المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هذا الحبيب


الصفحات : [1] 2 3

عطاء دائم
07-01-20, 08:41 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

https://b.top4top.io/p_16433a8xr0.jpg


هذا الحبيب « ١ »
السيرة النبوية العطرة (( البداية ))
_______________________________
بسم الله والصلاة والسلام على رسول
{ البداية }
إن الله عزوجل لما أراد أن يخلق سيدنا
{{محمد صلى الله عليه وسلم }}
وهو أول الخلق نوراً وآخر الأنبياء وخاتمهم
فنظر الله إلى خلقه فقسمهم فرقتين :
_______________
فجعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في خير فرقة
ثم ما زال يختارهم خياراً من خيار [[ أي نسبه صلى الله عليه وسلم المتصل من آدم إلى الرسول نسب كريم طاهر نقي ]]

من أصلاب الرجال الطاهرة ، إلى أرحام النساء الطاهرة ، ما كان في نسبه سفاح جاهلية ، بل خرج من نكاح إلى نكاح
إلى أن شرّف هذا الوجود صلى الله عليه وسلم .
________________
ونبدأ بجده عبد المطلب جد النبي الأول
وعبد المطلب لقب وليس إسمه الحقيقي
أما إسمه {{ شيبة الحمد}}
فمن أين جاء إسم عبد المطلب ؟

أبوه أسمه هاشم كان سيد قريش وتزوج من يثرب
[[ يثرب هي مايعرف الآن بالمدينة المنورة ، لما هاجر إليها النبي صلى الله عليه وسلم سماها ، المدينة المنورة ، وطيبة ، وطابة ، لأنه كره اسم يثرب ، لأن يثرب من الثرب أي الفساد ]]

وكان هاشم هو زعيم رحلتا الشتاء والصيف ، فكانوا في الصيف يسافروا بالتجارة لبلاد الشام وفي الشتاء يسافروا لليمن
و هاشم من الأشراف .. وكان من عادة الأشراف أن يأخذوا زوجاتهم معهم
فلما خرج لرحلة الصيف إلى بلاد الشام ، وكان هاشم مصطحب زوجته معه وكانت قد حملت بعبد المطلب {{شيبة الحمد }}

ولما وصلت يثرب جائها المخاض وولدته
فتركها هاشم عند أهلها وتابع رحلته إلى بلاد الشام للتجارة ، وأثناء رحلته توفي في مدينة غزة ودفن فيها فسميت {{غزة هاشم }} أصبح عبد المطلب يتيم الأب وتربى عند أخواله وإسمه بينهم {{ شيبة الحمد }}
__________________
فجاء من مكة عمه أخو أبوه ، هاشم وكان إسمه {{ المطلب}} قال لأمه إبن أخي شيبة يجب عليه أن يلحق بقريش فإنهم أهله وقومه لأنه أصبح كبير وهو الآن غريب بين القوم .. ونحن أهل شرف في قومنا لا يجوز أن يبقى إبن أخي عندكم .. قالت أمه نخيّره ؟

فعندما سألوا شيبة الحمد قال
بل ألحق بقومي [[ مع أنه كان صغير بالعمر بس مسألة الشرف كانت عنده عظيمة ]]
الآن خرج عمه المطلب ومعه إبن أخيه شيبة إلى مكة ، لما وصلوا مكة ودخلها مع هذا الغلام الصغير .. قالت قريش المطلب أحضر معه عبد من العبيد [[ اعتقدوا انه اشترى عبد جديد .. فظنوا أن شيبة عبد من العبيد قد اشتراه المطلب ]]
فأصبحوا يقولوا {{ عبد … للمطلب }}
قال لهم المطلب لا لا .. إنه شيبة إبن أخي .. فمشى الإسم عليه من أول دخوله مكة وصاروا يسموه عبد المطلب .. أما إسمه الحقيقي {{{{ شيبة الحمد }}} وعبد المطلب لقب .
_________ الأنوار__المحمدية _________
_________ صلى الله عليه وسلم _________ _______________________________________

لذيذ الهمس
07-01-20, 09:14 AM
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

جزيتي الجنان ياعطاء على هذا العطاء :MonTaseR_205:

عطاء دائم
07-01-20, 05:26 PM
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

جزيتي الجنان ياعطاء على هذا العطاء :montaser_205:

واياك يا رب خير الجزاء أخي
شكرا لك على كرم الحضور

عطاء دائم
07-01-20, 05:27 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا الحبيب « ٢ »
السيرة النبوية العطرة (( حفر بئر زمزم ))
___________________________________
أصبح شيبة الحمد ، المعروف بلقب { عبد المطلب }
رجل كبير وأصبح { سيد قريش } وكان له الشرف الكبير بين العرب وخاصةً عندما حفر بئر زمزم
بئر زمزم كان مطمور بالتُراب من زمنٍ بعيد ، كانت قريش تسمع عنهُ بالقصص القديمة ، إلى أن رأى عبد المطلب جدّ النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا في منامهِ .
____________________
____________________
رأى عبدالمطلب رؤيا تكررت معه أكثر من مرة ، شخص يأمره بحفر بئر زمزم عند الكعبة ، ويحدد له مكان الحفر ، وكان بئر زمزم قد دفن بالتراب بسبب فعل الزمن
فلما أستيقظ من نومه ،أخذ يفكر بالرؤيا المتكررة ، ويتذكر قصص قديمة ، التي كانت تروى أنه على زمن اسماعيل عليه السلام ، عندما كان رضيعاً ، إنفجر بئر تحت قدميّ اسماعيل عليه السلام ، وأن أهل مكة دائماً يذكرون في مجالسهم ، أن هناك بئر في مكة مطمور لا يعرف مكانه ، وأن كل الآباء حفروا وبحثوا عن هذا البئر ، ولكنهم لم يجدوا هذا البئر المبارك زمزم .
______________________________________
______________________________________
فخرج عبد المطلب لقريش ، وقص عليهم الرؤيا التي رأها [[ أي أن هناك مكان محدد يجب حفره يوجد تحته ماء زمزم ]]
فقالوا له : دلنا على ذلك المكان !!
فأشار لهم إلى ذلك المكان الذي عند الكعبة ، فرفضوا جميعاً أن يحفر في هذا المكان
والسبب {{ أن المكان الذي أشار إليه عبد المطلب ، يقع بين صنمين من الأصنام التي تعبدها قريش ، صنمٌ إسمه ( أساف)
والآخر إسمه ( نائلة ) فحاول عبد المطلب أن يقنعهم ، ولكن رفضوا بشدة }}
وكان عبد المطلب عنده ، ولد وحيد ، وهذا يعني في قريش أن ليس له عزوة ولا عشيرة ولا عصبية يدافعوا عنه ، وفي أيامهم ، كان كل شيء يمشي ويعتمد على القبائل والعصبية ،
فحزن عبد المطلب حُزن شديد واعتصر قلبه من الألم ، ثم وقف عنِد باب الكعبة ، وقلبه يعتصر من القهر ونذر لله إن وهبتني عشرة من الأولاد الذكور ، وبلغوا مبلغ الرجال ، وأستطعت حفر بئر زمزم ، لأذبحنّ أحد أبنائي .
____________________________________
____________________________________
فلم يمضي عام إلا وقد ولدت زوجته الولد الثاني ، وكل عام تلِد ولد حتى صار عددهم {{ عشرة }} وكبروا وأصبحوا رجال وعصبة ، وأصبح عبد المطلب صاحب عصبة وحمية في قريش ، فحفر بئر زمزم ولم يتجرأ أحد على منعه ، وخرج الماء ، فلما رأت قريش الماء فرحت فرحاً كبيراً ، بعملهِ هذا ،
الآن أصبح عبد المطلب مُطالب بأن يوفي {{ نذره }} وهو أن يذبح أحد أولاده العشرة عند باب الكعبة .
_________ الأنوار_المحمدية ___________
________صلى الله عليه وسلم ___________

يتبع بإذن الله …

عطاء دائم
07-04-20, 01:37 PM
هذا الحبيب « ٣ »
السيرة النبوية العطرة ((عبدالله الذبيح والد النبي - صلى الله عليه وسلم - ))
_____________

الآن أصبح عبد المطلب مُطالبا بأن يوفي بنذره ، ويذبح أحد أولادهِ عند باب الكعبة ، فجمع أولادهُ العشر، وأخبرهم عن نذرهِ لله أمام باب الكعبة، وأنه يجب عليه أن يوفي نذره . فقالوا له : يا أبانا ، ليس بوسعنا أن نقول لك إلا كما قال اسماعيلُ لأبيه : افعل ما تؤمر ستجِدُنا إن شاء الله من الصابرين ، [[ أي افعل ما تُريد ، وما تراه مناسباً ]] .


وكان أصغر أبناء عبد المطلب ، هو عبدالله والدِ النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ، وكان أحب أبناء عبد المطلب ، كان يحبُه حباً كبيراً ، [[ ولا حظوا معي ، سبحان الله الذي اختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - قبل مولده اسم أبيه

( عبدالله ) ! كل أبناء عبد المطلب العشر، لايوجد فيهم واحد اسمه مقرون باسم الله عزوجل ، إلا والدِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فاسم أبي طالب "عبد مناف "، واسم أبي لهب الحقيقي "عبد العزة " ، تخيلوا لو كان الاسم محمدا بن عبد العزة ؟؟

لا يصلح أبداً مع حبيب الله .. فمن الذي اختار الاسم لوالد النبي ؟؟ إنه الله - جل جلاله - ليكون اسم حبيبه ونبيه ، محمدا بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، فهذا من حفظ الله لنبيه حتى قبل مولده ]] .


كان عبدالله والد النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرب إخوته إلى الله، كيف لا يكون أقربهم ، وهو يحمل {{ النور المحمدي }} ؟

قال لهم عبد المطلب : يا أبنائي : اكتبوا اسماءكم على القدح ، [[ لم يكن عندهم استخارة ، في الجاهلية كان هناك رجل عند الكعبة متخصص بعمل ما نسميه اليوم القرعة ، كان اسمها ( الأزلام ) ؛ فماهي الأزلام ؟؟

هي قطع خشب صغيرة تشبه السهم ، و عددها ثلاثة يكتب ، على كل واحدةٍ منها كلمة :

1_ افعل
2_ لا تفعل
3_ غفل ،ليس فيه شيء

فإذا أردوا أن يسافروا، أو لهم حاجة مهمة ، واحتاروا في أمرهم ، استخدموا

(الأزلام ) فإن خرج افعل .. فعلوا ، وإن خرج لا تفعل ... تركوا ، وإن خرج غفل .. أعادوا القرعة .
فلما تشرف الوجود بالنور المحمدي - صلى الله عليه وسلم - نسخ ذلك كله ونهى عنه،وأرشدنا إلى الاستخارة ]] .


فكتبوا أسماءهم ، وذهب عبد المطلب إلى المسؤول عن الأزلام ، عند الكعبة وقال له : أريد أن أنحر أحد أولادي قرباناً لرب هذا البيت ، و وفاءً لنذري ، خذ هذه الأقداح ، قد كُتبت عليها اسماؤهم العشر، خذها واضرب عليها

[[ أي اعمل لهم قرعة ]] ، ورب الكعبة ، أيهم خرج اسمه نحرته اليوم عند باب الكعبة !!
ثم توجه عبد المطلب لباب الكعبة ، والدموع تنهمر من عينيه ،حتى سالت على خديه ، ورفع يديه عند باب الملتزم،وأخذ يدعو الله : يارب لا تجعل السهم يخرج على عبدالله ، ويدعو الله ويستغيثه ، يارب أبنائي كلهم لو نحرتهم أهون عندي من عبدالله ، كان عبدالمطلب يحبه حباً كبيراً والسبب

[[ نور النبوة المحمدي الذي يحمله عبدالله من رسولنا وحبيب قلوبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ]] .
فلما قاموا بالأزلام ( القرعة ) ،

خرج السهم على عبدالله ، فتألم عبد المطلب ألما شديدا ، وتغير لون وجهه ، ثم أخذ بيد عبدالله و وضعه أمام باب الكعبة ، وأراد أن يذبحه على الفور.

[[ لك أن تتخيل قلب عبد المطلب وشعوره في هذا الموقف ، صحيح أنهم كانوا في جاهلية، ولكن عندهم الرجولة والوفاء بالعهد ، ولو على أنفسهم )) ،

وضع عبد المطلب ابنه عبد الله أمام الكعبة ، وأخرج سكينه واستعد لذبحه . . .

الأنوار_المحمدية
- صلى الله عليه وسلم -

عطاء دائم
07-05-20, 05:42 PM
هذا_الحبيب « ٤ »
السيرة النبوية العطرة
(( فداء عبدالله والدِ النبي صلى الله عليه وسلم ))
________________________________
وضع عبد المطلب إبنه عبدالله ، أمام الكعبة وأستعد لذبحه
وكانت أندية قريش حول الكعبة .
[[ الأندية .. هي عبارة عن مجالس لقريش ، كانوا يجلسون جماعات مع بعضهم البعض ، كل جماعة تجلس مع أصحابها ، إسمها أندية ، وتكون الكعبة أمامهم مباشرةً ، وكل ما يحدث عند الكعبة يرونه ]]
______________________________
فلما استعد عبد المطلب لذبح عبدالله ، ضاجت قريش كلها
[[ لأن أهل قريش كان عندهم علم بقصة النذر والذبح ]]
وقام الناس من مجالسهم مسرعين ، حتى وصلوا الى عبد المطلب ، وامسكوا بعبد الله وابعدوه ، ثم وقفوا بين عبدالمطلب وعبدالله ، ثم صاحوا بأعلى صوتهم
لاااا واللات والعزى ، لا ندعك تذبحه حتى تعذر فيه
[[ أي حتى نجد حل لهذا النذر ]]
يا عبد المطلب :_ أنت سيد قومك ، وكبيرهم وقدوتهم ، إن ذبحت ولدك ، ستكون سُنة [[ عادة ]] في قريش ، كل رجل نذر ، سيذبح إبنه عند الكعبة .
قال عبد المطلب :_ يا قوم .. لعل الله إبتلاني كما ابتلى جدكم إبراهيم ، بولده إسماعيل ؟؟
قالوا لا ، لا لن ندعك تذبحه حتى تُعذر فيه .
قال لهم .. وما الحل ؟؟
فصاح أحدهم ، فلنحتكم الى الكهان !!
وصاح آخر ننطلق الى سحاج عرافة يثرب
[[ قلنا أن يثرب هي نفسها المدينة المنورة حالياً ، لما دخلها الحبيب صلى الله عليه وسلم ، أنارت وأضاءت وأشرقت من نور وجهه صلى الله عليه وسلم ]]
ننطلق الى سحاج عرافة يثرب [[ امرأة اسمها سحاج كاهنة في يثرب ، كانت تُعرف بعرافة يثرب ]]
نسألها لعلها تجد لك مخرجا ، عرافة يثرب خير من ينهض بالأمر [[ أي افضل كاهنة تستطيع أن تحل هذا الأمر ]]
فسكت عبد المطلب عن الكلام ، ولم يعد له سبيل لرفض كلامهم ، ونزلت عليه السكينة والأرتياح ثم نظر الى القوم
وقال :_ ننطلق الى سحاج عرافة يثرب
_________________________________
فصاح الجميع وعلا صوتهم بالفرح ، انتشر الخبر في مكة كلها كالنار بالهشيم وضجت مكة بأصوات الفرح ، وأطلت النساء بفرح ينظرن الى عبد الله بشفقة ورحمة ، كانت كل فتيات مكة يتمنون عبد الله زوجاً لهن ، كان كل من نظر إليه يراه مكسواً بالجمال والهيبة والانوار {{ إنه نور حبيبكم المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يحمله عبدالله }}
الكل ينظر إليه وينظروا الى صبره لهذا الموقف الصعب ، هذا الفتى الجميل صاحب الوجه المضيء ، إنه جميل وما أكثر الجمال في قريش ، ولكن جمالهُ نادر يشف عن جمال الروح ، ففي جماله شيء غريب ، نور يكسوه في وجهه شيئاً لا ترى مثله في وجه شباب قريش [[ هناك كثير من الروايات في كتب السيرة قد تحدثت عن جمال عبدالله والنور الذي كان يكتسيه ولكن اكتفيت بالشرح لضيق الوقت ]]
____________________________________
فركبوا جميعاً ، وأنطلقوا إليها ، فلم يجدوها في يثرب ، كانت في خيبر ، فلحقوا بها الى خيبر ، فلما دخلوا على كاهنة
يثرب ، نظرت إليهم تلك العجوز الكبيرة في العمر نظرة ذكاء وفراسة ، وقص عليها عبدالمطلب خبره وخبر إبنه عبدالله .
يتبع ان شاء الله
____________ الأنوار_المحمدية __________
___________صلى الله عليه وسلم __________

عطاء دائم
07-07-20, 06:48 AM
هذا_الحبيب « ٥ »
السيرة النبوية العطرة (( كاهنة يثرب ، وعبدالله الذبيح ))
____________________________
____________________________
فلما اخبرها عبد المطلب بالأمر
قالت الكاهنة ، أمهلوني اليوم وارجعوا إلي في الغد ، حتى يأتيني قريني فأسأله !!
[[ كان الكهنة والعرافين علاقتهم مع الجن ، تسأل قرينها أي الجني الذي تتعامل معه ]]
فتركوها ورجعوا ....
_______________________________
قلنا أن عبد المطلب جد { النبي صلى الله عليه وسلم } ولد في يثرب ( المدينة المنورة ) يتيم الأب عند اخواله بني النجار .
الآن عبدالمطلب كان من عادته إن وصل المدينة المنورة ، ذهب لزيارة اخواله والتجول في اسواق المدينة ، لما خرجوا من عندها لم يذهب عبد المطلب لزيارة اخواله من بني النجار ولم يذهب الى اسواق المدينة يتذكر طفولته فيها ، كان مشغول البال بمصير ابنه عبدالله ، فقام يتضرع ويدعو الله أن يوفقه لما يرضاه .
______________________________
رجعوا في اليوم الثاني الى الكاهنة ، فقالت لهم قد جاءني الجواب ، كم دية الرجل عندكم إذا قتل ؟؟
[[ أي رجل منكم قتل رجل ، كم تدفعوا ديته مقابل أن يرضى أهله ]]
قالوا :_ نعطيهم عشرة من الأبل
قالت :_ إذٍ تُقدِموا صاحبكم [[ تعني عبدالله ]]
وتقدموا عشرة من الأبل ، وأطرحوا القدح
[[ أي تكتبوا اسم عبدالله على القدح الأول ، وعلى الثاني تكتبوا عشرة من الأبل ، قرعة ]]
وأضربوا عليها وعلى صاحبكم القدح ، فإن خرجت عليه زد من الأبل عشرة [[ اعملوا قرعة بين عبدالله والعشرة من الأبل فلو
خرجت القدح في القرعة بأسم العشرة من الأبل = فقد رضي ربكم بالفداء
فإن خرجت بأسم عبدالله = يجب عليكم ان تزيدوها عشرة وتعيدوا القرعة ]]
قال عبد المطلب : وإن خرجت عليه مرة اخرى ماذا نفعل ؟؟
قالت : تزيدوا عشرة ثم عشرة حتى تخرج ، على الأبل حتى يرضا ربكم ويفدى هذا الغلام ، ولا تتردد ، وأعلم أنك ستنال رضا الآلهة ونجاة صاحبك .
____________________________________
يقول النبي صلى الله عليه وسلم {{ أنا أبن الذبيحين }}
والمقصود ابوه عبد الله .. وأبوه الثاني اسماعيل عليه السلام ، لما رأى أبراهيم خليل الله عليه السلام ، رؤيا تأمره بذبح أبنه إسماعيل عليه السلام ، فصدق الرؤيا وهمّ بذبحه ، ففداه الله بذبح عظيم ، جده الأكبر للنبي صلى الله عليه وسلم ، نبي الله اسماعيل عليه السلام {{ أنا أبن الذبيحين }}
__________________________________
ففرحت قريش جميعاً وأصبحت قريش ترفع صوتها وتتفاخر بالكرم والسخاء والنخوة .
وأخذوا يصيحون ، بأعلى صوتهم !!
يقولون :_ واللات والعزى .. لنفدي عبد الله وإن لم يبقى في مكة إبل .
_____________________________
ورجعوا مكة ، والناس في مكة حزينه ، وفي قلق لأن عبدالله كان في مكة من أحب الناس إليهم ، وكان أجمل شباب قريش وأكرمهم خلقاً .. كيف يذبح؟؟
فصار عندهم قلق وكئابة
شاع الخبر في مكة وإجتمعوا الناس وأحضروا عشرة من الإبل
وتقدم عبدالله وقدموا عشرة من الإبل .. طرحوا القدح فخرج السهم على عبدالله !!
فأضافوا عشرة فخرج السهم على عبدالله !!
فألحقوها عشرة فخرج السهم على عبد الله !!!
فما زالوا يزيدون عشرة فوق عشرة يلحقونها عشرة حتى بلغت الإبل مئة على التمام
عشر عشرات فخرج السهم على الإبل ، صرخت قريش بصوت عالي ، قد رضي ربك يا عبد المطلب
فقال لااا .. قالوا لما لا ، يا سيد قومك ؟
[[ ما القصة يا عبد المطلب القدح أول مرة طلع على عبد الله مباشرة هممت لذبحه ]]
قال لهم حتى أضرب القدح ثلاث فإن خرجت على الإبل ثلاث هنا أعلم أن ربي قد رضي ، وإلا فلابد من ذبح الولد
قالوا كما تريد
[[ فقاموا بالقرعة ثلاث مرات وفي كل مرة تخرج على الإبل ]] فقال عبد المطلب الآن إطمئن قلبي، وأن ربي قد رضي
وكان فداء عبدالله 100 من الإبل ، نحروا الإبل وجعلها عبد المطلب طعام للناس والسباع والوحوش في الجبال لا يمنع عنها أحد ، فرحت قريش بفداء عبد الله فرحاً ما بعده فرح .. ثم أخذ عبد المطلب بيد إبنه عبد الله و سار به بأتجاه الكعبة
___________ الأنوار_المحمدية ________
__________ صلى الله عليه وسلم _________

عطاء دائم
07-07-20, 03:40 PM
هذا_الحبيب « ٦ »
السيرة النبوية العطرة (( زواج عبدالله من آمنة بنت وهب ))
____________________________________
____________________________________
لما فرحت قريش بفداء عبدالله ، أخذ عبد المطلب بيد إبنه عبدالله ، وسار به الى الكعبة ، والناس ينظرون ، وطاف به بالبيت سبعاً ، فنظرت قريش إليهم ، فرأت نور يخرج من عبدالله {{ نور يتهلل في وجهه ، تحرك نور النبوة المحمدي في وجهه لأنه يحمل نور نبينا وحبيبنا صلى الله عليه و سلم ، فدار نور النبوة في وجهه }} وجاءت قريش تهنئ عبد المطلب ، في نجاة ولده .
_____________________________
_____________________________
عبد المطلب مازال يتذكر كلام ذلك الحبر اليهودي في اليمن
عندما كان في رحلة الشتاء ودخل اليمن
نزل عند حبر من اليهود ، فقال الحبر لعبد المطلب متعجباً ، رجل من أهل الديور !!
[[ بمعنى يسأله متعجب انت من أهل الكتاب ]]
يا عبد المطلب ، أتأذن لي أن أنظر إلى بعضك
[[ تأذن لي أتفحص جسدك ، وكأنه عنده علامات إذا وجدت فيه ، تدل على شيء ]]
قال : نعم إذا لم يكن عورة
فلما نظر الحبر لجسده وتفحصه
قال له : أشهد أنك تحمل بين يديك .. ملكاً .. ونبوة
قال الحبر إذا رجعت تزوج من بني زهرة ، يا عبد المطلب ، سيخرج من ذريتك رجل ذو أمر عظيم ، يجمع بين الملك والنبوة ، وسيكون فخر ٌ لقبيلتين من العرب هم
{{ بني هاشم .. وبني زهرة }}
فلما رجع تزوج من (( هالة بنت وهب )) من بني زهرة
وبقي هذا الكلام في رأس عبد المطلب ، فقرر أن يزوج عبدالله ويفرح به ، يزوجه من ( بني زهرة ) من آمنة ، املاً بكلام ذلك الحبر اليهودي لعله يتحقق حلمه .
_____________________________________
_____________________________________
فعلمت قريش ، أن عبد المطلب قرر أن يزوج ابنه عبدالله من بني زهرة ، وانتشر الخبر في مكة ، حتى أن فتيات مكة مرضن ولزمن الفراش ، عندما سمعن هذا الخبر تأسفاً وحسرة فكل فتاة كانت تتمنى أن تكون زوجة لهذا الرجل المبارك .
_____________________________________
فذهب عبد المطلب الى ، سيد بني زهرة ، أبو آمنة {{ آمنة بنت وهب ، أم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم }}
وخطب أمنة .. لأبنه .. عبدالله
كان عمر (عبدالله) والدِ النبي صلى الله عليه وسلم « ١٨ » عام
كان عمر ( آمنة ) أم النبي صلى الله عليه وسلم « ١٤ » عام
ويقال ١٦
وفي نفس اليوم تزوجها عبدالله ودخل بها [[ وكانت عادة العرب ، العريس يبقى في ديار اهل العروس ، ثلاثة أيام وبعدها يأخذ زوجته ، ويرجع الى اهله ]]
فحملت آمنة {{ بسيد ولد آدم ، حملت بالنور المهداة للعالمين ، حملت بخير خلق الله أجمعين ، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم }}
يتبع إن شاء الله
__________ الأنوار_المحمدية ___________
________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-08-20, 06:24 PM
هذا_الحبيب « ٧ »
السيرة النبوية العطرة
(( وفاة والدِ النبي صلى الله عليه وسلم ))
______________________________________
______________________________________
عندما مضى ثلاث أيام ، أخذ عبدالله عروسته آمنة بنت وهب وارتحل بها إلى قومه ، وبعد أيام تجهزت القافلة لرحلة الصيف ، التي كانت مُتجهة لبلاد الشام ، فأختاروا فيها عبدُالله العريس ، كي يكون في القافلة مع بعضِ إخوته .
_________________________________
فودّع عبدالله عروسته ( آمنة بنت وهب ) ولم يكن عِنده عِلم ، أنه لن يراها بعد اليوم أبداً ، ولم يكن عِندهُ عِلم أن آمنة قد حملت له بطفل
{{ هو حبيبُ ربِ العالمين ، وخيرُ خلقِ الله أجمعين }}
ودّعها عُبدالله ثم أنطلق مع القافلة الى بلاد الشام .
__________________________________
_________________
بعد أشهر رجعت القافلة ، ليس فيها عبدالله !!
فسأل عبد المطلب أين عبدالله ؟؟
قالوا له : لا تقلق يا شيخ مكة ، تركناه عند أخواله في بني النجار ، في يثرب ( المدينة المنورة ) فقد أصابه بعض المرض ، وعندما يتعافى سيرجع ، تركناهُ هناك فلقد خُفنا عليه من مشقة السفر .
_____________________________________
فنظر عبد المطلب الى إبنه الكبير (( الحارث )) قال يابني أنطلق على الفور الى يثرب ، وأحضر عبدالله ولو في هودج الذي يحملُ النساء (( الهودج .. هو مثل الخمية التي تكون على ظهر الجمل تحمل النساء ، في السفر ، هنالك صورة في التعليقات ))
فلما ذهب الحارث ، و وصل يثرب وجد القوم في عزاء ، فسأل عن أخوه !!!!
فقالوا له : قد مات اخوك عبدالله وذلك قبره ، فوقف عند قبرِ أخيه وبكى حتى أفرغ حُزنه بالبكاء عليه
ثم رجع الى مكة ، وأخبر أبيه ، فكانت الفاجعة ، وضاجت مكة وقريش بهذا الخبر [[ سبحان الله قبل أشهر يُفدى بمئةٍ من الإبل وبعد شهرين يدركهُ الموت !! مالسر في ذلك ؟؟ حتى يخرُج من صُلبهِ ، محمدٌ رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ]]
حزنت مكة كلها ، على وفاة عبدالله
_____________________________
وكانت آمنة قد حملت بهذا الطفل المبارك ، الذي سيكون رحمة للعالمين .
لم تكن تعلم آمنة أنها حامل ، ولإنها كانت صغيرة بالعمر ولإنها أول مرة تحمل .
تقول آمنة : _ لم أعرف أني حامل ، إلا أنني أنكرت حيضتي [[ أي أنقطع عنها الحيض ]] فلما كان الشهر الثاني من وفاة زوجها عبد الله ، رأت رؤيا .. هتف هاتفٌ في أذنها وهي نائمة .....
_________________________________________
__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-10-20, 02:10 PM
هذا_الحبيب* « ٨ »
السيرة النبوية العطرة
(( حمل آمنة بسيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - ))
______________
رأت آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤيا تقول : هتف هاتف في أذني وأنا بين النائم واليقظان ، قال لي : يا آمنة هل شعرتِ أنك حملتِ ؟؟ تقول آمنة : فكأني شعرتُ أني أقول له : لا أدري !! قال : يا آمنة قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها ، فإذا ولدته فسمّه {{ محمدا }} . قالت فكان ذلك مما أكد لي الحمل ، ثم عرفت آمنة أنها حامل بعد انقطاع الحيض .


__________________
علم عبد المطلب أن آمنة قد حملت ، وفرح عبدالمطلب فرحاً كثيرا ، وفرحت مكة كلها بهذا الخبر ، ثم ذهب ليهنئ آمنة ، فقالت له آمنة : أريد أن أخبرك عن رؤيا رأيتها ، فلما قصت عليه الرؤيا ، تذكر عبد المطلب جميع ما مر به من مُبشرات ، وأنه سيخرُج من صُلبهِ مولود له شأن عظيم ، وتذكر تلك الرؤيا في منامه {{ إنه رأى سلسلة من فضة خرجت من ظهره ، حتى صعدت للسماء ، ثم رجعت إلى شجرة خضراء لها غصون ولها ظل ، فجاء جميع الخلق وتعلقوا بها }} .
ولأنه كان يسافر كثيراً ، كان يقابل الأحبار والعرافين وأهل الكتاب ،وكانوا جميعهم يبشرونه أنك في ظِل نبي آخر الزمن هو فخرٌ للعرب كلها، ولن يخرج إلا من دائرة بيتك ، وقص رؤياه لأهل المعرفة والكتاب ، ولِمن كان عِندهُ علم بتفسير الرؤى ؛ فقالوا له :
يخرج من صُلبك مولود يكون له شأن عظيم في الأرض والسماء !! فلما قصت عليه آمنة الرؤيا ، تهلل وجهه بالسعادة وقال : يا آمنة اكتمي رؤياك ولا تحدثي بها أحداً ،

__________________

يا آمنة .. إن أهل الكتاب أخبروني وبشروني بنبي آخر الزمن المنتظر، ولعل الجنين الذي في بطنك يكون هو ، فإنّ لأهل الكتاب حوله إشاعة كبيرة . ومضت الأشهر والأيام، وآمنة تقول:
لم أجد في حملي كما تجد النساء ، لم أشعر به ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء، [[ أي ، لا وحام ، ولا تعب ، ولا دوخة ، ولا إرهاق ولا ألم ]] ، حتى أنني أذهب للبئر لأشرب ، فأرى ماء البئر قد ارتفع للأعلى ، فأشرب منه ، فإذا انتهيت رجع ،
{{ وذلك ببركة من تحمل ، - صلى الله عليه وسلم - }}. فأخبرتُ بعض النساء حولي ، فقلن لي : علقي حديداً في عضديك ورقبتك

[[ يعني مثل أيامنا هذه ، تعليق الطوق في الرقبة ، على شكل عين وما إلى ذلك ، من الدجل ، لترد العين والحسد وأذى الجن ]] ،
قالت ففعلت ، فما مضى يوم إلا قطع [[ أي الطوق ]] ،
فتركته ولم ألبسه .. ومضت الأشهر حتى دخلت في الشهر التاسع .

_______________________
وهنا ، و قبل مولده - صلى الله عليه وسلم - بخمسين يوما، وقع حدث عظيم اهتزت له مكة والعرب . يتبع . . .
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___________
__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

رونق
07-10-20, 02:25 PM
سلمتى ، استمري
وجزاك الله الف خير
:رحيق:

عطاء دائم
07-11-20, 07:15 AM
سلمتى ، استمري
وجزاك الله الف خير
:رحيق:

واياك خير الجزاء غاليتي
ربي يحفظك
لسة المشوار طويل تابعي

عطاء دائم
07-11-20, 07:42 AM
هذا_الحبيب « ٩ »
السيرة النبوية العطرة (( إرهاصات النبوة ))
____________
قبل مولدِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمسين يوما ، وقعت حادثة اهتز لها العرب جميعاً ، وهي حادثةُ الفيل ، وكانت من إرهاصاتِ النُبوة قبل مولدهِ ، فما هي الإرهاصة ؟ المعجزة ؟ والكرامة ؟ والاستدراج ؟ والإهانة ؟
هي خمسة أسماءٍ لمسمىً واحد وهو {{ الأمرُ الخارقُ للعادة }} .

____________
الإرهاصة [[ هي أمرٌ خارق ، يحدثُ لأي نبي قبل مولده ، أو قبل أن ينزل الوحي عليه ، وهي عبارة عن تجهيز لحضوره ، تماماً مثل حادثة ( أصحاب الفيل ) قبل مولده - صلى الله عليه وسلم - بخمسين يوماً ]]

المعجزة

[[ عندما يُوحى إلى نبي ويتسلم مهام الرسالة ، ويقول للناس إني رسول الله إليكم ، ويأتي بأمر خارقٍ للعادة ، دليل على صدقهِ ورسالته ، تُسمى معجزة ]] .
الكرامة [[ أمرٌ خارق ، يحدث لإنسان صالح ؛مثل الصحابة رضوان الله عليهم ، والأولياء ، تسمى كرامة ]] .
الاستدراج [[ تكون لإنسان منافق ، يعتقد الناس أنه من الصالحين ، يستدرجهُ الله بأمرٍ خارق ، حتى يوردهُ في النهاية للهاوية ، تُسمى استدراجا ]] .قال تعالى {{ سنستدرجُهم من حيثُ لا يعلمون }} .
الإهانة [[ هي أمرٌ خارق ، يحدثُ لمن يدّعي أنهُ نبي ، مثل مسليمة الكذاب ]] .

_____________
فقد ادعى مسيلمة النبوة ، وأنه شريكٌ لمحمد في الأرض بالرسالة ، قومهُ كانوا يعلمون أنه كاذب ، فأرادوا أن يستهزؤوا به .
__________
قالوا: يا مسيلمة ، محمد قد ظهر على يده خوارق ، قال لهم : ماذا تريدون ؟؟ قالوا : بلغنا أن محمداً قد بصق في عين أحد أصحابه ، بعد أن قُلعت من مكانها في إحدى الغزوات [[ يقصدون الصحابي قتادة رضي الله عنه ، عندما قُلعت عينه في (غزوة أُحد) ، فجاء يحملُها على كفه ، فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - وبصق عليها ، وأرجعها مكانها ، فرجعت تبرُق في وجهِ قتادة ، و عادت مكانها ، وكان يقول قتادة : والذي بعث محمداً بالحق ، لأني أرى فيها أفضل من عيني السليمة ]] .

قال مسيلمة : أحضروا لي رجلا أعور ، فأحضروا له رجلا أعور ، فبصق في عينهِ من أجلِ أن يُشفى ، فعميت عينه [[ هذا أمر خارق ، ولكن فيه إهانة، لو بصق كل الناس في عين شخص لا يعمى ]] ، فضحك الناس عليه ، قال لهم : هاتوا غيرها ، قالوا له : بلغنا أن محمداً جاء إلى بئر ماء مالح وقليل لا يسقي الظمآن ، فبصق فيه ، فكثر الماء وامتلأ البئر على الفور ، فذهب مسيلمة معهم إلى بئر فيه ماءٌ قليل ، فبصق فيه مسيلمة، فجف الماءُ على الفور، و لم يبق فيه نُقطة ماء واحدة ، [[ هذا ما يُسمى الإهانة، ولكنها خارقة للعادة ]] .

__________________
ومن الإرهاصات قبل مولده - صلى الله عليه وسلم - {{ حادثة أصحاب الفيل }} ، وكانت هذه الحادثة لفتا لأنظارِ العالم كُله لهذا المكان الذي سيولدُ فيه سيدُ الخلق وإمام المرسلين {{ سيُدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - }} ، كان ذلك الحدث الضخم ،الغريب ، العجيب ، الذي لم يسمع به العالم من قبل ، فما قصة أصحابُ الفيل ؟ ولماذا أراد أبرهة هدمَ الكعبة ؟؟

يتبع . . .
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
___________


__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-12-20, 09:09 PM
هذا_الحبيب « ١٠ »
السيرة النبوية العطرة ((حادثة أصحاب الفيل ، الجزء الأول))
____________
قال تعالى : " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول " .

____________
عندما استولى ملك الحبشة على أرض اليمن ، ولى عليها رجلا حاكماً عليها من الأحباش ، اسمه (( أبرهة الأشرم )) ، [[ الأشرم لقب له ، كان أبرهة رجلاً قصيرا وناصحا ، تبارز يوماً مع رجل ضخم ، فضربه الرجل بالحربة على جبهته،فشرم حاجبهُ ، وعينه و أنفه وشفته ، أي جرحها ، لذلك سمي أبرهة الأشرم ]] فكان أبرهة حاكما لليمن ، وله جيش قوي ، وبما أنه حاكم جديد على هذه البلد ، ولا يعرف طبيعة أهلها ، استغرب عندما رأى كثيرا من أهل اليمن يشدون الرحال إلى مكة في موسم الحج ، فسأل أتباعه : ما ذاك ؟؟ قالوا له : يحجون . قال لهم : وإلى أي شيء يحجون ؟؟ قالوا له : إلى الكعبة . قال : وماهي الكعبة ؟؟ قالوا: هي بيت يعتقد العرب أنه بيت الله في الأرض ، بناه جدهم إبراهيم . قال : أخبروني عنه ، من أي شيء صُنع هذا البيت ؟؟ قالوا له : من الحجارة ،ولا سقف له !قال لهم : وما كسوته ؟؟ قالوا له: كسوته من مخطوطات يمنية
________________

[[ كان ستار الكعبة في الجاهلية يصنع في بلاد اليمن ، قطع قماش تسمى مخطوطات ، لونها أحمر ، وأسود ]]. ففكر أبرهة بالأمر ، ثم استشار المقربين منه قائلا : ما رأيكم أن نبني كنيسة للعرب في اليمن ، أفضل من هذا البيت ؟؟ فأعُجبوا بالفكرة ، و وافقوه على تطبيقها. فبدأ ببناء كنيسة عظيمة في صنعاء ، وبالغ جداً في زخرفتها ، وزينها بأنواع ، الزمرد والياقوت ، وكساها بأجمل القماش [[ حتى يجذُب الناس إليها ، ويصرف أنظارهم عن الكعبة ]] ، ثم طلب من العرب ، أن يحجوا إليها ؛فاستهزأ العرب منه قائلين : نترك كعبة أبينا إبراهيم - بيت الله - لنحج إلى كنيسة أبرهة ؟؟!!! ومضت الأيام ولم يأت إليها أحد [[ فشعور أبرهة ، كان شعور الفشل والخيبة ]] لم يستجب الناس إليه ، حتى دخل إليها رجل ليلاً ، و وصل إلى أرفع وأجمل مكان فيها ، وتغوط عليه [[ يعني قضى حاجته ]] ، فاشتعل أبرهة غضبا، وأقسم ليهدمنّ كعبة العرب، وجهز جيشا ضخما لم يُر مثله ، لكي يهدم { الكعبة} ، وينتقم من العرب .

__________________

تقدم أبرهة بجنده بفيل عظيم ؛ في طريقه كان يبعث جنوده على قبائل العرب ليغزوها ، ويأخذ طعامهم وشرابهم فينفقها على جيشه . حاولت قبائل عربية التصدي له ، ولكن باءت محاولاتهم بالفشل والهزيمة أمام جيشه العظيم . بعض القبائل العربية عندما سمعت بقدومه ، تركت منازلها وهربت إلى الجبال ، كل العرب وقبائل العرب لم تستطع الوقوف في وجه أبرهة وجنده ، كان جيش أبرهة عبارة عن عاصفة دمرت القبائل في طريقها .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-14-20, 06:15 PM
هذا_الحبيب « ١١ »
السيرة النبوية العطرة (( حادثة أصحاب الفيل ، الجزء الثاني ))
____________
. . . انطلق أبرهة بجيشه إلى أن وصل إلى منطقة قريبة من مكة، فأقام فيها ، ثم أرسل فرقة من جيشه ، فنهبت إبل وأغنام قريش التي كانت ترعى في الجبال والشعاب [[ من ضمنها ، إبل لعبد المطلب جد الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ]] .


_____________
فلما علم أهل مكة بالأمر ، اجتمعوا للتشاور، وكان الخوف الشديد يملأ بيوت مكة ، قالوا : لا طاقة لنا بأبرهة وجيشه [[ أهل مكة ليس عندهم جيش منظم ومدرب ، والذي زاد خوفهم أكثر الفيلة الضخمة التي تحمل الجنود ]] . ثم بعث أبرهة رسولا من عنده لأهل مكة ، قال له : اذهب إليهم ، واسأل عن سيد هذه البلد ، وقل له : {{ إنّ الملك يقول لك : إنه لم يأت لحربكم ، فإنّما أتى لهدم هذا البيت ، فلا تتعرضوا له للقتال ، واخلوا لنا المكان كي نهدم هذا البيت ، فإن قالوا لك إنهم لا يريدون القتال ، فاحضر لي سيدهم أتشاور معه }} ، فدخل رسول أبرهة مكة ، وسأل عن سيد قريش ، قالوا له : عبد المطلب سيد مكة وشيخها ، فحضر عبد المطلب ، فقال له الرسول ما أمره به أبرهة . فقال عبد المطلب : والله لا نريد حربه ، وليس عندنا طاقة لحربه ولكن ، هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم ، فإن أراد الله منع أبرهة من بيته وحرمه منعه ، وأن أراد أن يخلي بينه وبين بيته ، فنحن لا طاقة لنا بقتال أبرهة . فقال له الرسول : انطلق معي يا شيخ مكة ، فالملك يريد مقابلتك .

_______________

فذهب عبد المطلب لمقابلة أبرهة ، فأستأذن بالدخول عليه ، قال أبرهة : من هذا الذي يطلب الدخول ؟؟ قالوا له :هذا عبد المطلب شيخ مكة ، هو الذي يطعم الناس والطير والسباع من كرمه وجوده ، ويؤمن الحجيج ويسقي الماء ، (( فأعجب أبرهة بخصال عبد المطلب )) ، فلما دخل عبد المطلب ، وكان عبد المطلب رجلا طويلا وعظيما ، له هيبة وجمال ، فلما رآه أبرهة ، وثب واقفاً ، ورحب به ، وكان من عادة أبرهة الجلوس على سرير ملكه ، والناس تجلس تحته ، فأراد أن يُجلس عبد المطلب بجانبه لشدة هيبته ، وكره أن تراهُ حاشيته وهو يُجلسه بجانبه ، فنزل أبرهة عن سريره ، وجلس على البساط ، وأجلسه معه إلى جانبه . قال أبرهة لترجمانه ‏‏‏:‏‏‏ قل له ‏‏‏:‏‏‏ ما حاجتك ‏‏‏؟‏‏‏ فقال له ذلك الترجمان ، فقال ‏‏‏:‏‏‏ حاجتي أن يرد علي الملك مئتي بعير أصابها لي ، فلما قال له ذلك ، قال أبرهة لترجمانه ‏‏‏:‏‏‏ قل له ‏‏‏:‏‏‏ قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك ، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه ، ولا تكلمني فيه ‏‏‏؟!‏‏‏ ! قال له عبدالمطلب ‏‏‏:‏‏‏ إني أنا رب الإبل [[ أي صاحبها ]] وأن للبيت رباً سيحميه .


قال ‏‏‏أبرهة :‏‏‏ ما كان ليمتنع مني [[ أي لا يستطيع رب البيت أن يقف بوجهي ]] قال له عبد المطلب ‏‏‏:‏‏‏ أنت وذاك ‏‏[[ بمعنى أنت حر ]] . فأعاد له أبرهة الإبل ، وأخذ يضحك ويقول للبيت رب يحميه ، للبيت رب يحميه .


______________________


رجع عبد المطلب لمكة ، واجتمع بقومه ، قالت له قريش : ما الحيلة يا شيخ مكة ؟ [[ ماهو الحل ]] ؟ قال : لا حيلة لنا ، لا نستطيع رد أبرهة ولكن الله يستطيع ، فاصعدوا إلى رؤوس الجبال ، ولا تقاتلوا ، واتركوه هو ورب البيت ، ثم ذهب عبد المطلب للكعبة ، وأخذ بحلقة باب الكعبة وقال : إن المرء منا ليحمي رحله ، اللهم فاحم بيتك ، دعا الله ، وهز الحلقة ، ثم قال لقومه : اصعدوا إلى الجبال ، وانظروا ما يكون بين أبرهة ورب البيت ، صعدوا وأخذوا يترقبون وينظرون . مكة تترقب وكل العرب في الجزيرة العربية تنتظر أخبار أبرهة وهدمه للكعبة .

_______________________

تجهز أبرهة هو وجنده لدخول مكة و{{ هدم الكعبة }} ، فلما وصل أبرهة للكعبة ، وكان يركب على أعظم وأكبر فيل في الحبشة ، هذا الفيل كان إذا تقدم ، تقدمت خلفه كل الفيلة ، إذا برك تبرك كل الفيلة ، كانت الفيلة مدربة على اتباعه ، فلما وصل هذا الفيل ورأى الكعبة ، برك وبركت خلفه كل الفيلة ، فأداروا وجهه إلى جهة اليمن ، فقام يجري وقامت كل الفيلة خلفه تتبعه ، فوجهوه للكعبة فبرك للأرض ولم يتحرك ، فأمرهم أبرهة بضربه بالحديد ، فضربوه ، فأبى الحركة ، فوجهوه راجعاً إلى اليمن ، فقام يهرول ، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ، ووجهوه إلى مكة فبرك ‏‏‏!! قال أبرهة : اسقوه الخمر كي يفقد عقله ، لعله يستجيب ، فأسقوه الخمر ؛ ولكن من غير فائدة فاشتعل أبرهة غضباً من الفيل، وسل سيفه، وطعن الفيل بين عينيه فأراده قتيلاً .

_____________________


وفجأة شعروا بأشعة الشمس تنحجب ! نظروا فوقهم ، وإذ هي طيور كالغمام الممطر قد حجبت ضوء الشمس من كثرتها !!جاء أمر الله العلي القدير ، جاء أمر مالك الملك ، {{ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد }} طيور أبابيل [[ أبابيل أسراب ضخمة من الطيور يلحق بعضها بعضا ]] .

_______________

يقول أهل مكة عن هذه الطيور: (( لم نر مثلها من قبل ولا بعد ، رؤوسها تشبه رؤوس السباع )) ، وكان كل طير يحمل ثلاثة حجارة ، في منقاره حجر ، وفي رجليه حجران بحجم حبة العدس ، فجاءت حتى وقفت على رؤوسهم ، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها ،فوقعت الحجارة عليهم ، فكانت تنزل على رأس الرجل و تخرج من دبره ، وبعث الله ريحاً شديدة فزادتها شدة، حتى جعلهم ربنا ((كعصف مأكول)) ، أي - القمح عندما تستخرج الحبة من بذرته وتتناثر القشرة هنا وهناك - فكل رجل كان يسقط عليه حجر ، يتناثر لحمه عن عظمه ، والدماء تسيل منه حتى يهلك ، حتى من هرب من الجند وقد أصابه الحجر ، كان تتساقط أعضاؤه على الطريق عضوا عضوا، حتى أصبحوا كابن الفرخ [[ الطير الصغير ليس له ريش ]] .

_______________________



هكذا حمى الله بيته {{ للبيت ربٌ يحميه }} ، وكان بين حادثة الفيل ومولد الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - خمسون يوما ، ... حمى الله البيت استعداداً لهذا المولود ، ورجع أهل قريش وعرفوا عظمة الله ، وعظمة هذا البيت ، وهنا أخذ الكون كله يستعد ويتحضر لاستقبال هذا النور النبوي المحمدي صلى الله عليه وسلم .
________________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-22-20, 08:43 AM
هذا_الحبيب « ١٢ »

السيرة النبوية العطرة

(( مولد الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ❤))
____________
ولد - صلى الله عليه وسلم - ، وتشرف هذا الكون بأطهر مخلوق وأشرفهم عند ربِ العالمين في صباح يوم الإثنين {{ ١٢ ربيع الأول }} ما الحكمة بأنهُ ولد في شهر ربيع الأول ؟؟ ولماذا لم يولد في رمضان وهو أشرف الشهور؟؟

ولماذا لم يولد في الأشهر الحرام ؟؟

ولماذا لم يولد يوم الجمعة؟؟

ذلك لأن {{ الشهور والأيام هي التي تتشرف بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يتشرف هو بالأيام }} ،

فلو كانت ولادته في رمضان أو الأشهر الحرام ، لقال الناس : بورك فيه بفضل تلك الأيام .

كانت ولادته - صلى الله عليه وسلم - أول ساعة من النهار ،

[[ قالوا عند الفجر ، والبعض قال عند الضحى أول ما تظهر الشمس ]] ، آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم - هي التي ستخبرنا ما حدث معها عند الولادة ، عن طريق الصحابية الجليلة {{ شفاء رضي الله عنها }}،

[[ شفاء هي أم الصحابي الجليل ، عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، وكانت من الأوائل الذين أسلموا ، وهي القابلة التي وقفت مع آمنة أثناء الولادة ]] ، تقول آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم - :

أخذني ما يأخذ النساء [[ تقصد الطلق ]] ،

ولم يكن عندي أحد ، ولم يعلم بي من أحد - كانت وحيدة في البيت - تقول : فسمعت جبّةً عظيمة [[ مثل شيء ضخم وقع على الأرض وأصدر صوتا عظيما ]] فخفت ،

وسمعت صوتا بعده أكبر من الذي قبله ، فزاد خوفي ، ثم رأيت نورا في المكان خرج منه كجناح أبيض ، ورأيت كأن رجالا قد وقفوا في الهواء وبأيديهم أباريق من فضة ، فأخذني المخاض [[ بدأت الولادة ]]،

فخرج مني نورا أضاءت له قصور الشام ، فكشف الله عن بصري فرأيت مشارق الأرض ومغاربها ، فدخلت عليها - شفاء رضي الله عنها - تقول شفاء : فنزل - صلى الله عليه وسلم - من أمه لا كما ينزل الصبية

[[ شفاء عندها خبرة ، فهي التي كانت تولد نساء مكة ، فهي تعرف أن المولود عندما ينزل ، ينزل من رأسه للأسفل ]] .

تقول شفاء : نزل معتمداً على ركبتيه وكفيه ، ساجداً ينظر بطرف عينه للسماء ، كالمتضرع المبتهل لله، ثم تقول شفاء : فحملته ، ونظرتُ إلى وجهه ، وإذا به كالقمر ليلة البدر، يتلألأ نوراً ،
[[ فأردت أن أصنع له ما يصنع للمولود ، فإذا به لا يحتاج شيئا، مقطوع السرة ، مختوناً ، نظيفا مطيبا ، ريحه المسك ، مكحل العيون . ]] ، فلم أفعل له شيئا مثل بقية الأطفال وقت الولادة ، تقول شفاء : فما كان مني إلا أن ألبسته ثيابه وأعطيته لأمه ،لأنه ليس بحاجة لشيء - صلى الله عليه وسلم - .
يقول الحبيب - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه :

" إني دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي التي رأت " .
ولد {{ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وتشرف الكون بولادته }} ،

وأرسلت آمنة إلى جده عبد المطلب ، على الفور - وكان عند الكعبة - أنه قد ولد لك مولود ، فتعال فانظر إليه ، فلما سمع الخبر عبد المطلب ، انطلق مسرعاً إليها ، مسروراً ، مندهشاً ، تغمره السعادة ، ولد لابني عبد الله الذي توفى قبل شهور مولود !! فلما وصل عبدالمطلب ، ونظر للرسول - صلى الله عليه وسلم - .... يتبع

_________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-22-20, 08:46 AM
هذا_الحبيب « ١٣»

السيرة النبوية العطرة (( يوم تشريفه لهذا الوجود - صلى الله عليه وسلم - ))
_____________
لمّا وصل عبد المطلب ، ونظر للرسول - صلى الله عليه وسلم - وإذا به كالبدر ، ثم نظر إلى صفاتهِ [[ وكما قلنا من قبل ، إنه كان يسمع من أهل الكتاب ، في سفرهم ، عن صفات نبي آخر الأمة ]] ،

فلما رآه ، هنا أيقن أن هذا المولود ، سيكون نبي هذه الأمة ، فحمله عبدالمطلب ، ورفعه للأعلى ، يريد أن يعلن اسمه ، وقال يا آمنة : فرفعت آمنة يدها (( بمعنى انتظر يا شيخ مكة ، لا تُعلن اسمه )) ،

وقالت آمنة : " يا شيخ مكة ، لقد ولد لا كما يولد الصبيان، ولد ساجداً إلى الأرض ، معتمداً على ركبتيه ويديه ، ينظر إلى السماء ، مختوناً ، يفيح منه المسك ، وقد هتف لي هاتف مرة أخرى عند ولادته ، يا آمنة سمّه
{{ محمد }} فابتسم عبد المطلب مندهشاً مسروراً ، وارتسمت السعادة في وجهه وقال : أي ورب البيت ، فلقد عزمت أن اسميه
{{ محمد}} قالت : ولِم يا شيخ مكة عزمت على هذا الاسم ؟؟


قال : يا آمنة ، لقد رأيتُ رؤيا في منامي ، فسألت أهل الرؤى عنها ، فقالوا لي : يخرج من صُلبك رجلٌ ، يطيعهُ أهل السماء والأرض ، فإنّي أُحب أن أسميه محمدا رجاء {{ أن يحمده من في السماء ، وأن يحمده الناس على الأرض }} ، فأعلن اسمه محمدا {{ صلى الله عليه وسلم }} .

فدخلت ثويبة [[ ثويبة كانت ، جارية لأبي لهب ، وكانت تسكن قريبة من بيت آمنة ]]، فلما سمعت الخبر، انطلقت على الفور مسرعة ، وهي تنادي ، يا أبا لهب ، يا أبا لهب ،

[[ كان لقبهُ أبا لهب قبل ولادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - و اسمه الحقيقي ( عبد العزة ) ولقبه أبو لهب ، لأنه كان شديد الجمال ، وكانوا يرون وجهه كانه طلعة الشمس ولهبها ، ولكن لم ينفعه جمالهُ لعدم إيمانه بالله ]] ، فقال أبو لهب : ويحك يا جارية ، ما الأمر ؟؟!

قالت :وُلِدَ لأخيك عبد الله مولود . قال : يا جارية، أحقاً ما تقولين ؟؟! قالت : نعم ، أي ورب البيت ، وقد سماهُ أبوك (أي عبد المطلب ) سماه {{ محمداً }} ، فقال لها من شدة فرحه : وأنت حرةٌ طليقة يا ثويبة !!

(( فأعتقها وأصبحت حرة )) .
فلا أحد يستطيع وصف ، فرح ثويبة في تلك اللحظة ، إلا أنها من شدة فرحها بالعتق ، انطلقت مسرعة إلى آمنة ، وقالت : يا آمنة اعتقني أبي لهب بسبب هذا الصبي ، ثم حملته وضمته إلى صدرها - صلى الله عليه وسلم - ثم قالت : يا آمنة ،هل تسمحين لي أن أرضعه ؟؟

فسمحت لها ، فأرضعته ثويبة ، فكان أول لبن دخل فمه - صلى الله عليه وسلم - لبن ثويبة.
فأول مرضعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - كانت ثويبة أرضعته من لبن ابنها {{ مسروح }} فمسروح أخو النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة ، وأرضعت ثويبة أيضاً سيد الشهداء

{{حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه - }} عم الرسول ، فكان حمزة عم النبي و أخا النبي بالرضاعة . كان قريبا في العمر منه في سن الرضاعة ، وكان حمزة قد سبق الرسول بسنتين من العمر، كما أنه قريب له من جهة الأم ، فأمه هالة بنت وهيب ، ابنة عم آمنة أم الرسول - صلى الله عليه وسلم - لذلك عندما عُرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزواج من ابنة حمزة قال:

{{ لا تَحلُ لي ، يحرمُ من الرضاع ما يحرمُ من النسب ، هي بنت أخي من الرضاعة }} .

ثم أرضعته أمه آمنة

[[ أرضعته أمه سبعة أيام على التوالي ، وليس كما يقول بعض الجاهلين : رفض أن يرضع من أمه !! هذا الكلام مكذوب ؛ أرضعته أمه سبعة أيام لبن اللبان ،و حليب اللبان تعرفه النساء ، يعطي المناعة و الصحة للطفل ]] ،

ثم أرضعته حليمة السعدية ، و التي سيأتي ذكرها بالتفصيل .
وبعد أن أعلن عبد المطلب عن اسم المولود، وسماه محمدا - صلى الله عليه وسلم - حمله و انطلق به باتجاه الكعبة ، وهو مسرور مشرق الوجه، قد فرح فرحاً لم يفرح مثلهُ من قبل ....

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-25-20, 07:01 AM
هذا_الحبيب « ١٤ »
السيرة النبوية العطرة (( الأحبار والرهبان ، يوم مولده - صلى الله عليه وسلم - ))
_______________
حمله عبد المطلب ، حتى وصل الكعبة ، وفتِح لهُ بابها ، ودخل إليها وهو يحمله ، ثم خرج وطاف فيها ، وهو مسرور ويردد ويقول : {{ الحمد لله الذي أعطاني هذا الغلام ، أعيذه بالبيت ذي الأركان من كل حاسد }} ، ثم رجع إلى آمنة ، أعطاها إياها ، وقال لها : احرصي عليه ، ثم انطلق عبد المطلب مسرعاً ، إلى الراهب النصراني (( عيص)) يستوثق منه .


قال تعالى : {{ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، وإن فريقاً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}} .
أهل الكتاب - الأحبار والرهبان - في شهر مولده كلهم كانوا ينتظرون مولدهُ ، وعندهم علامات ظهور نجمه وصفاته ، وأن مولده في مكة ، فلم يكن ميلاد النبي - صلى الله عليه وسلم - مفاجأة ، بل علم به الكثير من أهل الكتاب الرهبان {{ علماء الدين النصارى }} ، و الأحبار {{ رجال الدين اليهود }} ، [[ عندنا في دين الإسلام ، لا يوجد شيء اسمه رجال دين ، فليس منا إلا عالم أو متعلم ، ليس عندنا ترتيب هرمي في الإسلام يشبه الرتب العسكرية ، في الإسلام

{{ رُبَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرَّه }} ،عندنا في الإسلام {{ بدويّ ، يدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس على الأرض مع الناس، فيسأل : أيّكم محمدا ؟؟ !}}

، في الإسلام ليس هناك واسطة بينك وبين الله ، {{وإذا سألك عبادي عَني فإنّي قريب أجيب دَعوة الداع إذا دعان }} ]] ،
فذهب عبد المطلب يستوثق من الراهب النصراني {{ عيص }} عن هذا المولود ، لأنه كان يرجو أن يكون لهذا المولود شأن عظيم ، فمن هو الراهب عيص ؟؟ هو رجل جاء من بلاد الشام إلى مكة ، راهب من النصارى ، وسكن في طرف مكة في صومعة ، و اسمه عيص وكان {{ هو المرجع الوحيد في علم النصارى في ذلك الوقت }}

عندما اقترب مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء لمكة ينتظر مولده .
سكن عيص في أطراف مكة ، فكان يدخل مكة كل فترة من الزمن ، ويجلس في أندية قريش [[ قلنا إن الأندية كانت حول الكعبة ، مجالس يجلس فيها الرجال ، فيها يجتمعون و فيها يتحدثون ]] فيدخل الراهب عيص في أندية قريش ، وأسواقها ، ويسأل قائلا : يا معشر قريش ، هل ولد فيكم مولود وله من الصفات ، كذا وكذا ؟؟ فيقولون له : يا عيص ، الذي تصفه لم يولد بعد . فيقول لهم عيص : وربِ موسى وعيسى ، ما تركتُ بلاد الشام وخيراتها وجئت هنا ، إلا في طلب هذا المولود ، فإنّ هذا زمن خروجه ، يولد في بلدكم [[ أي مكة ]] ، هو خاتم الأنبياء والمرسلين ، وبه تُختم الشرائع ، من أطاعه فقد اهتدى ، ومن عصاه فقد خاب وخسر، فكان كل فترة يمر ويسألهم ، فيقولون له : ولد فلان و ولد فلان ، ويعطونه أوصافهم ، فيقول لهم : لا ، ليس منهم .


ففي أول يوم من مولدهِ - صلى الله عليه وسلم - وفي صبيحة ذلك اليوم ، لما ولد - صلى الله عليه وسلم - وأخذه جده ، وطاف به بالكعبة ، ورأى صفات المولود ، ورجع فأعطاه لأمه ، وأوصاها عليه ، هنا تذكر عبد المطلب الراهب عيص ؛ فأراد أن يذهب إليه ويستوثق منه الخبر. انطلق عبد المطلب مسرعاً ، إلى صومعة عيص ، وعندما وصل للصومعة ، أخذ ينادي عيص .. عيص ، فقال له عيص : كن أباه يا شيخ مكة !! فقال عبد المطلب مستغرباً : من ؟!!! قال عيص : لقد ولد الذي كنت قد حدثتكم عنه ، وربِ موسى وعيسى أنه وجع يشتكي ثلاثة أيام ثم يعافى ، [[ أي هذا المولود قد أصابه بعض المرض ]] ،
احفظ لسانك يا عبد المطلب ، أي لا تتكلم عنه لأحد، فإنّه لا يحسد حسده أحد [[ أي إذا علموا عنه شيئا، فالناس الحاقدة ، ستسعى لأذيته ، وإذا وقع في مصيبة يتشمتون به ]] ، وإياك واليهود ، فيبغون عليه ، كما بغوا على الأنبياء قبله [[ أي اليهود معروفون أنهم قتلة الأنبياء ، فإذا سمع به اليهود قتلوه ، كما قتلوا الأنبياء قبله ]] ، فقال عبد المطلب : يا عيص !! لقد ولد لابني عبدالله المتوفى قبل أشهر ولدا ، فقال عيص : هو ذاك يا عبدالمطلب ، هو ذاك ، ورب موسى وعيسى إنا لنجد في كتبنا أنه يولدُ يتيماً ، فاحفظ لسانك واحرص عليه .
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
______________
- صلى الله عليه وسلم -

__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

رونق
07-25-20, 11:35 AM
جزاك الله الف خير غاليتي

عطاء دائم
07-26-20, 08:22 AM
جزاك الله الف خير غاليتي

واياكِ يا رب خير الجزاء غاليتي
مشكورة على المرور

عطاء دائم
07-26-20, 08:27 AM
هذا الحبيب « ١٥ »
السيرة النبوية العطرة ((التماس المراضع له - صلى الله عليه وسلم - ))
_______________

تشرف الكون بسيدنا {{ محمد - صلى الله عليه وسلم - }} ، وأرضعته أمه سبعة أيام على التوالي ، ثم التمس له المراضع ، لماذا التُمس له المراضع ؟؟
كان من عادة قريش أصحاب السيادة - أي الذين يملكون المال - كان من عادتهم أنهم يحبون أن يتربى أبناءهم خارج مكة [[ تقريباً مثل أيامنا هذه ، الذي يملك المال ، يضع أولاده في أفضل مدرسة خاصة ]] ، فلم يكن يسترضع في مكة كلها ، إلا الأغنياء وأصحاب السيادة ؛ وذلك لثلاثة أسباب :

١_ يخافون على أولادهم من وباء مكة في مواسم الحجيج .
[[ كان يأتي أناس كثيرون للحج ، والتجارة من شتى البلاد ، ومنهم من يحمل الأمراض المعدية معه ، فيخافون على أطفالهم الرضع من انتقال الأمراض ، فالكبار يستطيعون التحمل ، أما الرضع لا يتحملون ]]

، فكانوا يحبون أن يربّى الولد في أول عمره في البادية عند الهواء النظيف ، والبيئة النقية ، وعندما يكبر ويشتد عوده ، يرجع إلى أهله .

٢ _ اللغة العربية ، في مكة ، لم تكن بتلك الفصاحة المطلوبة .

[[ كان أهل البادية ، في ذلك الزمن ، مشهورين بفصاحة اللسان ، فكانت اللغة العربية عندهم أكثر فصاحة ]] ، فيتعلم الطفل الصغير ، فصاحة اللسان من صغره ، [[ الغريب في هذا الزمن أن البعض تجرد من عروبته، وأكثر اهتمامه تعلم لغة الغرب ، هو فعل جيد لا أحد يُنكره ، ولكن لا يعني ذلك أن نهمل لغتنا لغة القرآن ، ونجعلها وراء ظهورنا ]]

٣_ أسياد مكة ، كانوا يحبون من الزوجة أن تتفرغ لزوجها ، وتتزين له ، لأنه من الأشراف ، ولا تنشغل عن زوجها ، بالرضاعة والحضانة .

وربما يسأل أحدهم : النبي يتيم ، ولا يوجد لآمنة زوج ، لكي تتفرغ له؟!

[[ السبب لأن جده عبدالمطلب ، لم يرض بنقص قدر هذا المولود اليتيم أمام بقية الأولاد في مكة ، وأراد أن يجبر خاطر آمنة وقلبها. . . ولوكان يتيماً يا آمنة ، فإنّ محمداً سيسترضع مثله مثل أبناء الأشراف ، ولن ينقص عليه شيء ]] صلى الله عليه وسلم .

المراضع ، وهم نساء ، كُنّ يأتين من البادية لمكة مع أزواجهن في العام، إما مرة أو مرتين،فجاء قوم من بني سعد[[هم أهل حليمة السعدية ، مرضعة الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ]] ،

يريدون رؤية أطفال رضّع في مكة ، يطوفون بين أسياد قريش ، ويسألون : هل منكم من يريد مرضعة ؟؟ هل منكم من يحب أن نحتض ولده ؟؟

فلم يبق منهم مرضعة إلا عُرض عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فيسألون : من والد هذا الصبي ؟

[[ يريدون رؤية أبيه، فالأب هو الذي سيدفع لهم المال ]] فيقال لهم : أبوه عبدالله ، مات وأمه حامل به !! فتتغير ملامحهم ورغبتهم في حضانته ، ويقولون لا رغبة لنا ، لعلكم تجدون غيرنا ، ثم ينصرفون

[[ لأنهم يريدون الأجر والكرم من والد الصبي ، صحيح أن جده عبد المطلب شيخ مكة ، ولكن المعروف لدى الجميع أن الكرم الأكثر يكون من الأب ]] .

ومهما كانت الأسباب ، فإنّها إرادة الله عزوجل ، أليس هذا حبيب الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - ؟ ألم يخبره بمنزلته عند رب العالمين

{{ واصبر لحكم ربك فإنّك بأعيننا }} ؟

نترك الأسباب ، وننظر إلى إرادة المسبب ، فالله – سبحانه - صرف كل المراضع عنه ، إلا حليمة السعدية _______


- صلى الله عليه وسلم

__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-26-20, 08:28 AM
هذا الحبيب 《١٦》


السيرة النبوية العطرة (( حليمة السعدية ، الجزء الأول ))
_______________

صرف الله -عزوجل - كل المراضع عنه - صلى الله عليه وسلم - إلا {{ حليمة السعدية }}
تقول حليمة :


والله ما بقي من صواحبي " يعني صاحباتي " امرأة إلا أخذت رضيعاً غيره ، وأنا لم أجد غيره ، فكرهت أن أرجع من غير رضيع

[[ حليمة السعدية ، وزوجها أبو كبشة ، الذي يقرأ السيرة ويتعمق فيها ، يدرك أنهما كانا طيبين ، وحظهما في الدنيا قليل ، ولكن الله إذا أعطى أدهش ]] ،

فعزمت حليمة السعدية على أخذ هذا اليتيم ، هي لم تره بعد ؛ تقول حليمة : فذهبت إلى عبدالمطلب فاستقبلني ، قال : من أنتِ ؟؟ قلت : حليمة السعدية . فقال : بخٍ بخ ، سعد وحلم ، خصلتان إذا اجتمعتا ، ففيهما خير الدهر، وعز الأبد [[ تفاءل باسمها ]] ، يا حليمة ، عندي غلام يتيم ، وقد عرضتهُ على نساء بني سعد؛ فأبين أن يقبلن ، فهل لك أن تُرضيعه ، فعسى أن تسعدي به ؟؟

فقلت له :حتى أسال صاحبي [[ أي زوجها ، أبو كبشة ]] .

تقول : فرجعت ، فسألت زوجي ، فتهلل وجهه وأشرق ، وكان الله قذف في قلبه الفرح والسرور ، فقال لي : نعم يا حليمة ، خذيه ، ماذا تنتظرين ؟

فرجعت إلى عبد المطلب ، فوجدته جالساً ينتظرني ، فاستهل وجهه فرحاً عندما رآني ، ثم أخذني وأدخلني على آمنة ، فرحبت بي آمنة وقالت لي :

أهلاً وسهلاً ، تفضلي بالدخول ، تقول حليمة : فدخلت في البيت الذي فيه محمد ، فلما نظرت إليه !!! فإذا هو مُغطى في صوف أبيض من اللبن ، يفوح منه المسك، وتحته حريرة خضراء وكان نائما على ظهره ، فأشفقت أن أوقظه لحسنه وجماله .


تقول حليمة : فاقتربت منه رويداً ، رويدا ، ووضعت يدي على صدره، فلما وضعت يدي ، تبسم ، ثم فتح عيناه، ونظر إليّ ،فخرج من عينيه نور دخل عنان السماء ، فما كان مني إلا أن حملته وضممته و قبّلته ، ثم أخذته ورجعت إلى رحلي .
تقول حليمة : فحملته ، وكان أخوه معي

[[ أي تقصد ابنها الذي ولدته واسمه عبدالله ،

أخو النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة ]] ،

ثم أعطيت ابني لأبيه أبي كبشة [[ أي زوجها ]]،

وكنت قد أتيت إلى مكة على أتان [[ أي أنثى الحمار ]] كانت هزيلة ضعيفة ، وكان معنا ناقة ، والله لقد جف ضرعها [[ حتى الناقة التي مع حليمة ليس فيها حليب ، وكانت سنة جفاف ]]

يتبع بإذن الله …
______________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم


__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
07-26-20, 08:31 AM
هذا_الحبيب « ١٧ »

السيرة النبوية العطرة ((حليمة السعدية ، الجزء الثاني ))
_______________

أخذت حليمة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجعت إلى رحلها ، تقول :

وكنت قد أتيت إلى مكة على أتان
[[ أي أنثى الحمار ]]

كانت هزيلة ضعيفة ، وكان معنا ناقة ، والله لقد جف ضرعها . تقول حليمة : ونحن ذاهبون إلى مكة، كانوا يسبقونني لأن أتاني ضعيف ، لا تستطيع أن تلحق بهم !! فيقولون : يا حليمة ، يا حليمة ، قد أعييت الركب

[[ أي أسرعي قليلا ، فقد تأخرنا جميعاً تعبنا منك ،بسبب سيرك البطيء]].

تقول حليمة : فلما أخذت محمدا، ورجعت به إلى راحلتي ، عرضت عليه ثديي ، وما كان في صدري ما يشبع ابني

[[ عبدالله أخو النبي في الرضاعة ، كان لا يرتوي من حليب أمه حليمة ]]،

فلا ننام الليل من بكائه ، فلما وضعت محمداً في حجري ، وعرضت عليه ، ثديي الأيمن ، فاهتز صدري وانفجر فيه اللبن ، فشرب حتى ارتوى - صلى الله عليه وسلم - ففرحت فأعطيته ثديي الآخر فلم يأخذه!

[[ وكأن الله عزوجل ، ألهمه أن له شريكا في هذا اللبن ، فأخذ واحدا وترك الآخر لأخيه عبدالله ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - جاء بالعدل ، فإن لم يعدل محمد رسول الله ، فمن يعدل ؟؟ ]]

، تقول حليمة : فلم يأخذ الثاني طوال سنتين فوضعت ابني على الثاني، فرضع وشبع .
ثم قام زوجي أبو كبشة إلى الناقة

[[ الناقة التي معهم ضرعها قد نشف ، ليس فيها حليب ]]
فقام إليها ، وإذا ضرعها قد امتلأ باللبن ، فقال أبو كبشة لحليمة وهو يضحك من الفرح : يا حليمة، ألم أقل لك إن هذا الصبي بركة ؟؟

فحلبها وشربنا ونمنا بخير ليلة . وفي الصباح ، تجهز القوم للسفر ، ليعودوا لديارهم ، ديار بني سعد
[[ المسافة من مكة ، لديار بني سعد ، حوالي 150 كم ، منطقة جبلية ومرتفعة عن سطح البحر ، جوها لطيف ]] ،

تقول حليمة : ركبت أتان " الحمارة " ، وكانت عندما تركب حليمة هذه الحمارة ، تضرب أقدامها بعضها ببعض من شدة نحافتها ،حتى جرحت، تقول: فلما ركبت وحملت محمداً معي ؛ وإذا بها تنطلق وكأنها تسابق الركب ، وصاحباتي يقلن:


يا حليمة ، يا حليمة ، أتعبتنا في طريقنا إلى مكة ، ونحن ننتظرك لتلحقي بنا ، والآن أتعبتنا ونحن نلحق بك!! أليست هذه الحمارة التي جئت بها من ديارنا ؟؟!

فترد عليهم حليمة : بلى،هي . يقولون لها : قولي لنا : ماشأنها ؟ ما الذي حل بها [[ أي ماقصتها ]] ؟ تقول : لا أدري ! فيقولون لها : فعلاً إن أمرها لعجيب [[ كانت ضعيفة جدا ما الذي جعلها بهذه القوة ]] ؟! {{ ذلك ببركة نبيكم وحبيبكم محمد صلى الله عليه وسلم }} .


حتى اقتربوا من سوق عكاظ

[[ كانت قبائل العرب ، تجتمع في هذا السوق للتجارة ، وتعرض بضاعتها ، وتبدأ كل قبيلة تلقي الشعر والقصائد بمدح قبائلهم ويتافخرون ، فيعكظ كل واحد على الآخر بالشعر ، أي يتفاخر ، لذلك كان هذا سبب تسميته سوق عكاظ ]] .

طبعاً كل منطقة تجارية ، من الذي يتواجد فيها دائماً ؟؟ {{ اليهود طبعاً ، فاليهود إذا بحثت عنهم تجدهم عند المال ، هم أهل المادة ، سياستهم مسك العصب الرئيسي للاقتصاد}} . لما نظر أحبار اليهود ، لقافلة بني سعد قادمة من بعيد ، عرفوا أنها هذه القافلة تحمل رسول الله !!!

كيف عرفوا ؟؟؟
______________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم -



__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
08-06-20, 08:22 AM
هذا_الحبيب « ١٨ »
السيرة النبوية العطرة ((حليمة السعدية ، الجزء الثالث ))
_______________


فلما رأى أحبار اليهود المتواجدون في سوق عكاظ قافلة بني سعد من بعيد وهي مُقبلة ، علِموا أنها تحمل رسول آخر الزمن ، وخاتم الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم - فكيف عرف أحبار اليهود ؟؟ يوجد في كتبهم ، صفات نبي آخر الزمان ، من صفاته عندهم أنه {{ مظلل بالغمام ، صلى الله عليه وسلم }} .
بنو سعد قادمون نحوهم ، ومعهم حليمة تحمل رسول الله ، أحبار اليهود جالسون في سوق عكاظ ، فلما نظر الأحبار للقافلة آتية من بعيد ، كان فوقها غمامة ، والسماء كُلها لا يوجد فيها غيمة ، إلا هذه الغيمة !! كانت إذا وقف الركب توقفت الغيمة فوقهم ، وإذا مشوا تمشي معهم !!! فنظر الأحبار إلى بعضهم البعض ، مندهشين ، فقال أحدهم : وربِ موسى إن هذه القافلة تحمل أحمد !!! فاتفقوا على أن يعرضوا أنفسهم على القافلة على أنهم عرافون . [[ تمثيلية يقومون بها على القافلة ، بما يُعرف عندنا اليوم فتاحين ، يقرؤون الكف ، ويتنبؤون بالمستقبل ، ويقرؤون الفنجان ، فمن خلال هذه التمثيلية ، يستطيعون أن يتعرفوا على أحمد وعلاماته التي عندهم ]] .


فعرضوا أنفسهم على القافلة ، وكانوا أكثر من حبر، فتهافت الناس عليهم ، حليمة السعدية أحبت مثل باقي النساء معها ، أن ترى ما هو سر هذا المولود الذي تحمله ، فقد أحست هي وزوجها ببركته - صلى الله عليه وسلم - وكان عندهم جهل في هذه الأمور . فقالت حليمة لأحدهم : أُريد أن أُريك هذا المولود . فقال لها الحبر : أين ولدك ؟؟ فعرضت عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما نظروا إليه وأخذوا يتفحصون صِفاته ، ارتسمت في وجوههم الدهشة ، وأخذوا ينظرون لبعضهم البعض ثم ينظرون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا لها : ماهذه الحمرة في عينيه ؟!! {{ وكان في بياض عينيه - صلى الله عليه وسلم - حمرة لا تفارقه ، وهي نوع من أنواع الجمال ، عروق رقيقة حمراء في بياض عينيه }} .
فقالت حليمة : لا أدري هي في عينيه من ساعة ولادته !! فقالوا لها : أيتيمٌ هو ؟؟هنا حليمة أحست بشيء غريب من سؤالهم ودهشتهم ، فخافت منهم وقالت : لا ، ليس يتيما ، وهذا أبوه ، وأشارت إلى أبي كبشة ، فقال واحد من الأحبار اليهود للآخر : أتراه هو ؟؟ فأجابه الآخر : إي وربِ موسى وعيسى هو !!! قال تعالى :{{ الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم }} ،

ثم صرخ في الركب [[ أي بقبيلة بني سعد ، قوم حليمة ]]،أيها الناس : اقتلوا هذا الصبي ، فإنّه إن بلغ مبلغ الرجال ليسفهنّ أحلامكم ،وليبدلنّ دينكم ، وليكفرنّ من مضى من آبائكم ، ويلٌّ للعرب ويلٌ للعرب ... !! فصرخت حليمة في وجهه وقالت : ويلٌ لك أنت ، أطلب لنفسك من يقتلك ، أما نحن فلا نقتل ولدنا !! فقال الآخر : ألم تقل لك أنه ليس يتيما ؟ فقال له : نعم ، لوكان يتيماً ، لقتلته الآن ، فلما سمعت حليمة قولهم ، ضمته لصدرِها ، وهربت به بين الناس ، واختفت عنهم ، وهي خائفة أن يكتشفوا أنه يتيم ، وتأكدت حليمة أن هذا الصبي تدور حوله أمور غير عادية .

تقول حليمة : وصلنا إلى ديار بني سعد ، فما بقي بيت من ديار بني سعد إلا فاح منه ريح العود ، وكنا نلاحظ هذا الشيء كل يوم ، حتى كل ديار بني سعد لاحظت هذا الشيء ....
______________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم



__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
08-06-20, 08:24 AM
هذا الحبيب « ١٩ »
السيرة النبوية العطرة ((حليمة السعدية ، الجزء الرابع ))
___________
تقول حليمة : وصلنا إلى ديار بني سعد ، فلم يبق بيت في ديار بني سعد ، إلا فاح منه ريح العود ، وكانت أرضنا عجفا [[ أي أصابها الجفاف من قلة الماء ، ناشفة ، لا يوجد ربيع في الأرض ]] ، وكانت الأغنام ، تسرح وترجع هزيلة ، و لم يدخل في بطنها شيء من طعام ، وليس في ضرعها اللبن ، تقول حليمة : فلما قدمنا بمحمد ، أصبحت أغنامي تعود وقد شبعت ، وقد امتلأ ضرعها باللبن ، كنا نرى الخضرة في أفواهها ، وليس في أرضنا نبتة

[[ ترجع الأغنام ، وما يزال أثر الأعشاب في فمها ، والأرض قاحلة ليس فيها عرق أخضر ]]، فيصرخ أصحاب الأغنام بالرعاة الذين يعملون عندهم : ويحكم !!!!

اسرحوا بالأغنام حيث تسرح أغنام حليمة ، ألا ترون أغنامهم ترجع وقد شبعت والخضرة في أفواهها ؟!! ألا تعلمون أين تسرح أغنام حليمة ؟؟!!

فيقول الرعاة : والله إنا لنسرح معاً ، وترجع أغنامها معنا ، ولكن نرى أغنام حليمة لا ترفع رؤوسها عن الأرض ، وهي تأكل وتمضغ ، وليس في الأرض نبتة واحدة خضراء [[ أغنام حليمة ، تأكل من الأرض ، الأرض عبارة عن رمل وحجارة ، لا يوجد عشب ليُؤكل ، والرعاة مستغربون ]] ، وذلك ببركته صلى الله عليه وسلم .
تقول حليمة : فكنا نحلب أغنامنا ، ولا نهمل أهلنا ،

[[ عام جفاف ، بنو سعد ليس عندهم حليب ، كانت حليمة ترسل لهم بالحليب الذي عندها ]]. تقول : ففاض الخير كله ،على ديار بني سعد ببركته – صلى الله عليه وسلم -.
وهنا الناس أصبحوا يتفاءلون بهذا الصبي اليتيم ، فإذا مرض أحدهم ، أو أصابته عِلة تقول حليمة : يأتي إلينا قائلا : أين محمد ؟؟ فيأخذ بيده الصغيرة ، ثم يضعها على المريض ، فيبرأ بإذن الله 0 وكذلك إذا أصاب بعيرهم أو شاة شيء من المرض ، يحملون محمدا، يضعونه على ظهرها فتبرأ بإذن الله .


تقول حليمة : وأخذ محمد - صلى الله عليه وسلم - يشب شبابا ليس كشباب الصبي، يشب في يوم ما يشب غيره في شهر[[ كان يكبر بسرعة صلى الله عليه وسلم ]] ، حتى إذا بلغ عمره عاما ، وكأنه عامان ، فلما رأينا هذا الخير والبركة منه ، وقد أصبح عمره سنتين ، رغبت أن يبقى عندي بعد السنتين [[ لأن مدة الرضاعة سنتان ]] ،وكنت قد وعدت أمه آمنة ، أن نرجعه لها بعد عامين ، فعزمت أن أرجعه لأمه وأنا عندي نية في داخلي أن أرجع محمدا معي ، بعدما أستأذن أمه .
التي تروي الحديث {{ حليمة السعدية ، رضي الله عنها }}،

أسلمت وقد أدركت نزول الوحي ، وهي صحابية ، ولها رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أطال الله في عمرها حتى أنها ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ودفنت بالبقيع في المدينة المنورة ، بجانب عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ولأن حليمة صحابية يؤخذ بحديثها .


كان الصحابة الكرام ينادونها {{ أم النبي }} ، تقول : رجعنا به إلى مكة ، فلما رأته أمه آمنة وجدّه عبد المطلب وكأنه غلام جفر [[ والجفر الذي يبلغ من العمر أربع سنين ، عمره سنتان ، ولكن اعتقدوا عمره أربع سنين ]]، تقول: فرحوا بحسن التربية ونموه السريع صلى الله عليه وسلم . يتبع . . .
______________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


__________ الأنوار_المحمدية ____________
_________ صلى الله عليه وسلم ___________

عطاء دائم
08-06-20, 08:30 AM
#هذا_الحبيب « ٢٠ »
السيرة النبوية العطرة (( حليمة السعدية ، الجزء الخامس ))
________________________________________
________________________________________


تقول حليمة :_ رجعنا بهِ إلى مكة ، فأخذتُ أحدث آمنة وجدّه عبدالمطلب عن محبتنا له وحبهُ لنا .

[[ تمهد لهم الحديث ، في محاولة منها ، لإقناعهم أن يرجع معها ، كم نُحب محمد وتعلقنا به ، وهو أيضا يحبنا ومتعلق بنا ]]
هنا آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم ، فهمت من كلام حليمة أنها تريد أن ترجعه معها

فقالت آمنة :_ ماشأنك يا حليمة ؟؟!!
[[ يعني إلى أي شيء ، تريدين أن تصلي ، أدخلي بالموضوع]]
فسكتت حليمة ثم رفعت رأسها بخجل
وقالت :_ أحببناه يا آمنة !!!

_ولا نتحمل فراقه ، وإنا رأينا البركة فيه ، وإنا نُحب أن يبقى عندنا عامين آخرين نأمن عليه من وباء مكة

[[وفعلاً في ذلك الوقت بدأت تظهر أمراض بمكة ، بعد هلاك جيش أبرهة ، في حادثة الفيل ، واجساد جنوده التي تعفنت ]]

وظلت حليمة تقنع آمنة ، فمازالت تحدثها وتقنعها ، حتى وافقت آمنة
ثم قالت آمنة :_ يا حليمة ألا أخبرك عن ولدي هذا ؟؟

[[ أي هل احدثك عن ولدي اشياء لا تعرفيها ]]
يا حليمة ، إحرصي عليه فإن لإبني هذا شأن
[[ وأخذت تحدثها ، عن حمله و ولادته ، وكيف نزل ساجداً ، وعن النُور الذي خرج منه ]]

إحرصي عليه يا حليمة .
_______________________________________
رجعت حليمة وأخذت النبي {{ صلى الله عليه وسلم }} معها إلى ديار بني سعد ، ليقيم عند حليمة عامين آخرين معها في بني سعد .
تقول حليمة :_ ونحن في طريقنا ، مررنا بركب من الحبشة ، وفيهم أهل الكتاب
[[ قافلة من الحبشة ، فيهم من اهل الكتاب الذين على دين سيدنا عيسى عليه السلام ، النصارى ، والحبشة كان منتشر فيها النصارى ]]

تقول حليمة :_ فعرضت الصبي عليهم بغيت ، أن أتأكد وأتعرف
[[ حليمة رضي الله عنها ، كان عقلها مشغول بالتفكير ، مالسر الذي يحمله هذا الصبي ، وخاصة ما رأته من بركته ، وحديث أمه آمنة عنه ، فأحبت أن تعرف من أهل الكتاب الرهبان لان عندهم علم من الكتاب ]]
تقول :_ فعرضته على راهب فيهم
فقلت له :_ ألا ترى ولدي هذا ؟؟!!

قال الراهب :_ مابه ؟؟
قلت له :_ إن له أمور غريبة ، أنظر إلى حمرة عينيه هذه !!!
قالت فنظر فيه الراهب وأخذ يتفحصه
فقال متعجباً :_ ما هذه الحمرة أيشتكي شيء في عينيه ؟
فقلت له :_ لا هي ترافقه منذ ولادته !!
ثم نظر إليه ، واستمر في تفحصه
ثم قال :_ما اسمه ؟

قلت له :_ {{ محمد }}
فقال وهو مندهش :_ هل ولد يتيماً ؟؟!!!
تقول حليمة :_ فأحببت أن أصدقه الحديث
قلت له :_ نعم قد ولد يتيماً

تقول فأخذ الصبي يقبلّه وقال لمن معه
إي وربِ عيسى ، إي وربِ عيسى ، إنه نبي !!

فأقبل من معه مسرعين ، وأمسكوا الصبي ، ثم أخذوا يقبلوا رأسه ، ويضموه الى صدرهم
ثم قالوا لها :_ لنأخذن هذا الغلام، فلنذهبن به إلى ملكنا وبلدنا ، فإن هذا الغلام كائن لنا وله شأن، نحن نعرف أمره

[[ اصبحوا يتحايلون على حليمة ، يريدون أن يأخذوه معهم الى ملك الحبشة ، فلقد عرفوا أمره ، وإنه نبي آخر الزمان ]]
تقول حليمة :_ فلم أكد انفلت به منهم [[ يعني ما صدقت أخذه منهم وامشي ]]
________________________________________

هل لاحظتم النصارى ، ما كان منهم خوف على الرسول من القتل ....... أما اليهود فهم أهل الأذية والقتل والغدر في الارض ، قال تعالى
{{ لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى }}
يتبع إن شاء الله


(( حادثة شق الصدر كاملة))


______________ الأنوار المحمدية ______________
______________ صلى الله عليه وسلم _____________

عطاء دائم
08-07-20, 08:31 AM
هذا الحبيب « ٢١ »

السيرة النبوية العطرة ((حادثة شق صدر الرسول - صلى الله عليه وسلم - 1))
______________

وظل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بني سعد حتى بلغ عامه الرابع، وذلك حين وقعت حادثة شق الصدر فيما رواه الإمام مسلم : فعن أنس بن مالك قال « أن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَان، فَأخذهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشيطان مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ (أي: جمعه وضم بعضه إلى بعض)،
ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكانهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَان يَسْعَوْنَ إلى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ

(أي: المرضعة) فَقَالُوا: إن مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ (أي: متغير اللون)»
،قال أنسٌ: « وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ ».(رواه مسلم) . . .

وقيل في أغلب الروايات إنه خُتم بخاتم النبوة بين كتفيه أثناء حادثة شق الصدر و الله أعلم . يصف الصحابة خاتم النبوة ، قالوا : من نظر إليه ، هو لحمٌ بارز وفيه شعرات ، وهومن بعض العلامات الموجودة عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى ،من وجدت بين كتفيه، فهو نبي آخر الزمان وخاتم الأنبياء والمرسلين .
. . . وما إن رأت ذلك حليمة و زوجها ، حتى قال الزوج :
يا حليمة ما أرى هذا الغلام إلا قد أُصِيب، فانطلقي، فلنرده إلى أهله قبل أن يظهر الذي نتخوف منه . قالت حليمة : فرجعنا به. فقالت أمه: ما يردكما به؟

فقد كنتما حريصين عليه؟
فأخبراها القصة. فطمأنتهما آمنة قائلة :
إن لابني هذا لشأن، فلم أكن أحسّ أثناء حمله بشيء مما تجد الحوامل، وقد رأيت وأنا أحمله كأن نورًا خرج مني، فأضاء لي قصور الشام ، ثم طلبت إليها أن تعود به إلى البادية مرة ثانية. فعادت به حليمة، وظل معها حتى قارب الخامسة من عمره .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


______________ الأنوار المحمدية ______________
______________ صلى الله عليه وسلم _____________

عطاء دائم
08-07-20, 08:34 AM
هذا_الحبيب « ٢٢ »
السيرة النبوية العطرة (( تكملة لما حدث ، بعد حادثة شق الصدر ))
_____________________________________


قبل ان نُكمل {{ معذرة فقد فاتني أن أذكر لكم ،في حادثة شق الصدر ، كيف خُتم كتف النبي صلى الله عليه وسلم ، بخاتم النبوة }}
يقول صلى الله عليه وسلم عن يوم شق الصدر
قال أحد الملائكة للآخر إختمه بختم النبوة

قال فوضع شيء كأنه النجمة بين كتفيي ، فأصبح صلى الله عليه وسلم يشعر وكأن بين أكتافه خاتم

يصف الصحابة رضوان الله عليهم ، خاتم النبوة !!

قالوا :_ من نظر إليه ، هو لحمٌ بارز وفيه شعرات ، والشعرات التي في هذا اللحم ، من تأملها وأمعن النظر في ترتيب الشعرات
يقرأ فيها {{ منصور }} بمعنى أنك يارسول الله صلى الله عليه وسلم ، منصور وأمرك ظاهر .

[[خاتم النبوة سيأتي ذكره كثيراً في السيرة ، لهذا أحببت أن نشرحه ]]
وهو من بعض العلامات الموجودة عند أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، من وجدت بين كتفيه فهو نبي آخر الزمان وخاتم الأنبياء والمرسلين .

__________________________________________

تقول حليمة :_ فأخذناه وحدثنا قومنا في بني سعد فخافوا عليه من الجن والشيطان

وقالوا يا حليمة :_ أحضري له كاهن يرى ما القصة
تقول حليمة :_ فأخذنا محمد إلى كاهن ومحمد يقول مالي ومال الكاهن ليس بي شيء أنا بخير ولكن لأنه صغير بالعمر غلبناه وأخذناه إلى الكاهن
______________________________________

هذا الكاهن يهودي كان يسكن في قرية بجانب ديار بني سعد
تقول حليمة :_ دخلنا على الكاهن ، وأخذت أقص عليه ، ما رأى محمد من أمور غريبة

فقال لي الكاهن :_ أصمتي يا امرأة ، ودعيني أسمع الصبي
ونظر الى محمد ، وقال حدثني يا غلام ماذا جرى لك ؟
تقول حليمة :_ فحدثه كما حدثنا أنا وأبوه من قبل ، فلم يزد كلمة ولم ينقص كلمة
قالت فلما سمع الكاهن حديثه كاملا ً.. قام من مكانه فزع ووقف على قدميه ، ثم أمسك بمحمد ، وضمه إليه ،

وصاح بأعلى صوته :_ يااا للعرب ياااا للعرب من شرٍ قد اقترب ، اقتلووا هذا الصبي ، وأقتلوني معه ، لئن تركتموه ، وبلغ مبلغ الرجال [[ أي اصبح رجل ]]
ليبدلن دينكم ، وليسفهن عقولكم ، وعقول آبائكم وليخالفن أمركم وليأتينكم بدين لم تسمعوا به ، أقتلوه واقتلوني معه
تقول حليمة :_ فأنتزعت الصبي من بين يديه ، وصرخت في وجهه ، أجّن أعتّه [[ يعني أنت واحد مجنون ، ومعتوه ]]
أطلب لنفسك من يقتلك

أما نحن فلا نقتل ولدنا ، ثم أخذت محمدا ، وخرجت به مسرعة ، فمازل يصرخ ، أقتلووه لا تدعوه أقتلوه وأقتلوني معه حتى وقع مغشياً عليه
تقول حليمة :_ثم علمت بعد حين أنه قد هلك [[ما كان مغمى عليه سقط ميت]] هكذا هم اليهود اعداء ، لله ورسله
______________________________________
______________________________________
تقول حليمة :_ رجعت بمحمد ، إلى ديار بني سعد ، ففاح ريح المسك ، أكثر مما كنا نجد من قبل

تقول :_ واصبحنا نتخوف على محمد بعد تلك الحادثة
فقال قومنا لزوجي أبا كبشة :_ نرى أن ترجع الصبي لأهله قبل أن يظهر منه شيء [[ أي نخاف ان يحدث له مكروه ، وتظهر له أمور عجيبة اخرى ]]
يا أبا كبشة :_ أرجعه الى أهله ، فقد أنتهت مدة كفالته
تقول حليمة :_ وأنا لا أريد أن أرجعه ، فقد تعلق قلبي به
ولكن قومنا غلبونا وخوفونا من الأمر فقررنا أن نرجعه لأهله
_________________________________

تقول حليمة :_ فلما كنا على مشارف مكة[[ إقتربنا بالوصول إلى مكة ]]
غفلت عن محمد ساعة فلم أجده ، بحثنا عليه بين الركب فلم أجده !!!
بحثنا حولنا فلم نجده حتى كادت أن تغيب الشمس ، وانا اصيح واقول و اا محمداه

فقال أبوه :_ لنذهب الى مكة ، ونخبر جده عبدالمطلب بما حدث
تقول حليمة :_ فدخلنا مكة وكان عبد المطلب ، جالساً في حجر الكعبة.

_______________ الأنوار المحمدية ______________
______________ صلى الله عليه وسلم ______________

عطاء دائم
08-07-20, 08:36 AM
هذا_الحبيب « ٢٣ »
السيرة االنبوية العطرة (( أنتهاء حضانته عند حليمة ، ورجوعه لمكة)) صلى الله عليه وسلم
________________________________________
________________________________________

فلما دخلوا لمكة ، وجدوا عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم ، جالساً في حجر الكعبة
تقول حليمة

فقلنا :_ لقد قدمنا بمحمد ، فقاطعهم وقال ، ليس موعد قدومكم [[ أي رجعتم مبكرا قبل انتهاء فترة حضانته]]
قالوا قدمنا لشأن [[ لسبب ]] ولكن أضللناه في مشارف مكة ، ضاع منا فلا ندري أين هو !!!!

فوثب عبد المطلب على قدميه مفزوع ، لما سمع الخبر
ثم وقف على باب الكعبة الملتزم ، وزرف الدموع الغزيرة
ثم رفع يديه عند باب الملتزم

وقال :_ لاهما [[ أي في لغة العرب ، اللهم ]]
لاهما رد لي محمدا ، رده لي ، ثم أتخذ عندي يدا
أنت الذي سميته محمدا [[ تذكر الهاتف الذي قال لأمه آمنة إذا ولدته فسميه محمد ]]

تقول حليمة :_ فإذا عبد المطلب يسكت ، و وضع أذنه على باب الكعبة ، وكأنه ينصت لشيء بالكعبة يكلمه ونحن لا نسمع
ثم قال :_ هااا .. أين نجده ؟
فقلنا :_ ما الأمر يا شيخ مكة ؟!!

قال :_ عرفت أين محمد
[[ عبد المطلب سمع صوت من داخل الكعبة وهو يدعو الله يرد له محمد صلى الله عليه وسلم يقول له .. لا تخافوا على محمد من الضياع فإن له ربّ يحميه ]]
فقال عبد المطلب :_ هاا .. أين نجده ؟
فسمع الصوت نفسه

يقول :_ بوادي تهامة عند الشجرة اليمنى
______________________________________
تقول حليمة :_ فأسرع عبد المطلب وركب فرساً وركب خلفه ورقة بن نوفل [[ سيأتي ذكر ورقة بن نوفل بعد نزول الوحي ]]
تقول :_ وأنطلاقا وأنتظرناهم عند البيت
_______________________________________
لما ذهب عبد المطلب إلى وادي تهامة ، مثل ما سمع من الهاتف [[ كان يعرف محمد صلى الله عليه وسلم ،الصبي ذو العامين من العمر ، والآن أصبح ٤ سنين تغير شكله وملامحه وكبر ]]

لما وصل رآه يمسك بغصن شجرة يسحبه ويتركه .. يسحبه ويتركه
فقال عبد المطلب :_من أنت يا غلام ؟
قال :_ {{ أنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب شيخ مكة }}

فبكى عبد المطلب ، و زرفت دموعه على خديه
وقال :_ وانا جدك يا حبيبي ، فداك نفسي ، ثم أقترب منه وحمله ، وحضنه ، وأخذ يقبّله ، وأجلسه في مقدمة فرسه في حضنه ، ثم رجع مكة وهو يحمد الله ثم نحر عشرون ناقة وعدد من الغنم

وأولم وليمة و دعى أهل مكة كلهم بفرحه برجوع محمد صلى الله عليه وسلم
بعض اقوال العلماء أن سبب نزول هذه الاية قال تعالى {{ ألم يجدك يتيما فآوى ، ووجدك ضالا فهدى }}
بسبب هذه الحادثة
_____________________________________

تقول حليمة :_ ونمنا تلك الليلة في ضيافتهم وأكرمونا
فقالت آمنة :_ يا حليمة لِما تعجلتي بعودة محمد ولم تنتهي مدة كفالته ؟
كُنتِ حريصة على أن يمضي عندك عامين أو أكثر ولم يمضي العامين بعد ؟
قالت حليمة :_ قد أدّينا ما علينا [[ أي إنتهت تربيتنا له ]] وأحببت أن أرده إليكي سالماً معافى ، لأن الأم تشتاق لولدها !!
فضحكت آمنة
و قالت :_ ما هذا شأنك أبدا [[ لا ليست هذا القصة لم تقتنع ]] يا حليمة لن أدعك تتركي هذا المنزل حتى تخبريني خبر محمد
[[ إحكيلي الصدق ليش رجعتي قبل ما ينتهي موعد حضانته ، مالذي حصل ]]
تقول حليمة :_ وقد علمت آمنة أني أُخفي شيء قلت سأحدثك ولكن ما جرى ليس لنا به شأن [[ ليس لنا علاقة ]]
فهو خارج إرادتنا

قالت آمنة :_ تحدثي ولا تخافي من شيء
تقول حليمة :_ فحدثتها بكل ما جرى
ثم ألتفتت آمنة لمحمد وقالت :_ ما الذي جرى معك يا ولدي ؟؟
فحدثها القصة كاملة صلى الله عليه وسلم
فضحكت آمنة وقالت :_ يا حليمة وتخوفتي عليه من الشياطين ؟
[[ أي يا حليمة من كل عقلك خايفة عليه من الشياطين ]]
قالت :_ نعم تخوفنا عليه

قالت آمنة يا حليمة :_- ألم أخبركي خبر حملهِ ، وولادته ، وإن لإبني هذا شأن وأني لما حملت به قيل لي .. قد حملتي بسيد هذه الأمة ، فإذا وضعته فسميه ، محمد
يا حليمة :_ إن لإبني هذا شأن لا سبيل للشياطين عليه أبداً دعيه عنك وإرجعي راشده
_______________________________________

تقول حليمة :_ فأكرموني أكثر ما يكرم قوم مرضع
فرجعنا ونحن نفرح
أن محمد الذي ربيناه سيكون له شأن أكثر من فرحتنا بالعطايا التي أعطونا إياها
{{ وحق لك أن تفرحي ، يا حليمة ، هنيئاً لكِ ، يا مرضعة حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم }}
__________________________________

رجعت حليمة رضي الله عنها وأرضاها
فقد شهد أنها أسلمت هي وزوجها أبا كبشة وإبنها
تقول حليمة :_ رجعت [[ وهي تكمل حديثها هذا الذي ترويه لعبدالله بن جعفر رضي الله عنه ]]

تقول :_ فما رأيت محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلا مرتين
بعد زواجه بخديجة رضي الله عنها جئت أبارك زواجه .. وشكوت إليه ضعف حالنا .. فكلم خديجة رضي الله عنها فأعطتني عشرين ناقة وأعطتني خيراً كثيراً
ورأيته يوم حُنين حين ظفر بأعدائه [[ إنتصر عليهم]]
جلس يقسم غنائم حُنين فأقبلت إليه

فلما رآني وثب قائمً على قدميه وفتح ذراعيه مرّحباً
وهو يقول :_ أمي .. أمي .. مرحبا بأمي !!!
وافسح لي

ثم خلع ردائه عن كتفيه ووضعه على الأرض وأجلسني عليه وأكرمني غاية الإكرام صلى الله عليه وسلم .

_______________ الأنوار المحمدية _______________
____________ صلى الله عليه وسلم ________________

عطاء دائم
08-09-20, 07:47 AM
هذا_الحبيب « ٢٤ »
السيرة النبوية العطرة (( آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم))
________________________________________
________________________________________

رجع الرسول صلى الله عليه وسلم لأمه آمنة وإنتهت مدة الحضانة عند حليمة السعدية .
فأصبحت ترى آمنة ، من إبنها محمد ، خصال فيه تتعجب منها !!!
{{ وكان صلى الله عليه وسلم ، له أدب رفيع }}

كان دائماً يجلس وينظر إلى السماء أكثر من الأرض
تقول أمه آمنة :_ كان ينظر إلى السماء أكثر من نظره إلى الأرض
خلوته أكثر من جلوته [[يعني كان معتزل أكثر من إنه يختلط بالصبية والأهل]]
كان إذا وُضع الطعام لا يبدأ ويمد يده قبل أحد ، ينتظر إذا قيل له كُل .. مد يده وأكل

وهكذا ما زالت آمنة ترى خصائصه حتى مضى عندها عامين وأصبح في عمر السادسة
____________________________________________

الآن الذي ستروي لنا ، مالذي حدث للرسول صلى الله عليه وسلم عند آمنة هي
{{ بركة الحبشية أم أيمن }} رضي الله عنها وارضاها
بركة صحابية جليلة ، كانت من الأوائل من العبيد الذين أسلموا
كانت من العبيد في مكة ، وكان الذي يملكها ابو النبي (( عبدالله المتوفى ))
وانتقلت في الوراثة ، للنبي صلى الله عليه وسلم

فأعتقها النبي صلى الله عليه وسلم وزوجها (( لزيد بن حارثة )) رضي الله عنه
أنجبت لزيد (( أسامة بن زيد )) الصحابي الجليل رضي الله عنه ، بركة كانت (( حاضنة الرسول صلى الله عليه وسلم ))

تقوم برعايته وخدمة آمنة ام النبي ، وكانت تلازمهم دائماً
_______________________________________
تقول بركة :_
قالت آمنة لعبد المطلب يوماً ، ألا تأذن لنا يا شيخ مكة أن نذهب إلى يثرب بالقافلة ، فنزور أنا ومحمد قبر عبد الله وأعرفه على قبر والده ؟
قال :_ نعم يا امنة ، ولكن حتى أجد قوم آمن عليكم معهم أرسلتكم
قالت :_ فلمّا خرج قوم من أشراف مكة إلى يثرب ، جهزنا عبد المطلب وأرسلنا معهم .

خرجت آمنة مع ولدها ومعها بركة حتى وصلوا يثرب {{ المدينة المنورة }} فذهبت القافلة تكمل تجارتها ونزلت آمنة والرسول صلى الله عليه وسلم وبركة ضيوفاً عند بني النجار أخواله
_______________________________________
أخذت آمنة بيد إبنها محمد ، ووقفت عند قبر أبيه
وقالت له :_ يا بني هذا قبر والدك عبدالله
فقال لها :_ لِما يا أمي ، لا يكلمنا ؟!

فقالت :_ يا بني إنه قد مات ، والذي يموت ، لا يتكلم أبدا ، ولا يرجع إلى أهله ، يا بني هذا مكان جسده ، ولكن لن نلتقي به أبداً
[[ هنا تعرف على معنى الموت ، لم يكن يعرف معنى الموت الحقيقي ، حتى وقف على قبر أبيه ، وأن والده بهذا المكان وأنه لن يراه ابدا ]]
صلى الله عليه وسلم
_______________________________________
جلسوا في يثرب حوالي شهر ، وكان يخرج صلى الله عليه وسلم ، يلعب مع الصبيان من بني النجار
وتعلم السباحة عندهم
كان يلعب كما يلعب الصبية ، و لكن كان مميز بينهم ، بأدبه وأخلاقه
وكان اليهود منتشرين حول يثرب ، وهم أهل كتاب

فلفت أنتبهاهم أمر غريب !!
كانوا يسمعون صراخ الأطفال وهم يلعبون {{ ها قد جاء محمد المكي ، محمد القرشي ذهب ، محمد المكي تعال معنا هنا ، محمد القرشي هي نذهب هناك }} كأي أطفال يلعبون ، ويعلو صوتهم بلعب
ومعروف عندهم في كتبهم ، بهذه الأسماء من صفات نبي آخر الزمن {{ محمد المكي المدني القرشي }}

ولاحظ اليهود ، غمامة [[ غيمة]] عليهم تظلهم وهم يلعبوا وإذا إنفرد محمد لوحده ، وبقي الصبية لوحدهم أصبحت الغمامة فوق رأسه .. فأصبح أهل الكتاب ينتبهوا ويتابعوا أخبار هذا الصبي
{{ يتبع إن شاء الله ، وفاة امه آمنة }}


_____________ الأنوار_المحمدية _____________
_____________ صلى الله عليه وسلم _____________

عطاء دائم
08-09-20, 07:49 AM
هذا_الحبيب « ٢٥ »
السيرة النبوية العطرة (( وفاة آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم ))
______________________________________

أصبح أهل الكتاب ينتبهوا ويتابعوا أخبار هذا الصبي
تقول بركة :_ كنت لا أفارقه بوصية من أمه آمنة .
تقول :_ فرأيت أهل الكتاب ، يختلفون إليه كثيرا [[ تقصد اليهود ، يأتي واحد ويذهب الآخر ، يراقبون النبي صلى الله عليه وسلم ]]
تقول :_ يترددون إليه كثيرا ويسألونها عنه
كيف ينام ؟

كيف يأكل ؟

ماذا يعمل ؟ يسألوها عن أحواله
تقول :_ فجاء إليه حبران من اليهود
فقالوا :_ ما إسمك يا غلام ؟

قال :_ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب
قالت :_ فأخذوا ينظروا في عينيه ورأسه وتفحصوه كثيراً ثم كشف أحدهم بين كتفيه فوضع يده على خاتم النبوة

وقال :_ هو ، هو ، وربِ عيسى وموسى إنه هو !!!
فقال الآخر :_ أأنت واثق مما تقول ؟

قال :_ نعم وهذا خاتم النبوة بين كتفيه .. ثم إنصرفوا
تقول :_ ثم رجعت به إلى أمه قالت فلم ينتصف النهار حتى جاء رهط منهم إلينا [[ رهط يعني مجموعة]]

قالوا يا بركة :_ أخرجي لنا أحمد [[ معروف في كتبهم إسمه أحمد ]]
قالت لهم :_ ما عندنا أحمد

قالوا لها :_ هذا الذي تقولون عنه محمد
فقالت لهم :_ إسمه محمد وليس أحمد

قالوا :_ محمد أو أحمد شيء واحد ، أخرجي لنا محمد .. فقلت لهم :_ إنه نائم ، تقول ولم أخرجه لهم وأخبرت أمه بالأمر وبما أسمع من أهل الكتاب
فأخبَرت آمنة أخواله من بني النجار .. فخافوا عليه من اليهود .. وسمحوا لها أن ترجع إلى مكة .. وكان في قافلة راجعة لمكة ركبت معهم ، خرجت آمنة ومعها إبنها وبركة

___________________________________
___________________________________

وفي الطريق عصفت الريح والرمال ، فتوقفت القافلة أيام وأصاب آمنة المرض وأخرت القافلة ، فإستأذنوا الناس بالقافلة بالرحيل وتركوا معها بعض الناس يرعوها وكان مرضها في قرية يقال لها الأبواء [[ الابواء منطقة بين مكة والمدينة، وهي أقرب للمدينة ، وسميت بذلك لأن السيول تتبوّأه ، يعني تحل وتستقر فيه ]]

تقول بركة :_ فمكثنا أيام نعالج مرضها ولكنها لا تستجيب .. والمرض يشتد بها
وذات ليلة أخذ المرض يشتد بها أكثر وأكثر فعلمت آمنه أنها ستموت
فقالت آمنة :_ يا بركة .. قربي مني محمدا

قالت :_ فقربته ، فوضعت يدها على رأسه تتلمسه وهي تنظر إليه وعمره 6 سنين
وتقول : بـارك فيك الله مـن غلام .. يا إبن الذي من حومة الحمام
نجا بعـون الملك المنعـام .. فُودي غداة الضرب بالسهام
بمائـة مـن إبـل سـوام .. إن صح ما أبصرت في منامي
فأنـت مبعوث إلى الأنـام .. من عند ذي الجلال والإكرام
____________________________

تقول بركة :_ كانت امنة ، تكرر بيت الشعر أكثر من مرة .. وهي تنظر إلى أبنها وكأنها تودعه
ثم قالت :_ يا بركة لا تغفلي عن محمد ، فإن أهل الكتاب يعتقدون أنه نبي مبعوث ، وإن ألد أعدائه يهود فأنا لا آمنهم عليه فلا تجعليه يغيب عن ناظرك
ثم قالت :_{{ يا بني ،كل حي ميت وكل جديد بال وكل كبير يفنى وأنا ميتة وذكري باقي وقد تركت خيراً وولدت طهراً }}

ثم ماتت ويدها على النبي صلى الله عليه وسلم،
قالت بركة :_ وأخذ محمد يكلمها فلا ترد عليه ،وعلمت أنها ماتت فأغمضت عيناها وضممت يدها إلى صدرها

وحاولت أن أبعد الصبي عنها ولكنه تمسك بها
وهو يقول وينادي :_ أمي أمي

ثم نظر إليّ وقال :_ لما لا ترد أمي عليّ ؟؟!!

تقول بركة :_ فأضررت أن أقول له لقد ماتت يا بني !!!
[[ هنا تذكر كلام أمه عن الموت ، قبل ايام عند قبر ابيه ، وأن الذي يموت لا يرجع أبداً لأهله يا بني ]]

قالت :_ فذرف دمعاً غزيراً وهو متعلق بها
تقول :_ فحاولت أن أبعده عنها
فقال القوم الذين معي :_ دعيه يا بركة بجانب أمه
فبقي طوال الليل بجانبها لم ينم ،يضمها ويبكي لا نسمع إلا بكائه وتنهده .
فكنت اتي إليه ، كي أُدير وجهه عن أمه ، من شدة البكاء ،كي لا يراها
صلى الله عليه وسلم
___________________________________

قالت فلما كان النهار شققنا لها قبر في الرمال ، واخذنا نحفر لها القبر ، وهو يحفر معنا ويبكي
فلما هممنا بدفنها ، تعلق بها وأصر أن ينزل معها في حفرتها
ولما أتعبنا قال القوم لا بأس أنزلوه في حفرتها قليلاً
قالت :_ فنزل وتمدد بجانبها بالحفرة وضمها إليه وهو يبكي فأنزل دمعاً كثيراً ، ثم أخرجوه من الحفرة ووضعوا عليها الرمال
و أخذت ام ايمن يده لتذهب
فقال لها :_ نأخذ امي معنا !!

حتى اذا وصلت مكة وتوجهت ام ايمن الى بيت جده عبد المطلب فطرقت الباب فإذا عبد المطلب يفتح الباب ثم نظر للصبي
وقال :_ أين أمك يا محمد ؟

فبكى واخذ يردد .. ماتت ، ماتت
فضمه عبد المطلب وقال له : أنت ابني ، أنت ابني
رجعت ام ايمن تحضن اليتيم المضاعف يتمه إلى جده عبد المطلب .
صلى الله وسلم عليك يا حبيبي يارسول الله
سؤال لن اتجاهله ، وسأعطيه حقه

{{ هل والدا النبي صلى الله عليه وسلم من اهل الجنة ام النار ، هذا ما سأفصله بأذن الله ، بالأدلة من القران وانصف والدا النبي الكرام }}

______________ الأنوار_المحمدية _______________
_____________ صلى الله عليه وسلم ____________

عطاء دائم
08-10-20, 07:45 AM
هذا_الحبيب « ٢٦ »
السيرة النبوية العطرة (( كفالة عبدالمطلب للنبي صلى الله عليه وسلم ))
__________________________________

رجع الصبي المضاعف يتمه إلى جده بعد وفاة أمه آمنة
تقول بركة :_ لما رجعت مكة وأنا أحتضن محمد ، نظر إلينا عبد المطلب ، بعد أن علم بوفاة آمنة، وإحتضن الصبي ، وبكى

ثم أخذنا وأسكننا في داره [[ أي في دار عبد المطلب ]]
وقال :_ يا بركة لا تدعي محمد يغيب عن نظرك ليلاًً ولا نهاراً فإني لا آمن عليه أهل الكتاب
____________________________________
يقول العباس رضي الله عنه ، عم النبي صلى الله عليه وسلم
يقول :_ فَرَقَّ له رقة لم نعهدها من قبل !!! [[ يقصد عبد المطلب ، كان الحنان بقلبه للنبي بشكل لا احد يتخيله ]]
وصب به صبابة لم يصبها بولد من أبنائه
أصبح النبي صلى الله عليه وسلم ، عند جده عبد المطلب كل شيء بحياته تعلق فيه كثيراً

فكان إذا وضع الطعام لا يقربه ، إلا إذا جاء محمد ووضعه في حجره وأعطاه أفضل طعامه
________
_________________________

يقول العباس رضي الله عنه :_كان لعبد المطلب سيد مكة فِراش في حجر الكعبة يجلس عليه ولا يجلس عليه غيره


كان له فراش فيه ، لا يجلس عليه غيره حتى كان حرب بن أمية [[ حرب بن امية ، وهو شيخ من شيوخ قريش يكون أبوه لأبو سفيان ، وكان بمثابة السيد الثاني في مكة بعد عبد المطلب ]]

حتى حرب بن أمية ومن دونه .. يجلسون على الأرض حول الفراش
وعبد المطلب يجلس على الفراش
فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام يافع في السابعة من عمره فيجلس عليه ، يجلس على مفرش جده عبد المطلب
فيذهب أعمامه يبعدونه !!!
فيقول عبد المطلب :_ دعوا إبن
ي يجلس عليه فإنه يحس من نفسه بشرف [[ يعني يحس أن له مكانة ]] وأرجو من الله أن يبلغ من الشرف مالم يبلغه عربي قبله ولا بعده
[[ والله يا جد نبينا ، لقد حقق الله رجاءك ، فأي مخلوق من خلق الله جميعا ، بلغ الشرف الذي بلغه صلى الله عليه وسلم ؟ ونحن الآن بعد 1400 سنة ، نفديه بأرواحنا صلى الله عليه وسلم]]
ثم يجلس عبد المطلب ويجلسه على يمينه يمسح على ظهره ورأسه
ويقول :_ إن لإبني هذا شأن فاعرفوه يا أبنائي [[ يكلم أولاده عن إبن أخيهم محمد ]]

________________________________________

يقول العباس :_وكان عبد المطلب جالس يوم في حجر الكعبة وعنده ضيف
وهو أسقف نجران وهو من أهل اليمن [[الأسقف يعني أعلى رتبة عند الرهبان النصارى]]

وكما قلنا من قبل ، أن عبد المطلب عنده أصدقاء كثير ومعارف من اليمن ، عندما كان يسافر رحلة الشتاء إلى اليمن .
هذا الأسقف كان جالساً مع عبد المطلب ، ويتكلم معه
فقال الأسقف لعبد المطلب :_ إنا نجد في كتبنا صفة نبي من ولد إسماعيل ، في هذا البلد مولده [[ أي مكة ]]

وإن من صفاته كذا وكذا ، وأخذ يحكي له أوصافه ، وهو يتحدث معه
أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمره 8 سنين دخل على جده ، فنظر الأسقف إليه فقام الأسقف وأخذ يتفحصه وينظر إلى عيونه وظهره وقدميه
__________________________________

قال له عبد المطلب :_ ما الأمر ؟
فقال الأسقف :_هو ذا ، هو ذا ، يا شيخ مكة
قال عبد المطلب:_ ما هو ؟ !!
قال الأسقف :_ هو ذا الذي أحدثك عنه نبي هذه الأمة
يا عبد المطلب :_ من يكون هذا الغلام
قال له :_ هذا إبني
قال الأسقف :_ لا .. إنه يولد يتيماً !!!
فقال عبد المطلب :_ نعم إنه إبن إبني عبد الله
قال الأسقف :_ما فعل أبوه ؟
فقال له :_مات وأمه حبلة به
قال الاسقف :_الآن أنت صدقتني ، إنا نجد في كتبنا أنه يولد يتيماً ويموت أبوه وهو في بطن أمه

يا عبد المطلب هل تضاعف يتمه ؟ ألم يفقد أمه ؟
قال :_ بلى ماتت أمه وهو الآن في حضانتي
فقال الأسقف :_ أنظر يا عبد المطلب إلى قدم هذا الصبي .. ثم أنظر إلى قدم جدكم إبراهيم
[[قصده عن مقام إبراهيم عند الكعبة الذين ذهبوا للعمرة ورأوا علامات قدم سيدنا إبراهيم بالصخر في مقام إبراهيم عليه السلام الذي بجنب الكعبة قفص ذهبي]]
أنظر يا عبدالمطلب إلى قدم هذا الصبي ، ثم أنظر إلى قدم جدكم إبراهيم التي في المقام
فهل تجد قدم أشبه بها من قدم هذا الصبي ؟؟
قالوا :_ فنظرنا فوجدناها تشبهها ، مع فارق الحجم
فنظر عبد المطلب إلى أولاده
{{يقول العباس كنا إذا جاء أبونا عبد المطلب سيد مكة وجلس على فراشه في حجر الكعبة وقفنا على رأسه ، وكان عدد أولاده تسعة يقول كنا نقف على رأسه وحوله ، خدمة له وتعظيماً }}
فنظر عبد المطلب إلى أولاده وهم واقفين
وقال :_ يا أبنائي تحفظوا على إبن أخيكم محمداً
ألا تسمعون ما يقال فيه ؟!!!!!

فقال الأسقف :_ إني أوصيك يا عبد المطلب أن تحذر عليه يهود
هل لاحظتم كم تحذير جاء في السيرة من اليهود
حتى النصارى يعرفون بأن ألد أعداء محمد وأمته هم يهود ..
وعندما وصل المدينة صلى الله عليه وسلم وكان اليهود يسكنون حولها ينتظرون نبي اخر الامة يخرج منهم ، نزلت عليه صلى الله عليه وسلم ، أطول سورة في القران {{ سورة البقرة }} جلها تتكلم عن اليهود وغدرهم وملخصها
{{ يهود .. وعهود .. لا يلتقيان أبداً .. أبداً .. أبدا }}

فليت المسلمون خير امة ، يفهمون .


_____________ الأنوار المحمدية _______________
____________صلى الله عليه وسلم ________________

عطاء دائم
08-11-20, 07:59 AM
هذا_الحبيب « ٢٧ »
السيرة النبوية العطرة (( وفاة عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم ))
____________________________________

ومازال النبي صلى الله عليه وسلم بكفالة جده عبد المطلب يرعاه خير رعاية ، ويعزه ويقدمه على أعمامه
حتى بلغ صلى الله عليه وسلم سن الثامنة من عمره
________________________

تقول بركة :_ غفلت عنه يوماً [[ أي لم تنتبه له ، نامت ]]
واذا بعبد المطلب عند رأسي يصرخ بي بأعلى صوته
ياااا بركة !!!
ألم أقل لك لا تغفلي عن محمد ؟
قلت له :_ هو ذا يلعب عندي
قال :_ أين هو ؟ أتعلمي أين وجدته ؟
وجدته عند الصبية عند السدرة ، ألم أقل لك أني لا آمن عليه يهود ؟
[[ هل لاحظتم ، عبد المطلب هنا أيقن أن اليهود لا أمان لهم]] لا تجعليه يا بركة يغيب عن نظرك
____________________________________

بلغ صلى الله عليه وسلم من العمر 8 سنين
مرض عبد المطلب وجلس في سريره
وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، بقى جالساً عند سريره لا يفارقه
شعر شيخ مكة عبد المطلب بدنو الأجل
فأرسل لأولاده وبناته الستة

ووقفوا حول سريره تسعة رجال ومحمد صلى الله عليه وسلم واقف عند رأسه
ثم نظر إليهم وبكى بكاءً مُراً ، فقال له أبو طالب [[وأبو طالب لم يكن أكبر أولاده]]
قال أبو طالب :_ ما هذا الخوف يا شيخ مكة ما عهدناك كذلك ؟ [[ أي لماذا هذا الخوف لم نعهدك تخاف من شيء ، كل حياتك رجل شجاع ، وسيد قومك ]]
قال :_ يا بني إني لا أخاف الموت فإن الموت مصير كل حي ، لقد مات إبراهيم وإسماعيل وهما عند الله خير مني ولكن الذي يحزنني ويؤلم قلبي {{ هذا اليتيم }}

إني أوقن [[ أي متأكد ]] أن له شأن وأنّا كل أهل الكتاب رأيتهم يجمعون أنه نبي منتظر
ليتني أدرك ذلك الزمن [[ تمنى عبد المطلب أن يرى محمد صلى الله عليه وسلم لما يبعث ]]

فقال أبو طالب :_ لا تحزن يا شيخ مكة نحن نعاهد الله ونعاهدك أن يكون محمداً أحب إلينا من أولادنا وأنفسنا

________________________________________
العم الشقيق للرسول صلى الله عليه وسلم يعني أبو طالب وعبد الله والد النبي أخوة من أب وأم واحدة ]]

إنتقلت الكفالة إلى أبي طالب ومازال عبد المطلب حي على سريره
ثم نظر عبد المطلب إلى الصبي اليتيم الذي تعلق فيه كثيراً [[وايضا تعلق صلى الله عليه وسلم فيه كثيراً ، فقد رأى منه حنان الأب والأم رأى منه كل العطف ]]
نظر للنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يبلغ من العمر 8 سنين ووضع يده عبد المطلب على رأس النبي ومسح عليه وهو ينظر إليه ثم خرجت روحه ويده على رأس النبي وعينيه تنظر إليه .
_________________________________

هنا أدرك صلى الله عليه وسلم أن جده منبع الحنان بعد أمه قد مات
وتذكر قول أمه [[ يا بني الذي يموت لا يرجع إلى أهله ولا نلتقي به أبداً]]
تقول بركة :_ فبكى الصبي بكاءً مُراً ، وأنا أنظر إلى محمد يقف عند سرير جده يصب دمعاً غزيراً فما إستطعنا أن نبعده عنه .
ثم دفن عبد المطلب في الحجون [[مقبرة معروفة بمكة لحد الآن ]]
وإنتقل صلى الله عليه وسلم إلى كفالة عمه أبو طالب

_____________ الأنوار المحمدية ______________
____________ صلى الله عليه وسلم ________________

يتبع بأذن الله …

عطاء دائم
08-11-20, 08:05 AM
هذا_الحبيب « ٢٨ »
السيرة النبوية العطرة (( كفالة أبي طالب للنبي صلى الله عليه وسلم ))
_______________________________________

إنتقل صلى الله عليه وسلم ، مع حاضنته بركة {{ أم أيمن }}
الى كفالة عمه ، أبو طالب ، بعد وفاة جده عبد المطلب
اسم ابو طالب لقب ، أما اسمه الحقيقي {{ عبد مناف }}
ابو طالب ابوه لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه ، ابن عم رسول الله ، وزوج أبنته فاطمة رضي الله عنها

زعم شيعة علي رضي الله عنه ، أن أسم ابو طالب {{ عمران }}
لقوله تعالى {{إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين }}
وقد أخطؤوا في ذلك خطأ كبيرا، ولم يتأملوا القرآن قبل أن يقولوا هذا البهتان ، فلو تابعوا تتمت قراءة الايات لوجدوا بعدها

قوله تعالى {{إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا }} وكانت تعتقد الذي في بطنها ذكر ، فولدت أنثى ، فولدت السيدة مريم بنت عمران

عمران __ هو أب للسيدة مريم بنت عمران ام نبي الله عيسى عليه السلام ، جد نبي الله عيسى عليه السلام

______________________________
اسمه {{ عبد مناف }} ملقب أبا طالب .
_____________________________
كان ابو طالب ، قليل المال ، لم يكن من أصحاب الأموال ، وعنده كثرة بالأولاد
ولكن كان صاحب شرف في قومه ، وكرم نفس ، وكان قد حرم الخمر على نفسه ، كما حرمها ابوه عبدالمطلب على نفسه من قبل
وكان محبوباً للجميع
فورث الزعامة من أبوه ، عبد المطلب واصبح شيخ مكة ________________________________
انتقل صلى الله عليه وسلم ، الى دار عمه ابو طالب ، وعاش بينهم ، كأنه واحد من أولاد ابو طالب
حتى أن ابا طالب كان يعزه ، أكثر من أولاده
كان أبو طالب لا يقبل أن ينام إلا
أن ينام النبي صلى الله عليه وسلم بجانبه ، ويفضله على جميع أولاده
عاش النبي صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه وعمره 8 سنين إلى أن بلغ الرجولة ، ولم ينفصل عن عمه إلا بعد زواجه بالسيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها
[[ يعني من عمر 8 سنين حتى سن 25 سنة كان في بيت أبو طالب]]

_________________________________________
تقول بركة (( أم أيمن ))
إنتقلنا إلى دار أبي طالب وكان كثير الأولاد قليل المال
كان إذا وضع الطعام إنتشلت الصبية الطعام إنتشال .. حرصاً على الشبع
[[ أول ما يوضع الأكل ياكلوا الاولاد بسرعة ، من أجل الشبع مثل السباق قبل أن ينفذ الطعام ]]

تقول بركة :_ فكان عيال ، ابو طالب إذا أكلوا جميعاً ، أو فرادى لم يشبعوا !!!
وكانوا إذا شربوا لبنا من القعب ، شربوه بسرعة ولم يشبعوا [[ القعب ما نسميه الآن ، زبديه ، نفس الشكل لكن مصنوع من الخشب ]] لم يشبعوا لأن اللبن قليل ، و ما كانوا يشربوه دائماً

وكان أبو طالب يؤثر الحجيج وزوار البيت على أولاده في الدار [[ يعني كان يتكارم على ضيوف الحرم أكتر من أولاده ]]
___________________________________
تقول بركة :_ فلما كان صلى الله عليه وسلم يأكل معهم يشبعوا جميعاً ، ويزيد فضلة من الطعام وإذا أكلوا ولم يكن موجود معهم لم يشبعوا ولم يكفيهم الطعام
أبو طالب لاحظ هذا الشيء
فأصبح يضع الطعام فطور وغداء وعشاء [[يعني الوجبات كلها ]]

ثم يقول لأولاده :_ مكانكم لا تأكلوا حتى يمد محمد يده
لأنه كان صلى عليه وسلم ، لا يمد يده قبل أحد
[[الصبية يأكلوا مباشرة على السريع ينتشلوا الأكل وكان ما يمد يده صلى الله عليه وسلم ، إلا إذا زاد طعام ، مد يده وأكل ]]

فمنع ابوطالب ، أولاده ان يمدوا إيديهم قبل أن يبدأ محمد بالأكل
فإذا بدأ وأكل شبعوا جميعاً وزاد من الطعام
ويحضر ابو طالب ، القععب من اللبن ، ويعطيه لمحمد اولا
يقول له :_ أشرب يا بني

فيقول له صلى الله عليه وسلم :_ بل أنت يا عم [[يعني أنت أول يا عمي ]]
فيقول له أبو طالب :_ لا أنت أولاً ، إنك نسمة مباركة
فإذا بدأ بالشرب محمد ، شربوا جميعاً وشبعوا ،وبقي من اللبن زيادة
وإذا شربوا قبله لا يشبعوا
فكان يقول أبو طالب :_ إن محمداً صبي مبارك
______________________________________
تقول بركة :_كان يصبح الصبية كعادتهم شعثاً رمصاً [[ وهذا شيء طبيعي كل الأطفال من اللعب والركض والغبرة لما يصحى من النوم تجد شعره غير مرتب مجعد منفوش شعثاً ، والرمص الصفار الذي يكون في عيون الصغار ، لما يصحوا من النوم ]]

كان يصبح الصبية شعثاً رمصاً .. وكان محمد من دون كل الصبية
يصبح كحيلاً دهيناً طيب الرائحة كأنما الدهن على رأسه [[يعني شعره صلى الله عليه وسلم مرتب ناعم ما فيه تجاعيد كأنه داهنه بالزيت ، عيونه كحيلتين لا أثر للرمص فيها ]]

تقول بركة :_ وما زلنا نلتمس من بركاته صلى الله عليه وسلم كلما تقدم بالعمر أحداث كثيرة في كفالة أبو طالب
______________________________
سنذكر بعض كرامته صلى الله عليه وسلم عند الله ، في كفالة ابوطالب ، قبل نزول الوحي
للتنبيه كي لا نقع بالخطأ لا نقول {{ قبل النبوة ، وبعد النبوة }}
هذا خطأ يقع فيه كثير من الناس

{{ رسولنا الكريم نبي قبل أن ينفخ بآدم الروح ، كنت نبياً وآدم منجدل في طينته ، فهو في بطن أمه كان نبي ، وولد نبي وكبر نبي ، و عاش في كفالة عبد المطلب وكان نبي ،وعاش في كفالة أبي طالب وهو نبي }}
لا نقول قبل النبوة وبعدها بل نقول [[ قبل البعثة ، وبعد البعثة ،او قبل نزول الوحي ، وبعد نزول الوحي ]]
_______________ الأنوار المحمدية _______________
_____________ صلى الله عليه وسلم________________

عطاء دائم
08-11-20, 08:07 AM
هذا_الحبيب « ٢٩ »
السيرة النبوية العطرة (( قصة الراهب بحيرا كاملة ))
______________________________________
_____________________________________

ولم يزل صلى الله عليه وسلم ينشأ النشأة الطيبة الصالحة ، برعاية له من الله عز وجل
ويشب مع شباب مكة ، حتى بلغ من العمر ١٢ سنة
وجاء موسم رحلة الصيف إلى الشام .
وكان من عادتهم برحلة الشتاء والصيف ، يخرج مع القافلة الزعماء [[ من أجل ان يحافظوا على القافلة ، ولا احد يتعرض لها في الطريق من الناس ]]
فكان أبو طالب على رأس هذه القافلة وصار يستعد للسفر .. فلما اجتمعوا يوم السفر وقف أبو طالب يودع أهله .
____________________________________

يقول العباس رضي الله عنه :_ فبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم فعانقه صلى الله عليه وسلم ، وتعلق بعنقه ، و تمسك فيه وصب دمعاً غزيراً
[[ حال نبينا صلى الله عليه وسلم ، كأي صبي عمره ١٢ عام ، لا يوجد له أب ، ولا أم ، ولاجد ، ولما تعود على عمه وحنانه ، وعطفه ، أصبح لا يقدر على فارقه ]]
قال :_ يا عم لمن تتركني في مكة ؟؟
قال له أبو طالب :_ لقد أصبحت رجلاً يا بني !!
قال :_ ولكن لا أحب أن أفارقك ، وأحب أن أرحل معك وأتعلم التجارة
يقول العباس :_ فرق له أبو طالب [[فاض الحنان بقلبه عليه]] وقال له :_ لا والله لن أدعك لأحد
وإني عند عهدي لعبد المطلب ، ستذهب معي يا محمد
فودع الأهل أبو طالب وأركب محمد أمامه على البعير وانطلق به إلى بلاد الشام
_____________________________________
يقول العباس عم النبي وهو راوي الحديث :_
فو الله الذي لا إله إلا هو .. ما أن خرجت القافلة من أرض الحرم والموسم صيف حتى رأينا غمامة جاءت من بعيد [[غيمة]] وأظلت البعير الذي يركبه صلى الله عليه وسلم مع عمه أبا طالب
وانتبهت لذلك قريش ، فكانوا لايجدون الظل إلا على البعير الذي يركبه أبو طالب ومحمد
إذا مشى تمشي الغمامة معه ، وإذا توقف توقفت فوقه .. فعلمت قريش أن هذه الغمامة تظل محمد [[ و لم يعطوا لهذا الأمر أهمية ، كانوا يقولوا يتيم ، تعطف عليه السماء ]]
_____________________________________
حتى إذا وصلوا مشارف الشام [[ المقصود بمشارف الشام هنا ، أول الدخول من المنطقة الجنوبية من الأردن لفلسطين لسوريا ولبنان كلها بلاد الشام ، كانوا يقولوا وصلنا لبلاد الشام ]]
فدخلوا الى بصرى الشام
[[ اختلفت الأقوال عن بصرى الشام ، اين تقع ؟ ولكن اغلب الاقوال الصحيحة بصرى الشام المقصود فيها {{بصيرة }} مايعرفه اهل الاردن الآن بالطفيلة ]]
_____________________________________
وكان هناك راهب من رهبان النصارى إسمه بحيرا
من هو بحيرا ؟؟
بحيرا لقب وليس إسمه الحقيقي [[ بحيرا ، لقب عند النصارى يعطى لمن يملك علم النصرانية الحق من غير تحريف ، أي وراثة من فلان الى فلان الى فلان الى سيدنا عيسى عليه السلام ]]
لقبه بحيرا ، أما إسمه الحقيقي {{ جورج }}
فكان هذا الراهب عنده علم الكتاب الحق ، وكان عنده العلم الكبير .
__________________________________________
فالقافلة التي أتت من مكة ، وتحمل الرسول صلى الله عليه وسلم مرت من جانب صومعة العابد بحيرا
وكانت قريش كل سنة تمر من جانبه ، ولم يكن بحيرا يهتم فيهم ، ولا يتكلم معهم ، إلا في حال إذا طلبوا منه الماء يسقيهم ويسلم عليهم ولا يهتم بهم .
____________________________________
فلما كان الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه القافلة
[[ طبعا بحيرا ، كان عنده علم بمولد نبي آخر الزمن مثل باقي الأحبار والرهبان ، وقت عرفوا ليلة مولده أنه ولد نبي آخر الزمن وطلع نجمه ، لأنه عندهم علم بالكتاب وأسرار النجوم ، فكان عندهم علم بالنجوم مرتبطه بكتبهم ، لما رأو النجم عرفوا انه ولد نبي آخر الزمن ، ومولده في أرض الحرم ]]
______________________________________
فكان بحيرا ، يجلس في صومعته ، ويراقب القوافل
فلما قدمت قافلة مكة [[ وكان لقافلة مكة ، موعد متى تأتي ، ومتى ترجع من الشام ]]
نظر بحيرا من صومعته ، فرأى قافلة قريش ، فوقها غمامة ، كانت تظل الركب ، تمشي إذا مشوا ، وتقف إذا وقفوا
[[ تذكر بحيرا ما كان يقرائه ، من بقايا تعاليم الكتاب عندهم {{ أحمد المظلل بالغمام ، نبي آخر الزمان }} فأخذا يراقب ]]
فرأى أمر غريب وإشارة عجيبة
لقد رأى الشجر كل ما مرت القافلة من عنده ، يسجد [[ وهذه إشارة كان يعرفوها الرهبان ، لا يستطيع باقي الناس من العوام ان يراها ]]
رأى الشجر يسجد [[ ليس كسجودنا لا ]] كانت القافلة كل ما اقتربت منه ، تتدلى أغصانها إلى الأرض اي تهبط
[[ ليس سجود عبادة قصدهم إنحناء الشجر ، يسموه سجود ]]
كأن الاشجار تقول :_
{{ مرحباً بك يا نبي الله ، مرحباً بك يا حبيب الله ، مرحباً يا خير خلق الله ، صلى الله عليه وسلم }}
___________________________________
فنزل مسرعاً من صومعته يسلم عليهم ويستكشف
فقال :_من شيخ القوم فيكم ؟
قالوا :_أبا طالب
فقال :_يا أبا طالب يا سيد قومه ، قد صنعت لكم الطعام وأريد أن تحضروا جميعاً ، ولا يتخلف منكم رجل واحد
قالوا :_ يا بحيرا إن لك شأن في هذا اليوم !!!
لقد مررنا بك أعواماً فما عهدناك تقري ضيفاً أو عابر سبيل [[ يعني كيف نزل عليك هذا الكرم كله ، تعزمنا على الأكل في إنّ بالموضوع ، دائماً نمر من عندك ولا تستظيف احد ولا تهتم ]]
قال :_ أنتم أهل الحرم وأحببت أن أكرمكم [[طيب طول عمرهم أهل حرم ؟؟ لماذا اليوم ]] فأجيبوا دعوتي
فقال أبو طالب :_ قد أجبنا جهز طعامك
______________________________________
جلس أبو طالب والقوم معه واستراحوا تحت شجرة ، الى أن حان وقت الضيافة وجهز الطعام
فقاموا جميعاً ولكن {{ النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم معهم }}
قالوا له :_ قم يا محمد إذهب معنا
فقال لهم :_ اعذروني سأبقى عند الركب
لما دخلوا على بحيرا صار بحيرا يتفحصهم فلم يرى أحداً منهم ينطبق عليه وصف نبي آخر الزمن !!!!
فقال :_يا أبا طالب
قال له:_ نعم
قال :_ أقسمت عليكم بربكم أن لا يتخلف أحد عن وليمتي هذه
قال له :_لم يتخلف منا أحد [[كل الرجال حضروا للعزيمة]]
إلا غلام صغير لم يبلغ مبالغ الرجال بقي عند الركب
فقال:_ بحيرا أحلفك بربك أن يأتي هذا الغلام
وكان الزبير أخو أبوطالب موجود بالركب عم النبي ايضاً
قال أبو طالب له :_ قم يا زبير فأحضر إبن أخيك
فقام الزبير وذهب إليه
وقال له :_ يا محمد إن القوم يدعوك فقام صلى الله عليه وسلم
وبحيرا كان واقف عند النافذة .. ينظر و يراقب فلما تحرّك النبي صلى الله عليه وسلم تحركت الغمامة فوقه وإذا بها تظله حتى إذا دخل وجلس بجانب عمه أبا طالب
وضع بحيرى الطعام .
_____________________________________
{{يقول أبو طالب محدث قومه لما رجع إلى مكة وبينهم العباس رضي الله عنه ولأن العباس سمع الرواية وهو صحابي وعم النبي فأخذناها حديث }}
يقول أبو طالب :_ جلس محمد و بحيرا لا يرفع نظره عنه يراقبه في كل حركة في أكله وشربه في جلوسه في قيامه حتى إذا انتهى القوم من الطعام وقاموا لغسل أيديهم .. إقترب بحيرا من محمد {{ صلى الله عليه وسلم }}
ووقف بجانبه .. فأنتبه أبو طالب
يقول :_ فدنوت منه كي أسمع ما يقول بحيرا لإبن أخي محمد
قال :_ يا غلام إني أسألك باللات والعزة فأصدقني بالإجابة
قال أبو طالب :_ فغضب محمد
وقال له :_ لا تسألني باللات والعزة ، فما كرهت شيئاً ككرهي لهما [[عمره 12 سنة ،وهذه إسمها عصمة الله لأنبيائه العصمة قبل الوحي وبعد الوحي]]
قال :_ إنما سألتك بهما لأنهما آلهة قومك
فقال له :_ آلهة قومي وليست آلهتي !!
قال :_ إذا هل أسألك بالذي خلق السموات والأرض ؟
قال :_ نعم إسأل ما بدا لك
قال :_ أسألك بالذي خلق السموات والأرض ، إلا ما صدقتني بكل ما تجيب ؟
فقال له :_ماعرفت الكذب قط ، ودونك قومي فسألهم !!
فقال أبو طالب لبحيرا :_ إنما عُرف فينا بالصادق الأمين فسأله بحيرا عن بعض الأشياء الخاصة فيه ، كيف ينام كيف يرى الرؤيا ؟
فقال له :_ما رأيت رؤيا إلا جاءت في اليوم الثاني كفلق الصبح [[ الذي أراه بالرؤيا يتحقق في اليوم الثاني]]
وسأله عن أموره كيف يلعب مع الصبية عن تدبره عن تفكره عن معتقاداته ؟؟
فما زال بحيرى يسأله ؟؟ والنبي يجيبه
ثم قال :_ ما هذا منك يا أبا طالب ؟ [[ أي ما صلة القرابة بينك وبينه ]]
قال ابو طالب :_ هذا إبني
قال لا :_ أنت سيد قومك فأصدقني [[ بمعنى عيب تكذب وأنت سيد القوم ]] ما ينبغي يا أبا طالب أن يكون أباه حياً وهذا الغلام لا يجتمع بأبيه ولا بيوم واحد !!
فقال أبو طالب :_وما علمكم بهذا ؟؟ ما شأنكم يا أهل الكتاب [[ ما قصتكم مع هذا الصبي ]]
ما رأه أحد إلا يقول لا أب له ، يولد بلا أب؟؟!!!
فقال بحيرا :_ يا أبا طالب أصدقني
قال أبو طالب :_ هذا إبن أخي
فقال له :_وماذا فعل أبوه ؟
قال أبو طالب :_ هلك أي مات ، وأمه حبله به
فقال بحيرا :_ الآن صدقتني
إننا نجد وصفه في كتبنا يولد يتيماً ، ثم ماذا فعلت أمه ؟؟ قال له :_ماتت وهو إبن ست سنين
قال :_هو ذا يا أبا طالب ، هو ذا !!!!
__________________________________
ثم قال بحيرا :_هل تسمح لي أن أنظر إلى إبن أخيك ؟
قال له أبو طالب :_ ها أنت تنظر إليه
قال :_ لا ليس هذا

ثم رفع قميص الصبي ووضع يده بين كتفيه وإذا به بحيرا يجد خاتم النبوة
فصاح بحيرا بأعلى صوته .. قدوس قدوس .. سبووح سبووح رب الملائكة والروح
وربِ موسى وعيسى ، وربِ موسى وعيسى إنه المنتظر !!!!

ثم أمسك بحيرى برأس النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يقبّل رأسه
فقال أبو طالب:_ ويح لك ما هذا ؟ [[ أي مالذي تفعله ؟]]
قال بحيرا :_ يا أبا طالب أعزيز عليك إبن اخيك ؟
قال :_ هو أعز عليّ من نفسي

قال :_ فاسمع مني وارجع به إلى أرض الحرم وإياك أن تدخل به الشام [[ وهذا دليل إنه لم يدخل مع عمه أبو طالب إلا إلى طرف بلاد الشام التي هي في جنوب الأردن والمقصود بصرى الشام بصيرة الطفيلة]]

ارجع به إلى أرض الحرم وإياك أن تدخل به أرض الشام
قال له أبو طالب :_ لماذا ؟ !!!
قال بحيرا :_ لقد بقي نبياً يبعثه الله إلى هذه الأمة وهو خاتم الأنبياء والمرسلين .. وربِ موسى وعيسى إنه هذا الغلام إبن أخيك الذي أكلمك عنه يا أبا طالب ، إن إبن أخيك هذا خاتم الأنبياء والمرسلين ، وانظر ، وكشف عن القميص
وقال :_هذا خاتم النبوة بين كتفيه ، وربِ موسى وعيسى لإن رأه يهود ، ليكيدوا له الشر فإن ألد أعدائه يهوود
[[ هل عرفتم يا خير امة ، من عدو نبيكم وعدوكم ؟؟ ليتكم تفهمون ]]
_____________________________________
فسمع أبو طالب نصيحة بحيرا ، وتعجل الرجعة للحرم و وضع أميرغيره على القافلة ، ورجع بعدد من الرجال ولم يدخل بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام أبداً
____________________________________
اعداء الإسلام الذين يقولون ، أن بحيرا هو الذي علم محمد القران !!!!
قالها كفار قريش ، واليهود من قبل ، عندما نزل الوحي على رسول الله ، قريش كذبوا النبي
رجال ممن كفروا ، كانوا موجدين يوم ضيافة بحيرا
فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، إني رسول الله إليكم
ذهبوا لاحبار اليهود يستفسروا عن محمد لانهم اهل كتاب ، ومن جملة الحديث معهم ، اخبروا اليهود عن قصة بحيرا
فقال اليهود لهم :_ لا ليس نبي ، و الذي علمه القرآن بحيرا
_________________________________

فرد الله عليهم بنص قرآني
قال تعالى {{ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين }}
بحيرا أعجمي :_ يتكلم العربية مكسر ، بيحكي كلمات عربية لا يكاد يعرف يتفاهم مع العرب

والقرآن نزل عربي مبين تحدى العرب أنفسهم ، بأن يأتوا بآية واحدة ، وهم أهل اللغة والفصاحة .
عذراً على الإطالة .....

يتبع

_____________ الأنوار المحمدية ________________
____________ صلى الله عليه وسلم _______________

عطاء دائم
08-12-20, 07:04 AM
هذا_الحبيب « ٣٠ »

السيرة النبوية العطرة
((شبابه صلى الله عليه وسلم وعمله في رعي الأغنام))


_______________________________________
رجع النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه أبو طالب إلى مكة وما زال الله ينبته نباتاً حسناً على مكارم الأخلاق إستعداداً لما يعدّهُ له من حمل الرسالة ، فاشتغل برعاية الأغنام
______________________________________
شباب من الصحابة من أهل المدينة ، كانوا جالسين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم
[[ فحبوا يعرفوا ، أكثر عن الرسول ]]
قالوا :_ يا رسول الله حدثنا عن بدء أمرك
فقال لهم صلى الله عليه وسلم :_ بعثت وأنا أرعى الغنم لقومي وما بعث الله نبي إلا ورعى الغنم
__________________________________
مالحكمة من رعي الأغنام ؟؟
لماذا اختار الله هذه المهنة لنبيه ؟؟

لأن رعاية الأغنام ، تعلم الصبر ، وتعلم الرحمة ، تعلمك كيف تعتني بالصغير منهم ، وإذا ولدت مولود ، يأتي ليحمل طفلها ،
ويصبر عليه حتى يرعى ، ويصبر عليهم عندما يسرحون
لان الذي يصبر على هذه المخلوقات الضعيفة ، ويرعاها ويألفها ، ويصبر على تفرقها ، ويجمعها ويساعد الضعيف منها ،ويرد العدو من الحيوانات المفترسة عنها
هنا __ يتعلم كيف يرعى أمور الرعية
فينتقل

{{ من رعاية الغنم إلى رعاية الأمم ، حتى يتعلم كيف يرعى الأمم ويقود أمته .. صلى الله عليه وسلم }}
______________________________________
يقول :_ صلى الله عليه وسلم عن نفسه ،كنا نرعى الأغنام خارج مكة ، فإذا كان الليل أتينا أطراف مكة و رجعنا بالأغنام ثم نسرح بها في اليوم الثاني
فسمعنا يوماً عزفا [[ مثل صوت عرس من بعيد]]
فقال صاحب لي :_ يا محمد إعتني أنت بغنمي حتى أسمر مع من يسمرون [[يعني أروح أسهر معهم بالحفلة]]

وسمعنا عزفاً على الغرابيل [[ يعني صوت عزف على الدفوف الكبيرة وغناء][
يقول :_صلى الله عليه وسلم وجاء يحدثنا سمعت وسمعت وكان عرساً لأحد أبناء مكة [[ هذا الراعي الشاب صاحب رسول الله بالرعي ، اخذ يحدث النبي مالذي رأه ، وكيف كان سعيد ، مثل ما بنحكي كانت سهرة شباب ]]
يقول صلى الله عليه وسلم :_
فتشوقت للذهاب وأنا شاب في السادسة عشرة من عمري [[عمره 16 سنة صلى الله عليه وسلم ، وحب من حكي صاحبه إنه يذهب ليرى تلك السهرة ]]
فتشوقت للذهاب

قال فقلت له :_في الليلة الثانية إعتني أنت بأغنامي لعلي أذهب إلى مكة وأسمر كما سمرت
يقول :_ فذهبت حتى إذا كنت عند أطراف مكة بمكان أكاد أسمع منه الصوت .. فضرب الله على أذنيي فنمت
[[ أنزل الله عليه النوم ونام صلى الله عليه وسلم ]]
فما أيقظني إلا قرص الشمس [[ يعني ما صحي لحتى طلعت الشمس]]
فلما رجعت

قال لي صاحبي :_ ماذا صنعت ، قلت لا شيء ضرب الله على أذنيي فنمت قبل أن أصل
قال :_ لا عليك إذهب الليلة لعلك كنت متعب !!
قال :_ فلما كانت الليلة الثانية فذهبت فلما وصلت الى نفس المكان ، في الليلة التي قبلها ، ضرب الله على أذنيي فنمت في مكاني ولم أصل إليهم ، فلما رأيت ذلك علمت أن الله لا يحبه لي .. فلم أرجع إليه أبداً
{{العصمة للأنبياء قبل البعثة وبعد البعثة}}
الله عزوجل يعصم نبيه من المعازف والغناء
ماذا يعني ذلك ، يا خير امة ؟؟

______________________________________
أصبح الرسول صلى الله عليه وسلم ، يكسب قوته من تعبه يرعى أغنام لقريش ويعطوه الأجر على ذلك ويصرف على نفسه من عرق جبينه وتعبه صلى الله عليه وسلم ، ومازال صلى الله عليه وسلم يرعى الأغنام ويعمل بها ، إلى أن بعثه الله سبحانه وتعالى .
_______________________________________
و لم يزل صلى الله عليه وسلم ينشأ النشأة الصالحة من مكارم الأخلاق حتى بلغ من العمر 25 سنة
و استعدت قريش للخروج إلى رحلة الصيف إلى بلاد الشام وكان هناك في مكة سيدة فاضلة
إسمها {{خديجة بنت خويلد الأسدية}} رضي الله عنها وأرضاها

_____________ الأنوار المحمدية _____________
____________ صلى الله عليه وسلم ____________

يتبع بإذن الله

عطاء دائم
08-16-20, 08:00 AM
هذا_الحبيب « ٣١ »

السيرة النبوية العطرة
((أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها))
______________________________________
______________________________________
وكان في مكة سيدة فاضلة إسمها {{خديجة بن خويلد الأسدية}}
يلتقي نسبها بالنبي صلى الله عليه وسلم ، مع جده الخامس قصي بن كلاب .
___________________________

كانت إمرأة فاضلة حازمة وشريفة ، و عندها أموال كثيرة كانت لا تخرج مع رجال مكة في رحلة الشتاء والصيف للتجارة
بل كانت تستأجر الرجال في تجارتها ، وكانت أموالها تعادل أموال تجار قريش جميعاً
[[ يعني أموالها كثيرة رضي الله عنها وأرضاها أمنا خديجة ]]
كان نصف التجارة لقريش ونصفها لخديجة
وكانت تعطي الرجل الذي تستأجره لتجارتها سهم [[ يعني نصيب من المرابح ]]
_____________________________

فلما استعدت قافلة قريش لرحلة الصيف ، الى بلاد الشام
فأخذت تفكر ....
من تختار في تجارتها ، لهذا العام ؟؟؟
في تلك الأثناء ، كان قد إنتشر خبر في مكة كلها وأطراف مكة ومن حولها
أخبار تتكلم عن هذا الرجل الصادق ، الأمين ، ومناقبه وجمال أخلاقه {{ صلى الله عليه وسلم }}

قريش كلها أندهشت ، بصدقه وخُلقه الرفيع
فأصبح مشهور بأسم {{ الصادق الأمين }}
لم يرى أحد منه ولو كذبة واحده ، ولا أخلف موعد ، ولم يروا منه همزة ، ولا لمزة ، ولا غمزة
إذا سألت أي رجل أو أمرأة أو صغير أو كبير من قريش
وقلت لهم :_ من الصادق الأمين ؟؟
يقولون لك من غير تردد {{ محمد بن عبدالله }} صلى الله عليه وسلم
____________________________________

فأخذت خديجة تستشير من حولها
لو أني عرضت تجارتي على {{ محمد بن عبدالله }} فهل يقبل؟؟
قالوا لها :_ الى اليمن ، نعم ، أما الى الشام ، فإن عمه أبا طالب يخشى عليه الذهاب إلى الشام ، لأن الاحبار أُخبروه
أن اليهود يكيدون له !!!

فأرسلت خديجة شخص يعرض عليه الموضوع
فلما سمع صلى الله عليه وسلم أن خديجة تريدك أن تخرج في تجارتها إلى الشام ، إن كان لك رغبة في ذلك ؟؟
وإن خديجة ستعطيك ، أضعاف ما تعطي غيرك لصدقك وأمانتك
فذهب صلى الله عليه وسلم ، وعرض الموضوع ، على عمه أبو طالب
فقال له أبو طالب :_ وإن كنت لا أحب لك الشام وأخشى عليك من اليهود
فإني ما زلت أذكر أقوال الأحبار فيك وذلك الراهب بحيرا ؟!!
ثم سكت ابو طالب ثم رفع رأسه

وقال :_ ولكن رزقٌ ساقهُ الله إليك ، فلا ينبغي أن أمنعك إذهب يا بني على بركة الله
ولكن اصطحب معك خيار القوم ، ولا تبتعد عنهم وأسرع في تجارتك وربُ البرية يحفظك يا بني .
____________________________________
فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر لخديجة بالقبول ، ففرحت خديجة بالخبر و بموافقته
وخرج مع القافلة وأرسلت معه خادم لها إسمه {{ ميسرة }} وأوصته أن يكون خادم لهذا السيد الأمين في هذه الرحلة وقالت له :_ راقب لي تصرفاته في كل أحواله حتى إذا رجعت تخبرني عن جميع أحواله وأخلاقه .
_________________________________
خرج ميسرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في تجارته لخديجة
فلما تحرك الركب من ساحة الحرم ، حتى شهد الجميع أن غمامة إقتربت من السماء ، وأظلت البعير الذي عليه محمد صلى الله عليه وسلم ، وتعجب الناس
لقد رأوا هذا الشيء ، عندما خرج مع عمه ابو طالب ، وهو غلام عمره ١٢ عام ، فظنوا أنها تكريم السماء له لأنه يتيم
والآن قد بلغ من العمر ٢٥ عام ، ما سر الغمامة التي تظل محمدا عن غيره ؟؟!!!
رأت هذا الشي قريش ، وشاهدها (( ميسرة )) خادم خديجة لأنه يراقبه كما وصته سيدته خديجة
_______________________________________

خرج ميسرة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، لتجارة خديجة
وفي الطريق ، تفاجأ ميسرة !!!!
فلقد خرج ليخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يخدمه ويعطف عليه ويعامله كالأخ ، ومضوا في طريقهم نحو الشام
______________ الأنوار المحمدية ______________
____________ صلى الله عليه وسلم ______________

عطاء دائم
08-20-20, 07:03 AM
هذا_الحبيب « ٣٢ »

السيرة النبوية العطرة

(( تجارته للشام ، صلى الله عليه وسلم))
________________________________________
________________________________________
خرج ميسرة خادم السيدة خديجة ، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يرافقه لخدمته
ورأى ميسرة من خصاله صلى الله عليه وسلم وصفاته الشيء الكبير
واندهش ميسرة من هذه الأخلاق الكريمة !!!
فحفظ كل شيء رآه ، من أجل أن يخبر السيدة خديجة ،إذا رجعوا لمكة .
____________________________________
يقول ميسرة :_ إقتربنا من أرض الشام ، وكان هناك بيت لراهب إسمه {{ نسطور }}
فلما جلسنا نستريح في ظل شجرة ، جاء نسطور
[[وكان يعرف ميسرة لأن ميسرة كل سنة يسافر في تجارة للسيدة خديجة ]]
فجاء نسطور وقال :_ يا ميسرة .. من الذي بالقافلة ؟
فقال له :_ رجال من قريش ، فهم في كل عام يتغيرون ويتبدلون !!
قال :_ يا ميسرة كنت أنظر إليكم من بعيد رأيت غمامة تظل الركب ما رأيتها من قبل ، تمشي إذا مشيتم وتقف إذا وقفتم ، فمن موجود بالركب من الأشراف ؟!
فقال ميسرة :_ {{ محمد بن عبدالله بن عبد المطلب}} هو من الاشراف ،و هو الذي يتاجر لخديجة في هذا العام
فقال نسطور :_ يا ميسرة هل تدلني عليه ؟
قال له ميسرة :_ حباً وكرماً ، ولكن ماذا تريد منه ؟!
قال له :_ أحب أن أراه
فأقترب وسلم عليه ، وصار ينظر للرسول صلى الله عليه وسلم ويتمعن فيه
ثم قال نسطور :_ يا ميسرة ، هل تسمحي لي بكلمة
فأخذ ميسرة الى جنب
قال :_ يا ميسرة ، هذا الحمرة التي في عيني صاحبك ، هل ظهرت له بالسفر ؟؟!!
[[وكانت الحمرة التي في بياض عيونه صلى الله عليه وسلم جميلة جداً وهي من علامات نبي آخر الزمن ]]

قال :_ لا هي ملازمة له منذ أن ولد إلى أيامنا هذه
قال يا ميسرة :_ هل ولد صاحبك يتيماً ؟
قال :_ أجل
قال :_ وماذا صنعت أمه ؟
قال ميسرة :_ماتت وعمره ست سنين
قال :_ هل يقسم صاحبك باللات والعزة ؟
قال ميسرة :_ إنه يكرههما كرهاً شديداً وإذا استحلفته بهما لم يسمع إليك
فقال :_ يا ميسرة احفظ عني ما أقول ، ورب السماوات والأرضين
وربِ موسى وعيسى ، إنا لننتظر نبي يُختم به الأديان ورسالات السماء الذي بشر به موسى وعيسى
وإنه هو هذا ، صاحبك الذي معك نجد إسمه عندنا أحمد
يا ميسرة :_ ما معنى إسم محمد [[وكان إسم محمد غير معروف عند العرب يعني إسم غريب عليهم ]]
قال ما معنى إسم محمد في لغتكم ؟
قال ميسرة :_ إسم محمد هو الذي لا أحد يذمه أبداً
قال :_ هو ذا {{ أحمد}} ينطبق بنفس المعنى عندنا !!!
تصديقاً لذلك قال تعالى
{{وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد }}
يا ميسرة :_ إحرص على خدمته وإذا قال لكم إني رسول الله إياك أن تكذبه ، ولا تخبر أحد من القوم بما قلته لك [[ يعني اجعل هذا الموضوع سر بيني وبينك ]]
فإن له أعداء ، واحرص عليه من يهود لا تجعله يخلوا بأحد منهم أبداً .
____________________________
قال ميسرة :_ فوعيت ذلك كله وكتمت الأمر حتى أُخبر خديجة
يقول ميسرة :_ واتجهنا إلى السوق
فأقبل إليه راهب ، فاشترى من محمد ثم أخذ يجادل محمد يقول له :_ لا ليس هكذا إتفقنا !!
[[يعني قصده إنه الرسول أخلف معه الإتفاق ، قال له سعر وبعد أن أشترى الراهب ، قال له سعر آخر ]]
فلما احتدى النقاش
قال له الرهب :_ إحلف باللات والعزة أن القول قولك [[يعني أنك لا تكذب]]
فقال له صلى الله عليه وسلم :_ ما كرهت شيئاً ككرهي للات والعزة ، لا تستحلفني بهما وخذ بضاعتك والقول قولك !!!
فلما رأى الراهب هذا
قال له :_ من أنت أيها الرجل ؟
قال له :_ محمد بن عبدالله بن عبد المطلب ، ثم أكمل صلى الله عليه وسلم بيعه للناس
فالراهب ذهب لميسرة [[ميسرة الكل يعرفه لإنه كل سنة يسافر]]
_________________________________
قال الرهب :_ يا ميسرة من هذا منكم [[ اي من يكون هذا الرجل]] ؟
قال :_ سيدنا وابن سيدنا
قال :_ يا ميسرة إحرص على صاحبك فإنه خاتم الأنبياء والمرسلين
يا ميسرة القول قوله ، وهو صادق ولكن أردت أن أستوثق منه بعض الأشياء
فأصطنعت هذا الذي رأيته بيني وبينه [[يعني أنا كذبت عليه بالقصد ]]حتى أستحلفه باللات والعزة
قال ميسرة :_ وكيف عرفت أنه نبي آخر الزمن
قال الراهب :_ كنت جالس في الصومعة ورأيت عير قريش إقتربت من بعيد ، والغمامة تظله من بين كل الناس وهذه الغمامة لا تظل أحد من الخلق إلا نبي
يقول ميسرة :_ فوعيت ذلك كله .
__________________________________
فلما باع صلى الله عليه وسلم بضاعته كلها بالربح الكثير .. واشترى من الشام ما يمكن أن يباع في مكة
قال ميسرة :_ عدنا إلى مكة وكان مربحه أضعاف
فلما إقتربنا من مكة
قلت لمحمد :_ ألا تسبق الركب يا محمد وتبشر خديجة بهذا الربح ؟؟
لعلها يا محمد تضاعف لك العطاء
فقال له صلى الله عليه وسلم :_ ما خرجت من أجل المضاعفة لقد إتفقنا وانتهى
ولن أفارق العير حتى أدخل بها مكة
قال ميسرة :_ وهنا زادت عندي خصلة من خصاله الكريمة أنه لا يطمع بالمال .....

______________ الأنوار المحمدية ________________
_____________ صلى الله عليه وسلم _______________

عطاء دائم
08-21-20, 07:52 AM
هذا_الحبيب « ٣٣ »
السيرة النبوية العطرة (( أسباب رغبة زواج السيدة خديجة من الرسول صلى الله عليه وسلم ))

_____________________________________
يقول ميسرة :_ وصلنا الى مشارف مكة ، وخرج رجال من القافلة يبشروا أهل مكة بوصول القافلة
فخرج الناس مسرعين لإستقبالها
وكانت خديجة تجلس على شرفة منزلها مع بعض الخدم ونسائها
كانت تنظر وتراقب قدوم القافلة
_________________________________

الآن القول لأمنا {{ خديجة رضي الله عنها وارضاها }}
تقول :_ فرأيت غمامة تظل الركب
فلما ذهب الناس ، ميسرة وميمنة [[ أي تفرقوا يمين ويسار]] وبقي محمد وبقيت الغمامة فوقه
حتى وصل صلى الله عليه وسلم لبيت خديجة
تقول :_فأنصرفت الغمامة من فوق رأسه
تقول :_ وقد علمت بالربح الذي ربح

فقلت له :_ يا محمد لقد اتجر لي قريش كثيراً ، ما ربحت ربحاً كما ربحته أنت في هذا العام على يدك ووجهك
قال لها :_ صلى الله عليه وسلم {{ ذلك فضل الله}} ولم ينسب الفضل لنفسه .
فلما ذهب وجلس ميسرة يحدثها بالذي حدث معهم في الطريق ، وأخبار الرهبان ، وأخلاقه العظيمة
{{ هنا رجعت ذاكرة خديجة للوراء .. لقصة حدثت معها من زمن }}
______________________________________

أمنا السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها
كانت سيدة صاحبة مال كثير وجمال ، وكانت حازمة وكانوا يسموها {{ السيدة الطاهرة }}
كل سادة قريش كانت تتمنى الزواج منها ، وكانت ترفض وكان هناك سبب لرفضها ؟!
_____________________________________
قبل زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم

كان هناك في الجاهلية عند قريش صنم ، تجتمع حوله نساء قريش [[ يعني عيد للنساء ، وما اكثر أعيد النساء في ايامنا هذه ]]
يجتمعن حول صنم يغنين ويرقصن
فكانوا في يوم مجتمعين يغنين ويرقصن
فقدم إليهن حبر من يهود ، فوقف عند البيت [[ الكعبة ]]
وقال :_ يا معشر نساء قريش
وما كان الإختلاط أيامهم مهجون [[ أي عادي الإختلاط عندهم مثل أيامنا هذه تماماً إنفتاح وتقدم]]

قال :_ يا معشر نساء قريش
يوشك أن يبعث في أيامكن هذه نبي آخر الزمن
فمن استطاعت منكن أن تكون فراشاً له فلتفعل !!!
فإن هذه أيامه
[[ طبعاً كلام مثل هذا من رجل ، في جمعِت نساء ومع انهم في جاهلية ، ولكن كانت النساء حرائر ، طاهرات عفيفات ]]
فحصبنه بالحصباء

[[ يعني ضربوه بالحجارة وأرض الحرم كانت حصباء .. ضربوا بالحجارة إنكار لقوله وتوبيخ له ،كيف تحكي هالكلام في تجمع النساء؟؟ ]]
السيدة خديجة وقع كلامهُ في قلبِها ، هذا الرجل من أهل الكتاب ويتكلم بعلم ، ويوصي أن نبي آخر الزمن هذا وقته ويوصي من استطاعت أن يكون زوجها فلتفعل

فأحتفظت خديجة بهذا الكلام
________________________________________
فلما أخبرها ميسرة عن محمد و أخبار الرهبان له وصفاته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم
كان أملها أن يكون النبي المنتظر
تقول :_ ذهبت إلى إبن عم لي ، يقال له {{ ورقة بن نوفل }} وهو رجل من العرب ، ومن أشراف العرب [[يعني له مكانة بين العرب]]
كان قد سئم من أصنام قريش [[ مل وزهق من عبادة الأصنام وعادات قريش والجهل الذي هم فيه ]]

فأخذ يبحث عن دين إبراهيم فما استطاع أن يجد شي يفهم منه دين ابراهيم عليه السلام
فذهب يستفسر عند أهل الكتاب وقرأ الكتب واعتنق {{ النصرانية}}
بعدها تعمق بالنصرانية وترهبن
وأخذ يدرس كتبهم و أصبح عنده علم بنبي آخر الزمن
وانه سيكون من أرض الحرم ، وأنه من ولد اسماعيل عليه السلام
__________________________________
فلما حدثته خديجة
قالت :_ يا ابن عم لقد درست الكتاب وتعلمت فأسمع ماذا أخبرني ميسرة في رحلته مع محمد بن عبدالله

يقول لي ميسرة :_ كذا وكذا وكذا ، فأخبرته بكل ماحدث
قال يا خديجة :_ إني أعلم أن هذا وقت نبي آخر الزمان وإني لست غافل عن محمد بن عبدالله وأنا أراقبه من سنوات طويلة منذ فداء أبوه بمئة من الإبل [[ يعني ورقة متابع أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ]]
وأخذ ورقة بن نوفل يروي لخديجة المواقف التي مرت عليه
ولما كان مع جده عبدالمطلب ، لما ضاع من حليمة ، وسمع جده هاتف من داخل الكعبة {{ لا تخافوا على محمد فإن له رب يحميه }} وكل الأحداث التي مرت عليه

ثم قال ورقة :_ الآن يا خديجة ، لا نستطيع أن نتكلم بهذا الأمر ، إنما نحن الآن نراقب ، وهذا أمر السماء لا نستطيع أن نحكم به ، ونجزم
قالت له خديجة :_

يا ابن عم هل ترى خيراً إن عرضت نفسي عليه فيتزوجني محمد ؟؟
قال خير ما تصنعي فإن كان محمد هو النبي المنتظر كنتي أنتي أشرف نساء الدنيا والآخرة فلا تترددي يا خديجة .
_____________ الأنوار المحمدية _______________
____________صلى الله عليه وسلم _______________

عطاء دائم
08-22-20, 07:59 AM
هذا_الحبيب « ٣٤ »

السيرة النبوية العطرة (( زواج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها ))

____________________________________

فأرسلت خديجة رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
ولكن بشكل غير مباشر
وقال :_ يا محمد ما يمنعك من الزواج ؟؟
قال له :_ لا أجد ما أتزوج به [[ أي لا يوجد لدي مال لأتزوج كحال شباب هذه الأيام وهذا كان حال نبيكم ]]
فقال له :_ إذا دعيت إلى الشرف والجمال والحسب
فقال له صلى الله عليه وسلم :_ وأين ذلك ؟
قال له :_خديجة بنت خويلد
فقال :_له لقد دعاها سادة قريش و وجهائها من مكة فأمتنعت عن الزواج ورفضت [[ السيدة خديجة تزوجت قبل النبي برجل إسمه (( أبو هالة )) وأنجبت منه طفل إسمه هالة و تربى في كنف الرسول صلى الله عليه وسلم بعد زواجه من خديجة]]

{{رفضت خديجة كل سادة قريش كانت تسمى ( سيدة قريش ) بمعنى السيدة الاولى في مكة ، والآن هي التي تعرض نفسها على النبي لإنها عرفت عن خصائصه وصفاته وأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم }}

فقال النبي للرجل :_ إن كُفيت هذا ونعم الزواج [[ هنا صدرت الموافقة منه صلى الله عليه وسلم ]]
__________________________________

لما وصل الخبر لخديجة بموافقته فرحت وتهلل وجهها بالسعادة {{ ومن حقها أن تفرح رضي الله عنها وأرضاها }}
قالت :_ أخبره أن يحضر أعمامه وأنا أحضر عمي
[[ لأن أبوها للسيدة خديجة توفى قبل مدة ، ولها عمها وإسمه عمرو بن أسد ]]
______________________________
فقام صلى الله عليه وسلم ، بإحضار أعمامه وعلى رأسهم أبو طالب
فلما حضروا قام أبو طالب وخطب
وقال ... الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وجعل لنا بلداً حراماً وبيتاً محجوجاً
وجعلنا الحكام على الناس
ثم إن ابن أخي {{محمد بن عبدالله بن عبد المطلب }}
لا يوزن به فتى من قريش إلا رجح عليه براً وفضلاً وكرماً وعقلاً
وإن كان في المال قَل [[يعني قليل المال]]
فإن المال ظل زائل وعارية مسترجعة
وقد خطب كريمتكم خديجة رغبة ، ولها في مثل ذلك ،وما أحببتم من الصداق فعليّ [[ يعني المهر أنا بتكفل فيه]]
________________________________

فقام عمها عمرو بن أسد وقال
محمد !!!!!! هو {{ الفحل الذي لا يُقدع أنفه }}
[[ وهذه الكلمة ، كبيرة جداً عند العرب ، فماذا تعني ؟؟
العرب في موسم التزاوج والجماع عند الأبل ، كانوا يستأجروا جمل أصيل من سلالة أصيلة ، حتى يتزاوج مع ناقة وتحمل منه ، فيأتي الجمل من نسل أبوه الأصيل
وإذا جاء أي جمل عادي ، يقترب من الناقة ، لأن موسمه للتزاوج ، وهاجت عليه شهوته
كانوا يأخذوا الرمح ويضربون به أنف هذا الجمل ضربة قوية ، من شدة الوجع تبرد شهوته ، فلا يقرب على الناقة
فيقال {{ قدع أنفه }} أما الجمل الاصيل يقال هذا لا يقدع أنفه ]]
فوقف عمرو بن أسد
وقال :_ محمد !!! هو الفحل الذي لا يقدع أنفه
[[ أي هو الأصيل بن الاصيل من سلالة طاهرة لا يرفض أبداً، ابدا ]] يعني موافقين بكل فخر
وتم الزواج
وعمل أبو طالب وليمة ودعى الناس إليها وقدّم عشرين ناقة صداق ((مهر)) للرسول صلى الله عليه وسلم

وهذا الزواج تم بعد رحلته في تجارة خديجة بأيام وقيل بأسابيع وكانت خديجة تتقدم عليه بالعمر .. يقال أنه كان عمرها 40 سنة وقيل أقل .. ما في رواية ثابتة كم عمرها ولكن كانت تفوقه بالعمر صلى الله عليه وسلم
[[ تنبيه لمن أراد أن يقص السيرة ، لا نقول في السيرة كان فلان اكبر من النبي بكذا وكذا ، فهذا من قلة الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عمه العباس رضي الله عنه كان قريب في السن من النبي ، فلما سألوه الصحابة من اكبر انت ام رسول الله

{{ قال رسول الله اكبر ، ولكني ولدت قبله بعامين }} هل رأيتم قمة الأدب مع رسول الله ، من الأدب ان نقول أسنّ منه بعامين او يتقدمه بعامين ، ولا نقول اكبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ]]

_______________ الأنوار المحمدية ______________
_____________صلى الله عليه وسلم _______________

عطاء دائم
08-25-20, 07:35 AM
هذا_الحبيب « ٣٥ »

السيرة النبوية العطرة (( أولاد النبي ، من السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها ))
________________________________

تزوج صلى الله عليه وسلم من {{خديجة بنت خويلد }}
وهي أم المؤمنين الأولى
ولم يتزوج عليها قط إلى أن ماتت رضي الله عنها وهي أم لأولاده جميعا ذكوراً وإناث ، إلا ولده ابراهيم من مارية القبطية رضي الله عنها
______________________________

وخديجة _ هي أول من أسلم من النساء ، وكانت سند له ومعيناً
وقد خرجت من الدنيا رضي الله عنها وأرضاها
قبل أن تفرض الصلاة ولقد ماتت بعد الخروج من شعب أبو طالب بأيام [[ سيأتي معنا حصار شعب ابو طالب في سياق السيرة ]]
وفريضة الصلاة ، كانت ليلة الإسراء والمعراج بعد هجرته إلى الطائف
[[يعني خرجت خديجة من الدنيا ولم تصلي لله فرضاً واحد من الفرائض الخمسة ]]
بل كانت تصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم على ملة إبراهيم عليه السلام
ركعتين أول النهار ، وركعتين آخر النهار
ومن باب أولى أنها خرجت من الدنيا قبل الصيام والزكاة وقبل فريضة الحج فكل هذه الفروض كانت بعد الهجرة إلى المدينة المنورة
_________________________________

ومع هذا كله
جاء جبريل إلى بيت النبي يوماً
وقال له :_ يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك اقرأ سلامه لخديجة ، وبشرها بأن لها عنده [[ أي عند الله ]]
{{بيت في الجنة من قصب لا أذى فيه ولا نصب }}
___________________________________

لماذا وصلت السيدة خديجة لهذا المقام الرفيع ، وهي لم تقم بأي فرض ؟؟
ذلك بصدق إيمانها ، ومحبتها للنبي صلى الله عليه وسلم
فأنا دائماً أحاول أن يصل الناس لهذا المفهوم
{{الطريق الى الله لا لمن سبق ، ولكن لمن صدق }}
كل العبادات التي فرضت هي {{ وسيلة وليست غاية }}
انت مأمور بالفروض ، لأنها هي السبب في وصولك للغاية
ماهي الغاية ؟؟
هي أن تنتقل فينا إلى حقيقة الإيمان وإتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا هدفنا من السيرة
_______________________________

خديجة بنت خويلد ، التي ما نسيها النبي صلى الله عليه وسلم أبداً
حتى كان ذكرهُ لها يشعل الغيرة في أزواجه صلى الله عليه وسلم
مع العلم ، أن أزواج النبي لم يجتمعوا بها مطلقاً
وعلى الخصوص الصّديقة بنت الصديق السيدة عائشة رضي الله عنها وارضاها
عندما ماتت خديجة كانت عائشة في سن الطفولة في أول زحفها على الارض لم تعرفها .
وكان كل ما ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم تحركت الغيرة في نفس عائشة ، وذلك لمعرفتها بحب النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة رضي الله عنها.
________________________________________

لما تزوج صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة
تزوجها في مجتمع ، يكره البنات ، حتى أنهم كانوا يدفنوهم بالتراب وهم أحياء
يدخل رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أسلم
يقول :_ يارسول الله ، يخبره عن ذنبه
كان لي بنية ، فهممت على وأدها [[ أي دفنها بالتراب ]]
فقلت لأمها :_ ألبسيها أريد أن اخذها معي الى بيت اخاً لي في ضواحي مكة [[ يعني بدي اطلعها مشوار ]]
فأخذتها أمها وغسلتها وألبستها الثياب الجميلة ، ثم جاءت بها ، والصغيرة في غاية السعادة [[ بنت صغيرة في قمة السعادة ابوها يريد أن يأخذها في نزهة كحال أي طفلة في أي زمان ومكان ]]
فقالت لي امها والشك في عينيها [[ أحفظ الامانة ]]
قلت لها :_ لا عليكِ في المساء سنعود [[ يطمئن امها لا تخافي ]]
فأمسكتُ بيدها ، ومضينا ، وانا انظر اليها وهي في غاية السعادة
حتى إذا انتصف الطريق [[ ابتعدوا عن مكة ]] فأخذت أحفر حفرة في التراب ، وقامت تحفر معي ، حتى إذا حفرت حفرة كبيرة ، امسكت بها ، وألقيتها فيها ، واخذت أهيل التراب عليها

وهي تنظر إلي خائفة و تصرخ وتستغيث يا ابتي يا أبتي يا أبتي ، حتى غيبت صوتها في التراب [[ انقطع صوتها دفنها وهي حية ]]
فبكى صلى الله عليه وسلم ، وأجهش بالبكاء ، حتى ابتلت لحيته الشريفة
وقال :_ ويحاً لك والله لو كان حداً بالجاهلية لأقمته عليك
هذه صورة مصغرة عن هذا المجتمع
هناك قصص كثيرة توجع القلب
ولقد أخبرنا الله عزوجل عن هذا المجتمع

فقال تعالى {{ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون }}
مجتمع يكره البنات لحد القتل الإجرامي يعتبرهم عار ويدفنهم بالتراب
__________________________________

ويقدر الله أن تنجب خديجة في هذا المجتمع ، للنبي صلى الله عليه وسلم
أربع بنات على التوالي لا يفصل بينهم ذكر واحد
________________________

حملت خديجة من النبي صلى الله عليه وسلم ووضعت له {{ زينب رضي الله عنها }}
ففرح بها النبي صلى الله عليه وسلم [[ والرسول ليس عنده مجاملة ، هي فطرة الله له ، هكذا طبعه لا يجامل ولا يمثل]]
ففرح وذبح لها وصنع لها وليمة وأطعم الناس
فتعجبت قريش كلها !!!
يذبح لبنت ويفرح محمد بها ؟؟! اندهشوا
________________________________

فلما حملت خديجة بالبطن الثاني ، أنجبت البنت الثانية {{ رقية رضي الله عنها }}
فضاعف الرسول الذبح بدل الكبش إثنين ، وصنع لها وليمة واطعم الناس
_______________________________

وحملت السيدة خديجة رضي الله عنها ، البطن الثالث
{{ أم كلثوم رضي الله عنها }}
فضاعف لها الذبح ، الى ثلاثة ، وصنع لها وليمة واطعم الناس
______________________________

هذه أخلاق حبيب القلوب صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه
ولما حملت خديجة بالبطن الرابع وفي مدة حملها وقبل أن تلد {{ فاطمة رضي الله عنها }}
كان هناك حدث كبير في قريش ، وهو تجديد بناء الكعبة ،
وكان فيها أرهاصة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك قبل نزول الوحي بخمس سنين
_____________ الأنوار المحمدية ______________
___________صلى الله عليه وسلم _______________

عطاء دائم
09-04-20, 07:54 AM
هذا_الحبيب « ٣٦ »

السيرة النبوية العطرة (( تجديد بناء الكعبة المشرفة ، الجزء الأول ))
__________________________________

كان هناك حادثة مهمة في قريش ، تزامنت هذه الحادثة ، مع
حمل السيدة خديجة رضي الله عنها
بفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم
وهي حادثة تجديد بناء الكعبة
___________________________________
كان هناك إمرأة من قريش ، وكانت تطوف بالكعبة وتحمل بيدها مبخرة ، فيها جمر
وكانت تطوف وتبخر الكعبة فطارت شرارة من الجمر وعلقت بثوب الكعبة
فاشتعلت واحترقت كسوة الكعبة ، وكان سقف الكعبة من الخشب وعمدانها من الداخل ايضاً من الخشب فأحترقت واحترق معها السقف كله
وبقيت الجدران لأنها من الحجارة
هاج الحريق فيها وإحترق الخشب كله .. فصار فيها تصدع وضعف بالبناء
_________________________________

فلما إنتهوا من مسألة الحريق
بعد شهر وكان موسم شتاء جاءت الأمطار وتشكلت السيول وتدفقت السيول للكعبة ووضع الكعبة ومكانها الجغرافي تقع في وادي كما أخبرنا الله عزوجل {{ بوادي غير ذي زرع }} فالكعبة مكانها بالوادي !!
فنزلت الأمطار وتسربت السيول على الكعبة من جميع جبال مكة حتى دخل السيل لداخل الكعبة
فلحق الكعبة الحريق ، وبعدها بشهر سيل جارف
هنا تصدعت الكعبة ، وبدأت تنهار وقد تساقطت بعض الحجارة منها
فصارا أهل مكة يخافون الطواف حولها ، خوف أن تقع جدرانها عليهم
_______________________________________

وبعدها بفترة قصيرة جاء لص للكعبة
وكان للكعبة بابان أثنان ، باب الذي نعرفه الآن
والباب الثاني مقابله عند الركن اليماني
[[ فمن شاهد قبل فترة في وسائل الاعلام عندما انكشف ستار الكعبة وشاهد الناس مكان الباب الثاني للكعبة ]]
وكان باب الكعبة قريب من الارض ، ليس كما نراه اليوم مرتفع
وكان أي انسان يستطيع دخول الكعبة وهو يطوف حولها
فجاء لص ودخل للكعبة ، يريد أن يسرق كنز الكعبة
[[ ماهو كنز الكعبة ؟؟ كان في بئر داخل الكعبة يلقي الملوك فيه والأمراء والزعماء ،الذين يأتون من خارج مكة بالحج والطوّاف ، يلقوا في هذا البئر مايملكون من هدايا للكعبة فيه .. وكان فيها غزالين من ذهب وكان فيها يواقيت ومجوهرات ]]
فدخل فيها رجل لِص من {{ خزاعة }} يريد ان يسرق كنز الكعبة فسقط في البئر ولم يستطع الخروج
وأخذ يصرخ على الناس حتى سمعوه وأخرجوه من البئر
_______________________________________

هذه الاسباب الثلاثة ، كانت كافية لجعل قريش تفكر بتجديد بناء الكعبة
فقالوا :_ نجدد بناء الكعبة ونرفع بابها ونلغي الباب الثاني حتى لا يُسرق كنز الكعبة مرة ثانية .
الآن صحيح قريش كانوا مشركين وليس عندهم التوحيد
لكنهم كانوا يعبدون الله و لكن يشركون في عبادته الأصنام
يعلمون أن الله هو خالق كل شيء ، ويتضرعون بالاصنام للوصول لله ، كانوا يعتقدون أن الاصنام هي بابهم الى الله وهي التي تقربهم الى الله
_________________________________

فكانوا يعظموا شعائر الله ويخشونه وهذا هو {{ قهر الله لعباده }}
وكانت الكعبة حجارة فوق بعضها البعض من غير طين ، مثل السلسة التي يقوم ببنائها الفلاحين[[ حجارة تركب بعضها فوق بعض ]]
لما أرداوا ان ينزلوا هذه الحجارة ويجددوا البناء
خافوا !!!!

لماذا خافوا ؟؟

خافوا من هدمها وتذكروا عام الفيل قبل 35 سنة والرسول صلى الله عليه وسلم ولد عام الفيل يعني عمره الآن 35 سنة وكان هناك ناس كبار في السن بينهم ،فهم يذكرون حادثة أبرهة وجيشه فقد شاهدوا هذا الحدث بأعينهم
وماذا حدث لأبرهة وجيشه ، لما أراد ان يمس البيت العتيق بسوء فخافوا من الإقتراب إليها ...
______________ الأنوار المحمدية ______________
_____________ صلى الله عليه وسلم _____________

عطاء دائم
09-06-20, 06:53 AM
هذا الحبيب « 37 »
السيرة النبوية العطرة (( تجديد بناء الكعبة المشرفة الجزء 2 ))
__________
ولم يكن عند قريش المواد لتجديد بناء الكعبة ، فجعل الله لهم الأسباب ، سمعوا أن هناك سفينة أرسلها قيصر الروم ، ومعها نجار ماهر ، كان قد أرسلها قيصر الروم من أجل ترميم كنيسة بالحبشة حرقها الفُرس كما تقول الروايات ، فلما كانت قريبة من شاطئ جدة ، أرسل الله عليها ريحا فتحطمت على الساحل ، وسقطت كل الأمتعة التي تحملها . فوصل الخبر لأهل مكة .. فخرجوا مسرعين حتى التقوا بهذا النجار . فحدثوه بالموضوع ، قالوا له : نشتري منك هذه الأخشاب وتذهب معنا إلى مكة لنجدد بناء الكعبة ، وتكون أنت المشرف على بناء الكعبة ، واتفقوا معه ورجعوا !!


. . . شرعت قريش بتجديد بناء الكعبة، فقسموا الكعبة أجزاء بينهم حتى يسهل عليهم العمل - وهم أصلا مجتمع قبليّ متعاون - فأنزلوا حجارة جدران الكعبة على الأرض ، أما القواعد فلم يفعلوا فيها شيئا ، فهي صلبة ولم يستطيعوا عليها ، [[ إبراهيم عليه السلام هو الذي جدّد البناء على هذه القواعد ، ويُقال إن الذي بنى الكعبة أصلا الملائكة ، وفي رواية آدم عليه السلام ]] ، لما جاء إبراهيم إلى مكة بطفله الرضيع مع أمه هاجر ، قال إبراهيم {{ ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم }} ، فالبيت موجود قبل إبراهيم عليه السلام .
فلما أنزلوا الحجارة على الأرض أرادوا تجديد البناء قال رجل منهم - كما تقول بعض الروايات - اسمعوا قولي :

{{ إياكم أن نُدخل في بناء الكعبة إلا المال الطيب الحلال ، فلا يدخل في بنائها ربا ولا مظلمة أحد من الناس }} .
[[ أي ابنوها بأموالكم التي تعرفون أنها حلال ، وهذا يعني أن قريشا تعرف أن الربا حرام، ولكن أشركوا الأصنام بعبادة الله ]]. فصار كل واحد يخرج من ماله الحلال ، نفقة لبناء الكعبة ، فكل مكة لم تجمع من المال الذي يكفي بناء الكعبة ،
[[ لأن ما تبقى معهم من أموال هي أموال حرام ، اللهم أجرنا من المال الحرام و ربا البنوك ]] . فلما رأوا أن الأموال التي جمعوها قليلة ، وأجرة البناء لا تكفيهم، اختصروا بناءها وقالوا :

الباقي نجعله خارجا، و نحجُر عليه حتى لا يطوف أحد داخله ؛ومن هُنا سُمّي حجرا ، و يُخطئ العامة بقولهم " حجر إسماعيل " فهو حجر فقط ( كما أخبر النبي في حديثه عنه ) ، وأخرجوا حجرا منها ، حيث صنعوا جدارا مثل نصف دائرة وهو الذي تعرفونه الآن ، من أجل أن يعلم الناس أن الطواف من خلفه ، ولا يجوز الطواف من داخله، لأنه هذا جزء من الكعبة. قال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة :

" صلّ فِي الْحِجْرِ إِذَا أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ، فَإِنَّمَا هُوَ قَطْعَةٌ مِنْ الْبَيْتِ، فَإِنَّ قَوْمَكِ اقْتَصَرُوا حِينَ بَنَوْا الْكَعْبَةَ فَأَخْرَجُوهُ مِنْ الْبَيْتِ ". و المقصود هنا صلاة النوافل وليس الفرض و الله أعلم . وبقيت الكعبة على هيئتها التي أنتم تعرفونها الآن .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-06-20, 06:54 AM
هذا الحبيب « 38 »

السيرة النبوية العطرة (( تجديد بناء الكعبة المشرفة ، الجزء 3))
__________
جمعت قريش المال الحلال لتجديد بناء الكعبة ، وتقاسمت القبائل جدران الكعبة بينها ، ومضوا في بناء الكعبة ، وأخذوا ينقلون الحجارة وكان - صلى الله عليه وسلم - يعمل مع أعمامه وينقل معهم الحجارة في هذا العمل المشرف ،لأن قريشا تعتبر بناء الكعبة ، شرفا عظيما .
. . . استمر العمل في بناء الكعبة حتى وصلوا لوضع الحجر الأسود في الزاوية المخصصة له ، وهنا وقع الخلاف الكبير بين القبائل ومنهم : بني عبد مناف ، و بني مخزوم ، وبني الدار ، و . . .

والمشكلة أن هذا الحجر في الزاوية ، بمعنى لا أحد يستطيع أن يقول إنه من جهته فقط ، أيضا [[ لأن الذي يضع الحجر الأسود ، سيكون له شريف عظيم ]] .هاجت القبائل كلها ، وارتفعت أصواتها بالصراخ والتحدي ، فوقع خلاف كبير ما بعده خلاف .

ما هو الحجر الأسود ؟؟

جاء في بعض الروايات أن الحجر الأسود أنزله الله تعالى من الجنة ، وكان أشد بياضا من اللبن ، وقيل إنّ أبانا آدم نزل من الجنة عليه ،ثم وضعه إبراهيم عليه السلام بأمر من الله في هذه الزاوية من الكعبة ، وقد اسودّ من خطايا بني آدم ، وأن هذا الحجر يُبعث يوم القيامة له عينان وله شفتان وله لسان زلق ، يشهد لمن استلمه من أهل التوحيد ، وكُلّنا يعلم أنّ استلام الحجر أو تقبيله أو الإشارة إليه هو أول ما يفعله المسلم إذا أراد الطواف معتمرا أو حاجّا .

تنازعت كل قبائل قريش على وضع الحجر الأسود في مكانه ووقع الشر بينهم ،{{ أما نبينا وحبيبنا - صلى الله عليه وسلم - انسحب من بينهم ولزم بيته لأنه لا يحب الخلاف }} . . . و تعطل بناء الكعبة ، طالت فترة الخلاف بينهم ، ولم تتنازل أي قبيلة للأخرى عن هذا الشرف العظيم و أصبحت القبائل تتفاخر و تتحدى بقوتها ؛ {{ بنو مخزوم }} يقولون : نحن لعقة الدم [[ يعني كلنا فرسان ، و الذي يقترب من الحجر الأسود ، سنشرب من دمه ]] .

{{ بنو عبد مناف أبناء هاشم قبيلة النبي }} يقولون وقد خرجوا وطيّبوا الحجر بالمسك : نحن المطيبون الطيبون ، نعاهد الله أن لا يضع الحجر مكانه غيرنا . وقال لهم أبو طالب : احملوا أكفانكم على رؤوسكم ، وشدوا أيديكم على سيوفكم وإذا اقترب أحد على الحجر قطعنا عنقه .

وقال كبير قبيلة مخزوم : نحن فعلنا كذا وكذا والذي يقترب من الحجر قطعنا عنقه . وبدأ النزاع واشتد الغضب .

ثمّ قام رجل من قريش كبير بالسن [[ أكبر واحد بقريش .. وكانوا يحترمون الكبير بالسن كثيراً ]] وصرخ في وجوههم وقال : لم التفاني و القتل يا قريش؟؟!!! [[ يريد أن يبعد عنهم الشر ويحقن الدماء ]]
قالوا له : بم تشير علينا ؟ قال لهم : [[ نجلس جميعاً وننظر إلى هذه الجهة - يقال إنها باب جهة المسعى الآن - و أول رجل يدخل منها رضينا بحكمه ، مهما كان الحكم يجب أن يرضى الجميع ]] . فقالوا جميعهم بصوت واحد : رضينا .
وكان - صلى الله عليه وسلم - خارجا يستطلع أخبار قريش ، ما الذي حدث معهم ؟ وكانت قريش وكل القبائل قد جلسوا على الأرض في هذا الوقت، والكل يراقب من سيدخل أول واحد من أجل أن يحكم بينهم .

{{ فإذا بهم ، بالطلعة المحمدية ، وإذا وجه الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يطل عليهم بوقاره وهدوئه }} . فوقف الجميع فرحين وصرخوا بصوت واحد محمد !!!!هذا ابن سيد قومه !!!! هذا الصادق الأمين !!! كلنا نرضى بحكمه !!! وأقبلوا إليه يحدثونه بالأمر .

فقال لهم : وكلكم ترضون بحكمي ؟؟

قالوا : نرضى بما تحكم . فقام - صلى الله عليه وسلم - ولم يشاور أحدا منهم ولم يتكلم بأية كلمة ولم يعرض عليهم خطته. فنزع ثوبه عن كتفيه [[ ثوب يشبه العباءة ]]

ومشى - صلى الله عليه وسلم - بينهم لا يلتفت لا يمينا ولا يسارا، والكل ينظر إليه !!! ووضع ثوبه على الأرض ومدّه ، وحمل الحجر بيديه الشريفتين - صلى الله عليه وسلم - ووضعه على الثوب ، ثم قال : فليقم إليّ شيخ كل قبيلة فيكم ، وليأخذ كل واحد منكم بطرف من أطراف الثوب [[ فأمسك كل شيخ قبيلة بطرف الثوب ]] فقال لهم :

انهضوا به جميعاً واقتربوا به إلى البيت ، فلما اقتربوا أخذ الحجر - صلى الله عليه وسلم - بيديه الشريفتين ووضعه مكانه . فصاح القوم كلهم وهم فرحين:

بوركت يا محمد ، بوركت يا محمد ، بوركت من عاقل ، بوركت يا ذا العقل الراجح، بوركت أيها الصادق الأمين ، لقد فطم الله على يديك الشر .
وأصبح له فضل على قريش كلها - صلى الله عليه وسلم - وزادت مكانته في نفوس الناس في مكة، وكان هذا قبل أن يوحى إليه في غار حراء بخمس سنين وعمر نبينا خمس وثلاثون سنة .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-07-20, 07:36 AM
هذا الحبيب « 39 »

السيرة النبوية العطرة (( أولاد النبي – صلى الله عليه وسلم ج2 ))
__________

بعد أن حقن الله دماء قريش على يد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي تلك الساعة ، وَلدت له السيدة خديجة البنت الرابعة فسماها {{ فاطمة }} ، وذبح لها - صلى الله عليه وسلم - وصنع طعاما للناس، وقد جعل الله في هذه المولودة سرا ما بعده سر، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما أنه - صلى الله عليه وسلم – قال :

" فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني ." رواه البخاري وغيره، وفي رواية "يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ." فيكفيها شرفا وفضلا أنها بضعة من النبي صلى الله عليه وسلم. لأنه لمّا ماتت أمّنا خديجة ، لم يكن أحد يقوم بخدمته غير فاطمة ، فكانت تخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعطف عليه كأنها أمه رضي الله عنها وأرضاها . هذه هي فاطمة أم آل البيت ، وكانت ولادتها قبل أن يوحى للرسول بخمس سنين .

ثم حملت السيدة خديجة فأنجبت غلاما ذكرا سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - {{ القاسم }} ، وبه كان يُكنّى - صلى الله عليه وسلم -

{{ أبا القاسم }} .وبلغ من العمر 18 شهرا وقيل 20 شهرا ثم توفّي . وبعد ما أوحى الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولدت له خديجة المولود الثاني في الإسلام وكان ذكرا وسماه {{ عبدالله }}. ولأنه ولد في الإسلام لقّبه الصحابة بألقاب جميلة : لقبوه {{الطيب والطاهر }} ، وهنا وقع بعض الذين كتبوا السيرة بالخطأ ، فاعتقدوا أن أولاد النبي الذكور أربعة [[ القاسم وعبد الله والطيب والطاهر ]] ، فالطيب والطاهر لقبان فقط لعبدالله وليسا مولودين آخرين .
ومات أيضاً عبد الله في وقت الرضاعة ، وكانت خديجة حزينة جدا على موت ولدها الرضيع .

كل أولاد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا من خديجة ، ولم يُرزق من غيرها من أزواجه بالذرية إلا من {{ مارية القبطية - رضي الله عنها }} ، فقد أنجبت له ولدا سماه {{ إبراهيم }} وكان أشبه الناس خلقاً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولد بالمدينة المنورة، ثم دفعه للرضاعة إلى أم سيف، امرأة قين "حداد. "وعاش تقريبا سنة ونصف ثم مات ، ولما مات وقف على قبره - صلى الله عليه وسلم - وكان حزينا جداً

[[ لأن سيدنا محمد صحيح رسول الله ، ولكنه بشر .. ]] . ويصف أنس بن مالك - رضي الله عنه - حال وموقف النبي - صلى الله عليه سلم - عند لحظة موت ابنه إبراهيم فيقول:

" دخلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على أبى سيف القَيْن (الحداد)، وكان "ظِئْرًا لإبراهيم "أباً له من الرضاعة)، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟!فقال: يا ابن عوف، إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى، فقال- صلى الله عليه وسلم:- إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون" رواه البخاري.

بكى النبي الإنسان المبعوث رحمة للعالمين، وأبكى الصحابة جميعا من حوله صلى الله عليه وسلم .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-07-20, 07:37 AM
هذا الحبيب « 40 »
السيرة النبوية العطرة (( نزول الوحي جزء 1))
__________

قبل أن أشرع بالحديث عن الوحي ، يجب أن نعرف أولاً كيف أصبحت منزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قريش قبل أن يقول لهم إني رسول الله إليكم . فبعد أن حقن الله دماء قريش على يديه - صلى الله عليه وسلم - ارتفعت منزلته فيهم ، واعتبروا أن محمدا رجل حكمة وعقل وبركة على قومه كلهم ، وهو أيضا معروف عندهم بالصادق الأمين [[ لأن مجمتعهم كان مبنيا على الكذب ]] ويخون الأمانة ، فلما رأوا رسولنا الكريم لا يكذب وما جربوا عليه الكذب ، صار علما بين قبائل قريش ، وصارت شهرته بالصادق الأمين . ومن أخلاقه الحميدة العظيمة أنه كان لا ينسى من قدّم له معروفا ، فها هو ينظر إلى عمه أبي طالب فيجده قد أكثر العيال ، وقل بالمال وضاقت أحواله ، فيذهب نبينا ويكفل ابنه " علي بن أبي طالب " و العباس يكفل ابنه الآخر " جعفر بن أبي طالب " . فهو نبي الرحمة ، وكان خلقه القرآن صلى الله عليه و سلم .

حُبب للنبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الفترة الاختلاء، صار يخلو في بيته ، ويذهب ويطوف بالكعبة ، ويخلو بالحرم؛ يجلس في الحِجر، ثم حُبب له أن يخرج ويخلو خارج مكة ، فهداه الله -عزوجل - إلى غار حراء . هذا الغار يقع على قمة جبل الآن اسمه {{ جبل النور }} . يبعد عن مكة مسافة 5 كيلو ، جبل مرتفع، صخوره ضخمة فوق بعضها البعض ، والصعود إليه مرهق ومتعب

[[ الكثير ممن ذهب حج أو عمرة زار ذلك المكان ، ويستغرق صعوده قرابة ساعتين ]] ، ومن الأعلى يجب أن تمشي في طريق ضيق وخطر حتى تصل إلى الغار .
و الغار عبارة عن تجويف ضيق في الصخر، يتسع لرجل واقف أو اثنين .. ويتسع لأربعة رجال جالسين . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتزل في غار حراء في شهر رمضان [[ ورمضان هذا الشهر كان معروفا عند قريش بهذا الاسم رمضان ]] . لماذا اختار الرسول شهر رمضان للاختلاء و التفكّر؟ كان إلهاما من الله من غير سبب إلهام ، كان في هذا الشهر يعتزل الناس في غار حراء وكان يتعبد فيه على تعاليم إبراهيم - عليه السلام -

يتوجه إلى الله خالق هذا الكون ويدعوه ويطلب إليه حثيثاً من قلبه أن يهديه إلى ملة إبراهيم الحنيفة .
كان يأخذ طعامه وشرابه و يتجه إلى الغار، ويبقى فيه عدة أيام ثم يعود لبيته . وكان أكثر وقته يجلس ويتفكر في خلق السماوات والأرض والكون ، ومنظر الجبال من الغار يساعد على التفكر .

[[ والحقيقة أن التفكر من العبادات التي نغفل عنها ، ولا يمارسها إلّا القليل جداً ]] ، وكانت السيدة خديجة تأتي أحيانا وتبقى مع النبي- صلى الله عليه وسلم - كانت خديجة تشعر أن هناك شأنا عظيما لمحمد زوجها ،وكان ورقة بن نوفل كل فترة يسألها ويستطلع عن أحوال محمد .

جعل الله للنبي – صلى الله عليه وسلم - التمهيد قبل نزول الوحي بفترة ، لماذا التمهيد ؟ لأنه سيقابل كائنا آخر ليس من الأرض ، وهو جبريل وحي السماء!! و استقبال الوحي من السماء ليس بالأمر الهيّن ، بل يحتاج لتمهيد . فأصبح - صلى الله عليه وسلم - لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح [[ يعني واضحة تماماً ، فتتحقق الرؤيا كما رآها تماماً ، مثلاً : فلان جاء يزورهم في البيت ، وكان معه كذا، ويقول كذا، ويحدث كذا ]]، فشعر- صلى الله عليه وسلم - أن هناك شيئا غريبا يحدث معه ، فلما صار يذهب إلى غار حراء ؛يخرج من مكة ويقطع البيوت و يبقى وحيداً، فيسمع الحجارة والشجر تسلم عليه ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

{{ إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث ، أني لأعرفه الآن }} .
كل هذا كان مقدمة لنزول الوحي ، فأصبح يشعر من نفسه أن له شأنا وأنه يراد به أمراً . يتبع . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

قيثارة
09-07-20, 08:13 PM
ما شاء الله
موسوعة عن سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
جزاك الله خيراً
وجعله في ميزان حسناتك
يختم لمدة 3 ايام + التقييم

عطاء دائم
09-08-20, 07:36 AM
ما شاء الله
موسوعة عن سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
جزاك الله خيراً
وجعله في ميزان حسناتك
يختم لمدة 3 ايام + التقييم

واياكِ يا رب خير الجزاء اختي الغالية
ويتقبل منا ومنك
شكرا لعى مرورك والختم والتقييم
ربي يحفظك

عطاء دائم
09-08-20, 07:39 AM
هذا الحبيب « 41 »
السيرة النبوية العطرة (( نزول الوحي جزء 2 ))
__________

روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان أول ما بُدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد،

قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت:

ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال : " اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " .

وفي شهر رمضان ، وعندما بلغ – صلى الله عليه وسلم – أربعين سنة ، كان يجلس في غار حراء يتعبد - صلى الله عليه وسلم - وكانت ليلة مظلمة ، لا ضوء للقمر فيها ، جاءه جبريل على هيئة إنسان ، وتقول الروايات إن النبي سمع صوتا يناديه : يا محمد ، فوقف عند باب الغار ونظر إلى الأعلى فإذا بجبريل بين السماء والأرض على صورة إنسان

فقال له : أنا جبريل ، وأنت رسول الله ، فدخل النبي للغار وجلس وهو يرتعد من الخوف ، حتى نزل جبريل ، ووقف على باب الغار ،
وقال جبريل : السلام عليك يا رسول الله ، أنا جبريل وأنت محمد رسول الله . فنظر إليه النبي وكان يرتعد من الخوف وقال : وعليك السلام . فقال جبريل : يا محمد .. اقرأ ..

قال النبي: ما أنا بقارئ .قال : فأخذني وغطني غطة شديدة [[ أي ضمة لصدره حتى خشيت أن أنفاسي تذهب أي أختنق ]] ثم أرسلني وقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ ، فغطني الثانية ، ثم أرسلني وقال : اقرأ

فقلت : ما أنا بقارئ ، فغطني الثالثة ثم أرسلني وقال : اقرأ .. يقول النبي : فخشيت إن قلت له ما أنا بقارئ أن يكرر ضغطته هذه

فقلت له : ماذا اقرأ ؟؟ ماذا اقرأ ؟؟ فقال {{ اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم ،الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم }} . ثم ارتفع جبريل .

يقول - صلى الله عليه وسلم - : ثم أخذتني الرعدة وشدة خوف
فنزلت من الغار [[ نزل - صلى الله عليه وسلم - ، من الغار وهو يرتجف من شدة الخوف ، والمسافة من الغار لبيت خديجة مسافة كبيرة ، والجبل مرتفع ، واتجه إلى بيته مباشرة ]]

وأتيت الدار ،فرأت ما به خديجة، فقالت : ما الخبر يا ابن عم ؟!!!
[[ ابن عم كلمة تودد عند العرب تقولها الزوجة لزوجها وإن لم يكن قرابتها ]]
فقال : دثروني دثروني ، زملوني زملوني [[ أي أريد غطاء ]] ،فأسرعت خديجة وأحضرت الغطاء و وضعته عليه ،وهو يرتعد - صلى الله عليه وسلم - فلما ذهب عنه الرعدة [[ القشعريرة ]]

سألته خديجة : ما الخبر ؟ فأخبرها - صلى الله عليه وسلم - ما حدث معه بالتفصيل

قالت : فوالله لا يخزيك الله أبداً {{ إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق }}

كلمات قالتها خديجة فأراحت بها قلب رسولنا الكريم ، بعد شدة ما حصل عند رؤية جبريل و ما نزل من الحق ،[[ انظروا إلى السيدة خديجة ما أعظمها من امرأة - رضي الله عنها وأرضاها -هي فعلاً نِعم الزوجة ، نسأل الله أن يجمعنا بك في الجنة، فالقلب قد اشتاق لكم جميعاً ]]

ثم قالت خديجة : أبشر، أنت رسول الله إلى هذه الأمّة ، انّ ابن عمي ورقة بن نوفل قد حدثني عن أمور أهل الكتاب الكثير الكثير .. فهل تأذن أن نذهب إليه فنسأله عن اسم {{ جبريل }} ؟ فخرج النبي وخرجت معه خديجة وذهبوا إلى ورقة بن نوفل ( وكان شيخا كبيرا قد طعن بالسن ، وقيل إنه أعمى أيضا ، كره عبادة الأصنام وتوجه إلى عبادة الله عن طريق أهل الكتاب ، وكان يؤمن أن هناك نبيا منتظرا آخر الزمان )

فلما دخلا عليه ، طلبت منه أن يستمع إلى نبينا – محمد صلى الله عليه وسلم - فقال ورقة : هاتِ يا محمد وتكلم يا خير قومه .فحدثه - صلى الله عليه وسلم - بكل ما حصل معه . فلما سمع ورقة قول النبي قام ووقف على قدميه إجلالاً للرسول ، وصاح .... قدوووس .. قدوووس !! هذا الناموس الأعظم كان يأتي موسى وعيسى عليهما السلام . تقول خديجة : ثم أخذ يتلمس رأس النبي [[ لأنه أعمى ]] ، فلما أحاط به وأمسك برأسه أخذ يقبّل رأسه . وقال : أشهد أنك رسول الله النبي المنتظر. ثم تنهد ورقة وقال : ليتني فيها جذعاً [[ يا ليتني أكون حيا ]] حين يخرجك قومك !!! فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مستغرب :أو مخرجي هم ؟ !!! قال ورقة : نعم . لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً .
فآمنت خديجة على الفور أن لا إله إلا الله وأنك يا محمد رسول الله ، .

ثم أعلن ورقة - رضي الله عنه إيمانه بالنبي ، [[ فأسلمت خديجة وأسلم ورقة مع أن النبي لم يكلف بعد بدعوتهم إلى الإيمان ]] .

ثم رجع النبي إلى داره وما لبث غير أيام .. حتى هلك ورقة ، وكان عمره قد تعدى المئة عام ، وكأن الله تعالى قد مد عمر {{ ورقة }} حتى يقوم بهذا الدور الهام جدا ،وهو تثبيت قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول يوم من أيام نزول الوحي عليه ، رضي الله عن ورقة بن نوفل ، فهو أول من آمن بالنبي و أول من صدّق بدعوته من الرجال .

بعد ذلك ينقطع الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم لمدة أسابيع، وهي التي يطلق عليها علماء السيرة {{ فترة الوحي }} .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-08-20, 07:41 AM
هذا الحبيب « 42 »

السيرة النبوية العطرة (( ما سرّ " اقرأ " ؟؟؟ ))
__________

قال جبريل عليه السلام في أول لقاء ، للنبي - صلى الله عليه وسلم - : {{ اقرأ }} النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقرأ ولا يكتب . قال تعالى :

" وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك "

أي قد لبثت في قومك يا محمد من قبل أن تأتي بهذا القرآن عمرا ، لا تقرأ كتابا ولا تحسن الكتابة ، وكل واحد من قومك وغيرهم يعرف أنك رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب ، وهكذا صفته في الكتب المتقدمة كما قال تعالى :" الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ."

حتى البيئة التي عاش فيها عليه الصلاة و السلام كلهم أهل شعر ، وفي كل عمره - صلى الله عليه وسلم - ما تكلم بالشعر ، قال تعالى : {{ وما علمناه الشعر وما ينبغي له }} .

إذن : القراءة والكتابة وسيلة وليست غاية ، مثلاً

[[ حتى تصبح كاتبا ، عليك أن تتعلم ، من البداية الأحرف أ ب ت ث .. الخ ، ثم تتعلم وصل الحروف ثم تقرأ ، ثم في مراحل الدراسة تكتسب العلوم والمعرفة ويصبح عندك كما هائلا من العلم ، حتى تصل لمرحلة أن تمسك قلم وتكتب ]] .
كل هذه المراحل ، التي تمر بها هي وسيلة ، لتصل للغاية وهي اكتساب العلم والمعرفة . لما قال له الله - عزوجل - عن طريق الوحي جبريل {{ اقرأ }}


فكأن الله يقول لنبيه : يا محمد ، أنت رسول الله إلى العالمين وداعية إلى الله، ولا ينبغي للداعية أن يدعو إلى الله إلا على علم ومعرفة ، فأعطاه الله العلوم جميعها والمعرفة من غير أن يخضع للأسباب .قال تعالى:
{{ علمه شديد القوى }} ،

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه الله بقدرته العلم والمعرفة جميعها ، وقد فاق العلماء بعلمه ، وأهل الاختصاص :

يا أيها الأمّي حسبك رتبةً ........ في العلم أن دانت لك العلماءُ

وهنا الإعجاز فهو أمّي ، لم يمر بمراحل التعلم ، ولم يخضع للأسباب ، ولكن وصل للغاية ، فقد ملك من العلم والمعرفة مالم يصله بشر قبله ولا بعده ، فيقف العلماء مذهولين عند علمه - صلى الله عليه وسلم - النبي أُمّي !!! لكن عقول العلماء تستقي وتتغذى منه، فسبحان من علم نبيه بالوحي ، لا باللوح والقلم !!!

إن الله يخاطبكم أنتم يا من تقرؤون السيرة ، ويخاطب العالم كله أصحاب التطور العلمي ، من أول آية في القرآن خاطب الله العالم كله ، فالقرآن لكل زمان و مكان ، والعلم و المعرفة من ضرورات الدعوة إلى الله .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-09-20, 07:13 AM
هذا الحبيب « 43 »
السيرة النبوية العطرة (( فترة انقطاع الوحي ))

__________

لما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - كلام ورقة تشوق بعدها إلى الوحي وتشوق إلى جبريل ، وهذه حكمة الله البالغة - جل جلاله - من انقطاع الوحي فترة ، وحتى يذهب عنه الروع و الخوف أيضا ، ما أعظمه من خالق !! و ما أجمل لطفه !!! ]]

وقد اختلف العلماء في مدة انقطاع الوحي، وقد تكون قُرابة شهر حُبس فيها الوحي عن النبي منذ الليلة الأولى في الغار عندما قال له جبريل {{ اقرأ }} ،ثم ينتظر النبي جبريل أن يأتيه في اليوم الثاني لم يأت، ذهب إلى غار حراء ولم يأت ، وأخذ ينتظر ولم يأت ،وكل يوم يزداد شوقه لرؤية جبريل،هل من جديد ؟ لم يأت!!!!

كلّ ذلك من أجل أن يشتد شوق النبي - صلى الله عليه وسلم - للوحي ويكون قد ثبت ، وجهز نفسه - صلى الله عليه وسلم - ، ويكسر حاجز خوف الوحي من السماء إلى قلبه ، فلا تأخذه الرعدة .

يقول - صلى الله عليه وسلم - : ذهبت إلى غار حراء على أمل أن يأتيني جبريل ، فبينما أنا بالطريق وهممت أن أصعد الجبل إلى الغار ، وإذ به يناديني من السماء يا محمد !!! فنظرت إلى أعلى ، وإذا بجبريل بين السماء والأرض ، قد سد الأفق
[[ وفي هذه المرة كان جبريل على صورته الملائكية الحقيقية ]]
كما تقول بعض الروايات . والنبي - صلى الله عليه وسلم - رأى جبريل على صورته الحقيقة مرتين فقط ( كان يأتيه على صورة بشر) فكانت هذه المرة الأولى كما تقول بعض الروايات، والمرة الثانية ليلة المعراج عند سدرة المنتهى قال تعالى :

{{ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى }}

يُتابع النبي و يقول - صلى الله عليه وسلم – كما جاء في صحيح الإمام مسلم فيما رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -عن رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: "جاوَرْتُ بحِراءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوارِي نَزَلْتُ فاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الوادِي، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أمامِي وخَلْفِي، وعَنْ يَمِينِي، وعَنْ شِمالِي، فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَنَظَرْتُ فَلَمْ أرَ أحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فإذا هو علَى العَرْشِ في الهَواءِ - يَعْنِي جِبْرِيلَ عليه السَّلامُ - فأخَذَتْنِي رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فأتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلتُ: دَثِّرُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَصَبُّوا عَلَيَّ ماءً، فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ:

{ يا أيُّها المُدَّثِّرُ * قُمْ فأنْذِرْ * ورَبَّكَ فَكَبِّرْ * وثِيابَكَ فَطَهِّرْ * و الرجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر* ولربك فاصبر } " والله تعالى أعلم .

ولربك فاصبر ؛ لأن الوحي سيكون ثقيلا على النبي في أول الأمر، هنا علم النبي أن المهمة شاقة ومتعبة ، وتذكر قول ورقة بن نوفل : {{ لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عُودي }}.

محمد يُعرف بين قومه بالصادق الأمين ، والآن سيأتيهم محمد الرسول من أجل أن يربيهم ويصلح حالهم ، ويمنع عنهم الرغبات المحرمة ... هنا سيصبح القوم ضده . . . {{ ولربك فاصبر }} هنا تهيأ النبي التهيئة النفسية من أجل أن لا يتفاجأ بما هو قادم ، لأنه سيجد تكذيبا من قومه وعداوة . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-09-20, 07:16 AM
هذا الحبيب « 44 »

السيرة النبوية العطرة (( إسلام أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ))
__________

لما علم وأيقن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رسول الله إلى هذه الأمّة ، كان له صديق حميم ، وكان أحب الرجال إلى قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه {{ أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - }} . وكان يصغر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعامين

[[ يعني الآن عمر أبو بكر ٣٨ عام ]] ،وكان أبو بكر يعرف خُلق صاحبه محمد جيداً ، وكان أبو بكر خلوقا متواضعا وكريما ، ولا يقرب لأماكن الفساد ، وكان يخدم الناس . لم يسجد لصنم في حياته قط ، ولم يشرب خمرا قط لا في الجاهلية ولا في الإسلام ، فأراد النبي أن يقول سره لأقرب الناس له .

ذهب إلى أبي بكر، فوجده يطوف بالكعبة ،فأخذه النبي في خلوة خارج الازحام ، قال له : اجلس يا أبا بكر ، فجلس . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا بكر هل تصدقني إن حدثتك ؟؟

قال : يا محمد، لم أجرب عليك الكذب قط، وإنك فينا الصادق الأمين . فقال له : هل تذكر إذ أنا أرغب عن آلهة قومي وأبحث عن ملة إبراهيم ورب هذه البرية ؟؟

قال : بلى ، أذكر يا محمد !! قال: يا أبا بكر، إن الله أكرمني ، وهداني إلى ملة إبراهيم ، وأوحى إلي ، و اختارني أن أكون رسول الله لهذه الأمّة . فقال له: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله ، لا أظن أن هذه الأصنام تنفع أو تضر .
[[ أبو بكر يجيب النبي فوراً ، انظروا ما أجمل أبو بكر - رضي الله عنه - ]]

قال أبو بكر : يا رسول الله ، ماذا يصنع من أراد الدخول في هذا الدين ؟ قال له الرسول : لقد دخلت يا أبا بكر.
[[ يعني المطلوب منك تقول لا إله إلا الله وتشهد أني رسول الله وها أنت قلتها ]] . قال أبو بكر : و ها أنا يا رسول الله أكررها :

أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله ، اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله . [[ فأخذ يكررها ويكررها ]] .
فقال له النبي : حسبُك حسبُك يا أبا بكر !!! [[ يعني يكفي أن تقولها مرة واحدة ]] هل رأيتم جمال أبو بكر - رضي الله عنه - ؟ أسلم من غير تردد .

هذا الموقف لم ينسه له وظل يتذكره - صلى الله عليه وسلم - يقول لأصحابه :
" ما دعوت أحد إلى الإسلام إلا كانت له كبوة [[ يعني تردد ، أو سكت وفكر قليلا ، تدبر بالأمر ]] ، إلا أبا بكر دخل في دين الله من أول لحظة علم فيها أنه يوحى إلي " .
وهل توقف أبو بكر عند الشهادة فقط ؟؟ لا، انظروا ماذا فعل !!

لما علم أن هذا الدين نجاة من النار، وفيه رضا الرحمن ، وبشرى بدخول الجنة ، ذهب مسرعاً إلى أحب الناس إليه من أصدقائه الذين يثق بهم ، من أجل أن يدعوهم إلى دين الله ، من باب المحبة ذهب إلى صديقه عثمان بن عفان ،وكان يثق به فدعاه ... فأسلم - رضي الله عنه - وذهب إلى عبد الرحمن بن عوف، فدعاه ... فأسلم - رضي الله عنه - وذهب إلى أبي عبيدة ودعاه ....
فأسلم - رضي الله عنه - وذهب إلى الزبير ودعاه .... فأسلم - رضي الله عنه - ،ثم ذهب إلى طلحة ودعاه .... فأسلم - رضي الله عنه - ،أسلم على يديه في يوم واحد خمسة رجال ، وهم من المبشرين بالجنة - رضي الله عنهم ، وكان لهم دور بارز في الدعوة ، و تثبيت أركان الدولة الإسلامية.

إن تحرك أبي بكر- رضي الله عنه - في الدعوة إلى الله تعالى، يوضح صورة من صور الإيمان بهذا الدين ، والاستجابة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - صورة المؤمن الذي لا يهدأ له بال، حتى يحقق في دنيا الناس ما آمن به، دون أن تكون انطلاقته دفعة عاطفية مؤقتة، سرعان ما تخمد وتذبل وتزول، فقد ظل نشاط أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ وحماسه إلى دينه ودعوته حتى توفاه الله رضي الله عنه و أرضاه ، فهو بحق خير صاحب كما ذكره القرآن :

" إذ يقول لصاحبه " ، أسأل الله أن يختار لنا جميعا الصحبة الطيبة .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-11-20, 06:56 AM
هذا الحبيب « 45 »

السيرة النبوية العطرة (( إسلام علي بن أبي طالب وأخيه جعفر رضي الله عنهما وأرضاهما ))

__________

جاء جبريل وعلّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلاة إبراهيم عليه السلام ،في الصباح ركعتين ، وفي المساء ركعتين ،وعلمه كيف يتطهر في الصلاة ، ولكن هذه الصلاة تختلف عن صلاة الفروض الخمس التي فُرضت ليلة الإسراء والمعراج ، علمه فقط كيف يركع وكيف يسجد ، وماذا يقول وأن يقرأ الآيات التي نزلت عليه في صلاته كما جاء في بعض الروايات .

ويُروى أن علي بن أبي طالب قد دخل على سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام- وهو يؤم بزوجته خديجة -رضي الله عنها- للصلاة، فاستغرب علي من تصرف ابن عمه وزوجته ، وسألهما عما يفعلان، فأخبره رسول الله بأن الله تعالى اصطفاه ليكون رسول العالمين،
وينشر دين الله بين الناس، وهو توحيد الله عز وجل والكفر بالأصنام، كما تمنى من علي أن يؤمن بالإسلام، إلا أن علياً رفض ذلك حتى يشاور أباه أبا طالب في ذلك الأمر، فاستأمنَ رسول الله علياً على كتمان سرّه حتى يأذن الله تعالى له بالإعلان عنه، وقضى علي ليلته في حيرة من أمره عما علم،

وفي الصباح الباكر ذهب للبحث عن النبي -عليه السلام- ليعلن إسلامه أمامه، ويكون أول صبي دخل في الإسلام ، فأسلم و كتم إسلامه ، وكان في العاشرة من عمره تقريبا ، وهو من العشرة المبشرين بالجنة .. وهو زوج الطاهرة البتول فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم .

[[ مع أن عليّا صبي ، إلا أنّ عقله راجح ، هؤلاء رجال أعدهم الله واصطفاهم من الأزل ليكونوا حول الرسول – صلى الله عليه وسلم - وهذا علي جد آل البيت - رضي الله عنه – وأرضاه ، ولم يقصّر أبدا في نشر الدعوة الإسلامية ]] .

أمّا أخوه جعفر بن أبي طالب ، فقد كان أسنّ من أخيه علي بعشر سنين تقريبا ، و يُروى أنّه أسلم قبل أن يدخل الرسول محمدٌ دار الأرقم ويدعو فيها، وقد أسلم بعد إسلام أخيه علي بقليل، وهو أحد السّابقين إلى الإسلام، وقد أسلم بعد خمسة وعشرين رجلاً، وقيل أسلم بعد واحد وثلاثين . وقد جاء في بعض الروايات أن أبا طالب رأى محمداً وعليّاً يصليان، وعلي عن يمينه، فقال لجعفر: " صِلْ جناحَ ابن عمك " يقصد النبي عليه الصلاة و السلام.

وإذا تقدمنا بالسيرة ورأينا كيف أخذ جعفر بن أبي طالب اللواء من زيد في غزوة مؤتة ، وحمله بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى استشهد، وكان عمره ٤١ عاما فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله أبدله بهما جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء ، ولذا سمي بذي الجناحين و سُمّي أيضا جعفر الطيار .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-11-20, 06:58 AM
هذا الحبيب « 46 »

السيرة النبوية العطرة (( إسلام زيد بن حارثة - رضي الله عنه – وأرضاه ))

__________
من هو هذا الصح
ابي الجليل {{ زيد بن حارثة }} ؟؟ ولماذا كانت قريش تناديه : زيد بن محمد ؟؟ زيد أصله عربي وليس من العجم ، واسمه زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب الكلبي . و العرب لا يبيعون أولادهم ، وكان الذين يبيعون أولادهم هم العجم ، فكيف أصبح زيد من الرقيق يُباع ويشترى ؟

قصة زيد بدأت عندما كانت أمه في زيارة عند قبيلة أهلها ، وكان العرب في الجاهلية يهجمون على بعضهم البعض كل فترة ، يسمى هذا الهجوم [[ غارة ]] فيأخذون السبايا ويقتلون وينهبون . [[ هكذا كانت العرب ، قبل أن يؤدبهم الإسلام ، كانوا أشداء على بعضهم البعض ،مثل صورتنا هالأيام ، أصبحنا لا نقوى إلا على بعضنا البعض ، لو إنسان مسلم مغترب في بلدك ، البعض يستقوي عليه بأهله وعشيرته، وإذا ابن بلد من عشيرة معروفة تحسب له ألف حساب ، هكذا أصبح البعض منا عندما انسلخنا من ديننا واتبعنا الغرب ]] . ...

هجمت عليهم قبيلة وقتلوا فيهم ونهبوا ، فكان زيد من ضمن هذا السبي ( وكلمة السبي تُطلق على النساء و الأطفال ) ، خطفوه من حضن أمه ، وكان طفلا في الثامنة من عمره تقريبا ، وذهبوا به ، إلى سوق عكاظ ، ليباع زيد مع الخدم .

فلما عرضوا زيدا للبيع ، كان في السوق رجل يقال له {{ حكيم }}

تكون السيدة خديجة - رضي الله عنها - عمة حكيم ، فاشترى حكيم من السوق أكثر من خادم ومن ضمن العبيد الذين اشتراهم
{{ زيد بن حارثة - رضي الله عنه - }} . و كانت خديجة متزوجة حديثا من رسول الله .فلما وصل حكيم لمكة ، ذهبت السيدة خديجة تزور ابن أخيها حكيم وتسلم عليه ، فلما سلمت عليه وجلست معه وقبل أن تمشي ، أراد حكيم أن يكرم عمته ويعطيها هدية ، وسبحان الله كيف ألهمها الله إلى اختيار زيد ،مع أن زيدا في الشكل لم يكن أجمل العبيد {{ قصير ، أسمر ، شديد السمرة ، أفطس الآنف }} لم تختره خديجة لجمال شكله ، لماذا اختارته خديجة ؟


[[ حتى السيدة خديجة لا تدري ، إنها إرادة الله ، فالأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، وسيكون له شأن في الإسلام ، فالله هو المدبّر لكل شيء ]] .

أخذت خديجة زيد بن حارثة وذهبت به إلى الدار، فلما دخلت به إلى البيت، قال لها النبي : من هذا ؟!!!

[[ طبعا هذا الكلام قبل نزول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ]] قالت : غلام أعطاني إياه ابن أخي حكيم هدية . فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه ، نظرة شفقة ورحمة
[[ طفل صغير يُحزن القلب ]] ، ثم وضع يده على رأس زيد بكل لطف وشفقة وقال لزيد : يا غلام أتعرف أباك ؟ قال : نعم ، أنا زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب الكلبي ، فنظر النبي إلى خديجة وقال : أجل ، إن دمه عربي وروحه تدل على ذلك .

فقالت خديجة : أني أراه قد شد انتباهك يا محمد وأنا أهبه لك، وأجعل رقبته في يديك فأصنع به ما تشاء . فأخذه النبي ثم نظر إليه - صلى الله عليه وسلم - وقال : يا غلام أنت حر من اليوم !!!

إن شئت أقم في بيت محمد معززاً مكرماً وإن شئت أن ترجع إلى أهلك فارجع . [[ صلى الله عليك وسلم يا حبيبي يا رسول الله ، يا من أرسلت رحمة للعالمين ]] ، فلما رأى زيدا هذه الرّقة والحنان والرحمة من رسول الله ، قال له : بل أبقى معك . وأقام زيد في بيت النبي حرا لا خادما ولا مملوكا .

[[ وهذا الكلام قبل نزول الوحي ، ولم يكن هناك تشريع ولا وحي ولا فرض الحجاب وما في حرج أن يختلط زيد بأهل البيت ]] .

ومازال يتربى زيد ويتعلم من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - مكارم الأخلاق ، وأحبه النبي كثيراً ، فزيد - رضي الله عنه - كان خفيف الظل خفيف الروح [[ شخصيته محبوبة]] وكان مخلصا في خدمة النبي - صلى الله عليه وسلم - . ومضت الأيام ،وكان أهل زيد يبحثون عنه بين العرب ، وسمع أبوه أن زيدا في مكة عند رجل اسمه محمد بن عبدالله ، فلما قابل النبي قال له :

يا محمد يا ابن سيد قومه ، إنكم أهل حرم ، تفكوّن العاني ، وتطلقون الأسير، وتعينون على مواقف الدهر ، ولقد أتينا نفدي ولدنا . فقال له النبي : ألا لكم في خير من هذا

[[ يعني أحسن من أنكم تدفعوا فلوس وتحرروا ابنكم أعطيكم خيارا أفضل ]] قالوا : وما هو ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - له و لمن معه : نرسل إلى زيد ، ثم نخيره فإن اختاركم فهو لكم .

[[ هم لا يعلمون أن ابنهم حر طليق من أول يوم كان عند الرسول ]] وإن اختارني، فما أنا بالذي يختار على ما يختارني فصاح عمه لزيد وقال : أنصفت وعدلت وزدت بالعدل . فأرسل النبي شخصا يحضر زيدا ، و النبي جالس ولم يفارق مجلسهم ،فلما جاء زيد نظر فرأى أباه وعمه فعرفهم ، وذهب مسرعاً نحوهم ، وعانقهم .

ثم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا زيد، القوم قدموا لفدائك وأنا أخيّرك بيني وبينهم؛ فإن اخترتهم فأنت لهم بلا فداء ، وإن اخترتني كان لي معك شأن آخر.


فنظر زيد إليهم وقال : ما أنا بالذي اختار عليك أحدا ، أختارك أنت يا أبا القاسم .
فصاح عمه وأبوه !!!! وقالوا : زيد ، زيد !! لا أمك لك [[ شتيمة مؤدبة عند العرب تعني بأيامنا ، تعدمك أمك ]]

أتختار العبودية على الحرية ؟ !!! فقال لهم زيد وقد وأشار إلى النبي بيده : لو عرفتم هذا الرجل وعشتم معه لاخترتم أنتم أن تكونوا عبيدا عنده !!! هل تعلمون أنه أعطاني حريتي من اليوم الأول وأنا أعيش في بيته كواحد من أهله ؟؟

فأمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد زيد وقام ووقف في صحن الكعبة ، ونادى : يا معشر قريش ومن حضر من العرب هنا ، اشهدوا أن زيدا

{{ ابن محمد يَرثني وأرثه }}.

هو من اليوم ابني

[[ وكانت من عادة العرب التبني قبل أن ينزل الوحي والقرآن ويبطل التبني ]]

وأصبح زيد بن محمد من أشراف العرب ، ففرح أبوه وعمه ، وعادوا إلى ديارهم مطمئنين لمصير ابنهم . ولما نزل الوحي على رسول الله ، كان زيد بن حارثة أول من أسلم مع الصحابة الكرام السابقين إلى الإسلام . وعندما نزل قوله تعالى : { ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ } ، بطل التبني ، و عاد زيد لاسمه الأول ،

وزوَّجه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من زينب بنت جحش ، ثم انفصلا بسبب تعثُّر الحياة الزوجية بينهما . استشهد زيد - رضي الله عنه - في غزوة مؤتة ، وقد بكى عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم – بكاء شديدا حزنًا عليه وشوقًا له .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-13-20, 06:48 AM
هذا الحبيب « 47 »

السيرة النبوية العطرة (( دار الأرقم بن أبي الأرقم ))
__________

كان من الأوائل العشرة السابقين للإسلام الصحابي الجليل {{ أبوعبد الله الأرقم بن أبي الأرقم }} - رضي الله عنه -
وهذا الصحابي كان قد شهد جميع غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد أطال الله في عمره وتوفى في خلافة {{ معاوية بن ابي سفيان }} وكان عمره ٨٣ عاما ، وكان بيته على جبل الصفا [[ من ذهب حج أو عمرة، يعرف الصفا ، هناك كان بيت الأرقم ]] .

بعد نزول {{ يا أيها المدثر }} أخذ الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الله سرّا ، لمدة ٣ سنوات ، وأصبح عدد الداخلين إلى الإسلام يزداد ، لذلك اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - مقرا لدعوته في دار الصحابي الجليل

{{ الأرقم بن ابي الأرقم }} ، فأصبحوا يجتمعون في بيته سرّا عند الصفا . كان يجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ عليهم ما أنزل عليه من القرآن ، وكان يعلمهم أخلاق هذا الدين ، وكانت أخلاق دين الإسلام جديدة على البيئة المكية ، كان يدعوهم إلى صدق الحديث

[[ وكان من النادر أن ترى فيهم صادقا ، بدليل أن النبي لما كان ملتزما الصدق بينهم ،أصبح علما في مكة ، واسمه بينهم الصادق الأمين ]] ، فكان يأمرهم بالصدق ، والأمانة ، ويدعوهم إلى عدم وَأد البنات ودفنهنّ في التراب وهنّ أحياء ، ويدعوهم إلى الابتعاد عن الزنا والحرام

[[ يعني تعاليم أخلاقية ]]، فكانت أول تعاليم الإسلام في دار الأرقم ، هي عن الأخلاق.
وكان يربيهم - صلى الله عليه وسلم - على مكارم الأخلاق ويأمرهم أن يكتموا الأمر، ولا يخبرون إلا من يثقون به ، وكانوا يُصلّون خفية في بيوتهم أو في شعاب الجبال ، فلم يزالوا على هذا الوضع حتى نزل الوحي جبريل على رسول الله بقوله تعالى :

{{ وأنذر عشيرتك الأقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين * فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم * الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين * إنه هو السميع العليم }}

هذه الآيات نزلت في خواتم سورة الشعراء ، [[ من أجل أن لا تختلط عليكم الأمور ، آيات القرآن نزلت كلها متفرقة من غير ترتيب حسب الأحداث ، بعد ذلك نزل جبريل لرسول الله وقال له ضع هذه الآية مع تلك الآيات وسميها سورة كذا ، فنزول الآيات كانت متفرقة ، حيث تنزل الآية حسب المواقف والأحداث ، وترتيب سور القرآن الذي بين أيدينا الآن هو ترتيب من الله لجبريل للرسول - صلى الله عليه وسلم - كما هو موجود الآن عندنا في المصاحف ]] .

أنزل الله هذه الآيات ، على رسولنا الكريم وتعتبر هذه الآيات هي بداية الدعوة جهراً ، و البداية كانت مع عشيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن هنا سنبدأ بما لقيه - صلى الله عليه وسلم - وصحابته من إيذاء وألم في سبيل الدعوة إلى الله ، أحداث تُؤلم القلب وتُدمع العين .
يتبع . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-13-20, 06:50 AM
هذا الحبيب « 48 »

السيرة النبوية العطرة (( وأنذر عشيرتك الأقربين ))
__________

كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى الله سرّا مدة ثلاث سنوات ، ولكن مع ذلك تسربت الأخبار بين قريش أن محمداً يُكلم من السماء ويدعو لدين جديد ، كان كل ما مر - صلى الله عليه وسلم - من أمام جماعة من قريش يقولون بين بعضهم البعض : انظروا إلى غلام بن عبدالمطلب ، يقول إنه يُكلم من السماء [[ ولم يكن الأمر عندهم ذا أهمية ]] ،

فلما أنزل الله عليه {{ وأنذر عشيرتك الأقربين }} هنا بدأت الدعوة جهرية ، ولكن البداية مع عشيرته صلى الله عليه وسلم .

لماذا : وأنذر عشيرتك الأقربين ؟ لأن هناك حبًّا فطريًّا لشخص الداعية من الأقربين؛ وبهذا فإن الأقربين من المتوقّع أن يكونوا هم الأقرب إلى الاستجابة؛ كذلك دعوة الأقارب مسؤولية أُولى على الداعية؛

لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :"كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ". ومن هنا جاءت أهمية صلة الرحم، ودعوة الأقربين، و سيكون أيضا في حماية قبيلة تُدافع عنه، وتتبنَّى قضيته . فلما نزلت عليه الآيات ، فعلاً كان يحمل - صلى الله عليه وسلم - حملا ثقيلا يصعب تحمله ، فأخذ يفكر كيف يبدأ بدعوة بني عبدالمطلب إلى الله ؟؟


الرواية الأولى الأقوى في سندها حول " و أنذر عشيرتك الأقربين "
عندما نزلت الآية ، وقف عليه الصلاة و السلام أمام جموع الناس قائلا : يا مَعْشَرَ قريشٍ ! اشْتَرُوا أنفسَكم من اللهِ ، لا أُغْنِي عنكم من اللهِ شيئًا ، يا بني عبدِ مَنَافٍ ! اشْتَرُوا أنفسَكم من اللهِ ، لا أُغْنِي عنكم من اللهِ شيئًا ، يا عباسُ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ ! لا أُغْنِي عنكَ من اللهِ شيئًا ، يا صفيةُ عَمَّةَ رسولِ اللهِ ! لا أُغْنِي عنكِ من اللهِ شيئًا ، يا فاطمةُ بنتَ مُحَمَّدٍ ! سَلِينِي من مالي ما شِئْتِ لا أُغْنِي عنكِ من اللهِ شيئًا .


الرواية الثانية المرسلة في سندها حول " و أنذر عشيرتك الأقربين "
لما نزلت عليه " و أنذر عشيرتك الأقربين " اشتدَّ ذلك عليه وضاق به ذرعًا، فجلس في بيته كالمريض، فأتته عمَّاته يَعُدْنَه، فقال: مَا اشْتَكَيْتُ شَيْئًا وَلَكِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الأَقْرَبِينَ. فقلن له : فادعُهم، ولا تدعُ أبا لهب فيهم فإنه غير مجيبك !!!

لماذا ؟ لأن عمات النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرفن أخاهن أبا لهب و زوجته !!! أبو لهب يسمع كلام زوجته [[ يعني شخصيته صفر أمام زوجته ،كما نقول اليوم تعال تعال ، روح روح ،خشخيشة بأيدها ]] ،

ويعلمن أيضا أن زوجته [[ أم جميل ]] إذا ذُكر محمد أمامها تغضب بسبب الغيرة والحقد ، لأن عشيرتها من بني عبد شمس ، تكون وهي أخت أبي سفيان ، وتغار من عشيرة محمد ، وتعتبر عشيرتها أفضل منهم وما كانت تحب أن ترى الخير فيهم ، وزادت الغيرة لمّا علِمت هي وزوجها أن محمدا جاء بدين جديد .
[[مثل غيرة بعض النساء اليوم من أولاد اسلافهن ]] .

وكانت زوجة أبي لهب ، بذيئة اللسان ، وصوتها عالي ، وأبو لهب يطيعها بكل ما تقوله ، وهي مسيطرة على أخيهن أبي لهب ، وأبو لهب سيقول ما يرضي زوجته ، لهذا نصحن النبي ألا يدعو أبا لهب .

لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مأمور من الله أن ينذر عشيرته ، وأبو لهب عمه و من عشيرته الأقربين . فلما وصلت الدعوة لأبي لهب سألته زوجته : إلام يدعوكم محمد ؟؟ [[ ما مناسبة العزيمة ]]

قال : لا أدري لعله من أجل هذا الدين الجديد !! قالت له : إياك ثم إياك ، خذ على يده قبل أن تأخذ على يده العرب .

[[ يعني امنعه وضع له حدا ، . . . و أنا أنصح نساء الأمّة المحمدية إياكنّ أن تحملن صفات حمالة الحطب ، و تخلّصن من طباع الحقد والغيرة إذا وجدت فيكن ، لأنها ستؤدي إلى خراب البيوت ]]
فكان أبو لهب أول رجل يستشير زوجته قبل أن يُلبّي الدعوة .
تقول الرواية : أَولَم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وليمة لقومه [[ عمل عزيمة لأهله ]] ودعا إليها ما يقرب من 40 رجلا من بني هاشم وأعمامه وأبناء عمومته وأبنائهم ، وذبح لهم جدي !!! تقول الرواية : لقد أكل القوم وشبعوا ، وزاد من الطعام بقية [[ ببركته - صلى الله عليه وسلم - ]] .

فلما حضروا وأكل القوم وشبعوا ، أخبرهم – صلى الله عليه وسلم – أنه رسول الله إليهم و إلى الناس كافة ، و أنه الصادق الأمين في قوله .... بعض الجالسين تكلم معه كلاما مهذّبا ، بينما أبو لهب قال : اسمعوا يا بني هاشم ، خذوا على يده قبل أن تأخذ العرب على يده .

[[ مثل ما برمجته حمالة الحطب ]] ، واللات والعزى لا ندعه يسفه دين عبد المطلب !!! فاحتد النقاش ، وانصرف القوم خشية تفاقم الوضع ، وذهبوا دون نتيجة .

واستمر أبو لهب و زوجته في إيذاء النبي من أول يوم دعا فيه إلى دين الله . . .
يتبع . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-14-20, 07:54 AM
هذا الحبيب « 49 »

السيرة النبوية العطرة (( تبت يدا أبي لهب ))

__________
أول من تصدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته جهراً لعشيرته خاصة {{ أبو لهب و زوجته حمالة الحطب }} ، وماهي إلا أيام ، حتى أنزل الله عليه أن يجهر بالدعوة لكافة الناس ، قال تعالى :

{{ فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين }} .

ففي صبيحة يوم وقريش جالسون في أنديتهم ، صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جبل الصفا
[[ وكان من عادة قريش أي رجل أراد أن يستغيث أو ينذر يصعد على جبل الصفا ، الذي ذهب للعمرة يعرف جبل الصفا ]]
ثم نادى بأعلى صوته - صلى الله عليه وسلم - : يا بني فهر ، يا بني كذا ، يا بني كذا ، وينادي على بطون قريش ، فلما سمع الناس الصوت، أخذوا يهرولون إلى الصفا ويقولون :

هذا صوت الصادق الأمين ! هذا صوت محمد !! والذي عجزعن الحضور ، كان يرسل رجلا آخر مكانه يستطلع له الخبر !! وما زال - صلى الله عليه وسلم - ينادي حتى ازدحم الناس عنده والكل يريد أن يسمع ما الأمر ؟!!
وإذا بالحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ينظر فيهم ويقول :
يا معشر قريش !!أريتم لو أحدثكم أن خلف هذا الوادي خيل تريد أن تغير عليكم .. أكنتم تصدقوني ؟ [[ يعني لو حذرتكم أن هناك عدوا يريد أن يغزو عليكم هل تصدقوني ؟ ]] قالوا :ما جربنا عليك الكذب ، وإنك فينا لصادق أمين !! قال : فإنّي رسول الله إليكم . فقاطعه أبو لهب مباشرة ، وصرخ بصوت عال : ألهذا جمعتنا ؟ تبا لك سائر اليوم !!!


فلما رأى الناس عمه أبا لهب يصرخ عليه ، ويتهجم عليه ، انفضوا من المكان دون أن يكمل كلامه - صلى الله عليه وسلم - أو يوصل لهم أية فكرة . فوقف حزينا على الصفا - صلى الله عليه وسلم - وإذا بجبريل من فوق سبع سماوات يتنزل بقوله تعالى :

{{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ، وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ، فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ }}

تبت يدا أبي لهب وتب [[ أي هلكت يده ، و ليس يده فقط التي هلكت ، ولكن كله من رأسه لأسفل قدمه قد هلك ]]

إنه كلام الله العلي العظيم الذي يعلم الحاضر والمستقبل ، ويعلم ما كان ، ويعلم ما يكون ، ويعلم ما سيكون ، يعلم أنّ أبا لهب لن يؤمن بدعوة النبي – صلى الله عليه وسلم - و أن أبا لهب وزوجته لن يهتديا ولا يمكن لها أن يهتديا ، لأن فيهما عزة نفس وكبرياء ، ولأن الكفر عناد ، وانتشرت هذه الآيات بين أصحاب الرسول الكريم ، وصار الناس يتناقلونها ، حتى صار الأطفال الصغار من أبناء قريش يرددونها .

فلما سمعت زوجة أبي لهب [[ حمالة الحطب ]] الناس يرددون هذه الآيات ويذكرونها . اشتعلت من الغضب ، واتجهت نحو الكعبة . . .
يتبع . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-14-20, 07:56 AM
هذا الحبيب « 50 »

السيرة النبوية العطرة (( زوجة أبي لهب حمالة الحطب ))


__________
لما سمعت حمالة الحطب ، أن الناس تردد اسمها ، وتصفها بحمالة الحطب اتجهت مسرعة نحو الكعبة !! لماذا سماها الله حمالة الحطب ؟؟ قيل إنها كانت لما تحتطب وتجد الشوك تحتفظ فيه ، ثم تلقيه أمام بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الطريق الذي يمشي عليه ، وقيل أيضا إنها كانت تشعل الفتنة ، وتنقلها من دار إلى دار، وهي تؤذي رسول الله وتتكلم عنه بالسوء ، يقول العرب فلان يحطب عليّ [[ أي ينم ويتكلم عني بالسوء ]] .

فلما سمعت الآيات ذهبت إلى الكعبة ، وكانت تعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يطيل الجلوس في حِجر الكعبة ، فانطلقت مسرعة ولها ولولة [[ امرأة شرّيرة !!
لا أعلم كيف أصفها لكم ]]
بذيئة لا يخرج من فمها إلا الكلام الفاحش . جاءت في غاية السرعة والعجلة ، وكانت في غاية الغضب ، وكانت تحمل في كف يدها الفهر [[ حجر مطاول نسميه نحن الهاون ]]

، فكان - صلى الله عليه وسلم - جالسا وبجانبه أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - فلما اقتربت من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجب الله بصرها عنه ، فما رأت إلا أبا بكر .

فقالت له: يا أبا بكر، أين صاحبك مذمّم هذا ؟ [[ استعارت اسم مذمم عكس اسمه محمد ن كي لا تصل الشتيمة إليه سبحان الله!! فحماه الله من يدها ولسانها ]] .

فسكت أبو بكر - رضي الله عنه - مندهشا ومعتقدا أنها ترى رسول الله .
فإذا بها تقول له : أيهجوني صاحبك ؟؟
فيُذكر اسمي على لسان الصغار في مكة !!! واللات والعزى إن رأيته لأضربن رأسه بهذا الحجر .

[[هو جالس أمامها - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر - رضي الله عنه - مستغرب .. تقول إن رأيته !! هذا هو جالس أمامك !!! ]]

أ بمثلي وأنا بنت سيد بني عبد شمس يقال الهجاء ؟؟!! فقال أبو بكر : هل ترين عندي أحدا ؟؟!! فقالت : أتهزؤ بي ؟ ما أرى عندك من أحد . ثم قالت : قل لمحمد إذا رأيته ، كما هجاني لأهجونّه . وأبو بكر جالس مصدوم ولا يرد عليها بكلمة . ثم انصرفت .

فالتفت أبوبكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : بأبي أنت وأمي ، ألم تكن تراك ؟ !!! قال صلى الله عليه وسلم : لا يا أبا بكر، إن الله حجب بصرها عني فلم ترني . . . وهكذا عصم الله رسوله من هذه الشرّيرة .
لماذا قال عنها القرآن : في جيدها حبل من مسد ؟

يقول بعض المفسرين : كانت لها قلادة ثمينة من جوهر ، فأقسمت على إنفاقها في عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم - فعاقبها الله بحبل ممتد في عنقها من نار جهنم.
هل اكتفت حمالة الحطب بهذا الموقف ؟؟ لا، لم تكتف . . .
يتبع . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-17-20, 07:10 AM
هذا الحبيب « 51 »

السيرة النبوية العطرة (( حمالة الحطب ، وبنات النبي - صلى الله عليه وسلم -))
__________

زوجة أبو لهب أم جميل [[ حمالة الحطب ]]

لم تكتف في رغبتها بإيذاء {{ الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - }} ، بعد نزول سورة المسد ، وقد نالت منها الآيات ومن زوجها و وصفها القرآن بحمالة الحطب ،فرجعت مسرعة إلى من يشفي حقد قلبها ، إلى زوجها المطيع أبي لهب ، فقد كان لأبي لهب ثلاثة أولاد ذكور عتبة ، عتيبة ، ومعتب ، وله بنت واحدة ، كلهم أسلموا إلا عتيبة مات على الكفر،

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الوحي قد زوج ابنته رقية لعتبة ، وزوّج أم كلثوم لعتيبة . جاءت إلى أبي لهب وهي غاضبة وقالت : يا أبا لهب ، أيرضيك أن محمدا هجانا ؟؟ وظلت تحرضه على النبي ، وطلبت منه أن يجبر أولاده على طلاق ابنتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما حضر عتبة وعتيبة وقف أبو لهب [[ الزوج المطيع ]] وقال: رأسي من رأسكما حرام إن لم تُطلقا ابنتي محمد [[ يعني أتبرأ منكم ]] ففارقا ابنتي النبي - صلى الله عليه وسلم – رقية و أم كلثوم .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - صحيح هو نبي الله ، ولكن لا ننسى أنه بشر وأب ، ويحب بناته ، ويحزن لحزنهن ، والكل سيتكلم في قريش عن طلاق ابنتيه ، والكثير سيشمت ، وسيكون حديث الناس ، أريتم عمه لا يرضى لأبنائه أن يتزوجوا من بنات ابن أخيه ؟؟ ومع ذلك فقد أكرم الله - عز وجل - نبيه - صلى الله عليه وسلم - و سرعان ما أبدل رقية - رضي الله عنها زوجا عظيما جليلا هو {{عثمان بن عفان - رضي الله عنه - }}

الرجل المؤمن ذو الجاه والشرف والمال .[[ كان عثمان كثير المال . أتذكرون حادثة الفيل وأبرهة ؟؟ لما نزل عقاب الله عليهم ؛ تركوا متاعهم وأموالهم غنيمة لقريش ، أبو عثمان ممن اغتنم من جيش أبرهة الكثير ، ولما مات ورث ابنه عثمان أمواله ]] .
وبعد وفاة رقية تزوج أم كلثوم ، لذلك سُمي عثمان بن عفّان {{ ذو النورين }} رضي الله عنه وأرضاه .

وقد ورد في بعض الروايات : إنّ ردّ عتيبة بالانتقام لأمه كان شرسا ، فقد جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما طلق ابنته وتهجم على النبي و آذاه بالسب و الشتم ( طالع لأمه ) وقال له : يا محمد إني كافر بما أنزل إليك و إنّي قد فارقت ابنتك ، ورد عليه ابنته . وتقول الرواية إنّ النبي - صلى الله عليه وسلم – رفع يديه إلى السماء وقال : {{ اللهم سلط عليه كلبا من كلابك }} وكان أبو طالب موجودا ، فلما سمع دعاء النبي وجم ،

[[ أي تيبس مكانه وفتح عينيه من الصدمة ]] ، لأنه يعلم أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا فقد وجب . ثم رجع عتيبة إلى أبيه أبي لهب يرتجف من الخوف ، وأخبره بما حدث ففزع أبو لهب وقال : واللات والعزى إني لا آمن عليك دعوة محمد !!
ومضت الأيام ، و يخرج عتيبة مع أبيه أبي لهب مسافرا إلى الشام في جماعة من قريش ، في الطريق أرادوا أن يناموا ، وكان هناك منزل قريب منهم يسكنه راهب ، فنظر إليهم الراهب من شرفة منزله قائلا : يا قوم ، إن هذه الأرض مسبعة !! [[ يعني يعيش فيها الأسود ، انتبهوا ]] ، وسُمّي الأسد كلبا لأنه إذا بال رفعه رجله وإذا جلس بسط ذراعيه.

فقال أبو لهب لأصحابه : أعينوني يا معشر قريش هذه الليلة، فإنّي أخاف على ابني دعوة محمد . قالوا : نفرش لعتيبة فراشه ، ثم نفرش فراشنا حوله ،ثم نضع متاعنا حولنا ، ثم ننيخ الجمال حولنا . [[ يعني دائرة ، عتيبة في المنتصف ، الناس حوله دائرة والمتاع حولهم وبعدين الجمال ، ونخلي نظرنا عليه ]] .
وعندما نام القوم ،جاء أسد فإذا هو فوق رأس عتيبة ، فافترسه وحطم رأسه . فقال أبوه وهو يبكي لموت ابنه : قد عرفت والله ما كان ليفلت من دعوة محمد.

إنها دعوة رسول الله يا أحبائي ، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم .
ومما زادني شرفا وتيها ... وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي .. وأن صيرت أحمد لي نبيا


إيذاء أبي لهب للنبي " صلى الله عليه وسلم "
لم تكتف حمالة الحطب بتحريض أبناءها على تطليق بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - وظلت توسوس في عقل أبي لهب على رسول الله : إياك أن تترك محمدا، خذ على يده ، امنعه ، ستقوم عليكم العرب ، أنت عمه أولى الناس به فلما جهر - صلى الله عليه وسلم -
بالدعوة إلى الله قرر أبو لهب أن لا يتركه وشأنه ، فكلّما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمشي ويدعو الناس إلى دين الله ؛ كان يمشي أبو لهب وراءه في كل خطوة ويقول : يا معشر الناس، تعلمون أني عمه ، وأنه ابن أخي ، وأنا أعلم الناس به ،إنّ به مس من الجن ، إنه كذا وكذا، لا تصدقوه !! فكان يحاول دائما أن ينفر الناس من الرسول
- صلى الله عليه وسلم – فيقول الناس :
[[ إذا كان عمه أقرب الناس إليه يقول عنه ذلك ؟!! ]] فينفر الناس من حول النبي - صلى الله عليه وسلم - . وأصر أبو لهب على كفره ، إلى أن مات أبشع ميتة ، فبعد معركة بدر وصله خبر أن قريشا قد هُزمت ، فاغتاظ و انقهر،فوقف يسب النبي- صلى الله عليه وسلم - أمام " أم الفضل رضي الله عنها " [[ زوجة العباس ]] ، كانت مؤمنة وقد كتمت إيمانها ، فقامت إليه [[ لم تستطع أن تصبر عليه وهو يسب النبي أمامها ، لم تتحمل ]]
وأخذت عامود الخيمة وضربته به فشجت رأسه
[[ يعني فتحت رأسه ]] ، ومع هذا الضربة والقهر الذي هو فيه ، ابتلاه الله بمرض معد فصار الناس يهربون منه ، وجلس في بيته ، ولا أحد يستطيع أن يقترب منه حتى أولاده ، خوفاً من أن يعديهم . فلما مات خافوا أن يقتربوا منه حتى لا تصيبهم العدوى منه ، فقال أولاده لخدمهم من العبيد : اردموا داره عليه [[هدوا البيت على جسده ]] ،
ثم احضروا التراب ووضعوه فوق حطام البيت ، كي لا تخرج رائحته . [[ يعني إهانة في الدنيا وسوء خاتمة ، وله في الآخرة عذاب أليم ]] .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-17-20, 07:13 AM
هذا الحبيب « 52 »

السيرة النبوية العطرة (( الاستهزاء بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ))

__________

الآن نحن دخلنا في عامنا الرابع من البعثة ، ثلاثة أعوام كانت الدعوة السرية ، هذا العام الرابع كان مليئاً بالأحداث ، ففيه تعرض الحبيب - صلى الله عليه وسلم - للاستهزاء ، وتعرض فيه ضعفاء المسلمين للتعذيب البشع حتى قُتل البعض من شدة التعذيب .

والرسول - صلى الله عليه وسلم – أخذ يتعرض في قريش لحملات تشويه وتكذيب، حتى قالوا عنه إنه مجنون وإنه ساحر وإنه كاهن وإنه شاعر، وقريش لا تعطي الفرصة لأحد حتى يستمع إلى القرآن ، ولا تعطي فرصة للرسول حتى يتحدث إلى أحد ، وفي خارج مكة أصبحت الأخبار تصل إلى القبائل أن مكة فيها {{ ساحر عظيم }} .
و رأينا كيف كان أبو لهب يلحق بالنبي – صلى الله عليه وسلم – و يشوّش عليه كلامه لينفر الناس منه ، حتى كان عمر بن الخطاب الذي تخافه الناس [[ وكان لا يزال على الكفر ]] كان يمشي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وينهى الناس عن التحدث إلى رسول الله صلى عليه وسلم ، فلا يجرؤ أحد أن يتحدث أو يستمع إلى حديث الرسول ، وكان إذا قرأ القرآن – صلى الله عليه وسلم - يصفرون ،ويصفقون ، ويصرخون لكي لا يسمعه أحد .

ورغم كل هذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبذل كل جهده ، ولا يتوقف لحظة واحدة ، كان يدعو قريشا ، ويدعو من يأتي إلى مكة من خارج قريش أيضا ، وكان في حماية عمه أبي طالب شيخ مكة . واهتم القرآن المكي [[ أي الآيات التي نزلت في مكة قبل الهجرة ]] بذكر قصص الأنبياء والأمم السابقة ، لتثبيت قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعوته إلى الصبر وتحمل أذى المشركين .

[[ نصيحتي لك يا قارئ السيرة : تذوق حلاوة الإيمان ، واجلس في غرفة واستمع إلى {{ سورة هود }} اغمض عينيك واستشعر نفسك تجلس مع الصحابة في دار الارقم مع رسول الله وكأنك تسمعها منه، وكيف كان الله يصبرهم ويثبتهم بذكر من سبق . ]]

بعض الأمثلة على الاستهزاء بالدعوة :

يأتي رجل اسمه [[ أُبي بن خلف ]] يحمل بكف يده عظم رميم [[ يعني متفتت ]] قال : يا محمد ، أترى ربك يحي هذا بعدما قد رم ؟ فينزل الله على نبيه : {{ أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أنا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ }} .

قالوا : كيف يكون محمد نبيا ومستجاب الدعوة وهو فقير ، ويأكل الطعام مثلنا ؟؟ لو أرسل الله نبيا من السماء لكان ملكا وليس بشرا !! فكيف محمد يمشي بالسوق مثلنا وهو يريد أن يكون ملكًا علينا؟ والملوك لا تمشي في الأسواق !!؟ فينزل قوله تعالى :

{{ وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا * أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلا مَّسْحُورًا * انظر كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا }}

ويقولون : يا محمد ، والله لا نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله، وأنك رسول من عنده فيرد عليهم الله تعالى :
{{ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إن هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }}
كان كلما أقبل - صلى الله عليه سلم - أو ذهب يستهزؤون قائلين : هذا ابن أبي كبشة يُكلم من السماء !!!

[[ أبو كبشة حكينا بداية السيرة أنه زوج حليمة السعدية مرضعة الرسول ، و هذا استهزاء بالنبي ، بدل أن يقولوا محمدا بن عبدالله بن عبدالمطلب .. ينسبوه إلى قومه الذين أرضعوه ]] هذا راعي الغنم في قريش يكلم من السماء [[ لأنه عمل في رعاية الأغنام - صلى الله عليه وسلم - ]] والرسول - صلى الله عليه وسلم - يسمع كلامهم ويسكت .. ويرجع إلى بيته بعد نهار متعب في الدعوة إلى الله وهو حزين من أفعال قومه .. يأتي إلى بيته ، فيجد خديجة - رضي الله عنها .. فتتكلم معه وتصبره ، فلا تتركه حتى ترى الابتسامة على وجهه - رضي الله عنها وأرضاها .

وعندما بدأت الآيات تنزل على رسول الله ، وتأمر النبي أن يدعو قومه ويبين لهم سخافة هذه الأصنام التي صنعوها بأيدهم هم وآباؤهم ، وسفاهة عقولهم {{ إنكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ }} ،

فغضبت لذلك قريش وقالوا: أيشتم آلهتنا ؟ محمد يشتم آلهتنا !! محمد يشتم آباءنا !!
فجاء كبير الشعراء بقريش اسمه [[عبد الله ابن الزبعري]] أكبر شاعر في قريش ، كان يقول الاشعار يهجو فيها النبي ، ولما أسلم قال الكثير من الأشعار يعتذر فيها للنبي - صلى الله عليه وسلم -

جاء وقريش مجتمعة وقال : يا محمد ، هذا الشيء الذي تقوله لآلهتنا خاصة أم لكل من عُبِدَ من دون الله ؟ فقال له النبي : بل لكل من عُبِدَ من دون الله . فقال له : ألست تزعم أن الملائكة عباد صالحون، وأن عيسى عبد صالح، وأن عزيرًا عبد صالح ؟ فقال: بلى، قال له : كل هؤلاء قد عبدوهم الناس ، هل هم حصب جهنم ؟؟ فصاح أهل مكة فرحاً منهم من صار يصفق و آخر يرقص و يصفر .قال : أجب يا محمد . فينزل جبريل على رسول الله بقوله تعالى : {{ إن الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}}

[[ يعني الملائكة وعيسى وعزير ، أولئك عنها مبعدون ]] ، هنا أهل قريش لما سمعوا القرآن ينال منهم ومن أصنامهم وآبائهم ، أخذتهم حمية الجاهلية .. كيف يُسفّه هذا النبي أحلامهم وأحلام آبائهم ، وينسب إلى الآباء قلة العلم والعقل ؟ فاشتد غضبهم ، وجمعوا شيوخ قريش وذهبوا إلى أبي طالب . يتبع . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-20-20, 07:12 AM
هذا الحبيب « 53 »

السيرة النبوية العطرة (( تفجر الأوضاع في مكة ))
__________

لما سمعت قريش أن القرآن ينال منهم ومن أصنامهم وآبائهم، أخذتهم حمية الجاهلية ، واشتد غضبهم ، وجمعوا شيوخ قريش ، وذهبوا إلى أبي طالب وقالوا له : يا أبا طالب ، إنك فينا كبير السن وصاحب شرف في قومك ، وإن ابن أخيك محمد قد جاء بدين جديد خالف فيه دين الآباء والأجداد ، وليته كان حسبه

[[ يعني هو خالف ديننا هو حر، أما أن يُسفّه آباءنا وأحلامنا ويعيب آلهتنا فنحن لا نرضى بذلك أبدا ]] . يا أبا طالب : فإما أن تمنعه أو يكون لنا معه شأن آخر ؟؟!هنا أبو طالب و لأنه رجل عاقل ،عرف كيف يمتص غضب الرجال ، فكلمهم باللين ، ووعدهم بالحسنى حتى انصرف القوم ، ولم يغير موقفه تجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - و استمر النبي في الدعوة إلى الله .

فلما رأت قريش أن محمدا قد استمر في دعوته ، رجعوا واجتمعوا مع أبي طالب مرة ثانية . قالوا : يا أبا طالب ، قد جئناك مرة في شأن ابن أخيك ؛ فلم تفعل شيئا !! ومازال ابن أخيك محمدا يسّفه أحلامنا ويعيب آلهتنا !!!! فواللات والعزى إما أن تأخذ على يده وتمنعه ، وإما أن تقوم الحرب بيننا وبينكم ، حتى يهلك أحد الفريقين

[[ يعني سنعلنها حرب بين قبائل قريش كلها على قبيلة بني هاشم ]] ، ثم انصرفوا . . . فلما سمع أبو طالب تهديد قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - تذكر أبوه

{{ عبد المطلب }} قبل أن يموت عندما أوصاه بمحمد خيراً ، فتذكر أبو طالب وصية أبيه ، وتذكر حديث أهل الكتاب كلهم عنه ،فخاف على النبي أن يصيبه شر .
ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال : يا ابن أخي يا محمد، إن قومك كلموني فيك أكثر من مرة ، وقد حمي أمرهم اليوم ، فهم يرجون مني أن آخذ على يدك وأمنعك ، وإما سيعادوننا وإياك حتى يهلك أحد الفريقين

[[ فظن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عمه سيسلمه ويتخلى عنه ]] فقال له - صلى الله عليه وسلم - :

{{ والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته ، حتى يظهره الله أو أهلك دونه }} [[ هذه المقولة كرّرها النبي في أكثر من موقف كما تقول الروايات ]] ثم دمعت عينا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأدرك أبو طالب أن النبي قد خشي أن يتخلى عنه عمه فقال له : امض يا محمد لما أمرت به ، فوالله لن يصلوا إليك بسوء حتى أوسد في التراب [[ يعني ما دمت حي لن أتخلى عنك ]] فقرّت عين النبي

- صلى الله عليه وسلم - ورجع أبو طالب لقريش يكلمهم باللين ويهدّئ الأمور . وبقيت الأوضاع على حالها إلى أن فلتت الأمور من يد أبي طالب ، وتفجرت الأوضاع [[ وكل هذا الكلام في بداية الدعوة قبل أن يسمعوا من النبي، و قبل أن يطلبوا منه المعجزات ]] .

جن جنون قريش ، اجتمعوا في دار الندوة وعقدوا مؤتمرا ، وكان أول مؤتمر للعرب شعاره [[ الشر والظلم ]] ، اجتمعوا واتفقوا أنّ على كل عشيرة أن تعذب كل رجل تحت يدها ممّن دخل في دين محمد ، وأن يُذيقوهم أصنافا من العذاب حتى يرجعوا عن هذا الدين ، فإذا رجعوا وبقي محمد لوحده ، لا يضرهم محمد بشيء كما يُخطّطون .

سنذكر بعض أنواع التعذيب للصحابة ، لكي يكونوا مواساة لكل إنسان عنده ابتلاء . قال تعالى :
{{ يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره}}
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-20-20, 07:13 AM
هذا الحبيب « 54 »

السيرة النبوية العطرة (( تعذيب آل ياسر ))
__________

بدأت قريش بتنفيذ ما اتفقت عليه في دار الندوة ، كل قبيلة تعذب من كان تحت يدها ممن أسلم ودخل في دين محمد ، وآل ياسر من السابقين إلى الإسلام : {{ الأب }} ... ياسر - رضي الله عنه - {{ الأم }} ... سمية - رضي الله عنها - {{ الابن }} .. عمار - رضي الله عنه - هذه أول أسرة أسلمت بالكامل ، وأول عائلة جهرت بالإسلام . سمية وزوجها ياسر – رضي الله عنهما – كانا قد تجاوزا الستين من العمر ، وهما أول من استشهد في سبيل الله . وكان نصيب آل ياسر التعذيب على يد فرعون هذه الأمّة الملقب على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ((بأبي جهل)) .

[[ الكثير من المسلمين يعتقدون أن أبا جهل عم النبي ، لا . أبو لهب عم النبي ، أبو جهل من بني أمية ، والنبي من بني هاشم ، أبو جهل كان يُعرف في قريش بأبي الحكم ، لأنهم كانوا يعتبرونه صاحب الرأي السديد ، ولما تبين جهله سماه النبي - صلى الله عليه وسلم -

(( أبا جهل )) أما اسمه الحقيقي {{ عمرو بن هشام }} ]] . وكان أبو جهل ، إذا سمع برجل قد أسلم جُنّ جنونه ، فإذا كان هذا الرجل له شرف ومنعة أنّبه وخزاه ، وإذا كان تاجرا يتوعده بمقاطعة مكة لبضاعته ، وإن كان هذا الرجل ضعيفا لا عشيرة له ، كان يضربه ويتسلط عليه بالعذاب .

آل ياسر من الفئة الضعيفة ، التي لا حول لها ولا ناصر من الخلق ، لم يرحم أبو جهل شيبة الشيخ ولا ضعف المرأة ؛ كان يلبسهم الدروع من الحديد ، ثم يأمر عبيده أن يضعوهم تحت أشعة الشمس الملتهبة ، فتجف حلوقهم وتتيبس عروقهم ، وتتشقق جلودهم ، فتسيل منهم الدماء ، وفي اليوم الثاني يعيد معهم الكرة مرة أخرى . وكان - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله لهم بالثبات ، فلما جاء اليوم الذي أخبره الله به بأن آل ياسر سيكونون شهداء وقد اشتد العذاب عليهم ؛ سعى - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، ووقف أمام ياسر وزوجته وهما يُعذبان فقال : {{ صبراً آل ياسر فإنّ موعدكم الجنة }}

[[ بمعنى : اصبروا ؛ فقد ذهب الكثير لم يبق إلا القليل ]] .
في ذلك اليوم ، جاء إليهم أبو جهل ، وهو لا يعلم أن النبي قد جاءهم ، جاء أبو جهل وقد يئس وملّ من تعذيبهم ويريد أن ينتهي منهم ،إما أن يرضوه بكلمة الكفر وشتم النبي فيطلق سراحهما أو أن يقتلهم ،جاء يحمل في يده [[ صنما صغيرا ]] قال : يا ياسر، قل بعزة اللات أطلق سراحك [[ بس ها لكلمة ما بدي منك شي ]]، وكان ياسر مربوطا على جذع نخلة ، فأدار وجهه وقال : لا إله إلا الله. فيأتيه أبو جهل من الجهة الأخرى: قل هُبل [[ بس انطق كلمة هُبل ]] يدير وجهه إلى الجهة الأخرى ويقول : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فلما يئس أبو جهل من ياسر ؛ أخذ حبلا من ليف ووضعه على عنق ياسر، وأخذ يجدله على عنق ياسر حتى فارق الحياة إلى جنات الخلد .

اشتد غضب أبي جهل أكثر وأكثر لأنه لم يستطع أن يثني عبدا مملوكا عنده عن دين الإسلام ، بل دفع هذا العبد روحه ثمنا لذلك . ثمّ جاء إلى زوجته سمية ، طلب منها أن تنال من النبي ودينه بالسب و الكفر كما فعل مع زوجها ، لكنها لم تستجب

[[ امرأة عجوز ضعيفة مع كل ها العذاب وهي صابرة محتسبة عند الله ]] ، فوضع أبو جهل صنمه الصغير في فم أم عمار، وأخذ يدلك فمها بالصنم الصغير قائلا : قولي هبل ، سبي محمدا أطلق سراحك . فجمعت ريقها حتى امتلأ فمها وبصقت في وجهه ،وصرخت عليه بأعلى صوتها :

يا عدو الله ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فغضب أبو جهل وأمرعبيده أن يربطوا إحدى رجليها ببعير والأخرى ببعير آخر ، ثم أخذ حربته وطعنها في مكان عفّتها إلى أن فاضت روحها شهيدة إلى جنات الخلد .
أمّا ابنهما ( عمار ) فقد شددوا العذاب عليه بالحرِّ تارة، و بوضع الصخر على صدره تارة أخرى، وبغطّه في الماء حتى كان يفقد وعيه، وقالوا له‏ :‏ لا نتركك حتى تسب محمدًا، أو تقول في اللات والعزى خيرًا، فوافقهم على ذلك مُكْرَهَا فتركوه.

فلما أتى إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ما وراءك؟ قال عمّار: شر يا رسول الله !! ما تُرِكْتُ حتى نِلْتُ منك وذكرت آلهتهم بخير، قال: كيف تجد قلبك؟ قال: أَجِدُ قَلْبِي مطمئناً بالإيمان، قال: فإن عادوا فعد، فأنزل الله تعالى " : مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-25-20, 06:57 AM
هذا الحبيب « 55 »

السيرة النبوية العطرة (( تعذيب بلال الحبشي رضي الله عنه ))
__________

صورة ثانية من التعذيب {{ بلال الحبشي رضي الله عنه وأرضاه }} كان ممن سبق إلى الإسلام ، وعبدا من العبيد عند {{ أمية بن خلف }} ،

بلال صاحب اللون الأسمر يُجرّد من الثياب إلا ما يستر عورته ، ثم يُربط بالحبل ، ويُلقى عريانا على رمال مكة الملتهبة ، تحت أشعة الشمس الحارقة ، ويوضع على بطنه صخرة كبيرة ، لكي لا يرفع ظهره ، ثم يجلدوه بالسياط ، وتأتي [[ هند زوجة أبي سفيان ]]

بالماء المغلي وتصبه على جسده !!!هل تصورتم هذا المشهد ؟؟!

بلال ألهمهُ الله ذكرا بقي على لسانه ، لم يغيره ، ولم يسكت عن ترديده ، بلال تحت هذا التعذيب البشع ، لا يتكلم إلا ب {{ أحدٌ أحد }} ،

وأمية يعذبه ويقول له : ويحك يا بلال !! لا تقل هذه الكلمة وإلا ضاعفت عليك العذاب . وبلال يرفع صوته :

أحدٌ أحد . أمية ورجال من قريش يصرخون على بلال ، ويقولون له : اسكت ؛ لا تُسمعنا هذه الكلمة فنحن لا نحبها . وبلال يقول : أحد أحد . إنّ الله ألقى على قلب بلال هذا الاسم العظيم من أسماء الله {{ قل هو الله أحد }}

فتجلى الله على بلال بالقرب والرضوان . يقول اللَّهَ عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي : ( أَنا مَعَ عبدي إذا هوَ ذَكَرَني وتحرَّكت بي شفتاهُ ) وذكر الله من أفضل الأعمال ، وبه {{ تطمئنّ القلوب ، فالقرب من الله يُنسي العذاب والتعذيب }} .
هل جربت أخي القارئ الكريم أن تخلو مع الله ، تكلم الله و تقول له : إلهي ، أنت مقصودي ، ورضاك مطلوبي ، تركت الخلق كلهم وراء ظهري وجئت إليك ؟؟؟ حتما ستجد لذة قربه وحبه ، و ستهون عليك الدنيا وما فيها ، و لا ترى في الوجود إلا الله ، فمن ذاق طعم الإيمان عرف لذته وحلاوته ، ومن عرف حلاوته اغترف منه واستزاد واستكثر .

وهكذا فقد داوم بلال الحبشي على ذكر الله ، لذلك لم يؤثر التعذيب في قلبه المؤمن ، والذي ينتظر جنات النعيم في الآخرة . وقد ملّ المشركون حوله و يئسوا وتعبوا من صبر بلال على تعذيبهم ، حتى جاء أبو بكر الصديق - رضي الله عنه وأرضاه – فاشترى بلالا من أمية بن خلف ، ثم أعتقه ، فأصبح بلال حرّا ، و سيتجلّى بصوته العذب مؤذنا في المسجد النبوي ، بعد أن سقطت عروش سادة قريش على يد طلاب مدرسة محمد – صلى الله عليه وسلم - .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-25-20, 06:59 AM
هذا الحبيب « 56 »

السيرة النبوية العطرة (( الصحابي خباب بن الأرت - رضي الله عنه -))

خباب - رضي الله عنه - من السابقين إلى الإسلام، وكان من المستضعفين الذين عُذّبوا ليتركوا الإسلام ،سبُي صغيرا من قبيلته تميم، وبيع في مكة فاشترته أم أنمار الخزاعية ، فكان يعمل عند أم أنمار

[[ الشقية الظالمة ]] ،أسلم خباب وهو عندها، فلما علمت بإسلامه كانت تعذبه عذابا لم يخطر على بال بشر ، كانت تأمر غلمانها [[ العبيد عندها ]]،

أن يشعلوا لها الجمر ثم تأمرهم أن يحملوا خبابا، يجردونه من ثيابه ثم تقول : ضعوه على الجمر على ظهره، ثم تجلس بجانبه هذه الشقية وتقول : واللات والعزى لا أتركك حتى أسمع طشيش الجمر في أذني [[ يعني لحتى لحمك يذوب ويطفي الجمر على جسدك ]] ويغيب - رضي الله عنه - عن الوعي ، و هذه الشقية جالسة بجانبه حتى تسمع طشيش الجمر .


[[ لا يوجد منافقين في العهد المكي، كان إيمان الصحابة صادقا، لكن البعض منهم يخفي إيمانه خوفا من التعذيب ]]

ولكن النفس مع التعذيب تضعف ، فنحن بشر ، فلما عاد لوعيه بعد الغيبوبة ، ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان جالساً في حِجر الكعبة وإلى جانبه أبو بكر الصديق . وقال خباب:

بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، إلى متى نعاني هذا ؟؟ وأشار بإصبعه على ظهره ، ألا تستنصر لنا ؟ [[ يعني تدعي الله أن يخفف العذاب عنا ]]


فقال عليه السلام : "ماذا لقيتم في سبيل الله يا خباب ؟

[[يعني أتعتبر هذا عذابا ؟ ]] لقد كان فيمن قبلكم يؤتى بالرجل ، فتحفر له الحفرة، ثم يوضع المنشار على رأسه حتى يخرج إلى ما بين فخذيه [[ يعني يقصوه من النص]]

لا يرده ذلك عن دينه ، كان يؤتى بالرجل فيمشط بماشط الحديد ، لحمه وعصبه دون عظمه وهو حي إلى أن يفارق ، لا يرده ذلك عن سبيل الله .

فماذا لقيتم أنتم ؟!! والذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر [[ دين الإسلام ]]حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه [[ كناية على الأمن و الطمأنينة و نشر الإسلام ]] ،

ولكنكم تستعجلون " .
فانكمش خباب ، وتعلم درسا هو وكل المسلمين ؛ أن غاية الأدب الصبر على مراد الله و الرضا بقضاء الله، وانصرف خباب من المكان والحزن في عينيه . يقول أبو بكر : فلما مضى خباب فما راعني إلا والنبي رفع يديه إلى السماء والدموع في عينيه يبكي حزناً على خباب ، وقال : اللهم انصر خبابا ، اللهم انصر خبابا .
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

كان يربي رجالا هم من سيحملون هذا الدين، وينقلونه إلى مليارات المسلمين بعده ، لا يوجد دلال في مرحلة العهد المكي ، لا يوجد فيها قتال ، ولم يأذن الله بالقتال فيها ، ولا أن تدافع عن أخيك المسلم ، لم يأذن الله بالقتال إلا في المدينة .. [[ أراد الله أن ينشأ الصحابة على التربية العقدية قبل القتالية ، جهاد النفس قبل الجهاد في سبيل الله، جهاد النفس الذي غاب عن الكثير منا اليوم ، قال تعالى : {{ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا }} ،

وورد في تفسير هذه أنه لا يقصد " بالجهاد " القتال هنا ، لأن الله شرع جهاد المشركين في المدينة ، الآية هنا تقصد " جهاد النفس " ]] .


. . . بعدها يروى أنّ أم أنمار سيدة خباب قد أصيبت بمرض الصرع ، فصارت تعوي مثل الكلاب ، فأحضروا لها الكاهن ، فلما كشف عليها قال : في داخلها جني لا يخرج حتى تُحمّى جفنة من نحاس وتوضع على رأسها .فاجتمع أولادها وإخوتها وقرروا ، تطبيق ما قاله الكاهن ، فأحضروا وعاء من نحاس ووضعوه على النار. هنا ترددوا ،، من يضعه على رأسها ؟؟!!

خافوا . فقالوا للخدم : ألا يوجد منكم غلام يفعل ذلك ؟ فقال خباب :إن شئتم أنا . قالوا له : أجل يا خباب افعل . فأخذ الوعاء بالملقط ، ووضعه على رأسها ، فانفجرت دماغها وسقطت ميتة .
وهكذا نصر الله خبابا ، و استُجيبت دعوة - الرسول صلى الله عليه وسلم - وقد تم وعد رسول الله ، وخرج الناس رجالا ونساء من صنعاء لحضرموت لا يخشون إلا الله والذئب على الغنم. . . بشارات الله لرسوله تحققت ... انتصر الإسلام و انتشر ، ونحن لنا وعد من الله ورسوله ، ويجب أن يزيد إيماننا ويقوى لأن وعد الله حق ،
أتعلمون ما هو ؟

" لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ ، فيقتلُهم المسلمون ، حتى يختبيءَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ و الشجرِ ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ : يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي ، فتعالَ فاقْتلْه . إلا الغَرْقَدَ ، فإنه من شجرِ اليهودِ "
يا رب إنك لبالمرصاد ، وبأسك عن المجرمين لا يرد ، فيا رب عجّل بالنصر على اليهود .
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-28-20, 07:08 AM
هذا الحبيب « 57 »

السيرة النبوية العطرة (( الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه – أوّل من جهر بالقرآن ))
_____

هذا الصحابي الجليل، في قصته العبرة والموعظة ، وهي رسالة إلى المستضعفين في الأرض إلى المظلومين ، فلا تعتقدوا أن الله غافل عما يعمل الظالمون . من هو هذا الصحابي ؟؟ فلنسمع من حبيب القلوب - صلى الله عليه وسلم - لنعرف قدره .

قال عليه الصلاة و السلام :
{{ مَن أحب أن يسمع القرآن غضاً طرياً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد }} . [[ كان يُعرف بهذا اللقب لأن اسمه عبدالله وأمه تكنى به ]] عبدالله بن مسعود كان يقرأ القرآن بصوت جميل كما يقرأه جبريل ؛ غضاً طرياً كأنه يتنزل من الوحي الآن .
كان رضي الله عنه كما وصفه الصحابة [[ قصيرا ، أسمر اللون ، نحيف الجسد ]] ، وكان يعمل في رعاية الغنم ، وكانت قريش تعامل الناس على الأمور الظاهرة ، وبما أن ابن مسعود بهذه الأوصاف ، لم تسمح لنفسها أن تسميه [[ راعي غنم ]]
فأطلقوا عليه اسم رويعي الغنم [[ يعني أقل من مستوى راعي الغنم ، يعني راع مصغر ، فأغلب رعيه للغنم صيفا خوفا من شدة الرياح كما يُروى ]]

نأخذ صورة أخرى صادقة عن نحافته وصغر جسمه وكيف كان ملفتا للنظر في أعين الناس !!! لما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وكان واقفا في بستان أبي طلحة الأنصاري ،فوقع نظر الحبيب - صلى الله عليه وسلم - على قطف رطب ، فيدرك ذلك أبو طلحة [[ يعني الرسول رأى قطف رطب على النخلة ، من نظرته عرف الصحابة أن النبي أحب أن يأكل منه ]]فقال أبو طلحة : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هل أحضره لك ؟!! قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم لا بأس .
فأسرع ابن مسعود إليه قبل أبي طلحة ليكون هو من يحضر القطف للنبي، فصعد للنخلة متسلقاً عليها والصحابة كلهم ينظرون إليه ، فلما ارتفع كشف عن ثوبه فرأوا ساقي ابن مسعود [[ كأنهما إصبعان من نحافتهما ]] ،
فضحك الصحابة بصوت مسموع .

[[ ضحك الصحابة لأن ابن مسعود كما وصفته لكم ، نسميهم في زماننا قطعته صغيرة ، و أي إنسان فيه هذه الصفات ، يكون في حركاته خفة دم ، وحركته كيف أسرع وسبق أبو طلحة وصعد الشجرة قبله ورأوا ساقيه ونحافته ، فضحك الصحابة ]] فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : أتضحكون من دقة ساقي عبد الله ؟!! والذي نفس محمد بيده لهما أثقل في الميزان من أحد .
كان أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام عبد الله بن مسعود، اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلّ الله عليه وسلم فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يُجهر لها به قط، إلا منك يا رسول الله، فمن رجل يسمعهم؟ فقال عبد الله بن مسعود: أنا، فقالوا: إنا نخشاهم عليك ، إنما نريد رجلا له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه، فقال: دعوني فإن الله سيمنعني، فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها حتى قام عند المقام، فقال رافعا صوته : بسم الله الرحمن الرحيم: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْءانَ . . . }
(الرحمن: 1، 2)، فجعلوا يقولون: ما يقول ابن أم عبد؟ ثم قالوا: إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد، فقاموا فجعلوا يضربون في وجهه، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه، فقالوا: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله قط أهون عليّ منهم الآن، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غدا، قالوا: حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون.
وفي رواية ضعّفها بعضهم :

يُحكى أنّ فرعون هذه الأمّة، أبا جهل – وكان حجمه كالبغل لعنه الله – قد رفع عبد الله بن مسعود من أذنه مرات حتى قطعها ، وقال : يا ابن أم عبد ، يا رويعي الغنم ، لم نسمع هذا من محمد بن عبدالمطلب حتى نسمعه منك أنت ؟؟!!! . . . فحمل أذنه المقطوعة بيده - رضي الله عنه - وجاء بها إلى النبي والدماء تسيل على خده ، فاستقبله ضاحكاً وقال : هاتِ يا ابن مسعود ، فأعطاه إياها والحزن على وجهه ، فنظر النبي إليه وهو يبتسم وقال له : ألا يرضيك الأذن بالأذن والرأس زيادة ؟

قال : بلى يا رسول الله ، رضيت [[ وهو لا يدري ما معنى ما يقول الرسول له ]] وأخذ - صلى الله عليه وسلم - الأذن ووضعها في مكانها ثم بل إصبعه الشريف بريقه - صلى الله عليه وسلم - ومشى به على آثار الجرح .. فالتأم الجرح .

ومضت الأيام حتى كان يوم بدر،. . .

وقع أبو جهل على الأرض في بدر و كله جراح ، اقترب عبد الله بن مسعود منه ، ووضع قدمه على عنقه ، وصعد بساقيه النحيفتين على صدر أبي جهل . فقال له أبو جهل : لقدر رقيت مرتقاً صعباً يا رويعي الغنم ،ثم أجهز عليه عبد الله بن مسعود ، وقطع رأسه ، و ثقب أذنه ، وربطها بحبل ، وجر رأس أبي جهل إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقال له النبي : [[أرضيت يا ابن مسعود ؛ هذه أذن بإذن والرأس زيادة ]] .
أما ما ورد في الصحيح عن مقتل أبي جهل حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر، فق


ال أبو جهل: هل أعمد من رجل قتلتموه ؟؟

وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : من ينظر ما صنع أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، قال: أأنت، أبو جهل؟ قال: فأخذ بلحيته، قال: وهل فوق رجل قتلتموه، أو رجل قتله قوم . فهذا القدر المختصر ثابت في الصحيحين.

ختاما يقول حبيبنا – صلى الله عليه وسلم - : {{ إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته }} ، هؤلاء الطغاة الذين يقتلون ويذبحون الناس بلا رحمة ولا شفقة ، سيلقون نصيبهم من العذاب ، والله غالب على أمره ، وعد الله ورسوله حق يا أمة الحبيب محمد ، والفرج قريب بإذن الله .
_______________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
09-28-20, 07:10 AM
هذا الحبيب « 58 »

السيرة النبوية العطرة (( الزبانية وأبو جهل ))
_____
أبو جهل فرعون هذه الأمّة كان يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - عزيزا في قومه، الضعفاء يعذبون ، ومحمد لا أحد يتعرض له إلا بالاستهزاء ، فقال في نفسه: [[ هذا لا يكفي ]]،

فجاء إلى النبي يوما وهو يصلي عند الكعبة ، [[ والصلاة في هذا الوقت بالفروض الخمس لم تُفرض بعد ؛ ولكن أغلب أهل العلم قالوا إن المقصود بالصلاة قبل الإسراء و المعراج ركعتان في النهار و مثلهما في الليل و الله أعلم ]]،
فلما فرغ من صلاته قال أبو جهل : يا محمد ، لقد فارقت دين آبائنا ، وسفهت أحلامنا ، وعبت آلهتنا ، فلماذا تصلي عند كعبتنا ؟!!

اسمع يا محمد ، أنا أنهاك أن تصلي ها هنا ، وإن رأيتك تصلي نالك مني ما لا ترضى . فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، في وجه أبي جهل وزجره وتوعده إن أعاد مرة أخرى تهديده له، فسوف يلقى من النبي ما لا يرضاه ، فغضب أبو جهل ، واعتز بقومه وعددهم قائلا : أنت تهددني ونحن أكثر أهل قريش نادياً ؟!![[ يعني عشيرة ورجال]] ،
وأدار وجهه وانصرف وهو يهدد ويتوعد النبي : إن جئت مرة ثانية تصلي لأفعلن كذا وكذا . . .
قَالَ تَعَالَى:
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى} نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ، تَوَعَّدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَوَعَظَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أَوَّلًا فَقَالَ:
{أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى} أَيْ: فَمَا ظَنُّكَ إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي تَنْهَاهُ " محمد " عَلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمَةِ فِي فِعْلِهِ، أَوْ {أَمَرَ بِالتَّقْوَى} بِقَوْلِهِ، وَأَنْتَ تَزْجُرُهُ وَتَتَوَعَّدُهُ عَلَى صِلَاتِهِ!! وَلِهَذَا قَالَ:
{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} أَيْ: أَمَا عَلِمَ هَذَا النَّاهِي – أبو جهل - لِهَذَا الْمُهْتَدِي، - محمد - أَنَّ اللَّهَ يَرَاهُ، وَيَسْمَعُ كَلَامَهُ، وَسَيُجَازِيهِ عَلَى فِعْلِهِ أَتَمَّ الْجَزَاءِ.
[[ ألم يعلم أبو جهل أن الله مطلع على الحوار بينكما ؟؟؟ ]]
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُتَوَعِّدًا وَمُهَدِّدًا: {كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} أَيْ: لَئِنْ لَمْ يَرْجِعْ أبو جهل عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنَ الشِّقَاقِ وَالْعِنَادِ {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ} أَيْ: [[ القبض و الجذب بقوة على مقدمة الرأس التي هي مركز اتخاذ القرار بالخطيئة ،والسفع عند العرب تستعمل للخيل التي لم تروض ، إذا وضع له اللجام يهز الخيل رأسه يميناً وشمالاً يريد أن يقطع اللجام ، فيُضرب " يُسفع " الخيل على جبهته مرات متتالية حتى يسكُت فيوضع اللجام له ]] .

ثُمَّ قَالَ: {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} يَعْنِي: نَاصِيَةَ أَبِي جَهْلٍ ( مركز قراراته ) كَاذِبَةً فِي مَقَالِهَا، خَاطِئَةً فِي فعَالها. {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أَيْ: قَوْمَهُ وَعَشِيرَتَهُ، أَيْ: لِيَدَعُهُمْ يَسْتَنْصِرُ بِهِمْ، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} وَهُمْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، وأشدّهم بطشا ، وعند العرب [[ يقولون لا تقربوا هذا الرجل الغاضب فقد {{ زبُن }} " يعني صار معجون بالشر،استلحم و يؤذي كل من حوله " ]]
{{ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ }} :

كلا ؛ يقولها الله تعالى مرة ثالثة زجرا وتوبيخا لأبي جهل ... لا تطعه يا محمد ، واسجد يا حبيب الله ولا تلتفت اليه ، فأنا الله ،وأنت نبي الله ، فليتقدم أبو جهل إليك لنرى ماذا سيفعل ؟؟
. . . وبعد أن هدد أبو جهل النبي - صلى الله عليه وسلم - ورجع إلى قومه قال لهم : لقد نهيت محمد أن يصلي عند الكعبة ، واللات والعزى إن قدم اليوم يتحداني ويصلي ، لآخذن حجرا أرضخ به رأسه ، وبعدها فلتفعل بنو هاشم ما تشاء [[ بطلت تفرق معي ]] ويأتي - صلى الله عليه وسلم - اليوم الثاني يصلي عند الكعبة ، وأبو جهل على وعده لقريش ،فيتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - بجلال قدره و وقاره و استقبل البيت وأخذ يصلي ،،،،

نظر القوم إلى أبي جهل وقالوا :
ها يا أبا جهل أين وعدك ؟ [[ سؤال بسخرية ]] فثار الشيطان في رأس أبي جهل ، وقام إلى حجر كبير لا يستطيع رجل أن يحمله؛ وتحامل على نفسه ورفعه ،وأخذ يمشي خطوة خطوة لأن الحجر ثقيل.
... حتى إذا سجد النبي اقترب أبو جهل منه ، ورفع الحجر ، وأراد أن يلقيه عليه وإذا أبو جهل يرجع القهقرى
[[ يمشي للخلف ، بالعامية ]] وقد تشنجت يداه على الحجر ولا يستطيع أن يلقيه ، وتغير لون وجهه خوفا ، وأخذ يرتعد ، وتيبس في مكانه ، فأسرع القوم إليه : أبا الحكم ( كنية أبي جهل ) ، ما الأمر ؟؟
هات الحجر من يديك ، فأخذوا يُخلِصون الحجر من بين يديه ، حتى استطاعوا أخذه منه ورميه .
فأخذوه واجلسوه ، قالوا: ويلك ما هذا ؟؟ فقال لهم وهو يرتجف : بل ويلكم أنتم ألم تروا ما رأيت ؟!!! قالوا له : لم نر شيئا !! فقال لهم : ويلكم أنا الذي


رأيت . قالوا : ماذا رأيت ؟!! قال :
رأيت إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خَنْدقا مِنْ نَارٍ، وهَولا، وَأَجْنِحَة!! قالوا : قد سحرك محمد !!! ثم رجع أبو جهل إلى بيته وهو يرتعد من الخوف .

ولما أتم النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته [[ وكان هناك أناس من الصحابة الذين كتموا إيمانهم من المستضعفين سمعوا حديث أبي جهل للقوم ]] فذهبوا للنبي وأخبروه بما قال أبو جهل ، فقال لهم عليه الصلاة و السلام :
" لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا" ثم تلا عليهم الآيات السابقة من سورة العلق .
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

haidar
09-28-20, 09:21 PM
صلى الله عليه وسلم

عطاء دائم
09-29-20, 07:22 AM
صلى الله عليه وسلم

اهلا بك اخي
شكرا على كرم الحضور

عطاء دائم
10-02-20, 07:49 AM
هذا الحبيب « 59 »

السيرة النبوية العطرة (( إمام النصابين ، أبو جهل ))
_____

وقد رُوي إنّ رجلا من قبيلة من العرب خارج مكة جاء إلى أبي جهل - بعد حادثة محاولة منعه للنبي من الصلاة عند الكعبة -

و أراد هذا الرجل أن يبيع إبلا له ، فاشتراها منه أبو جهل وقال له : في الغد أعطيك المال ، فماطله أبو جهل

[[ اليوم وبكرة ، اليوم وبكرة... لغة النصابين .. إمام النصابين أبو جهل ]] ، فجاء هذا الرجل إلى قريش وهم جالسون في أنديتها ، ولم يكن أبو جهل جالساً معهم ، وناشدهم كعبتهم وحرمتهم ، أن ينصروه ويأخذوا له حقه من أبي الحكم ، فوجد المستهزؤون من أهل قريش برسول الله - صلى الله عليه وسلم -

أن هذا الموقف فرصة لهم أن تعوض قريش موقف أبي جهل السابق .
فقالوا للرجل : لا يأتي إليك بالمال إلا ذلك الرجل الذي عند الكعبة يقصدون محمدا، [[ يعني كلمة محمد ، ما بتصير اثنين عند أبو الحكم ]]

يريدون ، الاستهزاء برسول الله ، فجاء هذا الرجل إلى رسول الله وكلمه بشأن المال فذهب - صلى الله عليه وسلم - معه إلى بيت أبي جهل ، وأرسلت قريش خلفهما خادما يستطلع لهم الخبر . فلما اقترب - صلى الله عليه وسلم - من باب أبي جهل ، وقرع الباب ، قال أبو جهل :

من بالباب ؟!! قال : محمد ، أخرج إلي . يقول الرجل الذي مع النبي [[وقد أسلم فيما بعد ]] فخرج أبو جهل منتقعا لونه ، يرتعد ويرتجف .. وقال : نعم يا ابن سيد قومه ، نعم يا ابن عبد المطلب .. ما حاجتك ؟ فقال له - صلى الله عليه وسلم - : أعط هذا الرجل حقه .

قال أبو جهل : نعم ، لا تنصرفوا حتى أعطيه حقه ، فدخل وجاء بأكياس فيها الدراهم وأعطى الرجل المال . وقال له أبو جهل : هل أخذت حقك ؟
قال له الرجل : نعم .
فقال أبو جهل : فاشهد يا محمد أني أعطيته حقه .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل : اذهب فقد أخذت حقك .
فذهب الرجل إلى أندية قريش . وقال لهم : لقد أخذت حقي!! فتعجبت قريش من الرجل !!!!!

ثم جاء الرجل الذي أرسلوه لكي يستطلع لهم الخبر، قالوا له : ما الخبر ؟ !!! فقال : واللات والعزى لم أر عجباً مثل اليوم ، ما إن قرع محمد الباب على أبي الحكم ، حتى خرج أبو الحكم منتقعا لونه، يرتجف لا يملك نفسه . . . الخ

و أعطى المال للرجل . وهو يحدثهم بما جرى ، دخل عليهم أبو جهل قالوا له : أبا الحكم ، ويلك !!أرسلنا محمداً إليك لننال منه فكيف حدث ذلك ؟!! قال لهم : لو رأيتم ما رأيت !!! قالوا له : عُدنا لما ترى !!! قال : واللات والعزى وأنتم تعلمون أني لا أخشى أحدا ؛ لقد حصل معي مثل ما حدث عند الكعبة ، وهز صوت محمد أيضا البيت كأنه صاعقة !!!! فلا تلوموني فيما حدث . فضحك القوم من أبي جهل ، وقالوا : قد سحرك محمد !!!

ومع هذا كله لم يؤمن أبو جهل ؛ وضاق جدا بهذا الموقف ، لأنه أصبح سخرية عند قريش : أبو الحكم [[ أبو جهل ]] يخاف من محمد !! فاشتعل الغيظ في قلب أبي جهل ، وأراد أن يحفظ بعض الشيء من كرامته ، فقام بأسلوب بطش آخر مُعاد للنبي الكريم و للإسلام ، لكن ذلك كان سببا في إسلام حمزة أسد الله ، وسيد الشهداء - رضي الله عنه - وأرضاه.
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-02-20, 07:51 AM
هذا الحبيب « 60 »

السيرة النبوية العطرة (( إسلام أسد الله و رسوله ، سيد الشهداء ، حمزة بن عبد المطلب - رضي الله عنه -))

_____

في أواخر السنةِ الخامسة من النُّبوَّةِ تقريبا ، كان قد حدث في مكة أمر جلل، كان بمنزلة حجر زاوية ، تَغيّر بعده مسار الدعوة تمامًا، واختلفت بسببه استراتيجية المؤمنين في مواجهتهم ضد أهل الباطل في مكة المكرمة، وزادها الله تكريمًا وتعظيمًا وتشريفًا .هذا الحدث كان إسلام حمزة بن عبد المطلب - عم رسول الله عليه الصلاة و السلام . وكانت قصة إسلامه غاية في العجب، تظهر فيها بوضوح معاني الآية الكريمة:

{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} القصص.
كان حمزة أقوى رجل في قريش في ذلك الوقت ، وكان عمره ٤٧ سنة ، وهو أسن من رسول الله بعامين اثنين تقريبا ، وهو عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخوه في الرضاعة
[[ وقلت لكم من قبل أرضعتهما ثويبة ، جارية أبو لهب ]]


،وقد كان حمزة هو رفيق طفولة النبي - صلى الله عليه وسلم - والرسول يحبه حباً كبيراً، كان ضخما وقويا ، لا يتعدى على أحد ، تجده لطيفا خلوقا ، يتمتع بالحلم والأخلاق الطيبة ، شخصية محبوبة جداً في قريش ، صيّادا ماهرا [[ مش كم إبرة بالعضل تنفخه يشوف حاله ويتفلت على أبوه وعلى الناس ]] .
أسلم حَمزةُ بنُ عبد المطلب رَضي اللهُ عنه. وسببُ إسلامِه : أنَّ أبا جَهلٍ مرَّ برسولِ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يومًا عند الصَّفا، فآذاه أبو جهل ، ونال منه، ورسولُ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ساكِتٌ لا يُكلِّمُه،

{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا} ، ثم ضَرَبه أبو جَهلٍ بحَجَرٍ في رأسِه فشَجَّه حتى نَزَف منه الدَّمُ، ثم انصَرَف عنه إلى نادي قُرَيشٍ عند الكعبةِ فجَلَس معهم، وكانت مولاةٌ لعَبدِ الله بنِ جُدعانَ في مَسكَنٍ لها على الصَّفا ترى ذلك، وأقبل حَمزةُ من القَنْصِ مُتَوَشِّحًا قَوسَه، فأخبَرَتْه المَولاةُ بما رأتْ من أبي جَهلٍ، قالت الجارية :

"يا أبا عمارة ( حمزة ) ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفًا من أبي الحكم بن هشام؟ وجده هاهنا جالسًا فآذاه وسبه، وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه محمد لم يكلمه".
كان حمزة هو الوحيد الذي يدافع عنه من بين أعمامه، لكن أين بقية الأعمام؟ أين أبو لهب؟ إنه من أشد المحاربين له، لا أحد منهم يتذكر أخاه عبد الله والد محمد ، فهل إذا كان حيًّا كان سيحدث مثل هذا الموقف؟! وأين بنو هاشم وبنو عبد مناف؟ وهل يصل الموقف لأن يَضرب أبو جهل محمدا ؛ أشرف شرفاء بني هاشم وأشرفهم على الإطلاق؟! أوَ يصل الوضع إلى هذا الحد ونحن نشاهده بأعيننا؟!

الظلم الشديد الذي تفاقم ووصل إلى هذه الدرجة ، كان قد حرك هذه العواطف وتلك المشاعر والأفكار في قلب حمزة وعقله، فغَضِب حَمزةُ وخرَج يسعى، [[ صار الدم يغلي في دماغ حمزة]]

لم يقِفْ لأحدٍ، مُعِدًّا لأبي جهلٍ إذا لَقيَه أن يوقِعَ به، فلمَّا دَخَل المسجِدَ قام على رأسِه وقال له: "يا مُصَفِّرَ اسْتِهِ ( عبارة للتحقير )، تَشتُمُ ابنَ أخي وأنا على دِينِه!" ثم ضَرَبه بالقَوسِ فشَجَّه شجَّةً مُنكرةً. وقال له : ردها علي إن استطعت !! [[ إذا رجال قوم ردلي الضربة ]] .
ثم نظر إلى الجالسين حول أبي جهل والغضب في عينيه : ألا يواجهني فيكم رجل ؟ يقول راوي الحديث: فانسل القوم انسلالا

[[ يعني هربوا من المجلس ذليلين ]]

لا أحد يستطيع أن يكلم حمزة .
يقول حمزة - رضي الله عنه - وأرضاه : ثم جلست أفكر؛ ما هذا الذي فعلته ؟ هل أنا أصبحت على دين محمد ؟؟ ما هو دين محمد ؟؟ [[ هو كان لا يهتم بكل أمور مكة ومشاكلها كان مغرما بالصيد ]] .

وبدأ يحدث نفسه : هل أنا أخطأت أم أصبت ؟ و أخذ الشيطان يوسوس له ، فخاطب السماء إن كان دين محمد على حق أن ينشرح صدره له. قال : ونمت وأنا على هذه الحال
.
حتى إذا أصبح الصباح ، مضيت إلى رسول الله وقلت : يا ابن أخي ، أنت تعلم ما وقع مني بالأمس ، وأنا في حيرة ... لقد قلت أنا على دينك .

اقرأ علي شيئاً من الذي أنزل عليك ، فإنّي أحب أن أسمع منك . فقرأ عليه - صلى الله عليه وسلم - من آيات الله ، فلما انتهى، قال حمزة: أيّ والذي بعثك بالحق ، إنه لحق . أشهد أنك الصادق . فوالله ما أُحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول

[[ يعني بعد سماعي كلام الله ، أصبح الآن الإسلام أحب الي من الدنيا كلها وما فيها ، لو أعطوني ملك الأرض لا أحب أن أرجع لديني القديم ]] .

يا رسول الله ، عندما أذهب إلى الصيد وأتأمل الليل والنهار أقول لا يمكن أن يكون هذا قد خلقه اللات والعزى {{ أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله}} . فأسلم أسد الله ورسوله سيد الشهداء {{حمزة بن عبد المطلب }} - رضي الله عنه - وأرضاه وفرح المسلمون بإسلامه الذي يعتبر قوة أخرى للمسلمين .
____________

اللهم اجمعنا به - صلّ الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-03-20, 08:06 AM
هذا الحبيب « 61 »

السيرة النبوية العطرة (( قريش تضعف أمام قوة إيمان الصحابة – بداية المفاوضات ))
_____

بعد صبر الصحابة وثباتهم في مكة على

{{ قول لا إله الا الله محمد رسول الله }} ، رأت قريش أن التعذيب للمستضعفين الذين آمنوا بالله ورسوله ، ليس منه فائدة !! فالتعذيب لا يزيدهم إلا ثباتاً ، وأصبح ويزيد عدد من يدخلون هذا الدين يوما بعد يوم !!! هنا قررت قريش ، أن تلتفت للمفاوضات .[[ أعداء الإسلام في كل زمان وكل مكان عندما يشعرون بالقهر والعجز، أول شيء يتمسكون فيه المفاوضات، وما أشبه اليوم بالأمس !!!! فملّة الكفر واحدة ]] .
لما رأت قريش أن التعذيب لا ينجح ، قالوا نجلس على طاولة المفاوضات فعرضوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - التفاوض مع قريش ،

[[ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - بُعث رحمة للعالمين وافق على تلك المفاوضات لعل الله يهدي واحدا منهم فيكون حقق فيه الرحمة، وينجو من نار جهنم ]] فبدأت المفاوضات ، وكان مندوب قريش في التفاوض مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو سيد من سادة قريش اسمه {{عتبة بن ربيعة وكنيته " أبو الوليد " }} كلمته مطاعة فيهم وعاقل ، وتعتبره قريش صاحب رأي ، وهو أعلم قريش وأعرفهم بالشعر .
ذهب عتبة أبو الوليد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي أكثر صلاته عند الكعبة ، فذهب أبو الوليد للنبي - صلى الله عليه وسلم - عند الكعبة ، فوجده يصلي ، فوقف ينتظره حتى إذا انتهى من صلاته فجلس إليه وقال له بلغة التودد عند العرب : يا ابن أخي [[هو ليس عمه ولا النبي ابن أخيه .. ولكن العرب تتودد بين بعضها فتقول لكل من تحبه أو تحب أن تكسب قلبه .. يا ابن أخي ]] يا ابن أخي يا محمد : إنك منا حيث علمت حسباً ونسباً

[[ يعني لا أحد يستطيع أن يزاود على حسبك ونسبك ، وما في داعي للمدح معروف مين أنت وما هو نسبك ]] وأنك قد أتيت قومك بأمر عظيم ، فرّقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم ، وكفّرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني يا محمد أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل مني بعضها .
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قل يا أبا الوليد وأنا أسمع.
قال : يا ابن أخي إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً ، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت تريد به شرفاً ، سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك ، وإن كنت تريد به ملكاً ، ملكناك علينا ،وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنّه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه .

[[ بعدما عرض عتبة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه العروض سكت ينتظر جواب النبي ، وقد عرض عليه عتبة الدنيا بحذافيرها العروض التي عرضها على النبي يسيل لها لعاب العظماء من البشر .. وجلس ينتظر عتبة لعل محمد يقبل بندا من هذه البنود ]] . فقال له - صلى الله عليه وسلم - .. فرغت يا أبا الوليد ؟ قال : أجل . قال : فاسمع مني .قال أبو الوليد : ها أنا أسمع ، تكلم يا محمد .
فتلا عليه - صلى الله عليه وسلم – آيات من سورة فصّلت :
بسم الله الرحمن الرحيم

{{ حم ، تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناعَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ . . . فإنّ أَعْرَضُوا فَقُلْ أنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ }} .

يقول الصحابة الذين حضروا الموقف : وكان عتبة أول مرة يسمع القرآن وأخذ يسمع ويتدبر ويصغي ، فلما وصل - صلى الله عليه وسلم -" فإنّ أَعْرَضُوا فَقُلْ أنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ " هب عتبة من مكانه وقد فزع ، وجلس على ركبيته و وضع كفه على فم النبي وقال :

أنشدك الله والرحم ، أنشدك الله والرحم يا محمد إلا كففت [[ أي توقف لا تكمل ، لأنه أعلم قريش بالشعر، عرف أن هذا الكلام ليس كلام بشر .. وكلهم يعلمون أن محمدا الصادق الأمين ، إن قال صدق ]] ثم قال عتبة : هذا آخر ما عندك يا محمد ؟؟ قال : نعم ، لقد استمعت إليك يا أبا الوليد ، وأنت ها قد سمعت مني ، فانظر ماذا ترى ؟ فقام عتبة ورجع يمشي إلى أندية قريش وكانوا ينتظرونه، فلما شاهدوا عتبة من بعيد قادما إليهم قالوا : نقسم باللات والعزى ، لقد رجع أبا الوليد بغير الوجه الذي ذهب به

[[ لأنه كان متأثرا بما قرأ عليه - صلى الله عليه وسلم - من القرآن ]] قالوا : ماذا حدث يا أبا الوليد تكلم ؟؟ قال : يا قوم تعلمون أني أعلمكم بالشعر. قالوا له : أجل، أنت أعلمنا بالشعر . قال : والله لقد سمعت من محمد كلاما ما هو بالشعر، ولا هو بالكهانة، ولا هو بالسحر .. يا قوم اجعلوها لي .

[[ يعني اتركوا الرأي لي في هذه المسألة ]] قالوا : وما رأيك يا أبا الوليد ؟قال : اتركوا الرجل بينه وبين سائر العرب [[ يعني أتركوه براحته ]


] فإنّ له نبأ !!!

[[ في خير كبير رح يكون من محمد ]]فإن ظهر فعزه عزكم ، [[ إن ظهر وانتصر دين محمد وله العزة والشرف، فأنتم رح تكونوا بمثل عزه لأنكم قومه ]] وإن أصابته العرب أصيب بغيركم [[ يعني إذا العرب حاربته وانتصرت عليه، هم اللي بيقاتلوه ويقضون عليه وأنتم مرتاحين ما إلكم علاقة ]]

أتركوا الرجل واعتزلوه . قالوا : لقد سحرك محمد يا أبا الوليد !!!
قال لهم : ها قد قلت لكم رأيي ، وقد حذركم محمد وأنتم كلكم تعلمون صدقه وأمانته ، فقد أنذركم محمد صاعقة كصاعقة عاد وثمود ، فلما قال لهم هذا التحذير تفرق القوم من فورهم؛ هربوا من المجلس !! فقد خافوا أن تكون الصاعقة في حينها ، لأنهم يعلمون أن محمدا صادق ، ولكنهم رفضوا أن يتبعوه تكبرا و تقليدا لآبائهم الأولين .

وفي قصة النبي الكريم مع عتبة بن ربيعة نتعلم إنّ حُسن الإصغاء صفة الداعي إلى الله ، و إنّ القرآن عظيم ، به تنشرح الصدور ، و ترتاح النفس ، و أيضا لا تنازل عن المبادئ مهما كانت المغريات ، هكذا تُعلمنا مدرسة محمد صلى الله عليه و سلم .
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-04-20, 07:01 AM
هذا الحبيب « 62 »

السيرة النبوية العطرة (( " عبس وتولّى " . . . استمرار المفاوضات ))

_____

بدأت لغة المفاوضات في قريش ، وسنقف عند حدث عظيم ، وقع أثناء المفاوضات [[ لنعلم عظمة هذا الدين وهذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، ولتعلم يا مؤمن كم أنت عظيم عند الله، وكم يحبك ، مهما كنت وبأي لون كنت ، وأي جنسية تحملها . أنت مؤمن إذن أنت عظيم عند الله ، لا فرق عند الله بين عربي وعجمي إلا بالتقوى ]] .

من عناوين المفاوضات : إنهم طلبوا من النبي أن يبدل الآيات التي فيها تسفيه أحلامهم وشتم آلهتهم . عنوان آخر : نؤمن بك يا محمد ، بشرط أن تعبد إلهنا يوما ونعبد إلهك يوما . فأنزل الله على نبيه :

{{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ }} .

في أحد الأيام جلسوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للنقاش ، ومع بداية الجلسة ؛ وأول ما قال النبي : إني رسول الله إليكم . . . قامت فوضى في مكة ولم يسمعوا منه شيئا .

الآن وفي هذه المرة جلسوا معه يسمعون منه مرة أخرى ، فكان - صلى الله عليه وسلم - جالسا يناقش سادة قريش ، لعل الله يلين قلب واحد منهم فيؤمن ، وأثناء ذلك جاء رجل من فقراء المسلمين السابقين للإسلام اسمه {{ عبدالله بن أم مكتوم - رضي الله عنه - وأرضاه }} رجل أعمى يفقد بصره ، أقبل ابن أم مكتوم، [[ وكلنا يعرف أن الأعمى لا يدري هل ثيابه مناسبة أم لا. . . وقلما يراعي هيئته لأنه أعمى ]] ،

فكل المواصفات حول هذا الرجل القادم تجعل سادة قريش وأعيانهم ، تنفر منه .أقبل الأعمى يسأل عن النبي، أين أجده ؟ قالوا له : تجده في نادي قريش . فأقبل وكان يريد من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يزداد إيمانه لعل قرآنا نزل ؛ فقد اشتاق لكلام الله ، اشتاق المحب لحبيبه ، ذاق طعم الإيمان فجاء يستزيد و يطلب ما يروي قلبه .

فلما اقترب من نادي قريش وسمع صوت النبي يتكلم معهم قال : السلام عليك يا رسول الله، علمني مما علمك الله . وكره النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا القدوم في هذه اللحظة وهذه المقاطعة ، لأنه يحب أن يستميل قلوب قريش لعل الله يهديهم ، ووجود مثل هذا الرجل ينفرهم لأن سادة قريش لا ترضى الجلوس مع الفقراء والعبيد ،

والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم طبيعة أنفسهم ، فهم رفضوا هذا الدين الذي يجعل السيد والخادم سواسية .

قال تعالى :

{{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم }} ، لكنّ قريشا لا تريد هذه اللغة ، يريدون السيد سيدا ، والخادم خادما ، وعند الله {{ كلكم من آدم وآدم من تراب }}

ما أعظمك يا الله!! ابن أم مكتوم أدرك أن النبي سمع صوته، ولكنه لم يقطع كلامه ويرد عليه ، واستمر النبي في حديثه مع قريش ، ولم يُعطه اهتماما ، فجعل جنبه لجهة عبد الله بن أم مكتوم ، وقد ظهر على وجهه ملامح الضيق وعدم الرضا من هذه المقاطعة ،

واستقبل – صلى الله عليه وسلم - بوجهه سادة قريش ، [[ سادة قريش في سعادة لأن النبي أعطاه جنبه واستقبلهم بوجهه ، وابن أم مكتوم طبعا لا يرى الموقف ، ولكن سادة قريش أخبروه بالتأكيد ]] .

ولكن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يعطي النبي وقريشا وابن أم مكتوم والمسلمين جميعهم إلى قيام الساعة درسا عظيما : من قال لا إله إلا الله فهو عندي عظيم ، نزل جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بسورة سماها بحال المشهد " سورة عبس " .


بسم الله الرحمن الرحيم

{{ عَبَسَ (تغير وجهه الشريف - صلى الله عليه وسلم ) وَتَوَلَّى (أعرض بوجهه الشريف - صلى الله عليه وسلم ( ، أن جَاءَهُ الأَعْمَى (عبد الله ابن أم مكتوم) ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ( يتطهر.) ، أَوْ يَذَّكَّرُ ( يتعظ ) فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ( يستفيد منها ) . . . }} .

. . . و بعد نزول هذه الآيات ، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس ودخل عليه ابن أم مكتوم ؛ وقف وابتسم وفتح ذراعيه مُرحباً وقال له : يا مرحباً يا مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ، وكان يكرمه - صلى الله عليه وسلم - غاية الإكرام ويجلسه بجانبه .

وكان - صلى الله عليه وسلم - كثيراً ما يقرأ في صلاته الجهرية " عبس وتولى " فيقول له ابن أم مكتوم : تمنيت أن الله لم ينزلها ، من أنا حتى يعاتبك الله بي يا رسول الله ؟!!

يقول الصحابة :

استخلفه - صلى الله عليه وسلم - على المدينة أكثر من عشرين مرة ، فوالذي لا إله إلا هو ما سمعنا ابن أم مكتوم يوماً قرأ في صلاته الجهرية " عبس وتولى" أبداً .. فسألوه لم لا تقرؤها ؟؟ فقال : من أنا حتى أقرأ سورة عاتبت النبي من أجلي ؟؟؟

هذه مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم .

____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-04-20, 07:02 AM
هذا الحبيب « 63 »

السيرة النبوية العطرة (( استمرار المفاوضات . . . انشقاق القمر ))
__________

ما زال حديثنا في السيرة مع المفاوضات ، قالوا : يا محمد ، أنت تزعم أنك نبي يوحى إليه ، نريد منك معجزة ، كالتي كانت على أيدي الأنبياء قديماً فسليمان نبي الله سخر له الريح ، وموسى سخر له البحر ،وعيسى كان يحي الموتى ، نريد منك أن تطلب من الله أن يبعد عنا هذه الجبال التي تحيط بمكة ، وأن يفجر لنا الأرض أنهارا ، فنزرع ونأكل ، وأن تقلب لنا جبل الصفا ذهبا ؛ فنزل قول الله تعالى

{{وَمَا مَنَعَنَا أن نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أن كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ }} ، بمعنى هذه الآيات التي طلبها أهل قريش لو نفذها الله تعالى واستمروا على كفرهم، فسيهلكهم الله تعالى كما أهلك الأمم السابقة، ولذلك لم يرسل الله تعالى هذه الآيات لعلهم يؤمنون .فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه يعلم سُنة الله في خلقه ، فإنّ طلبوا المعجزة ولم يؤمنوا أخذهم العذاب .

لكن قريشا أصرت على طلب معجزة . قالوا : يا محمد ، إن لم تأتنا بمعجزة لا نؤمن لك أبداً . فقال لهم ، وماهي ؟ !!

قالوا : هذا القمر ، أليس هو من خلق ربك وتقول إن ربك على كل شيء قدير ؟ اسأل ربك يا محمد أن يقسمه نصفين ، حتى يكون نصفه عند جبل غار حراء ، والنصف الآخر عند جبل أبي قبيص ، فإنّ فعل ربك هذا آمنا بك وصدقناك .

[[ وكان وقت الغروب وليلة النصف من شعبان فكان القمر بدرا ]] . وطمع بإسلامهم لأنه مبعوث رحمة للعالمين - صلى الله عليه وسلم - قال : إن شاء ربي فعل ، وإن فعلت ذلك ، هل تؤمنون ؟! قالوا : نعم .
فتوجّه - صلى الله عليه وسلم - إلى الله بالدعاء . فانقسم القمر نصفين حتى ابتعد عن بعضه ، والقوم ينظرون وقد ذهلوا !!! وأصبحوا يرون الكعبة من بين النصفين !!! وكان هذا الانشقاق يراه كل من في الأرض .
ثم نادى - صلى الله عليه وسلم - :

يا بني كذا اشهدوا ، يا بني كذا اشهدوا ، يا بني كذا اشهدوا . . . ينادي على قبائل قريش . فلما رأت قريش القمر مقسوما نصفين قالوا : يا محمد ، هل يستطيع ربك أن يرده كما كان ؟؟ قال لهم : نعم . قالوا له : اسأله أن يرده . فقال : اللهم رده .. فرد القمر كما كان حتى أصبح بدراً .

فوقف أبو جهل ، وصرخ وقال : هذا سحر يؤثر .. واللات يا قوم لقد سحركم محمد !!! ثم قال: اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي، فإنّ أخبروا بانشقاقه فهو صحيح ، وإلا فقد سحر محمد أعيننا . فجاء أهل البوادي وجاء المسافرون من أسفارهم ، فاخبروهم أنهم في ليلة كذا في ساعة كذا انشق القمر نصفين . فقال المشركون : هذا سحر مستمر

[[ يعني سحر سيذهب وينتهي أمره ]] . فانصرفوا عن النبي مكذبين غير مؤمنين .
وحزن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله عليه الآيات مواسيا له.

بسم الله الرحمن الرحيم

{{ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ۝ وَإن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ۝ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ۝ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأنباء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ۝ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ }}
. . . يتبع
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-05-20, 07:06 AM
هذا الحبيب « 64 »

السيرة النبوية العطرة (( مفاوضات الوليد بن المغيرة ))
__________
الوليد بن مغيرة سيد من ساداتِ قريش وزعمائها في الجاهلية، وصاحب الرأي والمشورة فيهم ، وكانوا قد عملوا له تاجاً ليتوجوه به . وله مكانةٌ في العرب وشهرةٌ قلَّما وُجدتْ في أحد، وكان يفصل فيما بينهم من مشاجرات واختلاف الرأي ، وكان وأكثرهم مالاً وولداً ؛ تزوج من لبابة بنت الحارث الهلالية أم خالد بن الوليد – رضي الله عنه - وكانت له بساتين تتصل بعضها ببعض من أطراف مكة حتى تصل للطائف ، تخيلوا كم أعطاه الله من المال !!!

وكان الوليد من ألد أعداء الإسلام ، فقد غاضه هذا الهاشمي الفقير " محمد " أن يسلبه جاهه وزعامته ، فلذلك يُروى أنه قال مُستنكِراً : أينزل على محمد قرآنا وأترك وأنا كبير قريش وسيدها، ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفي سيد ثقيف، فنحن عظيما القريتين ( مكة والطائف ) ، فأنزل الله عز وجل فيه :
" وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ "

لما رأت قريش الآيات تُرَد عليهم - وهم أهل شعر - علموا أنه ليس قول محمد ، وأن هناك قوة خارقة ترُد عليهم وتحفظ كيان النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا ازدادت أعداد الداخلين في الإسلام، فتشاوروا : ماذا نصنع الآن ؟؟ فقال لهم {{ الوليد بن المغيرة}} : ألا أكفيكم محمداً ؟؟

قالوا : بلى ، فقام الوليد بن المغيرة ، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذ يفاوضه ويجادله ، فلما انتهى من الكلام قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أفرغت ؟ قال : نعم . قال : فاسمع مني

{{ وقرأ عليه - صلى الله عليه وسلم - آيات من القرآن الكريم }} . فخرج الوليد من عنده متغير اللون متأثرا - وكان عارفا جيدا للأشعار رجزها وقصيدها - ، فلما دخل على قريش قالوا له : ما الخبر ؟!! قال : يا قوم ، لقد سمعت من محمد كلاما ما هو من كلام الإنس ، ولا من كلام الجن !! {{ وإن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وإنه ليعلو و لا يعلى عليه }} قالوا له : لقد سحرك محمد !!! فتركهم ومضى .
واعتقدت قريش أنه سيدخل في دين محمد ، وبهذا سيتبعه الكثير من الناس ؛ فهو سيد ومن دهاة العرب ، وستضعف هيبة قريش أمام المسلمين، وهي تعرف عظمة القرآن لكنها تكبرت عليه . وعندما انصرف الوليد لبيته قالت قريش : واللات إن دخل الوليد بدين محمد لتخرج قريش كلها معه ، فأصابهم حزن شديد ، ولا يدرون ماذا يفعلون .فقال شيطان هذه الأمّة وفرعونها [[ أبو جهل ]] قال : لا تقلقوا أنا سأتصرف فإنّه عمّي وأنا أعلم الناس به .

فذهب إليه فوجده جالسا ، قد وضع يده على رأسه ويفكر بالآيات . قال له أبو جهل : لقد سمعت كلاما أحزنني من قريش !! فقال الوليد : ما هو ؟

قال له أبو جهل كاذبا : يقولون عرضنا على محمد المال والملك فرفض ، ونظن أن الوليد ذهب لمحمد ، ويطمع بالمال فيكون من أتباع محمد ، فيأخذ هذه العروض ، ويتقاسمها مع محمد !!! فإن كان الوليد يريد مالا ، نجمع له المال ونعطيه إياه ، ويبعد عن محمد . فغضب الوليد من هذا الكلام [[ يعني من هم حتى يجمعوا لي المال و أنا أغناهم ]] . قال له : قم بي إلى قريش .

فلما وصلا لنادي قريش " وقد أراد الوليد بن المغيرة أن يُرضي قريشا " فقال لهم : يا معشر قريش ، تزعمون أن محمدا مجنون ، هل سمعتموه يزمجر كما يصنع المجانين ؟ قالوا له : لا .قال : تزعمون أن محمدا كاهن ؛ فهل رأيتموه يوماً يتكهن ويفعل كما تفعل الكهنة ؟!! قالوا له : لا . قال : تزعمون أن محمدا شاعر ؛هل سمعتموه يوماً قال شعراً ؟هل سمعتموه يكذب ؟

قالوا : لا .

[[ ولاحظوا معي : إن الذي سمعه من النبي ليس كلام بشر ولا جن ، فهو يعرف أنه قرآن ، ولكن يريد أن يكذب قناعته ، من أجل أن يرضي قريشا ]] .
قال : أعتقد أن محمدا ساحر ، ألا ترون إذا قرأ شيئا مما يقول عنه
القرآن ؛ يفرق بين المرء وزوجه ، والولد وأبيه وأهله ، فلا يعود يعرف أهله ، ولا أهله يحبونه ؟ فارتجت قريش كلها بالتصفيق والتصفير والفرح . قالوا: نبعث لأهل مكة والقبائل خارج مكة رجالا ، ونقول لهم إن محمدا ساحر، وقد تفوق على جميع السحرة .. وانتشر الخبر ، فحزن - صلى الله عليه وسلم - من هذا الكلام، فأنزل الله عليه جبريل مواسياً له بهذه الآيات :

بسم الله الرحمن الرحيم

{{ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا * ثُمَّ يَطْمَعُ أن أَزِيدَ * كَلَّا أنهُ كان لِآيَاتِنَا عَنِيدًا * سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا * إنهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إن هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إن هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ . . . }}

وقد نزلت في الوليد بن المغيرة آيات كثيرة تبيّن صفاته السيئة ، وذلك بسبب شدة عدائه للمسلمين، نذكر منها بعض ما ورد في سورة القلم :
{حَلَّافٍ } : كثير الحلف وهو كذاب، { مَّهِينٍ } : خسيس النفس، ناقص الهمة . { هَمَّازٍ } : كثير العيب للناس والطعن فيهم بالغيبة والاستهزاء، { مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ } :
نقل كلام بعض الناس لبعض، لقصد الإفساد بينهم، وإلقاء العداوة والبغضاء.

{ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ }:
بخيل في أداء حقوق الناس بالمال وغيره.
{ مُعْتَدٍ } :على الخلق في ظلمهم، في الدماء والأموال والأعراض . { أَثِيمٍ } : كثير الإثم والذنوب المتعلقة في حق الله تعالى .
{ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ } : غليظ شرس الخلق قاس غير منقاد للحق . { زَنِيمٍ } : له زنمة مثل زنمة الشاة " قطعة لحم متدلّية " ، أي أن الوليد بن المغيرة مشهور بالسوء و العمل القبيح كشهرة الشاة ذات الزنمة بين أخواتها .
اللهم عليك بأعداء الإسلام فإنهم لا يُعجزونك . . .
__________

( اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم )

عطاء دائم
10-05-20, 07:08 AM
هذا الحبيب « 65 »

السيرة النبوية العطرة (( انتهاء المفاوضات ، الهجرة 1 إلى الحبشة ))
_____
انتهت المفاوضات ولم تفض إلى أي اتفاق ، فلما رأت قريش أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يستجيب لهم ،
وأنهم لن يؤمنوا به أبداً ، وأن أتباعه يزدادون يوماً بعد يوم ؛ حتى دخل في دينه بعض أبناء أشراف قريش، رجعت قريش للغة القسوة ، والتعذيب ، فاجتمعوا واتفقوا في اجتماعهم ، على بند جديد هو: لا يكفي تعذيب العبيد والمستضعفين ،فليذهب كل رجل إلى أهله وأقاربه ، ويعذب منهم من آمن بدين محمد ، كما يعذب العبيد والخدم .

فوقع العذاب على العبيد وعلى أشراف قريش على يد أهلهم . وقالت قريش لبني هاشم : ها نحن نعذب أبناءنا ، فلم لا تلحقوا العذاب بابن أخيكم محمد . فقام أبو طالب بحمايته ، وهو كبير بني هاشم وقال قصيدة استنفر فيها ضمير بني هاشم ، فلم يقرب أحد على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل أعلن بنو هاشم في مكة كلها ، أننا درع نحمي محمدا ، ولن يناله سوء ما دامت عين هاشميّ تطرف في هذه الحياة .

فلما رأى - صلى الله عليه وسلم - أنه في منعه في أهله ، وغيره معذبون ، لم يرض لهم التعذيب ، ولا يملك لهم من الأمر شيئا ، فقال لهم : أرى أن تتفرقوا في البلاد ،حتى يأذن الله بجمعكم . قالوا: أين نذهب يا رسول الله ؟؟ قال : إلى الحبشة ، فإنّ فيها ملك لا يُظلم عنده أحد

فخرج من كان يقدر على الخروج من أصحابه ، فكان أول المهاجرين هو {{ عثمان بن عفان - رضي الله عنه - خرج وزوجته رقية بنت الرسول - صلى الله عليه وسلم - }} ، فلما خرج عثمان مع زوجته رقية بنت النبي تشجع باقي الصحابة للهجرة إلى الحبشة ، و الخارجون في الهجرة الأولى كانوا على الأرجح { 11 } رجلا و { 4 } نسوة .
وهنا لنا وقفة مع {{ عامر بن ربيعة وزوجته ليلى }}

عامر وزوجته ، كانوا ممن يعذبان في قريش فلما جهزا متاعهم للسفر وكانت الهجرة في الليل ، تقول ليلى : ذهب زوجي عامر يتفقد الطريق قبل خروجنا ووقفت أنا عند المتاع ، فإذا بعمر بن الخطاب يمر بدارنا ، وكان أشد أهل قريش لنا إيذاء ، فلما رآني نظر إلى المتاع ، ووقف وسلم ،عمتم مساء [[ مش من عادة عمر يسلم من عادة عمر يضرب]]

قالت :وأنت يا ابن الخطاب !! قال : ما الخبر [[ ايش بتعملوا ]] ، قالت : آذيتمونا في الله وفي ديننا فنحن نريد أن نضرب بالأرض [[ يعني نهاجر ، شايفين عزة الإيمان !!

امرأة ضعيفة تقف بوجه عمر أشد الناس بطشا في قريش ]] .

تقول ليلى : رقّ عمر رقة لم نعهدها عليه من قبل ، وقال : صحبكمُ اللهُ يا ليلى . قالت : فلما رأيته بتلك الطيبة، فرجوت أن يسلم تلك الساعة .. ثم جاء زوجي عامر و أخبرته بما حدث ، تقول : فجفل زوجي

[[ يعني خاف وتوقف عن الحركة من الخوف ]] فقلت : لا عليك ، لا تخف ، لقد رأيت منه طيبة لم أرها عليه من قبل ، لو رأيت عمر يا عامر ، ورِقَّته وحزنه علينا!!! قال: أطمعتِ في إسلامه؟ قالت: نعم .

قال: فلا يُسلم الذي رأيت حتى يُسلم حِمَارُ الخطاب [[ مستحيل يسلم عمر ، فتخيلوا كيف كان عمر شديد البطش عليهم!! ]]
ثم انطلقا مهاجرين . . .
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-06-20, 06:40 AM
هذا الحبيب « 66 »

السيرة النبوية العطرة (( إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -))
________

كان لعُمرَ بنِ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه بأسٌ وقوَّةٌ يُعرَفُ بها قبلَ الإسلامِ ، وكذلك كان أبو جَهلٍ، واسمُه: عَمرُو بنُ هِشامِ بنِ المُغيرةِ المَخْزوميُّ؛ فكان النَّبيُّ يطمَعُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في إسلامِهما، لِما سيُعطيانِه للإسلامِ مِن العِزَّةِ والمَنَعةِ ، وكانت الدعوة تمر بمرحلة شديدة الحرج، وكان بعض المسلمين قد خرجوا إلى الحبشة ، و هنا يروي عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنهما: " إنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم - قال: اللَّهمَّ أعِزَّ الإسلامَ

( قَوِّه وانصُرْه رافعًا لشأنِه على الكفرِ ) بأحَبِّ هذَينِ الرَّجُلينِ إليكَ؛ بأبي جَهلٍ أو بعُمَرَ بنِ الخطَّابِ وكان أحَبَّهما إليه عُمَرُ " .

نبدأ بوصف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث كان عمره عندما أسلم {{ ٣٦ عاما }} على الأرجح ، وكان معروفاً بالقوة البدنية ، وكان طويلا جدا ، حتى قيل إنه إذا ركب فرسه بلغت قدماه الأرض، وكان أبيض البشرة ، أصلع طويل اللحية وكان في أطراف لحيته شقار، من نظر إليه ، يعلم قوته وحزمه وصرامته - رضي الله عنه - ، رجل له هيبته ، جهوري الصوت ، كان له منزلة رفيعة في قريش ، وكان من أشجع رجال قريش وأقواهم، وكان عمر عنيفا شديد البأس، وقد عمل بالتجارة .

كان قبل إسلامه كثير الأذى للمسلمين ويضمر لهم العداء ويسعى إلى القضاء على الإسلام وعلى هذه الدعوة الجديدة التي رأى أنها فرقت قريش وساوت بين السادة والعبيد، وكانت عداوته لا تقل في عنفها عن عداوة أبي جهل، وكان ممن شارك في تعذيب ضعفاء المسلمين بيده

وكان كثير التضييق على الرسول - صلى الله عليه وسلم - لدرجة أنه كان يسير خلف رسولنا الكريم ويمنع الناس من الحديث اليه ، أو الاستماع إليه، ولا يتركه إلا عند دخول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته – وبعد إسلامه كان يبكي ندما على هذه الأفعال رضي الله عنه و أرضاه .

وردت عدة روايات في قصة إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – وهذه الروايات لم تأت بسند معتمد ، فضعّفها أغلب أهل العلم ، و سأورد روايتين استأنس بهما أهل العلم . و القاسم المشترك بين روايات قصة إسلام عمر أنّه أسلم – رضي الله عنه - بسبب سماعه القرآن الذي هو شفاء وهُدى للعالمين ، فالله سبحانه وتعالى استجاب لدعوة نبيه بأن يسّر لعمر من الأسباب التي تقوده إلى الإسلام ؛ ففتح سمعه وقلبه لآيات القرآن الكريم .. . . والله أعلم .
الرواية الأولى :

إن سبب إسلامه سماعه لتلاوة النبي - صلى الله عليه وسلم - للقرآن عند الكعبة؛ فقد روى هذا الإمام أحمد في "المسند" (1 / 262) حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ:

" خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ( الكعبة ) ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَقَرَأَ: ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ )، قَالَ: قُلْتُ: كَاهِنٌ، قَالَ: ( وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِّنْ رَّبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، قَالَ : فَوَقَعَ الْإِسْلامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ. "
الرواية الثانية :

روى هذه الحادثة ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (3 / 267)، وابن شبّة في "تاريخ المدينة" (2 / 657)، وغيرهما؛ عن إِسْحَاق بْنِ يُوسُفَ الْأَزْرَق، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
خَرَجَ عُمَرُ مُتَقَلِّدَ السَّيْفِ ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ قَالَ : أَيْنَ تَعْمِدُ يَا عُمَرُ ؟ فَقَالَ : أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ مُحَمَّدًا ، قَالَ : وَكَيْفَ تَأْمَنُ فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي زُهْرَةَ وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا ، ؟ قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ صَبَوْتَ وَتَرَكْتَ دِينَكَ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ، قَالَ : أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى الْعَجَبِ يَا عُمَرُ ، إِنَّ خَتْنَكَ ( يقصد سعيد ) وَأُخْتَكَ ( يقصد فاطمة ) قَدْ صَبَوَا وَتَرَكَا الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَمَشَى عُمَرُ ذَامِرًا حَتَّى أَتَاهُمَا وَعِنْدَهُمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ يُقَالُ لَهُ : خَبَّابٌ


قَالَ : فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابَ حِسَّ عُمَرَ تَوَارَى فِي الْبَيْتِ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ : مَا هَذِهِ الْهَيْنَمَةُ الَّتِي سَمِعْتُهَا عِنْدَكُمْ ؟ قَالَ : وَكَانَوا يَقْرَؤُونَ طه ، فَقَالَا : مَا عَدَا حَدِيثًا تَحَدَّثْنَاهُ بَيْنَنَا ، قَالَ : فَلَعَلَّكُمَا قَدْ صَبَوْتُمَا ؟ قَالَ : فَقَالَ لَهُ خَتْنُهُ :

أَرَأَيْتَ يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ ؟ قَالَ : فَوَثَبَ عُمَرُ عَلَى خَتْنِهِ فَوَطِئَهُ وَطْأً شَدِيدًا ، فَجَاءَتْ أُخْتُهُ فَدَفَعَتْهُ عَنْ زَوْجِهَا فَنَفَحَهَا بِيَدِهِ نَفْحَةً فَدَمِيَ وَجْهُهَا ، فَقَالَتْ وَهِيَ غَضْبَى : يَا عُمَرُ ، إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي غَيْرِ دِينِكَ ، اشْهَدْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ .

فَلَمَّا يَئِسَ عُمَرُ قَالَ : أَعْطُونِي هَذَا الْكِتَابَ الَّذِي عِنْدَكُمْ فَأَقْرَؤُهُ ، قَالَ : وَكَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ الْكُتُبَ ، فَقَالَتْ أُخْتُهُ : إِنَّكَ رِجْسٌ وَلَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ، فَقُمْ فَاغْتَسِلْ أَوْ تَوَضَّأْ ، قَالَ : فَقَامَ عُمَرُ واغتسل أو توضّأ ثُمَّ أَخَذَ الْكِتَابَ فَقَرَأَ طه حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ : { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ، وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي.
فَقَالَ عُمَرُ : دُلُّونِي عَلَى مُحَمَّدٍ ، فَلَمَّا سَمِعَ خَبَّابٌ قَوْلَ عُمَرَ خَرَجَ مِنَ الْبَيْتِ فَقَالَ : أَبْشِرْ يَا عُمَرُ ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ - : اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ قَالَ : وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدَّارِ الَّتِي فِي أَصْلِ الصَّفَا ، فَانْطَلَقَ عُمَرُ حَتَّى أَتَى الدَّارَ. . . قَالَ : وَعَلَى بَابِ الدَّارِ حَمْزَةُ وَطَلْحَةُ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَأَى حَمْزَةُ وَجَلَ ( خوف ) الْقَوْمِ مِنْ عُمَرَ قَالَ حَمْزَةُ : نَعَمْ ، فَهَذَا عُمَرُ، فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِعُمَرَ خَيْرًا يُسْلِمْ وَيَتْبَعِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ يُرِدْ غَيْرَ ذَلِكَ يَكُنْ قَتْلُهُ عَلَيْنَا هَيِّنًا .

قَالَ : وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَاخِلٌ يُوحَى إِلَيْهِ ، قَالَ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَى عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَجَامِعِ ثَوْبِهِ وَحَمَائِلِ السَّيْفِ فَقَالَ : أَمَا أَنْتَ مُنْتَهِيًا يَا عُمَرُ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ بِكَ مِنَ الْخِزْي وَالنَّكَالِ مَا أَنْزَلَ بِالْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، اللَّهُمَّ هَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الدِّينَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَأَسْلَمَ .


وتقول الروايات أيضا :

ثم قال عمر بعد إسلامه مباشرة : بأبي أنت وأمي يا رسول الله [[ لغة الإيمان تتحول فوراً سبحان الله ]] . ألسنا على الحق إن حيينا وإن متنا ؟ قال له : والذي نفسي بيده أنتم على الحق إن حييتم وإن متم . قال عمر: لم نخفي أنفسنا وديننا يا رسول الله ؟: فلنجهر به في طرقات مكة ، ولنطف معك بالبيت يا رسول الله ، ولنصلي على أنظار سادة قريش كلها. . . والذي بعثك بالحق ، لا أدع مجلسا جلست فيه بالكفر يؤذيك ويؤذي أصحابك إلا رجعت وجلست فيه بالإيمان أؤذي به قريش وسادتها .

يقول عمر: ثم وقفت أفكر وقلت من ينقل الحديث في قريش ويبلغ أني أسلمت ؟ فتذكر رجلا اسمه جميل بن معمر ، وما إن سمع جميل بالخبر ، حتى جعل ثوبه في أسنانه، وأسرع يجري إلى نادي قريش ورجليه تضرب بظهره [[ يعني مثل الطيارة ]] وصاح بأعلى صوته : يا معشر قريش ، إن ابن الخطاب قد صبأ.. فقال عمر : لا ، كذبت والله ، ولكني آمنت .. ومن ذلك اليوم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت الفاروق ، يفرق الله بك بين الحق والباطل . سمّى النبي عليه الصلاة والسلام عمر يومئذ بالفاروق ، لأنه فرّق بين الحق والباطل وميّز بينهما، فبعد أن كان المسلمون يستخفون من الناس، أصبحوا يجهرون بصلاتهم وبدعوتهم ورسالتهم ، متحدين قوى الظلام والشرك.

. . . لقد كان الصحابي عمر بن الخطاب شديد التقوى؛ فقد كان ينهر نفسه دائماً، ويُحاسبها شديد المُحاسبة، وقد اشتُهر بالعدل الكبير فترة خلافته ، فُعرف عنه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتحصيل حقوق الناس ، وهذه هي أخلاق الصحابة في مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم .
____________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-06-20, 06:42 AM
هذا الحبيب « 67 »

السيرة النبوية العطرة (( العودة مرة أخرى إلى المفاوضات))
__________

في هذه المفاوضة قالت قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا محمد ، اطرد الفقراء والعبيد من المسلمين، ولا تجلس معهم ، إن طردتهم يا محمد ، لعلنا نتبعك . [[ يعني بيصير عنا نية نفكر بالموضوع . . . نفوس مريضة في كل زمان ومكان ]] . قال أبو طالب : يا ابن اخي ، اقبل بهذا الشرط لننظر ماذا يريدون [[ نشوف آخرتها معهم ]] ،

فيهبط جبريل بقوله تعالى :
{{ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ }}
يا محمد لا تسمع كلامهم ، هؤلاء المؤمنون خاصتي وأهل محبتي ، يبتغون مرضاتي ، لا تسمع كلامهم وتطردهم . ثم قال تعالى :

{{ وَإذا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ }}، انظروا كيف محبة الله لعباده ، أخبرهم يا محمد وقل لهم : إن الله يقول سلام عليكم يا أحبتي ، أنتم في سلام و طمأنينة عنده . فلما نزلت الآيات على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : {{ الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام }} ،

لم يقدم لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أية تنازلات [[ و كلنا نعلم أن في علم المفاوضات ، لما تكون أنت الطرف الأضعف ، فعليك أن تقدم التنازلات ]] والرسول - صلى الله عليه وسلم - في نظرهم هو الطرف الأضعف ؛ ولكن في الحقيقة لم يكن - صلى الله عليه وسلم - في أي لحظة من مولده إلى وفاته هو الطرف الاضعف نهائياً ، لأن الله معه ، قريش هم الطرف الأضعف ، ويؤكد لنا الله – عزوجل - ذلك بقوله تعالى :

{{ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ }}

[[ يعني يا رسول الله : هم يتمنون ويرجون أن تلين وتقدم لو تنازلا واحدا ، وستجدهم قدموا لك ليس تنازلا واحدا، بل تنازلات ، بس أنت اقبل بطلب واحد ، بمعنى أيامنا " طريها " ، الإنسان إذا أراد أن يلين الحديد أو محرك يضع عليه الزيت، ومن هنا جاءت كلمة {{ تُدْهِن }} من اللين ، يعني قليلا من اللين وهم سيسرعون بالتنازلات ، وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ، وهذا من بعض معاني " تُدهن " عند المفسرين ، والبعض ذكر " تُدهن " بمعنى النفاق و الخداع و الكذب والكفر . ]]

وهكذا فشلت كل مفاوضات قريش مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووجدت قريش أنها لا تزال عند نقطة الصفر، واقفة في مكانها لا تتحرك ، بينما الإسلام يتقدم وينتشر، ويكتسب مساحة جديدة كل يوم .
فلما رأت قريش فشل المفاوضات ، و إسلام عمر وحمزة وقبلها هجرة الحبشة الأولى .. جن جنون قريش ، فجاءت بمفاوضة أخيرة ، وكانت أفشل مفاوضة ، وأفشلت كل المفاوضات قبلها .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-09-20, 07:45 AM
هذا الحبيب « 68 »

السيرة النبوية العطرة ((مفاوضة فاشلة و بداية الحصار في شعب أبي طالب))
__________

جن جنون قريش ، وجاءت بمفاوضة أخيرة وكانت أفشل مفاوضة ؛ فقد جاء في بعض الروايات أنّ سادة قريش ذهبوا إلى أبي طالب وقالوا : يا أبا طالب ، نعطيك أجمل فتى في قريش ، ومعه مئتين من الإبل

[[ أجمل فتى يقصدون ، عمارة بن الوليد ، أخو الصحابي الجليل سيف الله المسلول {{ خالد بن الوليد – رضي الله عنه - }} وكان أجمل شاب في قريش ، وأبوه أغنى رجل في قريش ]]

قال أبو طالب : وما المقابل ؟؟ قالوا : تسلم إلينا محمدا فنضرب عنقه وتستريح قريش !!! فغضب أبو طالب وصاح قائلا : بئس ما تشورون به !!!!! تعطوني ولدكم أربّيه لكم ، وأعطيكم ولدي تضربون عنقه!!! لا والله لا يكون هذا أبداً . قالوا : إذن هي الحرب بيننا وبينك . قال لهم : هي الحرب .

ولكن قريشا لا تريد الحرب ، لأنها تعلم إذا قامت بينهم حرب ، ستُفني بعضها البعض . وانقسمت قبائل قريش بين مؤيد لأبي طالب ، و مؤيد لعرض قريش .
و الآن أبيّن لكم ، كيف حصل الحصار في شعب أبي طالب ؟؟
انقسمت قبائل قريش إلى فريقين الفريق الأول مع {{ أبي جهل : يؤيدون فكرة تسليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقتله }} .
الفريق الثاني مع {{ مع أبي طالب : يؤيدون حماية النبي - صلى الله عليه وسلم - بحيث أن لا يصل الفريق الأول للنبي ويمسه أذى من قريش ، وكان منهم المسلمون وغير المسلمين }} .

تعلمون أنّ اسم نبينا - صلى الله عليه وسلم – هو: {{ محمد ... بن عبدالله ... بن عبد المطلب ... بن هاشم ... بن عبد مناف }} عبد مناف ،هو جد النبي الثالث وجد الهاشميين ، وعبد مناف له أربعة أبناء : ( هاشم ، المطلب ، عبد شمس ، نوفل ) . الآن باقي عائلات قريش ، يلتقون ببعضهم البعض بالقرابة ، من أجداد أبعد بالنسب [[ يعني يلتقون بالجد السابع أو الثامن ]] .
نحن الآن موضوعنا أبناء الهواشم ( أبناء هاشم والمطلب ) أولاد العم ، كانوا طوال حياتهم يدا واحدة ، عندما قررت قريش أن تقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - استنفر أبو طالب العشيرتين بأبيات شعر، فلما سمع أبناء العم أبيات الشعر من ابن عمهم أبي طالب ، وقفوا كلهم يدا واحدة في حماية النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمون منهم والكفار .

أبناء عمهم عبد شمس ونوفل وقفوا كلهم مع باقي قبائل قريش ، ضد أولاد عمهم . أبناء هاشم والمطلب تركوا بيوتهم وأغلقوها ، ثم نصبوا الخيام في شعب أبي طالب ، واجتمعوا وكلهم يد واحدة .

لماذا نصبوا الخيام في شعب أبي طالب ؟؟

لأن بيوتهم كانت متفرقة في أحياء مكة ، نصبوا الخيام بقرب بيت أبي طالب ليكونوا جميعا بجانب بعضهم البعض ، لحماية النبي - صلى الله عليه وسلم - بمعنى ( إذا فيكم رجل واحد فليقترب من محمد . . . تهديد ) [[ من ذهب منكم عمرة ، عندما تنتهي من السعي وتخرج من باب المروة ، على اليمين عند الحلاقين هناك في تلك الساحة كان شعب أبي طالب ]] .

فقامت قريش مع قبائل أبناء عم النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد شمس ونوفل بعمل معاهدة وأجمعوا فيها على اتفاق [[ طبعا أبو لهب عم النبي ، الزوج المطيع لأم جميل كان معهم ، وهو الوحيد الذي كان ضد أخيه أبي طالب وأبناء عمومته ]] ، أحضروا صحيفة المقاطعة ، وهذه بعض نصوصها :
إننا نقاطع بني هاشم وبني المطلب ، لا نزوجهم ولا نتزوج منهم .
لا نبيع لهم ولا نشتري منهم .

إذا جاء التجار إلى مكة نشتري منهم بأعلى الأسعار فلا أحد يبيعهم .
ووقعوا الصحيفة وعلقوها داخل الكعبة .

يتبع . . .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-09-20, 07:47 AM
هذا الحبيب « 69 »

السيرة النبوية العطرة (( الهجرة الثانية إلى الحبشة ، الملك العادل ))
__________

اجتمع بنو هاشم وبنو المطلب في {{ شعب أبي طالب }} ، وتركوا بيوتهم من أجل أن يحموا النبي - صلى الله عليه وسلم - من بطش قريش . فلما رأى النبي أنه في حماية من أهله وعشيرته خاف على الصحابة المستضعفين الذين ليس لهم عشيرة تحميهم ، فأمرهم بالهجرة الثانية إلى الحبشة ، ووضع عليهم أميرا ، وهو ابن عمه ( جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - ) .

فخرج ٨٣ رجلا ، وبضع عشرة امرأة . و الذين هاجروا للحبشة أول مرة عندما عرفوا بإسلام عمر بن الخطاب رجعوا ، وقالوا : إن الأمور تحسنت في مكة ، فلما رجعوا وجدوا الأمور أسوأ من قبل ، فعادوا مع المهاجرين مرة ثانية . هاجر الصحابة إلى الحبشة ، أثناء المقاطعة و الحصار و الذي استمر ثلاث سنوات ، حتى أكل - صلى الله عليه وسلم - ورق الشجر وتشققت شفتاه .
[[ سنرجع إلى أحداث المقاطعة ، بعد أن نقف مع المهاجرين إلى الحبشة ]] .

هاجر الصحابة إلى الحبشة وأميرهم {{ جعفر }} - رضي الله عنه - عن طريق البحر . [[ الحبشة هي ما نعرفه الآن دولة أثيوبيا وأريتريا ]] وعاشوا في الحبشة ، وأخذوا يعملون فيها : منهم من عمل بالزراعة ومنهم من عمل في المصنوعات الجلدية ، وكانت أخلاقهم رفيعة ومعاملتهم طيبة ، واحترموا قوانيين البلاد وأهلها ، بالمقابل أحبهم أهل الحبشة وعاملوهم معاملة طيبة .

ووصلت الأنباء من الحبشة إلى مكة أن المسلمين في أمن واستقرار وحياة طيبة ، كما وصلت إلى قريش قصيدة أحد المهاجرين المسلمين والتي يتحدث فيها عن سعادته هو والمسلمون في أرض الحبشة . فاغتاظت قريش ، وجن جنونها لأمن وسلامة وفرح المسلمين في الحبشة ، وقالوا : أصبح لمحمد قواعد خارج مكة ، في أرض الحبشة فاجتمعوا وعقدوا مؤتمرا . . . ماذا نصنع ؟ و ما العمل مع من هاجر من أصحاب محمد ؟!! قالوا نرسل رجلين يحسنان السياسة إلى النجاشي ملك الحبشة .
[[ طبعاً النجاشي لقب لكل من يحكم الحبشة وليس اسمه ، اسمه الحقيقي {{ أصحمة بن أبجر}} تماما كما نقول : لقب {{ قيصر }} لحاكم الروم ولقب {{ كسرى }} لحاكم الفرس ]] .

قررت قريش أن ترسل اثنين من دهاتها لمقابلة النجاشي ، ومحاولة اقناعه بأن يطرد المسلمين من الحبشة ، ويردهم إلى مكة مرة أخرى. فاختاروا داهية العرب في السياسة {{ عمرو بن العاص ومعه عبد الله بن ربيعة }} حتى يكلمان النجاشي ، فيُرجع إليهم من هاجر إليه من المسلمين ،وحملوهما بالهدايا . وقالت قريش لهم : قدموا الهدايا أولاً للبطاركة

[[ هم كبار رجال الدين عند النصارى ، وحكم النجاشي قائم على النصرانية ، ويقولون إن عيسى - عليه السلام - ابن الله ]] وقولوا لهم : إن هؤلاء سفهاء من قومنا فارقوا ديننا ، وعندما تعطوهم الهدايا وتثلجوا صدورهم بها،

[[ يعني مثل أيامنا نقول : طعموا السن تستحي العين ]] قولوا لهم : إنا نريد أن نكلم النجاشي ، وأنتم أيها البطاركة أقنعوه أن يسلمهم لنا دون أن يسأل المسلمين أو يقابلهم ، لأن أصحاب محمد يعملون بالسحر ، فإذا قابلوا النجاشي سحروه فلا يسمع لأحد .

فلما وصلوا إلى الحبشة [[ نفذ الخطة عمرو بن العاص مع البطاركة بالتمام و الكمال ]] . . . لكنّ الله دائما للمشركين بالمرصاد ، فالكفار لا يُدركون أنّ الرسول - صلى الله عليه وسلم – عندما أرسل المسلمين إلى الحبشة قال لهم : " إنّ فيها ملك لا يُظلم عنده أحد " ، الكفّار ، والظالمون في زماننا لا يُدركون أنّ الله سيملؤ الأرض قسطا وعدلا ولو بعد حين . . . يا رب عليك بالظالمين ، يا رب كلنا إيمان وتصديق ويقين بأن فرجك قريب .

. . . فلما اجتمع {{ عمرو بن العاص والبطاركة بالنجاشي }} -

وكان عمرو صديقا للنجاشي وبينهم معرفة - قال النجاشي : ما الأمر يا عمرو ؟ تكلم ؟ قال : إن فينا سفهاء خرجوا عن دين الآباء والأجداد ، فلا هم بقوا على ديننا ، ولا دخلوا في دينك أيها الملك . وابتدعوا دينا لا نعرفه نحن ولا أنت !!! وقد أرسلنا أشراف قومنا حتى تردهم إلينا ، فأهلهم أعلم بهم ، وهم أولى بهم . فقال البطاركة من حوله كلهم بصوت واحد :

نعم صدق أيها الملك . فصاح الملك العادل بالبطاركة : بئس ما شهدتم به !!!! كيف أحكم بنعم قبل أن أسمع الطرف الآخر ؟؟!!! [[ هل رأيتم العدل ؟؟ لا تحكم ع شخص حتى تسمع من الطرفين ، اجعلوها قاعدة في حياتكم ، لا تسمع ممن تحب ، اسمع من الطرفين ]] .
ثم صاح بمن حوله قائلا : أرسلوا إليهم حتى أسمع منهم . قال المسلمون : يا جعفر أنت المتكلم فينا [[ جعفر الذي قال عنه - صلى الله عليه وسلم - {{ لقد أشبهت خَلْقِي وَخُلُقِي }} وكان أشبه الناس بالرسول -صلى الله عليه وسلم - ]]
ولما دخل الملك ؛ ركع الجميع إجلالاً له ، إلا الصحابة بقوا واقفين و ظهورهم مستقيمة ، فنظر النجاشي إليهم وقال : ألا تركعون لنبيكم ؟؟!!!

قالوا : لا ، لقد علّمنا نبينا أننا لا نركع إلا لله . فقال لهم : كيف تسلمون على نبيكم ؟ قالوا: نقول له : السلام عليك يا رسول الله . فسكت النجاشي ، ونظر إلى عمرو وقال :هاتي يا عمرو تكلم ، فأخبره نفس الكلام الذي قاله من قبل ، فلما انتهى قال النجاشي : قد سمعت منك ثم التفت إلى الصحابة فقال : وأنتم من المتكلم فيكم ؟؟ فتقدم جعفر أمام النجاشي ، قال :

أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ، يأكل القوي منا الضعيف ، وندفن البنات أحياء ، ونأتي كل الموبقات ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه .

[[ هل رأيتم ذكاء سيدنا جعفر أعطاه صورة الجاهلية الحقيقة القبيحة ، والنصارى يعلمون أن هذا جهل ]] .فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف المحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً . . .

فتعدى علينا قومنا فعذبونا ، وضيقوا علينا ، حتى قال لنا نبينا : اذهبوا إلى الحبشة لأن في الحبشة رجلا لا يُظلم عنده أحد . قال النجاشي : وهل تحفظ شيئا مما أنزل على نبيك ؟ قال : نعم ، وقرأ عليه شيئا من القرآن ، فدمعت عيون النجاشي ودمعت عيون البطاركة حوله . كما وصفهم ربنا في القرآن : {{ وَإذا سَمِعُوا مَا أنزِلَ إلى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ }} .

---------------------------------

يتبع . . .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-09-20, 07:49 AM
هذا الحبيب « 70 »

السيرة النبوية العطرة (( النجاشي الملك العادل ))
__________

فقال النجاشي بعدما سمع القرآن من جعفر : {{ إن الذي جاء به نبيكم وجاء به عيسى يخرج من مشكاة واحدة }} [[ يعني نور مصدره وإشعاعه من مكان واحد]] انطلقوا أنتم الآمنون ، ثم نظر لعمرو وقال : لن أسلمهم يا عمرو ولا بجبل من ذهب ، وانفض المجلس وخاب عمرو ومن معه .

ولكن عمرو داهية العرب لم يستسلم من الجولة الأولى ، فقضى ليلته وهو يفكر كيف يوقع بين المسلمين وبين النجاشي . في اليوم التالي جاء للنجاشي مودّعا، فقال له : أيها الملك ، جئت أودعك ، و أقول لك قبل سفري : إن هؤلاء الجماعة يقولون عن المسيح قولاً ، لا ترضى به أبداً ، قال : ماذا يقولون ؟ تكلم ؟ !!!! قال : سمعتهم يقولون إن عيسى بشر كسائر البشر !!! فغضب النجاشي ،لأن النصارى يقدسون عيسى ، و أرسل الملك إليهم مرة ثانية . . . . [[ وهذا درس لكل مسلم : لا يوجد مجاملة في دين الله ]] قال النجاشي :

يا جعفر، ماذا تقول في المسيح ؟؟ قال : أقول فيه ما أنزل الله على نبينا . قال : وهل نزل عن المسيح شيء على نبيكم ؟

قال : نعم . قال :هاتِ ماعندك .

فوقف جعفر - رضي الله عنه - [[ و جعفر يعلم أن الآيات مخالفة لدين الملك وللبطاركة ، وكلهم يلبسون الصليب ، وجعفر والصحابة لاجئون عندهم وفي حمايتهم !!! لكن لا مجاملة في دين الله ]]
فقرأ جعفر هذه الآيات :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكانا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إني أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إن كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إنمَا أنا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أنى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكان أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فانتبذت بِهِ مَكانا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إني نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إنسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كان أبوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كانتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كان فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إني عَبْدُ اللَّهِ آتاني الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وأوصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا كان لِلَّهِ أن يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سبحانهُ إذا قَضَى أَمْرًا فإنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }} .

فلما سمع النجاشي كلام الله من عبد صادق الإيمان لله ، أجهش النجاشي بالبكاء ، حتى ابتلت لحيته من الدموع ، وبكى البطاركة ممن حوله ، ثم قام النجاشي ، و خط في عود خشب في يده على الأرض وقال : لم يتعد المسيح هذا الخط

[[ يعني الكلام الذي سمعته لم يتعد المسيح أكثر منه ، يعني توافق أصل العقيدة ]] ثم قال لجعفر : انطلقوا في أرضي سالمين آمنين ، من سبكم غرم !! من سبكم غرم !! والتفت إلى البطاركة وقال : أرجعوا إلى عمرو هداياه .
ثم نظر لعمرو وقال له : ارجع لقومك ؛ والذي وهبني المُلك من غير رشوة لا أخذ رشوة بعبد من عباد الله ، ثم أشار النجاشي بأصبعه إلى الصحابة وقال : يا عمرو ، هؤلاء الرجال خير عندي من جبال الأرض ذهباً .

يتبع . . .

__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-13-20, 07:02 AM
هذا الحبيب « 71
السيرة النبوية العطرة (( شعب أبي طالب ))
_________

رجع عمرو بن العاص خائباً من الحبشة [[ كي لا ننسى عمرو بن العاص هو صحابي جليل - رضي الله عنه - أسلم في السنة الثامنة للهجرة ، وكان له مواقف كثيرة في خدمة هذا الدين ]] . وقد تمتع المسلمون بالأمن والأمان في الحبشة ، ومارسوا شعائردينهم بحرية تامة، وكانت محاولة قريش لرد المسملين إلى مكة قد عادت بالفائدة على المسلمين ، فقد دخل النجاشي رحمه الله في الإسلام لاحقا بعد فتح مكة.
وظل المسلمون في الحبشة، وعملوا هناك كما ذكرنا بالتجارة و الصناعة والزراعة، ومكثوا هناك حتى هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة المنورة. وهكذا أدى النجاشي دوره في حماية المهاجرين المسلمين إلى الحبشة . وعندما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم – خبر وفاة النجاشي قال: {{ مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصحَمَةَ }} فصلوا عليه صلاة الغائب .

نرجع إلى مكة ومقاطعة قريش لكل من بني هاشم وبني المطلب مسلمهم وكافرهم،كلهم سواء بالمقاطعة ( وكان ذلك أثناء وجود المسلمين المهاجرين في الحبشة ) . قلنا إن أبا طالب قام وجمع قومه ، واستجاب له بنو المطلب وبنو هاشم أبناء العم .. وخالفهم أبناء أعمامهم من بني عبد شمس وبني نوفل و وقفوا مع قريش ، ولم يتخلّ عن الهواشم إلا رجل واحد هو .. أبو لهب .
وقد قررت قريش أن تقاطع بني هاشم ، وكان من بنود تلك المقاطعة – كما ذكرت لكم - لا نزوجهم ولا نتزوج منهم ، ولا نبيعهم ولا نشتري منهم ، ولا نساعدهم ولا نقبل منهم الصلح [[حتى الصلح مرفوض ]] حتى يسلموا إليهم محمدا للسيف .
وهنا اجتمع بنو هاشم وبنو المطلب في {{ شعب أبي طالب }} ، وتركوا بيوتهم ؛ وذلك لأن بيوتهم كانت متفرقة في أحياء مكة ، نصبوا الخيام بقرب بيت أبي طالب الذي كان أول الشعب

[[ والشعب هو الطريق الضيق بين جبلين ، وكلنا يعرف أن مكة تحيط بها الجبال ]] ، ليكونوا جميعا بجانب بعضهم البعض ، لحماية النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وطال الحصار [[ هم لم يمنعوهم من الخروج ]] ،

ولكن المقاطعة كانت عبارة عن الحصار فقط ، وظل الحصار مدة { ٣ سنوات } حصار اقتصادي ونفسي قاس جدا ، فعندما كان التجار يأتون إلى مكة ، يسارع أهل مكة إليهم ويشتروها بأعلى الأسعار، حتى لا يسمحوا لهم بالشراء ، وكان أشد عداء للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقومه هو

{{ زوج حمالة الحطب أبو لهب }} ، فقد كان عنده المال الكثير، قال تعالى :{{ ما أغنى عنه ماله وما كسب }} ، كان يأتي إلى السلعة فتكون بدينار، فيقول للتاجر : أنا أعطيك عشرة أضعافها ، ولا تبعها لهؤلاء القوم .. وإذا زاد معك شيء ، أنا آخذه منك وأعطيك عشرة أضعافه . . . وقد أنفق الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل ماله خلال هذه السنوات وكذلك أمّنا خديجة - رضي الله عنها ، وأبو بكر - رضي الله عنه - وكل بني هاشم أنفقوا الكثير الكثير في هذا الحصار .

وكانت سنوات الحصار قاسية جدا ، فأكلوا ورق الشجر حتى تشققت شفاههم ، وكانت أصوات بكاء أطفالهم ترتفع في الليل والنهار من شدة الجوع ، ومرض الكثير منهم وماتوا . يقول سعد بن أبي وقاص: إنه عثر في ليلة على قطعة من الجلد، فأخذها ووضعها على النار ، ثم أخذ يمضغها ولا يقدرعلى بلعها ، يقول : وبقيت عليها ثلاثة أيام .

وكانت قريش تقوم بعمل دوريات حراسة طوال الليل والنهار على مداخل ومخارج الشعب، حتى تتأكد أنه لا يتم دخول أي طعام إلى بني هاشم ، وكانت قريش تؤذي كل من يكتشفون أنه أرسل شيئا من الطعام إلى بنى هاشم . وكان هذا الحصار يمثل ضغطا نفسيا كبيرا جدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وعلى المسلمين ، حيث كان بينهم كفار من بني هاشم ، وقد وجّهوا عتبهم ولومهم و اتهامهم إلى النبي لأنه السبب في بكاء أطفالهم ، و السبب في الألم الذي أصاب أهلهم في هذا الحصار .

ثلاث سنوات كاملة لا يصل اليهم طعام إلا ما يُهرب إليهم من خلال بعض المتعاطفين معهم، وخصوصا من تربطهم بهم صلة النسب من البطون الأخرى من قريش . يسر لهم الله بعض الرجال الذين فيهم نخوة ورجولة .. كانوا لا يرضون بهذه المقاطعة ولكن لا يستطيعون رفضها لأنها إجماع رأي في قريش .
وكان هناك رجل اسمه {{ حكيم }}
هل تذكرون هذا الاسم ؟ [[ الذي ذكرت لكم قصته في جزء حارثة بن زيد ، تكون خديجة - رضي الله عنها عمته ، وأهداها خادما وهو زيد بن حارثة ]] كان حكيم يوصل إليهم الطعام بالسر، فلقيه أبو جهل
قال : ما هذا يا حكيم واللات لا أدعك أنت وطعامك حتى أفضحك في كل مكة وهم يتجادلون ... جاء رجل اسمه
{{ أبو البختري بن هشام }} كان رجلا وجيها في قومه فسمع المجادلة بينهم . قال ما شأنك يا أبا الحكم ؟؟ رجل عنده طعام يريد أن يوصله لعمته ؟

[[ أبا الحكم اسم أبي جهل ، ولكن قريشا تناديه أبا الحكم والمسلمون أبا جهل ]] . قال أبو جهل :لا ، أجمعت قريش أن لا نوصل لهم شيئا ، فتجادل البختري مع أبي جهل ، فغضب البختري وأخذ عظمة بعير من الأرض ، وضرب بها رأس أبي جهل [[ الاثنان مشركان ]] ،

ولكن شهامة البختري ورجولة دفعته إلى ذلك . ثم قال البختري : ما رأيت في العرب لئيما مثلك يرضى أن يموت ابن عمه جوعاً وهو منعّم .

وقد كان لأبي طالب قصيدة من الشعر اسمها [[ لامية أبي طالب ]] قال عنها أهل الأدب والعلم بالشعر: فاقت كل المعلقات التي كانت معلقة على جدار الكعبة ، بلغت أبيات أبي طالب 130 بيتا - لا يسع المقام لذكرها - يذكر فيها مناقب النبي - صلى الله عليه وسلم - و يذكّر قريشا عندما استسقى لها بوجه النبي ، وألصق ظهره بالكعبة ، فأنزل الله عليكم ماء السماء غدقاً وأسقاكم بوجهه ، ولكنها الآن تطالب بقتله !!!!

{{ وأبيض يستسقي الغمام بوجهه . . . ثمال اليتامى عصمة للأرامل }} .
يتبع نهاية الحصار . . .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-13-20, 07:04 AM
هذا الحبيب « 72 »

السيرة النبوية العطرة (( نهاية حصار المسلمين في شعب أبي طالب ))
__________

. . . أبو طالب هذا الشيخ ذو الشيبة ، والذي هو الآن في العقد الثامن من العمر ، كان يخاف على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى قريش ، وكان يسهر الليل في حماية النبي - صلى الله عليه وسلم - و يأمر أولاده أن يناموا مكانه في سنوات الحصار ، و يتبادلون الأماكن معه خوفا عليه وحماية له طوال تلك المدة .
آن أوان نهاية الحصار ، وتقول بعض الروايات عن تلك النهاية :
قام رجال من قريش عندهم نخوة ، وقالوا : إلى متى نأكل ونشرب وأبناء عمنا يموتون جوعا إلى متى ؟

فذهب رجل اسمه {{هشام بن عمرو العامري }} إلى رجل آخر اسمه {{ زهير }} قال : يا زهير .. أترضى أن يموت قومك جوعاً ونحن نسمع صراخهم في الليل والنهار وأنت تأكل وتشرب ؟؟

أسألك برب البرية لو كان أخوال أبي جهل في الشعب هل يوافق على المقاطعة ؟؟ فقال زهير: لا ،لا يرضى . قال : يا زهير، إذن لم ترض أنت ؟؟هل أبو جهل خير منك ؟؟فاشتعل غضب زهير وقال له : ماذا أصنع ؟

لو أجد رجلا يقف معي !! فقال له هشام : ها أنا معك . قال زهير: ولكن نريد رجلا ثالثا معنا فإنّ الجماعة خير .. فذهبوا وضموا إليهم ثلاثة رجال فأصبح العدد {{ ٥ }} هشام و زهير و المطعم بن عدي و أبو البختري و زمعة . تواعدوا بالسر ليلاً على جبل الحجون، واتفقوا أن يجلسوا في قريش ، ورجل منهم يدخل يعترض على المقاطعة ،ثم يقومون هم بمساندته أمام قريش . في الصباح دخل زهير ووقف في نادي قريش ، قالوا له : اجلس يا زهير

فقال : لا والله ، لا أجلس . إلى متى نأكل ونشرب وبنو هاشم يموتون جوعاً ؟؟
والله لا أجلس حتى تُمزق هذه الصحيفة الظالمة . فقام أبو جهل وقال : كذبت . والله إنما كُتبت وعٌلقت بإجماع من سادة قريش . فقال رجل آخر [[ أي من الخمس رجال الذين كانوا متفقين مع بعض بالسر ]] .

فقام وقال : بل كذبت أنت والله ، ما وافقنا عليها وما رضيناها ، ولكنكم أجبرتمونا عليها ، فقام الثالث وقال : صدقتم يا قوم . فقام الرابع والخامس وقالوا : سيوفنا معكم أينما تريدون . فقال أبو جهل : هذا أمر دُبّرله من الليل !!! [[ يعني مش معقول اتفقتوا مع بعض هيك قدامنا ]]
واشتد الجدال بينهم ، وبينما هم يتجادلون نمزق الصحيفة لا نمزقها ، وإذا بأبي طالب يمر !!! فاندهش سادة قريش!! ما الذي جاء به ؟ لقد اعتزل قريشا منذ زمن ؟؟ ما الذي حدث ؟؟؟


وكان قد جلس رسول الله في صباح هذا اليوم مع أبي طالب؛ وهو لا يعلم عن موضوع الرجال الخمس واتفاقهم، لأنه كان لا يدخل عليه أحد ، ولا يخرج أيضا ؛ لأن أبا طالب كان لا يأمن عليه من قريش ، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمه : لا عليك يا عم إن صحيفتهم الظالمة قد أرسل الله عليها الأرضة [[ الأرضة تأكل الخشب و الورق، والصحيفة من جلد ،وملفوفة داخل الكعبة ، ومختومة بختم سادة قريش ، ولكنها آية من الله ]] .

فلحست كل ما فيها إلا ذكر الله ، وكان على رأس الصحيفة مكتوب " باسمك اللهم ". الرسول قال {{ لحست }} وليس {{ أكلت }} وهذا المعنى الأدق حسب الرواية .
قال أبو طالب : يا محمد هل ربك الذي يوحي إليك هو الذي أخبرك ؟

قال : أجل . فقال أبوطالب : إنك لصادق . فذهب إلى قريش ووجدهم يتجادلون مع الرجال الخمس ، فأوقف الجدال ، وطلب منهم أن يجتمع بكل سادة قريش ، وقال لهم :

يا قوم ، لقد أخبرني محمد - وكلكم يعلم أن محمدا لا يكذب – أن الله قد أرسل على صحيفتكم الأرضة فلحست كل ما فيها إلا {{ اسم الله }} ولم يبق من ظلمكم وقطيعتكم شيئا، فضحكوا وسخروا من كلامه !!! فقال لهم : إن كان محمد صادقاً في ما قال ، فعلينا أن ننهي هذه القضية ، وإن كان قد كذب في ما قال ، أسلّمه إليكم الآن تضربوا عنقه ؛ هل أنتم موافقون؟

. . . لقد وافقوا كلهم و أحضروا الصحيفة أمامهم ، فوجدوها ملفوفة ومختومة ، فأسرعوا وفكوا الختم ، و أزالوا القماش الملفوف عليها ، ثم نظروا إلى الصحيفة وإذا هي كما قال - صلى الله عليه وسلم _ ولم يبق من الكتابة ... إلا {{باسمك اللهم }} الختم عليها مثل ما وضعوها قبل ثلاث سنوات . فقالوا : هذا من سحر ابن أخيك [[ قاتل الله الكفر والكفار]] دائما يعاندون !!!

فقام زهير وسلّ سيفه وقام معه باقي الرجال وقالوا : والله لا نبرح هذا المكان حتى نمزق هذه الصحيفة ، ويخرج بنو هاشم ، فمُزقت الصحيف وخرج الهواشم من الحصار .
[[ هل وضحت لكم الصورة ؟ ليس مثل فلم الرسالة ؛ يدخلون الكعبة يجدون الأرضة أكلت الصحيفة وهي معلقة على جدار الكعبة !!!! ]


. . . يتبع وفاة أبي طالب
_________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-15-20, 07:59 AM
هذا الحبيب « 73 »

السيرة النبوية العطرة (( وفاة أبي طالب ))
__________


انتهى الحصار بإرادة الله تعالى ، وخرج بنو هاشم وبنو المطلب من شعبهم ، ورجعوا إلى حياتهم الطبيعية يمارسون كل نشاط في مكة وانتهت المقاطعة الظالمة ، ولكن العداوة مازالت مستمرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - و أصحابه .
وبسبب الحصار الذي استمر ٣ سنوات تعب ومرض أبو طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي بلغ من العمر الآن قرابة ٨٣ سنة .

ضعف جسده وأشرف على الموت ، فبلغ سادة قريش أن أبا طالب على فراش الموت .
فقال بعضهم لبعض : لنذهب إلى أبي طالب قبل أن ينزل عليه الموت ،فإنّا نخاف من حمزة وعمر ، أن يأخذوا السيادة منا . فحضر إلى بيت أبي طالب سادة قريش ومشايخها مثل عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وأبو سفيان ، وأبو جهل ، وغيرهم من وجهاء قريش .

فلما حضروا ، أحب أبو طالب أن يعقد صلحا بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل موته . فقال أبو طالب : إني أحب أن أرحل عن الدنيا ، وأنا أشهد صلحا بينكم وبين محمد ، فأرسل إلى النبي من يخبره بالحضور ، فحضر - صلى الله عليه وسلم – ( وتقول بعض الروايات ) :

فلم يبق للنبي مكانا للجلوس ، لم يجد مكانا إلا أن يقف عند عتبة الباب ، و امتلأت الغرفة بالرجال .
[[ وهو صاحب الخلق العظيم ، ومن أخلاقه كان يجلس حيث ينتهي المجلس ، يدخل أعرابي على الصحابة والنبي جالس بينهم ، ينظر إليهم ثم يسأل ... أيكم محمد ؟؟ هذه أخلاق نبينا - صلى الله عليه وسلم - ]]
رفع أبو طالب رأسه إلى النبي وقال :

يا محمد يا ابن أخي .. هؤلاء أشراف قريش وسادتها ، وقد نزل بي من الأمر ما ترى، وأنا أحب أن أرى بينكم صلحا قبل أن أفارق الدنيا .
فقال - صلى الله عليه وسلم - أريد منهم كلمة واحدة ، تدين لكم بها العرب وتتبعكم العجم :( قولوا لا إله إلا الله .. وتخلعون عبادة الأصنام ) ، وكعادة قريش سخروا و صفقوا ، وصفروا ، ووضعوا أيديهم على رؤوسهم . ثم توجه – صلى الله عليه وسلم بالكلام إلى عمه فقال : أنت يا عم ؛ قلها ، أشهد لك بها عند الله وأشفع لك بها .. فلم يعلن أبو طالب إسلامه ، وفاضت روحه .
لم يقل على سمع النبي لا إله إلا الله . . .

يا أبا طالب !! يا عم نبينا - صلى الله عليه وسلم - : والله إننا نشهد أنك بذلت جهدا جباراً في سبيل الإسلام ، وتحملت الكثير لمدة سبع سنوات كاملة ، وهي أصعب سنوات من تاريخ الدعوة ، لكنّ النبي لم يسمع منك لا إله إلا الله !!! أبو طالب أعماله وأفعاله كلها تدل على إيمان ، فقد دافع بقوة عن النبي ، ولكن لم يسمع أحد إسلامه ... !!!

مات أبو طالب ، وحزن النبي - صلى الله عليه وسلم - على موت عمه ، ودفن في مقبرة مكة الحجون ، وبعد موت عمه زاد شر قريش على النبي ، لأن أبا طالب هو الذي كان يقف في وجوههم دائماً .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-15-20, 08:00 AM
هذا الحبيب « 74 »

السيرة النبوية العطرة (( وفاة خديجة - رضي الله عنها ))
__________

لم ينته حزن النبي – صلى الله عليه وسلم – على عمه حتى فُجع - صلى الله عليه وسلم - بوفاة السيدة خديجة {{ فبينهما قرابة شهر واحد فقط }} . مات النصير القوي خارج البيت وهو عمه {{ أبو طالب }} .

و مات الحضن الدافئ داخل البيت وهي أمنا
{{ خديجة - رضي الله عنها }} . وحزن النبي - صلى الله عليه وسلم - على موتهما حزناً شديداً ، وأطلق على هذا العام اسم {{ عام الحزن }} . وكان ذلك في أكثر فترات الدعوة حرجا . ولقد اختار الله – عز وجل – هذا التوقيت لحكمة كبيرة ، {{ إن النصر من عند الله تعالى ، وليس من عند أبي طالب ولا خديجة ولا أي أحد }} .

ماتت خديجة - جزاها الله عنا كل خيرو رضي الله عنها وأرضاها - وهنيئاً لها منزلتها في الجنة {{ سيدة نساء أهل الجنة }} .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب ولا نصب " .

وشيّعها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مقبرة الحجون ، ونزل في قبرها ودعا لها ، ماتت السكن والطمأنينة والمودة والصدر الحنون الذي كان داخل بيته - صلى الله عليه وسلم -
.
كانت تخفف عليه همومه وتواسيه ، وتبشره وتعينه في مالها ، كانت خير نصير له ، كانت جنته على الأرض . وكان - صلى الله عليه وسلم - يذكرها دائماً ويكرم صاحباتها ،وكان إذا ذبح ذبيحة يقول :

أرسلوا إلى صويحبات خديجة ، وفاء ومحبة و إكراما لها رضي الله عنها .
-----------------------

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-17-20, 07:38 AM
هذا الحبيب « 75 »

السيرة النبوية العطرة (( صفات السيدة خديجة رضي الله عنها ))
__________

وكما قلنا لكم أحبتي : إنّ السيرة للاقتداء و التأسّي وليس للتسلّي :

فها هي أمّنا خديجة تضرب لنا مثالا صادقا لنموذج المرأة المسلمة ، فقد اتصفت - رضي الله عنها – برجاحة العقل وقدراتٍ إداريةً هائلةً، وكانت ذات سريرة صافية و نفس سامية توَّاقةٌ إلى معرفة الحقّ، والحقيقة، وهذا ما جعلها تُقبِل على الدخول في دين الله تعالى بمجرَّد أن نزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،
وهذا ما جعلها أيضاً تُسخِّر حياتها كلّها لنصرة دين الله تعالى . وعُرفت – رضي الله عنها - في مجتمعها بالطاهرة؛
لشدّة عفتها، وطهارتها، ولهذا فقد كانت اختيار رسول الله - صلى الله عليه وسلم لتكون شريكة حياته، فشرَّفها الله تعالى بأن تكون أماً للمؤمنين، وسيدة نساء العالمين.

وكانت رضي الله عنها نعم الزوجة الصالحة، فلم يعرف التاريخ الإسلاميّ زوجةً أخلصت في رعاية بيتها، ودعم زوجها، وتمكينه، وتأييده، ونصرته، ونصرة فكرته كالسيدة خديجة رضي الله عنها، فبعد أن آمنت أمُّنا خديجة بالله تعالى، وبدعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحوّلت حياتها إلى جهادٍ، ودعوةٍ مستمرَّين، فقد أخلصت للفكرة التي آمنت بها، واستطاعت بعد وفاتها أن تترك الأنموذج الأفضل لكلّ نساء المسلمين، بل لكلّ نساء العالمين.

وهذه كلمات أشعلتها إحدى الكاتبات ، لعلّها تُضِيءُ دُروبكنّ أيتها المسلمات :
في الأربعينيات من عُمرها تتزوّج شابا ذا الخامسة والعشرين ، ذا حسب ونسب، عُرِفَ في قومه بالصدق والأمانة ،رجل بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ...ثم تمرّ به - صلّى الله عليه وسلّم - لحظات عصيبة.. لحظات الوحي الأولى في غار حراء ، انطلق حينها إلى خديجة .. حتى إذا بلغ حجرتها أحسّ أنه وصل إلى مأمنه - صلّى الله عليه وسلّم - فقال : "زمّلوني زمّلوني" فزمّلته حتى ذهب عنه الروع.. ثم قال لها : " لقد خشيت على نفسي"!

خديجة - رضي الله عنها - كانت ذاك الحُضن الذي لم يلجأ زوجها لغيره لتُواسيه، خديجة كانت ذاك السند الذي يُعوّل عليه في الشدائد قبل الرخاء.. فأيّ سرّ هذا يختبئ وراء شخص خديجة - رضي الله عنها - يا ترى، حتى شرّفها الله - جلّ في علاه - بأن تَكُونَ ذاك الحِصْن الداخلي لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

إنّ أهمّ ما ميّز خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - قدرتها العجيبة على التركيز على المميزات دون العيوب والنقائص. ذلك أنها لمّا أخبرها النبي - صلى الله عليه وسلّم - أنه قد خشي على نفسه.. استدلّت في الحين بشمائله - صلّى الله عليه وسلّم - فقالت له بكل ثقة ويقين :

" كلا والله ما يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكلّ ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق" .

نِعمَ الزوجة تلك، التي لا ترى إلا الوجه المشرق في زوجها لدرجة أنّها لا تذكر عند الشّدة إلا مميزاته . لقد كانت – رضي الله عنها – امرأة بارعة في إدخال السرورعلى زوجها والتخفيف عنه، فكانت تمسح بيدها الحانية على قلبه في الوقت الذي لاقى فيه القسوة و الجحود من قومه .

ليس هذا فحسب ، بل لقد سلبت خديجة لُبّ قدوة الخلق وخير البرايا ، وملكت عليه شغاف قلبه كما لم تفعل أيّما امرأة مع زوجها ، حتى قاده حبّه لخديجة إلى أن يصدع به جهاراً بعد مماتها فيقول :

" إنّي رُزقتُ حبّها " .
وأنا أتساءل أختي المسلمة : لو أنّ زوجك مرّ بفترات عصيبة، أتُراه يلجأ إليكِ أوّلا؟
أواضعٌ هو كلّ ثقته فيكِ حتى يشرككِ في أهمّ القضايا التي تشغل باله؟
أم أنّك "مَتْنُ نصٍّ أنتِ حاشيته"؟ أم أنّك بالنسبة له محنة وشدة يفرّ منكِ إلى غيرِكِ ؟! هل تركزين على مميزاته أم عيوبه ؟ نحن لسنا معصومين ، لكنّ المهم الآن أن نبدأ بداية جيدة . . . إذن فلتكن قدوتك خديجة .. حتى تصفو لك الحياة...
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-17-20, 07:40 AM
هذا الحبيب « 76 »

السيرة النبوية العطرة (( اشتداد إيذاء قريش للرسول - صلى الله عليه وسلم - الجزء 1 ))
__________

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :

{{ ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب }} ، فبعد وفاة أبي طالب ، تجرأت قريش على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما لم تتجرأ من قبل، ولكن وفاة أبي طالب لا تعني أن بني هاشم تخلوا عن حماية النبي ، فقد ظل الرسول - صلى الله عليه وسلم -
بالرغم من وفاة أبي طالب في حماية بقية أعمامه وبني عمومته وكل بني هاشم وبنى عبد مناف .

[[ ممكن واحد يسأل و يقول: أين حمزة ؟ أين عمر الذي تهاب منهم كل قريش ؟!! ]] ، هنا يجب أن نعرف أن الله في العهد المكي أراد أن يربي الصحابة في مكة التربية الروحية ، قبل التربية الجهادية ، فلم يُؤذن بالمواجهة و القتال مع الكفار بعد . إذن عمر و حمزة و غيرهم صادقو الإيمان ، ولكنهم ينتظرون إرادة الله بالقتال و التي كانت في المدينة المنورة .

أعرض عليكم بعض الصور لجرأة قريش على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
كان - صلى الله عليه وسلم - يسير يوما في طرقات مكة فاعترضه سفيه من سفهاء قريش ،وقذف في وجهه التراب والرمال ، فرجع إلى بيته معفراً مغبرا ، فأسرعت إليه بناته ينفضون التراب عنه وهنّ يبكين . فلم يتحمل سماع بكائهنّ، فأخذ يصبرهنّ : لا تبكين ، فإنّ الله مانع أبيكم

وقف - صلى الله عليه وسلم - يوماً يصلي عند الكعبة فأتى اليه ذلك الشقي {{ عقبة بن أبي معيط }} ،فلف عباءته حول رقبة النبي حتى سقط - صلى الله عليه وسلم - على ركبتيه وكاد يفقد حياته فعلاً ، ولم ينقذه إلا أبو بكر الذي جاء ودفع عقبة وهو يقول : أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم ؟؟؟

صورة أخرى عن هذا الشقي {{ عقبة بن أبي معيط }} ، فقد أرسله مرة أبو جهل ليضع فرث جزور[[ وسخ البطن ]] على ظهر رسول الله وهو يصلي عند الكعبة ، فلم يستطع أن يرفع رأسه – صلى الله عليه وسلم - وسادة قريش يضحكون في ناديهم لهذا الموقف ، فما استطاع أحد من المسلمين أن يميطه عن رسول الله خشية من بطش قريش

[[ لأن العهد المكي كانوا ضعفاء أمام بطش الجبابرة في قريش ]]، فانطلق رجل قد أخفى إسلامه وأخبر ابنته فاطمة فجاءت وأماطت الأذى عن ظهر أبيها ، ثم رفع رأسه - صلى الله عليه وسلم - وأتم صلاته . يقول عبد الله بن مسعود : فلما فرغ من صلاته - صلى الله عليه وسلم - سمعته يقول : {{اللهم عليك بالملأ من قريش وذكر أسماءهم }} ، فوالذي بعثه بالحق ما ذكر اسم رجل منهم ، إلا قتل بأيدينا يوم بدر . [[ دعوة خير الخلق و حبيب رب العالمين ؛ يمهلهم الله سنين ثم يحقق دعوته بعد الهجرة يوم بدر . . .

فيا أمة محمد ، ادعوا الله ، ولا تقنطوا من إجابة الدعاء ، فالله أعلم حيث يجعل استجابته ]] {{وَإذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذا دَعَان فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}} .


هل تتخيلون أن هذا الشقي [[عقبة بن أبي معيط ]]

كان على وشك أن يسلم، وكان سيصبح من الصحابة، والذي منعه من الإسلام هو صداقته لأبي جهل ؛ فقد سافر أبو جهل مرة وعاد ليجد صديقه [[عقبة بن أبي معيط ]] قد تأثر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وكاد أن يسلم، فذهب اليه أبو جهل وقال له : وجهي من وجهك حرام، وكلامي من كلامك حرام، حتى تذهب فتبصق على وجه محمد !

فذهب عقبة بن أبي معيط وبصق على وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وينزل قول الله تعالى {{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فلانا خَلِيلًا * لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكان الشيطان للإنسان خَذُولًا }} .

[[ هذه القصة دائما أضرب بها المثل في خطورة أصدقاء السوء ]]
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-21-20, 07:36 AM
هذا الحبيب « 77 »

السيرة النبوية العطرة (( اشتداد إيذاء قريش للرسول - صلى الله عليه وسلم - الجزء 2 ))

__________

ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعا من الرسل، بل ضرب الأنموذج الأكمل في تحمل الاضطهاد والإيذاء المعنوي والبدني في سبيل توصيل رسالة ربه إلى الناس، وهو رغم ما لاقاه من عنت وكفر وتكذيب وسب وشتم كان يبدو على الدوام رحمة للعالمين ، و أحرص على هداية قومه، حتى يعاتبه ربه على حزنه عليهم ، يقول تعالى :

" فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً " .

تحمل النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من البلاء والعناء، منذ أول يوم صدع فيه بالدعوة، ولقي - صلى الله عليه وسلم - من سفهاء قريش أذى كثيراً، فكان إذا مر على مجالسهم بمكة استهزؤوا به، وسخروا منه، يقول سفهاؤهم : هذا ابن أبي كبشة يُكلّم من السماء !! وكان أحدهم يمر على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيقول له ساخراً: أما كُلمت اليوم من السماء؟!.

موقف آخر تعرض له الرسول - صلى الله عليه وسلم – فقد طاف يوما بالكعبة ، فجاء إليه رجال من قريش والتفوا حوله ، وتهجموا عليه ويقولون : أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا ؟؟
أنت الذي تقول كذا ؟؟
والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لهم : نعم . حتى جاء أبو بكر مسرعا ليدفع المشركين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فضرب المشركون أبا بكر ، وسقط على الأرض، وخلعوا نعالهم وأخذوا يضربونه على وجهه - رضي الله عنه - حتى انتفخ وجهه، وأغمي عليه .

وحُمل إلى بيته وهو مغشى عليه، وعندما أفاق سأل أولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام اليه النبي - صلى الله عليه وسلم - واحتضنه وهو حزين .
هذه بعض المواقف ذكرناها للاعتبار والاقتداء به - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فعلى كل داعية أن يصبر على الأذى لأنه سنة من سنن الله تبارك وتعالى لمن سلك طريق الأنبياء قال الله تعالى:

{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ } .

نسأل الله تبارك وتعالى أن يجزيه عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، وأن يرزقنا اتباعه والاقتداء به في جميع أمورنا بمنّه وكرمه . فيا أمة الحبيب محمد ، و الله إننا في بلاء شديد ولنا في رسول الله أسوة حسنة ، فالصبر الصبر على الابتلاء، والدعاء الدعاء للمستضعفين في الأرض ، ولا تقنطوا من رحمة الله ، فستعود العزة للمسلمين ، و ينتصر الإسلام بإذن الله .

__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-21-20, 07:37 AM
هذا الحبيب « 78 »

السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الأول ))
__________

نحن الآن في السنة العاشرة من بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قلنا إن هذا العام أطلق عليه {{ عام الحزن }} ، ولقد توفى فيه عم النبي أبو طالب ، وخديجة - رضي الله عنها - ، وتحدثنا أن قريشا اشتد إيذاؤها جداً للنبي - صلى الله عليه وسلم – من هنا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأمور تفاقمت في مكة ، وأن تربة مكة لم تعد صالحة لرمي بذور الدعوة فيها ، أراد أن يدعو إلى الله في مكان آخر فاختار الطائف ، فلماذا اختار النبي - صلى الله عليه وسلم - الطائف ؟؟

لأن الطائف هي المدينة الثانية في الجزيرة العربية بعد مكة، وتعتبر مركزا تجاريا ، ومركز كثافة سكانية ، ولها مكانة في قلوب العرب ، وقبيلة ثقيف التي تحكم الطائف ، هي أكبر قبيلة في الجزيرة بعد قريش ،وسنرى ذلك بعد فتح مكة [[ إذا شاء الله و وفقني لأكمل السيرة ]]، سنرى كيف كانت الطائف هي المدينة الوحيدة التي استعصت على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، بالرغم من حصارها فترة طويلة ، حتى جاءت إليه بعد ذلك مسلمة .

إذن الطائف هي المدينة الثانية في الجزيرة بعد مكة، وإذا آمنت ، فإنّها تستطيع أن تقف في وجه قريش ، ولذلك كان اختيار الرسول - صلى الله عليه وسلم - للطائف للخروج إليها ودعوة أهلها .

الطائف كانت تسمى قرية، والآن تسمى في وقتنا الحاضر مدينة ، فهي تبعد عن مكة {{ ١٢٠ كيلو }} ، و الطائف كانت تعتبر مصيافا لمكة والمدينة وجدة وما حولها ، لذلك كان لسادة قريش في الطائف بساتين ، [[ اللي معروف عنا اليوم بالمزارع ، فلان الله رزقه واشترى مزرعة ، بس يزهق من بيته بروح بقعد بالمزرعة ، أو يصيف فيها ]] .

كان لسادة قريش في الطائف وعلى طريقها بساتين ، إذا اشتدّ الحر في موسم السنبلة [[ يعني شهر ٧ و ٨ ]] ،خرج أهل مكة إلى الطائف يستصيفون . مناخها يقال إنه يشبه مناخ فلسطين ، وثمارها كثمار فلسطين ، وعليها وعلى مكة أطلق القول بالقريتين عندما قال سفهاء قريش وسفهاء الطائف وهم يكذبون الرسول - صلى الله عليه وسلم -

{{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا القرآن عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }} يعني مكة والطائف .
فلما فقد الأمل - صلى الله عليه وسلم - في أهل مكة وسادتها ، توجه إلى الطائف ، فخرج ليلاً متخفياً إلى الطائف ، مشياً على الأقدام [[ لأنه لو خرج على راحلة لشعرت به قريش ]] ، خرج متسللا ، وخرج معه زيد بن حارثة متبنّاه .
يتبع . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

ذكرياتي
10-21-20, 03:38 PM
محمد تــــاج رســل الله قـاطبــة محمد صـادق الأقــوال والكلـــم
محمد ثـابـت الميثــاق حـافــظه محمد طـيب الأخلاق والشيــم
محمـد ســـيد طـابـت مناقـبـهُ محمد صــاغة الرحـمن بالنعم

https://pbs.twimg.com/media/DVakpAmW4AASxUk.jpg

عطاء دائم
10-22-20, 07:36 AM
محمد تــــاج رســل الله قـاطبــة محمد صـادق الأقــوال والكلـــم
محمد ثـابـت الميثــاق حـافــظه محمد طـيب الأخلاق والشيــم
محمـد ســـيد طـابـت مناقـبـهُ محمد صــاغة الرحـمن بالنعم

https://pbs.twimg.com/media/dvakpamw4aasxuk.jpg

عليه الصلاة والسلام
شكرا لك على كرم المرور

ذكرياتي
10-22-20, 02:29 PM
https://pbs.twimg.com/media/EKTWKYtXkAErqOX.jpg

ذكرياتي
10-22-20, 02:31 PM
نور أطل على الحياة رحيما
وبكفه فاض السلام عظيما
لم تعرف الدنيا عظيما مثله
صلوا عليه وسلموا تسليما.
اللهم صل وسلم وبارك على حبيبك سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة
وأتم التسليم و علي آله و صحبه و سلم ..

عطاء دائم
10-23-20, 07:03 AM
هذا الحبيب « 79 »
السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الثاني ))
_________

وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف مشياً على قدميه
مسافة {{ ١٢٠كم }}، وكان السفر في شوال من السنة العاشرة، وكان يوافق {{ شهر ٦ __ عام ٦١٩ ميلادية }}، وطبعا في شهر ٦ تكون درجة الحرارة مرتفعة جدا في صحراء الجزيرة العربية ،ولا يستطيع الإنسان أن يسير أكثر من ١٠ دقائق فيها .

خرج - صلى الله عليه وسلم - هذه المسافة الكبيرة جدا مشيا على قدميه [[ لأن معنى ركوبه دابة : أنه سيسافر ، وهو لا يريد أن تعرف قريش تحركاته، حتى إذا لم ينجح في دعوة الطائف لا تشمت فيه قريش، وتستقوي عليه ]] . واصطحب معه {{ زيد بن حارثة }}

والذي كان اسمه حتى هذا الوقت {{ زيد بن محمد }} لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تبناه كما أخبرتكم من قبل . هذا يوم واحد من أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى يقول لنا إن طريق الدعوة إلى الله ليس بالسهل .

ولما دخل الطائف؛ كان من عادة العرب إذا أرادوا أمرا من قوم ، توجهوا إلى رؤوس القوم وسادتهم ، الذين إذا قالوا سمع القوم قولهم ، فتوجه - صلى الله عليه وسلم - إلى سادة ثقيف ، وكانوا ثلاثة أخوة : الكبير فيهم اسمه {{ عبد يا ليل }}،[[هكذا اسمه ، عبد يا ليل ، كأنك تغني موال]] الثاني اسمه {{ مسعود }}، والثالث اسمه،قيل {{ نعيم، وقيل حبيب }} هؤلاء سادة ثقيف في الطائف ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إليهم .

[[ وهم يعرفون الرسول من قبل ، يعرفون أن هذا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب؛ لأن الطائف ومكة ، تعتبران مجتمعا واحدا ، ولأن مجتمع مكة مختلط بمجتمع الطائف ، وقد وصلهم خبر محمد، وخبر دينه الجديد، وعندهم علم بموقف قريش منه ]] .

جلس - صلى الله عليه وسلم - إلى سادة ثقيف في الطائف ، والعرب كلها لا تنكر منزلة الضيف وحق الضيافة ، جلس - صلى الله عليه وسلم - عندهم، فلم يقوموا بحق الضيافة له ، ولم ير منهم حسن الضيافة ولا استقبالا حسنا، ومع هذا كله حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - داعية إلى الله، ولا يريد ضيافة أحد ، يريد من الناس فقط أن يستجيبوا لدين الله، فعرض عليهم الأمر ، وطلب منهم أن يدخلوا في دين الله ،فمإذا كان ردهم عليه ؟

{{ عبد ياليل }} قال: ألم ير الله إلا أنت يا محمد، يبعثك رسولا إلى العالمين؟ لو لا أنزل على رجل من القريتين عظيم ؟ [[يعني لو نزل على شخص من سادة الطائف أو مكة عظيم ]]؟

أما {{ مسعود }} فقال : لئن كان الله أرسلك رسولاً، [[يعني لو ثبت أن هالحكي صحيح ، وأن الله أرسلك رسولا]]؛ لأمزقن ثياب الكعبة !!
[[يعني رح يغضب من ربنا !!!مش ملاقي غير هذا نبي !!! والله لأشق ثياب الكعبة إذا صحيح هذا الكلام ]]

أما {{ حبيب }} فكان أصلحهم بالرد؛ وقال : أنا لو أعلم أنك رسول من الله ، لا أكلمك أبداً ،لأنك إن كنت كما تزعم فأنت أعظم أن أكذبك ، وإن لم تكن كما تزعم ، فأنت أهون من أن أرد عليك .

فقام - صلى الله عليه وسلم - محزونا من عندهم ، وقبل أن يخرج من عندهم قال لهم : أما إذا قلتم ما قلتم، فإنّ لي مطلبا عندكم كضيافة [[ يعني أنتم ما أحسنتم ضيافتي ، اعتبروا هذا الطلب هو الضيافة ]]

قالوا: ما هو ؟ قال : أرجو أن لا تخبروا قريشا أني جئت إليكم ، [[ لأنه لو عرفت قريش أنه جاء للطائف، ستزداد العداوة ، لأن في عُرف قريش ذهاب محمد للطائف ، يعني أنه خرج يستنصر علينا بقوم آخرين ]] . قالوا : لا واللات لنرسلن إليهم الآن ، وأنت عندنا، ثم أمروا : قم يا فلان ، وأمروا فارسا أن يركب فرسه ويأتي قريشا ، ويخبر سادتها بأن محمدا يستنصر بثقيف عليكم . [[ حبيبي يا رسول الله ، أي بلاء هذا ؟؟

ورحلته - صلى الله عليه وسلم - استغرقت عشرة أيام إلى الطائف ، لأنه جاء مشياً على الأقدام ؛ الفارس يصل مكة ويخبر قريشا، ويرجع للطائف ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مازال في طريق الرجعة ]] !!

خرج - صلى الله عليه وسلم - من عندهم وقد يئس أيضاً من أهل الطائف ،فلما خرج من عندهم ؛قاموا ونادوا سفهاءهم [[ فإنّ في كل مجتمع سادة وسفهاء، فهم سادة الطائف مش من مستواهم أعمال السفهاء فأرسلوا سفهاءهم ]] ، وقالوا لهم :إذا خرج محمد القرشي ، فارموا عليه الحجارة ، واشتموه، واصرخوا في وجهه ، وصفقوا وراءه حتى يخرج من أرض الطائف !!
[[ طيب لماذا هذه الهمجية يا طغاة ؟ إيمان ولم تؤمنوا!! وضيافة لم تضيفوا!! لماذا هذا الإيذاء ؟؟ لأن الإنسان بلا دين كما وصفهم الله :

{{ إن هُمْ إِلَّا كالأنعام ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا }} ،الحمير خير منهم ]] . خرج - صلى الله عليه وسلم - ومعه زيد، وإذ بالسفهاء يصطفون في الطريق كالمراسيم ، اصطفوا على جانبي الطريق، فلما أراد الخروج أخذوا يصفقون ، ويصيحون في وجهه ، ويشتمونه ، ويضربون قدميه بالحجارة ، حتى سالت الدماء من قدميه الشريفتين ، وتلطخت نعلاه بالدماء الزكية .


ولما اشتد به الألم - صلى الله عليه وسلم - ولم يعد يقوى على المشي ، جلس يستريح ، فرموا الحجارة عليه ، فوقف زيد بينه وبينهم ، يتلقى الحجارة بجسده ، حتى شُج زيد في رأسه ، وفي وجهه وجسده جراح كبيرة وكثيرة - رضي الله عنه - وأرضاه ، وظلوا يطاردونه مسيرة

{{ ٥ كيلو متر }} كاملة ، حتى استطاع - صلى الله عليه وسلم - الخروج من أرض الطائف ، فوجد بستان وكان هذا البستان لابني ربيعة {{ عتبة وشيبة ، وهم من سادة مكة}} ، وكان هذا البستان قريبا من الطائف ، ولكنه ليس من أرض الطائف .

فلما رأى البستان ، ذهب وجلس تحت ظل شجرة ، وأفاق من الصدمة والأزمة التي مر بها ، والأوجاع والدماء تسيل منه - صلى الله عليه وسلم -
ثم رفع طرفه إلى السماء ودعا . . . يتبع . . .
________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-23-20, 07:06 AM
هذا الحبيب « 80 »
السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الثالث ))
_________

جلس - صلى الله عليه وسلم - تحت ظل شجرة ، وأفاق من الصدمة والأزمة التي مر بها ، والأوجاع والدماء تسيل منه - صلى الله عليه وسلم - وكان هذا الموقف من أشد المواقف التى مر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه أشد من يوم غزوة أُحد ، لما شُج رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته في فكه السفلي

[[ الرباعية هي السن الذي يقع بين الثنية والناب ]] ، وجرحت شفته السفلية ، وسالت منه الدماء - صلى الله عليه وسلم - فسألته السيدة عائشة - رضي الله عنها - وهي تصب له الماء ليغسل وجهه من الدماء : هل أتى عليك يوم أشد من هذا اليوم ؟؟

فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : {{ لقد لقيت من قومك، فكان أشد ما لقيت منهم يوم رحلة الطائف }} .
جلس تحت الشجرة، ثم رفع طرفه إلى السماء ودعا بهذا الدعاء ( كما تقول بعض الروايات ) :
{{ اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت ربُّ المستضعفين ، وأنت ربّي إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهَّمني ؟ أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أبالي ، ولكنَّ عافَيَتَك أوسعُ لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، من أن تُنزل بي غضبك ، أو يَحِلَّ عليَّ سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك }} .

لما دعا خير خلق الله على الإطلاق - صلى الله عليه وسلم - بهذا الدعاء الخارج من القلب ؛ خير خلق الله على الإطلاق

[[ يعني خير من الملائكة والبشر والجن على الإطلاق ]] خرج هذا الدعاء من قلب خير رجل محزون مهموم ، [[ هذا الدعاء عمل انتفاضة في السماوات السبع ، ضجت ملائكة السماء كلهم ؛كيف ينال النبي هذا ؟؟ أي واحد من ملائكة السماء يستطيع أن يدمر الطائف كلها ؛ ولكن الله هو البصير السميع ، سمع ما قال أهل الطائف ،وسمع دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر جبريل أن يهبط ]] .
نظر - صلى الله عليه وسلم - فإذا بغمامة [[ غيمة ]]

تهبط عليه من السماء تظلله ، وإذ عليها جبريل ،يقول - صلى الله عليه وسلم - ومعه رجل لا أعرفه ، فاقترب جبريل وسلم ، وقال : يا محمد ،هذا ملك الجبال [[أي الموكل بأمور الجبال]] ،أرسله الله إليك ليطيعك فيما تأمره ، فأمره بما شئت، فتقدم ملك الجبال، وقال:

السلام عليك يا رسول الله ، إن الله أمرني أن أطيعك فيما تأمرني ، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين [[ أي جبلين في مكة ]] ، وإن شئت دمدمت عليهم [[ أي أهل الطائف دمرتهم ، وخسفت بهم الأرض ]] ، فلا ترى بعد ذلك منهم عدوا .

صلى الله وسلم عليك يا حبيبي يا رسول الله ، يا من أنزله الله رحمة للعالمين ؛ دماؤه تنزف ، ودموعه على لحيته ، وما أفاق من الصدمة بعد، تخيلوا معي : كلنا إنسان ، والنبي لا ننسى أنه بشر مثلنا ، كلنا يعرف لو شخص ظلمنا وذقنا طعم الظلم المر ، لتمنينا أننا نملك أمر الظالم يوما، وعندها كل واحد منا يقول :

[[ يا ريتني أحكم الناس يوم واحد أفرجيكم ايش أعمل في الظالمين]]
هذا محمد رسول الله ، وقد أعطاه الله الحكم الآن ، الحكم بين يديه وهو مظلوم ، وملك الجبال خادم عنده ، كلمة واحدة من رسول الله ينتهي أمر قريش والطائف ... وإذا به - صلى الله عليه وسلم - يضم ملك الجبال إلى صدره ويقول : لا ، لا يا أخي ، إني لأرجو الله أن يُخرج من أصلابهم من يعبده وحده ، لا يشرك به شيئاً . فنظر إليه جبريل ، وقال : صدق من سماك رؤوفٌ رحيم !!
قال تعالى :

{{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ }} .
{{ رؤوف ، رحيم }}
اسمان من أسماء الله - عزوجل - أعطاهما الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - فهما لله اسم ، وفي النبي وصف،

وفعلاً خرج من ذرية الطائف كثير من كبار العلماء الذين نشروا هذا الدين .
عتبة وشيبة كانا في البستان ، نظرا من بعيد، فشاهدا الدماء تسيل منه - صلى الله عليه وسلم - ، وقد علما بما فعل به أهل الطائف ، وهما صاحبا البستان الذي يجلس فيه رسول الله ،
وكان شيبة وعتبة من سادة قريش ، فلما شاهدا النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا المنظر الحزين ، والدماء تسيل منه ، دخل العطف لقلبيهما ، وتعاطفا معه ، لأنه من صلة رحم ، فهما من بني عبد شمس ، والنبي من هاشم ، وجدهم الأكبر عبد مناف . . .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-25-20, 07:18 AM
هذا الحبيب « 81 »

السيرة النبوية العطرة (( الطائف الجزء الرابع والأخير ))
_________

شعر شيبة وربيعة بالتعاطف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان عندهما غلام نصراني ، على دين المسيح اسمه {{ عداس }} ، فأرسلا عداس بطبق عليه عنب ، وماء بارد ، وقالوا : اذهب إلى ذلك الرجل ، وضع الطبق والماء أمامه، لعله يأكل ويشرب ، فأقبل إليه عداس وجلس بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يعرفه ولا النبي يعرفه ، وقال : أيها الرجل، أرسل إليك سيّداي بهذا ، تفضل وكُل منه . [[ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقدم له أهل الطائف أية ضيافة ، ومضت أيام له في الطريق من مكة للطائف مشيا على الأقدام، وها هو الآن عائد إلى مكة، فهو في جوع وعطش ]].

مد يده للعنب وقال : {{ بسم الله }} ،فتعجب عداس وقال : من أنت ؟ وماذا تقول ؟ ! والله هذه الكلمة لا يعرفها أهل هذه البلاد أبداً ! فقال له صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ ومن أين أنت ؟ قال: أنا عداس،رجل نصراني من نينوى [[ نينوى بلد في شمال العراق]] فابتسم النبي ،وقال له : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟
فقال عداس بلهفة ودهشة : وما أدراك من يونس بن متى؟ !! والله لقد خرجت منها منذ سنين ، ليس في نينوى عشرة رجال يعرفون من يونس بن متى! فما علمك به وأنت في بلد الأُميين ؟؟

[[ بلد الأُميين يعني بها هذا البلد، يعبدون الأصنام ، ولم يرسل فيهم أي نبي ،كل الأنبياء كانوا من بني إسرائيل ، العرب ما بُعث فيهم نبي إلا محمد العربي - صلى الله عليه وسلم - ]] فقال له النبي وهو مبتسم : ذلك نبي وهو أخي، وأنا نبي مثله . يقول عداس - رضي الله عنه - وهو صحابي :

{{ والله أخبرني خبره ، وما وقع له مع قومه }} ، أي ذكر له قصة نبي الله يونس مع قومه .
بشكل مختصر عن قصة نبي الله يونس عليه السلام : نبي الله يونس عليه السلام ، دعا قومه إلى الله، فلم يستجيبوا له ، قالوا : يا يونس إن رأينا أسباب الهلاك آمنا بك [[ وهي النذر التي تمر علينا في هذا الزمن كل يوم ، وخير أمة ، غارقون بالدنيا نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، إلا من رحم ربي ]] ، وأي نبي إذا أنذر قومه العذاب، ولم يستجيبوا له ،تركهم وهجر تلك المدينة ، فهجرهم نبي الله يونس ، ومضى يريد السفر عن طريق البحر لما أحس باليأس من قومه ، وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا ، وقرر هجرهم ، ووعدهم بحلول العذاب بهم .

فلما جاءت نذر الله على قوم يونس ، امتلأت السماء بالغيوم شديدة السواد ، وكان يخرج منها دخان شديد ، ثم يهبط الدخان فوق رؤوسهم حتى ملأ مدينتهم ، فتذكروا يونس وكلامه ، وافتقدوه ، فلم يجدوه ، فألقى الله في قلوبهم الهداية ، والتوبة ، والندم ، عندها قاموا و لبسوا المسوح ،

[[ المسوح هو لباس خشن ، كان يصنع من شعر الماعز الأسود ، متعب ومؤلم جدا لمن يلبسه لدرجة كبيرة ، من أراد أن يعبر عن ندمه وحزنه ، يلبس المسوح ، ويجلس على الرماد، ويضع الرماد على رأسه ، " بمعنى اللي عملته أنا خراب بيوت وأنا نادم على ما فعلت أشد الندم " ]] ، لبسوا المسوح تعبيرا عن ندمهم وذلهم ، وأخرجوا المواشي ، وأخذوا الأطفال الصغار من أمهاتهم ، وفرقوهم ، وأيضا فرقوا بين كل بهيمة وولدها ،فضاجت المدينة كلها بالصراخ والبكاء ، بكى الأطفال ، والنساء ، والرجال ، وخارت الأبقار ، وارتفعت أصوات الحيوانات .

وصرخوا يستغيثون : يا حيّ حيث لا حي، ويا حي يحيي الموتى، ويا حي لا إله إلا أنت. اللهم إن ذنوبنا قد عظمت وجلت، وأنت أعظم منها وأجلّ، فافعل بنا ما أنت أهله ، ولا تفعل بنا ما نحن أهله، فلما علم الله الرحمن الرحيم ، اللطيف الودود منهم الصدق؛ تاب عليهم ، وصرف عنهم العذاب وكي لا أطيل عليكم، كلنا يعرف بعدها ركوب نبي الله يونس السفينة، وكيف هاج البحر [[ إشارة من الله لنبيه يونس، لأنه لم يصبر على قومه ]] ، وكيف التقمه الحوت .
أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عداس خبر نبي الله يونس مع قومه، وقرأ عليه قوله تعالى:

{{ وَإن يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إلى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكان مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أنهُ كان مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ }} .

فلما سمع عداس هذا قال : أشهد أنك رسول الله المنتظر خاتم الأنبياء ، وهبّ عداس يقبل رأسه ويديه وقدميه - صلى الله عليه وسلم - وعتبة وشيبة ينظران من بعيد ، فلما شاهدا عداسا يُقّبل رأس النبي ويديه وقدميه ، قال أحدهم للآخر: أما غلامنا ، فقد أفسده محمد !!!

فرجع إليهم ، فقالوا له : ويحك ؟؟!!

[[ ويحك عند العرب كلمة تعجب واستغراب ]]، ويحك! أرسلناك تطعم الرجل وتسقيه ، قمت تقبل رأسه وقدميه!! ما الذي دهاك ؟ !! قال : يا سيدي، والله ما على وجه الأرض كلها رجل خير من هذا الرجل ، إنه خير خلق الله . قالوا له : ويحك سحرك محمد يا عداس ! دينك خير من دينه، فلا تسمع له . قال :

لا بل هداني. إنه نبي . قالوا: وما علمك بذلك ؟ قال لهم : أخبرني بأمر لا يعرفه إلا نبي ؛ لقد أخبرني بيونس بن متى نبي بلادنا مع قومه ، وقرأ علي ما أنزل الله عليه ، وهو موافق لما نعلمه نحن أهل الكتاب ، وهذا لا يعرفه إلا نبي ، وأسلم عداس .
[[ لنتقدم قليلا في السيرة ]]
غزوة بدر وكان {{ شيبة وعتبة }} في صف المشركين من قريش وقبل المعركة كانا يستعدان للخروج للمعركة، قالا لعداس : اخرج معنا. قال : إلى أين ؟ قالوا : للحرب . قال: حرب من ؟ قالوا :حرب محمد. فقال عداس لهما متعجباً مندهشاً : أتريدان حرب ذلك النبي الذي جلس يوم كذا تحت الشجرة في البستان؟؟! وقدمنا له الطعام ؟؟ ! وأسلمت على يديه ؟ ! قالوا :أجل . قال عداس : والله الذي لا إله إلا هو ، إن هذا الرجل لا تقف في وجهه الجبال كلها لو اجتمعت . أنصحكم لا تخرجا . فلم يسمعا منه وتركاه، وخرجا؛ فكانا أول قتيلين في غزوة بدر .
رجع - صلى الله عليه وسلم - من الطائف متجها إلى مكة، ولم يلق من أهل الطائف أي خير ، ولكنه لقي من الله كل الخير والتأييد له ونصرته.
يتبع إن شاء الله .... إيمان الجن في طريق رجوعه لمكة صلى الله عليه وسلم .
__________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-25-20, 07:19 AM
هذا الحبيب « 82 »

السيرة النبوية العطرة (( المطعم بن عدي يُجيرالنبي - صلى الله عليه وسلم -))
_________

رجع - صلى الله عليه وسلم - من الطائف متجها إلى مكة ، ولم يلق من أهل الطائف أي خير - ولكنه لقي من الله كل الخير - فلما وصل مكان يقال عنه {{ بطن نخلة }} قريبا من مكة ، جلس هناك يتدبر أمره كيف يدخل مكة الآن ؟؟ وقد أرسل سادة ثقيف رجلا على فرس ، ليخبر قريشا أن محمدا جاء إليهم للطائف ؟؟ [[ وفي عُرف العرب هو ذهب يستنصر ثقيف على قريش .. فأصبح الآن في نظر قريش عدوا وهو في حكم المحارب ]] .

جلس يتدبر أمره ، فهداه الله ، حيث أرسل زيد بن حارثة إلى رجل اسمه {{ عبدالله بن أريقط }}
وهو [[خادم عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه ]] فجاء عبدالله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فطلب منه النبي أن يذهب إلى المُطعَم بن عدي [[ هذا الاسم مر معنا ، أحد الخمسة الذين قاموا بنقض الصحيفة اسمه مُطعم ، وهو ابن عمومة النبي ، يلتقي به في جده عبد مناف ، يعني ملزم به في الدم ، لم يكن ابن عمه القريب ، وهو سيد قومه ]] .

و أن يقول له : إن محمد بن عبد المطلب يريد أن يدخل مكة في جوارك ، على أن يجيره حتى لا تعتدي عليه قريش .
استماع الجن للقرآن :

لما أرسل – صلى الله عليه وسلم - زيدا إلى عبد الله بن أريقط ، قام يصلي ويقرأ القرآن وهو محزون ، عندها صدرت الإرادة الإلهية أن يسوق الله إلى "بطن نخلة" أمراء من الجن من نينوى بلد في العراق ، بلد نبي الله-يونس بن متى- ذكرناه[[ التي تكون بلد عداس ]] ، وكانوا سبعة كما يُروى ، فاستمعوا إلى القرآن بصوته – صلى الله عليه وسلم - فتعجبوا من القرآن ورونقه وجماله قالوا لبعضهم : والله إنه ليس بقول جن ولا بشر!! فقال أميرهم و اسمه

{{ زوبعة }} : سأذهب وأسأل هذا الرجل ، ابقوا مكانكم كي لا نُفزع الرجل [[عشان ما يخاف ]] فتشكل بشكل آدمي ثم تقدم للنبي صلى الله عليه وسلم

. . . قال المطعم لعبد الله بن أريقط : قل لمحمد فليأت فقد قبلت أن يدخل إلى جواري ، مضى النبي ودخل دار المطعم بن عدي ، فاستقبله وأكرم ضيافته ، ولما أشرقت الشمس أخذ المطعم بن عدي سيفه وقال لأولاده الستة :احملوا سلاحكم . وقال للنبي – صلى الله عليه وسلم - :

قم يا محمد ، فتقدم المطعم وجعل اثنين من أولاده على يمين النبي ، واثنين على يساره ، واثنين خلفه ، حتى وصل الكعبة . نظرت قريش إلى المطعم سيد نوفل ، وهو يحيط هو وأولاده بمحمد ، فجن جنونهم ، واعتقدوا أنه قد دخل في دين محمد . فقام أبو سفيان بكل هدوء إلى المطعم وقال : يا مطعم أمُجير أم تابع ؟؟ قال : بل مُجير .
قال أبو سفيان : نعم قد أجرنا من أجرت . ولما أتم النبي الطواف ذهب إلى داره ، وعلمت قريش أن المطعم قد أجار محمدا ، ومن اقترب من محمد يريد أن يؤذيه فقد أعلنها المطعم حربا على عبد مناف كلهم .

نتقدم قليلا بالسيرة هُنا: ظل صلى عليه وسلم حافظاً لجميل المطعم بن عدي ، وموقفه معه حتى بعد موته على الكفر، قبل غزوة بدر بسبعة أشهر مات المطعم على شركه ، فلما أسر المسلمون في غزوة بدر سبعين رجلا من المشركين،
قال - صلى الله عليه وسلم - :

{{ لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني [[ طلب الشفاعة ]] في هؤلاء النتنى لتركتهم له }} ، وهذا ما رواه البخاري .
يتبع . . . مبايعة الجن للنبي عليه الصلاة و السّلام .
______

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم – في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-25-20, 07:22 AM
هذا الحبيب « 83 »

السيرة النبوية العطرة (( مبايعة الجن للنبي - صلى الله عليه وسلم - ))
_________

تشكل بشكل آدمي ، ثم تقدم للنبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه ، وقال : سمعتك تقرأ كلاما لا هو كلام جن ولا إنس ، وأنا أمير من الجن ، ومعي إخوتي وقفوا بعيدا كي لا يفزعونك ، فقال له - صلى الله عليه وسلم - : ادعهم فليأتوا ، فلما حضروا وسلموا على الرسول ؛

دعاهم - صلى الله عليه وسلم - إلى الله فأسلموا ، و واعدوا الرسول بأن يخبروا قومهم ، ويحضرونهم إليه ، كي يبايعوه على الإسلام ، ثم انطلقوا إلى أهلهم .
قال تعالى :

{{ و إذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القرآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إنا سَمِعْنَا كِتَابًا أنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إلى الْحَقِّ وَإلىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأرض وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءُ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }}

في اليوم الثاني، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته ، جاء أمير الجن السبع الذين بايعوه ، واستأذن النبي بالدخول ، ودخل على هيئة آدمي وقال :
يا رسول الله ، إنا دعونا قومنا كما أمرت واستجابوا لله ورسوله ، وهاهم قد قدموا كلهم إليك من نينوى، يريدون مبايعتك ، كل قبائل العراق من الجن حضرت فقال له - صلى الله عليه وسلم - : أين هم ؟

قال : تركناهم عند جبل الحجون [[أهل مكة يعرفون هذا الجبل - كذلك من ذهب عمرة - وفيه مقبرة مكة ، مقبرة الحجون ]] ، قال له - صلى الله عليه وسلم - : امكثوا في الحجون ، وأنا أذهب إليهم . [[ تخيلوا قبيلة من الجن ؛ جن العراق كلهم لو دخلوا مكة لهربت قريش كلها ]] .
فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحجون . . .
[[ وفي هذه القصة روايتان ؛ أن هذه الليلة خرج النبي وحده ، وكان عددهم يقارب الألف ، وكان لهم عودة ثانية ، وكان عددهم عشرين ألفا ، وخرج معه عبدالله بن مسعود ، وسنأخذ برواية عبد الله بن مسعود ، لأن هذه الرواية أخرجها مسلم في صحيحه ]] .

قال ابن مسعود : خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا اقتربنا من الحجون ، خط لي رسول الله برجله خطا في الأرض وقال: اجلس هنا ولا تتجاوزه [[ أي لا تتحرك من هذا المكان ، لأن عالم الجن غير عالم الإنس ]] وتقدم - صلى الله عليه وسلم - إليهم فاستقبله رؤساء الجن، وأخذ يصافحهم وجلس إليهم . يقول ابن مسعود وهو يصف المنظر للصحابة :

ثم جاءت أفواجهم كأنها سحاب ، قال : " كأنهم الزط " سود يركب بعضهم فوق بعض، حتى اقتربوا من رسول الله ، فحجبوه عني وازدحموا عنده ،فلم أعد أراه .
قال تعالى:{{ كادوا يكونون عليه لبداً }}، [[ لبدا ركوبهم فوق بعضهم البعض وازدحامُهم على رسول الله ليسمعوا منه ]]. يقول ابن مسعود :

وأمضى الليل كله معهم حتى الفجر، وأنا لا أرى إلا سوادا ، فوقه سواد ، فوقه سواد ، حتى حجبوا ما بيني وبين رسول الله إلى السماء ، فلما كان الفجر سمعت لهم أزيزا وأصواتا ، وأخذوا ينقشعون كأنهم سحابة تتلوها سحابة ، وبايعوا الرسول على الإسلام ، وسلم عليه أمراء الجن ، وودعوه .

يقول ابن مسعود : حتى إذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعته يحدث أقواما لا أراهم !!!! يقول لهم : لكم كل عظم وروث . فلما تقدم مني رسول الله مددت يدي كي أصافحه ، فمد يده، فوجدت يده حارة جداً [[ مثلما تضع يدك على شيء حار يلسع يدك فتسحب يدك بسرعة ]] !!

فقلت بأبي وأمي أنت يا رسول الله ما هذا ؟!! قال: من مصافحة إخوانك من الجن ، فإنّهم مخلوقون من نار {{ وخلق الجان من مارج من نار }} فقال ابن مسعود : يا رسول الله سمعت أزيزا ، وسمعت أصواتا !!

قال له - صلى الله عليه وسلم - :

أما تلك الأصوات فسلامهم عليّ ، وهم يودعونني مرتحلين إلى بلادهم . قال : سمعتك تقول ولكم كل عظم وروث !؟
فقال له : أخبرتهم بعد إسلامهم ، أنه لا يحل لهم أن يعتدوا على طعام مسلم فيأكلوا منه ، فقالوا : يا رسول الله، يضيق بنا الرزق [[يعني بصير صعب علينا نلاقي أكل]] فقلت لهم : لكم كل عظم وروث ، أما كل عظم ، فلكم أن تجدوه مكسوا لحما كما كان [[ نحن نرمي العظام بعد الأكل وعالم الجن لا نراه ، ولا نرى ما يأكلون ، أما في عالمهم هذا العظم يكسوه الله لحما يأكله إخواننا من الجن ، وكل روث تعود علفا لدوابهم ، ... بقايا الخضرة مثلا : ترمي قشرة البطيخ ، يكسوها الله في عالمهم ليطعموا دوابهم ]] .

وقد جاء تشريع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك قال - صلى الله عليه وسلم


- : {{ إذا قضى أحدكم حاجته ، فلا تستنجوا بعظم ولا روث ، فإنّه طعام إخوانكم من الجن }} . فيا مؤمن لك إخوان من الجن المسلمين ، إخواننا في لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فكل عظم ترميه ، اذكر اسم الله عليه ، لأنه يرجع لإخواننا المسلمين من الجن لحما يأكلون منه .
يقول ابن مسعود: ثم أخذني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأراني مباركهم ، وآثار نيرانهم ، فقد صنعوا طعاما ، وشربوا شرباً في جلوسهم عند النبي صلى الله عليه وسلم .

وفي إسلام الجن ومبايعتهم جبر خاطر لقلب رسولنا الكريم ، [[ بمعنى إذا رفضت الطائف دعوتك يا رسول الله سأصرف إليك نفر من الجن ليدخلوا في هذا الدين ]] .

والمسلم على يقين أن الجن المسلم لا يؤذي أحدا ، وأنهم غير قادرين على دفع الأذى أو جلب الخير للبشر، أو العلم بالغيب كما يدّعي الدجالون و المشعوذون، فالأمور كلها بيد الله ، و الشعوذة و الدجل و ادّعاء العلم بالغيب في التعامل مع الجن ، كل ذلك غير مقبول في شريعتنا ، و المسلم يعالج مس و أذى الجن الكافر بالقرآن و الذكر و الدعاء كما علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم .
______


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم – في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-27-20, 07:52 AM
هذا الحبيب « 84 »
السيرة النبوية العطرة (( الإسراء والمعراج .. الجزء الأول ))
________

دخل مكة - صلى الله عليه وسلم - بجوار المطعم بن عدي بعد أن رجع من الطائف ، ولم يلق منهم أي خير ، وفي هذه الظروف الصعبة ، كانت رحلة {{ الإسراء والمعراج }} كأنها جاءت مواساة لِما لاقاه من أهل الطائف وقريش وكأن الله يقول لنبيه - صلى الله عليه وسلم - :

{{ إذا كان هذا ما لقيته يا رسول الله من أهل الأرض ، فتعال وانظر إلى مكانتك عند أهل السماء }}.
الإسراء والمعراج ... ليست مناماً كما يدّعي البعض
قال تعالى :

{{سبحان الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ أنهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }} ، تبدأ الآية الكريمة بقوله تعالى : {{ سبحان } ،والتسبيح [[ هو تنزيه الله تعالى عن النقص والعجز]] ، فعندما يقول :

{{سبحان الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ }} ، يعني هذا الإسراء أمر معجز وعظيم ، ولو كان الأمر مناماً - كما يجادل البعض في هذا الأمر- لما كان معجزاً ، وما كان مستعظماً، ثم قال :

{{ بِعَبْدِهِ }} ، والعبد هو مجموع الجسد والروح ، ولو كانت رحلة {{ الإسراء والمعراج }} مناماً ، لما سخرت قريش وضاجت و استهزأت عندما أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الرحلة ؛ ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر قريشا أنه رأى في نومه كذا وكذا ، لما قامت الدنيا وقعدت عندما أخبرهم !!

لأن [[ أي واحد منا لو يرى مناما : كأن يسافر مثلا أو يطير أو يصعد فوق الغيوم ، ثم يخبرأي إنسان بما رأى، لما أنكرعليه كلامه ]] ، فهذا أمر طبيعي عند البشر .

لم تمض ليلتان أو ثلاث على إيمان الجن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - [[ أرجح الروايات تقول الليلة السابعة من رجوع النبي من الطائف ]] ، وكان يبيت في بيت أم هانئ

[[ بنت أبي طالب ، أخت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بنت عم النبي ]] ، وكان في الخمسين من العمر .
هناك روايات كثيرة تعددت : بعضها يقول : كان في حجر الكعبة ، والبعض قال : في بيته، ولكن أكثر الروايات في بيت أم هانئ ، نحن نأخذ جوهر الموضوع ، ليس مهما أين كان النبي ؟ المهم جاءه جبريل في منتصف الليل ، جاء جبريل وناداه ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - نائما فأيقظه جبريل من النوم، وسلم عليه، وقال له : يا محمد ، استعد للقاء الله ... للقاء الله !! كيف سيكون لقاء الله ؟!!! قال له جبريل : الله يدعوك لزيارته ،،، الله يدعوني لزيارته ؟! قال : نعم ، الله يدعوك لزيارته في السماوات .

نقف هنا عند موضوع مهم ، لنغسل أذهاننا من بعض الشوائب العالقة :
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أعلم الخلق بالله عزوجل ، ومن شرعه - صلى الله عليه وسلم - تعلمنا {{ أن الله عزوجل }}

لا يقالُ عنه متى كان ؟ولا أين كان ، ولا كيف ؟؟ لا يتقيدُ بالزمان ، ولا يتخصصُ بالمكان ، ولا يشغلهُ شأن عن شأن، ولا يلحقهُ وهمٌ ، ولا يكتَنِفُهُ عقلٌ، ولا يتخصَّصُ بالذهن، ولا يتمثلُ في النفس، ولا يتصور في الوهم ، ولا يتكيّفُ في العقلِ ، لا تلحقهُ الأوهام والأفكار {{ لَيْسَ كَمِثلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }} .

سؤال : لو قلنا لأي إنسان قم لزيارة ربك ، هل الله عزوجل يتخصص بمكان لأذهب لذلك المكان حتى أصل إليه ؟؟!! الله عزوجل معنا أينما كنا : {{ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }} إذن ؛ كيف يذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - للقاء الله ؟؟

الحديث ببساطة أن هذا الانتقال في رحلة الإسراء و المعراج هو كرامة لنبينا - صلى الله عليه وسلم – وبيان منزلته العظيمة عند الله .
فالله عزّ وجل - مقدس عن الجهات ، ولا يوصل إليه بالحركات

[[ يعني أية وسيلة مواصلات لا تنفع للوصول إلى الله، حتى البراق ]] ، ومن اعتقد أنه سبحانه وتعالى يوصل إليه بالخُطى [[ أي بالمشي والسفر ]] فقد وقع بالخَطأ ، فما حدث هو كرامة ومعجزة خاصة بالرسول – صلى الله عليه و سلم - حتى أنّ أهل السماء جميعهم ، مفتقرون إلى الله ، متشوقون لقربه ، وكل الأبواب مسدودة بينهم وبين الله ، إلا بابا واحدا، هو محمد رسول الله ،

لا ينظرون إلى موضع في السماء منذ أن خلقهم الله ، إلا وجدوا اسم الله مقرونا بمحمد ، {{ لا إله إلا الله ، محمد رسول الله }} قال تعالى : {{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }} .

صلوا ياملائكتي على محمد ، تصلكم أنواري ومعرفتي ، فالله يصلي عليه ، ويمده بالأنوار الإلهية ، وتستمد منه الخلائق - كل الخلائق - الأنوار المحمدية ، {{ إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ }} ، حتى الأنبياء مأمورون باتباعه - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يُخلق ، مأمورون هم و من تبعهم من قبل :

{{ وَإِذْ أخذ ٱللَّه مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّنَ لَمَآ ءَاتَيْتُكُم مِّن كِتَٰبٍۢ وَحِكْمَةٍۢ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥ ۚ قَالَ ءَأَقْرَرْتُمْ وَأخذتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِى ۖ قَالُوٓاْ أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأنا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّهِدِينَ }} .

{{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }} ،

كان الملأ الأعلى كلهم ، ينتظرون عروجه - صلى الله عليه وسلم - وكأنهم يقولون : نحن من العالمين ، فلا بد لنا من نصيب من تلك الرحمة ، فشرّف عالم الملكوت ، كما شرفت عالم الملك ، وشرف بقدميك قبة السماء ، كما شرفت بهما أديم البطحاء .

وقد أسري بالرسول – صلى الله عليه وسلّم – بالروح و الجسد ، وليس بالروح فقط كما تحدّثت بعض الروايات ، فهي معجزة خالدة ، وليس مناما.

لو أردت أن أذكر تفاصيل الإسراء والمعراج ، الضعيف منها والصحيح ، لذكرت أمورا كثيرة ... ولكن سأكتفي بما ورد بالصحيح منها في كلامي لأني لا أحب الجدال ، فنحن أصبحنا في زمن لا يجيد فيه بعضنا غير الجدال
_______

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-27-20, 07:53 AM
هذا الحبيب « 85 »

السيرة النبوية العطرة (( الإسراء والمعراج ، الجزء الثاني ))
_________

قال جبريل : استعد للقاء الله ، فالله يدعوك ، لزيارته في السماوات،[[ وما أجملها من رسالة من الله لحبيبه محمد - صلى الله عليه وسلم -

أعز خلقه وأقربهم إليه ، إذا كانت الطائف وقريش أغلقت في وجهك أبوابها فها هو- الله عزوجل - يفتح لك أبواب السماوات السبع ، وإن لم يكونوا أعطوك نصراً ولم يحسنوا ضيافتك فالله رب العالمين يعطيك نصره هذه الليلة، وإذا كان أهل الطائف وأهل مكة ، لم يؤمنوا بك ولم يتّبعوك ،

فأنا سأجعل ملائكة السماوات السبع كلها ، والأنبياء والمرسلين من لدن آدم إلى عيسى، يُصلون خلفك في هذه الليلة ]] ، فكانت الإسراء والمعراج دعوة تكريم من الله لنبيه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم .

فقام النبي - صلى الله عليه وسلم – واغتسل ، ثم طلب منه جبريل أن يعتم بعمامة سوداء ، فلبس - صلى الله عليه وسلم - عمامة سوداء ، لها ذؤابتان [[ الذؤابة : طرف العمامة يرخيها على كتفه ، وقد دخل يوم فتح مكة - صلى الله عليه وسلم - وهو يلبسها ]] ، ثم مشى مع جبريل إلى الكعبة ، فطاف بها سبعة ، و صلى ركعتين ثم قدم له جبريل دابة اسمها {{ البراق } ،

يصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه قال : هو اسم دابة فوق الحمار ودون الفرس [[ يعني أكبر من الحمار بقليل، وأصغر من الحصان ، نسميه بغلا حجمه بحجم البغل ]] ، لونه أبيض ، فلما اقترب منه النبي بدأ البراق يتفلت ! [[ يعني مثل الدابة التي ترفض أن يركبها أحد ]] .

فقال له جبريل : أتصنع هذا بمحمد ؟ !!!

والذي نفسي بيده ما ركبك أحد أفضل من محمد .[[هنا نستفيد أن البراق كان مركوب الأنبياء، وجبريل يؤكد أن أكرم الأنبياء وأقربهم إلى الله هو محمد - صلى الله عليه وسلم - ]] ، فلما قال جبريل للبراق ذلك سكت البراق وأنصبّ عرقا ، [[حياء وخجلا من رسول الله ]] .
يصف النبي - صلى الله عليه وسلم - البراق لأصحابه : إن له بين يديه وفخذيه جناحين يطير بهما ، يضع حافره عند منتهى طرفه ، بمعنى [[ إن أبصر مسافة ٣٠ كيلو مثلا ، يكون حافره عند ال ٣٠ كيلو ]] .

ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - على البراق ، ثم ارتقى به في السماء بعد منتصف الليل، والدليل أنه بعد منتصف الليل قوله تعالى : {{سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً }} ، أسرى : [[ كانت تقول العرب إذا سافر الرجل بعد منتصف الليل سرى في الليل قبل طلوع الفجر ]] ، أما إذا سافر أول الليل ، [[ يقولون : أدلج أي، خرج في وقت العتمة ]] . . .

يتبع
_______


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم

عطاء دائم
10-28-20, 07:40 AM
هذا الحبيب « 86 »
السيرة النبوية العطرة ((الإسراء والمعراج ، الجزء الثالث))
________

قال تعالى :
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " لماذا سماه الله بالأقصى ؟

بيت المقدس بعيد عن الكعبة ، فسمي بالأقصى أي البعيد ، الأقصى يوجد له الأدنى الأقرب ، أي المسجد النبوي ، وهو يقع ما بين مكة والأقصى ، وهذه بشرى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وإن الله ناصره .

ثم انطلق به البراق، وسرى حتى إذا جاء بيت المقدس [[ الوقت ليل والإنارة لم تكن موجودة ، ودخلا ليلا .. الرسول لا يعرف من أين دخل ولا إلى أين سيصل ، جبريل هو دليله ]] .

هبط به إلى الصخرة المعروفة الآن {{ مسجد قبة الصخرة }} ، طبعا القبة لم تكن موجودة فوق الصخرة في ذلك الوقت ، فقط صخرة ، وكان فيها حلقة ؛ أي تفريغ بالصخرة . قال له جبريل : اربط البراق هنا فربطه ، ثم دخل بالنبي إلى المسجد فصلى ركعتين .

الروايات متعددة :
منهم من قال صلى ركعتين لوحده ، ثم عُرج به إلى السماء ؛ ولما نزل من السماء صلى بالأنبياء إماماً .

ومنهم من قال ، صلى بالأنبياء، ثم عُرج به إلى السماء
ولكن هناك حديث يرشدنا إلى الصواب من صحيح البخاري ومختصره في المعنى :

[[ كان كلما وصل إلى سماء استفتح ، ثم يُعرفه جبريل على كل نبي، في السماء الأولى يسأل النبي جبريل من هذا يا أخي جبريل ؟ هذا آدم يا محمد ، سلم عليه ، ويدعو له آدم . وفي السماء الثانية ابنيّ الخالة عيسى ويحيى ، وفي السماء الثالثة ، من هذا ؟.. هذا يوسف ... ]] ،

وهكذا كل سماء جبريل يُعرّف رسولنا الكريم على الأنبياء عليهم السلام .
هنا نطرح سؤالا :

هل من الصواب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالأنبياء في بيت المقدس ، ثم يُعرج به إلى السماء ؛ فيصبح لا يعرفهم ولا يتعرف عليهم ؟؟!!
فالربط الأصح بين اختلاف الروايات ، إن الصلاة حصلت مرتين ؛ أول ما وصل مع جبريل صلى ركعتين لوحده - صلى الله عليه وسلم - ثم عُرج به إلى السماء، وتعرف على الأنبياء، ثم هبط والأنبياء معه ، وصلى بهم ركعتين في المسجد الأقصى .

ثم قدم له جبريل الضيافة ، جاء له بطبق فيه كأسان؛ أحدهما من لبن [[ لبن يعني حليب اسمه عند العرب لبن ]] و الآخر من خمر ، فأخذ - صلى الله عليه وسلم - كأس اللبن وشرب، فقال له جبريل : هُديت إلى الفطرة ، وأخذتها لأمتك ، ثم عرج به - صلى الله عليه وسلم - إلى السموات السبع .


كيف عُرج به ؟؟

جهزه الله لهذا العروج ، لأنه سيجتاز مرحلة الجاذبية ؛ مرحلة اللاهواء التي يخاف منها ركاب الفضاء فيأخذون الأكسجين المخزن ، فكيف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - سيُعرج به إلى السماوات السبع كلها ؟؟

فأعدّه الله إعدادا ملائكيا يصلح لهذا الصعود ؛عرج - صلى الله عليه وسلم - السماوات السبع ، وبدأ بالسماء الدنيا ؛ والسماء الدنيا فيها الشمس والنجوم والكواكب والمجرات و الدليل قوله تعالى :

{{ إنا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ }} ، فكل هذه تقع في السماء الدنيا .

عرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما وصل للسماء الدنيا استأذن جبريل [[ وليس معنى استأذن أنه يطرق الباب !! ولكن السماوات محروسة بالملائكة ، ومهمتهم أن لا يدخل أحد منها إلا بإذن ، ذلك تقدير العزيز العليم ]] ،

فاستأذن جبريل ، قيل : من معك ؟

قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحبا به ، ونعم المجيء . . .

يتبع
___________

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


SEO by vBSEO 3.6.1