هنا طفلة كسائر البشر،
رغم أن هذا التشابه لايجعلني منهم بالضرورة
أيقنت بأنني مختلفة، هذا لايعني بأنني أفضل منهم
بل قد أكون أشد سوءاً ولكنني _حتماً_ لا أشبههم.

كنت ولا زلت أستشعر ما يحمله البشر من مشاعر
أستطيع _بلا إرادة_ أن أفهم بما يفكرون به مليًّا
وأتمكن _بلا جهد_ من كسب ثقة الآخرين بسهولة.

استطعت أن أتعلم الكثير والكثير من مجالسة الآخرين
خاصة _الأطفال الكبار _ أعجبت بالقراءة وقد ساعدني
حفظي للقرآن الكريم من تمكّني في اللغة.

بدأت أكتب القصص وأنا في المرحلة الإعدادية
قصة واحدة فقط هي ما وفّقت في إيجاد نهاية مناسبة لها
ربما لأنها كانت باللغة الأجنبية ،
لو كانت باللغة العربية لأنهيتها بقبلة.
بعيداً عن القراءة ، كنت أقضي وقتي حافية القدمين على رمال الشاطئ
حيث أمارس الهوس العالمي ، الكراتيه .
طبعاً لابد المكوث والإطالة على البحر!
ومن لا يعشق البحر؟!
حتى وصلت إلى المرحلة الجامعية
وقتها كنا مجموعة مبتعثات إلى أمريكا
اكتشفت_ تحت قوة السلاح_ أن ذلك الكائن الأسطوري موجود بالفعل
إنّه الحاسوب أو ما ندعوه بالـ ( كومبيوتر)…
كنتُ أقوم بالبحوث المطلوبة مني وأنا أشاهد زميلاتي
يشاهدن شاشة الحاسوب ويبادلنها الحديث والضحكات.
أخبرتني إحداهن لاحقاً بأنهن يدخلن إلى
غرف المحادثة( الجات) ،و (المسنجر) ، والمنتديات
طلبت منهن المشاركة ، فأنا لا أريد أن أكون حجرية إلى هذا الحد…
فطلبت إحداهن إيميلي!
طبعا استغرقت من الوقت مايقارب ربع قرن
كي أستوعب إن المدعو ( إيميل) عبارة عن بريد إلكتروني
وأنه لحسن الحظ مجاني
صارحتهن بعدم امتلاكي لأي بريد
فقلن إذاً ملاذك هو ( الجات) لأنه لايتطلب البريد الإلكتروني

دخلت الجات
كتبت ( السلام عليكم ) تلك المحاولة التي تطلبت مني جهداً
أكبر من جهد نيوتن في اكتشاف الجاذبية.
رأيت المشاركات قد بدأن بالنقاش وأنهينه وأنا لم أبدأ بعد
ظللت أقرأ حوارهم حتى أصبت بعسر في الأخلاق
مع مغص شديد في الضمير.

طلبت منهن التغيير ، فاخترعن لي بريداً إلكترونياً
صعب المنال ، يتكون من 24 حرفاً وقلن : ادخلي ( المسنجر)
ودخلت …
ظللت أنتظر وأنتظر وأنتظر ، حتى اكتشفت أن البريد الإلكتروني
يتطلب إضافات لأشخاص آخرين
فقلن: حلك الوحيد هو المنتدى

عدتُ إلى المنزل، وظللت أبحث عن منتدى مناسب للمشاركة
حتى رأتني قريبتي التي كانت قد وصلت للتو من الكويت
طبعا اندهشت من جلوسي أمام ( الكومبيوتر)
وكأنها علامة من علامات قيام الساعة.
فلم يكن هذا المنظر الهزلي مألوفا لدينا في المنزل
_عرّفني للأسف_ على أول منتدى أشارك به في حياتي
دخلت أقرأ المواضيع و أرد بردود بسيطة
دخلت إلى قسم الأقلام
وجدت الأعضاء يكتبون في العناوين ( بقلم فلان وحبر علانة)
لم أقرأ مواضيعهم ولكنني اندهشت لجرأتهم.

ذات يوم مررت بحادث مروري قاسٍ، ورأيت الموت أمام عيني
عدت إلى المنزل وأنا في قمة ( الهلوسة)
فتحت ( اللابتوب) وضعت السماعات
حينها استمعت_ لأول مرة_ إلى ذلك الغراب
وهو يغني، رغم أنني لم أفهم حرفاً مما يقول
لكن أصابعي تحركت نحو الحروف ، وكتبت مقالي الأول
{كيف يكون طعم الموت في الصباح الباكر}
ووضعته في المنتدى وخرجت من المنزل وأنا ألعن نفسي
وألعن ذلك الغراب ، كيف تواقحت على نفسي
بنشر الموضوع ، وآمنت حينها بأن التجاهل خير من ردود الاستهزاء.

في اليوم التالي رأيت أن الموضوع قد تم تثبيته وتقييمه
وتوالت الردود ،ما شجعني أن أستمر في الكتابة
وقد كان وكنت أكتب في كل يوم مقال
ما جعل القسم من أنشط الأقسام في المنتدى …

أكتفي

أنا وردة الشعر والقافية صداي صدى المرج والبادية
سكنت الفضاء وما لست أرضى نزول قوافي للفانية
أيا رب هبني علوم الحياة لأحيى على الضفة الثانية
أنا.. من أنا لو سألتم عنّي أنا عبدة الله والواعية

أنا وجه النهارات العتيقة
تجاعيد الضوء تنهرني
فأفزّ قصيدة
ألملم كل التواريخ الضائعة
في جيب عيني
و أرمق الأمد
احتطب الأشجار النائمة
و أشعل قدور الأحلام على مهل
لا تنضجي أيتها الأفكار العالية
لا زال بي رمق من الصبر و الِالتذاذ بالرهانات شاسعة
أنا كل المدانين باِلتهاب المسير
أناوش الوصول
و أرمي الأقفال بالشتائم
لازال الباب مخضّر
و لازالت رغبي في المضي عتيقة بطيئة
أحب استواء أسمائي على حطب الحكايا
أحب النضوج على فم الأغنيات
أشعل قنديل الربما
و أرقص خارج عرف المطر
أتبلل بالنرد و المجاز
أقف على الضفة العالية
و أقول للبعيد
ما أقربك