منتديات مسك الغلا | al2la.com

منتديات مسك الغلا | al2la.com (/vb/)
-   قصص - روايات - Novels stories - روايات طويله •• (https://www.al2la.com/vb/f12.html)
-   -   حب غير متوقع اكبر تجمع روائي لروايات احلام وعبير (https://www.al2la.com/vb/t61748.html)

برنس وصاب 09-23-15 05:09 PM

وأخيرا وصلا ألى السيارة ,وسرها أن تسترخي في السيارة الفاخرة , وقدّم أليها سيكارة وأدار المحرك قائلا:
" مكان مزعج ! أنني أكره الأزدحام , ما رأيك؟".
" أنا أحب لندن ولكنني أعرف مساؤئها , وأوافقك على أنها تكون مزدحمة للغاية في هذه الساعة".
" مزدحمة ! يا ألهي! شقتي في ليبانون كورت , هل تعرفينه ؟".
وأثارت كلماته من جديد مشكلة العشاء في شقته , فلا تستطيع الأعتذار الآن , ثم أنها لا ترغب حقيقة في ذلك , غير أنها أدركت أنها تتصرف بتهور وقالت:
" لا أعرف هذا الحي بالضبط أما أذا كنت تسكن أحدى العمارات السكنية التي تطل على ريجنت بارك فأعتقد أنني أعرف مكانها".
وأومأ مانويل برأسه وقال:
" نعم , أن نوافذي تطل على ريجينت بارك , غير أن الشقة تشرف على لندن بأسرها".
كان المبنى أحدى العمارات السكنية الجديدة الفاخرة التي تحيط بها الحدائق والنافورات ولها مدخل كمدخل الفنادق الفاخرة و وأمامها حارس خاص يمنع دخول غير المرغوب فيهم .
وقالت جولي بينما أرتفع بهما المصعد ألى الطابق الأخير حيث يوجد المنزل :
" شيء لطيف أن يكون المء ثريا !".
أبتسم مانويل لأن جولي كانت تسخر منه , غير أنها لم تخف أنبهارها الواضح عندما دخلت المنزل من الباب المزدوج وشهدت المنظر الذي يطل عليه , فبدت لندن في شفق الغروب من هذا الأرتفاع , وكأنها أرض الأحلام وأنتشرت في أنحائها الأنوار المتألقة اللامعة , ولم يكن هناك صوت أو ضوضاء بل هدوء زائع زاده المنظر الجميل روعة.
وأضاء مانويل الأنوار فبدا الجو الخيالي ليكشف عن غرفة الجلوس بكل أناقتها البسيطة , وقد فصل بين المدخل والغرفة سلم واسع من درجتين , وغطيت أرضية الغرفة بسجاد من لون العنبر القاتم وأنتشرت المقاعد والأرائك المنخفضة المكسوّة بالجلد الأخضر القاتم وجلد الفهد حول المدفأة الكهربائية المتوهجة , بينما وضع جهاز تلفزيون ضخم في أحد الأركان , وكان هناك أيضا مكتبة على الجانب الآخر من المدفأة ممتلئة بمجموعة منوعة من الكتب.
ونظرت جولي ألى كل ما في الغرفة وقالت:
" جميل جدا , أعتقد أنك تعرف ذلك , أليس كذلك؟".
ساعدها مانويل على خلع معطفها ووضعه على المشجب في المدخل , ثم خلع معطفه هو أيضا ووضعه في نفس المكان وقال:
" يسرني أن المكان يعجبك , أحتفظ بشقة في لندن لأنني أكره الفنادق حيث يغالي الخدم في خدمتي لمجرد شهرتي".
كان والدها يقول لها دائما , أن الرجل الذي يحب الأنفراد بنفسه يكون عادة أما مستريح الضمير , أو لا ضمير له عل الأطلاق , وتساءلت جولي ترى كم أمرأة أحضرها مانويل ألى هذا المكان , لا بد أنه أحضر دولوريس أريفيرا! ولكن من غيرها؟ وقد أيقظتها هذه الفكرة من غفوتها , كان يجب علي أن نتصرف بأتزان فأن مانويل كورتيز رجل ذو خبرة بالحياة وليس صبيّا مثل بول .
ودخل خادم يرتدي ثيابا سوداء من باب يبدو أنه يؤدي ألى المطبخ وقال :
" طاب مساؤك يا سيد , قمت بأعداد ما طلبته , وما عليك ألا أن تأمر لأقدم الطعام في الوقت الذي تريده".
" أمهلنا بعض الوقت لنحتسي بعض الشراب ثم قدّم لنا الطعام".
وأبتسم مانويل بينما أنسحب الخادم ,وبعد أنصرافه قال مانويل :
" أنه جوزيه وهو يعمل عندي منذ سنوات عديدة".
وأبتسمت جولي وأسترخت في مقعد منخفض أقترح أن تجلس فيه قائلا :
" تبدين جذابة هذه الليلة , هذا اللون يناسبك!".
وأضطربت جولي وقالت محاولة أن تغير مجرى الحديث :
" شكرا , هل ذهبت ألى باريس؟".
" نعم , هل ذهبت أنت أليها؟".
" كلا , للأسف".
" ألا تحبين السفر؟".
"بلى أحبه , غير أنني لا أستطيع السفر , أبي يعمل طبيبا , ونحن لسنا أثرياء".
الطبيب رجل له مركز مرموق في بلادي".
ثم أاف:
" أن ما يبدو قليلا بالنسبة أليك يبدو كثيرا بالنسبة ألى أهلي".
" أسرتك ! هل تعيش في المكسيك؟".
" بالطبع , لي سبعة أشقاء وأربع شقيقات".
ورمقها بنظرة متفحصة فأزداد وجهها أحمرار وقال:
" هل يدهشك ذلك؟".
ثم هز رأسه وأستطرد قائلا:
" أن أي شيء صغير يدهشك يا جولي كيندي , يا لها من حياة ضيقة الأفق تلك التي تعشينها".
وأحنت جولي رأسها وقالت:
" لم أدهش لما قلته , فالفقر في حد ذاته مؤلم ولكنه لا يثير الدهشة , نجد أن أسرتك..... ليست فقيرة , أليس كذلك؟".
" كلا , لم تعد فقيرة , ولكنها كانت تعاني من الفقر , والأسرة في المكسيك تتكون من أفراد عدة وهؤلاء المساكين لا يعرفون كيف يتصرفون كما تقولون في بلادكم ,فهم يأخذون ما يعطيهم الله شاكرين , أسرتي أسعدها الحظ أذ صرت أعولها , أما أنا فأنني لم أتعلم القراءة ألا في العاشرة من عمري , وقد تعلمتها وحدي كما تعلمت العزف على الغيتار وحدي أيضا ,وقد أصبحت الآن ثريا , غير أنني لا أنسى الماضي".


وقدم العشاء في غرفة مفتوحة على الشرفة , وكانت المائدة مستديرة والمقاعد من خشب الورد مما أبرز جمال المفارش الدانتيلا فوق الخشب اللامع , وأضاءت الغرفة ثريّا من الكريستال , غير أن جولي تساءلت كيف تبدو الغرفة في ضوء الشموع؟
وبعد أنتهاء العشاء تنهدت جولي بأرتياح وقالت:
" وجبة هائلة ! يطهو جوزيه الطعام؟".
" نعم سوف أنقل له ثناءك على طهيه".
وأبتسمت جولي وقالت لا بد أنه جوهرة!
" هل أنقل له ذلك أيضا؟".
وأحمر وجه جولي وأشاحت بعينيها فهو يثير أرتباكها دائما , وقدمت القهوة والشراب الخفيف على مائدة منخفضة في غرفة الجلوس وأمسكت جولي بأبريق القهوة و غير أن مانويل فضل الشراب , وجلست جولي على الأريكة الكسوة بجلد الفهد أمام مائدة القهوة , وكانت قد تجنبت الجلوس عليها من قبل وجلس مانويل ألى جوارها وقد فك ياقته وأرخى رباط عنقه , ومال الى الخلف وأغمض عينيه وكأنه متعب , وبدا أصغر سنا , وأحست جولي بضربات قلبها السريعة , ووضعت الفنجان على المنذضدة ,وأشعلت سيكارة وأسترخت في هدوء ثم أدركت أنه يتفحصها بطرف عينيه , فأضطربت فقال:
" أرجوك أن تسترخي , هل يعجبك هذا المكان ؟ أليس أفضل من قاعات الأستقبال في الفنادق؟".
" نعم أنه رائع , هل أنت متعب؟".
" أشعر بقليل من التعب".
" ربما تجهد نفسك في العمل؟".
" أعتقد هذا ولكنني أحب عملي".
وتساءلت جولي في نفسها ترى كم من الوقت يقضيه مع دولوريس أريفيرا وهل تعرف دولورس أنشطته الأخرى...... علاقته معها , على سبيل المثال؟
وفاجأها قائلا:
" فيم تفكرين ؟".
" لا شيء".
وألقى نظرة على ساعة يده الذهبية وقال:
" الوقت يجري , الساعة السابعة وأربعون دقيقة".
" هل تعمل ثانية في هذه الليلة؟".
وتمطى وأستقام في جلسته وقال:
" بالطبع".
ثم أسترخى من جديد على مقعده وواصل تقييمه لها , وأخذت تتحرك بقلق على الأريكة تحت وطأة نظراته المستمرة الساخرة.
وأبتسم فجأة وقال بصوت خافت:
" أنت جميلة جدا يا جولي , هل قلت لك ذلك من قبل؟".
أطفأت جولي السيكارة بدون أن ترد أو تنظر أليه.
فقال بنعومة:
" شعرك يعجبني , وكذلك بشرتك , فهي شديدة البياض وناعمة كالورد , جولي !".
وتظاهرت بأنها لم تسمعه , فلم يمتدحها بول بمثل هذه العبارات , كما لم يذهب ألى أبعد من أن يقول بخجل : أنك فاتنة!
وهب مانويل واقفا مما أثار الهلع في نفس جولي , ولكنه سار فقط ألى المصباح بجوار التلفزيون فأضاءه , ثم أتجه ألى الباب وأطفأ نور الثريا الكريستال , مما أضفى على الغرفة جوا خلابا , وزادت خطورة مانويل وأرتعدت جولي , وجلس بجانبها من جديد , وأقترب منها أكثر هذه المرة , وأزاح مائدة القهوة بقدمه ثم أمسك بخصلة من شعر جولي وأدار وجهها أليه وقال بلهجة آمرة وغاضبة :
" لم هذا الهلع؟ تعلمين جيدا أنك تودين ألمسك , وأنا أريد أن ألمسك".
وأحست جولي بألم في معدتها , وأختنقت أنفاسها , وغلى الدم في عروقها وشعرت وكأنها تتلاشى ,وهو يضغط عليها بعاطفة متقدة , آلمها ظهرها وهي ملتصقة به عاجزة تماما ولا تستطيع أن تنكر هذا الشعور الجارف الذي ثار بداخلها ليستجيب لعاطفته , لم يعانقها أحد مثلما عانقها وعندما حرّك راسه شعرت بأنفاسه تلفح عنقها وكادت تفقد أدراكها في الدقائق الأولى وتغرق في مشاعرها ألا أنها شعرت بأجراس قوية تدق في رأسها وتحذرها , وأدركت أن هذا الرجل لا يحترم المرأة ولا يتردد في السعي ألى تحقيق مآربه.
وخرجت من عالم الأحلام ونعومته ألى عالم الحقيقة , فأبتعدت عنه بحزم , بينما ظل مانويل يراقبها وهو مستلقي فوق الأريكة كما تركته , وأدركت أنه يستطيع أذا أراد , أن يرغمها على البقاء حيث كانت , ولكنه أبتعد عنها فور مقاومتها أياه , ولم تدر ما تقوله أو ما تفعله ,وأدركت أنها تتوق ألى ذراعيه ودفئه , غير أنها تمالكت نفسها مدركة المخاطر التي تواجهها والنتيجة الحتمية لتطور هذه العلاقة .
ولم ينطق مانويل بكلمة ولكن عينيه كانتا جامدتين بدون تعبير ونظرت جولي ألى ساعتها , فوجدت أنها لا تزال الثامنة والربع , وبدا لها وكأن ساعات طويلة مرت بعد أنتهائهما من تناول العشاء.
وهز مانويل كتفيه وهب واقفا أقفل قميصه وأصلح ربطة عنقه وقال بهدوء:
" سوف أصطحبك ألى منزلك".
وسار ألى حيث ترك معطفيهما وساعدها على أرتداء معطفها ثم أرتدى معطفه وأحست جولي بشعور فظيع , كانت تعرف أنه كان يجب أن تشعر بالراحة لأنه لم يؤنبها ولكنها أحست بدلا من ذلك وكأنها مذنبة ولم تستمتع بهذا الشعور.



ونزلا بالمصعد في صمت كما ظلا صامتين طوال الطريق ألى شارع فولكنر , وعندما توقفت السيارة , ألتفت أليها مانويل وهو يضع يده خلف مقعدها , وقال ببساطة وبرود:
"عودي وألعبي مع الصبية الصغار , فأنت ما زلت طفلة".
ضغطت جولي على شفتيها حتى لا ترتعدان وأحست بأنها صغيرة على نحو لا يصدق وغبية على نحو لا يصدق , وقالت بصوت مخنوق:
" أعتقد أنك كريه! هل تتصور أن كل فتاة تخرج معك تكون متلهفة على مطارحتك الغرام؟".
وأبتسم مانويل بسخرية وقال:
"عزيزتي جولي , أنك واضحة وضوح النهار! هل تتصورين أنني لا أقرأ الأفكار التي تدور في رأسك الجميل , كل ما في الأمر أنك ...... كيف أعبر عما أريد قوله , أنك ذات عقلية عتيقة , ثم أنني لا أحب المرأة التي تغيظني".
وأحتجت جولي في فزع:
"لم أكن أغيظك !".
هز كتفيه وقال :
" صحيح؟ حسنا! لنترك الموضوع عند هذا الحد , كانت تجربة في كل حال".
وضعت جولي يدها على مقبض الباب وكأنه نادم :
" لو طلبت أليك الخروج معي ثانية , هل تقبلين الدعوة؟".
وأرتبكت جولي وقالت:
" لا أدري , هل تطلب مني الخروج معك؟".
هزّ كتفيه وقال:
" ربما لن يتسع وقتي في هذا الأسبوع , ولكن قد نستطيع الألتقاء في الأسبوع المقبل في عشاء وداع , لأنني سأعود ألى الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع القادم ".
" أحقا؟".
وشرد بفكره دقيقة ثم قال :
" ما رأيك في يوم الثلاثاء المقبل؟ يمكنني أن أمر عليك في المتجر , كما فعلت هذا المساء , ثم نتناول العشاء في مطعم هوايت دراغون".
أومأت جولي برأسها وخرجت من السيارة قائلة:
" حسنا".
ورغم هذا الموعد أحست بالغثيان كما أحست بالتعاسة وكادت تجهش بالبكاء .
وأختفت السيارة , وسارت جولي بخطوات بطيئة حتى منزلها , وعندما لم تجد المفتاح طرقا الباب وفتحته لها أمها , بينما لم تجد أثرا لأبيها.
قالت أمها توضح الأمور:
" أن السيدة كولنز في حالة ولادة , جولي ! ما بك؟ وجهك شاحب! هل أنت مريضة؟ ما الذي حدث؟".
" لا شيء ! أعتقد أنني مريضة!".
ثم ضغطت جولي على معدتها وقالت:
" أعتقد أنني سوف أتقيأ".
وأنحنت مرهقة فوق الحوض في الحمام وتقيأت ووتساءلت ماذا حدث للفتاة التي كانت خالية منذ أسبوعين , وشعرت جولي بالتعاسة ولم ترغب ألا أن تأوي ألى فراشها لتغرق همومها في النوم , غير أنها لم تستطع النوم من كثرة التفكير ألا عندما كان ضوء الفجر الخافت يلمس السماء في حوالي الساعة الخامسة صباحا.

برنس وصاب 09-23-15 05:10 PM

4- قناع الرطوبة

وفي الصباح كان الجو رطبا والأمطار تتساقط عندما دخلت أمها ألى غرفتها حاملة فنجان الشاي , وقالت:
" هل تشعرين بأنك في حالة جيدة تسمح لك بالذهاب ألى العمل اليوم , أم تفضلين البقاء ! أستطيع الأتصال تلفونيا بالآنسة فترستون وأبلغها بمرضك؟".
فهزت جولي رأسها وشربت الشاي وسرها أن ذهبت ألى العمل , فقد تغيبت دونا عن الحضور لأصابتها ببرد شديد , ولولا حضورها لكان على مارلين القيام بمهام الثلاثة.
ومر اليوم ببطء , وشعرت بسعادة كبيرة عندما حل موعد الخروج , فبول يحضر مساء كل يوم خميس , وهما يلعبان البريدج مع والدها أذا كان مودودا بالمنزل , كانت جولي تجد متعة في هذه الأمسيات , وهي تحب لعبة البريدج وتتقنها , وفي مساء يوم الجمعة غسلت جولي شعرها بينما خرك الدكتور كيندي وزوجته لتناول العشاء عند أصدقاء لهما , ثم خرجت في يوم السبت بصحبة بول , وذهبا ألى حفل في منزل سامنتا , كان أصدقاء أسرة باولو من أهل الفن , فهم رسامون أو نحاتون أو ممثلون وكان الذهاب ألى أسرة باولو شيئا مثيرا أذ لا يعرف المرء من سيلقاه عندهم.
وعند وصولهما وجدا المكان غاصا بالناس , غير أن سامنتا رحبت بجولي وكأنها قريبة لها أفتقدتها منذ وقت طويل , فقالت:
" أين كنت طوال الأسبوع يا عزيزتي؟ أنتظرتك كالمعتاد يوم الأربعاء ,ولكنك لم تحضري , ثم خطر لي أنك قد تتصلين بي تلفونيا , ولكنك لم تفعلي!".
وكان بنديكت قد أصطحب بول ليعرفه على مغن ناشىء أكتشفه مؤخرا , لذلك قالت جولي لصديقتها:
" يا عزيزت سام؟ هل لي أن أحدثك على أنفراد ؟ أنني في حاجة لأن أتحدث مع أحد وألا أصبت بالجنون".
ورمقت سامنتا صديقتها بقلق وقالت:
" بالطبع يا عزيزتي , بن أرجو أن تعتني بالضيوف , لأنني أريد أن أتحدث مع جولي قليلا في غرفة النوم".
وأومأ زوجها بن ذو الجسم الضخم والشارب الذي على طراز فان دايك , وصاح قائلا:
" حسنا يا حبيبتي".
وذهبت الصديقتان ألى غرفة النوم.
وجلست الأثنتان على السرير وقالت سامنتا بحرارة:
" هيا يا عزيزتي , أفتحي قلبك لأمك".
وتنهدت جولي وروت لسامنتا كل شيء بالتحديد وبكل صدق منذ لقائهما الأخير , وأستمعت سامنتا ألى جولي , وبدت الدهشة ثم الأرتياب على وجهها , وحدقت في جولي وقالت:
" كيف يا حبيبتي؟ مانويل كورتيز! يا له من شيء مذهل ! غير أنك شديدة الجاذبية يا حبيبت وأنا أعلم أن مانويل يتحيز جدا للنساء الجميلات".
وقالت جولي بشيء من المرارة:
" أعرف ذلك , في أية حال لقد بحت لك بما في صدري , كدت أفقد صوابي في الأيام الأخيرة".
" هل ستلتقين به يوم الثلاثاء؟".
" أعتقد ذلك , لو حضر في الموعد المحدد وأذا لم يفعل فلن أنتظره طويلا كما فعلت يوم الأربعاء , بل أنني متأكدة من أنني أتصرف تصرفا سليما بالذهاب لمقابلته".
وقالت سامنتا وهي تتنهد:
" يا حبيبتي ! لا أدري ما أقوله لك! فهو طبق شهي ولكنه شديد السخونة".
ثم هزت كتفيها وأستطردت تقول:
" أنه كما تقولين لا يحترم الجنس الناعم , ولماذا يحترم أذا كانت كل أنثى في كل مدينة في العالم المتحضر تجن به جنونا".
ووضعت يدها في جيب قميصها وأخرجت علبة السكائر وقدمت سيكارة ألى جولي وقالت:
" لقد أخفق زواجه أخفاقا ذريعا بطبيعة الحال.........".
وقاطعتها جولي التي أمتقع وجهها فجأة :
" زواجه؟".
" نعم زواجه يا جولي , قرأت تاريخ حياته في أحدى المجلات في وقت ما , ربما في مجلة لايف , تزوج وهو في السادسة عشرة من عمره بفتاة مكسيكية , وأنجبا طفلة لا أذكر أسمها الآن , غير أنه أنفصل عن زوجته بعد فترة وجيزة وذهب ألى سان فرانسيسكو وعندما ذاع صيته طلقها".
قالت جولي بصوت مكتوم:
" وماذا عن الطفلة؟".
" أعتقد أنها في حضانته , فله من الأمكانيات المادية ما يمكّنه من ذلك , وهي في السادسة عشرة من عمرها الآن , أما كورتيز فأظن أنه قد بلغ من العمر الثالثة أو الرابعة والثلاثين".
وهزّت كتفيها وواصلت حديثها قائلة:
" أظن أنه أضطر ألى الزواج , تعرفين ما يحدث في هذه الحالات ..... الحمل وما ألى ذلك........ وهذه الزيجات لا تنجح أبدا ....... أو على الأقل , قلّما تنجح".


وبلعت جولي ريقها وقالت:
" بالفعل , لم أكن أعرف أنه تزوج أو أن له أبنة بالطبع".
" قليلون هم الذين يعرفون ذلك , فهو يبتعد بحياته الخاصة عن الأضواء بقدر ما يستطيع , ولا يسعى ألى الأعلان عن نفسه كغيره من النجوم".
وتذكرت جولي عشاءهما في مطعم وايت دراغون وقالت:
" أعرف ذلك , فهو لا يحب ألأماكن المزدحمة , وشقته رائعة وهي في أعلى عمارة سكنية , وتطل على منظر بديع".
وربتت سامنتا على كتفها بحنان وقالت:
"جولي , لو كنت مكانك لحاولت أن أنسى مانويل كورتيز , فهو لا يصلح لك ,وأن تصورت عكس ذلك أنت تعلمين تماما , من معاملته لك , أنه ليس جادا في علاقته بك , فلا يسعى ألى التغرير بفتاة أذا كان يحبها بأخلاص , ويحترمها ".
وتنهدت جولي وقالت:
" أعلم أن ما تقولينه صحيح يا سامنتا , غير أنني لا أستطيع أن أنساه , ويبدو أن حياته كانت قاسية جدا قبل أن يصل ألى مكانته الحالية , ولا يسعني ألا أن أعتقد أن هذا هو سبب قلة أحترامه للنساء , ثم هذا الزواج أيضا........".
وهزّت رأسها وواصلت حديثها قائلة:
" من الذي يعلم حقيقة هذا الزواج ؟ من الغريب يا سامنتا ,أشعر بأنه وحيد برغم كل ثروته وذيوع صيته!".
وصاحت سامنتا بدهشة :
" ماذا تقولين ؟ قد يكون مانويل كورتيز أشياء كثيرة , ولكنه بكل تأكيد لا يثير الشفقة".
ووقفت جولي وسارت في أتجاه النافذة , ونظرت ألى الخارج بدون أن ترى شيئا , أن سامنتا قد تكون أكثر فهما للرجال , ولكنها لا تعرف مانويل , فهي لم تر الرجل خلف القناع الأجتماعي .
ورفعت سامنتا حاجبيها وقالت:
" الأمر متروك لك يا جولي , ولكن أعتقد بأنني أكثر منك معرفة بالرجال ".
وأبتسمت جولي قائلة:
" حسنا يا سام , أصدقك , ولكن ليت لي خطة واضحة أتبعها ".
ولم تستطع سامنتا معاونتها في هذا الموضوع , فقد عبّرت لها عن رأيها , وهو أن مانويل لا يناسبها , ولا أخلاق له وقد سبق له الزواج والطلاق , وله أبنة في سن المراهقة لا تصغرها بكثير , غير أن ذلك كله لم يساعدها في شيء , فقد ظل بنفس الجاذبية ونفس الخطورة على راحة بالها .
وكانت النتيجة أن بول بدأ يزعجها بسلوكه المهذب , فكرهت قيادته المتزنة والحريصة للسيارة , وطريقة وضعه للسيكارة بين أصبعيه , ورفضه أي شراب , يا له من شعور فظيع , أن يدي بول الناعمتين تختلفان تماما عن أصابع مانويل الخشنة , كما أن جسم بول البدين يختلف أيضا عن جسم مانويل النحيف بحيث لم يعد فمه الرقيقي سوى مبعث لأشمئزازها .
وفي يوم الأحد أعتذرت عن الغداء عند والدي بول وتظاهرت بالمرض وقضت اليوم بأكمله بالمنزل , وأحست بالملل والكآبة , ولكنها لم تكن تستطيع أحتمال تبادل الحديث في منزل بول.
وخرج أبواها في المساء , فقرأت كتابا وشاهدت وبدت كل حياتها موجهة نحو يوم الثلاثاء .......... ورفضت التفكير فيما بعد ذلك .
وبحلول يوم الثلاثاء أصبحت قلقة كالنهر , وعجزت عن الأكل أو التفكير في أي شيء آخر ألا مانويل , وأدركت أنها تقترب من حالة لا تهتم فيها بشيء ألا بالحاضر , وأنها يجب أن تأخذ ما يقدم لها , وتقبض عليه بكلتا يديها قبل أن يتسلل بعيدا عنها ألى الأبد.


وأرتدت ثوبا ضيقا باللون الكحلي , وألقت فوقع معطفا من الجلد الأحمر , وبدت صغيرة السن غير مدركة لجمالها .
مرة ثانية خاب أملها , فلم تشاهد عند وصولها ألى الشارع مانويل كورتيز أو سيارته , وكان الجو باردا , كما كسا الضباب كل شيء بظلال رمادية .
كانت أقسمت ألا تنتظر , ولكنها ظلت في مكانها لا حول لها ولا قوة , وأخذت تدعو الله أن يعينها , وجاء العون في شكل رجل صغير الحجم يرتدي معطفا رماديا وقبعة رمادية .
قال وعيناه تبتسمان :
" أخيرا عثرت عليك يا آنسة كيندي , آسف لأنتظارك , غير أن السيد مريض , ولن يستطيع الحضور الليلة , وقد طلب مني أن أوضح لك الأمر".
ولم يكن يتقن الكلام باللغة الأنكليزية مثل كورتيز , غير أن جولي لم تهتم بذلك , فقد ركزت كل تفمكيرها على ما يقوله , ثم قالت:
" مريض؟ هل حالته سيئة ؟ هل حضر الطبيب؟".
وهز جوزيه رأسه وقال :
"ليست وجوزيه يعرف كيف يعالجه".
وحملقت جولي فيه وأردفت :
" أقصد.... ألا تظن أن ....... هل يمكنني أن أعود معك ألى الشقة؟".
وهز جوزيه كتفيه قائلا:
" لا أعتقد أن السيد يروق له ذلك ".
وأتخذت قرارا وقالت :
" ما لنا وما يقوله السيد , فأنا ذاهبة معك , أين السيارة؟".
" لم أحضر السيارة يا آنسة كيندي , بل ركبت مترو الأنفاق".
وهز جوزيه كتفيه من جديد , وبدا واضحا أنه غير مسرور بقرارها , غيرأنه لم يكن ليستطيع منعها من مصاحبته , وسارا من المحطة حتى لينانون كورت , ولم يسمح الحارس لجولي بدخول العمارة ألا بعد أن ضمنها جوزيه.
وما أن وصلا حتى بدأت عزيمتها تضعف , فما عساها أن تفعله أذا أتضح أن مانويل أرسل جوزيه بأعتذاره لمجرد أنه يريد الخروج معها , ولم تكن هذه الفكرة قد خطرت على بالها من قبل , ونظرت ألى جوزيه بعصبية بينما صعد بهما المصعد , غير أنه بدا شارد الذهن.
وأذ دخلت الشقة خلعت معطفها بسرعة قبل أن تخونها شجاعتها وسألت جوزيه:
" أين هو ؟ هل هو في غرفته؟".
وحاول جوزيه الأحتجاج , ثم أتجه , وكأنه قد أعترف بهزيمته , ألى باب الغرفة وفتحه وقال بصوت خافت:
" غرفة السيد , غير أنني.......".
ألا أن جولي تخطته ودخلت ألى الغرفة وسمعته يغلق الباب بهدوء , وألقت نظرة خاطفة ألى الوراء ورأت نه قد دخل خلفها ,وتساءلت هل تصور أنها تعتزم أيذاء مانويل.
كان أثاث الغرفة من الخشب القاتم والأألوان القاتمة بأستثناء السجاد الذي أختير من اللون البرتقالي الزاهي , وقد أدفأ جهاز التكييف الغرفة بالقدر المناسب , غير أن الرجل في السرير الضخم الذي بلغ طوله ستة أقدام تحرك بقلق , وقد تغطى جزئيا فقط بملاءة حريرية وبطانيتين وتصبب العرق من جبينه وصدره الأسمر العاري.
وأتجه جوزيه أليه مسرعا ووضع الغطاء عليه من جديد , متمتما بلغة أجنبية , وأتجهت جولي ببطء ألى الجانب الآخر من السرير , وبدا واضحا أن مانويل لم يحلق منذ يومين , فقد نمت له لحية صغيرة وبدا وجهه شاحبا .وهمست جولي:
" جوزيه , هل أنت واثق من سلامة علاجك له؟".
ولمعت عينا جوزيه ورد:
" أنني أحب السيد يا آنسة كيندي , وألا ما بقيت معه , أعطيته جرعة الدواء وسوف يتحسن , ولكن هذا يستغرق بعض الوقت".
" كم من الوقت يستلزمه ذلك؟".
وتنهدت عندما أبدى جوزيه تعبيرا متعاليا وقالت:
" هل جففت العرق الذي يبلل جسمه ؟ هل غيرت الملاءات؟".
" بالطبع يا آنسة كيندي , لقد غيرت الملاءات هذا الصباح".
وأمسكت جولي الملاءة , فوجدتها رطبة , وحرارة مانويل مرتفعة فقالت :
" أعتقد من الأفضل تغيير الملاءة من جديد ".
" حسنا سوف أفعل ذلك".
" سوف أساعدك".
وتأوه مانويل فجأة وقال :
" جوزيه؟ هل ذهبت ألى متجر فوردهامز ؟ هل رأيت جولي؟".
" نعم يا سيدي , وأبلغتها رسالتك".
" حسنا".
وفتح مانول عينيه برهة ثم أغمضهما من جديد .
نظرت جولي ألى جوزيه الذي هزّ كتفيه وقال :
" أنه يفيق من حين ألى حين , ولكنه يفقد وعيه عندما تلازمه الحمى".
وهزت جولي رأسها معربة عن عدم رضاها , وأتجهت ألى الباب الذي أعتقدت أنه يؤدي ألى الحمام , وعثرت فيه على قطعة من الأسفنج , ففتحت حنفية الماء البارد , وبللتها وعصرتها ثم عادت بها ألى غرفة النوم, ووضعتها على جبين مانويل , كانت باردة كالثلج فتحرك مانويل من مكانه لحظة.



وضغط جوزيه على شفتيه وقال :
" يجب ألا تتدخلي في عملي يا آنسة كيندي , أرجو أن تغادري الغرفة , حتى أغير الملاءة ".
" سوف أساعدك".
" طلا!".
ورمقته جولي في دهشة :
" لم لا أساعدك؟ أستطيع أن أعاونك بكل تأكيد !".
" كلا! فلن يروق ذلك للسيد".
" حسنا".
وخرجت جولي ألى غرفة الجلوس وأغلقت الباب .
ومرت بضع دقائق , ثم خرج جوزيه وقال :
" لقد أنتهيت من تغيير الملاءة , والسيد ينام الآن".
وعقدت جولي حاجبيها وقالت:
" أعتقد أنك تتوقع أنصرافي الآن ".
" الأمر متروك لك يا آنسة كيندي ,فلن يتعرف عليك السيد في هذه الليلة".
" هل يمكنك أن تقدم لي شطيرة أذا بقيت؟ فلم أضع شيئا في فمي منذ أن تناولت وجبة الغداء".
وهز جوزيه كتفيه بأزدراء واضح , وسار في أتجاه المطبخ بعد أن قال:
" حسنا".
ودخلت جولي ألى غرفة النوم من جديد , ووجدت مانويل مستغرقا في النوم كما قال جوزيه , وبدا أصغر سنا , جلست في مقعد منخفض بجوار السرير وأخذت تراقبه , شعرت بلذة مشوبة بالألم وهي أمامه , فهو قريب منها وبعيد عنها في نفس الوقت , وبدت درجة حرارته أقل الآن , وكان جوزيه قد أبعد قطعة الأسفنج ووضع مكانها كيس ثلج لا بد وأنه كان في الغرفة , ولكنها لم تره.مسكين جوزيه لا شك أنها قلبت برنامجه رأسا على عقب.
عاد جوزيه وهو يحمل صينية وأشار أليها بيده أن تخرج ألى غرفة الجلوس لتأكل , ونهضت جولي وهي تتنهد لتنفذ طلبه.
ووجدت على الصينية نصف دجاجة وطبق سلاطة وبعض الخضر وشرائح من البطاطا المحمرة , كما وجدت أيضا كعكة بالفاكهة الطازجة والمثلجات , وصاحت بدهشة :
" جوزيه! لم أتوقع كل هذا الطعام , أنني آسفة جدا , فلم يكن ما يدعو ألى كل هذا التعب".
وأبتسم جوزيه وقال :
" ذلك أقل ما يمكنني فعله يا آنسة كيندي , أرجو أن يعجبك الطعام , وأن تناديني عندما تنتهين حتى أقدم أليك القهوة".
وفتح جهاز التلفزيون وهو في طريقه ألى الخروج من الغرفة , وأخذت جولي تراقب البرامج وهي شاردة الذهن , وعندما عاد أليها جوزيه بعد أن أنتهى من غسل الأطباق سأل:
" هل أستطيع أن أطلب منك خدمة يا آنسة كيندي؟".
" بالطبع يا جوزيه , ماذا تريد؟".
" تواعدت وصديق لي على الخروج اليلة , وكما ترين لا أستطيع , فهل تستطيعين الذهاب أليه لتبلغيه رسالة مني , المكان الذي أتفقنا على اللقاء فيه لا يبعد كثيرا عن المنزل , ولا أريد أن أتركه ينتظرني في الشارع".
وعقدت جولي حاجبيها وقالت:
"لم لا تذهب أليه يا جوزيه؟ يمكنك أن تفعل ذلك بسهولة , فسوف أبقى هنا ساعة أو أكثر , حافظ على موعدك معه , في أية حال ليس ثمة ما يمكن أن تعمله للسيد كورتيز , فمن المرجح أنه سينام بعض الوقت كما تقول".
وظهرت الدهشة على وجه جوزيه , وبدا واضحا أنه لم يفكر في هذا الحل , وربما رأى أن عليه التخلص من جولي وأبعادها عن المنزل , فقال:
" لا أدري , فقد يحتاج السيد ألى........".
قالت جولي بحزم:
" هراء ! أنني أبنة طبيب وعلى علم بمبادىء الأسعافات الأولية , وأنا على يقين من أنني أستطيع مواجهة الأحتمالات".
وهز جوزيه كتفيه وقال:

" حسنا يا آنسة كيندي, سوف أذهب ألى صديقي , ولكنني لن أمكث طويلا , سأعتذر أليه فقط ثم أعود, ولا أعتقد أن ذلك سيستغرق أكثر من نصف الساعة".
وأبتسمت جولي وقالت:
" أفعل ما يروق لك , فأنني لن أسرق الأواني وألوذ بالفرار".
وأبتسم جوزيه هو أيضا وقال:
" هل أةصيك بذلك؟ أنني آسف و وأشعر بقلق كبير بشأن السيد , هل تفهمينني؟".
" بالطبع , وأنصحك أن تخرج مع صديقك يا جوزيه , فلا يهمني أن أمكث وحدي بالشقة".
وقال جوزيه ببطء:
" ربما فعلت ذلك , سوف أذهب لأرتداء معطفي".


وبعد خروجه شعرت جولي بالأسترخاء الكامل , وأسعدها أن تتصور أنها صاحبة الدار لبعض الوقت على الأقل و ورقدت على الأريكة وأمسكت بكتاب عش وأترك الآخرون يموتون , للروائي ( أيان فلمنغ) , الذي وجدته على أحد رفوف المكتبة , وأخذت تقرأ فيه , وأحست بالدفء والنعاس , كما أسعدها أن تشعر أنها على مقربة من مانويل.
ويبدو أن النعاس قد غلبها , فأستغرقت في النوم , أذ أستيقظت على جرس الباب وشخص ما يطرق على الباب بعنف , وتركت الأريكة بسرعة وبدون أن تلبس حذاءها وأتجهت ألى الباب متوقعة أن تجد جوزيه , غير أنها دهشت أذ رأت أمرأة واقفة , كانت مخلوقة قصيرة القامة , ناعمة جميلة ,لها شعر أحمر ذهبي وعينان سوداوان لامعتان , عينان أسبانيتان كما قال بول , لا بد أنها دولوريس أريفيرا !
وكانت دهشة جولي كبيرة لا تفوقها ألا دهشة دولوريس أريفيرا نفسها , التي رمقتها بنظرة وقحة وتفحصت ملابسها غير المرتبة , ثم نحتها جانبا ودخلت الشقة وسألت:
" مانويل! أين مانويل؟".
وشبكت جولي أصابعها وقالت بشيء من الحرج :
" أنه في السرير , فهو مريض".
" مريض! مانويل؟".
وشدت دولوريس أريفيرا المعطف حول جسمها وأتجهت مباشرة ألى باب غرفة نوم مانويل , وأدركت جولي وقد خانتها شجاعتها أن دولوريس تعرف مكان غرفة مانويل.
ومدت جولي يدها ألى الأمام وقالت:
" أرجوك , أنه نائم , لا توقظيع ....كنت أرقد على الأريكة فغلبني النوم".
توقفت دولوريس لحظة , ووضعت يدها على مقبض الباب قائلة بصوت لاذع:
" من أنت؟".
" جولي كيندي, أعتقد أنك الآنسة أريفيرا , أليس كذلك؟".
" هل حدثك مانويل عني؟".
" كلا ....... أنا أعرف".
أبتسمت دولوريس أبتسامة صفراء وتركت مقبض الباب وسارت عدة خطوات في أتجاهها وقالت بصوت حاد:
"وما سبب وجودك هنا؟ هل أنت الممرضة؟".
أحمر وجه جولي وأجابت:
" كلا , رغب جوزيه في الخروج , فأخبرته أنني أستطيع البقاء هنا ".
" أحقا ذلك؟ أنت صديقة جوزيه أذا؟".
" يمكنك أن تعتقدي ذلك , أقترح أن تأتي غدا أذا أردت مقابلة سيد كورتيز ".
" أتعتقدين ذلك؟".
وفتح باب غرفة النوم فجأة ووقف مانويل بجانبه وقد أرتدى رداء منزليا من الحرير الكحلي , قال وهو يترنح بضعف:
" لم هذه الضوضاء ؟ دولوريس! جولي! لماذا جئت ألى هنا؟".
وجرت دولوريس أليه أحتضنته وهي تتمتم بحنان:
" يا حبيبي , هل أنت مريض؟ لماذا لم تخبرني بمرضك؟ لو عرفت لأسرعت أليك لأمرضك".
وألتقت عينا مانويل بعيني جولي من فوق رأس دولوريس , وبرغم أن نظرته كانت جامدة نتيجة الحمى التي يعاني منها , ألا أن جولي أيقنت أنه سعيد برؤيتها , وأزاح بضعف دولوريس بعيدا عنه وقال:
" أرجوك يا دولوريس , أين جوزيه؟".
قالت جولي :
" ذهب لمقابلة صديق له , وأبلغته أنني سوف أنتظر حتى يعود ".
وأتجهت دولوريس أليها وقالت :
" حسنا , هذا لم يعد ضروريا! فقد جئت الآن , وسوف أقوم بتمريض مانويل المسكين".
وهز مانويل رأسه وقال :
" كلا , أذهبي أنت يا دولوريس , لماذا حضرت ؟ لقد أنتهى كل شيء بيننا".
وأرتجفت جولي , فلو أن مانويل تحدث أليها بهذه اللهجة لماتت من شدة الأسى , ولكن كان واضحا أن دولوريس أعتادت تلك اللهجة فلم تتحرك شعرة منها ,بل نظرت بسخرية وقالت:
" أرى أنك لا تزال غاضبا مني ولكنك ستنسى..... سوف أنصرف الآن ولكنني سأعود!".
وضحكت قليلا فرمقها بنظرة باردة , وأتجهت ألى الباب ببطء ثم ألتفتت ورمقته بنظرة ساخرة.
وعندما أدار مانويل وجهه , أسرعت ألى الخارج غاضبة وصفقت الباب وراءها ,ثم مال مانويل على باب غرفته .
وقد بدا عليه الوهن , فأندفعت جولي نحوه بدون تفكير وأحاطته بذراعها حتى يستند أليها وقالت:
" يجب أن تعود ألى السرير , فما كان ينبغي أن تغادره أصلا".
وقال مانويل بصوت جاف:
" لست مريضا ألى هذا الحد".
غير أنه أتكأ عليها بينما أتجهت به ألى السرير حيث كانت الملاءة غير مرتبة ,وساعدته على الجلوس بجوار السرير وقالت:
" سوف أصلح الفراش حتى تشعر براحة أكثر".


وهز مانويل كتفيه ولكنه لم يعترض ثم ساعدته على اوقوف وقالت :
" أخلع الرداء".
ونظر أليها وكاد يضحك وقال:
" أعتقد من الأفضل ألا أفعل ذلك".
وأحمر وجه جولي وقالت:
" تعني....... أنت".
وفهمت سبب رفض جوزيه أن تساعده في تغيير الملاءة , وقالت :
" في أية حال ألى السرير".
وأطاع مانويل أمرها وتابعت جولي:
" لن يطول غياب جوزيه , هل تريد شيئا".
وتمتم بصوت خافت وهو يجذبها أليه:
"أ نت".
وأحست بدفء يديه وبالحنين أليه , فذلك هو مانويل وهاتان العينان المتسلطتان عيناه و أن أحدا لم يعانقها كما يفعل مانويل , وقاومته بشيء من التردد ثم قالت:
" يجب أن تستريح ,هذا جنون".
" أنني مستريح وأنت مخطئة يا جولي فهذا ليس جنونا".
ووضعت راحتيها على وجنتيها وتمتمت:
" يجب أن أذهب".
أنتبهت جولي فجأة ألى أنهما وحدهما في الشقة وأنها تحت رحمته , فهل يتمالك نفسه مثلما فعل في الأسبوع الماضي فيتركها تغادر المكان ؟ كانت قد تصرفت بغباء عندما حضرت أليه , فهو يجذبها كما يجذب النار الفراشة , ولا تستطيع مقاومته.
وشدّها أليه ثانية وتمتمت وهي تعترض بضعف وأذا باباب يفتح ويقف به جوزيه وقد أحمر وجهه.
وصاح وهو يضع يده على فمه :
" آسف يا سيد , أعتقدت أن الآنسة كيندي قد غادرت الشقة".
ونهضت جولي واقفة , وأدركت أن جوزيه يرمقها بحذر , ترى ما هو هذا الشيء في مانويل الذي يجعلها تتناسى كل مخاوفها اطبيعية وتتصرف بمثل هذا الشكل؟
ووقف مانويل وقال بشيء من السخرية:
" لقد تصرفت تصرفا سليما يا جوزيه , فمن المرجح أنك منعتنيمن عمل كنا سنندم عليه".
ونظر ألى جولي برهة ثم تنهد وقال:
" لقد حان وقت عودتك ألى منزلك".
ثم أتجه ألى جوزيه وقال :
" أخرج السيارة وأصطحبها ألى منزلها".
" نعم يا سيد".
وقالت جولي وهي تهز رأسها:
" لا داعي لذلك , من الأفضل لي أن أركب الباص وأستطيع أستنشاق بعض الهواء".
وخرجت مسرعة من غرفة النوم وأرتدت معطفها , ولم تنتظر لتسمع الرد بل جرت ألى خارج الشقة وهي تقول:
" وداعا".
وجرت حتى محطة الباص وركبت أول سيارة بدون أن تستفسر عن وجهتها , وأخيرا أدركت أنها في شارع مارنغتون وأنها تبعد أميالا عن منزلها.

برنس وصاب 09-23-15 05:11 PM

5- حبيبتي الحمقاء

أحست جولي بتعب شديد في الصباح يوم الأربعاء بعد ليلة من الأرق , ولاحظت الفتيات في المتجر شجوب وجهها وتوتر أعصابها الذي بدا في حركاتها القلقة , غير أنهن أمتنعن عن أبداء أية ملاحظة , وشعرت جولي بالأمتنان أزاء هذا التصرف , فقد أثارت فضولهن , ولكنهن تصورن أن أكتئابها يرجع ألى ما عرفته دونا , وهو أن جولي رفضت موعدين لبول , فأعتقدن أنها أختلفت معه وأن ذلك قد أحزنها , وتوقعت صلحا وشيكا بينهما ينتج عنه أعلان خطبتهما , وكان ذلك أبعد ما يكون من الحقيقة.
وفي مساء يوم الأربعاء , قررت جولي الذهاب رأسا من المنجر ألى سامنتا كما أعتادت أن تفعل وأن تبلغ أبويها ذلك بالتلفون , فسوف يريحها أن تقضي بعض الوقت مع صديقة تعرف كل شيء عن علاقتها بمانويل , بدون الحاجة ألى التهرب من الأسئلة والسكوت المحرج.
وبعد تناول وجبة شرب بنديكت وسامنتا وجولي القهوة في غرفة الجلوس , وجلسوا على مقاعد منخفضة مريحة بجانب مدفأة كهربائية , فأحست جولي بالدفء والأسترخاء.
وتفحصها بن بعمق ثم قال :
" تقول سام أنك تعرفين مانويل كورتيز ".
وقالت جولي وهي تتنهد :
" بالفعل , هل تعرفه ؟".
" يا ألهي ! كلا! بل أثارت سام فضولي بشأن رأيك فيه".
ثم هز كتفيه وتابع:
" يا عزيزتي جولي! أنني أنظر ألى كل شيء من خلال فرشاة رسمي , وقد خطر ألى أن وجه مانويل كورتيز من النوع الذي أحب أن أرسمه , فهناك شيء ما في وجهه .....لا أستطيع تحديده بالضبط غير أنني أتخليه واحدا من غزاة الأسبان أو مصارعي الثيران من يدري!".
وقالت سامنتا :
" ما لنا ومناقشة هذا الموضوع الآن ! لقد قلت لك ........".
وقالت جولي وهي تبتسم :
" لا تقلقي يا سامنتا ! فلن أنهار , والواقع أنني أحس براحة كبيرة في الحديث عن مانويل , فقد قل الألم الذي شعرت به طوال االيوم ".
في بداية اليوم شعرت بأنه سيحاول الأتصال بها , فهو يعلم أين تعمل كما يعرف عنوان مسكنها ,وأذا لم يستطع الأتصال هو نفسه فأن جوزيه يستطيع أن يفعل ذلك , غير أنها أيقنت الآن أنه لن يفعل , وواصلت حديثها قائلة:
" أعرف ما تعنيه , تعرفت على رجال عديدين يتسمون بالوسامة ,ولكن مانويل يتميز بما يفوق مجرد الشكل الجميل , وأرى أنك على حق و فأنه يتصف بهيمنة من نوع ما ".
وعقدت حاجبيها وأضافت:
" لم تكن حياته سهلة , غير أنه أنتصر وقد لا يستطيع أحتمال الخسارة الآن ".
وقالت سامنتا :
" أنه لا يبدو على هذا النحو , رأيت فيه دائما رجلا كبير الثقة في نفسه".
وقال بنديكت بلهجة حادة :
" هو كذلك , غير أنه ليس من السهل أن يصل شخص من بيئته ألى ذيوع الصيت في هذه السن المبكرة".
وعلّقت سامنتا على الحديث قائلة:
" أنكما مملان , ثم أنك لا تحتاج ألى نموذج موديل للصور من النوع الذي تشهد أليه , فهناك صور عديدة رسمت بالفعل للأسبان المتعالين".
وهزّ بنديكت رأسه وقال :
" يا لك من حمقاء يا حبيبتي , أن كل صورة أرسمها ملكي , تحمل توقيعي وتكشف عن شخصيتي ألى حد ما , أنني أرسم ما أرى , وأنا أرغب في رسم كورتيز".
وقالت سامنتا بزهو:
" لن يحالفك الحظ , فأن كورتيز سيغادر ألى الولايات المتحدة غدا , قرأت ذلك في صحيفة ستاندرد لهذا المساء".
وأصفر وجه جولي وأنقبض قلبها , وكادت كلمات سامنتا أن تصيبها بالشلل من فرط ألمها , لا يمكن أن يحدث هذا , لا يمكن أن يغادر البلاد بدون أن يتصل بها!
كانت الأضاءة خافتة بالغرفة فلم يلاحظ بنديكت وسامنتا أضطرابها , مما أراح جولي , فهي لن تحتمل تعاطفهما كما لا تستطيع أن تتصوّر العودة ألى منزلها في المساء لتستأنف حياتها وكأن تغييرا لم يحدث في حياتها.
وسألتها سامنتا أذا كانت تريد مزيدا من القهوة , وأومأت جولي برأسها , أن قدحا من القهوة وسيكارة يمكن أن يعطياها القوة اللازمة لمغادرة الشقة بدون أن تجهش بالبكاء.
وفي مساء يوم الخميس , شاهدت جولي على شاشة التلفزيون مانويل وهو يغادر مطار لندن , وذكر المعلق أن كورتيز ألغى بعض عروضه في الأسبوع الماضي نظرا لأصابته بفيروس ,وأنه يأمل بالعودة في فترة لاحقة من هذا العام ليفي بألتزامتاته.
وتألمت جولي عندما رأته يصعد ألى سلم الطائرة , ثم يلوح بيده لمجموعة من المعجبين الذين جاءوا ليودعوه , وبدت كأنها لا تصدق , ولا تتصور أنها كانت بين ذراعيه , وأخذت تتذكر كلامه الدافىء وأهتمامه بها........ لا فائدة من أن تقول لنفسها أنه لم يكن حسن النية , فتلك كلمات قديمة لا تساير العصر , كانت علاقتهما حلقة في حياتها سوف تختفي من الواقع وكلما قبلت هذه الحقيقة بسرعة كلما كان هذا أفضل.


وعاد بول بانستر , الذي لم يعرف شيئا عن علاقتها بمانويل كورتيز ,دخل حياتها من جديد , ولم توجه لها أمها أسئلة غير ضرورية عندما أصبح واضحا أن جولي لم تعد تخرج مع رجل آخر , فقد تفهمت الوضع منذ البداية , وكانت سامنتا وحدها هي التي عرفت حقيقة الوضع غير أنها تجنبت الحديث فيه .
وبعد ثلاثة أسابيع أكتشفت جولي أن حياتها أكتسبت من جديد شكلا طبيعيا , ففي غياب مانويل , أصبح بول مرة أخرى شابا لطيفا , وأدركت جولي أنها تستطيع ,أذا بذلت مجهودا كبيرا , نسيان مانويل وهي في صحبة بول , فهي شابة ويمكنها بما لها من مرونة الشباب , التغلب على حالة الأكتئاب التي من شأنها أن تحطم حياتها وتقضي على جمالها.
وأقترب موعد عيد الميلاد , وأنشغل العاملون في المتجر بأقامة الزينات ,وذهب بول وجولي ألى الحفلات الراقصة والدعوات وأعد الترتيبات لقضاء ليلة العيد.
فقد أتفق بول وجولي على قضاء اليوم في صحبة سامنتا وبنديكت , بينما أحتفل أفراد أسرتهما بالعيد سويا , وقالت جولي لسامنتا أنها تتصرف تصرفا أحمق أذ تقيم حفلا بمنزلها يوم العيد , في حين أن موعد ولادتها كان اليوم التاسع والعشرين من دسمبر , ولكن سامنتا ضحكت وهزّت كتفيها وقالت أنها لا تريد أن تقضي يوما كئيبا في أنتظار يوم الولادة , ولم تستطع جولي أن تثنيها عن رأيها , وعلى كل حال حدث شيء وهي عند سامنتا تستطيع على الأقل مساعدتها ., وهكذا قضت جولي يوم عيد ال
غير أن سامنتا لم تنتظر مرور يوم العيد لتضع طفلها , بل وضعته في ليلة عيد الميلاد , في مستشفى سانت ديفيد للولادة , وشاهدت لأول المولود , وشعرت بألم في معدتها وهي تنظر ألى وجه المولود الصغير الذي أمسك بأصابعه الصغيرة القوية أصابعها ,وفكرت أنه شيء رائع أن تتزوج الفتاة من الرجل الذي تحبه وأن تنجب طفله.
وقالت سامنتا التي كانت منهمكة في قراءة برقيات التهنئة :
" ما بك يا عزيزتي , مرّت ستة أسابيع على سفر مانويل كورتيز ألى الولايات المتحدة ,ولا أتصور أنك لا تزالين تفكرين فيه".
وأعتدلت جولي في جلستها وهزت كتفيها وأجابت:
" أنني أفكر به في بعض الأحيان , أنا أحسدك يا سام , فعندك كل شيء , لا بد أنك في غاية السعادة".
" أنني سعيدة بالفعل".
ونظرت سامنتا بقلق ألى صديقتها وقالت:
" أن الأمر يقتضي حسم الموقف , تزوجي من بول , فلو تزوجت وأنجبت أطفالا فستنسين مانويل كورتيز ".
" أن هذا غير أكيد , لا أستطيع أن أخدع بول وأتزوجه لأكتشف بعد بضعة أعوام أنني أرغب في الطلاق".
" هذا صحيح , حسنا أذا , ربما تحتاجين ألى تغيير للبيئة , لم لا تغيرين عملك؟ لم لا تبحثين عن عمل يتصل بالأطفال ؟ فأنت دائمة القول بأن ذلك ما تريدينه , ويمكنك أيضا أن تتدربي على التمريض , فهناك نقص في عدد الممرضات".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" لا تكوني حمقاء يا سامنتا , أنني على ما يرام , وأتوقع أن أتزوج بول يوما ما , ولكنني لن أفعل ذلك الآن , فلا أريد أن أرتبط بهذه السرعة".
وردت سامنتا:
" لو كنت تحبين لرغبت في الزواج منه غدا".
أجابت جولي:
" هذا كلام غير واقعي".
وهزّت سامنتا كتفيها وقالت:
" ربما".
ثم غيرت الموضوع.
كان بول قد أشترى لجولي سوارا من الفضة بمناسبة عيد الميلاد وساور جول الشك في سلامة قبولها هذه الهدية , غير أن سعادته بمفااجأتها , أبعدت عنها هذه الأفكار , فشكرته بحرارة ,ووضعت ذراعيها حول عنقه وقبلته قبلة سريعة.
أما هي فقد أشترت له بعض الأسطوانات وأستمعا أليها في ظهر يوم عيد الميلاد.
وأحست جولي بالهدوء التام وهالها أن يقول بول لها بصوت خافت :
" جولي , لم لا نتزوج في الربيع المقبل؟ لا يوجد أي سبب لتأجيل ذلك و دخلي يكفي شقة مناسبة لنبدأ حياتنا".
ردت جولي بشيء من الحرج:
" بول! تعرف أنني أستلطفك ,غير أنني لست واثقة من حبي لك".
ووضع بول ذراعه على كتفيها وأدارها أليه وقال :
" لماذا؟ ما هي المشكلة التي تواجهينها؟ يمكننا مناقشة هذا الموضوع نظرا للعلاقة الطويلة بيننا".
وقالت جولي وقد بدا الشك في صوتها :
" لا أعتقد ذلك . هل كانت لك ........ أعني.......هل كانت لك في يومما علاقة بأمرأة أخرى؟ يا ألهي! لقد أسأت التعبير بول! هل رغبت في أمرأة بدون أن تريد الزواج منها؟".
ونهض بول فجأة وقال:
" جولي!".
تابعت جولي وهي تتنهد :
" هل حدث ذلك؟ يا بول! لا شك تستطيع أن ترى أنني لا أسألك بدافع الفضول ".
" لماذا تسألين أذا؟".
" يهمني أن أعرف ذلك".
" حسنا أذا , فقد أجتذبتني النسلء قبل أن أعرفك , غير أنني منذ عرفتك لم أفكر في سواك , لم هذا السؤال ؟ هل أجتذبك رجل آخر؟".
وأحمر وجه جولي وقالت :
" أن الرد على هذا السؤال ليس بالأمر السهل ولكن العلاقة بيننا كانت دائما ......علاقة الزميل بالزميلة , وقد تساءلت في الفترة الأخيرة عما أذا كنا قد أنحرفنا ألى شيء لم لم يكن موجودا أصلا!".
وقال بول بدهشة :
" جولي ! أنا واثق من شعوري نحوك!".
" كيف يمكنك أن تكون واثقا من ذلك؟".
" أن لنا ميولا مشتركة , أن كلا منا يريد منزلا وأسرة ,أن لنا أحلاما مشتركة كثيرة.....".
" هل هذا هو الحب؟ أعني أن تأسيس منزل وأسرة يستوجب أكثر من مجرد الصداقة بين شخصين , كيف تستطيع أن تتأكد من أننا سنكون سعيدين".
وبدا الضجر على بول الذي قال:
" أنك مزعجة يا جولي , ربما لأنك مرهقة قليلا ........فلم يسبق أن تحدثت من قبل بهذا الشكل ,وأنا من ناحيتي لا أرغب في مواصلة الكلام".


وأحنت جولي كتفيها , فلم تكن تريد أزعاجه , بل كانت ترغب في زواج يدوم مدى الحياة كلها , ولم تكن تريد أن تتزوج ثم تضطر ألى طلب الطلاق لعدم وجود تكافؤ بينها وبين بول , فهناك علاقة حب تربط بين أبويها بعد مضي خمس وعشرين سنة على زواجهما وهي تعتزم أن يكون زواجها على هذا انحو.
ونهض بول واقفا وقال بقلق:
" لماذا الحديث على هذه الصورة في هذا اليوم بالذا ؟ لقد أخبرت والدي أنني سوف أعرض الزواج في هذه الليلة , ولا بد أنهما قد أخبرا والديك بذلك".
" بول , ما كان يجب أن تفعل ذلك".
" لماذا؟ كيف لي أن أعرف أنك سوف تتصرفين كفتاة مراهقة؟ لقد تصورت أنك في نفس حماسي".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" بول لا أستطيع الرد عليك الآن , قد أكون أصبت بشيء , غير أنني قد أتغلب عليه , في أية حال لا يمكنني الموافقة على الزواج منك الآن , فأذا رأيت أنك لا تقبل تأجيل ردي تستطيع أن تقترن الآن وينتهي الأمر فليس من الصواب أن تنتظر أن تأخذ قرارا , أن لك مطلق الحرية في أن تعيش حياتك على النحو الذي تريده , وسوف أتفهم الأمر أذا رغبت في أن نفترق الآن".
وضغط بول على شفتيه وقال :
" جولي! جولي! لا أريد أن نفترق , فأنت الفتاة الوحيدة في حياتي , أنت تعلمين ذلك , وسوف أنتظر حتى تصلي ألى قرار".
شعرت جولي بالندم لما أقدمت عليه , ونهضت واقفة ووضعت ذراعها في ذراع بول وقالت:
" بول أنني شديدة الأسف ! ليتني أستطعت أن أجيبك ألى طلبك".
" سوف تفعلين بعد قليل , أنني واثق من ذلك".
وأومأت جولي برأسها غير أنها تمنت لو كانت لها نفس الثقة وتمنت من كل قلبها لو أنها هي وبول لم يحضرا الحفل الراقص , كما تمنت لو أنها لم تقابل مانويل كورتيز , لولا أثره المزعج لتزوجت بول في الربيع القادم ,وكان يمكن أن يكون لهما طفل بعد عام آخر , وهكذا تستطيع أن تنعم بالسعادة التي تتحقق بعد أن تصبح أما.
وأنحنى بول وعانقها فأستجابت له بحرارة لأنها كانت ترغب في أن تعود علاقتهما ألى ما كانت عليه من قبل.
قضت سامنتا ثلاثة أسابيع بالمستشفى وأبان هذه الفترة عادت العلاقة بينها وبين جولي ألى ما كانت عليه قبل زواج سامنتا وكانتا قد تباعدتا قليلا بعد زواج سامنتا من بنديكت , كان عمل بنديكت يحول دون قضائه وقتا طويلا مع سامنتا في المستشفى ,لذلك أتجهت أكثر فأكثر ألى جولي , مما أتاح لجولي الفرصة للأبتعاد عن بول , وقصّت على سامنتا ما حدث بينها وبينه , وحاولت سامنتا جاهدة أن تصل ألى حل لمشكلة جولي وقالت:
" لعتة الله على مانويل كورتيز , فهو يشكل العقبة الحقيقية , أليس كذلك؟".
" أعتقد ذلك".
" هل تعرفين رأيي؟ عليك أن تقابلي مانويل كورتيز مرة ثانية حتى يتبدد الجو الأسطوري السحري الذي تحيطينه به؟ كم مرة ألتقيت به؟ أربع مرات؟ لا شك أنك لا تعرفينه جيدا , أعني أن المرء يرى مثل هذه المواقف بحجم أكبر من حجمها الطبيعي . فقد بدا لك في صورة الأمريكي اللاتيني الخلاب وأفقدك رشدك".
وأبتسمت جولي وقالت:
" هذا غير صحيح يا سامنتا ,وأنت تعرفين ذلك, ذلك أن بنديكت نفسه قال أنه رجل جذاب, أوه ...... دعينا ننساه".
وغيّرتا موضوع الحديث , ولبضع أسابيع , نسي الموضوع قرب نهاية شهر يناير , وفي مساء أحد الأيام أبلغت سامنتا صديقتها خبرا مثيرا.....
" لن تصدقي يا عزيزتي ما سوف أقوله لك ! فقد أتيحت لبنديكت فرصة ألقاء محاضرات في الولايات المتحدة لمدة ستة أسابيع , أليس ذلكرائعا؟ والمصروفات مدفوعة بما في ذلك النفقات الخاصة بي وبتوني".
كان توني هو الطفل الجديد.


" رائع أن هذا ما تحتاجين أليه بعد الولادة".
" أعرف ذلك يا عزيزتي".
ثم نظرت أليها وقالت:
" ما رأيك لو سافرت معنا؟".
وقالت جولي وهي في غاية الدهشة:
" أنا؟ ليست لي أمكانيات مادية تسمح لي بالقيام بمثل هذه الرحلة!".
" أعلم ذلك , غير أنني أعتقد أنك تستطيعين أن تجعلي منها رحلة عمل , فسوف أحتاج لمن يرعى توني أذا خرجت مع بن , ثم هناك غسيل ملابس الطفل وما ألى ذلك , وأنت دائمة القول بأنك تحبين العمل المتصل بالأطفال , فهذه فرفصتك".
وهزت جولي رأسها وقالت وقد وضعت يدها على عنقها:
" فرصة هائلة ! ولكن لن أستطيع أن أقوم بهذا العمل..... أقصد أنني لا خبرة لي في العناية بالأطفال".
" كذلك أنا لم أكن على دراية بذلك , ألا أنني سرعان ما أكتسبت الخبرة اللازمة , وبصراحة أنا أفضّلك على شخص غريب أرجوك أن تفكري في الموضوع".
ولكن جولي هزت رأسها مرة ثانية وقالت:
" أنني آسفة يا سامنتا , فأن الفكرة غير معقولة".
" لماذا؟ فسوف ندفع لك راتبا صغيرا كما سيدفع نفقات أقامتك بالطبع , السفر سيعطيك فرصة للأبتعاد عن بول بانستر ومن ثم ستعرفين أذا كانت مشاعرك نحوه كانت صادقة فعلا أم أنها تتبلور في عاطفة جامحة".
كانت الفكرة مغرية للغاية , فجولي تتوق ألى تغيير بيئتها لفترة قصيرة,لكنها قد تفقد عملها , وعندما ذكرت ذلك لسامنتا قالت لها:
" أعتقد أنك تستطيعين العودة ألى عملك بعد عودتك , ثم أنك قد ترغبين في تغيير عملك , فالتغيير مفيد تماما مثل الراحة , وبصراحة لقد بدأت تبدين مرهقة".
" تعلمين أنني أريد أن أقبل عرضك يا سام..... ولكنني سوف أناقش العرض مع والديّ , هل توافقين؟".
ودهشت جولي لموافقة أبويها على سفرها مع أسرة باولو وقال أبوها:
" أنك مكتئبة منذ فترة , ربما يرجع ذلك ألى بول , فهو شاب لطيف , غير أنه لا يهملك بل يضغط عليك حتى توافقي على طلبه , لذلك قد يكون من الأفضل أن تبتعدي عنه لفترة من الزمن".
وأقرّت أمها رأيه أذ قالت:
" أنت يا حبيبتي في الواحدة والعشرين فقط من عمرك , في حين أنني لم أتزوج أباك ألا بعد أن بلغت الرابعة والعشرين".
وأبتسمت جولي وقالت:
" أعتقدت أن الفكرة لن تروق لكما , هل تعتقدان بصدق أنني أستطيع العناية بتوني؟".
وضحك أبوها وقال:
" يا حبيبتي , أن كل أم جديدة تلد طفلها الأول تنقصها الخبرة في رعاية الأطفال".
وضحكت جولي هي أيضا وقالت:
" سوف أفكر في الموضوع ,فلن يغادرا البلاد ألا بعد عدة أسابيع ".
وبعد أيام كاد قلبها يتوقف وهي تشاهد التلفزيون مع أبويها , أذ شاهدت على الشاشة مانويل كورتيز , فقد وصل ألى مطار لندن بينما أمسكت بذراعه أجمل فتاة شاهدتها جولي في حياتها , وقد بدا لى وجهها الأحساس بالتملك وهي تنظر ألى مانويل وأبتسمت ببطء وحرارة لشيء قاله لها.
وقال المعلّق أن كورتيز عاد ألى لندن ليفي بألتزاماته التي أضطر ألى ألغائها بسبب مرضه في العام الماضي , غير أن جولي لم تستمع لما قاله فقد كان أهتمامها كله مركزا على مراقبته ومشاهدة الأبتسامة التي ألفتها..... وقدرته على توزيع سحره وعجرفة جسمه النحيل......
وأنقبض قلبها وأدركت أن أمها تراقبها بشيء من الفضول , وتمالكت نفسها وأسترخت على مقعدها محاولة أن تبدو هادئة رغم أضطرابها لرؤية مانويل مع هذه الفتاة , غير أن جولي أدركت أن أمها لا بد خمّنت حقيقة أمرها.
وفي المساء حضر بول ألى المنزل ولعب معهم البريدج ولكن جولي أدركت أنها أرتبكت عدة أخطاء أثناء اللعب وأن بول لم يكن مسرورا منها.

برنس وصاب 09-23-15 05:12 PM


6- حدث يشبه الوداع

وفي اليوم التالي كانت جولي قد تمالكت نفسها ,وسرها ألى حد ما أن رأت المرأة مع مانويل , فقد أوضح لها ذلك أكثر من أية كلمات , يلوكه الخلقي أتجاه النساء .
كانت مارلين هي أيضا قد شاهدت التلفزيون , وقالت :
"جولي! هل شاهدا مانويل كوؤتيز ؟ لقد عاد ألى أنكلترا!".
هزت جولي كتفيها وكأنها لا تعبأ بما تسمع وقالت:
" يعود أو لا يعود الأمر لا يهم".
ورمقتها مارلين بنظرة ذات مغزى وقالت :
" يا عزيزتي جولي , أنك بكل تأكيد لست على هذه الدرجة من عدم الأكتراث , أنا أعرف أنك رفضت الخروج معه غير أن ذلك كان من أجل بول بانستر".
" لماذا هذه الضجة؟ أن بول يساوي أربعة من أمثال مانويل كورتيز ".
وضحكت مارلين وقالت :
" لا بد أنك تمزحين , في أية حال لم أكن أعرف أن بول أصبح هاما ألى هذا الحد , ماذا حدث؟".
وأمتنعت جولي عن الرد فلم ترغب في مناقشة شأن بول , لأن ذلك يعني أنها ستذكر أشياء ليست صحيحة في الواقع , صحيح أنه وسيم وطويل القامة وصغير السن , ألا أنه ليس مثيرا , ولم تستطع جولي في يوم من الأيام أن تفهم منطق الفتيات اللواتي يعتقدن أن جمال الرجل كاف , بل أن الشخصية القوية هي العنصر الهام في الرجل.
وأبان فترة أستراحة الغداء أقترضت جولي جولي الجريدة من صديقتها فيثرستون أملا في قراءة بعض التفاصيل بشأن المرأة التي يصطحبها مانويل , غير أنها لم تجد سوى صورة له في المطار ومقال صغير.
كان الثلج يتساقط عند الخروج من المتجر في المساء , وكان الجو عاصفا , فأحست جولي بالبرد الذي نفذ ألى عظامها , وأحتضنت حقيبة يدها بينما لفت حول جسمها المعطف الأزرق القاتم من الصوف الدافىء , وأتجهت ألى الطريق العام في صحبة دونا ومارلين وتطاير شعرها حول وجهها فلم تكن ترتدي قبعة , وفجأة أصطدمت برجل تعمّد الوقوف في طريقها وقالت بسرعة:
" آسفة".
ثم أشرق وجهها بأبتسامة وقالت:
" أنت!".
وأبتسم مانويل وخفق قلبها , وتركت ذراع دونا من فرط أرتباكها , غير أن دونا ومارلين حملقتا بدهشة في وجه مانويل , بينما أمسك هو بذراع جولي وقال بهدوء وسخرية.
" عن أذنكما".
وجذب جولي وأتجه بها ألى السيارة الخضراء المألوفة .
وقالت جولي :
" أنتظر!".
ولكن مانويل فتح باب السيارة وأدخلها بينما آلمتها أصابعه القوية التي أمسكت بذراعها , وهمس :
" لا تجادلي!".
ولم ترغب جولي في أثارة ضجة في الشارع , فدخلت ألى السيارة الفاخرة الدافئة وأنسلت عبر مقعد السائق وجلس هو ألى جانبها , وأغلق الباب بقوة وأدار محرك السيارة في هدوء.
ألقت جولي نظرة أليه بينما أتجهت السيارة ألى الطريق الرئيسي ووجدت أنه لم يتغير , بالعكس أزداد جاذبية عما تذكره , وألتفت أليها بينما وقفت السيارة أمام أشارة المرور وقال:
" كيف حالك!".
تأملت جولي أظافر يديها وردت:
" أنا بخير , كيف حالك أنت؟".
هز كتفيه ولم يرد , وأحسّت بالرغبة في ضربه , كيف يجرؤ على مصاحبتها وهو يعلم أنها لا بد شاهدته مع الفتاة بالأمس! ونظرت من النافذة السيارة , وفجأة أدركت أنها لا تعرف أين يأخذها وأنها لم تبد أية ملاحظة في هذا الشأن .
فقالت بصوت حاد:
" ألى أين تذهب ؟".
" ألى منزلك , ألى أين تظنين؟ لقدرأيت أن أجنبك ركوب الباص في مثل هذا الطقس البارد كيف تتحملين هذا الجو؟ أنه فظيع؟ أنا أحب الشمس والبحر والسباحة في المياه الدافئة".
قالت جولي بحدة :
" كلنا نحب ذلك , حسنا , سوف أنزل هنا".
وكانا قد وصلا ألى نهاية شارع فولكنر .
فهز مانويل رأسه وقال:
"أين هو المنزل؟".
" في آخر الشارع , ولكن أرجوك ألا تصل أليه , لأن ذلك سوف يثير الأقاويل أذا تعرف أحد عليك".
وقال مانويل ببرود وهو يقود السيارة حتى باب المنزل:
" ذلك غير محتمل في هذه الليلة".
وأحنت جولي رأسها وهي تجيبه قائلة:
" شكرا".


وألتفتت أتجاه الباب لتخرج من السيارة ولكن مانويل وضع يده عليها وضغط أصابعه بقوة على ذراعها وقال بصوت ساخر:
" ألست مسرورة لرؤيتي؟".
نظرت أليه جولي وقالت:
" لا أعتقد ذلك".
" لماذا؟".
" السبب واضح بالتأكيد وليس هناك ما يقوله أحدنا للآخر".
" أصحيح هذا".
" وهو كذلك".
وأزاحت جولي شعرها ألى الوراء أذ تساقط في موجات على وجهها , وكان متألقا بقطرات الثلج الصغيرة التي ذابت فوقه ولم تدرك أنها بدت رائعة الجمال .
وهزّ مانويل كتفيه وقال:
" أذهبي أذا".
وأحست جولي بالغضب فأن اللقاء بينهما كان ينتهي دائما بأحساسها بأنها المخطئة , وألتفتت أليه وقالت بسخط:
" لا تتخيل لدقيقة واحدة أنني أصدق أهتمامك بي ولديك أمرأة أخرى".
حدّق مانويل في وجهها وقد أمتقع وجهه.
صاحت جولي بغضب وبشيء من الرضى.
" أخيرا أستطعت أن أثير غضبك , غير أنني أنا أيضا على قدر من الذكاء , وأن لم أكن ماكرة مثلك".
وخرجت من السيارة وأغلقت الباب بعنف ولم تسمعه وهو يتحرك ولكنها فوجئت به بجانبها بينما لمعت عيناه العسليتان ببريق الغضب الذي فاق غضبها .
أستدارت جولي وكادت تجري داخل البوابة ,ولكنه أعترض طريقها وكان الغضب باديا عليه.
قالت وهي على وشك البكاء:
" أتركني أمر!".
ولم يرد مانويل عليها , غير أنه خطا ببطء نحوها وأحست بشعور غامض بأنه سوف يضربها.
وصاحت وهي تتوسل أليه:
" مانويل ! أنت لا تشعر بأي شيء أتجاهي , ولا أهمية لما أقوله , أرجوك أتركني".
وفجأة وقفت سيارة خلف سيارة مانويل ورأت شخصا يخرج منها ,ولم تعد تحس بساقيها من فرط الوهن الذي أصابها وصاحت:
" أبي!".
وبدون أن يلفظ بكلمة أخرى , أتجه مانويل بسرعة ألى السيارة وأنطلق بها بعيدا وقد بدا أضطرابه في قيادته.



وعقد والد جولي حاجبيه وسألها وهو يتجه معها ألى باب المنزل:
" من هذا؟".
وردت جولي وهي تكذب بشيء من الحرج :
" أحد الزملاء من المتجر أوصلني ألى المنزل , هل قضيت يوما حسنا يا حبيبي؟".
ولم يشك والدتها فيما قالته.
غير أن جولي كانت تدرك تماما ما أوشك أن يحدث , ألا أنها لم تعرف الآن كيف كان مانويل سيعاقبها , كان كل ما تعرفه أن غضبه فاق غضب أي رجل آخر ألتقت به , ولسبب ما حزنت لذلك حزنا شديدا , ولم يعد يهمها الآن ما ردت على أبيها بالصدق أو بالكذب , كان كل ما يهمها أن مانويل يكرهها وأنه كاد أن يعاقبها لولا حضور أبيها في الوقت المناسب.
وبعد العشاء غسلت شعرها بينما أستعد والدها للخروج مع والدتها لزيارة أصدقائهما , وكان بول سيمر عليها وكانت تعرف بماذا سترد عليه بشأن أقتراحه بزواجهما المبكر , وتمنت من كل قلبها أن تجيبه ألى طلبه , وأعتقدت أنها لو لبست خاتم خطوبتها فأن ذلك سوف يحميها من أنتقام مانويل.
غير أن الحظ لم يحالفها أذ أحضر بول أخته الصغيرة أليسون , وهكذا لم تجد جولي فرصة للحديث مع بول على أنفراد , كانت أليسون في الثامنة عشرة من عمرها غير أنها بدت أصغر من سنها , فهي لا تزال تذهب ألى المدرسة وتتطلع لدخول الجامعة بعد عطلة الصيف , كانت طفلة ذكية تعبد الموسيقى الشعبية وهي متعتها الوحيدة , ولذلك قضوا المساء يستمعون ألى الأسطوانات وقد هال جولي أستمتعهم ألى عدد كبير من مجموعة أبيها من أسطوانات مانويل كورتيز , فمنذ أن تعرفت على مانويل تعمدت عدم الأستماع ألى أسطواناته , أذ أن صوته يفرض وجوده حتى وهو غائب , وكانت الموسيقى تارة من موسيقى الغجر العاصفة , وتارة حزينة ثرية بالنغم , وقد أضفى الغيتار جوا سحريا على الغرفة.
وأحست جولي بالهلع , وفكرت , يا ألهي , لم ألتقيت به ؟ لماذا أنا بالذات , وبعد فترة ذهبت لتعد القهوة وبعض الشطائر هاربة من الغرفة التي بدت أشبه بزنزانة وتبعها بول تاركا أليسون تختار الأسطوانات.
وأمسك بها في الممر الضيق بين غرفة الجلوس والمطبخ , وأسندها ألى الحائط ثم عانقها بحنان , وتحت تأثير الموسيقى تصورت لبرهة أنه مانويل الذي يعانقها , ةتحرّك فمها بقلق فأثارت حواسه , وصاح بول وهو يزيحها بعيدا عنه ويكاد لا يصدق أستجابتها له.
" جولي!".
وشدّت جولي قامتها وكأن ماء باردا قد ألقي عليها ...لم يكن هذا ما يتوقعه بول منها , وقد هاله ما أقدمت عليه.
أخذت جولي تخاطب نفسها قائلة :
" يا ألهي هل أظل دائما تحت تأثير مانويل حتى عندما أكون مع بول؟".
أما بول فرمقها بنظرة غريبة وسألها بصوت بارد:
" من الذي علّمك أن تعانقي رجلا بهذه الطريقة؟".
وأحمر وجه جولي وردّت بأرتباك :
" يا لك من أحمق يا بول , كنت نصف نائمة , ثم أنني تأثرت بالموسيقى , أتركني لأذهب وأعد القهوة".
وتركها بول , غير أنها أدركت أنه لم يقتنع بتفسيرها , أن هذا الحدث أذا أقترن بالملاحظات التي أبدتها منذ بضعة أسابيع لا بد سيجعل بول يدرك أن ثمة شيئا خطيرا يقلق جولي , وتنهدت بعمق بينما هزّ بول كتفيه وأتجه ألى غرفة الجلوس لينضم ألى أليسون.
أمسكت جولي بالأأبريق وملأته بطريقة آلية , ثم أخرجت من الخزانة فناجين وفتحت وعاء القهوة ووضعت ملعقة منها في كل فنجان ثم مرت بيدها على عينيها , شاعرة بأعياء شديد ,كانت تشعر بثقل وراء عينيها بسبب الليالي المضطربة التي تقضيها وقالت لنفسها بصوت خافت : كم يتعذب القلب حين يحب.
كان اليوم التالي يوم السبت وظلت ترجف طوال الصباح خوفا من مجيء مانويل ألى المتجر ليؤنبها , غير أنه لم يفعل ذلك , وأغلق المتجر أبوابه عند الظهر , فأسترخت حينئذ ولم تقاوم دونا ومارلين الرغبة في سؤالها عن مقابلتها لمانويل في الليلة السابقة , ألا أنها كذبت عليهما وقالت أن لقاءهما كان مجرد صدفة , وبدا عليهما عدم الأقتناع بما قالته ولكنهما لم تستطيعا أرغامها على أن تقول أي شيء آخر وقالت دونا :
" على فكرة ,هل قرأت في الصحف أنه قد أحضر أبنته معه في هذه المرة , لم أكن أعرف أن له أبنة ! ثم أنها في السابعة عشرة من عمرها".
وسألت جولي بصوت خافت:
" أين قرأت ذلك؟".
" في الصحف كما قلت , في كل حال , شاهدنا بالتلفزيون فتاة رائعة الجمال ترتدي معطفا من الفراء وتبدو وكأنها في الخامسة والعشرين , رائع أن يصطحبها مانويل كورتيز أينما ذهب".
وقالت مارلين وهي تضحك:
" أنني لا أتمنى أن أكون أبنته !".
وقهقهت دونا أيضا فأتجهت الأنظار بعيدا عن جولي التي شجب وجهها وحدّثت نفسها قائلة ( أبنته ), لا عجب أنه غضب منها لأنها قفزت ألى النتائج!
وعادت جولي ألى منزلها ظهرا , وقد أحست بأعياء شديدا جسديا وذهنيا على السواء , كما أحست بالكآبة , وفزعت أمها لوجهها الشاحب وعينيها المتعبتين , فصاحت بها:
" جولي! ما بك! هل أنت مريضة؟".
وأخرجت جولي ذراعيها من المعطف بعناء وقالت وهي تصعد السلم المؤدي ألى الطابق العلوي :
" أعتقد أنني أصبت بالبرد , هل يضايقك أن أذهب ألى السرير , فلا أرغب في تناول الغداء".
" بالطبع لا يا حبيبتي ,سوف أصعد أليك بعد قليل وأحضر لك زجاجة ماء ساخن لتضعيها ألى جانبك , أديري البطانية الكهربائية قبل أن تختفي ملابسك".
كانت جولي مريضة فعلا وأتضح أثناء النهار التالي أنها تعاني من الأنفلونزا , ولم يكن تعبها مجرد فعل لملاحظات دونا عن مانويل كورتيز مع أنه لا علاقة له بالأمر.


بقيت جولي بقية اليوم وطوال يوم الأحد في السرير , حيث زارها بول وقد هاله أن يرى ظلالا سوداء تحت عينيها كما أقلقته أيضا حالتها العصبية .
ولم تذهب ألى المتجر يومي الأثنين والثلاثاء , غير أنها شعرت بتحسن كبير بحلول يوم الأربعاء , فصمّمت على الذهاب ألى عملها , برغم معارضة أبيها وتحذيره من الآثار الاحقة للمرض ,وذهبت مباشرة ألى سامنتا في مساء يوم الأربعاء ووجدتها ترضع الطفل , ووافقت سامنتا على أن تعتني جولي بتوني بينما تقوم هي بأعداد العشاء لثلاثتهم , وتبعت صديقتها ألى المطبخ وجلست على مقعد مريح , ثم روت لصديقتها كل شيء عن مقابلتها مع مانويل فقالت سامنتا:
" حسنا..... هل تغيّرت مشاعرك نحوه؟".
وهزّت جولي رأسها وهي تربت على ظهر توني وتقول :
" كنت فظة معه! يا ألهي! ترى ما رأيه فيّ الآن؟".
" حسنا , ماذا ستفعلين؟".
" لا أعرف , ربما أعتذر له".
" مستحيل!".
" أعرف ذلك , لنترك الموضوع , متى تغادران البلاد ألى الولايات المتحدة".
" بعد أسبوعين يا عزيزتي , ولم أجد مربية بعد , هل فكرت في الموضوع؟".
" تقصدين ذهابي معكما؟".
" بالطبع".
" لقد فكرت في ذلك بالفعل , كما أن والديّ يعتقدان أنها فكرة طيبة ".
وقالت سامنتا بصوت المنتصر:
" ألم أقل لك ذلك".
" أعرف , فالفكرة مغرية , ثم أنني بحاجة ألى التغيير بعد أصابتي بالأنفلونزا , ولكن هل سأكون جبانة وأهرب من مشكلاتي؟".
" أنك لا تهربين من مشكلاتك يا حبيبتي فسوف تجدينها هنا عندما تعودين ,فكيف تسمين هذا هروبا ؟ ألى جانب أنها قد تبدو مشكلات عندما تعودين!".
"ما الذي سيقوله بول , فلم أخبره بالأمر".
" ليتني أعتقد ذلك!".
ودخل بن ألى المطبخ وأبتسم لجولي وقال وهو يضحك :
" هل تتدربين على رعاية الأطفال أستعدادا لسفرنا؟".
وهزت تدربين على رعاية الأطفال أستعدادا لسفرنا؟".
وهزت جولي رأسها بالنفي وقالت:
" لم أوافق على السفر بعد".
وعقد بن حاجبيه وقال:
" ظننت أن ........ سامنتا".
ونظرت جولي ألى سامنتا التي أخذت تشير ألى زوجها بيديها فوق رأس جولي وسألتها:
" ما الذي قلته؟".
هز بن كتفيه وقال:
" قالت أنك سوف تسافرين معنا وسوف تتولين العناية بتوني ".
" هل قالت ذلك بالفعل؟".
وتأوهت سامنتا وقالت:
" بن! لا تتسرع ...جولي ستسافرين معنا , أليس كذلك؟".
وهزّت جولي كتفيها بشيء من اليأس وقالت:
"أنني أرغب في السفر ولكنني لا أعرف ما الذي سيقوله بول , فلم أخبره بالأمر ".
وقالت سامنتا وهي تضع شرائح اللحم فوق الشواية :
" أسأليه أذا , في كل حال أنه لم يخطبك بعد".
وأومأت جولي برأسها وهي تفكر بعد موقف والديها وسامنتا وبن لو تستطيع أن ترفض السفر حتى أذا رغبت في ذلك .
وفي بحر الأيام القليلة التالية , شاهدت جولي الأعلانات عن العروض التي يقدمها مانويل كورتيز في ملهى الغرديانوس لفترة محدودة , وتساءلت عما أذا كان يفكر فيها الآن وعما أذا كانت المشاداة الأخيرة بينهما قد أنهت علاقتهما , أنها لا تلومه أذا لم يرغب في رؤيتها مرة ثانية , قد عاملته معاملة فظة بصرف النظر عن وجود المبررات أو عدم وجودها.
وطلبتها سامنتا في التلفون لتخبرها بضرورة الذهاب ألى السفارة الأميركية لتحصل على تأشيرة الدخول و وبأنها تحتاج أيضا ألى شهادة التطعيم ضد الجدري.
ووافقت جولي بدون أهتمام كبير على أعداد الأوراق اللازمة , على الأقل هذا سيشغلها بعض الوقت , ما سيؤخر القرار النهائي , ويتعيّن عليها أخبار بول بسفرها , ثم عليها أيضا شراء بعض الملابس المناسبة , فالجو في كاليفورنيا دافىء ولن تحتاج ألى كثير من الملابس الشتوية.


وفي مساء يوم السبت ركبت جولي الباص ألى جون وود , ولم تكن تعرف ما الذي تعتزم القيام به بالضبط غير أنها شعرت برغبة قوية في رؤية المبنى حيث يعيش مانويل , وكان الجو شديد البرودة ألا أنها لم تعبأ بذلك , أذ بدت السماء صافية , ولبست سترة من فراء الخروف وبنطلونا باللون الأخضر القاتم , وبدت طويلة رشيقة وجذابة , ووضعت يديها في جيبي سترتها وسارت بخطى بطيئة ألى المنتزه المجاور لليبانون كورت ,ونظرت ألى أعلى المبنى وتعرفت بسهولة على نوافذ الشقة , ثم أظلمت السماء مهددة بسقوط الثلوج , وأما من الداخل فظهرت أضواء تنبىء بوجود شخص في الشقة , ومن يكون هذا الشخص ؟ هل هو مانويل ؟ هل هو وحده؟ أو أن أبنته معه ؟ ثم ما فائدة وجودها في هذا المكان أذا لم تعتزم الصعود لتوضح له موقفها منه قبل أن تسافر ؟ وأدركت أن ذلك ما أعتزمت في قرارة نفسها أن تفعله , كانت الفكرة في عقلها الباطن طوال الوقت , ولكنها رفضت الأقرار بالحقيقة لنفسها , وأشعلت سيكارة وأخذت تدخن بعمق , وفكرت حالمة كم يكون الأمر رائعا لو نظر مانويل من النافذه ليراها واقفة أمامه , فينزل أليها ويحيّيها قائلا : أنني سعيد لرؤيتك , وأنني أتوق لرؤيتك؟
ومرت دقائق , وأدركت أن شخصا يمشي على العشب في أتجاهها , وخفق قلبها ,ولكنه هدأ عندما سمعت حارس مبنى ليبانون كورت يقول :
" ماذا تفعلين في هذا المكان يا آنسة , أن المنتزه خاص بالعمارة".
وأحمر وجهها وقال :
" أنني أنظر ألى المبنى , لأنني مهتمة بفن العمارة".
" أحقا ذلك يا آنسة؟ أن الجو بارد عصر هذا اليوم , وأنصحك بدراسة فن العمارة في مكان آخر وفي يوم أكثر دفئا".
وأومأت برأسها للحارس ومشت على العشب فأخترقت المنتزه ألى الطريق العام حيث وجدت السيارة الخضراء القاتمة واقفة بجوار الرصيف.
وأتجهت وأنفاسها تلهث بأضطراب واضح ألى مدخل العمارة , غير أن الحارس أعترض طريقها وقال:
" نعم! يا آنسة! ماذا تريدين؟".
" أنني أريد الصعود ألى شقة السيد كورتيز".
" كلا , لن أسمح بذلك يا آنسة!".
" لماذا؟ يا ألهي أنني أعرفه".
وقال الحارس وكان واضحا أنه لا يصدقها :
" أصحيح يا آنسة؟".
" بالطبع! فأسمي جولي كيندي , أطلبه بالتلفون الداخلي وأسأله".
وتفحّص الحارس جولي ثم قال :
" حسنا سوف أفعل! أنتظري هنا".
وترك جولي ودخل ألى مكتبه بالمبنى , وأضطربت أعصابها , ماذا تفعل لو رفض مقابلتها؟ ماذا تفعل حينئذ ؟
ونظرت من خلال الباب الزجاجي ألى المدخل , فوجدت مكتب الحارس على الجانب , فأذا دفعت الباب وجرت ألى المصعد, فسوف تكون في مأمن ,ونفذت الفكرة الطائشة وسمعت الحارس يصيح بها بغضب وهي تمر أمام مكتبه , لم يكترث بما فعلته لأنه يعلم أن لا جدوى لما أقدمت عليه.
صعد المصعد ببطء ألى الطابق الأول ثم الثاني ثم توقف فجأة بين الطابقين الثاني والثالث , وقالت وهي تشعر بالأحباط:
" يا ألهي , لقد أوقفه بالطبع , لم أفكر في هذا الأحتمال".
وأنتظرت وهي تشعر بالأسى هبوط المصعد الذي أستأنف صعوده , بعد فترة وجيزة , وأجتاز الطابق الثالث ثم الرابع , تركها الحارس تصعد لأن مانويل وافق على مقابلتها.
ووقف المصعد أمام شقة مانويل , وأتجهت جولي ألى باب الشقة وطرقته وفتح الباب على الفور , غير أن مانويل كورتيز لم يقف بالباب كما توقعت ,بل وقفت الفتاة الجميلة التي كانت في صحبته في مطار لدن , وأخذت تتفحص جولي بنظرها وكأنها تقييمها , وبدت أكثر جمالا عن كثب , فشعرها أسود كالليل وبشرتها ناعمة وجسمها مكتمل النمو وكأنها تكبر سنها بكثير.
وقالت لجولي:
" نعم؟ يقول الحارس أنك ترغبين في مقابلة أبي , ماذا تريدين؟ أنا بيلار كورتيز".
وبلعت ريقها ريقها وقالت :
" والدك ..... هل هو موجود؟".
" كلا , أنه في المدينة , لماذا؟".
وكان سلوكها ألى حد ما سلوك طفلة ولكن عينيها المركزتين على وجه جولي بدا فيهما الفضول والوقاحة المتعمدة.
وشبكت جولي أصابعها وقالت:
" متى يعود؟".
" بعد فترة وجيزة , فقد فات موعد عودته , غير أنه مع دولوريس أريفيرا , وهو ينسى الوقت في رفقتها ".
وخطت جولي خطوة ألى الوراء , وقالت :
" حسنا , شكرا يا آنسة".
" لا....... أنتظري ,هل تريدين أن تدخلي وتنتظري أبي ؟".
" شكرا لن أنتظر , فالأمر غير عاجل , وداعا يا آنسة".
" أقول له من حضر؟".
وأتجهت ألى المصعد وقالت وهي تدخل أليه مسرعة :
" شخص لا أهمية له".


ونزل المصعد بهدوء وبسرعة تفوق سرعة صعوده , وخرجت جولي منه فواجهها الحارس قائلا ببرود وتهجم:
"هل كانت الآنسة شديدة الغضب؟ كيف تجرؤين عل الدخول بدون أذن؟".
" أسفة , فقد أعتقدت ....... لا أهمية لذلك , قلت لك أنني آسفة , لا يمكنني أن أقول أكثر من ذلك؟".
" بل يمكنك أن تقولي أكثر من ذلك بكثير ؟ وأين تقيمين ؟ فأنني أنوي أن أخبر السيد كورتيز بما حدث عند عودته".
وأحست جولي بتيار هواء يخترق البهو وأرتجفت .. لقد دخل شخص .
وسمعت مانويل يقول:
"ما الذي تعتزم أن تقوله لي ؟ ..... جولي!".
وحملقت جولي في كورتيظ وكأنها تحت تأثير التنويم المغناطيسي , غير أن الحارس قال بشيء من الأرتباك :
" هل تعرف هذه الفتاة يا سيد؟".
" بالطبع".
وحاول الحارس أن يواصل الكلام , ألا أن مانويل قاطعه قائلا:
" فيما بعد يا كورتيس فيما بعد".
ثم قال لجولي بأدب وأن كان ببرود:
" لماذا جئت ألى هنا يا ولي؟".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" مانويل .... أنا..... أنا.... هل يمكننا الذهاب ألى مكان نستطيع التحدث فيه ".
وتردّد مانويل وتمتم وهو يفكر :
" بيلار في الشقة".
" أعلم ذلك , لقد قابلتها على التو".
" أحقا ذلك؟ يمكننا أن نذهب ألى السيارة , فهي باردة ولكن سنكون بمفردنا ".
" حسنا".
وكانت السيارة باردة ألا أن مانويل أدار المحرك وقال :
" سوف نقوم بجولة بالسيارة حتى ننعم بالدفء".
وأنطلقا في شارع أيدجوير في أتجاه سناتمور حيث أوقف السيارة بعد أن أصبحت دافئة , ثم قال :
" حسنا , قولي ما عندك".
وتنهدت جولي ونظرت أليه بضعف وقالت:
"أعرف أنني أتصرف بغباء ولكنني أشعر بضرورة الأعتذار أليك ".
" لا داعي للأعتذار".
" بل يوجد ما يدعو أليه , لقد أسأت التصرف , ثم أعتذر لك أيضا لأنني لم أكن أعلم بأمر بيلار".
" حسنا , فأنت الآن على علم ببيلار , كما قمت بالأعتذار أليّ ,هل هذا ما تريدين قوله؟ أنني أقبل أعتذارك , هل هناك شيء آخر؟".
نظرت أليه جولي وقالت:
" لا شيء".
" حسنا".
ألتفت ألى الخلف فوجد الطريق مزدحما وقال:
" هل هناك طريق آخر نسلكه لنعود ألى وسط المدينة ؟".
ورغم أن السيارة دافئة أحست جولي بالبرد وقالت :
" نعم , هل أرشدك ؟".
" أرجوك أن تفعلي".
ثم أخرج علبة السكائر وأخذ سيكارة وقال لها:
" هل ترغبين في سيكارة؟".
وأومأت جولي برأسها , وأخذت نفسا عميقا من السيكارة وأسندت ظهرها على المقعد ,ووضع مانويل السيكارة بين شفتيه وفك أزرار معطفه السميك , وكان شعره قد طيره الهواء عند خروجه قبل ذلك , وأحست جولي برغبة جامحة في أن تتحسس شعره , غير أنها تمالكت نفسها وأدارت وجهها , ترى هل حضر لتوه من عند دولورس أريفيرا؟ ولم تتمكن من التغلب على هذه الفكرة , ثم أنه بدا باردا متباعدا وأرادت أن تنتزعه من كراهيته لها ولكنها لم تعرف كيف تحقق ذلك.


ولم تستطع منع نفسها من الكلمات فقالت :
" قالت لي أبنتك أنك كنت مع دولورس أريفيرا".
فردّ بأقتضاب وهو يعدل مرآه الرؤية الخلفية:
" نعم ".
" هل تحبها؟".
ونظر مانويل بطرفي عينيه وقال:
" الحبّ! ما هو الحب؟".
ثم أدار المحرك وقال:
" هل نعود الآن؟".
ورمت جولي السيكارة من النافذة , وحملقت فيه بيأس وصاحت:
" مانويل!".
وتفحّصها بسخرية ثم قال :
" ما هذا ؟ هل هو شعور بالأحباط ؟".
وأرتعدت جولي وقالت:
" أرجوك يا مانويل لا تغيظني , جئت لأراك لأنه كان يتعيّن على ذلك , فلم أتمكن من ترك الأمور على ما كانت عليه".
وقال وقد فطن ألى تفكيرها:
" والآن تودين لو أنك تركت الأمور على حالها!".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" كلا....أعني... نعم...على الأقل .. ... ألم يسرك أن تراني ؟ أعني هل تهتم بي؟".
وهز مانويل كتفيه وقال:
" ماذا تريدين أن أقول ؟ كنت معجبا بك , كما أنني كنت أرغبك , هذا كل ما في الأمر , أنت تكرهينني , وقد صارحتني بكراهيتك لي".
ومّد يديه وقال:
" أنتهى الأمر بيننا , لست في حاجة أليك يا عزيزتي".
" ولكن في تلك الليلة....".
"كنت غاضبا , كدت أجن , وكدت أضربك و لأنك جرحت كبريائي , هذا كل شيء".
وصرخت جولي صرخة من قلبها :
" لا أصدقك".
" حسنا يا عزيزتي , صدّقي ما يروق لك , لكن لا تتوقعي أن تحولي تخيلاتك ألى حقيقة واقعة , أنني مسافر ألى الولايات المتحدة بعد أسبوع , بعد أسبوع , وداعا يا جولي!".
وأدار المحرك بحزم وقال :
" والآن أرشديني ألى الطريق".

برنس وصاب 09-23-15 05:13 PM


7- ما هو الحب؟


ومر اليومان التاليان بصعوبة , وشعرت جولي أنها فقدت القدرة على الحس , وعجزت عن أستيعاب ما حدث , لم تتصور أن مانويل يمكن أن يكون بهذه القسوة.
تركها في نهاية شارع فولكنر بعد ظهر يوم السبت , وودعها بدونأكتراث , فأتجهت ألى المنزل بشكل آلي , وظلت على هذه الحال حتى مساء يوم الأحد , ثم قررت ألا تستسلم للأكتئاب , وكان سبيلها الوحيد هو أن توافق على السفر مع سامنتا ألى الولايات المتحدة , لم تكن قد شفيت تماما من مرضها كما أنها فقدت شهيتها , أما حالة الأكتئاب فقد أصبحت شيئا طبيعيا حتى أعتقدت أنها لن تعود ثانية ألى حالتها الأولى.
وذهبت ألى شقة أسرة بارلو لتبلغهم قرارها , فوجدت سامنتا تستعد للسفر.
وصاحت سامنتا:
" يا حبيبتي! أنني مسرورة جدا , فسوف تستفيدين من الرحلة , ومن يعلم من تقابلين هناك , فقد يعجب بك أستاذ بالجامعة , من يدري !".
وأبتسمت جولي وقالت:
" هذا يبدو بعيد الأحتمال في الوقت الحاضر , ولكنني أعتقد سأستفيد بعض الشيء من تغيير الجو".
" بالطبع يا عزيزتي , بن.....بن.....جولي سوف تسافر معنا".
وأعرب بن عن رضاه بقرار جولي ثم غادر المنزل , وأعدت سامنتا القهوة وقالت بعد أن جلستا وفي يديهما سيكارتين :
" فيم تفكرين ؟ ما الذي دفعك ألى أتخاذ القرار؟ هل رأيت مانويل ؟".
وتنهدت جولي وقالت:
" نعم".
وأخذت نفسا عميقا من السيكارة وأضافت:
" قال لي بوضوح أنني لا أعني شيئا له!".
" جولي!".
" كان صادقا على الأقل , والآن أنتهى الأمر بيننا........".
وأومأت سامنتا برأسها وقالت:
" ربما كان ذلك أفضل , فلو أنك خضعت له لندمت بمرارة , بول يناسبك أكثر , ويمكنك أن تتزوجيه بعد العودة من الرحلة , وسوف تنسين الأميركي اللاتيني الجذاب".
وأبتسمت جولي قليلا , ولاحظت سامنتا أن الأبتسامة لا تنبعث من قلبها وواصلت كلامها قائلة:
"والآن , لنتحدث عن توني , فعليّ أن أشرح لك كل تفاصيل الرضاعة وغيرها , والواقع أن غذاءه لا يقتصر الآن على السوائل , وكذلك يجب أن أعطيك أرشادات كثيرة".
وأبتسمت جولي وقالت:
" من المرجح أنني لن أحسن آداء مهامي , فأنني لم أقم من قبل برعاية أطفال....".
وقالت سامنتا بشيء من الأستخفاف:
" المسألة بسيطة , فبن نفسه أكتسب الخبرة اللازمة الآن , وهو يجد متعة كبيرة في أطعام توني , وأضطر أحيانا للضغط عليه حتى يهتم بعمله عندما يكون توني مستيقظا".
وقالت سامنتا :
" على فكرة , هل أخبرتك عن المكان الذي نقيم فيه في كاليفورنيا ؟".
وهزّت جولي رأسها فواصلت سامنتا كلامها:
" سنذهب في الواقع ألى سان فرانسيسكو , ولكن الجامعة والمنزل يقعان على الساحل في أتجاه مونتري , هل سمعت عن منتري؟".
" بالطبع".
" حسنا , الطلبة يقيمون في مونتري , كما أن المنزل الذي خصص لنا يبدو جميلا , أعتقده من طراز منازل المزارع , وهو من طابق واحد وبقربه شاطىء خاص , هل تتصورين يا جولي أننا سوف نستطيع السباحة يوميا؟".
وربّتت على معدتها وقالت:
" سوف يساعدني ذلك على أستعادة قوامي , أنجاب الأطفال لطيف , غير أنه يؤثر على القامة بدون شك".
وقالت جولي بصوت مكتوم:
" أن جسمك جميل , ولكنني أوافقك على أنه من الممتع أن نستطيع السباحة وفي حياة دافئة أيضا".
وقالت سامنتا :
" سنعود ببشرة سمراء داكنة بلون التوت".



وعندما رأت سامنتا الألم باديا على وجه جولي غيرت الموضوع وقد أحست جولي أنها في حالة أفضل عند مغادرتها منزل سامنتا والواقع أن قرارها بالسفر أزاح بعض كآبتها فالذهاب ألى الولايات المتحدة شيء مثير في حد ذاته , وسوف يقضي على حالة الجمود التي تعاني منها , كما أن هناك أشياء كثيرة يتعين القيام بها , ولم يبق من الوقت سوى أسبوع , وأبلغت والديها بقرارها عند وصولها ألى المنزل , وكانا يجلسان سويا يشاهدان التلفزيون عندما دخلت وأخبرتهما بالنبأ.
وقال أبوها على الفور:
" حسنا , فقد يقضي السفر على حالة الأكتئاب التي تعانين منها , أنني لا أعرف السبب الحقيقي , غير أنني أعتقد أنه يتعلق برجل أو بآخر , هل أنا على حق؟".
ولوت جولي يديها وقالت:
" نعم أنت على حق , وأمي تعرف ذلك".
" أنني واثق من ذلك , أمك لم تحدثني في الأمر , هل ترغبين في أن تفضي أليّ بما في قلبك؟".
وتنهدت جولي وقالت:
" كلا , لا أرغب في ذلك".
" حسنا , لن أضغط عليك ,ولكن فيما يتعلق ببول أليس من الأفضل أن توضحي الأمر له ؟".
" بالطبع , أنني لم أتخذ القرار النهائي سوى اليوم".
" أنت تعرفين هذا الرجل منذ وقت طويل , أليس كذلك؟ ماذا حدث؟ هل هو متزوج؟".
" كلا , ليس متزوجا , كان متزوجا , غير أنه مطلق الآن".
" فهمت , ألا يريد أن يتزوجك؟".
" كلا".
وهز والدها رأسه ولمست أمها يده وقالت:
" يا عزيزي جو , أتركها وشأنها , ألا ترى أنها متعبة؟".
ونهض الدكتور كيندي واقفا وسار نحو أبنته وأدار وجهها أليه وقال :
" جولي , أنك لم تخفي شيئا عنا من قبل , ألا يمكنك أن تبوحي لنا بالسبب الذي يمنع زواج هذا الرجل منك ؟ هل تحبينه؟".
" في الحقيقة , لا أعرف الآن أذا كنت لا أزال أحبه , أنه ........ أنه لا يحبني".
ولم تتمكن من مواصلة الكلام , فوضعت يديها على وجهها وأحتضنها أبوها وأخذت تبكي بكاء مريرا , حتى أرتاحت وقالت بعد برهة:
" لا يمكنني التوضيح , غير أنني لا ألومه ,فهو من بيئة تختلف عن بيئتنا , وتقاليدها تختلف عن تقاليدنا ".
وقالت أمها :
" هو أجنبي أذا".
أومأت جولي برأسها ثم سارت نحو الباب وقالت:
" سوف أذهب ألى فراشي , أذا لم يكن عندكما مانع , وسوف أخبر بول بالأمر غدا , ولا تعلقا عليّ فأنني بخير ".
كان يتعين عليها الآن أن تخبر بول بقرار السفر , ولم يقبل بول قرارها عندما أخبرته به وقال :
" لا يمكن أن تكوني جادة , أذا ذهبت الآن فلن تعودي قبل شهر أبريل".
" هذا صحيح يا بول".
" ولكن لم كل هذا؟ كنت اتصور أن كلا منا يحب الآخر".
" بول! لقد حاولت توضيح الأمور يوم عيد الميلاد فقلت أنني لست واثقة من عواطفي أتجاهك , دعني أذهب الآن , فذلك من الأفضل".
وقال وهو يهاجمها بشدة :
" أعرف أن هذه الرحلة تشدك , وفكرة السفر ألى كاليفورنيا تغريك!".
" هذا غير صحيح".
" بل صحيح , وما كان يجوز لسامنتا أن تقترح عليك السفر , فأنت لست مربية للأطفال في أية حال".
" كل ما تقوله صحيح , غير أن سامنتا لم تتخذ القرار بل أنا أتخذته ".
" ولكن لماذا؟ ألست مرتاحة في عملك بمتجر فورهامز؟".
"بل أحب عملي , وعندما أبلغت الموظف المختص بأنني أعتزم السفر قال أنني أستطيع العودة ألى عملي بعد العودة أذا رغبت في ذلك".
وقال بول وقد أحنى كتفيه:
" هل هناك رجل آخر؟".
" نعم...... ولا".
" ماذا تعنين؟".
" أعني قد يكون هناك رجل أحبه ولكنه لا يحبني ".
ونظر أليها بول بدهشة وهو لا يكاد يصدق ما تقوله :
" هل أعرفه؟".
" لا تعرفه بالضبط أرجوك يا بول , لقد سألني والد عنه من قبل , ولا أستطيع أن أقول شيئا , فالأمر لا يتعلق بي وحدي , هل تغفر لي؟".
وعضت شفتها بأرتباك وقالت:
" أنا واثقة أنني لا أناسبك ......بول , ربما ألتقيت بالفتاة التي تستحقك أثناء غيابي , لا أريد أن تنتظر عودتي , فأن العلاقة بيننا قد أنتهت للأسف ".
" هل تراسليني ؟".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" من الأفضل ألا أفعل ذلك يا بول , عليك أن تنساني , فلست جديرة بك ".


وقال بول بشيء من الغضب:
" ليس الأمر بهذه السهولة يا جولي , لماذا لا تعود علاقتنا ألى ما كانت عليه منذ عام , كنا سعيدين , أنني واثق من ذلك".
وأدارت جولي وجهها وقالت:
" لقد أدرك كل منا منذ فترة أن الأوضاع قد تغيرت , لا بد أنك شعرت بذلك يا بول".
وأحمر وجه بول وقال:
" حسنا , لقد لاحظت ذلك بالطبع , ولكنني لم أرغب في مصارحتك بالموضوع , كنت آمل أن أعطيك الوقت الكافي لتعودي ألى رشدك".
" ذلك ما حدث بالفعل , بول , ماذا يحدث لو تزوجنا ونحن ندرك أن الأمور ليست على ما يرام؟ بعد عام واحد سيشعر كل منا بالتعاسة ؟ وهذا ما يجب ألا يحدث , ولقد تساءلت في بعض الأحيان ترى هل لديك أية فكرة عن الحب؟ أنه الرغبة في أن تظل مع شخص واحد وأن تحن لرؤيته ......للمسته......لحبه , هذا هو الحب".
وأحس بول بالحرج , فلم يكن رجلا أستعراضيا , ولم يرق له أن تتحدث جولي على هذا النحو , فلم تفعل ذلك أبدا من قبل , وشعر بعدم الأرتياح , وزرر معطفه بسرعة وقال:
" حسنا , أذا كان الأمر هكذا , فليس لدي ما أقوله ولا أزال أعتقد أنك تعيشين في عالم الأحلام , وأنك تضعين هذا الرجل , أيا كان , على منصة عالية لا بد وأن تنهار , ولكنني لن أجادلك الآن وداعا يا جولي".
" وداعا يا بول , أنني آسفة على ما حدث".
" وأنا آسف أيضا".
ثم خرج بسرعة حتى لا يقول المزيد.
وغادرت جولي وأسرة باولو مطار لندن في نهاية شهر فبراير في الصباح الباكر , وقد أرتدوا ملابس صوفية ومعاطف ثقيلة , وكان بن قد أرسل في وقت سابق معداته حتى يتسلمها عند وصوله.
وقال بن:
" أنني أتطلع ألى الدفء".
وجلس بين المرأتين في مقدمة الطائرة ورقد توني في مخدعه بجوارهم , وأستأنف بن حديثه فقال:
" ستة أسابيع في الشمس , يا له من شيء رائع".
وذلك ما دار بخلد جولي , فقد تعمدت أن تركز تفكيرها على المستقبل , مما أتاح لها أن تصل ألى قدر من التوازن للمرة الأولى منذ سفر مانويل , غير أن الرحلة التي أستغرقت ما يقرب من سبع ساعات أنتهت , وسرعان ما أدركت أن الواقع يسيطر عليها ثانية عندما لمحت الليرادو وأخيرا مطار جون ف . كيندي .
ومن خلال الغيوم التي أخذت تتبدد في ضوء الصباح شاهدت الغابات والأنهار والبرك ثم مانهاتن , وهبطت الطائرة بجوار مبنى المطار.
أحست جولي أنها تركت أفكارها في مكان ما في الجو وبرغم ذلك , كانت منفعلة وكأن تيارا كهربائيا يسري في جسدها وهي تقف على الأرض الأميركية لأول مرة , كانت هناك أشياء كثيرة سوف تراها وأشياء كثيرة عليها أن تستوعبها في وقت قصير.
وقضوا أربعة أيام في نيويورك قبل أن يتجهوا ألى سان فرانسيسكو , وفي بحر هذه الأيام , سارت جولي وسامنتا ساعات طويلة على أقدامهما , وكانت سامنتا تعتقد أن المبالغة في ركوب السيارات غير صحية لطفلها توني , ومن الأفضل جره في عربته معهما أينما ذهبتا.
وهالهما أزدحام الشوارع في أول الأمر , غير أنهما أعتادتا على ذلك بعد فترة .
أنبهرت سامنتا وجولي لرؤية شارع ماديسون ومبنى أمباير ستيت أكثر مما أنبهرتا عند زيارة متحف الفن الحديث حيث قضى بن معظم وقته , وقد أثار السنترال بارك وهي الحديقة التي تتوسط المدينة , أعجاب جولي وسامنتا , وأنساهما العشب الأخضر والبرك المليئة بالقوارب أنهما في أكبر مدينة بالولايات المتحدة .
وبعد أربعة أيام محمومة شعروا بالراحة وهو يجلسون ثانية في مقاعدهم في الطائرة التي أقلتهم ألى الساحل الغربي ونقلتهم ألى نمط مختلف من الحياة.



برنس وصاب 09-23-15 05:13 PM

8- شوق تحت الصفر
أفضل وقت لزيارة كاليفورنيا يكون في الربيع أو الخريف , كان الجو هادئا والسماء صافية , وأمتلأت الحدائق بالأزهار الزاهية الألوان , وكان البيت الذي خصص لبن يواجه المحيط الهادىء , وصوت الأمواج المتواصل أشبه بخلفية لأيامهم , وأمتد الشاطىء أسفل ممر صخري شاهق يبدأ من البيت , وأرتطمت الأمواج العارمة بالشاطىء الذي كان يبدو ناصع البياض وقد أنتشرت فيه الكهوف.
أما الجامعة التي عمل بها بن فكانت في مدينة صغيرة أسمها سانتا بربارا تبعد حوال خمسة وثلاثين ميلا من سان فرانسيسكو , أما البيت على مشارف المدينة بشارع رئيسي بدت البيوت فيه كالقصور , وكان ما طابق واحد له سقف منحدر وتحيط به شرفة مسقوفة يتوسطها رواق فيه أثاث من البامبو المطلي , وكان الرواق يطل على المحيط مما أغراهم يتناول معظم وجباتهم هناك.
ولم يبدأ بن العمل ألا بعد يومين من وصولهم , وفي هذين اليومين أصطحب سامنتا وجولي والطفل توني ألى سان فرانسيكسو في السيارة الكاديلاك التي خصصتها الجامعة لبن.
وعندما بدأ بن مباشرة مهامه , قضت الفتاتان معظم الوقت في المنزل , راقدتين على الشاطىء أو سابحتين في البحر , وتولت تنظيف المنزل سيدة متوسطة العمر تدعى سركس عاشت في سانتا مارتا وأبدت أستعدادها للعناية بتوني عندما تذهب الفتاتان للسباحة , ويبدو أن توني أحب السيدة سراكس فقد كان يبكي كلما أخذته جولي منها لترضعه أو تحمله .
وعند نهاية الأسبوع الأول بدأت جولي تشعر أن وضعها غير سليم , فلم يكن هناك شيء تفعله فيما عدا الأشتراك مع سامنتا في غسيل ملابس توني والعناية به كلما صحبت سامنتا بن ألى حفلات العشاء التي يقيمها أعضاء هيئة التدريس بالجامعة , كان توني طفلا مريحا , لا يتجاوز شهرين من عمره , وكان ينام معظم الوقت , ولا يصحو ألا لتناول وجباته , وكانت سامنتا تجد متعة في العناية به ,و ولذلك بدأت جولي تحس أنها غير مفيدة لسامنتا.
وقالت لسامنتا في عصر أحد الأيام:
" أعتقد أنك لم تكوني في حاجة لي عندما أحضرتني معك ألى الولايات المتحدة , وأنا لا أسمح لنفسي بأن أتقاضى أجرا بلا عمل .....".
وضحكت سامنتا وقالت:
" يا لك من فتاة حية الضمير ! يا ألهي ألا تعتقدين أني كنت سأشعر بالملل لو أنني لم أجد من أحدثه ".
" حسنا , غير أنني واثقة من أنك تستطيعين عقد صلات مع سكان هذه المنطقة وتبادل الزيارات معهم , أقصد ما هو عملي؟ أنني أرضع توني في بعض الأحيان وأحمله كل ليلة , وفيما عدا هذا لا أفعل شيئا , لقد فهمت أنك تريدين أن يتسع وقتك لتفعلي ما تشائين , ولكنك تلازمينه دائما وتؤدين كل ما يطلبه".
وقهقهت سامنتا وقالت:
" حسنا لم أكن أدرك يا جولي مدى المتعة التي أجدها في العناية بتوني , صدقيني عندما دعوتك ألى الحضور معي , تصورت أنني سوف أضيق ذرعا بالعناية بتوني , ولكنني أكتشفت أن هذا غير صحيح".
" ما العمل أذا!".
" لا شيء , أسترخي يا حبيبتي , وأستمتعي بوقتك , لم لا تذهبين ألى سان فرانسيسكو في أحد الأيام؟ وأنا أستطيع البقاء وحدي هنا , فأنك لم تشاهدي سان فرانسيسكو جيدا عندما ذهبنا مع بن , فقد كنت مشغولة برعاية توني , أنني واثقة أنك سوف تقضين وقتال ممتعا أذا زرت المدينة بمفردك".
وهزّت جولي كتفيها وقالت:
" لا أدري , أعني أنك تتصرفين وكأنني في أجازة , بينما أنت التي يجب أن تكوني في أجازة".
" حسنا يا حبيبتي , لقد زالت الظلال السوداء من تحت عينيك , أعتقد أنك تستفيدين من هذه الرحلة".
وأومأت جولي برأسها وقالت:
" أنت على صواب بالطبع أشعر بتحسن ملحوظ ولكنني لاى أزال أشعر بالذنب لحضوري".
" لا داعي لذلك , فأنني سعيدة بوجودك".
وأبتسمت جولي وضغطت على يد سامنتا وقالت:
" شكرا يا سام".
وعندما عاد بن في ذلك المساء بدا وجهه محتقنا مضطربا ,وتساءلت جولي ترى هل حدث شيء ضايقه في الجامعة؟ وتركته مع سامنتا , ولم تعرف السبب ألا بعد تناول العشاء عندما تركهما بن ليعد المحاضرة التي يلقيها في اليوم التالي , وأخبرت سامنتا جولي بما حدث , قالت وهي غاضبة بعض الشيء لأنها أضطرت ألى ذكر أسم ذلك الرجل من جديد:
"لقد قابل بن مانويل؟".
وعقدت جولي حاجبيها وقالت بصوت مكتوم:
" مانويل .كيف ؟ .........أعني...... لم أكن أعرف أن بن يعرقه".
" لم يكن يعرفه أو على الأصح أنه يعرف شكله فقط وذكر لزملائه أن وجه مانويل يثير أهتمامه , كما قال لنا ذلك أيضا ....منذ مدة ".
وأومأت جولي رأسها فتنهدت سامنتا وأستطردت قائلة:
" يبدو أن أحد الأساتذة صديق لشقيق مانويل , فيليب فذكر الموضوع له فقام هو بدوره بذكره لمانويل , في أي حال لقد تناول بن الغداء مع فيليب اليوم لمجرد الحديث عن عمله وأذا بمانويل ينضم أليهما".
وقالت جولي بصوت خافت أقرب ألى الهمس:
" أذا فقد عاد ألى الولايات المتحدة".
وأومأت سامنتا برأسها وقالت:
" لقد دهش بن عندما وجد مانويل لطيفا , لقد توقع أن يرى وحشا ضاريا نظرا لما سمع عنه , ولكنه أنهر به , كانت نتيجة المقابلة أن مانويل وافق على أن يرسمه بن وأن يعرض رسمه بالمعرض المقبل لصوره , وسوف يذهب بن ألى منزل مانويل ليرسمه".
ومدّت سامنتا يديها ألى الأمام وقالت:
" كان لا بد أن أخبرك يا حبيبتي ......فلا فائدة من الكذب.....".
وهزت جولي رأسها وقالت بجمود:
" بالطبع لا , ولكن صديقيني يا سامنتا أن هذا يجعلني أسوأ حالا !".
" لماذا ؟ أنك لن تقابليه , يا ألهي , أن كاليفورنيا مكان فسيح للغاية , ثم أن مانويل لا يعيش في سان فرانسيسكو بل في مونتري ولكنني لم أستطع أن أجعل بن يذهب ألى هناك بدون أن أقول لك الحقيقة".
وقالت جولي وقد بدا عليها الأرتباك:
"أن ما يضايقني هو أحتمال أن يعرف أنني هنا , فقد يتصوّر أنني أتعقبه".

وسخرت سامنتا من جولي وقالت:
" أن هذا سخف , غادرنا أنكلترا وهو بها , ثم أنك لم تعرفي أنه سيتوجه ألى الولايات المتحدة , كان من المحتمل أن يقوم بجولته في أوروبا قبل العودة ألى هنا , في كل حال أنك تعرفين مكان سكنه أليس كذلك؟".
" ذكر أنه يعيش في كاليفورنيا , غير أنني بكل صدق لم أتوقع أبدا أن أراه هنا".
" أعرف ذلك يا حبيبتي , في أية حال لن يذكر شيئا عنك , فعليك أن تسترخي , وأذا فكرنا في هذا بطريقة منطقية لوجدنا أنها فرصة رائعة لبن".
وأبتسمت جولي وقالت:
" أعرف ذلك يا سام ويؤسفني أن أشغلكما بمشكلاتي الخاصة ".
وهزّت سامنتا رأسها برفق وقالت:
" لا تكوني حمقاء , هيا نفّّي ما أقترحته عليك , أن تذهبي غدا ألى سان فرانسيسكو وأن تنسي كل شيء عن كورتيز".
وفي الصباح أوصل بن جولي ألى المدينة وهو في طريقه ألى الجامعة , ورغب في شراء بعض المواد التي لم يجدها في سانتا مارتا , فتركها وسط المدينة .
وبعد أنصراف بن شعرت جولي أنها تسير بغير هدف , كانت الموافقة على الأستكشاف وحدها شيئا , وتنفيذ الفكرة شيئا آخر , وأخيرا ركبت الترام ألى فيشرمان دورف , وقضت بعض الوقت في الميناء , ولم تعجبها المتاجر السياحية التي تبيع الهدايا التذكارية , فأخذت تقرأ في الدليل السياحي باحثة عن مكان تذهب أليه بعد ذلك....... وتركت جسر أوكلانده وراءها وسارت في أحد الشوارع الجانبية , كان هناك جزء من سان فرانسيسكو بدا وكأنه لم يتغير منذ سنوات عديدة , فكثرت فيه الحانات والمقاهي التي يتردد عليها البحارة.
وكادت أن تعود ألى الشارع الرئيسي عندما أسترعى أنتباهها سلّما يؤدي ألى مبنى كتب أسمه بأحرف باهتة وهو مستشفى الأرسالية للبحارة , وأبتسمت وتساءلت عن تاريخ المبنى , ترى هل كان موجودا في منتصف القرن الثامن عشر وقت أكتشاف الذهب وتدفق الرجال من جميع أنحاء البلاد على كاليفورنيا بحثا عن الثروة.
وفيما كانت واقفة , ظهرت أحدى الراهبات باباب وأخذت تنظر ألى الشارع وكأنها تبحث عن شخص أو عن شيء , وعندما رأت جولي قطبت جبينها وكأنها تدهش من وجود أي سائح في هذا الجزء من المدينة , ثم نزلت السلم وتقدمت نحوها وقالت وهي تحييها بحرارة:
" صباح الخير".
" صباح الخير , أن الطقس جميل , أليس كذلك؟".
وأومأت الراهبة برأسها وهي شاردة الذهن ثم قالت:
" هل تتكلمين اللغة البولندية ؟".
" آسفة , لا أتحدث بهذه اللغة".
وضغطت الراهبة على شفتيها وقالت :
" بالطبع! فلم يكن معقولا أن أجد ما أبحث عنه , غير أنني عندما رأيتك تقفين أمامي فكرت أنه ربما ....... في كل حال يستحسن أن تعودي ألى الطريق الرئيسي يا عزيزتي , لأن هذه المنطقة خطيرة بالنسبة ألى فتاة تسير بمفردها , هل ضللت الطريق؟".
" كلا , كنت أستكشف المدينة , آسفة , أستطيع مساعدتك , أنني لا أتحدث سوى الفرنسية والألمانية ألى جانب الأنكليزية بالطبع".
وعقدت الراهبة حاجبيها وقالت:
" تتحدثين اللغة الألمانية , الألمانية؟"
" جائز".
وحملقت جولي في وجهها بفضول ,وأبتسمت الراهبة ثم قالت:
" قد تظنين أنني مجنونة , ولكن هناك بجارا بولنديا أحضروه ألى المستشفى أمس , وحدوه يئن في الشارع , وهو لا يتحدث الأنكليزية , وقد أوضح الكشف الطبي عليه أنه يعاني من ألتهاب حاد في المصران الأعور ,ومن الضروري أن يفهم أنه في حاجة ألى عملية جراحية عاجلة وقد ينفجر المصران في أي وقت , ولم نستطع التفاهم معه ولا أدري ماذا أفعل , أن وصولك يعتبر نعمة أذا أستطعت التفاهم معه".
وصاحت جولي على الفور:
" بالطبع , أرجو فقط أن يفهم لهجتي".
وسارت جولي خلف الراهبة التي أجتازت عنبرا طويلا , مزدحما بالأسرة والمرضى المصابين بكسور وجروح , وبرجال ينظرون بجمود أمامهم وكأنهم لا يشعرون بمن حولهم , وقد أسترعى أنتباه الحاضرين دخول جولي العنبر , فحاولت أن تتجاهل العيون التي حملقت فيها.
وبدت حالة البحار البولندي سيئة للغاية , وقد وضعت ستائر عالية حوله لتفصله عن بقية المرضى , وجلست راهبة أخرى ألى جوار السرير , نهضت واقفة عندما رأتهما وخطت ألى الخلف , كان وجه البحار شاحبا محتقنا , ونظر أليهما وهو لا يفهم ما تريدانه بينما بدا الألم في عينيه.
جلست جولي ألى جواره وقالت باللغة الألمانية :
" هل تتحدثين الألمانية ؟".
وبرقت عينا البحار قليلا , وقال بسرعة وبصوت رتجف وقد بدت عليه الراحة لأنه وجد من يفهمه:
" يا , يا ".
وأوضحت له جولي الموقف بسرعة , وظهر من حركاته وصيحاته أنه لم يكن يعرف خطورة حالته , ووقفت جولي وقالت للراهبة:
" ظن أنه يعاني من التسمم , الطعام على السفينة كان سيئا للغاية ,ولكنه يعرف حقيقة الموقف الآن , ويرغب في أجراء العملية الجراحية , وقد أوضحت له سبب وجوده هنا , وهو مرتاح أكثر الآن".
وتنهدت الراهبة وقالت:
" أرأيت زحمة العمل هنا ؟ أننا لا نجد من يقبل العمل في المستشفى , ولن تتحسن الأمور حتى يتم بناء المستشفى الجديد".
وسألتها جولي:
" هل تشيدون مستشفى جديدا؟".
" سيتم قريبا بمشيئة الله , تمت الموافقة على الرسومات الهندسية وسوف توضع الأساسات قريبا ,وسوف تكون الأوضاع أفضل حينئذ".
وأقرّت جولي قول الراهبة وقالت:
" أنني واثقة من ذلك ".
ونظرت جولي ألى العنبر المزدحم وشعرت بالنظرات التي وجّهها المرضى أليها , وقالت الراهبة وهي تتجه ألى الباب:
" أخذنا الكثير من وقتك , أرجو ألا نكون قد أزعجناك أذا طلبنا منك الترجمة".
" بالطبع لا , هل تعتقدين أنها ستكون فكرة طيبة أذا حضرت في الصباح , فقد يحتاج البحار ألى شيء بعد العملية فأتولى الترجمة له".

وبدت الدهشة على وجه الراهبة وقالت:
" نعم , أعتقد أنها فكرة طيبة جدا , أذا رغبت في ذلك , وأتسع وقتك , فأنت في أجازة أهذا صحيح؟".
" ألى حد ما , أنا متأكدة من أنني أستطيع الحضور أذا رأيت أن هذا مفيد ......".
وتساءلت جولي وهي تقول ذلك ترى ماذا سيكون رأي سامنتا في هذا الموضوع ؟ سامنتا سوف يسعدها أن جولي وجدت تسلية بعيدة كل البعد عن مانويل كورتيز.
وأبتسمت الراهبة وقالت:
" أنت أنكليزية أليس كذلك؟ نعم , ظننت ذلك , لماذاتستكشفين الشوارع الخلفية في سان فرانسيسكو ؟ توجد أماكن سياحية أخرى جديرة بأجتذاب أهتمامك".
وهزت جولي كتفيها وقالت:
" لا أشعر بالرغبة في مشاهدة الأماكن السياحية في الوقت الحالي , هل أحضر ألى المستشفى غدا؟".
" حسنا , سوف أنتظرك غدايا آنسة ...".
" كيندي , جولي كيندي ".
" حسنا يا آنسة كيندي , أنا أسمي الأخت موران , أسألي عني أذا لم تجديني عند وصولك".
" حسنا".
وودعتها جولي وأنصرفت , وسارت في الشارع وهي تفكر في البحار البولندي ,وسرها أن تشعر من جديد أنها مفيدة .
غير أن الشكوك عاودتها وهي تركب سيارة التاكسي التي أقلتها ألى سانتا مارتا , ماذا لو أن سامنتا أحتاجت أليها للعناية بتوني؟ وماذا لو أعترضت على ترتيب مثل هذه الأمور بدون أستشارتها , أن الراهبة بالطبع لا تعرف عنوان مسكنها , ولن تستطيع الوصول أليها أذا لم تعد ألى المستشفى , ولكنها سوف تعود لأن شيئا مجهولا يرغمها على العودة ألى المستشفى , ولم تكن ترغب في مقاومته .
ولم تغضب سامنتا عندما قصّت جولي عليها ما حدث , غير أنها أعربت عن قلقها بشأن سلامة جولي وصاحت قائلة:
" جولي! ما الذي دفعك للقول بأنك سوف تعودين غدا , يا ألهي , سوف تجري للرجل العملية الجراحية وهو لا يحتاج أليك".
" لا يمكنه التحدث أليهم , يستعمل الأشارات ليعبر عما يريده , أعتقد أنه أمر طبيعي أن أعرض خدماتي".
" هل يعني ذلك أنه لا يوجد من يتحدث باللغة الألمانية سواك في سان فرانسيسكو؟".
" بالطبع لا , ولكن العمل منهك بالمستشفى , فالعنابر مزدحمة بالمرضى , ووقتهم لا يتسع للبحث عن مترجم , في أية حال ما دمت لا تحتاجين أليّ فسوف أذهب , حتى أستطيع أن أقوم بعمل ما , يتعين عليّ أن أشغل وقتي كما قلت أمس".
وأعترفت سامنتا بهزيمتها وقالت:
" حسنا يا عزيزتي , أذهبي لكن لا تلومينني أذا أستغلت الأخت موران وجودك وطلبت منك تقديم الطعام للمرضى , وأعتقد أنها سوف تتصور من سلوكك أنك في حاجة ملحة للعمل".
وضحكت جولي وقالت:
" علاج بالعمل!".
وأومأت سامنتا برأسها وقالت وهي تشعل سيكارة:
" على فكرة , كيف ستصلين ألى سان فرانسيسكو ؟ أن بن لن يستطيع أن يصطحبك , فهو ذاهب ألى مونتري".
وجف فم جولي وسألتها:
" هل هو ذاهب ألى مانويل؟".
" نعم , تم الأتفاق على ذلك بالأمس , فيبدو أن مانويل وكلود كريستيان كاتب الأغاني , هل تعرفينه ؟ يشتركان في تأليف أوبريت غنائية , فيضع مانويل الموسيقى بينما يكتب كلود كريستيان الأغاني , هل فهمت؟".
" نعم , وماذا عن بن؟".
" دعا مانويل بن لقضاء بعض الوقت معهما , هو يرسم وهما يعملان , أنه ترتيب مثالي!".
" مثالي .....".
وتنهدت سامنتا وقالت:
" والآن كيف تصلين ألى المدينة؟".
" سوف أطلب سيارة أجرة , فأذا غادرت المنزل في الساعة الثامنة أستطيع العودة في الساعة الثامنة عشرة".
" أسترخي , ولا تتسرعي بالعودة من أجل توني , فأنني هنا وسوف أرعاه , تناولي الغداء بسان فرانسيسكو ثم عودي في الوقت الذي يروق لك".
وضمّتها جولي وقبّلتها وقالت:
" سام! أنت لطيفة في معاملتك لي!".
" نعم أنا كذلك ".

وأثناء تناولهم العشاء كان لا بد لبن أن يذكر بشكل عرضي اليوم التالي , ولاحظت جولي أن سامنتا رمقت زوجها بنظرة أستياء فقالت:
" أرجوك لا تعاملني وكأنني قطعة زجاج , فلن أتحطم , لا تتكلّف يا بن , تصرّف بشكل طبيعي , تحدث عن مانويل كورتيز أذا شئت , فمن الواضح أن الأمر مثير بالنسب لك , ولا أتوقع منك أن تختزن الكلام في هذا الموضوع , فلم تكن لتفعل ذلك لو لم أكن أنا هنا , ثم أن الموضوع يهمني , يهمني حقيقة".
وقال بن:
" حسنا , سوف أغادر المنزل في الصباح ولن أعود ألا بعد موعد العشاء , ولن أجد صعوبة في التعرف على المنزل , فسوف أسلك الطريق ألى كرميل , ويبدو أن المنازل فخمة على هذا الطريق , وسأبحث عن بيت مانويل , سايبروس ليك ".
وردّت سامنتا قائلة:
" هائل".
ولم تستطع جولي أن تعرف أذا كانت سامنتا ساخرة أم جادة , وتركتهما جولي بعد العشاء وهما يناقشان أفكار بن بشأن معرضه الجديد الذي قرر أقامته في الخريف ,وسوف يتركز الفكر أساسا على موضوع مصارعة الثيران التي أستلهمها من شكل مانويل الأسمر الأسباني .
ذهبت جولي في وقت مبكر ألى فراشها غير أنها لم تنم , فقد أنطبعت في ذهنها صورة مانويل ولم ترغب في محوها.
وفي اليوم التالي أرتدت سروالا كحليا وقميصا أبيض , لزيارتها المزمعة للمستشفى ,ووضعت على كتفيها سترة قاتمة اللون ,وأنتظرت وصول سيارة الأجرة.
وبدا المستشفى في ضوء الصباح كئيبا مهيبا , بينما غطى الميناء ضباب أثلج الجو , وأتجهت جولي ألى داخل المستشفى حتى لا تغير رأيها وتنصرف , غير أنها وجدت المدخل مهجورا تماما ونظرت حولها وهي تتساءل أين تذهب , وشاهدت رجلا يمشي في أتجاهها , كان يرتدي معطفا أبيض مما يشير ألى أنه طبيب , غير أن وجهه بدا مألوفا في ضوء المدخل المظلم , وخفق قلبها أعتقدت لبرهة أنها قد فقدت صوابها , فالرجل الذي وقف أمامها يشبه مانويل كورتيز تماما , ولولا أنه كان أقل نحافة وأقصر قامة من المغنى لأعتقدت أنه هو نفسه.
وتمالكت جولي نفسها , فذلك الرجل ليس مانويل وهي تتصرف ببلاهة , وسألها الرجل بأدب وبصوت جاد :
" هل من شيء تريدينه؟".
" أنا......نعم , أنا جولي كيندي , كنت هنا بالأمس , جئت لأزور البحار البولندي الذي لم يجد من يفهم لغته".
وأبتسم الرجل وقال:
" نعم , فولينسكي , حالة المصران , أجريت العملية الجراحية له , وحالته تحسنت كثيرا".
وأبتسمت جولي وقد تمالكت نفسها تماما وقالت:
" حسنا..... أين هو؟ هل أستطيع أن أراه؟".
" بالطبع".
وعاد بها ألى الممر وهو يتفحصها بفضول , ولعله كان يتساءل عن سبب شحوب وجهها , وسبب اضطرابها الشديد عند أقترابه منها.
وقال ببساطة:
" أسمي كورتيز , فيليب كورتيز , وأنا الطبيب المقيم بهذه المستشفى".
وحملقت جولي في وجهه , وتساءلت : ترى هل هو الذي قدم بن ألى مانويل؟ أن هذا شقيق مانويل فهو يشبهه ألى حد كبير وخفق قلبها وتساءلت , هل هذا هو الذي جذبها ألى المستشفى؟ هل كان هذا هو سبب شعورها بضرورة العودة ألى المستشفى . هل أحس عقلها الباطن بوجود هذا الرجل وبقرابته لمانوي؟
ورأت عند باب العنبر الأخت موران وقالت :
" وهكذا عدت ألينا يا آنسة كيندي , أنني في غاية السعادة لقدومك , خشيت أن تفقدي الرغبة في العودة ألى المستشفى بعد مغادرته".
وهزت جولي رأسها وقالت ببساطة:
" كنت أريد العودة".
ثم جلست ألى جوار سرير البحار البولندي المريض.
وبدا أيغور فولينسكي أحسن حالا في هذا الصباح , حلق لحيته , ومشط شعره , وبدا مختلفا عن الرجل المضطرب الذي شاهدته سابقا.
وتحدثت أليه بعض الوقت وهي تراقب فيليب كورتيز الذي أنتقل بين المرضى وهو يعاملهم برفق , وكان واضحا أن المرضى يرتاحون أليه , فهو جذاب مثل مانويل , ويسعى ألى كسب ثقة المرضى مستخدما جاذبيته لتحقيق هذا الهدف , فغالبا ما يشعر المرضى بالوحدة بعيدا عن زملائهم من البحارة .
وعند مغادرتها العنبر ألتقت صدفة بالأخت موران التي دعتها ألى تناول القهوة في مكتبها حيث قدمتها ألى الأختين دوتاهو وجيسون , ثم أنضم أليهن فيليب بعد فترة.
وساد الغرفة جو وردي , وجلست جولي تحتسي القهوة في المكتب الضيق وتستمع ألى الراهبات اللواتي تحدثن عن المرضى , وأخذن يشرحن المهام المزعجة التي يقمن بها , وحالات السرطان المتأخرة التي لا علاج لها , والتي عادة ما تستكشف صدفة , كما تناولت الراهبات أيضا موضوع العمل المضني في العنابر , وخدمة رجال لا يقدّرون ما يقدّم لهم , بل يحاولون مخالفة القوانين في كل فرصة.

وبعد أنتهاء فترة أستراحة القهوة تركت الراهبات المكتب في الساعة التاسعة , وأحست جولي بالفراغ في حياتها , وقالت بدون تفكير :
" هل أستطيع أن أعمل أي شيء؟ أعني , أنني أستطيع المساعدة طالما أنني هنا....".
وهزت الأخت موران رأسها في دهشة :
" هل أنت جادة فيما تقولينه يا أبنتي ؟".
" بالطبع أريد أن أساعد , أذا أستطعت".
ولم تعترض الأخت موران , بل أعطت جولي رداء وممسحة وجردلا ,وطلبت منها مسح العنابر .
وأخذت جولي تعمل بهمة ونشاط فهي تؤدي عملا مفيدا , وتجاهلت الملاحظات البذيئة من المرضى , ووجدت في أحد العنابر الجانبية فتاة في الثانية عشرة من عمرها ترقد وهي تقرأ امجلات وتأكل الشوكولاتة , أبتسمت الفتاة لجولي وقدّمت أليها الشوكولاتة , حاولت جولي أخفاء فضولها معتبرة أنه ليس من شأنها التدخل فيما لا يعنيها , وقبلت الشوكولاتة من الفتاة وشكرتها وهي تبتسم.
وبعد أن أنتهت من مسح العنابر , قامت بفرش الملاءات , كما وضعت ميزان الحرارة في أفواه المرضى أنتظارا لقدوم الراهبات لتسجيل درجة الحرارة.
بأستثناء الراهبات الثلاثة والدكتور كورتيز , لم يكن يعمل بالمستشفى سوى مستخدمين يقومان بعمل مماثل لعملها , وطباخ يعد الوجبات , وحيث أن المستشفى تضم ثلاثة عنابر رئيسية وعنبرا جانبيا وأمتلأت جميعها بالمرضى , فقد كان هناك نقص واضح في العاملين.
وشعرت جولي بالأرهاق عند حلول وقت الغداء , وقامت بتقديمه ألى المرضى , وكان يتكون من الحساء والكفتة والحلوى والشاي ولاحظت الأخت موران شحوب وجهها وقالت بحزم:
" حان وقت مغادرتك المكان يا آنسة كيندي , قمت بمجهود كبير غير أنه لا داعي لأرهاق نفسك , شكرا جزيلا ووداعا".
خلعت جولي الرداء وقالت للأخت موران:
" هل يزعجك أن أحضر غدا ؟ لقد وجدت متعة في العمل معكم".
وضحكت الأخت موران وقالت:
" يا عزيزتي , أحضري كلما رغبت في ذلك , فنحن لا نرفض أية مساعدة, أليس كذلك يا دكتور فيليب؟".
وحملق فيليب في جولي وقال بصوت رقيق:
" هل ستحضرين ثانية؟".
" أذا سمحتم".
وهز رأسه وقال:
" ولكن لماذا؟".
وربّتت الأخت موران على كتف جولي وقالت:
" لا توجه أسئلة يا دكتور فيليب , فالفتاة ترغب في الحضور , فلتحضر أذا كانت خير معين لي اليوم".
ورمق فيليب جولي بعينيه وهو يفكّر , وخلع معطفه الأبيض وقال:
" حسنا , هيا بنا سوف أصطحبك ألى فندقك".
وأحمر وجه جولي وقالت:
" لا ضرورة لذلك , فأنا لا أقيم هنا...... أعني أقيم في سانتا مارتا".
وقال فيليب بحزم:
"حسنا فسوف أجد متعة في جولة بالسيارة".

وتنهدت جولي , فلم تكن تريد أن يعرف فيليب عنوان أقامتها , لأنه أذا عرف أنها تقيم مع أسرة بارلو , فأن مانويل سوف يعلم بوجودها في نهاية الأمر .
وأبتسمت الأخت موران وقالت:
" مهلا يا فيليب ,فالفتاة غير معتادة على أسلوبك اللاتيني".
وزرّر فيليب سترته الرمادية الأنيقة فبدا بدون المعطف الأبيض أكثر شبا لمانويل ببشرته السمراء وعينيه السوداوين وأسنانه السوية البيضاء وقال وهو يضحك :
" هّيا بنا".
وهزّت جولي كتفيها وقالت:
" حسنا".
وتقدّمته ألى خارج المبنى وفي موقف السيارات وجد فيليب السيارة الكاديلاك البيضاء, أسترخت جولي على المقعد المكسو بالجلد ولم تعد تحس بالآلآم في جسمها , وأسعدها أن تستلقي على المقعد وأن تترك شخصا آخر يتحمل المسؤولية.
وقال فيليب:
" هل تناولت الغداء؟".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" كلا! هل تناولت الغداء أنت؟".
" كلا , هل نتناوله معا؟".
وأبتسمت وقالت :
" هل من اللائق أن أفعل ذلك ؟ فلم أعرفك ألا منذ فترة وجيزة".
وقال وقد انعطف بالسيارة بعيدا عن الشارع الرئيسي:
" يمكنك أن تطمئني أليّ".
وتناولا الغداء في مطعم يشرف من أرتفاع كبير على الميناء , وبعد لحظات قال فيليب لجولي:
" والآن حدثيني عن نفسك , ما الذي جاء بك ألى الولايات المتحدة والساحل الغربي بالذات؟".
أظطربت جولي ولم تعرف كيف ترد , فقالت:
" بالواقع أنا أعمل مربية لطفل , غير أن أمه تجد متعة في العناية به لذلك لا أقوم بعمل فعلي في الوقت الحاضر".
وعقد فيليب حاجبيه وقال :
" رجل أنكليزي وزوجته ؟".
" نعم".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" كثيرة الأسرة الأنكليزية التي تقيم في سانتا مارتا".
وتنهدت جولي وقد أحسّت بالراحة , فقد حالفها الحظ في هذه المرة , ترى هل هذا كل ما سوف يسأل عنه؟ ولكن فيليب سألها عن بن أو بالأصح عن مخدومها ووظيفته.
وقرّرت أن تكذب عليه فقالت أنه كاتب , وبدا أن فيليب أقتنع بما تقوله بعد أن أجابت بسؤاله عن نوع ما يكتبه بقولها أنه يؤلف كتبا عن الأسفار فأكتفى بذلك وأخذ يتحدث عن المستشفى.
وسألته جولي عن الفتاة التي رأتها في العنبر الجانبي فقالت:
" من هي؟ أعني أنه شيء غريب أن أرى فتاة صغيرة في مستشفى للرجال ".
" أسمها تيريزا , وهي من أصل أيطالي , ومن سوء الحظ أن أبويها لا يهتمان بها , فهي تعاني من العرج نتيجة لتشوه في مفصل الفخذ يمكن تحسينه بالجراحة , أن والديها لا يملكان الموارد المالية لدفع تكاليف مثل هذه العملية حتى أذا أرادا ذلك وهو شيء غير مؤكد وقد شاهد رجل أعرفه تيريزا ونظرا لأنها تذكّره بالفقر المدقع الذي كان قاسى منه في يوم ما , فقد وافق على تحمل نفقات العملية الجراحية".
" هائل! والآن ماذا يحدث؟".
" أنها في أنتظار أجراء العملية لها , وقد أجرينا التحاليل والأشعة فالأمر يقتضي تنمية العظام في الفخذ الأيسر , ونحن نأمل أن تتحسن طريقة مشها تحسنا ملحوظا نتيجة للعملية , فأذا حالفها الحظ فلن يكون عرجها ملحوظا".
وقالت جولي وهي تكرر ما قالته من قبل:
" هائل!".
وأبتسم فيليب برقة وقال :
" حسنا , أستمتعت بغدائنا ؟".
وأومأت برأسها بحماس وبدا السرور على وجهه وقال :
" يجب أن نكرر ذلك قريبا ".
" أتمنى هذا".
ونسيت لثانية من هو غير أنها سرعان ما تذكّرت فقالت :
" يجب أن أذهب الآن ".
" نعم سوف أصطحبك ألى منزلك".
" كلا , أعني .... أفضّل ألا تفعل ذلك , شكرا....... فسوف أشتري بعض ما أحتاج أليه , ويمكنني أن أجد سيارة أجرة بسهولة , شكرا لك".
وتردّد فيليب قليلا , ولكنه وافق في نهاية الأمر على تركها , وأحست جولي بالراحة.

وهال سامنتا ما سمعته من جولي عن الأحداث التي مرت بها , وقالت غاضبة:
" ماذا تقولين ؟فيا لها من حماقة دفعتك للعودة ألى المستشفى ؟ يا ألهي يا جولي , هل فقدت رشدك حتى توافقين على القيام بمثل هذا العمل !".
وضحكت جولي قليلا وقالت:
" سام! صدقيني عندما أقول أنني كنت أود المساعدة , أشعر بسعادة امرة عندما أقوم بعمل مفيد".
" يمكنك أن تقومي بعمل مفيد هنا".
" أعرف ولكنك لست في حاجة أليّ يا سامنتا , بينما هم يحتاجوم أليّ"
" حسنا , فقد أنتهت العملية الآن على الأقل".
وأرتبكت جولي وقالت بسرعة :
" قلت لهم أنني سأعود أعني في أي وقت فراغ , لأن هذا ينسيني ... الأشياء التي....... على فكرة , الطبيب أسمه فيليب كورتيز".
وحملقت سامنتا في وجهها وقالت:
" شقيق مانويل؟".
" لا أعرف , غير أنه يشبهه تماما , فأذا لم يكن قريبا له يحمل نفس الأسم , فهو شقيقه بالفعل".
وقالت سامنتا بشيء من السخرية :
" أن هذا هو السبب الحقيقي أذا , هل يشبه فيليب مانويل تماما؟".
" أن سلوكهما مختلف ولكن يوجد تشابه بينهما أيضا , أما في الشكل فهو أقصر قامة وأقل نحافة لكنه يشبهه بحيث يبدو من بعيد وكأنه مانويل نفسه ".
" جولي!".
وقالت جولي بأنفعال :
" كلا , أن الأمر لا صلة له بفيليب , فأنا أحب عملي , وأنا صادقة في قولي في كل حال أن عملي هنا كما تقولين , وقد لا أعود ألى المستشفى أبدا".
وقالت سامنتا معارضة:
" بل ستعودين ألى المستشفى يا عزيزتي , فنحن نريد سعادتك فقط , أنت تعلمين ذلك؟ ولكن أليس من الحماقة أن تعملي مع رجل تعترفين أنت نفسك بأنه يشبه مانويل ألى حد كبير؟".
" ربما ولكنه لا يعرف من أنا , ولن أذكر مانويل أبدا , أذا ما الضرر من ذهابي ألى المستشفى؟".
وهزت سامنتا كتفيها وقالت:
"أفعلي ما يروق لك يا حبيبتي , هيا بنا نعد الطعام , فبن يعود بعد قليل ألى المنزل , على فكرة من الأفضل ألا تذكري أسم فيليب لبن , فأنت تعرفين مدى أنفعاله وقد يبوح بالسر أذا علم لأنه لا يستطيع أن يكتم سرا , وأرجو ألا يربط بين المستشفى الذي تذهبين أليه وفيليب حيث أنه يعرفه الآن".
وعندما عاد بن كان منفعلا بعد قضاء كل اليوم في سايبروس ليك , ولم يهتم بالأستماع ألى الأحداث التي مرت بها جولي , وأخذ يصف المنزل لهم والبركة التي سمي المنزل بأسمها , فقال:
" المكان رائع , بيت من الطراز الأسباني , غرففه ضخمة وبه كل وسائل الراحة ,والأساس ليس من الطراز الحديث , وكثير منه من خشب الورد , وهو رائع , ومن الواضح أنه ثمين , توجد مقاعد كبيرة تتسع لثلاثة أشخاص ولوحات زيتية للرسامين غويا ورينوار , وهي بالطبع الرسومات الأصلية و فمانويل لا يمتلك سوى الأصل , والديكور رائع , ومانويل....... لقد طلب أليّ أن أناديه بأسمه , أنه جذاب جدا , وهو يعرف الكثير عن فن الرسم , ويبدو أنه رجل محترم , وهو بكل تأكيد يحسن أختيار القطع الفنية".
وقال وهو يصف بيلار :
" يا لها من فتاة جميلة!".
وأضاف بشيء من السخرية :
" سامنتا! ليتك كنت سمراء لعوبا!".
ورمته سامنتا بوساة وقالت :
" لماذا ! هل هي فتاة لعوب؟".
" يا ألهي , لا , فهي صغيرة جدا , ألى جانب أأن عدد أصدقائها من الذكور يفوق عدد صديقاتها , ولكنها ترتدي هذه الثياب القصيرة التي تناسبها , وهي جميلة بحيث لا بد وأن تسحر من يراها".
وضحك ثم قال:
"لقد ذهبت للسباحة بينما كنا في الشرفة نحتسي المشروبات بعد الغداء وكانت ترتدي زي بحر من قطعتين , غير أن مانويل تجاهلها , لعله يشعر أنها تحتاج ألى بعض الحرية أذ يقال أنها قاست الأمرين وهي تعيش مع أمها".
وقالت جولي وهي تتحدث للمرة الأولى:
" هل قال لك ذلك مانويل ؟".
" كلا..... في الواقع أن دولوريس أريفيرا هي التي قالته , ويبدو أنها تعمل مع مانويل وهي تقضي بضعة أيام عنده ".
وقالت جولي وقد هالها ما سمعته:
" أوه!".
وأستأنف بن حديثه بسرعة بشيء من الأرتباك:
" أن دولوريس أريفيرا تبدو جذابة .........جدا .......لست سوى رجل....... غير أنه يبدو لي أن علاقتهما ليست علاقة عاشقين".
وأرتعدت جولي وقالت وهي تكاد تختنق:
" الأمر لا يعنيني يا بن........".
وتساءلت لماذا, برغم أنها تدرك أنه ليس بالرجل الجدير بالحب والثقة فيما يتعلق بعلاقاته بالنساء , لماذا يرفض قلبها أن يعترف بهذا الواقع ببساطة؟

برنس وصاب 09-23-15 05:14 PM

9- طقس الحب الغائم
صادقت جولي الفتاة الأيطالية الصغيرة في المستشفى , لم تكن تريزا تحسن اللغة الأنكليزية , ألا أن جولي أستطاعت التفاهم معها , وأعتادت تناول طعام الغداء مع تريزا , وقد أكتسبت ثقة الفتاة فحدّثتها عن بيتها وأشقائها وشقيقاتها الذين يصغرونها سنا , وأحضرت جولي لها الصحف والفاكهة كما حرصت على زيارتها دائما فلولاها لما كانت لتريزا أية صلة بالعالم الخارجي.
وأصبحت جولي معروفة في العنبر الذي تحدثت فيه ألى فولنسكي , عندما حضرت ألى المستشفى لأول مرة و وعرفت أسماء بعض المرضى , كما عرفت أصاباتهم , وكانت تغض النظر عندما تراهم يلعبون الوراء من وراء ظهر الراهبات , وتقبل شكواهم وتخدمهم بروح طيبة.
وفي أحد الأيام وصلت جولي ألى المستشفى في وقت متأخر , لأنها تأخرت في النوم وأحست بصداع , بالأضافة ألى أن الأمور كانت تسير على نحو سيء في هذا اليوم , فقد أنقلب السطل في الممر , وأغلق باب الصيدلية على أصابعها , وبحلول وقت الغداء أحست بالأعياء , ورغبت في العودة ألى المنزل لتأوي ألى فراشها وتستريح.
وذهبت ألى المطبخ كما تفعل عادة بعد تقديم الغداء للعنبر لتأخذ الصينية لها ولتريزا وبدا شعرها مبللا بالعرق , فأزاحته خلف أذنيها , ووضعت يدها على جبينها .قال الطاهي وهو ينظر أليها بقلق :
" عودي ألى منزلك بعد تناول الغداء , فأنت مرهقة , ولو مرضت فلن تستطيعي تقديم المساعدة لأي أحد".
وأبتسمت جولي أبتسامة صغيرة وقالت:
" أنا بخير , ولكي سوف أعود بعد قليل ألى المنزل , أشعر بصداع فظيع".
تابع الطاهي بصوت رقيق:
" أذهبي ولا تعودي غدا أذا لم تشعري بتحسن , فليس هناك ما يضطر فتاة جميلة مثلك ألى أرهاق نفسها من أجل هؤلاء الوحوش الذين لا يحسون بأي أمتنان ".
وحملت جولي الصينية التي وضع عليها الطاهي طبقين من حساء اللحم وطبقين من فطيرة التفاح , وبدا الممر طويلا , وأحست بثقل قدميها , وتنفست الصعداء , عند وصولها ألى غرفة تريزا , ودفعت الباب بقدمها ودخلت الغرفة بخطى بطيئة .
ورأت رجلا واقفا ألى جوار سرير تريزا وقد مال نحوها وهو يتحدث أليها , وسمعت جولي تريزا تضحك كما لم تسمعها من قبل.
قالت جولي:
" فيليب.....".
وتمنت لو أتسع وقتها لتمشيط شعرها قبل الدخول , ثم سقطت الصينية من يديها فتبللت قدماها برذاذ الحشاء وقالت وهي لا تكاد تصدق ما تراه .
" مانويل !".
" جولي!".
وحدّق مانويل في وجهها لحظة , ثم جلس القرفصاء بجوارها وهو يمسح السائل من على قدميها اللتيت كانتا ضعيفتين بحيث لا تشعر بالألم .
وقال مانويل ساخطا :
" لماذا يسخرك فيليب لهذا العمل القاسي؟".
وركل الصينية بقدمه , وأمسك بكتفيها وأخذ يهزها بعنف وقال :
" هل أنت بخير ؟ هل أحترقت ؟".
تخلصت من قبضته ومالت ألى الأرض , وأخذت تجمع الأطباق الكسورة بأصابع ترتجف , غير أن مانويل أرغمها على الوقوف وقال بغضب وبلهجة آمرة:
" أتركيه!".
ثم هز رأسه وقال :
" لم أصدق عندما أخبرني فيليب أن فتاة تدعى جولي كيندي تعمل في المستشفى , لم أصدق أنها أنت".
" حسنا .......حسنا , أرجو ألا يساورك وهم كاذب بأنني أتعقبك".
وأحنى مانويل كتفيه وقال:
" لم أقل ذلك أطلاقا.....".
" ولكن كلامك عنى ذلك".
وأدار وجهه وأدرك أن تريزا تنظر أليهما بأهتمام وقال:
" لم أقل شيئا يفهم من هذا , يا ألهي لماذا جئت ألى هنا؟ لا أقصد الساحل الغربي بل هنا في مستشفى فيليب , أنك لا تتقاضين أجرا أليس كذلك؟".
" كلا , ولكنني أجد لذة في عملي".
" غير معقول! في كل حال ,فلنذهب ألى أخير حتى يعطيك شيئا لأنك تبدين منهكة القوى".
وألتفت ألى تيريزا وقال وقد تغير صوته تغييرا ملحوظا :
" سوف أزورك مرة أخرى أيتها الصغيرة".
وقالت جولي وهي لا تدري كيف تصرف:
" وهذه الأشياء التي سقطت على الأرض؟".
" سوف ينظف البلاط شخص أخر , أما أنت فلن تفعلي ذلك".
كانت جولي متعبة فلم ناقشه , بل سارت خلفه بخطى بطيئة , بينما سار هو بخطوات واسعة في الممر , وأتجه ألى مكتب الأخت موران وبدا واضحا أنه يعرف المكان , وتساءلت ترى هل يزور تيريزا كثيرا ؟ وهل هو الرجل الذي أشار أليه فيليب؟ كلا ! هذا لا يتفق وفكرتها عن مانويل كورتيز , فسلوكه معها في العنبر عندما أرغمها على الوقوف هو ما ألفته منه وعلامة العنف التي تختفي وتظهر هي من سماته.

ونظر مانويل ألى الخلف عند أقترابهما من المكتب وقال:
" هيا يا جولي , أرجو أن يكون عند فيليب ما يساعدك على أستعادة نشاطك , فأنك في حاجة أليه , تبدين منهكة".
وكادت جولي تقول له أن وجهها شحب من هول مفاجأة رؤيته , فقد أثار كل أحاسيسها القديمة , كما أنها لم تنسى أن دولوريس أريفيرا تقيم معه , ومن المحتمل أن يكون قد أصطحبها ألى المستشفى , وتمنت ألا يكون الأمر كذلك .
ودهش فيليب عندما رأى أخاه , كما أدهشه أكثر أن يسمعه ينادي جولي بأسمها , ولم تحاول جولي توضيح الأمر له , لشعورها بأعياء شديد , وتفهمت الأخت موران الموقف تماما عندما قص عليها مانويل ما حدث , فخرجت على الفور لتشرف على تنظيف الأرض , وتقديم وجبة غداء أخرى لتريزا , وتركت جولي في صحبة الرجلين.
وقدّم فيليب كأسا كبيرة من العصير شربت جولي جزءا منها ثم دخنت سيكارة قدمها أليها مانويل , وبدأت تحس أنها في حالة طبيعية.
نظر فيليب ألى أخيه وهو يفكر ثم قال :
" أرى أنك تعرف جولي , لم تقل لي هذا عندما ذكرت أسمها بالأمس".
ردّ مانويل وهو يذرع الغرفة جيئة وذهابا :
" لم أكن أعرف أنها جولي التي أعرفها , هل يهم هذا؟".
وهز فيليب كتفيه وقال:
" هذا يتوقف على جولي , هل كنت تعرفين أن مانويل شقيقي عندما بدأت العمل هنا؟".
قالت جولي الصدق بشيء من الضيق:
" كلا! لم أكن أعرف حتى بوجودك أنت أليس كذلك؟".
وأبتسم فيليب وقال :
" بالطبع لا".
وواصلت كلامها بحزم :
" ثم أنني لا أكاد أعرف مانويل , فلم نتقابل سوى مرتين في لندن , وأستطيع القول أن معرفتي بك أكبر من معرفتي بأخيك".
أومأ فيليب برأسه وقال:
" فهمت".
غير أن مانويل توقف عن السير فجأة وحملق فيها وقال:
" هل أنتهيت من هذا؟".
وأشار برأسه ألى الكأس التي أمسكت بها بيديها :
" شربت كل ما أريد أن أشربه , لماذا؟".
نظر مانويل ألى ساعة يده وقال:
" الساعة الثانية عشرة والنصف هيا فسوف تغادرين المكان معي".
ردّت جولي بشيء من التردد:
" لا أعتقد ذلك!".
" بل أنني على يقين من ذلك".
نظر مانويل ألى فيليب وكأنه يتحداه وقال:
" أن هذا لا يزعجك يا فيليب أليس كذلك؟ أعتقد أنها متعبة".
ونظر ألى ساعة يده من جديد وقال:
"سوف أوصلها ألى منزلها".
وبدا التردد على فيليب , ونظرت أليه جولي بتوسل وقالت:
" فيليب! أنا بخير لا تطلب مني أن أنصرف!".
وقال فيليب وهو يفكر فيما يقوله:
" فيما يتعلق باليوم , أعتقد أنه من الأفضل أن تنصرفي , فأنك مرهقة , ويبدو أنك قد أنفعلت كثيرا نتيجة لسقوط الصينية من يديك".
أرادت جولي أن تقول له أن سقوط الصينية من يديها لا صلة له بهذا الأضطراب العاطفي , بل أنها لا تكاد تحس بالأحتراق من السائل الساخن ولكنها فضّلت الصمت.
وألتوى فم مانويل بشراسة وقال:
" هيا بنا لنذهب".
ونظر أليها برهة قبل أن يدير المحرك , فأحست أن ثيابها غير مناسبة , فقد أرتدت بنطلونا أزرق وقميصا أبيض بدون أكمام وسترة وضعتها على كتفيها , أما شعرها الذي أزاحته ألى الخلف فقد تساقطت خصلات منه على وجهها.
قاد السيارة على طريق مرتفع ألى خارج المدينة ثم ألى الجنوب في أتجاه منزل بن وسار في منطقة لم ترها جولي من قبل , ونظرا لأضطرابها لم تستمتع بالمناظر الخلابة , كما أنها لم تستمع ألى خرير الماء وهو يسقط من الشلالات أسفل الطريق.
وأوقف مانويل السيارة أمام مطعم وألتفت ألى جولي وقال :
"سوف نتناول الغداء هنا , هل أنت جائعة؟".
ردّت جولي بصوت جاف بدون أن تلتفت ألى مانويل.
" لا أتذكر أنك سألتني أذا كنت أرغب في تناول الغداء معك؟".
وقال مانويل بغضب:
" لا تثيريني , أخرجي من السيارة.........".

وعلى الغداء قدم أليها مانويل سيكارة وقال :
" تناولنا الغداء معا ولم يكن ذلك فظيعا , أليس كذلك؟".
أبتسمت جولي وأجابت:
" أرجو ألا يتعرف عليك أحد فأن شكلي فظيع , وأشعر أنني أكلت حصانا ".
" يروق لي رؤية الناس يستمتعوم بالأكل , أن هذا أمر هام".
وأخذ نفسا من سيكارته وتابع:
" حسنا , ما رأيك في هذه البلاد؟".
" أنها رائعة , أشعر أنني في بلدي , الناس ودودون جدا".
وقال مانويل بجمود:
" لا سيما فيليب!".
وهزّت جولي كتفيها وقالت وهي تدافع عن نفسها:
" فيليب يعجبني , وأعتقد أنني أنا أيضا أعجبه".
وقال مانويل ببرود:
" أنا واثق من ذلك ! هل ترغبين في مزيد من القهوة , هيا بنا أذا؟".
ودخلت ألى السيارة التي بدت مقاعدها مريحة وكأنها سرير من الريش وأسترخت وهي ناعسة ,وأحست بالراحة ولم تهتم بالمكان الذي يذهبان أليه , وتوقعت أن يسألها مانويل عن عنوان مسكنها , غير أنه لم يفعل , بل أدار السيارة وأتجه بها ألى الساحل من جديد.
أخذها ألى شاطىء هادىء لم يكن به سوى رجل وأمرأته مع عدد من الأطفال يلعبون على حافة البحر , وكان الجو في ظهر هذا اليوم بديعا , فأخرج بعض المناشف من حقيبة السيارة قبل أن يقول :
" هل ترغبين في قضاء بعض الوقت على الشاطىء؟".
ونظرت أليه جولي وقالت:
" هل ترغب أنت في ذلك؟".
أومأ مانويل برأسه وقال :
" نعم , المكان هاديء هيا".
وأفترشا المناشف على الرمال , وخلع مانويل سترته ثم قميصه بدون حرج فكشف عن بشرته السمراء وأخرج نظارات شمس من جيب سترته ورقد بكسل على الأرض وقال وقد أحس بتوتر أعصابها :
" أسترخي".

وترددت جولي لحظة , غير أنها رقدت ألى جواره , ولفحت أشعة الشمس ذراعيها العاريتين ,فأحست بأن أعصابها أسترخت قليلا , ولم تفهم مانويل , لماذا يهتم بها اليوم ؟ لماذا هذه المعاملة الرقيقة منذ أن غادرا المستشفى؟ ما هدفه من ذلك؟ وأهم من ذلك كله ما هو وضع دولوريس أريفيرا ؟ هل تركها ليقضي بعض الوقت مع جولي لمجرد التغيير ؟ وبدت هذه الأفكار مقيتة , وأحست بعضلات معدتها تنقبض بينما أستدار مانويل وأخذ يتفرسها , وبدا المرح في عينيه وقال بصوت خافت:
" جولي , لم هذا الذعر ؟ أنك تتصرفين وكأنك تمسكين بذيل النمر ولا تستطيعين تركه!".
وفتحت جولي شفتيها في أبتسامة لا أرادية , وقالت له:
" كيف حال أبنتك ؟".
وعقد مانويل حاجبيه وقال:
" بيلار بخير , أشكرك".
وحرّكت جولي كتفيها وقالت:
" حدثني عن أسرتك , عن أشقائك وشقيقاتك ,ماذا يعملون؟".
" يوجد طبيبان في أسرتي , ومحام وخبيران فنيان وأثنان يعملان في صناعة البناء , هؤلاء هم أشقائي , أما شقيقاتي فتزوجن بما في ذلك أصغرهن تينا التي لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها".
وفجأة مد يده وأخذ يجذب مشابك الشعر من شعرها , فتساقط حول وجهها , وقال بصوت خافت:
" هذا أفضل! لا يعجبني مرفوعا ألى أعلى رأسك , شعرك جميل يا جولي , ناعم كالحرير ".
وأمسك بخصلة من شعرها ولفها حول أصابعه , وألتقت عيناهما فأحسّت جولي بعاصفة تهب فجأة في كيانها ألا أنها تماسكت قائلة:
" هل ستعود بي ألى البيت؟".
جلس مانويل واضعا ذراعيه حول ركبتيه وأخذ يفكر متطلعا ألى الواسع الممتد أمامه وقال :
" مثل كورتيز الشجاع عندما نظر ألى المحيط الهادىء بعينين مثل عيني النسر , بينما حملقت كل نسائه بعضهن في بعض وهن سابحات في الخيال".
ونظر أليها بسخرية وأحست بوجنتيها تحترقان وقالت بصوت جاف:
" أعتقد أن ما ورد في النص هو كل رجاله ".
وأسودّت عينا كورتيز وقال :
" أتصور أن صيغتي تناسب أكثر".
وقالت جولي محاولة أن تتمالك نفسها :
" لم ترد على سؤالي , أريد العودة ألى البيت".
فتمتم بصوت غاضب:
" أنك متعبة ........ هل تعرفين ذلك ؟".
فألتفتت أليه وقلت :
" أنا آسفة".
ونهض مانويل واقفا ونظر أليها وهو يضع القميص على كتفيه النحيلتين وقال :
" عرفت نساء كثيرات وكلهن متشابهات في الجشع والأنانية ولا بد أنك مثلهن ".
وقفت جولي أيضا وكانت غاضبة , وقبل أن يستطيع منعها صفعته على وجهه وقالت:
" لو أمكنني العودة وحدي ألى المنزل لفعلت".
ولاحظت البقع الحمراء التي ظهرت على وجهه من أثر الصفعة.
وقال مانويل بصوت بارد :
" صدقيني , ليس لدي أدنى رغبة في أن أصطحبك ألى المنزل".
" لا تفعل أذا".
وبدون أن تنظر ألى الخلف , صعدت جولي المنحدر حيث وقفت السيارة الكاديلاك , وبعزم طائش دخلت السيارة وضغطت على الزر فأدارت المحرك .
وبينما هي تفعل ذلك , رأت مانويل يقفز ألى أعلى المنحدر , غير أنه لم يتمكن من اللحاق بها , ترى لماذا تغضبه على هذا النحو كلما تقابله؟ ولماذا يتصور دائما أنه يستطيع أن يعاملها وكأنها فتاة رخيصة ؟
وأتخذت قرارا آخر , وأتجهت مباشرة ألى سان فرانسيسكو , , ثم ألى المستشفى حيث أوقفت السيارة الكاديلاك بموقف السيارات , ثم أنصرفت بسرعة قبل أن يتعرف عليها أحد , وركبت تاكسي ألى منزل بن وتنفّست الصعداء وهي تدفع الأجرة.


برنس وصاب 09-23-15 05:15 PM

10- ترويض النمرة
أقسمت جولي ألا تعود ألى المستشفى بعد لقائها بمانويل , وبعد يومين أصطحب بن سامنتا والطفل ألى منزل أحد الزملاء ليمضوا اليوم عنده ,فوجدت أمامها يوما كاملا من الفراغ تستطيع أن تفعل فيه ما يروق لها.
ذهبت ألى المستشفى وكانت مستعدة أن تقص على فيليب كل ما حدث أذا لزم الأمر , ولكنه كان في غرفة العمليات , عند وصولها ألى المستشفى , وأستطاعت العمل بهدوء طوال الصباح , ومع ذلك تساءلت عما أذا كان مانويل أخبر فيليب بما حدث بينهما , وما أذا كان أوضح له علاقته بها ؟
وشاهدت فيليب بينما كانت تتناول الغداء مع الأخت موران في مكتبها , كان يبدو مرهقا وكأنه قد أجهد نفسه كثيرا في العمل , وأحست جولي بالقلق عليه وقالت وهي تنهض واقفة:
" أجلس , يتعين عليّ أن أعود ألى عملي".
وألتقت عينا فيليب بعينيها فقال:
" كلا! لا تذهبي".
وأنتقلت نظرا الأخت موران بينهما وقالت وهي تبتسم :
"حسنا أنني ذاهبة في الحال , هل أحضر لك الغداء يا دكتور؟".
وأبتسم فيليب للراهبة وقال :
" ليس الآن ".
وأومأت الراهبة برأسها وخرجت.
نظر فيليب ألى جولي وتنهّد ثم جلس على المقعد وقال:
" ماذا حدث؟".
وأحمرّ وجه جولي وقالت:
" ماذا تعني ؟".
" هل قضيت وقتا ممتعا مع مانويل؟".
" ألا تعرف ما حدث؟".
" كلا , فمانويل لا يقص عليّ مغامراته , تهمني معرفة سبب وقوف السيارة الكاديلاك في موقف المستشفى , فهي لا تزال في مكانها".
وحاولت جولي أن تخفي قلقها وقالت:
" هل هذا صحيح؟".
" نعم , أرى أنك تريدين أبلاغي بما حدث ولن أرغمك".
وتنهد من جديد وقال :
" كيف تعرّفت على مانويل؟".
وقصّت جولي عليه بعض تفاصيل علاقتها بمانويل , وقال فيليب بصوت فيه شيء من السخرية :
" أفهم الوضع الآن فمانويل بالطبع يجب أن يحيط نفسه بالنساء الجميلات ".
وأعترضت جولي قائلة وهي تشعر بوجنتيها تحترقان :
" العلاقة بيننا ليست ذات أهمية , فلم نتقابل سوى مرتين".
" صحيح ؟ ومع ذلك جن جنونه عندما شاهدك بالمستشفى , لماذا يا ترى ؟ فهو لا يهتم بالنساء بعد ما ........ كان يتعيّن عليّ أن أفهم أنك لست من هؤلاء الفتيات , على كل أنسي الموضوع وولنبدأ بداية جديدة , هل توافقين على ذلك؟".
وتنفست جولي الصعداء وقالت:
" أوافق ".
واصل فيليب كلامه وقال:
"قال لي مانويل أنك تقيمين مع بنديكت بارلو وزوجته , هل هذا صحيح؟".
" كيفأمكنه معرفة ذلك؟".
رد بصوت جاف:
" مانويل يتوصل ألى معرفة كل ما يريد أن يعرفه , أعتقد أنه سأل بن , وبن كما تعلمين لا يمكنه التهرب من الأسئل , في كل حال مانويل ماهر في سحب الناس!".
وضحك وأضاف:
" أقصد بلغة رمزية بالطبع".
" فهمت .....يؤسفني أنني لم أخبرك بذلك من قبل , فلم أرغب في أن يعرف مانويل بوجودي هنا حتى لا يتصورني أتعقبه ".
ويبدو أن فيليب فهم الموقف , فلم يستمر في أستجوابها , وعادت ألى المنزل عصرا لتجد أن سامنتا وبن لم يعودا بعد ألى المنزل".
ويبدو أن فيليب فهم الموقف , فلم يستمر في أستجوابها , وعادت ألى المنزل عصرا لتجد أن سامنتا وبن لم يعودا بعد ألى المنزل.
كان الجو جميلا في هذا المساء , كشفت النوافذ الكبيرة عن الشمس التي تلونت باللونين الأحمر والذهبي , وبدت كأنها قد أنصهرت فأصبحت سائلا على الأفق , بينما أمتلأت السماء بالظلال الوردية والزرقاء.

أخذت جولي حماما ولبست فستانا ضيقا من الكرميلين الذهبي له فتحة عنق كبيرة وكمان يغطيان ثلاثة أرباع ذراعيها , ثم أعدت لنفسها وجبة خفيفة , وبينما جلست في الشرفة لشرب القهوة , سمعت صوت سيارة تقف أمام المنزل , سارت نحو المدخل متوقعة أن ترى بن وسامنتا , ولكنها شاهدت من خلال زجاج الباب أن السيارة من طراز الكاديلاك.
وخفق قلبها هل هي سيارة مانويل ؟ هل هذا سبب سؤاله عن عنوان مسكنها . هل أراد أن يحضر أليها ويتحدث معها ؟ ثم أليس هذا أنسب وقت لذلك؟ لا بد أن بن أخبره أنه سيقضي اليوم مع سامنتا عند أسرة مرديث , فقد أمضى بن اليوم السابق في سايبروس ليك , والمعروف أن بن يبوح بكل ما في صدره.
وفكّرت في أن تنكر وجودها بالمنزل , ألا أنها وجدت أنه من الأفضل أن تقابله حتى تتفادى مواجهته في مكان عام , وعندما فتحت الباب فوجئت بفيليب وليس مانويل الذي حضر أليها , وكان الأعياء يبدو عليه كأنه منهك القوى , وذلك يتناقض وما عرفته عنه ففيليب يجد متعة في علاج مرضاه ولا يكل من العمل.
ودعته ألى الدخول وقالت:
" يا ألهي! ما بك يا فيليب؟".
تبعها فيليب ألى غرفة الجلوس وأرتمى على مقعد منخفض , ثم فك أزرار ياقته ومسح شعره بيده وقال:
" هل كنت تعرفين بأننا سوف نجري العملية لتريزااليوم ؟".
" كلا!".
ثم عقدت حاجبيها وقالت:
"لم أذهب ألى المستشفى في اليومين السابقين , يبدو أن الأمر فاتني , ولكنني رأيت تيريزا هذا الصباح ولم تخبرني بشيء".
" أعرف ......فرغم أنها طفلة شجاعة ألا أن فكرة العملية في حد ذاتها كانت تخيفها ".
" ماذا حدث؟ ما الخطب؟".
" لم تعد تيريزا بالمستشفى , حضر أبوها ألى المستشفى ظهرهذا اليوم وأخرجها".
" أخرجها من المستشفى ؟ لم فعل ذلك؟".
" لا أدري , كنا قد أعددناها لأجراء العملية , ولم تكن في حالة تسمح بنقلها , وفكرت في اللجوء ألى الشرطة , غير أنني خشيت أن يؤثر هذا الفتاة الصغيرة".
" كيف أستطاع أن يغعل ذلك؟".
وهزّ فيليب رأسه وقال وهو يخرج علبة السكائر من جيبه ويشعل سيكارة .
" لديّ بعض الشكوك , فقد كان أسم المحسن منذ البداية موضوع نزاع بيننا , أن والد الفتاة لا يهتم بها , ألا أنه أدرك أنه لو عرف أسم المحسن لأستطاع الحصول على أموال طائلة من الصحف أذا أفضى أليها ببعض التفاصيل .....على الأقل هكذا أعتقد ".
" يا للفظاعة , وهل تعتقد أنه قد توصل ألى معرفة أسم المحسن الآن؟".
" كلا ,لا أعتقد ذلك , ولكن أذا أجريت العملية لن يهتم أحد بتريزا لا سيما أذا كتب لها الشفاء , عندئذ لن يكون هناك مجال لأثارة عطف الجماهير بنشر الصور في الصحف والمجلات".
وقالت جولي وقد أثار ما سمعته أمتعاضها :
" يا له من شيء فظيع ! والرجل .... المحسن ....هو مانويل , أليس كذلك؟".
" نعم , هذا صحيح , ومانويل لا يحب الدعاية وأن أعتقدت غير ذلك".
" أعرف ذلك , والآن ماذا يحدث؟".
" هناك أحتمالات عديدة , قد ينشر والد تيريزا الخبر ويشوه الحقائق على النحو الذي يخدم مآربه ,وهو لا يهتم بأمر أبنته أو بشفائها ويمكنه أن يخلق المشكلات بقوله أنه لم يوافق على أجراء العملية وأنه أنقذ أبنته من أيدينا".
" ولكن هذا شيء مضحك ! من يصدق ذلك؟ ليس هناك ما يؤيد هذا الأفتراء , وفي كل حال , فأنت كنت ستشفي تيريزا من علتها ".
" يا عزيزتي جولي أنت طفلة لطيفة وساذجة , تجهلين تماما الأساليب الملتوية التي يلجأ أليها رجال الصحافة للحصول على خبر مثير ويتعين عليّ أن أفكر في الموضوع , وأذهب ألى والد تيريزا بنفسي لأحاول التوصل ألى أتفاق معه ".
وشعرت جولي أنها لا تستطيع مساعدته , وغضبت ألأن تيريزا وقعت في قبضة من لا يهتم بأمرها ويحرمها من فرصة الشفاء علتها .
وأمعت فيليب النظر فيها ثم سألها فجأة :
"حدثيني عن علاقتك بمانويل يا جولي".
" لقد أخبرتك , فليس هناك ما يضاف ألى ما قلته ".
" ولكنني أعتقد أن هناك الكثير".
وهزت جولي رأسها وقالت بعدم أكتراث :
" لا تحاول أن تحل مشكلاتي , فلك ما يكفيك من المشاكل ".
وأخذ فيليب نفسا من السيكارة وقال :
" حسنا أين بن وزوجته؟".
" ذهبا لزيارة أحد الأساتذة , أعتقد أسمه مريديث".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" ميريديث؟ أنني أعرفه".
وساد الصمت فترة وأضفى الظلام على الغرفة جوا من الهدوء , وفجأة سمعا صوت سيارة في الممر المؤدي ألى المنزل ,وقالت جولي:
" أعتقد أن سامنتا وبن قد حضرا".
" هل يضايقك أن أكون هنا؟".
" بالطبع لا , فأنت تعرف بن وسوف تعجبك سام , فهي لطيفة للغاية".
وأتجهت جولي ألى الباب لتفتحه وأضاءت الأنوار وهي في طريقها , فقضت على الجو الشاعري الذي ساد الغرفة بعض الوقت , وأرتبكت حين رأت الرجل الواقف أمامها , وصاحت وهي لا تكاد تصدق عينيها:
" مانويل!".

ونهض فيليب واقفا , غير أن مانويل أتجه بسرعة ألى غرفة الجلوس فرأى الكؤوس على المائدة الجانبية , وأعقاب السكاير في المنفضة والأنوار التي أضيئت للتو.
أغلقت جولي الباب وتبعته ألى غرفة الجلوس ووضعت يديها خلف ظهرها حتى لا يلحظ مانويل أنها ترتجف , وقالت ببرود:
"لماذا تشرفنا بهذه الزيارة ؟".
وتجاهلها مانويل وقال بصوت حاد لفيليب :
" ماذا تفعل هنا يا فيليب ؟ لا أعتقد أنكما تتحدثان عن العمل في الظلام؟".
ولكن جولي غضبت وصاحت :
" كيف تجرؤ على توجيه هذا السؤال؟ أنني أرحب بوجود فيليب ولا أرحب بوجودك أنت".
وقال مانويل وهو يوجه كلامه ألى أخيه بصوت خافت أمر لا يقبل النقاش:
" أرغب في محادثة جولي على أنفراد".
ثم أضاف بصوت ساخر :
" هل يضايقك ذلك؟".
فقال فيليب بهدوء:
" لا أعتزم مغادرة المكان وأنت في هذه الحالة غير أنني سوف أترك الغرفة لعدة دقائق لأنني أشعر بالحر وأريد أن أغتسل أذا سمحت لي جولي بذلك".
ونظرت جولي ألى فيليببيأس وقالت:
" لا داعي لهذا يا فيليب , يستطيع مانويل أن يقول ما يريده في وجودك ".
وهز فيليب رأسه وقال:
" أهدأي يا عزيزتي , فسوف أكون بالحمام ,والآن أرجو أن ترشديني أليه".
وأوصلته جولي ألى الحمام , ثم عادت على مضض ألى غرفة الجلوس , فوجدت مانويل واقفا بالشرفة وهو يحملق في المحيط الذي بدت مياهه مضطربة في ضوء القمر ,وقالت جولي:
" حسنا , ماذا تريد ؟".
" أنت تعرفين سبب مجيئي , حضرت في الصباح فلم أجد أحدا بالمنزل , ولم أعرف مكان أقامتك سوى أمس".
وبدت جولي هادئة برغم أضطرابها وقالت :
" هذا ما فهمته".
وأشعل مانويل سيكارة وأمعن النظر فيها وقال :
" هل تدركين أنه كان من المحتمل أن تلقي حتفك في هذه السيارة؟".
" أنني أجيد قيادة السارات ".
وقال مانويل وقد نفذ صبره :
" لست على دراية بقيادة سيارة بهذه القوة , يا ألهي! عندما رأيت السيارة تتجه أل الطريق هالني أن أتخيّل النتائج التي قد تترتب على ما أقدمت عليه".
" لم يحدث مكروه كما ترى , ولا يوجد خدش في السيارة".
" لا تهمني السيارة بشيء!".
" كيف عدت؟".
" أوقفت سيارة مارة ".
وأخذ نفسا عميقا من السيكارة وقال:
" أخبرني فيليب بمكان السيارة , لم أقل له القصة , ولكنني أتوقع أنك أخبرته".
وقالت جولي بغضب:
" لم أقل شيئا , وأعتقد أنه يتعين عليّ الأعتذار لتصرفي الصبياني ".
وقال بصوت لاذع:
" هكذا تتصرفين دائما".
" حسنا , أنك تعاملني وكأنني....".
وتوقفت أذ عجزت عن نطق الكلمة .
وتمتم قائلا:
" كفى! أنا أعرف بالضبط كيف أعاملك!".
وشعرت جولي بالأهانة وقالت:
" ألا يضايقك أن تعرف أنك تتصرف تصرفا منفرا ؟".
" لا يهمني ذلك في كثير من الأحيان".
وأشاحت جولي بوجهها .
وأذهلها أذ قال :
" تعالي ألى سايبرس ليك".
لم تكن تتوقع هذا الطلب فحملقت في وجهه بدهشة وقالت:
" لا , لا أشكرك ".
وهز مانويل كتفيه وقال :
" ألا يهمك ذلك؟".
وقالت بصراحة تامة :
" بل يهمن , قال بن الكثير عن المكان , ولكن ذلك لا علاقة له بالموضوع ".
" لماذا؟ هل أنت خائفة؟ سوف أقيم حفلا بعد بضعة أيام , وسأرسل دعوة لبن وسامنتا , يمكنك الحضور معهما أو مع فيليب بالطبع".
" لا أعتقد ذلك".
قالتها وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه.

وأحست أنه تحرك , وشعرت بنفسه الدافىء على عنقها , وقبضة أصابعه القوية على كتفيها وهو يجذبها نحوه ويتمتم بصوت أجش قائلا:
" يا ألهي! لماذا أرغبك يا جولي؟".
وكادت أن تعجز عن مقاومة صوته الساحر , غير أنه عندما أدارها لتواجهه ومال برأسه عليها , غافلته وأبتعدت عنه قائلة:
" لا تلمسني".
وهزّ مانويل رأسه وقال بصوت مكتوم :
" أكاد أقتلك في بعض الأحيان!".
وقالت وهي ترتجف :
" لماذا حضرت ألى المنزل ؟ أنك تعلم أنه لا يوجد كلام آخر بيننا , ولن تربطني بك علاقة من أي نوع , وأذا تصورت أن أهتمامك بي يرضي كبريائي فذلك غير صحيح".
وقال بعنف:
" أسكتي ".
" لن أسكت".
قالتها وهي ترتجف قليلا , غير أن فيليب دخل ألى الغرفة , فأبتعدت عن مانويل وأشعلت سيكارة , وقال مانويل:
" يمكنك الآن يا أخي أن توضح لي سبب مجيئك ألى هنا".
وهو فيليب كتفيه وقال :
" كنت سأخبرك بالأمر , حضر أبو تيريزا ألى المستشفى ظهر هذا اليوم وأخرجها , وهي في حالة لا تسمح بنقلها لأننا أعددناها للعملية".
وهوى مانويل بقبضة يده على باطن يده الأخرى وقال:
" لماذا؟ لماذا؟".
وشرح له فيليب الأسباب , وذرع مانويل الغرفة جيئة وذهابا بوجه متجهم وهو يدخن السيكارة , وأستجمعت جولي شتات فكرها بينما حال أضطرابها دون أستماعها للحديث الذي دار بين الشقيقين , وشعرت بالأرياح أذ سمعت مانويل يقول أنه سوف ينصرف.
وأوصله فيليب ألى الباب ثم قال أنه هو أيضا يعتزم الأنصراف.
وقالت جولي وهي تأسف لأنصراف فيليب :
" ألا يمكنك البقاء بعض الوقت؟ قد يتأخر بن وسامنتا".
وقال فيليب برقة:
" لديّ عمل , وعليّ درس ما يمكننا أن نفعله للطفلة, مانويل ليس في حالة تسمح له بأن يتصرف في الموضوع ,ويجب أن أكون بجانبه حتى أساعده , مانويل شديد الأهتمام بتريزا ويرغب في شفائها".
وقالت جولي بحماس:
" ألا نرغب كلنا في ذلك؟".
ثم قالت وبتردد:
" فيليب".
ونظر أليها وقال:
" نعم؟".
" هل تعتقد أن مانويل يحب دولوريس أريفيرا؟".
وزرر فيليب معطفه وهو شارد الذهن ثم قال :
" مانويل لم يحب أمرأة في حياته".
" لكنه يخرج معها ".
" هذا صحيح,ولكن يجب أن تدركي يا جولي أن دولوريس فنانة ,وأن لهما ميولا مشتركة وهي تتفهم عمله , وأعتقد أنها تحب مانويل وهي ليست مروضة كما أنها غير قابلة للترويض , العلاقة بينهما ترجع ألى زمن بعيد , وبرغم أنها تراقبه وكأنها نمرة تدافع عن شبلها , ألأ أنهما غير متفاهمين , أذا كان هذا ما تقصدينه".
وبلعت جولي ريقها وقالت:
" هذا ما أقصده".
" لماذا تسألين؟".
وهزت جولي رأسها وقالت:
" لا أعرف".
" لعلك تدركين أن حبك لمانويل يعتبر قمة الطيش؟".
وبلعت جولي ريقها من جديد وقالت:
" نعم , أفهم ذلك , أنا لا أحب مانويل , فليست لنا أية ميول مشتركة , بل أنني أمقته لموقفه من النساء , ولكنني معجبة بالجهود التي يبذلها من أجل المستشفى الجديد , ومن أجل تيريزا".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" مانويل جل سخي , وهناك أمرأة واحدة يحبها وهي بيلار , وأعتقد أنها دائما المرأة الوحيدة في حياته".
وأبتسمت جولي وقالت:
" أشكرك يا فيليب , لا بد أنك تعجب لفضولي".
" كلا , أثار مانويل دائما أهتمام النساء , غير أنني لا أريده أن يسبب لك ألاما يا جولي".
" لن يفعل ذلك!".
قالتها بأستخفاف , ولكن بعد أن أن أغلقت الباب خلفه , وأستندت أليه لحظة أحست بالأعياء ,وفكرت بتصميم.....لا...لن أتألم الآن .........كان هذا في الماضي فقط".

برنس وصاب 09-23-15 05:17 PM


11- أحبك...... أحبك...... أحبك

لم تستطع جولي رفض الدعوة ألى سايبرس ليك منذ رغب فيليب في حضورها الحفل , وكان عليها أن تحضره وألا أثارت شكوكه بشأن مشاعرها أتجاه مانويل , وسامنتا أيضا تحمست للفكرة وحثت جولي على أصطحابها , قائلة أن السيدة سيراكس ستبقى مع توني , وهذا الحفل هو الأول الذي يحضرونه منذ وصولهم ألى الولايات المتحدة.
وكانت الرحلة ألى سايبرس ليك تستغرق ساعة لذلك لبست الفتاتان البنطلونات والقمصان على أن ترتديا ملابس السهرة عند وصولهما , وركبوا جميعا بسيارة فيليب وجلست جولي وسامنتا في المقعد الخلفي.
ومروا بمنطقة وعرة غير أنها رائعة الجمال وجلست جولي على طرف مقعدها طوال الطريق تستمع بأهتمام بالغ لما يقوله فيليب.
وكانت سايبرس ليك تقع وسط عدة أفدنة في جزر مونتري , وقد سلطت الأنوار الكشافة عليها فلمعت البحيرة في الضوء الخافت ببريق معدني , وكانت غرف الجلوس خلت من معظم الأثاث , بينما أمتدت موائد الطعام بطول الشرفة وبطول الفناء المؤدي ألى البركة.
وأوقف فيليب سيارته بين مجموعة كبيرة من السيارات ولكنه قاد الفتاتين ألى سلم جانبي وصعدوا ألى الطابق الثاني , حيث فتح فيليب بابا أدّى ألى غرفة نوم تليها حمام , وقال بهدوء:
" لا تسرعا فالوقت لا يزال مبكرا".
" شكرا يا فيليب".
قالتها جولي وهي تبتسم ثم تبعت سامنتا ألى الداخل.
وأفرغتا الحقائب وأغتسلتا ثم أرتدا ملابسهما وزينتا وجهيهما بمستحضرات التجميل.
" أليست الغرفة جميلة؟".
قالتها سامنتا بصوت خافت وهي تنظر حولها ثم أضافت:
" أفادتنا معرفة فيليب ,يا ألهي! يا له من سرير رائع!".
وكان السرير من الأسرة ذات الأعمدة الأربعة والسقف , وقد أنسجم في ضخامته مع الخزانة الكبيرة والسجاد الأحمر والستائر التي كانت بلون الكهرمان.
وأومأت جولي برأسها وقالت:
" هل أنتهيت؟ هل ننزل ألى الحفل؟".
وفي الطابق الأسفل وجدتا بن وفيليب ينتظرانهما , بينما وقف ألى جوارهما مانويل الذي كان يرتدي حلة السهرة البيضاء التي أبرزت لونه الأسمر , ورمق مانويل جولي بنظرة أعجاب وشعرت بالسعادة لأنها أشترت الثوب الجديد , فقد كان واضحا بلا شك أنه يلائمها وكانت عينا مانويل داكنتين غامضتين وهما تستقران عليها.
وتحدّث بلطف ألى سامنتا فأثار أحترامها , وقال لفيليب:
" أصطحب جولي وأصدقاءها ألى الشرفة حيث ألحق بهم في وقت لاحق".
ورقصت سامنتا وبن على أنغام شرائط التسجيل , وأنتقل الخدم الذين لبسوا السترات البيضاء بين المدعوين يقدمون لهم كؤوس الشراب , وقدّم فيليب جولي ألى بقية أسرة مانويل.
ونسيت جولي أسماءهم على الفور , غير أنهم رحبوا بها وكادت أن تنسى بيلار لولا وقوفها بينها وبين فيليب وقالت بيلار :
"أهلا بالعم فيليب , هل يعجبك ثوبي؟".
ورمقت جولي بنظرة فاحصة وأضافت:
" أنني أعرفك , أليس كذلك؟ فأنت جولي كيندي , لقد حضرت ألى الشقة في لندن لتقابلب أبي".
وأحمر وجه جولي , فقد تعمّدت بيلار أن تتحدث بصوت مرتفع , فهي تقصد الحديث بصوت عال عن المقابلات التي تبدو سرية.
وقال فيليب بهدوء:
" بيلار , أبحثي عن تينا وزوجها , فهما من سنك , أما جولي فسوف أبقى أنا معها".
وتحّدث فيليب بصوت رقيق وحازم , فرمقت بيلار جولي بنظرة وقحة ثم أنسحبت .
وبدت جولي مرتبكة ولكن فيليب قال لها:
" أسترخي يا جولي , فأنا أعرف بيلار جيدا , أن ما قالته يفسّر شيئا لي".
" ماذا تعني؟".
" أعني علاقتك بمانويل , هو الذي تهربين منه ؟ أليس كذلك؟".
وأدارت جولي وجهها وهمست:
" فيليب ! أرجوك!".
" مانويل لا يتزوج نساءه ,أليس كذلك؟".
قالها فيليب بصراحة بدون أن يتعمد القسوة.
وقالت جولي بصوت مكتوم:
"لست من نساء مانويل !".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" أعرف ذلك , وهذا يوضح سبب خوف بيلار منك".
" بيلار تخافني , يا للهراء".
" أنها تخاف منك , فعندما تتعمد بيلار الوقاحة يعني هذا أنها خائفة , قهي لم تعش كل حياتها مع مانويل , ولا تنسى ما عانته من أمها , وهي تغار على أبيها , وتريد الأستئثار به , وتدرك أنه طالما ينال مانويل غرضه من المرأة التي يرغبها فهو لن يتزوجها ".
وتذكرت جولي عدم مبالاة بيلار بدولوريس أريفيرا.
وواصل فيليب حديثه فقال:
" ربما ظننت أن الواقع يختلف بالنسبة لك , غير أنني أحذّرك يا جولي ألا تنخدعي , فأنا أحب مانويل ولكنني أجهل أخطاءه".
" وأنا أيضا لا أجهلها".
وأفرغت كأس الشراب وقالت :
" هل تحضر لي كأسا أخرى ؟".
وأومأ فيليب برأسه وأمسك بالكأس وتوجّه ألى غرفة أخرى , ونظرت جولي حولها بقلق , وتمنت ألا يشاهدها مانويل حتى لا يثيرها بتعليقاته اللاذعة وأهاناته المستترة.


وأحست بأصابع تمسك بذراعها , وبأظافر حادة تلمسها , وأنتفضت لأنها كانت مستغرقة في خيالها.
وألتفتت وراءها فرأت دولوريس أريفيرا , وقد لمعت عيناها بالحقد وقالت ساخرة:
" حسنا , حسنا , يا آنسة , من توقعت , مانويل؟".
وهزّت جولي رأسها , ولكنها لم تستطع أن تشيح بوجهها بعيدا عن عيني دولوريس , شعرت أنها أشبه بأرنب خدّرته أفعى.
وأبتسمت دولوريس أبتسامة با هتة وقالت:
" مسكينة أنت يا آنسة كيندي , فلا يمكنك أخفاء شعورط , فأنت كتاب مفتوح بالنسبة لي , هل تعرفين أنني أدرك ما بقلبك وأنك تتشوقين ألى مانويل , أليس كذلك؟".
وأمتقع وجه جولي وقالت بصوت خافت حتى لا تلفت الأنظار أليهما :
" أتركي ذراعي من فضلك".
" لم أتركه ؟ لو فعلت ستسرعين ألى السيد فيليب الرجل الشهم , وتطلبين منه أن يصطحبك ألى المنزل لشعورط بالتعب , أليس هذا صحيحا؟".
وحاولت جولي التخلص من قبضة دولوريس , غير أن الأصابع التي أمسكت بذراعها كانت صلبة كالفولاذ.
ومرّت دولوريس بطرف لسانها على شفتيها ونظرت حولها حتى تتأكد من أن أحدا لا ينصت وقالت:
" لندخل في الموضوع أذا يا آنسة , دعيني أقدم لك نصيحة لمصلحتك , هل تفهمينني؟".
وأشتد غضب جولي وتمنت أن يعود فيليب لينقذها لأنها أحست أن غضبها شيء عاطفي ,وقد يسيطر عليها , وهي بالطبع لا تستطيع أن ترى أحدا يسخر منها ولن تسمح بذلك , وتوسلت قائلة:
" أرجوك , ليس هناك كلام بيننا , ولا أريد أن أسمع شيئا عن العلاقة بينك وبين مانويل , فأنا أعرف كل شيء ".
وضحكت دولوريس وقالت:
" أعرف أنك تتوقين ألى تحسين علاقتك بمانويل برغم نشأتك البرجوازية الحقيرة ,وهذا واضح لبيلار ولي ولمانويل , تعقبته من لندن أملا في أن يغير رأيه , أخبرني في لندن أن العلاقة بينكما قد أنتهت , ولكنك تواصلين مطاردته , أليس عندك كبرياء يا آنسة؟".
وشحب وجه جولي وأتسعت عيناها ولمعتا بالدموع وقالت:
" هل قال لكذلك؟".
" بالطبع يا عزيزتي , فهو يبوح لي بكل شيء ,كل شيء".
وأستطاعت جولي أخيرا التخلص من دولوريس أريفيرا , ووضعت يدها على عنقها أذ شعرت بالغثيان , وعجبت لحماقتها حين تصورت أن مانويل رجل محترم.
وكانت قد تمالكت أعصابها عندما عاد فيليب , ورفضت أن تؤكد أتهامات دولوريس أريفيرا فيما لو طلبت منه أبعادها عن الحفل , فأخذت الكأس وحاولت أن تبدو طبيعية.
وبدا السرور على وجه فيليب وقالت له جولي:
" لم طال غيابك؟ أين كنت؟".
وأبتسم فيليب أبتسامة عريضة وقال:
" كنت أتحدث مع مانويل".
ولم يلحظ وجه جولي الشاحب وأستطرد قائلا:
" لم أره منذ يومين , وقد أخبرني الآن أن تيريزا ستعود غدا ألى المستشفى ".
ونسيت جولي مشكلاتها وصاحت:
" رائع! شيء رائع!".
" نعم , أليس كذلك؟".
" ولكن كيف حدث ذلك؟ ....... أعني ........هل نشر والد تيريزا القصة في الصحف؟".
وضحك فيليب وقال:
" كلا , لم يفعل شيئا من هذا القبيل , فقد عومل والد تيريزا كما يعامل هو الآخرين".
" ماذا حدث بالضبط؟".
" كلّف مانويل مخبرا خاصا بالتحري عن جويليو رينالدي ,وهذا أسم والد تيريزا , ولم تكن مثل هذه الفكرة لتخطر على بالي , وكشفت المعلومات التي تم الحصول عليها عن علاقة رينالدي بشخص مشبوه أبعد عن البلاد وتراجع رينالدي عند مواجهته بهذه الوقائع , أذ أنه لا يرغب في أبعاده هو أيضا , وهكذا تم التوصل ألى أتفاق عن طريق أبتزاز معنوي صغير".
" هل رأيت تيريزا؟".
" لا, ولكن مانويل قابلها ويقول أنها في صحة جيدة , وأعتقد أننا نستطيع أجراء العملية في غضون أيام".
ولم تنسى جولي كلمات المرأة الأسبانية دولوريس أريفيرا , ولا مضمونها فيبدو أن لمانويل شخصيتين , شخصية الرجل السخي الذي يراعي الآخرين , وشخصية الرجل القاسي الذي أحبّه ودمّر حياتها.
ولم تلمس جولي الأكل , فقط تمنت أن تنتهي السهرة حتى تعود ألى المنزل وتنسى ما حدث , وبعد العشاء طلب المدعوون من مانويل الغناء , فعزف على الغيتار بينما صاحبه على الفلوت والطلبة أثنان من المدعوين , كما عزف قطعة من موسيقى الفلامنكو ,وأخيرا غنى أغنية جديدة بروعة.
وحملقت جولي في وجهه وهو يغني ويقول:
" أبقي معي
فأنني أتوق ألى لمسك.
وأنا أحبك كثيرا.
ولا يوجد شيء لن أعطيه أذا قلت أنك ستعيشين معي.
أبقي معي.
يا حبيبتي ,فأنت وحدك تخلقين كل أمل لي في الحياة , وأذ ا أفترقنا
فلن أكسب أبدا , أعطني الحب وقولي مرة ثانية أنك سوف تبقين معي دائما ".
وألتقت عينا مانويل بعيني جولي عبر الغرفة فوق رؤوس المدعوين الذين أخذوا يصفقوا له بحماس.
وأدارت جولي وجهها , وتعثرت قدماها وهي تتجه عبر المؤدي ألى البحيرة , حيث وجدت طريقا ضيقا للمارة , فسلكته فأنتهى بها ألى كشك لمعت قبته التي كانت على هيئة مئذنة , في نور القمر .ونظرت ألى دال الكشك فرأت الأرائك التي أمتدت بطول الغرفة كما شاهدت أيضا طاولة منخفضة وضعت فوقها مجلدات الموسيقى , وجلست جولي على الأريكة وتصفّحت بعض الأوراق , ثم مالت ألى الخلف أذ أحسّت بالأعياء وساد الغرفة جو هادىء , فأسترخت وغلبها النعاس ثم سمعت وقع أقدام بالخارج , وفوجئت ببيلار تقول:
" أنت هنا أذن , أنني أبحث عنك".
" تبحثين عني ؟ لماذا؟".
" أريد أن أتحدث أليك".
" حسنا ؟ ماذا تريدين ؟".


وترددت بيلار لحظة ثم قالت:
" أنت مغرمة بأبي , أليس كذلك؟ لا تحاولي الكذب , أنني أعرف العلامات الآن ولدي تجارب كثيرة".
وبلعت جولي ريقها وقالت:
" أن الأمر لا يعنيك".
وقالت بيلار بغضب:
" الأمر يعنيني أذا تعلق بأبي , فأنت تطاردينه , وقد تبعته من لندن".
وهبّت جولي واقفة وقالت:
" أرجوك , لقد أنتهت العلاقة بيني وبين أبيك".
ورمقتها بيلار بأحتقار وقالت:
"لا تحولي خداعي .... أفهم ما يدور بخلدك ".
وقالت جولي بتخاذل:
" ماذا أقول حتى تصدقيني ؟ أنا لست.... ليس هناك أية علاقة بيني وبين أبيك".
" لا تقولي ذلك , لماذا كانت دولوريس في هذه الحالة العصبية أذا؟ ولماذا لا يهتم بها أبي؟".
" هراء ما تقولينه. مانويل ودولوريس منسجمان , وأعتقد أنه لن يمر وقت طويل قبل أن يدركا هذه الحقيقة ويقررا الزواج".
وبدا التوتر على وجه بيلار , وكأن الأمور لا تسير على النحو الذي أرادته وقالت:
" لا أصدقك , فذلك من تأليفك , أبي لن يتزوج دولوريس أريفيرا".
وحاولت جولي أن تخرج من الغرفة غير أن بيلار أعترضت طريقها وقالت:
" قولي لي , كيف توصّلت ألى هذه المعلومات ؟".
" أرتركيني أخرج , فكفاني ما سمعته منك ومن دولورس ومن أبيك".
وأزاحت بيلار , وجرت عبر الممر وهي لا تفكر ألا في الفرار , ألا أنها أصطدمت برجل أحتضنها وأمسك بها , فتخلصت من قبضته وكادت تبكي وهي تقول:
" أتركني , أتركني , فلا أريد أن أراك طوال حياتي".
وأمسك مانويل بذراعها وصاح:
" ماذا حدث؟ جولي أوضحي لي الأمر؟".
وحملقت فيه بغضب وهي تمسح دموعها بظهر يدها وقالت:
" أوضح الأمر لك؟ عليك أن تسأل أبنتك فهي تعرف كل الأجوبة , أن لها خبرة واسعة بهذه الأمور".
وضاقت عيناه وقال :
" بيلار؟ ماذا قالت لك؟".
" قالت الكثير ,ويكفيني ما سمعته من بيلار ومن دولورس أريفيرا , أتركني أذهب".
وجرت بعيدا عنه وتسلطت فكرة الهروب عليها , وتمنت العودة ألى أبيها أخطأت عندما جاءت ألى كاليفورنيا وكانت تعرف في قرارة نفسها أنها سوف تقابل مانويل.
ورأت الشرفة من خلال الأشجار , وأرادت أن تتجنب الأنضمام ألى المدعوين , فألتفتت حولها وخرجت ألى حيث وقفت السيارات ,وبدا سهلا أن تركب سيارة , فهي تريد أن تعود ألى المنزل , كان في أستطاعتها أن تطلب سيارة أجرة لو عثرت على كشك تلفون , فالساعة الحادية عشرة ولم ينتهي الحفل ألا بعد ساعات طويلة تكون قد تحدثت خلالها ألى سامنتا بالتلفون من المنزل.
وسمعت صوت البحر بعد أن تركت الممر المؤدي ألى المنزل , ولم تعد المناظر الخلاّبة تهدىء الآلآم التي يثيرها التفكير في مانويل , ورفضت التفكير ببيلار كورتيز , وما أشارت أليه بصوتها الساخر الذي لا يزال رنينه في أذنيها , وقررت العودة ألى أنكلترا فور أنتهاء أجراءات السفر , وفكّرت في فيليب وعملها بالمستشفى وكيف أن الأرهاق الجسماني نفسه لا يكون كافيا في بعض الأحيان للنسيان.
وأختبأ القمر وراء الغيوم فبدا الطريق مظلما مليئا بالظلال , وخفتت الأصوات المنبعثة من الحفل بأبتعادها عن المنزل , ولم تقطع مسافة طويلة عندما شعرت بضوء سيارة خلفها وأبتعدت عن الطريق وأتجهت بسرعة ألى الأشجار , فأزعجت حيوانا وقف في الظلام بعينيه الحمراوين من ضوء الكشاف فصرخت جولي بينما تملك الحيوان المذعور أثر الأقتحام المفاجىء لعزلته فوثب ألى الطريق , وسمعت جولي صوت الفرامل وصفير توقف الأطارات على الطريق ثم سمعت صوت أنزلاق معدني أذ أنحرفت السيارة عن خط سيرها متجهة نحو الشجر , ورأت وهي تضغط على وجنتيها بيديها السيارة وهي ترتطم بجذع شجرة ثم تميل ألى جانبها وتتوقف , وتسمرت في مكانها لحظة ثم جرت ألى الأمام , وحاولت بدون نجاح أن تفتح باب السيارة , فلم تستطع , وسمعت نفسها تجهش بالبكاء وهي تشد بقوة في يأس محاولة أن ترى ما أذا كان الرجل بداخل السيارة ميتا أم حيا.
وتوقف قلبها فقد كانت سيارة مانويل وكان الرجل الراقدعلى عجلة القيادة هو نفسه والدم يسيل على خده.
وهالها ما رأته , ألا أنها تمالكت نفسها بقوة لم تكن تعرف أنها تملكها , فلا فائدة من الهلع , وأي تأخير يقلل من فرص نجاته , ولا فائدة من البكاء هنا , لقد عجزت عن القيام بشيء وحدها , فعليها أن تطلب المساعدة وعليها أن تترك مانويل يرقد في دمه وتذهب لتأتي بمن يساعدها , وأخذت تتضرع لله:
" ....يا رب ...... نجه .... يا رب ...... أنني أحبه...... أحبه ".
وجرت عائدة ألى منزل مانويل وقد أطلقا العنان لأحاسيسها المكبوتة.

برنس وصاب 09-23-15 05:17 PM

12- نداء القلب للقلب

وطوال الأسبوعين التاليين للحادث عاشت جولي في قلق , ونقل مانويل ألى مستشفى ستافورد بسان فرانسيسكو , حيث عولج من شرخ في الجمجمة وجروح عديدة وكدمات , وعرفت من فيليب أن أصاباته غير خطيرة , ألا أنها أعتبرت نفسها مسؤولة عما حدث.
فهي التي تركت الحفل وخرج مانويل باحثا عنها , وهي التي صرخت عندما رأت الغزال , فوثب ألى الطريق ليصطدم بسيارة مانويل.
ولم تستطع الأفضاء بما في قلبها لسامنتا التي تعمّدت العناية بتوني , حتى تستطيع جولي الخروج على النحو الذي تبتغيه , وهكذا قضت جولي معظم وقتها مع فيليب بمستشفى البحارة.
وبحلول نهاية الأسبوع لم يبق من مدة زيارة سامنتا وبن ألى كاليفورنيا سوى عشرة أيام , وكانا يتوقعان للعودة ألى أنكلترا.
ولم تهتم جولي سوى بأن تبقى حيث يكون مانويل فماذا تفعل أذا عادت ألى أنكلترا؟ هل تعود ألى المتجر وتستأنف علاقتها ببول؟
وتاق بن وسامنتا ألى قراءة الصحف البريطانية ,وألى شرب الشاي الأنكليزي , بينما لم يدرك حقيقة وضع جولي سوى فيليب الذي كان يتحدث عن مانويل كلما رغبت في ذلك.
كان فيليب يتردد على مانويل ليتحقق من حالته , وسألته جولي همّا أذا كانت الزيارات متاحة , فأخبرها بأنه بأستثناء دولوريس لم يسمح ألا بزيارة أفراد الأسرة , وأنقبض قلبها مدركة أن دولورس أحتلت من جديد مكانتها لدى مانويل.
وقال لها فيليب في يوم من الأيام بطريقة عرضية.
" سأل مانويل عنك , وخشي أن يكون قد صدمك بالسيارة لأنك كنت تقفين بين الأشجار , أليس كذلك؟".
" أنت تعرف ذلك ؟ فأنا السبب في الحادث".
" أنعطف مانويل بالسيارة ليتفادى الغزال , وأنت لا ذنب لك في هذا".
" بل أنا التي أفزعت الغزال".
وأكثر ما ضايق جولي هو أحتمال سفرها , بدون أن ترى مانويل , ولم تسألها سامنتا عن أسباب مغادرتها الحفل فجأة , فأفترضت أن فيليب قد أوضح لها السبب .
وأخبرها فيليب أن بيلار تعتقد أنها قد تسببت في الحادث وقال :
" أنها تلوم نفسها كما تفعلين ربما يكون من الأفضل أن تلتقيا".
وقالت جولي وهي ترتجف :
" لا أعتقد أن هذه ستكون فكرة طيبة".
" لماذا؟ أعتقد أن كلا منكما قد تفيد من الأخرى".
وبحلول نهاية الأسبوع دعاها فيليب ألى تناول العشاء بمنزله ليلة السبت وقال :
" لا يوجد مدعوون غيرك , أنت وأحدى سيدات الأسرة , أتصورك لا ترغبين العشاء في مطعم في الوقت الحالي".
وأقرت جولي رأيه ولم تسأل عمن تكون تلك السيدة أذ أرتاحت ألى قضاء الأمسية في صحبته , كانت شقة مانويل مليئة بالأثاث , لأنه كان من هواة جمعه.
وكادت أن تعبر عن أحتجاجها لفيليب عندما فوجئت بأن السيدة الثانية هي بيلار كورتيز التي بدت وديعة وصغيرة في ثوب الحرير الأخضر , ووقفت عند دخول جولي ألى الغرفة وحيّتها بهدوء وقالت:
" العم فيليب يرى ضرورة تعارفنا ".
أرتبكت جولي وقالت لفيليب :
" لم لم يخبرني؟".
" تعمّدت ألا أخبرك حتى تحضري , بيلار قدّمي مشروبا لجولي فأنني ذاهب ألى المطبخ".
وقدّمت بيلار كأسا من الشراب لجولي وقالت لها:
" أجلسي أرجوك أنني لن أعضك!".
وأمعنت بيلار النظر في جولي ثم قالت:
" أعتقد أنه يجب أن أعتذر أليك".
" لا أهمية لذلك".
" بل أنه أمر هام ....... أبي....".
" كيف حال أبيك؟".
" يتماثل ألى الشفاء وسوف يعود ألى البيت في غضون أيام".
ووقفت بيلار وقالت:
" أنا السبب , العم فيليب يقول أنك تلومين نفسك , ولكن لولا حديثي معك لما كنت......".
وقالت جولي بصوت خافت:
"بيلار , من المؤكد أنها لم تكن غلطتك , فلم يكن هناك ما يدعو ألى أن أخرج , في كل حال مانويل يتماثل ألى الشفاء".
" أبي لن يغفر لي ما فعلته؟".
" مانويل؟ لماذا؟".
" أنه يتظاهر بأن الأمر لا يهمه غير أنني أعرف أنه مهتم".


ودفنت بيلار وجهها في يديها وذهلت جولي ..... ثم وقفت ووضعت ذراعها حول الفتاة وقالت :
" يهمه ماذا يا بيلار؟ فلا أعتقد أن مانويل يلوم أحدا على الحادث ".
" لا أعني الحادث فوالدي ليس أنانيا".
وقالت بيلار بصوت مكتوم :
" أعرف ذلك يا بيلار, هل الأمر يتعلق بدولورس أريفيرا ؟".
وقالت بيلار بصوت مكتوم :
" كلا! لا يتعلق بدولورس , لقد طردها أبي عندما ذهبت لزيارته بالمستشفى , وفهمت الآن السبب أنني أحب أبي غير أنني أغار عليه , كانت حياتي قاسية في السنوات السبع الأولى , فلم تكن أمي تهتم بي , غير أن مانويل أنقذني من هذه الحياة ,وأراد أن يعوّضني عما قاسيته".
وقالت جولي بصوت خافت:
" بيلار , مانويل يحبك وليس ما يدعو ألى تخوفك , فلو أحب مائة أمرأة فسوف يظل يحب أبنته".
" أبي يكرهني الآن .....".
وحملقت جولي في بيلار قالت :
" لا أعتقد ذلك يا بيلار".
" بل لن يغفر لي أبعادك عنه , فلم أتدخل من قبل في شؤونه , غير أن الوضع أختلف فيما يتعلق بك , هل تفهمين؟".
وفهمت ما ترمي أليه بيلار , ألا أنها لم تصدق ما تضمّنه كلامها من معا.
وعاد فيليب ألى الغرفة , ووقف باباب وهو يقيّم الموقف وقالت لجولي:
" ألم أقل لك أنكما تحتاجان ألى تبادل الحديث؟".
وأبتعد بيلار , وعادت ألى الجلوس وقالت:
" ماذا سيحدث يا عم فيليب! هل يمكننا تسوية الأمور؟".
" بالطبع يا عزيزتي , مشكلتكأنك تتوقعين دائما أسوأ الأمور , وأعتقد أن جولي تفعل نفس الشيء – فجولي تعتقد أنها ليست ذات أهمية , وأنت تتصورين أن أباك سوف يتخلّى عنك أذا أحب أمرأة , بيلار يجب أن تكوني أكثر ذكاء".
وهزّت جولي رأسها وقالت:
" فيليب , ما أهمية ما يحدث بيني وبين بيلار؟ من الواضح أن مانويل لا يرغب في رؤيتي , وألا ما كان يقبل أن تمنعني من زيارته بحجة ضرورة شفائه قبل أن أراه".
وقال فيليب بصوت ساخر:
" أنت مخطئة , قلت لمانويل أنك لا ترغبين في رؤيته " .
وقالت جولي بدهشة:
" قلت له ذلك؟ ولكن لماذا؟".
وقالت بيلار بغضب :
" لأن هذا صحيح ألم تقولي ذلك للعم فيليب ؟".
وأنكرت جولي ذلك فقالت :
" بل أنني لم أفعل , فيليب أنت تعرف أنني رغبت في رؤيته , وقد سألتك أذا كانت الزيارة مباحة !".
وأومأ فيليب برأسه وقال:
" أعرف ذلك".
وربّت على كتفيها وقال:
"لا تغضبي يا عزيزتي , لقد فعلت ذلك لصالحك , ويبدو أن خطتي نجحت , سمعت ما قالته بيلار , ولم تقله ألا بعد لأن مانويل غاضب عليها لأنك ترفضين رؤيته , وهو يعرف أنك على وشك مغادرة البلاد ويعلم أن لديه ألتزامات وأنه لن يستطيع الذهاب أليك في أنكلترا قبل مضي عدة أشهر , ويخشى أن يحدث شيء أثناء هذه المدة ".
وحملقت بيلار في فيليب وقالت:
" هل يعني ذلك أن جولي لم ترفض رؤية أبي ؟".
وقال فيليب وهو يضحك:
" هذا صحيح فلا داعي أذا لقلقك يا بيلار , ألا ترين أن جولي غاضبة مني؟".
وقالت جولي :
" لم فعلت ذلك يا فيليب؟".
" الخطة عادت بالفائدة على أخي المتعجرف الذي رقد بالمستشفى وهو يعرف أن الفتاة التي يرغبها لا ترغبه".
" ومتى أستطيع أن أراه؟".
" في أي وقت تستطيعين أن تذهبي أليه أذا شئت ".
" هل تعني ما تقوله؟".
" بالطبع ولكن يجب أن نتناول العشاء أولا".
وأعترفت جولي بصراحة :
" لا أستطيع أن أتناول شيئا ".
ونظرت ألى بيلار وسألتها:
" بيلار , هل ستأتين معي؟".
وهزّت بيلار رأسها وقالت:
" كلا , لن أزوره في هذه الليلة , وأعتقد أنه من الأفضل أن تذهبي أليه وحدك".
وقال فيليب:
" حسنا , هيا نذهب ألى مانويل وتستطيع بيلار ألنتظار دقائق قليلة حتى أعود".


كانت مستشفى ستافورد تختلف عن مستشفى البحارة , كانت كبيرة وحديثة , وأصطحب فيليب جولي ألى غرفة مانويل الخاصة في الطابق الثالث , كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة , وأخبرها فيليب أن مانويل يشاهد التلفزيون في هذه الساعة.
وترك جولي خارج الغرفة ودخل ألى مانويل وسمعت أصواتهما , وخرج فيليب وقال :
" لم أخبره أنك هنا , قلت له أن أحد أفراد الأسرة جاء لزيارته".
وقالت جولي:
" لم قلت له ذلك؟ أنني مضطربة!".
" أدخلي , وأركبي سيارة أجرة في العودة لتخبرينا بما حدث".
وأستجمعت جولي شجاعتها ودخلت ألى الغرفة فرأته راقدا على السرير وهو يشاهد التلفزيون , وعندما نظر أليها صاح بدهشة:
" جولي ! لقد جئت!".
وقالت بأرتباك :
" مانويل , كيف حالك؟".
" أنا بخير وأنت كيف حالك ؟ تعالي.......".
وقالت وهي تقترب منه :
" أنا بخير , جئت لأعتذر لك , فلم يكن هناك ما يدعو ألى الصراخ , وأنا آسفة لما حدث".
وهزّ مانويل رأسه وقال :
" أنا بخير , جولي , متى تسافرين؟".
" بعد أسبوع".
ومال بالسرير أتجاهها وقال:
" تعالي , أجلسي , أريد أن أحدّثك , لا تخافي يا جولي , أنا أعرف أنك لم ترغبي في زيارتي ,غير أنني أريد أن أحدثك عن شيء".
وخطت جولي ألى الأمام , وجلست على حافة السرير وأمسك مانويل بأحدى يديها ورفعها ألى شفتيه وقبّلها ثم قال:
" جولي لا أستطيع التفكير وأنت قريبة مني , وقد يرجع ذلك ألى كثرة الأدوية التي أخذتها".
وعضّت جولي شفتيها حتى لا تتكلم غير أنها قالت:
" مانويل , كدت أن تموت".
وحملق فيها وقال:
" هل يهمك ذلك".
" بالطبع , يهمني ..... يهم أي شخص".
" وأنا لا أهتم بأي شخص غيرك".
قالها وهو يتمتم بعنف ثم قال:
" جولي كدت أجن ...... تعالي ألى هنا".
وشدّها ألى جواره وأخذ يحملق في وجهها ثم وضع فمه على شعرها وضمّها بعنف , ولم تقاومه ووضعت ذراعيها حول عنقه وضمته أليها فقال :
" جولي لن أستطيع أن أكون رقيقا معك لو تصرّفت على هذا النحو".
ونظر ألى شفتيها المتوردتين وشعرها المتساقط حول وجهها وقال:
" يجب أن تتصرف بشيء من العقل , الممرضة سوف تدخل ألى الغرفة في أية لحظة ".
" بدأت تهتم فجأة بالمظاهر".
قالتها بصوت خافت وهي تتلمس خديه بيديها.


وأومأ مانويل برأسه وقال:
" نعم أنني أهتم بالعرف والتقاليد عندما أريد, جولي لم رفضت زيارتي من قبل؟".
وأمسك بأحدى يديها وقبّلها وقال:
" رقدت هنا لمدة ثلاثة أسابيع أكرهك تارة وأحبك تارة أخرى".
وأتسعت عينا جولي وقالت بحنان وتوسل :
"تحبني!".
أجابها ببساطة ورقة:
" نعم أحبك يا جولي , وأريد أن أتزوجك".
ثم وضع أصابعه على فمها وتابع هامسا:
" أسكتي ولا تقولي شيئا الآن , فلم أتصور أبدا أن أعرض على أمرأة الزواج بعد كنسويلا , غير أنني أحبك ألى حد الجنون , وأعتقد من الأفضل أن أتزوجك قبل أن تقضي على حياتي , أنك ترفعين حرارتي عندما أصاب بالحمى , وقد تسببين لي نكسة".
" مانويل!".
" نعم , وكذلك تهينيني على نحو لا يصدق أثناء عاصفة ثلجية , وتتركينني في شاطىء كوفورد بدون وسيلة للعودة , ثم أنك كدت تقتلينني في حادث سيارة , يتعين عليك أذا أن تتزوجيني , أليس كذلك؟".
وكان صوته خافتا وحانيا , وأجابت جولي:
" مانويل , رغبت في رؤيتك من قبل".
ثم تنهّدت وقالت :
" لا أستطيع أن أكذب عليك , منعني فيليب من الحضور أليك , أراد أن يخيب أملك ولو مرة , فلم يخبرني أبدا برغبتك في رؤيتي , وتصورت أن دولورس وأنت......".
وحملق مانويل فيها وقال:
" فيليب منعك! سوف أقول له رأيي فيه عندما أراه".
غير أنه كان يضحك وأدركت جولي أنه أرتاح لمعرفة الحقيقة , ثم قال :
" لقد ذهبت دولورس بغير عودة ".
" أعرف ذلك , أخبرتني بيلار".
ثم قالت بشيء من التردد:
"لم طردتها ؟".
" سألتها عندما زارتني عما قالته لك , فأخبرتني بيلار أنها شاهدتها تحدثك , وحيث أنني أعرف دولورس , توقعت أن تسيء التصرف".
وقالت وهي لا تكاد تصدق ما سمعته:
" وهل قالت لك ما حدث؟".
" لم تقل شيئا في أول الأمر , ولكن عندما صارحتها بأنني لا أفكر في الزواج منها أطلاقا , غضبت وقالت لي كل شيء , نها حادة المزاج ولكنها غير مؤذية".
وجذبته أليها وقالت:
" ضمني يا مانويل , فليس لدينا وقت كثير , وأنا أحبك كثيرا......".
وضمها مانويل أليه , ألا أنه سرعان ما دفعها برفق بعيدا عنه وقال :
" أستطيع الأنتظار ,ولكن ليس طويلا , فسوف نتزوج في أقرب وقت , ويستطيع والداك أن يأتيا ليحضرا حفل الزةاج , ولكنك لن تغادي البلاد , فلن أتركك تذهبين ألى لندن حتى لا تغيّري رأيك".
وقالت جولي وهي تحلم :
" لن أفعل ذلك".
ثم سوت شعرها وقالت :
" وبيلار , أرجو ألا تكون غاضبا منها , فهي تعسة للغاية وهي صغيرة , ولم يكن لها أن تتورط في هذه العملية , ماذا قلت لها؟".
وتنهد مانويل وقال:
" كنت تعسا أنا أيضا".
ثم تمتم قائلا :
" أنت أهم شيء في حياتي , أما بيلار فقد تصورت أنني أكرهها أذ أعتقدت أنها قد دمرت العلاقة التي تربطني بك , غير أنني كرهت نفسي أيضا , لا سيما أذ عرفت أن علاقتي بدولورس هي التي أغضبتك ,وأنت يا جولي هل يمكنك أن تقبلي بيلار رغم ما فعلته؟".
" نعم بيلار تحتاج ألى أمرأة ألى جوارها , أعتقد أنني أستطيع أن أساعدها ومن المؤكد أنها ستستطيع مساعدتي".
وقال مانويل بشيء من الفضول :
" كيف؟".
" حسنا أنها تعرفك أفضل مني وعندما تكون مسافرا سنظل أنا وهي معا يجمعنا جبنا لك.....".
قال مانويل وهو يمسك بيدها ثانية :
" عندما أسافر ستكونين معي , ولكنني أفكر أن أقلل من عروضي وأن أركز على التأليف ما رأيك؟".
ومالت جولي برأسها وقبّلت يده وقالت:
" طالما أننا معا ... لا شيء يهمني , مانويل قل لي لم تصرفت هكذا في لندن؟".
وتنهّد مانويل وقال:
" كنت أحس بتأثيرك عليّ وكنت أقاومك بشدة ".
" والآن؟".
وضحك برقة وقال :
" أنني كالمريض الذي يتعاطى المهدىء , لم أعد أستطيع المقاومة وأريد أن أستسلم , أنني أريدك كما لم أرد أحدا من قبل..........".
وأبتسم وقال:
" هل قلت لك أنني أحبك؟".
وهمست :
" قلها مرة ثانية ".
ولكن الممرضة دخلت في تلك اللحظة ,فوعدها مانويل قائلا :
" في وقت لاحق ......".
وعرفت جولي أن المستقبل كله لهما وحدهما......



تمت

برنس وصاب 09-23-15 05:18 PM

(( قيود الحـب ))


**روايات احلامي**




الملخص:

قد يبدو ان الوقت قد حان كي نتقابل في معركه فاصله مميته كانت هذه كلمات ايفا عندما علمت بخضور تشالز ايه ابي الذي من المؤكد سيدعم اخاه بيتر
فكلاهما شرير والشر اذا تحالف مع العقل يصبح قوه يحسب لها الف حساب فكثيرا ما تسببا لها في الام منذ ان كانوا اطفالا والان هما شركاء في العمل لابد ان تحسب كل كبيره وصغيره حتى لا تهزم في هذه المعركه

برنس وصاب 09-23-15 05:19 PM

الفصل الاول
الحب والقيود
كانت ايفا لاتزال ترتجف من الغضب عندما رن الهاتف الداخلي على طاولتها ورفعت السماعه الى اذنها
-نعم؟
لوكان المتكلم هو بيتر فسوف ترفض باصرار التحدث معه واذا اصر فسوف تقفل الهاتف في وجهه...ولكن المتكلم كان سكرتيره بيتر
-السيد ايربي يود التحدث اليك انسه برايدن اعني السيد...
وقاطعتها ايفا بنفاذ صبر
-انا اسفه يا شالوت فانا مشغوله جدا في هذه اللحظات
-ارجوك قولي للسيد ايربي ان عليه ان ينظر الى موعد اجتماعنا بعد الظهر
واعادت السماعه مكانها بقوه مع ملاحظه ان يديها كانت ترتجفان اللعنه على بيتر ايربي1 اللعنه على اصرار ه المتغطرس مالذي سيقنعه انها سئمت مضايقاته؟
وفي جهد لتهدئه نفسها وقفت عن طاولتها وقطعت الغرفه الى النافذه وهي تاخذ انفاسا عميقه بطيئه..هذه الاحداث العريضه مع بيتر بدات تؤثر بها والحقيقه انها لم تعرف كيف تتصرف حيالها
وابتسمت ايفا بسخريه ما يحدث بعيد عن طبيعتها فعبر السنين تعلمت كيف تتصرف حيال كل شئ
ولمست تقطيبه خفيفه جبينها وهي تحدق من النافذه الى الارض الصامته الممتده امامها المغطاه بالثلج الهاطل حديثا لقد كانت السماء تهطل بالثلج منذ بضعه ايام ولاتزال والمروج كم حول البلده قد امتلئت بطبقه سمكيه من الثلج الابيض
فمها الناعم الممتلئ تكور قليلا انها تحب هذا المكان...هنا في قلب الريف انها مناظر مدهشه الجمال انها تحبها كما احبها ابوها من قبل كما احبت العمل في صناعه الديكور الداخلي والتي اورثها اياها ابوها...ولااحد وبالطبع لن يكون بيتر ايربى مهما كانت الوسائل التي يمكن انه يختارها ويمارسها ضدها يمكن له ان ينجح في دفعها الى خارج الشركه!
-اعتقدت انك مشغوله جدا؟لايبدو لي انك مشغوله!
لدى سماعها الصوت الرجالي الصادر من جهه الباب
التفتت ايفا بسرعه وقلبها يقفز في داخلها انها تعرف هذا الصوت الذي ارسل رعشه بارده في جسدها...
هكذا اذن!لقد تم استدعاء الاخ الكبير!لابد ان بيتر قد ارسل في طلب فرقه التدخل السريع
-اهلا بك تشارلز...ماذا جاء بك الى هذه البقعه من العالم؟
وهي تتكلم مدت يدها لترجع خصله شعرها الى وراء اذنها انه مجرد رد فعل دليل اضطراب اعصابها
فهي تفعل هذا دائما عندما تكون متوتره او خائفه
كان يقف يحدق بها من الباب ويداه مدسوستان في جيبي بنطلون بذلته الكحليه الانيقه لقد مضت ثلاث سنوات لم تقع عيناها عليه وحوالي الخمسه منذ تكلما اخر مره معا ومع 1لك وحسب ماكانت تشعر به فان خصامهما بدا وكانه بالامس
لم يتغير شئ...برزت لها فكرتان بسرعه انه لا يزال وسيما ياسر القلب كما كان...الشعر الاسود كمنتصف الليل المتموج...العينان السوداوان اللذان لاقرار لهما
واللتان تبدوا انه ينظر بهما الى اعماق نفسها..والانف المستقيم الشموخ...والفك المربع الثابت ...وتلك الطريقه التي يتفاخر بها بنفسه بغطرستهوكانه احد المحاربين القدماء من رؤساء القبائل العريقه
هذه كانت الفكره الاولى والتي غمرتها على الفور الفكره الثانيه ان الكراهيه التي كانت دائما تشعر بها نحوه لازالت متوهجه كما كانت...
-تبدين مختلفه!
كان تشارلز لا يزال يقف بالباب جسده الطويل القوي يملا المساحه من حوله بينما اخذ ينظر اليها بعينيه الطويلتي الاهداب وذلك للتعبير المالوف لديها الدال على التفوق يتراقص عند اطراف فمه العريض الجميل انها نظره تتذكرها ايفا جيدا..وكانت ايام البؤس
وابتسم متابعا كلامه
-لقد تغيرت نحو الافضل
ونظرت العينان الليلكيان اليه دون ان تطرفا
-هل تغيرت؟اتمنى لو استطيع قول نفس الشئ عنك
واتسعت بسمه تشارلز ممازاد توتر ايفا
-لقد امتلا جسدك وفي كل الاماكن المناسبه...
ودخل غرفه المكتب وهو يتكلم ونظرته تتجول فوق جسدها النحيل الخفيف بكامله بصدرها المرتفع وخصرها الاهيف البارز تماما من خلال ثوبها الكشميري الذي يحاكي لون عينيها ثم تابع:
-وقصصت شعرك قليلا وهذا ما يعطيك مظهرا مميزا وانيقا
وضاقت عيناها

برنس وصاب 09-23-15 05:20 PM

-لاتعاملني وكانك تتفضل على ياتشارلز..فلست بحاجه الى تقييمك لمظهري
-ولا حتى عندما يكون هذا التقيييم مطريا؟كنت اظن كل النساء يعشقن الاطراء؟
-هذا يتوقف على المصدر ومنك انت الاطرء يفقد بريقه
المشكله مع تشارلز انه يعي تماما الوعى السلطه التي يمكن له ان يمارسها على النساء فعلى الرغم من تجهمها عليه فهو يعلم كما تعلم هي تماما ان الاطراء من رجل فاتن الطلعه مثله مقدرا له ان يصيب قلب
اي انثى مسكينه
وفكرت ايفا برضى اي قلب ماعداي فالشعور الوحيد القادر على تحريكه في قلبي هو نفس الشعور الذي احركه في قلبه..الكراهيه ..الصرفه..وبكل بساطه
ووقف على بضع اقدام من طاولتها ونظر الى خلفها عبر النافذه نحو السهل المغطى بالثلج ودون ان ينظر اليها قال معلقا
-عندما قلت لسكرتيره اخي انك مشغوله ولاتستطيعي رؤيتي لم اتوقع ان اجدك تحدقين في النافذه...ربما كنت تسعين وراء بعض الالهام؟
وتجاهلت ايفل سخريته
-لم اكن اعلم انك انت من تريد رؤيتي فعندما قالت السيد ايربى
-اعتقدت انها تعني بيتر
-هكذا فهمت.لو اعطيت الفتاه فرصه بدا ان تقاطعيها بفظاظه لكانت قالت لك اي سيد ايربى تعني
وزدات حده لهجته...وحدق بها وقد طافت عيناه ثم تابع
-ولماذا كنت سريعه هكذا برفضك رؤيه اخي؟لدى انطباع انك لست مشغوله بالمره
والتجات ايفا الى المراوغه واستدارت لتجلس وراء طاولتها الضخمه من خشب الماغورني..وقالت
-ليس هناك من سبب يدعو بيتر ليراني الان لقد اجتمعنا منذ حوالي النصف ساعه ولدينا اجتماع مقرر بعد الغداء
-هكذا عرفت...ارجو ان لاتمانعي فانا سانظم اليكما
-في اجتماع المدراء؟ولماذا امانع؟فانت المدير عام الشركه ولديك ملئ الحق ان تحضر
-هكذا قلت انا بدوري وربما حان الوقت لاخذ دورا عمليا اكثر في اداره الشركه
واحست ايفا بقلبها يغوص
-الهذا جئت الى هنا؟
هذا ماتخوفت منه لحظه شاهدته عند بابها..لقد جاء ليدعم شقيقه في معركته لاخراجها من الشركه
وبسرعه ردت خصله شعر وراء اذنها ويدها الاخرى تحت الطاوله تنقبض بشده المعركه ضد بيتر صعبه ولكنها ضمن قدرتها انها تكرهه وتحتقره وتحس انها قادره على هزمه ولكن المعركه ضد تشارلز ستكون مختلفه تماما فهو ماده صلبه اكثر بكثير من اخيه
وجلس فوق كرسي ليجيب عن سؤالها
-اجل..لهذا انا هنا..كي اراقب سير العمليات عن كثب
وابتسم ابتسامه خبيثه وتابع
-يبدو مما سمعته ان وجودي ضروري
-اعتقد ان من الصعب عليك نزع نفسك بعيدا عن حياه الترف التي تعيشها في بروكسل هذه الايام
ونظرت اليه وهي تخفي خوفها بمظهر السخريه..ماذا يعني بقوله
-مما سمعته)؟الملاحظه والطريقه العرضيه التي قالها)
بها لها رنين شرير ..ولكن..وفي لحظه قررت ان تتسامح امامه وابقت لهجتها غير مباليه وهي تضيف
-وكيف يمكن لامبراطوريه ايربى ان تتدبر امرها دون وجودك؟
ورد على سخريتها بسرور
-قد لا تستطيع..ولكنها مخاطره على ان اركبها
ومد ساقيه امامه وتابع

برنس وصاب 09-23-15 05:22 PM

-ثم انها ليست امبراطوريه كامله...على الاقل ليس بعد
ابتسامته وهو يطلق كلماته الاخيره للحظه فقط اطلقت خيال ايفا نحو الماضي
مع انها دائما تكره الا انها ايضا كانت معجبه بطموحه وبايمانه المطلق بانه سينجح...وهذه اشاره الى غطرسته ولكنها هي التي دفعته للامام وهي ميزت شخصيته
الثقه والايمان بالنفس هو المهم
ولكنها وهي تنظر اليه الان لم يكن في نظرتها اي نوع من الاعجاب بل على العكس فلهجتها كانت خشنه وهي تقول
-الا تظن انك على وشك الوقوع في خطر الجشع؟ فلمعظم الناس انت تملك من فنادق الدرجه الاولى وشركه طيران ومجموعه من مطاعم الدرجه الاولى...كلها مؤهله لان تصنف باكثرمن امبراطوريه
-اه...ولكني لست كمعظم الناس,,وكنت اظن انك تعرفي هذا وتعريفي لما يفي بالمراد يختلف عن تعريف معظم الناس
وقالت لتغير الموضوع
-اذن...الهذا انت هنا؟ هل تجد الطريقه التي يدير فيها بيتر هذا الجزء الصغير من امبراطوريتك اقل من الوفاء بالمراد الايعجبك؟ وهل جئت الى هنا كي تعيده الى مساره الصحيح؟
وكانت ايفا تبتسم بسخريه وهي تقول هذا متعمده الاشاره الى الفخ وكلاهما عرف هذا ومهما اضطر ان يقول لها فلن تسمع منه انتقادا لاخيه...فبيتر طوال
حياته كان الناطق الرسمي الصغير والمطيع لتشارلز وتشارلز بالمقابل كان وفيا للمدافع عنه ولهذا كان بيتر دائما يينجو بجرائمه.فلكي تتحدى بيتر عليك ان تتحدى شقيقه الاكبر والقليل من الناس عندهم الجراه لهذا
وتبدلت بسمته وقال ببروده
-هل هناك سبب محدد قد يجعلني غير راض عن عمل شقيقي كمدير اداري للشركه؟اذا كان هناك سبب اود كثير ان سمعه فانا لا اعرف اي سبب بالتاكيد
وكان على ايفا ان تتراجع لتقول انها هي ايضا لا تعرف ولو على مضض
-على العموم انه يقوم بعمل معقول مع ان هناك مجالات معينه لا نتفق عليها
-هكذا عرفت ..ولكن اخي لديه خبره اكثر من خبرتك في اداره شركه الديكور هذه فهو يعمل هنا منذ سبعه سنوات مقابل عملا ثلاث سنوات لك
-بل اربعه ..لأقد عملت هنا منذ اربعه سنوات..وانا حقا اؤمن ان هذه مده طويله كافيه لاكتسب حقا في ابداء الراي في اداره الشركه
-بالطبع ..وكصاحبه اسهم...هل لديك راي؟
-بالطبع...ولكن رايي وبشكل ثابت يرفض دائما والاربعين بالمئه التي تشكل حصتي في الشركه لاتحمل اي قوه امام اصرار
بيتر واسهمه العشره مجتمعه مع اسهمك الخمسين وهو يعرف انك تدعمه مهما فعل ويعلم انه غير مضطر للاصغاء لي
وتفحصها تشارلز بصمت لحظات ويداه القويتان مكتوفتان فوق صدره..وتتعجبت ايفا مع بعض التوتر
لماذا وعلى الرغم من واقع انها من المفترض ان تكون هي في موقع القوه فانه بدو وكانه المسؤول؟لابد ان السبب هو مايحمله من جو سلطه في شخصيته والمقدار لها ان تسيطر لمجرد وجوده في مكان ما ومهما كان الوضع الذي هو فيه
واستقامت ايفا في جلستها وسعت لان تنظر اليه وهو يرد عليها
-وكيف حدث ان واجهنا مثل هذه المواقف المتعارضه
لست اذكر ان الامور تفاقمت هكذا عندما كان والدك حيا لقد كان بيتر على اتفاق تام
واحست ايفا بقليل من الانقباض في نفسها فخساره والدها كانت جرحا مؤلما لم يلتئم بعد اذ لم يمض عليه سنه بعد
وتماسكت لتقول
كما اذكر بيتر لم يكن يعارض ابدا اي اقتراح يتقدم به والدي فاراء ابي كانت محترمه كما كانت تماما في الايام الماضيه قبل وفاه والدك
-واراءك ليست هكذا...اهذا ماتحاولين الايحاء به؟
-انا لا احاول ايحاء شئ فانا اصارحك مامن راى سوى راي بيتر يؤخذ بعين الاعتبار وهذه الشركه لم تعد تدار كما كانت...
كيف وصلت الامور الى هذا الحد!...والدهما العجوز ووالدها كانا اصدقاء وهي عائله ايربى لم يكونوا هكذا ابدا وكان تشارلز يراقبها دون ان يتحرك فقال
-للاسف...الامور تتغير
وبرقت عيناها بالامتعاض
-وهل يجب ان تتغير نحو الاسوأ؟هل تظن ان من الحق ان واحده من مدراء الشركه لا يمكن لها اسماع اراءها؟
وبدون استعجال وعيناه عليها فك تشارلز يداه عن صدره ووضعهما على مسند امقعد واصابعه الطويله السمراء تقبض على حافتيها وقال بلهجه بارده كالثلج
-ربما هذه الافكار التي تفتعلين كل هذه الضجه حولها لاتستاهل ان تسمع؟
-ومن يقول هذا؟من قال لك هذه الاكاذيب؟هل هو اخاك؟
ورد عليها بلهجعه بارده ملؤها التحذير وكان عليها ان تعرفه سيقفز للدفاع عن شقيقه
-انا لا اعرف ان اخي يقول الاكاذيب
-حسنا..انه يكذب...واؤكد لك هذا لو انه قال لك ان
اقتراحاتي في هذه المؤسسسه لا تستاهل ان تؤخذ بجديه ففي السنتين الللتين توليت فيهما امر المبيعات والتسويق قفزت ارقام مبيعاتنا الى اكثر من خمسين بالمئه
وليراجع الارقام اذا كان لايصدق فالبرهان مسجل في دفاتر الحسابات بالابيض والاسود وقال لها بثبات
-انا مدرك لهذا...ولكن هل لي ان اقترح ان احد اسباب النجاخ هو اخي نحج في منعك من تطبيق سلسله من الافكار الخطره المتهوره التي اصريت على تطبيقها خلال السنين؟
-الافكار المتهوره؟ماهي هذه الانواع من الافكار التي تتكلم عنها؟
-لقد فهمت ان هناك العديد منها
-سمي لي واحده
-وهل افهم من هذا الغضب الذي تملكك انك تنكرين التهمه؟
-بالطبع انكرها!
-وهذا ماكنت اتوقعه
-انكرها لان ليس فيها ذره حقيقه
هدوئه وابتسامته الساخره كانا يسببان الغيظ لها
ومالت ايفا فوق الطاوله باتجاهه وقد ضاقت عيناها من الغضب
-سمي لي حادثه واحده تدعم اتهامك!هيا! مجرد واحده
وكان تحديا شرسا ثم تراجعت لتستوس في جلستها تنتظر فهي واثقه انه لن يستطيع الرد وثبت ان ثقتها بنفسها هي مجرد تفاؤل فقد مدد تشارلز نفسه ليرتاح اكثر واخذ نفسا عميقاو قال
-خذي هذا الاتهام كمقياس اعتقد انك قدمت مشروعا لاعاده تسميه بعض الاصناف التي ننتجها؟الم تقترحي ان نتخلى عن اسماءها الحاليه؟الاسماء المعروفه بها من الناس منذ قرون وتسميتها على اسماء الزهور بدلا عن ذلك
وجفلت ايفا
-بالطبع انت لست جادا؟كانت مزحه وبيتر يعرف انها كانت مزحه..لقدج بدرت لي المزحه من شئ قالته مدبره منزلي...
وتوقفت عن الكلام لماذا هي مجبره على شرح شئ بهذه السخافه له.واسندت ظهرها الى الكرسي واخذت نفسا عميقا
-لم يكن هذا يعني اقتراحا جديا
-ولكن بيتر يقول انه كان كذلك
-اذن بيتر يكذب ..والا فهو غبي
ونظرت مباشره في عيني تشارلز..لقد ان الاون ليقول احدهم الحقيقه له عن اخيه واصدرت شرارات من مؤخره عينيه السوداوين شرارات خطره وكانها اثبات صامت
لبعض الحدود...ثم رفع حاجباه ونظر اليها متسائلا
-ولماذا يكذب اخي على؟
-كي يشوه اسمي كي يحرضك ضدي الا تعلم بيتر يريد الخلاص مني؟يريد اقصائي عن الشركه كلها
-اذا كان يريد هذا..وهو لم يعبر عن مثل هذه الرغبه لي..فربما يكون السبب عو اعتقاده بكل بساطه انك لست اهلا لهذه الوظيفه
واحست ايفا بتقلص في معدتها واحست فجاه انها فعلا في خطر وقالت
--اهذا ما قاله لك؟حسنا...هذه كذبه اخرى..فالحقيقه انني ناجحه جدا ...واعترض بقوه على اي افتراء بانني لست كذلك..واذا رغبت في معرفه السبب الحقيقي وراء اكاذيب بيتر عني ساقول لك وهو الامر لا علاقه له بنوعيه عملي...
-وبماذا له علاقه اذن؟نوريني فانا مهتم بكامك
وابتسم ابتسامه قاسيه ساخره...واخذت ايفا نفسا عميقا وهي تقاوم لتهئ نفسها..فلربما سيصغي اليها
لو تكلمت ورصانه وقالت بهدوء
-ان لها علاقه بالسلطه فبيتر ليس مثلك...انه لايريد بناء امبراطوريه فهو يعلم انه غير قادر على فعل اي شئ كهذا ولكنه يريد السيطره على المؤسسه هنا ويريد الحريه ادارتها كما يشاء
وساد صمت قصير ثمرد عليها
-حسب كلامك لقد فعل هذا
-في الواقع لقد فعل وشكرا لدعمك الالي له ولكنني مصدر ازعاج له...فانا ارفض ان اتركه يتجاوزني مع انه في النهايه ينجح في تنفيذ مايريد انه يكره واقع ان يكون لي راي ويريد التخلص مني لذلك قال لك كل هذه الاكاذيب...يريدني ان اترك الشركه ..لانني شوكه في خاصره
وارادت ان تنفجر كل شئ امامه ولان تقول له عن الاشكال الجديده من المضايقات التي يقوم بها ضدها مؤخرا.ولكنها احست بالسرور لانها لم تفعل عندما سمعته يرد بانتسامه سارخه
-ارى انك مؤمنه بذلك القول الماثور القديم بان الهجوم خير وسيله للدفاع ولكن اجيبيني على هذا :هل تبادر الى ذهنك يوما ان معارضه اخي نابعه لك من كونه رجل عائله يريد التفكير في المستقبل وانه ببساطه يحب الخير للشركه من اعماق قلبه؟
وكان ردها على هذا بسيطا
-لا..في الواقع لم يتبادر هذا لي اذا كان يحب الخير للشركه من قلبه لما كان يحاول اشعال المشاكل في داخلها
ونظرت اليه تحملان الامتعاض...فشقيقه بيتر رجل شرير لا يحتمل معع انها كرهت اتشارلز وخافته دوما فهو خطير لانه ذلك النوع من الرجال القادر على الطعن بالسكين دون ان تغادر البسمه وجهه ورد لها نظرتها وقال
-ربما علي ان احذرك ان مد اصبع الاتهام لاخي ودعوته بالكاذب..لن يوصلك الى اي نتيجه
ووقف ليواجهها وقد دس يداه في جيب بنطلونه وتابع
-وهناك نقطه اخرى على ان احذرك منها...فانا مثل اخي ليس لدي الوقت لعديمي الكفاءه...فمن هو غير اهل لوظيفتهمهما كان مركزه اعدك بان ارميه الى الخارج
وحدقت به ايفا...كيف يجرؤ على تهديدها هكذا؟
-هل انتهيت من تهديدك؟
وتابع الابتسام تلك الابتسامه البارده الشريره ثم قال
-في الوقت الحاضر...اجل..في الوقت الحاضر
ثم بعد ان بدا انه لن يستدير ويخرج توقف كي ينظر خارج النافذه ويقول بلهجه عاديه وكانه يتابع حديثا عاديا
-انها لا تزال تهطل ثلجا..ويبدو ان الطقس سيصبح صالحا للتزلج
وفي الوقت الذي اعادت فيه نظرها كان قد خرج من الغرفه واغلق الباب بحده خلفه

انتهى الفصل الأول *_^

برنس وصاب 09-23-15 05:22 PM


قيود الحب


جرح عميق


بقيت إيفا لفترة طويلة. بعد مغادرة
تشارلز الغرفة، جالسة وراء طاولتها، تحدق في نشافة الحبر وأصابعها تعبث بسكين الحبر دون وعي منها.
كان يجب أن تعرف أن تشارلز سيصل كي يدعم أخاه، ليحارب بالمعركة التي لا يقدر بيتر علي كسبها بمفرده .. ولكن ألم يكن هذا الحال دائماً، منذ أن كانوا أطفالاً؟
وحتى الآن ، وهم لم يعودوا أطفالا، لا شيء تغير. وارتجفت. لا شيء. فهو ليس فقط المدافع عن أخيه، بل أكثر من قادر علي التسبب بجراح مميتة.
وتجمدت أصابعها علي مقبض سكين الورق، بقوة قادرة تنشيط ذاكرتها عن الماضي، وكأنه بالأمس، لتتذكر جرحا سببه لها وكان الأشد.
كانت في السابعة من عمرها عندما قذفها بيتر بسخريته وكأنها القنبلة. كانت تلعب معه في حديقة منزلهم لعبة بريئة، وكانت تربح دائماً. وربحت منه ثلاثة ألعاب متتالية... وفجأة ابتسم بيتر في وجهها مظهراً الشفقة وقال:
- أتعلمين أنك تربحين لأنني اترك لك الفرصة لتربحي؟
ولم تصدقه بالطبع:
- ولماذا تفعل هذا؟
- لأنني أشعر بالشفقة عليك... ويقول تشارلز أن الجميع يجب أن يشفق عليك ... علي كل فالذنب ليس ذنبك.
- وما هو ما ليس ذنبي؟ ولماذا يجب أن تشعر بالشفقة علي؟
- لأنك مختلفة ... فأنت لست مثلي ولا مثل تشارلز ، ولا مثل الأولاد الآخرين.
وتصاعد فضول إيفا وقالت له نقطبة:
- لماذا تقول هذا ؟ ولماذا لست كالأولاد اللآخرين؟
وحتى اليوم، لا تزال تذكر كيف أدار وجهه عنها، ثم عاد يرمقها بنظرة أرسلت الرعدة في جسدها، وهو يرد ثم يشيح بنظره ثانية:
- لا أستطيع أن أقول لك... تشارلز قال أن علي أن أقول لك... ولكنني اعتقد أنه لا يجب.. فإنسي الأمر. أرحوك لا تجبرينيعلي القول.
وبالرغم من خوفها فقد قالت مكرهة:
- أخبرني؟ أخبرني يابيتر.
واستدار مرة ثانية لينظر إليها
- هل أنت واثقة أنك تريدين أن تعرفي؟
- أنا واثقة... أرجوك قل لي.
- لا تقولي لأحد أنني قلت لك.
- لن أفعل.
ثم قال لها وعيناه الخضراوان تشعان بالبراءة، وكأنه لا يعلم أنه سيحطم قلبها:
- أنت متبناة... أهلك ماتوا عندما ولدت. والذين تعيشين معهم ليسوا أهلك الحقيقين. لقد ربوك لأنهم أشفقوا عليك.
ووقفت هناك تلهث، تحاول التقاط انفاسها، ثم سمعت السيدة ايربي تدعو ابنها من النافذة.فقال مؤكداً علي ما قاله كأنه يدس الملح في الجرح:
- أمي تنديني... أمي الحقيقية.
ثم تركها وركض إلي داخل المنزل. ولم تعد إيفا تذكر كم بقيت جامدة حيث هي. ثم شقت طريقها بصعوبة إلي داخل المنزل لتجد بيتر وتشارلز يلعبان في المطبخ. وعندما دخلت. وخداها شاحبان، نظر إليه بيتر ثم استار إلي أخيه وقال:
- ربما ما كان يجب أن أقول لها... إنها تبدو كالشبح...ربما كان يجب أن نترك أمر إخبارها الحقيقة لأمها.
ورد تشارلز بسخرية وكراهية:
- سوف تتغلب علي حزنها... علي كل سوف تعلم في وقت ما.


برنس وصاب 09-23-15 05:23 PM

وتتذكر إيفا أنها نظرت إليه ،إلي ذلك الوجه القاسي الأنيق، علي عكس وجه أخيه الخالي من أي أثر للندم. ومن خلال اللألم والسقام الذي تحس به في أعماقها علمت تماما أنه يكرهها.
وعلمت أيضاً، ولو أن بيتر هو من وجه الضربة لها،إن تشارلز هو القوة الكامن وراءه. فكلاهما شرير. ولكن بيتر هو الأضعف. وهي في عمر السابعة عرفت هذا بالغريزة، ولهذا السبب لم تفكر ببيتر أبداً علي أنه مصدر خطر.
ولكن تشارلز مختلف.. أنه أقوى.. في الشخصية والعقل.. والشر المتحالف مع القوة يصبح قوة يحسب حسابها.
ومرت السنين مليئة بأحداث مؤلمة قاسية مثل هذه، سنوات كان ينموا فيها كرهها لتشارلز إيربي، ويزهر وكأنه شجرة لقيت العناية اللازمة. والآن، وبعد تسعة عشر سنة من تلك الحادثة التي لا تنسي، يبدو أن الوقت قد حان ليتقابل كلاهما في معركة فاصلة مميتة.
واشتدت قبضة يدها حول مقبض السكين وابتسمت لنفسها:
- أنا مستعدة لك!
ما إن دخلت قاعة الإجتماعات حتى رفع تشارلز نظره إليها، وابتسم. وقررت إيفا في نفسها أنها ابتسامة فيها اشياء كثيرة مشتركة مع ابتسامة التمساح الذي يطبق أنيابه علي غداءه.
حسنا... إنك مخطئ حول هذا. وأعادت له إيفا نظرته بثبات. وردت علي ابتسامته باختصار. وجلست قبالته. وكأنها تقول: ليس لدي النية لأكون وجبة غداء لأي كان!... وقال:
- أخشي أن يكون بيتر مرتبطاً ببعض المشاغل. وسوف ادير الإجتماع دون وجوده.
وفتح تشارلز أحد الملفات الملونة المكدسة أمامه علي الطاولة. وأحست إيفا بارتياح داخلي لأن بيتر مشغول... وحدقت بتشارلز، وأذهلها، كالعادة، كم هو مختلف جسديا عن أخيه... فبيتر أقصر قامة، وأقل قوة وليس له أي من وجود أخيه القوي .
ونظر تشارلز بكامل سحره إلي شارلوت، سكرتيرة بيتر، الجالسة إلي جانبه لتسجيل الملاحظات عن الإجتماع وابتسم لها:
- نحن جاهزون متى تكونى مستعدة. وأخرج كدسة أوراق من الملف ووضعها علي الطاولة أمامه:
- لقد اطلعت علي محضر آحر اجتماع...
وتوقف عن الكلام ليرفع نظره إلي إيفا ويتابع:
- أنا مهتم باقتراحك فتح سلسلة من المحلات تحت اسم الشركة.
ونظرت إليه إيفا ساخرة:
- ألا تجده اقتراحاً متهوراً ؟ أظن أن هذه هي الكلمة التي استخدمتها لوصف أفكاري.
- أجل.. هذا صحيح. ولكن هذا الأقتراح صدمني لدرجة إثارة الإهتمام. لماذا لا تقولي لي شيئاً عنه؟
علي الرغم من مظاهر الإنفتاح ، نظرت إيفا بريبة... إلي ماذا يرمي؟ ما هي الحيل التي في جعبته؟ ستكون غبية إذا تصورت أن كلامه هو بالضبط ما يظهر منه.
وأسندت ظهرها إلي المقعد، ثم ملست تنورة الثوب الكشمير الليلكي فوق ركبتها. وقالت:
- إنها فكرة بسيطة ... فأنا أظن أنه علينا أن نفتح بضعة محلات نبيع منتجاتنا المتعلقة بالديكورات. فحتى الآن، كما تعلم، مركز بيعنا الوحيد هو المخزن العام في البلدة الذي يبيع انتاجنا إضافة إلي انتاج الآخرين.
- ألا تظني أن هذا الترتيب يكفي؟ لقد كان ناجحاً لفترة ثلاثين سنة.
- أعلم هذا. وأنا لا أقترح أن نسحب إنتاجنا منه، ولكنني أميل للأحساس، بأن هناك ميل عند الناس، ونحن نقترب من عتبة القرن الواحد والعشرين، في تفضيل التسوق في المحلات الصغيرة المتخصصة. وأظن أن هذا ميل يجب أن نحسب له حساب.
وأخذ تشارلز يفكر
- وماذا فعلت حول الأمر حت الآن؟ هل تقدمت بخطوات في هذا الإقتراح بما أنكم بحثتم به في الإجتماع الأخير؟
فقطبت إيفا جبينها:
-بالطبع لم أفعل أي شيء! فما الفائدة؟
وقطب بدوره:
- أتعني أنك سكتي عن الفكرة؟ ألم تزعجي نفسك في بحث برنامج التسويق الذي يسبق مثل هذا المشروع؟ أليس هذا قلة مهارة مهنية منك؟
وخفق قلبها وهي تحدق به.. إما أن يكن تشارلز قد خرج عن عادته وإما يكون هناك شيء ما يحضره. وتنفست بعمق، ومالت نحوه:
-ولماذا أزعج نفسي بكل هذا، في وقت أنت تعرف جيداً، لو أنك قرأت الملاحظات بدقة، أن بيتر اعترض علي الفكرة في اجتماعنا الأخير؟
- اعتراض علي الفكرة؟ هذا ليس كما ورد في الملاحظات التي أمامي. وأخذ يلقي نظرة سريعة علي الأوراق التي أمامه، ثم نظر إليها بحدة وأخذ يقرأ:
-( انتهي الإجتماع باقتراح بأن تدرس الآنسة برايدن بعمق أكثر مشروعها المتعلق بافتتاح محلات متخصصة. وقد وافقت علي تقديم بحث لبرامج التسويق المطلوب حتى الإجتماع القادم).
ورمي الأوراق جانباً بازدراء، ورفع نظره كي يحدق بها:
- بالنسبة لي هذا لا يبدو اعتراضاً.
وذهلت غير مصدقة، وأخذت تفتش في نسختها عن محضر الإجتماع الماضي... ووجدتها.. واضحة بالأسود علي الأبيض تماماً كما قرأها تشارلز. وابتلعت ريقها بذهول:
- لا أفهم هذا .. فهذا ليس ما حدث...هذه المحاضر غلط.
- غلط، كيف يمكن أن يكون (غلط).
- لست أدري ... ولكنه ليس صحيحاً. هذا ليس ما حدث، لا بد أن أحداً...قد غيره.
ونظر إليها تشارلز نظرة إشفاق. لم تخف الإزدراء:
- ومن يفعل شيئاً كهذا...ولماذا؟ فلنسأل شارلوت... هل توافقي؟ فهي من كتب المذكرات... وإذا كان لآح أن يعرف إذا ماكانت قد تغيرت أم لا، فشارلوت تعرف، ألا توافقين علي هذا؟
ولم ترد، فقد أدركت، حت وقبل أن يسأل تشارلز شارلوت، ما كانت السكرتيرة ستقول. وكانت علي حق تماماً. فقد هزت شارلوت رأسها مؤكدة لتشارلز
- إنها تمامً كم طبعتها... ولم يتغير بها شيء مطلقاً.
- أرأيت، لم تجر أي تغييرات سرية من وراء ظهرك. لذا عليك أن تجدي عذراً آخرا لتقصيرك في عملك. فما فائدة طرحك للأفكار الجيدة إذا كنت كسولة عن ملاحقتها؟
وغابت الغرفة عن نظرها للحظة، وفقدت التركيز، وفقدت الكلمات. وأخذت تفكر بهذا الجنون الذي يحيط بها، ثم انتابها ارتياب شبه مؤكد أن هناك فخا قد نصب لها. فالسجلات قد جري عمداً التلاعب بها، من أجل أن تبدو وكأنها البلهاء.
وأكثر من هذا، لقد أحست بارتجاف لمعرفتعا بأن الخدعة قد احتسبت تماماً كي تخرجها ن أعصابها، ولتربكها، ولتسبب لها أن ترتاب بسلامة تفكيرها وقواها العقلية... فقد مر بها لحظة والغرفة تميد بها، تساءلت ما إذا كانت مخطئة أم لا.
ولكنها لن تسمح للعبة تشارلز الشريرة هذه بأن تكدرها بهذه السهولة فإذا كان يتوقع منها أن تستسلم للغضب والهستيريا، ولإتهامات مليئة بالدموع، فإنه سيواجه خيبة أمل قاسية. وسوف يكتشف أن ليس من السهولة تشويش أفكارها.
وبلهجة أثرت برودته حتى عليها قالت له:
- أعتذر... يبدو أن هناك سوء تفاهم، وسأبدأ العمل علي الفكرة فوراً. ومع قليل من الحظ سيكون أمامك مسودة عن الإستطلاع حتى نهاية الأسبوع.
وابتسمت متعمدة، ابتسامة ساخرة وأضافت:
- علي كل أنا سعيدة أن فكرتي قد اعتبرت جديرة بالمتابعة.

برنس وصاب 09-23-15 05:24 PM

ولكن تعابير وجه تشارلز لم تلين، ولم يكن هناك دليل علي أنها أثرت بهز وقال لها ببرود:
- هل ننتقل إلي موضوع عمل آخر"
وبماذا سيتآمر هذه المرة؟
ومر الاجتماع بسهولة وسرعة، ومع قليل من الحظ ستتمكن إيفا من الإستفادة ساعة كي تبدأ في بحثها في برنامج التسويق بعد ظهر هذا اليوم. ثم قال لها تشالز مذكراً:
- عقد مركز المؤتمرات الذي بحث في الأجتماع الماضي... هل حققت فيه أي تقدم؟
- أجل ... لقد حصل هذا.
وهي تمد يدها إلي ملفاتها، نظرت نظرة باردة ساخرة في وجهه... هل يتوقع أن تظهر حمقاء أمامه مرة أخري؟ فليتحضر إذاً لخيبة أمل! فالوقائع والأرقاو التي سوف تتلوها الآن، كانت واثقة أنها لم تعدل أبداً. لقد بقيت في جارور مكتبها منذ أن وضعتها هناك في مطلع الأسبوع.
- أعتقد أنك مدرك أهمية العقد موضوع السؤال؟
- أجل.. ولكنني لا أعرف التفاصيل.. ربما بإمكانك إعلامي بها.
- بكل سرورز
واستوت في جلستها... كانت فخورة بهذا العقد الذي حققته بمجهود شخصي:
- كما ستعلم دون شك فأن مركز المؤتمرات الكبير في مبني بلدية البلدة قد شارف علي الانتهاء، وهو يحتوي علي عدد من قاعات المؤتمرات . إضافة إلي مكان يتسع إلي حوالي المئتي شخص من الحضور. وأنا فخورة بأن اقول أن شركتنا قد دعيت لتنفيذ الديكور الداخلي للمركز والقاعات!
- أحسنت صنعاً.. ولكن ذكريني.. أي طراز من الديكور اختاروا؟
- لقد اختاروا الطراز الحديث.. ولقد سجلت عدة أرقام. هل أمررها بسرعة؟
- بكل سرور. فمن الأفضل أن ننهي الاجتماع بشيء إيجابي.
وأخرجت إيفا ورقة الأرقام من الملف ووضعتها بحذر فوق طاولتها وبدأت تراجع بعض الأرقام المتعلقة بالعقد. في بداية هذا الاجتماع قاربت أن تظهر علي إنها غبية...فليتفضل أحد بأي اتهام الآن إذا كان يجرؤ! فهذا العقد أحد أكبر العقود التي ستنفذها الشركة.
من الصعب القول ماذا حرك جرس الإنذار لينطلق في رأسها. ربما تكون تلك التقطيبة علي وجه تشارلز لا إنه التوتر الداخلي الذي يتملكها ... ثم أحست برعب جعل جسدها يتجمد فقد علمت أن الأرقام التي تتلفظ بها كلها خاطئة.
وتوقفت عن القراءة وأخذت تبحث في ملفها... ماذا يحدث؟ هل تقرأ ورقة أرقام أخري؟ وفهمت فوراً طبيعة الكارثة التي حلت بها بعد أن قال لها تشارلز بلهجة جامدة كالغرانيت:



برنس وصاب 09-23-15 05:24 PM

- أعذريني .. ولكن من معلوماتي المحددة للأسعار. يمكن أن أقول أن هذه ق أعطت زباءننا حسماً لا مبرر له. إما هذا... وإما الأرقام التي تقرإينها هي أرقام خاطئة.
وأحست إيفا أن دمها تحول إلي رصاص، فارتجفت بعد أن تملكتها نوبة في الإستفراغ. ولم تجرؤ علي النظر إليه، وتمتمت:
- إنها أرقام خاطئة.
وجائها السؤال الذي أحست به كالسياط:
- إذن هل لنا أن نستمع إلي الأرقام الصحيحة؟ أؤكد لك أن لدي أعمال أهم من الجلوس هنا والإستماع إلي ارقام محشوة لا معني لها.
وأحست كانها ستموت، وصلت كي تنفتح الأرض وتبتلعها... وقالت بصوت أجش. كالهمس:
- أظن أنني لا أستطيع أن اسرد الأرقام الصحيحة.
- لا تستطيعي؟
- أخشي هذا.
- ولماذا؟
- ليست معي.
- إذهبي واحضريهاإذن ، وتوقفي عن اضاعة وقتي.
- لا أستطيع. لا أملكها... فهذه هي الأرقام الوحيدة التي معي.
وساد صمت رهيب بدا وكأنه وحش يلتهمها... وقال:
- هل بإمكانك التلطف بشرح ما تعنين؟
وتنفست إيفا نفساً عميقاً.
- لست أدري كيف حدث هذا... ولكن هذه الأرقام ... هذه ليست لديكور عصري... إنها لطراز ياباني.
- ياباني..؟ لق ظننت أنك قلت أن الطلب كان لطراز عصري؟
- صحيح.
- فهمت .. الطلب لطراز عصري وأنت عملت علي أرقام لطراز ياباني وهل تسربت هذه الأرقام إلي الزبون؟
وأمسكت إيفا بطرف الطاولة دون وعي، في أي وقت الآن ستتقيأ، لقد كانت معدتها تتقلص وكأن حليط اسمنت في داخلها.
- لقد طلبت من سكرتيرتي أن ترسل لهو الأرقام بالفاكس هذا الصباح. وانهارت فوق مقعدها وقد أحست بكامل قواها تتخلي عنها:
- أوه... يا إلهي... كيف يمكن لشيء مثل هذا أن يحدث؟
- هذا بالضبط ما أتساءل عنه.
وباندفاع غاضب، أرجع كرسيه إلي الوراء ووقف، ثم قال لها:
- لا تحاولي أن تقولي أن أحداً قد غير لك هذه الأرقام... أحذرك، ليس من الحكمة تجربة نفس العذر مرتين!
- لم أكن أنوي أن أقول هذا... فالأرقام أنا سجلتها، ولست أدري كيف حدث هذا.
- ألا تعلمين؟ حسناً .. دعيني أقول لك شيئاً أنا لا أعرفه!..
وتوقف عن الكلام متعمداً، ومنتظراً أن ترفع نظرها إليه، وعندما فعلت ، وخداها مصفران... تابع ببطء... يقذفها بكل كلمة بحدة:
- ما لا أعرفه هو ماذا يفعل شخص بمثل قلة الكفاءة هذه في مركز له أولوية في هذه الشركة؟
وحرقت نظراته وجهها وهو يتابع:
- من الخير أنني قدمت إلي هنا... وأستطيع القول أنه حان الوقت للقيام ببعض التغييرات.


برنس وصاب 09-23-15 05:25 PM

عطل فني




الصدفة المجردة وحدها أبعدت الكارثة و المبلغ الذي يجعل الصواب يطير و البالغ الآلاف من الدولارات التي أخطأت إيفا بها و التي ستتكبدها الشركة خسارة تم الإنقاذ منها في جزء بسيط من الزمن
و الأول مرة في حياة إيفا وجدت نفسها مدينة لعطل فني بسيط جاء في وقته المطلوب .



بعد الإجتماع العاف و الكارثي مع تشارلز و بعد أن خرج عاصفاً بالغضب الأسود من غرفة الإجتماعات تاركاً إيفا مسمرة في مقعدها في إحباط كامل وجدت القوة بطريقة ما لأن تجر نفسها في الممر إلى مكتب سكرتيرتها ووقفت في الباب ووجهها رمادى .. .قالت بصوت ضعيف متهدج :
-ماري ..ذلك الفاكس .. الذي طلب إرساله هذا الصباح ..أعتقد أنك أرسلته؟
و ابتلعت ريقها بصعوبه .. و لكن وجه ماري شحب و قالت :
-أوه آنسه برايدن ..كان على أن أخبرك ..لقد تعطلت آلة الفاكس هذا الصباح ..و لقد وعدني التقني أن يأتي لإصلاحها قبل الغداء و لقد انتهى لتوه و خرج و لكن لا تقلقي..سأرسلها في الحال.




ومدت يدها إلى كومة أوراق على طاولتها و طارت إيفا عبر الغرف و انتزعت الأوراق من يد الفتاة و أحست بفراغ في رأسها من كثرة الإرتياح لا تكد تصدق حسن حظها و لا تمكنت من منع الابتسامة المشرقة من الإنتشار فوق وجهها .. وقالت بصوت هادئ و سعيد:
-هذا أفضل .. لدي بعض التغيرات .. و لن نستطيع إرسالها قبل الغد .
و ضمت الأوراق إلى صدرها الذي يخفق و ركضت تقريبا المسافة التي تفصلها عن غرفة مكتبها و انتزعت الهاتف لتتصل بشارلز و قالت له بأنفاس مقطوعة :
-كل شيء على ما يرام .. الأرقام لم ترسل بالفاكس بعد و هي معي سأبدأ العمل بالأرقام الصحيحة فورا و لن يستغرق هذا أكثر من ساعتين .
-أنهيها قبل الخامسة ثم أحضريها لى
و لم يظهر على لهجته أي دليل على أنه مسرور لسماعه هذا الخبر .
-أريد فحصها قبل إرسالها.




-لن يكون هذا ضرورياً...لقد ارتكبت غلطة و أنا قادرة على إصلاحها.
ورد عليها بلهجة ناعمة تحمل كل السخرية و الإنتقاد:
-في هذه الحالة لا عليك أن تقلقي ...أليس كذلك؟ ولكن في حال حدث ..أن أرتكبت خطئاً آخر.. أخشى أنني سأضطر إلى الإصرار على فحص الأرقام الجديدة..عند الخامسة إذن! في مكتبي..سأكون بانتظارك .
اللعنه عليه! لقد أقفل الخط ..أنه يفعل هذا متعمداً إذلالها وعضت على شفتيها .. أنها تتصرف لتقع تماماً بين يديه و تقدم له نفسها على طبق من فضة جاهزة و تسلمه بيدها السلاح لذي سيقضي به عليها!
و أحنت رأسها فوق أزرار الكومبيوتر و نظرت إلى ساعتها سوف تنتهي من هذه الأرقام التي طلبها جاهزة و مراجعة مرتين عند الخامسة كما طلب !
ولوح تشارلز بيده نحو كرسي بعد أن دخلت إيفا من الباب .
-أدخلي و أجلسي
-لن يكون هذا ضرورياً ..لدي الأرقام هنا و أظن أن ستجدها توضح نفسها
-شكراً لك .. لا تستعجلي كثيراً .. أظن أن علينا أن نتحدث ..إلا إذا كان هذا لا يناسبك ؟
ووقف ليمسك بساعدها لمسته سببت اضطرابا في قلبها لقد بدت لمسته حميمه متملكة مهددة و جفلت إيفا و أجبرت نفسها على النظر إليه و لكنها لم تجد أي دليل على إحساسه كم سببت لها لمسته من إزعاج و قالت :
-إلا إذا الحديث ضرورياً جداً أظن أنني أفضل تأجيله إلى وقت آخر و أظن أن تواق لتفحص هذه الأرقام .




-يمكن أن تؤجل إلى المساء سأخذها إلى المنزل معي و أنا واثق أنها ستسليني قبل النوم .
وهو يتكلم ترك ذراعها و دس يده في جيب بنطلونه و تابع:
-مجرد ساعة من وقتك هذا كل ما أطلبه .. أظنها فكرة جيدة .
-فكرة جيدةلمن؟ و نظرت إليه إيفا بارتياب تتساءل ماذا هناك في عقله الذكي الشرير .
-مايقارب الساعة ؟ يبدو الـأمر مهماً .. ماذا يمكن أن يكون هناك لنقوله لبعضنا هلال ساعة ؟
و ابتسم لدهشتها سبب لها الإبتسامة أغرب إحساس.
و كأنما عقدين من الزمن تماثلا أمامها .. كانت قد نسيت أنها قديماً و قبل أن تكبر و تعرفه على حقيقته كانت تجد ابتسامته مثيرة و مسلية .. و نسيت أنه قد كان هناك وقت لم تكن تكرهه فيه.
ووجدت نفسها تبتعد خطوة عنه و ابتسامته المخادعة لازالت تتراقص فوق عينيه قال لها :
-بالتأكيد بعد هذا الزمن الطويل لدينا الكثير لنتحدث عنه؟ لقد مرت سنوات لم نتحدث .
و بدا كلامه و كأنهما صديقان متلاحمان هذا الرجل الذي سبب لها الألم و الإذلال في طفولتها و إحساس بالعزلة استلزمها سنوات لتتخلص منه! و نظرت إليه ببرود:
كم هذا اقتراح حميم .. على كل .. لا أقدر أن أقول إني في مزاج يسمح لي بحديث ودي .



-هذه الحاله يمكننا أن نلتزم بحديث العمل .
-و عاد على كلا حالتين .. أصر أن آخذ ساعة من وقتك .
-هكذا إذن ...
و نظرت إليه متحدية ثم أخفضت نظرها إلى حيث يقبض ذراعها و قالت بلهجة آمرة حازمة :
-أترك يدي بكل لطف .. فأنا لست معتادى أن يستأسد علي من هم مثلك!.
و ابتسم تشارلز و لكنها ابتسامة باردة غير مبالية .
-لا أحد يجرؤ ..أليس كذلك . أعني الإستأساد عليك.فمن المحتمل أن تسلطي عليه لسانك الشرير السليط و هذا أكثر تأثير من المخالب و القبضات .
و ابتسم ابتسامه غريبة و تابع :
-و لكن هذا الأسلوب لن ينجح معي أحذرك .. فأنا منيع ضد شرك .
و ترك يدها فقطبت جبينها مفكرة لماذا كل هذا الكلام بحق الشيطان ؟ و من أين أتت هذه الإتهامات السخيفة التي يتفوة بها ؟ و معها كل الحق بأن تدعوه بالمستأسد!و ضاقت عيناها فيه وقالت:
-هل ما تقول صحيح؟حسناً بكل صراحة أنا لا آبه البته بما... أو بما لست... أنت منيع ضده!
-كنت مخطئاً ... لم تتغيري أبداً فخلف المظهر الجميل لا تزالين حقاً شريرة كما كنت.
-إذا كنت شريرة فأؤكد لك أن الفضل يعود إليك لقد علمتني هذا و أنا لا أزال صغيرة جداً .



-لا ... أخشى أن هذا النوع من البراعه فيك هو طبيعي.. و لن أتحمل أي فضل فيه .
و نظر إلى ساعته بسرعه و تابع :
-دعينا لا نضيع الوقت أكثر إذهبي و أحضري معطفك .
-معطفي؟لماذا؟ ليس لدي فكرة بأننا ذاهبان إلى مكان ما.
فابتسم ساخراً :
-سنذهب لنتحدث كما ذكرت .. هل نسيتي .؟
-لا .. في الواقع لم أنسى و لكن لدي انطباع اننا سنتحدث هنا .
-حسناً لن نفعل هنا. لقد اكتفيت من وجودي في الكتب اليوم سنخرج.. و سنأخذ سيارتك فسيارتي

برنس وصاب 09-23-15 05:25 PM

ليست معى هنا , وسنجد حانة جميلة لطيفة وسنتحدث هناك .
- أخشى إننى لا أستطيع أن أوافق معك ... إذا أردت الحديث معى , بإمكانك التحدث هنا .
تنهد تشارلز :
- هل يجب أن تقيمى قضية من كل شئ ؟ لا عجب أنك ستسببين الجنون لأخى .
ودون أن ينظر إليها أخذ حقيبته عن الأرض ودس الأوراق فيها ثم سار إلى تعليقة الملابس حيث معطفه , وأخذه ليرتديه وأرسل إليها نظرة مرحة .
-إذا أصريت فى عنادك , نستطيع تأجيل الحديث إلى الغد .. فكرى بالأمر فربما ينضم بيتر إلينا .
ذكر بيتر أرسل رعدة باردة فى أوصالها ... آخر شئ تريده هو بقاء إجباري معه ... ونظرت إلى تشارلز ... معه ليس هناك نفس المشكل وليس هناك من تعقيدات فى مشاعرها تجاهه , فما تشعره نحوه هو نوع نظيف غير معقد من الكراهية . وبهزة كتف مستسلمة تجاوزته وهي تقول :
- سأذهب لأحضر معطفى , وسأراك فى موقف السيارات .
بعد أن جلست فى مقعدها وأدارت محرك السيارة قالت ساخرة :
- ألا تمانع فى أن أقود ؟
- بالمرة . ولماذا أمانع أن تقودى ؟ فأنا أعتقد أنك قادرة خلف المقود .
الإطراء أدهشها كذلك تصرفه اللائق معها ., ولو حاولت الصدق مع نفسها , فهو قد أثارها قليلا , كانت تتوقع منه أن يقترح , إذا لم يحاول الطلب بشدة , وهما يتجهان إلى سيارتها الحمراء الأودي , أن يتولى هو القيادة ولكانت سعدت جدا لأن ترفض طلبه وهى تتحرك بالسيارة رمقته بنظرة سريعة وقالت :
- كثير من الرجال يعترضون أن تقود بهم إمرأة ... يبدو أنهم يظنون أن هذا ..
- يتحدى رجولتهم .؟ إنها مشكلتهم أليس كذلك , أنا شخصيا لا أظن أن رجولتى هشة لهذه الدرجة .
وللسخافة , كلماته جعلت وجهها يحمر خجلا , وأبقت عيناها مركزتين على الطريق أمامها :
- أين تحب أن تذهب ؟. هل لديك أى حانة معينة فى ذهنك ؟
- ما رأيك بحانة ( سيدتي الجميلة ) إنها مكان دافئ جميل , إلا إذا كنت تفضلين مكانا آخر ؟
- ( سيدتي الجميلة ) مكان رائع .
وكانا على وشك الوصول وهما يشقان طريقهما وسط طرق ملتفة قروية , عندما فاجأها بسؤال غريب :
- هل كنت تتكلمين عن تجربة عندما ذكرت أن بعض الرجال يشعرون بنقص فى رجولتهم إذا قادت إمرأة بهم السيارة ؟
- ما هذا السؤال الغريب ؟ ماذا أعطاك هذه الفكرة ؟
- مجرد فكرة . لقد قلتها بانفعال ؟ إذن أنا مخطئ ؟ فالرجال فى حياتك لا يعانون من مثل هذه الشكوك حول رجولتهم ؟
والتفتت نحوه بسرعة :
- وما شأنك أنـ...
ولم تنهى جملتها .. فقط اصطدمت السيارة من تحت بكتلة ثلج مما سبب انزلاقها عن الطريق . وعلى الفور أصبحت يدا تشارلز فوق المقود . وقال آمراً :
- لا تلمسي المكابح !
وأعاد السيارة إلى خطها . ودفعت إيفا يداه بعيدا وقد تضاعف انزعاجها منه .
أعرف تماما خطر استخدام المكابح فوق الجليد !
وابتسم تشارلز . ليزيد من انزعاجها :
- وأستطيع القول أن الخطر الاكبر يمكن فى استجوابي لك ببراءة عن أصدقائك . لن أتفوه بكلمة أخرى .. إنسى أننى موجود وقولى لى متى نصل .
ولعنته إيفا فى سرها . استجواب برئ ! كم من الجرأة أن يتدخل فى حياتها الخاصة . مع هذا النقص الحاد فى اللياقة .
وأخيرا وصلا حانة ( سيدتي الجميلة ) ونظرت إليه إيفا من طرف عينها وقالت :
- لقد وصلنا .
وخرجت من السيارة وأقفلتها . ثم وضعت يديها فى جيب معطفها .
- إنها ليلة باردة . لندخل بسرعة .
- أتمنى ان يستمر الثلج بالهطول , أحب أن أقوم ببعض التزلج وانا هنا .
ونظرت إليه بحقد , الخنزير الأنانى , كل ما يهتم به هو نفسه . وقالت له بصوت متجلد كالطقس من حولهما :
- معظم الناس يفضلون أن يخف الثلج , فهو قاس وخطر , بعض الناس يموتون فى هذا الطقس البارد . ولكننى لا أتوقع منك الإهتمام بكل هذا .
- لشخص غير معصوم من الخطأ مثلك , لا تملكين الحق بمثل هذا الرأى ... فأنت تمررين الأحكام وكأنك آلهة من أوليمبيا .
ومد يده ليلمس ذراعها وعلى فمه ابتسامة غير قاسية وقادها إلى مدخل الحانة وقال :
- لدى شعور بأننى سأتمتع بحديثنا الصغير أكثر مما توقعت .
لا يلزم أن يفكر عبقري بما يقول ليعرف ما يقصد .. فكل همه من هذا اللقاء غرز سكين فى ظهرها .
ووجد تشارلز لهما طاولة فى زاوية هادئة , وطلب كأس شراب دافئ له وكأس صودا لها , وقال وهو يخلع معطفه :
- لقد مضت سنوات لم أحضر إلى هنا ... فى الأيام الماضية كنت أحضر إلى هنا كثيرا .
وأجابته بلهجة فيها بعض العداء :
- حقا ؟
ولم تحاول البدء بالحديث , فلديها شعور على عكس تشارلز بأنها لن تتمتع به . ووضع تشارلز معطفه إلى جانبه وقال :
- هل أنت واثقة أنك لا تريدين خلع معطفك ووضعه هنا ؟ المكان دافئ جدا . وأنا واثق أنك لن تحتاجينه .
ولم ترد على سؤاله بل قالت بعد أن جاء الساقى بالمشروب :
- أين ستقيم ؟ هل ستقيم مع بيتر وماغي ؟
- نعم ولا , سأقيم بما كان يدعى منزل الجد القديم , عند نهاية الحديقة .. اتذكرين ؟ كنا معتادين على اللعب هناك ونحن أطفال . وهذا يعنى أننى لن أكون تحت سيطرة ماغي المباشرة طوال الوقت مع أننى من المؤكد أن أتناول الطعام معهما .
وبالرغم فى نفسها , ابتسمت إيفا . فهى تتذكر الجد إيربي القديم جيدا , مع أنها كانت عادة تلعب مع بيتر , فتشارلز أكبر منهما بست سنوات , وكان أكبر من أن ينضم إلى نوع لعبهما .
- أنا مندهشة للطريقة التى تكارمت فيها فى تخيلك عن ذلك المنزل القديم الرائع لأخيك وزوجته .... فوالدك تركه لك ... وكنت أظن أنك ستحتفظ به .
- أنه لا يفيدني كثيرا عندما أمضى وقتي فى بروكسل .
- صحيح ... ولكن يوما ما قد تفكر بالعودة إلى هنا .
قالت هذا دون أن تصدق ما تقول . فهو لن يعود إلى هنا أبدا , لقد ترك الريف فى سن التاسعة عشر . وكسب أول مليون له فى سن الخامسة والعشرين . وهذه المنطقة , والبيت القديم لا يعنيان شيئا له الآن , وابتسم وهو يقول :
- من يدري ؟ قد أعود , وفى هذه الأثناء لقد أصلحت من بيت الجد كي يصبح ملائما لي . إنه يلائم احتياجاتي تماما . إضافة إلى أننى ... لو أردت العودة ... واستعادة المنزل ... بإمكاني طرد بيتر في أية لحظة .
ورمقته إيفا بنظرة ماكرة :
- لن تفعل هذا ! ... مع أى إنسان آخر قد تفعلها دون أن يهتز لك جفن . ولكن أخاك الأصغير المحبوب قد يحرق المكان وستضطر إلى دفع مبالغ طائلة لإعادة بناءه لتسكن فيه ثانية .
- أتظنين هذا ؟
- أعرف هذا . أما بالنسبة لك فحبيبك بيتر لا يمكن أن يفعل أى شئ خاطئ .
- إنه أخى .. أخى الوحيد . ولماذا على أن أتصرف معه بشكل مختلف؟
كان بإمكان إيفا أن تعرف عليه ألف سبب ولكن ما الفائدة فى وقت الحقيقة الكاملة هى ان تشارلز نفسه سئ أكثر من بيتر ؟ فبيتر هو البخار الوحيد الذى يتصاعد من غليان تشارلز .
فى هذه اللحظة اختار تشارلز أن يظهر مخالبه , فقد استوى فى مقعده ونظر إليها مباشرة .
- أظن ان الحديث المؤدب هذا يكفينا .
ووضع كأسه على الطاولة وابتسم متابعا ببرود :
- أقترح أن نتخلص من المجاملات الإجتماعية , ونخوض الموضوع الذى جئنا إلى هنا لنناقشه .

( نهاية الفصل الثالث )


برنس وصاب 09-23-15 05:26 PM

صراع السلطة
ابتلعت إيفا بحنجرتها من خوف , ونظرت إليه دون أن يرف لها جفن . وقالت , بعد أن تمكنت من رسم ابتسامة على شفتيها :
- هيا بنا ... أنا أكره إضاعة الوقت . فكلانا , أنا واثقة , متشوق للعودة إلى منزله للعشاء .
- حقا ... قلت إنك عملت للشركة منذ أكثر من أربع سنوات .
- هذا صحيح . لقد بدأت عملى فور تخرجي من الجامعة , فى وظيفة صغيرة فى قسم المبيعات , فهذا هو القسم الذى كان يثير اهتمامى على الدوام .
- أرى هذا . وهل هو القسم الوحيد الذى تدربت عليه ؟
- اوه ... لا . لقد كان والدى دائما يقول أن من المهم جدا . لأى شخص يأمل فى أن يتولى منصبا عاليا فى أية شركة أن يمر فى العمل فى كل الأقسام ..
وهز تشارلز رأسه :
- إنها نصيحة عظيمة . ولكن والدك كان دائما رجل يستاهل أن يستمع المرء إليه .
لسماع كلمات التقدير هذه , أحست بدفقة مشاعر تعتمرها . التقدير على الارجح مخلص صادق . فتشارلز ووالدها كانا متفقان دائما . ولا يزال هذا الأمر يحيرها .. فوالدها رجل حذق , ولكن لسبب ما فشل فى رؤية الشر الكامن وراء فتنة تشارلز .
- لقد عملت فى كل قسم من أقسام الشركة , فى المحاسبة والتصميم , وشؤون الموظفين ... وأظن أننى درست كل الأرضيات .
- أنا واثق من هذا , ثم استقريت العمل فى قسم المبيعات والتسويق !
- أجل .. وعندما تقاعد السيد دايفز العجوز منذ سنتين , حصلت على ترقية لأحل مكانه على رأس القسم .
- إنها مسؤولية كبيرة .
- وانا اتمتع بالمسؤوليات , فأنا لا أجدها عبثا أبدا , إذا كان هذا ما تلمح إليه .
ولمعت عيناه :
- من المؤكد أن يمر على أى إنسان وقت يحس بأن مسؤولياته عبء عليه ؟. وهذا امر طبيعى حتى انا يمر على أوقات أكون أكثر من سعيد لألقى عن كاهلى بعض مسؤولياتى ...
- فى هذه الحالة , ربما لست مؤهلا لوظيفتك .
- هل هذا هو انطباعك عنى ؟
- ربما تكون قد قضت قضمة أكبر مما تستطيع أن تمضغها ؟
كانا يلعبان لعبة مريرة , وكلاهما يدرك هذا , ومع قليل من الحظ تمكنت من إبعاده عن الطريق التى كان قد تحضر ليسير عليها . ولكن إلى متى سيسمح بإبعاده عنها ؟ ولكي تزعجه عليها أن تمدد اللعبة قدر استطاعتها ... فتابعت القول :
- وربما كان عليك البقاء هنا فى الشركة ... وربما كان عليك أن تكون أقل طموحا .. فعلى كل الاحوال .. رجل واحد لايمكنه احتلال العالم .
واستوى فى مقعده لينظر إليها قليلا ثم يجيب :
- وهل هذاما تفكرين أننى أحاول عمله ؟
- شئ من هذا القبيل ... أظن أنك طموح دون حدود , وأنت تحرق نفسك سعيا وراء السلطة . ولايمكنك الشبع منها , أنها الشئ الوحيد فى الدنيا الذى يهمك . ولكننى اعرف هذا , حتى وانت طفل .
ولم يقل تشارلز شيئا للحظات ... وأخذت عيناه تدرسانها عن كثب .
- لابد أنك كنت طفلة ثاقبة النظر ...
- أجل لقد كنت هكذا .
- أم كنت ذات مخيلة واسعة .
- لا .. بل ثاقبة النظر .
- ربما اكثر من اللزوم ... ربما رأيت اكثر مما كان هناك فعلا .
وقبل أن ترد . مال إليها , وتابع :
- ولكننا نبتعد عن الموضوع الذى جئنا إلى هنا لنناقشه , لايجب أن نتحدث عنى , بل عنك .
وسرت إيفا لأنه أعادها إلى الطريق ثانبة . فللمرة الأولى منذ تلك السنوات أحست بشئ فى داخلها يتوق كي يواجهه بآثامه وشروره .
تلك الملاحظة عن تخيلاتها هى التى جعلتها تغضب , وأحست فجأة ان عليها أن ترمى فى وجهه بعض الحقائق التى كان يتجنبها . ثم تتركه يستوعب ما كان دائما يظنه مجرد خيال !
ولكن لن يكون هناك فائدة من هذا ... فسوف ينكر كل شئ إضافة إلى أن تلك الأشياء الصغيرة القديمة لم يعد لها اهمية , ونظرت إليه متحدية :
- أنت على حق ... لقد ابتعدنا عن موضوعنا ... تفضل استمر فيما كنت تقوله .
فابتسم بسمة غريبة , ثم مد يده إلى كأسه ولف أصابعه السمراء حوله , ورفعه إلى شفتيه , واحتسى ملئ فمه ثم أعاده إلى مكانه وقال :
- كنا نتحدث عن عملك , وواقع أن مسؤليته تبدو كبيرة عليك قليلا .

برنس وصاب 09-23-15 05:26 PM

- وهل كنا نتحدث عن هذا ؟ لم أشعر بأن الحديث تقدم بنا إلى هذه المرحلة ... أظن أنك كنت تفكر باننى قد أجد المركز حملا ثقيلا على . وليس لدى أى فكرة أنك قد قررت عنى ذلك .




- ولكنك تجدينه هكذا ... أليس كذلك ؟




- لا .. أبدا , أجد تحديا وحافزا للعمل , ولكن ليس عبئا على الإطلاق .




- ولكن الوقائع تقول شيئا أخر .




ومالت إلى الامام نحوه :



- أتحاول أن تحكم على نهائيا وتديننى بسبب غلطة واحدة ؟




- هيا الآن ... كلانا يعرف أن هناك العديد من الأخطاء . صحيح أننى شهدت خطأ واحدا , ولكن لدى معلومات أن هذا هو الآخر ما بين الكثير .




- أتوقع هذا .




- أيعنى هذا أنك تنكرين ؟




- لقد قلت لك سابقا أننى أنكرها , كما سبق وقلت لك أن أخاك كاذب .




وتنهد تشارلز .



- لو لم اكن حاضرا بنفسى الاجتماع اليوم وشاهدت بنفسى تلك الكارثة التى كانت ستحل بنا حول الأسعار , فما من شك أنك كنت الآن تصرين على إنكار ما حدث .




- لا .. لن أفعل , فأنا لست كاذبة ! أنا لست فخورة من تلك الغلطة التى ارتكبتها , فى الواقع يتملكنى الذعر والخجل منها . ولكن ان أصرح بها رؤوس السطوح ... ولن أكون جبانة لدرجة إنكارها .




ولم يظهر عليه أى تأثير لدفاعها عن نفسها



- أتعلمين شيئا ؟ لو أن أى موظف فى اى من شركاتي ارتكب مثل هذا الخطأ الشنيع حول الأسعار , فبدون النظر إلى أن تكون غلطته الاولى أم لا ... لكنت طردته على الفور , فأنا لا أوظف الناس ليخسروا لى مالى .




كلماته كانت كلسعات السوط ... ومن مكان ما وجدت القوة لترد :



- وهل هذا ما تقترح أن يحصل لى ؟




ولم يرد عليها ردا مباشرا , بل قال :



- على الأقل , يمكن أن أنقلهم إلى مركز لايمكنهم فيه الأضرار بمصلحة الشركة , إلا تظنين أن هذا أمر منصف ؟




وأحست إيفا بمعدتها تتقلص كالكرة , وبدأ الإحساس بالغثيان ينتابها .. إذن هذه هى استراتيجيته ؟ إنه يخطط لتخفيض مركزها فى الشركة .




وتنفست عميقا , وأحست بالغضب يحل مكان الخوف الذى استقر فى نفسها .. وردت عليه متهمة :



- أعتقد أنه كان على أن أتوقع هذا . منذ لحظة مات والدى . فعندما كان حيا , ما كانت لديك الجرأة أن تحاول فعل هذا بى , ولكن , الآن وبعد أن ذهب . فقد وجدت الطريق سالكة كي تخرجني بالتدريج من الشركة ... أولا تخفض من مركزي ... ثم دون شك ستجد عذرا آخر لترمينى خارجا .




وأصبح خداها محمران جدا من الغضب , ومالت إلى الأمام لتتحداه :



- أنت لم تقبلنى أبدا فى الشركة ؟ أنت تظن أننى لا أناسب ! دائما كنت تظن هذا ! حسنا دعنى أقول لك شيئا , وهذا بالضبط ما قلته لبيتر ... انت لن تستطيع الخلاص منى بهذه السهولة !




- ولماذا قلت لأخى هذا ؟ فكما قلت لك سابقا : أنه لا يريد التخلص منك .




- أوه .. بل يريد ! وانا أعرف هذا ! مع انه لم يحول ما يريده إلى كلمات , ولكنه أوضح هذا بتصرفاته على كل الاحوال !




وهز رأسه بنفاد صبر



- لماذا تصرين على الكذب ؟ لماذا تصرين على محاولة تصوير نفسك كضحية ؟ أنا أعرف أن بيترلايريد التخلص منك ... وفى الواقع أنه لا يريد أن يخفض مركزك , لقد أمضى ساعة معى بعد ظهر اليوم محاولا إقناعى بأن لا أفعل .




- بيتر ... أنت تمزح ؟




- ولماذا أمزح .؟ لا أجد اى من هذا مضحكا .




- ولكننى أجده هكذا ... وهل تتوقع منى جادا أن أصدق بأن بيتر كان يدافع عنى ؟




- صدقى ما شئت . ولكن الواقع أن أخى حاول إقناعى بأنك تبذلين جهدك , بالرغم من كل الادلة المعاكسة , وبانك تتحسنين .




لماذا يزعج نفسه باختراع مثل هذه الاكاذيب ؟ أنها تعلم جيدا أن بيتر لن يدافع عنها أبدا ... وخفق قلبها , هل يحاول تشارلز أن يخادعها ؟ هل هذا هو نوع من المؤامرة كي يربكها وينكر عليها حقها وبعد ذلك يحكم قبضته على الموقف ؟. ... أجل .. هذا يبدو مألوفا لديها . وقالت له متحدية :



- أنا لست غير كفؤة ... مهما قلت .. فأنا مجيدة فى عملى ... وذلك الخطأ حول الأسعار ...



- لم يحدث ... أهذا ما كنت ستقولينه ؟



- فى الواقع , أجل .




ما أردت قوله أن ما حدث كان بسبب شدة غضبها من أخيه ساعتها . ولكن لو قالت له هذا فإنه لن يوصلها إلى اى شئ . مجرد التفكير بما حدث جعلها ترتجف . وقالت له :



- ما كنت احاول قوله لايهم الآن . والمهم أنك تفكر أن الحق , وبسبب غلطة واحدة , أن تحرمنى من وظيفتى , ولا أستطيع تركك تفعل هذا , ليس دون معركة , فوظيفتى تعنى كل شئ لي

برنس وصاب 09-23-15 05:28 PM

- ولا حتى إذا وظفت مخيلتى الأكثر أسطورية وثقبا .




والتقت عيناهما بثبات عبر الطاولة , الليلكيتان والسوداوان , فى صمت فولاذى وعدائى . ثم وقفت إيفا على قدميها :



- لقد قلت لك ... أود الذهاب الآن , ستكون إيلين بانتظارى على العشاء .




- إذهبى إذن .. أنا لا أمنعك .. سأبقى لأتناول كأس شراب آخر .




- وكيف ستعود إلى المنزل ؟




- أوه ... سأطلب سيارة أجرة .. ولكن من التهذيب منك أن تهتمى بى .




وابتسمت له ابتسامة فولاذية



- لست مهتمة , وأرجو أن لا تفكر بهذا للحظة ... كنت فقط أسألك من باب التهذيب .




- وهذا ليس من طبعك أبدا .




ووقف ببطء وهو يتكلم ... وفجأة بدا وكأنه يقف فوقها تماما . يحشرها فى الزاوية وراء كرسيها ... ولفترة جزء بسيط من الثانية , أحست وكأنها علقت فى فخ . فرفعت نظرها إلى وجهه بعد أن أحست بذعر غريب يتملكها , مما سبب سرعة خفقان قلبها , وارتجاف بسيط ليديها , ثم ... ابتسم وتنحى إلى جانب ... وقال :



- الأفضل أن تذهبى فى طريقك إذن ... فأنت لا ترغبين فى إبقاء إيلين وعشاؤك منتظران , سأراك فى الغد ... ويمكننا عندها متابعة حديثنا .



وحدقت به . وقد كرهته فى الماضى كله ... مايحاول أن يفعله بها لا يهمه البتة , تدمير حياتها ومستقبلها المهنى لايهمه أكثر مما يهتم فى ان يدوس على حشرة .




ولاقت بذلك بسرور البادى فى عينيه بنظرة باردة تحمل الإزدراء :



- شكرا على المشروب ... وعمت مساء .




واستدارت على أعقابها وتوجهت نحو الباب , ولحق بها صوته وتلك البسمة الساخرة عبر المطعم :



- عمت مساء , قودى بانتباه ... وتذكرى ما قلته لك : إبعدى قدمك عن المكابح إذا اصطدمت بالجليد .




وخرجت ... وجاهدت لتعيد سيطرتها على أعصابها , ثم توجهت نحو سيارتها ... لتديرها وتعود إلى منزلها .


( نهاية الفصل الرابع )

برنس وصاب 09-23-15 05:31 PM

دعوة عشاء

بإعجوبة .. تمكنت إيفا ن الوصول إلى منزلها سالمه تطلب منها التركيز على الطريق كل ذرة إرادة منها إضافة إلى التوقف عن التفكير بغضب كم تكره تشارلز إيربى .





ووضعت سيارتها في الكراج ثم ركضت الممر و كالعادة دست مفتاحها في قفل الباب و دخلت إلى الدفئ المرحب للرادهة بسجادتها القرمزية الغامقة و جدرانها المكسوة بخشب السنديان اللماع و هي تحس بشعور حميم لذيذ بالعودة إلى بيتها .
وظهرت إيلين من باب غرفة الطعام :
-آنسه برايدن .. لقد عدت بدأت أقلق من تفكيري بقيادتك للسيارة في مثل هذا الطقس الردئ.




فابتسمت إيفا للمرأة بحرارة .
-أنا سعيدة بعودتي الطقس الشرير في الخارج يزداد سؤاً
-لا بأس .. عندما تصبحين جاهزة لقد حضرت لك لحم خاروف لذيذ بانتظارك في الفرن و قالب حلوى بالتفاح و بعده الكاستر.
-يبدو هذا رائعاً تماماً ما اشتهيته أعطني فقط خمس دقائق لأغير ملابسي و حذائي العالي هذا.





إيلين كانت مدبرة هذا المنزل منذ أن كانت إيفا في الثامنه من عمرها و بعد وقت قصير من وفاى ليز برايدن أمها بالتبني و إيلين هي التي ربتها حقاً و إيلين ساعدتها في فروضها المدرسية و هي التي جففت دموعها عندما كانت تقع و تجرح ركبتها و هي التي شرحت لها حقائق الحياة و طمأنتها بكلمات مليئة بالحب و الإدراك في تلك الأيام الباردة المظلمة عندما كانت تحس بأن لا أحداً لا يريدها و بعد أن قال لها بيتر ما قال حول تبنيها و استبد بها الغضب لدى تذكره أنه يظن أن إيلين مجرد خادمة ولكنه مخطئ إيلين جزء من حياتها و لن تفترق عنها أبداً و لا حتى إذا وجدت نفسها في ضيقة ماليه كما قال .. سوف تبيع المنزل وممتلكاتها قبل أن تتخلى عن إيلين!





و نظرت إلى المرأة .. و أخذت تتساءل مقطبة .. هل سيفعل بها هذا ؟ هل سيحاول إخراجها من الشركة حقاً و بجدية و هل سيكون تخفيض مركزها الخطوة الأولى في هذا السياق؟
أجل سيفعل ..هكذا عليها طيفها بصمت .. إخراجك من الشركة هو ما كان دائماً يسعى إليه بسرعه إذا.. تحضري لمعركة لا تعرف الرحمه و لاحدود لها.
القصة التي قالها لها بيتر و هي طفلة في جزء منها على الأقل كانت حقيقة فأمها الأصلية هجرها الرجل الذي أحبت الأب الذي لا يهتم لإبنته الصغيرة و تبناها آل برايدن بعد فترة قصيرة من مقتل أمها على يد ذلك الرجل عندما كانت في الأسبوع السادس .. و ربياها و كانها ابنتهما بعد اثني عشر سنه من الزواج دون أن يرزقا بطفل لقد عرفت بكل هذه التفاصيل لأن إيلين أخبرتها بها .





تنهدت إيفا .. كم كانت تلك الأيام قاسية عليها .. فحتى بعد أن استمعت إلى إيلين حاولت تصديقها فقد بقيت الشكوك دخلها لسنوات بأن والدها بالتبني لا يحبها و يخجل منها و لم يتغير رأيها إلى أن أصبحت في سنوات مراهقتها عندما أدركت الحقيقة .. بأن والدها يحارب الدنيا لأجلها و كان يفعل هذا دوماً و بأنه كان فخوراً بأنها ستصبح وريثته.


و تحركت مبتعده عن المرآة .. و تنهدت .. فحملة الظلم قد بدأت من جديد ما عدا تشارلز هذه المرة يعني جدياً ما يهدد به و لهذا السبب تولى الأمر بنفسه و لكنه هذه المرة سيكتشف أن أمامه معركة حقيقية .





كانت في منتصف طريقها على السلم عندما سمعت صوت جرس الهاتف و ردت إيلين من المطبخ .. و ما أن وصلت إيفا غرفة الطعام حتى دخلت إيلين لتقول :
-إنه السيد إيربى .. تشارلز إيربى .. كان يسأل إذ ما كنت وصلت المنزل سالمه.
-كم هذا لطف منه
اهتمامه كان مثل اهتمام القطة بإبقاء صيدها حياً كي تعذبه أكثر كم هو رجل قاسي الفؤاد مخادع مكروه!
و ابتسمت لإيلين بعد أن رمت كل تفكير بتشارلز جانباً .
-هيا احضري لحم الخروف ..أكاد أموت جوعاً !.
ورن جرس الهاتف في مكتبها في اليوم التالي و قالت لها السكرتيرة أن السيدة إبرابى تطلبها و بدهشة و استغراب أخذت تستمع إلى ماغي زوجة بيتر و هي تقول لها بعد المجاملات:
-سوف تأتين إلى زيارتنا ألن تفعلي ؟ سوف نتناول العشاء أربعتنا معاً .. كما أننا عائلة سعيدة .
و ابتسمت إيفا فهذا التوقع راق لها و لكن دماغها توقف عن العمل و لم تستطع التفكير بعذر
-إنه لطف منك يا ماغي و لكن أليس من الأفضل تناول العشاء أنتم الثلاثة فقط ؟ على كل أنا بالكاد أكون من العائلة أليس كذلك ؟
-بل أنت أكثر مما لو كنت من العائلة و أنا أصر على أن تنضمي إلينا و لن أقبل الرفض كجواب!
-وماذا هناك لأقول إذن؟ سأكون مسرورة لأنضم إليكم شكراً لك ماغي أتوق للقاءك
و بنتهيدة عميقة وضعت إيفا السماعه من يدها لم تكن قد أطلقت مثل هذه الكذبه الفاضحة في حياتها.
-إذن ستنضمين إلى بيتر و ماغي و لي هذا المساء .. أنا مسرور لهذا لن يكون الجو مرحاً بدونك .
ورفعت إيفا نظرها لترى تشارلز واقفاً عند الباب بتلك الطريقة المتعجرفة المشهورة عنه و قطبت في وجهه بانزعاج و قالت :
-هل لديك هواية في الإستماع إلى أحاديث الناس ؟
-أنها ليست هواية بالضبط ولكن بعض الأحيان تكون ممتعه يمكن أن أقول أنك كاذبة صغيرة مقنعة مثيرة للإهتمام.
-أنت مسترق للسمع دون حياء و مبادئ!




هذه المرة لم تستطع أن تنكر ادعاءة لذا فضلت أن ترد على الإهانة بإهانةو لكن كالعادة الإهانة قفزت عنه دون أن يحس بها فدخل إلى الغرفة ليقف أمام طاولتها و يداه في جيبه :
لماذا لا تقولين لماغي أنك لا ترغبين في العشاء معنا ؟ أليس هذا أكثر أمانه و صدقاً ؟





-ربما ..ولكنه سيكون قلة أدب و أنا عكسك لا أتمتع بإيلام الناس .
-آه فهمت لقد نسيت أنت حساسة تجاه مشاعر الآخرين ! و لكن نسيت أنني أعرفك منذ فترة بعيدة و الإحساس بمشاعر الناس لي من الصفات التي أذكرها عنك لابد أن هذه الحساسية تطور جديد فيك .
ماذا يقصد بكلامه أحست بالإرتباك كما حدث يوم أمس عندما علق بكلمات غامضة و لكنها لم تحس برغبة في سؤاله عن تفسير .. فماذا يهمها مما يفكر به تشارلز إيربى عنها ؟ رأيه بها لا يمكن أن يكون أحط من رأيها به و قالت له :
-هناك سبب معين لهذه الزيارة ؟ أم أنك كنت تمر قرب المكتب و لم تسطع مقامة الفرصة لتدخل و تزعجني ؟
-أوه ..بل هناك سبب فلسؤ الحظ لم تتح لنا الفرصة لمتابعة حديثنا الصغير ليلة أمس و كنت أتساءل ما إذا كنت فكرت جيداً بالموضوع؟
-ما نوع التفكير الذي تقصده ؟
-التفكير الذي اقترحته عليك .. التفكير بأن تأخذي خطوة أو خطوتين نزولاً عن السلم .





-لا ...أخشى أنني لم أفكر بالأمر بعد على الأقل في الوقت الحاضر ..إلى أن تجد وسيلة للتخلص مني تماماً!
وحدق تشارلز للحظة و تعبير وجهه مظلم و مشتتو أخذ يلعب بأدوات الطاوله أمامها ..حركتة غير مسموعه و لكنها تأثير التوتر! و رفع حاجبية الأسود و قال :
-هناك دائماً هذا الإحتمال إذا كنت تفضلينه إذا كنت تشعرين بأنك ستكونين سعيدة خارج الشركة ..فأنا واثق أننا سنصل إلى ترتيب ما..
-ترتيب ؟ ما نوع الترتيب الذي تقترحه بالضبط ؟
فابتسم و نظر إلى ما في يده من أدوات مكتب و كأنه المنجم الذي يستشير كرته الكريستالية .
-حسناً ..إنه الحل الأكثر بساطة إذا أردتي سأشتري أنا و بيتر حصتك و على الأرجح سيكون المشتري أنا فقد يواجه بيتر مشكلة في تجميع هذا القدر من المال .
-بالطبع سيكون هو ..إنها لم تشك إطلاقاً ..فهو دائماً المسيطر .
-هكذا تستولي على كل الأسهم أليس كذلك ؟ كامل الشركة كما اللعنة ! و يستمر بيتر بإدارة الأمور لك دون معارضة مزعجه مني ستكونا في النهاية سعيدان.
-بل ثلاثتنا أستطيع القول ستجدين نفسك تملكين مبلغاً من المال إما أن تستخدميه لتعيشي منه أو تستثمريه في شيء آخر شيء يناسب أكثر ...أصغر لا يرهقك كثيراً .
-كم هذا كرم أخلاق منك أن تأخذ وقتاً طويلاً في التفكير بمصالحي .
كيف له الجرأه أن يتقدم بمثل هذا الإقتراح؟ و لكنها اكتشفت جرأته لا حدود لها ...وهي إلى الآن لم تشاهد سوى قمة كتلة الجليد الغائصة في الماء .
ووضع ما في يده على الطاولة ونظر إليها دون أي تأثير بمرارة و سخريتها منه :
-من الطبعي أن أفكر بمركزك أليس كذلك ؟ على كل الأحوال .. والدك ووالدي كانا شريكان و نحن نعرف بعضنا منذ كنا أطفالاً .
و لامست ابتسامة طفيفة أطراف شفتيه ابتسامه خاليه من أي تعبير و تابع :
-لم نكن أبداً مقربان و لكن علاقتنا قديمة .. وطول شراكتنا كما أنظر إليها تفرض علي واجبات معينه .وواحده من هذه الواجبات في رأيي هي التأكد من استقرارك في عمل صالح لك و يوافق قدراتك ومن الواضح الآن للأسف أن هذه الحالة غير متوفرة .
و تصاعد غضب إيفا حتى انها لم تستطع البقاء جالسة ..و بدأ الغضب يغلي و يلتهب كالبركان في داخلها يهدد بتمزيقها إذا لم تطلق العنان فوقفت ببطء على قدميها وجسدها بكامله يرتجف مسندة قبضاتها فوق الطاولة لتدعم نفسها و قالت بشراسة و بصوت منخفض :
-أنت حقاً شيء مايثير الإهتمام!أنت حقاً غير معقول . و لمعت عيناها اللياكيتان...كل منهما كخنجر مغموس بالسم و تابعت :
-ماذا يجعلك تظن أن لديك الحق لتأتي إلى هنا و كأنك الفارس الآتي من الزمان مؤمناً أن أمامك حملة صليبية تنقذ بها آنسة مسكينه من بؤسها؟ كم أنت منافق! كم أنت منافق دون حياء ! إذا كنت تريد أن تعرف فاعلم أنك تجعلني أشعر بالغثيان!..





و اشتعل شيء داخل عينيه و كأنه الإنذار ثم ابتسم لسخريتها منه و قال :
-سأقول لك هذا ...أنت حقاً تملكين أكبر القدرات الملونة لتقليت الجمل كما تريدين فأنا لم أفكر بنفسي أبداً كفارس قادم من الزمان و لم أفكر قطعاً بأنني أقوم بأية حملة صليبية من أي نوع كان أخشى أن تكوني قد أطلقت لمخيلتك القديمة العنان لأن تسيرك ثانية .
السخرية في صوته كانت قاسية ومتعمدة ..و كرهته أكثر لدرجة أن كراهيتها له أصبحت في نظرها شيء ملموس تستطيع حمله في يدها ولو أطلقته فلا مجال لمعرفة مدى الضرر الذي قد يسببه .
-أنت من يترك لمخيلته أن تسيره إذت كنت تظن للحظة واحده أن هناك إمكانية مهما كانت ضئيلة لأن أقع في حبائل فخك الذي تطبخه لي! إذا كنت تظن أن بإمكانك إقناعي بأنك تقدم لي خدمة في إجباري على التنازل عن مركزي إلى مركز أدنى فأؤكد لك أن تعيش غيوم أرض المجانين ! فأنا أعرفك كما أنت! و أستطيع أن أرى ما خلف قناعك ! فتقديم الخدمات للناس ليس من شمائلك الحميدة! و بالتأكيد ليست هكذا إذا كان اللأمر يتعلق بي! .
-إذن ..أنظري إلى المسألة هكذا .. بما أنك ترفضين تقبل أنني قد أكون فعلاً مندفعاً من اهتمامي بمصلحتك فبدلا من أن تفكري بأنني أقدم لك خدمة فكري بأن تقدمي خدمة لنفسك فربما تكون وجهة النظر الأنانية هذه أكثر قبولاً لك؟
كان هناك شيء لا يحتمل في نظراته المتعجرفة و في الطريقة التي يستمر فيها بالجلوس أمامها مسترخي ...واثق من نفسه على حافة الطاولة و رفعت رأسها في وحهه:
-إنزل عن طاولتي في هذه اللحظة ! إنزل عن طاولتي و أخرج من مكتبي..!
و لم يتحرك بل ابتسم بكل بساطة و كأنه يسلى .. ز كأن النظرة في عينية تقول متحدية أجبريني إذا استطعت! و في هذه اللحظة قفز شيء ما في داخلها ليتبلور و يزيح كل ما كان تحاول أن تجمعه من إراده كي تبقي غضبها تحت السيطرة .
-قلت لك أنزل عن طاولتي ! ألم تسمعني!
ورفعت قبضتيها و عيناها تشتعلان بشراسة :
-إذا لم تنزل ..سأضطر لأن أنزلك بنفسي !.
و اعتبر أن تهديها أمر هزلي ... فهز رأسه مبتسماً :
-وكيف تنوين أن تفعلي هذا ؟
و عندها قفز كل الغضب المحصور بداخلها و كأنه جنون خارج عن كل سيطرة فمالت إلى الأمام حاولت أن تزيحه عن الطاولة دون نجاح ..كان وكأنها تحاول إزاحة جبل .
وفجأة أصبح اليأس أكبر من أتحتمله.. فما بدأ معها دفعا أصبح شيء آخر فمالت إلى الأمام و هي تصيح و تطلق قبضات يديها في وجهه و أحست بشعور حيواني من الرضى و هي تحس بقبضاتها العارية تصطدم بوجهه و أحست بالأنتصار فصاحت به :
-أيها الخنزير القذر! لا تظن أبداً أن بإمكانك الإستأساد علي فلم أعد الطفلة الضعيفة ..و أستطيع إيقافك عند حدك!.
هذه المرة و هي تطلق قبضتها باتجاه وحهه التقط ذراعها و ثبته في منتصف المسافة ووجدت إيفا نفسها ممدة فوق الطاولة وصوتا أجش من الغضب يصرخ في أذنيها :
-حسناً جداَ ..إذا أردت العنف الجسدي ..فليكن العنف الجسدي!

نهاية الفصل الخامس


برنس وصاب 09-23-15 05:32 PM

الفصل السادس
أرفضي هذه الدعوة


وجذبها تشارلز إلي الأمام اكثر حتي انه اضطرت للمقاومةكي تبقي علي توازنها... وقدماها بالكاد تلمسان الأرض:
- أهذا ما تريدين؟
فصرت علي أسنانها ونظرت إليه متحديةن وهي تعلم تماما أنها هي من سعت وراء هذا. فتشارلزليس من النوع الذي يقف مكتوف اليدين وشخص آخر يلكمه، حتى لو كانت امرأة، وهي قد ضربته بقوة، أدركت هذا مع غحساسس بالسعادة... وهي تسترق النظر إلي اللطخات الحمراء في رسغها والتي اصطدمت بوجهه.
وقال لها:
- لنك إذا أصريت علي العنف الجسدي... سأكون أكثر من سعيد علي إخضاعك.إذا أردت القتال يا إيفا ، سأكون سعيداً أن أوفر لك قتالاً.
- لا شك أنك قد تفعل... أيها الحيوان الكريه! فمقاتلة النساء هي دون شك النوع من القتال الذي يلائمك... كم أنت رجل نبيل وشجاع!
- أعتقد أنك تظنين أنما فعلتيه لتوك نبيل وشجاع؟تضربين شخصاً تعرفين أنه لن يرد لك الضربة؟أجل إنه نبل كبير منك!
- لم اكن اعرف إنك لن ترد!
فابتسم:
- كم أنت كاذبة حقيرة دون حياء.أم إنك فعلا تؤمنين بكل هذا الهراء الذي تقولينهظ
وكان لا يزال يمسك بذراعها، ولا تزال ممددة فوق الطاولةن وشدت إيفا بذراعها بقوة محاولة التخلص ...
وقالت بحدة:
- وما هو ذل الهراء؟
- كل الهراء حول أنك ضحية. ضحية بريئة مسكينة يقف العالم كله ضدهاز
- ليس العالم كله.. أنت فقط، أنت: تشارلز إيربي!
وشدت يدها بقوة وصاحت:
- أتركني!
ولم يتركها ، بل أقترب منها أكثر واصبح وجهه لا يبعد عن وجهها سوى بضع إنشات:
- ولماذا أنا ضدك؟ أرجوأن توضحي.. ماذا وراء هذا الحقد المتوحش الذي أظهرتيه؟
- أنت تكرهني.... ودائما كنت تكرهني... لا تحاول الإنكار!
وحدق بها تشارلز بصمت... وبرغم ما قالته، لم يحاول الإنكار ..بل ، أطلقها فجاة ووقف ببطء وابتع بإيماءة صبر عن الطاولة، ودس يداه في بنطلونه وقال لها ببرود:
- هل تبادر لذهنك مرة أنك تجعلين نفسك هدفا سهلا للكراهية الشديدة؟
- آه.. إذن هذه غلطتي! كان يجب أن أعرف أنك ستدعي أن السبب الوحيد بكراهيتك لي هو أنني استحق الكراهية!
- هذا ليس ما قلته تماماً.
- لا بد إذن انني لم اسمعك جيداً.
- أعتقد هذا. أو ربما أن سمعك، كما كل حواسك، عرضة للتشويش علي يد مخيلتك الغارقة بالنشاط.
- إذن لقد عدت إلي نفس النغمة؟
انه يغير وجه كل شيء تقوله ويعيده إليها وحدقت به ثم قالت:
- لقد قلت لك أن تخرج من مكتبي.
- لا تقلقي سأخرج... لدي عمل أقوم به، وأنت كذلك، دون شك. وتوجه نحو الباب، ثم استدار فجأة وهويبتسم:
- لا تنسي العشاء الليلة في الثامنة تماما... جميعنا متشوق لرؤيتك.
لوكانت هناك طريقة مهذبة للتخلص من ذلك العشاء لفعلت دون تردد. فمن بين كل الناس في العام كان الثالوث: ماغي وبيتر وتشارلز آخر من تحب أن ترافقهم. مع أن المرء لا يمكن إلا أن يحس بدرجة ما من الشفقة علي أي امراة تصيبها لعنة زوج مثل بيتر.

برنس وصاب 09-23-15 05:33 PM

وفتح بيتر الباب لها بابتسامة عريضة يمثل بها دور المضيف المرحب.
- تفضلي... ادخلي... تبدين متجلدة حتى الموت. لقد وصلت في الوقت المحدد. كنا علي وشك البدء بتناول الشراب...
وتخطته إيفا مبتعدة عنه بعد أن مد يده ليخلع عنها المعطف:
- شكراً لك... أستطيع فعل هذا بنفسي.
ومع ذلك أحست ان ياه تتلمسان جسدها بشكل حميم أكثر من اللازم. فتنحت جانباً بسرعة. عليها إذن أن تتعرض لتحرشاته الغزلية حتى هنا، ومضطرة إل تحمل تودده، علي الرغم من واقع وجد زوجته في الغرفة المجاورة!
- لا تلعب هذه الألعاب السخيفة معي ... لقد قلت لك مرارا.أرجوك لا تجعلني أضطر لأن أقولها لك ثانية.
فابتسم ابتسام هزلية:
- إنها ليست لعبة بالضبط التي أفكر بها. ولكن لا تقلقي، فهذا ليس المكان أو الزمان المناسبن للأسف، سأنتظر إلي أن نكون أكثر انفراداً.
- أوه... ستنتظر، ألن تفعل؟ دعني أقول لك شيئاً...
وظهر عند الباب طيف طويل فاتن يرتدي بدلة رمادية قاتمة، فسكتت. ووقف لحظة ثم تقدم إلي الردهة، ووجه كلامه لإيفا:
- مساء الخير... أري أنك نجحت في المجيء. هل لا يزال الثلج يتساقط في الخارج؟
وأحست بارتياح غريب لرؤيته:
- أجل...
وسارت أمامهما إلي غرفة براقة الأنوار ذات أثاث فاخر... كم تختلف عن الأيام الماضية عندما كانت مليئة بالأثاث الأثري، وبموقد حقيقي للحطب، يحترق فيه ليرسل اللهيب الضخم إلي الأعلي، بدل مدفأة الغاز الهزيلة الموضوعة مكانها الآن، وقال لها تشارلز:
- ماذا تأخذين... شراب الكرز مع الصودا كما أظن؟
- أفضل ان آخذ شراب الليمون مع الصودا .
وتقدم منها ليعطيها أحد الكاسين من يده، ثم جلس علي الصوفا قابلتها، بعد أن أطفأ بعض الأضواء علي الحائط وقال:
- لا أظن أن الأضواء الزائدة ضرورية، طالما أن أي منا لا يحتاج إلي تعريض الآخر للتفحص.
- التفحص هو مجالك أنت أكثر من مجالي. ولكنني أظن أن نصيحتك بالأنوار هو اسلوبك. أنا متأكدة ان لديك أساليب أكثر مكراً.
- وهل تصنفينني بالماكر؟
- المكر بنفس القدر لفينوس. وفخ الذباب أيضا نوع من المكر. فانت تحب ان تدخل ضحاياك في مشاعر زائفة من الأمان. ثم تطبق فكيك عليهم في غفلة منهم. وانا لم أقص بذلك أن امدحك.
وابتسمت ابتسامة باردة. فرد علي ابتسامتها متوتراً:
- هذا ما كنت أتوقعه... فالمديح كما لاحظت ليس من شمائلك.
- ليس بما يختص بك. انت محق في هذا. أعترف أنني أواجه ضغطاً كبيراً لا أستطيع مدحك فيه.
وابتلع ملئ فمه من شرابه ، ثم قال:
- لا تدعي هذا يزعجك ... أنا لست ممن يتذوقون المديح. أجد أنني أفضل بدونه.
- ما من شك في هذا، فإعجاب بالنفس مثل إعجابك بنفسك لا أشك انك دائما تكسب تأييد الجميع.
وكان ينظر إليها دون أن تطرف عينيه، غير متأثر بسخريتها:
- أنت تبدين فاتنة الليلة. هذا الفستان الذي ترتديه رائع.
- سعيدة لأنه أعجبك.
- وكأن لونه صنع خصيصاً لك... إنه يناسب تماما لون عينيك.
إنه يحاول إزعاجها....استطاعت أن تحس بهذا بكل حدة. يحاول أن يمزحها في صميم غرورها الأنثوي. فابتسمت ببرود وردت عليه:
- الكذب؟ أؤكد لك أني لا اضيع وقتي باطراءات كاذبة...
- أنت من لست صادقة، أتذكرين يوما، حتى ولو كنت تفضلين النسيان، عندما كان اطرائي لك يجلب دموع السعادة إلي عينيك.
وأحست بالجرح القديم ينفتح من جديد... كيف يمكن أن يعتمد القساوة بتذكيها بالأيام الماضية، وبدت القساوة علي تعبير وجهها:
- أتعلم شيئاً .... أحياناً أتساءل من أين تأتيك الجرأة لتنظر إلي وجهي... اظن أن هذا عائد إلي أنك لا تأبه البتة بأحد سوي نفسك.
ومال إلي الأمام وتقطيبة شريرة علي جبينه، محاولا الرد... ولكن مضيفيهما اختارا هذا الوقت بالذات ليدخلا الغرفة... وقالت ماغي:

برنس وصاب 09-23-15 05:33 PM

- كم جميل أن أراك يا حبيبتي إيفا!
ووقفت إيفا لتحييها وتتبادل القبلات معها... ونظرت ماغي إلي تشارلز:
- أرجو أن تكون قد أحسست بالجوع الآن... هيا بنا قبل أن يبرد الطعام!
علي الأقل هناك شيء ايجابي يقال عن هذه الأمسية: ماغي طباخة ماهرة... والأكثر أنها تعبت في تحضير الوجبة كثيراً. فالعشاء كان لذيذا تماما. ولكن هذا الاعجاب تلاشي من نفس إيفا عندما قالت ماغي:
- أظن من المهم أن تكون المرأة طباخة ماهرة وتعتني ببيتها، وأن تبرع في الأعمال المنزلية. فهذا دور المرأة الطبيعي... فالنساء لم يخلقن للسلطة... ربما لا بأس بهذا لفترة قصيرة إلي أن يتزوجن... ولكن من السخافة أن يفكرن بمستقبل مهني طويل الأمد.
واستوت إيفا في جلستها. وهي تحس بأن تشارلز يراقبها:
- بالطبع هذا يتوقف علي كل امرأة علي حدة.
وقال تشارلز وهو ينقل نظره من إيفا غلي ماغي:
- أتعني ان بعض النساء مناسبات للعمل والبعض لا؟ أم أن بعض النساء لا يملكن المؤهلات اللازمة؟
- أعني الأمرين معاً... بعض النساء لا يرغبن في العمل، وهذا خيارهن. وأنا ليس لدي أي اشكال في هذا الأمر. وهناك أيضاً نساء في هذه الأيام لا يملكن المؤهلات الكافية. وهذا بالطبع يحد من قدرتهن علي المضي في العمل. ولكن هناك أخريات يملكن الأندفاع والمقدرة معا لخلق مستقبل مهني لامع لهن... وأنا أفضل هذا النوع.
وردت ماغي باصرار:
- النساء لسن محضرات جسديا لأن يتحملن ضغط العمل... وعاجلا أو آجلا ينهرن. ويبدأن بالخطاء. ويتحولن إلي عبئ علي أحاب العمل... وفي النهاية يبدأن بخلق المشاكل للجميع.
كان هذا هجوما مباشراً عليها تقريباً. واحست بالدم يغلي في عروقها من الغضب. ونظرت مباشرة إلي ماغي:
- هل تكونين مصادفة تتحدثين عني؟ وهل أنا <هن> التي تشرين إليهن؟ إذا كان كذلك، أرجو أن تقولي هذا بشكل صريح.
وكان لدي ماغي كل الجراة لتحول وجهها إلي قناع من الإهتمام:
- لقد أزعجتك بكلامي... ولكنني قلقة عليك، هذا كل شيء. يقول تشارلز وبيتر أنك لست ناجحة. وكنت أحاول بطريقتي الخرقاء أن اسدي لك نصيحة ودية.
- هذا لطف كبير منك.
ووقفت عن مقعدها ونظرت إلي من حولها علي الطاولة:
- لن ابقي لتناول القهوة... أود الذهاب إلي منزلي فوراً.
وابتعدت عن الطاولة، ثم التفتت بابتسامة ساخرة لتقول:
- عندما تكون مصدر شكوى وغير ملائم لوظيفتك مثلي... فستحتاج إلي كل الراحة التي قد تساعدك في تمضية نهارك.
واحتجت ماغي، وهي تغدق الأعتذارات المتواضعة:
- لا تأخذي الأمر هكذا... كنت أفكر فقط بمصلحتك...
ولكن لم يحاول أحد أن يوقفها جدياً عندما تقدمت نحو الردهة. وأحضر لها بيتر المعطف، ثم ودعت مضيفيها، واتجهت نحو سيارتها. فدخلتها وأدارت المفتاح... لم يحدث شيء... حتى ولا أقل حركة. ومالت علي المقود، تضغط علي عينيها المغمضتين بعد أن هددت دموع الخيبة والغضب أن تنهمر. هل ستضطر حقاً، وذنبها بين ساقيها، أن تعود إلي المنزل وتطلب استخدام الهاتف لتستقدم سيارة اجرة؟
أفضل أن أسير إلي المنزل علي قدمي!
ثم سمعت صوت أصابع تنقر الزجاج... وصوت بالكاد يدخل عبر الزجاج المقفل:
- هل أستطيع مساعدتك؟
وكان هذا تشارلز... ومن غيره... ونقر الزجاج ثانيةز
- ماذا حدث ؟ ألم يشتعل المحرك؟
وفتح بابها قائلاً:
- ابتعدي دعيني احاول.
- لن أفعل... المحرك لم يعمل وهذا كل شيء ... فلماذا تفترض أن المحرك سيتحرك إذعاناً لك؟
فابتسم ابتسامة أثارت أعصابها أكثر من الأحتمال. ومال إلي الباب أكثر.
- لا تكوني عنيدة هكذا. تحركي إلي المقعد الأخر ودعيني أحاول .. أتسمحينظ أحياناً يد أخري علي المحرك تفعل العجائب.
- وخاصة إذا كانت يدك ، دون شك.
لم تعد تحتمل الطريقة التي يحاول بها أخذ زمام السيطرة بين يديه. ودفعها بلطف:
- تحركي إيفا ... أم تفضلين قضاء ما تبقي من الليل هنا في هذا البرد القارس؟
- لن نبقي هنا... لماذا لا تعود إلي المنزل وتتركني أتدبر امري بنفسي؟ لا أحتاج لمساعدتك.
- بالطبع لا...
مع ذلك لم يتزحزح من مكانه. وبقاءه هناك يسد لها الطريق دفعها لللإستسلام أخيراً.
- فتاة طيبة...
وجلس مكانها ثم امسك بالمفتاح...
- حسنا لنري ما نستطيع أن نفعل.
ومضت لحظات بدت لا تنتهي من الإنتظار وهو يدير المفتاح... والتقطت إيفا أنفاسها... ولم يحدث شيء....
وانتشرت ابتسامة خبيثة علي وجهها ببطء. وانتظر لحظة قبل أن يحاول ثانية. وأخذت إيفا تصلي ان يلازم الفشل هذه المحاولة أيضاً. وخلافا لأي منطق، كانت مهتمة لأن يفشل تشارلز بدلا من أن تستطيع استخدام سيارتها.
- لم تحدث معجزة بعد؟ كم هذا مخيب لللأمل. إذن أنت لست سوبرمان.
- وهل كنت تظني أنني سوبرمان كم هذا تغزل بيز ولكن عليك أن لا تنغري بالمظاهر.
- أنت حقا معجب بنفسك... أليس كذلك؟ تشارلز إيربي يعشق تشارلز إيربي...إنه قصة غرام هذا العصر !
- سأرد عليك فيما بعد... كدت أتجمد من البرد ، فلندخل إلي المنزل، لنجد لك وسيلة تنقلك إلي منزلك.
- لن أعود إلي هناك... سأبقي هنا... وربما يمكن أن تصنع معي معروفاً؟ اتصل لطلب سيارة أجرة وسأنتظرها هنا.
- لا تكوني حمقاء ، الحرارة تقارب العشرة تحت الصفر... فابتلعي كبريائك وادخلي لبضع دقائق.
- لا... لن أفعل، فقد سئمت ابتلاع كرامتي لأجل آل إيربي. وإذا كنت لا تريد الأتصال لطلب سيارة أجرةن فقل لي. فسأسير نحو أقرب كشك للهاتف وأتصل من هناك.
- لن تفعلي هذا فأقرب كشك هاتف يبعد أميالا من هنا. كم أنت فتاة عنيدة مثيرة لللأعصاب. ألا تفعلين أبداً ما يطلبه البعض منك؟
وعندما لم ترد ، قال بنفاذ صبر:
- حسنا... ابقي هنا، وتجمدي هنا حتى المت فلن أهتم بك، وساحاول فعل شيء باسرع وقت ممكن .

برنس وصاب 09-23-15 05:34 PM

وعاد تشارلز بعدما بدا لها بضع دقائق، ونقر باصبعه علي النافذة:
- سأستعير سيارة بيتر... إنها في الكراج... ابقي هنا حتى آتي بها.
وامسكت بحقيبة يدها وخرجت من سيارتها عندما وصل تشارلز في سيارة بيتر. وفتح لها الباب:
- إصعدي بسرعة.
وما إن انطلق حتى وضعت يدها علي ذراعه وقالت:
- توقف.! لقد تركت المفاتيح في السيارة!
- لا... إنها في جيبي...علي الأقل واحد منا يعرف ماذا يفعل.
- إذن اعطني إياها أرجوك.
- لا ... فسأحتاجها في الغد عندما سأحاول إشغال المحرك اللعين. إلا ... إذا كنت تفضلين أن تأتي بنفسك إلي هنا لتشغيله؟
في الأحوال العادية لا يبعد منزلها عشرين دقيقة بالسيارة، ولكن،أمام ارتياحها، قام تشارلزبالرحلة ببطء، يتعامل مع الطريق المتجلد ببراعة وحذر، وبسرعة لم تتجاوز الثلاثين ميلاً في الساعة، وبعد ما يقارب الأربعين دقيقة، كان يوقف السيارة أمام المنزل.
- آسف لهذا التأخير... أعلم كم أنت متشوقة لدخول السرير.
- في مثل هذا الطقس الرديء من الأفضل التأخير والوصول بسلامة، ولكنني أعرف أن ليس الكثير من الرجال يفكر هكذا.
- أعتقد أن بعضنا هكذا. من هم بحاجة لأثبات مقدرتهم.
وساد صمت قصير ، ثم التفت إليها وسأل:
- صديقك... ذاك الذي ترفضين الحديث عنه، هل يعاني من هذا النقص؟
- أجل كان هكذا.
- كان؟ في صيغة الماضي؟ هل يعني هذا أنك تخلصتي منه؟
- لا .. إنه يعني أنني كبرت أخيراً عليه.
فضحك تشارلز:
- فهمت أنه الصديق الذي كان... وهل حل مكانه أحد؟
ونظرت إليه مباشرة:
- ولماذا أنت مهتم؟
- وما الخطأ في هذا؟ إنه فضول طبيعي. فالمرء قد يتساءل حول مثل هذه الأمور عن الناس.
- ولكنني لا أتساءل عن هذا عنك.
- ألا تفعلين؟ إذا كان هذا صحيحاً فهو يشير إلي شخصية مكبوتة. أينطبق هذا علي الجميع أم علي فقط؟
- حتى لو كنت أتساءل فلدي أخلاق تمنعني من طرح الأسئلة. وسأظهر اهتماما أكبر لخصوصياتك.
فضحك:
- كم هذا رائع ولكن وا حسرتاه... ليس لدي أخلاق حميدة ولا حساسية مفرطة... ولو رغبت في طرح الأسئلة لن أمانع اطلاقاً.
- لا أريد طرح الأسئلة... مع الأسف يجب أن أرفض هذه الدعوة والآن شكراً لإيصالك لي وعمت مساء.
ولكن قبل أن تفتح الباب وتستطيع النجاة كان قد أمسك بذراعها.
- إيفا انتظري... لدي شيء أقوله لك، لن آخذ من وقتك أكثر من دقيقة. لقد أطلقت ماغي ملاحظة قد تكون اعطتك انطباعاً بأنني كنت أتحدث عنك معها...أريدك أن تعرفي ان ما قالته غير صحيح، فأنا لم أتحدث. ولن أتحدث عنك مع ماغي.
وقطبت جبينها:
- هل هذا كل شيء تريد قوله لي؟
- أجل....إضافة إلي أنني لا أبحث معها فلسفة ما يجب علي المرأة أن تكون... ولكنني أؤكد لك أنني لم أتحدث عنك اطلاقاً معها. وأرجو أن تصدقيني؟
وسمعت نفسها تقول له ، دون أن تدرك:
- هناك شيء آخر كنت ستسالني عنه... ما هو؟
وقطب جبينه مفكراً ثم ابتسمك
- أتعنين عندما كنا في سيارتك أمام منزل أخي؟
- نعم ...ما هو؟
- إذا كنت تريدي ان تعرفي ... عليك دعوتي لفنجان قهوة... فهو ليس بالسؤال الذي قد تجيبي عليه في دقيقة .
- في هذه الحالة... انسي الأمر، فانا لست مهتمة حقاً.
- ما بك... هل وترت أعصابك فكرة دعوتي إلي فنجان قهوة عزيزتي إيفا؟ أنا لست مغتصباً... وستكونين معي بأمان، أعدك.
- لا تظن ولو للحظة واحدة أنني متوترة من فكرة دعوتك إلي منزلي. ولكنني اجد الفكرة كريهة.
- إذن لننسي الأمر ...هل تريدين ان أوصلك إلي الباب؟
- لن يكون هذا ضرورياً... شكراً علي كل الأحوال....
- عمت مساء إذن.
ثم فعل شيئاً جعل قلبها يطير وكاد يخرج من حلقها. إذ مال نحوها ومد يده . وأصبح وجهه علي بعد انشات من وجهها... ولم تستطع مقاومة الذعر المتصاعد داخلها. فرفعت ذراعها، وبيدها الأخري دفعته عنها لتوقفه، وضربته علي كتفه:
- اتركني ماذا تظن نفسك ستفعل؟
- لقد كنت أنوي، أن اساعدك كرجل محترم، إذ بدا لي انك لم تجدي مقبض الباب.
وكم أحست بالغباء! كم كانت حمقاء! وها هومستمر في أن يجعلها تشعر إنها سخيفة أكثر فأكثر.
- عليك فعلا ان تحاولي كبح جماح جماح ميلك إلي العنف... فيوما ما قد تجدين نفسك تواجهين شخصاً لديه نفس الميول.
وخرجت من السيارة قبل ان تسمع المزيد وقالت:
عمت مساء ... وشكراً لتوصيلك لي.
وأقفلت باب السيارة وركضت نحو باب المنزل وعيناها مركزتان أمامها وساقاها ترتجفان، وكأنها عصفور واقع في الفخ. عيناها لا تريان وحركاتها تسيرها العادة فقط.


هل صدقت فعلاً أن تشارلز كان يحاول تقبيلها.... بينما كان هذا أبعد شيء عن تفكيره؟ وذلك الغزل الذي أطلقه في منزل أخيه المغلف بالأطراء. لماذا جعلها تحس بالأرتياب بأنه إنما ينزع سلامها منها كي يغمد خنجراً في ظهرها؟


واندست بين اغطية فراشها...كم هذا مقلق... كم إنه غير متوقع . وأخذت تتقلب... بالتأكيد تشارلز لا ينظر غليها كإمرأة ... كمخلوق دافيء حساس، ومثير. فكل ما كانت تعنيه له كونها مصدر إزعاج يجب أن يسحقه بقدميه.


وهو بالنسبة لها متعجرف يجب أن تقاومه. إنه اللعنة في حياتها كان عليها أن تتخلص منه لولا سوء حظها لشراكتهما المهنية.


ثم.... لماذا لم تتصرف معه كما تتصرف مع الآخرين ممن لا يهمها أمرهم... مثل بيتر مثلاً؟ لماذا لا توقفه عند حده بنظرة باردة، وتحذره بأن لا يلعب معها مثل هذه الألعاب؟


وقالت لنفسها: ذلك بسبب السيف الذي يسلطه فوق رأسي ... ذلك التهديد بإخراجي من الشركة... إنني أشعر وكأنني محاصرة... مشوشة...محشورة في الزاوية.... ولا عجب انني لم أستطع أن أتصرف معه بثبات!


هذا التفسير، أراح أعصابها... إنه تفسير معقول. وتمسكت به. واحتضنته كما تحتضن وسادتها ... وتملكها الإرهاق من التفكير... فغطت في نوم عميق....



وانتهي الفصل السادس


برنس وصاب 09-23-15 05:35 PM

الفصل السابع



صعبه المنال




اليوم التالي ، شكرا للسماء ، كان يوم الجمعة . و لحسن حظها في ذلك اليوم الأخير من أيام العمل الأسبوعي ، لم تتقابل مع تشارلز وجها لوجه ، حتى أنها لم تشاهده سوى مرة واحدة ، و صدفة وكان مسرعا نحو مكتبه محني الرأس . وهكذا توفر عليها عناء تحيته. ولكنها لم تكن محظوظة هكذا مع أخيه بيتر ..... فمرتين عادت من زيارة أقسام أخرى لتجده يتسكع خارج باب مكتبها .



- هل هناك شئ أستطيع أن أفعله لك ؟



- أنت تعرفين ما بإمكانك فعله لي يا إيفا ... ما رأيك بأن نتناول بعض الشراب بعد انتهاء العمل ؟ ثم ......بعد ذلك ...... من يدري ؟ .



- الجواب هو لا . متى ستتعلم أن تفهم الرفض ؟



- ربما عندما تستطيعين إقناعي أنك تعنين الرفض . أما الآن .. فأنت تلعبين دور ( صعبة المنال ) و أنا لا أستسلم بسهولة .....



- ولكنني أعني ما أقول يا بيتر ... أرجوك لا تخدع نفسك ...صدقني .. و لا تضيع وقتك .



عندما عادت إلى منزلها مساء. إستحمت وغيرت ملابسها ، و تبادلت الحديث مع إيلين قبل أن تجلس لتتناول عشاءها من الدجاج المحمر و حلوى الرز بالسكر .. و لكنها لأول مرة لم تتذوق من عشاءها إلا القليل ... فسارعت إيلين تقول :



- ما بك آنسة برايدن ؟ ألست على ما يرام ؟ أنت لم تذوقي أي شئ من العشاء .



- أعلم ، و أنا آسفة ... أتركيه إلى الغد ، فلسبب ما لا أشعر بالجوع الآن . ربما أكون تعبة . و أنا آسفة لتعبك .



- و ماذا يهم تعبي ؟ المهم صحتك . لقد بدوت نحيلة قليلا مؤخرا ... و عليك أن ترتاحي .





ولكن ، بالرغم من وعدها بقضاء نهاية أسبوع متكاسلة ، فهي لم تسترخ ذلك المساء . أحست أنها متوترة ، وكأنها حقيبة مليئة بالأعصاب .... و بعد التاسعة تماما . أقفلت التلفزيون ، ورمت المجلات التي كانت تتصفحها أرضا . و سارعت إلى غرفتها فارتدت بذلة من الصوف مع كنزة صوفية سميكة تغطي الرقبة تحتها . ثم أخفت شعرها الأشقر تحت وشاح . وعندما عادت إلى تحت دقت على باب إيلين :



- سأخرج قليلا لأتمشى لنصف ساعة . أعتقد أنني بحاجة إلى بعض الهواء النقي .



و خرجت نحو طريقها المعتاد على الرصيف المضاء جيدا . تلك الطريق تستدير لتعود إلى منزلها و هي حوالي الثلاثة أميال . وتقريبا على الفور بدأت تشعر بالتحسن و بدأت عقد التوتر داخلها تتلاشى . و أحست بدماغها يصفو كلما تنفست عميقا ... لماذا لم تفكر بالركض من قبل ؟



وما أن وصلت إلى المنحنى الذي يستدير بها لتعود حتى سمعت صرير إطارات سيارة خلفها . و لم تستدر لتنظر إليها . في الواقع لم تفكر بها . و لكنها أحست بالسيارة تقترب و تبطئ سيرها أمامها تماما ... و استدارت بحدة وقد استبد بها الغضب :

- ماذا تظن نفسك تفعل ؟

برنس وصاب 09-23-15 05:36 PM

وتوفقت لتحدق بسيارة بيتر البيضاء . ثم تذكرت تهديده عندما قال (سأراك لاحقا ) . فصاحت به – لقد سئمت من كل هذا ...! سوف أقدم بك شكوى و سأسبب بسجنك إذا لم تتركني و شأني !



ولكنها توقفت عن الكلام بعد لحظة عندما فتحت النافذة و أدركت غلطتها ... و مال تشارلز نحوها و هو مقطب :



- ماذا دهاك ؟ هل أخذت إجازة من عقلك ؟



ها قد أظهرت غباءها من جديد :



- لقد ظننتك شخص آخر ... على كل لقد أفزعتني ....



- أعتذر .. لم أقصد إفزاعك .. لقد زرتك في المنزل و قالت إيلين إنك حرجت للركض ... و كنت أقصد مفاجئتك لا أن أسبب الخوف لك . ثم ابتسم :



- من كنت تظنيني ؟ هل ظننت إنني صديقك المسكين القديم محطم القلب ؟



- لا .. بل ظننتك ذلك الشقيق اللعين المسعور ! و تراجعت عن قول الحقيقة .. و نظرت إلى وجهه المتعجرف .. كيف ستكون ردة فعله لو عرق الحقيقة ؟



- لا ... و ماذا تريد مني على كل الأحوال .



- أريد أن أكلمك .. إصعدي ... سأعيدك إلى المنزل .



- تكلمني ؟ لماذا لا تدعني و شأني ؟ فأنا لا أريد الكلام معك ! و أستطيع العودة إلى منزلي بنفسي شكرا على كل الأحوال !



- في هذة الحالة سأنتظر في المنزل . و أقفل النافذة و على الأرجح لم يسمع احتجاجها :



- أرجوك لا تزعج نفسك بالإنتظار .



لماذا جاء هنا ؟ ماذا يريد بحق الشيطان ؟ هذا يعني أن تودع نهاية الأسبوع الهادئة التي وعدت نفسها بها . و ما أن ظهرت في غرفة الجلوس حتى ابتسم لها .



- لقد أدخلتني إيلين . و أرجو أن لا تمانعي . و أصرت أن تصب لي فنجان شاي .




- سأصعد إلى غرفتي لأستحم فإذا شعرت بالضجر من الإنتظار ، فاستخدم حريتك بالخروج في أي وقت تشاء.



- أوه لن أضجر . و مد ساقاه أمامه واستقر في المقعد براحة أكثر .



واستحمت إيفا بسرعة وارتدت ثيابها بسرعة ثم نزلت إلى الطابق الأرضي في أقل من ربع ساعة فرفع تشارلز حاجبه ساخرا .



- بهذة السرعة ؟ ماذا دهاك ؟ ألم تتحملي الابتعاد عني ؟



- فكرة طريفة ولكن الحقيقة لا تحمل أي رومانسية . فقد فكرت أنني كلما أسرعت في العودة إليك كلما استطعت أن تخبرني سبب مجيئك بسرعة أكثر وبذلك يمكنك الذهاب من هنا بسرعة .



- كم يبدو هذا بعيدا عن حسن الضيافة .



- أجل أليس كذلك ؟ أليس غريبا كيف تؤثر على بهذة الطريقة ؟



- غريب جدا فهذة ليست الطريقة التي أؤثر بها على النساء عادة . فالنساء بكل بساطة لا يشبعن من وجودي .

- أهلا بهن لك كلك ، وهذا ما يهمني . وهكذا أتجنب مثل هذة الزيارة وهذا ما يوصلني إلى النقطة الأهم ماذا تفعل هنا ؟

برنس وصاب 09-23-15 05:36 PM

- أتيت لرؤيتك .



- أفهم هذا و لكن لماذا ؟



- ربما أحسست بشوق لنصف ساعة من رفقتك .



- و ما هي الأخبار السيئة التي أتيت لتقولها لي هذة المرة ؟



فابتسم ، وترك لعيناه أن تتجولا في الغرفة ، ثم قال :



- لقد نسيت كم هو جميل هذا المنزل من الداخل . لقد مضت سنوات طويلة منذ كنت بداخله آخر مرة وهذه غرفة رائعة .



- مسرورة لإعجابك بها . لهجتها مليئة بالسخرية ، فأجابها :



- ولكنها فعلا جميلة . ألا تظنين أنها كبيرة على شخص واحد ؟



و أحست بالذعر و الخوف ، فابتلعت ريقها :



- نحن اثنتان هنا . أنت تنسى أن إيلين تعيش معي .



- آه .. أجل ... إيلين . ولكن ، كما أقول دائما إيلين بالتأكيد ليست ضرورية لك ، و خاصة و أنت لوحدك الآن ؟



وساورها الغضب هذا ليس من شأنه و قالت :



- أعتقد أنك في منزلك تقوم بكل أشغال المنزل ، الطبخ و التنظيف لوحدك . و أعتقد أنك لا تحلم أبد بالحصول على مساعدة ؟



- ولكنني أحتاج .. وهذا أمر مختلف .



- ولماذا ؟ لأنك رجل أم لأنك تشارلز إيربي ؟ وهل هناك قواعد مختلفة لك ؟



- لأنني أحتاج لمن يرعى المنزل و أنا مسافر ، وهذا يحدث كثيرا ، وهي لا تقيم معي ..أنا لا أسمح لنفسي بهذا البذخ فلماذا تسمحين لنفسك ؟



- لأنني كسولة ، مدللة ، لا فائدة مني إطلاقا .إضافة إلى أنني غير كفؤة في عملي ! و أنا مندهشة لحاجتك لأن أقولها لك .




- أنا أحب توضيح الأمور .. و الآن من كنت تظنيني عندما فاجأتك و أنت تركضين ؟ من هو ذلك الشخص المسكين الذي يستدعي كل هذا الغضب ؟



- شخص ما .



- أي شخص ما ؟ أليس صديقك القديم ؟



- لقد قلت لك لا .



- ربما كنت تحاولين تضليلي . فانت لا تحبين التحدث عنه .



- و لماذا أتحدث عنه ؟ لا شئ لأتحدث عنه .



- لا شئ .



- لا شئ . كان من أولئك الرجال الذين كلهم ( واجهة ) مع فراغ كبير وراءها فلا تقلق عليه ، لقد كان مرتاحا عندما تركته كي يجد له أنثى أكثر تأثرا به مني .



- إذن تعتبرين نفسك إمرأة صعبة التأثر ؟ الحساسية لم تكن يوما من مزاياك فما أعرفه عنك أنك تفخرين بقلة إحساسك .



- لم أكن أعلم بهذة الفضيلة لدي .



وقالت ( فضيلة ) بدل ( خطأ ) متعمدة كي تظهر أنها لا تهتم أبدا بما يطلقه ضدها من إهانات أو انتقاد . وقال :



- في هذة الحالة قد أشير إلى أنك لازلت بحاجة لتعلم الكثير عن نفسك فأنا أعرف إنك تملكين هذة ( الفضيلة ) منذ سنوات طويلة ...



ها قد غرز السكين أعمق ، و أدارها . ودهشت لقوة الألم الذي سببه لها . ودخلت في تلك اللحظة إيلين . ربما رحمة لها و قالت :



- هل هناك شئ آخر آنسة برايدن ؟ هل أحضر لكما المزيد من القهوة ؟



- لا .. إذهبي إلى الفراش ... و شكرا لعنايتك به و أنا غائبة . و التفتت إلى تشارلز :



- أظن من الأفضل أن تذهب الآن . فأنا حقا تعبة . أتسمح بأن تنهي فنجان الشاي ؟



- ألست مهتمة لتعرفي ما أتى بي إلى هنا ؟



- أبدا .. لا شئ حولك قد يثير اهتمامي .



- صحيح .. لقد قلت هذا من قبل .. ولكني أذكر زمنا كنت اهمك به كثيرا .



- مثل متى ؟



- عندما كنت صغيرة .



- أظن أن ذاكرتك تخدعك .



- أبد . بالمرة ، فأنا أذكر كل شئ بوضوح .. عندما كنت تأتين لزيارتنا في المنزل كنت تلاحقيني دائما ، تطرحين على أسئلة لا تنتهي . ولم يكن أي دليل على عدم الإهتمام يومها .

برنس وصاب 09-23-15 05:37 PM

- ربما كنت معاقة .



- بالعكس كنت طفلة رائعة ، دافئة ، وفاتنة . ثم أصبحت شريرة و كريهة و مليئة بروح الإنتقام . فماذا حدث لك بحق السماء يا إيفا ؟



- سأقول لك لماذا تغيرت ! لقد تغيرت لأنني أدركت كم كنت غبية ! أدركت كم كنت حمقاء . و أنك لم تكن تستحق احترامي لك ولا الإعجاب أكثر من التراب الذي تحت حذائي ! ها قد حصلت على جوابك ! وتعرف لماذا أصبحت شريرة كارهه لك !



- أنت على حق فقد عرفت الآن و لا أرى سببا في البقاء هنا .




وقادته نحو الردهة بارتياح غير قادرة على إخفاء رغبتها في التخلص منه . و فتحت له الباب ولكن ما أن تجاوزها حتى توقف و نظر إليها .



- أنت لم تجيبي على سؤالي .



- و أي سؤال ؟



من ظننتني عندما فاجأتك و أنت تركضين ؟ ردة فعلك كانت غريبة ! فجأة ، غضبها و قلة صبرها جعلاها متهورة :



- ظننتك بيتر ، ظننت أنه جاء ليحقق وعده .



- أخي ؟ و ما هو ذلك الوعد ؟



- لقد وعدني أن يستمر في ملاحقتي ، و مغازلتي بشكل رخيص ، وفي بذل جهده ليحملني على مشاطرته الفراش .



- أخي .. يحاول أن يحملك على مشاطرته الفراش ؟




آخر شئ كانت تتصوره أن يصغي إليها . و أحست بالغضب يتلاشى أمام هذة الفرصة لتريح أعصابها و ترمي العبء عن أكتافها . و بعرفان جميل تقريبا لانه راغب في أن يستمع :





- لقد كان هذا مستمرا منذ ثلاثة أشهر الآن ... كاد أن يسبب لي الجنون .. كان يفاجئني دون حذر منه في أوقات غريبة في المكتب ، و يتسلل خلفي في موقف السيارات ، و يحاول مداعبتي بيديه القذرتين . فلا عجب إن كنت أخطئ في عملي ، و لا عجب إذا وجدت صعوبة في التركيز .




- وهل كانت إحدى هذة الحوادث خطيرة ؟ أعني هل هاجمك ؟



- مرة واحدة كاد أن يقترب من الهجوم . ومرة أخافني فعلا .. وكان ذلك اليوم الذي ارتكبت فيه الخطأ حول الأسعار .. كنت مشوشة الذهن و لم أستطع التفكير



- هل كانت تلك الحادثة في غرفة ( النسخ ) ؟ ألهذة تشيرين ؟




ولم تتوقف لتفكر كيف علم بهذا بل هوت رأسها و أجابت :



- أجل .



- كان ذلك بعد ساعات العمل . و معظم الموظفين غادروا الشركة ووجدتما نفسيكما في غرفة ( النسخ ) معا ؟



- ليس هذا تماما . كنت أنا في الغرفة أصور بعض الوثائق و ....



- أنت تعنين أن أخي كان في غرفة النسخ و انت أتيت من وراءه ..؟



- لا .. بل كنت أنا هناك ، وجاء ورائي .



- و أغلقت أنت الباب ، و ابتدأت تخلعين ملابسك .



- ماذا ؟ إنه بيتر من حاول نزع بلوزتي ؟



- كنت ترتدين صديرة مخرمة لونها زهري .... كما أعتقد .. هل هذة التفاصيل صحيحة ؟



- لا اظن ان هذة التفاصيل مهمة .



- ولكنها كانت زهرية ، اليس كذلك ؟



- نعم ... أعتقد هذا .



- ثم ، مع وجود أخي معك ، مذعورا خلعت الصديرة و أخذت تقومين بأعمال شائنة و انت نصف عارية .



ولم تستطع إيفا أن تتكلم .. وابتسم تشارلز و تابع :



- لقد قال لي أخي أن لك جسد مغري ، و صدر ملئ و جميل .. فلا عجب أنك ظننت أن بإمكانك إغواءه . فكثير من الرجال قد يعتبرون تلك اللحظة فرصة .. لتبادل اللذة بالموافقة على إعفاء النظر عن عدم كفاءتك . ولكن أخي بالطبع لم يكن واحدا من أولئك الرجال .




ووجدت إيفا صوتها :



- وهل قال لك هذا ؟



- وهل تنكرين ؟



و كانت ترتجف عندما أجابت :



- كل كلمة مما قلته .



- هكذا ظننت . لهذا لم أزعج نفسي بسؤالك ... ولكنك أنت من أثار الموضوع في محاولة فظة لتشويه سمعه أخي . و فتح الباب ليخرج قائلا :



- سأقول لك ليلة سعيدة الآن .


برنس وصاب 09-23-15 05:38 PM

وتركها واقفة عند الباب .. تحس بالسقام حتى أعماق روحها .. و بالكدر من رأسها حتى أخمص قدميها . استلقت إيفا في سريرها . و أخذت تتقلب ساهدة . ولم يتملكها النوم قبل الرابعة صباحا . ثم استيقظت عند العاشرة .... و بسرعة عرفت تماما ما يجب أن تفعل .



بعد الإستحمام و ارتداء ثيابها بسرعة ، حملت حقيبتها و أسرعت إلى الطابق الأرضي ، تنادي على إيلين .



- إيلين ، أنا خارجة و لا أدري متى سأعود .. سأتصل بك من أجل العشاء .



- لا تهتمي الآن بالعشاء .. ماذا عن الأفطار ؟



- سأتناوله في الخارج فيما بعد ... لا تقلقي ...




ما كان عليها أن تسويه مع تشارلز إيربي هو جبل من سوء التفاهم ، وليس مجرد ما حدث أمس . وقادت سيارتها بحذر .. إلى أن وصلت خارج أبواب منزل آل إيربي ، و قد قررت التسلل دون أن يراها أحد إلى منزل الجد عند نهاية الحديقة . فليس لديها أي رغبة في التحدث إلى ماغي أو بيتر . و لكن .... ما إن خطت خطوتين حتى فتح الباب و ظهرت ماغي :



- من إيفا ؟ ما هذة المفاجأة ؟ ماذا أتى بك صباح السبت ؟



- لقد أتيت لرؤية تشارلز ؟ و لم أقصد إزعاجك .



- لن تجديه . لقد خرج منذ ساعتين .



- ألم يقل إلى أين ؟



- غريب . أنت ثاني إمرأة تزوره اليوم . يبدو أن له شعبية .



- هل قال أين سيذهب ؟



- لقد ذكر شيئا عن التزلج . لديه صديق يملك ( شاليه ) في مركز التزلج القريب .



- شكرا لك .





و أوقفت سيارتها في موقف السيارات المحاذي . لاحظت مصعد التزلج . فالمتزلجون بأكثرهم يمرون من هناك . و جلست تنتظر في مقعدها .. وقد لفت كتفاها بوشاح و تركت أقدامها للبرد . أرجو من الله أن ياتي قبل أن أتجمد !



- و ما أن حلت الساعة الرابعة حتى بدأت السماء تعتم و بدأ المتزلجون بالعودة من السهول نحو سياراتهم . و بدأت إيفا تقلق ، فلا بد أنها أخطأت المكان . ثم ، وبعد أن كانت على وشك أن تفقد الأمل ، شاهدته ، كان يسير عبر موقف السيارات على بعد عشرين ياردا إلى يمينها . و بسرعة رمت الوشاح عن كتفيها و مدت يدها إلى مقبض الباب . ولكن شئ ما جعلها تتوقف و تراقبه .. ثم خرجت من السيارة ووضعت يداها حول فمها و نادته :




- تشارلز ! تشارلز !



- إيفا .. ما جاء بك إلى هنا ؟



- لقد أتيت لأتحدث معك .



- وهل أتيت إلى هنا بسيارتك ؟ ما جاء بك إلى هنا لابد أن يكون أمرا مهما .



- أجل .. مهم جد ا . هل تستطيع العودة إلى حيث كنت تقيم ؟



- هل حدث شئ ؟ لبيتر أو ماغي أو الأطفال ؟



- لا ... لم بحدث شئ .



- ولماذا تريدين رؤيتي إذن ؟



- ألا نستطيع الذهاب إلى مكان دافئ لنبحث الأمر ؟



- أوكي ... سيارتك هناك ... الحقي بي إلى الشاليه بسيارتك سأقود ببطء و أحاول أن لا أضيعك .




بعد عدة دقائق أوقف السيارة أمام إحدى الشاليهات و نزل من ( الاندروفر ) التي يستقلها و قال :



- حسنا لقد وصلنا !



و فتح الباب ، و التفت متابعا :



- من بعدك .. فأنت ضيفتي ... تصرفي و كانك في منزلك . و إذا تكرمت إصنعي لنا فناجين من الشوكولا الساخنة . وبعد أن غير ملابسه و جلس قبالتها . دفعت إليه كوب الشوكولا الساخنة . فأخذه شاكرا ثم قالت له :



- إنه شاليه لطيف جميل .. يملكه صديق لك كما أعتقد .



- أجل .. إنه في فرنسا حاليا . وسمح لي أن أستخدمه قبل أن يسافر إنه مكان رائع للتزلج .



- لم أكن أعلم أنك تحب المكان هنا ، كنت أعتقد إنك تفضل التزلج في سويسرا .



- و عملي يستدعي بقائي قريبا من مكان عملي لذا أفضل أن أجي إلى هنا .



وسعلت قليلا لتجلو صوتها :



- هناك شئ أود التحدث به معك .



- لاحظت هذا . فأنا واثق أنك لم تأت كل هذة المسافة لأجل كوب كاكاو .




ووضعت الكوب من يدها ، ثم نظرت إلى عيني تشارلز :



- الأمر يتعلق بليلة أمس . لقد واجهتني باتهام معين حول تصرفاتي مع شقيقك . و لقد أتيت إلى هنا لأقول لك أنني لا أقوم أبدا بمثل هذة الأعمال . وبغض النظر عما قد يكون قاله لك . ليس هناك كلمة صدق في تلك القصة المعيبة الحقيرة .

برنس وصاب 09-23-15 05:38 PM


- ليس فيها شئ من الحقيقة ؟




- لا ...



- و هل أنت واثقة تماما ؟



- بالطبع أنا واثقة ! فكيف يمكن أن لا أكون واثقة ؟



- صحيح . إذا كنت مخطئا ، أعتذر ، لم يكن يجب أن أقول ما قلته .



- هذا اعتراف بواقع ... أكثر منه اعتذرا . ونظرت إليه بغضب :



- ماذا تعني إذا كنت مخطئا ؟ ما نوع هذا الإعتذار ؟


- حسنا إذا لم يعجبك فانسيه . هل تريدين أن أقبل قدمك و أرجوك أن تقبلي اعتذاري ؟



- كل ما أريده ... أن يكون لك كرم الأخلاق لتعترف أنك كنت مخطئا .. و لا أظن أن هذا مطلب كبير !



- حسنا .. أخشى أن يكون كذلك . لست أجد صيغة أفضل مما قلته .



- بإمكانك إسقاط كلمة ( إذا ) ولمرة واحدة أعترف و بكل صراحة أنك مخطئ !



- وكيف لي أن أعرف أنني مخطئ بحق الجحيم ؟ لم أكن معكما هناك . ولم أر ما حدث بينكما ! أنا مستعد لأن أعترف أنني قد أكون مخطئا . و أن ما قاله بيتر لم يكن صحيحا . و لابد أن هذا يكفيك ؟



- لست مضطرا أن تكون موجودا ... فأنت تعرفني جيدا طوال حياتي ... و يجب أن تعرف نوعية أخلاقي .. و يجب أن تعرف أن ليس من طبيعتي التصرف كما وصفت أن أعرض جسدي لرجل متزوج مقابل دعمه لي !



- أنظري إيفا .... أنا حقا آسف .



- أيعني هذا أنك لا تصدق ما قاله بيتر عني ؟ و داعبت يده شعرها .. و هز برأسه ثم ابتسم :



- أعتقد هذا .. لقد حصلت على الإعتذار دون ( إذا ) أو ( ولكن ) .



- وهل أنت واثق من هذا ؟ وهل يعني أنك تصدق أيضا أن ما قلته لك عن بيتر صحيح ؟ و أنه يلاحقني منذ أشهر . و أنه يجرني نحو الجنون ؟ و أن لهذا السبب وحده كنت أرتكب الأخطاء ؟



- لماذا لم تفعلي شيئا .. لماذا لم تخبري ماغي .



- لقد هددتة عدة مرات و لكنه يعرف أنني لن أفعل .



- و كيف يعرف ؟



- يعرف أن قلبي رقيق . و يعلم أنني لا أرغب في إيلامها !



- حسنا ... أستطيع أن أضمن لك أن كل شئ سينتهي الآن .



- أنا سعيدة لسماع هذا .



- حسنا ، وبعد أن سوينا الأمر ... هناك شئ هام أسألك .. هل تريدين العشاء هنا أو نذهب إلى المطعم ؟



- أوه .. ولكنني لن أبقى .. لقد قلت ما أتيت لأقوله و الآن ....



- ستعودين إلى المنزل ؟ في هذا الطقس .. لن أسمح لك بالخروج . ليس قبل صباح الغد على الأقل .



و مد يده إلى كتفيها ليشد عليهما ، وجذبها نحوه بكل رقة :



- لا أظن أن علينا الخروج إلى المطعم و سوف نقضى الأمسية هنا .



وهو يتكلم ، أحست و كأن شفتيه تمسحان شعرها ، و أحست بأنفاسه الحارة و الحميمة على جلدة رأسها ... و تابع سؤاله :



- ما رأيك ؟ اتظنين هذة فكرة جيدة ؟




و أحست إيفا بذوبان ساخن جميل في داخلها ... أمر لم تحس به أبدا من قبل و رفعت نظرها إلى وجهه وقالت :




- أجل .... كما تريد .


نهاية الفصل السابع

برنس وصاب 09-23-15 05:39 PM

تغيير شامل






و هكذا، و حتى لدهشتها الخاصة، قبلت إيفا بالبقاء. و بقيت للعشاء. لحم (ستيك) و خضار من الثلاجة سبقه زبديتان من حساء مرق اللحم. و أخيرا قبلت البقاء طوال الليل.



و حدث كل هذا بشكل طبيعي،و كأنما هو مخطط له. و فكرت إيفا بالأمر و هي تخلع ملابسها في غرفة النوم المجاورة، الغرابة في الأمر أن أيا من كل هذا لم يحصل من قبل.



إنهما يعرفان بعضهما منذ الصغر،و هذه هي المرة الأولى التي يبقيان فيها لوحدهما في منزل واحد.



و مرت الأمسية دون أن يحسا بها... و تحدثا في مختلف الأمور، في مهاراته في الطبخ،في الموسيقى،في الكتب و آخر المؤلفات... و اكتشفا أن لهما اهتمامات مشتركة...مثل الطعام الهندي و العطلات في فرنسا...و مع ذلك ففي حقل أو اثنين اتفقا على أن لا يتفقا. و تمنت أن تطول بهما السهرة إلى لأبد...لولا أم نظر تشارلز في ساعته:



-يا ألهي لا أستطيع التصديق أن الساعة جاوزت الواحدة. الأفضل الآن أن ننام ، و إلا لما تمكنا من الاستيقاظ في الصباح باكرا.علينا أن نكون في المرتفعات قبل العاشرة.



-في المرتفعات؟لابد أنك تمزح,المكان الوحيد الذي سأذهب إليه غدا هو البيت.



- و هل أتيت كل هذه المسافة لتعودي دون تزلج؟



-إنني حتى لا أعرف كيف أتزلج...لقد جربت ذلك مرة واحدة و فشلت.



-في هذه الحالة...ستبقين هنا لا محالة.سأدبر لك حصولك على بضع ساعات من التعليم.



-وماذا سأرتدي؟ليس لدي ملابس صالحة؟



-ما من مشكلة.نستطيع استئجار أي شيء هنا له علاقة بالتزلج.


و لكن ما أن اندست في الفراش و أطفأت النور و استلقت في الظلام ،حتى أحست ببعض عدم الارتياح في نفسها..لماذا هي مهتمة هكذا،و فجأة، بتعلم


التزلج؟و ماذا حصل لنيتها السابقة بأن تطرح أمام تشارلز كل الألم و الإذلال الذي سببه لها خلال السنوات؟ بعد أن حصلت على اعتذاره،لم تعد تذكر شيئا من هذا.و كل ما همها أن الخطر قد زال...و لكن أي خطر؟هكذا سألت نفسها و هي تحدق في عتمة الغرفة...مما كانت خائفة ساعتها؟





و عرفت الرد...و الرد هذا أخجلها...لقد كانت من أن تفسد الجو الحميم بينهما.و دروس التزلج؟هل تتصرف بحكمة هما أيضا؟ و لماذا لا؟كما قال تشارلز أنها خسارة أن تصل إلى هنا دون الاستفادة من الفرصة الذهبية. و أحست بأنها أفضل حالا...فأغرقت وجههافي الوسائد،و غطت في النوم.


كانا يتمتعان بغداء متأخر في مطعم على قمة الجبل عندما سألها:


-كيف جرت الأمور؟هل غزوت كل السهوب بعد؟


فضحكت إيفا ووضعت السكين و الشوكة من يدها:


-لم أغزوها بالضبط و لكنني أظن أنني بدأت أسيطر عليها.و بعد نصف دزينة دروس سأصبح بنفس براعتك.


-حسنا.. أرى أنك تمتعت جيدا، و مما شاهدته من تقدمك أرى أنك فعلا بدأت السيطرة على اللعبة.


إذن كان يراقبها دون أن تشعر...و بكل سذاجة وجدت الأمر مثيرا لسعادتها.و قالت مطرية:


-على كل الأحوال، أمامي الكثير قبل أن أصبح بنصف براعتك، لقد رأيتك تطير فوق الثلج بينما كنت أناضل كي أستطيع الاحتفاظ بتوازني..أتعلم...أنا أحسدك.لابد أنه شعور جميل بأن تطير نازلا الجبل فوق خشنتي التزلج بهذه السرعة.


-و هل تحبي أن تجربي؟


-ربما يوم ما.بعد سنة أو سنتين من الآن.


-و لماذا ليس الآن؟و بعد أن تنهي قهوتك بالضبط؟


-أنت مجنون..أتريدني أن أكسر ساقي؟اعتقدت أننا لأول مرة في حياتنا نصبح أصدقاء.


و حال أن تفوهت بكلماتها تمنت لو أنها لم تتلفظ بها. فقد أحست أنها بذكرها ماضيهما العدائي،قد أفسدت متعة تل اللحظات.و لكنه مرر لها الكلمات دون تعقيب...و قال:


-إذا أردت فعلا...أعرف طريقة تعطيك طعم نفس الشعور في نزولك الجبل بنفس السرعة، دون أن تكسري أطرافك...أؤكد لك.


-حقا؟


-حقا.أتتقي بي.


-أجل.. أظن هذا.





-رائع إذن...في هذه الحالة علينا أن نذهب.


حدث كل شيء بسرعة حتى أنه لم تجد الوقت لتعرف ما قد تكون ورطت نفسها به.و سألته بعد أن ركبا مصعد التزلج جنبا إلى جنب:


-هل أنت واتق أنها فكرة جيدة؟ أنا مجرد مبتدئة...أتذكر؟


-لا تقلقي...سأرعاك.أنت على وشك الحصول على أجمل إثارة في حياتك.


و بعد دقيقة كانا يغادران مقعد المصعد و يتجهان إلى قمة مجرى التزلج. و رفعت إفا عيناها و هي تنظر إلى المنحدر الثلجي الذي يتلوى ليختفي بين الأشجار...و أحست بمعدتها تتعقد.كيف يمكن لها أن تصل إلى الأسفل و هي سالمة قطعة واحدة؟ و قال لها تشارلز و هو يقف أمامها و ظهره إليها:


-أعطني عصاتي التزلج.و ضعي ذراعاك حول خصري، و اتركي جسدك يرتخي و حاولي أن تتعبي تحركات جسمي...لا تفعلي شيئا بمفردك...بل اتبعيني تماما. و غمز لها بعينيه و تابع:


-هل أنت جاهزة؟لنحاول التزلج إلى أول منحنى لنرى كيف تسير الأمور.


و أحست بالتصلب في البداية، و كانت خائفة من أن يقعا معا...و لكنها تذكرت نصيحته، و علمت أنها يمكن أن تثق به. فتنفست ببطء و أجبرت نفسها على الاسترخاء.


و تم الأمر كالمعجزة.فجأة أحست بنفسها تطير،خشبتا التزلج في قدميها تزحفان بنعومة فوق سطح الثلج...دون جهد...و كأنها عصفور يطير.


عند المنحنى أبطأ من سرعته و سألها:


-هل أنت على ما يرام إيفا؟ هل أنت خائفة؟أتفضلين أن نتوقف؟


-لا...قطعا. لست خائفة بالمرة.


-فتاة طيبة. تعلقي بي جيدا و استرخي...أنت رائعة...أرأيت كم أننا فريق متآلف؟



و لم تستطع إيفا التفكير بهذه الملاحظة، ففي اللحظة التالية شهقت بعد أن زادت سرعتهما...و كانت شهقة خوف

برنس وصاب 09-23-15 05:40 PM

كانت تضحك و هي متعلقة به تحس بالهواء يضرب وجهها و جسدها ملتصق بجسده،ينحني و يتحرك معه. و تحس فوته و كأنها جزء منه،و قلبها يطير و كأنه قد أصبح له جوانح.


و كانت أنفاسها قد انقطعت من الإثارة و البهجة عندما وصلا إلى الأسفل.و انهارت فوق كومة ثلج بعد أن تركته و قالت:


-كان هذا رائع. هل نستطيع أن نعيد الكرة؟


-هل أنت جادة؟هل تمتعت حقا؟ ألم تخافي بالمرة؟


-أبدا...كان الأمر رائعا..





و أعطته يدها يجرها كي تقف، و نظر في عينيها:


-حسنا إدا أردت...سنفعل هذا ثانية..و على الفور.


كان هناك شيء في نظرته سبب لقلبها الخفقان. فجأة و دون توقع..تغير كل شيء.


-لقد كنت ممتازة، أتعلمين...لديك الشجاعة أيتها السيدة الشابة. و لكن أعتقد أنني كنت دوما أعرف أنك شجاعة.


و سمعت نفسها تقول:


-لم أكن خائفة لأنني أتق بك. و كنت أعلم أنك لن تسمح بأن ينالني الأذى


و اتسم ابتسامة غريبة


-لقد أشبعت غروري جدا. و كيف حدث أنك أعطيتني كل هذا القدر من الثقة؟


-في الحقيقة ..لست أدري.


و استطاعت أن تسمع صوت دقات قلبها تضج في أذنيها, و فجأة بدا كل شيء من حولها و قد تجمد إلى سكوت كامل لا نهائى. لقد أصبحت فجأة لأسيرة لشيء لم تستطع تفسيره. و ابتسم تشارلز:


-ألا تعرفين؟ حسنا يجب عليك أن تعرفي...بعد كل هذه السنوات، أظن أن عليك أن تدركي أخيرا لماذا تثقين بي.


و انحنى للحظات و أخد يفك رباط خشبتي التزلج من قدميه.


-ماذا تفعل؟


و لم تتركها عيناه أبدا..و تخلص من خشبتي التزلج، ثم تقدم نحوها قائلا:


-سأقبلك... و لن أستطيع هذا و كلانا ينتعل خشبتا التزلج.


وأحست إيفا بقلبها يلتهب و كأنه نار. و لم تستطع أن تتكلم أو تتحرك...


-هل تمانعين..أن أقبلك؟


و ابتسم، و لكنها لم تكن ابتسامة عادية، بل هي ابتسامة لم ترها على وجهه من قبل...ابتسامة سوداء، ملتهبة، جعلت نبضاتها تتضاعف و أرسلت موجة من التوتر لتجتاح جسدها. و أحست و كأنها على وشك الإغماء..


ثم خلع قفازيه و أمسك بوجهها...لمسته ناعمة كالهمس، و أحست بالدم يغلي في رأسها، فأغمضت عينيها، و لم تجرؤ على النظر إليه.


هل أنا سجينة؟...في خشبات التزلج هذه لا أستطيع الخلاص منه، و أحست بذراعيه يحتويانها، و بأصابعه تغوص في شعرها، و بجسده يضغط بقوة على جسدها...و في أكثر أحلامها جنونا لم تتمكن أبدا من تصور التغيير الكامل الغريب اللاواعي الذي غمرها.


و انطلقت في أعماقها شحنة من الرغبة، شحنة مفعمة بالحيوية و صدمة عنيفة من السعادة و الجوع، متشوشة لكن لذيذة،مما أدار قلبها رأسا على عقب، و تركها مشتتة و عاجزة.


و تأوهت ثم استندت إليه، و ذهلت لاكتشافها بأن يديها كانتا تلتفان على أكتافه، و أصابعها تعبث بشعره...


ثم تراجع قليلا و عيناه السوداوان تتجولان على وجهها:


-ليس لديك أي فكرة كم أردت منذ مدة طويلة أن أفعل هذا. أتمانعين لو فعلتها ثانية؟


و ابتسمت له، و قالت في نفسها، بل سأمانع إذا لم تفعل. الكلمات في عينيها مع أنها لم تجرؤ على التلفظ بها. و هذه المرة و هو ينحني، سعيا وراء قبلته،كانت ترفع رأسها نحوه،متشوقة،مستسلمة، و لم تكن في زمانها أبدا مليئة بمثل هذا الشوق لقبلة من رجل.


كانت قبلة لذيذة قاسية و حارة.تتلف طاقاتها، ترسل الرعشة أثر الرعشة في أوصالها, و من تحت المعطف السميك(الأنوراك) استطاعت أن تحس بقلبه يخفق...و أبعدها عنه لحظة و تمتم:


-و ماذا الآن؟ هل نعيد النزول أكم نعود مباشرة إلى الشاليه؟قولي لي...أنا رهن أوامرك.


ز أحست بالرغبة كالخنجر تغرز فيها، و لكنها قاومتها و قالت:


-فلنعيد النزول من الجبل مرة أخرى.

فقبل طرف أنفها. و علمت أنه فهم

فهي لم تكن ترفض العودة إلى الشاليه، و إلى ما هو محتوم أن يحصل هناك، و لكنها بحاجة لأن تستعيد السيطرة على نقسها قبل أن تنغمس في شيء قوي، مرعب، أبعد أن تسيطر عليه. و التزلج كان ببساطة مؤامرة كي تؤخر ذلك المحتوم.



و فهم تشارلز كل هذا. و أحست بذلك و هما يتجهان نحو مصعد التزلج. وكان يتمتع بالإثارة من التأخير. وجلسا في المصعد جنبا إلى جنب، وكل يحس بكهربائية الآخر، كل تلامس لساقيهما، لكتفيهما يسبب العذاب غير المحتمل.



ثم اتجها إلى مجرى التزلج دون أن يتبادلا كلمة واحدة. ولم يضيعا لحظة في أخد وضعيتهما السابقة عند القمة. وكلاهما تواق إلى تلك اللحظات التي يطلقان لنفسيهما العنان فوق المنحدر، ليطيرا نحو الفضاء. و انقبضت معدتها بقوة عندما أمسكت بخصره، وأحست به يشتعل و كأنه البركان، وهي كذلك...لم تستطع التنفس من جراء ما يعتمر في قلبها.



-مستعدة؟ها نحن ننطلق..



و مال تشارلز إلى الأمام، بعد أن رمقها بنظرة كلها أسرار و معاني...وبعد لحظة و باندفاع سريع من جسده، انطلقا متجهان بسرعة و دون توقف نحو نهاية المجرى.



هذه المرة كانت الإثارة آلاف المرات أكثر من قبل.و لكن لم تكن الإثارة من جراء تزلجهما فوق الجبل التي أرسلت الدماء تجري لاهبة في عروق إيفا...لذة التزلج...دفق الهواء على وجهها...الإحساس المتفوق بالغلبة على الطبيعة، كله كان هناك...ولكنه كان جزء من كل، ولكن ليس مركز البهجة.



فما تملكها كان له مصدر آخر. هو هذا الرجل الذي تتعلق به بقوة، الرجل الذي تقودها قوته إلى الأمام، الرجل الذي تتوق لأن تنطلق قوته عليها.




و عندما وصلا إلى الأسفل كانت إيفا ترتجف، فعانقها تشارلز بسرعة و لامست شفتاه خدها. ولم يكن هناك حاجة لأن يسأل( وماذا الآن)؟





نهاية الفصل الثامن

برنس وصاب 09-23-15 05:41 PM

الفصل التاسع


خيوط العنكبوت


رحله العوده الى الشاليه في اوائل العتمه كان لها شعور بالبعد الحقيقي تقريبا
في التفكير كانت ايفا قد وصلت الى هناك وكل ما كان سيحدث هناك كان يحدث الان في مخيلتها واخذت كل ذره
من كيانها ترتجف وتحترق
وما ان دخلا الردهه حتى لفها دفء المكان وتذكرت كيف انها بالامس احست بهذا الدف الرائع ايضا ولكن اليوم..بدا الامر لايهم .. فما من دفء قد يماثل النار التي تشتعل في داخلها
عند الباب الموصل الى غرفه الجلوس ترددت..هل
تقترح عليه ان تحضر بعض الكاكاو الساخن؟ام ان عليها اولا ان تشغل الغاز؟
وقرر رتشارلز عنها ولم يكن القرار اي من الفكرتين
في تلك اللحظه من التردد تقدم خلفها واجفلت عندما احست بذراعيه تندسان حولها وجذبها اليه حتى ان ظهرها التصق بصدره و أحست بقساوه جسده ودفن وجهه في شعرها وهو يتنهد
ثم ادارها لتواجهه وذراعاه تحيطان بها وانفاسه تتسارع بالرغبه بينما احنى راسه ليقبلها وكانت قبله قويه وحتى عنيفه تماثل بانفجارها تلك الللحظه ساعه اندفعا من فوق القمه ليطيرا في الفضاء وكما احست في تلك اللحظه لم يعد امامها اي تراجع وجذبها وهو لايزال يعانقها نحو المدفاه واشعل النار ثم جذبها برقه لتجلس الى جواره فوق جلد خروف كبير مبسوط على الارض
-ايفا..ايفا ...
صوته كان خشنا ومضطربا ومد يده ليجذب وسائد الصوفا القريبه ويضعها تحت راسها بارتياح فوق الوسائد حتى احست بالتوتر والرجفه بعد ان احست بثقل يديه على جسدها ثم همس
-ليس لديك اي فكره كم اريدك
ودون اي خجل استجابت ايفا معه ومدت ذراعيها تطوق كتفيه واصابعها لتعبث بشعره واخذت انفاسها تتسارع..وعاد الى الهمس
-هذا حلم...انه حلم يتحقق!
في تلك اللحظات بدا لها ان لاشئ في الدنيا يمكن له ان يفرقهما..وهي لن تسمح لهذا ان يحصل ابدا!
وتابع همسه-كنت دائما اعرف انك ستكونين لي يوما ما في النهايه حتى في تلك الايام عندما كنا صغيرين
الكلمات كانت كالرصاصه اخترقت دماغها واجبرتها على التوقف حيث هي وان تدوس على المكابح وفي لحظه
انتقلت الى زمن مختلف ومكان مختلف بعيدا عن الفه ودفء هذا المكان لتعود الى بروده وعدائيه طفولتها وحاولت ان تخفي هذا الرد فعل ان تبعده عنها
ان تدفع عنها الرعده التي اخذت تنتشر فوق بشرتها وبارتجاف بسيط تعلقت به وجهها مضغوط بقوه صدره...لم يعد الامر يهم فهي رغم كل شئ تريده...ولن تنكر هذا!
ولكنه احس بما جرى لها فشد عليها اكثر وتابع كلامه
-لاتقلقي..انا لا اجبرك على الاندفاع معي في اي شئ...لقد رغبت لمده طويله طويله واستطيع الانتظار قليلا
ولايجب ان نكون في عجله من امرنا
وقبل وجهها ثم ارجع شعرها الى الوراء مداعبا
-مجرد كوني معك هنا وهكذا هو اكثر من كفايه لي كبدايه ولدينا الكثير من الوقت لما تبقى
وبقيت ايفا ساكنه مستلقيه وجهها في صدره وفي تلك اللحظات لم تكن قادره على فهم طاحونه المشاعر التى كانت تمزقها...الخيبه المريره..الصدمه..الذعر
وشعور بالارتباك والالم المخيف الذي كان اكثر مما تستطيع تحمله تقريبا
في تلك اللحظه عادت لكراهيته ومقته ومع ذلك الرغبه فيه والتي لاتزال تمزقها بشراسه ذراعاه حولها بدتا تهديدا لها وحمايه في نفس الوقت
و كادت ان تصيح منتحبه!ماذا يحدث لي؟دنياها كلها ودفعه واحده بدت وكانها تنهار من حولها...!
وبطريقه ما تمكنت ايفا من تمضيه ما تبقى من الامسيه و لم تكن تحاول ولو على مستوى معين ليله صعبه عليها وبدا تشارلز وكانه لم يلاحظ انها تتصرف بشكل غريب ربما استنتج انها كانت تتاسف على تلك اللحظات من الرغبه التي امضياها قرب المدفاه؟
ولكن الحقيقه كانت مختلفه...فقدت زجرت نفسها بقسوه لانها تصرفت دون حياء معه وحاولت ان تندم ولكن ماحدث كان العكس..فلم تحس بالحياء ابدا.
وكانت كلما تذكرت تلامس بشرتها ببشرته تحس قشعريره تمر في جسدها كما حاولت ان تجمد الدفء السهل الذي احست به نحوه وكافحت كي لا تتجاوب مع حديثه واكثر من اي شئ ان لا تضحك لفكاهاته ولكن محاولاتها منيت بالفشل
..وهما يحضران العشاء ويتفرجا على التلفزيون شعرت بالغرابه تتلاشى من مشاعرها فمن السهل العيش معه بدى ذلك وكانه طبيعي واي شئ مختلف قد يتطلب جهدا كبيرا ومع ذلك فقد حاولت ان تقصر مده اقامتها هنا...فقالت عند العشاء
-الا يجب ان نعود هذه الليله؟فالغد هو يوم الاثنين...وعلينا العوده للعمل
فابتسم
-لاتقلقي لن احتج عليك اذا تاخرتي في الواقع لن احتج اذا تغيبت طوال قبل الشهر..من السلامه اكثر السفر نهارا الطقس مثلج والطرقات سيئه ثم علينا اعاده ادوات التزلج الى حيث استاجرناها...كان يجب ان نعيدها بعد ظهر اليوم لو فكرنا الامر ولكن كان لدينا اشياء اخرى نفكر بها
واحمر وجه ايفا احمرار تذكر السعاده واحمرت مره اخرى عندما قبلها قبل النوم ليس بسبب الارتباك فالارتباك ذهب عنها لحظه احست بشفتيه فقد احمرت ألسنه اللهيب التي تصاعدت في داخلها...لقد كان صادقا في وعده بان يتمهل كل شئ...ماكانت كلماته؟
( لدينا الوقت الكافي لكل هذا)
وبعد لحظه كانت تغلق باب غرفتها وتشعر بالامتنان العميق لكبحه جماح رغباته..واحست بكل الارتباك والتشويش يعود اليها فعندما كانت معه كان الامر سهلا...بين ذراعيه لم يكن هناك مشكلة ولكن لحظه ان ابتعدت لحظه لم يعد معها لم يعد دماغها يستطيع تحمل ضغط المشاعر داخله
ومع ذلك لم تستطيع ان تجد جوابا على السؤال الذي يدور في ذهنها
(ماذا يحدث لي؟ماذا يحدث لي؟)
صباح اليوم التالي استيقظا معا بعد السابعه وخرجا عند الثامنه والنصف..
ولراحه ايفا لم يتبادلا سوى بضع كلمات خلال هذه الفتره تبادلا الحمام ثم فطار سريع ثم خرجا ليركب كل منهما سيارته
وبدى تشارلز مرتاحا وودودا كما كان بالامس ولكن ايفا كانت تزداد ارتباكا..فجاه لم تعد تعرف كيف تتجاوب معه ابتسامته كانت تبعث القلق فيها وعندما يلمسها حتى دوون قصد تشعر كان بشرتها تحترق..على ان ابتعد عنه..على ان ابقى وحدي...احتاج لوقت كي افكر...واعيد النظر في مشاعري..والا..فسوف انفجر
وهما يغادران الشاليه توقف للحظه وقال

برنس وصاب 09-23-15 05:42 PM

كانت سماعه الهاتف في يده وكان يطلب رقما...فحدق بها مقطبا ثم قال بخشونه
-هل لك ان تعودي فيما بعد؟اتمانعين؟
واحست بالامتنان لهذا التصرف غير المرحب فقد قوى من عزيمتها واضاف استمتاعا لذيذا لمهمتها
-اجل...اخشى انني امانع
واغلقت الباب خلفها..وبكل تصميم خطت نحوه خطوه اخرى واضافت
-مارايد قوله..اريد قوله الآن
فقطب وتنهد ووضع السماعه من يده
-فهمت..اذن...ماهو هذا الشئ الضروري العاجل الذي تريدين قوله لي؟
كاف فيه شئ غير ودي...جو من الانشغال المسبق بالرغم من الابتسامه التي لا مست شفتيه بشكل سريع...لابد انه نسي كل شئ مر بينهما بالامس وكانه لم يعن له شيئا مجرد طريقه التمضيه الوقت وشدت على قبضتيها من الألم والغضب...انه بكل بساطه استغلها ليتسلى مره اخرى وقال ببرود
-حول هذا المساء..اخشى انني لن اكون حره لاذهب معك للعشاء
-وهل جد عليك شيء ؟
ولك يكن ينظر اليها بل تركزت عيناه على الهاتف
-لا..لم يجد شيء
وازدادت قبضاتها ضغطا حتى احست باظافرها تكاد تغرز في راحه يدها
-لقد غيرت رايي..وتخليت عن الفكره..اضف الى ذلك انني واثقه ان لديك اشياء اخرى افضل
ماكان يجب عليها ان تقول هذا...فقد بدت لهجتها ضعيفه ومليئه بالمشاكسه ولكنه لم يعترض بل قال بكل بساطه
-مره اخرىاذن؟ربما في الغد؟
لهجته العاديه المستسلمة أغضبتها وبجهد ابتلعت مشاعرها المضطريه
-لا..ليس في الغد..وفي الواقع ليس ابدا
وارضت نفسها عندما اضطرته الى رفع نظره اليها...وتابعت
-في الحقيقه لسنا بحاجة لان نجامل بعضنا هكذا لمجرد اننا تبادلنا بضعه قبلات قرب الموقد انها لا تعني شيئا لاي منا..والان بعد انقضاء نهايه الاسبوع اقترح ان نعود الى طبيعتنا فانت لا تحبني ولا انا احبك..وارى منا لايرغب في احتمال العشاء مع الاخر فلا فائده من الخداع
وابتسمت له ابتسامه ساخره فمال الى الخلف في كرسيه
-قطعا لا فكلانا كبير على مثل هذه الامور ومع ذلك فقد فاجاتني لم اشعر ابدا انك كنت تلعبين فقط
وبمحاوله لمنع الدماء من التصاعدالى وجهها غرزت اظافرها في راحه يدها بقوه...لو انها صحيح كانت تلعب...قادره ان تفعل هذا واجبرت ابتسامه لتظهر على فمها
-كلانا كان يلعب ..وانت من بدات اللعبه اولا...ذلك الاعتذار...عندما قلت انك لا تصدق قصه بيتر عني .. انت لم تعني هذا اليس كذلك؟
وصدمها وهي تنتظر رده انها لا تستطيع لومه لو انه صدق قصه بيتر فبعد حدث يوم امس والذي تدعى انه مجرد لعبه لماذا لا يصدق بانها تصرفت بشكل شائن مع شقيقه في سبيل ان تغويه؟لذا كانت مذهوله عندما اجاب
-في الواقع كنت اعني ما اقوله ولماذا اقول هذا ان لم اكن اعنيه؟
هل يمكن لها ان تصدقه؟وضاقت عيناها وهي تقول له
-وهل لاتزال تصدق كلامي؟
-ولماذا اغير رايي؟فانا لست معتاد على تغيير رايي بسهوله
-وفي هذه الحاله لازلت تصدق ان بيتر كان يلاحقني ويهاجمني جنسيا وان هذا هو سبب ارتكابي للاخطاء؟هل هذا ما تصدقه؟
-لماذا تشكين بي؟لماذ تشعرين بحاجه للمطالبه بهذه التاكيدات؟
وكادت ان تنفجر بالضحك
-اتساءل؟..لا تغير الموضوع اجب على اسئلتي فقط..لو سمحت
-لقد قلت لك ..ليس من عادتي تغيير رايي كل خمس دقائق
-وهذا يعني انك مصدق لكل ما قلته لك ؟
-يبدو لي هكذا
-ما قلته لك حول بيتر؟
-ما قلتيه حول بيتر
-اذن لايمكن لك ان تصدق بعد الان انني لست كفؤه في عملي؟ ولا تصدق انني استاهل ان اطرد من الشركه؟
فجأة اخذت تهذي لم تكن تتوقع مثل هذا الرد فعل وبدت وكانها قد فقدت التركيز على غضبها وقالت وهي تمد قبضات يديها الى الامام
-وهل تعترف ان شقيقك كاذب ؟
ولم يتغيير التعبير فوق وجه تشارلز وبقيت تلك النظره البارده البعيده على عينيه السوداوين تصاعد لهجته وحدها فضحكت تزيد قله صبره وقال لها
-انا اسحب كل الاتهامات بعدم الكفاءه...ولا ارى حاجه لان تتنازلي عن مركزك؟
-وماذا عن اخيك؟هل سينجو بكذباته التي قالها عني؟اهذا ما سيحدث؟هل سينجو دون عقاب؟
-انوي ان اتحدث اليه بالموضوع
-تتحدث اليه؟هذا رائع!كان على ان اعرف ان هذا كل ما سيحدث بيتر سيحصل على شده اذن من اخيه الاكبر وسيستمر كل شئ كما كان سابقا!هكذا اذا. لقد طفح الكيل.. أنا مستقيله لقد اكتفيت منك ومن اخيك ومن الشركة كلها1واذا كانت هذه طريقه اداره الشركه فلا اريد اي دور فيها بعد الان تستطيع الحصول على حصتي إشتريها أليس هذا ما تريد؟
وكانت الراحه التي احست بها عظيمه فها قد تخلصت اخيرا من القيود وحطمتها تلك القيود التي جعلتها سجينه لزمن طويل
لقد اصبحت حره اخيرا...حره لان تتخلص من اثار طفولتها ..حره للابد..من تشارلز ايربى

برنس وصاب 09-23-15 05:43 PM

الحب والالم


ولم يكن الامربسيطا وسهلا كما تصورت لانها فى اللحظه التى رمت باستقالتها فى وجه تشارلز فى جهد يائس للتخلص من احقاد الماضى فهمت ايفا بوضوح مرعب ماهى طبيعة تلك الاحقاد الحقيقيه.
انها لم تكن مقيده اليه بالشركه ولا فى الماضى بشراكة والدها مع والده فهذه لم تكن الروابط التى سمحت لنفوذه بان يبقى راسخا دون شفقه يفسد عليها حياتها فالروابط ....الاحقاد....التى ربطتها به والتى لاتزال رغم كل شىء كانت من طبيعة مختلفه تماما .
واجتاحها رعب انها تحب تشارلز ايربى وكانت تحبه فى كل لحظه من لحظات حياتها.ومع ذلك فهى ليست قادرة على تقبل الامر ربما مرة من المرات احبته مره عندما كانت صغيرة جدا لتعرف الافضل ولكن لابد انها تجاوزت تلك المرحله ؟ولم تحبه لسنوات وبالتاكيد لاتحبه الان؟بالتاكيد هى تكرهه بكل ذرة من كيانها.
وركبت السيارة وقادتها مبتعده واخذ الظلام يشتد من حولها دون ان تعرف الى اين هى ذتهبه تتبع اشارات المرور بشكل عشوائى.وتدفقت الدموع فوق وجهها هل كانت حقا تحب تشارلز ايربى؟هل ان جنون الطفوله هذا لم يمت حقا؟
لاعجب ان عقلها الباطن كان يكبح تلك العواطف الخطرة ويحولها الى شىء لم تستطع السيطره عليه اى الكراهيه
لابد ان ايلين تتساءل الان قلقه اين ذهبت ونظرت الى ساعتها انها حوالى الثامنه الافضل ان تعود لتعرف ايلين انها بخير فاكتشفت ان الوقود نفذ منها وكان عليها ان تسير ميلين الى اقرب محطه وقود ثم تستعير وعاء تملئه بالوقود وتسير عائده واحست بالبرد والارهاق واخيرا ملئت الخزان ثم عادت الى منزلها لتكتشف انها قد ذهبت فى اتجاه اخر وانتعى بها الامر فى بلده اخرى واتصلت بايلين من محطة وقود لتقول لها انها ستكون فى المنزل خلال ساعتين ثم عادت لتنطلق نحو منزلها من جديد وبمشاعر مختلطه تابعت سيرها الى حيث تسكن لطالما احبت تلك المنطقه ولكنها الان يجب ان تتركها ستبيع المنزل وحصتها وتنتقل الى مكان جديد وليس هناك من بديل اخر.كانت انوار المنزل مضاءة وسارعت ايفا نحو الباب ودخلت الردهه
"ايلين لقد وصلت"ورمت حقيبتها على طاوله الردهه ثم سمعت صوتا من خلفها يقول:
"انت تبدين كالشبح تماما واين كنت بحق الشيطان؟"
كان واقفا عند باب غرفة الاستقبال ويدله فى جيبي بنطلونه وطيفه منعكس فى المراه واحست ايفا بالدماء تتجمد فى عروقها وتلاشت البسمه عن وجهها وحدقت به بذهول وملاها الم لايحتمل
"كنت انتظرك هنا منذ ساعات اتمانعين فى ان تقولى لى اين كنت؟"
"اين ايلين؟هل تنتظرنى؟"
"كانت ستنتظر لو لم اقل لها ان تذهب الى النوم"
فجاه اصبح يقف وراءها تماما واحست بيده تلامس ذراعها مما جعلها تجغل دون اراده منها واستدارت بحركه دفاعيه
"ماذا تفعل هنا؟"
كان يقف دون حراك عيناه السوداوان مثبتان عليها وسيم ,وجوده قوى حتى انها لم تتحمل ان تنظر اليه.وعادت الدموع تبلل عينيها انها تحبه وبصوت هادىء قال لها:
"يجب ان تتخلصى من معطفك انه مبلل هيا دعينى اساعدك"
ومرة اخرى اجفلت مبتعده عنه وهو يمد يداه نحوها
"انت لم تجب بعد على سؤالى ماذا تفعل هنا؟"
قال متحديا:"ماذا دهاك؟اظننتى اننى لا املك الشجاعه لان ارفع نظرى فى وجهك؟"
على الرغم من كربها الداخلى ابتسمت اذن هو لم ييئس بعد من اتهاماتها له .وخلعت معطفها وهى تبتعد عنه قالت:
"مهما كان سبب مجيئك اتمنى ان تذهب فورا انا حقا لست فى مزاج لتقبل الحديث معك"
"هذا مؤسف ..اترين لن اغادر الى ان انهى ماجئت لاقوله.."
واحست بالغضب يغلى فيها:
"انه منزلى وانت ستغادره متى اقول لك ولاتظن انك تستطيع الدخول الى هنا هكذا وتبدا فى تهديدى.اذا كنت قد اتيت لتعرف ما اذا كنت جاده فى استقالتى والتخلى عن الشركه وبيعها لك لم اكن فى حياتى اكثر جديه انها لك ساعه تكون مستعدا لدفع المال"

برنس وصاب 09-23-15 05:44 PM

"هذا لايثير اهتمامى فى الوقت الحاضر ولم اجى الى هنا لاحصل على هذا التاكيد"
"ولماذا جئت اذن ؟ ماذا تريد منى ؟"
"جواب... توضيح ... هل لنا ان ندخل الغرفه الوقوف هنا فى الردهه ليس مناسبا للحديث"
"انا لااشعر برغبه فى الحديث "
"اظن ان ماتشعرين به الان هو اراحه قدميك من وزن جسدك هيا دعينى اصب لك كوب شراب منعش الا اذا كنت تفضلين كوبا من الكاكاو الساخن؟"
وابتسم واحست بشىء يتلوىفى داخلها وشاهد ضعفها واخذ يتابع فى اثارته :
"شراب منعش مع الصودا اذا هيا بنا فكلما اسرعت فى فعل ما اطلبه منك ستتخلصين منى اسرع"
ودخلت غرفة الجلوس وكان يسكب كوبا مليئا من شراب الكرز والصودا واعطاها كوبا فجلست فى مقعد وثير قرب المدفاه فابتسم"هذا يجب ان يدفئك"
وجلس فى الصوفا قبالتها ثم تابع :
"اريد منك تفسيرا لملاحظه قلتيها لى هذه ثالث مره اطلب منك التفسير اول مرة كانت تلك الليله التى اتيت بها الى هنا اول مره ثم طلبتها منك فى الشاليه ولكنك تملصت فى المرتين ولم تعطنى ردا وهذه المره لن ادعك تتخلصين من الجواب انت تعرفين ما اتكلم عنه انها ملاحظتك حول دهشتك عن جراتى لان انظر الى وجهك"
"لايمكن ان تكون جادا ...؟انت تعلم جيدا ما اقصده؟
"لو كنت اعلم لما كنت هنا؟" "انت كاذب تشارلز ايربى"
قالت بغضب:
"بما ان ذاكرتك تخونك هكذا اسمح لى بانعاشها لك"
سوف ترميه بالحقيقه دون رحمه او شفقه
"لنبدا بكشفك لى عن موضوع التبنى"
مهمة انعاش ذاكرته كانت تشابه انزال حمل ثقيل عن كتفيهاوذكرته بما حدث فى ذلك اليوم البعيد وكيف سخر منها بيتر وقال لها انها متبناه وكيف ان تشارلز علق هازئا بابتسامه انا ستتغلب على الامر واخبرته كيف دمر لها ثقتها بنفسها وبانه قد تعمد افساد حياتها واختتمت قولها:
"حتى انك اقنعتنى لفتره ان والداى لايحبانى لقد دمرت طفولتى لن اسامحك ابدا ابدا "
فادارت وجهها وهى تبكى وجسدها كله يرتجف ولم يقل تشارلز شيئا وكان هنام شيئا مرعبا حول صمته ثم وقف ببطء وسمعته يتمتم:"انا بحاجه الى شراب قوى "
وتوجهنحو خزانه المشروب ثم عاد يحمل كاسا مليئا وساد الصمت ثانيه ثم سمعته يقول:
"اتعلمين مافعلت بعد ظهر اليوم بعد ان عصفت بى فى المكتب؟"
"ليس لدى فكره ولست مهتمه"
"ذهبت لمقابله بيتر ولقد اقلته من منصبه كمدير ادارى للشركه"
"ولماذا فعلت ذلك؟ط
"وهل انت بحاجه حقا للسؤال؟رجل يزور ملفات الشركه ويرشو سكرتيرته ويتحرش بالموظفات انه ليس رجل ا يستحق ان اوظفه فى شركتى"وكان الالم واضحا على وجهه. ولم تستطع ان تصدق ما تسمع
"ومتى اكتشفت انه كان يوزر المستندات؟"
"لقد بدات ارتاب وقررت ان احتال على سكرتيرته ولقد اخبرتنى بكل شىء بعد ظهر اليوم؟
"ماقلتيه كان صحيحا كان يتحرش بك على امل ان تهربى من الشركه فهذا ماحدث للمسكينه سيلفيا التى كانت بحاجه الى وظيفتها وجاءت لترانى ولكنه اساء الحكم عليك فانت لست ضعيفه مثلها"
"لم اكن شجاعه الى هذه الدرجه واعرف تماما ماتشعر به المسكينه "
ووضع الكوب من يده وفاجاها بان ركع امامها واخذ يدها قائلا:
"اذا كنت لم تصدقى اى كلمه قلتها من قبل اريدك ان تصدقى ما ساقوله الان ايمكنك ذلك؟"
"لاا عدك ولكن ساحاول"
"ماقلتيه الان منذ لحظات صدمنى كان الاستماع الى تلك القصص التى قتليها كان كالكابوس فى الواقع ان ماقلتيه الان قلب كل ما امنت به لسنوات راسا على عقب"
"انت تخترع كل هذا لست بريئا اذكر الطريقه التى جلست بها هناك تهزا منى بعد ان قال لى بيتى اننى متبناه فكيف نفسر لى هذا؟"
"كنت اعلم انه يدبر شيئا ما قاله بيتر يومها انه قد اخبرك بعض حقائق الحياه لهذا كنت اضحك ساخرا لقد كنت


الساعة الآن 03:59 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا