بيت المقدس بعيد عن الكعبة ، فسمي بالأقصى أي البعيد ، الأقصى يوجد له الأدنى الأقرب ، أي المسجد النبوي ، وهو يقع ما بين مكة والأقصى ، وهذه بشرى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وإن الله ناصره .

ثم انطلق به البراق، وسرى حتى إذا جاء بيت المقدس [[ الوقت ليل والإنارة لم تكن موجودة ، ودخلا ليلا .. الرسول لا يعرف من أين دخل ولا إلى أين سيصل ، جبريل هو دليله ]] .

هبط به إلى الصخرة المعروفة الآن {{ مسجد قبة الصخرة }} ، طبعا القبة لم تكن موجودة فوق الصخرة في ذلك الوقت ، فقط صخرة ، وكان فيها حلقة ؛ أي تفريغ بالصخرة . قال له جبريل : اربط البراق هنا فربطه ، ثم دخل بالنبي إلى المسجد فصلى ركعتين .

الروايات متعددة :
منهم من قال صلى ركعتين لوحده ، ثم عُرج به إلى السماء ؛ ولما نزل من السماء صلى بالأنبياء إماماً .

ومنهم من قال ، صلى بالأنبياء، ثم عُرج به إلى السماء
ولكن هناك حديث يرشدنا إلى الصواب من صحيح البخاري ومختصره في المعنى :

[[ كان كلما وصل إلى سماء استفتح ، ثم يُعرفه جبريل على كل نبي، في السماء الأولى يسأل النبي جبريل من هذا يا أخي جبريل ؟ هذا آدم يا محمد ، سلم عليه ، ويدعو له آدم . وفي السماء الثانية ابنيّ الخالة عيسى ويحيى ، وفي السماء الثالثة ، من هذا ؟.. هذا يوسف ... ]] ،

وهكذا كل سماء جبريل يُعرّف رسولنا الكريم على الأنبياء عليهم السلام .
هنا نطرح سؤالا :

هل من الصواب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالأنبياء في بيت المقدس ، ثم يُعرج به إلى السماء ؛ فيصبح لا يعرفهم ولا يتعرف عليهم ؟؟!!
فالربط الأصح بين اختلاف الروايات ، إن الصلاة حصلت مرتين ؛ أول ما وصل مع جبريل صلى ركعتين لوحده - صلى الله عليه وسلم - ثم عُرج به إلى السماء، وتعرف على الأنبياء، ثم هبط والأنبياء معه ، وصلى بهم ركعتين في المسجد الأقصى .

ثم قدم له جبريل الضيافة ، جاء له بطبق فيه كأسان؛ أحدهما من لبن [[ لبن يعني حليب اسمه عند العرب لبن ]] و الآخر من خمر ، فأخذ - صلى الله عليه وسلم - كأس اللبن وشرب، فقال له جبريل : هُديت إلى الفطرة ، وأخذتها لأمتك ، ثم عرج به - صلى الله عليه وسلم - إلى السموات السبع .


كيف عُرج به ؟؟

جهزه الله لهذا العروج ، لأنه سيجتاز مرحلة الجاذبية ؛ مرحلة اللاهواء التي يخاف منها ركاب الفضاء فيأخذون الأكسجين المخزن ، فكيف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - سيُعرج به إلى السماوات السبع كلها ؟؟

فأعدّه الله إعدادا ملائكيا يصلح لهذا الصعود ؛عرج - صلى الله عليه وسلم - السماوات السبع ، وبدأ بالسماء الدنيا ؛ والسماء الدنيا فيها الشمس والنجوم والكواكب والمجرات و الدليل قوله تعالى :

{{ إنا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ }} ، فكل هذه تقع في السماء الدنيا .

عرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما وصل للسماء الدنيا استأذن جبريل [[ وليس معنى استأذن أنه يطرق الباب !! ولكن السماوات محروسة بالملائكة ، ومهمتهم أن لا يدخل أحد منها إلا بإذن ، ذلك تقدير العزيز العليم ]] ،

فاستأذن جبريل ، قيل : من معك ؟

قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحبا به ، ونعم المجيء . . .

يتبع
___________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 10-28-20 07:42 AM

هذا الحبيب « 87 »
السيرة النبوية العطرة (( الإسراء والمعراج ، الجزء الرابع ))
________

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
فوجدت في السماء الأولى رجلا ينظر عن يمينه فيجد سوادا عظيما ،

[[ سواد بمعنى ناس ، لأن الشعر لونه أسود ، فعندما تنظر لعدد كبير من الناس ، ترى سوادا ]]، ينظر الرجل عن يمينه فيرى سوادا عظيما، فيضحك وينظر عن يساره ، فيرى سوادا عظيما ، فيبكي ! قلت ما هذا يا جبريل ؟!

قال : هذا أبوك آدم، ينظر إلى أبنائه من أهل الجنة فيضحك، وينظر إلى أبنائه من أهل النار فيبكي ... لماذا يضحك ولماذا يبكي ؟ لأنهم أبناؤه، هناك من أبنائه من استفاد من تجربته ودخل الجنة، وهناك من أبنائه من لم يستفد من تجربته وأصبح من أبناء النار، فقصة آدم عليه السلام كانت درسا لكل البشرية ، فيسلم النبي – صل ى الله عليه وسلم - على آدم عليه السلام ، فيقول له آدم : مرحبا بالابن الصالح، والنبي الصالح، والأخ الصالح .

وفي السماء الثانية عيسى ويحيى، ابنا الخالة ، وفي الثالثة يوسف عليه السلام، وفي الرابعة ادريس ، وفي الخامسة هارون ، وفي السادسة موسى ، وفي السابعة والأخيرة إبراهيم ،على نبينا وعليهم جميعاً الصلاة والسلام .
ورأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم مسندًا ظهره إلى البيت المعمور : وهو بيت فوق الكعبة مباشرة في السماء السابعة ، يتعبد فيه أهل السماء .
وهكذا التقى - صلى الله عليه وسلم - بأنبياء الله إلى أن ارتقى السبع الطباق - صلى الله عليه وسلم - ووصل إلى مكان هو سدرة المنتهى ، فإذا بجبريل تتغير هيئته ، ويأخذ صورته الملائكية !

بدليل قوله تعالى : {{ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ * لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ }} .

هذه المرة الثانية التي يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل على صورته الملائكية ، أتذكرون متى كانت المرة الأولى ؟؟

[[ ذكرناها عند نزول الوحي، عندما جاء جبريل إلى النبي في غار حراء ... اقرأ ما أنا بقارئ ... جاء إليه بصورة بشر ، ثم انقطع عنه الوحي ليشتد شوق النبي إليه، وبعد ٤٠ يوما جاءه جبريل مرة أخرى وهو صاعد إلى جبل حراء على صورته الملائكية ، فسد له الأفق ، فارتعد النبي وارتعب ، وجثا على ركبتيه من هيبة شكل جبريل ]] .

يتبع إن شاء الله . . .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-02-20 08:31 AM

هذا الحبيب « 88 »

السيرة النبوية العطرة (( الأعمال التي تصلي الملائكة على صاحبها ))
________
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، في جزء اليوم من السيرة النبوية العطرة، نتوقف قليلا عن رحلة الإسراء و المعراج ، و نقف عند أعمال إذا قمنا بها ؛ فإنّ الملائكة تصلي علينا ، أي بمعنى

[[ الدعاء للناس، والاستغفار لهم ]] ، و دعاء الملائكة للمؤمنين ثابت شرعا ، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: " الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ " .
و إليكم نماذج من الأعمال التي تصلي الملائكة على صاحبها:

أ ـ معلّم الناس الخير: روى الترمذي في سننه عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير.

ب ـ الذين ينتظرون صلاة الجماعة: في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه، تقول: اللهمّ اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث.
ج ـ الذين يصلون في الصف الأول : في سنن أبي داود عن البراء بن عازب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول.

دـ الذين يسدّون الفرج بين الصفوف: في سنن ابن ماجه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ومن سدّ فرجة رفعه الله بها درجة.

هـ ـ الذين يتسحرون : في صحيح ابن حبان ومعجم الطبراني الأوسط بإسناد حسن، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين.

وـ الذين يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم : روى أحمد في مسنده، والضياء في المختارة عن عامر بن ربيعة بإسناد حسن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد يصلي عليّ إلا صلتْ عليه الملائكة، ما دام يصلي عليّ، فليقلّ العبد من ذلك أو ليكثر.

زـ الذين يعودون المرضى : روى أبو داود عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما من رجل يعود مريضاً ممسياً، إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنّة، ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك، يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة.

اللهم صلّ وسلّم وبارك على أسعد مخلوقاتك سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه و سلّم .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-02-20 08:32 AM

هذا الحبيب « 89 »
السيرة النبوية العطرة (( سدرة المنتهى ))
________

قال الله تعالى :
( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى * سورة النجم

* جاء في تفسير قوله تعالى : ( إذ يغشى السدرة ما يغشى )
{{ في حديث أبي ذر عند الإمام البخاري : فغشيها ألوان لا أدري ما هي .. وفي حديث أبي سعيد وابن عباس : يغشاها الملائكة ... وفي رواية مسلم : فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها }} .

* وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج المشهور : " ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى .. " رواه البخاري .

نبقها [[ النبق معروف وهو ثمر السدر]] .
قِلال [[ هي الجِرار ، يريد أن ثمرها في الكبر مثل القلال ، وكانت معروفة عند المخاطبين، فلذلك وقع التمثيل بها ]] .
هجر " [[ اسم بلدة ]] .

ورقها مثل آذان الفيلة [[ في الضّخامة مثل آذان الفيلة ]] .
* وقيل في سبب تسميتها سدرة المنتهى :

- جاء في حديث ابن مسعود في صحيح الإمام مسلم : " وإليها ينتهي ما يعرج من الأرض فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يهبط فيقبض منها " .
وقال النووي سميت سدرة المنتهى، لأن علم الملائكة ينتهي إليها ، ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .وهي الشجرة التي ينتهي إليها علم كل نبي مرسل ، وما خلفها غيب لا يعلمه إلا الله ، وقيل إليها منتهى أرواح الشهداء . و الله أعلم .
وهي ليست شجرة السدر الموجودة على الأرض ، كما يقول البعض .


* وكما جاء في الحديث السابق : " فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها " ما معنى لا تُنعت "لا توصف" ؟

نحن نسمع عن أشياء كثيرة لا توصف ، الروح من أمر ربي لا نعلم عنها شيئا، ولكن الذي نعلمه أنها [[ مستودع الأسرار ]]، و الجسد هو ذلك الجسم الذي يحتوي على القلب والعقل والحواس ؛ العقل له قدرات محدودة ، فهو ينقل ما عنده إلى القلب الذي يستقبل ما لا يستوعبه العقل ، ويسمو الإنسان بروحه وقلبه إلى ما هو أبعد من قدرات العقل التي نعرفها ، لذلك نرى بقلوبنا ما لا يستطيع العقل استيعابه ، وقد جاء في الحديث بما معناه:

{{ إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم ، من تركها من مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه }} ، يجد حلاوته في قلبه

[[ هل رأيتم علما وجدانيا لا يُعرف إلا بالقلب ؟ و لا يذوق لذة حلاوته إلا القلب ؟

]] فالقلب يعقل ويبصر ، لذلك يقال : لا تجادلني بشيء أراه بقلبي ، وتراه بعينك . هذا ببساطة معنى أن سدرة المنتهى لا يستطيع أن يصفها أحد من حسنها .
___________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-02-20 08:33 AM

هذا الحبيب « 90 »
السيرة النبوية العطرة (( ماذا رأى- صلى الله عليه وسلّم - في المعراج ؟؟ ))
________

يقول - صلى الله عليه وسلم - :

ثم دنوت فسمعت صريف الأقلام ، يعني" صوتها " [[ أقلام تكتب مقادير الخلق : كم سنة يعيش ، رزقه ، كم قطرة ماء تدخل جوفه ، كم نبضة لقلبه طوال حياته ... الخ ]] .

جاء في نص صحيح البخاري عن السيدة عائشة أم المؤمنين

- رضي الله عنها - أنها قالت : من حدثك أن محمدا قد رأى ربه، فقد أعظم الفرية ( الكذب ) على الله ، ثم تلت قوله تعالى : {{ لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } ، فالله جهز النبي وهيأه تلك الليلة لرؤيته،كما يريد الله ،وكما يليق بكماله سبحانه وتعالى ، {{ لا رؤية إحاطة أو جزء، أو كرؤية العين الطبيعية للأشياء }} ولكن كيف ؟؟ الله أعلم .

لذلك رؤية أهل الجنة لله ليست مستحيلة ، ولو كانت مستحيلة ما ذكرها الله، قال تعالى : {{ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }} ، كيف ناظرة إلى الله ؟؟ الله أعلم . ويوضح لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك قائلا :{{ إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون فيه }} أي، لا تزدحمون فيه ؛ فالناس يرون قمرا واحدا وهم في أماكن مختلفة دون ازدحام ، ولكن كيف سنرى الله -عز وجل - يوم القيامة ؟ الله أعلم .

و أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى الجنة والنار، ورأى أقواماً يعذبون وأقواماً ينعمون - مع أنّ الساعة لم تقم - والله أعلم بكيفية ذلك ، لأن أمور الغيب لا يدركها الحس فمثل هذه الأمور إذا جاءت يجب علينا أن نؤمن بها كما جاءت وأن لا نتعرض لطلب الكيفية.

وشاهد ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ الجنة ونعيمها، ورأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رحلته المباركة الكوثر، وهو نهرٌ خصه الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إكرامًا له، فعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:

بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت ما هذا يا جبريل، قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينه أو طيبه مسك أذفر.
في المقابل، وقف على بعض أحوال الذين يعذّبون في نار جهنم، ومنهم الذين يقعون في الغيبة ويخوضون في أعراض المسلمين، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:

" لما عُرِجَ بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. "

ورأى أقوامًا تقطَّع ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من نار، فقال له جبريل - عليه السلام : هؤلاء خطباء أمتك من أهل الدنيا، كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب، أفلا يعقلون؟

إن رحلة الإسراء والمعراج لم تكن مجرد حادث عادي، بل كانت معجزة من معجزات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورحلة لم يسبق لبشر أن قام بها، وقد أظهرت فضل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتكريم الله ـ عز وجل ـ له، وأن الإسلام دين الفطرة، و بيّنت أهمية الصلاة في الإسلام، وأهمية المسجد الأقصى بالنسبة للمسلمين .


اللهم متّع أبصارنا بالنظر إليك في جنّات النّعيم .

يتبع . . .

عطاء دائم 11-03-20 08:10 AM

هذا الحبيب « 91 »
السيرة النبوية العطرة (( فرض الصلاة ))
________
يقول - صلى الله عليه وسلم - ثم دعيت ، أدنُ يا محمد، فدنوت.

[[ ماذا جرى من الكلام ؟ لم يصفه النبي ، ولكن خلاصته أن الله عزوجل فرض عليه الصلوات الخمس ]].

وجاء في البخاري أن الله فرض الصلاة خمسين صلاة في اليوم والليلة ، فلما هبط - صلى الله عليه وسلم - للسماء السادسة ، وكان فيها نبي الله موسى - عليه السلام - قال له موسى :

ماذا فرض ربك عليك وعلى أمتك ؟ قال له : خمسين صلاة في اليوم والليلة . فقال له موسى : أمتك لا تطيق ، وإني قد جربت بني إسرائيل من قبل ، فارجع إلى ربك واسأله التخفيف .

[[ ارجع إلى ربك معناها : استرجاع الأمر لله بالدعاء والمناجاة وهو واقف أمام نبي الله موسى ؛ وليس أنه رجع وعرج للسماء السابعة، ثم لسدرة المنتهى ، ثم هبط من سدرة المنتهى للسماء السابعة للسماء السادسة ]] .

فناجى - صلى الله عليه وسلم - ربه بالدعاء وسأله التخفيف فأوحى الله إليه أني قد حططت عنك عشرا ، فرجع القول لموسى [[ أي رد الأمر لموسى قال : قد حط ربي عني عشرا ]] . فقال له موسى عليه السلام : أمتك لا تطيق ، فاسأله التخفيف . فمازال يحط عنه عشرا ثم عشرا وهكذا حتى كانت العشرة الأخيرة من الخمسين .
فرجع إلى الله يسأله التخفيف ، فحط الله عنه خمسا ،

[[ فأدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - بأدبه وفهمه عن الله، أن الله يريد أن تبقى خمسا ، فإذا سأله الآن فماذا يسقط من العشرة ؟؟ ]].

فلما رد الأمر إلى سيدنا موسى -عليه السلام - قال : قد أسقط الله عني خمسا وبقي خمسا . فقال له موسى : أمتك لا تطيق ، اسأله التخفيف ، فقال له - صلى الله عليه وسلم - : لقد استحييت يا أخي من ربي ، ولقد راجعته كثيراً ، رضيت بما فرض عليّ ربي ، فنودي : {{ أن قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي و أجزي بالحسنة عشرة أمثالها }} .

هل عرفتم قيمة الصلاة ؟

لم يفرضها الله في الأرض ، فرضها في السماء لشدة أهميتها . نحن نصلي خمس فرائض في اليوم والليلة ، والملائكة تسجل لنا في صحيفة أعمالنا خمسين صلاة كما فُرضت .
قال تعالى : {{ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أنا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }} .


وهل لاحظتم ، كيف أنّ سيدنا موسى يريد لنا أقل من خمس صلوات !! خمس صلوات ويراها البعض كثيرة و صعبة عليه ؛ فكيف لو كانت خمسين صلاة ؟!! [[ ليش ما بتصلي يا فلان ؟

والله كسل . وهذه الصورة نراها في بعض الأمّة اليوم ؛ لا يطيقون خمس صلوات في اليوم والليلة ، والبعض يحافظ على الصلاة يوم الجمعة فقط ، وباقي الأيام : يا أخي الشغل ماخذ وقتنا .. طيب بيصير أجمع تقديم وتأخير بحكم الوظيفة ؟ بحكم الانشغال ؟ .. . ليش ما بتصلي ؟ والله بصلي وبقطّع !!!! ]].

اللهم اهدهم و اجعلهم من المحافظين على الصلاة .
فلما فرض الله على نبيه الصلاة ، هبط النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان معه جميع الأنبياء الذين قابلهم في السماء ، ونزل - صلى الله عليه وسلم - إلى صخرة بيت المقدس ، ثم نادى جبريل للصلاة

[[ ليست صلاة الفجر لم تكن محددة أوقات الصلاة بعد .. يأتي ذكرها فيما بعد .. كانت ركعتين شكرا لله تعالى ، صلاها الأنبياء مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليكون إمامهم ]] .
نادى جبريل للصلاة ، فاصطف الأنبياء ، و تقدم جبريل ، وأخذ بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقدمه للإمامة ، فصلى بهم ركعتين في بيت المقدس - صلى الله عليه وسلم - {{ إمام الأنبياء والمرسلين}} .

ما معنى إمامته بالأنبياء جميعاً ؟

هو تشريف وتقديم له عليهم جميعا - صلى الله عليه وسلم - و إعلان بأن الدين عند الله واحد .
فدين جميع الأنبياء هو الإسلام ، ولكن تعددت الشرائع حسب طبع البشر في كل زمن ، قال تعالى : {{ إنّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ }} .

وقال تعالى : {{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}} .
وهنا تجدر الإشارة إلى أن أعداء الإسلام حرّفوا الكتب السماوية بما يتفق مع أهوائهم ، وبقي فقط القرآن الكريم و ما يحمله من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ؛

فالحذر الحذر من أعداء الإسلام و ما يحملونه من تعاليم دينية زائفة ؛ أغرقوا بها مجتمعاتنا ، وغيّروا بها عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة التي توافق ديننا ، و أفسدوا بها أخلاق هذا الجيل ، وللأسف لهم أتباع كثيرون بحجّة أنّ الدين واحد !!!


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-05-20 07:39 AM

هذا الحبيب « 92 »

السيرة النبوية العطرة (( المسجد الأقصى ))
________
بعد صلاته - صلى الله عليه وسلم - بالأنبياء عليهم السلام ودّعهم ، ثم أخذ بيديه جبريل وقدم إليه البراق ، ثم عاد من بيت المقدس إلى المسجد الحرام قبل أن يطلع الفجر .
لماذا يُسرى بالنبي من

{{ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى }} ثم يعرج به إلى السماء ؟ لماذا لم يعرج به ، من عند الكعبة مباشرة إلى السماء ؟
حتى نعرف ، أن سر حادثة الإسراء تقول لكم : يا أمة الإسلام التي هي خير الأمم ، وبكم تختم الأمم ، فأنتم خير أمة أخرجت للناس ، وأنتم أحب الأمم إلى الله عزوجل منذ أن خلق الله هذا الكون ، وبما أنه بكم سيُختم هذا العالم فالجولة الأخيرة ستكون {{ بينكم ..... وبين »»» المغضوب عليهم اليهود }} ،

فكلّنا يعلم أنّ الصراع الآن مع اليهود على بيت المقدس .
عندما ذكر الله الإسراء قال تعالى :

{{ سبحان الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إنهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚإنه كان عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأرض مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا }} هل رأيتم سر الله في ذلك ؟

[[ لما ذكر الإسراء ربنا عطف الحديث مباشرة على موسى وبني إسرائيل ، وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا ]]
هنا رابط الوصل : صراع طويل سيكون بين أمة الحق خير أمة على وجه الأرض .... وبين أطغى أمة - المغضوب عليهم اليهود - وللباطل جولات وجولات ، ولكن في آخر جولة لهم سيُضربون ضربة واحدة ، تنسفهم نسفا {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإذا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } .

فهل عرف المسلمون قيمة المسجد الأقصى ؟؟ إنّ حقه في عنق كل مؤمن ، بغض النظر عن جنسيته ، ُيسأل عنه يوم القيامة ، فالمسجد الأقصى لكل المسلمين ، ليس لأهل فلسطين كما يقول البعض .
وعندما نذكر المسجد الاقصى ، علينا أن نذكر فضائله وما هي المسميات التي أُطلقت عليه ، ونُعلّم أبناءنا تلك الفضائل ، الصغير منهم قبل الكبير . فقد ورد في كتاب {{ سبل الهدى والرشاد }} ل محمد بن يوسف الصالحي أكثر من عشرين اسما لبيت المقدس ، وكلّها فضائل لبيت المقدس ومنها :

{{ المسجد الأقصى }} : لأنه ثاني مسجد بُني بعد المسجد الحرام ، ولبعده عنه وليس بينهم مسجد سمي بالأقصى ، إشارة لطيفة سيكون بين {{ المسجدين مسجد أدنى وهو المسجد النبوي }}. يعني مجرد ذكر اسمه فيه بشارة .

{{ بيت المقدس }} ، {{ القدس }} : لأن الله قال : " باركنا حوله " ولأنه مبارك أصبح مقدسا ، وهو بيت الأنبياء ؛ فأكثر الأنبياء - عليهم السلام - من بيت المقدس وفيه دفنوا .

[[ ولا يعني بيت المقدس داخل السور ، لا ... فبيت المقدس وما بورك حوله يشمل أيضا أرض الشام على أغلب الروايات ]] .

{{ ثالث الحرمين }} : قال - صلى الله عليه وسلم - :

{{ لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى }} رواه الشيخان . يعني أحد المساجد الثلاث التي تشد لها الرحال ، تنوي في السفر أنك تريد أن تصلي في ذلك المسجد ، ولا يجوز لك أن تنوي سفر الصلاة في أي مسجد إلا هذه المساجد الثلاث {{المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى }}

[[ مادام تُشد له الرحال فله ميزة وفضل مضاعفة الصلاة فيه ]]

الصلاة في بيت المقدس قيل إنها تعادل {{ 500 صلاة }} كما رُوي في بعض الحديث. ففي أي مكان تُصلى الفريضة بفريضة ، وإذا كانت مع جماعة ٢٧ درجة ، ولكن صلاة في المسجد الأقصى ، تسجل لك أجر {{ ٥٠٠ صلاة }}

كأنك صليت ٥٠٠ فرض ، وإذا صليت بالأقصى جماعة تضرب {{ ٥٠٠ × ٢٧ = ١٣،٥٠٠ }} ، و الله يضاعف لمن يشاء .
{{ مدينة السلام }} : لأن الله عزوجل جعل فيه الأنبياء ، والسلام من الملائكة عليهم هابط ، وصاعد فهو مدينة السلام .
{{ قبلة الأنبياء }} : كل الأنبياء كانت قبلتهم إليه ، ونبينا كان يتوجه إليه قبل أن تتغير القبلة إلى الكعبة بنص قرآني .

[[ كان يستقبل بصلاته المسجد الأقصى مدة {{ ١٦ شهرا }} ، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ]] .
{{ أرض المحشر }} : حيث يقف إسرافيل وينفخ بالبوق ، فتخرج الناس من أجداثها للقاء الله ، يكون نقطة تجمع الناس في بيت المقدس ، والناس تنتشر فسمي أرض المحشر .

{{ موطن الحق }} : يقول - صلى الله عليه وسلم - : {{ لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ... }}
[[ وفي رواية عند أصحاب السنن فيها زيادة ]] أنهم سألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أين هم يا رسول الله ؟؟

قال : في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس .. لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-09-20 08:08 AM

هذا الحبيب « 93 »
السيرة النبوية العطرة (( استقبال قريش خبر الإسراء والمعراج ))
________
رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته الذي خرج منه - بيت أم هانئ- قالت أم هانئ : فقدتك في الليل فلم أجدك !!

[[ لأنهم كانوا يخافون عليه ، وقد اشتد أذى قريش له ]] . فقدتك فلم أجدك أين كنت ؟ قال : يا أم هانئ ، لقد أسري بي الليلة ، إلى بيت المقدس وعُرج بي إلى السماء ، واجتمعت بالأنبياء جميعهم ، وفرض الله علي وعلى أمتي خمس صلوات في اليوم والليلة ، وها أنا قد عدت إليكم .

فأمسكت به رغبة ورهبة [[ رغبة محبة بالبشرى التي يحملها ولايتحملها عقل ، ورهبة خوفا من قريش أن يكذبوه فإنّ العقل لا يتحمل ذلك ]] ، قالت : بأبي وأمي أنت ؛ أمحدث قومك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : لا تفعل فإنّهم مكذبوك . فقال : والله سأحدثهم ولو كذبوني .
وهذا درس لجميع الدعاة ،أن يبلغوا أمانة الله إن رضي الناس عنهم أو غضبوا. يقول - صلى الله عليه وسلم - {{ ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس }} .

فجلس - صلى الله عليه وسلم - في داره حتى أشرقت الشمس ، ثم ذهب إلى الكعبة وجلس في حجرها ، وكان مسروراً لما جرى له من تكريم الله له ، كان جالسا ... وبدأت قريش تستيقظ من نومها ، وسبحان من ساق إليه فرعون هذه الأمّة !! أبو جهل كان أول واحد يقابل النبي قبل غيره ، مر به ورآه جالساً ، فقال : ها يا محمد ، هل من جديد ؟

[[ يعني في شيء جديد عندك ؛ يعني يسأل باستهزاء ]] ؟؟ قال : نعم . فقال أبو جهل : هاتِ ما عندك . فقال له – صلى الله عليه وسلم : لقد أسري بي الليلة إلى بيت المقدس ، واجتمعت بالأنبياء، وصليت بهم .

قال أبو جهل : الليلة ؟! قال له : نعم . قال أبو جهل : وعدت إلينا قبل أن يطلع النهار ؟!! قال : نعم . فذُهل أبو جهل ، " وخاف إن هو فارق النبي كي يُحدث الناس بما يقول ، أن يرجع إلى النبي فيرجع النبي عن أقواله ، فيُكذب أبو جهل ، فلم يحرك قدميه من مكانهما " وبقي واقفا مكانه أمام النبي قائلا: يا محمد، و إن اجتمع عليك قومك ؛ هل تحدثهم بما حدثتني ؟

قال : نعم . فصاح أبو جهل بأعلى صوته : يا آل بني لؤي .. يا آل بني كعب .. يا آل بني فهر ... نادى لكل قريش ]] . فهُرع الناس وأخذوا يجتمعون .

قالوا : ويحك ماذا بك يا أبا الحكم ؟ ! قال : اسمعوا محمدا ماذا يقول ؟!! فحدثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بما قال لأبي جهل، فقاطعه أبو جهل ، و قاطعه الناس قائلين:عدت إلى مكة قبل أن يطلع النهار!!؟ قال : نعم ... يقول الصحابة [[ حيث كانوا واقفين بين الناس ]]

يقول الصحابة : ف راع قريشا الخبر ، فهم بين مصفق ومصفر وواضع يده على رأسه [[ وهذه من عادة العرب، من كبر المسألة يضع يده على رأسه، يعني وااااال ]] ،وبين واضع يده على خاصرته، أي انصدموا وهنا أسرع أبو جهل ، يبحث عن أبي بكر الصديق لكي يخبره ، ماذا يقول صاحبه محمد .
أسرع أبو جهل يبحث عن أبي بكر الصديق ، حتى إذا لقيه قال : يا أبا بكر، أبلغك ما يقول صاحبك اليوم ؟؟

قال : ماذا يقول ؟ قال : يزعم أنه قد أتى بيت المقدس الليلة! ورجع في جزء من الليل قبل أن يطلع النهار! [[ انظروا إلى جمال و فصاحة أبي بكر ، الكيّس الفّطن الذي ترجم بأعماله وأقواله تعاليم الدين ، قبل أن يتعلمها ، ترجم الإيمان قبل العلم به قبل أن تنزل الآية من القرآن

{{ يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا }} ، وأبو جهل أكثر من فاسق ، وجاء بخبر لا يقبله العقل وليست العاطفة التي سوف تحكم أبا بكر . أبو بكر أراد أن يستوثق ، من كلام أبي جهل حتى لا يجعل الدين ألعوبة :[[ يحكيله اه صدق وبعد شوي يطلع أبو جهل كذاب ]] !! فماذا قال أبو بكر ؟؟

أحدثك رسول الله بهذا ؟
[[ أريتم سؤاله ؟؟

لم يتسرّع في الإجابة ، هكذا المسلم الفطن ، وهكذا قال الصحابة .. أوتينا الإيمان قبل القرآن .. القرآن لم ينزل كاملا بعد ، وهناك كثير من الفرائض لم تفرض بعد .. ولكن إيمان الصحابة كامل ، ونحن في زماننا : جدال و مناكفات ، نختم برمضان القرآن ٤ مرات و٦ و١٢ مرة ونتسابق ، و نعمل جوائز !! ولا نفهم من آياته إلا القليل القليل ]] ، أبو بكر ترجم الإيمان قبل العلم ، قال : أحدثك رسول الله بهذا ؟ قال : نعم . وهو الآن عند قومك يحدثهم هذا الحديث . فقال أبو بكر الصديق :
{{ إن كان رسول الله قد قاله ، فقد صدق ، فإنّي أصدقه بما هو أبعد من ذلك ، أصدقه بخبر السماء يأتي في غداوة أو رواحة }}

ومضى أبو بكر حتى جاء الكعبة ، وقد تجمع الناس حول الرسول - صلى الله عليه وسلم - واخترق جموع الناس متقدماً إلى النبي وقد ، استوثق من الخبر ، وأصبحت المسألة عنده يقيناً ، تقدم إلى النبي ولم يسأله ، تقدم أبو بكر من غير أن يتكلم بكلمة واحدة ،وأمسك برأس النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبّله أمام هذه الجموع كلها، وصافحه ، وصاح أمام الجموع وهو مبتسم : هنيئا لك رحلتك المباركة يا رسول الله .

{{ فسمي الصديق من ذلك اليوم }} ،ومنه نتعلم أيضا الإيمان بالغيب طالما صحّ فيه خبر، رضي الله عنك وأرضاك يا حبيبنا يا أبا بكر، ما أروعك ! وما أعظم موقفك !
بعد ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قريشا برحلة الإسراء ، طلبوا منه أن يصف لهم المسجد الأقصى ، ووافق وصفه للمسجد ، ثم طلبوا منه أن يخبرهم عن قافلتهم القادمة من الشام ، فوافق كلامه عن القافلة كل الوصف ، فما كان من أبي جهل إلا أن قال : أشهد يا محمد أنك ساحر!!!

[[ وهذه صفة الكفار دائما : التكذيب للعقيدة و السخرية منها ]] !!!
انظروا كم عانى الرسول – صلى الله عليه وسلم – من الكفار !!
__________________

( اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )

عطاء دائم 11-09-20 08:10 AM

هذا الحبيب « 94 »

السيرة النبوية العطرة (( تحديد أوقات الصلاة ))
___________

فرضت الصلاة ؛ ولكن لم تُحدد كم ركعة ، ولم تُحدد أوقاتها في اليوم الثاني، جاءه جبريل عليه السلام عندما زالت الشمس عن كبد السماء قليلا ،[[ عندما تصبح الشمس في وسط السماء يسمى وقت الاستواء ، ويكون لا ظل لشيء على الأرض ، ظل كل شيء تحته لأن الشمس عامودية ]] .

قال : يا محمد قم فصلّ ، فتوضأ النبي - صلى الله عليه وسلم -وصلى به جبريل إماما [[ للتعليم ]] ، وعلمه أن هذا الوقت وقت الظهر، وهو أربع ركعات ثم مضى . حتى إذا أصبح ظل كل شيء مثله جاء جبريل ، وقال له : قم فصلّ ، فصلى به أربع ركعات وقال له : هذا وقت العصر أربع ركعات، ثم مضى .

حتى إذا سقط قرص الشمس [[ أي وقت الغروب ]] ، فجاء إليه جبريل ، وقال له : قم فصلّ يا محمد ، وصلى به ثلاث ركعات ، وقال له جبريل : هذا وقت المغرب يا محمد ، ثم ذهب. حتى إذا غاب الشفق وبدأت العتمة ،جاء فصلى به العشاء أربع ركعات، ثم مضى 0حتى إذا كان الفجر ، جاءه جبريل ، وأيقظه قائلا: قم فصلّ ، فصلى به الفجر ركعتين ، ثم ذهب .

في اليوم الثاني لم يأت جبريل ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم ينتظره وقت الظهر ، وقبل العصر جاء جبريل ، فصلى به الظهر [[ لكي يعلمه ، كم معك مدة من الوقت لكل صلاة ]]

ثم ذهب حتى كادت الشمس أن تسقط قبل الغروب بقليل ( وقت الاصفرار) جاءه فقال له : قم فصلّ وصلى به العصر ، فلما غابت الشمس تماماً ،جاء فصلى به المغرب [[ وعلمه أن المغرب وقته واحد ]] ،

ثم ذهب حتى مضى ثلث الليل الأول ، وقارب على النصف ، جاءه وصلى به العشاء ثم ذهب . حتى إذا كان الفجر، لم يأت جبريل حتى أسفر الضوء ، وأصبح الرجل يقول للرجل أصبحت .. أصبحت ، ولكن قبل شروق الشمس

[[ يسمى الإسفار لأن النور قد أسفر عن الظلمة وصار الشخص يعرف ما يرى ]]، فجاء وصلى به الفجر، وقال جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم -

يا محمد : {{ هذا وقتك ووقت أمتك وبين الوقتين لك وقت }}
فتعلم الصحابة أوقات الصلاة دون الحاجة إلى ساعة التوقيت .
أما اليوم لا داعي لمعرفة {{ الظل والقياس }}، الوقت إذا رفع الأذان ، ومالم يأت الأذان الثاني، معك وقت .
__________________

( اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )

عطاء دائم 11-12-20 08:01 AM

هذا الحبيب « 95 »
السيرة النبوية العطرة (( مفاوضات مع القبائل و قرار الهجرة جزء1 ))
________

نظرة عامة لوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - الآن في مكة
قلنا إنّ العام {{ العاشر }} من البعثة أطلق عليه عام الحزن [[ تخيلوا عشرة أعوام و في كل يوم منها استهزاء بدعوته وأذى في الطريق،في السوق ،عند الكعبة ، وتعب نفسي ، وحصار ....الخ ]] .

في هذا العام فقد النبي - صلى الله عليه وسلم - عمه {{ أبا طالب }} الذي كان يوفر له الحماية من بطش قريش و زوجته {{ السيدة خديجة - رضي الله عنها - }} التي كان يأوي إليها .

اشتد جداً ايذاء قريش للرسول - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين ، حتى قال : {{ ما نالت منى قريش شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب }} .
لا أحد من أهل مكة يريد أن يدخل في الإسلام ، ومن يدخل في الاسلام يكتم إيمانه خوفاً من بطش قريش .

استطاعت قريش ، تشويه صورة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة وخارج مكة ، فإذا جاء أحد من خارج مكة ،كانت قريش تحذره من الرسول
وتقول : هناك رجل ساحر اسمه {{ محمد بن عبد الله }} إذا سمعت كلامه يسحرك ، ويفرق بينك وبين قومك ، وبين أبيك وأمك وزوجتك .
حتى وصل الأمر أنه كان إذا أراد الرجل أن يسافر إلى مكة من أي مكان في الجزيرة ، يحذره قومه من النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون له : {{ احذر غلام قريش لا يفتننك }} .

أصبح الوضع في مكة صعبا جداً ، وضاق الأمر !!

في هذا الوقت بدء النبي - صلى الله عليه وسلم - يفكر في الهجرة من مكة
يجب أن يترك مكة ، هو ومن معه من المسلمين ، ويذهبون إلى مدينة أخرى تكون مركزا للدعوة إلى الله ، فالرسول يريد أن يبلغ الإسلام ليس لأهل مكة فقط ، بل {{ للناس كافة }}

مهمة ليست بالسهلة أبداً أبداً أبدا ، فقرر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعرض الإسلام ، على رؤساء القبائل خارج مكة في موسم الحج والمواسم التجارية ، بالرغم من كل ما سيتعرض له من إيذاء قريش ، وكانت كل قبائل العرب تأتي إلى مكة في موسم الحج ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتهز هذه الفرصة في عرض الإسلام على تلك القبائل .

وكانت هناك أسواق معروفة للعرب ثابتة ، يأتيها كل العرب من كل أنحاء الجزيرة العربية ، وفيها سلع مختلفة ، فكان - صلى الله عليه وسلم - يذهب أيضا إلى هذه الأسواق حتى يلتقي بالعرب من كل أنحاء الجزيرة . كان يقف في الأسواق يقول : هل من رجل يحملني إلى قومه فيمنعني حتى أبلغ رسالة ربي، فإنّ قريشاً قد منعوني أن أبلغ رسالة ربي ؟ وكان طلبه من هذه القبائل واضحا وهو {{ الإيواء ، والنصرة ، حتى يبلغ كلام الله }} .

وفي يوم من الأيام وقف - صلى الله عليه وسلم - وقال :{{ يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا }} ،فمنهم من تفل في وجهه ، ومنهم من حثا عليه التراب ،ومنهم من سبه ، حتى انتصف النهار فأقبلت ابنته زينب - رضي الله عنها وأرضاها - ومعها الماء ، فغسل وجهه ويديه ، وهو ينظر إلى الدمعة في عينيها من حزنها على أبيها - صلى الله عليه وسلم - قال : يا بنية {{ لا تخشي على أبيك غلبة ولا ذلة }} يصبرها ، فالأب لا يتحمل دمعة من ابنته ، صلى الله عليك يا حبيبي يا رسول الله .

[[ هذا حبيب الله يا أمة محمد ، يا من تتباكون عند أول بلاء ، انظروا كم تحمل - صلى الله عليه وسلم - !!! من يتحمل من الخلق كلهم ما تحمله حبيب القلوب وحبيب الله - صلى الله عليه وسلم - ؟؟؟ والبعض يقول :

" يا رب ايش عاملك أنا حتى تعمل معي هيك " ؟؟ ]]

حرب إعلامية في كل الجزيرة العربية ضد الرسول – صلى الله عليه وسلم - ورفضت القبائل دعوته رفضا عنيفا يصل إلى السب والبصق ، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم – أحيانا يسافر لمقابلة بعض القبائل في أماكنها خارج مكة سرا في الليل، كما فعل مع الطائف . ومن القبائل التي ذهب اليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبائل {{ كلب وبني حنيفة وبني عامر وغيرهم }} ،حتى إن المفاوضات مع قبيلة {{ بني عامر وهي من أكبر خمس قبائل في الجزيرة}}

كانت ستنجح ، فقد عرض عليهم الإسلام ، فقال رجل منهم اسمه {{ بيحرة بن فراس }} وقد أُعجب بكلامه : والله لو أني أخذت هذا الفتى لأكلت به العرب [[ يعني لو تكفلته ، لانتصرت على جميع العرب]] ، ثم نظر للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك ، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟؟

[[ يعني إذا بايعناك وأصبحت ملكا من الملوك العظام ، توعدنا أن نكون خلفاءك في الملك ؟؟؟ ]] فقال له - صلى الله عليه وسلم - :{{ الأمر لله يضعه حيث يشاء }} .فقال له : أَفَنُهدفُ نحورنا للعرب دونك [[ يعني نتعرض للموت بالدفاع عنك ]] فإذا أظهرك الله كانت الإمارة لغيرنا ؟ لا حاجة لنا بأمرك . فالنبي - صلى الله عليه وسلم - هو من رفض {{ بني عامر }}، بالرغم من أنها قبيلة قوية كثيرة العدد، لأن نية {{ بني عامر}} كانت السلطة والسيطرة على العرب ، وليست لوجه الله تعالى .

كثير من الناس يستعجلون في تحقيق الهدف ، ويكون الأساس غير سليم ، فيجدوا أنفسهم قد عادوا إلى نقطة الصفر .

( اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )

عطاء دائم 11-12-20 08:03 AM

هذا الحبيب « 96 »
السيرة النبوية العطرة (( مفاوضات مع القبائل وقرار الهجرة جزء 2 ))
________

المفاوضات مع قبيلة {{ بني شيبان }}
وقد خرج اليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان معه {{ أبو بكر الصديق و علي بن ابي طالب }} ، يقول علي بن ابي طالب - رضي الله عنه - : خرجنا حتى وصلنا إلى مجلس عليه السكينة والوقار، [[ يعني وجدوا رجالا جالسين ، لا يعرفون من أية قبيلة ، ولكن يكسوهم الوقار والهيبة ]] فقال أبو بكر لهم : من القوم ؟؟ قالوا: من قبيلة {{ شيبان بن ثعلبة }} ، فالتفت أبو بكر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: بأبي وأمي ، هؤلاء غُرَر الناس [[ يعني كبار القبيلة ]] ، وكان يجلس بينهم رجل اسمه {{ مفروق }} .

يقول علي - رضي الله عنه - كان مفروق قد غلبهم لسانا وجمالاً ، فاستأذنوا بالجلوس ، فجلس أبو بكر بجانب {{ مفروق }} فقال أبو بكر- رضي الله عنه - لمفروق : كيف العدد فيكم ؟ فقال مفروق: إنا لا نزيد على الألف ولن تُغلب ألف من قلة [[ لأنه فهم أنهم يريدون المساعدة ]] ، فقال أبو بكر: وكيف المنعة فيكم؟ فقال مفروق :

إنا لأشد ما نكون غضباً حين نُلقى [[ أي حين القتال ]] وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد ، [[ يعني الاهتمام بمعدات القتال أهم من أولادنا ]] ، ونؤثر السلاح على اللقاح ، [[ أي نهتم بالسلاح أكثر من اهتمامنا بالنوم مع النساء " أريتم يا خير أمة ؟! مع أنهم قوم أهل جاهلية، لكن ما يبيع ما فوقه وتحته مشان بنت حكت معاه كلمتين حلوين ، ويخرب بيته وبيت أولاده ، قال شو ؟؟ نزوة !!! ]]
ثم قال مفروق لأبي بكر: لعلك أخو قريش؟

[[ أ أنت ذلك الرجل الذي تتكلم عنه قريش و انتشر خبره بأنه نبي ؟؟ ]] فقال أبو بكر: فها هو ذا ؛ وأشار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فالتفت مفروق إلى رسول الله قائلا : إلام تدعونا يا أخا قريش؟ فقال له الرسول : {{ أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأني عبد الله ورسوله، وإلى أن تؤووني وتنصروني، فإنّ قريشا قد تظاهرت على الله، وكذبت رسوله ، واستغنت بالباطل عن الحق، والله هو الغني الحميد }} فقال مفروق : وإلام تدعو أيضا يا أخا قريش؟

فتلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى :
" قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُم مِّنْ إِمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"


فلما سمع مفروق كلام الله ذُهل وتأثر وقال : دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك ، وظاهروا عليك ... فوالله ما سمعت كلاما أحسن من هذا!! ثم نظر مفروق إلى شيخهم وقال : يا أخا قريش ، هذا {{ هانئ بن قبيصة}} وهو شيخنا ، فقال هانئ:

قد سمعت مقالتك يا أخا قريش ، وإني أرى تركنا ديننا واتباعنا دينك لمجلس جلست إلينا ، لذل في الرأي، وإن الزلة مع العجلة، يعني : [[ يعني أنا سمعت كلامك بس من جلسة واحدة لا ينفع أخذ القرار فيه ]] ، وإنا نكره أن نعقد على من ورائنا عقدا
[[ لا يجوز أن نتفق معك ، ولم نأخذ رأي قومنا ]] ، ولكن نرجع وترجع وننظر.

ثم نظر هانئ إلى رجل آخر يجلس معهم ليشاركهم الحديث ، وهو{{ المثنى بن حارثة ، وقد أسلم بعد ذلك }} قال : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش ، والجواب فيه جواب هانئ بن قبيصة ،[[ يعني هانئ قال الصواب ]] ، ونحن نزلنا بين صَرَيَين أحدهما اليمامة والآخر السَّمامة ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما هذان الصريان ؟؟ قال: أنهار كسرى، ومياه العرب .

[[ بمعنى يقول للنبي : نحن عايشين في منطقة بين نارين ، بين كسرى وبين العرب ]] ، فأما ما كان من أنهار كسرى ، فذنب صاحبه غير مغفور وعذره غير مقبول، وإنا إنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى، أن لا نحدث حدثًا ولا نؤوي محدثا ، [[ يعني قومنا عايشين بعضهم بأراضي كسرى والبعض الآخر بأراضي العرب ، مثل ما بنقول على الحدود ، وكسرى ما بيرحم ، وعاهدناه أن لا نؤي أحدا يوجع رأسنا ورأسه ]] .

وإني أرى هذا الأمر الذي تدعونا إليه يا أخا قريش مما تكره الملوك ، [[ يعني إذا سمع فيك كسرى وبدينك ما بيعجبه ، أنت تدعو إلى " كلكم من آدم وآدم من تراب ، وكلنا سواسية " و الملوك ما بيعجبهم إلا السيد سيد والخادم خادم ]] ، فإنّ أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا .

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أعجب بكلامهم :
{{ ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله عز وجل لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه }} ، ثم بشرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : {{ أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً ، حتى


يورثكم الله تعالى أرضهم وديارهم ويفرشكم نساءهم، تسبحون الله وتقدسون }} . فقالوا : اللهم فلك ذاك .

وقد كان ذلك - صلى الله وسلم عليك يا حبيبي يا صادقا الوعد .
كان موقف {{ بنى شيبان }} فيه وضوح وتعظيم للنبي - صلى الله عليه وسلم – فقد عرضوا على النبي حماية جزئية ، وموقفهم جميل وعاقل .
يتبع ... وفد المدينة المنورة التي منها سيسطع النور المحمّدي ...

( اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )

عطاء دائم 11-13-20 07:41 AM

هذا الحبيب « 97 »

السيرة النبوية العطرة (( بيعة العقبة الأولى ))
________
سقطت قريش كلها من عين النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعد كل هذه السنين ، وهو بينهم يدعوهم إلى الله لا أمل فيهم ، وأخذ - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على قبائل العرب في مواسم الحج ؛ وعمه أبو لهب يمشي وراءه ، يكذبه فتنفر الناس منه قائلين :عمه يقول عنه هذا ، فلا داعي أن نسمع ما يقول . حتى التقي - صلى الله عليه وسلم - بنفر من الرجال الذين لم يصغوا إلى أبي لهب ووقفوا يستمعون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم : من القوم ؟ قالوا : من يثرب [[ المدينة المنورة كان اسمها يثرب ]] ،فقال - صلى الله عليه وسلم - :

من الأوس أم من الخزرج ؟؟

[[ قبيلتان في يثرب ]] قالوا: من الأوس 0فقال لهم - صلى الله عليه وسلم - :هل تجلسون أكلمكم ؟؟ قالوا : بلى يا ابن سيد قومه. [[هم يعلمون أنه ابن عبد المطلب ]]، فجلسوا إليه وكان عددهم في بعض الروايات {{ سبعة رجال }} :

1_أميرهم أسعد بن زرارة 2_رافع بن مالك 3_معاذ بن عفراء 4_عوف بن الحارث 5_عبادة بن الصامت 6_عقبة بن عامر 7_ جابر بن عبدالله السلمي [[ ليس جابر بن عبد الله الصحابي المشهور برواية الحديث]]

قالوا : ماذا عندك يا أخا قريش ؟ قال : إني رسول الله إليكم ، وإلى الناس كافة ، أدعوكم إلى لا إله إلا الله ، ونبذ ما تدعون من دونه من آلهة تصنعونها بأيديكم ، ودعاهم إلى الإسلام وأخلاقه ومبادئه . فقال بعضهم لبعض متهامسين وليس على سمع النبي : أليس هذا الذي تحدثكم عنه يهود ؟؟

ويستفتحون به عليكم ؟؟ قالوا : ورب الكعبة إنه هو !!! فقالوا لبعضهم متهامسين : فلا تسبقنا إليه اليهود ، فلنؤمننّ به ، فآمنوا به - رضي الله عنه - وأرضاهم ووضعوا أيديهم بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - إيمانا فقط وليس بيعة ، [[ يعني فقط شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ]] ، وعلمهم - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الدين .

{{ سنقف هنا قليلا عند المغضوب عليهم - اليهود - لنفهم السيرة أكثر }}
يثرب فيها ثلاث قبائل من اليهود : بني النضير، بني قينقاع ، بني قريظة يحاصرونها ، ويسكنون شمالها ، وجنوبها ، وشرقها ،أما العرب قبيلتان : {{ الأوس ، الخزرج }} وهما أبناء عمومة ،و جدهم واحد ،أمهم اسمها {{ قَيلى }} احفظوا هذا الاسم وكان اليهود ينسبون العرب لأمهم [[ فاليهود ينادون العرب في يثرب من أوس وخزرج{{ يا بني قَيلى }}

ينسبوهم إلى أمهم ]] لماذا ينسبون العرب لأمهم ؟؟ لأن اليهود أغلبهم أبناء زنا ، فلا ينتسبون إلى آبائهم ، بل ينتسبون إلى أمهاتهم وهذا طبعهم ، وعنهم أخذ العوام ، أن الرجل ينسب إلى أمه لا إلى أبيه !!

[[ قال لأن أمه مؤكدة ، هي التي حملت وولدت ، أما من أبوه ؟؟ لا ندري !! هذا الكلام عند المغضوب عليهم اليهود ، ومن قلدهم من سائر العرب ، خاصة الدجالين !! إذا أراد أن يفك السحر، يطلب اسمه واسم أمه ، لأن السحر والتعامل مع الشياطين اختصاص المغضوب عليهم ، وهم تعلموا منهم الشعوذة ]] - حسبي الله ونعم الوكيل - أما شرع الله، فيقول تعالى:

{{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ }} .


اليهود كانوا محراك شر بين القبيلتين ، فكانت تقع بين الأوس والخزرج ، ما يقع بين الناس من خلافات في تجارتهم وفي معاملاتهم ، والعرب أصحاب شهامة و نخوة و كرم ، فكان اليهود قبل الإسلام لا يحبون أن يتحد العرب ، وهذا حالهم الآن ، " فاتّعظوا يا أمة الإسلام " ، وكانوا دائماً يوقعون العداوة ، بين الأوس والخزرج ، " كما يفعلون الآن " لأن اليهود يعلمون ، لو اجتمعت قلوب أولاد العم ، أصبحت كل اليهود أذلاء تحت أقدام الأوس والخزرج . لذلك جعل اليهود أهل يثرب من العرب يعملون بالزراعة غالبا ، أما اليهود فقد اهتموا بالعمل وتجارة المجوهرات و السلاح ، فيبيعون السلاح للأوس و الخزرج كي تشتعل الفتنة بينهم . " تماما كما يفعلون الآن " ، فنحن الآن غثاء كغثاء السّيل إلا من رحم ربّي .
وكان اليهود يخوّفونهم قائلين : غداً يُبعث النبي الخاتم ، وهو خاتم الأنبياء ورسول الله نؤمن به لأننا أهل كتاب ، وتكفرون أنتم يا أهل الأصنام ، فنقتلكم به قتل عاد وإرم ... فيخاف الأوس والخزرج [[ مساكين ]] ، حتى عرف الأوس والخزرج أوصاف نبي آخر الزمان من اليهود أنفسهم ، وصدق الله العظيم إذ قال عن اليهود : {{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ }}

لذلك سارع وفد المدينة بإعلان إسلامهم أمام الرسول صلى الله عليه و سلم .
نعود و نكمل .. ثم قال له أسعد بن زرارة : يا رسول الله ، لقد جئنا وكنا نريد أن نحالف قريشا ، على إخوتنا بعد يوم بعاث ، ماهو يوم بعاث ؟؟ [[ قبل خمس سنوات من إسلامهم ، حصل بين الأوس والخزرج قتال ، فمات كل الكبار منهم وساداتهم ، ما بقي إلا أبناؤهم الشباب ]] وقال أسعد : يا رسول الله،إن جمع الله قومنا عليك فلا أعز منك فينا . [[ أي جمع بينهم وأصلح الله قلوبهم بالمحبة ]] .
وانطلقوا إلى قومهم دعاة إلى الله ، وشرح الله صدر البعض فجاؤوا في موسم الحج الثاني و بدلا من سبعة ، تخلف من السبعة اثنان ، وصحبهم من جديد سبعة رجال آخرين ، فأصبح عددهم اثني عشر رجلا . اجتمعوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - عند العقبة ،

[[ أي عند جمرة العقبة في منى التي يرميها الحجاج في اليوم الأول ، فقط سبع جمرات ]] ، وبايعوا النبي ، وكانت بيعتهم لا تشمل جهادا [[ ركزوا على هذه النقطة ، لم يبايعهم على الجهاد ، لنر ماذا سيفعل هؤلاء الكرام في غزوة بدر ]] ، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - :

{{ تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب شيئاً من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب شيئاً من ذلك فستره الله عليه فأمره إلى الله، إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه }} . فقالوا : قبلنا وبايعوه ، وانطلقوا إلى قومهم ، ونحن الآن في السنة {{ ١٢ من البعثة }} .

فلما انطلقوا ، بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا نريد رجلا من أصحابك يعلمنا القرآن ويكون إمامنا في الصلاة ، [[ خافوا إذا وقف إمام من الأوس أن لا يرضى الخزرج ، وإذا كان الإمام من الخزرج أن لا يرضى الأوس، وهم حديثو العهد بالإسلام ، أحبوا أن يخرجوا من هذا المأزق ]] . فاختار لهم - صلى الله عليه وسلم - أول سفير في الإسلام {{ مصعب بن عمير - رضي الله عنه - }} ،

ومصعب أنعم فتى في قريش، و من السابقين إلى الإسلام ،عندما أسلم ، منعت أمه عنه المال ،[[ كان مصعب ، يصرف على أصحابه الشباب في مكة في سهرات السمر ، وكان يلبس أجمل الثياب ، وكان شابا منّعما بين شباب مكة كلهم ]]، فلما أسلم منعت أمه عنه المال ، وجعلته يلبس الخيش،

[[ كيس خيش ، يشقه من الأسفل و يلبسه بعنقه - رضي الله عنه - وأرضاه ، لم يعد معه ما يشتري به الثياب ]] ،
اختاره النبي أن يكون معلم الأنصار في المدينة ، فقد باع مصعب الدنيا كلها من أجل دينه ، وكان صادق الإيمان ، ولا يمكن أن تدخل الفتنة إلى قلبه رضي الله عنه . . .

عطاء دائم 11-15-20 08:08 AM

هذا الحبيب « 98 »
السيرة النبوية العطرة (( بيعة العقبة الثانية الجزء 1))
_________
انتشر الإسلام في يثرب " المدينة المنورة لاحقا " ، ولكن ليس كل أهل يثرب دخلوا في الإسلام ؛إنما الذين دخلوا جميعهم قوم {{ سعد بن معاذ من الأوس }}؛ أما الخزرج فمنهم من أسلم ، ومنهم من لم يسلم ،ولم ينتشر الإسلام في كل بيوت الأنصار ، ولكن عددا كبيرا من أهل يثرب انتشر فيهم الإسلام ،وأقام مصعب فيها سفيراً لرسول الله يعلم الناس القرآن وتعاليم الدين .
الناس الذين دخلوا الإسلام ولم يروا نبيهم ، ولم يسمعوا صوته - صلى الله عليه وسلم - أصبحت قلوبهم تتشوق لرؤيته :

[[ إلى متى نحن آمنون مطمئنون ، ونترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة يتعرض للأذى من قريش ويعرض نفسه الكريمة على القبائل ، ألا فلنبايعه ونخرجه من مكة إلينا ]] .

تماماً كشعورنا نحن الآن ونحن نتابع السيرة ، لم نره ولم نسمع صوته - صلى الله عليه وسلم - والله يعلم ما في قلوبنا من شوق لرسول الله - صلى عليه وسلم - اللهمّ اجعله شفيعنا يوم القيامة ، واسقنا من يديه الشريفتين شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ، حُرمنا رؤيته في الدنيا فلا تحرمنا جواره في الجنة وجوار أصحابه يا رب العالمين .

فلما كان موعد الحج [[ وهو زيارة البيت الحرام وتعظيمه و الطواف به ، وهذه عادة الحج عند العرب قبل الإسلام ]] سبقهم مصعب قبل موعد الحج إلى مكة، وأخذ ينسق بينهم وبين رسول الله ، حتى لا تشك قريش بهذا التنسيق ، فمصعب قرشي ،وهو من أهل مكة ، وأخبرهم مصعب أن يختاروا بعض الرجال منهم ، ونصحهم أن لا يكون العدد كبيرا ، حتى لا ينفضح أمرهم ، فاتفقوا أن يكون عددهم ٧٠ رجلا و امرأتين ، وهذا العدد بين أعداد الحجيج الكثيرة الذين يأتون إلى الكعبة من جميع بقاع الأرض ؛ لا يستطيع أحد من كفار قريش أن ينتبه له . وأخبرهم - صلى الله عليه وسلم - على لسان مصعب أن موعدهم عند جمرة العقبة ( بعيدا عن عيون قريش ) .

سنرى الآن حكمة رسول الله في هذه المباحثات وأخذه بالأسباب
قال : يا مصعب ، قل لهم إذا مضى الثلث الأول من الليل ، والناس قد ناموا ، فلا تنتظروا غائبا ولا توقظوا نائما ، وليتسللوا إلى العقبة تسلل القطا ، فإنّ عليهم من قريش عينا .

[[ لم يكن نبينا - صلى الله عليه وسلم - صيادا ، وسبحان الذي علمه ، فالقطا نوع من الطيور معروف بين الصيادين بكثرة حذرها من الصيد ؛ حيث لا تنام كما ينام الطير، بل تقف على رجل واحدة ، وتأخذ بالرجل الثانية حصى ، حتى إذا غطت بالنوم ، ترتخي المفاصل ، فتسقط الحصى ، فتستيقظ من نومها ، فتطير وتغير موقعها ]] . تم تحديد الموعد ، وكان موعدا عجيبا ، يثبت مدى دقة واحتياط رسول الله ،وأخذه بالأسباب، وتكتم - صلى الله عليه وسلم - على الموضوع ولم يخبر إلا ثلاثة رجال {{ أبو بكر الصديق ، وعلي ، وعمه العباس }}.


يقول كعب بن مالك : فما نمنا تلك الليلة ونحن نتشوق لرؤية رسول الله لأول مرة ، حتى إذا مضى ثلث الليل ، خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله نتسلل تسلل القطا ، وكانوا يخرجون رجلا رجلا ، أو رجلين رجلين ، حتى اكتمل من الأنصار سبعون رجلا وامرأتان في موعدهم .

وجاء أيضا رسول الله في موعده ، ومعه العباس بن عبد المطلب وأبو بكر وعلي ، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر إلى فم الشعب من ناحية ،وعلي إلى فم الشعب من الناحية الأخرى ، ليعطيا إشارة إلى المسلمين ، إذا شاهدوا حركة من قريش . {{ وهذا اللقاء كان أعظم لقاء على وجه الأرض ،تغيرت فيه خريطة العالم وقامت دولة الإسلام عليه، وسقطت عروش الجبابرة وانتشر الإسلام }} .

اجتمع القوم ، قالوا : فلما مضى نصف الليل ، وإذا بالحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يُطل علينا ومعه رجل بعضنا يعرفه ، وبعضنا لا يعرفه وهو {{ العباس عم النبي ،وهو مازال على دين قريش لم يسلم ولم يعلن إسلامه }}

فقد حضر مع النبي ليطمئن على ابن أخيه ، ثم قام القوم باستقبال النبي ، وسلموا عليه، و على العباس ، واستأذن العباس بن عبد المطلب عم النبي بالحديث قائلا بما معناه : [[ إذا كنتم تريدون رسول الله أن يهاجر إليكم وأنتم تستطيعون حمايته فهو مسؤوليتكم ، وإذا لم تستطيعوا حمايته ، اتركوه في مكة فهو في حمايتنا ]] .

ثم تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله ، وقرأ شيئا من القرآن ، ثم قال : أبايعكم على أن تؤمنوا بالله ، ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تمنعوني مما تمنعون منه نسائكم وأبناءكم . فقال أحدهم : أجل يا رسول الله بايعنا ، فنحن والله أبناء الحروب ، وأبناء الحلقة ورثناها كابراً عن كابر ، والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أنفسنا .

فمد يده أسعد بن زرارة وقال : بايعنا يا رسول الله ، فقام أحد رجالهم وأمسك يد أسعد وأبعدها وقال : يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟ قالوا : نعم .قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر، والأس


ود من الناس [[ يعني كل أصناف البشر]] يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالاً [[ يعني بيننا وبين اليهود في المدينة حبال وصل ومعاملة]] ، فهل عفيت إن نحن فعلنا ذلك وقطعنا علاقتنا مع اليهود ثم أظهرك الله ، أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟؟؟ [[ كلام فيه صراحة وجرأة وأدب ]] .
فقال لهم - صلى الله عليه وسلم - :

{{ بل الدم الدم ، والهدم الهدم ، أنتم مني وأنا منكم ، أحارب من حاربتم ، وأسالم من سالمتم }} فقال الرجل : إن بايعناك على ما طلبت فماذا لنا؟ قال: لكم الجنة [[ وكأنه يبشرهم جميعاً بالجنة]]

فلم يعدهم بمال ولا جاه ولا سلطان ، فهم يبايعون الله ورسوله ،لذلك ستكون الجنة مكافأة لهم على صدقهم . فقال الرجل : إنكم تبايعون على حرب العرب قاطبة ، فإن علمتم أنكم صابرون على هذا فبايعوه وإلا فمن الآن دعوه كما قال لكم عمه . فقالوا: والله ما جئنا إلا لنبايعه على ذلك . يا رسول الله ، ابسط يدك نبايعك .

فبسط يده وبايعهم ، رجلا ، رجلا ، حتى إذا جاء دور المرأتين سأل عنهما
قالوا :_هذه أم عمارة ، وهذه أم منيع .. فبايعهم دون مصافحة ....

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-15-20 08:09 AM

هذا الحبيب « 99 »

السيرة النبوية العطرة (( بيعة العقبة الثانية ، الجزء 2 النّقباء ))
_____
بعد أن تمت البيعة ، طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم أن يختاروا {{ ١٢رجلا }} يكونون نقباء على قومهم ،[[ بمعنى أنهم يتكفلون بالمسؤولية في تنفيذ بنود هذه البيعة مع قومهم ، حتى إذا هاجر المسلمون إلى المدينة لا يجدون معارضين لهم ]]، وكانوا خليطا من الأوس و الخزرج ، وهذا يبّين عظمة الدين الإسلامي الذي جعلهم صفا واحدا بعد النزاعات التي كانت بينهم قبل الإسلام .

وقال - صلى الله عليه وسلم - للنقباء : {{ أنتم على قومكم كفلاء ، كفالة الحوارين لعيسى بن مريم ، وأنا كفيل على قومي }} أي على المهاجرين أهل مكة . ثم قال : انفضوا إلى رحالكم [[ أي تفرقوا ]] تسلل القطا كما جئتم ، لا يشعرن بكم أحد [[ أخذ بالحيطة والأسباب]] .

ولكن لأمر يريده الله ، ما إن أشرقت الشمس حتى جاءت قريش تسأل الخزرج : ما الأمر الذي اتفقوا عليه ليلاً مع محمد ؟؟ هل حالفتموه على حربنا ؟؟ يقول كعب : فأخذ بعضنا ينظر إلى بعض ، من الذي سرب الخبر ؟؟ قال كعب : وقام المشركون الذين أتوا معنا من يثرب ، ولم يعلموا بالأمر ، قاموا يقسمون لقريش باللات والعزى ، أنه لا يوجد مما تقولون شيئا [[ وهم صادقون لأنهم لم يعلموا ]] ،ثم توجهت قريش بالكلام إلى سيد الخزرج، وهو أيضاً لا يعلم بالموضوع {{ عبد الله بن سلول }}

[[ لما هاجر النبي للمدينة ، وانتشر الإسلام أصبح رئيس المنافقين ]] وسبحان من ساقه اليوم ليكون في هذا الموقع!! لأن قريشا تثق به . فقال عبد الله بن سلول : ما هذا يا قريش؟ إني زعيم قومي كما تعلمون ، ولا يخفون عليّ شيئا ، واللات والعزى ما حدث مما تذكرون أبداً قالوا صدقت يا ابن سلول ، فمثلك لا يكذب [[ المشركون يصدقون بعضهم !!!]] .

أسرع القوم بالخروج من مكة ، ولكن سرعان ما انتشر الخبر، فلقد بحثت قريش ودققت بالخبر ، حتى تأكدت أنه كانت بيعة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليلة . وقد رحل أهل يثرب ، وأصبحوا على أطراف مكة ، فركب أهل قريش خيلهم ولحقوا بهم ، فأمسكوا بسعد بن عبادة [[ سعد هو سيد الخزرج ]] ،وأوثقوه بالحبال وأعادوه إلى مكة ضرباً وتوبيخاً . يقول سعد بن عبادة :
فبينما هم يضربونني ، اقترب مني رجل لا أشك أنه يكتم إيمانه

[[ يعني مسلم من مستضعفي مكة ]] فهمس في أذني قال : ويحك!! أليس بينك وبين أحد من رجال قريش عهد ؟؟ فقلت له : بلى والله إني كنت مجير {{المُطعم بن عدي }} في تجارته . قال: فناده باسمه وأنا أذهب وأبلغه ، قال : فهتفت باسم المُطعم . ثم انطلق الرجل إلى المُطعم وقال: يا مُطعم بن عدي،هناك رجل من أهل يثرب يصرخ باسمك ويقول : بينك وبينه عهد ، و إنه الآن يُضرب من قريش. قال : ما اسمه ؟؟!! قال له : سعد بن عبادة . فقام المُطعم مسرعاً يجر رداءه وقال : نعم والله لقد صدق ، فذهب المُطعم وقال بيده هكذا وهكذا [[ كأنما كش القوم كشاً كالذباب ليبتعدوا عن سعد بن عبادة ]]

قال : ويلكم ! أنسيتم أن الرجل من سادة يثرب ؟ وإن تجارتكم لا تأتي إلا عليهم ؟ ابتعدوا عن الرجل . قال سعد : ففك وثاقي وأطلقني ، ثم انطلقت إلى يثرب سالماً .
هل تذكرون المطعم بن عدي ؟؟ هو الذي نقض صحيفة المقاطعة لبني هاشم ، وأجار النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما رجع من الطائف ، رجل شهم و كريم ، ولكن للأسف لم يُسلم رغم أعماله الداعمة للمسلمين.
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-15-20 08:10 AM

هذا الحبيب « 100 »
السيرة النبوية العطرة (( زواجه - صلى الله عليه وسلم - من سودة بنت زمعة ))
_________
الآن سندع أهل يثرب ينشرون فيها الإسلام ، وقبل أن ننتهي من العهد المكي سنرجع للوراء قليلا لبعض الأحداث التي جرت، ومنها زواجه - صلى الله عليه و سلم - بسودة وعائشة رضي الله عنهما .

بعد وفاة أم المؤمنين خديجة شعر أصحاب النبي - صلى الله عليه سلم - أن النبي قد فقد أم العيال ،وقد داخلته وحشة ، وقد أصبح بحاجة إلى سكن لكن مهمة الدعوة تشغله عن كل ذلك ، فما استطاع أحد من الصحابة أن يكلمه في موضوع الزواج .مضت سنتان من وفاة خديجة دون زواج ، حتى ذهبت إليه صحابية جليلة اسمها {{ خولة بنت حكيم السلمية }} ،

وبكل رفق وأدب ، جلست وكلمته .قالت : بأبي وأمي يا رسول الله ، أرى قد دخلتك وحشة بعد خديجة ؟! قال لها :أجل يا خولة . فقالت : بأبي وأمي ألا تفكر بالزواج ؟ فأطرق رأسه - صلى الله عليه وسلم - وبكى حتى ابتلت لحيته .وقال : ومن بعد خديجة ؟ [[ أي لا توجد واحدة تسد مكانها ]]

قالت: بنت أقرب الناس وأحبهم إليك {{ عائشة بنت أبي بكر الصديق }} أول من آمن بك وخير صاحب لك .فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: عائشة ؟! ولكنها لم تنضج بعد يا خولة! [[ وكانت عائشة على أرجح الروايات أنها تجاوزت التاسعة من عمرها ]] قالت : أخطبها من أبيها ، وتبني بها بعد ذلك ،

[[ تبني بها ، ما نسميه بعد حفل الزفاف الدخلة ]] ،

فأطرق النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : ومن للبيت والعيال يا خولة ؟
قالت : هناك أخرى يا رسول الله .قال : ومن ؟ قالت : أحببت أن أقدم لك البكر أولا ، فإن شئت فامرأة .. ثيّب . قال :ومن ؟ قالت: سودة بنت زمعة
فدمعت عين النبي صلى الله عليه وسلم .
لماذا دمعت عين النبي عند سماع اسم سودة بنت زمعة ؟ لأن مهام الدعوة شغلته عنها . . . سودة بنت زمعة امرأة مؤمنة من أهل مكة ، وزوجها ابن عمها {{ السكران بن عمرو }}

كان مسلما أيضاً ،عندهم ستة من العيال ،أسلما وكانا ممن هاجر إلى الحبشة في أول من هاجر ، ولما استقرّا في الحبشة توفى زوجها السكران ، فأصبحت سودة في غربة وترمل ، فرجعت المسكينة إلى مكة مع قوافل التجار فاقدة زوجها، وكان أبوها وأهلها ما يزالون مشركين . ولم يكن عندها تجارة أو حرفة، وليس لديها مال تنفق منه على عيالها الستة، فبقيت {{سودة}} مع أهلها و أولادها الستة وحيدة مقهورة وكانت فرصة السيدة {{ سودة }}

في الزواج تكاد تكون معدومة ، لأنها لم تكن ذات حسب وجمال .
دمعت عين النبي عندما ذكرتها خولة، ولكن موت خديجة وزيارة الطائف والحزن الذي تلقاه – صلى الله عليه وسلم – كل ذلك شغله عن حال هذه المسكينة ، فلما ذُكرت له سودة ، نزلت دموعه كيف غفل عن هذه المرأة المسكينة وهي ما زالت تقيم على إيمانها؟؟!!!


وافقت {{ سودة }} ، ووافق أبوها المشرك الطاعن في السن{{ زمعة }} قائلا : نعم الرجل محمد . وكان زواج نكاح لا سفاح ، حيث تزوجت سودة بإذن والدها ، وسُمّي المهر بحضور الشهود ، وأعلن الخبر في مكة ، وانتقلت سودة إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم – وفرح أهل البيت النبوي بقدومها ، وكان في البيت {{ بناته و أم بركة حاضنته وزيد بن حارثة }} ، وجاءت سودة - رضي الله عنها - لتقوم بخدمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وترعى شؤونه ، واتخذها زوجة له ، واهتم أيضا بأبنائها .

فكان زواجه منها - صلى الله عليه وسلم - مجرد رحمة ، لأن النبي يريد أن يضمها لبيته ليرعاها، وهذا يدل على مكارم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم .
_____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-28-20 07:50 AM

هذا الحبيب « 101 »
السيرة النبوية العطرة

(( زواجه - صلى الله عليه وسلم - من عائشة رضي الله عنها ))
_________
ذهبت خولة بنت حكيم إلى بيت أبي بكر ، تخطب ابنته عائشة - رضي الله عنها - للنبي - صلى الله عليه وسلم - في نفس اليوم الذي تزوج فيه سودة ؛ فاستقبلها أبو بكر. قالت : أي آل أبي بكر !!! أي خير وبركة ساقها الله إليكم وأدخلها الله على داركم ؟!! قال أبو بكر : وما ذاك ؟ قالت: أرسلني رسول الله ، أخطب إليه عائشة ابنتك . ودُهش أبو بكر!! النبي يطلب ابنتي ؟!! [[ وكلنا يعرف أبا بكر الصديق وعلاقته القوية بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ]] فقال : أمهليني يا خولة ، إني على عجلة من أمري، وخرج من الباب مسرعا !!! قالت خولة مستغربة : ما الأمر ؟!!


فقالت زوجة أبي بكر لخولة : يا خولة، إن أبا بكر ما قال قولا إلا وصدق به ، لقد كان المُطعِم بن عدي ، قد ذكر لأبي بكر أمر عائشة ، يريدها لابنه ، ولم يرد عليه أبو بكر بشيء . قال له :

أنت وذاك [[ يعني من هون لوقتها بصير خير .. لأنها لم تنضج بعد ]]

فخاف أبو بكر أن يكون المطعم لايزال يريدها لابنه ، ثم يزوجها للنبي فيقع في مشكلة مع المطعم .
ولما وصل أبوبكر لدار المطعم استقبلته زوجة المطعم ، وعرفت مسألته ، فقالت له : يا أبا بكر، أخاف إن زوجتُ ولدي من ابنتك أن تحمله على الدخول في دينك هذا ، ويصبح ولدي من الصابئين ! فغضب أبو بكر، ولم يرد عليها ، والتفت إلى زوجها المطعم قائلا : ماذا تقول هذه ؟!! قال المطعم : القول ما سمعت ، وإنا لنخشى ذلك يا أبا بكر . فقال أبو بكر : إذن أنا في حل من أمري .

[[ هل رأيتم سبحان الله ، قدّر الله له الأسباب . إن تصدُق الله يصدقك ]]

وخرج من عندهم ولم يجلس ولم يسلّم ، ورجع إلى خولة ، وقال :استأذني رسول الله أن أتمم الزواج . وهناك قولان في عمرعائشة عند الخطبة : البعض يقول : ٦ سنوات ، والبعض قال : كان عمرها ١٤ سنة عند الخطبة . [[ سأخصص الجزء التالي للرد على بعض الشبهات التي أثيرت على زواج النبي – صلى الله عليه وسلم – من عائشة رضي الله عنها و أرضاها ]] .

تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة وهنا نقطة مهمة ، [[ تزوجها لا يعني ، أنها انتقلت إلى داره ودخل عليها ]] ، تزوجها يعني تم الإيجاب والقبول ، وضع يده بيد أبي بكر ،وقال أبو بكر : زوجتك ابنتي وحُدّد المهر .هذا اسمه في الدين والفقه {{ زواج }} ،أما الدخول والزفاف فاسمه البناء [[ البناء هو ما يعرف اليوم ليلة الدخلة ]] .

وأعلن هذا الزواج في مكة . وهكذا تزوج النبي زواجين في يوم واحد من عائشة بنت أبي بكر ولم يدخل بها ، وبقيت في بيت والدها، ومن سودة وقد دخل بها وسكنت في بيت النبوة .
يتبع رد الشبهات في زواج عائشة رضي الله عنها . . .

_______

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-28-20 07:51 AM

هذا الحبيب « 102 »
السيرة النبوية العطرة ((رد الشبهات حول زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من عائشة رضي الله عنها ))
_________
تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - من أم المؤمنين ، عائشة - رضي الله عنها - وهذا الزواج استغله أعداء الإسلام للطعن فيه . والسؤال المطروح : كم كان عمر السيدة عائشة حين تزوجها النبي ؟


القول الأول : عمر السيدة عائشة ، حين خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ست سنوات ، و دخل بها وعمرها تسع سنوات، بدليل حديث عائشة – رضي الله عنها - الوارد في البخاري و مسلم :

{{ تزوجني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا بنت ست سنين، وبُني بي وأنا بنت تسع سنين }} .
القول الثاني :
عمر السيدة عائشة حين خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أربعة عشر عاما ، و تزوجها و عمرها ثمانية عشر عاما ، ودليلهم : إنهم رفضوا حديث عائشة السابق ، وقالوا : إن أحد رواة هذا الحديث وهو {{هشام بن عروة}} قال عنه مالك :

" إن حديث {{ هشام بن عروة }} بالعراق لا يقبل ، لأن حفظه للحديث بدأ يسوء في العراق " ، وإن كل المصادر التاريخية تؤكد أن أسماء بنت أبي بكر - أخت عائشة - وقت الهجرة كان عمرها سبعة وعشرين عاما ، وهي أكبر من أختها بعشر سنوات ، لذلك فإن عمر عائشة وقت الهجرة سبعة عشر عاما ، وقد خطبها النبي في السنة العاشرة من نزول الوحي ، أي قبل هجرته للمدينة بثلاث سنوات ، بمعنى أن عمرها عند الخطبة أربعة عشر عاما .

أما أنا عن نفسي ، لا ألتفت لهذا الخلاف ، ولا يوجد عندي مشكلة في هذا الموضوع ، يكفيني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – معصوم ولا يُخطئ ،
وعندما يتحدث أعداء الدين عن الفارق الكبير في العمر ، فأنا أرد على شُبهتهم بما يلي :
في بيئة مكة كان هذا الأمر عاديا جداً ، ولا يجوز أن نأخذ حدثاً في بيئة معينة وزمن معين ، ثم ننقله لبيئة جديدة وإلى زمان آخر، ثم نقيسه وننتقده ونحكم عليه بمعايير وقوانين بيئة جديدة . فنحن في عصرنا ،

البعض مثلا لا يقبل أن تتزوج ابنته قبل انتهاء تعليمها ، فتكون تقريبا في عمر الثامنة عشرة إلى الخامسة و العشرين ، في حين إن البعض الآخر يزوج ابنته وهي لم تكمل تعليمها الإبتدائي ،

أي في سن الثانية عشرة أو أقل ، فكل بيئة لها ظروفها .
كلنا تابعنا السيرة ، و قريش كانت تتمنى أن تجد شيئا واحدا تنتقد فيه رسول الله ليُشوّهوا صورته ، ومع ذلك لم يستغربوا خطبته لعائشة ولم يقولوا : كيف يخطب محمد عائشة وهي صغيرة في العمر ؟؟ !!!!

لأن هذا ليس غريبا في عرفهم ، و إلا لأقامت قريش الدنيا ولم تقعدها .

وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تزوج من {{ أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب }} وكان أكبر منها بخمسين عاما تقريبا .

كان زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من السيدة عائشة وهي صغيرة بالسن له هدف سام وعظيم ، وهو نقل سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبعد مرحلة ممكنة بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - وهذه حكمة إلهية ، فقدرتها على الحفظ ستكون عالية ، وهي أيضا صاحبة فطنة وذكاء ، ومُحبة للعلم والمعرفة ، وقد كانت - رضي الله عنها - منارة في التفسير و علم الحديث وعلوم أخرى ، وكان كثير من الصحابة يرجعون اليها ويستفتونها ، رضي الله عنك و أرضاك يا أم المؤمنين عائشة ، يا زوجة وحبيبة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم .

" هذه مدرسة محمد - صلى الله عليه وسلم - علموها لأبنائكم ، لأصحابكم ، لأقرب الناس إليكم ، انشروها فلكم الأجر ، وهي كفيلة أن تغير المسلم ، وتدخل النور إلى قلبه "

_______

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 11-29-20 08:21 AM

هذا الحبيب « 103 »
السيرة النبوية العطرة (( بداية الهجرة : أم سلمة ))
______

رجعت قريش تنهال على المستضعفين في مكة ، بالتعذيب بعد أن اكتشفوا أن بين محمد - صلى الله عليه وسلم - و أهل يثرب مبايعة و اتفاق، فقال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : [[ قد أٌريت دارهجرتكم ، أرض سبخة " مالحة " ذات نخيل بين حرتين ، لا أرها إلا يثرب فانطلقوا إليها ]] . فأخذ أصحابه يهاجرون جماعات وأفرادا إلى يثرب _ المدينة المنورة _ . فكان أول من هاجر من الصحابة {{ أبو سلمة وأم سلمة - رضي الله عنهما }} . تقول أم سلمة كما روى البخاري:

أراد أبو سلمة الخروج ، فجاء ببعير وأركب زوجته ، وكان معهما ولدهم سلمة ، وكان صبيا دون التميز [[ يعني بين الرابعة والخامسة من العمر ]] ،ثم قام يمشي يقود بعيره .فرآه أهل أم سلمة [[ اهل زوجته ]] فقالوا : يا أبا سلمة ، أما نفسك فقد غلبتنا عليها ،أما ابنتنا هذه ، فلا واللات لا ندعها لك تذهب بها في الأرض مشرقاً ومغرباً ، بالأمس هاجرت بها إلى الحبشة ، واليوم لا ندري أين تذهب بها ؟؟ فأنت حر في نفسك ،أما ابنتنا فدعها لنا. فأخذوا حبل البعير من يده ، ثم أخذوا أم سلمة وولدها ، ولم يلتفت لذلك أبو سلمة لأنه لا يريد أن تتعطل هجرته ، فترك زوجته والولد ، ومضى في طريقه يمشي على قدميه متجها إلى يثرب .

[[ كونوا معي مع أم سلمة ، وهي أم المؤمنين ، وزوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ما بعد ، فعندما استشهد زوجها أبو سلمة بعد غزوة أحد في حمراء الأسد متأثرا بجراحه ، تزوجها - صلى الله عليه وسلم - ، وضمها تحت رعايته في بيت النبوة ]] . تقول أم سلمة : انطلق أبو سلمة إلى يثرب مهاجرا ، قالت : فلما رأى أهل زوجي أبو سلمة ما فعل أهلي أخذتهم الحمية ؛ فقالوا : أنتم أخذتم ابنتكم من ابننا ؛ فواللات والعزى لا ندع لكم الولد عندكم ، نحن أولى به . فأخذوا ولدي مني فصرخت: وا ولداه .قالت :فهمّ أهلي ليأخذوا الولد لي ؛ فتجاذبته العشيرتان ؛ فهؤلاء يجذبون ...

وهؤلاء يجذبون، حتى خلعوا يد الصبي! قالت : وغلب أهل أبي سلمة فأخذوه . وأصبح ولدي مخلوعة يده عند أهل أبيه لا أعلم من يرعاه ، وأنا محجوزة عند أهلي ، وزوجي قد هاجر إلى يثرب ، لا يعلم من أمرنا شيء فأصبحت أذهب كل صباح ، إلى أبطح مكة أبكي ولدي وزوجي .
وقد أمضيت على ذلك مدة طويلة من الزمن ، حتى وقف يوماً مقابلي ابن عم لي ، فقال حزينا لأمري: إلى متى هذا البكاء ؟؟!!لا بد من مخرج .

ومضى واثق الخطوة إلى قومه وقال : ألا تشفقون على هذه المسكينة ؟ إلى متى تحرمونها من ولدها وزوجها ؟؟ فغلبهم على الأمر حتى سمحوا لي بالخروج . فلما علم أهل أبي سلمة أن أهلي سمحوا لي بالخروج ردوا علي ولدي . قالت : فوضعت ولدي في حجري ، وأخذت بعيري وجلست عليه . فقالوا لي : مهلاً حتى تجدي قافلة وتصحبيها ، فقلت : لا ، قد لين الله قلوبكم اليوم ، فلا أدري ماذا يكون غدا ؟؟؟ [[ لذلك يا مسلم إذا هبت رياحك فاغتنمها ]] . قالت : وانطلقت لا أدري أين تقع يثرب ؟؟ ولا يرافقني أحد لا من أهلي ، ولا من أهل زوجي .

حتى إذا كنت في التنعيم [[ مسجد السيدة عائشة ، من ذهب حج أو عمرة يعرفه ]] قابلني {{ عثمان بن أبي طلحة}} ، وسبحان الله عثمان هذا [[ قُتل أبوه وإخوته الأربعة وعمه يوم أحد ، وكانوا في صف قريش ولم يقتل هو ، ورزقه الله الإسلام لأن له سابقة خير ، وانظروا من صنع معروفا كافأه الله به ]] قالت : لقيني عثمان بن أبي طلحة فقال : إلى أين يا ابنة زاد الركب ؟ [[ وأم سلمة اسمها {{ هند بنت زاد الركب }}

لماذا لُقب أبوها بزاد الركب ؟؟ لكرمه على القوافل ، كان إذا خرج في قافلة لا يسمح لأحد أن يأكل من زاده ، أو ينفق على نفسه أبداً ، فكان مصروف الركب كله عليه هو ، لذلك سمي زاد الركب ]] قالت : ألحق بزوجي حيث يسكن في يثرب . فقال : ألا يصحبك أحد ؟؟ قالت : إلا الله [[ انظروا ما أجمل الإيمان ]] فقال: مالي بهذا مترك .

[[ يعني ما بصير اتركك" هذه شهامة العرب وأخلاقهم " مع أنه مشرك إلّا أنه سيقطع مسافة ألف كيلو ذهابا و إيابا ليؤمن طريق هذه المرأة ]] قالت : فتقدم وأخذ حبل البعير ، ومشى على رجليه يقود بعيري{{ فلا والله .. ما رأيت رجلا كان أكرم منه في صحبه .. ولا أجَلَّ خلقا }} .

قالت : كان يمشي بي بالبعير ، حتى إذا رأى وقت الراحة قد وجب أجلس البعير عند شجرة ،ثم ابتعد عني حتى أنزل عن البعير ، فإذا نزلت ، رجع وأخذ البعير إلى بعيد ، وربطه في شجرة ، ثم ابتعد عني واضجع ، وأعطاني ظهره حتى أخذ راحتي [[ لأنها هي أيضا تريد أن تضجع وترتاح ]] .

[[ هل رأيتم يا شباب المسلمين!!هو مشرك ، وليس مسلما وهذه أخلاقه ، مش يطلع رأسه من شباك السيارة ، لكل بنت رايحة وجاية بالطريق ]] قالت : حتى إذا حان وقت الرحيل ، صفق بيده وقال: يا ابنة زاد الركب أقدم لك البعير [[يعني استعدي ]] ، ثم أخذ البعير وقدمه ،حتى إذا


جلست ووضعت ولدي بحجري ، جاء وأنهض البعير ومشى .
فما زال يصنع بي ذلك حتى أوصلني من مكة إلى يثرب . قالت : فلما اقتربنا ورأى نخيل يثرب قال : يا أم سلمة إن زوجك في هذه القرية ، وقد أبلغتك مأمنك .. فانطلقي راشدة . فترك بعيري ، ثم وقف ينظر حتى دخلت في نخيل قباء .. ثم رجع ماشياً على قدميه . . .
تقول ام سلمة : فلما وصلت ، وعلم أبو سلمة من أوصلني أثنى عليه بخير.

" هذه مدرسة محمد - صلى الله عليه وسلم - علموها لأبنائكم ، لأصحابكم ، لأقرب الناس إليكم ، انشروها فلكم الأجر ، وهي كفيلة أن تغير المسلم ، وتدخل النور إلى قلبه "

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
_______

عطاء دائم 11-29-20 08:23 AM

هذا الحبيب « 104 »
السيرة النبوية العطرة((الهجرة: عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ))
_________
{{ الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - }}
جاء في رواية أن عمر رضي الله عنه هاجر علانية، وهي رواية مشهورة من حديث علي بن أبي طالب ولكنها لم تأت من طرق ثابتة، وفيها أن عمر رضي الله عنه لما همَّ بالهجرة، تقلد سيفه، وتنكب قوسه، وانتضى (استخرج من كنانته) في يده أسهمًا، واختصر عنزته (وهي شبه العكازة) ومضى قبل الكعبة، والملأ من قريش بفنائها، فطاف بالبيت سبعًا متمكنًا ثم أتى المقام فصلى متمكنًا، ثم وقف على أندية قريش وقال لهم: شاهت الوجوه، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس (الأنوف)، من أراد أن تثكله أمه ويُؤَتَّم ولده، وترمل زوجته، فليلقني وراء هذا الوادي. قال علي: فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين

[[ المسلمون الضعفاء ]] علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه . وهذه الرواية ضعّفها بعض أهل العلم .


والرواية الأقوى في خبر هجرة عمر- رضي الله عنه - ما رواه ابن إسحاق قال " : ثُمَّ خَرَجَ عُمر بْنُ الْخَطَّابِ ، وعَيَّاش بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيُّ ، حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ ، فَحَدَّثَنِي نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ: اتعَدْتُّ، لَمَّا أَرَدْنَا الْهِجْرَةَ إلَى الْمَدِينَةِ ، أَنَا وعَيَّاش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيُّ التَّناضِبَ مِنْ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ فَوْقَ سَرِف ( بمعنى تواعدا عند هذا المكان ) و َقُلْنَا: أَيُّنَا لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا فَقَدْ حُبس فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ ، قَالَ:
فَأَصْبَحْتُ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ عِنْدَ التَّناضِب وحُبس عنا هشام " يعني أمسكوا بهشام . انتهى: من سيرة ابن هشام" (2/ 85) ، وصححه الحافظ في "الإصابة" (6/ 423)

وهنا درس يجب أن نقف عنده ، كثير من الناس يتساءل :
لماذا هاجر الرسول – صلى الله عليه وسلّم – سرا لا علنا ؟؟؟
قال تعالى :
" لَّقَدْ كان لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كان يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا " فهو أسوتنا ، وسيرته {{ للتأسي والاقتداء }}.
فلو هاجر النبي علناً لكان من الواجب على جميع المؤمنين ، أن يقتدوا بنبيهم في الهجرة فيهاجروا علنا، وهذا لا يناسب الكثير من الصحابة المستضعفين ويمكن أن يلحق بهم الضرر من قريش ،ويعتمدوا على الله بغير الأخذ بالأسباب ، لذلك هاجر - صلى الله عليه وسلم - سراً ، أخذا بالأسباب والحيطة ، ورفقاً ورحمة بالمستضعفين من أمته حتى لا يلحق بهم الضرر .

يُروى أن رجلا من الأعراب جاء إلى رسول الله ، ووقف عند الخيمة وأمسك البعير وصاح : يا رسول الله .. أأعقلها .. أم أتوكل ؟؟ [[ يعني أربط رجل الجمل بالحبل ، وإلا أتركها وأتوكل على الله ]] ؟؟ فقال له - صلى الله عليه وسلم - : {{ اعقلها وتوكل }} ، يعني الاثنان مع بعضهما؛ خذ بالأسباب وتوكل على الله .

" هذه مدرسة محمد - صلى الله عليه وسلم - علموها لأبنائكم ، لأصحابكم ، لأقرب الناس إليكم ، انشروها فلكم الأجر ، وهي كفيلة أن تغير المسلم ، وتدخل النور إلى قلبه "

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم 12-01-20 07:46 AM

هذا الحبيب « 105 »
السيرة النبوية العطرة

(( هجرة الصحابي الجليل صهيب بن سنان الرومي/ أبو يحيى ))
________
لما خرج النبي في هجرته مع أبي بكر الصديق ، أعلنت قريش جائزة كبرى لمن يأتي بهما ، [[ ١٠٠ ناقة من حمر النعم ، لمن يرد محمدا علينا ،حياً كان أو ميتاً ، فإن رد الاثنين فله بكل واحد ١٠٠ ناقة ، الناقة من حمر النعم في أيامنا هذه تعدل أغلى سيارة موديل السنة ، يعني ١٠٠ سيارة موديل السنة !!! ]]
فانتشرت الناس في كل مكان باحثين عنهما حُبّا في الجائزة . و كان في مكة رجل اسمه {{صهيب الرومي وهو صحابي جليل}} فلما سمع صهيب الخبر ، أراد أن يلحق النبي في هجرته ، وأن يكون مدافعا عنه إذا تعرض له خطر .

و صهيب كانت تعترف له مكة كلها ، بأنه أرماهم فيها ، [[ يعني كان إذا شد قوسه ، ووضع السهم فيه لا يخطئ سهمه ولو كان في خاتم ]] قال : فهممت أن ألحق بالنبي ،فأمسكني فتيان قريش [[ والكثرة تغلب الشجاعة ]] وحبسوني أياما عندهم يتناوبون حراستي ، فقمت ليلة أتظاهرأني مريض . فقال بعضهم لبعض : لقد شغله اليوم بطنه فناموا .

[[رجل ممغوص ، بطنه تؤلمه لا يستطيع السفر ]] . قال : فلما ناموا ، تسللت وركبت بعيري ، وخرجت ولم أتمكن من أخذ مالي معي ، فتركته تحت أسكفه [[ أي عتبة دار ]] وشعر بي القوم فلحق بي الرجال عند أطراف مكة .

نادوني من بعيد : انتظر يا صهيب ، لقد جئتنا صعلوكا حقيرا لا مال لك ، وعملت في مكة حتى أصبحت من أكثرنا مالاً ... [[ كان صهيب من أثرياء مكة ، ولكنه ليس مكيا ، إنما بيع في السوق مع الرقيق ، وأعتقه الذي اشتراه ، ثم تاجر معه لأنه اكتشف أن عقله تجاري ، فأصبح ذا مال كثير ]] .لا و اللات ، لا ندعك تذهب بالمال إلى يثرب ، لا واللات لا يكون هذا أبدا . قال صهيب : فعلمت مطمع القوم . . .
[[ هو ناقصهم واحد يقعد في مكة مسلم وإلا مش مسلم !! بدهم المال ، كيف أيامنا بعض الناس حياتهم كلها المال، ومثلُهم الأعلى بالحياة : معك قرش بتسوى قرش !! أحيانا أنا ما بتغلب لما أشرحلكم صفات الجاهلية ، لأنها موجودة في أيامنا عند بعض الناس وأسوأ من الجاهلية الأولى ]]

فقلت لهم : لقد استبان الأمر [[ وضحت الصورة ، فهمت عليكم ]] ، يا أهل مكة كلكم تعلمون بأني أرماكم ، فو الله الذي لا إله إلا هو .. لا أترك سهما في كنانتي إلا وضعته في قلب رجل منكم ، فإن أردتم مالي دللتكم عليه ... أما أن تحولوا بيني وبين الهجرة فالموت دون ذلك ، فإن انتهت سهامي وبقي أحد منكم أخذت سيفي وما زلت أضربكم به حتى لا يبقى بيدي إلا قائمه [[ يعني حتى يتكسر ]] ، كل هذا من أجل أن يلحق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وبإخوانه المؤمنين .
فقالوا له : قد رضينا ، دلنا على مالك . فقال لهم : هو في مكان كذا وكذا ، وكان صادقا، وهم يعلمون أنه صادق ، ويعلمون أن من دخل دين محمد لا يكذب أبدا ، فالرسول – صلى الله عليه وسلم – هو الصادق الأمين ، و أصحابه تعلموا منه الصدق ، فعلموا أنه صادق ، فتركوه ورجعوا . فقال صهيب : {{ الحمد لله الذي صرفهم عني بحطام دنيا }} .

قال : فلما اقتربت من رسول الله ، فإذا به يضحك ويقول : بخٍ بخٍ .. ربح البيع أبا يحيى .. ربح البيع أبا يحيى .. ربح البيع أبا يحيى .. [[ كنيته ابا يحيى ]] فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق لم يسبقني إليك أحد !! [[ ما حد كان معي ولا حد سبقني يخبرك ]]

فتلى النبي عليه قوله تعالى :
{{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد }}
يقول : فبكيت وقلت الحمد لله ... [[ أرأيتم تكريم الله له ؟! ذلك لأن صهيبا ألقى من قلبه حُطام الدنيا ]] . اللهم احفظ قلوبنا من الدنيا وأهوالها ، {{ ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إنّ سلعة الله الجنة }} .

( اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )

عطاء دائم 12-01-20 07:47 AM

هذا الحبيب « 106 »
السيرة النبوية العطرة (( قبل الهجرة : إسلام عمرو بن الجموح ، أحد سادة المدينة المنورة ))
________
عمرو بن الجموح ، هو سيد من سادة بني سلمة وكان موقعهم بين قباء والمدينة ، هذا الرجل أسلم ابنه واسمه {{ معاذ بن عمرو بن الجموح}} وكان له صديق قريب من عمره اسمه {{ معاذ بن جبل }} المعروف بين المسلمين ، [[ وهو المدفون الآن في الأغوار الشمالية في الأردن ]] ، معاذ بن جبل ، ومعاذ بن عمرو شابّان صادقان في إيمانهما ، عز عليهما أن يكون سيد القوم {{ عمرو بن الجموح }}

ما زال مشركا ويعبد الصنم ، حيث كان لعمرو صنم مصنوع من الخشب وقد سماه {{ مناف }} يتقرب إليه .. يحبه .. ويطلبه.. ويسجد بين يديه.


وعندما انتشر الإسلام في المدينة المنورة أسلم أولاده ، وأمهم ، ولكن {{ عمرو بن الجموح }} لا يعلم بإسلامهم فجاء أولاده ، يستشيرونه : ما رأيك بهذا الدين الجديد ؟ فقال: لست أفعل حتى أشاور مناف [[ الصنم ]] فأنظر ماذا يقول ؟؟!! أقبل عمرو يمشي بعرجته إلى مناف - وكانت إحدى رجليه أقصر من الأخرى - ثم قال : يا مناف .. قد علمت بخبر هذا القادم ، ولا يريد أحداً بسوء سواك ، وهو ينهانا عن عبادتك ، فأشِرْ عليّ يا مناف !! ثم تركه وخرج .


فلما أظلم الليل ،جاء ابنه وصديقه معاذ بن جبل و اتفقا على الذهاب إلى الصنم ليأخذاه ، ويرمياه في حفرة تكون فيها أوساخ الناس ، فلما أصبح عمرو وذهب إلى صنمه كي يعبده ، بحث عنه فلم يجده !! فخرج يسأل: من اعتدى على آلهتي الليلة ؟ فلا أحد يجيبه [[ فيضحك الشابان وينظران ماذا سيصنع ؟؟ ]]

فيبحث عنه ، فيجده مُلقى في حفرة القاذورات والنجاسات .. فيأخذه ، ويغسله ، ويطهره ، ويطيبه، ثم يرجعه إلى داره يعبده !! فإذا كانت الليلة الثانية ؛ ذهبا وأخذا الصنم ، وصنعا به كما صنعا في المرة الأولى ... فلما تكرر الفعل ، أخذ عمرو بن الجموح سيفه - وكان من السيوف النادرة الغالية - وعلقه في عنق الصنم وقال :

هذا سيفي تتفاخر به أهل يثرب ، فإن جاء من يعتدي عليك الليلة ، هذا السيف عندك فدافع عن نفسك . فلما ذهب لينام وتعمق في نومه ، ذهب الشابان إلى الصنم ، وأخذا السيف من عنقه ، ووجدا كلبا ميتا ، فأحضرا حبلا وربطا الصنم مع الكلب ، ونكسوه على رأسه في حفرة فيها وسخ الناس . فلما أصبح عمرو ، لم يجد صنمه ، فذهب مباشرة إلى الحفرة فوجده مربوطا بكلب ميت منكسا على رأسه . فنظر إليه قائلا - وقد تبين له الحق من الضلال - : والله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر !! وأعلن إسلامه .

أرأيتم العقول التي تهدي إلى الحق ؟؟ أريتم الفرق بينه وبين عمرو بن هشام [[ أبو جهل ]] كان يُسمّى أبا الحكم لحكمته بين أهل قريش، لكنه طغى وتجبّر ولم يستخدم حكمته ، بالرغم من أنه يعلم صدق محمد – صلى الله عليه وسلم – حيث قال أبو جهل مرة للأخنس :

واللات والعزى ما كذب محمد قط، وكنا نسميه الصادق الأمين ، ولكن متى كنا لبني عبد مناف تبعا ؟ ... لقد تكبّر فأعمى الله قلبه .
ولو تقدّمنا في السيرة قليلا لرأينا أنّ عمرو بن الجموح - رضي الله عنه - لم يشهد غزوة بدر ، ولما نودي لمعركة أحد أحب الخروج للجهاد ، فمنعه أبناؤه من الخروج للقتال ، وقالوا : إن الله قد عذرك ونحن نكفيك

[[ لأنه أعرج ، قالوا نحن نسد مكانك ]] ، إلا أن عمرو بن الجموح أبى إلا أن يشهد المعركة مع أبنائه ، وذهب إلى رسول الله ، فقال له النبي:

أما أنت فقد عذرك الله، ولا جهاد عليك . وألح عمرو بن الجموح في الخروج ، وبكي بين يدي رسول الله قائلا : إني لأرجو الله أن أطأ بعرجتي الجنة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم – لأبنائه : لا عليكم، لا تمنعوه ، لعل الله يرزقه الشهادة· وهذا ما حدث معه رضي الله عنه ، فقد استشهد في غزوة أحد رحمة الله عليه .

أريتم كيف كانت بداية عمرو بن الجموح ؟؟
يعبد صنما من خشب !!! وكيف كانت نهايته ؟؟ شهادة في سبيل الله ... [[ فإياكم أن تحكموا على أي شخص بمجرد المعصية ، فلا نعلم ماذا سيختم الله له به حياته ؛ فارحموا عباد الله، وادعوا لهم بالهداية، فالسيرة للتأسّي لا للتسلي ، فهي منهاج حياة ]] .

( اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )


الساعة الآن 09:12 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا