المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة للمشاركة بقصة ..


الصفحات : 1 2 3 [4]

الْياسَمِينْ
01-08-24, 08:02 PM
بداية قصة جديدة

هل تذكر يا "علي"؟
.. كان السهر يقتصنا من الفراش، فننتقم منه بسحق السجائر تدخينا يبدي يأسنا الكبير..
كان الليل راكدا، مضطرا، يرقد على قلوبنا المعتمة بكل ثقله، وأكواب الشاي الأسود البارد مقلوبة حولنا بفوضى نمارسها كل ليلة حتى الصباح..

هل تذكر يا "علي" ؟ بالتأكيد، ولكنك تتناسى كي لا تخطفك الذكريات الكئيبة من أضوائك المبهرة التي تعيشها الآن..
أما أنا فلم أستطع التخلص من الماضي الذي يهزمني قبل التفكير بمحاربته.
كأن روح الليل كانت تتوشح بلونه مما يضفي حولنا اكتئابا أسود، أما النهار فلا يجعلنا نرتدي سوى حرارته التي لا تطاق، ورغم ترديدك أن اليأس ما هو إلا قسوة نفرضها على أنفسنا، إلا أنك كنت تتأفف في كل مرة أراك فيها…

الْياسَمِينْ
01-09-24, 02:35 PM
هل تذكر يا "علي" ؟ بالتأكيد، ولكنك تتناسى كي لا تخطفك الذكريات الكئيبة من أضوائك المبهرة التي تعيشها الآن..
أما أنا فلم أستطع التخلص من الماضي الذي يهزمني قبل التفكير بمحاربته.
كأن روح الليل كانت تتوشح بلونه مما يضفي حولنا اكتئابا أسود، أما النهار فلا يجعلنا نرتدي سوى حرارته التي لا تطاق، ورغم ترديدك أن اليأس ما هو إلا قسوة نفرضها على أنفسنا، إلا أنك كنت تتأفف في كل مرة أراك فيها…

‏قلت لي مرة: " ‏أن العلماء هم سبيل الأعمى لوصف العالم‏ ، وهاجرت أنت، تركتني مع الليل وحدي أتردد على هذا المكان، وإحساس بالحب " الأمومي" يراودني.
أجبتك آنئذ بتردد:" إن المنطق وحده يقود إلى لا شيء.." فتداركت أنت بكلام كثير لا أذكره الآن ، ولكنني أذكر عندما قلت لي:" لا تتوغل في ذاتك أكثر ، كي لا يزداد رفضك للآخرين ، إلى أن ترفض ذاتك أيضا!"

مايكرو7
01-09-24, 04:50 PM
شكرا كثير لحضرتكم

الْياسَمِينْ
01-11-24, 11:10 PM
‏قلت لي مرة: " ‏أن العلماء هم سبيل الأعمى لوصف العالم‏ ، وهاجرت أنت، تركتني مع الليل وحدي أتردد على هذا المكان، وإحساس بالحب " الأمومي" يراودني.
أجبتك آنئذ بتردد:" إن المنطق وحده يقود إلى لا شيء.." فتداركت أنت بكلام كثير لا أذكره الآن ، ولكنني أذكر عندما قلت لي:" لا تتوغل في ذاتك أكثر ، كي لا يزداد رفضك للآخرين ، إلى أن ترفض ذاتك أيضا!"
غضبت وأنا أتسائل عما تعني، فأجبتني بإصرار: "أنا لا أقول إلا ما أعنيه"..
‏كان علينا أن ندفع تمن حريتنا، وهي غالية الثمن يا "علي" ، وتوزعنا في الدنيا لتمر أمامنا الأيام مسرعة كمن يسحب أمامه شريط فيلم سينمائي.
‏أطلت الغياب، كتبت من بعيد: "ما أطيب أن تكون غريبا في مدينة غريبة مع من تحب ".
شعرت بالغيرة لحظتها كتبت لك : "لا تتوغل في ذوات الآخرين أكثر مما يجب لكي لا تفقدهم"!.

الْياسَمِينْ
01-12-24, 09:46 PM
غضبت وأنا أتسائل عما تعني، فأجبتني بإصرار: "أنا لا أقول إلا ما أعنيه"..
‏كان علينا أن ندفع تمن حريتنا، وهي غالية الثمن يا "علي" ، وتوزعنا في الدنيا لتمر أمامنا الأيام مسرعة كمن يسحب أمامه شريط فيلم سينمائي.
‏أطلت الغياب، كتبت من بعيد: "ما أطيب أن تكون غريبا في مدينة غريبة مع من تحب ".
شعرت بالغيرة لحظتها كتبت لك : "لا تتوغل في ذوات الآخرين أكثر مما يجب لكي لا تفقدهم"!.


‏خيوط غير مترابطة هذه التي أتذكرها معك، ولكنك صورة مكتملة بين يدي لا أستطيع أن أكتبها، تذكر وافعل ذلك أنت، فأنا لم أقدر وأشعر إنك نسيت.
كل ما أستطيعه أن أنقل لك كل أيامي الآن..
وها هي المنفضة مقلوبة، وأعقاب السجائر مبعثرة حولي، والشاي الأسود البارد والليل يدفنني برمال اليأس والغضب..

الْياسَمِينْ
01-14-24, 12:04 PM
‏خيوط غير مترابطة هذه التي أتذكرها معك، ولكنك صورة مكتملة بين يدي لا أستطيع أن أكتبها، تذكر وافعل ذلك أنت، فأنا لم أقدر وأشعر إنك نسيت.
كل ما أستطيعه أن أنقل لك كل أيامي الآن..
وها هي المنفضة مقلوبة، وأعقاب السجائر مبعثرة حولي، والشاي الأسود البارد والليل يدفنني برمال اليأس والغضب..

تطورت كثيرا، ولكن الصورة تلك ترفض مفارقتي.
هل تذكر المحقق التي كنت بين يديه يوما عندما تشاجرنا في الحديقة مع " بائع الآيس كريم"؟!
بالأمس كنت بين يديه وكاد يعاود حجزي كما فعل معنا من قبل..
ولكنه اكتفى أن صفعني مرة واحدة فقط!!
شيء عظيم أليس كذلك؟!

الْياسَمِينْ
01-16-24, 06:58 PM
تطورت كثيرا، ولكن الصورة تلك ترفض مفارقتي.
هل تذكر المحقق التي كنت بين يديه يوما عندما تشاجرنا في الحديقة مع " بائع الآيس كريم"؟!
بالأمس كنت بين يديه وكاد يعاود حجزي كما فعل معنا من قبل..
ولكنه اكتفى أن صفعني مرة واحدة فقط!!
شيء عظيم أليس كذلك؟!

أحد المعارف توسط لي عنده قبل أن أدخل لمكتبه.
بعد ذلك كان أن قبض على فكي، وصرخ في وجهي " افتح فمك" ! باستسلام فعلت، فابتعد بتقزز مفتعل:
" خيبك الله ويسكي"؟!
هل تذكرت أول سيجارة قدمتها لي، وأنت تردد وتغمز بعينك: " ستكون أبهى أمام الفتيات.."
قبلتها على مضض، ومنذ لك اليوم رفضت السجائر كل فكرة أن أفارقها.
‏هل تذكر عندما تبرعت بدمك لتحصل على العشرة دنانير، وقاسمتني المبلغ عندما رفضوني، كم أحببتك في اللحظة تلك.

الْياسَمِينْ
01-17-24, 09:00 PM
أحد المعارف توسط لي عنده قبل أن أدخل لمكتبه.
بعد ذلك كان أن قبض على فكي، وصرخ في وجهي " افتح فمك" ! باستسلام فعلت، فابتعد بتقزز مفتعل:
" خيبك الله ويسكي"؟!
هل تذكرت أول سيجارة قدمتها لي، وأنت تردد وتغمز بعينك: " ستكون أبهى أمام الفتيات.."
قبلتها على مضض، ومنذ لك اليوم رفضت السجائر كل فكرة أن أفارقها.
‏هل تذكر عندما تبرعت بدمك لتحصل على العشرة دنانير، وقاسمتني المبلغ عندما رفضوني، كم أحببتك في اللحظة تلك.

في إحدى المرات كدت ‏اعترف أمام المحقق عندما سألني : "من هذا الأحمق الذي علمك ألا تُطأطئ الغير له؟!"
لكنك الآن لم تعد" علي" ‏ذاك فقد تخلصت من كل ماضيك الرائع، بينما تمسكت أنا بماضيّ القبيح.
‏كأن ‏السنين تتداخل، كأن الزمان استدار فجأة ، فأصبح الماضي هو مستقبلنا . منذ سنوات عشر لم تكتب لي رسائلك أصبحت أكثر سطحية ، تصغر أكثر كل مرة، لم تعد تبعث لي في المناسبات التي عشناها معا لحظة بلحظة .

الْياسَمِينْ
01-19-24, 01:50 PM
في إحدى المرات كدت ‏اعترف أمام المحقق عندما سألني : "من هذا الأحمق الذي علمك ألا تُطأطئ الغير له؟!"
لكنك الآن لم تعد" علي" ‏ذاك فقد تخلصت من كل ماضيك الرائع، بينما تمسكت أنا بماضيّ القبيح.
‏كأن ‏السنين تتداخل، كأن الزمان استدار فجأة ، فأصبح الماضي هو مستقبلنا . منذ سنوات عشر لم تكتب لي رسائلك أصبحت أكثر سطحية ، تصغر أكثر كل مرة، لم تعد تبعث لي في المناسبات التي عشناها معا لحظة بلحظة .
ثم أصبح الزمن يطول وأنا انتظر، اذهب للبريد في كل يوم حتى رأيت الشفقة في عيون العمال نحوي .
و انتهيت!…
‏الآن أتذكر من جديد، وأتذكر حلمي بالرحيل، الذي نفذته أنت ..
-الذين يسرقون التاريخ، ويسرقون أفكار الآخرين لينسبوها لأنفسهم، ‏هم الذين يرقدون على رؤوس الآخرين.
‏في المطار تحسرت كثيرا، ضممتني وأنت تبتسم بمرح كمن يقبل على مغامرة يحبها، بينما بكيت أنا.
قلت لي: " ‏يؤلمني أن تواصل لمعركة لتستخرج لقمتك من بين أسنان الخنازير ".وافترقنا عند شبابيك الحاجز ،عندما منعوني من الدخول وغص قلبي بالحزن :"من هنا تبدأ الحياة".

الْياسَمِينْ
01-22-24, 10:26 AM
ثم أصبح الزمن يطول وأنا انتظر، اذهب للبريد في كل يوم حتى رأيت الشفقة في عيون العمال نحوي .
و انتهيت!…
‏الآن أتذكر من جديد، وأتذكر حلمي بالرحيل، الذي نفذته أنت ..
-الذين يسرقون التاريخ، ويسرقون أفكار الآخرين لينسبوها لأنفسهم، ‏هم الذين يرقدون على رؤوس الآخرين.
‏في المطار تحسرت كثيرا، ضممتني وأنت تبتسم بمرح كمن يقبل على مغامرة يحبها، بينما بكيت أنا.
قلت لي: " ‏يؤلمني أن تواصل لمعركة لتستخرج لقمتك من بين أسنان الخنازير ".وافترقنا عند شبابيك الحاجز ،عندما منعوني من الدخول وغص قلبي بالحزن :"من هنا تبدأ الحياة".

اقلب صورك الآن، احتفظ بكل صورة تلك التي صورناها معا في كل مكان، اما الصورة الاخيرة التي بعثتها لي من الملهى الليلي مع إحدى الراقصات فقد رميتها في القمامة هي والرسالة دون أن أقرأها.
‏أحسست أنك لم تكن تنظر إلى الكاميرا وتبتسم، وإنما كنت تنظر لي، صوّرتها فقط لتبعثها لي، لتغيظني!

الْياسَمِينْ
01-23-24, 08:34 AM
اقلب صورك الآن، احتفظ بكل صورة تلك التي صورناها معا في كل مكان، اما الصورة الاخيرة التي بعثتها لي من الملهى الليلي مع إحدى الراقصات فقد رميتها في القمامة هي والرسالة دون أن أقرأها.
‏أحسست أنك لم تكن تنظر إلى الكاميرا وتبتسم، وإنما كنت تنظر لي، صوّرتها فقط لتبعثها لي، لتغيظني!

يسألونني عنك كثيرا، بالذات" دلال " قسوت على نفسي كثيرا وأنا أطردها عندما أبدت إعجابها بي، بعد أن أعلنت نهاية حبها لك قبل سفرك بستة أيام، لم يكن تصرفي ذلك يا وفاء لك، وإنما انتقاما منها لأنها لم تحبني اثنا وجودك ، وقد فتنتني عيناها بشبقهما المقصود.
‏قبل أيام كنت أفكر في الهجرة و أجتر حقدي عليك لأنك سرقت حلمي، ولكنك أعدتني إلى العدول عندما قررت العودة بعد هذه السنوات.
‏ما زلت اغرق في الكتب، وأتمنى لا تعود، وقد قررت ألا أستقبلك في المطار

انتهت

حادي العيس
01-23-24, 08:46 AM
موضوع مشبع يتقاطر أدباً

يضاف للاشتراكات :)
عدت للبداية وتوقفت مع ابتداء القصة الثانية
لي عودة بالتأكيد لإلتهام الادب هنا



أصدقك القول .. غنــية انتي يا ياسمين

الْياسَمِينْ
01-23-24, 03:52 PM
موضوع مشبع يتقاطر أدباً

يضاف للاشتراكات :)
عدت للبداية وتوقفت مع ابتداء القصة الثانية
لي عودة بالتأكيد لإلتهام الادب هنا



أصدقك القول .. غنــية انتي يا ياسمين

هيا شاركني القصة الجديدة أخي حادي
كان بشاركني البعض هنا
ثم اختفوا ، أتمنى أن يكونوا بخير

سأبدأ بقصة جديدة :Dl3:

الْياسَمِينْ
01-23-24, 03:55 PM
بداية قصة

رائحة الأدوية والمطهرات تزكم الأنوف ، تغزو أنفي كلما سرت في ممرات المستشفى، كلما ارتشفت منها رئتي رشفة غرقت في اكتئاب مدوي . أرغب في البكاء ولا أستطيع ، أبحث عن فكرة مطمئنة أتدثر بها من فظاعة ذلك الشعور، من عنف الخواء ، من بطش وسطوة الكآبة والقلق ، لحظات كتلك كنت أبكي دون دموع ….

الْياسَمِينْ
01-24-24, 02:06 PM
بداية قصة

رائحة الأدوية والمطهرات تزكم الأنوف ، تغزو أنفي كلما سرت في ممرات المستشفى، كلما ارتشفت منها رئتي رشفة غرقت في اكتئاب مدوي . أرغب في البكاء ولا أستطيع ، أبحث عن فكرة مطمئنة أتدثر بها من فظاعة ذلك الشعور، من عنف الخواء ، من بطش وسطوة الكآبة والقلق ، لحظات كتلك كنت أبكي دون دموع ….

وأصرخ دون صوت ، بينما وجه أختي –أفنان– يزداد شحوباً كل يوم .

أمي التي قاربت الخامسة والأربعين من العمر تستيقظ مع العصافير كل صباح ، تنظف الغرفة وتمسح زجاج النافذة بهدوء طاغي ، لا تكسر صفاء الصباح بأحاديث لا داعي لها ، تظل مبتسمة رغم ما تشعر به من آلام المفاصل ، تضع في الحقيبة التي بجانب السرير بعضاً من الملابس النظيفة ، كما وتسرد على الممرضة ما أعدته من طعام منزلي صحي منذ ساعات الصباح الأولى ، وتستعطفها أن تكون حريصة أن تتناول أفنان شيئًا منه عندما تصحو ، ثم تهرع للعمل في مصنع العصائر عند الثامنة.

حادي العيس
01-24-24, 05:49 PM
أعلم بأني الملامة .. موقنة بأن مافعلته لا يغتفر .. تتصيدني أشباح الذنب المُعتَمة
احــاول أن اغافل ضميري بخدمة افنــان، اشاغل فكري وذاتي ..
لكنه لا ينفك يعود ينهش بقايا وعيي.
يزرع مخالبه الطــويلة وكأن تياراً كهربائياً يسري في جسمي ..

هل أصارح أمي بما فعلته ؟ مالذي ستفعله بها الحقيقة .. وماذا عن أفنان ؟ سؤالٌ يقتات يومي

الْياسَمِينْ
01-26-24, 10:57 AM
أعلم بأني الملامة .. موقنة بأن مافعلته لا يغتفر .. تتصيدني أشباح الذنب المُعتَمة
احــاول أن اغافل ضميري بخدمة افنــان، اشاغل فكري وذاتي ..
لكنه لا ينفك يعود ينهش بقايا وعيي.
يزرع مخالبه الطــويلة وكأن تياراً كهربائياً يسري في جسمي ..

هل أصارح أمي بما فعلته ؟ مالذي ستفعله بها الحقيقة .. وماذا عن أفنان ؟ سؤالٌ يقتات يومي

بينما أجلس على الكرسي الخشبي بجانب السرير، أرقب عينيها الغارقتين متابعة حركة الستارة البيضاء المتراقصة مع الهواء اللطيف، وأنا اقرأ كتاب أو أثرثر عن شيء ما ، وحين أصمت يعم السكون الغرفة، فاتجه برأسي نحو النافذة ، والستارة البيضاء تبدو عابسة ومتجهمة دون حراك ، قد فقدت الإيقاع دون هواء يهزها بلطف، النسيم اختفى، وأفنان هائمة في عالم آخر لا أدري عنه شيئاً.

الْياسَمِينْ
01-27-24, 11:47 PM
بينما أجلس على الكرسي الخشبي بجانب السرير، أرقب عينيها الغارقتين متابعة حركة الستارة البيضاء المتراقصة مع الهواء اللطيف، وأنا اقرأ كتاب أو أثرثر عن شيء ما ، وحين أصمت يعم السكون الغرفة، فاتجه برأسي نحو النافذة ، والستارة البيضاء تبدو عابسة ومتجهمة دون حراك ، قد فقدت الإيقاع دون هواء يهزها بلطف، النسيم اختفى، وأفنان هائمة في عالم آخر لا أدري عنه شيئاً.

" الرياح فاترة اليوم ! " .. ثم تنهدت بعمق ..
- هل نحظى بجولة في حديقة المستشفى؟
أومأت أفنان برأسها في قبول ...
خرجنا من الغرفة حيث كان الجو لطيفًا في الخارج . العصافير تزقزق في أعشاشها الخبيئة بين الأشجار، السحب البيضاء تسبح في الأفق في سلام، وفجأة إذ بها تعاتبني عن الحلوى التي تلصصتها من الثلاجة يوم غابت عن الوعي وأسعفت للمستشفى لنكتشف بعدها أنها مصابة باللوكيما ، في ذلك اليوم أيضًا أصيب أبي بشلل نصفي أثر حادث مروري وهو في طريقه إلينا في المستشفى ….

فيّاض الأحاسيس
01-28-24, 03:20 PM
" الرياح فاترة اليوم ! " .. ثم تنهدت بعمق ..
- هل نحظى بجولة في حديقة المستشفى؟
أومأت أفنان برأسها في قبول ...
خرجنا من الغرفة حيث كان الجو لطيفًا في الخارج . العصافير تزقزق في أعشاشها الخبيئة بين الأشجار، السحب البيضاء تسبح في الأفق في سلام، وفجأة إذ بها تعاتبني عن الحلوى التي تلصصتها من الثلاجة يوم غابت عن الوعي وأسعفت للمستشفى لنكتشف بعدها أنها مصابة باللوكيما ، في ذلك اليوم أيضًا أصيب أبي بشلل نصفي أثر حادث مروري وهو في طريقه إلينا في المستشفى ….


كان يوما عصيبا .. توالت فيه المصائب ،،،
انتابتني حالة من اليأس .. شعرت بأن الأحزان فرشي وغطائي ،،،
لكن .. مع هذه الغيمة من الأحزان التي أظلتني تفجرت ينابيع الأمل
من أرض الإيمان التي أعيش عليها وبها،،،
أليس ربي هو من يقدر الأقدار ،،،
أليس أمر المؤمن كله خير في سرائه وضرائه ،،،
وهنا توقفت .. لأنطلق بحياة وتفكير آخر يملأه الفرح بديلا عن الحزن،،،
صمّمت في داخلي ألا أحزن أو أُظهر الحزن ،،،
سأكون نسيما عليلا يُدخل البهجة والسرور والانشراح لصدر والدي وأختي
سأنسيهم الألم وأجعل حياتهم وحياتي كلها أمل ،،،
واعجبا .. كيف تصرعنا الأحزان ومن يدبر أمورنا هو الحكيم العليم !!!

الْياسَمِينْ
01-30-24, 07:35 PM
" الرياح فاترة اليوم ! " .. ثم تنهدت بعمق ..
- هل نحظى بجولة في حديقة المستشفى؟
أومأت أفنان برأسها في قبول ...
خرجنا من الغرفة حيث كان الجو لطيفًا في الخارج . العصافير تزقزق في أعشاشها الخبيئة بين الأشجار، السحب البيضاء تسبح في الأفق في سلام، وفجأة إذ بها تعاتبني عن الحلوى التي تلصصتها من الثلاجة يوم غابت عن الوعي وأسعفت للمستشفى لنكتشف بعدها أنها مصابة باللوكيما ، في ذلك اليوم أيضًا أصيب أبي بشلل نصفي أثر حادث مروري وهو في طريقه إلينا في المستشفى ….


كان يوما عصيبا .. توالت فيه المصائب ،،،
انتابتني حالة من اليأس .. شعرت بأن الأحزان فرشي وغطائي ،،،
لكن .. مع هذه الغيمة من الأحزان التي أظلتني تفجرت ينابيع الأمل
من أرض الإيمان التي أعيش عليها وبها،،،
أليس ربي هو من يقدر الأقدار ،،،
أليس أمر المؤمن كله خير في سرائه وضرائه ،،،
وهنا توقفت .. لأنطلق بحياة وتفكير آخر يملأه الفرح بديلا عن الحزن،،،
صمّمت في داخلي ألا أحزن أو أُظهر الحزن ،،،
سأكون نسيما عليلا يُدخل البهجة والسرور والانشراح لصدر والدي وأختي
سأنسيهم الألم وأجعل حياتهم وحياتي كلها أمل ،،،
واعجبا .. كيف تصرعنا الأحزان ومن يدبر أمورنا هو الحكيم العليم !!!



كان يوماً غائماً وقد قاربت السماء على مطر غزير. لم ينفك من ذاكرتي صوت ارتطام حبات المطر بزجاج النافذة ، وصوت بكاء أفنان تحت الغطاء لساعة متأخرة من تلك الليلة. خشيت أن تتدفق الجروح من ثقب الحلوى . أزحت الحديث لمربع آخر في تساؤل هامشي عن الربيع القادم ، عن الزهور التي لم تتفتح بعد، بينما كنا نرقب طفل يناضل لرفع طائرته الورقية وهو يركض في الحديقة باحثاً عن الهواء.

ذهبت باتجاه الطفل أساعده في رفع الطائرة للأعلى ، فصاح علي موبخاً وضحكت أفنان ، حينها سقطت كل الهموم في بحر عميق ، بينما برزت على الشاطئ أصداف. كان الرمل رطباً ، غُمرنا بمياه البحر في موج قصير ولطيف ، ثم عاد منسحباً لأدراجه ، وعدنا مجدداً للغرفة الكئيبة. ‏

انتهت

قلم
02-04-24, 11:28 AM
سأسمح لنفسي بداية قصة جديدة وأتمنى مشاركتكم معي!


يا إلهي، من كان يدري أن ماحدث كان سيحدث وأن رنة الحزن ستمتد وتستطيل مثل وهج النار
من كان يدري أن البنت جورية، زينة الحي ، الطويلة الممتلئة ذات الغمازة العميقة الضاحكة ستدير ظهرها لعبود الذي منى العمر كله أن يأخذها بين ذراعيه في ضمة حانية لهوف ثم فليأت الطوفان؟!

الْياسَمِينْ
02-04-24, 04:42 PM
سأسمح لنفسي بداية قصة جديدة وأتمنى مشاركتكم معي!


يا إلهي، من كان يدري أن ماحدث كان سيحدث وأن رنة الحزن ستمتد وتستطيل مثل وهج النار
من كان يدري أن البنت جورية، زينة الحي ، الطويلة الممتلئة ذات الغمازة العميقة الضاحكة ستدير ظهرها لعبود الذي منى العمر كله أن يأخذها بين ذراعيه في ضمة حانية لهوف ثم فليأت الطوفان؟!
أبدا، ما من أحد من أبناء الحي، كان يشك بأنّ جورية الرهيفة قد تعبت كثيرا مع أمها العجوز التي تورمت ساقاها، فعجزت عن الحركة، وعادت مثل طفل صغير، تنظر بعينيها فقط، وتهمهم وتناغي من دون كلام..
لقد أقعدها المرض، فباتت تقضي شؤونها كلها في فرشتها الملونة التي شرعت بين حين وآخر، تطلق روائح لا تحبها جورية، تلك الروائح التي لا تشمها أمها أبدًا، لكأنها صارت جزءًا منها أو جزءًا من المكان

همسة: أخي قلم ليتك تضع الفواصل حتى يسهل علي الفهم :m9:..

قلم
02-05-24, 12:36 PM
أبدا، ما من أحد من أبناء الحي، كان يشك بأنّ جورية الرهيفة قد تعبت كثيرا مع أمها العجوز التي تورمت ساقاها، فعجزت عن الحركة، وعادت مثل طفل صغير، تنظر بعينيها فقط، وتهمهم وتناغي من دون كلام..
لقد أقعدها المرض، فباتت تقضي شؤونها كلها في فرشتها الملونة التي شرعت بين حين وآخر، تطلق روائح لا تحبها جورية، تلك الروائح التي لا تشمها أمها أبدًا، لكأنها صارت جزءًا منها أو جزءًا من المكان.

همسة: أخي قلم ليتك تضع الفواصل حتى يسهل علي الفهم :m9:..
تمام سأحاول وضع فواصل شكرا لك

كانت جورية، وفي غبشة الصباح، تفتح النافذة الوحيدة، وتنظف جسد أمها بعناية شديدة، تمسحه بالماء الدافئ والصابون ، وتدلك ساقيها بزيت الصابون الصافي، ثم تكنس أطراف الفراش وتسحب الأوساخ، وترش هواء الغرفة بالكولونيا ، وحتى يغدو كل شيء في تمامه، تغادر الغرفة، ونظر أمها عاكف عليها يطاردها بالرضا والاطمئنان.

الْياسَمِينْ
02-05-24, 12:59 PM
تمام سأحاول وضع فواصل شكرا لك

كانت جورية، وفي غبشة الصباح، تفتح النافذة الوحيدة، وتنظف جسد أمها بعناية شديدة، تمسحه بالماء الدافئ والصابون ، وتدلك ساقيها بزيت الصابون الصافي، ثم تكنس أطراف الفراش وتسحب الأوساخ، وترش هواء الغرفة بالكولونيا ، وحتى يغدو كل شيء في تمامه، تغادر الغرفة، ونظر أمها عاكف عليها يطاردها بالرضا والاطمئنان.
‏تغسل يديها ثم تهيئ طعام الإفطار لها ولأمها وسط حديث وحيد، وتمتمات حزينة وضحكات صغيرة مرتبكة، ورجاءات طويلة بأن يمن الله عليها بالشفاء تملأ بيتها بالحركة والأحاديث والضحكات الصاخبة لكن الرجاءات ظلت رجاءات والأماني يبست على الأماني..

الفاضل
02-06-24, 11:47 AM
بعد غياب أعود للمشاركة
أمسيكم بالخير
‏تغسل يديها ثم تهيئ طعام الإفطار لها ولأمها وسط حديث وحيد، وتمتمات حزينة وضحكات صغيرة مرتبكة، ورجاءات طويلة بأن يمن الله عليها بالشفاء تملأ بيتها بالحركة والأحاديث والضحكات الصاخبة لكن الرجاءات ظلت رجاءات والأماني يبست على الأماني..

منذ سنين بعيدة جاءت جورية إلى الحي مع أمها طفلة في الثامنة من عمرها، وردة أو تكاد أن تكون، سكنت مع أمها غرفة فوق السطوح مثل طيور الحمام، وبأجر زهيد كانت الأم تدفعه لأبي راجي صاحب البيت في نهاية كل شهر، بعدما عاشت وجورية في أحياء وبيوت عديدة على طيف من القلق والمخاوف من زوجها الذي طاردهما طويلا. .

الْياسَمِينْ
02-07-24, 09:02 AM
بعد غياب أعود للمشاركة
أمسيكم بالخير


منذ سنين بعيدة جاءت جورية إلى الحي مع أمها طفلة في الثامنة من عمرها، وردة أو تكاد أن تكون، سكنت مع أمها غرفة فوق السطوح مثل طيور الحمام، وبأجر زهيد كانت الأم تدفعه لأبي راجي صاحب البيت في نهاية كل شهر، بعدما عاشت وجورية في أحياء وبيوت عديدة على طيف من القلق والمخاوف من زوجها الذي طاردهما طويلا. .

كانت الأم تنتقي البيوت الظليلة المتوارية، وترتحل من مكان إلى آخر،وكانت كلما ازدادت طمأنينتها مع الناس تمحو المكان،لكنها مع الأيام امتدت نحو أهالي الحي،فعاشرتهم حتى صارت منهم، فتربت جورية مع الصبيان والبنات، وكونت لها معهم عداوات وصداقات…

! العذبة !
02-11-24, 07:37 AM
كانت الأم تنتقي البيوت الظليلة المتوارية، وترتحل من مكان إلى آخر،وكانت كلما ازدادت طمأنينتها مع الناس تمحو المكان،لكنها مع الأيام امتدت نحو أهالي الحي،فعاشرتهم حتى صارت منهم، فتربت جورية مع الصبيان والبنات، وكونت لها معهم عداوات وصداقات…
وما من أحد عرف سر الأم وابناها إلا عبودة الذي لهف قلبه لجورية فسعى إليها مرات ومرات .

الْياسَمِينْ
02-16-24, 07:44 AM
وما من أحد عرف سر الأم وابناها إلا عبودة الذي لهف قلبه لجورية فسعى إليها مرات ومرات .
عبودة الذي سهر ليالي البرد الطويلة قرب نافذتها، وهي ممعنة في الصدود والعذاب، وحين عرفته رقت له وقد أسرها بلطفه وطول صبره، فالتقاها ، وشكت له مر أيامها وأحزانها الولود، وشكى لها قسوتها وجمر الغياب، وحين تذوقها جن بها وطارت هي بحلاوة ريقه وعذوبة حديثه فضمته إليها ضمة أغلقت عليه باب محبتهاحتى لصارت دنياه وسعادته الصافية …

قلم
02-18-24, 11:33 AM
عبودة الذي سهر ليالي البرد الطويلة قرب نافذتها، وهي ممعنة في الصدود والعذاب، وحين عرفته رقت له وقد أسرها بلطفه وطول صبره، فالتقاها ، وشكت له مر أيامها وأحزانها الولود، وشكى لها قسوتها وجمر الغياب، وحين تذوقها جن بها وطارت هي بحلاوة ريقه وعذوبة حديثه فضمته إليها ضمة أغلقت عليه باب محبتهاحتى لصارت دنياه وسعادته الصافية …
كانا، وحالما يباغت أحدهما الآخر في النهار، يسترقان النظر، فيبتسمان وتنده الروح روحها، وتواعدها عند حلول المساء وعندئذ يهفو عبوده إليها حذرا، هامس الخطى، موردا كالأرجوان، فتلقاه وهي ريانة دائخة كأنها في منام ويهبطان فوق السطوح قرب البراميل في مفرش على الدفء، والهمهمات التي خانها الكلام.

الْياسَمِينْ
02-18-24, 12:37 PM
كانا، وحالما يباغت أحدهما الآخر في النهار، يسترقان النظر، فيبتسمان وتنده الروح روحها، وتواعدها عند حلول المساء وعندئذ يهفو عبوده إليها حذرا، هامس الخطى، موردا كالأرجوان، فتلقاه وهي ريانة دائخة كأنها في منام ويهبطان فوق السطوح قرب البراميل في مفرش على الدفء، والهمهمات التي خانها الكلام.
‏وكان عبودة وحين يسبقها دائما إلى مكانهما تحت السماء الفسيحة المنجمة ينصت عميقا ليسمع وقع قدميها كما ينصت العزف كمنجات ضاقت عليها أوتارهابالحنين، وقربه ترمي أحزانها البعيدة ،فيحس عبودة وكأنها وهي في هدأتها وطمأنينتها، مطاردة من شيء ما، مذعورة من وحش يكاد يلامسها أو ينقض عليها، وهي نفور متأهبة لتنتفض هلوعة بين لحظة أخرى فيهامسها ويهزها كي لا تنفرد ولو للحظة واحدة بمخاوفها الدائمة…..

مشاعر فارس
02-19-24, 07:11 PM
‏وكان عبودة وحين يسبقها دائما إلى مكانهما تحت السماء الفسيحة المنجمة ينصت عميقا ليسمع وقع قدميها كما ينصت العزف كمنجات ضاقت عليها أوتارهابالحنين، وقربه ترمي أحزانها البعيدة ،فيحس عبودة وكأنها وهي في هدأتها وطمأنينتها، مطاردة من شيء ما، مذعورة من وحش يكاد يلامسها أو ينقض عليها، وهي نفور متأهبة لتنتفض هلوعة بين لحظة أخرى فيهامسها ويهزها كي لا تنفرد ولو للحظة واحدة بمخاوفها الدائمة…..
ويخبرها بأنه ما عاد يطيق صبرا بعدما صار خوفها خوفه،فهو سيفاتح أمها المساء القادم بأنه يريدها ولو بالإشارة أو الهمهمات.

الْياسَمِينْ
02-20-24, 05:27 AM
أهلا بك مشاعر فارس معنا في هذا المتصفح ..
ويخبرها بأنه ما عاد يطيق صبرا بعدما صار خوفها خوفه،فهو سيفاتح أمها المساء القادم بأنه يريدها ولو بالإشارة أو الهمهمات.

فتدور الدنيا بجورية، وتغدو خفيفة شفيفة كالطيف، فتنشد إليه بحنو لم يعرفه من قبل، وينشد إليها، فينطفئ الكلام، ولا يمضيان إلا بليلين بالندى قبل أن يفضحهما النهار، وفي الصباح وكأن ماكان لم يكن، يتقابلان فتحكي له ويحكي لها ثم تأخذهما الدروب إلى حين وقت المساء..

دانة"
02-20-24, 05:46 AM
…………….

مشاعر فارس
02-20-24, 11:54 AM
أهلا بك مشاعر فارس معنا في هذا المتصفح ..


فتدور الدنيا بجورية، وتغدو خفيفة شفيفة كالطيف، فتنشد إليه بحنو لم يعرفه من قبل، وينشد إليها، فينطفئ الكلام، ولا يمضيان إلا بليلين بالندى قبل أن يفضحهما النهار، وفي الصباح وكأن ماكان لم يكن، يتقابلان فتحكي له ويحكي لها ثم تأخذهما الدروب إلى حين وقت المساء..

هذا الصباح كانت جورية على عجل فواقفته للحظات ثم استدارت، رأى وجهها متعكرا، كأن النوم جافاها أو لكأن أمها تود أن تبكر الغياب، فيدنو منها ويسألها وقد حثت خطاها فتقول:
- إنه منام ؛

الْياسَمِينْ
02-21-24, 11:09 AM
هذا الصباح كانت جورية على عجل فواقفته للحظات ثم استدارت، رأى وجهها متعكرا، كأن النوم جافاها أو لكأن أمها تود أن تبكر الغياب، فيدنو منها ويسألها وقد حثت خطاها فتقول:
- إنه منام ؛
وتلوح له بيدها، وتمضي نافرة مثل طيور القطا، فيندههاعبودة مذكرا:
- في المساء!!
فتهز رأسها وترمي له ابتسامتها البيضاء الوسيعة كي لا يظل حائرا وقت النهار..
يرامقها وقد ابتعدت فيحس بمخاوفها وساعة المفاجأة التي لا طالما حدثته طويلا عنها، ينذكر الآن أنها قالت له إن سرها أبوها الذي صورته أمها لها، رجلا مرعبا كالغول…

الْياسَمِينْ
03-01-24, 08:36 AM
وتلوح له بيدها، وتمضي نافرة مثل طيور القطا، فيندههاعبودة مذكرا:
- في المساء!!
فتهز رأسها وترمي له ابتسامتها البيضاء الوسيعة كي لا يظل حائرا وقت النهار..
يرامقها وقد ابتعدت فيحس بمخاوفها وساعة المفاجأة التي لا طالما حدثته طويلا عنها، ينذكر الآن أنها قالت له إن سرها أبوها الذي صورته أمها لها، رجلا مرعبا كالغول…

وهي التي لم تره منذ أمد بعيد، يوم كانت طفلة في الثالثة ، لكنها تشعر وفي كل لحظة بأنه على مبعدة ذراع منها، وأنه سيأخذها متى يشاء، وحين يشاء، ويترك أمها لمصيرها وحيدة للقدر، فيحسها الآن، وهي تتلاهث لكأن يدا ما تطبق على روحها، فيهدهدها، ويطمئنها بأن أباها لن يعرفها الآن بعدما نمت وزهت مثل حبق الدار، وأنه لن يلتقي أمها، وقد صارت قعيدة الفراش، فلتهدأ روحها، ولتطمئن فهو قربها كالزمان..

الْياسَمِينْ
03-26-24, 01:31 PM
وهي التي لم تره منذ أمد بعيد، يوم كانت طفلة في الثالثة ، لكنها تشعر وفي كل لحظة بأنه على مبعدة ذراع منها، وأنه سيأخذها متى يشاء، وحين يشاء، ويترك أمها لمصيرها وحيدة للقدر، فيحسها الآن، وهي تتلاهث لكأن يدا ما تطبق على روحها، فيهدهدها، ويطمئنها بأن أباها لن يعرفها الآن بعدما نمت وزهت مثل حبق الدار، وأنه لن يلتقي أمها، وقد صارت قعيدة الفراش، فلتهدأ روحها، ولتطمئن فهو قربها كالزمان..
غير أنها تظل تردد جملتها الراعبة:
- أنت لا تعرف أبي، يا عبودة فهو سيد الأمكنة والسؤال!!
وتغص فيستوضحها، لكنها لا تجيب.
تبدو له وهي قربه، أنها في دنيا أخرى موحشة نائية، خائفة من المفاجأة التي ستجعل أمها وحيدة غريبة ترفو أحزانها بخيط دموعها ، والتي ستجعله هو.. ندبة الأحلام.

الْياسَمِينْ
03-27-24, 01:33 PM
غير أنها تظل تردد جملتها الراعبة:
- أنت لا تعرف أبي، يا عبودة فهو سيد الأمكنة والسؤال!!
وتغص فيستوضحها، لكنها لا تجيب.
تبدو له وهي قربه، أنها في دنيا أخرى موحشة نائية، خائفة من المفاجأة التي ستجعل أمها وحيدة غريبة ترفو أحزانها بخيط دموعها ، والتي ستجعله هو.. ندبة الأحلام.
وفي المساء جاء عبودة ممنيا النفس على لقياها وقد غابت كل النهار، حاول مرارا أن يراها فوق السطوح أو قرب بداية الدار، لكنها لم تبد.
كان مستنفرا لا يهدأ على حال.
دفع بوابة السطوح بهدوء فصرت بأنين لم يعهده ، فانقبض قلبه وانتفض، وخطا إلى الأمام ، كان ما بينه وبين الغرفة الصغيرة المنزوية في آخر السطوح، ممر طويل ضيق..
تقدّم فتناهى إليه ضجيج خافت رتيب يتعالى من الغرفة، لكأن جورية تعد له مفاجأة للقاء.
بدا مضطربا لا يحس بالظلمة التي ظللت الأشياء، تقوده قدماه نحو مكانهما المعهود، لم يفطن إلى غياب هديل الحمام، وفزعه الحميم الذي اعتاده كل مساء…..

ميعاد
03-27-24, 02:23 PM
... المساء هو النبرة الحزينة التي يُتمْتم بها من اعتاد أن يلقى حبيبه فيه. ... العالم أفضل كل يوم، ثم أسوء مجدداً في ..

الْياسَمِينْ
03-28-24, 01:09 PM
... المساء هو النبرة الحزينة التي يُتمْتم بها من اعتاد أن يلقى حبيبه فيه. ... العالم أفضل كل يوم، ثم أسوء مجدداً في ..
لذلك في مرقدهما هبط منتظرا قدميها فوق الخشب الحنون، انتظرها طويلا ولم تأتِ، حتى ولكأن طيور الحمام نامت مبكرة ، وإلا فأين هديلها وحيرتها اللجوج؟!
ابترد قليلا، لف جسده بذراعيه، وجورية لم تأتِ، انتظرها وقتًا آخر ، ولم تأت، ظلت ممعنة في الغياب.
حيرة أخذته، فلعبت الظنون وهاجمته المخاوف والهواجس فنهض كالمقروص، ومضى حذارا نحو الغرفة كمن يمشي على أهدابه…

ميعاد
03-28-24, 01:27 PM
لذلك في مرقدهما هبط منتظرا قدميها فوق الخشب الحنون، انتظرها طويلا ولم تأتِ، حتى ولكأن طيور الحمام نامت مبكرة ، وإلا فأين هديلها وحيرتها اللجوج؟!
ابترد قليلا، لف جسده بذراعيه، وجورية لم تأتِ، انتظرها وقتًا آخر ، ولم تأت، ظلت ممعنة في الغياب.
حيرة أخذته، فلعبت الظنون وهاجمته المخاوف والهواجس فنهض كالمقروص، ومضى حذارا نحو الغرفة كمن يمشي على أهدابه…

وهاهي شمسها اشرقت مساءا زمنك ياليل ولى وسرت موجة من الدف في عروقه نفضت غطاء من الخوف والصقيع كان جاثمن على صدره واشواقه بحجم السماء هذا المساء يطول ليلي في انتظار فجرك وانا احدث النجوم عن سحر عينيك
اعذريني ..

الْياسَمِينْ
03-30-24, 07:39 AM
وهاهي شمسها اشرقت مساءا زمنك ياليل ولى وسرت موجة من الدف في عروقه نفضت غطاء من الخوف والصقيع كان جاثمن على صدره واشواقه بحجم السماء هذا المساء يطول ليلي في انتظار فجرك وانا احدث النجوم عن سحر عينيك
اعذريني ..
اقترب من الغرفة، بحث عن بابها وسط العتمة التي لا تفصح عن شيء، ولم يجده ، دار حول الغرفة، ولم يجد الباب أيضا، أحس كأنه أضاع المكان، استدار ثانية، وجاء الغرفة من طرفها الآخر، فقابله الجدار، عاد فجاء الغرفة من مدخلها الطويل الضيق، مقابلة لبابها لكنه لم يدفعه أو يطرقه بعدما صار في وسط الغرفة تماما، هي ذي نافذتها مشرعة، تعبرها الريح الضاجة الرتيبة.
لكن أين جورية وأين أمها الرقيدة، وأين الفراش؟!

الْياسَمِينْ
04-01-24, 01:05 PM
اقترب من الغرفة، بحث عن بابها وسط العتمة التي لا تفصح عن شيء، ولم يجده ، دار حول الغرفة، ولم يجد الباب أيضا، أحس كأنه أضاع المكان، استدار ثانية، وجاء الغرفة من طرفها الآخر، فقابله الجدار، عاد فجاء الغرفة من مدخلها الطويل الضيق، مقابلة لبابها لكنه لم يدفعه أو يطرقه بعدما صار في وسط الغرفة تماما، هي ذي نافذتها مشرعة، تعبرها الريح الضاجة الرتيبة.
لكن أين جورية وأين أمها الرقيدة، وأين الفراش؟!

فما من أحد هنا، دار في المكان الصغير واستدار، حوّم طويلا ، لكن لا أحد، فالغرفة وحيدة بلا أنفاس.
يكاد يهوى يتقاوى قليلا، فيسند إلى أحد الحيطان،يجول ببصره فيما حوله فلا يرى شيئا ولا يسمع أنينا أو لهاثًا، يحس بأنه وحيد مع الريح العابرة، يدور ثانية كمن يبحث عن الهواء، أبدًا ما من أحد هنا
مامن شيء!!
ينحني على الأرض.

ميعاد
04-01-24, 01:19 PM
فما من أحد هنا، دار في المكان الصغير واستدار، حوّم طويلا ، لكن لا أحد، فالغرفة وحيدة بلا أنفاس.
يكاد يهوى يتقاوى قليلا، فيسند إلى أحد الحيطان،يجول ببصره فيما حوله فلا يرى شيئا ولا يسمع أنينا أو لهاثًا، يحس بأنه وحيد مع الريح العابرة، يدور ثانية كمن يبحث عن الهواء، أبدًا ما من أحد هنا
مامن شيء!!
ينحني على الأرض.

وهو يردد : يارب ارح قلبا انهكه التعب و عقلا اشغله التفكير و عينا اغتالها الأرق و روحا قضى عليها التعلق

الْياسَمِينْ
04-03-24, 05:45 PM
….. تعديل …….

الْياسَمِينْ
04-15-24, 01:00 PM
فما من أحد هنا، دار في المكان الصغير واستدار، حوّم طويلا ، لكن لا أحد، فالغرفة وحيدة بلا أنفاس.
يكاد يهوى يتقاوى قليلا، فيسند إلى أحد الحيطان،يجول ببصره فيما حوله فلا يرى شيئا ولا يسمع أنينا أو لهاثًا، يحس بأنه وحيد مع الريح العابرة، يدور ثانية كمن يبحث عن الهواء، أبدًا ما من أحد هنا
مامن شيء!!
ينحني على الأرض.
يمسحها بيديه وبجسده فيحس ببرودتها بعدما اختفى بساط الخرق الملونة.
يجفل عبودة، ويدرك أن المفاجأة وقعت ، فالغرفة وحيدة تماما، لكنه لا يصدق.
يشرع في المناداة والهمهمة، ويمضي في البحث والدوران، يتعالى زفيره ويمتد لهاثه عاليا، لكن من دون جدوى، يوهم نفسه بأن جورية موجودة كأنها عالقة به ، فيناديها ويغمغم بالكلام ، وما من أحد، وحين يهده التعب واللوبان يجلس خائرًا، خائبا كأنها لحظات ما قبل البكاء..

أنثى الضوء
04-16-24, 07:56 AM
يمسحها بيديه وبجسده فيحس ببرودتها بعدما اختفى بساط الخرق الملونة.
يجفل عبودة، ويدرك أن المفاجأة وقعت ، فالغرفة وحيدة تماما، لكنه لا يصدق.
يشرع في المناداة والهمهمة، ويمضي في البحث والدوران، يتعالى زفيره ويمتد لهاثه عاليا، لكن من دون جدوى، يوهم نفسه بأن جورية موجودة كأنها عالقة به ، فيناديها ويغمغم بالكلام ، وما من أحد، وحين يهده التعب واللوبان يجلس خائرًا، خائبا كأنها لحظات ما قبل البكاء..
يخلع حذاؤه ويمشي حافيا لعل قدميه تلامسان آثار الخطى التي مشتها جورية، ويلمس الحيطان بيديه، ويمر بأصابعه على الرفوف المذيلة بأوراق الجرائد المقصوصة.
يبحث عن صندوقها الخشبي المطعم بالصدف ليضم عرائسها القماشية، وأمشاطها وليقبل مرآتها التي رأت وجهها طويلا.
ودّ لو عثر على ثيابها المعلقة فوق المسامير لشمها ثم لثمها، ليمتلئ برائحتها، لكن لا شيء هنا، لا أحد سوى الحيطان .

الْياسَمِينْ
04-16-24, 08:42 AM
يخلع حذاؤه ويمشي حافيا لعل قدميه تلامسان آثار الخطى التي مشتها جورية، ويلمس الحيطان بيديه، ويمر بأصابعه على الرفوف المذيلة بأوراق الجرائد المقصوصة.
يبحث عن صندوقها الخشبي المطعم بالصدف ليضم عرائسها القماشية، وأمشاطها وليقبل مرآتها التي رأت وجهها طويلا.
ودّ لو عثر على ثيابها المعلقة فوق المسامير لشمها ثم لثمها، ليمتلئ برائحتها، لكن لا شيء هنا، لا أحد سوى الحيطان .
يهبط الدرج .. إلى الأسفل الأسفل الأسفل، ينفلت في الحارات، يمشي الدروب التي مشتها، لعله يصادفها آبية إليه، يقضي الليل البارد العبوس باحثا عنها في كل الأرجاء، وحين يطلع النهار يمضي مبكرا يسأل البيوت التي عملت فيها ، ويسأل عنها، يناديها كلما انفرد بنفسه، بملء الصوت لعلها تبدد كل هذا الجولان.

أنثى الضوء
04-19-24, 10:51 AM
يهبط الدرج .. إلى الأسفل الأسفل الأسفل، ينفلت في الحارات، يمشي الدروب التي مشتها، لعله يصادفها آبية إليه، يقضي الليل البارد العبوس باحثا عنها في كل الأرجاء، وحين يطلع النهار يمضي مبكرا يسأل البيوت التي عملت فيها ، ويسأل عنها، يناديها كلما انفرد بنفسه، بملء الصوت لعلها تبدد كل هذا الجولان.
بدأ كمن ضيع روحه، ناشطا في البحث والمطاردة، والسؤال، لكن من دون جدوى، فعاد وقد عاد المساء إلى المساء، وأفاها على موعدها كأنه يجيء إليها للمرة الأولى، دفع البوابة، فصرت بأنين البكاء، ومضى في الممر الطويل نحو غرفتها التي تصفر فيها الريح ، بحث مرة أخرى ونادى طويلا ، لكن ما من أحد، بدا المكان كالخراب ..

الْياسَمِينْ
04-22-24, 12:40 PM
بدأ كمن ضيع روحه، ناشطا في البحث والمطاردة، والسؤال، لكن من دون جدوى، فعاد وقد عاد المساء إلى المساء، وأفاها على موعدها كأنه يجيء إليها للمرة الأولى، دفع البوابة، فصرت بأنين البكاء، ومضى في الممر الطويل نحو غرفتها التي تصفر فيها الريح ، بحث مرة أخرى ونادى طويلا ، لكن ما من أحد، بدا المكان كالخراب ..
‏صعد الدرج الخشبي، فشعر لأول مرة بأن صعوده لا يترك وراه ذلك الرنين العذب، صعد متراخيا كأنه في جنازة، مضى فوق السطوح نحو البراميل واعشاش الحمام وما من أحد، احس بالبرودة ولف حتى خارت قواه ، فارتمى لكأنما الدنيا دارت به أو اعتمت عليه وقد أيقن أن كل شيء انتهى، وأنه كان في حضرة السحر ليس إلا، رفع رأسه نحو السماء الفسيحة المنجمة فرأى من حوله طيور الوطاويط محومة في المكان، لها رهجة الفضة كلما استدار بها الجناح، فراح يراقبها وقد أحس بعدما هاجت الروح بأنها طيور الحمام..
انتهت …


SEO by vBSEO 3.6.1