لكل دقيقة في هذا الشهر الفضيل ثمن ، فلا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء، ولا يزهّدنّك الشيطان في الطاعات ، فإن العاقل من يُقبِل على الغنيمة إذا هبّت ريحها، وينهل من الخزائن إذا فتحت أبوابها، وربّ رحمة تُصبك في هذه الأيام الفضيلة يُكتب لك بها سعادة لا تشقى بعدها أبدًا.

صح عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم أنه قال: من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه والمعنى أن من قامها بالصلاة وسائر أنواع العبادة من قراءة ودعاء وصدقة وغير ذلك إيمانًا بأن الله شرع ذلك واحتسابًا للثواب من عنده لا لرياء ولا لغرض آخر من أغراض الدنيا غفر الله له ما تقدم من ذنبه....

ذا اوجعتك ذنوب العام ورأيت في رمضان طوق نجاتك، وأمل خلاصك؛ فهذا من التوفيق للعفو والغفران، وإن اعتقدت أن في هذا الشهر نفحات تهب على القلوب لتحيا وترقى، فاضمرت في نفسك التعرض لهذه النفحات؛ فأنت المسدد المعان، ومن غابت عنه كل المعان الجميلة لرمضان، فهو علامة الخذلان ودليل الخسران .....

‏قال أبو حامد الغزالي:
" الله سبحانه إذا أحبَّ عبدا استعمله في
الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال،
وإذا مقته استعمله في الأوقات الفاضلة بسيء الأعمال""".
فانظر مالله صانعٌ فيك؟
‏ثم ليعلم قلبك أنه ذهب نصف رمضان وبقي النصف، إن قصَّرت فيما مضى فأحسن فيما تبقَّى إنما الأعمال بالخواتيم،
رمضان يا أخي أيَّام معدودات،
ضيف سيغادر سريعًا فأحسن إلى
ضيفك، وأخلص في سعيك علّك تكن
ممن أحسن بفلاح، وأُكرم بالفوز وكُلل
بذله بالنجاح،
وكان من السابقين رغم عرجه!

قصَّرتَ فيما قد مضَى؟
‏اِنهض..
‏فنورُ العَشرِ لاحْ
‏اركِض برجلِكَ فَالمدَى رَحبٌ..
‏فَحيَّ على الفَلاح!

‏"دونك هذه الليالي يجود الله بها على عباده بتحقيق الأماني والهبات، فسابق وأقبل فالفوز لمن عُتق من النيران، ويالذة الأرواح حين تُسقى من رحيق المغفرة، ونسائم الرحمات فتزداد قرباً ونوراً وهداية"

‏اللهم بلغنا ليلة القدر، وأعْظِم لنا فيها الأجر وارزقنا قيامها إيماناً واحتساباً
‏واكتب لنا فيها من مقادير الخير أَوْفَرَ الحظ والنصيب.....

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها، والله أعلم.
لطائف المعارف ص 253