مرة السايس خبطلي العربية وأنا في شغلي لأني بسيبله المفتاح وقت الزحمة.. نزلت واكتشفت إللي حصل.. وهو كان مرتبك جدا وخايف.. وبيديلي المفتاح ووشه في الأرض وبيحاول يخبي.. كنت متضايقة جدا لأني لما سألته خبطّها إزاي أنكر وقاللي لأ حضرتك كنت جايباها كده.. مش أنا..
فضحكتله وقلت لنفسي الأهم من العدل الرحمة والأهم من العفو الإحسان.. واخترت أعمل نفسي مش فاكرة فعلا ومشيت.. وهو بص كده في الأرض نظرة فيها مزيج من الراحة والكسوف والخزي إنه فاكر إنه ضحك عليا.. بس فلت من العقاب.. وأنا مكنتش مهتمة بتأديبه أو تأنيبه.. هو عارف إنه غلط .. وأنا عارفة إنه مقصدش.. العفو كان من إحراجه. رغم أن العدل كان إني أواجهه..
مشيت وفرحت لأني افتكرت اني من كذا سنة خبطت لموظف عربيته وهو في شغله وراكن مظبوط.. بوظتله الشنطة وكسرت الفانوس.. أنا كنت غلطانه ظ،ظ¥ظ*ظھطœ ووقفت استنى يصرخ ويشتم ويطلب تعويض وكنت طبعا هصلحها على حسابي.. الغريب إنه خرج بهدوء من شغله مبتسم وبيسألني: حضرتك بخير؟ حضرتي وبخير! طبعا ارتبكت من رد الفعل وقلتله أنا بخير بس عربيتك اللي واضح إنها جديدة مش بخير ابدا أنا مستعدة لأي تكاليف.. إلخ قاللي لا أبدا محصلش حاجة ده قدر.. اتفضلي وشكرا انك انتظرتيني! يا أستاذ حضرتك حقيقي ولا ملاك؟ كان حقيقي ولم يعفو فقط بل وأحسن إلي..
وقلت دايرة الإحسان مقفولة وسايرة ومُعدية.. أنا أحسنت للسايس اليوم وهو عاجز لأن ذلك الرجل المحترم أحسن إلي يوما ما وأنا قادرة.. فربما كانت هذه لتلك..
بعدها بكام شهر كنت محتاجة معجزة عشان آخد موافقة على ورقة من الجامعة وكانت شبه مستحيلة لأسباب لا يسع المجال ذكرها.. لكن أستاذتي العظيمة جدا في إحسانها كالعادة لم تعاملني بالعدل ولكن بكل الإحسان ووقفت بجانبي حتى حصلت على موافقة بحسابات الورقة والقلم لم تكن ممكنة ولا مستحقة..
فقلت ربما هذه النصرة كانت لدعوة خفية بعد إحسان..
عبادة الإحسان من أرقى وأجمل العبادات.. فالإحسان هو الفعل الذي ذكره الله في كتابه بحب.. ومعية واقترن عنده بالجزاء..
ربنا على الأقل ذكر "وكذلك نجزي المحسنين" سبع مرات وكرر " إن الله مع المحسنين" و " إن الله يحب المحسنين" كذا مرة..
وده فكرني بموقف تقشعر له الأبدان وهو حقيقي وصاحبته ربما تقرأ الآن.. كانت هناك أرملة مديونة بمصاريف علاج زوجها وكان مبلغ كبير حاولنا نجمعه بكل الطرق من الأهل والأصحاب.. حتى فاجئتني السيدة الجميلة بأنها ستسدد المبلغ بالكامل من مالها.. وحرفيا أفرغت ما في بيتها وما في حسابها لسد دين سيدة لا تعرفها وعادت فارغة الجيوب ولكن مملؤة بسعادة ورضا وأكيد كثير من الدعوات.. وسألتها ماذا ستفعلين لباقي الشهر.. قالت لا أعرف المهم أننا فرجنا كرب محتاج..
ودون مبالغة.. بعد يوم جاءني منها مكالمة تبكي بها وتقول انها وجدت ظرف ابيض به تقريبا ربع ما انفقت في غرفة نومها.. وفي درج تفتحه يوميا.. وتكرر ذلك معها مرتين.
قد يتهمني البعض بالدجل ولكني أقسم بأنها الحقيقة..
وده مش غريب.. ربنا بيرد الإحسان بطرق عديدة.. بالحب والستر والرضا وغيره وهو ليس بعاجز عن ذلك.. فهو يقول للشئ كن فيكون.. سبحانه ��
الإحسان درجة عالية من السماحة والرضا والتوكل والقوة والحب والزهد مع بعض.. درجة بتخلي حرفيا ربنا معاك يحبك ويجزيك..
وكذلك نجزي المحسنين.. يا رب اجعلنا منهم.
م/ن