خلونا شوي نعود لموضوع نصوص القراءة
و
باي باي
لندن

من أروع الكتاب اللي تستمتع وأنت تقرأ لهم

غازي القصيبي " رحمه الله"

للقصيبي أسلوب يشدك يجذبك

،،،
باي باي لندن
خلوني أضع شيء منها
وبعدين أكمل الحديث
،،،

ماذا تستطيع ان تقول عن مدينة قضيت فيها جزءاً من حياتك، يكاد يعادل خُمسها، وشهدت مولد ابنتك، ومولد ثلاثة من احفادك، وعرفت فيها شواهق السعادة كما انحدرت فيها الى وهدات الألم؟ ماذا تستطيع أن تقول عن مدينة عشت فيها طالباً يزاحم الناس في الحافلة لأنه لا يملك أجرة التاكسي، وعشت فيها سفيراً يتنقل بأفخم السيارات المصفحة؟

ماذا تقول عن مدينة شهدت مخاض روايتك الأولى، وميلاد عدد من دواوينك وكتبك؟ ماذا تقول عن مدينة تترك فيها حين تغادرها عدداً من أصدق أصدقائك، بالإضافة إلى عدد ممن لا يستهان به من «الآخرين»؟ لا يمكن للوداع أن يكون سهلاً، ولا يمكن لكلمات الوداع أن تكون خالية من العواطف المتناقضة، ولا يمكن لإحساسك أن يكون بريئاً من مزيج غير متناسق من اللهفة إلى البقاء، ومن الشوق إلى الرحيل.

تلك من كتابات غازي القصيبي

عندما أقرأ له مثل هذه المقالات لا أكون بهدوء ولا بصخب ككتاب أصحبه في رحلتي

القصيبي جسد تجربته من خلال مقال ،،،

لا شك أن القصيبي مفوه ذي مافيها كلام بالإضافة أنه رجل دبلوماسي وسياسي من الطراز الفريد لكن القصيبي عند كتاباته الأدبية شيء آخر بالنسبة لي يشدني لعالم الأدب الرائع ،،،

والمعروف القصيبي ولد وفي فمه ملعقة ماسية إن صدق التعبير لكنه آثر أن يكون ذاك العصامي ليتعلم أن الأهل ممكن يعطونك كل شي لكن الحياة لا تهديك ما ترغب ،،،

أحيانا أقول: بس أكيد يعني ما قدر يستغني عن والده مليون بالمية ،،، وأعود لأصدق عصامية القصيبي ،،،

كيف عاش التناقضات بين حياتين ،،،
وكيف برع وأبدع في المجال السياسي مع ذلك لم يغب جانب العاطفة ولم يغيبها ،،،
اثبت القصيبي إن صاحب السياسة له مشاعر وله عاطفة فما المانع أن يجمع بينهما
،،،

هناك لدى القصيبي
نقطة جدا حلوة

عاش حياة الغربة وأحب الغربة ،،،
أحب لندن
وحنين الوطن كان به
،،،

وعندما عاد لوطنه حن لبلاد توطنت بداخله فلم تعد غربة بل أصبحت جزء من حياته

تعالوا نشوف لقطة ثانية من
باي باي لندن

تلك، باختصار شديد، حكايتي مع لندن التي عرفتها طالباً وزائراً وسائحاً ومقيماً، حتى ليخيل اليّ، أحياناً، أنها، بدورها، عرفتني. إلا أن لندن لا تعرف أحداً: لا تحب أحداً ولا تكره أحداً، لا تهّش للقاء أحد ولا تجزع لفراق أحد. من يلوم لندن التي شهدت ما شهدته من مدن العالم مجتمعة إذا فقدت قدرتها على الانفعال؟ لندن التي رأت صراع الجبابرة، ومصارع الملوك، وأنهار الدم والحرائق والطواعين، هل يمكن أن يطرف لها جفن اذا وقع حادث عابر هنا أو هناك؟ لندن التي انجبت رجالاً صنعوا امبراطوريات، ورجالاً فككوا امبراطوريات، هل يمكن أن تذعر اذا ظهرت دولة هنا او اختفت دولة هناك؟ لندن التي حضنت عقولاً غيّرت مجرى العلم، وبالتالي حوّلت مسار التاريخ، هل تتوقع منها أن ترقص طرباً لاكتشاف علمي، هنا أو هناك؟ لندن، شبيهة بليلى الأسطورية، التي يدعي الجميع وصلها، وهي لا تحب إلا نفسها.