كان علي أن أبكي





حتى لا أنهار


حتى لا يتهاوى الجدار



و تفنى الزهرة الخالدة في أرضي



علي أن أسمح للنشيج أن ينتشل من ذي الأعماق



جمر الحنين


حتى إذا زرت البحر مجدداً


لا يخشاني


لا يصيبه رهاب من تحشرج روحي على شواطئه



كان على أن أبكي فوق الأعوام أعواماً



حتى أبلغ اللحظة التي لو التقينا



لا تعود لأطرافي الحياة


لأنها لو عادت


سأتحول إلى عاطفة عاصفة



لن أُبقِي منكَ إلا تلك النظرة الغائرة في السراب



و لن يبقى مني إلا أثر عطر شرقي معتّق !

سافرتُ طويلا عني




و هجرتُنِي هجراً جميلاً



و تركتُني في ركن بعيد



عن ناظري الواقع



على أمل أن !!






و إذا بالأمل يقهقه ضاحكاً



عودي أدراجكِ




لقد أقلعت رحلتكِ



هنالك مقعد وحيد



على متن فرصة مجهولة




لم يُعلَن عن تاريخها بعد




إذا تناهى إلى سمعكِ صوتَه



فامشي على وقع الصدى



حتى تبلغين المقعد الذي ينتظركِ

هنالك وقت



لا يستوعب فيه الأغبياء


أن العزلة المختارة


هي إحدى قمم النضج التي نبلغها


فنجيد البقاء لأيام طويلة


وحيدين


يسد رمقنا القليل


و يكفينا من الصوت صدى الأذان

إن من إحدى متع التأمل



أن تغوص في الهدوء التام




حتى أنك تنصت لحديث الجدران



و تمدد الأبواب


و همس الزجاج


و ثرثرة الكتب



و شخير الوسادة




و أنين الأرض



و أكاذيب السقف



حتى الثياب تشتعل قريحتها للحظة



و تتمدد خيوطها


و تصبح فضفاضة



تكره أن يلمسها جلد بشر



إن ثيابي أحياناً تكرهني


لأني أخنقها بالعطر


فتنكمش الياقة

و تثأر من عنقي





في هذه الأيام التي



أهجر فيها العطر



تتملقني


و تتخذ من الخزانة المغلقة



محراباً لتتحرر مني


ها أنا أنصت لقميصك المهمل



و هو يشاكس فستاني الأسود




و يراوده عن وشاحي العالق حول الياقة




و توسوس لي نفسي



أن أداهم لحظتهما



و أقطع خيوط الوهم




بأنكَ كنت يوماً ما





هنــــا !!

لقد احببتكَ بطاقة ألف امرأة عاشقة




حتى سقطتُ من سماء الوعد السابعة





و لا زالت بي بقايا ألف امرأة أخرى




لأحبكَ



كأول رجل يعرفه قلبي !



دون أن تراه عيني !

سأختار السقوط



على طريقتي



و أنهض




من هذه الحفرة




إلى سماء أخرى



و لا أريد أن أجِدني


لا أرجو أن أتعثّر بي


مرة أخرى !!