|
إضافة رد |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
06-20-23, 09:46 AM | #1 | ||||||||||||||
|
هـِجرة لم يلتفت فيها القلب ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته { وليالٍ عشر } .. الَّليلة الثانية اسـأَل رِمالَ مكّة عن آلامِ خُطى هاجرَ و هي تتماسك ؛ كي لا تلحق بإبراهيم ! يَقولون يـا هاجَـر .. إنَّ إحساسَ المرأة بالحزن و الألم ؛ يَعدِلُ ثمانيةَ أضعاف إحساس الرجل ! فكيفَ صَمتَ الوجعُ فيكِ ؛ و إبراهيمُ يرحـلُ عنكِ و عـن الرّضيـع ؟! لا شيء كان يُخيف هاجرَ في هذه الصّحراء ؛ مثلَ مَغيبِ الشّمس في هذا المكان ! ترتعشُ هاجَـر في هذه الصّحراء الشاسعة .. وماتدري أن اليباسَ تحت قدميه سيغدو سقاية الحجيج أبدا ! تهَرع إليه ! يـا إبراهيمُ .. كيف تجمعُ عَلينا غِيابان .. غيابكَ أنتَ ، و غيـاب الشّمس ؟! هل نَذرتَنا للفَناء ؟! صدّقني لا شَـيء يوحـي بغيـرِ ذلـك ! آاللهُ َأمرَكَ بذلك يـا إبراهيم ؟ فأجابَ : نعَـم ! كَـان اللهُ فـي عَليائِه يَشهدُ تِلكَ اللّحظـة .. لحظة اختيارٍ بين خطوتَين .. نَحو ابراهيم أو نحوَ الله ! لحظةً .. سُجّلت لِهاجرَ في تاريخ الكون ، و بها اعتَلَت المَـرأةُ مكـان الشّمـس ! تسامَت على ضَعفِها ؛ حتى كأنَّها أُسطورةُ من خيال التاريخ ! أيُّ دينٍ هذا الذي يوقِظُ النِّساءَ ؛ كي يَصّعَدنَ من السَّفحِ الى حيثُ تُقيمُ النُّسور ! كَـي يُصبحنَ أيقونةَ الفِداء .. كي يملأَنَ الصُّخورَ المتشقِّقة من الجَفافِ ؛ بماءٍ لا ينقَطِع ! كانت الدُّروبُ الصّامتةَ ؛ تَسمع وَقعَ أقدام ابراهيم مثقلة بالرَحيل ! { ربّي إنّـي أسكنتُ مـن ذُريتي بوادٍ غيـرِ ذي زَرع } .. كم مرةٍ تهدَّجَ صوتُك ، أو تقطَّعَ ، أو تحشّرَجَ يـا خليلَ الله بين الكلماتِ ؟ مَشهدٌ .. تئنُّ لهُ السّماواتُ ؛ و لا تئنُّ له جارية في مُقتبل العُمر ! كَـان الرّعبُ يحيط بها ؛ الرعب في إنتظار العَتمَة الآتية ، و في بُكاءِ طفلٍ يُحرّكُ سُكونَ الصّحراء المخيفة؛ لتُلقي بأثقالِها في وجهِ الجارية ! تَنحني هاجرُ على الصغير فتبدو أمامها الحقيقة عاريةً ؛ لا شيء الا صُراخ الرّضيع ! تتشبّث بـاليَقيـنِ : ( أنَّ اللهَ لـَن يُضيّعَنا ) ! تَشُدّ اليَدَ الغارقة في عَرَقِ الخوفِ على حبلِ الثّقةِ بالله ؛ ومثلِ لِبؤةٍ مَفزوعة تَهرعُ بيـن الجَبَليـَن ! تهرعُ بين الصفا والمروة .. ثمَّةَ ما يستَحِقُّ الحَّياة .. ثَمَّةَ ما يستحِقُّ السَّعي .. ثَمَّةَ حِكمة وراءَ كلِّ هذا الهَول ! كانت الأنفاسُ المُتلاحقة في هَروَلة الخطوات تَستبيحُ الصَّدرَ المُضطَّرب بالخوفِ المُشتَعِل ! هنا الوِحدة و الوَحشة .. و مَـوتٌ يفتَرِسُ الطِّفلَ .. و رَمـلٌ ينتَثِرُ في عَينَيها ؛ كأنَّهُ اللَّهَيب .. و لا إبراهيمُ يُؤنِس الطَّريق ! ترى هَـل بَكـَت ؟ لم تُسجِّل ذاكرةَ الصَّحراء ؛ الا ارتفاعاً في صوت اليَقين ! هل كَتمَت صرخَتها ؟ لم تَشهد السَّماءُ ؛ الا صَمتَ المُوقِنين ! هل شَكَت ؟ لا .. إذْ عَلَّمَها إبراهيمُ ؛ أنَّ النّورَ لا يَعبُر الا بعدَ اكتمالِ اللَّيل ! ..وعَلَّمَها إبراهيمُ ؛ أن كل مايحجب الثقة بالله خطيئة ! تلك جراحٌ نزفت .. فأضاءت للأمـّة الطريـق ! يـا هاجَـر .. لو تَعلمين : أنَّ عَتمة الصّـحراء مـِن يَقينك تكادُ تُضـيء ! كَـانت زمـزم حينها ؛ تنتظـرُ ضَربَةَ قـَدَم الصَّغيـر .. و كانَ لا بُدَّ لذلك من اكتمالِ مَشهَد التَّضحية ، و تقديمِ كلِّ القَرَابين ! (وعند انسـداد الفـُرَج ؛ تبدو مَـطالع الفَـرج ) ! تَسعى الحَجيجُ اليوم على الخُطى الجَليلة .. على خُطى جاريةٍ ؛ كَتَبَت من خوفِها انتصار إرادةِ اللهِ عَبرَ امرَأة ! ( هَـاجـَرُ ) .. لكِ من اسمِك أوفر النَّصيب في هِجرَةٍ ؛ تَمَّت للهِ وَحدَهُ .. هـِجرة لم يلتفت فيها القلب ! أيـا سَيِّْدَةَ المَعاني الكبيرة .. [ مِنكِ تَستَلهِمُ المُرابطاتُ اليومَ في حَرَمِ الأقصى ؛ حكايَةَ النَّصرِ القَريب .. ومِنك تستلهم الأسيرات في سُجون الظُلم ؛ مَعاني الثّبات ] ! من كتاب على_خطى_إبراهيم د_كــِفاح_أبوهَنّـود وليالٍ_عشر | ||||||||||||||
|
06-20-23, 03:08 PM | #2 | |||||||||
|
بارك الله فيك
| |||||||||
|
06-21-23, 02:13 AM | #3 | |||||||||||
| وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ونِعم بالله دائماً طرح جميل / لافتة رائعة وتذكير أروع بُوركت أناملكغاليتي / عطاء دائم وجعل ماقدمتي بميزان حسناتك الصالحة / تقبلي ودي ... : | |||||||||||
|
06-21-23, 06:49 AM | #4 | ||||||||||||||
| | ||||||||||||||
|
06-21-23, 06:50 AM | #5 | ||||||||||||||
| | ||||||||||||||
|
06-21-23, 06:53 AM | #6 | ||||||||||||||
|
هـِجرة لم يلتفت فيها القلب ! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته { وليالٍ عشر } .. الَّليلةُ الثالثة { و إذ يرفـعُ إبراهيم القَواعـدَ مِـن البيت } .. كم هوَ عُمرك يا إبراهيم ؟ هِجرات ثلاث .. و سنوات ممتلِئَة بالتّضحيات .. و بناء بيت للهٍ .. و مشاهدَ لا تُحصى ؛ مـِن مواقفِ الثَّبات ! بهذا تُقاسُ الأعمارُ يا سيّدي .. بِعُمقها ؛ و ليس بِطولها ! تسكـنُ قاماتُ النّخيل العراقيّ فـي عُمرك .. و تتجذَّر أفعالك ؛ كأنَّها جُذور شجرة زيتونة مقدسيّة .. و يتّسع عُمرك ؛ كأنـّه صحراء الجَزيرة التي بَنيْتَ للهِ فيها بيتاً ليس لهُ مثيل ! ما أطولَ عُمرك يا سيّدي .. فَرُبَّ عُمر اتّسعت آمادهُ ، و كثُرت أمدادهُ ، و أمطرت غيماته الى قيام الساعـَة ! رَفَعْتَ بيتاً لله ؛ فَرَفَعَ اللهُ لك ذِكّرَكَ ، و رفَعَ مَقامك .. فلم يَلقاكَ مُحّمدٌ ﷺ الا في السّماء السّابعة ؛ مُسنِداً ظَهرَك إلى البيتِ المَعمور .. و وَحدكَ دُون الخلائِقِ ؛ امتلَكتَ هذا الشَّرف الجَليل ! مِـن عُمرك ؛ انبَثَقَت يَقَظةُ الإنسان يـا سيّدي .. فأنتَ مَن نَزع الحُجُب عن العَقلِ ، و أثارَ كلّ تِلك التَّساؤلات ، و علَّمَنا كيف يكونُ الإيمان مبصِراً و واعياً ! كانت آمالُكَ كُلَّ مساء ؛ تَتَبخّر الى السَـّماء .. تجمَعُها لك إرادةُ الله ، و تكتُب لك بها مَواعيدك مَع غيثٍ ؛ ستَرتوي منه البشريّة جمعاء ! كم هي المسافةُ بيننا و بينك ؟! كما هي المسافةُ بين أصواتِنا و صوتك ؛ إذ تُؤذّن { في النّاس بالحَـج } .. فتخلو الآفَاق الا مِن صَـدَى كلِماتِك ! كم هي المسافةُ بين أعمارِنا و عُمرك ؛ الذي يزدَحِمُ بالأحداثِ ، و يَسهر كلَّ ليلةٍ على الأمنياتِ الجليلة ؛ حتى استحقَّ أن يُسطِّره اللهُ على صَفَحاتِ القُرآن ! كَـم كان عُمرك .. يوم كنتَ ترفَعُ القواعدَ من البيتَ بِيدكَ التي أورقَت بناءً شامخاً ؛ لم تُغيّره الدُّهور ! لَم يكُن ابراهيم يَشيخُ .. ولَم يكُن لديه وقتٌ للنّهايات الذابلة ؛ فقد كان يعيشُ بقلبٍ يَستمّد زَيتَه مـِن نُـورِ السّـماوات و الأرض ! كان ابراهيمُ موطناً لـ { رَحمةَ الله و بركاتـه عليكُـم أهْـلَ البَيـت } ! كانَ إبراهيمُ يخلَع من خُطوته كًلَّ التَّوافِه ؛ و يُبقي قَدمه على العَتَبات الثَّقيلة ! وكان وحدَه مَن يستحقّ أن يُقال له : ( مَرَّ وهذا الأَثَر ) ! يَـا إبراهيم .. على قدرِ نِيّتك ؛ اتَّسَعت لَـك الأرض .. فأَنتَ حاضرٌ اليومَ في صلاةِ الأمّة ، و في مناسِكِها ، و في كُلّ لحظةِ التقاء بالبيتِ العَتيق ! لِـخيرِ هَذه الأمّـة و خيرنا .. أنتَ رَحلـت .. و اعتَلَيتَ الصَّخرَ ؛ و بَنَيت .. و كَتمتَ الدَّمع ؛َ و مَضَيت .. و غادَرتَ العٍراق ؛ و ما جَزِعت .. و تَركتَ للهِ جارية و طفلاً ؛ و ما انحَنَيت ! لِـخيرِنا .. تطاوَلَت كَفّكُ ؛ حتى اغتالَت كُلّ أوثانِ الضّلال .. و رَسَمَت لنا بعدَها ؛ ميلادَ أمـّةَ الهِـلال ! و لِـخيرنا .. لَـم تنكسرَ نِصفين ؛ أمام هَولِ النـّار ! لِـخيرنا .. لم تتمزّق أمامَ جَفاف الخَريف .. و كنتَ كبيراً في حُزنك ، و في سُؤلِك ، و في انتظارِ الرَّبيع ! و اليوم لِـخيرِنا يـا موطِنَ الخَليل .. يـا بَقيَّةَ الخَليل .. ابقَوا على الرِّبـاط .. ابقَوا على الطريق .. من كتاب على_خطى_إبراهيم د_كــِفاح_أبوهَنّـود | ||||||||||||||
|
إضافة رد |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
| أصدقاء منتدى مسك الغلا | | |||||