منتديات مسك الغلا | al2la.com

منتديات مسك الغلا | al2la.com (/vb/)
-   قصص - روايات - Novels stories - روايات طويله •• (https://www.al2la.com/vb/f12.html)
-   -   حب غير متوقع اكبر تجمع روائي لروايات احلام وعبير (https://www.al2la.com/vb/t61748.html)

برنس وصاب 09-23-15 04:30 PM


وانتهى من فنجان القهوة الأخير وما كاد ينهض من مكانه حتى سمع صوتا شابا يقول لف في مرح:

" هالو بول... يا لها من مفاجأة ! هل تسمح لي بالجلوس؟".
صاح قائلا وهو يقف:
" ساندرا!".
والواقع أن رؤية ساندرا أخت كارن أدهشه , وفكر, لا بد أن شيئا من مشاعره يبدو على وجهه بعد تأملاته العميقة.
لم تكن ساندرا ستاسي تشبه أختها كارن الا قليلا , كانت أقصر بكثير , وبدينة نوعا ما ولا تهتم بالموضة , وكان شعرها الأشقر الطويل ينسدل على جانبي وجهها البيضاوي , ولكنه لم يكن مصففا بعناية مثل شعر كارن.
قال بول بلهجة مهذبة:
" كنت على وشك الأنصراف , لم أكن أعلم أنك تترددين على هذا المكان".
والواقع أن المطعم كان مكانا غاليا بالنسبة لها, أجابت وهي تبتسم في ثقة:
"أنني لا آتي الى هنا عادة... ولكنني أعمل في محل قريب لتصفيف الشعر كما تعلم, وقد وعدني سيمون بتناول الغداء معا , الأفضل أن تعلم لأنه قد يأتي في أية لحظة".
وفكر بول في أن هذا غير محتمل في الظروف الراهنة, ولكنه لم يرد , لم يكن في نيته أن يخبرها بأنباء سيمون السيئة لأنها ستعرف بنفسها قريبا.
سألها ببطء:
" هل أستطيع أن أطلب لك شيئا؟".
" كلا, شكرا, سوف أنتظر, كيف حالك؟ لم نرك أنا وأمي منذ فترة طويلة, لقد تركتنا تماما...".
هز بول كتفيه وقال وهو يقدم لها سيكارة:
" نعم, أنها الحياة ومشاغلها".
" لقد خطبت أخيرا , أليس كذلك؟ قرأتالنبأ في الجريدة أن رئيسي يحضرها كما تعلم".
ابتسم بول ونهض واقفا ... لم يكن مستعدا للحديث, فقال معتذرا:
" يجب أن أذهب".
" وهو كذلك يا بول... أنني أفهم موقفك , أن سيمون أيضا رجل مشغول جدا , ودائما يسرع عائدا الى المكتب , أخبرني يا بول... هل تعترض على علاقتنا؟".
" أنك أصغر منه بكثير يا ساندرا ... وبالأضافة الى ذلك فأن سيمون رجل متزوج , ألا تهتمين بزوجته جوليا؟".
قالت ساندرا بصراحة صبيانية :
" أنك تعرف أي نوع من النساء هي... أن سيمون سيرعاني في أية حال مهما حدث".
قال بول:
" أشك في هذا , حتى ولو كان ملاكا متنكرا , فأنه لا يزال رجلا متزوجا , يجب أن تحترسي أن سيمون ليس من طراز الرجل المخلص المستقيم".
وارتدى بول معطفه, لقد بدت ساندرا هائمة في حب سيمون لدرجة أنها لا تعتم بسلوكه أو شخصيته , أجابت:
" ولكنه كان صغيرا جدا عندما تزوج , وهو لا يكبرني الا بثلاثة عشر عاما فقط , أن كارن تصغرك بأثنتي عشر عاما".
أجاب بول ببرود:
" كانت كارن أكبر منك بكثير وهي في الثامنة عشرة, آسف يا ساندرا ولكنها الحقيقة".
صاحت ساندرا بغضب:
" أنني أضيق من سماع هذا ... كيف يمكن أن تكون كارن كذلك؟ ".
هز بول كتفيه , كيف يمكن أن يشرح لها أن كارن ولدت أكبر منها؟".
ألقى نظرة على ساعته وقال:
" يجب أن أذهب , الى اللقاء".
ضحكت ساندرا في مرح قائلة:
"ألى اللقاء يا بول, سوف أبعث لكارن بحبك!
ولكن بول ابتسم ابتسامة باهتة وأنصرف.

برنس وصاب 09-23-15 04:31 PM


3- لا قاع لعينيه

يوم الخميس اتصلت كارن تلفونيا بأمها وأخبرتها أنها تلقت تأكيدا من بول بأنه تحدث مع سيمون , ولم تعط أية تفصيلات عن مقابلتهما , برغم أن مامادلين بذلت كل ما في وسعها حتى تعرف ما حدث بينهما , وظلت كارن مبتعدة عنها, وأكتفت مادلين بالأعتقاد بأن كارن فعلت كل ما تستطيع.
كانت سعيدة جدا لأن ساندرا لم تعد مرتبطة بذلك الرجل الفظيع , وأيقنت أن ساندرا سوف تلجأ اليها أخيرا بحثا عن السلوى, وتساءلت كارن في كآبة ... ترى اذا حدثت مواجهة بين أمها وساندرا , فهل تعترف الأم بأن لها يدا في ذلك الموضوع؟ كانت الأم بحاجة الى أن مرغوبة, ولو أن ساندرا أكتشفت أنها هي التي فرضت هذا الأجراء القاسي لأنقلبت على أمها بلا شك ...
وتنهدت كارن . لم تكن هي وساندرا تشتركان في أشياء كثيرة... ولم يكن يهمها رأي ساندرا فيها في أية حال.
أما بالنسبة للأم فلا شك أن الأمر سيتحول الى مأساة أذا بدأت ساندرا تظهر رغبة في الأستقلال عنها مثل كارن... وهي لم تكن موافقة أطلاقا على تصرفات كارن في أي شيء, أما ساندرا فهي طفلتها المدللة, وقد تعلقت بها دائما لهذا السبب.
بعد أن وضعت كارن السماعة أشعلت سيكارة, كان الوقت متأخرا بعد الظهر وأذا لم تبدأ عملها بسرعة فسيضيع يوم آخر, ولكنها لم تشعر باهتمام بعملها في تلك اللحظة, ووجدت أفكارها تعود بها الى بول وخطيبته.
وفي مساء اليوم التالي أرتدت ملابسها بعناية كبيرة استعدادا للحفل الراقص المقام في فندق مانيفيك , أرادت أن تبدو أنيقة جميلة متألقة ولو مرة... كانت قد عزلت نفسها عن الناس مدة طويلة , ولا يمكن أن تستمر الحياة على هذا النحو خاصة أنها شابة وغير مرتبطة بأحد, فمن الحكمة أن تخرج وتتمتع بالحياة.
وعندما ارتدت الثوب الجديد أنساب رائعا فوق جسمها , وأبرز خصرها النحيل الجميل , كان مصنوعا من القماش الأسود برقبة مرتفعة مستديرة , ووضعت في أذنيها قرطا طويلا من الماس كان يهتز ويبرق كلما حركت رأسها.
وأرتدت معطفا من الفراء الفضي , قدمه لها بول هدية في أحدى المناسبات , أما شعرها فتركته ينسدل برقة فوق كتفيها , وكان لونه الفاتح يبرز لون ثوبها القاني, ويتهدل على خديها ويحيط بملامحها الجذابة, وشعرت بالندم لحظة لأنها تأنقت على هذا النحو من أجللويس, لقد عرض الزواج أكثر من مرة, وكان يلح دائما لكي تكون زوجته, ومن يدري لعله يتصور أنها تعمدت أن تتزين حتى تجذبه اليها ! وتنهدت كارن , لم تكن تستطيع أن تبدل ثيابها في أية حال , لقد تأخر الوقت , وقد يأتي لويس في أية لحظة الآن, وألقت نظرة أخيرة على نفسها في المرآة ثم ذهبت لتناول بعض الشراب قبل أن يصل لويس.
شعرت بحزن مفاجىء في قرارة ذهنها عندما فكرت في بول ... ترى هل كان سيعجب بثوبها ؟ تمنت أن تراه على الأقل لتثيت له أن حبها له لم يقض عليها ... تمنت أن تراه نادما ولو قليلا على الطلاق , ولكن هذا كان أملا ضئيلا جدا! من يدري لعله وجد روث في مثل جمالها , ولا شك أنها ستكون سعيدة جدا حين تصبح زوجته , ولن تفرض عليه أية طلبات كما فعلت هي.


برنس وصاب 09-23-15 04:32 PM


وسمعت طرقا على الباب , فذهبت لتفتحه ووجدت لويس أنيقا في ملابس السهرة, وعبَرت عيناه ببلاغة عن أعجابه بها, دعته كارن للدخول فقبل الدعوة بحماس, ولكن كارن لم تضيع وقتا كثيرا, كانت سعيدة متحمسة للذهاب الى الحفل بعد أن جاء لويس.

تناولا العشاء في مطعم مانيفيك, ووجدت كارن نفسها تتعرف على بعض نجوم السينما والتلفزيون , وفي غمرة اهتمامها نسيت حالة الأكتئاب التي أنتابتها من قبل, وعندما تبهت فجأة الى أن لويس يخاطبها قالت:
" آسفة يا لويس... كنت أسرح بعيدا".
ابتسم قائلا:
" كنت فقط أقول يا لك من فتاة شابة رائعة الجمال يا عزيزتي".
أجابت بمرح:
" شكرا يا سيدي الطيب , كنت أتساءل... اذا ا كان ينبغي عليَ أن أقبلك زوجا؟ أنك صبور جدا معي في الواقع يا لويس , لماذا لا تبحث لنفسك عن زوجة؟ أنا لن أتغير... وأنت تعرف ذلك".
ضاقت عيناه قليلا ثم قال:
" سنرى, أن مدبرة شؤون بيتي سوف تترك العمل في نهاية الشهر القادم فأختها التي تقيم في غلاسغو و دخلت المستشفى , وعدتها أن تذهب لتقوم بخدمتها عندما تعود الى بيتها ... ألا يهمك أن تتولي عملها؟".
سألته كارن محاولة أغاظته:
" كمدبرة لبيتك؟".
قال لويس في تصميم :
" بل كزوجتي!".
هزت كارن رأسها وسألته وهي تحاول الهروب من الرد:
" أليست هذه جين مانرنغ التي تقف هناك؟ أنها تبدو أصغر كثيرا من صورتها في السينما".
هز لويس كتفيه النحيلتين وقال:
" أنك ماهرة جدا ... أليس كذلك يا كارن؟".
تساءلت ببرود:
" ماهرة في أي شيء؟".
عبس لويس وقال بهدوء:
" أنك تعرفين ما أعنيه... ولكننا لن نشير الى الموضوع ثانية اذ يبدو أنه يضايقك".
توهج وجه كارن وهما يتناولان الطعام في صمت, وبعد ذلك بدآ يشربان القهوة , فقال لويس:
" أخبريني , هل سويت الموضوع الذي يتعلق بساندرا بطريقة مرضية؟".
" تستطيع أن تقول هذا... علينا أن ننتظر ونرى . أليس كذلك؟".
أجاب وهو يحاول أن يبدو غامضا:
" كما يحدث في كل الأمور".
وبعد أنتهاء العشاء قاما لينضما الى حشود المدعوين للحفل الراقص الذي بدأ في الساعة العاشرة والنصف, وبدأت كارن تستمتع بالحفل, وقبل أن يدخلا قاعة الرقص , ذهبت الى غرفة خلع المعاطف لتصلح من زينتها ... كانت الغرفة تعج بالنساء الأنيقات اللواتي أرتدين أجمل الثياب , وتحلين بالزمرد والياقوت والماس وكأنهن يتنافسن في روعة الحلى.
أصلحت كارن زينتها ووضعت أحمر الشفاه على شفتيها , كانت رموشها الطويلة لا تحتاج الى طلاء, وقد وضعت قليلا من ظل العيون على جفنيها , وكان شعرها الناعم يبدو أكثر جمالا وجاذبية من التسريحات المعقدة على رؤوس النساء حولها.
ما لبثت أن عادت الى لويس في قاعة الرقص , وكان واقفا يراقب الراقصين ويدخن سيكارة , فقال عندما رآها:
" هل أنت مستعدة ؟ يوجد حشد كبير هنا كما ترين ... فلنحاول أيجاد مائدة".
" هيا بنا يا لويس...أنني سعيدة جدا لأنك دعوتني , فأنا مستمتعة جدا بالحفل".
قال لويس برقة:
" أنا أسعد يا عزيزتي".
وسارا بين الراقصين الذين أمتلأت بهم قاعة الرقص , كانت الموائد متناثرة على الأرض اللامعة وكل مائدة في وسطها مصباح يبعث وهجا جميلا ... الغرفة الموسيقية المشهورة في أقصى طرف القاعة, بينما أقيم مقصف طويل في الطرف الآخر , وكانت بقية الجدران مزودة بمرايا طويلة تعكس صور الراقصين عدة مرات , والسقف مرتفعا مقوسا يرتكز على أعمدة رائعة تبرز أناقته , قالت كارن وهي تنظر حولها باهتمام:
"أنه رائع... لم أتصور أنه سيكون على هذا النحو".
ابتسم لويس سعيدا بأنه أسعدها , ووجدا مائدة شاغرة , فطلب بعض المشروبات من خادم مر بجانبه , كان هناك عدد كبير من الخدم يمرون بين الضيوف , وبدا كل شخص مرتاحا سعيدا , وبعد أن راقب لويس الراقصين بعض الوقت قال لكارن:
" هل ترقصين أم تفضلين الجلوس ومراقبة الرقص؟".
صاحت كارن مبتسمة:
" لا ... لا , أفضل الرقص , دعنا نرقص يا لويس, أن قدميَ متحفزتان للرقص!".
ابتسم لويس وأمسك بيدها, وبدآ يرقصان على ايقاع الموسيقى.
وشعرت كارن بالسعادة تغمرها وكأنها تحيا من جديد , واستطاعت بسهولة أن تتبع خطوات لويس , وقد أدهشها ذلك في الواقع, لأن فترة طويلة مرت عليها لم ترقص خلالها... كان راقصا جيدا , فرقصا ثلاث رقصات بدون أنقطاع.
وفجأة عزفت الفرقة الموسيقية رقصة تشاتشا , ونظرت كارن الى لويس , وسألته وهي تبتسم محاولة أن تغيظه:
" هل تستطيع الرقص على هذا النغم؟".
أجاب وهو يبتسم أيضا:
" أستطيع أن أجرب فقط".
وعبثا حاولا الرقص على الأيقاع السريع , لم يكن لويس راقصا بطبيعته , ولم تستطع كارن متابعة حركاته الحادة, وضحكا كثيرا .
وفي تلك اللحظة لفت نظر كارن أربعة أشخاص يدخلون قاعة الرقص, وكانوا يحاولون الوصول الى مائدة قريبة من الفرقة الموسيقية , وشقوا طريقهم بين حشود المدعوين , كانوا رجلين وأمرأتين , وأحد الرجلين بول فريزر! ولاحظ لويس ارتباك كارن فسألها بلهفة:
" ماذا حدث يا كارن؟ تبدين شاحبة".
أجابت وهي تحاول التركيز على قدميها:
"لقد وصل بول لتوه , لم يرني , مع أنه مع أيان فيلوز وزجته وأمرأة أخرى لا بد أن تكون روث كما أعتقد".
كان أيان فيلوز صديق دراسة قديما لبول , ويزورهما هو وزوجته كثيرا في المنزل أيام زواجهما.
وقطب لويس جبينه غاضبا وصاح:
" يا ألهي... لقد ذهبت الى عشرات من هذه الحفلات الخيرية ولم ألتق به في أي حفل منها! لماذا قرر أن يأتي الليلة؟".
أجابت كارن وهي تمر بلسانها فوق شفتيها اللتين جفتا فجأة :
" لم يكن خاطبا من قبل, لعل روث هي التي أقنعته بالحضور".
أومأ لويس قائلا:
" ربما... هل تريدين أن تجلسي؟".
" أرجوك".
شعرت كارن برغبة في أن تخفي نفسها قدر الأمكان , وطلبت عصيرا عندما عادا الى مائدتهما التي كانت لحسن الحظ بعيدة عن مائدة بول وصحبه, كان في استطاعة كارن أن تراهم بدون أن يلحظوها وشربت كأسها , وقدم لها لويس سيكارة , وراحت تتطلع الى روث, كانت تشعر بالفضول وتريد أن ترى هذه المرأة التي ستكون زوجة بول الثانية, ورأت أن روث ترتدي ثوب رقص رائعا من الساتان الوردي المشغول بالدانتيل , واعترفت كارن بأنها جذابة جدا , ومليئة بالحيوية, كانت روث قصيرة القامة جدا اذا قورنت ببول , ولعل قصر قامتها وضغر حجمها يشعرانه بأنه يحميها!

برنس وصاب 09-23-15 04:32 PM

ما لبث الرقص أن بدأ مرة أخرى , وأمتلأت القاعة بالراقصين ولم تعد كارن تستطيع أن تراهم, ونظرت الى لويس فوجدت أنه يراقبها, فقالت بخفة:
" أذن هذه هي روث ... أنها جميلة جدا .... أليس كذلك؟".
قال لويس وهو يقطب جبينه:
" أعتقد أنها جميلة , برغم أنني شخصيا أفضل الشقراوات ... وهي تبدو ثرثارة".
ولاحظ كل منهما كيف تحاول روث أحتكار الحديث ولفت نظر بوب اليها.
قالت كارن وهي تبتسم وتتنهد:
" أنك متحيز!".
قال لويس فجأة وهو يحتسي شرابه ويأمر الخادم باحضار شراب آخر.
" ترى ما الذي ستفعله ساندرا اذا لم تعد تلتقي مع سيمون؟ أعتقد أنها في حاجة الى يد صارمة! كان يجب على أمك أن تتزوج مرة أخرى".
قالت كارن في تكاسل:
" كان بول يسيطر عليها... وكانت تحترمه!".
وتصلب وجه لويس وهو يقول:
"أذن أستطيع أنا أن أنفعل نفس الشيء أيضا".
احمر وجه كارن وقالت:
" أشك في ذلك يا لويس".
ونظرت الى وجهه الشاحب النحيل, كانت تعرف أن لويس ليس لديه القوة اللازمة للسيطرة على فتاة دون العشرين , مثل ساندرا . لم يكن لديه أية خبرة , أما بول فقد كان يسيطر على سيمون دائما في شبابه. وكانت ساندرا تطيع بول بسبب ملامحه الداكنة الوسيمة وجاذبيته الساحرة , كان يتمتع بسحر كبير... لا أحد ينكر ذلك, وساندرا وقعت ضحية لذلك السحر , لقد تصورت أنها وقعت في غرامه, ونفذت كل رغباته وكأنها أوامر , أما لويس فلا يحتمل أن يروق لها بهذا المعنى, أضف الى ذلك أن مادلين نفسها لم تكن تستلطف لويس في حين أنها هي أيضا كانت تحب بول.
وابتسمت كارن للويس قائلة:
" لويس يا حبيبي... لا أعتقد ذلك , أن ساندرا ليستمن طرازك, كما أنك لست من طرازها, ولكنها تصورت دائما أنها مدلهة بحب بول , كانت تسير وراءه مثل كلب صغير ولا أعتقد أنها كانت ترى أي شخص غيره!".
دهش لويس , أن فكرة تدلُه ساندرا بحب بول لم تخطر على باله أطلاقا , ووجد الفكرة مقززة.
وانتهت كارن من سيكارتها , ونهضت واقفة وهي تقول:
" عن أذنك لحظة.... سوف أذهب الى غرفة خلع المعاطف ولن أغيب كثيرا".
فقال لويس بسرعة وهو ينهض واقفا:
" سوف أنتظر هنا".
ابتسمت وانسلت بين الموائد , واتجهت نحو الباب بحثا عن هواء القاعة الرطب, كانت تحتاج الى هواء طلق أكثر من أي شيء آخر. واستخدمت حقيبة السهرة كمروحة , وسارت ببطء في الردهة الى غرفة خلع المعاطف , وما كادت تصل حتى رأت بول.
كان يستند باهمال الى أحد الأعمدة وهو يدخن سيكارا ويتحدث مع رجل آخر.
سارت كارن نحوهما وعندما أقتربت منهما نظر اليها بول, ولم تبد الدهشة على وجهه الوسيم , وأفترضت أن رآها حتى قبل أن تراه, وعندما نظرت اليه تعجبت , لماذا سمحت للويس بأن يقنعها بأن الطلاق من بول كان أفضل شيء؟ لو أنها تركت وشأنها لعادت اليه... بل أنها ترغب في العودة اليه في هذه الليلة! لو أنه لم يطلقها لما فكرت أطلاقا منه ولظلت زوجته, وعندما التقت عيونهما بدا باردا بعيدا , لدرجة أنها غضبت من هدوئه الواضح.
على أنه استقام وألقى بسيكاره على الأرض وسحقه بكعب حذائه, كان واضحا أنه لا ينوي أن يتجاهلها , وشعرت كارن بسعادة بدون أن تدري سببا لها , وألتفت رفيقه أيضا ورآها , ولاحظت كارن أنها لا تعرفه من قبل.
وتمتمت لنفسها وقد غمرتها سعادة كبيرة بأنها تبدو في أجمل صورة في ثوب السهرة الجديد.
" أهلا يا بول".
كانت تريد أن يراها بول , وقد تحققت رغبتها الآن.
أومأ بول برأسه قائلا:
" أهلا يا كارن".
كانت عيناه عميقتين لا ترى لهما قاعا ... والتفت الى رفيقه وكان رجلا في حوالي الخامسة والثلاثين , له شعر أشعث أشقر, ووجه مرح صبوح , وقبل أن يقدم بول كارن ابتسم الرجل بمرح وقال:
" هيا يا بول... ألا تقدمني؟ يبدو أنك تعرف أجمل الفتيات !".
ابتسم بول نصف ابتسامة وتساءلت كارن: ترى ما الذي يدور في ذهنه؟ هل كان يفكر أن روث أجمل منها؟ وقال:
" كارن... هذا هو أنتوني ستوكر , صديق قديم من أيام الجامعة, وهذه كارن يا توني , كارن ستاسي".
وتردد لحظة قصيرة جدا عند ذكر اسم أسرتها وكأنه لا يزال يعتقد أنها كارن فريزر.
وقالت كارن مبتسمة:
" هالو".
فصافحها توني بقوة ورد بدوره:
" كيف حالك؟".
كانت يده كبيرة غليظة ولكن أظافره أنيقة جدا, كان كل شيء فيه كبيرا.
والواقع أن شخصيته تعوض عن كل نقص في مظهره , كان يبدو رجلا ودودا لطيفا , فاستراحت اليه كارن فورا , لم يكن من النوع الذي يمكن أن يجذبها اليه , ولكن يمكن أن يكون صديقا.
وأجابت بلهجة مؤدبة:
" أنني بخير , هل تستمتع بالحفل؟".
أجاب توني:
" جدا , الواقع أنني ساعدت في تنظيمه".
وابتسم لها ثم صاح فجأة:
" يا ألهي يا بول! لقد تذكرت , هل هذه... أقصد ... الفتاة التي كانت زوجتك؟".
هز بول كتفيه العريضين , وقال ببرود , بينما شعرت كارن بوجنتيها تتوهجان:
" لقد كانت زوجتي منذ سنوات طويلة".
" يا ألهي , هل تصرفت كالأحمق يا بول؟".
أجاب بول بهدوء:
" أبدا... أن كارن أمرأة جذابة جدا, وهي تعرف هذا بالتأكيد".
زادت حمرة وجه كارن , كانت تكره أن يتحدث عنها أحد وكأنها ليست موجودة , وقاطعت حديثهما قائلة:
" هل أنت بمفردك يا بول؟".
أجاب وهو ينظر اليها:
" أنني أنتظر روث في الواقع , وأعتقد أنها في غرفة خلع معاطف السيدات".
" لقد رأيتك عندما وصلت قبل ذلك".
" أعرف أنك رأيتني . لقد رأيتك عندما جلسنا الى المائدة".
وارتجفت كارن , لم تكن تعرف أنه شاهدها كما شاهدته , ترى ماذا ظن بها ؟ هل أعتقد أن الفضول كان يتملكها ؟ كان الحديث بليدا جدا وتمنت أن يخطر على بالها شيء مضحك حتى تجعلهما يضحكان , وأخيرا تمتمت قائلة وهي تنظر الى بول من خلال رموشها الغزيرة:
"على فكرة بول , شكرا لأنك تحدثت مع سيمون".
بدا بول متضايقا بعض الشيء كما توقعت , ونظر اليهما توني , وكان واضحا أنه مذهول من تحول الأحداث , ومضت كارن تقول في تصميم:
" لم تعطني فرصة أمس لأشكرك كما يجب!".
أجاب بول بجمود , بينما لمعت عيناه على نحو خطير وكأنه يتحداها أن تقول المزيد:
" لا داعي للشكر".
نظرت كارن الى توني , وتمتمت وهي تبتسم:
" لا تقلق علينا ... أنا وبول لا نزال صديقين طيبين ... أليس كذلك يا حبيبي؟ أننا أنس متحضرون في أية حال , أليس كذلك؟ لسنا بدائيين , ونستطيع أن نتصرف على نحو طبيعي بعضنا مع بعض , ألست على حق يا بول؟".
أجاب بول في برود , ولكن عينيه كانتا تبرقان غضبا:
" تماما...".
وقطع توني الحرب غير المسلحة بينهما بقوله:
" ما رأيك في أن تعودي معي الى قاعة الرقص يا كارن ؟ أود أن أرقص معك اذا سمحت".
تصلب بول عندما سمع كلمات توني , وأدركت كارن أن بول لا يريد أن ترقص مع توني لسبب ما , هل يمكن أن يكون غيورا؟ لا ... أن هذا أمر مضحك... لعله كان لا يريد صديقه أن يعرف أمرأة مثلها أو على الأصح مثل ما تصورها عليه , وتجاهلت موقفه وأجابت:
" شكرا يا توني , أنني أود جدا أن أرقص معك".
والتفت توني الى بول وقال:
" رائع.... سأراك فيما بعد أذا يا صديقي العزيز!".
وقال بول:
" طبعا".
كان بول ممتعضا , وأدركت كارن أنها ضايقته , ولكن الى أي حد؟ هذا ما لم تستطع معرفته.
أمسك توني يدها وعادا الى قاعة الرقص , واثبت أنه راقص ماهر رغم كبر حجمه, كما كان رفيقا مسليا , وقال لها أنه هو نفسه قد دعا بول وأصدقاءه الى هذا الحفل ضيوفا له , وأن رفيقته رفضت الحضور في آخر لحظة.
وأخبرها أنه يملك مزرعة في ولتشاير كانت ملكا لأسرة ستوكر على مدى أجيال , لم تكن أسرته ثرية لأن كل أموالها كانت تضيع في حرث وفلاحة الأرض , وهذا يفسر سبب غلاظة يديه.
أعجبت كارن بتمسكه بأرضه وعدم تخليه عنها, لو أنه باع المزرعة لأستطاع هو وأمه وأخته أن يعيشوا في لندن في رغد نسبي, ولكنهم أحبوا الأرض وفضلوا أن يقيموا في ولتشاير ويساعدوا مستأجريهم. ومن وصفه بدت المزرعة جميلة كما بدت أسرته من النوع الريفي العريق حتى أذا كانوا أسياد القصر , وأخبرها أن أباه قد توفي وأن أمه وأخته تعيشان في قصر قديم فسيح يطل على المزارع.
ورغم أنه كان قد عرف بول منذ أيام دراستهما في (أكسفورد) ألا أنهما التقيا مؤخرا فقط وجددوا علاقتهما , فتناولا الغداء سويا مرتين, وتعرف توني على خطيبة بول الأميركية.
وتركته كارن يسهب في الحديث فقد أثار أهتمامها على نحو غامض, ولكن ذهنها ظل يفكر في بول! كان جميلا أن تستمع الى حديثه بينما كان نصف ذهنها يفكر في شيء آخر , كان رفيقا لا يطلب شيئا فانقادت له بسهولة وبلا تفكير.
وفجأة لمحت لويس وشعرت بتأنيب الضمير, لقد بدا متوترا بل غاضبا من شيء ما, وعندما رآها أيضا ولوحت له بيدها عبس وتجاهلها, وشعرت بالقلق والذنب, وعندما انتهت الرقصة أخبرت توني أنها كانت مع رئيسها في العمل وأنه ينتظرها.
فصاح توني:
" حقا؟ حسنا... هل يمكن أن أنضم اليكما لحظة".
زمت كارن شفتيها وقالت:
" بالطبع. لويس وأنا صديقان قديمان ولن يعترض بالتأكيد ".
رد توني بحرارة:
" حسنا جدا, أنني أود أن أرقص معك مرة أخرى اذا سمحت لي".
ابتسمت له كارن وتركته يمسك يدها وهما عائدان الى المائدة التي كان لويس يجلس اليها , نهض فجأة عندما اقتربا منه وبدا قزما الى جانب توني بقامته الطويلة العريضة, وصاح لويس في صوت غاضب:
" أين كنت طوال هذه المدة ؟ ومن هذا؟".
رد توني على الفور:
"اسمي ستوكر... أنتوني ستوكر, ومن تكون أنت؟".
كان يبدو أنه ضاق بأسلوب الرجل الآخر ونبرته, ولم تفهم كارن السبب في امتعاض وجه لويس فصاحت قائلة:
" أرجوك... هذا توني يا لويس... وهذا لويس مارتن رئيسي في العمل يا توني".
تصافح الرجلان على نحو غير ودي , وتمنت كارن لو أنها لم تأت مع توني , وأخذت تشرح قائلة:
" كان توني في القاعة يتحدث مع بول عندما ذهبت الى غرفة السيدات, وقدمنا بول أحدنا الى الآخر".
قال لويس وهو يقطب جبينه:
" تقصدين فريزر مرة أخرى!".
" طبعا".
فنظر لويس اليها قائلا:
" مفهوم... والآن ألا ترقصين معي يا كارن؟".
ضاقت بغيرته وحبه لأمتلاكها , ومرة أخرى قالت:
"طبعا".
لم تكن قد أعطته مبررا واحدا ليفترض أنهما أكثر من صديقين طيبين رغم كل أحاديثه عن الزواج , وكانت تكره أن تشعر بأنه يحاول أن يتملكها على هذا النحو , لم يكن له الحق في أية سيطرة عليها! لأنها أمرأة حرة غير مرتبطة بشخص ما.
ورقصا معا فترة في صمت, ثم قال بصوت متوتر:
" يتعين عليَ أن أعتذر لك... يبدو أنني تصرفت بطريقة غير لائقة".
وافقت كارن وقالت بحدة:
" نعم... ماذا بك؟ لقد غبت ربع ساعة فقط".
وشعرت بالسعادة أنه أثار الموضوع بصراحة, وتنهد لويس وقال في صوت حزين:
"أعرف... أعرف... كان واضحا تماما أنني أغار بجنون , أنك لا تقدرين هذا الشعور , شعور شخص يريد أنسانة من كل قلبه ويعرف أنها لا تريده".
احمر وجه كارن خجلا وقالت بسرعة:
" لويس ... أرجوك... لا داعي لهذا الحديث الآن ... لا داعي له مرة أخرى".
أحمر وجه لويس أيضا وتمتم قائلا:
" أعرف... كل ما أرجوه ألا تتباهي بمعرفة الشبان هكذا أمامي, أنني لا أستطيع أن أسيطر على مشاعري , النتيجة التي وصلت أليها أنك أمرأة باردة!".
كادت كارن تنفجر ضاحكة... أن مجرد الحديث مع بول يجعل الدم يتدفق في جسمها ولكن لويس يظن أنها باردة! وارتجفت...
أخيرا قالت:
" لعلك على حق".
فضلت أن تأخذ أيسر طريق للخروج من هذا الحديث .
ورد لويس ببطء وهو ينظر في وجهها متفرسا:
" أنا واثق من هذا... ولكنك ستحتاجين الى رجل مرة ثانية يا كارن, وسوف تجدينني اذا شئت ".
عبست كارن عندما سمعت هذا ولم ترد عليه , كان تصرف لويس غريبا هذه الليلة.

برنس وصاب 09-23-15 04:33 PM


وعاداالى المائدة حيث كان توني في انتظارهما , وبدا سعيدا عندما رأى كارن فنهض واقفا بسرعة, وأمسك مقعدها لتجلس عليه, وفكرت: لقد كان رفيقا طيبا في الواقع وقد أنساها بول ولويس أيضا لفترة, فبدأت تعتبر لويس مشكلة الآن, أنها لا تريد أن تترك عملها معه بعد كل هذه المدة, ولكن اذا أصبح لويس لا يطاق , عندئذ لا بد أن نفعل شيئا , أنها لا تستطيع أن تسمح له باحتكارهاأ والسيطرة عليها وأفشاد حياتها.

أما لويس فلم يكن طبيعيا كعادته , وحاول أن يضمها بشدة الى صدره أثناء الرقص , كانت تشعر بالأختناق عندما تلفح أنفاسه عنقها, وبدا واضحا أنه يبذل كل ما يستطيع لكي يسيطر على عواطفه, وتصورت كارن أو وجود بول مسؤول الى حد ما عن هذا السلوك من ناحية لويس , لم يكن في يوم من الأيام بهذا المنظر , وبدأت تشعر بأنها لا تعرفه على حقيقته كم كانت تعتقد.
كان أيان فيلوز يعمل في قسم المبيعات ويؤدي عمله على أكبر وجه , وكان هو وبول صديقين منذ فترة طويلة جدا ولم يكن أختلاف مركزيهما يشكل أية عقبة في طريق صداقتهما.
وكانت زوجته مرغريت فيلوز في الثامنة والعشرين من عمرها, أي في نفس سن روث , وكانت هي وروث منسجمتين تماما رغم أن مرغريت رفضت أن تتحدث عن زوجة بول الأولى مع زوجته القادمة , فقد كانت تعرف كارن وتحبها وأثار هذا غضب روث التي كانت حريصة على معرفة كل شيء عن السيدة فريزر الأولى , لم تكن قد رأت صورة لكارن , فلم تجد أية صورة لها في شقة بول , ورغم أن هذا أسعدها الا أنها كانت تود أن تعرف شكل كارن, كانت تشعر وكأن لها عدوا غير مرئي.
وفي تلك الليلة كانت لهم مائدة قريبة من مكان الفرقة الموسيقية , وقد رقصوا جميعا كثيرا , ولم تكن روث حريصة على أن ترقص مع أيان ولكن عندماطلبها للرقص رأت أنه من غير المناسب أن ترفض كل مرة, ولكن مرغريت رقصت مع بول, وما يثير السخرية أن الغيرة تنهشها عندئذ.
كانت سعيدة بثوبها المزركش بالدانتيل فوق الساتان , كان يتناسب مع بشرتها البيضاء الوردية , كانت واثقة من أن بول معجب به, برغم أنه نادرا ما كان يعلق على ملابسها, وكان ثوب مرغريت من الكريب الرمادي , وكان موضة قديمة في نظر روث, كانت واثقة تماما من أنها أكثر جاذبية من مرغريت في نظر أيان أيضا , ولكن بول لم يظهر أية علامة على الغيرة ! وتضايقت روث , فقد كانت تتمنى أن تثير بول في هذه الناحية , ولكن بول كان يبدو باردا طوال الأيام القليلة السابقة , منذ أن تناول الغداء مع كارن , ولم تستطع معرفة السبب, لم تكن روث قد أعتادت على أن يرفض لها طلب, فقد دللها أبواها واستجابا لكل نزواتها.
جلست وأخذت تمر بأصابعها على ذراع بول وتتساءل ما الذي يمكن أن تقوله حتى تجذب أهتمامه! كان يبدو بعيدا عنها مسافة طويلة, في الفكر أن لم يكن في الواقع قبل ذلك كان هو وأيان يناقشان بعض تصميمات النسيج الجديد الذي يصنعانه, وشعرت بالملل من حديثهما, والواقع أنها لم تتلق أهتماما كبيرا في تلك الليلة.
وفجأة لاحظت أن حشدا من المدعوين يجتمه حول راقصين يرقصان وسط القاعة , كانت الفرقة الموسيقية تعزف لحنا راقصا وتصورت روث أن الراقصين يستعرضان رقصتهما , ولا شك أن مراقبتهما تثير الأهتمام والبهجة, فقالت وهي تمسك بذراع بول:
" تعال نذهب الى هناك لمشاهدتهما".
كان ايان وزوجته يرقصان , ولذلك نهض بول رغما عنه وسار معها الى الراقصين في وسط القاعة , لم يكن هناك من يرقص غيرهما. وكان الجميع يرقبونهما , وتوقف بول فجأة عن سيره , كان الراقصان اللذان يضحكان ويرقصان على ايقاع الموسيقى هما توني و... كارن!
وشعر بالدم يتدفق في عروقه وهو يراقبهما , وغضب من مشاعره التي فضحته , كان لا بد أن يسيطر على أعصابه!
صاحت روث قائلة:
" أنه توني ستوكر... أنهما رائعان... ومع ذلك أنا شخصيا لا أرضى بأن أستعرض نفسي هكذرا".
ولم يرد بول فنظرت اليه, كان وجهه قاتما متجهما , فعبست وسألته في ضيق:
" ماذا حدث ؟ ألم تكن تريد أن تأ تي؟".
أجاب بول ممتعضا:
" كلا".
"لماذا؟".
وهنا شعرت روث فجأة باحساس غامض, كان في وجه بول شيء , شيء معين جعلها تسأله بغتة بصيغة أتهام:
" أنت تعرف تلك الفتا... أليس كذلك؟ من هي؟".
حاول بول أن يتفادى الرد فسألها ببطء:
" وما الذي يجعلك تعتقدين هذا؟".
" أنني أشعر بأنك تعرفها ... هل تعمل في شركتك؟ أو شيء من هذا القبيل؟".
رد بهدوء:
" كانت تعمل في شركتي... أنها كارن يا روث".
كان وجه روث صورة للشك وعدم التصديق , فصاحت قائلة:
" كارن؟ لا تقصد هذه الكارن؟".
دس بول يديه في جيبي سرواله وقال:
"نعم هي... كنت أظنها في نفس سنك... أنك لم تخبرني أبدا يا بول أنها صغيرة".
أجاب ببرود :
" أنك لم تسألينني , أن كارن في الخامسة والعشرين من عمرها الآن, أصغر منك بثلاث سنوات كما أعتقد!".


برنس وصاب 09-23-15 04:34 PM

وتوهج وجه روث غضبا , كم تمنت لو أنها لم تقترح الذهاب لمشاهدة الراقصين , لكن من أين لها أن تعرف أن الراقصة هي كارن؟ لم تكن تعرف أنها موجودة في الحفل . ومع ذلك لم يبد بول مندهشا. ترى هل كان يعرف أنها هنا؟ وتدفقت الأسئلة على ذهنها ولكنها تغلبت عليها وتجاهلتها , كان من الغباء أن تفكر على هذا النحو . لقد تزوجا ثم طلقا وانتهى الأمر ... أن أيا منهما لا يعني شيئا للآخر الآن, ومجرد أنهما يتحدثان أحدهما مع الآخر بطريقة عادية يثبت أن كلا منهما لم يعد يكن أيَة مشاعر نحو الآخر.
ومع ذلك شعرت روث بالغضب فجأة وهي تراقب كارن , كانت كارن أمرأة جميلة جدا وليست الأنسانة القبيحة التي تصورتها , جامدة الوجة التي تتباهى بلا خجل أمام الرجال , وتتصرف وكأنها أصغر من حقيقتها بسنوات كثيرة, وراحت تحسب في ذهنها فأدركت أن كارن كانت في الثامنة عشرة من عمرها فقط عندما تزوجت بول , معنى هذا أنها عاشت حياة زوجية مع بول في تلك السن, في حين أن روث كانت لا تزال طالبة في الكلية, تخرج مع الفتيان ولا شيء أكثر من هذا, معنى هذا أن بول عندما كان رجلا في الثلاثين وجدها فتاة يمكن أن تشبعه ذهنيا وجسديا في ذلك الوقت . بينما كانت روث معقودة اللسان لا تستطيع أن تتحدث مع رجل في سنه!
والآن فلا بد أن تتذكر هذه الفتاة في كل مرة يلمسها بول وتتساءل ... ترى هل لا يزال يحبه؟
وأثارت أفكارها فزعها , كانت الحياة قد بدت بسيطة هادئة قبل هذا الأسبوع مع اقتراب موعد الزفاف , وفكرة شهر العسل القادم تحتل أفكارها.
ولكن كل شيء تغير, وكل هذا بسبب الأخت الحمقاء لهذه الفتاة , هذه الفتاة الأخت التي تورطت في علاقة مع شقيق بول المتزوج, كان أمرا لا يطاق, وشعرت برغبة في أن تقف وتصرخ وتبكي لتحصل على كل ما تريد كما كانت تفعل في السنوات السابقة... شعرت بأنها تريد أن تخبط الأرض بقدميها واذا أمكن تطأ بهما هذه المرأة التي عادت الى حياة بول سواء شعر هو بذلك أو لم يشعر, ولكن كان عليها أن تتصرف بطريقة طبيعية , لقد حدث ما حدث في الماضي وأصبح بول ملكها الآن , واذا أظهرت أنها خائفة من سلطة هذه المرأة فلا أحد يعرف ما الذي يمكن أن يحدث! كلا... يجب أن تتصرف كالمعتاد وتظل الخطيبة المحبة المتفهمة , أما بعد الزواج فيمكن أن يختلف الأمر.

برنس وصاب 09-23-15 04:34 PM



وتمتمت بنعومة وهي تدس يدها في ذراع بول:


" هيا بنا يا حبيبي ... لنعد الى الفندق يا بول".


كان بول على استعداد لتنفيذ رغبتها , ولا يريد صحبة أحد... وكا ن يفضل أن يترك وحده مع عواطفه التي تعتمل في داخله ... وقال في عدم أكتراث واضح:


" وهو كذلك ... اذا كانت هذه رغبتك.... ظننت أنك تستمتعين بالحفل".


أجابت بسرعة:


" كنت ... أقصد... أنني أشعر بصداع الآن... وأريد أن أهدأ وأسترخي في جناحي في الفندق ... هذا كل ما في الأمر ".


أومأ بول موافقا ... وأبتعد عن الحشد الذي تجمع حول كارن وتوني , ثم قال:


" يجب أن نخبر أين ومارغريت بأننا سننصرف".


كان جناح روث في فندق دورشستر غاية في الأبهة والفخامة, وكان يكلف أباها مبلغا طائلا كل يوم, ولكن هيرام ديلاني كان يعد ورق البسكوت الذي يملك بالآلاف وليس بالعشرات, ولذلك كانت نفقات أقامة ابنته في فندق أنيق في لندن ليست أكثر من وخزة دبوس في حسابه.


كانت غرفة الأستقبال الملحقة بالجناح خالية, فقد كانت روث قد أعطت لوصيفتها الخاصة يوما أجازة , وألقت روث بنفسها باهمال على أريكة منخفضة, وفك بول أزرار معطفه القاتم ذي الياقة المصنوعة من الفراء , وأخذ يجول في أنحاء الغرفة وكأنه نمر في قفص... كان يتساءل!


ترى متى يستطيع أن ينصرف!


مدت روث يدها اليه وقالت في كسل:


" تعال أجلس يا حبيبي... لن تنصرف الآن بالطبع!".


عضَ بول شفته وأجاب ببطء:


" ظننت أنك مصابة بصداع, ولكن يبدو أنك استعدت صحتك بسرعة مذهلة".


وتوهج وجه روث وأجابت وهي تدافع عن نفسها :


" لقد أفاقني الهواء الطلق".


قال بول بحسم:


" ومع ذلك فأن الوقت متأخر, ومن الأفضل أن أنصرف... أذهبي الى فراشك واستريحي , وسوف أراك في الصباح".


وأنحنى وقبل خدها, ولكنها لفت ذراعيها حول عنقه وشدته ليجلس بجوارها , وهمست قائلة:


" لا تبتعد عني!".


كانت واثقة من أنها تستطيع أن تخرجه من أكتئابه , ولكنها شعرت بأن بول يقاومها, وبعد لحظة أضطرت أن تتركه ينهض واقفا... وشعرت بالحرج وعدم الأرتياح , بل شعرت بأنه جرح كرامتها ولكنها سيطرت على شعورها , وقالت:


" هل سنتناول الغداء معا دا؟".


هز بول كتفيه قائلا:


" أتصلب بي تلفونيا في الصباح... سأحاول يا حبيبتي".


قالت:


" شكرا".


وبدت السخرية في صوتها فتركها بابتسامة باهتة.


وبعد انصرافه نهضت روث من فوق الأريكة , لم تكن تشعر بصداع أطلاقا , وقد فشلت خططها في أن تسترد بول لنفسها وفكَت سحاب الثوب بأصابعها بدون أهتمام , وأمسكت بالثوب في قبضتها ومزقته من العنق حتى الخصر! وبغضب ألقت به على الأرض. وعندما فتحت باب غرفة النوم وجدت يديها ترتجفان , وسالت الدموع من عينيها , ها هي ذي... واحدة من أغنى النساء الشابات في لندن , ومع ذلك تأوي الى فراشها بعد منتصف الليل بقليل , وهي في أشد وأسوأ حالات الغضب!


ترك بول الفندق وجلس في سيارته ... وقبل أن يدير المحرك أشعل سيكارة , ثم قاد سيارته الفارهة بسرعة , كانت شقته في بلغرافيا ولكنه لم يكن يرغب في النوم الآن... واتجه الى شارع خلفي, كانت ليلة حالكة الظلام, ولكنه استطاع أن يشق طريقه بدون أن يرى شيئا وهو يفكر مرهقا.


وعلى مشارف ريتشموند دخل في طريق خاص واتجه نحو جدار عال فيه بوابتان من الحديد المصبوب حفر عليها اسم تريفاين, كان ذلك هو المنزل الذي اشتراه عند زواجه من كارن , لم يكن قد باعه, وانعطف نحو المدخل بين الأشجار الباسقة متجها الى الفناء الأمامي أمام اللالم المنخفضة التي تؤدي الى الأأبواب المزدوجة البيضاء , كان جمال المكان الأنيق لا يمكن أن يرى في تلك الليلة المظلمة , ولكن بول كان قد جدَد الكثير من أثاثه في الداخل, ولكن روحه ظلت تحمل جو السنوات الماضية!


وأضاءت الأنوار الأمامية لسيارة بول المكان قبل أن يوقف المحرك ويطفئها, وانسل من خلف عجلة القيادة وصفق الباب وراءه , ودوى الصوت في سكون الليل , ووضع بول يديه في جيبه وسار .


كانت روث لا تعرف شيئا عن منزل تريفاين فلم يكن قد أخبر أحدا, ولا حتى أمه , بأنه لا يزال يملك البيت, وكان مستعدا لأن يتركهم يتصورون أنه باعه, كان قد فصل كل طاقم الخدم, ولكن عندما طلَق كارن ظلت مدبرة البيت وزوجها كما هما في المبنى الخالي ينظمان كل شيء استعدادا لزيارته في أية لحظة يشاء, ولم يذهب الى هناك منذ أن خطب روث, فلم يكن قد شعر بحاجة الى الذهاب حتى الآن.


وقبل أن يصل الى الأبواب الأمامية أضيء نور الأرسال فوق الباب, وبعد لحظة فتح السيد بنسون بنفسه الباب , وتدفق الضوء في المدخل وغمر بول بنوره, كان بنسون يرتدي الروب فابتسم مرحبا عندما رأى سيده وصاح:


" أهلا بك يا سيد بول, أنها مفاجأة سارة , أننا لم نرك منذ ثلاثة أشهر!".


وعبر بول الشرفة ودخل القاعة الفسيحة , وقال لخادمه:


" آسف يا بنسون اذا كنت أزعجتك. أعرف أن الوقت متأخر جدا".


أجاب بنسون متفهما:


" لا يهم يا سيدي".


زفكر بول... لا يمكن أن يكون بنسون عنده أية فكرة عن السبب الذي جعله يأتي الى هنا في هذا الوقت المتأخر!


أغلق بنسون الأبواب ثم قفلها بالقفل وقال:


" هل ستقضي الليلة هنا يا سيدي؟".


أومأ بول قائلا وهو يخلع معطفه :


" نعم يا بنسون , أنني أتوقع أن يكون سريري جاهزا كالمعتاد".


قال بنسون:


" أنه جاهز يا سيدي, الحقيقة أن ماغي قالت اليوم أنها تتوقع حضورك قريبا , وهي تعد البيت دائما يا سيدي لحضورك".


ابتسم بول وهو يعبر القاعة:


" هل أوت الى فراشها؟".


" نعم يا سيدي . هل تريد شيئا؟ هل تحتاج الى طعام؟".


هز بول رأسه وفتح باب غرفة المكتب وقال:


" لا أريد شيئا ما دام يوجد الكثير من الشراب".


رد بنسون في الحال:


"لقد وضعت زجاجة جديدة هناك اليوم. هل أنت متأكد أنك لا تحتاج الى شيء آخر يا سيدي؟".


أجاب بول:


" متأكد... تصبح على خير يا بنسون... سأراك في الصباح".


كانت الغرفة مكدسة بالكتب المرتبة بدقة , وبالأضافة اليها كان هناك بيانو صغير في أحد الأركان , كان هو وكارن يستعملان الغرفة كغرفة للموسيقى , وقد قضيا أمسيات سعيدة كثيرة وحدهما هنا... كان بول يتقن العزف على البيانو , وكان يعزف ألحان كارن المفضلة من مؤلفات شوبان وغريج.


واتجه الى صينية الشراب الموضوعة قريبا من البيانو فوق مائدة منخفضة وصب لنفسه كأسا من الشراب رشفه بسرعة, وأعقبها بكأس أخرى ثم جلس أمام البيانو وراح ينقل أصابعه بين مفاتيحه ويعزف لحن (في ضوء القمر) كان لحنا حزينا , وعندما نظر ناحية المقعد الوثير العميق الموضوع بجانب المدفأة تصور أن كارن جالسة هناك تراقبه.


وأنطلقت منه أنَة , وصفق غطاء البيانو ثم وقف وفك ياقة قميصه , وراح يجول في الغرفة على غير هدى ... يا ألهي... ماذا دهاه الآن؟


هل كان رجلا أم فأرا؟ ولعن سيمون لأنه كان السبب في أزمته هذه, لو أنه لم ير كارن أطلاقا لما ثارت مشاعره على هذا النحو . وكان من المحتمل ألا يراها ثانية أبدا... كان كل منهما يعيش في دائرة أجتماعية مختلفة , لقد أنضمت كارن الى مجاله أثناء الزواج , ولكنها كانت عادت الى فلكها الخاص بعد الطلاق... كان معظم الأشخاص الذين يختلك بهم من الأثرياء جدا وأصحاب النفوذ , مثل رجال البنوك والمال والأعمال , الذين لا يهتمون الا بجمع مزيد من المال ولكنه رأى كارن الآن, وأدرك أنها لا تزال تجذبه وتثير أهتمامه ... أنه لن يخدع نفسه, كارن تجذبه دائما على هذا النحو... كان قد نسي كم هي جميلة , حتى رآها ثانية‍


تصور في أحد الأيام أنها ستتزوج لويس , ولم يكن يهتم بوجود علاقة بينها وبين أي رجل , ولكنها ما زالت حرة غير مرتبطة , وعندما رآها الليلة ترقص مع توني أصيب بصدمة! كان واضحا أنها سلبت لب توني , ومن يدري , فمن المحتمل أن تكون معه حتى الآن , ولعله سيصحبها الى شقته أو شقتها , هل ستسمح له بأن يعانقها؟


شعر بول بطعنة سكين في معدته.... أن الغيرة العمياء شيء يثير السخرية , ولكنه كان يشعر بالغيرة! وتمنى لو أنه ذهب الى شقتها ليستكشف الأمر بنفسه , ولكن كبرياءه منعه من ذلك. ماذا سيقول لها لو ذهب؟ هل يقول أنه يريد أن يطمئن بنفسه ؟ ومد يده الى زجاجة الشراب وملأ كأسه , وألقى بنفسه على المقعد وهو لا يزال يمسك بالزجاجة في يده, ستكون ليلة طويلة جدا!




برنس وصاب 09-23-15 04:37 PM


أفكار ليست للعرض!

رأت كارن بول ينصرف مع روث, ورأتهما يتحدثان مع فليوز وزوجته قبل أنصرافهما , ولما لم يظهرا ثانية حول مائدتهما أفترضت أنهما أنصرفا , وشعرت بعد أنصراف بول بأن المساء فقد سحره, لماذا؟ ولم تستطع معرفة السبب فلم يرقص معها, كما أن الحديث بينهما كان مشوبا بالتوتر لعلها كانت هي السبب في ذلك, ولعلها وجدت متعة في مضايقته وأزعاجه.
كان العذر الوحيد لرحيلهما المبكر في نظرها هو أنهما أرادا أن يكونا بمفردهما! وأفزعتها الفكرة بما أثارته فيها من مشاعر مؤلمة , كانت لهما الحرية بالطبع في أن يفعلا ما يريدان , فهما سيتزوجان قريبا ويصبحان معا طوال الوقت, ولعلهما قضيا ساعات وساعات معا وحدهما! كان لا بد أن تعرف , وتعترف بأنها لا تسيطر على بول بأي حال.
أقترحت أن تعود الى بيتها بعد أن أصبح واضحا أن بول وروث قد أنصرفا , وأبدى لويس استعداده لمرافقتها , فودعت توني وأخذت معطفها واستقلت مع لويس سيارة تاكسي لأنه لم يحضر سيارته , وتمنت كارن ألا يدخل معها الشقة , فلم تكن مستعدة لأي مزيد من النقاش , ولكنه دخل وطلب مشروبا , وسألها:
" هل أنت بخير يا كارن؟".
ردت بدهشة:
" هل أنا بخير؟ بالطبع... لماذا؟".
أجاب بطريقة بليدة:
" حسنا... يبدو أنني أفسدت سهرتك . لعل ستوكر أعتبرني شخصا أحمق".
ألقت كارن بمعطفها فوق الأريكة , وصبَت كأسين ناولت أحدهما للويس قبل أن تجيب قائلة:
" أنت لم تكن بهجة الحفل بالطبع ... ولكنك لم تفسد سهرتي حقا فلا تنزعج".
" الحمدلله على ذلك... ولكنك تبدين ساهمة".
" قد أكون ضائعة الأفكار".
ونظرت الى كتفي لويس النحيلتين وجسمه الهزيل ... بعد أن رأت بول بدا لها لويس أقل من رجل! وفكرت:
أن لويس لا يستطيع أن يحمي أمرأة بقوة اذا لزم الأمر ... بالطبع في حياة لويس الخالية من الأحداث , لن تحتاج الأمر الى ذلك... ومع هذا فجميل أن تشعر المرأة بالحماية عندما تكون في صحبة رجل.
قال لويس وهو يعبس:
" أفكار؟ ما هي هذه الأفكار؟ ما الذي يشغل ذهنك؟".
قالت كارن وهي تشرب كأسها:
" أنها ليست للعرض".
" وهل ستقابلين ستوكر ثانية؟".
هزت كارن رأسها قائلة:
" لويس... أرجوك ... لا أريد جدلا ... لن أرى ستوكر ثانية ... هل يرضيك هذا؟".
وبعد أن فرغ لويس من كأسه أردفت قائلة:
" أنني مرهقة".
فعندئذ نهض وحياها وأنصرف.
ترك لويس وراءه جوا مفعما بالضيق ... كانت تعرف تماما أنه يتمنى أن يلاطفها أو يلمسها , وكانت تتمنى ألا يفعل, والواقع أنه لم يفعل, ومع ذلك ظلت تشعر بالضيق وكأنها على وشك أن تسقط في دوامة.
كان موقفه منها أشبه بنوع من الوشم , لقد أدركت من اللحظة الأولى أنه يحيها, ولكنها لم تشجعه على الأطلاق, ولعله أقنع نفسه بأنها قد تبادله الحب على مر السنين .... ألا أنها أيقنت الآن أن هذا مستحيل , لم يكن لويس بالرجل الذي تختاره زوجا حتى بدون سيطرة بول على كيانها ... كان رجلا يحب التملك ... عنيدا وأكبر منها بكثير.
أغلقت الباب خلفه وتنهدت بارتياح وهي تلقي بنفسها على الأريكة , وترتجف رغما عنها ... كانت سعيدة اشيء واحد وهو أنها رأت خطيبة بول الليلة , ومعنى هذا أنها عرفت خصمها ! أنها أمرأة جذابة جدا ... وكان يجب أن تعترف كارن بهذا... وما لبثت أن نهضت من مكانها في قلق واتجهت الى المرآة الطويلة في غرفة نومها , وراحت تتفرس في صورتها , اذا كانت روث هي فكرة الكمال في نظر بول فلا عجب أذن أنه طلق كارن. أنهما مختلفتان تماما, كان جسم روث متناسقا برقة بينما كانت كارن طويلة مكتملة الجسم ... وروث أشبه بزهرة السوسن الرقيقة , في حين أن كارن شبهت نفسها بوردة متفتحة , ترى أيتهما تصمد وتحتمل أختبار الزمن ؟ تمنت كارن أن تكون هي الصامدة ! فأن لها بنيانا قويا على الأقل.
ولكن لعل روث جعلت بول يشعر بأنه قوي ويستطيع أن يحميها , وبذلك أرضت رجولته, كانت كارن تثبت دائما أنها شخصية مستقلة , وتساءلت عما اذا كان بول يريد زوجة أكثر خنوعا , زوجة يستطيع أن يخضعها لأرادته.
وعندما تذكرت حياتهما الزوجية شعرت بغصة, كان يمكن أن يدوم زواجهما لو أن بول لم يكن حريصا على جمع المال, وتحسين شركته التي كانت قوية بالفعل , أين هي تلك المرأة التي تريد أن تقضي الأيام والليالي وحدها؟ بينما يكون زوجها مشغولا بزوجته الأخرى ... بعمله... بشركته؟ ورغم كل ذلك شعرت بأنها مستعدة أن تعود اليه الآن لو طلب ذلك.
ومر أسبوع ببطء, دفنت كارن نفسها في عملها , فهذه هي الطريقة التي تزيح بها الواقع من ذهنها , وكانت تتمنى ألا يؤثر ضيقها على عملها, واتصل بها توني ستوكر تلفونيا وشكرها على قضاء تلك الأمسية الجميلة, وتأثرت كارن من لطفه خاصة بعد أن عامله لويس بطريقة غير ودية , وأرسل لها لويس باقة من زهور الربيع مع كلمة أعتذار عما بدر منه ليلة الحفل الراقص وشعرت كارن بارتياح , وبعد مرور حوالي عشرة أيام على الحفل الراقص أنجزت كارن كل العمل المطلوب منها , وقررت الذهاب الى المكتب في صباح اليوم التالي لترى لويس, فأخرجت سيارتها القديمة من الكاراج لتقوم بنزهة , واتجهت نحو غيلدفورد , كان الطريق يثير الذكريات , فقد سلكت هذا الطريق مرات كثيرة مع بول , وشعرت كأنها سجينة تهرب لفترة , بل شعرت بالذنب من تركها لندن وراءها, وكانت جوانب الطرق والحدائق المتناثرة مفعمة بألوان الزهور المختلفة , وشعرت بغيظة لم تشعر بها منذ فترة طويلة.
ووصلت الى غيلد فورد , وهناك دخلت مقهى حيث شربت القهوة, ودخنت سيكارة , وراحت تتفرس في وجوه الشبان الذين جلسوا حول الطائرة المجاورة , ولاحظت أنهم أطالوا شعورهم, وعندما بدأوا بدورهم يتفرسون في وجهها قررت أن تنصرف , فعادت الى سيارتها وقادتها ببطء الى لندن, ولكنها سلكت الطرق الخلفية , ووجدت نفسها في الطريق المتفرع من الطريق المؤدي الى تريفاين وخفق قلبها بشدة , ترى هل قادها عقلها الباطن الى هذا الشارع عن عمد؟
ووصلت الى المنعطف وأبطأت القيادة, كانت الشوارع هادئة, وفجأة وجدت نفسها تدخل الطريق الخاص, وترددت لحظة فقط قبل أن تتجه الى أعلى التل, نحو البوابات المصنوعة من الحديد المصبوب , وأوقفت السيارة وجلست تتطلع الى الطريق , بدا المنزل كما كان تماما عندما غادرته , الدخان يتصاعد في حلقات من المدخنة , والواجهة البيضاء رائعة بلا شائبة كما كانت تماما , وتنهدت وانسلت من السيارة , وتساءلت: ترى من الذي يقيم هنا الآن؟ وهل لديهم أطفال؟ وهل هم أسرة سعيدة؟ وتمنت ذلك... كانت تتألم دائما كلما فكرت في تريفاين.
وسيطر الفضول على مشاعرها , فعبرت المدخل , ونظرت الى الطريق المؤدي الى المنزل , شعرت كأنها متآمرة وهي تتفرس في واجهة المبنى مليا , وفجأة لمحت السيارة البيضاء تقف في ناحية الفناء الأمامي , كانت مثل سيارة بول التي أوصلها بها الى بيتها يوم أن قابلته لتتحدث معه في موضوع ساندرا , وقطبت جبينها وأخرجت علبة سكائرها وأشعلت سيكارة , بالطبع لا يمكن أن تكون سيارة بول , فما الذي يأتي به الى هنا؟ الا اذا كانت الأسرة التي اشترت المنزل أسرة صديقة له! من يدري لعله في زيارة للأسرة مع روث.
ورأت أن أسلم هو أن تعود بسرعة قبل أن يضبطوها تتسلل الى المنزل , واستدارت فجأة وفي تلك اللحظة أشتبك كعب حذائها بقطعة من العشب , وبدون أي أنذار التوى رسغ قدمها على نحو مؤلم واختل توازنها وسقطت على الأرض المغطاة بالحصى , واختنقت بالبكاء , وهي تمسك برسغها بقوة وتأمل أن يزول الألم , وسالت الدموع من عينيها وعندما زال الألم قليلا جلست على الأرض , وأخذت تدلك رسغها بقوة ورفعت قدمها في وضعها الطبيعي , ولكن الرسغ كان يؤلمها بشدة حتى لم تستطع أن تتحمل لمسة أصابعها عليه.
كان منظرها يثير الضحك وهي تجلس على الأرض , وابتهلت أن يزول الألم ولو قليلا حتى تستطيع العودة الى سيارتها والى بيتها , كان رسغ قدمها اليمنى هو الذي أصيب بألتواء وبدأ يتورم ويحيطه أحمرار شوه الجلد.
وراحت تؤنب نفسها ذهنيا على أهمالها وحضورها الى هنا بسبب الفضول, وشعرت بالحرج أمام أي شخص يمتلك المنزل , اذا خرج أحد فكم ستبدو في عينيه غبية حمقاء ! أما اذا كانت روث هناك فلتساعدها السماء في هذه الحالة! ستضحك منها ملء شدقيها , أما اذا كان السكان غرباء , فسيريدون بالطبع أن يعرفوا من هي ولماذا قدمت الى هذا المكان.
ومما زاد الطين بلة أن الباب الأمامي للمنزل فتح فجأة , وارتجفت كارن قليلا ولم تنتظر لترى من الذي فتحه فأمسكت بعمود البوابة وعبثا حاولت الوقوف على قدميها , كانت ساقاها تهتزان وقدمها تؤلمها بشدة, لدرجة أنها فقدت توازنها , وسقطت على الحصى مرة أخرى, وخدشت الأحجار الحادة أصابعها , وترامى ألى أذنيها صوت رجل... يقول:
" وهو كذلك يا بنسون , سوف أخبرك الأسبوع القادم".
أنه صوت بول , وأنقطع فجأة وكأنه لمحها لتوه , ولم تجرؤ على أن ترفع نظرها بل أغلقت عينيهافي ضيق, ترى هل يعتقد أنها كانت تطارده أو شيئا من هذا القبيل ! وسمعت وقع أقدام تقترب منها , ثم شعرت بيدين تضغطان على كتفيها وتساعدانها على النهوض وتمسكها بشدة , واستدارت لتواجهه , وسمعت لهاث أنفاسه الحادة وهو يديرها لتواجهه ثم يهتف ناظرا اليها:
" كارن ... ما الذي تفعلينه هنا بحق السماء؟".
كان وجه كارن شاحبا ولكنها استطاعت أن تقول بمرح:
" أجلس القرفصاء يا حبيبي ... ألست أبدو حمقاء؟".
ظل بول ممسكا بها لحظة , وهي سعيدة... كانت تخشى أن يتركها فتنهار وتسقط على الأرض , وعندئذ سيرى قدمها حتما .
وقطب بول جبينه , كان واضحا أنه حائر , وقررت كارن أن تبذل محاولة من جانبها , فقالت والدم يصعد الى وجنتيها:
" لا بد أن أعتذر ... لقد توقفت لألقي نظرة على المنزل فانزلقت قدمي , سأنصرف الآن".
واستدارت على قدمها السليمة , وحاولت أن تصل الى سيارتها وهي تعرج على قدم واحدة , ولكن قدمها لم تتحمل ثقل جسمها فسقطت تحت قدميه على نحو مهين ! وصاح وهو يركع على ركبتيه بجانبها :
" كارن! هل أنت مريضة؟ يا ألهي.... أنظري الى رسغك!".
وشعرت بأنها حمقاء وضعيفة فقالت:
" أنه لا شيء".
وتجاهل أعتراضها فدسَ يديه تحتها وحملها بسهولة بين ذراعيه وتلاقت عيونهما لحظة , وخفق قلبها بجنون , شعرت بسعادة تغمرها وهي قريبة منه هكذا , واستدار نحو المنزل , وصعد الدرج وهو يحملها , ثم دخل المنزل , ومر أمام بنسون الذي بدا عليه الفزع وراح يتساءل عما حدث, وعندما وقع نظره عليها صاح متعجبا:
" أنها السيدة فريزر!".
حاولت كارن أن تبتسم وكأنها في حلم , وكأن كل ما حولها لا يمت بصلة الى الواقع , قالت:
" هالو بنسون .... أنني سعيدة أن أراك ثانية, كيف حال زوجتك ماغي؟".
" أنها على ما يرام يا سيدتي!".
قال بنسون هذا وهو لا يزال مذهولا من تطور الأحداث , ثم سأل بول:
" هل تريد شيئا يا سيدي؟".
أجاب بول بسرعة وهو يتوقف لحظة:
" نعم, أطلب من ماغي أن تحضر بعض الماء البارد ورباطا ضاغطا , أظن أن السيدة... أقصد الآنسة ستاسي لوت رسغها".
" أمرك يا سيدي".
قال بنسون ذلك وهرع الى القاعة , ثم الى المطبخ بعد أن أغلق الأبواب الأمامية.
وحمل بول كارن الى غرفة الجلوس , ووضعها على الأريكة , فنظرت حولها في دهشة , وتذكرت هذه الغرفة جيدا , كانت هي التي أقترحت عمل ذلك الديكور الأزرق والرمادي , ليضفي على الغرفة جوا مريحا , والجدران ما زالت مطلية بلون أزرق باهت , وقد علقت عليها لوحتان فقط أضافتا بهجة , وفوق الحائط الثالث علقت مرآة مقوسة كبيرة كادت تغطيها كلها , وفي الحائط الرابع نوافذ واسعة تطل على رواق مبلط.
ومن مكانها فوق الأريكة أستطاعت كارن أن ترى من خلال النوافذ الواسعة , العشب الممتد الذي يؤدي الى حمام السباحة وماعب التنس وراءه , وتنهدت ونظرت الى رسغها المتورم وشعرت بالدهشة , كان المنزل كما تركته تماما , ألم يقل لها بول أنه ينوي شراء منزل لروث في ساكس ويلد؟ ما لبثت أن نظرت اليه , كان واقفا وظهره ناحية المدفأة وقالت:
" آسفة اذ كنت قد أزعجتك".
أجاب:
" لا عليك, هل تريدين سيكارة؟".
كانت عيناه عميقتين لا قاع لهما , شكرته , وأخذت سيكارة ووضع بول سيكارة أخرى بين شفتيه ثم أشعلهم بالقداحة , وأعادها الى جيبه واعتدل بقامته, فسألته كارن وهي لا تستطيع السيطرة على نفسها :
" أخبرني , ألا تزال تملك هذا المنزل؟".
نفث بول دخان سيكارته ببطء من بين شفتيه , والتفت اليها وحملق فيها بحزن قائلا:
" نعم".
هزت كارن كتفيها ثم صاحت:
"ولكنك أخبرتني أنك ستشتري منزلا في ساسكس , هل غيرت رأيك؟".
رد بول بغموض:
" كلا".
ولم تفهم كارن موقفه فعادت تسأله في حيرة:
" أذن لماذا تحتاج الى هذا المنزل؟".
أجاب ببرود:
" لست أحتاج أليه ... أنني ببساطة لا أريد أن أبيعه , لا داعي لأن تشغلي نفسك بهذا الموضوع , المنزل يروق لي, وكان دائما يروق لي".
تمتمت قائلة:
"أوه...".
قضت كلماته على أية فكرة كان يمكن أن تخطر على بالها , وفجأة شعرت بألم شديد في رسغها , وكادت تطلق صيحة , ولكنها كتمتها , وعبس بول عندما رأى وجهها , وسار مسرعا نحو الباب , وقال بنفاذ صبر:
" أسرعي يا ماغي".
وصاحت كارن:
" لعلها تعد الأشياء بأسرع ما تستطيع".
فقال بحنق:
" أنها ليست سريعة بشكل كاف".
وما كاد ينتهي من كلامه حتى وصلت السيدة بنسون مسرعة ومعها ضمادات ووعاء فيه ماء بارد .
وصاحت قائلة وهي تدخل غرفة الجلوس:
"أين هي السيدة فريزر؟".
قالت كارن وهي تبتسم:
" أنا هنا يا ماغي... أنني سعيدة برؤيتك ثانية".
قالت ماغي بدون لباقة:
" يجب أن تحضري الى هنا كثيرا ... يسرنا أن نعرف أخبارك".
واقترب بول من الأريكة , وقال لماغي قبل أن تركع على ركبتيها وتضمد رسغ كارن:
" سأتولى هذا بنفسي يا ماغي... هل تستطيعين أعداد بعض الشاي؟".
" بكل سرور ... لن يستغرق هذا دقيقة , لن أتأخر يا سيدي".
أومأ بول, وانصرفت السيدة بنسون , وأغلقت الباب خلفها... وألقى بول بسيكارته في المدفأة الفارغة ورفع بنطلونه وركع بجانب الأريكة , رفع طرف ساق بنطلونها وراح يفحص الأحمرار على جلدها ... وتحسس الرسغ بأصابعه وقال بهدوء:
" ليس هناك أي كسر في العظام".
قالت كارن :
" حسنا".
" شعرت براحة وهو يلمس رسغها برقة... كانت سعيدة لأنها قريبة منه, فأنه يلمسها , أما ألم الرسغ فكان يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية , وضمد رسغها بعناية بعد أن بلل الضمادة ثم ربطها بدبوس, وانتظرت كارن أن يرفع يده من فوق قدمها . وتمنت أن تحافظ على هدوئها , ولكنه بدلا من ذلك ضم قدمها بحنان غريب , والتقت عيونهما ثم شفاههما , ونسيت كارن كل شيء الا بول بجانبها ... ثم أنتبها على صوت السيدة بنسون تحضر الشاي ,,, واعتدلت كارن في جلستها وقد احمر وجهها , وحاولت أن تسوي شعرها وهي تتساءل ... ترى فيم ستفكر السيدة بنسون وهي تضع الشاي على مائدة قريبة من الأريكة ؟ لا بد أنها لاحظت اضطرابها ولكن الخادمة المطيعة قالت:
" هل تصبين الشاي يا سيدتي؟".
أجابت كارن بسرعة:
"نعم... أشكرك... أنه يبدو لذيذا جدا".
قالت ذلك وهي تنظر الى الصينية حيث وضع أبريق الشاي وأبريق من الحليب وفناجين وأطباق وصحن مملوء بالكعك الطازج. وقالت السيدة بنسون:
" حسنا جدا يا سيدتي... يوجد شاي آخر اذا أردت".
وانصرفت بدون أن تنظر الى بول الذي كان يملأ لنفسه كأسا. وصبت كارن الشاي وهي تشعر بالدهشة والخجل والضيق لأنها أستجابت لبول , وحاولت أن تبدو طبيعية فقالت:
" هل تريد شايا؟".
استدار بول والكأس في يده وأجاب في صوت خفيض:
" لا ... شكرا".

برنس وصاب 09-23-15 04:38 PM


هزت كارن كتفيها وأخذت تحتسي الشاي , وفرغت من فنجانها ووضعته على الصينية , وأشعل بول سيكارة ثم قال بصوت بدا فيه الضيق:

" آسف يا كارن... لا بد أن أعتذر , أخشى أنني أظهرت حماقة".
توهجت وجنتا كارن وقالت:
" لا تزعج نفسك, كان رد فعل لمجموعة من الظروف".
أجاب على نحو بليد:
" يسرني أنك تعترفين بذلك , خشيت أن تتصوري لحظة...".
قاطعته كارن قائلة:
" أعرف يا بول... لا تخشى شيئا , أنني أعرف شعورك".
ضاقت عيناه وبدا عليه الغضب وقال وهو لا يصدق:
" عليك اللعنة! أشك في أنك تعرفين الوضع يا كارن ... لا أريد أن تتصوري أنني لا أزال أحبك حقيقة, وأنني أدفن آلامي فقط مع روث...".
اتسعت عينا كارن... ما الذي جعله يقول هذا؟ وصاحت مؤنَبة :
"بول!".
عض بول شفته غاضبا وقال:
" لا تتظاهري بالبراءة معي. فلست بريئة , لقد كنت دائما تعتقدين أنك تستطيعين أن تفعلي ما تشائين وتعاملي الناس كما تريدين, ولكن الوضع ليس كذلك معي, يجب أن تعرفي حقيقة أكيدة, وهي أنني أتزوج روث لأنني أريد أن أتزوجها , وليس لأنني أريد أن أنساك , هل فهمت؟ أنك جميلة فقط في نظري , وكنت أعرف أنك جميلة , هذا كل ما في الأمر!".
وفجأة شعرت كارن بالغضب الشديد, كيف يجرؤ أن يحدثها بهذه الطريقة؟".
شعرت بأن قامتها قد نقصت حتى أصبحت ست بوصات فقط, ونه يتنازل ويتحدث اليها , لم يكن حتى قريبا من الحقيقة , صحيح أنها تتمنى أحيانا لو أنه لا يزال يحبها , ولكنها تأكدت في هذه اللحظة أنها تصورت أشياء لا وجود لها , وشعرت بألم في رسغها , وتمنت لو تستطيع أن تنهض فورا, وتخرج من المنزل وتبتعد عنه وعن تعليقاته الكريهة, ولكنها لم تستطع , كانت مربوطة بالأريكة ومضطرة الى أن تحتمل أي شيء يحدث, وأحنت رأسها وتعمدت أن تنظر الى أصابع يديها حتى تتجنب النظر اليه, كان الشيء اللطيف الوحيد الذي قاله أنها جميلة ولا تزال تأسره , وقررت أن تهينه , كما أهانها فقالت بحدة:
" وهل تعرف خطيبتك العزيزة أنك تعتبرني جميلة وجذابة , أقصد هل ناقشت معها هذا الموضوع وأنتما تتناولان الغداء مثلا؟".
وشعرت بسعادة شريرة عندما لمحت الغضب على وجهه , وابتعد عنها, لا شك أنها اختارت الرد الصحيح على تعليقاته , وأحست كارن أنها في وضع أحسن الآن رغم أنها كانت تتصرف بالتحكم عن بعد! ورد عليها بغضب:
" لا تكوني فظة!".
ضحكت كارن ثم صاحت:
" أين روح دعابتك يا حبيبي؟ أعرف بالطبع أنك لا تستطيع مناقشة روث في موضوع كهذا , أن روث لا يمكن أن تفهم أهتمامك بي باعتباري أمرأة جميلة, لو كنت مكانها لما فهمت ذلك الوضع! من يدري لعلها تعتقد أنك لا تزال تتوق الى الأيام الخوالي!".
امتعض وجهه وقال:
" لقد قتلت ما كنت أكنه نحوك من جب منذ عامين, في قاعة المحكمة أم هل نسيت؟ هل يكفيك هذا؟ أنت تريدين الصراحة وها أنذا أقول لك كل شيء بصراحة".
زمت شفتيها وقالت:
" لقد طلقتني , هل تتذكر؟".
أطلق أنَة وقال:
"هل أتذكر؟".
وحك سيكارته في منفضة نحاسية , وأخذ يجول في الغرفة , ثم استدار نحوها بعد لحظة وقال:
" هل تعتقدين بكل أمانة أنني قد أفكر في أن أستردك بعد أن كنت صديقة مارتن؟".
شعرت كارن بوجهها يحترق ... ورفعت يديها وغطت خديها, يا ألهي... ما الذي ظنه بها؟ وصرخت غاضبة وهي تقول:
" لم أكن في يوم من الأيام صديقة مارتن! لا في ذلك الحين ولا الآن , هذه قصة أختلقتها لتطلقني , ولعلك كنت تريد أن تكون حرا, وقد برهنت على صدق قصتك بزيارات لويس المتكررة لشقتي".
رد بول ببرود:
"شيء جميل! أعتقد أنك ستقولين أن هذه زيارات بريئة!".
نعم أنها بريئة, بحق السماء , هل تعتقد جادا يا بول أنني يمكن أن أتورط في علاقة مع رجل يكبرني بأكثر من عشرين عاما؟ بصرف النظر عن أن لويس ليس الطراز الذي أحبه!".
صاح وقد بدا الشك في نبرة صوته:
" وهل تتوقعين مني أن أصدق ذلك؟".
قالت كارن وهي تشعر بالبرود حتى عظامها:
" صدق أو لا تصدق , كما تشاء".
واتجه نحو النافذة وسألها ببطء:
" هل ستخبرين روث بأنني قابلتك وأنني...؟".
أجابت كارن غاضبة:
" أعوذ بالله.... من تظنني؟ لا يمكن أن أبتزك اذا كان هذا هو ما تقصده, أن موقفك يضحكني فقط , هذا كل ما في الأمر".
وتمتم قائلا بغضب:
" هل أضحكتك؟".
ثم خطا نحوها , وتجمد جسم كارن حتى لم تعد قادرة على الحركة, وفجأة سمعا طرقة خفيفة على الباب , ووضع بول يديه في جيبيه وقال:
" أدخل...".
وأطل بنسون قائلا:
" آسف يا سيدي ... ولكن هل ستبقى لتناول العشاء؟".
نظر بول الى كارن وتردد لحظة فقط ثم قال بسرعة:
" لا ... سوف نرحل حالا... ضع سيارة الآنسة ستاسي في الكاراج الليلة يا بنسون , وسوف أرسل أدوارد ليأخذها غدا ويعيدها اليها... فهي لا تستطيع أت تقود السيارة الليلة , سوف أوصلها بنفسي الى بيتها".
أجاب بنسون في الحال:
"حسنا جدا يا سيدي".
ولكن كارن أعترضت وصاحت قائلة:
" لا داعي لأن توصلني".
أسكتها بول بنظرة حادة الى قدمها فأضطرت أن تطيع وقال وهو يصرف بنسون:
" حسنا , أتوقع أن أراك هذا الأسبوع".
وابتسم بنسون لكارن وتمنى لها أن تتحسن , وشكرته كارن وانصرف.

برنس وصاب 09-23-15 04:39 PM

وقبضت كارن على مسند الأريكة وحاولت أن تقف , فاستطاعت أن تقف على قدم واحدة , ولكن بول خطا نحوها وحملها بين ذراعيه قبل أن يعطيها فرصة للأعتراض , وخرج بها الى سيارته , ووصعها على المقعد الأمامي , لم يكن مستعدا لأن يراها تسير مترنحة الى السيارة , وجلس خلف عجلة القيادة بجانبها وجاء السيد والسيدة بنسون ووقفا عند الباب يلوحان لهما ويراقبان السيارة وهي تبتعد, ومرة أخرى كانا في الطريق العام, ولم تستطع كارن منع نفسها من القول وهي ترتجف:
" أنني معجبة بهذه السيارة!".
ورفع بول حاجبيه ونظر اليها مندهشا وقال:
" جميل... ستسعدين اذا علمت أنني أخترتها بنفسي".
تأثرت كارن رغما عنها وقالت:
"لم تكن عندك سيارة رائعة مثلها أيام زمان!".
قال بول بجفاف وقد سره تعليقها:
" أذكر أنك كنت تفضلين السيارة الرولز, ألا تذكرين؟ لقد شعرت برغبة في التغيير".
قالت كارن بمرح:
" أنها رائعة بالتأكيد".
قاد بول السيارة ببراعة وكارن تشعر بمتعة في صحبته , وعندما اقتربا من شقتها قال:
" أعطني مفتاحك للكاراج يا كارن, وسوف أرسل أدوارد ليحضر سيارتك غدا ويضعها فيه, ويستطيع أن يترك المفاتيح مع البواب, وتأخذينها منه".
فتحت كارن حقيبتها وأخذت تبحث عن مفاتيح الكاراج ولكنها لم تجدها وقالت معتذرة :
" لا بد أنني تركتها كلها في السيارة ولكن عندي مفتاحا أضافيا في الشقة, وهذا أفضل لأن في السلسلة مفاتيح كثيرة, وقد يجد أدوارد صعوبة في التمييز بينها, اذا سمحت بأن تصعد معي الى الشقة أستطيع أن أعطيك المفتاح".
نظر اليها بول في ضيق, وخشيت أن يظن أنها تكذب, فأفرغت محتويات الحقيبة على مقعد السيارة , كانت هناك بعض الأوراق , وكيس نقودها وأحمر شفاه وعلبة بودة وقرط, ولم يكن بينها المفاتيح.
وعندئذ سألته بغضب وهي تحدق في وجهه:
"هل أققتنعت ؟ أنتظر هنا حتى أصعد وأحضر لك المفتاح الملعون , واضح أنك مذعور ولا تريد أن تصعد معي الى الشقة!".
قال بنبرة هادئة ولكنها مهددة:
" مذعور؟".
ردت بشجاعة:
" نعم مذعورا ! لا تخشى شيئا , فلن أحاول أغراءك!

برنس وصاب 09-23-15 04:39 PM


ابتسم بول نصف ابتسامة وانسل خارجا من السيارة , وانسلت هي أيضا, وأخذت تحجل على ساق واحدة حتى وصلت الى مدخل العمارة, كانت عملية مرهقة بالنسبة لها ولكنها أصرت على ألا يساعدها, وهز بول كتفيه العريضين وتبعها . وقال عدة كلمات للبواب, وسارت في طريقها قبل أن يلحق بها بول ويسألها:

" هل أنت مرهقة؟".
" كلا... أستطيع السير, اياك أن تلمسني!".
هز بول رأسه وتبعها داخل المصعد , كانت الساعة حوالي السادسة والنصف عندما وصلت كارن الى شقتها... كان الجو دافئا لطيفا في الداخل, وتوقعت كارن أن ينتظر بول على عتبة الباب, ولكنه تبعها داخل الشقة وأغلق الباب بأحكام واستند عليه, كانت هذه هي أول فرصة حقيقية يرى فيها المكان الذي تعيش فيه, ونظر حوله باهتمم ملحوظ , وخلعت كارن معطفها , وعبرت غرفة الجلوس ببطء متجهة الى غرفة نومها حيث أخذت المفتاح , وعادت الى بول فوجدته يتجول في الغرفة وينظر الى اللوحات على الجدران ويفحصها , وترددت كارن ولكنها سألته بحدة:
"هل أجرؤ على أن أقدم لك مشروبا ؟".
واستدار بول ورد بلطف :
" نعم... ولكن لا تزعجي نفسك... سوف أحضره أنا".
وصب بعض الشراب في كأسين , ناولها واحدة , وراح يحتسي من الأخرى , ثم عاد يتجول وينظر الى اللوحات مرة أخرى ويفحص كل واحدة على حدة, كان واضحا أن الرسوم تثير أهتمامه , فالتفت اليها وهي تجلس على الأريكة وقال:
" أنها صور جميلة جدا, من الذي رسمها؟".
قالت بسرعة:
" أنا".
أجاب:
" أنت؟ صحيح؟ لم أعرف أبدا أنك تهتمين بهذا النوع من الفن , كنت أظن أنك لا تهتمين الا بتصميم رسوم النسيج".
هزت كارن كتفيها النحيلين وقالت:
"أنها هوايتي , وقد قررت أن أمارسها في وقت فراغي الكبير".
أومأ بول ببطء وقال بجفاف:
" أنك تدهشينني دائما, ولكن أخبريني , لا بد أنك تعرفين أنها رسومات جيدة, هل حاولت بيعها؟
هزت كارن رأسها وقالت:
" دعنا نكون واقعيين يا بول. هناك عشرات من الفنانين يحاولون بيع مثل هذه الأشياء , أنها موضة الآن, فما هي فرصتي بينهم؟ أضف الى ذلك أن لويس يقول...".
وسكتت , وتضايقت من نفسها لأنها ذكرت اسم لويس , بينما ضاقت عينا بول وقال:
" نعم... ماذا يقول مارتن عن اللوحات؟".
عضت كارن شفتها ثم قالت:
" حسنا, يقول أنها جيدة , ولكن لا تصلح للبيع بالتأكيد , أنها تسلليني فقط, ولكنها بليدة!".
رفع بول حاجبيه , وبدا مدهوشا جدا, واحتسى بقية شرابه وقال وهو يفكر:
" أخشى أنني أختلف معه... أعتقد أنها لوحات جيدة جدا لدرجة أنني أتمنى أن أشتري واحدة!".
تورد وجه كارن وصاحت:
" أرجوك يا بول... خذ ما تشاء... ولا تذكر النقود . أنني مستعدة لأن أعطيك أية لوحة".
ونهضت من مكانها ثم استطردت قائلة:
" أختر أي لوحة تريد, أن عندي الكثير منها ".
ضاقت عينا بول وقال بجفاف:
" ولكن هذا ليس أسلوب عمل!".
" وهل علينا أن نتعامل أحدنا مع الآخر بأسلوب عمل؟".
هز بول كتفيه وصب لنفسه كأسا أخرى , وأجاب:
"وهو كذلك".
واختار لوحة بألوان حمراء وخضراء وصفراء, وقال مفكرا:
" تعجبني هذه اللوحة, أنها تذكري بغروب الشمس الذي تعودنا أن نرقبه من نوافذ تريفاين".
قالت وهي تبتسم:
" يا لمهارتك! هذا بالضبط ما قصدت أن أرسمه".
نظر اليها مليا وقال:
" كنا دائما نشترك في أمور كثيرة ... هل تذكرين؟".
ارتجفت كارن ... هل تتذكر؟ ليته يعرف كم تؤلمها هذه الذكريات!".
وتمتمت بصوت خفيض:
" نعم , أذكر".
شرب ما بقي في كأسه , وقال بلهجة غليظة نوعا:
" يجب أن أنصرف... أن لدي موعدا".
وأنزلت اللوحة وقالت:
" وهو كذلك يا بول ... خذ اللوحة معك أذن".
وأخذ اللوحة وحاول ألا يلمس يدها , وقال بجفاف:
" من يعرف؟ لعلها تساوي ثروة في يوم من الأيام".
أجابت كارن بهدوء :
" لا أطن... أوه... هذا هو مفتاح الكاراج , أرجوك أيضا أن تعطي مفتاح الشقة الأحتياطي هذا للبواب".
وأخذ المفاتيح وتمتم قائلا:
" وهو كذلك... أرجو أن تعتني برسغك".
قالت كارن بسخرية محاولة أن تبدد جو الكآبة الذي انتابها عند رحيله:
" وهل يهمك هذا حقيقة يا بول؟".
كانت الدقائق القليلة الأخيرة طبيعية على نحو ممتع ... والآن يعود بول الى روث ! وتمتم قائلا:
" نعم, يهمني!".
ثم خرج من الشقة وصفق الباب وراءه .
وحملقت كارن في الفضاء , وخفق قلبها , ترى ماذا قصد من قوله هذا؟ بالطبع لم يكن يعني شيئا مما تخيلته , كانت واثقة من هذا, ولكنها أحست بارتياح لأنهما أفترقا بطريقة ودية.
وسارت نحو الجدار حيث كانت اللوحة التي أخذها بول, كانت لوحتها المفضلة , يكفي أن تعرف أنها عنده وأنه قد ينظر اليها في بعض الأحيان, ترى هل يتذكرها عندما ينظر الى اللوحة؟ كم تمنت هذا! على الأقل سيتجه جزء من اهتمامه اليها أحيانا فأسعدتها الفكرة.
وتنهدت وأشعلت سيكارة , بعد أقل من شهرين سيتزوج مرة أخرى, بعد شهرين! هل تستطيع أن تتحمل هذا؟ وعندما يتزوج هل ستظل تفكر فيه وفي روث؟ أنها تحسد روث ! هل ستكون لحياتها أية قيمة بعد ذلك؟ وشعرت بالدموع تخزها في عينيها, أليس من الأفضل أن ترحل من أنكلترا؟ تستطيع أن تحصل على وظيفة في جنوب أفريقيا أو في أستراليا اذا أرادت , أن لها مؤهلات طيبة ويستطيع لويس أن يرشحها لوظيفة ... أنها تحتاج الى تغيير الجو , ولكنها ستكون عندئذ بعيدة عن بول... مسافة طويلة جدا , وهذا ما لا تريده , أما اذا بقيت في لندن فأنه يستطيع على الأقل أن يتصل بها تلفونيا اذا أحتاج اليها, أما اذا ذهبت الى أستراليا فلن يستطيع أن يجدها , وبالطبع لا تستطيع أن ترسل اليه عنوانها , لا... لن ترحل... ستبقى... على الأقل في الوقت الحاضر, فلا يزال أمامها شهران قبل أن يقع الحدث المحتوم!

برنس وصاب 09-23-15 04:41 PM


الزجاج له وجهان

بعد حوالي أسبوع كان بول على وشك مغادرة مكتبه ليتناول الغداء, عندما رن جرس التلفون الداخلي , وقطب بول وجهه وهو يرفع السماعة, وفوجىء بصوت سيمون يقول:
" يسرني أنني وجدتك, هل أستطيع رؤيتك الآن؟".
نظر بول الى ساعته , كان لديه موعد مع تاجر نسيج من ميلاند, فقال وقد نفذ صبره قليلا:
"وهو كذلك يا سيمون , تعال".
ترى ما الذي يريده سيمون الآن؟".
وضع سيمون سماعة التلفون , واسترخى بول في مقعده, ونظر مفكرا الى التلفون, وتمنى ألا يكون سيمون قد تورط في متاعب أخرى, وعندما تذكر موضوع سيمون وساندرا , استعاد آخر لقاء بينه وبين كارن, كان دائما يتذكرها منذ أن رآها ويتساءل ترى ماذا فكرت؟ ماذا يحدث لو أنه قبَلها في شقتها كما فعل معها في منزل يريفاين؟ في الشقة سيكون وحده معها , بدون أن تقاطعهما السيدة بنسون بصينية الشاي , وشعر بالدم يتدفق في عروقه وهو يتذكر عناقه لها , كان من السهل أن يقول لنفسه بهدوء وتعقل أنه لن يعتزم التورط عاطفيا مع أية أمرأة ثانية , ولكن عندما توضع النواحي العملية لمثل هذه الفكرة موضع الأختيار , فأن الحل لا يبدو بهذه البساطة , ولكنه كان مقتنعا بأن روث لن تثير عواطفه مهما واجها من أوضاع.
وعندما وصل سيمون بدا قلقا مضطربا , وسأله بول:
" حسنا يا سيمون, ماذا حدث؟".
ونظر بول بعينيه الباردتين الى وجه أخيه الذي احمر , وغاص سيمون في المقعد المقابل قائلا:
"نعم... أقصد... أنني يا بول لا أرى هذا الموضوع سهلا , وأنت لا تحاول أن تسهل لي الأمور".
رد بول بلهجة جافة بعض الشيء".
" يؤسفني هذا, أن لديَ موعدا يا سيمون , أخبرني بصراحة ماذا حدث؟ هل الموضوع يتعلق بالنقود؟".
رد بسرعة:
" كلا... أنه يتعلق بساندرا ستاسي... فقد كنت أقابلها ".
" ماذا؟".
رد سيمون ببلادة:
" لقد سمعت ... كنت أقابلها منذ أن ... حدثتني عنها آخر لقاء".
قال بول بلهجة لا تقبل المهادنة:
" أوه...".
ثم سكت, وسأله سيمون في يأس:
"ألا تقول شيئا؟".
أجاب بول ببطء:
" أنني أعطيك فرصة لتقول لي سبب هذا... لا بد أن يكون عندك تفسيرا!".
" نعم... ولكن... قد لا تظنه كافيا".
قال بول متبرما :
" حسنا... استمر".
" لقد بدأت ساندرا تتصل بي تلفونيا , بل تمادت الى حد أن تتصل بي تلفونيا في المنزل ... وكتبت لي أيضا رسائل ... وتستطيع تصور نوعية مثل هذه الرسائل , وبدأت جوليا تغضب, وواقفت على مقابلة ساندرا وأنهاء كل شيء".
أخرج بول سيكارة من علبة السكائر الموضوعة على مكتبه وأشعلها, وأعاد الولاعة الى جيبه, واستمر يتفحص وجه أخيه الذي استطرد قائلا:
" حسنا, عندما تقابلنا بدأت تهددني بكل شيء اذا أنهيت علاقتي بها, كنت غبيا, ولكنني تركتها تملي أرادتها , أن الأمور في أية حال بدأت تفلت من يديَ الآن. أنها تريد أكثر مما أنا مستعد لأعطائه ... أنها تريد الزواج!".
قال بول وهو يهز رأسه:
" الواقع أنني لا أستطيع أن أفهم عقليتك .بحق السماء ما الذي أعجبك فيهاأولا؟ أنها ليست من طراز الفتيات الذي يعجبك , أنها ترتدي ثياب كريهة!".
رد سيمون بحرارة:
" هذا هو رأيك فقط ... أنها في الواقع فتاة حلوة".
قال بول ببرود:
" أذن تزوجها ".
تململ سيمون قلقا في جلسته , ومدَ أصابعه الى ربطة عنقه ثم قال في حرج:
" أن جوليا... لا يمكن أن تطلقني!".
" يمكن أن تطلقك اذا عرضت عليها تسوية سخية, ألم تلاحظ أن المال هو الذي يهم جوليا ؟ أنك وسيلتها للحياة في الوقت الحاضر, ولكن اذا كانت غنية بحيث تستطيع تكفًل نفسها , فلا أحد يعرف ما يمكن أن تفعله!".
تمتم سيمون:
" وهو كذلك , لقد أوضحت وجهة نظرك".
" الواقع أنني أوضحتها , أنك لا تريد أن تطلق جوليا لأنك تحب وضعك الحالي المريح بلا روابط تقيدك, كن أمينا مع نفسك واعترف بذلك".
قال سيمون:
" وهو كذلك , وهو كذلك ... أنا موافق , ساعدني أذن".
سأله بول بأمتعاض:
" لماذا يتعيَن علي أن أساعدك ؟ يجب أن أتركك تدير شؤونك بنفسك, ولو كانت أية فتاة أخرة غير ساندرا ستاسي لتركتك وشأنك".
" أعرف , ولكنك ستفعل شيئا بالتأكيد لأنها أخت كارن".
بدا الغضب على بول الآن , وصحح له قائلا:
" بل لأنها في السابعة عشرة من عمرها, وبلا حكمة".
وقال سيمون وهو يهز كتفيه:
" فليكن , المهم أن أخرج من هذا المأزق , هل تفهم؟".
" أفهم تماما , أذن لا تقابل ساندرا من الآن فصاعدا , ومهما قالت لك , سوف أعد الترتيبات لك لتغادر لندن لفترة , وعندما تعود سأكون قد سويت المشكلة وأنتهيت منها".
" رائع... ولكن حاول أن تبعد هذه... عني".
تنهد بول وقال:
" لا أعرف ما الذي يعجبها في شخص ضعيف مثلك".
" أنه سحر آل فريزر! أم أنك لا تمارس سحرك يا أخي العزيز؟".
كانت عينا بول باردتين , وهو يقول مهددا :
" أخرج من هنا فورا قبل أن أفقد أعصابي حقا".
رد سيمون ساخرا:
" سأخرج ... شكرا على وقتك".
وصفق الباب وراءه .
وتنهد بول بعمق , كان يسره أن يصبح سيمون قادرا على تدبير شؤون حياته بطريقة أكثر ذكاء , وحملق شاردا في الفضاء, كان لا بد من الأعتراف بأن سيمون هذه المرة لم يكن الملوم وحده , كانت ساندرا مخطئة أيضا ... أن الرجل في العادة لا يتقرب من أمرأة الا اذا وافقت , وعندما تاح لأي رجل هذه الفرصة فأنه بالطبع ينتهزها... ترى هل هذا هو ما حدث في حياتهما ؟ هل كانت ساندرا هي التي ألقت بنفسها عليه منذ البداية ؟ والى أي حد تمادت؟ ودعا ألا تكون ساندرا قد تمادت أكثر مما يجب , هل هي حمقاء الى هذا الحد؟ لعلها ظنت حقا أنها تحبه؟ أن نساء كثيرات يعتبرنه جذابا ... وبالنسبة لفتاة دون العشرين مثا ساندرا , فربما بدا سيمون فتى الأحلام!".
وقطب جبينه وسحب نفسا من سيكارته , ولكن سيمون متزوج , ولا يصح العبث مع رجال متزوجين حتى ولو كانت العابثات من سنهم, ناهيك عن المراهقات!.
ورغم حالة ذهنه المشوشة ذهب بول لمقابلة أرنولد جيسون, وطوال الغداء ظل صامتا منطويا على نفسه على عكس طبيعته عندما يكون في حالة عادية , وكانت النتيجة أنه لم يصل معه الى أي أتفاق , ولم يجر معه أي نقاش هام , وكان لا بد من ترتيب مقابلة ثانية... وشعر بول بأنه لم يكن ليدهش لو أن جيسون قر أن يذهب الى شركة أخرى لينفذ عمله , كان بول وقحا وكان من حق جيسون الأعتراض , وأن يتوقع منه معاملة أفضل , ولكن من حسن الحظ أن جيسون كان رجلا متفهما وأدرك تماما أن شيئا ما يزهج رفيقه, فافترقا على نحو ودي بعد أن رتبا مقابلة في يوم آىخر.
كان بول في حالة مضطربة جدا , عندما عاد الى مكتبه في الساعة الثالثة ., واضطر أن يعتذر لسكرتيرته , بعد أن ثار في وجهها بدون سبب, فتمتم قائلا , وقد لاحت على وجهه أبتسامة أعتذار:
" سامحيني ... آسف اذا كنت تصرفت بوقاحة".
ابتسمت الآنسة هوبر وقالت:
" لا عليك يا سيد فريزر , أعرف أن السيد سيمون كان هنا منذ قليل".
ابتسم بول بدوره , لقد استطاع الآن أن يفهم كيف قدرت الأمور .
كان كل من يعمل في الشركة يعرف حماقة سيمون , فلم يبذل أية محاولة ليجعل شؤونه الخاصة سرا.
وبعد أنصراف الآنسة هوبر, أشعل سيكارة , كان عليه ايجاد حل لمشكلة ساندرا, كان من عادة سيمون التورط في مشكلة, ثم يتوقع من شخص آخر أخراجه منها.
وبدأ حل يتكون في ذهنه بعد الظهر , وتحسنت حالته النفسية لذلك, لو أستطاع الأنتهاء من تلك المشكلة فأنه سيرتاح تماما, بدلا من أن يفكر ويتساءل ويخشى ما يمكن أن يحدث بعد ذلك, وفجأة مال الى الأمام ورفع سماعة تلفونه الخاص خارج الخط, وأدار رقم شقة كارن بشعور غريب أشبه بعدم رغبة , كان لا بد أن يتحدث اليها , فلماذا لا يفعل وينتهي؟ ورن جرس التلفون على الطرف الآخر من الخط.
وبعد فترة بدت وكأنها دهر, وبعد أن فكر بول في أعادة السماعة الى مكانها , سمع صوت كارن تقول لاهثة:
" نعم, من المتحدث؟".
تردد بول لحظة , ثم قال بلهجة جافة بعض الشيء:
" أنا بول يا كارن".
شعرت كارن بقلبها يقفز بين ضلوعها عندما سمعت الصوت الأجش يخاطبها , ترى لماذا طلبها اليوم؟ لا يمكن أن كون هذا بخصوص ساندرا!".
أجابت وهي تحاول أن تبدو طبيعية وهادئة:
"أهلا يا بول , آسفة لأنني جعلتك تنتظر , فقد كنت في الحمام".
" بالتأكيد لم تكوني نائمة في الحمام!".
كان المرح يبدو في نبرات صوته.
وضحكت كارن وقالت:
" لا ... على الأقل لا أعتقد ذلك, آسفة يا بول".
وتنهد بول وقال لها بطريقة جادة:
" حسنا ... أحرصي على ألا تفعلي شيئا بهذا الغباء!".
صاحت مقاطعة:
" حبيبي... قل ما تريد , أنني أتجمد, فلم أرتد ثيابي كاملة ".
وقال مؤنبا:
" أوه كارن... هل أتصل بك بعد دقائق؟".
قالت مفكرة:
" تستطيع الحضور بعد دقائق , سأكون قد أرتديت ثيابي بالطبع".
" لا ... شكرا".
كان بول مصمما ... ويعرف أنه اذا خضع لأغراء الذهاب الى شقتها , فلا يعلم الا الله ماذا يمكن أن يحدث! لعلها تتعمد أثارته ... وقالت كارن:
" وهو كذلك يا حبيبي... سوف أتجمد بعد لظات ... ماذا حدث لسيمون وساندرا؟".
" أنهما يتقابلان".
قالت كارن في دهشة:
" ماذا؟".
" نعم... أعرف أنهما كانا يتقابلان حتى اليوم في أي حال, أعتقد أنني أستطعت أقناع سيمون الآن, هل تعتقدين أنك أنت وأمك تستطيعان أن تفعلا الشيء نفسه مع ساندرا؟ من الواضح أنها تجري وراءه في المكتب وفي المنزل وتكتب له رسائل أيضا".
صاحت كارن:
" يا ألهي. هل تعتقد أنها يمكن أن تتعقل؟".
" لا أعرف , أنها أختك , وأنت تعرفينها أفضل مني , لا شك أنها مجنونة بحبه ... لقد جاء سيمون وقابلني اليوم... وهكذا عرفت...".
بدا الضيق في صوت كارن عندما قالت:
" لا أستطيع التفكير في شيء أقوله لها, وأنت تعرف موقف أمي منها".
" أعرف ... أسمعي , ألا تستطيع أمك هي وساندرا أن تقوما بأجازة في أي مكان خارج لندن؟ أن بضعة أسابيع يمكنها أن تتيح لسيمون العثور على فتاة أخرى , وبالأضافة الى ذلك قد تجد ساندرا لنفسها شيئا جديدا يثير أهتمامها , من الواضح أنها صغيرة وتمتلىء بالحياة , رغم أنه يبدو أن الفتيان في سنها لا يروقون لها , والا فلماذا تعجب بسيمون".
قالت كارن وهي تتعمد أغاظته :
" مثلي... ولكن بصراحة يا بول أن أمي ليست غنية كما تعرف , ولا أعتقد أن بأستطاعتها القيام برحلة الى أي مكان في الوقت الحاضر".
قال بول بهدوء:
" أنني على أستعداد لتمويل الرحلة".
صاحت كارن غاضبة:
" كلا... كلا... لا تقل شيئا من هذا القبيل يا بول , أن هذا الموضوع لا يخصك!".
" أوه... ولكنه يخصني... فأنا أريد ساندرا أن تترك سيمون بقدر ما تريدينها أنت ... أنها أصغر منه بكثير ولا أريد أن تصاب بأي سوء".
" حسنا , لا أعرف ماذا أقول , يبدة الأمر وكأنني أطالب بنقود".
" أنني أستطيع دفع نفقات الرحلة يا عزيزتي كارن".
" أعرف .... ولكن...".
وخفت صوتها ثم عادت تقول:
"في أي حال أتصل بأمي واعرض عليها الفكرة , أنها ستفرح جدا , فكبرياؤها تتلاشى عندما يأتي حديث النقود!".
قال بول وقد بدا سعيدا:
" لا تكوني متباعدة هكذا يا كارن ومستقلة , أنني أود المساعدة, أود أن أساعدكم جميعا".
قالت في محاولة أخيرة:
" ولكن هذه مشكلتنا ".
قال بنعومة:
" لقد جعلتها مشكلتي أيضا ... هل تذكرين؟".
شعرت بأنه غلبها فقالت باستسلام:
" حسنا... أفعل ما تشاء يا بول".
بدا بول قلقا وقال:
" اسمعي يا كارن , سأمر عليك في الشقة حوالي الساعة الثامنة هذا المساء , ونذهب معا لرؤية مادلين وساندرا ... هل توافقين؟".
تنهدت كارن وشعرت بمقاومتها تضعف , كان وضع المشكلة في يدي بول شيئا رائعا, لقد بدا الوضع وكأنه أبا روحيا لها , واضطرت الى الأستسلام.
واعترفت بهدوء قائلة:
" أنها فكرة عظيمة ... ولكن ... الا ... تعترض روث؟".
تساءل بول بسرعة:
" لماذا تعترض ؟ كفي عن أقحام أموري الشخصية في هذا . أن الموضوع يتعلق بأمك وساندرا فقط... وليس بأي شخص آخر".
صاحت كارن:
" وهو كذلك يا حبيبي, لا تغضب مني, ولكن ألا تتوقع روث أن تراك الليلة؟".
أجاب في تهكم:
" لا ... لقد طارت الى الولايات المتحدة منذ بضعة أيام لتحضر أبويها للزفاف...".
شعرت كارن بالألم المعتاد في معدتها وقالت:
" أوه... حسنا يا بول, هل ستصعد الى الشقة أم أنتظرك أمام العمارة؟".
أجاب وقد بدا صوته مرحا مرة أخرى:
" سأصعد الا أذا توقف المصعد في منتصف الطريق بالطبع!".
وضحكت كارن وأعادت السماعة الى مكانها , رغم أن موضوع ساندرا وسيمون كان مشكلة, الا أنها شعرت بشيء من الأمتنان نحوهما لأنهما كانا السبب في لقائها مع بول مرة أخرى ! ولكن ألا تثير المشاكل لنفسها بهذه الطريقة؟ من يدري لعل بول أعتبر المسألة مجرد حلقة مسلية في حين أنها تتورط عاطفيا على نحو أكثر كل دقيقة.

برنس وصاب 09-23-15 04:41 PM


وفي الساعة السابعة والنصف سمعت طرقا على الباب , ونظرت الى ساعتها بدهشة, لقد أتى بول مبكرا, كانت تجلس على الأريكة تقرأ في مجلة فألقتها جانبا , وذهبت لتفتح الباب بلهفة, وهي ترتدي ثوبا بلون الشمسيتناسب مه لون بشرتها العاجية الجميلة, وشعرها ينسدل فوق كتفيها , وعندما فتحت الباب وهي تبتسم مرحبة تراجعت في دهشة وأستياء واضح, فقد وجدت أمامها لويس مارتن!".

وصاحت قائلة:
" أنها مفاجأة يا لويس ".
ضاقت عيناه قليلا وهو يلمح ثوبها ووجنتيها المتوردتين وقال:
" تبدين جذابة جدا , أعتقد أنك تستعدين للخروج".
أجابت في حرج:
" نعم بعد قليل ... هل تريد الدخول؟".
"شكرا".
ودخل لويس وأغلقت كارن الباب بشيء من الضيق . وقدمت له مشروبا ثم سألته:
" والآن ما الذي أستطيع أن أعمله لك؟".
ابتسم لويس وقال:
" أردت أن أعرف هل ترغبين في عمل التصميم الجديد الذي سيعرض في شهر آب( أغسطس) لقد توقعت أن تذهبي الى المكتب هذا الأسبوع , ولكنك خيبت أملي, فقررت الحضور لأطمئن عليك, يبدو أنك بخير".
وشعرت كارن بالغضب , لم يكن لويس قد قال شيئا غير مناسب ولكنها شعرت رغم ذلك بشيء في سلوكه , ولكنها لم تستطع تحديده, وأجابت:
"حسنا أنني لا أزال أعمل في تصميم السجاجيد ...".
"نعم بالطبع, أعرف يا عزيزتي ... على مهلك".
كادت تقول له: أذن لماذا أتيت الى هنا؟ هل تتجسس علي؟ ولكنها حاولت السيطرة على أعصابها , وتساءلت , ترى هل سيظل جالسا مدة طويلة؟ اذا وصل بول ووجد لويس فأنه يشك في شيء ! لماذا يا ترى أختار هذه الليلة بالذات ليزورها؟
وقدم لها سيكارة وألقت نظرة على ساعتها , ثم نهض لويس وأخذ يجول في الغرفة وينظر الى اللوحات , ترى هل سلحظ أن هناك لوحة ناقصة؟
وأخيرا قال:
" لا أفهم حقيقة لماذا تضيعين طاقتك في هذه الرسوم؟".
فكرت كارن ... لا بد أنه قال ذلك متعمدا , وأجابت بجمود :
" أحب أن أسترخي عندما لا أعمل ".
استدار اليها ثم قال:
" نعم, أن الأسترخاء شيء عظيم , وماذا تفعلين أيضا لتنعمي بالأسترخاء؟".
قطبت كارن جبينها , ترى ما الذي يقصده الآن؟ وقالت ببطء:
" أرسم ... وأقرأززز وأقود السيارة"ز تمتم بهدوء:
"تقودين السيارة ؟ نعم... أنها هواية بهيجة جدا , لقد شاهدت سيارة بالقرب من هنا أثارت أهتمامي منذ أيام!".
بدأ الملل ينتاب كارن , كما أن بول يمكن أن يصل في أية لحظة , قالت:
" صحيح.. أنها من طراز ليموزين , أليس كذلك؟".
قررت كارن أن تأخذ الثور من قرنيه , فقالت في تحد:
" أعتقد أن بول يقود سيارة من طراز ليموزين ".
ولم تبد الدهشة على لويس رغم أنه قال:
" لم أكن أعرف".
كانت كارن مقتنعة بأنه يعرف جيدا, وأن هذه طريقته ليخبرها بأنه عرف أن بول زارها في شقتها , ترى ما الذي كان يفكر فيه ؟ هل يتبعها بنفسه؟ أم أنه أرسل أحدا لمتابعتها ؟ وارتجفت رغما عنها, واخيرا قالت بوضوح:
" لقد أتى الى هنا منذ عدة أيام, جاء ليرى لوحاتي الفظيعة , ولكنه قال أنها جيدة".
ضاقت عينا لويس ببرود وقال:
" صحيح ... شيء لطيف جدا".
وفجأة سمعت طرقا على الباب , وتجاهلت كارن لويس وذهبت تفتحه وهي تشعر بالأمتنان .
كان بول يرتدي حلة زرقاء داكنة ومعطفا سميكا من وبر الجمل , ويبدو أنيقا وسيما لدرجة أن كارن تمنت أن تلقي بنفسها بين ذراعيه!
وابتسم لكارن ثم رأى لويس , وأمسكت كارن بذراعه وجذبته ليدخل وهي تقول:
" أن لويس سيرحل حالا".
واتجه لويس نح الباب , وقالت له كارن:
" سوف أخبرك عن هذه التصميمات بعد يوم أو يومين".
قال لويس:
"وهو كذلك".
ثم انصرف , ولم ينطق بول بكلمة, وأغلقت كارن الباب وراءه واستندت عليه , ثم نظرت الى بول وقالت وقد احمر وجهها:
" لمعلوماتك , لقد وصل لويس في الساعة السابعة والنصف تماما".
أجاب بول وهو يفك أزرار معطفه:
" لا داعي لأن تبرري لي تصرفاتك , أن شقتك لطيفة يا كارن".
تنهدت كارن وقدمت له بعض الشراب , وقدم لها سيكارة وجلس على الأريكة , كان يبدو مرتاحا وكأنه في منزله , وبدأت كارن تشعر بالسعادة , وأخذت نفسا من سيكارتها وعبرت الغرفة في قلق, وفجأة قال بول بلهجة آمرة:
" أجلسي...".
أطاعته وجلست على مقعد منخفض.
قال بهدوء:
" والآن... أنني لم أحضر الى هنا لأتشاجر معك, حتى ولو وجدت أن مارتن في وضع المالك".
ردت كارن وهي تتنهد:
" أن لويس لا يملك شيئا , لا يملكني أنا على الأقل , لماذا يجب أن تقول مثل هذه الأشياء يا بول".
ونهضت, ومرة أخرى عبرت الغرفة , وبينما كانت تمر أمام بول مال الى الأمام , وبسرعة أشبه بسرعة النسر قبض بأصابعه على معصمها وشدَ عليه ... وسألها وقد بدا الغضب ولتوتر في عينيه :
" ماذا تتوقعين مني أن أقول؟".
قالت معترضة وهي تحاول التخلص من قبضته:
" أنك تؤلمني...".
" صحيح؟".
ولم يخفف من قبضته , ولكنه هبَ واقفا ومضى يقول:
" استمري ... ماذا تتوقعين مني أن أقول؟ أنني معجب بثوبك! وتبدين جميلة جدا هذه الليلة!".
احمر وجه كارن وقالت:
" لا يمكن أن أتوقع مثل هذا الكلام .... لا أتوقع مثل هذا الكلام الصريح... أنني أعرف أنك رجل خاطب الآن... كل ما أريد ألا تلقي تلميحات مستترة".
اسودت عينا بول وقال في عنف:
" أن هذا الرجل يعرَك في كل مرة ينظر فيها اليك , واذا لم تلحظي النظرة في عينيه فلا بد أنك ساذجة على نحو لا يصدق!".
صاحت قائلة:
" أنك مجنون , أن لويس ليس من هذا الطراز".
ولكن حتى وهي تنطق هذه الكلمات كانت تتساءل عما اذا كانت صحيحة تماما , لقد كان لويس لحوحا في الأيام الأخيرة , وانتزعت كارن نفسها من قبضة بول ثم قالت:
" الأفضل أن نخرج".
وارتدت معطفها الموهير الجميل الذي اشتراه بول لها, وأبرز لونه العاجي صفاء بشرتها البيضاء , ولم يبد على بول أنه تذكر المعطف فأومأ برأسه موافقا وخرجا, كانت سيارته الجديدة أمام العمارة , ولا تتناسب مع هذا الحي المتواضع , ولكن كارن شعرت بالدفئ يتدفق في جسمها , عندما أدركت أنها ستقضي أمسية برفقة بول , وأنطلقت بهما السيارة , ومرا بسيارة كانت تقف في مكان مظلم في الحي, وأحست كارن بأنها سيارة لويس , ترى هل كان يراقبها ليعرف متى غادر بول شقتها ؟ وأفزعتها الفكرة وأغضبتها , وخطر لها أن تخبر بول بشكوكها , ولكنها عدلت عن ذلك, خشية أن يصمم على العودة ومواجهة لويس , ولم تكن تستطيع تحمل مشادة أخرى هذه الليلة!
ونظر اليها بول بفضول غير مرة أثناء المسافة القصيرة حتى وصلا الى منزل أمها , كانت صامتة ومنطوية على نفسها , وتمنى لو عرف فيم تفكر... أوقف السيارة أمام المنزل, فانسلت كارن قبل أن ينزل بول ويساعدها , وفتحت الباب بمفتاحها , ودخلت يتبعها بول ... وشعرت كارن بحرج , كانت لا تزال زوجة بول عندما صحبها لزيارة أمها آخر مرة , وعندما سمعت ليزا صوتهما جاءت بسرعة من المطبخ , وبدت مذهولة عندما رأت بول وصاحت:
" أهلا بك يا سيد بول... يا لها من صدمة يا سيدي".
" آسف يا ليزا... كيف حال مدبرة المنزل المفضلة عندي؟".
ضحكت ليزا بمرح , وتوهَج وجهها , وتنهدت كارن , كان في استطاعة بول أن يأسر لبَ أي شخص , وليزا دائما تقع أسيرة سهلة لسحره , وقالت:
" السيدة ستاسي وساندرا في غرفة الجلوس , وأعتقد أنهما تشاهدان التلفزيون".
وكانت مادلين وأبنتها الصغرى تشاهدان التلفزيون فعلا , وقد جلست ساندرا على مقعد ترتدي بنطلون جينز وبلوزة بدون أكمام , وتبدو متبرمة ممتعضة , وعندما رأت كارن وبول قفزت واقفة وصاحت بطريقة مسرحية قائلة:
" حسنا ... حسنا... أنظري من هنا يا أمي".
هبت مادلين واقفة , وأخذت تحملق هي الأخرى في وجه بول وهي لا تصدق , وصاحت:
" ولدي العزيز, يا لها من مفاجأة رائعة, ما معنى هذا؟".
وأنتقلت نظرتها الى كارن التي علقت بلهجة جافة قائلة:
" لا شيء مما تفكرين فيه يا أمي ... أن بول يريد أن يتحدث معك لأن عنده اقتراحا يريد عرضه عليك".
بدا الأهتمام على مادلين , كانت حياتها مملة في الأيام الأخيرة , كما أن موضوع ساندرا وسيمون زادها كآبة , ولذلك شعرت بشيء من السعادة عندما سمعت أن بول جاء ليقدم لها أقتراحا ... كان بول كريما معها دائما, فابتسمت ابتسامة لطيفة , وقالت بلهفة:
"ما هو الأقتراح أذن؟".
نظرت كارن الى ساندرا وطلبت منها أن تتركهم قليلا , ولكن ساندا عبست واعترضت قائلة:
" لماذا أترككم... لست طفلة , ما هذا الذي لا تريدون مني سماعه؟".
عندئذ نظر اليها بول مباشرة وقال:
" سوف تعرفين بعد قليل... أتركينا فقط نتحدث مع أمك وحدها دقائق قليلة ... أرجوك".
استجابت ساندرا لطلب بول الهادىء , كان لطيفا وحاسما في الوقت نفسه, وتحرص دائما على أرضائه قبل أي شخص آخر , ولكنها قالت متوسلة:
" هل الموضوع يتعلق بسيمون ؟ هل تريدني أن أتركه يا بول؟".
" لا تقلقي يا ساندرا ... كل حديثي مع أمك سيكون لصالحك!".
" ولكن هل ستفرقون بيني وبين سيمون؟ لا تستطيع ذلك يا بول ".
وبكت بحرقة ثم صاحت غاضبة وقد تغير وجهها :
" كلكم تكرهونني , كلكم لا تريدون سعادتي".
بدا الغضب في صوت بول وهو يأمرها قائلا:
" كفى... اذهبي الى غرفتك الآن حتى نستدعيك".
وخرجت ساندرا وصفقت الباب وراءها, وسمعوا وقع خطواتها صاعدة الى غرفتها , وأغلقت مادلين التلفزيون , بينما جلس بول على الأريكة وأخذ يدخن , نظرت اليه كارن وشعرت بقلبها يتقلص, لم يكن يستطيع أي رجل آخر أن يؤثر عليها مثل بول , مجرد النظر اليه يغمرها بالسعادة , بول شعر بنظراتها اليه فنظر اليها بدوره , وألتقت عيونهما لحظة , وأشاحت بنظرها خشية أن يرى المشاعر في عينيها وتساءلت: ترى كيف يفكر في هذا الموضوع , فيما يتعلق بأمها وساندرا؟
ما لبثت أن بدأت الحديث قائلة:
" حسنا يا أمي, ساندرا لا تزال تحاول مقابلة سيمون! وقد تأكد بول من هذا ...".
أجابت مادلين مذعورة:
" ماذا ؟ ولكنك أخبرتني...".
قطع بول المشادة التي توشك أن تبدأ , فقال موجها كلامه لمادلين:
" يحسن أن تسمعيني قبل أن تقولي أي شيء".

برنس وصاب 09-23-15 04:42 PM

احمر وجه الأم وقالت:
" حسنا... ولكنني ظننت أن كارن حدثتك عن الموضوع قبل ذلك".

صاح بول قائلا:
" لقد فعلت, على أن تدخلي لم يكن ناجحا تماما, أبنتك الصغيرة العزيزة تكتب رسائل عاطفية لسيمون , وتتصل به تلفونيا في المكتب وفي البيت, حتى أن جوليا بدأت تشكو".
وذهلت مادلين , كان تصرف ساندرا الصغيرة على هذا النحو المشين مذهلا بالتأكيد .
ووضعت يدها على فمها وصاحت في ألم وهي لا تصدق:
" لا , لا , كيف تتصرف على هذا النحو؟ كيف تهين كرامتها هكذا؟".
تنهدت كارن وقالت:
" أرجوك يا أمي ... لا تكوني عصبية".
" عصبية؟ كيف تتمالكين هدوءك بالنسبة لهذا الموضوع؟ أن أختك على علاقة برجل متزوج! أليس لديك شعور يا كارن ؟ لعلك لا تهتمين بكل هذا! طبعا , أنت فتاة مستقلة ... واستقلالك قلب حياتك رأسا على عقب!".
توهَج وجه كارن خجلا , ونظرت الى بول , كانت أمها تتصرف حتى تلك اللحظة بمنتهى الأدب والهدوء في وجود بول , ولكنها الآن تلقي بالأتهامات جزافا... فماذا يقول؟".
والواقع أن بول دهش من محاولة مادلين وضع المسؤولية على عاتق كارن. أنها تلوم كان مع أنها يجب ألا تلوم الا نفسها. فما لبث أن قال بوضوح:
" مادلين... كارن ليس لها يد في هذا الموضوع... ليس لها يد على الأطلاق , أنت الملومة! لقد دللت ساندرا وأفسدتها طوال حياتها , حتى أعتقدت أنها تستطيع أن تأخذ ما تشاء , واذا بها تفاجىء الآن بأن الحياة ليست مفروشة بالزهور".
شعرت مادلين بصدمة , كارن فقط هي التي تنتقدها ... ولكن بول يلومها الآن أيضا , قالت مدافعة عن نفسها وقد أمتلأت عيناها بالدموع.
" أنني أمها , مات أبوها وهي طفلة صغيرة . ولذلك أخصها برعايتي وحناني , واذا كنت قد دللتها قليلا...".
قاطعها بول بصراحة قائلا:
"دعينا نكون صادقين على الأقل , لقد حطمت ساندرا , وأشك في أن أيا منكما يمكن أن تتغير الآن . أنني أريد أن أساعدك , ليس فقط من أجل ساندرا ولكن من أجل سيمون أيضا . لقد عرضت أقتراحا على كارن اليوم فقالت أنه قد يساعد على حل المشكلة , وأردت أن أعرف رأيك قبل أن ننفذه".
مسحت مادلين عينيها وقالت في هلع:
" لن تأخذا ساندرا مني...".
وصاحت كارن في يأس:
" طبعا لا يا أمي. لسنا عديمي الأنسانية".
تنهد بول ومضى يقول:
" أقترح أن تغادري أنت وساندرا لنددن , وتقوما باجازة في أي مكان لعدة أسابيع , لا شك أن ساندرا ستنسى كل شيء عن سيمون. وسوف أتولى دفع كل نفقات الرحلة , ما رأيك؟".
ازدادت عينا مادلين أتساعا , وفكرت كارن وهي متقززة في أن النقود التي ستنفق على أمها لا تعني لها شيئا ما دامت ستتمتع بأجازة ! بل شكت كارن في أن تكون أمها فكرت حقا في ساندرا بعد أن قدم بول أقتراحه بالأجازة !
وصاحت أخيرا :
" يا لها من فكرة مدهشة يا بول! لا أعرف كيف أشكرك ... أنه حل مثالي".
بدت السخرية على وجه بول , وأدركت كارن أنه لا بد تأكد أنه لا بد تأكد من سلطان المال على كل شيء ...وبدت مادلين أشبه بمتسابقة في سباق الحصول على المال , أما مشاعرها بالنسبة لساندرا فكانت في المرتبة الثانية!
قال بول بهدوء:
" أفهم من ذلك أنك موافقة!".
" طبعا ... أنه حل مدهش ... سامحيني يا كارن لأنني تصورتك لا تهتمين بنا".
" أنها فكرة بول ... لا تشكريني , لا شأن لي بها".
بدت السعادة عليها وهي تتصور نفسها بعيدة عن جو لندن الملوث في ذلك الحين.
ونفث بول دخان سيكارته ببطء متعمد , ثم قال وهو يفكر :
" أقترح أن تذهبا الى أسبانيا , أنها مكان رائع في مثل هذا الوقت من السنة".
شهقت كارن وقالت في دهشة:
" أسبانيا... أعتقدت أنك تقصد أن يذهبا الى مكان ما بجنوب أو غرب أنكلترا , أو شيء من هذا القبيل".
هز بول كتفيه وقال مستنكرا:
" أجازة في أنكلترا في هذا الوقت من السنة لا توجد يا عزيزتي أية متعة على الشواطىء الآن في الأعاصير والمطر".
ثم نفض رماد سيكارته , وقال مخاطبا الأم:
"والآن أقترح أن تتولي أنت ابلاغ ساندرا , ومن الأفضل أن تتجاهلي موضوع مقابلة ساندرا وسيمون مؤخرا , ويكفي أن تقولي أنك تحتاجين الى قضاء اجازة للراحة , وأنني وافقت على دفع نفقات الرحلة , قد لا تروق الفكرة لساندرا, ولكن عندما تصلان الى شاطىء اسبانيا ستتمتعان فعلا بجو ينسي ساندرا متاعبها ".
" هذا صحيح يا بول, أنني متأكدة من أن ساندرا ستلتقي بصديق آخر عندما تبتعد عن أخيك!".
نهضت كارن من مكانها وقالت ببرود:
" سنخرج الآن يا أمي ... واذا أردت أي شيء فأتصلي بي, واذا واجهت أية مشكلة أخبريني".
وبدت السخرية في عبارتها الأخيرة , والواقع أن أمها شفافة مثل الزجاج , رغم أن الزجاج يكون له وجهان في بعض الأحيان!
ثم أردف بول قائلا:
" سأطلب من سكرتيرتي حجز التذاكر والغرف في الفنادق , وليس عليك الا أن تعدَي جوازات السفر لك ولساندرا , هل تستطيعين الأستعداد للسفر بعد أسبوع؟".
أجابت مادلين والفرحة تبدو في عينيها:
" نعم... أوه... بول حبيبي , أشكرك مرة أخرى , أشكرك من كل قلبي!".
هز بول رأسه , وفتح باب غرفة الجلوس, فأخذ معطفه ومعطف كارن من الخزانة , كما كان يفعل عندما كانا متزوجين , وعندما ساعد كارن على أرتداء معطفها , تذكر أنه كان يفعل ذلك في الأيام الماضية! وتذكر كيف كانا يفرحان بعودتهما الى بيتهما حيث يخلعان معطفيهما , ويجلسان أمام المدفأة في منزل تريفاين , ويتحدثان في أشياء عامة , وكل منهما سعيد بصحبة الآخر , ولكن كل شيء قد تغيَر , كيف يمكن أن يسامح كارن لأنها حطمت حياته!
وفي طريقهما الى شقة كارن سألها بول اذا كانت قد تناولت العشاء , فلما أجابت بالنفي قال:
"أذن ما رأيك في تناول العشاء معي؟".
اتسعت عينا كارن وقالت مبتسمة:
" طبعا, اذا كنت تريد".
" ليس لديَ عمل هذا المساء وكذلك أنت , فلماذا لا نقضيه معا".
رقص قلبها فرحا لأنها ستقضي المساء مع بول.
وغادرا لندن, ووصلا الى مطعم اسمه أيبوني كين, كان مكانا فخما , وانبهرت كارن بالديكور الرائع , والمضيفات الفاتنات , وكان الأثاث مصمما ليناسب المكان بموائده ومقاعده وأزهاره , وقام المدير بنفسه بخدمة بول , ورغم أن الغرفة كانت مزدحمة الا أن مائدة أو مائدتين وضعتا في ركن منعزل , وجلسا حول مائدة, وقدم المدير قائمة الطعام لبول, وابتسمت كارن وقالت:
" تبدو معروفا هنا".
قال وهو يبتسم ابتسامة لطيفة:
" يجب أن أكون معروفا , لأن شركتي تملك هذا المكان!".
قالت كارن في دهشة:
" لم أكن أعرف أن الشركة تستثمر أموالها في المطاعم".
" أننا لا نفعل ذلك عادة , أنها تجربة , واذا نجحت فستحصل على دعاية فخمة من ورائها".
أومأت كارن موافقة وقالت وهي تهز كتفيها النحيلتين :
" أعتقد أنها كانت فكرتك".
ابتسم بول وسألها:
" كيف خمنت؟ هل أطلب الأكل!".
ونظر اليها متمعنا فأجابت كارن:
"بكل سرور , أنك تعرف أجمل الأشياء!".
أجاب بجفاف:
" ليس في الأكل فقط".
واحمر وجه كارن, وبدت مسرورة عندما حضر رئيس الخدم لخدمتهما.
واختار بول عدة أنواع من الطعام , وبينما ذهب الموظف لأحضار الطلبات , أخذت كارن تجول بعينيها في المكان , وتساءلت: ترى هل يعرف الموجودون بول؟ وهل يعرفونها؟
وسألته كارن بفضول:
" متى أفتتح المطعم؟".
" منذ حوالي شهرين على ما أعتقد".
واتجهت كارن بنظرها الى الفرقة الموسيقية التي كانت تعزف ألحانا شكلت خلفية لحديث الموجودين , كان مكان الرقص صغيرا ولكنها تذكرت أن الراقصين في هذه الأيام لا يتحركون كثيرا, ونظرت الى بول وهو يتفحص قائمة الشراب , لم يكن منتبها لنظراتها وكان في استطاعتها أن تتفرسه , كان أنيقا كالعادة بشعره الأسود اللأمع , وقميصه البيض الناصع , وبشرته السمراء التي لفحتها الشمس, وشعرت بقلبها يخفق بألم, كيف استطاعت أن تتركه كل تلك السنين ؟ كيف يمكن أن يفترق الناس بلا رجعة؟ الكبرياء لا تغري الا قليلا في أوقات كهذه !
ترى هل ستكون روث عامل التوجيه في حياته من الآن فصاعدا؟ وهل تحتمل هذا؟ وعندما تذكرت ملامح روث الحلوى أرتعدت رغما عنها, أنها واثقة من أن روث لن تسعده حقيقة, لأنها تعتمد عليه أكثر مما يجب, مثل طفلة صغيرة, في حين أن بول يحتاج الى أمرأة تستطيع أن تقابله في منتصف الطريق , وتستطيع أن تتحدث اليه بقدر ما تستمع له.

برنس وصاب 09-23-15 04:43 PM


وفجأة أدركت أنه يتأملها فاحمرت وجنتاها وحاولت أن تأخذ الأمور بمرح فقالت:

" أنك لا تتغير كثيرا يا بول".
بدا ساخرا وقال:
"أستطيع أن أعتبر هذا مديحا , يمكن أن يكون له معنيان ولكنني سآخذ المعنى الحسن!".
وشعرت كارن بالحرج مرة أخرى , ليتها لم تلق هذه الملاحظة السخيفة , لا بد أنه تصور أنها كانت تحاول أن تجعله يصرف أهتمامه عنها.
وسألها بول:
" أخبريني , هل رسمت لوحات أخرى؟".
هزت كارن رأسها بالنفي , فعبس بول وفاجأها قائلا:
" الواقع أنني فكرت كثيرا في رسومك هذا الأسبوع , وأود أن يقوم صديق لي بألقاء نظرة عليها , هل سمعت باسم آرون برنارد؟".
صاحت كارن مذهولة:
" أوه... أنه من أشهر وأبرع النقاد الفنيين في العالم".
رد بول برقة:
" تمما, ويهمه أيضا أكتشاف مواهب جديدة , وأعتقد أن لوحاتك سوف تبهره".
بدا الشك في عيني كارن , فقد تذكرت تعليقات لويس , وقالت:
" ولكن لويس يعرف كثيرا عن الفن يا بول , ولوحاتي لا تعجبه أطلاقا".
أجاب بول ببرود :
" صحيح ! يبدو أنك تثقين في رأيه أكثر من رأيي . أذا أردت رأيي أعتقد أن مارتن يركز أهمية كبرى على حكمه, من هو في أية حال؟ أنه مجرد مصمم نسيج وطموحه يفوق قدراته كثيرا".
" ليس هذا صحيحا يا بول, لقد ساعدني كثيرا ... منذ الطلاق!".
رد بول غاضبا:
" وقبله أيضا... طبعا... بحق السماء يا كارن لا تحاولي الدفاع عن الرجل... لا أجد شيئا أشكره عليه . أنني أبذل جهدي حتى أسيطر على أعصابي لمجرد أن أنظر اليه! أعتقد أنني أكرهه!".
تنهدت كارن وقالت:
" أستطيع أن أفهم كراهيتك له يا بول , ولكن اذا تكلمت بطريقة موضوعية بحتة , فأن لديه أفكارا جيدة في العادة".
هز بول كتفيه وقال:
" وكيف أستطيع أن أكون موضوعيا بالنسبة لرجل... حسنا... أغوى زوجتي !".
تحول وجه كارن ألى لون قرمزي وصاحت:
" مستحيل أن تعتقد أننا كنا عاشقين في يوم من الأيام , مستحيل يا بول".
أسود وجه بول على نحو كريه وقال:
" ولم لا؟ لقد طلقتك لذلك السبب... كان سبب طلاقنا هو خيانتك , هل تذكرين؟ واذا لم يكن هذا صحيحا فلماذا لم تدافعي عن نفسك في القضية؟".
عضت كارن شفتها وقالت:
"لو أنني دافعت , فماذا كنت أجني من دفاعي؟ هل كنت ستصدقني؟".
تمتم بحدة:
" في ذلك الوقت كنت سأقتنع بذرة واحدة من الأمل , لم أنك أظهرت رغبة في العودة الي ولو مرة واحدة لأختلف الوضع تماما".
شبكت كارن أصابعها , لماذا قال كل هذا ؟ كلامه جعل الوضع فظيعا , ووفر عليها الخادم الأجابة عندما جاء بالطلبات , ولكنها كانت قد فقدت شهيتها للطعام , ولم يبد بول بدوره اهتماما كبيرا بالأطباق الشهية, وعندما انصرف الخادم عاد بول يقول:
"هل نسيت أنني كنت مزودا بكل البراهين , لقد بدت الأدلة حاسمة , وقد زادت حسما بصمتك , وبصرف النظر عن أي شيء فقد أعترف مارتن نفسه بأنها صحيحة ... كل كلمة منها صحيحة".
عندئذ صاحت كارن غاضبة:
" هراء , لا يمكن أن يقول لويس مثل تلك الأشياء ... وحتى اذا كان قد قال , فكيف استطعت أن تتأكد من صحة كلامه؟".
قال بول بلهجة جافة:
" كان عندي محامي . هل تذكرين؟ وكانت القضية بسيطة وواضحة , لم يكن هناك ما يقال أكثر مما قيل , في أي حال فلننسى هذا الموضوع , ولا داعي لمناقشته أثناء العشاء".
ولكن كارن لم ترغب في نسيانه , أو في نسيان أية كلمة منه, كيف يمكن أن يعترف لويس بشيء من هذا القبيل في حين أنهما لم يكونا أكثر من مجرد صديقين ؟ وانتابتها الحيرة , كانت تعتقد أن لويس صديق مخلص أمين فأذا به... كاذب , يا له من خطر غريب مخيف! وأزاحت مثل هذه الأفكار عن ذهنها , لا بد أن هناك تفسيرا , لا بد أنه تصور أنه يساعدها بذلك , لعله قال أن الخطأ خطأه حتى يبرئها من كل لائمة! ومع ذلك ظلت كائرة مرتبكة , لم يكن أمامها شخص تلجأ اليه الا لويس! لم يكن هناك من تطلب منه النصح الا لويس , وقررت أن تناقش الموضوع مع لويس نفسه , من يدري لعله يقدم لها تفسيرا معقولا , لعل بول أخطأ فهم مقصده ... لعل كلامه تضمن شيئا أعتبره بول حقيقة لأنه كان يتوقعه , وراحت تفكر وتبحث عن قشة كما يقولون , فلا بد أن هناك سببا . يوجد سبب لكل شيء.






وساد الصمت فترة طويلة , ولم تتكلم الا عندما سألها بول قائلا:
" حسنا, هل تريدين أن يلقي آرون برنارد نظرة على لوحاتك؟".
أفاقت لورين من تفكيرها وصاحت:
" هل أريد؟ طبعا يا بول أتمنى أن يأتي , ولكن فقط اذا كنت تعتقد أنه لن يضيع وقته, فأنني لا أريد أن أسمعه يسخر منها لأن سخريته ستقضي على كل شيء , في حين أنني آمل أن أرسم شيئا ذا قيمة في يوم ما, أشعر بمتعة كبيرة في الرسم , فأذا قال لي أن استمراري في الرسم حماقة فسوف أشعر بحزن كبير , وفي الوقت الحاضر أشعر بهذا الأمل الغريب سأرسم شيئا قيَما في يوم من الأيام".
ابتسم بول وقال:
" أتمنى أن أكون واثقا من كل شيء قدر ثقتي من لوحاتك , ومع ذلك اذا لم تعجبه فسأشتريها أنا شخصيا ... كلها!".
ضاقت عينا كارن وسألته بتهكم:
" لبيتك الجديد؟".
نظر اليها مليا وقال:
" ربما... هل يدهشك هذا؟".
" لا بد أنك تمزح .... بالطبع يدهشني , لو كنت مكان روث لما رضيت أن أضع في منزلي أية لوحات بريشة أمرأة أخرى , وخاصة اذا كانت الرسامة زوجة سابقة لزوجي! أنه شيء مضحك ... أليس كذلك؟".
بدا وجه بول متوترا بعض الشيء ووافق قائلا:
" نعم, ولكنك مختلفة تماما عن روث يا كارن, ليست لديها شخصيتك المتسلطة, تحبين أن تتساوي بالرجال , في حين أن روث مستعدة لأن تظل الزوجة فقط, أنها ذكية وقادرة على سماع وفهم حديث زوجها , ورغم ذلك تظل مشغولة تماما ببيتها".
صاحت كارن باستياء:
" يا ألهي , أنها أذن من طراز ربة البيت الصغيرة, هل سترتق جواربك يا حبيبي , وتضع حذاءك بجوار المدفأة؟".
امتقع وجه بول , وأدركت كارن أنه غضب, ورد عليها قائلا:
" عل الأقل لن تحاول أن تبحث عن عمل ... أن روث لم تعمل أطلاقا ولذلك لن تفتقد العمل, صدقيني يا كارن, أن معظم النساء يحلو لهن أن يكُن زوجات وأمهات بمعنى الكلمة".
بدت كارن محرجة الآن, ولكنها قالت وهي تبتسم بدهاء:
"أعتقد من الطراز القديم يا حبيبي , أنت تريد زوجة ترتدي الثياب بالكرانيش والدانتيل , أنا أمرأة واقعية عادية , كما أنني أرتكبت أفظع الأخطاء عندما تجرأت بالرد عليك وتوقعت أن تستمع الي!".
كانت أصابع بول تقبض بشدة على كأس الشراب الرقيقة , وتعجبت كارن لأن الكأس لم تتحول الى حطام! وقال بول بهدوء مميت:
" أنك لم تردي عليَ فقط يا كارن... أنك تركتني . لا تنسي هذا ... لقد تركتني لمجرد أن تثبتي أنك مستقلة تماما كما تعودت دائما, لمجرد أن تثبتي أنك لا تكتفين بأن تكوني السيدة فريزر فقط".
أبعدت كارن طبق الفراولة الذي لم تلمسه , وقالت وهي تضحك بلا مرح:
" نعم... لقد فعلت هذا الأمر الذي يثبت أنه حتى أنا لا أخلو من الخطأ".
قال بول وقد تصلب وجهه:
" أنت لا تصدقين ذلك حقا, أعتقد أنه يسرك أن تهزأي بي! ".
بدت الدهشة على كارن وقالت:
" يسرني؟ أستطيع أن أؤكد لك أن تلك الحلقة في حياتي لم تكن أكثر ما علق في ذاكرتي".
وتغلب فضوله على تحفظه الطبيعي فسألها:
" أذن ما هو الشيء الذي علق بذاكرتك؟".
قالت وهي تنظر الى قهوتها التي بدأت تبرد :
" أعتقد أنه شهر العسل".
ولم يرد بول... ولكنه أخرج علبة سكائره وأشعل سيكارة في صمت.
وفجأة قالت كارن:
" أنه وضع يثير الضحك اذا فكرت فيه, ها نحن شخصان مطلقان نجلس هنا ونتناول العشاء معا, وكأننا كنا صديقين قديمين! يا ألهي يا لها من مسافة طويلة قطعتها الحضارة , يبدو أننا فقدنا كل العواطف البدائية في بوتقة الحياد أو اللياقة على الأصح... لم يعد هناك دماء حمراء ... لم يعد هناك الا هذا النوع من التسامح السطحي الذي حل محل العداء الصحي".
قال بول بابتسامة ساخرة:
" كلمات عميقة... هل ستستمر على هذه النغمة؟".
وفي طريق العودة ساد بينهما جو من التوتر , وعندما أوقف بول السيارة أمام عمارة كارن , نظرت اليه وقالت بمرح محاولة أن تعود الى جو المزاح اللطيف الذي بدأ به المساء:
" حسنا , أشكرك على كل ما فعلته لأمي ولساندرا, لقد أثبت أنك كريم حقا".
بدا صوتها ساخرا, ولكن وجه بول ظل جامدا , وفي الضوء الخافت تألق شعر كارن مثل الفضة فوق اللون العاجي لمعطفها الموهير, وعندما حركت رأيها , لمس الشعر الحريري كتف معطفه . أنها جميلة جدا... حلوة جدا... مثيرة جدا... وشعر بول بحواسه تتحرك بسرعة , ولكنه أحس بالمهانة عندما وجد نفسه يستجيب لها, وخاصة بعد كل ما قالته , وقال بحدة:
" تصبحين على خير".
كانت يداه النحيلتان تضغطان على عجلة القيادة حتى أبيضت مفاصلهما ولم يكن يعرف الى متى يستطيع السيطرة على نفسه.
ولم تفهم كارن فهزت كتفيها وفتحت باب السيارة وقالت وهي تخرج :
" تصبح على خير".
... ولم يتكلم بول ثانية , هز رأسه فقط وانطلق بالسيارة بأقصى سرعة حتى كادت العجلة الخلفية تلف من شدة السرعة , ورأته كارن ينعطف الى الشارع الرئيسي قبل أن تدخل العمارة , وشعرت بأنها وحيدة باردة خائفة من المستقبل , ولكنها لم تعرف ما الذي أثار خوفها!

برنس وصاب 09-23-15 04:44 PM


6- لا تكوني مضحكة

مر الأسبوع التالي ببطء , واتصلت أم كارن تلفونيا لتقول أن ساندرا قبلت فكرة السفر رغم أنها لم تبد حماسا كبيرا , ولم تشعر كارن بالقلق, لأنها كانت واثقة من أن ساندرا ستعود الى طبيعتها اذا ابتعدت عن تأثير سيمون , وفكرت كارن, لقد بدت الحلقة وكأنها على وشك أن تنتهي , فبعد أن تسافر مادلين وساندرا الى أسبانيا لن تحتاج الى مقابلة بول , كان زواجه في أي حال يلوح في الأفق ويقترب يوما بعد يوم.
وذهبت الى المكتب آملة أن يكون لويس قد عاد الى سلوكه العادي اللطيف , ولكنها لاحظت أنه لا يزال على وضعه الغريب , ولم تستطع كارن أن تفهمه , لعل ذهنها المشتت هو الذي صور لها أن لويس أصبح مختلفا ... ولكنها بدأت تفكر جديا في البحث عن وظيفة أخرى.
وفي نهاية الأسبوع أستيقظت صباحا على رنين التلفون, ألقت نظرة على الساعة فوجدتها السابعة والربع, ترى من الذي يطلبها في هذه الساعة المبكرة , وأخذت تهز رأسها لتطرد النوم من عينيها , ونهضت من فراشها وذهبت لترد , وعندما رفعت السماعة سمعت صوت أمها تقول:
" أخيرا وجدتك يا كارن!".
" ماذا حدث يا أمي؟ هل تعرفين كم الساعة الآن؟".
" نعم, أعرف , الأمر هام جدا".
ومرت فترة صمت, فسمعت كارن صوت أمها وهي تجهش بالبكاء!
فقالت في فزع:
" ماذا حدث؟ هل أصيبت ساندرا بسوء؟".
أجابت مادلين بصوت متقطع :
" أسوأ من هذا , لقد هربت وتركت لي رسالة تقول أنها حامل... والأب طبعا هو سيمون !".
ألقت كارن بنفسها على المقعد بجانب التلفون وصرخت:
" يا ألهي , أهدأي يا أمي وسوف أحضر فورا".
ووضعت مادلين السماعة, وتنهدت كارن وقد أنتابها شعور بالخوف, طفل؟ ما الذي تستطيع أن تفعله الآن؟ أن سيمون لن يفرج بالنبأ مهما كان شعوره نحو ساندرا , كان يفضل الحرية على كل شيء آخر , في حين أن الأطفال تعني المسؤولية, وغيرت كارن ملابسها وقادت سيارتها الى منزل أمها , وعندما رأت كارن أجهشت بالبكاء, فقالت كارن محاولة أن تهدىء من روع أمها :
" ماذا حدث؟".
عضت الأم شفتها وحاولت السيطرة على أعصابها , وقالت:
" عندما أخبرت ساندرا بموضوع الرحلة, وافقت لكنها لم تكن متحمسة , كان واضحا أنها تخطط للهرب , وأعتقد أن هذا الحيوان سيمون كان يعرف كل شيء عن خطتها , لقد شعرت ساندرا بأننا نحاول أبعادها عنه".
ومرة أخرى أجهشت بالبكاء , وبعد فترة استطردت تقول:
" لقد تصادف أنني استيقظت في الساعة الخامسة والنصف وأنا أشعر بصداع مؤلم , وذهبت الى غرفة ساندرا أبحث عن قرص من الأسبرين , فوجدت فراشها خاويا , والورقة التي تركتها مشبوكة في وسادتها".
تنهدت كارن وسألت أمها:
" وهل أخذت ملابسها ؟".
" أخذت بعضها".
" واذا فعلت عندما وجدت الرسالة؟".
" أتصلت بك , ولكنني لم أحصل على رد ... وأعتقدت أنك خرجت".
وتذكرت كارن الحبة المنومة , وقالت:
" آسفة يا أمي , لا بد أنني كنت مستغرقة في النوم".
وناولتها أمها رسالة ساندرا فقرأتها :
" أمي العزيزة ....
لقد أصبحت حياتي هنا لا تطاق , أنك وكارن مصممتان على أن تفرقا بيني وبين الرجل الذي أحبه , وأنا لا أحتمل هذا, أنني أنتظر طفل سيمون , وسوف نتزوج بسرعة عندما يستطيع أن يطلق هذه الجوليا اللعينة , ى تحاولا أن تبحثا عني, سأعود عندما تدركان أنني على صواب".
وعندما فرغت كارن من قراءة الرسالة أخبرتها أمها أن ساندرا أخذت دفتر توفيرها , وكان به خمسة وسبعون جنيها , وقالت كارن بلهجة حادة:
" لا تلومي الا نفسك يا أمي...".
مسحت مادلين عينيها وردت:
" هل أتيت لتساعديني أم لتعذبيني؟".
" لأساعدك بالطبع , ولا داعي للشجار يا أمي... لا أريدك فقط أن تتصوري أن ساندرا فتاة مسكينة صغيرة في حين أنها بنت مدللة طائشة وتحتاج الى يد قوية, في أي حال أهدئي يا أمي , يجب أن نفعل شيئا".
نظرت اليها أمها ثم قالت:
" اتصلي ببول وأخبريه".
كانت كارن تعرف في قرارة نفسها أن بول هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يساعدهما فقالت ببطء:
" أعتقد أن هذا هو الحل السليم الوحيد... ولكن ألا تعتقدين أننا نثقل عليه؟".
نهضت الأم من مكانها وقالت في كبرياء:
" ولكن أخاه هو سبب هذه المشكلة".
وتنهدت كارن وسارت نحو التلفون , وأدارت رقم شقة بول في بلجرافيا وقالت:
" أنا كارن يا بول!".
صاح بول بصوت مبحوح , وكان واضحا أنه لا يزال نائما :
" يا ألهي ... كارن؟ كم الساعة الآن؟".
" أنه أمر هام .... ولا بد أن أراك الآن الا أذا فضلت أن أروي لك كل شيء على التلفون ".
" لا .... لا ... سأراك ... أين أنت؟".
" في منزل أمي , هل تستطيع أن تأتي؟".
" أفضا أن تأتي أنت يا كارن الى هنا ... عندما تصلين سأكون قد حلقت وارتديت ثيابي".
ووافقت كارن , وأخبرت أمها أنها ستذهب الى بول في شقته , وعلقت السيدة ستاسي في شك على ذلك قائلة:
" أرج ألا تنسي السبب الذي تذهبين من أجله الى شقته!".
وفهمت كارن ما تعنيه أمها , فقالت غاضبة:
" يجب أن تتذكري أنك أنت السبب في ذهابي الى هناك يا أمي!".
وارتدت كارن معطفها , وغادرت منزل أمها , وقادت سيارتها بسرعة الى شقة بول... كانت الطريق قد بدأت تزدحم بالمرور فتعطلت قليلا, ووصلت الى المبنى الذي يقيم فيه بول في الساعة التاسعة الا الثلث, ودخلت الى المصعد , وضغطت زر الطابق العلوي حيث تقع شقة بول, كانت الشقة تطل على مدينة لندن من أعلى , وتذكرت أنها وبول كانا يقضيان الليل في الشقة عندما يسهران في المدينة, وارتجفت رغما عنها وهي تدق الجرس وتنتظر , وفتح الباب خادم لا تعرفه , لا بد أن بول استغنى عن طاقم الخدم القديم , واستبدل به طاقما جديدا, ودخلت كارن الى غرفة الجلوس , واتجهت نحو النافذة العريضة التي كادت تشغل كل الحائط , كانت تطل على نفس المنظر الذي بهرها , كان صخب لندن يتحول الى همس من هذا الأرتفاع الشاهق , وأخبرها الخادم أن السيد فريزر في الحمام سيخرج حالا ثم أنصرف , وراحت كارن تجول في الغرفة وتنظر الى الأثاث وهي سعيدة , كانت الجدران مغطاة بصور للنرويج أحضرها بول حسب رغبتها بعد أن قضيا أجازة هناك , وكانت الغرفة مزودة بتدفئة مركزية , كان المكان كله مليئا بذكريات أختزنتها كارن في قلبها.
وجلست على مقعد وأشعلت سيكارة وشعرت بالراحة , وعندما دخنت سيكارتها نهضت من مكانها واتجهت الى الباب الذي يؤدي الى غرفة نوم بول, أرادت أن تعرف اذا كان قد غير مظهر الغرفة , لأنها غرفة نومهما , كانت الغرفة أنيقة نظيفة مفروشة بالسجادة الناعمة نفسها وتفوح برائحة الدخان مما يدل على عدم وجود أمرأة في الشقة , وفتحت كارن النافذة على مصراعيها ورأت الحدائق تمتلىء بالزهور , وتنهدت في آسف , يا لها من حياة غريبة ... أم هو القدر المحتوم!
منذ أسابيع قليلة فقط لم تكن تحلم بأن تتحدث الى بول مرة أخرى , لقد تصورت أن كل شيء قد أنتهى , وها هي اليوم واقفة في شقته, في غرفة نومه, وابتسمت , كم من أحداث غريبة تقع! بل أن هذا الموضوع بالذات كله يبدو أغرب من القصص والروايات.
وفجأة فتح باب الحمام ودخل بول غرفة النوم , وقفزت كارن فزعة, وكأنها طفلة صغيرة ضبطت وهي تأخذ قطعة حلوى من الصندوق الممنوع , كان يرتدي ملابسه الداخلية ويلف عنقه بمنشفة, واحمر وجه كارن وشعرت بحرج شديد , ترى كيف سيفسر هذا؟ يا لها من حمقاء ! ونظر اليها متفرسا بعينيه الداكنتين , ولم تند عليه الدهشة لأنه رآها وقال بعد لحظة:
" آسف لأني لم أكن في أنتظارك عندما وصلت , كنت أعمل حتى ساعة متأخرة في الليلة الماضية".
نسيت كارن كل شيء عن ساندرا وأمها عندما رأته , وبدأ بول يرتدي ملابسه , فعادت الى غرفة الجلوس , بدا كل شيء طبيعيا تماما كما كان يحدث كل يوم عندما كانا متزوجين . ولحق بها بول وأشعلت كارن سيكارة ثم قالت:
" لقد هربت ساندرا من البيت . وتقول أنها حامل , ويمكنك أن تخمن من يكون الأب!".
بدا الغضب واضحا على وجه بول , لم يكن يحلم أطلاقا أن سيمون يمكن أن يتمادى الى هذا الحد مع فتاة دون العشرين , وشعر كأنه يستطيع أن يخنق أخاه في هذه اللحظة , وأشعل سيكارة وأخذ يدخنها في قلق! فقالت كارن معتذرة:
" آسفة يا بول , ولكنني لم أجد شخصا غيرك ألجأ اليه ".
هز بول رأسه وقال:
" أن سيمون هو الملوم في هذه الحالة , يا له من أحمق , وساندرا أيضا لا بد أنها مجنونة!".
وناولته كارن رسالة ساندرا ليتضح له كل شيء , وقرأها بول بسرعة ثم قال:
" يا ألهي... أنها تصدق أنه يعتزم الأنفصال عن جوليا , لقد قال لي منذ أيام فقط أنه ليس في نيته أن يطلقها".
" هل تعتقد أنه كان يقابل ساندرا سرا؟".
" لقد أرسلت سيمون الى توتنغهام في عطلة نهاية الأسبوع الماضي ولم يعد الا أمس فقط".
" وهل تعتقد أنها اتصلت بسيمون أمس عندما عاد؟".
" هذا احتمال بعيد".
" وما الذي سنفعله الآن؟".
" يجب أن نعثر على ساندرا أولا , وسوف أتحدث اليها بنفسي".
" ولكن كيف نعثر عليها؟".
" سوف أتصل بسيمون وأسأله اذا كان يعرف مكانها, يحتمل أن تكون قد أخبرته".
وفي هذه اللحظة دخل الخادم بصينية عليها فناجين القهوة, وطلب منه بول أن يعد له ولكارن طعام الأفطار , وانصرف الخادم بأدب , فسألت كارن في دهشة:
" هل سأتناول الأفطار هنا؟".
" بالطبع, لم لا, أنك تبدين شاحبة بما فيه الكفاية".
" أشعر بالجوع فعلا, أننا نبدو كما كنا في سالف الأيام! نتناول الأفطار معا!".
كانت كارن تثق في بول وتعتمد عليه , كأ ن بول أصبح بمثابة الأب الروحي لها ولأسرتها , وتمنت لو أستطاعت أن تشرح له بمشاعرها , ونظر اليها بول وسألها:
" هل تجدين الأشياء هي نفسها هنا كما كانت من قبل؟".
" نعم, ولا أزال أعتقد أن الشقة رائعة".
" ولماذا دخلت غرفة النوم؟".
احمر وجه كارن وقالت مدافعة عن نفسها :
" لقد أنتابني الفضول, وأردت أن أجدد ذكرياتي".
" وهل كانت ذكريات سارة؟".
تمتمت قائلة:
" بالطبع".
" في بعض الأحيان تكونين شفافة جدا".
"ماذا تقصد؟".
"لا شيء... أنسي ما قلته!".
ولكن كارن لم تستطع أن تنسى بسهولة , وبدت قلقة مضطربة ... وتمنت الا تكون قد أتاحت له فرصة للنقد".
ودخل الخادم يحمل الأفطار , وجلسا حول المائدة... والتهم بول طعامه , أما كارن قد اكتفت بشرب القهوة وتناول قطعة من الخبز المقدد , وفجأة سألته:
" متى تعود روث من أميركا؟".
" بعد يوم أو يومين, عندما أتصلت بي تلفونيا قالت أنها ستعود قريبا , وأنها ستبرق بموعد وصولها , ولكنها لم تتصل بي ثانية".
" لا بد أنك مشتاق لعودتها".
رد باقتضاب:
" نعم".
وبعد أن فرغا من تناول طعام الأفطار قال بول فجأة:
" نسيت أن أخبرك أن أرون برنارد يريد رؤية لوحاتك , لقد حاولت أن أتصل بك تلفونيا في الليلة الماضية ولكنني لم أجدك".
وتذكرت كارن الحبة المنومة فقالت:
" لقد أخذت حبة منومة , ولا بد أنني استغرقت في النوم".
" ولماذا تأخذين حبوبا منومة؟".
"حتى لا أظل ساهرة!".
" اذا كنت لا تستطيعين النوم, فلا بد أن شيئا يشغل ذهنك".
" هل تكتب في ركن القلوب المحطمة في الصحف؟".
قال بول بلهجة جادة:
" لا أحب أن تأخذي مثل هذه الحبوب يا كارن , سوف تألفينها وتعتمدين عليها تماما".
قالت وهي تحاول أن تغير موضوع الحديث:
" فلنعد الى موضوع آرون برنارد , متى يريد رؤية اللوحات؟".
"الواقع أنه يود رؤيتها اليوم, وهذا هو سبب اتصالي بك في الليلة الماضية".
" ولكن هذه الضجة بالنسبة لساندرا وسيمون , ومشكلة حملها ؟".
عندئذ قال بول:
" حتى اذا كانت حاملا , فهي ليست أول فتاة يحدث لها هذا".
" أذن , هل تعني أن هناك شكا في هذا؟".
" محتمل جدا , يمكن أن يكون زعم ساندرا مجرد أنذار كاذب , ولذلك سوف أتصل بآرون ليرى الرسوم في المساء , ومن يدري؟ لعلنا نكون قد وصلنا الى كشف لغز ساندرا هذا ".
تنهدت كارن وهي تقول:
" معك حق... أشكرك يا بول. يجب أن أنصرف الآن والا قلقت علي أمي".
" أنك تفعلين ما طلبته منك....".
" حسنا.... دعني أتصل بها تلفونيا".
"سأتصل بها أنا حتى تقول لي ما تريده".
وأمسك سماعة التلفون وأدار رقم السيدة ستاسي وأنتظر أن ترد, وشعرت مادلين بالسعادة عندما حدثها بول, فقد أثبت بذلك أنه يعالج الموضوع بكل جدية , كانت مادلين تحتاج دائما الى أحد تعتمد عليه , وطلب منها بول أن تهدأ وتنام قليلا, اذا كانت لا تزال تشعر بالقلق , وأنهما هو وكارن سيبحثان عن ساندرا حتى يجداها ويعودا بها الى البيت , كان لبقا بطريقة ساحرة , وأيقنت كارن أن كلماته طمأنت أمها الى حد كبير, وعندما انتهى بول من المحادثة التلفونية , وضع السماعة والتفت الى كارن وقال:
" كانت لطيفة جدت".
" لأنها تحبك, على فكرة, أنك تتحدث عن محاولة العثور على ساندرا وكأنه أمر سهل .... ألا تضيق بشيء؟".
قال بول بقسوة:
"أضيق فقط بالزوجات الخاطئات".
ارتجفت طارن... هناك دائما العامل الشخصي بينهما , وكان قريبا جدا من السطح بحيث يطفو في أية مناسبة , وردت عليه قائلة:
" وماذا عن الأزواج القساة؟".
سألها بتهكم:
" وهل كنت قاسيا ؟ لا أطن".
" أنك تفكر دائما من الزاوية العاطفية ".
" وما هي الزاوية الأخرى؟".
" أنني أنسانة ولست قطعة أساس , هل كنت تريدني أن أفقد شخصيتي في شخصيتك؟".
" لا ... لنفرض أنني كنت مخطئا بقدر ما كنت مخطئة , ماذا نجني من هذا؟".
تمتمت وهي تلهث فجأة:
" هذا يتوقف عليك....".
ركَز بول نظراته عليها ... وفجأة دق جرس الباب , وشعرت كارن بأمتئاب فظيع . وعبس بول قائلا بغضب:
" ترى من يكون هذا؟".
قالت كارن وهي تفكر:
" ربما يكون سيمون... سأفتح الباب".
سارت كارن بسرعة نحو الباب وفتحته , وفي الحال أنتشر عطر مثير ملأ أنفها... واذا بها أمام فتاة قصيرة سوداء الشعر , ترتدي معطفا ثمينا من الفراء , وقبعة فيها ريش وردي , وحذاء أنيقا , كانت روث!
وتعرفت عليها كارن في الحال, وشعرت بشيء من الخجل من ثيابها المتواضعة اذا قورنت بملابسها الثمينة , وبدا الغضب على وجه روث عندما تعرفت هي أيضا على كارن , على أن بول أضطرب قليلا عندما دخلت خطيبته الغرفة بعد أن رمت كارن بنظرة قاتلة.
وأغلقت كارن الباب واستندت عليه , وهي تشعر بالفخر لثقة بول الفائقة في نفسه, وأيقنت كارن أنها لو كانت مكان روث لأحترقت غضبا مثلها, ووقفت روث وسط غرفة الجلوس , وراحت تحدق في بول بغضب ثم قالت ببرود:
"لا بد أن هناك تفسيرا لهذا! ويهمني أن أسمعه , يبدو أنني عدت في لحظة غير مناسبة".
هز بول كتفيه العريضتين وقال:
" لماذا تتصورين ذلك؟ كلا ... يا روث.... لقد حضرت كارن الى هنا لسبب مشروع جدا . أن الأشياء ليست في حقيقتها كما تبدو من الظاهر دائما...".
اتسعت عينا كارن , والتفتت روث ونظرت الى كارن باحتقار , ثم قالت بلهجة وقحة:
"يبدو أنك تتذرعي بأسباب لا حصر لها لتطاردي بول بعد أن أنفصلت عنه!".
احمر وجه كارن, قال بول:
" أن هذا الموضوع لا يمت لك بصلة يا روث".
قاطعته كارن قائلة:
" لا تزعج نفسك يا بول, باستطاعتي أن أحارب معاركي بنفسي, خطيبتك الفاتنة تثبت ببساطة أنها تشك فيك, ومن الواضح أنها تريد أن تعتقد أننا نسيء التصرف".
ردت روث عليها:
" أنك تودين أن ننفصل يا آنسة ستاسي , لقد أرتكبت غلطة كبيرة عندما سمحت لبول بأن يطلقك".
وعندئذ تدخل بول وقال بهدوء:
" أن أخت كارن حامل, وقد هربت من البيت".
قالت روث:
" يا له من شيء مقزز, لا بد أنها....".
قاطعتها كارن بغضب قائلة:
" أن أختي ليست ساقطة , فهي تتصور أنها تحب سيمون !".
قالت روث :
" ألم يكن في أستطاعتك أن تتحدثي تلفونيا؟".
رد بول:
" أنا الذي طلبت منها أن تحضر".
خلعت روث قفازها , وقالت وهي تنظر الى كارن باحتقار:
" أنني واثقة أنها طاردت سيمون المسكين".
وكان هذا أكثر مما تحملته كارن, كان سيمون معروفا بطيشه وحماقته, ولا بد أن روث نفسها تعرف هذا , ولكنها كانت تتعمد مضايقة كارن , لقد أحتقرتها بشدة عندما فتحت لها الباب , ولكنها كانت تنتقد الآن ساندرا التي لم ترها في حياتها , وهذا أمر مختلف .
ردت كارن عليها على نحو متهور:
"لعلك تعتقدين أن كل أسرتنا هكذا يا آنسة ديلاني, لقد تغيبت بضعة أيام , وعندما عدت وجدتني في شقة بول , وقد تناولت الأفطار معه , ما معنى هذا؟ وماذا أبدو في نظرك؟.
صاحت روث في هلع:
" بول...".
نظر بول الى كارن بعينين متوسلتين , ولكنها مضت تقول بلا أكتراث:
" لا تقلق يا بول, لن أختلق أية حكايات , دع خطيبتك تكوَن رأيهابنفسها عن الموضوع , واذا خرجت بالفكرة الخاطئة فأنك تستحق هذا على ما أعتقد , لأنك تسرعت وقفزت الى نتائج خاطئة وظلمتني منذ سنتين , أليس كذلك؟".
وزمت كارن شفتيها , وفجأة شعرت وكأنها طفلة مدللة تحاول تبرير حماقتها , وبدون أن تنطق بكلمة واحدة أخرى , أخذت معطفها وخرجت من الشقة , وصفقت الباب خلفها , وسمعت بول يصيح كارن, ولكنها لم تتوقف.
وبعد انصراف كارن ساد صمت رهيب لعدة دقائق, كانت كل كلمة قالتها كارن تطن في رأس بول , ولم يستطع أن يخلص نفسه من الشعور بأنه أخطأ في حقها , وعودة روث لم تخرجه من عواطفه المشوشة كما كان يتصور , بالعكس لقد تضايق لأنها قطعت حديثه مع زوجته السابقة.

برنس وصاب 09-23-15 04:45 PM


وقالت روث:

" حسنا يا بول... يبدو أنك لست سعيدا برؤيتي".
ضم بول قبضتيه ورد عليها نافذ الصبر:
" لا تكوني مضحكة يا روث, لقد عدت بدون أعلامي".
هزت روث رأسها وقالت ساخرة:
" هذا واضح...".
وقطب بول جبينه , وعندما أحست روث أنها تمادت أكثر مما ينبغي سارت نحوه وهي تقول:
" لا تقلق يا حبيبي , أن روث تثق فيك".
حاول بول أن يخفي شعوره بالضيق من لمستها وسألها:
" هل حضر أبواك معك؟".
" نعم, وذهبا الى الفندق , والواقع أنني أردت أن أفاجئك يا حبيبي".
هز بول كتفيه وقال:
"لقد فاجأتني بالتأكيد, في أية حال هل قمت برحلة طيبة ؟".
وبدأت روث تحدثه عن رحلتها , وحاول بول أن يركز... ها هي ذي روث خطيبته , الفتاة التي قرر أن يتزوجها , لماذا بدت الفكرة كئيبة الآن؟ لماذا شعر بالضيق والتوتر بينما أراد أن يكون طبيعيا؟ عليه أن يشرح الموقف لروث, ويخبرها أن كارن كانت غاضبة , وأنها شعرت بالأهانة , وأن كل ما قالته كان مجرد تحد ولكن الكلمات لم تسعفه, أفكاره لا تزال مع كارن! وتذكر منظرها قبل أن تنصرف , لقد بدت ضائعة ضعيفة , بدون أحد يدافع عنها رغم كلماتها الشجاعة , تصرفت على نحو متهور مستقل , ومع ذلك كان متأكدا من أنها لم تكن تشعر بأنها قوية ولا مستقلة , لقد بدأت كلماتها تعني شيئا له , ووجد نفسه يميل الى تصديقها في كل شيء . زكان هذا وحده كافيا لأزعاجه , اذا كانت تقول الصدق , واذا كان مارتن كاذبا , فمعنى هذا أن الأحتمالات هائلة اذن.
وعندما نظر الى وجه خطيبته القلق تساءل لأول مرة , ترى هل يستطيع أن يعيش مع أمرأة أخرى قبل أن يتزوج كارن كان يعجب بالنساء من الناحية الشكلية فقط, وليس من الناحية الذهنية , وكان لا يزال يلملم جراحه عندما دخلت روث حياته, وتصور أنها تستطيع أخراجه من عزلته , أما الآن فبدأ يشك في قدرة روث على أمداده بما يحتاج اليه من سعادة وراحة, كان زواجه من كارن بهيجا مريحا ,,, كارن... كارن... كارن... ذهنه يطن بذكراها , فيئس من أبعادها عن فكره, لو أنها لم تظهر من جديد في حياته لتزوج روث وعاش معها هادئا بدون هذا العذاب, أما الآن فأن فكرة الزواج من روث لم تعد تروق له.
وروعه التغير الذي طرأ على ذهنه , الواقع أن كارن هي التي أثارت كل هذا , هي التي جعلته يضيق ببيئته التي اختارها وزوجته التي أنتقاها , كارن أكثر من مجرد زوجة وربة بيت .... وقد تركته محطما.
وأدرك أن روث تحدق فيه بضيق فبدا بعيدا عنها بأفكاره وأستطاعت من تعبي وجهه معرفة أنه لم يستمع الى كلمة واحدة مما قالت, وسألته محاولة أن تبدو هادئة رغم أن الغضب كان يمزقها أربا :
" ما الذي تفكر فيه يا حبيبي؟".
جمع بول شتات أفكاره:
" آسف يا روث... ماذا كنت تقولين؟".
" كنت أسألك ماذا ستفعل بخصوص ساندرا؟".
قطب بول وجهه, ففي خضم أفكاره المؤلمة نسي كل شيء تقريبا عن مشكلة ساندرا وسيمون , وتمتم قائلا:
" عن أذنك لحظة يا روث... أريد أن أجري محادثة تلفونية".
جلس لويس مارتن أمام مكتبه يحملق بلا أهتمام في التصميم الموضوع على المكتب , لقد فقد أهتمامه بعمله مؤخرا , وتركزت أفكاره على كارن وبول , الواقع أنه ساعد كارن على الطلاق لأسباب شخصية بحتة, فقد أعجب بها كثيرا ورغم أن علاقتهما ظلت علاقة عمل , الا أنه كان مقتنعا بأنه لن يمر وقت طويل حتى تدرك أنه سيكون زوجا طيبا لها.
زوجته الأولى أمرأة باردة بلا مشاعر , وشعر بالراحة عندما ماتت , وحين قابل كارن الجذابة المليئة بالحيوية , أسرته فورا وقرر أن يتزوجها , ولذلك شعر بعذاب أليم خلال الأسابيع القليلة الماضية , وعندما علم أنها تلتقي ببول ثانية, اضطربت عواطفه ووجد نفسه ينزوي في عزلة كئيبة, وضايقه أكثر أنه وجد بول وكارن في الشقة , الشقة نفسها التي استأجرتها كارن منه ... وبدون أن يفكر أن كارن لا تدين له بشيء , بدأ يعتبر موقفها نحوه موقف خيانة , بل شعر وكأنه زوج مخدوع ! لم يحاول أن يتوقف ويفكر في غرابة هذا الوضع, ولكنه أدرك مؤخرا أن كارن غيرت موقفها اتجاهه , فلم تعد تلجأ اليه لتطلب النصيحة , ولم تعد تدعوه لزيارتها في شقتها كما تعودت أن تفعل في الماضي ... كان غيورا بطريقة عنيفة مؤلمة . أما أن كارن تعمدت أن تغيظه أما أنها لم تكن تدري أو تعبأ بمشاعره , وبذهنه المشوش تصور أنها تتعمد أغاظته!
وعندما رن جرس التلفون رفع السماعة بلهفة , من يدري لعل المتحدث كارن! وسمع صوتا نسائيا يقول بلهجة أميركية:
" هل أنت السيد لويس مارتن؟".
"نعم, هل أستطيع مساعدتك؟".
" ربما يستطيع كل منا مساعدة الآخر . أنا روث ديلاني , هل هذا يكفي؟".
" ماذا تريدين؟".
" عندي أخبار لن تسرك , لقد فسخ بول خطبته لي هذا الصباح , هل يهمك هذا؟".
شعر لويس بقلبه يخفق بشدة , ما معنى أن يفسخ بول خطبته؟ لا يوجد الا سبب واحد لهذا....
وقال:
" يهمني جدا يا آنسة ديلاني , هل نستطيع أن نتقابل لتناول الغداء مثلا؟".
ردت بسرعة:
" أذا شئت, أين؟".
حدد لويس الوقت والمطعم... لقد فهم بوضوح لماذا أتصلت به روث , كانت لها مصلحة في ذلك, فهي تريد بول, وتعرف أن لويس هو الذي أتهمه بول بالخيانة مع كارن في قضية الطلاق , معنى هذا أنه و روث كانا في وضعين متشابهين , ويمكن أن يساعد كل منهما الآخر!
ومع ذلك أخذ يفكر... ما الذي يستطيع أن يفعله اذا رفضت كارن الزواج منه؟
وشعر بحرارته ترتفع, فمشاعره نحو كارن أشبه بنار تحترق في عروقه وتكاد تقضي عليه , لا بد أن يواجهها ... لا يستطيع أن يستمر هكذا الى ما لا نهاية.
ونهض من مكانه وسار نحو النافذة , وعندما نظر الى الشارع شعر برغبة قوية لفتح الشباك والقفز منه ! ما هذا الجنون الذي انتابه ؟ لماذا لم تظل حياته سائرة كما كانت , فتأتي كارن الى المكتب بانتظام , ويجدها في شقتها كلما أراد أن يتصل بها تلفونيا , كانت لعبة سباق مع الزمن, ولم يعد يرغب في الأستمرار , وأشعل سيكارة بأصابع مرتجفة , لم يكن يحلم أنه سيحب أمرأة الى هذا الحد . أما الآن وبعد أن أحب كارن فعلا فقد بدأ يشعر بالغثيان ! لا بد أن يقابل هذه المرأة روث ويوضح لها وضعه أيضا , لا بد أن تعرف أنه يريد كارن بأي ثمن , ثم... بعد ذلك... لا بد أن يقابل كارن نفسها, قبل أن يفوت الأوان

برنس وصاب 09-23-15 04:46 PM


7- المخربة الحمقاء

في الساعة الثانية عشرة اتصل بول بكارن, كانت تحاول عبثا قراءة مجلة نسائية في غرفة الجلوس في منزل أمها عندما رن جرس التلفون , ورفعت السماعة وسمعت بول يقول:
" ساندرا موجودة في برايتون , أعطاني سيمون العنوان , أنه في حالة يرثى لها, تلقى منها رسالة بالبريد توضح كل شيء . ولا يبدو أن لديه أية ميول عاطفية في الوقت الحاضر".
تنهدت كارن بارتياح , ونقلت الخبر الى أمها فانفجرت بالبكاء , وقالت كارن:
" شكرا جزيلا على كل شيء يا بول ".
" حسنا يا كارن ... أخبرني آرون برنارد بأنه يريد الحضور..."..
قاطعته قائلة:
" ليس الآن".
ورد بول برقة قائلا:
" بل الآن . أنه يريد الحضور في حوالي الساعة الثانية , وبعد أن ينصرف , سآخذك أنت وأمك الى برايتون اتحضرا ساندرا".
ذهلت كارن... لقد توقعت أن تذهب وحدها الى برايتون لأحضار ساندرا فصاحت متساءلة:
" ولكن... ماذا عن روث؟".
" سوف أتصرف مع روث, هل يناسبك هذا؟".
ردت كارن بلهفة:
" بالطبع... متى أراك أذن؟".
" سأحضر مع آرون".
ثم وضع السماعة.
وتساءلت , لم يبد غاضبا كما توقعت , ولم تفهم الوضع , كان غاضبا عندما غادرت الشقة في الصباح, لعله ناقش الأمر كله مع روث , أو لعل روث ستأتي معه الى برايتون.
وسألتها مادلين:
" هل سنذهب أنا وأنت لأحضار ساندرا؟".
هزت كارن كتفيها وقالت:
" لقد أقترح بول أن يأتي معنا".
" الحمد لله , فقد تحدث مشادة بيننا وبين ساندرا وترفض الحضور , ولكن هذا لن يحدث في وجود بول".
قال كارن بتصميم:
" أن في استطاعة بول السيطرة على ساندرا , ونحن نعرف ذلك, حسنا, سأنصرف الآن يا أمي وسنمر عليك في حوالي الساعة الثالثة, هل توافقين؟".
" أوافق يا عزيزتي , وشكرا على كل ما فعلته".
ردت كارن بلهجة جافة وهي تفتح الباب الأمامي :
" لا داعي للشكر".
كانت لا تريد أمتنانا , بل أمانا فقدته في عالمها الصغير, ألم تحطم حياتها بنفسها منذ سنوات ؟ ما قيمة الوظيفة والحياة المستقلة الآن.
وأعدت كارن لنفسها وجبة بسيطة بدلا من الغداء , وارتدت حلة صوفية أرزت قوامها الرشيق , كانت تبدو طويلة نحيلة حلوة, وأسعدها هذا فقد أرادت أن تبدو جميلة في نظر بول , حتى لو كانت روث في صحبته , وعندما رن جرس التلفون تصورت أن المتحدث بول , فأمسكت بالسماعة وقالت:
" أنا كارن , هل حدث سوء؟".
واذا بصوت لويس يجيبها:
" لماذا يحدث أي سوء؟ كنت أحاول الأتصال بك طوال نصف ساعة".
ضاقت بلهجته المتسلطة وقالت:
" كنت في الحمام , وقد خرجت هذا الصباح , لأن ساندرا تورطت في متاعب جديدة".
تساءل لويس بشيء من الدهشة:
" صحيح؟ لا بد أنك اضطررت للأتصال بفريزر ثانية".
" نعم , وكيف عرفت؟".
" لقد تكهنت , جمعت أثنين وكان الحاصل أربعة".
" أوه, ماذا تريد يا لويس؟".
" أريد أن أقابلك".
" لماذا؟".
"لماذا؟ من أجل التصميمات الجديدة طبعا".
عضت كارن شفتها, هاهي تلاحظ شيئا ما في سلوك لويس ولا تستطيع تحديده بالضبط, ما الذي تستطيع قوله؟ أنه رئيسها وهي تعمل في شركته... لا تريد رؤيته ولكن ما الذي تستطيع فعله؟ لعل الوقت قد حان لتخبره بأنها ستترك العمل في شركته , وسألته وهي تتذكر أنها ستكون مشغولة طوال اليوم:
" هل أراك غدا؟".
" ولم لا أراك الليلة؟ هل لديك موعد؟".
وفكرت, أليس من الأفضل أن تراه وتنهي الموضوع, ووافقت رغما عنها , وقالت :
" وهو كذلك... هل تأتي الى هنا؟".
" لا ... أريدك أن تأتي الى المكتب , وأستطيع شرح خططي هناك".
وفكرت كارن... أن مقابلته في المكتب ستجعل اللقاء مجرد مقابلة عمل , فقالت:
" حسنا . متى؟".
" في السابعة , هل يلائمك هذا؟".
حسبت كارن في ذهنها المدة التي سوف تستغرقها في الذهاب الى برايتون والعودة , ثم قالت:
" أجعلها في السابعة والنصف".
"حسنا الى اللقاء".
ووضعت سماعتها , وتمنت لو أنه لم يتحدث اليها اليوم بالذات , وشعرت برجفة تسري في جسمها , كان صوت لويس غريبا , باردا, ومع ذلك لحوحا, تنهدت... لعل الخيال هو الذي صور لها أشياء غريبة... وسمعت طرقا على الباب فنسيت خوفها , وذهبت لتفتحه , ووجدت بول ومعه رجل في منتصف العمر, وأيقنت أنه آرون برنارد, وابتسم بول وهو يدخل مع رفيقه ويقدمه لها, وابتسم برنارد وهو ساهم فقد كانت عيناه تبحثان عن اللوحات التي جاء لمشاهدتها , وقال له بول:
" تستطيع أن تشاهد الرسوم على مهل, لأنني أريد التحدث مع كارن".
وخرج بول وكارن من غرفة الجلوس , وسألها:
" هل قلت لأمك كل شيء؟".
فأومأت برأسها , وعندما سألته عن المكان الذي تقيم فيه ساندرا قال:
" في منزل ريفي قريب من برايتون , لقد قال سيمون أنهما تعودا الذهاب الى هناك".
ثم سألها قائلا:
" هل أنت عصبية؟ أقصد أن آرون سيحكم على لوحاتك؟".
أجابت بقلق:
" طبعا. أريد معرفة قراره , ومع ذلك أخشى سماعه".
وتنهدت... الواقع أن شعورها نحو لوحاتها لم يعد هاما , اذا قورن بمقابلاتها مع بول, ومع ذلك قالت:
" أنني أشعر بسعادة كبيرة, ولكن قلقي على ساندرا هو الشيء الوحيد الذي يحطم سعادتي".
أشعل بول سيكارة وتمتم قائلا:
" لا داعي للتركيز كثيرا على تلك الفتاة , من يدري قد يتضح أن الأمر كله ليس الا زوبعة في فنجان!".



أشعل بول سيكارة وتمتم قائلا:
" لا داعي للتركيز كثيرا على تلك الفتاة, من يدري قد يتضح أن الأمر كله ليس الا زوبعة في فنجان!".
ثم أستدار وفتح الباب الذي يؤدي الى غرفة الجلوس , ووقفت كارن وحدها قليلا في المطبخ , وأخذت تفكر, ترى ما الذي يدور في ذهن بول ؟ الواقع أنه لم يشر بأية كلمة الى المهزلة التي حدثت هذا الصباح , كما أنه لم يذكر روث, وعندما تذكرت محادثة لويس التلفونية الغريبة وعدم أكتراث بول بروث الآن , تصورت أن العالم أختل توازنه ... أن الأنسان هو الذي يصنع الأشياء , ولعل قلقها على ساندرا وأشتياقها الى بول أشاعا الحزن في نفسها, وهدأت من روعها وسارت الى غرفة الجلوس, كان بول وآرون يتحدثان سويا, ونظرا اليها عندما دخلت, فقالت وهي تحاول أن ترسم أبتسامة مرحة على وجهها:
" والآن, يا ساددتي , هل وصلتما الى قرار؟".
ابتسم آرون مشجعا وقال:
" نعم, ويسعدني أن أقول أن اللوحات أعجبتني, وأعتقد أنك أذا مضيت في طريقك على هذا النحو فستصبحين رسامة ممتازة ! واذا أستطعت رسم صور أخرى قبل الخريف , فأنني مستعد لعرضها في قاعة العرض الخاصة في شهر أكتوبر (تشرين الأول)".
شعرت كارن أن ذهنها قد تشتت تماما , فسألت بول:
" بول... لا أظن أنك تسخر مني؟".
هز بول رأسه مغتبطا. وابتسم آرون سعيدا, وأخيرا قال آرون:
" أنني سعيد جدا بهذه اللوحات... منذ متى ترسمين؟".
أجابت كارن بضعف وهي تنظر الى بول :
" منذ حوالي سنتين منذ هاتين السنتين اللتين كانتا طويلتين جدا".
وقال آرون:
" مدهش, أذا صدق رأيي فستجدين نفسك متفرغة لرسومك خلال عامين , هذا اذا أردت أن تتركي وظيفتك الحالية".
قالت كارن:
" رائع!".
وقال آرون مبتسما:
" أذن تعالي لمقابلتي في الأسبوع المقبل, هل تستطيعين الحضور يوم الأربعاء في الساعة الثانية عشرة في قاعة عرضي؟".
" مدهش ... أنني لا أستطيع التعبير عن شكري يا سيد برنارد".
" أنني رجل أعمال يا آنسة ستاسي , ولو كنت رساما, وأعنقد أن لوحاتك مريحة جدا , والسوق مزدهرة في الوقت الحاضر".
وانصرف آرون, والتفتت كارن الى بول وقالت وهي تبتسم :
" أنه لطيف جدا, أليس كذلك؟ شكرا يا بول ".
هز بول كتفيه وقال يداعبها:
" حسنا... ستكونين كارن ستاسي الفنانة!".
وترددت كارن لحظة ثم جرت نحوه وألقت بنفسها بين ذراعيه , والدموع تسيل على خديها وقالت:
" بول ماذا أستطيع أن أقول أو أفعل؟".
رد بول باقتضاب:
" كوني ناجحة فقط!".
ثم أبتعد عنها بلطف , ولم تفهم كارن... ولكنها شعرت بأصابع الوحدة الباردة تلمس قلبها ثانية, وتمتمت قائلة:
"هيا بنا... لا بد أن أمي تنتظرنا في قلق".
ووصلا الى منزل مادلين, وكانت واقفة أمام الباب , واتسعت عيناها في أنبهار وهي تجلس في السيارة الفارهة , كانت تحلم دائما بحياة رغيدة , أما كارن فقد شعرت بالسيادة وهي قريبة من بول, وقطعت أمها الصمت عندما سألت:
" في أي فندق تقيم ساندرا؟".
" في مكان أسمه بارن باول, وهو أقرب الى حانة منه الى فندق!".
صاحت مادلين:
" أوه... بول... هل تقيم ساندرا في مكان كهذا؟".
قال بول وهو ينظر الى كارن:
" كان سيمون يأخذ صديقاته الى هناك!".
قالت مادلين مستنكرة:
" لماذا يتصرف سيمون بمثل هذه الحماقة وهو رجل متزوج؟".
" لا تسألينني , فلست حارسه بقدر ما أنت حارسة ساندرا".
شعرت مادلين بالأهانة , وأخرجت كارن علبة سكائرها وأشعلت سيكارتين , وقدمت واحدة لبول, وأخذها بطريقة طبيعية كما كان يفعل دائما , كانت عادة مفضلة من سالف الأيام!
وأستغرقت الرحلة الى بارن باول حوالي ساعة, كانت الرياح عاصفة والجو باردا , ودخلوا المبنى من باب منخفض , واضطر بول الى أن يحني طهره , حتى يستطيع أن يمر منه , وظهرت أمرأة متقدمة في السن في مكتب الأستقبال وسألتهم:
" هل أستطيع أن أقدم لكم أية خدمة؟".
قال بول:
" أننا نبحث عن فتاة أسمها ساندرا ستاسي , وأعتقد أنها تقيم هنا".
بدت الدهشة على وجه المرأة وأجابت في أدب:
" لا توجد هنا فتاة بهذا الأسم".
ولم ينزعج بول وعاد يسألها:
" هل جاءت الى هنا فتاة شابة الليلة الماضية أو هذا الصباح؟".
ضاقت عينا المرأة وقالت:
" لقد جاءت فتاة وقالت أن أسمها الآنسة نيكولسون".
شهقت مادلين بصوت مسموع , وقالت المرأة وقد أنتابها الشك:
" هل هي في ورطة أم أنكم أصدقاؤها؟".
أجاب بول:
" أنها ليست في ورطة , هذه هي أمها وهذه أختها , وقد هربت من المنزل أمس وحضرنا لنأخذها!".
بدا الأرتياح على وجه المرأة , وسألتها مادلين في قلق:
"هل هي هنا, يجب أن أراها".
" نعم, أنها في غرفتها , سأذهب لأخبرها بوصولكم".
وقال بول:
" لا تزعجي نفسك أرجوك, فقط أرشدي أمها الى غرفتها لأنني أعتقد أنها تود أن تراها وحدها لدقيقة".
عبست المرأة وهزت كتفيها وقالت:
" حسنا, هل أفهم من هذا أن الآنسة نيكولسون ستدفع حسابها اليوم أيضا؟".
عض بول شفته وقال:
" لماذا؟".
" لقد غيَرت ملاءات السرير وأعددت وجبة خاصة".
" نستطيع أن نسوي هذا الأمر".
وهنا أبتسمت المرأة في أرتياح.
وتضايقت كارن من أستهتار أمها وعدم مراعاتها للناحية المالية, كانت متلهفة فقط على العثور على ساندرا , ستقول لها بالطبع أنها حمقاء , ثم تسامحها!




وقادت المرأة مادلين الى غرفة ساندرا, ثم عادت الى مكتب الأستقبال وـخذت تتحدث مع بول, وراحت كارن تتجول في غرفة الجلوس , وبعد قليل لحق بها بول وهو يعيد محفظة نقوده الى جيبه , واحمر وجهها خجلا, ولكنها حاولت أن تبتسم وقالت:
" أنه مكان لطيف".
رد بول بعنف:
" سيكون ألطف عندما نتركه وراءنا, وسوف نعود فورا الى لندن والى طبيب أعرفه".
" طبيب لساندرا؟".
" طبعا, أريد حل هذا اللغز, أنا شخصيا لا أعتقد أن ساندرا حامل, قد يكون هذا صحيحا بالطبع, ولكننا نستطيع التأكد بعد أن يفحصها ".
ضمت ساندرا يديها وقالت:
" أرجو أن تكون قد أختلقت القصة , رغم أن هذا شيء فظيع, ولكنه سوف يريحنا".
ابتسم بوب فجأة وكانت عيناه دافئتين وقال:
" نعم... واذا أتضح أن المسألة كلها كذب فسيكون لي كلام عنيف مع الآنسة ساندرا".
وارتجفت كارن وتدثرت بمعطفها , كان بول يبدو قويا مليئا بالحيوية في معطفه السميك وحلته القاتمة, بينما شعرت كارن بالضعف والضياع , ليتها تجرؤ وتبوح له بمشاعرها , ترى ماذا يقول عندئذ؟ هل سيذكرها بالتزاماته الأخرى, وبأن موعد زفافه يقترب بسرعة , وسألته فجأة:
" أخبرني , هل تناولت الغداء مع روث؟".
"لقد تناولت روث الغداء مع والديها , لماذا؟".
" كنت أتساءل اذا كانت قد أعترضت على حضورك معنا الى هنا".
نظر اليها بول مليا ثم قال:
"لا ... لم تعترض... أن رأي روث لا يهمني الآن!".
رددت كارن عبارته: لا يهمك! ولم تستطع أن تمنع قلبها من أن يقفز , وحملق بول في وجهها وشعرت بأنها تحترق أمام تعبيرات عينيه , ترى ما معنى كل هذا؟ وماذا يقصد؟".
وسمعت وقع أقدام في القاعة , ووصلت ساندرا الى غرفة الجلوس وتبعتها مادلين والدموع في عينيها , كان غضبها عنيفا وشبابها متحديا.
وقال بول:
" أهلا يا ساندرا , يا لها من مفاجأة سارة!".
تحول وجه ساندرا الى لون قرمزي وقالت ببرود:
" لا تثير ضحكي. ما هذا ؟ رحلة مدرسة الأحد؟".
أجاب بول بابتسامة تحول حول فمه:
" لا ... أنها فرقة أنقاذ! ألست سعيدة برؤيتنا يا عزيزتي؟".
قالت ساندرا بمرارة:
"لا داعي لأن أرد على هذا السؤال".
قال بول وقد اختفت ابتسامته:
" صحيح؟ يا لك من فتاة متعبة! هيا أين حقيبة ملابسك؟".
قالت مادلين بصوت ضعيف:
" في القاعة".
وخرجوا .... كانت السيارة دافئة, وشعرت ساندرا بالدفء والراحة بعد غرفتها الباردة وسريرها الصلب, وفي الطريق قال بول بجرأة:
" أنت حامل أذن يا ساندرا؟".
كان واضحا أنها لم تكن تتوقع مثل هذا الهجوم السافر , فقالت في تحد:
" نعم".
" هل أنت متأكدة؟".
عضت كارن شفتها ونظرت الى وجه أختها القرمزي , وأجابت ساندرا ببرود:
" بالطبع متأكدة , أن للنساء طرقهن الخاصة في معرفة هذه الأشياء كما تعلم , وأنا لست طفلة".
ووافق بول برقة قائلا:
" وأنا واثق أنك لست طفلة , أن الطفلة لا تستطيع أن تضع مثل هذه الخطة المعقدة, يهمني أن أعرف , في أية حال , كيف وصلت الى هنا".
" لقد حضرت الليلة الماضية بعد أن طلبت من سيارة لوري أن توصلني".
صاحت مادلين:
" يا ألهي, كان يمكن أن يغتصبوك أو يقتلوك أيتها الطفلة الحمقاء!".
ردت ساندرا بوقاحة:
"لست طفلة , أنكم لا تفهمون أبدا, لا أحد منكم يفهم!".
رد بول بسرعة:
" ولا أنت تفهمين يا ساندرا, أنك في حالة بائسة يا فتاتي الصغيرة".
" كيف تقول هذا؟ أنني أحب سيمون , هل هناك شيء أبسط من هذا؟".
رد بول بقسوة:
" كان يمكن أن يكون الوضع أبسط لو أن سيمون يحبك, هل يهمك أن تسمعي ما قاله لي هذا الصباح , عندما أعطاني عنوانك؟".
شهقت قائلة:
" هل أعطاك عنواني؟ كيف يفعل هذا؟".
عندئذ صاحت كارن بنفاذ صبر:
" وكيف تعتقدين أننا عرفنا مكانك؟".
ردت ساندرا في وجوم:
" صحيح... حسنا ماذا قال لك يا بول؟".
" لقد رجاني أن أحضر الى هنا لأخبرك أن علاقته معك قد أنتهت , ألا تعتقدين أنه كان يتعين عليه الحضور بنفسه اذا كان يحبك حقا؟".
بدت ساندرا أقل ثقة بنفسها , وصاحت بصوت حاد:
" سوف يطلق زوجته".
قال بول ببرود:
" لا أعتقد هذا, أن سيمون لا يعتزم أن يتزوجك , هل تستطيعين أن تتصووريه وع زوجة وطفل بلا عمل, أنني بالتأكيد لن أساعده".
أ؟نفجرت ساندرا بالبكاء وصاحت بمرارة:
" يا لك من أخ".
هز بول كتفيه وقال:
" مهما أكون فأن هذا خارج الموضوع , لقد أستمتع بصحبتك وهو في العادة يحب الفتاة ثم يتركها , فلا تلومي الا نفسك".
وهنا بكت ساندرا بطريقة تثير الرثاء.

" ولكن الطفل, أنه طفل سيمون ... ويجب أن يتزوجني".
سألها بول بلا حرج:
" وهل هذا هو السبب الذي جعلك تختلقين القصة؟ لترغمي سيمون على أن يتزوجك؟".
صاحت ساندرا:
" أختلق القصة؟".
وبدا عليها الوهن الشديد, وبدأت تصدق أنها حامل فعلا, وأخيرا قالت:
" أنك لا تصدقني يا بول... لقد كنت دائما أحبك , فكيف تكون بهذه القسوة؟".
" ساندرا ... لقد قلت أنك لست طفلة , حسنا ... أذن يجب أن نعاملك كفتاة ناضجة , وباعتبارك فتاة ناضجة أقول أنني لا أعتقد أنك حامل, وأستطيع في الواقع أن أذهب الى حد المراهنة على ذلك".
بدأت مادلين تبكي... وشعرت كارن برغبة في الضحك! يا لها من أسرة عجيبة , أسرة ستاسي هذه؟
وأصرت ساندرا قائلة:
" أنني حامل حقيقة".
رد بول بسرعة:
" أذن دعينا نذهب رأسا الى طبيبي ونتأكد من هذا".
ولاحظت كارن أنه يبدو مشمئزا الآن, وتساءلت جادة عما اذا كانت ساندرا كاذبة!
كان واضحا من وده ساندرا أنها لم تكن تتوقع طرح هذا الموضوع, فقالت:
" طبيب! لست في حاجة الى أن يفحصني طبيب!".
" ولكنني أريد التأكد , أذا كنت تقولين الصدق, فليس هناك ما تخافين منه!".
أجهشت ساندرا بالبكاء , وقالت:
" أنكم جميعا ضدي , حتى سيمون ضدي, لقد سافر الى نوتنغهام , ولم يفكر في الكتابة الي وكان لا بد أن أفعل شيئا!".
ثم أختنق صوتها .
وشعرت كارن بالغثيان , بدا واضحا أن ساندرا كاذبة, وظلت مادلين صامتة لحظة ثم قالت:
" أيتها الفتاة الشريرة! كيف تجرؤين على هذا الكذب؟ لقد كدت تقتلينني".
بكت ساندرا وقالت متجاهلة أمها:
" أنني أحب سيمون , أحبه... ألا يهتم أحد منكم بشعوري؟".
ففاجأها بول بقوله:
" كلنا نهتم بما يحدث لك, أحمدي الله أنك بخير".
شعر بول بالأرتياح , وقالت كارن غاضبة:
" أنك لا تستطيعين الحصول على كل ما تريدين بالخداع والكذب يا ساندرا, أنك تثيرين أشمئزازي , ألا تفكرين في أحد الا نفسك".
ولم ترد ساندرا , وأخرجت كارن سيكارتين وأشعلتهما , وناولت بول سيكارة , لقد مرت الأزمة وبدأت الآن تخشى النهاية , وظلت ساندرا تبكي طوال الطريق حتى وصلوا الى بيت أمها , ودخلوا جميعا, وألقت ساندرا بمعطفها على وقعد , وحاولت الصعود الى غرفتها ولكن بول أمسك بذراعها وقال بحسم:
" أريد أن أتحدث معك يا فتاتي الصغيرة , تعالي معي".
ودخل معها الى غرفة الجلوس وأغلق الباب تاركا مادلين وكارن في القاعة, وأرادت مادلين أن تفتح الباب , ولكن كارن هزت رأسها وأوقفتها, وفي غرفة الجلوس أستمعت ساندرا الى صوت بول الصارم , وهو يشرح لها كيف أهانت أمها , وكيف أثارت قلق الجميع , ولم يشر الى سيمون , لعله كان على حق , وفي هذه اللحظة بدا سيمون مختلفا تماما عن الرفيق اللطيف الذي عرفته وتصورت أنها أحبته , وبعد ذلك , تركها تذهب الى غرفتها لتغير ملابسها .
وقابل بول كارن في القاعة فابتسمت له وقالت:
" شكرا على كل شيء".
رد برقة:
" والآن هل تأتين معي؟".
فترددت كارن وقالت:
" أن أمي لا تزال مضطربة ".
" ما رأيك أذن في أن نتناول العشاء معا؟".
وتذكرت كارن موعدها مع لويس فقالت:
" لا بد أن أقابل لويس في الساعة السابعة والنصف".
وتصلب وجه بول وتمتم:
"صحيح... سأنصرف أذن!".
حاولت كارن أن تشرح له الوضع , فقالت:
" لا بد أن أذهب الى المكتب وأقابله هناك, في أية حال لن أتغيب كثيرا".
وتردد بول, كان يريد تصديقها فقال:
" وهو كذلك, ما رأيك في أن تأتي الى شقتي بعد مقابلة مارتن , نستطيع أن نتناول العشاء هناك اذا شئت".
ذهلت كارن... لا يمكن أن يكون هذا صحيحا, لقد طلب منها بول أن تذهب الى شقته وتتناول العشاء معه, معنى هذا أنه لم يعد يهتم بروث , ولكن لماذا؟ ماذا حدث؟
همست كارن قائلة:
" مدهش!".
وقبلها وانصرف, وتسمرت كارن في مكانها , هل يمكن أن يكون هذا حقيقة... أنه ليس حلما بالتأكيد , كم تمنت أن يكون حقيقة, لقد بدأت الأمور تستقر أخيرا, فقد عادت ساندرا الى بيتها , ولم تعد تتعرض لأي جطر من سيمون , واذا عادت هي الى بول , فأن ساندرا ستجد فيه المرشد الذي تحتاج أليه , كما أن مادلين ستسعر بالسعادة لأسباب مالية بالطبع, أما بالنسبة الى كارن, فأن بول نفسه هو الذي تريده , الآن ودائما.
وعادت كارن الى شقتها سيرا على الأقدام , استمتعت بهواء الليل البارد يلمس وجهها , كان المساء صافيا تنيره النجوم, وشعرت بحيويتها القديمة تعود اليها , سترى بول الليلة ثانية , وهو الذي طلب منها ذلك ... أرتدت ثوبا من القطيفة الحمراء الداكنة وفوقه معطفها الموهير الواسع, وبدت سعيدة متألقة!
كانت مكاتب شركة لويس مارتن للنسيج تغرق في الظلام فيما عدا الضوء الوحيد في أعلى المبنى, حيث يقع مكتب لويس, وشعرت كارن بسعادتها تخبو قليلا وهي تدخل المبنى , وانتابها أحساس بالخوف! وأستقلت المصعد الى مكتبه , وطرقت الباب ودخلت فوجدت لويس جالسا أمام مكتبه , ولاحظت أنه يبدو متوترا مرهقا , وتساءلت : ترى ما الذي يضايقه ؟ وشعرت بشيء من عدم الأرتياح في حضرته, وعند دخولها نهض واقفا . وأخذ ينظر اليها بعينين نفاذتين .


برنس وصاب 09-23-15 04:51 PM

وقال لويس وهو يحاول الأبتسام:
" أهلا يا كارن ... أجلسي أرجوك".
وجلست على الكرسي المنخفض أمامه , وجلس لويس أيضا وراقبها وهي تشعل سيكارة ,, وشعرت بضيق عندما وجدت أصابعها ترتجف, ولاحظ لويس ذلك فسألها:
" هل تشعرين ببرد؟".
قالت بابتسامة مغتصبة:
" كلا".
" عصبية اذن؟".
وكانت السخرية واضحة في عبارته , فردت قائلة:
" لماذا أشعر بالعصبية معك يا لويس؟".
هز كتفيه قائلا:
" صحيح لماذا؟ أنك تعرفين يا كارن أنني لا أريد الا مصلحتك, وقد كنت دائما صديقا طيبا لك".
عضت كارن شفتها , ترى ا الذي يريد أن يقوله؟ وقالت:
"نعم يا لويس... أظن ذلك".
" تظنين؟ ماذا تقصدين بهذه الملاحظة ؟".
وضاقت عيناه ... وتمنت كارن لو أنها لم تنطق بتلك العبارة, والحقيقة أنها أرادت أن تصفي موضوع لويس, وما أبلغه لبول من أنهما كانا عاشقين فلا بد أن يكون هناك تفسير لذلك , ولكنها عدلت, فلم يكن المكان ولا الزمان مناسبين لمناقشة هذا الموضوع الحساس.
وقالت له:
"لا تستشف أي شيء من ملاحظتي يا لويس , لقد كانت عبارة بريئة تماما".
تردد لويس لحظة ثم نهض واقفا وقال:
" أنني مسرور جدا لأنك حضرت يا كارن".
" ماذا تريد أن تقول أذن؟".
" لقد أردت في الواقع التحدث معك, لم أجد فرصة في هذه الأيام الأخيرة فأنت مشغولة دائما".
عبست كارن وقالت:
" كنت أساعد ساندرا للخروج من مشكلتها مع سيمون فريزر , اذا كنت تقصد ذلك. آسفة أذا تصورت أنني أهملت عملي".
رد بابتسامة فاترة:
" لقد أشرت الى العمل مع أنني لم أذكر ذلك, لقد كنا صديقين حميمين يا كارن, وفي الأيام الأخيرة شعرت أنك لا تريدين رؤيتي على الأطلاق ! ولا تأتين الى المكتب الا نادرا!".
أعترضت كارن بقولها:
" هذا غير صحيح , أننا لم نكن صديقين حميمين , كنت تعرف أننا لا نستطيع أن نكون أكثر من مجرد صديقين".
ظهر بريق غريب في عيني لويس وقال:
" صديقان ... وهل بول فريزر صديق لك الآن؟".
تضايقت من موقفه , ومع ذلك خافت أن تعاديه وهو في هذه الحالة فقالت:
" أنا وبول ... هذا أمر من شأننا وحدنا ".
" لعلك تعرفين الآن أنه فسخ خطبته لروث".
وهنا حاولت كارن أن تحتوي سعادتها , معنى هذا أن بول حر... ولكن لا بد أن السعادة بدت على وجهها , فقد نظر اليها لويس والشرر في عينيه, وأخيرا قالت:
" لم أكن أعرف ذلك, وكيف عرفت أنت؟".
" لقد تناولت الغداء مع روث اليوم!".
" ولكن روث لا تعرفك!".
" نعم, ولكنها اتصلت بي تلفونيا أنها تعرف شعوري نحوك, وتصورت أن كلا منا يستطيع مساعدة الآخر, أنها لا تزال تريد بول بقدر ما أريدك!".
" أنك تعرف جيدا أنني لا أستطيع أن أتزوجك مهما حدث".
" هذا غير صحيح, قبل ظهور فريزر نشأت بيننا علاقة كان يمكن أن تنتهي بالزواج!".
" لا يمكن أن أتزوجك يا لويس , وسوف أترك العمل في شركتك".
رد بصوت أجش:
" لا تحسبي أن في وسعك تنحيتي جانبا وكأنني حذاء قديم, لقد قدمت لك الكثير... قدمت منزلا وعملا , وأهم من ذلك أنني أحببتك".
" ولكن لا يمكن أن نتزوج , لست من طرازي ولست من طرازك".
" أن فريزر يريد أن يحطم حياتك مرة أخخرى".
"لماذا أذن فسخ خطبته لروث؟".
" لعله تعب منها أيضا".
أحنت كارن رأسها , كان في كلمات لويس شيء من المنطق .
وأخيرا قالت بوضوح:
" مهما كان قراري فهو يخصني وحدي يا لويس , ولن أغير موقفي نحوك... لا يمكن أن أتزوجك فأنت أكبر مني بكثير".
أمتقع وجه لويس وقال:
" لم اكن أكبر منك بكثير عندما جاء أسمي في قضية الطلاق, لقد كنت موضع أستغلالك يا كارن, وأنت لا تستطيعين نكران هذا".
" ولكنك رفضت أن أدافع عن نفسي , كنت تعرف جيدا أنني بريئة , وأستطيع أثبات براءتي, لقد قضيت ليلة في شقتي يا لويس لأن الوقت تأخر والضباب كان كثيفا, ونمت تلك الليلة في غرفة وحدك, فكيف عرف بول؟".
" كان يريد الطلاق , وكان له مخبروه".
" وكيف عرف بول أنك قضيت تلك الليلة بالذات في شقتي ؟ لا بد أنك خططت لكل شيء!".
أقترب منها وقال:
" ألا ترين أنني أريد مصلحتك؟ أنني الشخص الوحيد الذي يحبك الى حد الجنون!".
" يجب أن أنصرف".
" لا تنظري اليَ باحتقار يا كارن, هذا البول فريزر , لقد كان آفة حياتي!".
" يجب أن تعرف أنني أحب بول وسأحبه دائما؟".
عندئذ أمسكها من كتفها و قال:
" لقد أعتقد بول في يوم ما أنك عشيقتي , ماذا سيكون رد فعله اذا أكتشف أنك عشيقتي الآن؟".
سألته بأنفاس متقطعة :
" ماذا تقصد؟".
" أنك تعرفين ماذا أقصد, نحن وحدنا الآن , ماذا يمنعني من....".
صاحت في هلع:
" أنك مجنون شرير!".
وحاولت أن تتخلص من قبضته , ووقع نظرها على ثقالة الورق فوق المكتب , هل تضربه بها فوق رأسه؟ لا ... لعل لويس يريد أن يخيفها فقط.
وفجأة تركها واتجه نحو الباب, وأدار المفتاح في القفل, وعندئذ أمسكت بثقالة الورق وألقت بها على النافذة خلفها, ودوى صوت تحطيم الزجاج ثم ساد الصمت.
ووقف لويس مذهولا ثم أنفجر غاضبا:
" أيتها المخربة الحمقاء!".
" تتحدث عن التخريب , ألم تخرب أشياء كثيرة في حياتي , ألم تحطم زواجي مثلا؟".
وفجأة سمعا طرقا على الباب, وعبس لويس بينما شعرت كارن بشيء من الأرتياح , ثم سمعت صوت بول يقول:
" مارتن... أفتح الباب , أريد أن أتحدث اليك".
صاحت كارن:
" بول... أنا هنا".
واشتد الطرق , واضطر لويس الى فتح الباب , ودخل بول ونظر الى لويس والشرر يتطاير من عينيه , ثم سأل كارن:
" هل أنت بخير؟".
أومأت برأسها وهي تحاول أن تمنع شفتيها من الرعشة ... وتفرَس بول في وجه لويس وقال بشراسة:
" لو أنك أذيتها لقتلتك!".
رد لويس ببرود:
" أنني لم ألمسها , لا الآن ولا في أي وقت , لم أغتصب أمرأة في حياتي ... خذ أمرأتك يا فريزر , وأخرجا من هنا, أنني لا أريد أن أراكما ثانية".
طلب بول من كارن الخروج , فسارت نحو المصعد وهي ترتجف قليلا , وبعد لحظة سمعت صوت صفعة ولكمة , وعندما لحق بها بول نظرت اليه مستفسرة , فابتسم بخبث وقال :
" لقد فعلت شيئا كنت أتمنى أن أفعله منذ مدة طويلة , والآن هيا نعود الى شقتي!".
وشعرت بدفء الشقة يرحب بها... ووجدت مائدة معدة لأثنين , وتمتمت قائلة:
" لا تتصور مدى سعادتي بأن أكون هنا معك يا بول!".
فضغط برقة عللا يديها , وجلست كارن على مقعد وسألته:
" ما الذي جعلك تذهب الى المكتب في تلك اللحظة الحاسمة؟".
" لقد تلقيت مكالمة تلفونية من روث عندما عدت الى شقتي , وأبلغتني أنك ستقابلين مارتن في تلك الساعة, تناولت معه الغداء ولاحظت أنه في حالة غير طبيعية , كانت تأمل أن يقنعك بأن تتزوجيه , حتى لا أفكر فيك أبدا بعد ذلك!".
" أنت تفكر في يا بول؟ هل أنت جاد؟".
أجاب وهو ينظر اليها في حنان:
" أنني أحبك يا كارن . ولم أتوقف لحظة عن حبك , ويجب أن تتزوجيني ثانية ".
قالت كارن:
" أكمل ما كنت تقوله يا حبيبي, أريد أن أعرف .
تنهد بول وقال:
"عندما قابلت روث لويس لاحظت أنه غير طبيعي , فقررت الأتصال بي تلفونيا لتخبرني أنه قال بأنه ينوي تسوية كل شيء معك الليلة, وأنتابني القلق , وقررت الذهاب الى المكتب , وعندما وصلت, سمعت صوت زجاج يكسر , وعندما فتح لويس الباب ورأيتك واقفة شاحبة خائفة كدت أقتله!".
" أوه يا بول... أنني أرثى لحاله".
" لماذا؟ لقد بذل كل ما في وسعه ليحطم حياتنا".
" ولكن كيف صدقت يا بول أنه يمكن أن تكون لي علاقة مع رجل مثله؟".
عبس بول وقال:
" أنك لا تعرفين حقيقة ما حدث يا كارن , لقد قابلني مارتن قبل الطلاق, وأخبرني أنكما عاشقان , وأنك تريدين الطلاق ولا تريدين مقابلتي! فصدقته, فلم يكن هناك ما يجعلني أشك في كلامه , خاصة أنك لم تحاولي مقابلتي بعد أن تركت البيت".
" أن لويس هو الذي نصحني بعدم مقابلتك".
" لقد قلت له أنني أحتاج الى دليل حاسم على خيانتك , فقدم لي تفاصيل ليلة زعم أنه سيقضيها معك في شقتك , فأستأجرت مخبرا خاصا ليتأكد من كل شيء رسميا , وقال المخبر أن لويس قضى الليلة في شقتك, وصدقته بالطبع!".
بلعت كارن ريقها بصعوبة, وشعرت بالألم يعتصر قلبها لأن لويس تعمد تحطيم حياتها ولم يفكر الا في نفسه فقط! وقالت:
" لقد قضى الليلة في شقتي , لأنه قال أن الوقت متأخر والضباب كثيف, ونام في غرفة منفصلة , صدقني يا بول".
ابتسم لها وقال برقة:
" أنني أصدقك , وأدرك الآن كيف يسهل خداع أي أنسان!".
وهمست كارن:
" الحمدلله , لم أكن أريد البعد عنك , لو أنك قلت لي أنك تريدني لعدت اليك جريا!".
" والآن؟".
" هذا يتوقف عليك... هل تحتمل عودتي؟".
" بل لا أحتمل بعدك".
" ومتى نستخرج ترخيص الزواج؟".
وتاه الرد في عناق حار تاقت مشاعرهما اليه منذ مدة طويلة.
تمت

برنس وصاب 09-23-15 04:51 PM

الخداع البرئ . ( كتابة )

الملخص ...

كانت منيرفا يائسه .........حتى انها قبلت عملا لا يمت لعملها بصله ،لمجرد ان تكون بعيده عن لندن .......وعن الذكريات،لكن قدرها رماها بما هواسوأبكثير من المأساه التى حلت بها ........انه سيد المزرعه كاره النساء ....... ماركوس اوكيف ، الذى اذاقها بعجرفته واذلاله لها طعم الحب المر.فألى متى تبقى اسيره هذا الحب، وقد ثبت ان هناك الكثير من النساء فى حياته ليس اولهن الصغيره الشابه لويزا ولا ستكون اخرهن الرائعه المدمره انيتا

برنس وصاب 09-23-15 04:52 PM


1-عاطفه متبادله

منذ وفاه غاى هايز فى حادث تحطم طائرته الخاصه الخفيفه اصبحت حياه منيرفا فالارين لا معنى لها، واكملت واجباتها دون حماس..... كانت لا تزال تتصوره بشعره الرملى اللون المسترسل على جبهته بعناد ، وكانت للذكرى قوه التسبب بالالم.........
عليها ان تبتعد الان........لسبب بسيط لم تعد تستطيع تحمل ملاحقه الماضى لها ....... لطالما حاولت مواجهه الواقع والتغلب على الالم ..لكن ، هناك الكثير فى مكاتب الشركه هذه مما يذكرها بالسعاده التى تشاركا فيها ، والخطط التى وضعاها معا للمستقبل .
كان مكتب مدير شؤون الموظفين السيد غرايتنغ مفتوحا مع ذلك من التوقع ان تطرق منيرفا قبل الدخول
-تفضلى بالدخول انسه فالارين واقفلى الباب خلفك
ابعد السيد غرايتنغ الاوراق من امامه ينظر الى الفتاه الطويله النحيله الشابه امامه كان يعرف بخطبه منيرفا للمهندس الشاب غاى هايز ،وويعرف كذلك مدى التعاسه المختبئه وراء هذا المظهر المتصلب وقال لها بصوته الهادئ الملئ بالسلطه:
-لقد استلمت استقالتك ...ومن المفروض بى ان اطلب مك اعاده النظر
عيناها االوزيتان المؤطرتان بأطار من ذهب لم تتحركا.
-انا اسفه سيد جرايتنغ ... لكننى اتخذت قرارى.
-اعتقد انك فكرت مليا بالامر؟
-لقد فعلت سيدى.
-هل وجدت لنفسك عملا اخر؟
-ليس بعد لكن لدى بعض المال المدخر ،وافكر بقضاء بضعه اسابيع مع شقيقتى فى شالكوت ،قبل ان اقرر شيئا للمستقبل ... غلى اى حال لا اريد اى عمل يذكرنى بالماضى.
قطب السيد غرايتنغ ينظر الى طاولته.
-لست تواقا ابدا لخساره خدماتك انسه فالارين ...لكن ارجو ان تفكرى بالعرض الذى اقدمه لك ... شقيقتى ايفورى اوكيف وقعت وكسرت وركها منذ اسبوعين وستخرج من المستشفى لتعود الى منزلها شريطه ان ةيكون هناك من يعتنى بهاانها تعيش فى مزرعه فى ضواحى كونترفيرى الريفيه..... وهذا ما قد يعطيك فرصه للابتعاد كثيرا عن لندن وليس امامك سواها للعنايه بها وسيكون امامك وقت كبير لمشاهده مناظر ميلاند كما انها وظيفه تبعدك عن التفكير بعملك .
ما يعرضه السيد غرايتنج يبدوا مغريا ... لكنه قد يوصل خططها الى حاله تشوش كامل وهنا اجابت:
-لست ادرى...... كيف افكر...
-فكرى اكثر واعطنى ردك فى الغد اذا وافقت ساحررك من واجباتك هنا خلال اسبوع على اقصى حد واعطيك اجازه مفتوحه دون راتب ......على امل ان تفكرى بأستقالتك وانت فى ((وندشلتر))
-وندشلتر؟
-انه اسم مزرعه ابن اخى وهى مزرعه واسعه مثل معظم المزارع فى سهل ميدلاند واذا لم تذهبى الى هناك من قبل فستجديها منطقه مثيره للاهتمام هل اعتمد عليك فى التفكير بجديه فى عرضى؟
ترددت منيرفا قليلا لكن لا ضير بالتفكير بالعمل المعروض عليها ثم انه قد يشكل سلوانا لها عن حاضرها وماضيها...
وهزت رأسها:
-اجل سيد غاريتنغ سافكر بالامر
-جيد تعالى لرؤيتى فى الغوازن
وجذب اوراقه نحوه دليل انتهاء المقابله

فى شقتها المفروشه المؤجره المطله على الهايد بارك امضت منيرفا ليله قلقه محاوله تقرير ما ستفعل كانت قد صممت سابقا ان تترك العمل فى شركه الهندسه وربما لندن كلها لكنا لم تفكر من قبل فى وظيفه ممرضه خاصه فى مزرعه ريفيه حقيقيه لن تفكر ان الامر مغرى لكن العمل هذا قد يتطلب منها مهارات محدده خاصه وهى ليست متأكده انها قادره على تنفيذ هذه المهارات.
تحركت الامور بسرعه بعد ابلاغ السيد غرايتنغ رغبتها فى قبول العمل الذى عرضه عليها وستترك العمل فى الشركه فى نهايه الاسبوع لتسافر رأسا الى ((وندشلتر)) بمرتب يفوق على ما كانت تتقاضاه كسكرتيره ورتب السيد غرايتنغ كل شئ لها حتى انها لم يعد امامها سوى دفع ايجار شقتها لبضعه اشهر مقدما وتحضر نفسها الى رحله كونترفيرى.
كما اقترح السيد غرايتنغ غادرت منيرفا بسيارته متجهه شمالا حيث توقفت نصف الصباح لتناولفطار سريع على الطريق الرئيسى خارج بلده لوتن ثم اكملت طريقها باتجاه بدفورد ...لم تكن قد سافرت على هذه الطريق من قبل والريف سحرها خاصه حين دخلت السهل الممتد حتى كونترفيرى
توقفت فى محطه وقود خارج كونترفيرى لتعبئه الوقود وغسل وجهها فى الحمام وبعد القيام بالاسئله المطلوبه قادت سيارتها خارج المدينه رأسا ......ولم يعد امامها سوى الوصول الى المستشفى ومقابله الدكتور براوننغ المشرف على علاج السيده اوكيف ومن ثم مقابله مريضتها وابنها ماركوس
لم تستطع منيرفا ابدا ان تحدد ما كانت مشاعرها حين فتح الدكتور براوننغ باب الغرفه واشار لها ان تتقدمه ...ففى مقعد متحرك قرب السرير وجدت امرأه رماديه الشعر والفضول ينعكس من عينيها الرماديتين ......لكن الرجل المتكئ على الجدار قرب النافذه هو من جذب اهتمام منيرفا للحظات توقف القلب.....
منيرفا كانت طويله لكن هذا الرجل كان اطول منها بكثير له شعر اسود مسرح للخلف من جبهه عريضه ...فكه مربع العظم فى بنيته العزم والتصميم .....كتفاه القويان العريضان يعلوان خصرا نحيلا وساقين ممتلئين ملفوفين ببنطلون رمادى يعلوه قميص حريرى فاخر على اى حال لم يكن مظهره الجسدى هو الذى جعلها تحس وكأن الهواء قد ضغط ليخرج من رئتيها لكن السبب كان تلك العينان الزرقاوان العميقتان وهمما تتجولان عليها بهدوء من رأسها الى قدميها الى ان احست انهما تعريانها بهدوء وثقه ،كانتا جزءا لا يتجزأ من طبيعته
- من هذه بحق الشيطان؟
صوته الراعد العميق لم يرجف اعصابها وحسب بل حرك فيها نفورا عدائيا جعلها تتصلب كراهيه ........وتدخل الدكتور فورا:
-هذه الانسه منيرفا فالارين ...ارسلها للعنايه بأمك خالك السيد غرايتنغ ولا شك عندى انها ستعتنى جيدا بالسيده اوكيف
دفع ماركوس اوكيف نفسه بعيدا عن الجدار ليقلل المسافه بينهما....عرضه وطول الهائلان دفعا منيرفا الى ان تتمنى نفسها فى اى مكان اخر فى تلك اللحظه
-كنت اظن ان خالى سيرسل لنا ممرضه كبيره فى السن
ونقل نظرته الشرسه الى الدكتور براوننغ........ لكن منيرفا سارعت لترد:
-انا واثقه ان خالك لم يذكر مسأله العمر هذه
رد بصوت مرتفع حاد :
-انت محقه تماما ؛فلو فعل لما كنت هنا الان اؤكد لك هذا
تدخلت ايفورى اوكيف
-والان ماركوس لا تصدرهذا الضجيج فانا واثقه ان الانسه متعبه بعد سفرها الطويل ولايزال امامنا حوالى الساعه للوصول الى المزرعه
ساد صمت متوتر على الغرفه ثم رفع ماركوس قامته ونظر الى الرجل الواقف الى جلنب منيرفا وقال بحده:
-قبل ان تعود الى المستشفى اريد التحدث معك على حده دكترو براوننغ
-بكل تأيد سيد اوكيف
واحست منيرفا بأرتياح كامل حين اصبحت لوحدها مه السيده اوكيف التى اعتذرت لها بضحكه براقه:
-لا تهتمى بابنى انسه فالارين .... ماركوس فظ احيانا لكن مثل هذا المزاج نادرا ما يدوم طويلا
لم تكن منيرفا ساعتها مهتمه كثيرا بما سيؤل اليه مستقبلها لو رفض ان تعمل لدى امه....فقالت لها:
-انا اسفه اذا لم اكن ماكنتم تتوقعون سيده اوكيف
-لا تكونى سخيفه عزيزتى انا واثقه اننا سنتفق تماما ولاكون صادقه انا مسروره جدا لان اخى ارسلك بدلا من امرأه متجهمه مسنه فما كنت ساتحملها
ابتسمت منيرفا :
-السيد غرليتنغ مرعب احيانا لكنه رقيق ومتفهم
-اعرف وانا ممتنه لتفكيره بارسال شخص مثلك
انتهى حديثهما فجأه بعوده ماركوس اوكيف
-جاهزه يأمى؟
-كنت جاهزه منذ زمن
-هناك شئ واحد اريد توضيحه انسه فالارين قبل ان نغادر المستشفى اقامتك معنا ستكون لغرض واحد هو تقديم العون لوالدتى ورعايتها واذا كانت لديك ايه فكره ان تقبلى وجودك هنا الى نوع من العطله فالافضل لاكى العوده من حيث جئت والان
-مارك....
رد على امه بلهجه امره:
-لاتتدخلى امى....فانا من سيدفع مرتبها ....ولى الحق فى وضع بعض الشروط
حل صمت غاضب متوتر قالت بعده منيرفا بقدر ما استطاعت ان تجمع من كبرياء:
انا افهم تماما سيد اوكيف لاننى لست معتاده على اخذ عطلات على حساب احد انا هنا لاعمل وهذا بالضبط ما سأفعله
هز رأسه باختصار ثم تناول حقيبه امه وترك لمنيرفا مهمه دفع الكرسى المتحرك .بعد قليل برز الثلاثه صامتين الى الخارج واتجهوا الى سياره نصف شاحنه مغبره موحله متوقفه فى مكان قريب حيث رفع ماركوس والدته لينقلها من الكرسى الى السياره ثم طوى الكرسى ووضعه فى المؤخره وسأل:
-اين هى سيارتك؟الحقى بى وقوديها بسرعه ليس لدى النهار كله
ما ان غادر المدينه حتى قاد ماركوس السياره بسرعه هائله......ولكن منيرفا تمكنت من متابعته ......لكن ما ان استدار ال طريق ترابيه حتى اضطر الى التأخير وراءه كى لا تختنق من التراب والغبار عشر دقائق بعد كانت لاتزال تتسائل ما اذا كان لهذا التراب من اخر لكن سرعان ما وجدت نفسها تلحق بالشاحنه الصغيره تحت باب مقنطر واسم ((ويندشلتر)) مكتوب بحروف سوداء كبيره على لوحه بيضاء
اوقف ماركوس اوكيف سيارته فى ممر مرصوف امام المنزل بينما تركت سيارتها الاوستن تحت شجره قريبه ثم نزلت لتسرع نحو الشاحنه لتعرض المساعده لكن رجلا وامرأه وصلا قبلها الى هناك ومن تعابير وجهها ادركت انهما مسروران بعوده ربه المنزل اليه,...... ونقلت الكرسى المتحرك بسرعه من صندوق السياره ثم وضعت السيده عليها وانتقلت الى الشرفه
قالت السيده اوكيف حين وصلت منيرفا الى الشرفه :
-دعينى اعرفك هذه تريس الطباخه وهذه مارى التى تشرف على المنزل وما تحتاج ليه وهذا كوبر يد ماركوس اليمنى فى المزرعه عاده يستطيع القيام بكل ما يلزم فى المزرعه والبيت...
التفتت ايفورى الى خدمها المخلصين بأبتسامه:
-اريدكم ان تلتقوا بلانسه منيرفا فالارين وهى من ستعتنى بى خلال فتره نقاهتى
كانت تريس اسمن المرأتين اول من ردت:
-تشرفنا سيدتى
وحذا الاثنان حذوها ....وقال ماركوس:
-لو اعطيت مفاتيح سيارتك لكوبر لاوقفها لكى فى الجراج اذهبى مارى مع كوبر وخذى حقائب الانسه الى غرفتها
اعطت منيرفا المفاتيح لكوبر ثم استدارت لتلحق بماركوس الذى سار امامها الى الداخل وكادت عيناها تبرزان من محجريهما لما رأته من الداخل ولكنها بصعوبه كبيره سيطرت على تعابير وجهها فوق رأسها ومن السقف المرتفع كانت الثريات الكريستاليه تتدلى........تحت قدميها وفوق الارضيه المكسوه بالخشب اللماع كانت السجاجيد الفارسيه تنتشر حيثما كانت تنظر تلمح لمعان الخشب العتيق للأثريات الرائعه وقادها ماركوس الى مابعد اول مصطبه للسلم نحو غرفه نوم فيها حمام ملحق بها وهناك كذلك كان الخشب اللامع والسجاد الفاخر تحت قدميها وسمعته يقول لامه :
-حضرت لكى جناح الضيوف يامى امل ان تجدى فيها الراحه الى ان تتمكنى من العوده الى غرفتك
-تفكير صائب منك ماركوس اوه كم رائع العوده الى المنزل ثانيه
-اهناك شئ اخر قد تحتاجينه قبل ان اتركك؟
-لا يا عزيزى لكن بأمكانك الطلب الى تريس ان تحضر وجبه خفيفه للانسه فالارين
-ليس ضروريا سيده اوكيف
لكن السيده المسنه اشارت اليها بالصمت:
-هراء ياابنتى ماركوس وانا تناولنا بعض الطعام بالمستشفى ولا نحس بالجوع هل ستكلم تريس يابنى؟
-سأدبر الامر
واستدار نحو الباب لكن حين بلغه استدار لينظر اليها:
-على فكره انسه فالارين غرفتك هى الثلنيه الى يسار اعلى هذا السلم وهذا الزر الى جانب سرير امى متصل بجرس سيرن فى غرفتك اذا احتاجتك خلال الليل واذا كان هناك ما تريدين معرفته ارجو ان تأتى الى مباشره
دون انتظار الرد استدار الى امه:
-ارك لاحقا
تنهدت الام بع خروجه وقالت
-اريد الاستلقاء قليلا فرحله العوده قد اتعبتنى
استخدمت ايفورى ساقها السليمه سهلت على منيرفا عمليه نقلها الى السرير وبعد ترتيب الوسائد سألت:
-هل انت مرتاحه سيده اوكيف؟
-اجل شكرا لك منيرفا اسمك جميل والانسه فالارين اسم طويل ورسمى
-بأمكانك دعوتى بما تشائين سيده اوكيف
-اظن اننى ساحبك عزيزتى اعطنى ساعه راحه ارجوك ثم تعالى بعدها لمساعدتى فى الانتقال الى الكرسى والجلوس فى الشرفه لتناول الشاى
وجدت غرفتها دون تعب ووجدت كذلك ان حقيبتها نفرغه وسرت لاكتشافها انها اعطيت غرفه لها باب زجاجى مزدوج يوصل الى شرفه علويه حين فتحتهما اكتشفت ان امامها منظر رائع من فوق الحديقه نحو الحقول التى خلفها حيث وجدت خيولا وماشيه ترعى كم ستحب ان تكتشف المزرعه لكن ما من وقت لهذا الان
بعد ربع ساعه نزلت الى الطابق السفلى مرتاحه متبرده بعد ان اغتسلت بسرعه فى الحمام المشترك فى الممر بعد ان ربطت شعرها العسلى فى كعكه فوق رأسها فى غرفه الطعام الرائعه بدأت تناول الطعام بعد ان ادركت كم هى جائعه وهى تأكل كانت عيناها تجولان على لوحات تزيين الجدران الخشبيه كانت كلها لوحات اصليه لمناظر طبيعيه ماعدا لوحه لرجل شرس المنظر يجلس على جواد اسود مخيف
عيناه كانتا ساحرتان كقطعتان من نار زرقاء تحت حاجبين زرقاوين ولا مجال ابدا للخطأ فى تشابه الانف المرتفع والذقن المربع المصمم دون شك كان هذا والد ماركوس نفس الارتفاع المتعجرف الافخور للرأس ونفس الكتفين العريضين
كانت تصب فنجان شاى اخر حين دخل من تفكر فيه وسألها بحده:
-اظن ان امى ترتاح الان .تصادمت نظراتهما
-هذا صحيح سيد اوكيف اعلم اننى لست كما توقعت لكن.........
-حين اتصلت بخالى اوضحت اننى اريد خدمات ممرضه مسنه ولا استطيع تصور ماذا دهاه ليرسل شخصا مثلك
-وما الذى فى نفسك ضد ان اكون هنا سيد اوكيف؟
-انت صعيره جدا
-انا فى الرابعه والعشرين واؤكد لك بالرغم من اننى لست بممرضه رسميه لكن استطيع العنايه بالسيده اوكيه
-انا لا اشك فى قدراتك انسه لكننى كنت اقول اننى كنت افضل امرأه تقارب سن والدتى
-ربما على ان اذكرك امرا سيد اوكيف ليس هناك الكثير من الممرضات يقبلن مثل هذا العمل فى هذه الايام الممرضات اللواتى يعتنين بمرضى خصوصيين اصبح من الماضى
-لماذا قبلت بالعمل اذن؟
-لدى اسباب خاصه
-اتهربين من رجل؟ام انك تأملين فى ان تجدى لك رجلا فى هذه المنطقه؟
لاول مره فى حياتها حبذت ان تضرب رجلا
-انت مخطئ سيد اوكيف اسباب قبولى للعمل لاعلاقه لها بأى رجل حى....
-صحيح؟.....عجبا
-اذا اردت معرفه سبب منها اقول لك لان خالك اراد اعطائى فرصه للتفكير باستقالتى من الشركه
-من الصعب تصديق ذلك ان لاوجود لرجل وراء قرارك المفاجئ للاستقاله
-حسنا..... ((كان)) هناك رجل......لكنه مات ....منذ سته اشهر
-جئت الى هنا اذن لتلعقى جراحك ....اذا جاز التعبير
-اذا اردت التفكير هكذا ........اجل
-هذا ليس مركز لاعاده التاهيل انسه فالارين انت هنا للعنايه بامى وهذا يبقيك مشغوله تماما
-ارجو هذا بكل صدق انت بالفعل تكره فكره وجودى هنا .........اليس كذك؟
انه تفكير صائب منك انت محقه اكره فعلا وجودك فى منزلى فانا لا اتحمل النساء للا على جرعات صغيره كالدواء المر... ووجود امرأه واحده معى كان يكفينى
-سأجعل شغلى الشاغل ان ابتعد عن طريقك قدر الامكان والان ارجو ان تعذرنى سيد اوكيف
حين وصلت الى الباب ناداها مجددا :
-انسه فالارين ارجو ان تتذكرى دائما ان تبقى شعرك مرفوعا هكذا طوال الوقت
لم تهتم بالردعليه لكنها احست بنفحه اجرام وهى تغادر غرفه الطعام ......انه فظ ،متعجرف،ودون احساس بالمره........ انها تكرهه ولا شك مطلقا ان العاطفه متبادله لسبب لا تعرفه ولا يمكن التكهن به لا يريده هنا ولولا عدم رغبتها ان تخيب امل السيد غرايتنغ لقالت لهذا الرجل ما تظنه به تماما .......
ثم بأمكانه ان يفعل بوظيفته ما يريد ...ولن يهمها هذا اطلاقا

برنس وصاب 09-23-15 04:53 PM

-2- طفله غير مسؤوله

ذلك المساء عندما وضعت منيرفا السيده اوكيف فى فراشها اعربت لها المرأه بتمنياتها بان تكون سعيده باقامتها معها ورجتها ان تبقى معها قليلا فالاثاره التى سببتها العوده الى منزلها كانت اكبر من ان تتركها بسهوله كانت عينا العجوز تلمع ببريق دافئ وهى تتحدث الى منيرفا وهذا ما لاحظته منذ عودتها الى وندشلتر
-واضح انك تحبين المزرعه جدا
تنهدت المرأه فى اوائل الستين من عمرها برضى:
-اوه........اجل لقد احببتها لحظه وطأتها قدماى وسأبقى احبها حتى مماتى اتعلمين ان عائله اوكيف تعيش فيها منذ اربعة اجيال؟
هزت رأسها نفيا:
-اخشى ان لا يكون السيد غرايتنغ قد ابلغنى الكثير عن تاريخكم
-اجلسى ياعزيزتى وسأقص عليكى ما شئت
ربتت بيدها على الفراغ من السرير جنبها حيث جلست منيرفا تابعت المرأه الكلام:
-حين مات والد زوجى الراحل ورث زوجى واخاه وندشلتر لكنهما سرعان ما اكتشفا ان من المستحيل ان يتعاونا معا فى اداره المزرعه فزوجى كان عاملا نشيطا لا يكل بينما اخاه كان كسولا طائشا لا يهتم بشئ وهذ الواقع الذى دفع الى قسمه المزرعه وتجادلا كثيرا حول من سيحتفظ بقطعه الارض التى تحتوى على المنزل الاصلى للعائله وكان زوجى المحظوظ وبنى اخوه لنفسه منزلا فى ارضه تدعى الان بيشوب ستون ومنذ تولى ماركوس اداره المزرعه منذ وفاه ابيه اشترى العديد من الاراضى والمزارع المجاوره لمزرعتنا ليصبح حجمها ضعفى الحجم الاصلى
-ومزرعه بيشوب ستون؟
-بقيت كما هى منذ ان تأسست فأبن اخ زوجى ستيفن يشبه اباه المسكين التعيس انه كسول طائش احيانا لكننى احبه ولا استطيع منع نفسى من الشفقه عليه حاول ماركوس مساعدته كثيرا لكن ستيفن تغاضى عن محاولات ابن عمه واستمر فى الحياه كما هو
تراخى رأس العجوز الى الوسائد واغمضت عينيها فقالت منيرفا :
-حاولى ان تنامى الآن سيده اوكيف
وقفت لتلمس الاغطيه فوق المرأه وتمنت لها ليله سعيده وغادرت الغرفه لكنها سرعان وا كادت ان تصطدم بماركوس فى الممر الخارجى طوله الفارع وعرض كتفيه كانا كافيين لجعل اعصابه تتوتر وسألها بصوته الاجش:
-هل نامت امى؟
ليس بعد سيد اوكيف بأمكانك الدخول لكن لا تبقيها مستيقظه كثيرا تحتاج الى قدر ما تستطيع من راحه
لسبب مجهول اقلقها ان يكرهها هذا الرجل لقد جائت الى هنا لعمل محدد وحين تنتهى مهمتها سترحل فما ضير فى هذا؟ حاولت ابعاده عن افكارها لكنها وجدت الامر مستحيلا خلال ساعات قليله اكتشفت اشياء محدده فى شخصيتها صدمتها ثقتها بنفسها سالت فى صحوه غضب لم تكن لتقدر ان تحلم انها قادره على الاحساس به هذا الغضب كاد يدفعها الى عنف كانت متأكده انه غريب عن طبيعتها ...اللعنه عليه واستدارت فى فراشها لتطفئ المصباح القريب.
غرفه الافطار كانت واسعه مشمسه ولم تستطع منيرفا الا ان تعجب بالطاوله الخشبيه الصفراء اللماعه واخذت تتفحص سطحها الصقيل بأصابعها لكنها سرعان ما رفعت بصرها لترى ماركوس يراقبها من تحت حاجبين سوداوين كثيفين مقطبين فقالت معلقه بصدق وهى تخفض يدها اسفل الطاوله:
-لديك اثاث رائع بمنزلك
لكن رده لم يجعلها تشعر بالراحه اذ قال ساخرا:
-كلها قطع منتقاه وغاليه الثمن جمعت عبر اعوام
قالت ايفورى اوكيف شارحه
-والد زوجى استورد عده قطع من اوربا فى السنوات التى كانت فيها تجاره الخيول مزدهره هذه الطارله مثلا اشتراها منذ اربعين عاما حين كنت انا واياه فى شهر العسل فى فرنسا
-لا يستطيع احد ان يصدق انها قديمه هكذا
رد ماركوس ساخرا مره اخرى:
-هذا لان والدتى تعتنى بكل قطعه من الاثاث كأنها الكنز الثمين
ردت ايفورى كأنها تدافع عن نفسها :
-هذا لاننى احب الخشب اى نوع منه
امتدت يد ماركوس الضخمه لتمسك يد امه:
-اعرف هذا يامى ولسوء الحظ لا يشاركك الكثيرون حبك لما تقدمه لنا الطبيعه
ابتسم لأمه فعلت اشياء غريبه فى اعماق منيرفا القساوه المتحجره فى عينيه استبدلت بدفئ حنون لكن التحول كان قصيرا ورفضت ان تفكر بما قد يحدث اذا ابتسم لها هكذا يوما ما
من كرسيها المتحرك اخذت ايفورى تصدر التعليمات الى الخدم وتتفقد المؤن ثم ادارت الكرسى بمفردها لتطل على الحديقه والحقول التى ورائها ولم تستطع منيرفا الا ان تحسدها على الجنه الهادئه التى تدعوها بيتها
وصل ماركوس من عمله فى المزرعه فى الوقت الذى كان الخدم يقدمون فيه الشاى وطقطقت الكرسى الخيزران تحت ثقل جسده وهو يجلس على مسافه قصيره من منيرفا وصب الشاى ثم تحدث الى والدته لكن حديذهما توقف فجأه عندما توقفت سياره رياضيه بيضاء امام الشرفه تماما وقفزت فتاه صغيره لها شعر اسود طويل وجسد انيق جميل الحنايا من السياره لتسير بنشاط وخفه فوق السلم الحجرى نحوهما كانت فى العشرين من عمرها تقريبا عيناها بلون بنى فاتح وفمها الاحمر الشهى منفرج بأبتسامه كانت موجهه فقط لماركوس الذى جلس يراقب تقدمها بأبتسامه خفيفه
-يبدو اننى وصلت فى الوقت المناسب للشاى
جذبت كرسيا لتجلس بجوار ماركوس حين جلست توجه نظرها الى ايفورى اوكيف
-رائع ان اراك فى منزلك ثانيه سيده اوكيف
لكن منيرفا احست بشئ من عدم الصدق فى صوتها واجابت السيده اوكيف :
-شكرا لك لويزا اقدم لك الانسه منيرفا هذه لويزا ماكجيل مزرعه والدها لاتبعد كثيرا من هنا
تبادلت الفتاتان التعارف بأدب ثم قالت لويزا:
-سامحنى ياماركوس ان كنت مخطئه لقد كنت اظن انك طلبت خدمات ممرضه مسنه
التوى فم ماركوس بسخريه وجالت عيناه فوق منيرفا وهو يقول:
-وهذا ما كنت اظنه تماما لكن يبدو ان خالى قرر العكس.......
قاطعته امه بحده:
-وانا مسروره لهذا
خلال الصمت القصير الذى تلا احست منيرفا بنوع من العداء بين المرأه والفتاه سرعان ما التفتت اليها لويز مبتسمه :
-عذرا آنسه فالارن لم اقصد ان اكون فظه
-لم يزعجنى هذا أنسه ماكجيل فانا اعى تماما واقع اننى لست كما كان يأمل السيد اوكيف ان اكون
لاحظت لويز بسرعه نظره العداء التى اطلقها ماركوس نحو منيرفا فشدت انتباهه بسرعه وسهوله:
-حبيبى هل كنت جلفا مع الانسه فالارين؟
وقف فجأه وقال لها:
-اشربى الشاى لدى شئ اريد ان اريك اياه
بوزت لويز بشكل جميل:
-انت مستبد ماركوس ولست ادرى لماذا اتحملك
رد بأقتضاب حاد:
-هل انت قادمه ام لا؟
وابتعد الى السلم الموصل الى الممر الخارجى بسرعه ابتلعت لويز ما تبقى من شايها ووقفت:
-اراكما لاحقا
وسارعت لتتعلق بذراع ماركوس ويختفيان وراء المنزل......
فقالت منيرفا :
-انها جميله
-ومغروره فأنا اعرفا منذ ان كانت فى السادسه من عمرها ولا استطيع ان اقول اننى احببتها يوما
-ولكن ولدك يبدو مولعا بها
-انها الفتاه الوحيده التى يمكن التساهل معها منذ........
صمتت ايفورى فجأه وهزت رأسها الرمادى
-صبى لى فنجان من الشاى ولنتحدث عن اشياء ساره اكثر
لويزا ماكجيل الفتاه الوحيده التى يمكن التساهل معها منذ ...منذ متى؟...عده احتمالات تصاعده الى رأس منيرفا لكنها قررت اخيرا ان هذاا الامر لا يعنيها اطلاقا
بعد ظهر ذلك اليوم وصل زائران آخران قدمت منيرفا الى كاتلين اوكيف وابنها ستيفن كاتلين كانت امرأه نحيله كئيبه ذات ابتسامه جاهزه اما ابنه ستيفن كان طويلا نحيلا اسمر البشره وفى عينيه الرماديتين نظره جوع تلاحق منيرفا اينما استدارت وهنا لم تكن تدرى اتشعر بالاطراء ام الحرج لكنها فى النهايه قررت على تجاهله قدر الامكان
خلال تناول الشاى جذب كرسيا مقتربا منها ليقول:
-اخبرينى منيرفا هل اقمت سابقا فى مزرعه مواشى؟
-لا ابدا
- ولا اظنك بعد قد تمكنت من التجول فيها ؟
-لا لم يتح لى الوقت بعد
-يجب ان تطالبى ماركوس ان يريك المزرعه فليس هناك اى شئ عن الخيول والمواشى لا يمكنه اخبارك به
-انا لا احلم ان اتطفل على وقت السيد اوكيف هكا اضافه الى هذا انا مشغوله جدا
-بكل تأكيد لديك وقت لنفسك اثناء النهار
-يبدو انك نسيت سيد اوكيف اننى وصلت البارحه فقط !
-اجل نسيت وسيشرفنى لو ناديتنى بستيفن وفرى السيد اوكيف لماركوس
رفعت نظرها لترى ان ماركوس يرمقها بعدائيه ولسبب لا تعرفه ابتسمت للرجل ابتسامه دافئه اكثر مما كانت انا تنويه
-شكرا ستيفن
تشجع ستيفن ليقول:
-ارجو ان تقبلى دعوتى الى بيشوب ستون فى يوم قريب؟
ترددت لكن الى وقت قصير :
-سأحب ذلك كثيرا
فيما بعد ذلك المساء وبعد ان تركت منيرفا السيده اوكيف مرتاحه تابعت ماركوس فى الممر خارج غرفه امه لكنه بدل ان يفسح لها الطريق لتمر اوقفها:
-هل وجدتى ابن عمى مسليا؟
-وجدته ودود ومؤدب
-ستيفن ودود وموؤدب نحو اى شئ يرتدى تنوره ويجب ان احذرك مع هذا انه لا يعتمد عليه وليس ذلك(( اللقطه الماليه))
تصلبت منيرفا على الفور واحست ببروده تجتاحها
-شكرا لتحذيرك لكنه ليس ضروريا اطلاقا
سخر منها:
اتعتقدين هذا؟
-لا اعتقد هذا فقط لكننى متأكده منه
-اذن انت تأملين فى اصطياد سمكه اكبر هه؟
-ما الذى يجعلك متأكدا هكذا سيد اوكيف باننى اسعى لاصطياد رجل لنفسى؟
-اصطياد احمق مسكين وتعليقه بحبل هو اساس وجود النساء
-لك رأى سئ بالنساء عموما سيد اوكيف ام ان هذا رأيك فى لوحدى؟
-كل النساء سواء يظنون انهن حين ينبشن مخالبهن فى رجل يستطعن فعل ما يشأن فيه
-وهل اوصلتك الانسه ماكجيل الى ان تفعل بك ما تشاء؟
ساد صمت متفجر تركها متسائلا عما اذا كانت قد تمادت اكثر من اللازم ثم قال ببرود:
-ارجو ان تتركى لويزا خارج مناقشتنا يا انسه
-وهل لى ان افهم ان رأيك الوضيع بالنساء يسيثنيها؟
-لويزا فتاه مميزه جدا
-هذا ما يبدو
ارتسم شبح ابتسامه على شفتيه :
-هل استشف السخريه فى صوتك؟
ردت ببرود:
-لم تكن السخريه فى نيتى سيد اوكيف والان لو تسنح اود الصعود الى غرفتى
بدا لها انه سيتجاهل طلبها لكنه تنحى جانبا فصعدت السلم بسرعه لكنها كانت تحس بعينيه تحرقان ظهرها الى ان ابتعدت عن انظاره وادركت ان من المستحيل تجنب شخص مثله وهى تعيش تحت سقف واحد معه والسماء وحدها تعلم كيف ستتمكن من تحمله فى الاسابيع القادمه
بعد تأكدها من راحه مريضتها وحصولها على كل ما تريد فى الصباح التالى خرجت منيرفا بناء على الحاح السيده اوكيف تتمشى نحو الحظائر حيث وجدت كوبر يتفحص اكواما من عشب الغصه المخصصه للعلف رفع قبعته العريضه حين رأى منيرفا:
-صباح الخير انسه
-صباح الخيركوبر
-لماذا لا يوجد سوى ثورين فى الحظيره؟
-اخرجهم الرعاه الى الحقول انسه انه موسم التزاوج فى هذا الوقت يكون الثور مؤذيا اذا حوصر بالسياج لذلك نتركها لوحدها فى الحقول وهذا ثور وبقره وليس ثورين
-وهل هى مؤذيه لهذه الدرجه؟
-آنستى!لقد شاهدت فى ايامى ثورا يمزق امعاء رجل لذك يجب ان تبتعدى عن امثاله ايام التزاوج فهو خطير
تحول اهتمام منيرفا نحو الثور والبقره داخل الحظيره البقره كانت مخفوضه الرأس ترعى وبدا انها تحاول جذب انتباه الثور الذى استجاب على الفور وتقدم مسرعا منها يخور بقوه...... لكنها كمعظم النساء اظهرت فجأه عدم الاهتمام وابتعدت عنه فاسرع خلفها
هب هواء خفيف بارد وقبل ان تستطيع شيئا طار الشال عن كتفيها ودفعه الهواء داخل الحظيره ولو كان اى شال اخر لما اهتمت بأستعادته لكنه ذلك الشال الذى اهداها اياه غاى قبل وفاته ولا يمكنها تركه هناك ليتمزق تحت اقدام المواشى
كان الحيوانان عند مؤخره الحظيره وبحساب بسيط للمسافه قررت ان من السهل استعاده الشال والعوده الى البوابه لكن الثور كان سريعا فى النظر الى الشال الملون الملقى على الارض يتلاعب الهواء به فرفع رأسه متوترا يراقبه... لكن الوقت فات امام منيرفا لتتراجع وقررت انها لا تزال قادره على استرجاعه بسرعه
-اخرجى ياآنسه !اخرجى من هنا بسرعه!
كان كوبر يصيح من مسافه عنها لكنها تجاهلته عمدا فاسرعت الى حيث الشال والتقطته بسرعه عن العشب لا يمكن ان يكون الثور الآن لم يشاهدها بعد فتقدم منها مهددا رافعا اذنيه ضاربا الارض بحوافره الاماميه وصوت الخوار يخرج منه سرعته كانت لاتصدق وشلها الخوف وقفت هناك دون حراك تواجه الثور المنقض وشالها الملون فى يدها المرتجفه قلبها يعلو حتى يصل الى حلقها
-اركضى انسه .........اركضى !
صوت كوبر الحاد المرتفع اعادها الى صوابها فنظرت نظره اخيره الى الحيوان ثم ركضت وكأن الشيطان بنفسه يجرى فى اعقابها فيما بعد لم تتذكر ما حصل بالضبط لكنها وجدت كوبر امامها وبيده غصن شجره كبير يلوح به فى وجه الثور النافخ
-قفى خلفى انسه قفى خلفى
احست بضجيج فى اذنيها للحظات ظنت انها ستفقد الوعى لكنها فعلت ما قاله لها وباعجوبه اوقف الثور عند حده بتلويح الغصن فى وجهه بينما اخذ يتراجع ويدفعها خلفه نحو الامان وعلمت دون شك انها واجهت الموت لبضع لحظات بسبب عملها الارعن ...... لكنها واجت نوعا اخر من الموت حين قبضت يد ضخمه على ذراعها وشدتها جانبا وصاح ماركوس راعدا:
-تأكد من اقفال الباب بأحكام كوبر
دون انتظار تنفيذ اوامره قاد منيرفا بخشونه نجو شجيره بعيده قليلا وما ان اصبح تحت فيئها حتى اوقفها بحده وادارها نحوه:
-ماذا كنت تفعلين بحق الشيطان؟
-انا اسفه..... لكننى...... استطيع التفسير...
-انا منتظر
مرتجفه من رأسها حتى اخمض قدميها قالت:
- لقد طار الشال عن عنقى الى الحظيره والحيوانان كانا يرعيان بعيدا ففكرت ان من الامان ان اتسلل بسرعه لاستعيده
تفسيرها وقد اصبح كلامها بدا لها سخيفا ولا بد من انه فكر فى ذلك فنظر اليها بأحتقار:
-اذن ظننت نفسك قادره على التغلب على سرعه ثور تصل الى اكثر من اربعين كيلومترا فى الساعه؟
-لم افكر بهذا.....اسفه
-وما هو المهم فى هذا الشال على اى حال؟
-انه......هديه
-يالهى.........اكاد اخنقك
امسك بها بكلتا ذراعيه واخذ يهزها حتى احست ان عنقها سينكسر وصاح:
-اتدركين ان عاطفتك الغبيه كادت ان تكلفك حياتك؟
-انت......انت تؤذينى
عضت شفتها لتمنع نفسها من البكاء فتركها فورا بقوه ارسلتها الى الخلف لتتعثر وتصتدم بجذع الشجره وصاح بها امرا:
-ارجعى الى المنزل واذا كنت ستصرين على التصرف كطفله غير مسؤله اقترح عليكى ان تبى بعيدا عن الحظائر فى المستقبل.
احست انها بلهاء تماما لكنها تعلقت بما تبقى من كرامتها وشجاعتها المشتته فسارت متصلبه الى المنزل تحس ان عيناه الحارقتان اللامعتان المحتقرتان تلحقان بها فى كل خطوه متعثره تخطوها

برنس وصاب 09-23-15 04:54 PM


-3-وانكشف السر

نظره واحده من ايفورى اوكيف تصرخ قلقا:
-بحق السماء ماذا حدث يا طفلتى؟؟
اخبرتها منيرفا ما حدث واكملت :
-لم استطع ان اترك الشال انه كان اخر هديه من غاى قبل وفاته
-ومن هو غاى؟
-كان خطيبى
هزت ايفورى رأسها متفهمه:
-افهمك لكن لا تخاطرى بحياتك هكذا مره اخرى يا الهى لابد ان ماركوس كان غاضبا جدا
رد صوت عميق:
-بل اكثر من غاضب امى تحولت الى مجرم حين افكر بما كان سيحدث لها اتمنى ان اهزها ثانيه حتى الموت
صاحت المرأه مؤنبه:
-ماركوس.....انت لم تفعل....؟
-كونى شاكره اننى لم اخنقها
-ماركوس
قاطعت منيرفا الحديث :
- انا واعيه تماما لمدى غبائى فى دخولى للحظيره سيد اوكيف واعدك ان لا يحدث هذا ثانيه
-وما الذى تملكك لتخاطرى بحياتك فى سبيل قطعه حرير سخيفه؟
ردت ايفورى قبل ان تتكمن منيرفا من الرد:
-انه اخر هديه من خطيبها الراحل
ساد صمت شكوكى ثم مرت نظره غضب على ملامح وجهه وهو يقول :
-حسنا امى كادت ان تلحق الى حيث سبقها
شحب وجه منيرفا الما وقالت متجهمه:
-ساصعد الى غرفتى لانظف نفسى قبل الشاى ...لو سمحتما
تلك الليله كانت دافئه معطره السماء مرصعه بالنجوم ومنيرفا تحس بالراحه فى حمى غرفتها ....... لكنها احست بقليل من الاضطراب بعد الحمام فدفعت الباب الزجاجى لتخرج الى الشرفه مطلقه تنهيده صغيره.... لولا وجود ماركوس ومضايقاته لها يمكنها ان تقول انها سعيده قانعه باقامتها هنا
-انها ليله رائعه اليس كذلك؟
الصوت الاجش كان يصدر من ورائها فاجفلت مستديره لتواجه شكلا معتما مستندا الى الجدار ورائها .... منذ متى وهو هنا؟وماذا سيظن بها وهى على الشرفه بثياب النوم حافيه القدمين؟
وتابع ساخرا :
- هل فقدت لسانك انسه فالارين؟
- لا.....لكننى مندهشه لكلامك معى بطريقه متمدنه هكذا سيد اوكيف
ارتجاف غريب احست به فى صدرها حين خطا نحو النور المنبعث من غرفته نومها ......ورد ساخرا:
- انا دائما متمدن..... ماعدا حين اغضب
كادت تقفز فزعا حين لامست اصابعه بشره ذراعها تحت كم الروب القصير،فسألها بنعومه:
-هل انا من صنع بك هذا؟
-تظهر على الكدمات بسرعه
-يجب ان اتذكر هذا مستقبلا
صوته بدا لها غريبا ..... لكن غرابته لا تقارن بالمشاعر التى اثارتها لمسته الشبيهه بالمداعبه داخلها نبضاتها قفزت بجنون فابتعدت عنه تقول بحده:
-عمت مساء سيد اوكيف
-لقد اتصل الدكتور براوننغ ....وهو قادم فى الغد ليرى والدتى
اوقفها صوته وهى على وشك العوده الى غرفتها اليه تختبر مره اخرى نفس الرد الفعل العنيف لمجرد رؤيتها مظهره الجسدى الذى يذكرها بأول مره رأته فيها فى المستشفى وقالت له ببرود:
-شكرا لابلاغى هذا
رد باقتضاب متسرع :
-عمت مساء انسه فالارين
وتركها قبل ان تتمكن من الرد
سمعت منيرفا صوت سياره الدكتور براوننغ بعد الساعه الثامنه بقليل من الصباح التالى .....تركت ايفورى اوكيف مرتديه ثيابها وخرجت الى الشرفه الموصله الىالخارج لتجد ماركوس قد سبقها وقال مقطبا:
-يبدو ان الطبيب جاء بشخص اخر
امسكت منيرفا بانفاسها دهشه حين شاهدت الرجل الطويل الرشيق فى اوائل الثلاثين من عمره ينزل من سياره الطبيب
ريك بريل لم يتغير كثيرا خلال السنوات صحيح ان شعره الاسود اقصر مما مضى لكن وجهه الاسمر كان وسيما كما تذكره .....ورفع رأسه فجأه فلمعت عيناه من الدهشه حين التقت بعينيها
-منيرفا!
وقفز السلم نحوهما اسنانه البيضاء تلمع واحتضنها بقوه........ لعلمها ان الرجلين شاهدا ما حدث احمر وجهها بشده وتمتمت باستحياء:
-مرحبا ريك
ضحك لها!
-لم اتصور اننا سنلتقى ثانيه وحق السماء .....وليس هنا بكل تأكيد
سأل ماركوس دون ضروره :
-اتعرفان بعضكما؟
-منيرفا وانا تعرفنا على بعض ايام الدراسه هى اتجهت نحو العلوم التجاريه وانا نحو الطب ....اليس هكذا حبيبتى؟
ووضع ذراعه بعفويه على كتفيها كانت تعرف ان كلمه ((حبيبتى )) بالنسبه لريك لا تعنى شيئا لكن بالنسبه لماركوس فهى تعنى الكثير فضاقت عيناه ....واسرعت منيرفا للتمسك بهذه الفرصه فقالت:
-لا تفضح كل اسرارنا ريك
ضمها اليه قليلا قبل ان يتركها :
-لابد ان اقول اننى مسرور لرؤيتك ثانيه
قال ماركوس متجرأ:
-ربما تتفضلان بالدخول ...امى تنتظر
اشار الدكتورالى ريك بأن يتبعه وبطريقه ما كانت منيرفا الاخيره وعينا ماركوس تكادان تمزقا ظهرها لدرجه ان بشرتها اقشعرت وتفحص الطبيبان ايفورى بدقه اتعبتها واعطيا تعليمات واضحه بأن يسمح لها بالحركه اكثر ومتابعه الرياضه اليوميه ووافق الكتور على رأى ريك على ان تسير على عكاز...واتفق على ان يحضر ماركوس العكازين من المستشفى مبينما الجمع يشرب الشاى وبأنشغال الدكتور بالحديث مع ماركوس ووالدته انتحى ريك بمنيرفا الى الحديقه حيث اخذا يتحدثان لوحدهما :
-منذ متى وانت هنا ؟
- سيمر اسبوعان بحلول يوم الاثنين
-ظننتك تزوجت من غاى فما الذى غير رأيك؟
لم تتصور ان يكون قد عرف بموت غاى صديقه القديم ايام الدراسه معهما فردت بهدوء:
-غاى توفى منذ سبعه اشهر تقريبا
بدا الحزن فى عينيه :
-انا اسف جدا منيرفا لم اكن اعلم .ماذا حدث؟
-لابد انك تذكر هوسه بالطيران
- اذكر... كان يمضى كل لحظات فراغه بالطيران هل وقعت به الطائره؟
-تجاوز المدرج لسبب مجهول واصطدم بالاشجار حوله وانفجر خزان الوقود على الفور تقريبا
-اكنت موجوده ساعتها؟
-اجل كنت اتفرج عليه ايمكن ان نتحدث عن امر اخر
-موافق
- الم تتزوج بعد؟
- لم تتح لى الفرصه وانوى استغلال حريتى جيدا قبل ان اضع الحبل حول عنقى
يبدو ان الدكتور براوننغ يستعد للرحيل
-اتتناولين العشاء معى يوما؟
-اخشى الا استطيع وعدك بشئ فانا مضطره للبقاء قرب السيده اوكيف وانت تفهم اليس كذلك؟
-ستجدينرقم هاتفى فى الدليل اتصلى بى اذا حصلت على وقت فراغ وسأفكر فورا بشئ يسلينا
احمر وجهها وهى ترد:
- اتصور تماما ذلك الشئ الذى يسلينا
- لكننى كنت دوما اتصرف معك بوقار
-هذا لاننى اعرفك جيدا وتعرف حبى لغاى
-لسوء الحظ هذا صحيح اراك فيما بعد حبيبتى
وغمز لها وهو يصعد فى سياره الدكتور حين اختفت استدار ماركوس يواجه منيرفا بنظره العداء البارد التى اصبحت مألوفه لها:
-بمعرفتى لسمعه ريك بيل مع النساء اتصور انكما كنتما عاشقين يوما ما؟
كان اول رد فعل لها اظهار الغضب لكنها غيرت رأيها ببرود:
-بأمكانك الظن بما تشاء
-ماتفعليه فى وقت فراغك لا يعنينى شريطه الا تهملى امى
- ليس من عادتى ان اهمل واجباتى سيد اوكيف وشؤونى الخاصه لها المنزله الثانيه عاده
-انا سعيد لسماع هذا
واتجه عكس الاتجاه الذى كانت تسير فيه لتصل وتنضم لايفورى التى قالت لها بخبث:
-كنت آمل ان تتحسن علاقتك مع ولدى مع مرور الايام لكن يبدو ان املى ذهب سدى
- لا تجعلى هذا يقلقك سيده اوكيف
تفرست العجوز جيدا بمنيرفا
- الى اى مدى تعرفين الدكتور بريل؟
لم تكن منيرفا تتوقع السؤال لكنها لم ترتبك
-عرفته منذ كنا ايان الدراسه لكننا افترقنا فى الجامعات وفقدنا اثر بعضنا لاكثر من اربع سنوات
-اكان مميزا لك؟
-ليس كما تعنين سيده اوكيف كان مجرد صديق مميز ليس الا
اخفضت ايفورى ببصرها تقر بذنبها:
-اعتقد انك تظنينى عجوزا متطفله
-بل اظنك امرأه رائعه دافئه تهتم بمن حولها وهذه ميزه تعجبنى جدا
لم تشاهد منيرفا ماركوس حتى وقت الغداء حيث تجاهل وجودها تماما وهو يتحدث الى امه اخيرا قالت الام انا ذاهبه الى فراشى
فوقفت منيرفا لترافقها
حين تركتها وخرجت الى الشرفه لم يكن ماركوس موجودا
وما هى الا دقائق حتى كان ستيفن اوكيف ينزل من سيارته متقدما نحوها...فرحبت به:
- نهارك سعيد ستيفن اسفه فالسيده اوكيف نائمه الان
- لكننى جئت اراك انت منيرفا فانا فى طريقى الى البلده وفكرت انك قد ترغبين فى الذهاب معى
-اسفه لا استطيع هذا
-لابد ان زوجه عمى تبقيك مقيده الى كرسيها المتحرك اليس كذلك؟
- الامر ليس كذلك ستيفن فالى ان تصبح قادره على الحركه لوحدها سأبقى قريبه منها الى ان تحتاجنى
-اجل طبعا اعرف هذا اتريدين شيئا من البلده؟
-قد يمكنك توفير المسافه على السيد اوكيف واحضار العكاز لامه من المستشفى
رد بخشونه:
- لن افعل هذا وحياتك
نظرت اليه بدهشه وقالت:
- لماذا لا تحب ابن عمك؟
- لاننى لا اطيق المتعجرفين اللذين يظنون دائما انهم افضل من غيرهم لقد فكر مره انه قادر على التآمر على فى مزرعتى ولكنه كان مخطئا
لكنها كانت تعلم بعد الذى قالته لها السيده اوكيف عن طبيعه ستيفن الكسوله انه يقول هذا بدافع الغيره والحسد ثم امسك بيدها قائلا :
-ستأتين معى يوما الى مزرعتى الن تفعلى؟
ابتسمت له:
-سأفعل يوما
-سأتطلع الى ذلك اليوم اذن وداعا الان
لوح لها بيده وصعد الى سيارته فرفعت يدها تلوح له لكن سرعان ما وقعت يدها الى جنبها حين سمعت صوتا من ورائها يقول:
-مسكين ستيفن يجب ان يحذره احد بأنه يضيع وقته
استدارت لترد عليه بنفس السخريه :
-لن افعل هذا لو كنت مكانك سيد اوكيف فقد تفسد بدايه صداقه جميله
سخر بازدراء:
-صداقه......هذا ما تسمون به علاقه حميمه هذه الايام؟يالهى كم كنت محقا النساء من صنع الشيطان نفسه
تبادلا نظرات قاسيه غاضبه اضافه الى شئ لم تستطع تحديده وما هى الا لحظات حتى استرخت اساريره حين وصلت الفتاه السوداء الشعر فى سيارتها وصاح صوتها الحاد :
-ماركوس حبيبى كم اشتقت اليك
نظر بأبتسامه الى لويزا وسأل :
-هل اشتقتى فعلا؟
احست منيرفا بشئ اخر لم تستطع تحديده كذلك حين قالت لها لويزا:
-مرحبا انسه لقد صادفت ستيفن وانا قادمه الى هنا هل اصبح زائر دائما الى هنا؟؟؟؟
رد ماركوس قبل ان تتمكن منيرفا من الرد :
-ليس بعد..... فهو يأمل ان تسمح له الانسه بأن يصبح احد......... اصدقائها المقربين
تسائلت لويزا بخبث:
-حقا؟ لكننى لا استطيع ان اعرف سبب رغبه من كان فى صداقه ستيفن .....ايمكن ان نفكر ماركوس؟
رمى ماركوس الكره فى ملعب منيرفا بسخريه:
-ربما افضل من يرد على هذا الانسه فالارين نفسها
ردت منيرفا ببرود قاتل :
- لست مدينه لاحد باى تفسير عن تصرفاتى مع احد واذا كنت اسأت الفهم فى تصرفاتى سيد اوكيف فلا ذنب لى فى هذا لكن لن اسمح لاحد ان يسخر منى ولا داعى للتعليق بلؤم على مقابلتين بريئتين بينى وبين ابن عمك
استدارت على اعقابها لتدخل المنزل لكن صوت ماركوس الهادئ اوقفها:
-كان هذا عرضا رائعا انسه فالارين لم اكن اعرف ان التمثيل هو احد مواهبك
وقفت منيرفا وكأنها تحولت الى حجر بينما ارتفعت حمره الغضب والاذلال الى وجنتيها كان من الممكن ان تتسامح بكلامه لكن ضحكه لويزا المرتفعه مزقت اعصابها فاكملت طريقها والدموع تتفجر من عينيها انها تعرف ها الرجل من السبوعين فلماذا تتالم هكذا حين يعاملها بازدراء وعدوانيه
فى الصباح التالى وبينما كانت منيرفا تدلك ساق ايفورى وتساعدها فى رياضتها المعتاده سألتها المرأه فجأه:
-اخبرينى عن خطيبك اكنت تحبينه كثيرا؟
اجفلت للسؤا ثم ترددت ثم قالت بهدوء :
-لقد وجدت فيه كل ما اريده من رجل
- لكن هذا لا يجيب على سؤالى
-اجل....احببته كثيرا
احست فجأه انها انما تشير الى شئ لم يكن موجودا فى الاصل وتسائلت عن السبب ثم سمعت السيده تقول:
-ستتعلمين ان تحبى ثانيه
هزت منيرفا رأها بأسى:
-لا اظن ذلك
- اوه بالطبع ستتعلمين ربما سيكون نوع اخر من الحب لكنك ستتعلمى كيف تحبين من جديد
ابتسمت منيرفا بقلق :
-كم احب ان افكر بأمكانيه ذلك
- اتمنى ان يجد ماركوس فتاه طيبه يحبها فتاه تعيد اليه ثقته بالنساء لقد ازداد قساوه على مر السنين وهو الان فى الخامسه والثلاثين ولم يعد شابا
- اكان هناك احد فى حياته؟
-اجل حين كان فى مطلع العشرينيات كانت هناك فتاه جميله واظنه كان على وشك التفكير بالزواج منها حين اكتشف انه مجرد واحد من عده رجال فى حياتها وهذا ما انهى ثقته بالنساء ولقد اصبح الان اعزبا مستديما فظا
اشعاع من التفهم رفع الظلال عن قلب منيرفا لكن لمجردلحظه ثم قالت:
-يبدو انه متعلق بلويزا ماكجيل
توترت ملامح ايفورى :
-اعرف هذا اخشى ان بأمكانك مساعدتى على ارتداء ملابسى الان لاجرب العكازين
بدا صوتها صارما يشابه صوت ابنها لكن منيرفا سجلت كذلك لمحه تعاسه فى تصرفاتها وتسائلت عن السبب لكن ليس من شأنها ان تتدخل او تتطفل عميقا فى شؤون الاخرين خاصه من تعمل لهم وتركت الامر على ما هو عليه

برنس وصاب 09-23-15 04:54 PM


-4-لماذا كل هذه المراره


اظهرت ايفورى تصميما غريبا فريدا من نوعه لمهاجمه مشكلتها مع السير على عكاز فبقيت مستمره بالحركه متمتعه بحريتها الى ان المها ذراعاها واضطرت منيرفا اخيرا الى ان تجبرها الى العوده الى كرسيها المتحرك
كان يوما باردا نلئ بالضباب مع رعد بالمطر الجبال من بعيد كانت محجوبه بالسحب الكثيفه وحتى الوقت الذى قدمت فيه مارى الشاى والبسكويت الطازج الذى خبزته تريس كان المطر يبهمر فى الخارج
ماركوس لم يشاركهما الشاى كالمعتاد فقد كان مشغولا باصلاح التركتوار فى احد المخازن حول المنزل ولم يظهر فى الواقع سوى فى وقت الغداء ثم غادر فورا ليتمتم شيئا عن اقراص التروس المسننه فى المحرك حين صحا الطقس فيما بعد اليوم خرجت منيرفا لتتمشى دون هدى نحو المخازن المحيطه بالمنزل كان هناك باب موارب دفعها الفضول الى دخوله ...لكن قلبها كاد يخرج من حنجرتها حين شاهدت ماركوس هناك يتفحص كومه من الصوف الابيض غطاها فورا حين احس بوجودها كتفاه تصلبا قليلا وكانه غضب ولكن ابتسامه كانت مرسومه على فمه حين سالها:
-اكنت تبحثين عنى؟
احست بنبض مجنون يرتعش فى منتصف رقبتها :
-لا انا كنت اتمشى ورايت الباب مفتوحا فاحسست بالفضول
-دعينى اذن ان اشبع فضولك هذه غرفه الفرز هذا اذا لم تتكهنى بهذا بعد واذا كنت مهتمه ساريك ما فيها
احست انها دخيله وتمنت لو تعود من حيث اتت لكن عيناه المتفرستان التقتا بعينيها حين لم تجد فيهما السخريه قررت الا تتغاضى عن يد الصداقه التى قدمها لها واشار اليها نحو طاوله مليئه بأكوام الصوف المغطاه كان بينها اكوام من الصوف الناصعه البياض واخى يشوبها الاحمرار والسواد كلها مكومه بانتظام
-كما ترين حين تقص اصواف الخراف يأتى بها الى هنا ليتم فرزها الى ابواب مختلفه الانواع منها للنسيج ومنها للاستخدامات الاخرى ثم نلفها فى رزم ونرسلها للشركات الشاريه طبعا الصوف الابيض هو الاكثر رواجا من غيره لاستخدامه فى النسيج وهو مطلوب فى مختلف بلدان اوربا والعالم.... لكننا هنا نرسلها الى مصانع ليدز الشهيره فى هذا المضمار منذ القرن الرابع عشر
لمحت ممرا ضيقا بين سياجين من القضبان الحديديه يتدلى فوقه خطافات معلقه بسلاسل :
- وما هذه؟؟
تقدم ليمسك احد الخطافات بيده:
-هنا نسوق الماشيه تدخل الابقار لتدمغ وتوزن قبل ارسالها الى السوق اما الخراف فتدخل الى هنا حيث تعلق قوائمها بخطافات ويتم جز صوفها طبعا خلال موسم محدد
كانت منيرفا وهو يتحدث لا تنظر الى الخطافات والسلاسل بل كان نظرها مثبت على اليدين القويتين القادرتين.... ولسبب مجهول اخذت تتذكر الاحساس الذى اثارته هاتين اليدين فيها حينما لامستاها فتوترت اعصابها وقالت:
- يجب ان اعود الان
- هناك شئ اخر اريدك ان تريه
امسك ذراعها بقبضه قويه وهو يعيد الخطاف الى مكانه ثم اخرجها من المخزن الى اخر حيث وجدت رزمات من الصوف على شكل مكعبات مستفه فوق بعضها:
- هذه انتهت بالامس وبأنتظار وصول الشاحنات لاخذها
التفتت اليه مبتسمه لتشكره لكنها وجدت وجهه متجهما فقالت بقلق:
-شكرا على تجوالك بى وما شرحته لى
-هل وجدت الامر مفيدا للاهتمام؟
-كثيرا يجب ان اذهب الان
تراجعت عنه مضطربه لكن كعب حذائها اصطدم بشئ ففقدت توازنها وامتدت يدان قويتان تمسكان بها وفى لحظه كانت تصطدم بصدره الصلب ليستغل الفرصه ويضمها اليه بشده
الصدمه شلت تفكيرها ومنعتها من اى رد فعل ثم استولى عليها احساس غريب سلبها كل تفكير بالمقاومه وجعلها ضعيفه مطواعه بين ذراعيه ..... لم تشعر بمثل هذا بين ذراعى رجل من قبل ومع ان عقله الباطن كان يحذرها ممايحدث الا ان ذراعيها استجابتا دون وعى منها فالتفتا حوله تردان له العناق وترخى جسدها ...... فقد وجدت الراحه بين الساعدين الرجوليين لكن ما هى تلا لحظات حتى اصبحت بعيده عنه وانتهى السحر الغريب حين صاح صوت بارد خرق الدفئ الذى غلف قلبها:
-لقد حصلت على ما تسعين اليه .... بأمكانك الانصراف الان انسه
احست منيرفا بذهول صاعق منعها بدايه من الرد لكن التفهم عاودها بسرعه ليرسل الاذلال موجات من الحراره تجتاح جسدها فلمعت عيناها بمزيج من الالم والغضب:
-انت متوحش لا تطاق كان يجب ان اعرف ان ما اظهرته من ود كان له نيه سوء لكننى كالغبيه صدقتك انك ترغب فى نسيان مشاعرك المسبقه نحوى
-اترغبين فى الاعتذار ام بمزيد من نفس المعامله؟؟؟
تراجعت تضم يديها المرتجفتين بقبضتين:
-ماكنت لاظن يوما ان اقترب من كراهيه شخص كما اكرهك...لكنك بكل تأكيد تسهل الامور على لكراهيتك سيد اوكيف
- وهل ازعجك اننى لم احاول ان اقنعك بالمزيد؟
اجفلت وكانه لطمها وكان لصوتها نوعيه اجشه وهى ترد:
- انت تقرفنى !
- ربما اقرفك لكننى اراهنانك كنت مستمتعه بعناقى منذ لحظات
استدارت على عصبيتها لتهرب منه وضحكته الرنانه العميقه تلاحقها برنين كريه فى اذنيها
كان رأسها يضج بالالم حين وصلت الى المنزل لكن هذا لم يكن يذكر امام خفقان قلبها المعذب لم تفعل شيئا لتستحق اهانته لكن الجزء الرهيب انها غير قادره على فعل شيئا يثبت له خطئه فهو لن يصدقها ... ولماذا يصدقها؟ لكن الاكثر اهميه لماذا تهتم هى هكذا؟انه لا يهتم بها ابدا ... لكنها تهتم .... !
جذبت نفسها بقوه الى الحذر تؤنب نفسها بشده لكن ما فكرت به اخذ يجوب تفكيرها بقوه جعلتها تواجه الحقيقه المره .... ارادت هذا ام لم ترد : انها تهتم به !
- منيرفا؟
صوت ايفورى اوقفها فى جريها عبر الردهه الواسعه فعادت خطواتها مكرهه لتنضم الى المرأه فى غرفه الجلوس حيث نظرت اليها وقالت عابسه:
-لم تبكين؟
- انا لا .... احس بسخافه ليس الا
- انه ماركوس ... اليس كذلك؟
هزت منيرفا رأسها وجلست على اقرب كرسى:
-ربما كنت مخطئه بقبولى هذا العمل فى وقت يعارض بشده وجودى هنا
- هراء ! الامر لى فقط فى القبول اذا كنت اريدك ام لا .... وانا لن اقبل سواك
تصاعد الدفئ الى قلب منيرفا البارد فابتسمت:
-انت لطيفه جدا سيده اوكيف لكن...
- لن اسمح بان تكونى اسفه لوجودك هنا مفهوم؟
- مفهوم تماما سيده اوكيف
فى اليوم التالى وصل ابن عم ماركوس ساعه كانوا يشربون القهوه بعد الغداء فسارعت ايفورى تقول له بدهشه:
-وصلت متأخرا عن الغداء معنا ستيفن
-تناولت غدائى عمتى .... فى الواقع جئت اسألك اذا كان بالامكان ان تستغنى عن خدمات منيرفا بعد ظهر اليوم؟
- اهناك شئ؟
- لا شئ ابدا...ارغب فقط ان تقضى بعض الظهر معنا
ترددت ايفورى لحظات ثم ابتسمت ولمعان غريب فى عينيها:
- يجب ان تطلب هذا من منيرفا ....اليس كذلك؟
استدار ستيفن الى منيرفا متسائلا:
-هل تأتين معى؟
ثلاثه ازواج من العيون تركزت عليها فجأه لكنها كانت تعى اكثر مما تعى تلك العينان الساخرتان لماركوس فاشاحت بوجهها قائله بتردد:
- حسنا انا.... هل بامكانك تدبير امرك دونى سيده اوكيف؟
- طبعا عزيزتى
التفتت منيرفا الى ستيفن :
-متى تريد الذهاب؟
- فى الحال اذا لم يكن لديك مانع
هزت رأها :
-سأصعد لاغير ملابسى اذن
احست بالسعاده وهى ترتدى فستانا زمرديا من الحرير الرائع انسدل باناقه على جسدها الجميل حلت رباط شعرها من قمه رأسها وبعد عده ضربات بالفرشاه صار لامعا قررت تركه منفلتا على كتفيها
علق ماركوس ساخرا حين رأها عند اعلى السلم ونظره يجول فيها بشك مهين:
- رائع رائع سيتلقى ستيفن اذا معامله ممتازه اليس كذلك؟
رد ت بجفاء:
-لست ادرى عما تتكلم
- لا .... طبعا لا تعرفين... انت فتاه صغيره بريئه تخرجين مع رجل لاول مره
قررت تجاهله وقالت ببرود:
-دعنى امر من فضلك
تراجعت خطوه للوراء حين تقدم نحوها ... فى لحظه كانت اسيره الجدار وضع يداه على كتفيها .... فخفق قلبها بشده وقال لها بصوت محذر :
- لا تتلاعبى بستيفن كثيرا انه ساذج يثق بالناس وقد يأخذ تصرفك معه بجديه
- الا تظن انه كبير بما يكفى ليعتنى بنفسه؟
-ليس هناك موده كبيره تربط بينى وبينه لكننى لا اريد رؤيته متألما
- وما الذى يجعلك تظن اننى اؤلمه؟
- تبدين مستعده للسعى وراء الاثاره انسه فالارين ويبدو انه الساذج الوحيد المتوفر امامك ليقع فى حبائلك
لم تعد تعرف اتضحك ام تبكى لكن الغضب سارع لحل المشكله فسألته بأدب بارد:
-هل انتهيت تماما ؟
- ليس تماما .... اريد اعطائك شيئا تأخذينه معك
لم تكن متحضره لما ينويه لذلك كانت دون ادنى دفاع حين وجدت نفسها عالقه بين الجدار وذراعيه ..... اخذت يداه تطوفان فى جسدها ..... حاولت صده دفعه بيدها على صدره لكنه كصخره لا تتحرك ولم يتوقف عن مداعباته الا بعد ان اخذت ترتجف امام مداعبات اصابعه على ظهرها
صاحت به حين تركها:
- انت مقرف لا تطاق !
- لا تتعثرى وانت تنزلين السلم ستيفن ينتظر بفارغ الصبر لوضع يديه على جسدك التافه
ما كان ليصيبها بألم اكبر لو انه صفعها..... فتراجعت عنه والدم يخف بالتدريج عن وجهها ليتركها شاحبه كالاموات وحاولت الرد لكنها لم تستطع فاستدارت لتكمل طريقها لملاقاه ستيفن .... لسبب لا ندريه كان ماركوس يحاول الاقلال من قيمتها لتصبح رخيصه قذره وهذا ما تركها تحس بحراره فى فمها.

برنس وصاب 09-23-15 04:55 PM

-5-فليعتقد ما يشاء

لم يكن البيشوب ستون بفخامه الويندشلتر لكنه كان يمتلك سحرا خاص به بسطحه القرميدى المثلث وشرفته الواسعه المسقوفه . داخله لم يكن ذلك المظهر اللماع الذى اذهل منيرفا فى منزل ايفورى اوكيف لكن كان له جو مريح راق لها كثيرا
ابتسمت كاتلين اوكيف لها:
-منيرفا كم رائع الحصول عليك ضيفه فى منزلى
-اشعر بسعاده لوجودى هنا سيده اوكيف
- كيف حال ايفورى؟
-انها احسن بكثير
-سمعت انها تمشى على عكازين الان
- لن يطول الامر حتى تستطيع المشى بمساعده عصى عاديه نظرا لشفائها العاجل
سألها ستيفن بلهفه:
-ارجو الا يعنى هذا انك ستتركينا قريبا
-اخشى هذا واشك ان استمر اكثر من ثلاثه اسابيع
تبادلت الام والابن نظرات سريعه ثم قالت كاتلين:
-اكون سعيده لو فكرت بقضاء بضعه اسابيع معنا هنا قبل عودتك الى لندن
-لطف منك ان تقدمى هذا سيده اوكيف لكننى مضطره للعوده حال انتهاء مهمتى
قال ستيفن متلهفا:
-ستفكرين بالامر منيرفا اليس كذلك؟
احست فجأه بالاشفاق عليه وقالت تخفى ترددها:
-اجل ... طبعا وشكرا لكما على هذه الدعوه
اضائت بسمه وجهه النحيل وسألها:
-ما رأيك بكوب عصير كبير مثلج ؟
ردت كلتلين فورا:
-فكره رائعه سأحضر الشراب لكما فى الحديقه
على عكس ما كانت تأمل وجدت منيرفا نفسها وحيده معظم الوقت مع ستيفن لكنها سرعان ما زتا عنها قلقها الاولى لم يحاول مره تخطى حدود الصداقه وكانت ممتنه له لهذا ووجدت صحبته مريحه وابقائها متسليه بقصص عن المزرعه وماضيها وكانت اسفه عندما علمت ان والده قتل وهو يروض جوادا بريا هل كانت هذه الحادثه سبب الاهمال وتذكرت ايفورى فجأه اقوالها عن اخ زوجها الراحل
وهما يتمشيان فى الحديقه وهما يتحدثان معا انتزع يده من جيبه ليقوم باشارات من يده اثناء الكلام وهو يفعل سقط شئ بين اقدامهما هذه سلسله ذهبيه وبتمتمه حانقه انحنى بسرعه يستردها لكن منيرفا لمحت ميداله صغيره محفور علبها اسم......
لويزا.... هناك فتاه وحيده تعرفها منيرفا بهذا الاسم فى هذه الضاحيه فماذا تفعل هذه السلسله بهذا الاسم فى جيب بنطلون هذا الرجل؟
نظره تساؤلها التقت بنظره ستيفن فاشاح بوجهه عنها بقلق متمتا :
- هل لنا ان نعود الى المنزل؟
- اظن هذا كما ان الوقت قد حان لعودتى الى وندشلتر
احتج ستيفن وقد استعاد وعيه من الصدمه:
- لكن الوقت مبكر
- لا ليس هكذا الساعه الرابعه الان وقد ترغب السيده اوكيف بتغيير ملابسها قبل العشاء
رد ممازحا:
- تجشمت عناء كبير للحصول عليك واشعر بالتردد ان اتركك ترحلين ستعودين ثانيه اليس كذلك؟
- اذا دعوتنى نعم
اتسعت بسمته:
-سوف ارسل لكى دعوات يوميه
ضحكت :
-لا تكن سخيفا اريد تقديم احترامى لوالدتك ثم تعيدنى الى وندشلتر
- طلباتك اوامر
وانحنى قليلا دليل المزاح لكنها لاحظت قلقا على محياه وبدأت تشك فى سبب هذا القلق
تلك الليله وبينما هى فى غرفتها تركت افكارها تتجول فيما بدا من امر ستيفن اليوم لسبب ما تجهله يحمل سلسله لويزا معه طبعا قد يكون وجدها وينوى اعادتها الى صاحبتها لكن اذا كانت بطريقه بريئه فلماذا لم يفسر لها الامر اذن بدلا من القلق والتوتر الوضح لما شاهدته؟هناك تفسير واحد لمنيرفا لسبب وجود السلسله مع ستيفن لابد ان اعطتها له ولسبب ما يعتز بهذه السلسله ويحتفظ بها
لكن كل هذا غير معقول اطلاقا فلويزا واضح جدا تضع اهتمامها على ماركوس مع ذلك يملك ستيفن شيئا خاصا بها فى جيبه لكن لا يجب ان تضع اهميه للموضوع ؟ام ان لويزا تلعب لعبه مزدوجه؟
شدت رباط روبها حولها ثم فتحت الابواب الزجاجيه لشرفه وداعب النسيم البارد صدغيها المتألمين من شده التفكير فاغمضت عينيها للحظات تتكئ على العمود الحامل لسياج الشرفه وقع قدم على الممر الرصوف بالحصى جعلها تحدق فى الظلام لكنها لم تر شيئا لكن الوهج الاحمر للسيجاره جعلها تدرك ان ماركوس يقف تحتها يحدق الىالحديقه كان نادرا ما يدخن الا حين يكون مضطربا ولا بد من انه يمر بمثل هذا الان التفت يتطلع الى المنزل فتراجعت الى الوراء بسرعه لكنه استدار مبتعدا نحو ظلام الحديقه
بتنهيده استدارت لتدخل وتقفل باب الشرفه ورائها صعدت الى الفراش لكن مر وقت طويل عليها قبل ان تغفو ولم يكن هذا الا بعد ان سمعت وقع اقدام ماركوس يعود الى داخل المنزل
كانت ايفورى اوكيف ومنيرفا تتناولا القهوه فى الشرفه فى الصباح التالى حين سمعت صوت صرير اطار سياره لويزا التى قالت:
- مرحبا اين ماركوس؟
ردت ايفورى بجفاء:
- انه مشغول فى مكان ما بالمزرعه
-لكنه يعرف اننى قادمه
- ياطفلتى العزيزه انه اكثر انشغالا من ان يجلس وينتظر قدومك
التقتا عينا لويزا بعينى ايفورى بحده:
-لم اقل اننى اتوقع ان اجده جالسا بانتظارى سيده اوكيف .....قاطعتها ايفورى بقساوه:
-لماذا لا تجدين لنفسك ما تعملين به تلقيت تعليما جيدا ولن تجدى صعوبه فى العثور على عمل فى مكان ما
نظره اشمئزاز اطلت من وجه منيرفا الجميل:
- لست محتاجه للعمل
- وهكذا تقضين وقتك لتلهين الناس عن اعمالهم
استدارت الى منيرفا:
-ساعينى على الوقوف عزيزتى ارجوك اود الاستلقاء قليلا
كان الجو مليئا بالعدائيه ومنيرفا تساعد العجوز لتقف على عكازيها كانت هذه اول مره تشهد فيها صداما بين ايفورى ولويزا لكنها لم تكن لتنكر ان تصرفات الفتاه تثير اعصابها هى احيانا
تشدقت لويزا حين اصبحا لوحدهما فى الشرفه:
-اتعلمين ان اول شئ افعله بعد زواجى من مماركوس هو ان ابعد هذه المرأه العجوز عن المنزل
احست منيرفا بالصدمه تهزها سرعان ما اخذتها وخزه الم لويزا تقول هذا وكأن زواجها من ماركوس اصبح امرا مسلما به
فقالت:
- لايمكنك فعل هذا لا يمكنك اخراجها من منزلها
- بل استطيع انها شوكه فى خاصرتى منذ زمن طويل
- لا اظن ان ماركوس سيوافق
ردت بأتسامه واثقه:
- انا دائما احصل على ما اريد و ماركوس سيفعل ما آمره به
هزت منيرفا رأسها وقالت :
- اشك فى ذلك
- وما الذى تشكين فيه انسه فالارين؟
رفعت الفتاتان رأسيهما بحده عند سماع صوت ماركوس وتدخلت لويزا بسرعه:
- حبيبى اظنك لن تجئ!
ابتسم لها ثم استدار الى منيرفا:
- لم تردى على سؤالى انسه فالارين؟
للرد على سؤاله هى مضطره للكشف عما تبادلته من حديث مع لويزا وهذا امر لا يعنيها
وتدخلت لويزا مره اخرى:
- ما كانت تقوله حبيبى انها تشك بأنك تعود قبل الغداء وهذا امر سخيف منها فها انت هنا
رد ببرود وعيناه لا تغادران وجه منيرفا :
- بل سخيف جدا ووقاحه كذلك
تابعت لويزا بأبتسامه متحديه لمنيرفا:
- لاقول الحقيقه حبيبى كانت تامل بان ارحل قبل ان اراك
ردت منيرفا ببرود ادهشها هى شخصيا:
- لم اكن امل باى شئ كذلك
واحمرت وجنتاها غضبا لتستغل لويز الفرصه ةتقول:
- اذن لماذا تحمرين اهو من وخز الضمير ؟
ردت متصلبه:
- ضميرى مرتاح لويزا لكننى لا اظن ان ضميرك انت مرتاح
وليفهم ماركوس من هذذا ما اراد وتخطتهما لتدخل الى المنزل اذ كان سيستغل نفسه امام الفتاه اللعوب كما حدث فيما مضى فهذا من شانه لكن ياالله انها لا تريده ان يتألم مره اخرى مع ان لا حول لها ولا طول لمنع ذلك بهذه الافكار المضطربه تمكنت منيرفا بطريه ما من ان تكمل يومها ومعها كانت تعاودها ذكرى سلسله لويز الذهبيه فى جيب ستيفن فما الذى كانت تعنيه يا ترى؟؟؟
لوحدها تلك الليله فى غرفتها حاولت تحليل كل ما مر بها شئ واحد انطبع باحرف بارزه فى ذهنها ماركوس ليس منيعا بالنسبه لها كما هو ليس منيعا مع لويزا ان له كل رغبات ونزوات الرجال ما حدث بينهما اكثر من مره خير دليل على ذلك لقد اظهر بوضوح ان قربه منها يوتره عاطفيا صحيح ان هذا يزعجه لكنها تحس بتحركه العاطفى ومن الغريب ان تحس بأن لديها القدره مهما كانت صغيره على تحريك عاطفته
لمن هذا لن يقود الى اى مكان بالطبع وتعرف هذا فهو لا يزال يكرهها ربما الان اكثر من الاول وفرصه اقناعه بالعكس اصبحت قليله فهناك امرأه وحدها يمكن ان يصدقها انها لويزا والتى تتأكد منيرفا انها لن تتورع عن الكذب والخداع لكى تنفذ ما تريد منه لكن فقط لتتركه ليتألم مره اخرى
دهشت منيرفا فى الصباح التالى حين شاهدت سياره جاكوار كبيره تقف امام الشرفه ودهشت اكثر حين قال لها ماركوس ان الدكتور براوننغ طلب ايفورى ليتفحصها فى المستشفى وجدت صعوبه كبرى فى تجنب نظراته الساخرهوهو يضع امه فى المقعد الخلفى للسياره وهذا يعنى انها ستجلس الى جانبه وفى هذه اللحظات لم تكن متأكده انها ترغب بأن تكون على مسافه اللمس منه ان له تأثيرا مدمرا على اعصابها فى افضل اوقاتها وهو الان يجعلها تحس بالضعف
الرحله الى كونترفرى تمت بسرعه وراحه وساعد ريك الدكتور براوننغ فى تفحص السيده اوكيف بدقه وبقيت منيرفا الى جانبها وهى متوجهه الى قسم الاشعه كى لا تضطر الى الجلوس مع ماركوس فى غرفه الانتظار مع ذلك قفز قلبها حين خرج الجميع من المصعد لتراه يزرع الغرفه قلقا وقال له الكتور براوننغ:
- بعد اسبوع قد تستطيع ان تتحمل ساقها بعض الثقل واصر على ان يستخدم العصا فى سيرها
صاحت ايفورى غاضبه:
- ما هذا الهراء استطيع المشى الان ولوحدى
- لكنك لن تفعلى هذا سيده اوكيف بل ستفعلين ما اقوله لك
- جميعكم مستبدون فى مهنه الطب
- هذا غير صحيح وانت تعرفين هذا
- انه صحيح لقد استبددتم بى لعده اسابيع الان اولا وضعتمونى فى تلك الجبيره الرهيبه ثم رفضتم السماح لى بالعوده الى منزلى الا بوجود من يعتنى بى والان تظن نفسك قادرا على ان تقول لى اذا كنت استطيع المشى على قدمى ام لا؟
وضع ماركوس يده على كتف امه:
- كل هذا كان لصالحك امى
تنهدت مستسلمه
- اجل طبعا
التفتت الىريك :
- والان ايها الشاب ماذا تقول
فجأه استخدم ذلك السحر الذى تعرفه منيرفا جيدا عندما يريد شيئا ما:
- كنت امل ان تمنحينى فرصه أقناعك بالسماح لى باصطحاب منيرفا الى العشاء الليله
شهقت منيرف دهشه:
- ريك انت تعلم اننى لا استطيع......
قاطعتها ايفورى:
- بالطبع انت قادره منيرفا لديك الاذن منى خذها يادكتور الى العشاء لكن على شرط ان تعيدها لى سالمه
انحنى ريك نحو العجوز بفتنه
- لك وعد منى بذلك سأحضر لاخذها عند السادسه مساء
- لكننى....
تمتم ماركوس هازئا من ورائها :
- ولماذا الاحتجاج اليس هذا ما كنت تأملين الحصول عليه؟
لحسن الجظ لم يسمعه احد وحاولت ان تتصرف وكأن شيئا لم يحدث وقطع الدكتور براوننغ الصمت:
-ساحدد لك موعدا لمقابله المختص بمستشفى الملك ادوارد فى مدينه برمنغهام سيده اوكيف
- ولماذا احتاج الى اخصائى انا سعيده بما فعلتموه لى هنا
- انا لن اكون راضيا الا حين ان يراك اخصائى حين تحضر الى هنا سيد اوكيف غدا لاستلام صور الاشعه ونتيجتها سأتمكن من تحديد الموعد لك وستوفر الكثير من الوقت لو اخذت الصور معك
هز ماركوس رأسه بنفاذ صبر وكان فى طريقه للعوده الى وندشلتر صامت وخلال الغداء لم يتكلم كثيرا واعتذر فيما بعد لتتمتم ايفورى عن تلقينه درسا....... لم تفهم منيرفا ما تعنيه
لم تشاهد منيرفا ماركوس باقى اليوم لكنه كان يستند الى سياج الشرفه حين حضر ريك ليصطحبها الى العشاء وقفز قلبها بعنف لدى رؤيته هناك لكن ريك امسك بذراعها ليقودها نحو السياره وتظاهرت بعدم الاكتراث مع انها احست بالذنب دون اى سبب فقد جعلها وكأنها ذاهبه الى مغامره غراميه رخيصه بدل ان تكون تمضى سهره رائعه مع صديق قديم تثق به ولن يلمسها الا بطريقه مهذبه
لو انها فقط تستطيع جعله يفهم كم هو مخطئ لكن ما الفائده؟ هو حر فى الاعتقاد بما يشاء وفى هذه اللحظات هو مقتنع بأنها فى طريقها لقضاء سهره حمراء

برنس وصاب 09-23-15 04:56 PM

-6-وكرهت ضعفها

تناول العشاء مع ريك كان الترياق الذى تحتاج اليه منيرفا بألحاح انه شخص تستطيع التحدث اليه شخص تستطيع ان تسر له بسرها لكن فوق كل هذا انه شخص تستطيع ان تسترخى معه وتكون على سجيتها معه علاقتهما طالما كانت مريحه دون اى توتر مما يحدث بين رجل وامرأه ربما هذا مرده انهما يعرفان بعضهما منذ زمن بعيد وانهما يفهمان بعضهما تماما
سألها فجأه :
- الا زلت حزينه على موت غاى؟
فغادرت الابتسامه عينيها
- سأبقى على الدوام اسفه على فقدان مهندس بارع لامع مثله فقد حياته فى حادث سخيف كهذا لكن....
اكمل حديثها حين توقفت:
- لم تعودى تتألمين لاجله كثيرا؟
-لا
-هل اخذ احد مكانه ؟
-لا
ثم ضحكت :
- لم اكن بارعه فى اخفاء شئ عنك صحيح؟
-اهو ماركوس اوكيف؟
انه تقرير الروائع ولم يكن سؤالا فنظرت اليه فى دهشه:
- وما الذى اعطاك هذذه الفكره؟
- لدى الرجال حاسه سادسه احيانا
حدثا بعضهما طويلا ثم اخفضت نظرها عنه
- ريك اريدك ان تعلم اننى احببت غاى واحترمته وانا واثقه باننا كنا سنسعد معا
- لكن؟
- ما احس به نحو ماركوس مختلف تماما
-بأيه طريقه؟
- مجرد انجذاب له لكن بطريقه لم يجذبنى بها رجل من قبل وهذا ما يخيفنى احيانا
عبس ريك:
-ليس هناك خطأ ان تنجذبى الى رجل
-لكن هذا لايعنى بالضروره ان احبه اهذا ماتحاول ان تقول؟
-بطريقه ما وكيف هى مشاعرك نحوه من وجهه اخرى؟
تنهدت منيرفا ثم احتست قليلا من قهوتها:
-خلال الاسابيع التى عرفته فيها دفعنى الى الغضب عده مرات فى بعض المناسبات كدت ان اضربه
- لا يبدو لى هذا من طبيعتك اعرف انك هادئه لا تميلين الى العنف
- اكاد لا اعرف نفسى هذه الايام كل مره اكون فيها معه ينجح فى تشتيت تماسكى ويخرج اسوأ ما فى نفسى لكن ربما هذا عائد الى انه يظهر لى بوضوح انه يكره النساء ماعدا امه ولويزا ماكجيل
- هكذا اذن..
ووجدت نفسها مدفعه للدفاع عن نفسها :
- لا اغار منها اذا كنت هذا ما تظنه
- الا تغارين ؟
- سيتزوجها
- اوه ياعزيزتى
مالت نحوه فوق الطاوله:
- ريك لقد تألم من قبل وانا اعرف تماما ان لويزا ستؤلمه مره اخرى
لمعت الدهشه فى عينى ريك السوداء:
-ايعنى ذلك لا زلت تهتمين لما سيحدث له بالواقع انه يدفعك الى الغضب كثيرا؟!
-لكننى لا استطيع التفكير بأنه سيتألم مجددا و....
صمتت ثم ابتسمت يحزن:
- اعتقد اننى فعلا احبه اليس كذلك؟
- اقول انك تحبيه اكثر من اللازم
تنهدت متوتره:
-اعرف هذا
- قلت انه يكزه النساء فما سبب كراهيته لهن؟
- انه يؤمن ان كل النساء متقلبات ويعتقد اننى انا وانت كنا حبيبان يوما واننا نكمل علاقتنا التى انقطعت وهو مقتنع تماما اننى من الفتيات اللواتى يقفزن فى اى فرصه بين ذراعى رجل
- لابد انه ابله
-انها فقط لا يسمح لنفسه ان يثق بأمرأه
-هل حاولت تغيير رأيه بك؟
- لا.... كل مره يتهمنى فيها بغير عدل اغضب واجاريه باتهامه لاغيظه لكن هذا يدفع الى اذدياد سوء الظن بى
- لكن هذا ليس بالرأى الحكيم
-اعرف لكن ماذا استطيع ان افعل؟ كيف لى ان اثبت له اننى لست ذلك النوع من الفتيات ؟ على كل حال ليس هناك جدوى من كل هذافهو سيتزوج من لويزا وانتهى الامر
حين اوصلها الى المنزل اوقف سيارته امام الشرفه احست بنفس التوتر المألوف اضافه الى شئ لم تستطع تحديده واحست انها مراقبه وقال لها ريك:
-ما اود قوله لك اننى عائد فى نهايه الاسبوع الى لندن انتدابى الى هنا انتهى واظن انه حان الوقت لى ان افتح عيادتى الخاصه
ردت ساخره:
-وان لك ان تجد زوجه وتستقر
- حسنا اتصلى بى حال عودتك الى لندن اتفعلى؟
- واين اجدك؟
- سأعود الى شقتى القديمه ورقم هاتفى لا يزال كما كان
مالت الى الامام تقبل خده مودعه:
-سأتصل بك وشكرا على اصغائك الرائع لى
لحظات بعدها كانت تدخل المنزل الغارق فى الظلام لكنها تمكنت من الوصول الى السلم دون صعوبه لكن حين وصلت الى غرفتها استوقفها صوت اجش:
- اظنك امضيت امسيه طيبه؟
وتقدم نحوها عند باب غرفتها فردت بهدوء:
-امضيت امسيه رائعه شكرا لك
- وهل ستريان بعضكما قريبا؟
-ليس قبل وقت انه عائد الى لندن فى نهايه الاسبوع
- كم من الؤسف ان يكون جمع شملكما قصير هكذا لكن لا شك انكما ستتقابلان مجددا بعد اسابيع قصيره وجدت ان لا جدوى من الكذب فقالت بخفه:
-لقد رتبنا امر هذا
ابتسم:
-هذا يعنى ربما انك تمكنت من اعاده تعليقه مره اخرى لن تتركيه بسهوله اليس كذلك؟
اللعنه عليه كانت تقوم بما فى وسعها لكى لا تفقد اعصابها معه لكن على عكسها يقوم بما وسعه ليثيرها
- ارجوك سيد اوكيف انا متعبه ولا اريد ان اجادلك
- لم اكن اعرف اننا نتجادل ظننت اننا نتناقش امر الامسيه التى قضيتها مع ريك
- ليس لدى رغبه فى مناقشه هذا معك
ارتفعا حاجباه فوق عينيه ليشكلا قوسا ساخرا:
-لا تقولى لى فجأه انك اكتسبت الاحساس بالخجل؟
اجبرت موجه جديده من الغضب ان تهدأ وقابلت نظرته الساخره دون قلق:
- انا لم افعل شيئا فى حياتى يجبرنى على الخجل هذه هى الحقيقه
- وهل لى ان اصدقك وان لريك برايل سمعه فى غوايه من يخرج معهن من النساء؟
- ريك لم يحاول مره ان يغوينى لا بالكلام ولا بالفعل وهو يعرف كذلك اننى لن اسمح له بذلك
حدق بها صامتا ثم قال
- كدت ان اصدقك لكن خبرتى بالنساء علمتنى ان النساء يكذبن بطريقه مقنعه
- وانت لن تعرف لو ان الحقبقه اضيئت امام عينيك
- ربما انت محقه لكن فى الواقع احتاج الى قناعه ومن غيرك يستطيع ان يفعل هذا
كان من المفروض ان تكون محضره لما سيلى لكن يبدو ان تجاوبها قد شله قربها منه ففى اللحظه التاليه وجدت نفسها تنسحق على صدره الواسع ويداه تلتفان على ظهرها بوحشيه جعلت كل احاسيسها تتحرك بعنف كان فى تلك اللحظه يمكن ان تتخلى عن اى شئ لكى لا تتجاوب معه لكن جسدها تراخى حين وصل الى احاسيس لم تكن تتخيلها واخذت يداه تداعبانها بحريه واخذت ترتجف ورفعت يدها قاصده ان تدفعه عنها ولكن لا تدرى كيف اصبحت يدها متشابكه خلف رأسهالاسود الناعم الملمس لكن ما ان تركها فجأه حتى ادركت مدى غبائها .....وقال بسخريته المعتاده:
-اتسمحين عاده لاى رجل بهذه الحريه معك؟ام ان ريك برايل لم يشبع رغباتك الليله؟
كلماته لدغتها بعمق تدفعها بأنها ساقطه وقبل ان تستطيع التفكير كانت ان رفعت يدها لتصفعه بحده على خده وبدا ان الصوت دوى فى الممر الفارغ واصبحت بيضاء شاحبه ترتجف من الصدمه بعد ان ادركت ما فعلت ووقف ماركوس دون حراك يشد يديه بقبضتين الى جانبيه وتابعت النظر الى عينيه لتعرف حقا ما هو الاحساس بالخوف مع ذلك حين تكلم كان كلامه باردا لاذعا هادئا:
- الحقيقه تؤلم اليس كذلك؟
ثم استدار على عقبيه وانصرف ليتركها تحس انها لا يجب ان تلوم الا نفسها على ما تتلقاه منه
لم تكن منيرفا قادره ان تقول صدقا انها تتطلع باشتياق للخروج مع ستيفن بعد ان دعاها الى حفله الربيع الراقصه فى نادى الوادى يوم السبت لكن الوقت فات لتغيير رأيها فحضرت نفسها بحماس منخفض واختارت فستان سهره حريرى ازرق كان لا يزال جديد تقريبا ثم مررت الفرشاه فى شعرها المتموج ليلتف كالعاده لكنها قررت العكس غير عابئه بما يفكر فيه ماركوس فهذا المساء على كل حال عطلتها
وهى جالسه على الطاوله المعده لاربعه لم تستطع ان تبعد عينيها عن ماركوس كان حوله هاله رجوله لا يمكن تجاهلها وكانت تشعر باضطراب عنيف وهو يمر بها ليأخذ لويزا الى حلبه الرقص لم يطلب منها ان تراقصه حتى حين طلب ستيفن لويزا الى الرقص لكن ماركوس كان ينظر الى ابن عمه بكراهيه من وقت لاخر واحست منيرفا بنفس الشعور عندما طلبها ستيفن للرقص لمحاولته ضمها اكثر من اللازم وبعد حلول الحاديه عشر بقليل تجرأ شاب على مطالبه ستيفن فى تبادل الفتيات فى الرقص الذى بدا مسروا بذلك سرعان ما اعتذرت منيرفا من الشاب لتعود الى الطاوله وبدا انه مهتم فى مرافقتها لادراكه انها وحيده فاعتذرت ثم تسللت بعد قليل الى الخارج لتتمتع بالسير فى حديقه النادى الخضراءالمورقه العطره بقيت ملازمه للظل وسارت الى مسافه بعيده عن الضجيج العشب كان ناعما تحت قدميها يخفى وقع اقدامها وهى متجه نحو شخصين يقفان فى الظلام متلاصقين تحت ظل شجره كانا غير واعيين تماما لتقدمها كذلك هى كانت لا تحس بوجودهما الى ان اوقفها صوت لويزا فى مكانها ......
كانت تهمس بصوت ملحاح :
- اوه ....ستيف.... ستيف..... ضمنى اليك ارجوك ..... قبلنى ارجوك
وصلت ضحكه ستيفن المنخفضه اسماع منيرفا واتبعها تمتمه متحشرجه:
- انت شيطانه صغيره لويزا .... حبيبتى!
تراجعت منيرفا نحو الظل لتشهد ذوبانهما معا خائفه ان تتحرك تشعر بالغثيان من الاشمئزاز بقييت للحظات دون حرك اذا لقد خططا لحضور هذه الحفله معا لعلمهما ان هناك فرصه قد يختليان فيها معا وماركوس دون وعى منه اتاح لهما هذه الفرصه تفكيرها بماركوس جعلها تتراجع فى خطواتها بهدوء تام
لرعبها كان ماركوس اول شخص قابلته حين توجهت الى الشرفه وفى عجلتها اصطدمت به وانقلبت الى شحوب ابيض حين مسك بها ليعيد لها توازنها ثم سأل:
- هل شاهدت لويزا؟
ردت كاذبه مرتبكه:
- انا ...لا....لم ارها
وكرهت لويزا لما كانت تفعله بماركوس الذى قال :
- اذن يجب ان ابحث عنها
احست ببرود تام وهو قد يتجه الى الحديقه حيث لويزا بين ذراعى ستيفن
- ماركوس....
استخدام اسمه الاول لم يكن مقصودا لكن هذا ما اوقفه ليستدير اليها ببطء تفكيرها لم يهدعا سوى لطريقه واحده لمنعه من رؤيه المشهد الغرامى الذى شهدته منذ لحظات
واكملت مبتسمه:
- اعلم ان الوقت متأخر لكن مدين لى برقصه
رفع حاجباه ساخرا :
- من المعتاد ان يطلب الرجل من المرأه الرقص وليس العكس
- اعرف هذا فهل ترفض؟
التوى فمه بأبتسامه :
لن اقبل ان يقال اننى رفضت طلب امرأه فى شئ ترغبه
لمعان عينيه اخبرها بماذا يفكر فيه وهو يقودها الى حلبه الرقص لكن ان يظن بها الاسوأ افضل من ان تبدد اوهامه فى الفتاه التى يثق فيها احست بخفه لمسته الحساسه على ظهرها لم تسهل لها الحفاظ على اعصابها وهو يقود خطواتها بخفه عبر الساحه المقتظه كانت تعرف ان هذا كله نوع من الجنون
لراحتها وجدت لويزا وستيفن عند الطاوله وما من احد كان ليعرف ما كان يجرى بينهما فى الظلام واسقمها هذذا الخداع وشعرت بفقدان احترامها لستيفن بالاضافه الى لويز
وقال ماركوس:
- تعالى لويزا حان وقت اخذك الى المنزل
- اوه لكن حبيبى يجب ان ترقص معى رقصه اخيره قبل عودتنا الى المنزل
- لقد فاتك هذا عزيزتى لقد انتهت اخر رقصه لى هذا المساء وسنعود الان الى المنزل
لف مشلحها على كتفيها لهجته لا تدعو الى الجدال واذعنت لويزا بخنوع ادهش منيرفا التى التقطت مشلحها وقالت :
- انا كذلك اود العوده ستيفن
هز ستيفن رأسه :
-بكل تأكيد
كانا على مسافه بعيده متجهين الى المزرعه حين قال ستيفن بعفويه:
- اراك هادئه جدا
- هذا لاننى مضطربه فلقد شاهدتك مع لويزا فى الحديقه
بدا القلق عليه:
- اوه استطيع تفسير هذا منيرفا
- اتمنى لو تفعل
- لويزا اكبر عابثه فى الجوار وهى جميله لذلك مستحيل على اى رجل ان يقاومها
- لم يبد انك كنت تحاول مقاومتها فى الواقع كنت تقدم لها التشجيع بقدر ما تتلقاه
ضحك ضحكه اصطناعيه وقال:
- انت خاطئه منيرفا كل ما استطيع قوله انها اثارتنى
- تعترف اذن.....
- اجل اعترف لن تخبرى ماركوس عما شاهدتيه ..... اليس كذلك؟
ضعفه استوجب شفقتها من قبل لكنها الان تكرهه لضعفه:
- لن يصدقنى لو قلت له
ضحك ستيفن :
- انت على حق لن يصدقك
صمتا معا الى ان وصلا الى المنزل فوضع يده على ذراعها ليمنعها من النزول:
- هل انت غاضبه منى منيرفا؟
- الوصف الصحيح خاب املى فيك كنت اظنك متعقلا
- انا اسف
- ونا كذلك عمت مساءا
لوت ذراعها تخلصه منه ونزلت من السياره مسرعه نحو المنزل لكن بالرغم من تأخرالوقت لم تستطع الدخول الى الفراش الا بع ان سمعت صوت سياره ماركوس تعود عندها قررت استنشاق بعض الهواء النقى لعله يصفى ذهنها الذى تغلفه الافكار
لو انها تعلم ماذا يخططان لحذرت ماركوس منهما ....لو..... ما هذه الفكره العقيمه ماركوس لن يصدقها مطلقا وفى النهايه قد يخطئ فى تفسير مراميها انه حقا غبى ليضع ثقته العمياء فى لويزا القادره على خداعه دون جهد لكن لا تستطيع فعله فهو فى النهايه سيتألم مجددا....
شئ ما.....جعلها تدرك انها لم تعد وحدها فى الشرفه فاستدارت لترى ماركوس يتقدم نحوها قائلا :
- يبدو ان كلانا عند نفس المشكله الم تستطيعى النوم؟
- لا
- بطريق ما هذه السهره لم تكن ناجحه اكنت تأملين ان آخذ تقربك منى بجديه؟
رت بعنف:
- لا
- انا لا اهتم كثيرا بحديث من جانب واحد
- آسفه
استدارت عائده الى غرفتها
- مينى...!
وقفت جامده عند عتبه الباب ثم استدارت لتراه يتقدم منها ببطء ما من احد منذ وفاه ابيها ناداها بأسم منى وسماع اسم التدليل من ماركوس بدا غريبا لكن مرضى رفع يده الى شعرها الذهبى المنفلت كهاله من العسل حول كتفيها لشخص يصر دائما على ان تبقيه مرفوعا فى دائره حول رأسها بدا لها انه يتمتع فى تمرير اصابعه فيه يده الاخرى كانت حول خصرها فشدتها اليه واحست ثانيه بذلك التيار الكهربى يلسع مشاعرها مجددا لكن صوتا داخليا صاح بها مجددا :هذا خطأ مع انها لم تشعر انه يدفعها الى الخلف نحو غرفتها .... لكن حين احست نفسها تصل الى السرير وهى بين ذراعيه تماما بأت تحتج:
-ماركوس
لمسته الخفيفه اضعفتها لتصمت وتحس بنوع جديد من المشاعر يحرق جسدها ولكن حين تكلم كان صوته ملئ بالهدوء وكأنه حد السيف القاطع:
- تلعبين دور العذراء الخجوله ببراعه وقد يصدقك غيرى لكنك لن تستطيعى خداعى
رفعت يدها لتلطمه لكن اصابعه القاسيه امسكت بمعصمها لتضغط عليه لدرجه ان صرخت الما
- رفعت يدك على مره من قبل لكنك ستدفعين ثمن تكرار المحاوله
قاومته بكل ذريه قوه متبقيه فيها لكن جسدها الخوان يتجاوب امام عنفه ولم يتوقف عن تهجمه الا عندما صارت ترتجف تكاد تفقد الوعى ....... فابعدها عنه قائلا بسخريه متوحشه:
- تصبحين على خير انسه فالارين ارجو لك نوما هادئا
خرج قبل ان ترد وكانت ترتجف من قمه رأسها الى اخمض قدميها بشكل محموم احست نفسها رخيصه منحطه وكرهته لما يفعله فيها لكنها قبل اى شئ اخر كانت تكره نفسها لضعفها.

برنس وصاب 09-23-15 04:57 PM

-7-اتفهمين معا

غادر ماركوس وامه ومنيرفا المنزل صباح الاثنين متوجهين اللا برمنغهام حيث من المتوقع ان تقابل ايفورى الاخصائى وكما فى السابق جلست منيرفا بجوار ماركوس الرحله استغرقت عده ساعات وشعرت بالراحه عندما حجز لهم ماركوس غرفا بالفندق الفخم غرفتا ايفورى ومنيرفا فى الرابع بينما غرفه ماركوس فى الثالث بعدها مباشره توجهوا الى مستشفى الملك ادوارد
لم يستمر الفحص الطبى اكثر من نصف ساعه شعرت منيرفا بأنها ساعات طويله ومظهر ايفورى المرهق يدل على انها احست بنفس الشئ وعاد ثلاثتهم الى الفندق حيث اكدت ايفورى لمنيرفا انها بخير لكنها متعبه قليلا فسألها ماركوس:
- وما هى نتيجه الفحص؟
استراحت ايفورى فى كرسيها :
- سيرسل تقريرا مفصلا للدكتور براوننغ لكن الاخصائى قال اننى بخير بما يكفى لان احاول السير بعصا بدلا من العكازين اللعينين قال ان وركى شفى تماما لكن يجب ان استمر بالحذر
ابتسمت منيرفا:
- هذا يعنى اننى يجب ان ابدأ بالتحضير للعوده الى لندن
- ليس الان منيرفا لا اظن اننى مستعده بعد لللاستغناء عن مساعدتك
- بالطبع مستعده انت الان لاتحتاجين الى مساعده
- ومن تظنين سيساعدنى فى التمارين الرياضيه؟
- لم تعودى محتاجه الى تمارين قاسيه
- لا تجادلينى منيرفا فانى متعبه ساتناول العشاء وانام
- هذه فكره جيده
لكن ايفورى فاجأتها باقتراح طرحته على ابنها :
- لماذا لا تأخذ منيرفا للعشاء الليله؟ فى الفندق ناد ليلى رائع عاده فيه فرقه موسيقيه لمن يهوى الرقص
احمر وجه منيرفا حرجا:
- سيده اوكيف ارجوك انا قادره على تسليه نفسى هذا المساء ولا حاجه......
رد ماركوس بنعومه ادهشتها:
- سأكون مسرورا لو قبلت العشاء معى
صاحت ايفورى بصوت منتصر:
-هاك ارأيت ؟ وسأكون مسروره اكثر لو قبلت دعوته
تنهدت على مضض:
- حسن جدا سيده اوكيف تكسبين
ابتسمت بابتهاج:
- عظيم اذهبا الان ودعانى استريح
حين واجهت منيرفا ماركوس خارج الحجره قال لها بصوت حاد:
- سأقوم بالترتيبات اللازمه والقاك فى غرفتك بعد ساعه
لم تفكر بشئ ترغب فيه الا بقضاء هذه الامسيه معه لكن الفكره نفسها ارعبتها نظرت لنفسها فى المرآه لكى ترضى نفسها عما ترتديه هذا المساء محاوله بجهد للسيطره على اعصابها حين خرجت لتلقى بماركوس المنتظر بالخارج والمصعد ينقلهما الى الطابق الاخير حيث النادى الليلى ران عليهما صمت تمنت لو ان يقول لها شئ لكن سرعان ما انفتحت ابواب المصعد وتقدم نادل يرتدى ستره حمراء يصحبهما الى الطاوله فى القاعه المزدحمه
بمواجه بعضهما عبر الطاوله المضلءه بالشموع يتناقشان حاله امه وتقدمها بالتفصيل انه حيث آمن.... لكن حين وصل العشاء اخذ الحديث اتجاها شخصيا اخر اذ قال لها ساخرا:
- تبدين كارهه ان تتعشى معى الليله اكنت تخططى لقضاء السهره مع شخص اخر؟
- لا تكن سخيفا لا اعرف احدا هنا
- كنت اتسائل فقط
- اذا كنت تريد ان تعرف كنت متردده فى قبول دعوتك احسست ان امك اجبرتك عليها
- احب ان اريح بالك بهذا الخصوص كانت دعوتى جاهزه لكن امى سبقتنى اليها
هزت رأسها وقالت :
- لا اظننى قادره ان اصدقك
هز كتفيه وقال :
- ليكن ما شئت
- وهل ازعجتك؟
- لم اقابل مرأه اكثر منك ازعاجا فى حياتى لكننى استطيع ان اقول اننى سأستمر حيا بعد هذه السهره
- سيد اوكيف .... اننى...
- اسمى ماركوس كنت اظن اننا تخطينا تلك الرسميات منذ تلك الامسيه
- لكننى ...
وصمتت محمره الوجه،فسأل ببرود:
- ماذا كنت ستقولين؟
- لا اظن ان الامر مهما الان
- وان كذلك لا اظنه كذلك ..... لك عينان جميلتان مينى ..... لكن اتسائل ماذا يخبئ تحت عمقهما البارد؟
- لماذا تنادينى مينى؟
- احب ترداد الاسم فهل لديك مانع؟
هزت رأسها تبتلع ريقها بصعوبه:
- الشخص الوحيد الذى كان ينادينى بهذا الاسم كان والدى
- اتمنى الا تفكرى بى كأب لك
ردت متصلبه:
- هذه ابعد فكره عن رأسى انت لا يمكن ان اصفه بصوره اب
- وهل احس بالاهانه فى هذا الكلام؟
- ما قلته لم يكن اهانه
اكمل طعامه صامتا ثم قال:
- اخبرينى عن عائلتك
- والداى توفيا منذ سنوات ولدى اخت تعيش فى شالكوت على بعد ساعه من لندن
- اهذا كل شئ يقال؟
- تاريخ عائلتى لا يثير الاهتمام كثيرا
لاحظ انها لا تأكل اللحم فسأل:
- هل اطلب لك شيئا اخر؟
- لست جائعه
- ولا انا اترغبين بالرقص؟
كادت ان ترفض الا انها لم تستطع مقاومه التحدى فى عينيه . وامسكها قريبه منه لتضع يدها فى يده ويقودها بين عده ازواج من الراقصين وتلامس جسدهما واحست بالتوتر يتراقص بينهما كما لم يحصل من قبل حاولت الابتعاد عنه لكنه شد ذراعه حول خصرها وتحولت الشراه الى لهيب يذيب توترها الى ان استرخت تماما بين ذراعيه لتتمتع بالقرب القصير المدى بينهما لن يكون هناك فرصه اخرى لها لن تسمح لها.... ولن تستطيع التشجيع لها
قاطع الصوت المنخفض الاجش افكارها :
- اهناك شئ خاطئ؟
- اود العوده الى الطاوله اذا كنت لا تمانع
دس ذراعه تحت مرفقها ليقودها الى الطاوله ليعودا الى الوجبه التى لم يمساها بعد وهما يجلسان بصمت التقت عيونهما فأحست احساسا غريبا جعلها تحبس انفاسها وتابعت النظر اليه وكأنها تتمسك بحبل نجاه يمكن له ان ينقذهامن الوقوع وارتسم مشروع ابتسانه على شفتيه وانخفض ببصره الى فتحه فستانها التى تكشف الكثير فعاد الاحمرار الى وجنتيها .... اللعنه عيه لكن هذه القدره على ازعاجها ليست غريبه عليها ويجب الا تتركه يحس بأنها غبيه لدرجه ان ترمى قلبها بين اقدامه
اعتمت الاضواء ايذانا ببدء الاستعراض وما هى الا بلحظات حتى خلت قاعه الرقص من الراقصين وتسلط الضوء على امرأه جميله رشيقه الجسد دعاها قائد الفرقه بأسم انيتا ثم بدأت الغناء واكتشفت منيرفا ان لصوتها نوعيه جذابه تتناسب مع كلمات الاغنيه واحست بأنها متأكده ان ما من رجل فى الصاله الا ويشعر ان الاغنيه تعنيه هو لوحده لكنها حين نظرت الى ماركوس رأت ان تعابير وجهه لم تتغير فاعادت اهتمامها للفتاه التى اخذت المذياع من مكانه واخذت تتنقل بين الطاولات
لم تستطع منيرفا كبح دهشتها حين توقفت المغنيه قرب طاولتها بعد قليل وشعرها الاشقر يسترسل على وجهها بأغراء غنت الاغنيه لماركوس وحده.....لكنه لم يرف له جفن حتى حين وضعت الفتاه يدها على ساعده مداعبه ثم رفعتها الى كتفه ليصبح صوتها اكثر اغراءا وهى تنحنى نحوه وبأبتسامه على شفتيها لتكشف له ما يمكنه ان ينظر له بحريه من فتحه فستانها .... لكنه على عكس الاخرين الذى حاولوا جذبها اليهم بدا غير متأثر بما تقوم به الفتاه من عرض له وحده ولم يظهر اى دليل على التأثر كذلك حين جلست انيتا من تلقاء نفسها على ركبتيه ومررت يدها فى شعره الاسود الكثيف
تركت انيتا حجره بتردد ظاهر نحو طاوله قريبه لكنها لم تكرر ما فعلته مع ماركوس مع ان عينيها كانتا ترتدان بأستمرار نحو ماركوس وببطء تحرك خصرها مع ايقاع الموسيقى عادت الى الباحه عند انتهاء اغنيتها لتتلقى التصفيق بيدين ممدودتين
ظنت منيرفا ان هذا اخر ما تراه من الفاتنه انيتا لكنها كانت مخطئه فقد شقت الفتاه الصفوف لتتقدم اليهم وتقول بصوتها الاجش المثير:
- مرحبا ماركوس لم اكن اتصور ان اراك هنا ما الذى جاء بك الى برمنغهام ؟
- جئت مع امى لمقابله اخصائى
وجذب لها كرسيا لتجلس
-اوه صحيح سمعت عن الوقوع الزعج الذى حصل لها
التفتت لتتفحص منيرفا ثم قالت:
- كم انت خبيث اخر مره رأيتك فيها كنت مع تلك الصغيره لويزا التى كانت ترمقنا بعينان تقذفان اللهب لكنى اجدك اليوم مع فتاه مختلفه تماما
قدم ماركوس الفتاتان بطريقه رسميه ثم قال:
- منيرفا تعتنى بأمى
- ماركوس حبيبى حين وقعت عقد العمل فى كونترفيرى كنت قد احسست بالضجر الى ان التقيتك لكننى لم اعتقد ان اراك ثانيه وبكال تأكيد ليس هنا كم ستقيم هنا؟
- سنرحل صباح الغد
- كم انا محظوظه يجب ان اكون فى كونترفيرى مساء فهل من الممكن ان توصلنى؟
حبست منيرفا انفاسها لكن ماركوس نقل بصره خلف الفتاه حين قال :
- قائد الفرقه يحاول لفت اهتمامك انيتا
- سأنهى عملى حوالى الثانيه عشر فأذا لم تتبق هنا كثيرا تعالى الى غرفتى لنحتفل قليلا
وقفت انيتا متجهه لتأديه وصلتها الثانيه فوقف ماركوس فجأه وقال لمنيرفا:
- تعالى سنخرج فى نزهه بالسياره
احست بالغضب يرجف يده وهو يضع المشلح حول كتفها وهى تعرف السبب هاجمتها موجه غيره لم تعرف مثلها من قبل واضح انه يريد البقاء مع انيتا لكنه مضطر على ان يبقى مع فتاه يكرهها
امام السياره استداراليها ليقول:
- اترغبين فى تحريك قدميك قليلا؟
- الى اين...؟
- اعتقد ان هناك متنزها فى الحديقه العامه قريبا..... اتشعرين انك قادره على السير معى؟
ردت بصعوبه مصطنعه:
- قد استفيد من الهواء النقى
وتطلعت حولها نحو الحديقه المزينه بالانوار الملونه المنتشره بين الاشجار تضيئ الممر المتعرج قطعا جسرا خشبيا صغيرا ليصلا الى ماكن ظليل اكثر ظلاما وكاد قلبها يقفز من صدرها حين احست بيده تلتف حول خصرها وهو يسير بها نحو مكان اكثر عزله وخمنت الى ما يرمى اليه مع ان كل جزء منها يصرخ رغبه فى ان يحيطها بذراعيه الا انها ابتعدت عنه لتضع بينهما مسافه امنه
- مما تخافين مينى؟.....منى ام من نفسك؟
- لم آتى معك لتعاملنى بخشونه
- اذن لماذا اتيت معى؟
- اذا كنت بحاجه الى اثاره اكثر ماركوس اقترح ان تتقبل دعوه انيتا
- شكرا لك كنت آمل ان تقولى هذا
حين عادا الى الفندق قال لها فى الفناء الداخلى :
- تصبحين على خير
وتركها تصعد وحدها الى الغرفه وهناك حاولت اراحه اعصابها المتوتره فوقعت عيناها على ساعتها لترى انها قاربت الثابيه عشر وانيتا ستنهى عملها الان وستعود فى وقتها المناسب لانضمام ماركوس اليها ليتمتعا بحفله خاصه حميمه حاولت ان تبعد كل افكارها عن رأسها وهى تخلع ملابسها لتصعد الى السرير طالما ادانها لشكه فى اخلاقها لكن اين هذه الاخلاقيات التى يدعيها الان؟
لم تدر اطلاقا كم كانت الساعه حين نامت لكنها استفاقت فى الصباح لتشعر بصداع عنيف يكاد يفجر رأسها على الفور وضبت حقائبها قبل التوجه الى غرفه ايفورى التى رأتها تعمل على حياكه الصوف وهى جالسه فى كرسيها تجهم وجه العجوز ذكرها بماركوس فقالت منيرفا:
- اهناك شئ خاطئ سيده اوكيف؟
صاحت ايفورى:
- انا غاضبه هذا هو الامر الخاطئ لقد دخل ماركوس لتوه ليقول انه سيوصل فتاه تدعى انيتا الى كونترفيرى
- وما المشكله فى هذا؟
- المشكله انه قال انه سيمضى الليل هناك فى نفس الفندق الذى ستغنى فيه الفتاه وانا اشم رائحه نتنه واقول لك ان هذه الرائه صادره عن الفتاه انيتا بالذات
تظاهرت بالهدوء وقالت هل استدعى الحمال ليأخذ الحقائب؟
- اجل وانا اسفه ما كان يجب ان اصرخ بوجهك
- افهمك تماما ...
- اتفهمين حقا؟
كانت سيارته متوقفه امام مدخل الفندق وجلستا فى المقعد الخلفى لكن ربع ساعه مرت دون ظهور انيتا فتمتم ماركوس شيئا عن تأخر النساء دائما فى الوصول
ولم تتحمل ايفورى ما سمعته فاطلت من النافذه وقالت بحده :
- ارجو عفوك يا ماركوس لكننا وصلنا قبل الموعد الذى حددته لنا بكثير
- لم اكن اعنيكما امى
- هل اقترح عليك اذن ان توجه شتائمك الى من تسببت بالتأخير وليس على النساء عموما
- لاجل الله امى ابتعدى عن ظهرى
لكن امه لم يرهبها غضبه :
- انت ابله ماركوس لن اضيع شفقتى عليك لو لم تعد الى رشدك سريعا
استدار نحو امه عابسا:
- لست احتاج الى شفقتك بل الى صمتك فقط
تصاعد غضب ايفورى التى قالت:
- لماذا انا مضطره الى الجلوس مستكينه بينما ابنى مصمم على تدمير مستقبله؟
-اعرف ما افعل امى
-بدأت اشك فى ذلكلكن لا تقل اننى لم احذرك
رمى ماركوس سيجارته ارضا وداسها متمتما:
- ها قد وصلت
خرج حمالان من الفندق يحمل كلا منهما ثلاث حقائب على الاقل يتبعانها لكن لا الثلاث حقائب ولا الحمالان هم من لفتا اهتمام المرأتين .... انها انيتا وبنطلونها الرقيق الملتصق بساقيها وبلوزتها المختصره جدا ما جعل ايفورى تشهق بحده تشاركها فى ذلك منيرفا لم تكونا بحاجه الى اشعه اكس لتدركا انها لا ترتدى شيئا تحت البلوزه او البنطلون وفتحه صدرها لم تترك شيئا للمخيله لكن فى ضوء النهار تأكدت منيرفا ان لون شعرها الاشقر اصطناعى وصاحت ايفورى قائله:
- فلترحمنا السماء انظرى الى هذا!!
نظره واحده الى وجه ايفورى جعلها تصيح بها:
- ارجوك سيده اوكيف انت تكدرين نفسك دون طائل اذا لم تتوقفى عن هذا سأعطيك مهدئا
- وهل تلوميننى ؟ كنت مستعده لتحمل لويزا لاجله لكن تصورى وجود هذه فى منزلى ..... حسنا سأحسن التصرف
موجه من رائحه تاعطور دخلت مع انيتا فى السياره حين صعد ماركوس خلف المقود لاحظت منيرفا وجهه خالى من اى تعبير لكنها احست بتوتره.....ووجدت صعوبه فى كبح ابتسامتها حين سمعت صوت الفتاه الاجش المثير يقول:
- لطف منك ان تعرض على توصيلى سيد اوكيف انا بكل بساطه اخشى المسافات البعيده المتعبه
- من دواعى سرورى انيتا
صيحه استهجان ايفورى ذهبت سدى امام ضجيج حركه السيارات.....

برنس وصاب 09-23-15 04:58 PM

-8-التهديد المخيف

وصلوا كونترفيرى بعد الظهر بعد تناول غداء متأخر رافقت منيرفا السيده الى غرفتها تاركتان ماركوس لوحده مع انيتا..... لكن التوتر دعا منيرفا لتغادر غرفتها فيما بعد لتسير لتتفرج على مركز التسويق الممتد بمحاذات فندق لوفريك الاثرى الذى ينزلون فيه ....وتقدم شاب ليسير قربها
- لابد ان هذا يوم حظى الا تذكرينى انسه فالارين؟
توقفت لتحدق به :
- التقينا من قبل .... لكننى لا اتذكر...
- انا ديف كرينز رقصت معى فى حفله النادى الربيعيه الا تذكرى؟
- اوه اجل كنت يومها تتصنع التأنق والعجرفه
- وهل نجحت فى اخفاء حقيقتى؟
- اجل
- اتظنين هذا؟
- انى امازحك سيد كرينز
- اسمى ديف هل لى ان ادعوك منيرفا؟
-هل تتحرك دائما بهذه السرعه؟
- حين اظن اننى ساخسر اذا لم افعل
- هل اعطيك الرد فيما بعد؟
- سأحاول ان اكون صبورا
- ماذا تفعل هنا؟
- انا فى اجازه...وانت؟
- سنتوقف للراحه ثم نعود فى طريقنا الى ويندشلتر....
-هذا يعنى انك هنا مع ماركوس وامه؟
- اجل
- اذا ... لا فرصه امامى اليس كذلك؟
- فرصه ماذا ؟
- فرصه اقناعى لك بالعشاء معى؟
قررت فى لحظه:
- لقد اقنعتنى
- صحيح؟
- اجل سأعود الى الفندق الان متى نلتقى؟
- فى ردهه الفندق عند السابعه
- سأكون فى الانتظار
افترقا لتتابع طريقها الى الفندق لقد وافقت على العشاء معه ربما هذا يكون خطأ لكنها لن تتحمل وجبه اخرى محرجه وهى تتفرج على انيتا وهى تغازل ماركوس
- منيرف!
استدارت لتراه على شرفه الفندق..... واكمل:
- مع من كنتى تتمشين؟
- لا ارى هذا من شأنك مع ذلك هو ديف كرينز
- اعرفه
- هل لى ان اذهب الان؟ ام هناك شئ اخر تريد ان تعرفه؟
- امى قررت تناول العشاء فى غرفتها لذلك سنتعشى لوحدنا
- انت مخط ماركوس بل انت ستتعشى لوحدك لاننى سأتعشى مع ديف
- لم يضيع وقته فى اقناعك اليس كذلك؟
-لا.....ويجب ان اعترف ان اسلوبه يعجبنى
- لكنه صغير السن وغير مجرب بالنسبه لك
- اوه لا اظن هذا اطلاقا
- لا تقولى لى ان احذرك اذا انتهت سهرتك بخيبه امل
- نادرا مايخاب املى لكننى عاده اقترف وانا الان اشعر بالقرف منك سيد اوكيف
- لماذا؟ لانك لن تنجحى بعد فى اقناعى انك طاهره كراهبه؟
- بأمكانك الظن بما تشاء
من يظن نفسه؟منذ البدايه وضع حكمه عليها اصدره دون ان يعطيها فرصه لتدافع عن نفسها صحيح انها فى لحظات الغضب خرجت عن طورها لتجعله يظن بها الاسوأ لكن ليس من حقه ان يصدر الاحكام عليها
علق دايف حين شاهد ماركوس يتعشى لوحده:
- يبدو ان السيد اوكيف يتعشى لوحده
- هذا ما يبدو لى
- هل اطلب منه الانضمام الينا؟
-لا تفسد على الامسيه وشهيتى ارجوك
- يبدو انك لا تحبيه اطلاقا؟
فلنتحدث عن شئ اخر
ابتسم لها:
- اعتقد انهم سيوفرون لنا بعض التسليه عما قريب
- هل تشير الى المغنيه انيتا؟
- لم اشاهدها من قبل لكننى اعتقد انها مغريه جدا
- اذا كان يعجبك ذلك النوع من الجمال اجل
- هل رأيتها؟
- وجائت معنا فى السياره من برمنغهام وماركوس يعرفها
-اوووه....
- لا تظهر هكذا....
- كيف؟
- كطفل صغير اختطفت الحلوى المفضله منه
- انظرى الى ان اصبح فى مثل سنه سأدوخ الفتيات يومها
ضحكت منيرفا وقالت:
- انت مدوخ منذ الان فاهدأ قليلا يا ولد
كانت تتمتع بصحبته لكن ذلك لم يخفف من وجود ماركوس معهما فى نفس المكان وظهرت انيتا وقدمت نفس استعراضها بالامس وحين اختفت وراء الستاره مجددا لم يظهر التأثر على ديف سألته منيرفا مجددا:
- خاب املك؟
- اوه انها جميله لكنها تذكرنى بخوخه حمراء كثيره النضج مظهرها جميل لكنها قد تكون متعفنه من الداخل
ضحكت منيرفا ونظرت الى حيث انضمامها الى طاوله ماركوس فقال معلقا:
- لكننى لا ارى فيها من طراز ماركوس اوكيف
- اوه ستندهش
لكنها سرعان ما وجدت نفسها ترتجف بعنف لم تكن تعرف معنى هذه الغيره من قبل عدا ان هذه الغيره مدمره واقترح عليها ديف الخروج والتمشى فى الحديقه اثناء سيرهما سألها:
- هل سأراك ثانيه ؟
- لست واثقه قد اعود الى لندن سريعا فقد استعادت السيده اوكيف عافيتها واصبح وجودى الان بدو ضروره
- هذا يعنى اننى قد لا اراك مجددا
-لا تبدو حزينا هكذا
- لكننى حزين وقد يدهشك اننى احس بأرتباط لسانى مع الفتيات ونادرا اعرف كيف اتحدث معهن
- لكنك لم تكن مربوط اللسان معى؟
- لكنك لست فتاه صغيره وسخيفه
- تجعلنى وكأنى جدتك
- كم عمرك؟
-لا يجب ان تسأل امرأه عن عمرها ديف..... ومع ذلك سأكمل الخامسه والعشرين فى الشهر القادم
- نحن فى نفس العمر تقريبا هل نعود ادراجنا؟
-اجل ارجوك
امسك بيدها ووضعها على ذراعه وسارا نحو الفندق بصمت ثم قال بفضول:
- اخبرينى منيرفا هل اعترض ماركوس على عشائك معى الليله؟
- انا حره فى تصرفاتى واستطيع الخروج مع من اريد
- كان يجب ان تشاهدى نظرته الحاده الينا
- لا اهتم بها
- سمعت اشاعات انه سيتزوج لويزا ماكجيل فهل هذا صحيح؟
لست ادرى لماذا تسأل؟
- مجرد فضول فقد شاهدتها اكثر من مره مع ابن عمه يختليان فى الزوايا وما الى ذلك ولو سألتى فهى تتلاعب بماركوس كالابله
- اظن ان هذا الامر لا يعنينا دايف انا متعبه ويجب ان اذهب الى غرفتى وتمتعت حقا بصحبتك
- لن انساك سريعا
- بل ستنسانى ودائما دايف
رفعت يدها تحيه له قبل ان يقفل باب المصعد عليها وتصعد الى الطابق الرابع استولى عليها التعب فجأه تعب بدا انه بسبب الثقل الذى مر على قلبها بعد اقل من اسبوع ستعود الى لندن ولن ترى ماركوس ثانيه على الارجح حين خرجت من المصعد اتجهت الى غرفتها كانت تظن نفسها انها غير قادره على نسيان غاى لكنها عرفت الان معنى الحب الحقيقى لكن حب لا مستقبل له...... لكن ماركوس لن يجد حبه مع لويزا او مع انيتا بكل تأكيد
كانت افكارها معذبه حين اخرجت مفتاحها من حقيبتها لتفتح باب غرفتها لكن حين دخلت واقفلته ورائها واضائت نورها كاد قلبها يتوقف عن الخفقان........
- ماركوس
- مندهشه لرؤيتى؟
- ماذا تفعل هنا؟
ابتسم بشحوب :
- انتظرك
- وكيف دخلت؟
- باب الشرفه المشتركه كان مفتوحا
سالت بصوت ثابت :
-ماذا تريد؟
- اريد التحدث معك
- حول ماذا؟
- حول امسيتك مع دايف هل خاب املك؟
- لا لم يخب الى
- اتعنى ان له من الخبره لكى يجعل امسيتك مرضيه
- ماركوس انا متعبه ولست بمزاج يسمح لى بدخول معركه كلام معك
- لكن معركه كلام ليست كل ما افكر فيه
كانت هذه القشه التى قصمت ظهر البعير فتوجهت الى الباب لكى تفتحه:
- اخرج من هنا
- ليس بهذه السرعه
وبسرعه مذهله كان خلفها يصفق الباب بوجود يدها على المقبض جرها عنف حركته مع الباب فاصطدمت به وفى لحظه كان يقف امامها شامخا مخيفا
- انوى ان احصل على حصتى منك
- ماذا.......ما تعنى؟
- ماقلته تماما جاء دورى الليله
- وماذا عن انيتا؟هل هى مشغوله مع غيرك؟
رد من بين اسنانه:
- انسى امر انيتا
- ولماذا انساها وشغلك الشاغل مع من خرجت ومع من قضيت سهرتى؟ تتهمنى اننى من دون اخلاق وماذا عنك؟
- اخرسى!
- لن اخرس ارجوك ماركوس لا تحاول شيئا قد تنتهى بكراهيه نفسك لاجله
- لن اندم اؤكد لك انا اريدك مينى وانوى الحصول عليك
حاولت امله ان تتفاهم معه بالمنطق:
- ااذا كنت تمزح اظنك تماديت كثيرا
- انا لا امزح مينى ...... ولا هذا بقصد المزاح
وامتدت يداه الى ظهرها ليشدها الى صدره بوحشيه كادت ان تزهق روحها الخوف وحده جعلها تتعلق بشئ من الوعى وهى تكافح بجنون لتتخلص منه لكن ضغطه الؤلم عليها كان محطما لايترك مجالا للتنفس.....ولا التفكير
رنين جرس الهاتف على الطاوله قرب السرير اخترق احاسيسها المخدره وكأنه الدوش البارد فحاولت انتزاع نفسها منه لكنه صاح امرا
- اتركيه
- قد يكون امرا هاما
- لا شئ لدى اكثر اهميه من هذه اللحظه
- ماركوس ارجوك قد تكون امك
ذكر امه كان له تأثر الصدم عليه فابتعد عنها لاعنا والتقط السماعه ليعطيها لها
- الو؟الو ؟ هل انت هنا منيرفا
صوت ايفورى جاء حادا فردت على عجل:
- نعم سيده اوكيف؟
- هل بك شئ؟
- لا لا بالطبعلا
- اسمعى منيرفا اعلم ان الوقت متأخر لكن هل يمكن ان تاتى وتدلكى لى ساقى؟
- سأحضر فورا سيده اوكيف
اعادت السماعه مكانها وابتعدت مسافه مناسبه عن ماركوس واستدارت تواجهه:
- كانت هذه امك
-سمعتها
- كان من الممكن ان تندم ماركوس
ابتسم برضاعن نفسه:
- لا اظن هذا
- ارجوك اذهب
تقدم ليقف امامها:
- ماذا ستفعلين لو اصريت على انتظارك هنا؟
- سأفكر بعذر يجعلنى امضى الليل فى غرفه امك
ارتفع حاجباه بسخريه:
- لن تهربى منى مره اخرى ففى المره القادمه سأحصل على ما اريد
ردت تهمس كالافعى:
- اراك فى الجحيم اولا
رد مبتسما:
- سأقبل التحدى عمت مساء مينى
اهو جاد ام يحاول اخافتها لو واجهته بالحقيقه هل سيغير رأيه بها ام سيسخر منها؟هناك شئ واحد تفعله لتجنب الاذلال الاخير قبل معرفته الحقيقه ان تغادر وندشلتر وبأسرع ما يمكنها فلو انه نفذ تهديده لها فسيكتشف حبه لها وهذا ما سيدمرها ولن تعود قادره على العيش مع نفسها معه

برنس وصاب 09-23-15 04:59 PM

-9-انى راحله

تقطعت احلامها الليله بصوره ماركوس وهو يترك انيتا ليأتى اليها ويدخل غرفتها عنوه......قال انه يريدها ولم تستطع ان تهرب من يديه المداعبتين اللتين اثارتا فيها الرغبه لدرجه الالم استيقظت لتجد نفها وحدها فى الفراش والفجر يبدد ظلمه الليل
كان العرق يتفصد من جبينها وتجد صعوبه فى كبح شهقات باكيه انه حلم لكنه حقيقيا لدرجه تكاد ان تقسم ان جسدها لايزال يحس بلمسته غاضبه تركت الفراش لتذهب الى الحمام تشرب بعض الماء لن تستطيع ان تبقى فى ويندشلتر اكثر من اللازم وستعود الى لندن فى اسرع وقت ممكن
استردت بعض قوتها بعد احساسها بالماء البارد فى جوفها غيرت ملابسها ووضبت حقيبتها استعدادا للرحيل بعد الافطار مباشره
تمت الرحله الى ويندشلتر دون حادثه تذكر ما عدا ان السياره الجاكوار السوداء لا زالت تعبق برائحه انيتا النفاذه مما سبب لايفورى ان تعطس عده مرات واخذت تتذمر من تلك الرائحه الكافيه بأن تهدد الشخص بفقدان وعيه ثم فتحت النافذه فدخل منها الهواء الذى هدد بنزع الدبابيس من شعر منيرفا وهى جالسه بجوار ماركوس
اول مافعلته منيرفا بعد عودتها الى المنزل ان اتصلت بالدكتور براوننغ مصممه على الاخذ برأيه فى ضروره بقائها هنا ام لا:
-لقد تحدث معى الاخصائى للتو.....والسيده اوكيف لم تعد بحاجه اليك ولا داعى للبقاء هنا اذا اردتى تذهبين الى لندن
احست بالراحه ومع ذلك بالحزن لقد اصبحت متعلقه بايفورى اوكيف وبهذا المنزل القديم الرائع ولسوف تفتقد كل شئ......اخذت تفكر بهذا وهى تتمشى فى الخارج الى اقرب الحظائر دون ان تدرى الى اين
اتكأت على السياج متنهده بعمق وبتعاسه تتذكر يوم دفعتها بلاهتها لدخول الحظيره امام الثور الهائج لتفقد شالها.....لم تعد تضع ذلك الشال البراق الالوان مره اخرى لكن كلما كانت تشاهده يمثل لها رمز للاذلال والبلاهه .....تنهدت وهى تشاهد نفس الثور ولكن يلاحق انثى اخرى رأسه مرفوع لفوق وذنبه الى الاسفل انه حقا حيوان جميل
- انه يتودد الى انثاه
صوت ماركوس الاجش العميق كان خلفها مباشره وتعقدت اعصابها فى عقده مؤلمه حين تقدم قربها واضعا ذراعيه على السياج ليكمل:
- انه عاشق صبور يأخذ وقته فى التودد ....انه يجهد نفسه فى كسب رضاها
كان لديها ريبه شديده فى انه كان يشير الى الثور بشكل مطلق لكنها سرعان ما عادت الى الاهتمام بما امامها فقد تقدم الثور نحو انثاه مخفضا راسه كأنه يهاجمها.... ثم اخذ يرفس الارض بقوائمه الاماميه مصدرا صوت شخير فقال لها ماركوس:
- الثيران تفعل هذا مع بعضها البعض عند القتال وتفعله فى التودد واضح الان ان اهتمامه منصب على الانثى والتى تخفض رأسها متظاهره بالاهتمام بالعشب ولا تهتم به ولا تظهر اى دليل على انها ستقبل تودده ....المنظر هنا مختلف لكن الفعل مألوف الا توافقين معى؟
ملاحظته المثيره ارسلت الاحمرار الى وجهها فاستدارت تبتعد عنه لتقول ببرود:
-لست ادرى عما تتحدث؟
- اذكر مناسبتين لاقى فيهما توددى الصد
نظرت اليه بغضب:
- لم يكن لدى فكره انك كنت تتودد ماركوس لو كنت اعلم لكنت متقبله اكثر
ضحك ومد يده اليها:
- سأتذكر هذا مستقبلا ....ايتها المشاكسه
لكنها تحركت مبتعده عن ذراعه القويه وقالت تغير الموضوع:
- اظن ان مارى تستدعنينا للغداء
عده مرات خلال الغداء لاحظت ان نظرته مستقره عليها بالكامل مما ملأها توترا لن تتمكن من تاخير رحلتها ابدا انها واثقه من هذا الان لكن فى نفس الوقت لم تكن قادره على طرق الموضوع مع ايفورى
كان يوما حارا لمنتصف الربيع والصيف على الابواب بدلا من ان تدخل الى غرفتها لترتاح بعد الغداء اخذت معها مجله الى الحديقه حيث جلست على كرسى خشبى مريح تحت ظل الاشجار كانت تقرأ حين وصلت سياره لويزا الصغيره وتوقفت على مسافه منها حيث كانت متخفيه عنها خلف الاشجار الشائكه الصغيره
ترددت منيرفا بذعر هل تعلن عن وجودها ام تظل متخفيه سرعان ما قفزت لويزا من السياره لتلف ذراعيها حول عنق ماركوس ولتقول بصوت مثير:
- ماركوس حبيبى...
- توقفى عن هذا لويزا
صاح بها ماركوس زاجرا وازال ذراعيها عن عنقه عندها بالذات قررت منيرفا عدم الاعلان عن وجودها وسمعت لويزا ترد بغضب :
- كم انها طريقه لطيفه لتحيينى كنت اقول يجب ان تعودوا الامس كما اذكر لكننى قلقت عليك وها انت تعاملنى كالمنبوذه اين كنت بالامس؟
عبر الشجيرات لاحظه منيرفا الانزعاج على وجهه فحبست انفاسها وهى تسمعه يقول:
- لست مضطرا لتقديم كشف عن تحركاتى واين كنت ليس من شأنك
اهكذا من المفترض ان يتحدث الى الفتاه التى سيتزوجها؟
صاحت لويزا بغضب:
- لا تتجرأ على مخاطبتى هكذا
- سأخاطبك كما اشاء اصعدى الى سيارتك واغربى عن وجهى اذهبى وجربى اغوائك على ستيفن فقد يكون اكثر منى لينا
انه يعرف اذن وهزتها الصدمه انه يعرف ما بين لويزا وستيفن واحست بالراحه
صوت لويزا الساخر قطع افكارها :
- قد افعل هذا تماما لطالما كان ستيفن اكثر منك مرحا بكثير
حبست انفاسها وهى تنظر الى لويزا التى صعدت الى سيارتها وتنظر غاضبه الى الرجل الذى امامها:
- انا اكرهك ماركوس اوكيف
- طبعا طبعا والان كونى فتاه طيبه واديرى سيارتك وافعلى ما قلته لك
استدار على عقبيه وتركها متجها اللا غرفه الفرز تاركا لويزا ترغى وتزبد محدقه به لحظه غاب عن نظرها اخذت تضرب السياره بيدها كالطفله ولاحت منها التفاته نحو المكان الذى تجلس فيه منيرفا وبصيحه غضب توجهت نحوها وصاحت تسأل:
- اعتقد انك سمعت كل شئ
- لم استطع ان امنع نفسى
وقفت تواجه لويزا الغاضبه
- انها غلطتك انت
- استمحيك عذرا
- انت تحاولين اختطافه منى منذ ان وصلت الى هنا
- هذا غير صحيح لويزا
- لست غبيه كنت الاحظ كيف تنظرين اليه
ردت بسرعه:
- بامكانك قول هذا فهو ليس رجلا من الممكن ان تتجاهله اى امرأه لكننى كذلك رأيتك مع ستيفن ولم استطع سوى ان اتسأل ماذا تسعين اليه بالضبط؟
- عما تتحدثين؟
- اذا اردت انعاش ذاكرتك فقد حدث يوم حفله النادى ورأيتكما معاوهذا ليس انصافا لماركوس
- لم يكن هذا يعنى شيئا انا وستيفن مولعان ببعضنا لكن بالنسبه للزواج هناك رجل واحد لى وانت قد قلبته لضدى واستطيع قتلك لهذا
ردت بهدوء:
- لا تكونى سخيفه انا لم آخذ ماركوس منك وتعرفين كما اعرف ان لا شئ بيننا
لكن لويزا عصفت بها:
- لست ادرى ما جاء بك الى ويندشلتر كل شئ كان على ما يرام قبل وصولك فى الواقع كل شئ كان على ما يرام حتى ذهبتم الى تلك الرحله الى برمنغهام فما الذى حدث هناك؟
- لا شئ حدث
- الى الجحيم بك وبما حدث . هل غازلك هناك؟
ردت منيرفا بهدوء:
- لا تكونى سخيفه
وقفتا تجابهان بعضهما كعدوين يحاولا تقدير قوه احدها الاخر دون رغبه لاى منهما باعطاء رغبه فى التراجع لكن كان للويزا الكلمه الاخيره:
- انت لم تسمعى نهايه كل هذا منيرفا فالارين
لحظات وكانت سيارتها تثير غبار وحصى ورائها عندها فقط ظهر تأثير الصدام عليها ساقاها كانا يرتجفان راحتا يدها مبللتان بالعرق فى الاعماق كانت تحس بالالم لان ماركوس يعرف خداع لويزا له ولا عجب اطلاقا الا يكون لدى ماركوس ثقه بالنساء ولويزا خير مثال على ذلك
عادت الى المنزل تنوى ان تطلب من ايفورى اوكيف ان تريحها من واجبها لكن ما ان اصبحت وجها الى وجه مع العجوز حتى نفذت شجاعتها ربما فيما بعد ليس الان وصاح داخلها صوت ضعيف:جبانه
مع كل ما حاولت من جهد لم تستطع نسيان ما جرى ما بين ماركوس ولويزا ولا نسيان ما اتهمتها به لويزا ايمكن ان تكون بالفعل وقفت بينهما ؟ ......مستحيل ليس كما تعنى لويزا مطلقا صحيح ان ماركوس حاول التحرش بها لكن نواياه بغرض اذلالها ولا شئ غيره ربما حين ترحل ستعود الامور الى مجراها الطبيعى ومن الممكن ان تكون لويزا قد استغلت ستيفن لتشعل غيره ماركوس وربما نجحت فى هذا
كانت لاتزال *****ه حتى حين اتجهت الى غرفه ايفورى اوكيف لتجرى معها حديث هادى يساعدها على اتخاذ قرار محدد لكن صوت ماركوس الاجش منعها من طرق الباب:
- امى اريدك ان تريحى منيرفا من مهمتها هنا فأنت ما عدت بحاجه الى مساعدتها
ردت الام بعجرفه:
- اظن اننى افضل حكم فى هذا الخصوص الا تظن هذا؟
- لا يا امى فى هذه المسأله لى الكلمه الاخيره
لم تنتظر منيرفا سماع المزيد فعادت ادراجها لتصعد السلم بسرعه الى غرفتها وبدا لها ان الالم يحتاجها موجه بعد موجه الى ان كادت تصيح من العذاب ماركوس يريد ابعادها ولسوف تحقق له ما يريد
اخرجت حقائبها وبدأت توضبها لمجرد ان تفعل شيئا قد يخفف المها لكنها كانت تتوقع بخوف ليله طويله والسماء وحدها تعرف كيف تمر عليها وكيف تستمر الايام والليالى التى ستليها يجبب ان تشعر بالامتنان لماركوس لقد ساعدها فى اتخاذ القرار وفى مثل هذا الوقت ستكون فى شقتها تنفض عن نفسها تراب ويندشلتر مع انها لم ترتاح للفكره ....مجرد الم والالم شئ يجب ان تتعلم ان تعيش نعه لقد كانت حمقاء بأن تحب رجلا لا يحتاج لها وتعتقد انها تستاهل ان تعانى نتيجه غلطتها لكن فليساعدها الله لانها لم تريد لهذا ان يحدث
لم ينضم ماركوس الى امه ومنيرفا فى الفطار مع رساله يقول فيها لنه لن يعود اليوم قبل موعد الغداء كل شئ كما يبدو يصلح كما ارادته منيرفا لكن مع انتهاء الافطار لزمها الكثير من الشجاعه لتفتح الموضوع مع ايفورى
- سيده اوكيف.....اريد ان تعطينى الاذن بمغادره ويندشلتر
العينان التى التقتا بعينى منيرفا كانتا مصدومتان:
- اتفكرين بالعوده الى لندن؟
- هذا ما يتوجب على فى وقت او اخر وما افضل من الان؟
- ارجوك ان تفكرى مليا فى البقاء اسبوعا اخر
هزت منيرفا رأسها :
- لم تعود محتاجه الى سيده اوكيف
- كنت اريدك ضيفه لى وليس موظفه
- لطف منك لكننى لا استطيع
ساد صمت مطبق عليهما انشغلت كلا منهما بافكارها الحزينه ثم سالت ايفورى:
- اتريدين ان ترحلى حقا؟
- وفى هذا الصباح فى الحال ان امكن
ساد صمت مجددا ثم ابتسمت العجوز بحزن:
- يبدو انك مستعجله للخلاص منى
- الامر ليس هكذا وتعرفين هذا كنت سعيده بالعمل معك لكننى اريد العوده الى عملى الاصلى
- وهل كانت اقامتك هنا سعيده؟
- كانت لطيفه جدا معك
- وماركوس؟
- ماركوس لم يكن يريدنى هنا اساسا ولا شك لدى انه سيرتاح عندما اترك المزرعه
- منيرفا عزيزتى من الافضل ان اكون صريحه معككانت لى امال رائعه فى ان يجد ابنى مستقبله فيك
تغشت عينا منيرفا بالالم فاخفضت عينيها بسرعه الى فنجان القهوه امامها وتمتمت:
- لست ادرى ما اقول
- هل احرجتك؟
- قليلا لكن الامر فقط انه بعيد المنال
- هذا ما يبدو لى لكن حين افكربالعناء الذى تحملته اكاد ابكى شجعتك للخروج مع ستيفن والدكتور بريل لسبب واحد بأن يتحرك ماركوس ويشعر بوجودك فى برمنغهام تركتكما معا على امل الحصول على شئ ولكن بدلا من ذلك اتجه الى تلك المرأه وبصراحه منيرفا لو لم يكن كبيرا هكذا لامسكته وضربته على قفاه
- لا يمكن ان يحصل شئ بينه وبينه سيده ايفورى
- لكننى اعتقد انك مثاليه له
- انت مخطئه
وضعت يدها على ذراع منيرفا :
- ارجو الا يكون اعترافى قد ازعجك كثيرا
رفعت نظرها والدموع تترقق من عينيها :
- احس بالسعاده لمعرفتى رأيك بى
- لقد احببتك عزيزتى وسأشتاق اليك كثيرا
- وانا سأشتاق لك ايضا
رفعت يدها لتدق الجرس:
- سأرس مارى برساله الى ماركوس
-لا...........لا تفعلى هذا افضل الا يعلم برحيلى
- اتعنى انك تودين الرحيل دون رؤيته؟
- افضل هذا
- وهل لى ان اسأل عن السبب؟
- لم يخف يوما انه يكرهنى ورحيلى سيكون صعبا على دون تحمل اهاناته
- ربما انت محقه مع ذلك لا اطيق صبرا حين ارى وجهه حين يعرف بذهابك
فى غرفتها وبعد قليل وضبت باقى اشيائها واقفلت حقيبتها ثم حملتها ونزلت وداع ايفورى لم يكن سهلا عليها لكنهما تمكنا من كبح دموعهما وصافحت مارى وتريس الباكيتين ثم احتضنت ايفورى قبل ان تصعد سيارتها الاوستن وترحل
خلف صف الاشجار فى الممر الموصل الى المزرعه شاهدت كوبر فضغطت المكابح بحده ومناديه من النافذه :
- وداعا كوبر وشكرا على عنايتك بسيارتى
- هل انت مغادره آنستى؟
- انا عائده الى لندن
- سنشتاق اليك انستى
- وانا سأشتاق اليكم جميعا
فى قلبها سمعت نفسها تقول: سأشتاق الى ماركوس اكثر
حين وصلت الطريق الرئيسيه اوقفت السياره جانبا ومسحت دموعها سرعان ما تكون فى طريقها الى لندن لكنها تركت هنا جزءا لا يمكنها استرداده منها تركته مع رجل لا يحتاج اليه...معه قلبها وهو يسحقه بوحشيه صحيح انه لم يطلب حبها لكنها اعطته له وما تعطيه لا يمكنها استرجاعه
دوى صوت زمور سياره من بعيد لمرور بقرتين من امامه فايقظها الصوت من بؤسها فادارت المفتاح ثانيه ودون ان تنظر الى الوراء انطلقت الى الطريق الذى سلكته منذ اكثر من اسبوعين

برنس وصاب 09-23-15 05:00 PM

10-انت الوحيد

اول نهايه الاسبوع لمنيرفا كان بائسا....امطرت السماء طوال الوقت واضطرت الى البقاء فى شقتها لكنها شهدت الوحده والفراغ شديده الوطأه
كانت قد اخرت الاتصال بالسيد غرايتننغ مقرره انها لم تعد مستعده بعد للعوده الى عملها لكن اضطرارها للبقاء فى نهايه هذا الاسبوع الممطر كان عذابا لها
يوم الاحد صنعت لنفسها طعام لكن كمثل الوجبات الاخرى التى حضرتها لنفسها قبل عودتها فقد كانت كمثل التراب فى فمها فوضعتها طعاما لقطه الجيران . ماركوس! ماذا يفعل الان ؟ هل اغضبه رحيلها المفاجئ ام احس بالارتياح؟ وافترضت الرد الاخير لكن هذا ذاد من عذاب قلبها ....لقد كان فظا معها متعجرف مهين....مع ذلك فلو كان لها ان تختار لاختارت ان تكون معه
يا الله ! ساعدنى! رمت المجله من يدها وطلبت هاتف ريك بريل فهو القادر على فهمها وصل ريك بعد نصف ساعه وجلس بجانبها على الصوفا الصغيره ثم قال لها:
- لم تجر الامور جيدا مع ماركوس اليس كذلك؟
- بل اصبح الوضع مستحيلا
ابتسم محاولا تهدئتها بالمزاح:
- حسنا لا تهتمى هناك الكثير من السمك فى البحر
- لكننى لن اجد مثل ماركوس اوكيف
- وهل الامر بهذا السوء؟
- اجل.....
وشهقت تكاد تنفجر بالبكاء فوضع ذراعه على كتفها مواسيا:
- تحملى حبيبتى فصديقك القديم لا زال الى جانبك واذا اردت كتفا تستندين اليه للبكاء نادنى وسأجئ راكضا لمساعدتك
وسرعان ما اخفضت رأسها على كتفهوبكت دون كبت.........
وتركها تبكى الى ان جفت الدموع وشعرت بالراحه
- لطالما ساعدتنى فى الكثير من المشاكل فى الماضى ولطاما وقفت معى فى الايام الصعبه ولست ادرى ما اذا قلت لك كم اما شاكره يوما ....ولا ازال شاكره
- اليس الصديق وقت الضيق؟
- انت رائع ريك وكم كنت لطيفا معى
- كما اننى الان اشعر بالظمأ الا اجد لديك فنجان من القهوه؟
ابتسمت مرتجفه ....لكنها احست انها افضل حالا حين عادت بالقهوه وجلست الى جانبه وسألها:
- هل ستعودين الى عملك السابق؟
- فى الوقت الحاضر اجل لكننى بحاجه الى التغيير
- انا احتاج الى سكيرتيره وموظفه استقبال فى عيادتى .....فهل يمكنك التفكير فى الامر؟
- قد افاجئك واقتحم عليك غرفه الفحص يوما
اتصلت بالسيد غرايتنغ صباح الاثنين لكنهافوجئت بانه لا يستطيع استقبالها حتى اليوم التالى ووجدت الامر غريبا فالسيد غرايتنغ متفتح الذهن صارم فى عمله .... لكنها اقنعت نفسها اخيرا ان عليها مواجهه يوم اخر من الملل مر اليوم متثاقلا كل ساعه فيه وكأنها الابديه الى انها اصبحت واثقه بأنها ستجن اذا لم تجد لنفسها شيئا يشغلها
ماركوس.....ماركوس.....ماركوس.....! كان كالاسطوانه المعطله كان رأسها يدور ويدور يردد نفس الفكره كل دقه من دقات قلبها تزداد كثافه الى ان اصبحت كالرصاص فى اذنيها وفى صدرها وحولتها الى كتله من الدموع متوتره كادت ان تكرهها
كانت الساعه قد تجاوزت الثامنه مساء حين وضع احدهم يده على جرس الباب وابقاها حيث هى واحست بالراحه لتفكيرها بان ريك فكر فى زيارتها فاسرعت عبرغرفه الجلوس لتفتح الباب لكنها لم تجد ريك مستندا الى اطار الباب وجمدت ابتسامه الترحيب وجهها:
- ماركوس!
دون انتظار دعوتها دفعها جانبا ودخل ليصفق الباب خلفه ....وسألته بصعوبه:
- من اعطاك عنوانى؟
- خالى وفره لى مشكورا من ملفك بالشركه
ورمى من يده علبه كبيره المنظر الى اقرب كرسى له واستدار ليواجهها
- لم يكن من حقك مغادره المنزل بدون استشارتى
حدقت به لحظات فى الرجل الذى اصبح ضروريا فى حياتها..... فى هذه اللحظه بالذات ادركت ان فيه شيئا مختلفا كان يبدو متعبا مرهقا عيناه تظهران قله نومه لكن هذا ليس الوقت المناسب لسؤاله عن السبب ..... وردت تبتعد عن قربه المثير للاضطراب:
- تباحثت بأمر المغادره انت وامك وهذا يكفى كما اعتقد
- وهكذا فكرت بالمغادره دون وداعى
لحق بها عبر الغرفه دون اعطائها فرصه استعاده رباطه جأشها ... لكنها ردت:
- هكذا كان افضل
- افضل لمن؟
- للجميع
- هذا رأيك الخاص بالطبع
بريق عينيه الحاق اخافها فاخفضت رأسها صاحت تلجأ للغضب كوسيله للدفاع:
- توقف عن الجدال فى امور تافهه ماركوس لو انك لم توضح لى تماما انك لاترحب بى فى منزلك فلا شك انك اوضحت لى هذا فى اخر ليله كانت لى هناك سمعتك وانت تقول لامك انك تريد ان تحلنى من واجباتى لذا لم افكر فى استشارتك ولا اطلب اذنك كى ابعد عن وجودى المرفوض
امتدت يداه الى كتفيها يضغط عليهما:
- اللعنه منيرفا.... اكاد اخنقك...الكلمه التى استخدمتها كانت تريحك من واجباتك وليس اصرفك من العمل وهذا عكس ما ظننته انت وامى كان طلبى على امل ان احصل عليك بعد ذلك لوحدى اليس لديك فكره عما مررت به حين تلقيت خبر رحيلك دون كلمه وداع لى؟
ابتلعت بقلق وقد ادركت غلطتها :
- لقد تصورت انك ترتاح هكذا
- ارتاح... اريد ان اخنقك!
ارتفعت يداه الى عنقها فصاحت خوفا:
- لقد فكرت بهذا طوالالايام الاخيره ..... وكم يسعدنى الان ان انفذ افكارى
تمكنت من الهمس:
- ماركوس ..........ارجوك!
- من الافضل لك ان تخافى عزيزتى منيرفا .... ويمكنك ان تشكرى طالعك المحظوظ اننى انتظرت طويلا قبل ان اجئ الى هنا لاراك
- لماذا جئت؟ لتهيننى لاخر مره قبل ان تدعنى ارتاح؟
- جئت لاننى لم ارغب فى امرأه من قبل كما ارغب فيك ....هذه هى الحقيقه اذن فى صلب الموضوع مباشره......
وارتسمت بسمه سخريه على وجهها :
- كنت خائفا ان يفوتك شئ ... شئ حصل عليه الاخرون وانكرته عليك؟!
- لاجل الله يامنيرفا انا لا اهتم بالرجال فى ماضيك ولا حتى من هم فى حاضرك كل ما اريده ان اكون الوحيد فى مستقبلك
استدارت عنه بقدر كبير من الاشمئزاز:
- اخشى ان يكون هذا امرا مستحيلا
لماذا؟
- لعده اسباب احدها لويزا
- لويزا طفله مفسوده تحاول تقليد الكبار هى وستيفن يحبان بعضهما منذ سنوات لكن تصورت انه يكون من الافضل لها ان تكون سيده ويندشيلتر....واحسست بالتسليه ان اتركها تظن ان لها فرصه واعترف اننى استخدمتها كحاجز بينى وبينك
سألت ببرود:
- وانيتا؟
- انيتا معرفه قديمه ظهرت فى وقت غير مناسب فى الواقع كانت اخر ورقه لدى ولعبت بها الى اخر مدى
- لكنك ذهبت اليها ليله عدنا الى الفندق
- حين تركتك فى الردهه ذهبت الى الفندق لكى اشرب فنجان من القهوه يريح اعصابى ولوحدى واتصلت بها فى الصباح لاعلمها اننى سآخذها معى ووافقت
- وقررت البقاء فى كونترفيرى لاجلها
- بقيناهناك فقط على امل ان تتاح لى فرصه للكلام معك واقناعك اننى لست سيئا لكن بدلا من قضاء السهره معى قضيتها مع دايف
- لم اختر بل تقابلنا صدفه فطلب منى العشاء فقبلت
- مينى لننسى كل شئ ونتحدث عن انفسنا
كان من المبهج لها ان تعلم انه يريدها بالرغم ما يظنه عن ماضيها لكن هذاليس كان بالكافى ...وقالت:
- اسفه ماركوس لكننى لا استطيع قبول اى عرض منك
- لماذا؟
- لاننى لا انوى معاشرتك كعشيق
اخذ عرق ينبض فى جبهته وهى قد شاهدته من قبل وهو دليل اكيد على غضبه الشديد واضطرابه العاطفى وهى الان متأكده ان المسبب هما الاثنان معا . ورد بوحشيه:
- انا لا اطلب منك ان تكونى عشيقتى ... بل اطلب منك ان تصبحى زوجتى
كلامه كان غير معقول اخذ يجول فى الهواء معلقا بينهما كان اغراء ان تتمسك بالعرض كغريق يتمسك بقشه كبيره لكن جزئا منها كان يرفض عرضه انه يعرض عليها الزواج لانه عرف تماما انه لن يستطيع ان يحصل عليها بطريقه اخرى لا تقبل بها..... واجابت بصوت مثقل بالهزؤ:
- لم افكر ابدا انك قد تطلب الزواج من امرأه كى تحصل على ما تريد
سرعان ما ندمت عل قول هذا عندما تحول وجهه الى لون قاتم من الغضب :
- اللعنه عليك منيرفا! اعطنى جوابا مباشرا نعم ام لا؟
صاحت بخشونه:
- لا!
لكن كل ذره من كيانها تصيح العكس ... وامتدت يده اليها..... فى تلك اللحظه دوى جرس الباب فتخلصت منه لترد على الباب وحياها ريك بحماسته المعتاده:
- منيرفا حبيبتى انت كنسمه هواء عليل لرجل يموت
اوه ....يالهى......يبدو اننى وصلت فى وقت غيرمناسب
امسكت منيرفا من ذراعه:
- ادخل كلما زاد العدد اصبحت الصحبه لطيفه اكثر...
- كنت مارا فشاهدت الاضواء...و...فكرت ان اصعد لتبادل الحديث
لكن منيرفا كانت تعرف ان تفسيره هذا كان موجه الى ماركوس وليس لها وكانت تعرف انه جاء لانه قلق عليها لكن من الطبيعى الا يصدق ماركوس هذا....اذ سرعان ما قال ساخرا:
- وهل من عادتك زيارتها فى مثل هذه الساعه .... للحديث؟
الجو اصبح مكهربا حين تواجد الرجلان:
- اسمع ماركوس لو تترك لى فرصه للشرح....
قاطعه ماركوس بخشونه:
- لا داعى للشرح افهم الوضع تماما ....لكن من الافضل ان تعرف ان منيرفا من الان وصاعدا لم تعد متوفره لك لاننى طلبت منها الزواج
قاطعته بحده وغضب:
- لكننى رفضت
- وانا لا انوى مغادره هذا المكان الليله الى ان توافقى
صاحت وقد اشتد بها الغضب:
- كم انت وقح
استدار ببطئ ليصب نظراته الملتهبه بالغضب عليها:
- لدى الكثير ن القحه والكثير من الوقت والكثير من الصبر...... وانت ستعطينى الرد الذى اريده الليله قبل ان اتركك
قطع صوت ريك الصمت القاطب:
- هل لى ان اقاطعكما لحظه؟هناك شئ اريدك ان تعرفه ماركوس وسأقدمه لك كهديه زفاف اذا احببت
استدار ماركوس عنها لينظر الى ريك:
- السبب الوحيد الذى يجعلنى اصغى اليك هو اشارتك الى هديه زفاف
- ما اريد قوله اننى انا ومنيرفا نعرف بعضنا اكثر من سبع سنوات وتعرف حقيقتى منذ البدايه وتعرفنى جيدا كى لا تغرم بى او تنظر الى بجديه ولطالما احترمتها لذلك وما من احد حظى منها بشئ....انا متأكد من ذلك
صاحت بحده وقد احمرت خجلا:
- هذا يكفى ريك
استدارت عنهما معا متجه الى النافذه جيث اخذ الهواء البارد يصفع خديها الملتهبين، وسمعت ريك يكمل كلامه:
- ارسلا لى دعوه لحضور الزفاف .....لو سمحتما
بعد لحظه سمعت صوت الباب وهو يقفل ثم تلا ذلك صمت رههههيب لا يكسره سوى صوت ضربات قلبها كانت خائفه من ماركوس.......لكن خوفها الاكبر كان من نفسها فهى الان تشعر بوجوده بكل ذره فى كيانها ...واحست به يتقدم ليضع يداه على كتفيها ويديرها لتواجهه:
- مينى.........
ردت هامسه:
- انت تضيع وقتك
- احبك
- انا لا اهتم..! ولا.....
وصلت كلماته الى رأسها هل سمعته حقا ام جنت؟
- ماذا قلت؟!
- اريدك...احتاجك.....احبك.... وليلعننى الله لو تركتك قبل ان تقولى نعم سأتزوجك...لقد انتزعت قلبى منذ اللحظه الاولى التى شاهدتك فيها.... ومنذ تلك اللحظه اضطررت لخوض حرب لاجل بقائى لقد اصبتنى بالاحباط والتوتر وقضيت معظم ايامى وليالى فى غضب وغيره...... كرهت نفسى وكرهتك... لكن ايامى الاخيره من دونك كانت جحيما
طغت السعاده على قلبها واشتعلت شعله صغيره داخلها وانتشرت حتى وصلت الى عينيها
- ماركوس..
- لقد اصبحت اساس حياتى مينى مررت الايام الاخيره دونك لاعرف هذا تماما .....مهما كنت....ومهما انت حياتى لا قيمه لها دونك
- لا تقل المزيد ارجوك انا الملامه على الاراء التى كونتها عنى لكن هناك شئ يجب ان تصدقه عنى.....
ازداد احمرار وجهها لكن وقفت تحدق فى عينيه مكمله:
- لم اعرف رجلا من قبل.... ابدا ...ولا مره
تأوه:
- يا الهى انا مدين لك بالاعتذار.... ولست ادرى كيف ابدأ به...
همست بالحاح تجد صعوبه فى ان تصدق التذلل الذى تراه:
- هس!احبك ماركوس
- وهل تحبينى بما يكفى بالزواج بى؟
-اجل.....
لفت ذراعيه حوله واحست بعضلاته تتصلب تحت لمستها ، عيناه الزقاوان اصبحتا قاتمتان..... واشتدت اذرعتهما حول بعضهما وكأنهما لا يطيقان الابتعاد ولا ان يكون هناك شئ بينهما ..... اخيرا تراجعا منيرفا مشرقه الوجه عيناها تلمعان بالسعاده نظره منه الى وجهها جعلته يتأوه من جديد ويضمها اليه مره اخرى ......
مرت لحظات طويله وهما كذلك قبل ان يتركها...... هذه المره لم تكن محمره الوجه فقط بل مقطوعه الانفاس كذلك وترتجف فقال لها:
- كدت انسى جئتك بشئ
اعطاها الصندوق لتفتحه.....مافى داخله جعلها تشهق ستره من جلد الحملان الابيض الناصع الذى تشتهر به تلك المنطقه....وقال لها:
- وهذا سبب اخر لتأخرى كانت زوجه كوبر تخيطها لك ولم تكن قد انتهت بع فى يوم رحيلك
احست بالضعف لحبها له ...وقال متابعا كلامه:
- لدى تعليمات من امى ان اصطحبك معى فى الغد
- يبدو لى ان امك كانت واثقه انك ستنجح فى اقناعى ...
- وامرتنى الا اعود اذا فشلت
ضحكت :
- ولكن ماذا عن وظيفتى؟
- استغرقنى الامر وقتا لا بأس به من الاقناع لكن خالى وافق اخيرا على توقيع اوراق صرفك
اذن هذا ما يفسر تأخر السيد غرايتنغ فى مقابلتها هذا الصباح
- واضح انك فكرت بكل شئ
- حين اريد شيئا اتأكد من الا يقف شئ فى طريق حصولى عليه.... وانا اريدك
كانت هى كذلك تريده.....لكن ليس هكذا....من المهم لها ان تأتى زوجها ليله زفافها غير ممسوسه حتى منه....ومن المهم ان تمتلك احترامه اضافه الى حبه ، فقالت له متوسله:
- لا تصعب على الامور كى ارفضك
- ولا تدرين كم يتملكنى الاغراء لافعل هذا بالضبط
- اعرف .... وانا احبك اكثر مما استطيع ان اقول لك .... لكننى كذلك....محافظه من الطراز القديم
- لكنك لن تتركينى انتظر طويلا
ابتسمت بأثاره:
- اظن ان من مصلحتى الا اتركك تنتظر
ذراعاه اشتدتا عليها بقوه مع ذلك برقه لم يحاول ان يدفعها لتغير رأيها ولعلمها كم يحبها ويريدها اعجبت بقدرته على السيطره على نفسه وهو كذلك كان يعرف كم تريده بالرغم من اخفائها للواقع لكنه احترم مشيئتها وعرف ان لا لزوم لخوفها منه وانه لن يطالبها بشئ لا تريد ان تعطيه قبل الزواج حين ترك شقتها جلست لوقت طويل تحدق بالستره الجلديه الصوفيه التى اعطاها لها تمرر اصابعها فوقها بنعومه وقررت ان جلد الحمل هو الذى سبب لها حسن الطالع .... فقد كسبن حب سيد ويندشلتر الفظ الجلف وبقى امامها ان تكسب ثقته
تلك الليله آوت الى فراشها بقلب جذل يخلو من الهموم فقريبا وقريبا جدا ستصبح زوجه ماركوس .... وحلمها المستحيل سيصبح حقيقه جميله.


---تمت---

برنس وصاب 09-23-15 05:01 PM

42- الغيمة أصلها ماء -آن ميثر - روايات عبير القديمة

الملخص

الحياة فصول أربعة : ربيع , صيف , خريف , شتاء , والحب أجتماع هذه الفصول في زمن واحد , وقلب العاشق طقسه متقلب , صاف ألى غائم قليلا مع أحتمال هبوط العلاقة بين جولي والمغني المشهور مانويل كورتيز , أحيانا سماؤها ملبدة بالغيوم والضباب , وأحيانا عاصفة وممطرة ألى حد تساقط الثلوج , وفي أحيانا أخرى زرقاء مشمسة توحي بالحنان , ولكن عذاب جولي مع مانويل بسبب أبنته بيلار وصديقته أريفيرا كان أشبه بغيمة .... والغيمة أصلها ماء , فهل يحيي الحب أنسانا مكسور القلب ولا ثقة له بالنساء , ليقطف ثمار السعادة ويتذوق طعم الحياة

برنس وصاب 09-23-15 05:02 PM

1- حب أم وجع معدة !

وقفت جولي تنظر ألى نفسها في المرآة , مبتسمة بشيء من الأسف, كان بول مهتما بهذه الليلة , وهي تريد أن ترضيه , ولمعت عيناها وهي تفكر متسائلة , ترى لماذا تبدو لها هذه الليلة مفعمة بالأمل على هذا النحو.
نظرت أليها أمها وقالت:
" أليس من الأفضل أن تلبسي ثوبا للسهرة؟".
" ليس لديّ ثوب للسهرة كما تعلمين يا أماه , في أي حال ليست السهرة سوى حفل راقص للعاملين , ولم يعد أحد يرتدي لباس السهرة في مثل هذه المناسبات".
" بول يراك جميلة بغض النظر عما تلبسينه".
ضحكت جولي وأحتضنت أمها وقبّلتها , ثم نزلت أمامها ألى الطابق الأسفل حيث وقف بول بانستراز ينتظرها في غرفة الجلوس وفي يده كأس من الشراب قدّمه أليه والد جولي و بدا بول ممشوق القامة رشيقا , وسيما , وقد أبرزت ملابسه السوداء جمال ملامحه وبياض بشرته و أما الدكتور كينيدي , والد جولي فقد أسترخى مرتاحا على مقعد وثير , يدخن سيكارة ويناقش بول في أحدى الحالات التي يعالجها , فهو طبيب يمارس الطب العام في كنسنغتون , وكان بول يبدو مهتما بالحديث ولكن عينيه برقتا لدخول جولي ألى الغرفة .
وهمّ الدكتور كيندي بالوقوف قائلا:
" جولي أنت جميلة بكل تأكيد , ما رأيك يا بول؟".
هز بول رأسه وأجاب:
" بل أنها رائعة !".
وتبادل والدا جولي نظرات ذات مغزى , وأمسكت جولي التي أحست بأهتمام والديها , بذراع بول وهمست:
" هيّا بنا".
ساعد بول جولي على الدخول الى سيارته الأوستن الصغيرة ثم جلس جوارها وقال:
" سوف أكون أكثر المحسودين في هذه الليلة".
ضحكت جولي وردت :
" حقا؟ أليس هذا تواضعا كبيرا؟".
نظر اليها بول برهة بدون أن يفهم ثم قال:
" أنك تسخرين مني مرة ثانية , أنت تعرفين ما أعنيه".
علّقت بدلال :
" يجب أن أكف عن معاكستك يا بول".
شق بول طريقه وسط شوارع لندن ألى أيرلزكورت , وأحست جولي براحة غريبة , أنها سعيدة الحظ , لا تزال في الحادية والعشرين من عمرها وفي طريقها ألى قضاء السهرة بصحبة شاب وسيم من الواضح أنه يحبها, وفي حين أن شعورها لم يتبلور بعد , ألا أنها واثقة من زواجهما في نهاية الأمر.
صحيح أن بول له وظيفة بسيطة في شركة للتلفزيون , وعمله الآن يشمل مهاما مختلفة , ألا أنه سوف يكسب مزيدا من الخبرة بمرور الوقت ويصل ألى مركز مرموق , فهو ماهر , وأن بدا قليل الأهتمام بعمله في بعض الأحيان , ولا بد أن جهوده سوف تتكلّل بالنجاح , غير أن جولي لا تأبه كثيرا بالمال أذا قورن بالسعادة , فأبواها ليسا ثريين , غير أنها لم تفتقر أبدا ألى الحب والصحبة , وكان أهتمام بول البالغ بشغل وظيفة أفضل براتب أكبر يرجع بدون شك ألى رغبته في الزواج والأستقرار , وبرغم الصعوبات المالية أستطاعت جولي الألتحاق مدرسة داخلية حيث شهدت المأسي الكثيرة التي عاشتها فتيات أكثر منها مالا وجاها , كان أباؤهن مثلا لا يحضرن أبدا أيام العطل فيبقين الوقت في صحبة المربيات بعيدا عن الأهل , في حين أن جولي كانت تفرح بالترحاب الذي تتلقاه من أبويها وبسعادتهما الواضحة بعودتها ألى البيت.

برنس وصاب 09-23-15 05:02 PM

وبعد أن تركت المدرسة قررت جولي العمل بأحد المتاجر في شارع أكسفورد , وقابلت أثناء عملها سامنتا أيدواردز التي أصبحت أقرب صديقة لها , فقد ألتحقت سامنتا بقسم مستحضرات التجميل حيث كانت تعمل جولي وأكتشفت أنها هي وجولي كانتا في نفس المدرسة وأن كانت تكبرها بعامين , وكان والد سامنتا من رجال البنوك , غير أن أبويها كانا مطلقين , أما سامنتا فمتزوجة من رسام أسمه بنديكت بارلو.
وعادت جولي بأفكارها ألى حفل الليلة , وهو الحفل السنوي الراقص للعاملين بشركة فينيكس للتلفزيون , كانت جولي تتطلع ألى حضور الحفل المقام في ستوديو الشركة , ولم تكن قد دخلت أستديوهات التلفزيون من قبل.
وبعد وقت قصير وصل بول وجولي ألى مقر شركة فينيكس في شارع وروبك , وقال بول موضحا:
" لقد خصص الطابق بأكمله للحفل , فالمكان فسيح للغاية".
وهزت جولي رأسها , فقد كانا بمفردهما بالمصعد , وتمنت ألا يكونا أول الحاضرين فلقد حددت الدعوة بالساعة السابعة والنصف , ونظرا لتقديم الطعام بطريقة البوفيه لم يكن هناك موعد نهائي للحضور , وكادت تطلب ألى بول أرجاء دخولهما عندما توقف المصعد.
كانت الموسيقى أول شيء لحظته جولي , فسارت خلف بول وسط جموع غفيرة ألى قاعة الرقص التي أخذت تزدحم بالمدعوين , الذين كانوا يتحدثون ويشربون ويضحون و مما أضفى على المكان جوا من المرح.
دخلت جولي ألى غرفة السيدات حيث أصلحت زينتها وتركت معطفها , فوجدت الغرفة مزدحمة بالسيدات اللواتي لبسن الأثواب الفاخرة والمجوهرات الثمينة , وأمسكت جولي بسوارها الفضي الذي كان كل حليها , وهزت كتفيها , فلا فائدة ترجى من التفكير في ملبسها الآن.
بول ينتظرها في الردهة وقد نفذ صبره , ولكنه لم يكن يقف وحده بل كان معه رجل وأمرأته , قال بول وهو يقدمهما ألى جولي:
" لاري يعمل هنا أيضا, وقد تزوجا هو وجين منذ ثلاثة أسابيع".
" حقا؟ هائل!".
وأبتسمت جين ذات الشعر الأحمر والوجه الجذاب قائلة:
"نعم يا جولي , ونحن نوصي جميع أصدقائنا بالزواج ".
ونظرت ألى بول وأردفت :
" ألم تفكر في الأقدام على هذه الخطوة ؟".
أبتسم بول وأجاب:
" مرات عديدة".
ثم نظر ألى جين وتابع :
" وخاصة في الأشهر القليلة الماضية".
في طرف القاعة أمتدت الموائد المليئة بمختلف أصناف الطعام والمشروبات التي قدمتها الشركة بدون مقابل فحازت قبولا كبيرا , وجلس بول وجولي في صحبة الزوجين شاندلر حول مائدة قريبة من حلبة الرقص في مواجهة المنصة المخصصة للفرقة الموسيقية , وتناثرت الموائد في القاعة بينما بدا الأستديو بالأضواء الخافتة وكأنه مغارة علاء الدين , وقد أضفت عليه الحلى المتألقة جوا من البهجة.
نظر بول حوله وقال:
" لقد نجحنا في أجتذاب عدد كبير , أليس كذلك؟".
ضحك لاري لأن بول تكلم وكأنه يمثل الشركة .
وتبادلت السيدتان الحديث عن الملابس وآخر فيلم لروبرت ريدفورد ,وأصطحب بول جولي لتتعرف على عدد من المنتجين وزوجاتهم , وأضطربت جولي بعض الشيء لتفاخر بول الواضح بها , ثم عادا ألى لاري وجين , كان الكثيرون يرقصون في ذلك الوقت , فطلب لاري من جولي أن ترقص معه , وافقته ألى طلبه بينما حذا بول حذو لاري وطلب من جين مراقصته , وأخذ بول ولاري يتبادلان الرفيقتين بأنتظام مما جعل الليلة أكثر متعة , وكانت السيدتان تتبادلان الحديث بين الرقصات بينما كان الرجلان يتكلمان عن عملهما .

برنس وصاب 09-23-15 05:03 PM


ومر الوقت فتناولوا العشاء سويا , بينما توقف الكثيرون ليتحدثوا معهم , فقد ساد الحفل جو ودي , لا تفرق بين الرئيس ومرؤوسيه.
وأصطحب لاري جين ليقدمها ألى رئيسه المباشر بينما أحضر بول كأسين له ولجولي , وقال وهو يقدم لها سيكارة.
" هل تقضين وقتا ممتعا؟".
ردت جولي وهي تتناول السيكارة :
" نعم , وأنت؟".
" لا بأس".
أبتسمت جولي وقالت:
" أين رئيسك؟ السيد باريسن , الذي طالما نقلت أليّ أقواله؟".
وأبتسم بول وقال :
" هل تمزحين ؟ أن السيد باريسن لا يحضر مثل هذه الحفلات! لا بد أن يعمل البعض بينما يلهو الآخرون وهناك برامج تقدم الليلة , أليس كذلك؟".
" بالطبع ,العمل في التلفزيون مثير , فيمكنك أن تلتقي في أية دقيقة بنجمك المفضل , أنني أتمنى أن أعمل أنا أيضا في التلفزيون؟".
وأبتسم بول وقال :
"تقدمي بطلب , فلن تواجهي أسوأ من رفضه".
" لست بهذا الحماس , فأنا أحب عملي , ولن أستبدله ألا بالتمريض أو العناية بالأطفال , أنني أتمنى في بعض الأحيان العمل كمربية لأعتني بالأطفال الذين لا يهتم أباؤهم ألا بأن يقدموا لهم الطعام والشراب والملابس الجميلة".
" تزوجيني أذا حتى ننجب أطفالنا ونتولى رعايتهم!".
وندمت جولي لأثارتها الموضوع فقد بدا بول جادا في كلامه فقالت:
" أمهلني بعض الوقت يا بول , أنظر من هذا؟ أنه يشبه مانويل كورتيز , أنني مغرمة بموسيقاه , لم تخبرني أنه يقدم برنامجا لشركة فينيكس !".
وهبّ بول وقال بشيء من الرهبة :
" أنه يصطحب السيد باريسن يا ألهي , أنني لم أتوقع حضوره ألى هنا".
" لماذا حضر أذا؟".
" ربما ليشاهد الضيف المرموق كيف يقضي العاملون بالشركة أوقات فراغهم , لقد نسيت أنك من المعجبات بمانويل كورتيز , أنه رجل جذاب , أليس كذلك؟".
" هو أيضا يعرف ذلك".
وهزّ بول كتفيه وقال :
" هيا نحضر مشروبا و فلن نحظى بأهتمام السيد باريسن في هذه الليلة"|.
ولكنه كان مخطئا في هذا , فقد مرا بالمدخل وهما في طريقهما ألى المقصف فأذا بنايل باريسن , الذي يبدو أنه أحتسى الكثير من الشراب , يصيح بمساعده قائلا:
"هل تقضي وقتا ممتعا يا بول؟".
وأبتسم بول مجاملا وقال :
" جدا يا سيد باريسن ,هل تنضم ألينا؟".
" للأسف لا".
وألتفت ألى الرجل الذي يرافقه وقال :
" أنك تعرف السيد كورتيز , أليس كذلك؟".
" نعم , أعرفه , مساء الخير , هل أنتهيت من العرض الآن ؟".
وهز مانويل كورتيز رأسه بالأيجاب وهو يرمق جولي بعينيه وأحست جولي بذلك فردت نظرته ببرود , كانت قد أعتادت نظرات الرجال الجريئة , ولكن كان الوضع يختلف بالنسبة ألى مانويل كورتيز , فهو رجل جذاب , ممشوق القامة أسمر الوجه له عينان في لون عيني النمر , وشعره الأسود ينسدل على كتفيه ليبرز لونه الأسمر , كما أن فمه مثير , أحست جولي بشعور خانق عندما ألتقت عيناه بعينيها فأسدلت جفنيها على سبيل الدفاع.
وأدركت جولي أن بول لا يزال يتحدث ألى نايل باريسن , غير أنه ما لبث أن جذبها ألى الأمام ليقدمها ألى باريسن ثم ألى مانويل كورتيز .
قال مانويل كورتيز بلهجة أسبانية بصوت خافت مبحوح , بينما شعرت جولي بأحساس غريب في معدتها .
" أهلا وسهلا".
وأمتدت يد باردة وقوية تمسك بيدها فقالت وهي تبحث عن أي كلام تقوله :
" هناك موضوع يثير فضولي , هل أنت من أصل كسيكي أم كوبي؟".
" أنني مكسيكي المولد ولكنني أعيش في كاليفورنيا ".

برنس وصاب 09-23-15 05:03 PM


وأومأت جولي برأسها وأحست أنها قد تصرفت بغباء , فالمكان الذي يعيش فيه لا يهمها بشيؤ , غير أنها كثيرة الأعجاب به , كما أن أسطوانته تلقى أقبالا كبيرا في كل من الولايات المتحدة وأنكلترا , فهو يعزف على كل الآلات الموسيقية ويغني على أنغام الغيتار أغان حزينة من النوع الهندي , وكانت جولي لا تعرف عنه ألا هذا , لأن أجره المرتفع كان يحول دون كثرة ظهوره على شاشة التلفزيون البريطاني , ولكنها شاهدته كضيف في برامج أميركية مختلفة عرضت في أنكلترا , كما أشترت بعض أسطواناته , وقدّرت سنه بما يقارب الخامسة والثلاثين.

وسأل بول نايل باريسن عما أذا كان يرغب في كأس في الشراب , ولكنه هز رأسه بالنفي , وأنضم أليهما كبار العاملين في شركة فينيكس , وأرتفع صوت باريسن وهو يعتذر عن البقاء , فأتجه بول وجولي ألى المقصف وقال بول:
" شيء سقيم أن يحرمنا هذا الغزو البشري من فرصة الحديث المنفرد".
وأبتسمت جولي وهي تنظر بشيء من الحسرة ألى المجموعة , فقد أنقبض صدرها فجأة , أذ كان الحديث مع نايل باريسن مثيرا كما أن مانويل كورتيز شخصية مرموقة وقالت:
" الجميع يريدون التحدث ألى مانويل كورتيز , فتلك فرصة لا تتاح في كل يوم ".
وأبتسمت لبول وقالت:
" لا تبتئس هكذا يا حبيبي , قلت أنك لست رجلا هاما جدا .... هل تتذكر؟".
" لم أقل ذلك أبدا".
" حسنا أرى أن عملي أكثر أهمية من ذلك يا جولي".
" لا تكن أحمق يا بول ! هيا بنا نرقص".
وأجاب بحدة :
" أنني لا أرغب بالرقص الآن أذ أشعر بالجوع".
هزّت جولي كتفيها في حركة يائسة , فقد أثارت غضب بول لسبب لا تعرفه وضغطت على نفسها لتأكل شيئا ثم وقفت تحتسي كأسا من الشراب وأذا بباريسن يتجه ألى بول ويقول:
" هل لك أن تخبر سائق سيد كورتيز أنه سوف يتأخر قليلا".
وتساءلت جولي عما يحول دون قيام باريسن نفسه بهذه المهمة ولكن بول لم ير شيئا غير عادي في هذا الطلب وقالت جولي لبارتسن :
"تبدو قلقا , هل حدث شيء؟".
" لم يحدث شيء, لقد أقنع الموظفون السيد كورتيز بالبقاء ,هل ترغبين في مشروب؟".
" نعم , أرجو أن تحضر لي كأسا؟".
ولم تستطع مقاومة الرغبة في النظر ألى الخلف , فرأت كورتيز يشرب هو أيضا , ونظر أليها فجأة , وكأنه أحس بنظراتها , وأشاحت بوجهها أذ هالها ما قرأته في عينيه من أعجاب واضح أضطربت له حواسها.
وبدا وكأن دهرا قد مر قبل عودة بول , ورقصت جولي مع نايل باريسن ثم أنضما ألى مجموعة وقفت ألى جانب المقصف , ورأت بول يتحدث ألى أحد المنتجين , ووجدت مانويل كورتيز يقف ألى جوارها وينظر أليها بعينيه العسليتين الناعستين ويطلب منها بصوت خافت مراقصته , فردت وهي مندهشة:
" هل تريدني أن أرقص معك؟".
وقال ساخرا:
" نعم , أنت نفسك".
" حسنا".
ونظرت جولي ألى بول الذي وقف يراقبها من بعد , ولكنها هزت كتفيها , وجذبها مانويل أليه ووضع أصابعه الصلبة حول خصرها وسحبها ألى حلبة الرقص , أخذا يتحركان ببطء وكأنهما يرقصان وحدهما, وكانت الموسيقى من النوع الذي يؤثر على الحواس تأثيرا يكاد يكون لا شعوريا , وكان يتعين على جولي أن تذكّر نفسها أين هي ومن يراقبها , لم تكن قد رقصت من قبل مع أحد مثل مانويل , كما لم تلتق مع أي أحد مثله , كان فيه شيء جذاب شيء بدائي جعل كل جسمها حيا بلمسته.
وحاولت أن تستعيد السيطرة على نفسها , هذا هو مانويل كورتيز الذي لم يصل ألى سنه الحالية بدون أن يعرف مدى سهولة جذب الجنس الآخر أليه , ولم تكن هي في نظره أكثر من فتاة جذابة أخرى.
وقال وهو يضع فمه على أذنها:
" أسمك جولي , أليس كذلك؟.
" نعم".
" وأين تعملين يا جولي؟ هل أنت موظفة في شركة فينيكس؟".
" كلا , أنني أعمل في متجر في شارع أكسفورد".
وخطا خطوة ألى الخلف ونظر أليها وقال:
" ما خطبك؟ ألا ترغبين في الرقص معي؟".
وعضت جولي شفتها ثم أبتسمت فجأة وقالت:
" بالطبع أرغب في الرقص معك , ولكن كيف لي أن أسترخي والعيون كلها موجهة أليك؟".
" أصحيح؟ أنني معتاد ذلك".
" ولكنني لم أعتده".
وتعثرت قدماها فقالت وقد أحمر وجهها :
" ألم أقل لك؟ أنني غير معتادة على ذلك؟".
" هيا بنا أذن , فسوف أحضر لك مشروبا".
ونظرت جولي أليه وقالت:
" لست مجبرا على ذلك".
وتجهم وجهه قليلا وقال:
"أعلم ذلك , أنا لا أفعل سوى ما يروق لي".
وهزت جولي كتفيها وسارت معه , فطلب لها كأسا ولنفسه أخرى , ثم قدم أليها سيكارة وقال :
" لعل الرجل الذي حضرت معه ينفجر غضبا الآن!".
وأنتفضت جولي فقد نسيت بول تماما , وقالت:
" قد يكون من الأفضل أن أذهب".
وبدا الملل على مانويل وقال:
" لا تفكري في غيرك , أستمتعي بوقتك".
" ولكنني أهتم برأي بول!".
" هل أنت مخطوبة له؟".
"كلا , ولكنه شيء مفهوم فيما بيننا".
" هل ترغبين في كأس أخرى؟".
هزّت جولي رأسها بالنفي فطلب كأسا لنفسه وقال:
" ألا ترغبين في العمل بالتلفزيون؟".
" كلا , ثم ما عساي أن أفعل بالتلفزيون؟ فأنا لا أرقص أو أغني و كما أنني لا أجيد الكتابة على الآلة الكاتبة ".
وأبتسم مانويل وقال:
" توجد نواح عديدة , ولا ينبغي أن تواجه فتاة جميلة مثلك أية صعوبة ".
صاحا جولي بحرارة:
" أذا كنت تعني ما أعتقد أنك تعنيه , فلن أبيع نفسي حتى أصبح نجمة تلفزيونية ".
رد مانويل كورتيز بدهاء:
" المرأة تبيع نفسها بأقل من ذلك بكثير".
فقالت جولي بقلق:
" من الأفضل أن أنصرف".
" هل أدهشك ما قلته؟ بالطبع لا , لا بدّ أنك على دراية بما يجري؟".
فرفضت جولي أن ترد عليه , فأطفأت السيكارة , ورفعت حاجبيها بنظرة متعالية ولكن تعبيرها لم يؤثر في مانويل كورتيز.
وهبّت واقفة فجأة وقالت:
" معذرة".
ثم مشت مسرعة ألى بول ,ولم يخطر ببالها أنها قد أقدمت على خطوة غير عادية ألا عندما صاح بها بول في فزع:
" جولي! كيف لك أن تفعلي ذلك؟".
وأحمر وجه جولي وقالت:
" لقد تركت رجلا يعاملني وكأنني ........ لقد تصرف تصرفا غير لائق".
وعقد بول حاجبيه وسأل:
" على أي نحو؟".
" كلامه, سلوكه , لا يمكنني أن أوضح بالضبط".
كان الشيء الذي لم تتمكن من توضيحه لبول , هو أنها وجدته جذابا رغم سلوكه , وهذا ما ضايقها أكثر من أي شيء آخر , وقالت:
" هل يمكن أن ننصرف؟".
وكان بول ينظر بأرتباك ألى نايل باريسن الذي لحق بمانويل كورتيز وقال بول:
" ننصرف؟ نعم , ربما كان هذا هو الأفضل , الله أعلم , ما الذي سأسمعه من السيد باريسن صباح الأثنين".
وعاد بول ألى السيارة ببطء , كان الوقت لا يزال مبكرا ولا يتوقع والدا جولي حضرهما قبل ساعتين , وقالت جولي:
" أخبرني عما حدث بشأن السائق".
" لم يكن السائق منتظرا وحده , كانت هناك هذه المرأة ".
" أمرأة؟ هل تعرفها؟".
" نعم أعرفها في الواقع , فهي الراقصة دولوريس أريفيرا لعلك سمعت عنها".
" ألم تظهر في برنامج حديث المدينة؟".
" أجل , فقد ثارت ثائرتها عندما حاولت أن أوضح لها سبب تأخير كورتيز وصممت على الصعود أليه ,ولم أعرف ماذا أفعل ولكن نايل باريسن كان قد أوضح لي أنه يريدها أن تقعد , وحاولت تهدئتها , وحتى بعد أن هدأت كانت أشبه بقطة غاضبة".
" هل هي جميلة؟".
" جميلة جد , فشعرها أحمر وعيناها مثل عيني كورتيز ....... عينان أسبانيتان".
وضحكت جولي قائلة:
" لقد تركت أنطباعا قويا عليك بكل تأكيد!".
" بالفعل! أنني لا أتصور كيف يترك كورتيز مخلوقة كهذه ليحضر هذا الحفل الممل".
" لم يكن مملا!".
" كلا , ولكنك تعرفين ما أعني , ومع ذلك أعتقد أنه يعرف أنها مجنونة بحبه وقد تعمد تركها تنتظره حتى تزداد شوقا أليه".
وأحست جولي برجفة غريبة في معدتها فوضعت يدها عليها فجأة , وكانت تعرف أن بول يمزح ورغم ذلك شعرت بضيق من أحتمال وجود علاقة غرامية بين كورتيز ودولوريس أريفيرا!

برنس وصاب 09-23-15 05:05 PM

2- عملية أختطاف

عادت جولي ألى عملها في متجر فورد هامز في صباح الأثنين كالمعتاد , وألتفت زميلاتها وهي تصف لهن الحفل الراقص بشركة فينيكس للتلفزيون , وأدهشهن أن مانويل كورتيز قد حضر الحفل ,فسألت دونا جولي عما أذا كانت قد تعرفت عليه فقالت جولي:
" أنني رقصت معه يا عزيزتي , وهو لطيف جدا".
" وفيم تحدثتما؟ وهل غازلك؟".
" يا ألهي! لقد كانت دولوريس أريفيرا تنتظره في الطابق الأسفا ! وأضطر بول للنزول أليها ليهدىء من روعها , وكانت ثائرة غير أن بول يقول أن كورتيز يتعمد ذلك حتى يزيد من شوقها أليه!".
ولم تلاحظ جولي ودونا ومارلين وقد أنهمكن في الحديث الرجل الذي كان واقفا وسط قسم التجميل , وأحمر وجه جولي وهي ترمقه بدهشة وصاحت :
" سيد كورتيز!".
كانت عينا كورتيز جامدتين كالصخر وهو ينظر أليها , وشعرت بساقيها تتهاويان وهي تستطرد قائلة:
" لماذا......... لماذا جئت ألى هنا؟".
وهز كتفيه وقال :
" هذا أمر يخصني , غير أنني أكون شاكرا لو أمتنعت عن الحديث عن أمور لخاصة مع.... صديقاتك , والآن , أريد أن تساعديني على أختيار زجاجة عطر".
" بالطبع! ما نوع العطر الذي تريده؟ هل هو عطر خفيف للصباح أم ثقيل للمساء؟".
" عطر يتسم أساسا بالأنوثة ...... كيف لي أن أوضح ؟....... أريد عطرا له رائحة زكية".
وقدمت له جولي مجموعة من العطور ينطبق عليها وصفه , وبدا واضحا أنه خبير في عطور النساء , وتساءلت ترى كم عدد النساء اللواتي أشترى لهن العطور؟ وأختار زجاجة كبيرة من عطر أسمه ( الحياة المرغوبة) وبينما كانت جولي منهمكة في لف العلبة خاطبها قائلا:
" ما رأيك في تناول العشاء معي؟".
نظرت أليه برهة بدون أن تفهم لشدة دهشتها ولكنها قالت بهدوء:
" والسيدة أريفيرا؟".
" هذا أمر يخصني أنا , هل توافقين؟".
ناولته اللفة وأخذت منه الشيك قائلة:
" أنك تمزح يا سيد كورتيز في أية حال أنني مرتبطة هذه الليلة".
" ألغي أرتباطك".
" لم أتعود ألغاء مواعيدي مع بول , آسفة يا سيد كورتيز , فلن يمكنني الخروج معك".
وقال بصوت منخفض غاضب:
" كلا أنني لا أقبل ذلك!".
" لماذا؟ هل هذا شيء غير عادي؟ هل تفعل كل من تعرفهن من النساء المستحيل لقبول دعوتك؟".
" شيء من هذا القبيل!".
وشاهدت جولي أبنة فيترستون وهي تقترب منهما , كانت قد أعتقدت من حديثهما الطويل أن الرجل صديق لجولي جاء يبادلها الحديث فقالت بهدوء:
" آنسة كيندي , هل أنتهيت من خدمة السيد؟".
وألتفت مانويل غاضبا ألى آنسة فيترستون التي تعرفت عليه وصاحت:
" سيد كورتيز ! يا لها من فرصة سعيدة!".
وتحرك مانويل بشيء من الأرتباك , لقد أعتاد تعرف الناس عليه , ولكنه شعر الآن بالغضب لمقاطعتها حديثه , فأومأ برأسه وودعهما وأنصرف مسرعا.
وقالت دونا وهي تتنهد:
" كيف ترفضين الخروج معه من أجل بول؟".
وقالت مارلين:
" بول لا بأس به ولكنه ليس بالرجل الجذاب".
وقالت جولي مدافعة:
" أنني لا أريده جذابا".
وردّت مارلين:
" تذكّري أن الزواج يكون لمدى الحياة , والرجال من أمثال بول لا يتغيرون , بول شخص وقور , وهو يعجبني , ولكنك تخطئين أذا تزوجته".
وعلّقت دونا :
" أن مانويل كورتيز لا يبدو جادا في أهتمامه بها , كما أن جولي ليست من النوع الذي يقيم علاقة غرامية".
وصاحت جولي:
" بالطبع لا".
وأنهى هذا المحادثة.

برنس وصاب 09-23-15 05:06 PM

وبعد ظهور ذلك اليوم , توقعت جولي ظهور مانويل من جديد , فهو ليس ممن يخذلون بهذه السهولة , وقد كانت صادقة عندما قالت له أنها مرتبطة بموعد سابق , فسوف تحضر مع بول حفل عيد ميلاد , ولكن فكرة السهرة لم تعد تجنذبها.
وتركت المبنى عندما أغلقت أبواب المتجر في الساعة الخامسة والنصف مع غيرها من العاملين , كانت غارقة في أفكارها فلم تلاحظ السيارة الفارعة السبور الواقفة قريبا من المنحنى ,وفجأة سمعت صوتا خلفها :
" سوف أصطحبك ألى منزلك".
وألتفتت جولي ألى الوراء فرأت مانويل كورتيز , كانت دهشتها بلقائه الآن أكثر من دهشتها عند رؤيته في الصباح , فأتسعت عيناها الزرقاوان بأهدابهما الداكنة فبدت جميلة وجذابة.
" لا داعي لهذا , أنني أركب الباص عادة"
" وأنا لا أفعل هذا عادة ..... أدخلي وألا أعتقد المارة أنني أعاكسك".
ودخلت جولي السيارة الفاخرة من طراز فراري , وجلس مانويل ألى جوارها وفي فمه سيكارة , ثم أدار المحرك وأنطلقت السيارة .
كانت الشوارع مزدحمة في هذه الساعة مما أضطر مانويل ألى التركيز على القيادة , وأخذت جولي تنظر أليه بفضول , وتساءلت عما جعلها ترضخ لأمره وتصعد ألى سيارته , فهي لا تعرف شيئا عنه , في أية حال أنها تستطيع مواجهة أي موقف كارىء , ومانويل ليس سوى رجل كغيره من الرجال رغم شعبيته وذيوع صيته , وقالت بعد بضع دقائق:
" لا أعرف أذا كنت تعرف مكان سكني , فهو في كنغستون وهذا الطريق لا يؤدي ألى هناك".
" أعرف".
" ماذا تعني بقولك أعرف , قلت أنك سوف تصطحبني ألى منزلي؟".
" سوف أفعل ذلك لكن في وقت لاحق".
وتنهدت جولي ثم أتكأت ألى الوراء في مقعدها , ما الذي يمكن أن يحدث لها سوى أن أبويها كانا يتوقعان وصولها ألى المنزل الآن وقد يقلقهما تأخيرها.
قالت بشيء من العصبية:
"أن والداي يتوقعان عودتي ألى المنزل مباشرة".
ونظر أليها مانويل كورتيز ثم أوقف اسيارة على جانب الطريق وقال وهو يهز كتفيه بدون أكتراث:
" حسنا يا آنسة كيندي , أذهبي ألى منزلك".
ونظرت أليه جولي بغضب وقالت:
" أنني لا أفهمك".
وقاطعها ببرود:
" أوافقك على هذا الرأي ".
" لا أعتزم ركوب الباص الآن فعليك أن تدير هذا الوحش وتصطحبني ألى منزلي".
وأبتسم مانويل وقال بصوت أجش بدت به لكنته الأأسبانية واضحة:
" ألا تعيدين النظر في قرارك وتقضين هذه الأمسية معي؟ يسعدني أن أصطحبك ألى مطعم أعرفه يقدم طعاما وشرابا ممتازين".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" ولكن لماذا أخترتني؟".
ورد بكسل :
" أنك جميلة وأنا أحب النساء الجميلات , هل هذا يرضي كبرياءك؟".
" ليست كبريائي هي التي تقلقني".
وتساءلت متى تتاح لها فرصة أخرى مثل هذه؟ وكم عدد الفتيات اللواتي يستطعن الخروج مع شخص مثل كورتيز , لا شك أنها ستكون حمقاء أذا لم تنتهز هذه الفرصة ,وألتفتت ألى كورتيز وقالت:
" حسنا , سأتناول العشاء معك ولكن يجب أن أتصل تلفونيا بوالدي أولا".
" حسنا يمكنك أن تفعلي ذلك من المطعم".
وأدار مانويل المحرك من جديد وشعرت جولي بقشعريرة , وأنتابها القلق ثانية بعد أن أتخذت هذا القرار.
وشعرت جولي بأرتياح عندما وقفت السيارة أمام مطعم الهوايت دراغون , كانا قد ظلا صامتين طوال الرحلة , وكانت تخشى أن يكون قد أختطفتها لغرض في نفسه , كانت الفكرة مضحكة في الواقع ألا أنها لم تكن تعرف شيئا عنه.
نزلت من السيارة وهي تلف معطفها حول جسمها لتحتمي من البرد والمطر الذي بدأ يتساقط وأغلق مانويل السيارة ومشى نحوها ودس ذراعه في ذراعها وقبض على معصمها , ورمقته بنظرة وقالت:
" تتصور أنك ماهر جدا أليس كذلك؟".
وأبتسم وقال:
" لماذا تعتقدين ذلك؟".


برنس وصاب 09-23-15 05:06 PM


" لأنها الحقيقة , لقد صمّمت على الخروج معي الليلة ,لماذا؟".

" لست مرتبطا بعمل معين , ألى جانب أنه لا توجد أمرأة ترفض مانويل كورتيز !".
" تقصد ليلة السبت , لم أرفضك ولكن حديثك كان غير لائق".
وقال بجفاء:
" أن كثيرا من تصرفاتي غير لائق , هل يضعني هذا في القائمة السوداء ؟".
" بما أنني أعرف أنك لا تهتم برأيي في كثير أو قليل فلن أرد على ذلك ".
وخلصت نفسها من قبضته وهما يدخلان المطعم , وتركا معطفيهما للخادم الذي أخبرهما أن المائدة سوف تكون جاهزة في الساعة السادسة والنصف وسألهما عما يرغبان أحتساءه , فطلب مانويل مشروبات بدون أن يسأل جولي عما تريده , وجلست جولي بجوار الستار ,ونظرت ألى ثوبها وقالت:
"كان عليّ أن أغير ملابسي , فتلك ملابس العمل".
وأبتسم مانويل وقال :
" تبدين على ما يرام بالنسبة أليّ , هل تحدثت ألى أمك؟".
" نعم , قلت لها أنني قابلت صديقة لم أرها منذ سنوات عديدة , كما طلبت منها أن تعتذر لبول".
وتنهّدت وهي تقول:
" أنني لا أحب الكذب".
" أذا لم تصارحي أمك بالحقيقة؟ أن سمعتي سيئة ولا يليق بك أن تخرجي معي ؟".
" بالطبع لا, أبي يعبد موسيقاك , لا سيما عندما تعزف على الغيتار".
وبدا الملل على وجه مانويل , وتساءلت جولي عما يمكن أن تقوله حتى ترفه عنه , لا بد أن قضاء السهرة معها كلّفه كثيرا لمجرد أرضاء كبريائه .
كان مانويل يجلس أمامها فنهض من مكانه وجلس على المقعد المنخفض بجوارها وقال:
" والآن ما خطبك؟ لماذا تبدين ساهمة هكذا؟ هل تشعرين بالملل؟".
فقالت وقد أرتبكت لقربه:
" بالطبع لا , النار جعلتني أشرد قليلا ".
وقال ساخرا:
" وتشعرين بالخوف أليس كذلك؟ لماذا؟".
وهزّت جولي كتفيها وردّت عليه بشجاعة:
" ما الذي يخيفني ؟".
رفع مانويل حاجبيه ولاحظت أن أهدابه السوداء تفوق أهدابها طولا .
" ربما لأنك تخشين أن أغازلك , فلا تقلقي , لن أفعل ذلك".
كانت قد أسترخت تحت تأثير صوته الهادىء فأعتدلت الآن في جلستها وأخذت جرعة من كأسها ثم وضعتها بسرعة على امائدة وقالت وهي تشهق:
"يا ألهي ما هذا؟".
" شراب ,مزيج خاص بي , ألا يعجبك؟".
وقالت غاضبة:
" أنه مثل النار".
فعلق بجفاء:
" أنه مشروب يناسبني , فأنني نصف هندي ,معذرة , سوف أذهب لأرى أذا كانت المائدة قد أعدت".
وهزّت كتفيها , ومن المضحك أنها شعرت برغبة في البكاء!
وبدا هادئا عند عودته فتساءلت عما أذا كانت قد تخيلت فقط أنه غاضب , وأكلت جولي كثيرا وكان الطعام شهيا كما تنبأ , وأمتلأ المطعم بالناس ولاحظت جولي أنه يتجنب من أعتقد أنهم يعرفونه ,وبعد أنتهاء الوجبة قالت وهي تدخن سيكارتها:
" أشكرك على دعوتك , قضيت وقتا ممتعا".
" حسنا , وأنا كذلك وأن لم أتوقعه".
" لماذا؟".
" تصوّرت أنك ممن لا يأكلون سوى القليل خوفا من البدانة".
" هل يعني كلامك أن الآنسة أريفيرا دقيقة في أختيار ما تأكله؟".

برنس وصاب 09-23-15 05:07 PM


وأسود وجهه لحظة وهز كتفيه وقال:
" دولورس تهتم بوزنها لأسباب بديهية , فالراقصات يجب أن يكن حريصات جدا , لماذا حدّثت صديقاتك عن دلورس؟ هل أنت من الفتيات اللواتي يقلن كل شيء للصديقات ؟ وهل ستروين لهن قصصا عن الليلة مع المبالغة بالطبع ؟".
" لن أذكر سهرتنا هذه".
وشعرت بضآلتها وتمنت لو أمكنها توضيح موقفها , فقد تحدثت عنه مع الصديقات حتى تخلّص نفسها من الألم الذي أنتابها عندما علمت بعلاقة مانويل بدولوريس أريفيرا.
ونظر أليها نظرة فاحصة وقال:
" أعتقد أنني لن أذكر أيضا , هيا بنا , هل أنتهيت؟ فعلينا أن ننصرف فأنني أستعد لتقديم أستعراض في ملهى غارديانوس".
وغاص قلب جولي فقد كانت تعتقد أنهما سيقضيان كل السهرة معا , ولم تكن تتصور أنه سيتركها في ساعة مبكرة , كما أنها شعرت أنه يعاملها بغطرسة.
كانت السيارة الدافئة , ولم يدر مانويل المحرك فورا ولكنه أقترب منها وقال :
" أنت غاضبة ؟ لماذا؟".
" لست طفلة توصلها ألى منزلها بعد نزهة في الساعة الثامنة والنصف".
وأبتسم مانويل أبتسامة عريضة , كان قد أضاء النور بالسيارة وأضطربت لقربه , أنها لم تلتق من قبل برجل مثل مانويل , وتمنت لو أنها كانت المرآة الخطيرة اتلتي تأسر الرجال , ونسيت أن شبابها وجمالها لهما تأثير أكبر .
" هل تظنين أنني أرغب في توصيلك ألى منزلك ؟ صدقيني يا جولي أنني أفضّل قضاء بقية السهرة معك , ولن يتعيّن أن أسافر ألى باريس في الصباح ثم أعود لأعمل بالغارديلنوس في نفس الليلة , أن وقتي مزدحم للغاية .
" أعلم ذلك , ولكنك لم تكن مرتبطا هذا المساء !".
" بل كنت مرتبطا بتناول العشاء مع برنارد هوفمان متعهد الحفلات المعروف ولكنني رغبت في تناول العشاء معك , هل يسعدك هذا؟".
ونظرت أليه جولي من طرف عينيها وقالت وهي تبتسم:
" نعم".
وضاقت عينا مانويل وظنت أنه سوف يلمسها , ولكنه أطفأ النور وأدار المحرك فأنطلقت السيارة , وعندما كانت تستعد للنزول من السيارة في نهاية طريق فولكنر أمسك بيدها وقال :
" هل تتتناولين العشاء معي يوم الأربعاء؟".
وبلعت جولي ريقها بصعوبة وقالت:
" أذا رغبت في ذلك".
وقال في كس :
" هذا ما أريده , هل أمر عليك بمكان عملك؟".
" نعم ,تصبح على خير ".
وراقبت السيارة حتى أختفت ثم سارت ألى منزلها وفتحت لتجد بول يشاهد التلفزيون في وجوم مع والديها وقالت:
" بول! لماذا لم تذهب ألى الحفل؟".
" لم أرغب في الذهاب بمفردي , هل قضيت وقتا ممتعا مع صديقتك؟ من هي؟ هل أعرفها؟".
" أنها سيلين شالمرز أنك لا تعرفها يا بول , سوف أعد قدحا من القهوة هل من راغب في القهوة؟".
وسار بول خلفها وسألها :
" ما خطبك؟ تبدين غريبة بعض الشيء؟".
" أنا متعبة , قضيت يوما مليئا بالأحداث ".
" بالطبع".
وقبلها على جبينها , وتمالكت نفسها حتى لا تبتعد عنه , وتساءلت بحسرة , لماذا أشعر هكذا مع بول , بينما كنت أتمنى أن يلمسني مانويل كورتيز؟

برنس وصاب 09-23-15 05:08 PM

3- اللقاء الأول

من الصعب على جولي التظاهر بأنها لم تر مانويل ثانية , عندما بدأت دونا ومارلين تتحدثان عنه , وكان عليها أن تجاريهما ولكن مشاعرها الداخلية مختلفة وكانت تتساءل ترى هل تكون صريحة مع أبويها وتخبرهما بما حدث أم لا؟ فقد أدركت أنهما يرغبان في زواجها من بول , ولن يروق لهما خروجها مع رجل جاد مثل كورتيز , وتنهّدت بعمق , وقررت أنها أذا كانت تريد الأستمرار في مقابلة مانويل فيجب ألا تخفي هذا الأمر .
وفي مساء يوم الثلاثاء ذهبت ألى السينما مع بول ,مرّ بها بالمتجر وتناولا العشاء في مطعم لايونز قبل ذهابهما ألى السينما , وأخبرها بول أن باريسن لم يؤنبه لما فعلته جولي في الليلة الماضية وقال:
" أن باريسن يتحين الفرص للتأنيب , ولذلك لا أفهم كيف فاته أن يلومني على ما حدث".
" عليك أن تواجهه , فليس السيد باريسن ألا بشر ".
" أنه يخيفني في بعض الأحيان".
وفي هذه اللية بينما كانت تستعد للذهاب ألى غرفتها , دخلت أمها وقالت بهدوء:
" ما بك يا جولي؟".
" لا شيء".
" بل أشعر أنك مشغول البال منذ البارحة , ما الذي قالته لك سيلين؟".
" تحدثنا عن أيام الدراسة ".
" أخبريني يا جولي , هل قابلت سيلين أم...........هل هي أمرأة التي خرجت معها بالأمس؟".
ضغطت جولي على شفتيها فلم ترغب في الكذب على أمها وقالت:
" كلا يا أمي , خرجت مع رجل , أرجو المعذرة , كنت أعرف أنك لن تتفهمي الأمر , فأنت تتوقعين أنني أنا وبول......".
وقالت السيدة كيندي وهي تتحسّر:
" جولي , أنت تعلمين أننا نرغب في سعادتك ! يا ألهي نعم! نحن نحب بول , ولكن ذلك لا يعني أن تتزوجي منه لمجرد أرضائنا , يا ألهي , أنك تخفينني , نحن نريد أن تتزوجي الرجل الذي تحبينه".
" ماذا سيحدث لو عرفت أن الرجل الذي خرجت معه ,كما يبدو لي حتى الآن ليس لديه أية فكرة عن الزواج؟".
وأضطربت أمها وقالت:
" لماذا؟ هل هو متزوج؟".
" كلا , أي ..... لا أعرف بالضبط".
" جواي ! من هو؟ هل نعرفه؟".
" ليس كذلك بالضبط , فأنكم تسمعون عنه , أرجوك يا أماه لا تسأليني عن أسمه أن أسفرت العلاقة عن شيء , فسوف أخبرك حينئذ".
وأزداد أضطراب السيدة كيندي , فلم تكن جولي معتادة على الكذب , كما أنها لا تخفي شيئا عن أمها , وصعب عليها أن تقبل , حقيقة أن جولي لا ترغب في أئتمانها على سرها , فلم تعد طفلة أصبحت لها حياتها الخاصة التي لا ترغب في أقتسامها معها.
أما جولي فشعرت هي أيضا بأحساس فظيع , لا سيما أنها مقتنعة بخطورة ما نفعله , فمانويل كورتيز ليس ممن يستهان به , وبرغم أن لجولي أصدقاء كثر ألا أنها لم تعاشر من قبل رجلا له خبرة كورتيز.
وتمنت لها أمها ليلة سعيدة , ودخلت جولي تحت األأغطية ونامت نوما عميقا .
وعندما أخبرت أمها في صباح يوم الأربعاء أنها لن تتناول العشاء في المنزل , رمقتخها أمها بنظرة غريبة , ولكنها لم تعلق على الموضوع , وبما أن أباها كان يتناول الأفطار معهما , فقد أسعدها تصرف أمها.
أرتدت ثوبا من الحرير الوردي , ووضعت حول عنقها عقدا من اللؤلؤ بينما أرتدت معطفا من اللون البيج ,وقال لها والدها وهو يوصلها ألى عملها بالسيارة في الصباح.
" هل هذا من أجل بول؟".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" كلا , فسوف أخرج مع بعض الأصدقاء , بول مشغول هذه الليلة ".
ولم ير أبوها في ذلك أمرا غير عادي , كانت جولي محبوبة , ولها أصدقاء كثيرون , ثم أنها تذهب عادة في مساء يوم الأربعاء لصديقتها سامنتا.
لاحظت دونا ومارلين ثيابها أيضا وشعرت أنهما لم تصدّقا قولها بأنها ستقضي الليلة مع سامنتا , غير أن اليوم كان مزدحما بالعمل , ولم يكن لديهن متسع من الوقت لتبادل الحديث.
وأخيرا دقّت الساعة الخامسة والنصف وخرجت جولي لمقابلة كورتيز , غير أنها لم تجد أثرا له أثرا له أو لسيارته الفخمة الملفتة للأنظار , وأحسّت بخيبة أمل كبيرة ثم بألم في معدتها , هل كان يمزح عندما طلب منها موعدا آخر ؟ هل يريد الأنتقام منها؟
وأنتظرت حتى الساعة السادسة ألا الربع ثم قررت غاضبة أنه لن يحضر , وكادت تجهش بالبكاء , وهي تؤنب نفسها على غبائها , كان يجدر بها أن تدرك أنه لا يعتزم الخروج معها مرة ثانية.
وسارت بخطوات سريعة نحو شارع أكسفورد لتركب الباص وتذهب ألى سامنتا فأي شيء تفعله أفضل من العودة ألى المنزل.
وكان شارع أكسفورد مزدحما بالناس , فعلّقت حقيبتها على كتفها ووضعت يديها في جيبها وأتجهت نحو الشارع عندما سمعت صوتا يناديها.
" جولي ‍! جولي! أنتظري".
وألتفتت ألى الخلف فرأت مانويل وهو يشق طريقه في وسط الزحام , ولم يقلل شعره الأشعث أو معطفه المخلوع من جاذبيته , وكادت ترتمي بين أحضانه وهو يقول :
" أنك غاضبة ؟ وأنا آسف , ولكن زحام لندن قاتل , تركت سارتي في مكان بعيد".
وضحكت جولي وقالت:
" هل هذا كل ما في الأمر؟".
" بالطبع , هل أعتقدت أنني لن أحضر؟".
" نعم".
" أنني هنا الآن , هيا بنا , أرى أن نتناول العشاء في شقتي أذا لم يكن عندك مانع ".
" لا أدري ........ لا ....... أدري".
بدا وكأنه لم يكن مهتما بكلامها , أمسك بذراعها وأخذ يشق طريقه وسط الناس جاذبا أياها معه ,ورأت جولي نظرات الدهشة ممن تعرفوا على شخصيته , ولكن مانويل تجاهل هذه النظرات , وأدركت أنه ليس مغرورا فيما يتعلّق بعمله.


الساعة الآن 07:10 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا