منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


تم تحديث قوانين المنتدى بما يتناسب مع تقدم المنتدى ، للإطلاع إنقر على هذا الشريط :: تنويه ::

موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-23-17, 12:57 PM   #7
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء التاسع












زبير






كيف لي أن أتخلص من كل همومي ومشاكلي , بدأت أرى الصدع الذي أحدثه والدي يكبر شيئا فشيئا , حور
طريحة الفراش منذ أيام وقد حكم علينا قدرها وقدري أن تكون بهذا المكان وزمرد ازدادت أموري معها سوءً
ولا تسمح لي بالتحدث معها
كنت جالسا بتململ أتنهد بضيق ولا أتوقف عن تغيير جلستي بين الحين والآخر متضايقا وبحر يجلس مقابلا
لي لا تفارقني عيناه أبدا ويرصد كل تحركاتي
نظرت ليديه وقلت " ما حل بأصابعك لما كل هذا الشاش هل جرحت "
نظر لهما وقال " لاشيء , بعض ما خبأه لي الزمن "
ثم نظر لي وقال " يبدوا أنك لن تتمكن من السفر للشركة الاستثمارية الجديدة سأذهب أنا مكانك ماذا قلت "
نظرت له مطولا ثم قلت " لا بل سأذهب أنا أنت آخر من تفقد العمل هناك علينا الأشراف على بعض
المشاريع إننا في تقدم ولا نريد التأخر عنها , شكرا لاهتمامك يا أخي "
نظر للأرض مطولا ثم قال " ولكن زوجـ.... "
ثم سكت لبرهة وعاد قائلا " ولكن ظروفك لا تسمح بذلك قد يحتاجونك هنا "
قلت بلا مبالاة " سأذهب فلا حاجة لهم بي الأمور ستكون على ما يرام "
حينها اقتربت منا والدتي وقالت " هل ستسافر يا زبير "
قلت وعينيا أرضا " نعم فعليا السفر الأمر ضروري "
قالت بضيق " ولكن زوجتك ما تزال مريضة ماذا لو تعبت أكثر وأنت غير موجود فلا سائقين
لدينا وأديم وصهيب خارج المدينة وقد يكون باقي أخوتك بعيدين كيف سنتصرف حينها "
قلت بتململ " وهل سأبقى ملاصقا لها طوال الوقت , بحر هنا فليبقى حتى عودتي "
قال بحر بهدوء " أنا سأسافر الليلة لأخوتي لا تعتمدوا علي "
قالت أمي بضيق " هي زوجتك وليست زوجة بحر ليبقى بقربها "
وقف حينها بحر وغادر دون أي حرف ووقفت مغادرا بعده ركبت سيارتي وغادرت كل ذلك المكان
الذي لم يصبح إلا محرقة للمشاعر والأحلام تجولت كثيرا وأنا أحاول التفكير في كل ما حل بي وبالجميع
جربت الاتصال مرارا بزمرد ولكن دون جدوى , مرت الساعات وأنا أتنقل من مكان لآخر حتى حل الظلام
أرسلت رسالة لزمرد وكتبت فيها ( إن كنت أعني لك شيئا ولو بسيطا فأجيبي على اتصالي يا زمرد )
بعد وقت طويل أرسلت لي رسالة فيها ( لو كنت أعني لك شيئا ولو بسيطا ما كنت تزوجت بغيري وتركتني )
جربت الاتصال بها مرارا ولكن لا أمل فأرسلت لها ( كنت مجبرا )
فأرسلت لي ( تزوجني إذا )
آه يالا كبر حجم مصيبتي ليتك تعلمي بذلك , أرسلت لها
( ليتني أستطيع فالأمر ليس بيدي أصبري معي قليلا , قليلا فقط يا زمرد )
أرسلت ( كم من الوقت أو من العمر , يكفي ما ضيعته حتى الآن وأنا أنتظر سرابك يا زبير )
ثم وصلت رسالة أخرى كتبت فيها ( لا ترسل رسائل أخرى لأنني لن أجيب )
رميت بالهاتف وأوقفت سيارتي أسندت رأسي للخلف وأغمضت عيني , كنت أشعر بالضيق والحاجة لأن
أتحدث مع أحدهم مع شخص يفهمني ويمكنني قول ما أريد له أمسكت بهاتفي ضغطت الأرقام الأولى
الرئيسية ثم ضغطت أرقام اخترتها بعشوائية وضغطت على زر الاتصال رن الهاتف مطولا ثم فتح الطرف
الآخر الخط في صمت تحدث دون توقف وقمت ببث كل همومي له ثم أغلقت الهاتف دون أن يتحدث معي
ولا أن أعرف من يكون ولم يكن يهمني ذلك المهم أنني أحسست ببعض الراحة فشغلت سيارتي وعدت للقصر
وهذا أنا لم أسافر حتى لوجهتي التي كنت أريد















حور






مرت أيام كنت فيها طريحة الفراش وكم تمنيت أن لا أنهض منه إلا لقبري ولكن الحياة لازالت تتمسك بي رغم
رفضي لها , لقد اعتنى بي زبير كما عمتي و رنيم فلم تفارقاني لحضه حتى تحسنت حالتي علمت أن بحر غادر
منذ أيام لزيارة أخوته فقررت العودة للتحرك في القصر فلست أخشى من شيء أكثر من مواجهته فليس لي قلب
يتحمل ذلك هل علمتم الآن ما كنت أعنيه سابقا بمعادلة الحظ والجمال فها أنتم رئيتم ذلك بأم أعينكم ولازال هناك
المزيد , نزلت للأسفل فوجدت خالتي تجلس مع ... لا , لا تقولوها , كان بحر نظرت لي والدته بابتسامة وقالت
" حمدا لله ها أنتي صرتي أحسن تعالي يا حور ما بك يا ابنتي "
جلت بعيناي في صمت حتى وفقعتا على العينان الخضراء اللتان تنظران لي ثم سرعان ما أنزل نظره للأرض
في حزن شعرت بالعبرة ستخرج مني فقلت بصوت مبحوح يكاد يختنق
" لا شيء يا خالتي بعض التعب فقط "
تنهدت وقالت " يبدوا أنهم فاجئوك بزواجك بزبير أو أجبروك عليه "
قلت بحزن " لقد اعتدت ذلك , كل حياتي كانت مفاجأات لم أتوقعها يوما "
وقف حينها بحر ليغادر فقالت والدته " أين يا بحر أنا لم أرك منذ مدة وأنت لم تصل إلا الآن "
قال مغادرا ومارا بجانبي " عليا السفر من أجل العمل عليك أن تعتادي غيابي يا أمي فما أحد منا يختار واقعه "
أغمضت عيناي بألم محاولة إمساك دموعي كي لا تنزل فآخر ما كنت أتوقع بل أكثر ما كنت أتمنى كل حياتي
أن أقترب منه أن أعلم واقعه وعالمه وأعيشه , كيف يأكل كيف ينام عن ماذا يتحدث ماذا يحب وماذا يكره كان
كاللغز بالنسبة لي وها قد حدث ذلك ولكن بالطريقة التي لا أتوقعها و لم أتمناها يوما












رنيم





ها هي الأيام تمضي بي هنا ولا شيء سوى أعمال المطبخ والإشراف على عاملات شركة النظافة حور
المسكينة ورفيقة وحدتي الوحيدة انهارت أعصابها حتى كادت تجن وكل أفراد هذه العائلة يبدون كالتائهين
لا أعلم هل هذه العائلة مشتتة وضائعة منذ البداية أم أن اللعنة المسماة وصية هي السبب فمن يرى القصر من
الخارج ويرى أملاك هذه العائلة وأسمها الذي يصل لنا نحن في الدول المجاورة لا يتخيل أنه لا خدم في هذا
المكان لا أعلم كم يحمل هذا الرجل من عقد لم أكتشفها بعد , دخل حينها غيث يزمجر غاضبا في هاتفه أنا لا
أحسد من يتحدث إليه الآن
قال بحدة " وما الذي سأفعله له هل أقتله مثلا تعالوا لنتفاهم ونجد حلا للأمر "
أخذ كأسا وقال لمن يخاطبه مغادرا " شقيقي أجل اعلم ولكن من له سلطة عليه هوا ليس طفل لأضربه وآمره
, وكأنه ليس لدي مصيبة تكفيني ليأتيني بأخرى , لا اعلم من أين تتقاذف علينا كل هذه المشاكل "
لا مصيبة على وجه الأرض أكبر من وجودك فيها هل أصبحت أنا مصيبة حلت عليك فما الذي سأقوله أنا عنك
حمدا لله الذي خلق لي أعصابا باردة حيال الكلمات المتطايرة كالقذائف وإلا ما كنت لأبقى هنا يوما واحدا فإما
سأكون قتله أو قتلني












غيث








جلست في المكتب مع جدي وأعمامي الذين حظروا للتو بعدما اتصلوا بي , كنت أضرب بقدمي على
الأرض بضيق وعمي عاصم يصرخ بغضب
" علينا إيقاف ذلك المجنون صهيب ماذا لو أنتشر الخبر وعلمت الصحف والناس فلن نتدارك الفضيحة
ابنة آل يعقوب مختطفة منذ فترة ستكون كارثة فلدينا سمعتنا ومكانتنا بين الجميع وأنا لدي بنات لم يفكر
بهم أحد غيري ولن يفكر أحد بالزواج منهم بعد تلك الفضيحة "
قال عمي جسار غاضبا " ليس بإمكاننا حتى أن نشتكي للشرطة لست أعلم كيف وجدها الخاطفون ومن أين
علموا بمكانها وكيف لذاك المعتوه صهيب أن يضع تلك الشروط الغبية ليتفاوض مع الخاطفين "
قلت مقاطعا " هل لكم أن تشرحوا لي ما حدث في الماضي لكي أفهم على الأقل "
سكت كليهما ونظرا لجدي الصامت منذ بداية الحديث ثم غادر عمي عاصم وقال عمي جسار مغادراً خلفه
" عليكم أن تجدوا حلا لجنون شقيكم ذاك يا غيث قبل أن يفوت الأوان كنت أعلم أنه لن يجلب لنا إلا المشاكل "
وخرج غاضبا , نظرت لجدي وقلت " هم لم يحبونا يوما على كل حال , فما تقول أنت "
قال بعد صمت " ليس لدي ما أقول "
قلت بضيق " ومن يقول إذا ومن لديه الجواب , كيف تكون لنا ابنة عم لا نعرف عنها شيئا فكل ما أعرفه أن
عمي نبيل مات وليس لديه أبناء "
وقف جدي مغادرا أيضا يستند على عكازه فقلت بيأس " يبدوا أنكم تخفون أمرا لن نعلمه أبدا "
وقفت غاضبا مغتاظا وتوجهت باحثا عن والدتي ولكني لم أجدها في غرفتها ولا في المطبخ بل وجدت من
سيكون متنفسا لغضبي فيه ( رنيم )
نظرت لها بحدة وقلت " أين هي أمي "
قالت ببرود " لا أعلم "
صرخت بها غاضبا " أليس لديك شيء غير لا أعلم , أليس لديك مشاعر غير الجليد والبرود "
صرخت غاضبة " وما الذي قلته أنا لتصرخ بي أنا لا أعلم أين تكون حقا "
توجهت ناحيتها والغضب يسري في عروقي كالنار أمسكت بذقنها بيدي بقوة حتى كاد يتهشم بين أصابعي
وقلت بغضب ومن بين أسناني " أقسم إن استفززتني بكلماتك الباردة مجددا فسأحطم لك وجهك هذا "
نزلت من عينيها دمعتان عبرتا طريقهما للأسفل أرخيت من قبضتي ثم تركتها وخرجت وجدت أمي تدخل
من باب القصر فقلت مخاطبا لها بضيق " أمي أريد التحدث إليك قليلا "
ثم توجهت لمكتبي ولحقت هي بي جلست على الأريكة وجلست مقابلة لي فقلت بهدوء
" أمي هلا حكيت لي ما تعرفيه عن عمي نبيل رحمه الله وعن زوجته "
نظرت لي بصمت فقلت " أمي أرجوك قولي لي أي شيء تعرفينه لا تسكتي كالجميع "
قالت " بسبب هذا الموضوع إذا خرج أعمامك غاضبون من هنا "
قلت متسائلا " يبدوا أن هناك شيء ما وعليا معرفته منك "
هزت والدتي رأسها وقالت " لا أعتقد أنني سأفيدك بشيء "
قلت " قولي كل ما تعرفيه مهما كان غير مهما "
قالت بهدوء " ألن تقول لي ما الذي يجري أولا "
قلت بنفاذ صبر " سأقول لك كل شيء فقط أريحي لي عقلي "
تنهدت وقالت " عندما تزوجت والدك شامخ كان عمك نبيل ما يزال أعزبا وفي عمر العشرين
تقريبا وفي عمر الخامسة والعشرين سافر خارج البلاد ولم يكن متزوجا أيضا بعدها بخمسة عشر
سنة سمعنا خبر وفاته ولم نره منذ سفره "
نظرت لها بصدمة وقلت " إذا كنت أنا في نهاية العشرين من العمر عندما توفي كيف لم نعلم بذلك لما قالوا
أنه ميت "
قالت والدتي بحيرة " لا أعلم فثمة مشكلة كبيرة حدثت بينه وبين أعمامك وجدك عندما كانوا يعملون مع
جدك في شركته بعدها سافر وكان والدك على اتصال دائم به وبعد عام من سفره دخل السجن بأيرلندا وبعد
أربع سنوات خرج منه ولم يجده والدك رغم بحثه الطويل عنه حتى يئس من وجوده
بعد ذلك بسنين جاءنا خبر وفاته مع أوراق تثبت هويته ويوم وفاته وبدأ والدك بالبحت عن زوجة له , قال
والدك أنه تزوجها هناك بعد خروجه من السجن لعله يكون لديه أبناء منها ولم يتوصل لنتيجة هذا
كل ما أعلمه يا غيث "
تنهدت وقلت " إذا ما قاله صهيب صحيح مثلما أكده أعمامي ولكن كيف علموا بوجودها "
نظرت لي بحيرة وقالت " وما الذي قاله صهيب وقالوه أعمامك "
قلت بهدوء " عمي نبيل لديه ابنة وهي هنا ومختطفة أيضا والخاطفون يطالبون بالفدية وصهيب
وحده من يعلم طريق التفاوض معهم "
شهقت أمي بدهشة وقالت " معقول ... ابنة وخاطفين وفدية هل نحن في فيلم أم في واقع "
قلت " بل في واقع وأعمامي سيجن جنونهم مخافة الفضيحة "
قالت بهدوء " ولما لا تدفعوا الفدية وتحرروها "
قلت بضيق " وهنا المشكلة فمنذ أن علم صهيب وهوا رافض للتفاوض معهم حتى نحقق شروطه وأنتي
تعرفي صهيب جيدا وشراسته وعناده "
قالت بصدمة " شروط , عن أي شروط تتحدث يا بني "
قلت بضيق " يشترط أن نقتسم عليها ثروة جدي من جديد وبما حققته من أرباح لأنها من حقها وثمنا لسنين
فقرها واحتياجها ووالدتها وأن نثبت براءة عمي من التهم الموجهة إليه هنا وفي ايرلندا ولا أفهم ما عنى بهذه "
كانت عينا أمي ستخرج من مكانها من الصدمة لما سمعت ثم قالت " وماذا قررتم "
قلت بضيق " لا شيء حتى الآن , أعمامي غاضبون ورافضين وبشدة وجدي يكتفي بالصمت لا أبرد منه إلا
الجبل الجليدي الذي لدي "
قالت بتساؤل " وماذا عنكم أنتم أبناء شامخ "
قلت بحيرة " لا اعلم فأخوتي لا يعلمون بالأمر حتى الآن والتركة لا يمكننا التصرف فيها قبل التقسيم ولو
كان لها حق لدينا فستأخذه كاملا دون نقصان "
ابتسمت وقالت لي " بارك الله فيك وفي من رباك يا غيث , إذا تحدثت مع صهيب عليه إحضارها ووالدتها
إلى هنا "
قلت بقلة حيلة " أخبرتك أنه يضع شروطا نعجز عن تحقيقها وحدنا , وتعرفي أعمامي جيدا "
ثم وقفت مغادرا فقالت لي " وما الحل يا غيث هل ستبقون الفتاة لديهم الله وحده يعلم ما فعلوا بها إنها فتاة
وأنت تفهم ما أعني جيدا "
قلت مغادرا " لا اعلم ما سنفعل حتى يقرر أعمامي وجدي أولا لقد ورطنا ابنك في مصيبة جديدة وكأنه
ينقصنا مصائب "
عند وصولي للباب التفتت إليها وقلت " أين هوا بحر قد يتمكن من إقناعه فهوا المقرب إليه "
قالت " قال أنه سيسافر اليوم لزيارة أخوته تحدث معه عبر الهاتف أو انتظره حتى يعود "
قلت بضيق " وزبير لم يسافر اليوم للشركة الجديدة ولم يخبرني إلا بعد ذهاب بحر لا أعلم متى سينتهي
كل هذا "
خرجت وتوجهت لجناحي بالأعلى وقفت أمام الباب ثم تقدمت جهة الجناح المجاور لي وهوا جناح رنيم
عليا أن أراها فقد تتهور وتفعل شيئا بنفسها فلا ينقصني مصائب أخرى وأعلم كيف تفكر النساء عند الحزن
واليأس الخائنات عديمات المشاعر , لقد فجرت بها كل غضبي هي تستحق ذلك بسبب برودها القاتل فكيف
للنار والجليد أن يجتمعا كيف
دخلت الجناح دون أن أطرق الباب وتوجهت للغرفة التي تنام فيها كانت تجلس باكية وأثار أصابعي لا تزال
على ذقنها











رنيم








ذلك القاسي المتحجر عديم الإحساس ما الذي فعلته له ليفعل بي هذا
كنت أنظر للمرآة ودموعي على خدي أتلمس أثار أصابعه على ذقني فلم يتجرأ أحد قبله على لمسي بأذى
سامحك الله يا والدي شامخ , آه كم سأقولها مرة لقد تجاوزت الألف بكثير
توجهت للسرير جلست هناك وتابعت مسيرة بكائي حين سمعت صوت الباب يفتح تساءلت في نفسي
من هذا فلا أحد يصعد إلى هنا أتمنى أن لا تكون خالتي فتكتشف أمرنا ولكن للمفاجأة لم تكن هي بل كان
أبن زوجها المتحجر جاء ليكمل ما بدءه منذ قليل ولكني لك يا غيث فأنت لم تعرف عنادي بعد
وقف أمام الباب ينظر إلى مكان جريمته بصمت وقفت ووضعت ظهر كفي عل ذقني وقلت
" ماذا تريد هل جئت لتنهي ما فعلته بي "
قال ببرود " أنتي من استفزني "
ابتسمت بسخرية وقلت " حقا لقد صدقتك , لا تكذب على نفسك يا غيث أنت تعتبرني أداة لتفجر بها غضبك
وكرهك للنساء , أتمنى فقط بعد أن تقضي عليا نهائيا أن ترتاح ويموت كرهك لبنات جنسي "
أستند بيده على الباب وقال بذات السخرية " بعد أن أقضي عليك نهائيا كما قلتي فسأرى ما سأفعل بعد ذلك "
قلت ببرود " وماذا تريد مني الآن هل جئت تبرد على قلبك برؤيتي هكذا "
اقترب مني وامسك بذقني من جديد وأصبح وجهي أمام وجهه مباشرة فقلت بألم
" يكفي يا غيث هل تريد تحطيمه لقد حطمته بالفعل "
قال بغيض " حذرتك من استفزازي ببرودك يا رنيم"
قلت بحدة " هذه أنا ولن أتغير فهل لك أن تغير قسوتك وتحجرك وكرهك لي "
قال بغيض " وإن كنتي هكذا فعليك أن تتغيري "
قلت ببرود " لا أريد ولن تجبرني على ذلك "
ضغط على ذقني أكثر وقال " إذاً أنا من سيغيرك "
قلت بابتسامة سخرية " جرب ولن تخسر شيئا "
قرب وجهي له أكثر ثم قبلني على شفتاي بقوة وهوا يضغط على ذقني حتى شعرت به سيتحطم بين
أصابعه وبشفتي ستتمزق حاولت الفكاك منه فلم أقدر ثم رمى بي على السرير وقال مغادرا
" كريهة كبنات جنسك الخائنات "
مسحت فمي بظهر يدي بتقزز فالتفت إلي ورأى ما فعلت فابتسم بسخرية وقال
" هذا هوا عقابك هذه المرة "
ثم خرج ذلك الكريه القاسي المقزز مسحت شفتاي بيدي بقوة حتى نزفتا محاولة إزالة أثر قبلته الكريهة من
نفسي , كيف لي أن أعيش مع رجل يكره كل النساء وهوا لا يتوقف عن نعتي بالخائنة
يمنعني من الخروج ومن التحدث عبر الهاتف أيضا وحتى من التنفس لو بيده , رغم معاملته الحسنة للجميع
فما ذنبي أنا إن خانته إحداهن لما لا يكون لطيفا معي كزبير مع حور واضح أن العلاقة بينهما تعاني فتورا
كبيرا ولكنه على الأقل يحترمها ويعاملها بلطف أمام الجميع حتى يقضي الله أمره , ليس كهذا القاسي
كم أكرهه ... أكرهك يا غيث ومنايا الفكاك منك في أقرب وقت














جود






كنت أجلس مع أخي مازن بغرفته لأساعده في حل مسائل الرياضيات عندما سمعت صراخ والدتي الغاضب
نزلت ركضا من السلالم فرأيت والدي يقف في منتصف البيت يضع يديه بوسط جسده وأمي تصرخ به
قائلة " يكفيك ما أخذت يا جابر لن اسمح لك بأخذ هذه إنها تخصني هي ذكرى من والدتي ولن أعطيها لك
ولو قتلتني "
هجم عليها كالغول وبدأ يضربها بقسوة ركضت وخلفي مازن محاولان أبعاده عنها ونلنا من الضرب نصيبنا
حينها انفتح الباب ودخل أخي بحر منه راكضا باتجاهنا وكان كالحلم الذي تحول لحقيقة , كالمعجزة التي جاءت
في وقتها , أمسك بيدا والدي ولفهما خلف ظهره وهوا يصرخ بغضب
" يكفيك إجرام يا أبي يكفي ذلك "
ثم تبته على الأرض ملقيا إياه على بطنه وخده على السجادة وبحر جالس فوق ظهره مثبتا له بقوة
قال والدي بغضب " أبتعد عني يا قذر أبتعد عني يا أبن شامخ وسماح وأخرج من هنا وأترك عائلتي "
صرخ بحر " عن أي عائلة تتحدث يا جابر عن أي عائلة , أنت لا تستحق أن يكون لك لا زوجة ولا أبناء "
ثم نظر إلينا بحر بغضب وقال " ألم أقل لكم ألا تمنعوه كي لا يضربها "
قالت والدتي بصراخ مؤلم " أراد السوار الذهبي الذي تركته لي والدتي ولن أفرط فيه ما حييت هوا الذكرى
الوحيدة منها فليقتلني أولا قبل أن يأخذها "
صرخ بنا بحر " اذهبوا للأعلى جميعا هيا "
صعدنا ثلاثتنا وكنت أراقبهم من هناك , ابتعد بحر من فوق والدي ثم أخرج محفظته وأخرج منها نقودا
كثيرة ورماها على والدي وقال " هذه أكثر من ثمن السوار فخدها وأرحل هيا "
جمع والدي المال بكل برود وخرج ثم وقف عند الباب وقال
" ابن والدتك حقا يا بحر , إن لم أبعدك عن أبنائي فلن أكون أنا "
ثم خرج فأغلق بحر الباب خلفه بقوة وغادرت راكضة جهة غرفتي التي كان فيها أمي ومازن بعد قليل دخل
علينا بحر فارتميت ومازن في حضنه ببكاء مسح على رأسينا وقال
" يكفي يا مدللان ألم تعتادا على ذلك بعد "
ثم نظر لأمي وقال " خالتي عليك أعطائي السوار لأخفيه عنه فسيأتي مجددا للبحث عنه بالتأكيد "
ثم أبعدنا عنه وقال " عليا الخروج قليلا وسأعود "
أمسكت به وقلت " إلى أين ستذهب يا بحر "
قال وهوا يخلص نفسه مني مبتعدا " سأذهب قليلا وأعود أطمئنوا "
صرخت به قائلة " لا تذهب خلف والدي يا بحر قد يكونوا مجموعة ويؤذونك "
قال بهدوء وهوا يقف عند الباب " لا تخافي سأعلم شيئا ضروريا وأعود قريبا "
ثم خرج وخرجت اركض خلفه فسبقني وخرج من المنزل , بقيت أنتظره وحدي في الأسفل لساعات
وانتصف الليل ولم يأتي كنت منشغلة عليه حد الجنون ثم رن هاتفي فركضت مسرعة ناحيته فكان رقما
غريبا يتصل بي نظرت له بحيرة كنت سأتركه دون الرد عليه ولكني خفت أن يكون شقيق بحر أو أنه حدث
مع بحر شيء شعرت بالخوف الشديد والتوتر ثم فتحت الخط ووضعت الهاتف على أذني بصمت تام أنتظر
لأعرف من على الطرف الآخر فجاءني صوت رجولي غريب ليس صوت بحر ولا شقيقه صهيب كان صوتا
رجوليا حزينا قال " لا تغلق الخط في وجهي أرجوك فأنا أريد أن أتحدث مع أحد أريد أن يسمعني شخص ما
لا تتحدث فلستَ مجبرا على الحديث معي فقط استمع إلى "
ثم سكت عن الكلام ومن صدمتي لم أتحرك من مكاني حتى أنني لم أرمش بعيني بعد صمتي الطويل قال
" حسننا أنت موافق على الاستماع إلي إذاً , شكرا لك يا صديقي , سأبث لك همي وحزني هل أنت مستعد
أن تحمله معي , آه أكاد أتحطم وأنا اكتمه في صدري هل جربت يوما ذلك
هل جربت أن تموت أمانيك وأن تقتل أماني غيرك في وقت واحد , أن يموت الحلم ليعيش الواقع أن تحترق
مشاعرك وتحرق مشاعر غيرك , لقد حرموني الفتاة التي أحب يا صديقي وأجبروني على أن أكون زوجا
للفتاة التي يحبها أخي أرى ذلك في عينيه في حزنه في صمته وحتى في كلماته وما بيدي حيلة غير أن أزيد
ناره نارا وألمه ألما وأنا لست بأقل منه توجعا بعد أن فقدت كل شيء حتى حبيبة طفولتي لأسأل بحيرة لما
يحدث معي ومعه هذا وما من مجيب ليثني لم أعرف بذلك , ليثني لم ألمح والحظ ذلك في عينيه تبا لي ولوصايا
الأموات التي تقتل الأحياء "
ثم تنهد بألم وقال " شكرا لك يا صديقي أنا فعلا ممتن لك على استماعك لي , وداعا "
ثم أغلق الخط وتركني واقفة كالتمثال والهاتف لازال على أذني أبعدته ونظرت له بحيرة مستغربة من حال
هذا الرجل يحكي لي همه وأنا تكاد همومي تكسر ظهري حمدا لله فلسنا وحدنا نعاني
سمعت صوت الباب يفتح فرميت الهاتف من يدي وكل ما حدث من راسي وتوجهت راكضة جهته قائلة
" بحر ... هل عدت يا أخي لماذا تأخرت لقد شغلتني عليك "
أقترب مني وقال " لما أنتي مستيقظة حتى هذا الوقت يا جود ألم أقل لك أنني سأكون بخير هيا اصعدي لتنامي "
قلت بابتسامة " هل أعد لك الطعام فأنت لم تأكل شيئا "
قال بابتسامة مماثلة " لا رغبة لي في الأكل يا جود سأصعد لأنام قليلا "
ثم تركني وصعد للأعلى حملت هاتفي وصعدت لغرفتي غيرت ثيابي ونمت بعد أن اطمأننت على أخي الغالي








صهيب




وصلت المستودع برفقة حامد عند الغروب ليأخذ معه جهاد وأبقى أنا هنا وما أن وصلنا خرج جهاد لنا
خارج المستودع فقلت متسائلا
" لما خرجت "
قال " ولما لا أخرج ها أنتم وصلتم وسأغادر "
قلت بحدة " وإن لم نكون نحن من وصل هل تريد إعلام المارة أن هناك أناسا هنا , بكل بساطة هيا تعالوا وخذونا "
قال بضيق " من يمر من هنا لم أرى أحدا طوال فترة بقائنا ثم لما يأخذونا وما يصنعوا بنا "
قلت بغضب " بك أنت لن يصنعوا طبعا ولن يأخذوك ولو وضعنا معك مالا لأخذك أما الفتاة لا يا غبي "
تأفف وأشاح بوجهه عني فقلت بغيض " إن كررتها ثانيتا قطعت رأسك غادرا هيا "
غادرا المكان ودخلت أنا المستودع ووجدت ميس تضرب بقدمها الأرض بغضب وتنظر لمكان قدمها
نظرت لها بحيرة وقلت بتساؤل " ما بك "
نظرت لي بحدة وقالت " الصراصير إنها تخرج لي دائما "
قلت بهدوء متوجها لمكان جلوسي " هذا لأنك لا تأكلين كل الطعام الذي احضره لك وهي تخرج له "
نظرت باتجاهي وقالت بغضب " ولما لا ترحمني من سجني ما فعلت لك لتفعل بي كل هذا "
قلت باستياء " ميس كنتي هادئة طوال الأيام الماضية ما بك اليوم "
قالت بصراخ " هادئة ..... ما رأيك أن تقول مبسوطة بوجودي معكم هنا "
نظرت للأعلى متكأ على العمود في صمت فقالت بأسى
" لما لا تطلق سراحي ما الذي ستستفيد به مني "
لم أجب فقالت بهدوء " لو اختطف أحدهم شقيقتك أو زوجتك هل كنت ترضى بذلك "
قلت بهدوء مماثل " لا طبعا "
قالت بحدة " لما تفعلها معي إذا هل لأنه ليس لي أب ولا شقيق تختطفني بدم بارد "
تأففت بضيق ولم أتحدث فقالت بغضب " أنا من يحق له التأفف والتذمر وليس أنت "
ثم قالت بحزن " والدتي مريضة وستموت إن أهملوها هناك وأهملوا أدويتها لا تخسروني آخر ما تبقى
لدي في هذه الحياة "
نظرت لها وقلت بهدوء " لن أتركك تذهبي يا ميس فلا تتعبيني معك "
قالت بغيض " لما ومن تكون أنت وهل أنت من أرسل لي تلك الرسالة لما لا تجيبني عن كل هذه الأسئلة
وما الذي تريده بالمال لتطالب بالفدية فثيابك ورائحة عطرك لا تدل على أنك ممن يحتاجون المال فلما اختطفتني "
يبدوا أنها ترغب في السهر الليلة أغمضت عينيا متظاهرا بالنوم فجاء صوتها غاضبا
" هل تدعي النوم أقسم لو خرج لي صرصور آخر سأحمله وأرميه عليك وارني أي نوم تنام حينها "
لم أستطع تمالك نفسي فضحكت وعيناي مغمضتان ثم قلت
" ميس يبدوا أنك تريدين النوم صباح الغد أو أنك نمت في الصباح لهذا لم تنامي فور وصولي كعادتك "
قالت بسخرية " حقا ياله من استنتاج رائع ويا لك من ذكي "
توقفت بعدها عن الكلام فتحت عيناي ونظرت جهتها فكانت نائمة على الفراش ووجهها مغطى بالبطانية
آه أتمنى أن أنجح في هذا ولا تجني هذه الفتاة بسببي متاعب جديدة على ما رأته في حياتها









الجزء العاشر






زمرد




أنا يا زبير , أنا تتلاعب بي وتخدعني كل تلك السنوات وتتحجج الآن بالحجج الواهية وتريد مني تصديقك
ككل مرة , ذاك الغبي يتأمل أن أستمر معه كالسابق يضنني لعبة بين يديه يتزوج بغيري ويلهوا معي
"زمرد ما بك هلا أخبرتني "
قلت بضيق " لا شيء أمي لا شيء , أين هي علياء سأذهب أنا وهي لزيارة جدي "
بدا الضيق واضحا على وجهها وقالت " جدك كان معنا منذ أيام , زمرد أحفظي كرامتك فالرجل قد تزوج "
نظرت لها بصدمة مما قالت ثم قلت " ومن قال أنني سأذهب لأهدر كرامتي هناك , لم تلده أمه من أذل نفسي له "
وقفت وقالت مغادرة " إذا ما من داعي لذهابك لمنزل تلك العائلة "
صرخت قائلة لتسمعني " بلى سأذهب لرؤية جدي وليس لهم "
ثم وقفت وصعدت للبحث عن علياء ووجدتها أخيرا , نظرت إليا وقالت بتذمر
" خيرا إن شاء الله ما الذي جعلك تشرفينني بزيارتك "
قلت بغيض " يا لك من متعجرفة هيا لنذهب ونزور جدي "
ضحكت وقالت " تلك قوليها لأمي وليس لي "
قلت بلا مبالاة " افهميها كما تريدي المهم هيا بنا "
نظرت لي بضيق وقالت " من أجل زبير "
قلت بغضب " يخسأ ذاك الخائن الكذاب أن أنظر إليه حتى "
قالت وهي توليني ظهرها " لا أريد الذهاب أذهبي لوحدك "
نظرت لها بضيق وقلت " ولا من أجل أديم "
قالت ببرود " ولا من أجل أي أحد لست مستعدة لأن أتلقى صفعة موجعة منه إن كان زبير الذي أرادك
دائما وبعلم الجميع تصرف هكذا فكيف بمن لم أعني له شيئا لقد صرفت النظر عن الموضوع برمته "
نظرت لها بنصف عين وقلت " هل هذا هوا السبب حقا أم لأنه غادر المدينة "
قالت بحدة " بل السبب الذي ذكرته "
قلت بغيض " ومن قال لك أني حزنت لفراق زبير ذاك فالحياة لم تتوقف عليه وحده وليس هوا الوحيد من
تلك العائلة "
نظرت لي بدهشة وقالت " ماذا تعني بذلك "
قلت بلا مبالاة " ما فهمتي "
تنهدت بضيق وقالت " غيث متزوج وبحر ليس ابن عمي وأديم ليس هنا كما قلتي وصهيب والدي يكرهه
ضعف كرهه للجميع كما إسياف كذلك , فأريحي نفسك يا زمرد وغيري هذا التفكير الذي شوه لك عقلك "
قلت بإصرار " بلى سأفعل ذلك فلازال أمامي صهيب فإن لم يجدي الأمر فهناك أديم ما دمتي قد أعلنتي
انهزامك وخسرت الحرب "
نظرت للجانب الآخر وقالت " أنا لم ادخل الحرب كي أنهزم فيها أخبرتك مرارا أني لا أفكر مثلك فقد
أحببت أديم باختياري وأزحت الفكرة الآن باختياري ولا أفكر بغيره من أبناء عمي شامخ "
شددتها من يدها وقلت " إذا ستأتي معي شئتي أم أبيتي "
تأففت كثيرا ثم وقفت لتأخذ عباءتها وحجابها
ذهبت وإياها لقصر عمي شامخ فهوا لا يبعد كثيرا عنا كما منزل عمي جسار دخلنا القصر فوجدنا زوجة
عمي استقبلتنا وأدخلتنا حيث يوجد جدي ولكنه لحسن الحظ كان نائما فاقترحت عليهم أن ننتظره قليلا ونتعرف
على زوجات أبنائها لأكسب الوقت
جاءتنا أولا فتاة شديدة البياض وكأنها قطعة من الجبن وشديدة سواد العينين تبدو كالحوريات صافحتنا بابتسامة
وجلست قالت عمتي سماح " هذه رنيم زوجة غيث وهاتان هما زمرد وعلياء بنات عاصم عم أبنائي "
قالت بابتسامة " تشرفت بالتعرف إليكما "
قالت علياء " ونحن كذلك "
أما أنا فاكتفيت بالصمت والتفكير في ضالتي الآن وهوا صهيب طبعا مضى بعض الوقت وعلياء التافهة
تتحدث بثرثرة توجع الرأس مع المدعوة رنيم وتشاركهم العمة أحياننا أما أنا فكنت أكتفي بالابتسامات الباردة
وبعض التعليقات الجانبية , بعد ذلك دخلت فتاة باهرة الجمال وذات حسن خرافي توجهت ناحيتنا مبتسمة وكان
يبدوا على وجهها أثار بعض التعب سلمت علينا وجلست قالت عمتي طبعا
" هذه حور زوجة ابني زبير وهاتان بنات عم زوجك يا حور "
كم هي فاتنة هل كل هذا الحسن في زوجته ويراسلني ويصر على مكالمتي يا لكم من جشعين معشر الرجال
ضننت أنه لا أجمل من زوجة غيث حين رأيتها لكن هذه كسرت القاعدة , تحدثنا بعض الوقت ثم قالت
علياء بابتسامة " تبدين شاحبة يا حور هل أنتي متعبة "
ابتسمت بسخرية وقلت " قد تكون تشاجرت مع زبير "
تغير وجهها من الصدمة ولم أفكر في خطورة ما قلت إلا حينها , سحقا لي سأفسد الأمور على
نفسي فقلت متداركة للأمر
" عفوا منك يا حور أنا لم أقصد ذلك فاعذريني "
قالت ببرود وهي تقف " لا بأس عليك سأذهب لجلب العصير عن أذنكم "
ثم خرجت فوجدت عمتي تنظر لي بضيق بسبب ما قلت لكني لم أعر الأمر اهتماما
قلت بعد قليل " كيف هم أديم وصهيب لم نرهم من مدة "
قالت عمتي بعد صمت " بخير وهما خارج البلاد "
قلت مدعية السذاجة " هل صهيب أيضا نقل عمله من هنا "
قالت بنفاذ صبر " لا هوا في مهمة وسيعود "
( أصنعي ما شئتي ما أن أرمي بشباكي عليه فلن أعيرك أي اهتمام ) بعد وقت قصير عادت حور تلك
تحمل العصير والكعك وكان وجهها مكفهرا وعيناها تكادا تتفجران دموعا ثم استأذنت وغادرت من فورها
شربت القليل من العصير ثم وقفت فوقفت علياء أيضا فقالت رنيم مبتسمة وهي تقف معنا
" ما بكما لا زال الوقت مبكرا "
غبية ما حاجتي بك لقد جئت لشيء لم أجده فلن يعنيني رأيك قلت بابتسامة مصطنعة
" علينا الذهاب فوالدتي تنتظرنا "
نظرت لعلياء بحب وقالت " عودي لزيارتنا قريبا يا علياء "
حقيرة وهل تضنيني أموت لهفة عليك , خرجت وعلياء فقابلنا زبير خارجا من جهة المطبخ نظر لي
بابتسامة وكأنه يريد قول شيئا أو يلقي التحية فأشحت بوجهي عنه بضيق وخرجت مسرعة
ياله من عديم دوق أتكون لديه كل تلك الملاك ويبتسم لي يالك من خائن تافه وعدت أدراجي لمنزلنا أجر
ذيول الخيبة ولكن ليس اليأس



















حور







ليته بإمكاني سجن نفسي في هذه الغرفة ولا أخرج منها أبدا لكي أرتاح سمعت طرقا على باب الجناح ففتحت
الباب وكانت خالتي وقالت أن بنات عم زبير هنا ويريدون رؤيتنا كنت أريد الرفض خشية أن يكون بحر قد
عاد فلا يمكنني السؤال عنه , ولكن ما باليد حيلة فكان عليا النزول لهم ولو قليلا ثم عليا مساعدة خالتي
و رنيم ولن أسجن نفسي طوال الوقت واتركهما خصوصا أن خالتي سعيدة كثيرا بتخفيفنا للحمل عنها
نزلت وتوجهت لمجلس الضيوف وجلست معهم , علياء كانت تبدوا لي لطيفة وبشوشة الوجه أما زمرد تلك
فلم ارتح لها ولا لبرودها وجفاف معاملتها للجميع وقد زادت الطين بله بجملتها التي ألقتها كالقذيفة على وجهي
يا لها من وقحة ما الذي تعنيه بذلك ولكن ما خفف الأمر نبرة الاعتذار الواضحة التي بدرت منها فقررت
بعدها أن أخرج متعذرة بجلب العصير والكعك للضيوف لأبتعد بعض الوقت , توجهت للمطبخ وبدأت بإعداد
الضيافة للفتاتين بعد دقائق قليلة سمعت أصوات لشخصين يقتربا من المطبخ ويتحدثان مع بعضهما
كنت منشغلة بأعداد الكعك عندما سمعت سحبا لكراسي الطاولة وصوت أحدهم يقول لي
" هلا أعطيتني بعض العصير يا حور "
كان ذلك الصوت ... نعم أعرفه جيدا ومنغرسا في قلبي منذ سنين وهل تخطئ الشجرة أوراقها اليابسة
على الأرض مهما كثرت الأوراق , التفتت لمصدره وشعرت بأحشائي تسقط أرضا عندما رأيت بحر
يجلس مع زبير وينظر إلي
قلت بتوتر " حسننا "
كنت أشعر بأن قدماي تيبستا وأنا أقترب منه وعيناه تأكلان ملامحي أكلا ,وضعت العصير أمامه وأنا أنظر
لأصابعه المليئة بآثار الجروح التي لم تشفى بعد بل كانت أثار ذلك اليوم المدمر الذي لم ولن تشفى أثار صدمته
من قلبي ما حييت , ياله من شعور لا يصفه أي وصف وأنت تُحرم من شيء هوا النور والهواء بالنسبة إليك ,
تراه أمامك وليس لك ومعك ولست له , كنت أتمنى أن تأتي أي قوة لتعيد الزمن للوراء بضع دقائق كي لا أخرج من
عند الضيوف أو لا أخرج من غرفتي بتاتا كنت أموت من الحنين إليه ومن الحسرة والألم بسبب خذلانه لي ونقضه
لعهده , عدت لترتيب أطباق الكعك برجفة وتوتر حتى أنها كانت تكاد تقع من يدي
فأتاني صوت زبير قائلا " هل لي بواحد أيضا يا حور "
نظرت إليه وقلت بعد صمت " هل تريده بالثلج أو بدونه "
لأني علمت من خالتي خلال أعدادنا لمائدة الطعام أن زبير يفضل الثلج مع العصير طوال العام
قال متبسما " لا بدون ثلج "
وضعت أمامه كوبا فوقف حينها بحر وقال بضيق واضح وهوا يغادر
" أنا لم أعد أريد العصير ليشربه غيري "
تسمرت في مكاني غير واعية لما يجري ثم نظرت لزبير الذي كان ينظر لي فأشحت بنظري للأرض لماذا
يفعل ذلك وفيما أنا أخطأت هل كان عليا سؤاله أيضا لكن الجو بارد فما الداعي للسؤال
وإن يكن كذلك ما كان عليه أن يتضايق هكذا وبشكل ملحوظ , حملت الصينية وتوجهت بها لحيت يجلس
الجميع وضعتها في صمت وأنا أسير على شيء لا يشبه الأرض يبدوا لي قطعة قماش تطير في الريح أو موج
بحر هائج وآه من هذه الكلمة ومنك يا بحر
كانت عيناي ستسكبان كل ما فيهما من دموع لو لم أستأذن وأخرج مسرعة , صعدت السلالم بخطوات
سريعة وأنا أمسح دموعي التي وجدت لها طريقا تعبر خلاله وبغزارة حينها أوقفني جسد يقف أمامي مباشرة
عرفته من ثيابه لا بل من رائحة عطره التي لم تتغير منذ سنين لا بل عرفه قلبي قبل أن ترى جسده عيناي
ابتعدت من أمامه ونظري في الأرض لأعبر من جانبه فوضع يده على حافة السلالم موصدا بها الطريق
أمامي وقال بصوته الهادئ كما كان دائما " لما تبكي يا حور "
عادت بي حينها السنين إلى الوراء بل عادت بي هذه الجملة إلى ما وراء السنين ( لما تبكي يا حور ) ولكن
المكان كان غير المكان والزمان غير الزمان وحتى الظروف كانت أجمل من الآن بكثير
لم أجبه بل لم أتحرك ولم أتنفس حتى التنفس فرفع يده من أمامي وقال
" لا تغضبي مني فلقد خانني لساني " ثم نزل
ركضت مسرعة للأعلى دخلت غرفتي وارتميت على السرير ابكي بحرقة وألم ولم أنزل ولم افتح الباب لأحد
بحجة أنني اشعر ببعض التعب وأريد النوم .. لا لم تكن حجة فقد كنت أشعر فعلا بكل تعب الدنيا وكل وجع
العالم يطبق على قلبي حتى كاد يتفجر

















غيث





قررت اليوم الاجتماع بأعمامي من جديد لنناقش القضية الجديدة التي ظهرت لنا ولكن لم أكن وحدي هذه المرة
فزبير معي والكل لازال عند رأيه أعمامي يرفضون الأمر برمته وجدي على صمته المعتاد من المفترض بوالدي
أن زوج في وصيته رنيم بجدي وليس أنا إنهما يليقان ببعض تماما غير أن رنيم تغضب أحيانا
تكلم زبير محاولا تليين رأس أعمامي فقال
" للفتاة حقان لدينا أن نحميها ونخلصها منهم وأن تأخذ حقها كالبقية "
صرخ عمي عاصم كعادته " ليس لديها شيئا عندنا "
فصرخ الزبير الذي وصل حده منهم " بل لديها هي ابنة شقيقكم أم نسيتم لو كانت أحدى بناتك هل رضيت
لها هذا "
صرخ عمي عاصم أكثر وقال بعصبية " ليس لنبيل شيء من هذا "
قال زبير " ولما "
قال عمي جسار بحدة " لأنه أختلس أموالنا "
صُدمنا كلينا مما قال وسكتنا إلا عن التنفس هنا نطق الحجر وقال جدي بحدة " جساااااار "
صرخ عمي جسار قائلا " دعهما يعلمان لكي يريحانا وشقيقهم المجنون ذاك من هذه القضية "
قلت بصدمة " أختلس أموالا ... متى "
أجاب عمي عاصم " قبل رحيله وفي أيرلندا أيضا لذلك سجنوه هناك "
وقفت من صدمتي بالخبر وقلت " ماذا "
قال جدي بحدة " أنهوا هذا الموضوع هيا "
قلت " كيف ننهي الموضوع ولم نفهم شيئا "
وقف جدي وغادر كعادته وتبعه عمي جسار فقلت لعمي عاصم " أريد أن افهم ما حدث "
وقف وقال مغادرا " اسأل شقيقك البطل الهمام وسبب مشاكلنا "
ثم خرج من فوره فنظرت لزبير وقلت " ما رأيك فيما سمعت "
هز رأسه وقال " وكأني في حلم , أتصل بصهيب وأسأله كما قال فيبدوا أنه يعلم شيئا "
قلت بضيق " هوا لا يجيب على اتصالاتي ولا أعلم لما يتهرب منا "
تنهد وقال " سأجرب أنا معه "
اتصل به فلم يجب قلت بيأس " لا نتيجة "
قال بضيق " لم يجب ولكن تذكر ما اشترطه صهيب بأن نبرئ عمي من التهمتين يعني أنه يعلم شيئا
وأن التهمة الأولى مرتبطة بالثانية "
تنهدت بضيق وغادرت المكتب خارجا وتمنيت من قلبي ألا ألتقي برنيم لأني سأقتلها هذه المرة لو
استفزتني كالعادة ولكن من قابلته لم يكن هي بل بحر هذا الشاب يجعلك تشعر بالهدوء وأنت في غمرة
ثورانك بسبب هدوءه , نظر لي مطولا ثم قال بصوته الهادئ
" ما بكم تصرخون مع أعمامكم هل من مشكلة "
قلت بضيق " نعم مشكلة وستجر مشاكل عديدة سنتحدث على طاولة العشاء أمام الجميع "
توجهت لجناحي وجلست أفكر في حل لهذه المصيبة بعد قليل سمعت طرقات خفيفة على الباب وبعدها
بدقائق فتحت رنيم الباب ودخلت , آه هذا ما كان ينقصني الآن , هي لم تزرني من قبل هل استحلت ذلك
اليوم بالذات وقفت وقالت ببرودها القاتل " هل لي أن أتحدث معك قليلا "
قلت بضيق " ليس الآن في وقت آخر "
بدا على وجهها الاستياء ولكنها لم تتكلم كتمت ما بداخلها خلف صمتها الدائم وخرجت , بعد ساعتين
نزلت لتناول العشاء مع البقية كان الجميع حاضرا اليوم فيما عدا حور وصهيب فأديم وقت إجازته وبحر
الذي عاد من سفره اليوم فقد أصبحت أحرك أخوتي في ممتلكاتنا أكثر من السابق
جلست بجانب جدي الذي لا يتناول الطعام معنا إلا نادرا كان الجميع يأكل بصمت كسرت الصمت قائلا
" هناك ما عليكم معرفته جميعا "
نظر الجميع لي فقلت " لعمي نبيل ابنة وتواجه مشكلة ما أن تُحل المشكلة قد تأتي للعيش هنا معنا "
نظر لي أديم بصدمة وقال " ابنة عم لنا نحن "
قلت بهدوء " نعم عمي نبيل رحمه الله لقد كان متزوجا بأيرلندية ولديه منها ابنة "
قال بحر " متى , لقد توفي وأنا في السادسة أذكره جيدا ولم يكن لديه زوجة "
ابتسمت بسخرية وقلت " هذا ما كنا نظنه جميعا ولكنه توفي وأنت في منتصف العشرين من عمرك يا بحر "
قال " وما المشكلة التي تعانيها "
صمتت مطولا ثم قلت " مشكلة معقدة ولا تزداد إلا تعقيدا وكأنه تنقصني مشاكل "
قالت رنيم ببرود " المشكلة دائما تجلب خلفها مشكلات اسألني أنا "
كان الجميع ينظر للمشاحنة التي بدأت للتو فاكتفيت بالصمت فحسابي معها فيما بعد
وقف جدي مغادرا وقال أديم " أنا لم أفهم شيئا مما قلت "
قلت بهدوء " سنتحدث فيما بعد "
وقف قائلا " إذا أنا أنتظرك في غرفة المكتب حسننا "
قلت " حسننا "
ووقف بحر وزبير مغادران لغرفة الجلوس فوقفت أمي وغادرت فلم يبقى سوانا أنا و رنيم , نظرت لها
ونظرت إلي ثم أنزلت عينيها وقالت " متى يمكننا التحدث "
وقفت وقلت ببرود " عندما أرى الوقت مناسبا سأسألك بنفسي "
قالت " ولكن .... "
فقلت بحدة " انتهى "
وغادرت غرفة الطعام متوجها للمكتب ولم أرها بعد ذلك ولم أكن أعلم أنها كانت تخبأ لي مفاجئة حتى فاجأتني
بها لاحقا






















أُديم






أكذب لو قلت أنني اعتدت الوضع هنا فغيابي عن أهلي زاد الأمر سوءا ويومي الإجازة لا يبردان على
الخاطر شيئا أحاول فقط أن أقنع نفسي لعلي أتأقلم مع الوضع الجديد لأنه مصيري حتى متى لا أعلم
, هذه الثرثارة توقفت عن الكلام يبدوا أنها تلقت درسا جيدا فلا تتحدثان إلا نادرا وبشبه همس , أحيانا
يشعرانني بالملل وأحيان كثيرة يطردانه عني , مواضيع النساء سخيفة جدا ثياب بيت أولاد موضى
قصص وأحداث لنساء أخريات , ولكن ليس غيرهما يسليني في ساعاتي الطويلة هنا حتى أنهما يتحدثان
عن أمور لو علما أنني اسمع لما تحدثا عنها وكأني لست بموجود فلولا إلقاء ليان التحية علي عند دخولها
ومغادرتها ( صباح الخير أيها الوسيم , وداعا أيها الوسيم ) لظننت أنني تحولت لقطعة أثاث هنا وبالرغم
من ذلك لم أسلم منها ومن لسانها أذكر جيدا يوم استلمتني وبدأت باستجوابي ( ما هوا اسمي أين أعيش من
عائلتي من أنا ) فلم أجد خيارا أمامي سوى تضليلها عن الإجابة وأخبرتها أن أسمي وسيم كما كانت تناديني
ولكم أن تتصوروا ردة فعلها عندما علمت فقالت أسم على مسمى هههههه لو تعلم أنني أسمعها لانتحرت من
فورها بالتأكيد , هذه الفتاة تجعلني أنظر للمرآة مطولا عند عودتي للشقة كل يوم وأنا أحاول رؤية نفسي من
خلال عينيها ستتسبب لي بالتخمة من الغرور
عالم الفقراء غريب حقا لم احتك بهم يوما ولكن لم أتصورهم هكذا ينظرون للفقر ببساطة ويكرهون الغنى
والأغنياء كهذه الفتاة مثلا , لم أتخيل يوما أن ادخل عالمهم ولو عن بعد وأتمنى أن لا أغرق فيه أكثر
" هيه ليان " كان هذا صوت شروق الهامس
قالت ليان بتذمر " نعم ما بك يا شروق "
قالت بابتسامة " الفتى وسيم ينظر إليك مجددا "
قالت لها بضيق دون أن تنظر إليا ولا إليها " تابعي عملك واتركي الشاب في حاله تذكرين المرة الماضية
ما ألت إليه عندما سخرنا منه يبدوا لي أن الله يحميه ويأخذ له بحقه "
ابتسمت شروق وقالت " صحيح ليان أخبريني َمن من مالكي الشركة الذي تغزل بك يومها "
نظرت لها بنصف عين وقالت " هل أعتبر ما قلتي مراعاة لمشاعري أم هي سخرية مني "
ضحكت وقالت " أنا أسخر منك حاشا لله "
قالت لها بضيق " اتركيني وشأني يا شروق وإلا حولتك لغروب الآن "
ضحكت الأخرى وقالت " وكيف ستعودين لبيتك في الظلام "
أوقعت قلمي وادعيت أنني أجلبه من تحت الطاولة لأني لم أستطع إمساك نفسي عن الضحك وهذه الخطة
التي أتبعها دائما
تأففت ليان بضيق فقالت شروق "هيا أخبريني يا ليان "
قالت بحدة " شروق بالله عليك تتركيني وشأني كم أكره الأغنياء وسيرتهم "
قالت شروق بهدوء " قالوا أن أولاد السيد شامخ رحمه الله خمسة وبعضهم يقول أربعة آه رحمك الله يا سيد
شامخ لقد كان الجميع يحبه حتى أن هذه الشركة أسسها هنا في الجنوب من أجل أهل المدينة ومجاوراتها بعد
أن دمرتها الحرب منذ سنوات "
تنهدت ليان وقالت " صدق من قال أن الخير يلد شرا دائما "
( ها قد عادت لإهانتي وفي وجهي أيضا )
قالت شروق " كانوا يتحدثون كثيرا عن ابنه الأكبر الذي كان يأتي هنا من حين لآخر اسمه أعتقد غيث هل
هوا من تحدث معك "
قالت بضيق " لا هوا أسمعه أديم هكذا قال المدير أتمنى أن لا أسمع صوته ثانية ولا أراه في حياتي "
ضحكت شروق وقالت "ليس كل ما يتمناه المرء يدركه يا ليان "
قالت ليان بنفاد صبر " شروق أنهي هذا الموضوع فلقد أنكسر كعب حدائي اليوم في طريقي إلى هنا
ولازلت أنتظر المصيبة الثانية فلا تتسببي أنتي بها لي "
وما هي إلا لحظات حتى دخل شاب مكفهر الوجه قاسي الملامح يقدح من عينيه الكره والغضب وما أن
رأته ليان حتى وقفت على طولها وقالت " قيس ماذا تريد مني وما جاء بك إلى هنا "
صرخ بها قائلا " أخرجي أمامي الآن أو ضيعتك "
صرخت به " لن أخرج هذا عملي ولن أسمح لك أن تتسبب بخسارتي له "
أقترب منها وأمسكها من ذراعها وقال بغيض " ستخرجين أو تعطينا المنزل حالا "
قالت بحدة " أبتعد عني يا قيس ولنتفاهم خارج هذا المكان ولا تتسبب لي بالمشكلات "
قال بذات الحدة " بل الآن ستعيدين لنا منزل والدتي أيتها الحقيرة يا ابنة الخائن "
قالت بغيض " لا أسمح لك بإهانة والدي أنت هوا الحقير الخائن أيها الفاشل "
صفعها على وجهها حتى سقطت أرضا ممسكة بطاولة مكتبها حينها خرجت أنا عن السيطرة على نفسي فلم
أرد التدخل بدايتا في مشاكل عائلية لا دخل لي بها ثم أني ارفض الاحتكاك بأي من الموجودين هنا ولكن
شهامتي وما تربيت عليه لا يسمح لي بذلك ركضت ناحيته وأوسعته ضربا لأن الفارق في أجسادنا كبير
حتى تجمع حولنا الموظفين وفكوا العراك وأخذوا شقيقها خارج الشركة وجلست هي تبكي طوال الوقت ثم
استدعاها مدير القسم ولم يستدعني طبعا لأني خارج حدود كل الشركة هنا
بعدها جاءت وجلست بمكانها ترفض التحدث حتى مع شروق مكتفية بالصمت والبكاء وفي نهاية الدوام
غادرت بصمت وحزن حتى أنها لم تلقي عليا التحية كعادتها ولا حتى على شروق يبدوا أنها تلقت توبيخا
من المدير أو خصموا لها من راتبها , يبدوا أنه ما كان عليا التدخل فقد تسببت لها بمشكلة
في اليوم التالي لم تأتي ليان ولا الذي بعده ولا بعده لم أكترث للأمر فهذا قدرها تواجهه وحدها وفي اليوم
الرابع أنبني ضميري لأني جزء مما حدث هنا فكتبت لشروق أسألها عنها فكتبت أنهم قرروا فصلها أو
ممكن نقلها أو فصلت لمدة معينة أو أشقائها منعوها أو قتلوها فهي لا تعلم شيئا عنها
سألتها عن رقم هاتفها فكتبت أنها لا تملك واحدا بسبب مشاكل أخوتها سألتها إن كانت زارتها في بيتها
فقالت أن زوجها يمنعها من الخروج فتهورت وطلبت عنوان بيتها فأنا السبب لما حل بها وعليا إصلاح
الأمر









ميس







لابد وأنكم نسيتم أنني لازلت سجينة ذلك المستودع إنهم يتبادلون حراستي وكأنه بإمكاني الهروب من هذا
المكان المقطوع الموحش فلو تركوني لوحدي ما فكرت بالهرب منه , جاء وقت المغيب فحظر جهاد والشاب
بني الشعر الذي لم يذكروا أسمه أمامي حتى الآن قال وهوا ينظر لجهاد
" ستبقى أنت والفتاة هنا الليلة "
وكانت المرة الأولى التي لا يكون هوا فيها هنا ليلا يعني لا نوم الليلة حيث أنني كنت أنام طيلة بقائه هنا
حتى مغادرته فجرا نظر جهاد لي ثم له وقال بهمس ولكني كنت اسمعه جيدا
" لا تتركاني معها ولا ليلة فلن أضمن لكم نفسي "
نظر له بنظرة حارقة كالنار وقال بحدة " هل هي حجة أم حقيقة ما سمعته الآن "
توتر جهاد فيبدوا أنه كان سيلقى عقابا منه عليها لو كان صادقا فقال بخوف
" بل حجة يا رجل فأنا كنت هنا بالأمس ولا يجوز أن أبقى اليوم أيضا "
نظر له نظرة تشكك ثم قال " إذا ليبقى حامد "
صرخ حامد قائلا " لا لن يحدث ذلك فقد كنت هنا طوال اليوم هذا ليس عدلا "
نظر لهما ثم لي وتقدم ناحيتي وقال " انتقلي هناك عند نهاية المستودع "
قلت بذعر " لا تتركني معه لا أريد "
قال بحزم " لا يمكنني البقاء الليلة الأمر خارج عن إرادتي "
قلت بابتسامة سخرية " لن يضر الأمر لو لم تنم مع زوجتك الليلة "
قال بغيض مكتوم " لقد حذرتك من استفزازي يا ميس لا تجعليني أخطأ معك "
قلت بغضب " وما الذي لم تخطئه معي حتى الآن اتركوني هنا وحدي فلن أهرب "
نظر جهاد وحامد لبعضهما فيبدوا أنهما فهما كلامي على مزاجهما
أشار بأصبعه للزاوية وقال بغيض " أجلسي هناك في الزاوية يا ميس قلت لك "
أخذت الفراش والبطانية ورميتهما حيث قال ووقفت بغيض , وقف بالمقربة مني وأشار بأصبعه لخط
في أرضية المستودع الإسمنتية وقال موجها كلامه لجهاد
" إن تجاوزت هذا الخط فلن ينقدك مني إلا الموت فهمت "
ثم وجه حديثه لي وقال " إن تجاوز هذا فأخبريني في الغد "
نظرت للجانب الآخر بضيق وقلت " هذا إن كان ثمة غد "
نظر لي مطولا ثم أخد معه حامد وغادر , جلست بالزاوية حيث أشار مبتعدة عن جهاد أبعد حد وبدأ
يغني كعادته لا أعلم من هذا الذي أخبره أن صوته جميل لابد وأنها زوجته
فكرت أن أفضل طريقة للتخلص من هذه العصابة هوا الإيقاع بينهم وهذا البدين يبدوا أحد طباعا من الآخر
فسيكون هوا ضحيتي بعد ساعات طويلة عاد للغناء من جديد فصرخت به قائلة
" لما لا توقف هذا النشاز المقرف لقد أقرفتني "
وضع يده بوسطه وقال " هل تعجبك مرافقة ذاك لك في الليل حتى أصبح الآن فقط صوتي نشازا "
سحقا لك من حقير علمت أنهم فكروا بذلك منذ حديثي معه عندما كان هنا بداية المساء
قلت بغضب " تعلم كيف تنتقي كلماتك أيها الصعلوك المغفل فأنا أشرف منك ومن أمثالك "
ضحك بسخرية وقال " لم أكن أعلم أن فراقه لك ليلة واحدة سيصيبك بالجنون هكذا , أسمعي سيرميك
فيما بعد وأنا من سيحتفظ بك وسأتزوجك ما قلتي "
صرخت به غضبا " يالك من منحط ووضيع أيضا "
ضحك وقال " الحق علي سأتستر عليك "
قلت بغيض " سأخبره بكل ما قلته الآن وسترى "
وقف مغتاظا وقال " هل تضني أني أخاف منه أو أن تهديده ذاك يخيفني "
قلت بسخرية " بلى تخاف منه "
اقترب مني بضع خطوات وقال " إن أعدتي ما قلته للتو فستندمين على ذلك "
قلت ببرود " تخاف منه اعترفت أم لم تعترف "
أقترب مني وأمسكني من ذراعي وشدها بقوة حتى شعرت بأظافره تنغرس فيها من فوق القماش وأن
عظامها ستتكسر بين أصابعه وقال " هل تعي ما تقولينه يا رخيصة "
نظرت له بصدمة لما قال وقلت بغيض " أقسم أن أخبره بكل هذا وبأنك تجاوزت الخط الذي حدده أيضا "
نظر للأسفل بدهشة وكأنه استيقظ من موجة غضبه وقال بغيض
" إن أخبرته أريتك ما لم تريه من قبل وأعلمي أنه لن يصدقك وأعرف كيف أتبت عكس ما قلتي "
ثم رماني على الأرض وعاد حيث كان بعد سعتين كان وقت الفجر قد حان دخلت الحمام توضأت وصليت
وما أن أشرقت الشمس حتى جاء الآخران وما إن دخل وأقترب مني حتى ركضت مخبئتا خلفه وأنظر جهة
جهاد أمسكني من ذراعي وقابلني لوجهه وهوا يؤشر بأصبعه جهة ذاك الإمعة وعينيه تقدح شررا وقال بغيض
" هل فعل لك شيئا ماذا حدث تكلمي "
نظرت جهة جهاد ثم إليه ولم أتحدث فقال بصراخ غاضب " قولي يا ميس ماذا حدث "
قلت وأنا أهز رأسي نفيا بصراخ " لا أستطيع لقد هددني "
أكفهر وجهه وتحول من البياض للون الأحمر القاتم ومرر أصابعه في شعره الكثيف الناعم المتدرج ثم
توجه جهة جهاد أمسكه من ياقة قميصه وقال بغضب " ما فعلت يا أحمق "
قال بصوت مخنوق " لم أفعل شيئا إنها تكذب كي توقع بي لقد طلبت مني التأمر معها وإخراجها ولكني
رفضت فلفقت لي هذه الكذبة "
صرخت به بعنف " كااااااذب لقد قال أنك سترمي بي بعد أن تشبع مني وهوا من سيأخذني بعدك ونعتني
بالرخيصة كما أنه تجاوز الخط الذي حددته له "
زاد من شده على رقبته حتى ضننت أنه سيموت على يديه لولا أن حامد هدئه قليلا ليتركه سعل جهاد كثيرا
ثم قال " هل تصدقها وتكذبني لا دليل لديها على كل ما تقول "
اقتربت منهم وكشفت عن ذراعي فظهرت آثار أصابعه التي كانت لا تزال فيها ومكان أظافرة قد انسلخ الجلد
عنها وقلت " هذا هوا الدليل أم أنك ستقول أنني من قام بهذا لأنه يستحيل أن تكون آثار أصابعي متوجهة للداخل
هكذا ولا حجم أصابعي كأصابعك "
سحبه الشاب حينها حتى ألصقه بالحائط وانهال عليه بالضرب ولم يستطع حتى حامد إيقافه بسبب بنيته الجسدية
وقوة غضبه فضربه حتى تعب ثم صرخ به قائلا
" ستندم على ما فعلت يا جهاد وحسابك معي ليس هنا بل في السجن وتعلم جيدا ما أعني أغرب عن وجهي الآن "
نهض بعدها جهاد وخرج خارجا وسمعت صوت سيارة تغادر نظر لي وأمسكني من كتفاي وقال بحدة
" ماذا فعل لك ماذا حدث أيضا "
قلت مشيحة بوجهي عنه " لاشيء غير ذلك "
نظر لحامد وقال
" ابق هنا وسأعود بعد ساعة أو ساعتين لو كررت ما فعله ذاك فحسابك سيكون أشد منه تفهم "
كان الصمت جواب حامد فخرج وركب سيارته وغادر وبعد نصف ساعة سمعت صوت سيارة ولكنها لم
تكن لذاك الشاب بل لجهاد دخل ونظر لي بحدة ثم لحامد فقال له بغيض
" لما عدت يا جهاد سيسجنك ويسجنني يا مغفل اذهب هيا "
قال بعصبية " أنا لم اذهب لأعود "
ثم نظر باتجاهي وقال " جئت لأتحدث معك يا حامد ولكن في الخارج "
خرجا كليهما وبعد وقت طويل عادا وأخداني معهما مرغمة لا أعلم ما حشا به جهاد رأس حامد ليوافقه وما
سيفعلانه بي ولكنه بالتأكيد سينتقم مني لما فعلت , سحباني سحبا وأنا أقاومهم كم تمنيت حينها أن يأتي ذاك
الشاب لينقدني منهم وإن كان مجرد مختطِف مثلهم ولكنه ارحم منهما
ولكن الأماني لا يمكن أن تتحقق ويبدوا أنه كالشرطة في الأفلام لا يأتي إلا متأخرا , اركباني السيارة وغادرا
بي في طريق غير الذي جئنا منه وإلى أين لا أعلم كل ما أعلمه أنني أصبحت مختطفة للمرة الثانية















الجزء الحادي عشر









صهيب




ما كان عليا أن أتق بذلك الصعلوك ولا بالذي معه ما كان عليا تركها معه بعد الذي قاله ماذا لو مسها بأذى
ركبت سيارتي ومضيت لأنظر ما فعل صديقي سالم في أمر المنزل الذي سأنقلها إليه فلا تكون إلا تحت
رعايتي وحدي فساعدني في استئجار منزل مناسب لذلك , ثم عدت لأخذها من هناك وعندما وصلت فوجئت
بباب المستودع مفتوحا فقفزت قفزا من السيارة ودخلت للداخل فلم أجد أحدا لا ميس ولا حامد ولا أي شيء
أمسكت رأسي بيداي من الصدمة وأنا أصرخ مناديا باسمها ثم خرجت كالمجنون أركض حول المكان مناديا
لها وكأنها ستخرج لي من هناك صرخت وصرخت وناديت وناديت ولكن دون فائدة
ركبت السيارة وانطلقت بسرعة جنونية وأنا أصرخ قائلا
" ما كان عليك أن تتق بأحد يا صهيب ولو كان مصيره بيدك لقد أضعتها وأضعت وصية والدك لك "
ضربت على المقود بيدي وقلت بغيض " لقد خذلت والدك الذي وتق بك وحملك هذه الأمانة دون الجميع خذلته
يا صهيب وسيحاسبك عليها يوم يلقاك عند الله "
كنت لا أرى أمامي إلا السواد اتصلت بهما مرارا ولم يجيبا أرسلت لهم رسائل أتوعدهم فيها وبدون فائدة
جلت كل الأماكن لأسأل عن مكان يعيشان فيه ولكن دون جدوى وبقيت على ذاك الحال حتى حل الظلام
في صباح اليوم التالي اتصل بي جهاد صرخت به مباشرة ما إن فتحت الخط قائلا
" أعد الفتاة أيها القذر أو رأيت ما لم تره "
ضحك وقال " مهلك قليلا ولا تخف على معشوقتك "
قلت بغضب " هي أشرف منك يا ندل , إن لم ترجعها سليمة كما أخذتها وأنت تفهم ما أقول فستكون
اليوم في السجن لا بل من الأموات "
قال بسخرية " إن صرت في السجن فستنسى أن هذه الفتاة موجودة "
ثم أغلق الخط في وجهي اتصلت به فأجاب بتذمر " نعم ماذا تريد "
قلت بغيض " الفتاة "
قال ببرود " والمقابل "
قلت " لا شيء ستحضرها رغما عنك "
أغلق الخط مجددا في وجهي مرت عدة أيام وأنا أبحث بكل الطرق ودون جدوى ثم تمكنت من معرفة
عنوان بيته ذهبت له مباشرة فوجدته فارغا ولكن من ملاحظتي له كان يبدوا أن ثمة من كان هنا اليوم
جلست أنتظر وبعد ساعات دخلت ضالتي التي كانت جهاد
أمسكته بكل قوتي وضربته حتى الموت وأنا أصرخ به " أين هي وإلا قتلتك تكلم الآن"
قال بصوت متألم " ليست معي "
صرخت به بحدة " كاذب أين هي يا جهاد "
صرخ متألما " ليست معي لقد أخذها حامد من هنا وغادر , بحثت عنه ولم أجده لقد أخدها اليوم أثناء
غيابي وذهب "
ضربته أشد من ضربي السابق له ثم رفعت وجهه المغطى بالدماء وقلت
" إن كنت كاذبا قتلتك يا جهاد سمعت قتلتك "
ثم رميت به بإحدى الغرف وأغلقتها عليه بالمفتاح كما أغلقت البيت وغادرت جاءني حينها اتصال من
غيث فتحت الخط وقلت بضيق " نعم "
جاء صوته حادا " أين أنت يا صهيب ولما لا تجيب على اتصالاتي "
قلت بنفاذ صبر " ماذا تريد "
صرخ قائلا " ماذا أريد برأيك , هل تسأل سؤالا كهذا "
دخل على المكالمة حينها رقم حامد فقلت بعجل " وداعا الآن يا غيث سنتحدث فيما بعد "
أنهيت الاتصال منه وهوا لا زال يتحدث وفتحت الخط لحامد وقلت بغضب
" كن عاقلا يا حامد وأعد الفتاة وإلا "
قال بجدية " الفتاة هي من لا تريد العودة وإنسا أمرها نهائيا "
صرخت قائلا " ما الذي تهدي به الآن "
أغلق الخط في وجهي وتركني ضائعا في طريقي وتائها في تفكيري , ما الذي حدث وأين أخذها
ورحل سحقا لي ولحلولي الفاشلة بعد كل ما فعلته مع جدي وأعمامي ها أنا أعود من حيث بدأت وها
هي رحلة بحثي عنها لم تنتهي بل تطول أكثر













حور





سجنت نفسي في غرفتي لا أخرج ولا أتوقف عن البكاء سمعت طرقات على الباب ثم جاءني صوت
زبير قائلا " حور هل لي بالدخول "
قلت بهدوء " أنا متعبة يا زبير ولا رغبة لي في الحديث أرجوك "
قال بذات الهدوء " حسننا أنزلي لتناول الطعام فالعشاء جاهز وأمي لن ترحمني إن لم تنزلي معي أفعلي
ذلك من أجلي حسننا "
تنهدت وقلت بقلة حيلة " حسننا من أجلك فقط فلا رغبة لي بالأكل "
لبست حجابي وخرجت ولم أجد زبير في جناحنا نزلت للأسفل وكان الجميع هناك عدا صهيب وأديم طبعا
هممت بالجلوس بجوار خالتي فقالت مبتسمة " ما تفعليه بهذه العجوز أجلسي بجانب زوجك هناك "
نظرت لزبير ثم للطاولة ياله من موقف سيء ومحرج , سمعت حينها صوت ملعقة تضرب الصحن بقوة
وكأن أحدهم رماها فيه رميا , نظرت باتجاه الصوت وكان بحر من قام بذلك , لم أرى تعبيرا على وجهه
فقد كان مطأطأ برأسه للأسفل
جاءني صوت خالتي من جديد " اجلسي هناك يا حور ما بك يا ابنتي "
توجهت بخطوات ثقيلة كالجبال سحبت الكرسي المجاور لزبير والذي كان يجلس بجواره غيث ويفصله
عن بحر فوقف بحر وغادر من فوره بصمت وبخطوات ثقيلة غاضبة وسريعة
قالت خالتي منادية " بحر ما بك أنت لم تأكل شيئا "
ولكنه لم يجب ولم يتوقف حتى وخرج خارج غرفة الطعام بل وخارج القصر كله لأن صوت بابه الضخم
كاد يزلزل الجدران من شدة ضربته له وهوا يغلقه خلفه , كنت أنظر جهة الباب كالمخدرة دون حراك
" أجلسي يا حور "
كان هذا صوت زبير الذي أوقظ عقلي من توقفه جلست بهدوء وبدأت أقلب الطعام ولم آكل إلا اليسير
ثم نظرت لصحن بحر الذي لم يأكل منه شيء رغم بدئهم الطعام قبل وصولي بوقت وحتى زبير لم يأكل
إلا بعض اللقيمات على ما يبدوا و رنيم وغيث كذلك يبدوا لي أن الجميع ليسوا بخير هنا , وقفت واعتذرت
عن الطعام وتوجهت للمطبخ أنتظر أن تلحق بي رنيم لنغسل الأطباق والأواني فالخادمة غادرت منذ وقت
وما هي إلا لحظات حتى دخل زبير وقف بجواري وقال " ما بك يا حور لا تبدين بخير "
تنهدت وقلت " متعبة قليلا وسأكون أفضل عند الغد "
غادر بصمت ولم يضف حرفا واحدا , أجل حالي لا يسر أحداً فماذا أقول عن حالي لما لا تساعدني يا بحر
لما تزيد من همومي , لماذا يفعل بي ذلك ما ذنبي أنا ما ذنبي إن رحل وتركني منذ سنين ما ذنبي إن زوجني
والدي وعمي دون رأيي ما ذنبي إن كان زوجي شقيقه من بين كل البشر لقد أحرقوني وحكموا عليا بأن
أموت كل دقيقة , جاءت رنيم بعد وقت لتخبرني أنهم أنهوا الطعام طلبت مني أن أترك لها العمل وحدها
ولكني رفضت فما ذنبها هي فيما يحصل لي وهل ستبقى تعمل هنا وحدها دائما
تعاونا على تنظيف الأطباق وغسلها والصمت يغلف المكان فيما عدا صوت الماء
قلت بهدوء " رنيم لا يبدوا لي أن أحوالك وغيث جيدة "
سكتت لوقت ثم قالت " ولا أنتي وزبير أليس كذلك "
كانت الإجابة أصعب من أن أخرجها ومما تخيلت فعلمت حينها أن سؤالي كان غبيا فقلت
" أنا آسفة حقا يا رنيم إن كان سؤالي غبيا ومحرجا "
ابتسمت وقالت " ولما الأسف هذا هوا الواقع فكلنا هنا ضحايا وصية حكمت على الجميع بالموت "
قلت مستغربة " هل حكمت على البقية أيضا أنا لا أفهم "
تنهدت وقالت " بلى فكلن له نصيبه منها "
قلت بحيرة " هل سيزوجهم جميعا هكذا "
هزت رأسها وقالت " لا بل إنه حكم على بحر أن لا يترك العائلة حتى اقتسام الميراث وأن لا
يقرر قرارا يخصه وعلى أديم العمل في الجنوب صهيب وحده من نجا منها "
قلت بأسى " هذه ليست وصية إنها مذبحة "
ضحكت وقالت " هوا أفضل وصف سمعته لها حتى الآن "
قلت " ولما يريدون أمرها سريا "
قالت بهدوء " بسبب الألسن أنتي تعلمي ألسن الناس لا ترحم "
قلت بعد صمت " ولما يمنع بحر من الرحيل "
قالت بحيرة " أنا لا أعلم ولا أفهمه حقا ما فهمته من خالتي أن بحر كان يتمنى دائما أن يكون مستقلا ويبني
نفسه بنفسه فكما تعلمي هوا ليس ابن هذه العائلة قد يكون يعتبر نفسه مجرد منسوب لها فهوا لا يريده أن
ينفصل عن العائلة "
قلت بهدوء " ونحن لا يمكننا الانفصال عنهم حتى الله وحده يعلم متى , هذا إن كان هناك انفصال "
قالت بضيق " أحمدي الله أن زبير يعاملك معاملة حسنة على الأقل "
قلت بحزن " نعم ولكنه ليس سعيدا معي هوا لا يعاملني كزوجة وكل منا ينام في غرفة لوحده نحن كالأشقاء
منذ تزوجنا "
سمعت حينها صوت مفاتيح تقع أرضا التفتت للخلف فكان بحر منحني للأسفل يرفع مفاتيحه عن الأرض نظرت
له فنظر إلي بصمت ثم غادر فنظرت لرنيم ويبدوا أنها كانت منشغلة ولم تنتبه للصوت حيث أنها ضحكت قائلة
" إن كان كل منكما في غرفة فكل منا في جناح ونحن كالأعداء من قبل أن نتزوج "
وأنهينا باقي أعمالنا في صمت وقد غادرت رنيم في اليوم التالي لدولتها من أجل والدتها يبدوا أنها تواجه مشاكل
هناك وكأنه ينقصها هموم

















غيث






كانت رنيم تلح بالتحدث معي في أمر ما ولكني ما كنت بمزاج يسمح حتى برؤيتها أمامي , في صباح
اليوم التالي سألت عنها أمي فأخبرتني أن زوج خالتها جاء لاصطحابها فصرخت قائلا بغضب
" تغادر دون أذني من تراني هنا قطعة أثاث "
قالت أمي " ضننت أنها أخبرتك لقد قالت لي بالأمس أنها ستتحدث معك لتأخذها "
قلت بغضب " ولما تصر على اليوم ألم يكن بإمكانها تأجيل ذلك "
قالت بهدوء " أتصل بهما وأعلم ما الأمر قد يكون ظرفا طارئا "
تركتها وخرجت غاضبا اتصلت بزوج خالتها فأجاب من فوره وأخبرني أنهم خرجوا من البلاد
وهم الآن في الطريق طلبت منه أن يعطيني رنيم لأتحدث معها فقال أنها نائمة , أعلم أنها تتعمد فعل
ذلك وتعلم مدى فداحة خطئها شديدة العناد باردة المشاعر تلك
" مرحبا غيث "
رفعت نظري عن هاتفي للداخل حينها وقلت " مرحبا أديم جيد أنه لديك أيام إجازة لكنا نسينا رؤيتك تماما "
قال بضيق وعبوس " لا يزيد همي إلا أيام الإجازات لو أبقى طوال عمري هناك سيكون أفضل فقد أعتاد على
وضعي الجديد "
قلت " هيا تعال للداخل وأخبرني ما صنعت هناك "
جلس وقال " لا أصنع شيئا سوى الجلوس والخروج وقد تشاجرت مع أحدهم أيضا وكنت سأتسبب بطرد غيره "
ضحكت وقلت " هل فعلت كل هذا يبدوا أنك بدأت تستكشف مساوئ موظفينا هناك "
تنهد وقال " هي ليست مساوئ أكثر من كونها مشاكل ذلك العالم يجعلك تشعر بالانفصام "
قلت بتساؤل " عالم الفقراء تقصد "
قال بهدوء " نعم فالغوص فيه أمر يتعب الروح والبدن ولا تجد نفسك إلا منغمسا في مشاكلهم لما فعل بي
والدي هذا "
قلت بضيق " والدي ظلم الجميع دون رحمة ولا استثناء حتى أنه سحب بنات أصدقائه معنا "
وردني حينها اتصال من شخص استغربت أن يفعلها الآن فأجبت على الفور














بحر






كنت وزبير نتناقش في موضوع صهيب وأن علي التحدث معه دخلنا للمطبخ فكانت حور هناك طلب منها
زبير سكب القهوة لنا فبدأت بذلك على الفور وفي صمت ثم التفتت نحوي نظرت لعيناي ثم أخفضت بصرها
وقالت " كيف تريد السكر "
قلت بعد صمت وأنا أتأملها " معتدلة لو سمحتي "
ثم نظرت لزبير وقالت " وماذا عنك "
ابتسم وقال " ألا تعرفي قهوتي إنها حلوة "
قالت بتوتر " نعم ... لا ... يبدوا أنني نسيت "
والتفتت لتنهي تحضيرها ووضعتها أمامنا وعادت لعملها , كنت أعلم لما سألت زبير عن ذلك فهي
خشيت أن يتكرر موقف العصير , هي تعلم جيدا قهوة زبير فهي من تعدها له , آه لو أني فقط أستطيع
التحكم في أفكاري وتصرفاتي لو أني أسيطر على نفسي عندما أرى اهتماما منها لشيء يخص زبير
ولو أني أوقف رغبتي الجامحة لتأملها كلما كانت أمامي
لما لا أقتنع أنها أصبحت ملكا لغيري وانتهى الأمر , حتى لو أنه ليس سعيدا معها ولم يلمسها حتى الآن
فهي زوجته ملكه وستئول له أجلا , آه ما أقسى الواقع وما أقسى هذه الجمل التي تكوي قلبي بنارها كلما
رأيتهما معا في مكان واحد , ولكن ما يضع عقلي في كفي هوا كيف لزبير أن لا يقربها حتى الآن , فتاة بكل
هذا القدر من الجمال كيف يمنع نفسه عنها هل يعقل أنه يحب زمرد كل هذا الحب ولكن حور كفيلة بأن
تنسيه عشرة من أمثالها
" قهوتك بردت يا بحر ألن تشربها "
كان هذا صوت زبير الذي أعادني من بحر الواقع إلى ساحل اليقين ابتسمت وقلت " بالتأكيد "
قال بهدوء " ما فعلت بشأن والدك "
قلت بالهدوء ذاته " لاشيء حتى الآن عليا محاولة أبعاده عن شلة الفاسدين تلك لأنه سيدمر حياة أخوتي ووالدتهم
فأنا من يمسك شره عنهم ويعيلهم الآن فماذا لو مت من سيكون لهم "
سمعنا حينها صوت تكسر الزجاج على الأرض وحور واقفة تنظر له بصدمة ويدها على قلبها وقف زبير
وتوجه ناحيتها وقال " ما بك يا حور هل أنتي بخير "
نزلت تجمع الزجاج المتكسر في صمت ثم وقفت وقالت
" زبير أريد زيارة منزل عمي اليوم هلا اصطحبتني إليهم "
عاد للجلوس بجواري وقال " أنا مشغول اليوم في وقت آخر "
قالت بحزن " ولكني لم أخرج منذ أكثر من شهرين لقد اشتقت لهم فهم عائلتي "
تنهد بضيق وقال " بحر الست من سيصطحب والدتي لزيارة ابنة عمها , خذ حور في طريقك "
قالت بضيق " أأنت زوجي أم بحر "
ثم خرجت مستاءة تلك الكلمة ضربتني كالرصاصة وشقت قلبي لنصفين ( زوجتك وليست زوجة بحر )
ما أبغضها من كلمة فهي من تذكرني بالواقع المرير , لما هم متفقون علي لما يحبون تكرارها أمامي
قلت لزبير بهدوء يشابه الهمس " لا تضايقها يا زبير فلن تعرف قيمة ما لديك حتى تخسره "
ووقفت مغادرا حين استوقفني صوته قائلا " أنت تقولها يا بحر غريب حقا "
نظرت له وقلت " وما الغريب في الأمر "
قال وهوا ينظر لفنجان قهوته " طوال حياتك تستهتر بقيمة الأشياء وتكره أن نقول لك تلك العبارة "
ابتسمت بحزن وقلت " بعض الضربات تكون أقسى من الموت يا زبير وبعض الأشياء فقدانها ليس بالهين "
نظر لي نظرة غريبة لم أفهمها وقال " لا تقلق يا بحر فأنا لن أعاملها إلا بالحسنى فهي وصية والدي لي "
خرجت بحثا عن والدتي وطلبت منها أن تلح على حور لتأتي معنا لنأخذها لمنزل عمها وبعد جهد وافقت
على أن تأتي بصحبتنا أردت بذلك أن أفعل شيئا يريحها ولكني لا أجلب إلا التعب دائما لكلينا













زبير






خرج بحر وتركني كصخرة تضربني أمواجه العاتية التي تعلو وتسقط بعنف رغم هدوءه
سامحني يا بحر سامحني يا شقيقي فلو تعلم ما فعلت بك وما أنا فاعل فستكرهني بالتأكيد فالأمر خارج
عن إرادتي
خرجت لخارج القصر جلست بالحديقة واتصلت بصديقي الذي يستمع لكل أنواع همومي فتح لي الخط بعد
طول انتظار فقلت بحزن
" مرحبا يا صديقي هل تعلم ما كنت أفعل منذ قليل كنت أشاهد شقيقي يحترق أمامي وأنا أحاول أن لا أسكب
الوقود على ناره , لما يحصل معي ذلك لما أنا وليس غيري لما أنا من حكم عليا والدي بهذا الجرم منذ أثنين
وعشرون عاما , تصور أن يتحول حلمك لسراب ثم أنت تحول حلم غيرك للشيء الذي أنت تعانيه , لم أعد
أرغب في الحياة لم أعد أريدها "
ثم أغلقت الخط دون أن أشكره أو أودعه كما في السابق وما هي إلا لحظات حتى وصلتني رسالة من رقمه
مكتوب فيها
( قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كان برجل جراح فقتل نفسه , فقال الله بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة )
استغفرت الله كثيرا لما قلت وما فكرت , ثم ابتسمت لأني أحسست أن من أتحدث معه دائما هوا مخلوق حي و
موجود يستمع إلي وخاف على مصيري وأراد ردعي عن التهور , خرجت وصادفت غيث يتبعه أديم خارجا
فاليوم إجازته و كان على ما يبدوا لي مستعجلان نظر غيث باتجاهي وقال
" زبير ألحق بنا فورا "
وركبا سيارة غيث وغادرا وأنا خلفهما ولا أفهم شيئا















رنيم







كان عليا الذهاب اليوم لوالدتي فأولئك الأنذال يهددونها ويطالبون بمقابلتي والتفاهم معي لأني أنا ابنة
غريمهم كما يقولون لذلك كان عليا الذهاب لأرى ما لديهم من جديد , فكرت فكرة غبية أن لي زوجا أختاره
والدي شامخ ليكون معينا لي ولكن يا لا سخافة أفكاري وسذاجتي فهوا لم يكلف نفسه حتى عناء الاستماع لي
وصرخ بي وكأني متسول يتسول أمام بابه , يبدوا أنه لا حل لما بيننا لا حل
وصلنا بعد ساعات من السفر نزلت ركضا أبحث عن والدتي وما أن وجدتها ارتميت في حضنها وبكيت بكاء
مرا طويلا بطول عذابي كل تلك الأسابيع مسحت والدتي على رأسي محاولة مواساتي ثم جلسنا سويا فأمسكت
بيدي وقالت " ما بك يا ابنتي لما كل هذا البكاء "
قلت بحزن " لاشيء يا أمي هوا الاشتياق لك والخوف عليك فقط "
ربتت على يدي وقالت " لا تخافي عليا يا رنيم المهم أنك بخير "
قلت بابتسامة ميتة مثلي " بخير أمي لا تقلقي "
تناولنا الغداء جلسنا نتحدث ونقلب المواضيع وكأنني لم أرها منذ أعوام وبعد العصر حظر زوج خالتي
وابنه أدهم قال زوج خالتي
" هم قادمون بعد قليل كانوا يصرون على ذهابنا نحن هناك ولكننا تحججنا بمرض والدتك فلن آمن مكرهم "
نظرت لوالدتي وقلت " إن فتحوا موضوع زواجي فلن نخبرهم زوجي من يكون حسننا "
قالت أمي باستغراب " ولما "
قلت بضيق " لأني لن أعتمد عليه في ذلك "
قال أدهم بغضب " ولما زوجوك له إذا "
صرخ والده قائلا " أدهم لقد انتهى الكلام في ذلك الأمر "
صمت أدهم بضيق ونظر للجانب الآخر مغتاظا وقال زوج خالتي
" هل أخبرتي زوجك عن قدومك "
قلت بضيق " لا لم أخبره "
قال بصدمة " لماذا "
نظرت لوالدتي ثم لأدهم ثم له و أخفضت بصري في صمت ففهم أنني لا أريد ذكر السبب فتأفف أدهم مانعا نفسه
من الحديث بعد قليل وصل الضيوف الغير مرغوب بهم طبعا توجهت ووالدتي وزوج خالتي وابنه جميعنا لغرفة
الضيوف حيث استقبلهم أدهم ووالده كانوا أثنين وهما أكثر أفراد عائلتهم شرا وهي عائلة كبيرة ومعروفة هنا
تكلم الأول قائلا ما أن رآني " أين هربت من دفع الحساب يا ابنة حيان "
قلت ببرود " لا حساب بيننا بعد حكم القانون "
صرخ الآخر " بلى بيننا حساب ولم نصفه بعد "
قلت بذات البرود " ها هي ذي أنا أمامكم فاقتلوني "
قال الأول بسخرية " نعم ولن يردعنا عنك أحد "
" بل هناك من يردعكم ويكسر رؤؤسكم أيضا "
التفتنا جميعنا لمصدر الصوت الغاضب فكان غيث واقفا أمام الباب خلفه زبير وأديم
نظرت لهم بصدمة كيف وصلوا بهذه السرعة بل منذ متى وهم هنا






















الجزء الثاني عشر







بحر






بعدما ألححت على والدتي أن تصر على حور لتأتي معنا لأخذها لبيت عمها في طريقنا ووافقت حور
بصعوبة ركبتُ السيارة في انتظارهم ثم جاءت هي وأمي ركبت في المقعد الخلفي خلف والدتي مباشرة
فانطلقت جهة منزل عمها أولا فهوا لا يبعد كثيرا
تصوروا أنها كانت هنا بقربي طوال الوقت ولم أعلم , لولا استهتاري لكنت سألت وعلمت لكنت انتشلتها
منذ أربع سنوات من منزل عمها انتشالا لتصير لي , لكنت نمت تحت نوافذ منزلهم وأضربت عن الطعام
والشراب وفعلت كل ما فعله العشاق لأفوز بها أو أموت بدلا من الوقوف والنظر لها من بعيد .
عند منتصف الطريق وجدنا ازدحاما بسبب حادث مروري فسلكت طريقا آخر ساحلي بعيد قليلا فاتكأت
حور برأسها على النافذة تشاهد البحر في صمت خففت السرعة لأني أعلم أنها تحتاج للخروج بعد كل ذلك
السجن حتى أنها ممنوعة من حضور كل الاجتماعات النسائية التي تأتي لوالدتي
كانت لا تحرك نظرها عن عرض البحر وعيناي لا تتوقف عن رصدها في كل لحظة خرجت حينها أمي
من صمتها وقالت " ما بك يا بحر لما خففت السرعة لن نصل على هذا الحال "
انتظرت حور أن تعترض أو توافق لأعمل بما ستقول ولكنها اختارت الصمت فتابعت على ذات السرعة
غير مكترث بكلامها وصلنا بعد وقت فقلت لها وهي تهم بالنزول
" متى تريدي العودة يا حور "
سقطت من عينها دمعة لم تغفلها عيناي فهي قد سقطت في قلبي ومزقت أحشائي كالحجر الذي يهوي في
عمق البئر ويخبره من الأعلى عن هول وصوله للقاع
قالت بحزن " متى ما عدت بوالدتك "
ثم اختفت عني خلف باب منزل عمها كما تختفي عني كل حين خلف الأبواب الموصدة





















حور






لا مهرب ولا منجى لي من ذاك الكابوس والمكان برمته إلا منزل عمي أشعر بالاختناق وأحتاج للتنفس ولو
قليلا أحتاج للهروب من أي مكان بحر يوجد فيه أو حتى كان فيه رغم أنه غير موجود أغلب الوقت إلا أنني
أشعر بالمرارة إن كان بقربي أو بعيدا عني وحتى لبيت عمي كان قدري أن يوصلني هوا إلى هناك أن أركب
سيارته أن اشتم عطره واستمع لأنفاسه , لما حُكم عليا بالعذاب لما أنت شقيق زبير يا بحر لما التقيت بك في حياتي
" ما بك يا بحر لما خففت السرعة لن نصل على هذا الحال "
كان صوت خالتي الذي كسر الصمت الموحش تمنيت أن لا يستمع لكلامها تمنيت أن يشعر بقلبي
وهوا يخبره أنني أريد بث همومي للبحر ولو في صمت , للمكان الوحيد الذي كان يذكرني به طوال
تلك السنين وحمدت الله كثيرا أن قلبي أوصل له رسالتي
عند وصولي وأنا أهم بالنزول استوقفتني كلماته لا بل صوته وهوا يسألني متى أريد العودة بل قل متى
تنتهي مأساتنا متى نستفيق من هذا العذاب لنجده مجرد كابوس ليثني كنت أنا من استطاع أن يسأله ولكن
ليس بكلمة متى بل بكلمة لما , لما فعلت ذلك لما تركتني ورحلت
ولكن ما نفع السؤال لو كانت الإجابة لن تغير شيئا نزلت دمعة أحسست بحرارتها وهي تعبر من قلبي ثم
عروقي ثم أحرقت جفوني لتنهي مسيرتها متكسرة على صفحات كف يدي , دخلت منزل عمي وأنا أريد
الهروب من كل شيء قد تركته خلفي بل كل ما تركته من ذكريات ورائي , طرقت الباب فكانت ولحسن
حظي مرام هي من فتح لي وليس الخادمة فارتميت في حضنها أبكي مرارتي بل أواصل بكائي الذي بدأ
منذ دخلت من الباب الخارجي للمنزل فقالت وهي تمسح على ظهري
" حور حبيبتي ما بك ستموتين من شدة البكاء توقفي أرجوك "
" ما بكما ما بها حور "
كان هذا صوت زوجة عمي شادية وهي تتوجه مسرعة نحونا ارتميت بحضنها وتابعت مسيرة بكائي أبعدتني
عنها وقالت بخوف " ماذا حصل يا حور هل زوجك به مكروه أم هم أهله "
آه أنا التي بي كل مكروه مسحت دموعي وقلت " لا هم بخير ولكني اشتقت لكم فأنا لم أفارقكم منذ سنين "
سحبتني مرام من يدي وهي تقول " أفزعتنا عليك أيتها الطفلة كل هذا شوق لنا فقط "
دخلنا جميعنا لغرفة الجلوس وحضرت شادن بعد قليل وحضنتني بحب لأول مرة أعرفه منها لم تكن
علاقتي بشادن سيئة أبدا ولكنها كانت علاقة سطحية جدا بسبب اختلاف أفكارنا وطبائعنا وأعمارنا جلسنا
نتحدث لوقت طويل ولم يتوقفن بنات عمي عن استجوابي عن حياتي في قصر العائلة حتى قالت مرام
" متى سيأتي زوجك لأخذك هل ستقضي اليوم معنا "
تيبس لساني عن الجواب فما سأقول هوا لم يحظرني بل ولن يأتي لاصطحابي
وكزتني بمرفقها وقالت " هيه حور أين ذهبتي كنت أسألك "
قلت بتردد " لا أعلم , عندما سيقوم شقيقه بإرجاع خالتي من عند قريبتها سيمران بي ولم أسأل متى "
قالت شادن بصدمة " ولما لا يأتي زوجك لأخذك "
قلت بهدوء " هوا مشغول كثيرا اليوم وشقيقه سيعود بوالدته على كل حال "
قفزت شادن بجواري وقالت بلهفة " من هوا شقيقه هذا وما أسمه وهل يفكرون في عروس له "
عاد لساني للتيبس من جديد , من يكون ما اسمه كيف أقولها ويتزوج وعروس يستحيل ذلك فسأموت من
حينها , ولكني تزوجت أيضا
" هيا حور أجيبي ما بك "
تنهدت وقلت " بحر ... اسمه بحر "
شهقت مرام شهقة قوية خرجت رغما عنها كما يبدوا ثم نظرت لشادن بصدمة والتي كانت تبادلها ذات
النظرة ثم قالت بتوتر " أأأ هل هل يسمون مثل هذا الاسم غريب "
ثم نظرت لي نظرة تسأل فيها عينيها عيناي إن كان ما تظن صحيحا وكأنها تتمنى أن يكون الجواب مغايرا
لتوقعاتها فابتسمت ابتسامة حزينة وأنزلت نظري للأسفل ولم اشعر حينها إلا بيدها تسحبني من يدي وتخرج
بي من الغرفة وتصعد بي السلالم للأعلى وصوت شادن الغاضب يتبعنا وهي تقول
" غبيتان لما تذهبان وتتركاني "
ولكن مرام لم تتوقف بل أدخلتني غرفتها وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح وقالت
" بحر يا حور هل هوا بحر ذاته "
ارتميت في حضنها أبكي بحرقة وقلت " ما أتعسني من فتاة يا مرام لما تلاحقني تعاستي منذ صغري لما
يحدث معي هذا أخبريني أرجوك "
قالت مرام بصوت مصدوم " كيف يكون شقيقه وليس لهما نفس الاسم "
ابتعدت عنها وتوجهت جهة السرير جلست على طرفه وعينيا في الأرض وقلت بحزن
" هوا شقيقه من والدته ويعيش معهم أيضا "
ثم نظرت لها وقلت ببكاء " هل رأيت ما ألت إليه , أنظري لحجم تعاستي يا مرام "
جلست بجواري وقالت بضيق " ولكنه تخلى عنك يا حور تركك ورحل لما تبكي عليه الآن لما "
قلت بحزن وأنا أهز رأسي نفيا " لا أستطيع يا مرام كيف أقتل قلبي كيف , كيف اجبره على مالا يريد أنا
أتعذب فلا تزيدي من عذابي "
صرخت بي قائلة" غبية .. غبية يا حور هوا لم يهتم لأمرك كل تلك السنين "
غطيت وجهي بيدي وقلت ببكاء " لم استطع , ما أن رأيته أمامي حتى تحولت لأشلاء لا بل لهباء تذروه
الرياح , ما إن رأيته أمامي حتى عاد الماضي وعادت الأشياء التي لم تمت يوما "
حضنتني وقالت بدموع " أفهمك يا حور وأشعر بك ولكن عليك أن تستفيقي للواقع فأنت زوجة شقيقه الآن "
تنهدت تنهيدة طويلة بألم وقلت " لما شقيقه , لما هوا تحديدا لما أنا لا أفهم "
ربتت على كتفي وقالت " هوني عليك يا حور هذا قدرك وقدر الإنسان لا مفر له منه "
ابتعدت عن حضنها وقلت بألم " ما أقساه يا مرام , ما أقسى ذلك إنه أشبه بالموت "
رفعت وجهي إليها وقالت " هل تحدثما يا حور هل سألته لما فعل ذلك "
أخفضت رأسي للأسفل وقلت " لا لم نتحدث , وما نفع الحديث الآن فما من داعي لذلك "
قالت بصوت هادئ يشبه الهمس " وماذا عنه هوا "
هززت رأسي وقلت بأسى " لا أعلم ولم أعد أفهم شيئا نظراته التي لا تفارقني كلما كنا في ذات المكان
تضايقه من أي شيء أفعله لزبير رغم أنه شيء عادي وتافه , ولكني لا اعلم ولا أفهمه "
قالت بإصرار " عليك أن تسأليه لما فعل ذلك يا حور "
ابتسمت بحزن وقلت " وما نفع السؤال الآن وما سيغير الجواب من الواقع "
تنهدت بحزن وقالت " معك حق فما كان قد انتهى ولا فرصة للرجوع مهما كانت مشاعركما اتجاه بعض "
سكتت قليلا ثم سألتني قائلة " وماذا عن زوجك كيف هي علاقتك به "
قلت بهدوء حزين " جيدة وسيئة في آن واحد "
نظرت لي باستغراب وقالت " لم أفهم "
قلت بحزن " هوا يعاملني معاملة حسنة جدا ولكن ليس كزوجة إنه لا يتحدث معي إلا للضرورة حتى أننا
لا ننام في ذات الغرفة "
انفتحت عيناها من شدة الصدمة وقالت " ولكن لماذا , هل يعلم بما كان بينك وبين شقيقه "
نظرت لها بجزع وقلت " لا لا تقولي ذلك "
قالت مطمئنة " ما بك يا حور أنا سألتك عن ذلك ولم أخبرك للعلم بالشيء "
تنهدت وقلت " يبدوا أنه كان يحب فتاة أخرى ويريد الزواج بها هذا ما فهمته "
قالت بأسى " إذا القلوب المحطمة كثيرة هناك "
هززت رأسي بنعم وقلت " يبدوا ذلك "
استوت في جلستها وقالت " احكي لي كل ما حدث معك يا حور "
حكيت لها ما مررت به وأنا أبكي ثارة وأشهق بألم ثارة أخرى حتى أفرغت كل ما كان في
قلبي وأكبته منذ أسابيع
تنهدت وقالت بحزن " كم قاسيتي يا حور "
طرق أحمد أبن عمي الباب ليخبرني أن بحر في انتظاري خارجا
فقفزت مرام لجهة النافذة وقالت " أريد أن أراه , أن أرى من سلب عقل وقلب ابنة عمي الجميلة "
توجهت خلفها ناحية النافدة كان بحر يقف خارج السيارة مستندا بطوله عليها يكتف يديه لصدره وينظر
جهة باب منزلنا وكزتني مرام وقالت " يبدوا وسيما وهادئا كاسمه "
ابتسمت بحزن ثم توجهت لعباءتي وحجابي لبستهما وودعت عائلة عمي بالدموع كما قابلتهم
وخرجت , ما أن عبرت البوابة الخارجية وكان رأسي أرضا حتى ركب بحر السيارة ركبت بالمقعد
الخلفي لمقعده وعيناي على يداي المتشابكتان مع بعضهما وكلي توتر فخالتي لم تكن معنا انطلق بالسيارة
فقلت بعد صمت " هل عادت خالتي للقصر "
رفع نظره للمرآة فالتقت عينانا فأنزلت رأسي للأسفل فقال بهدوء " سنمر بها الآن فمنزل عمك هوا الأقرب "
عدنا للصمت من جديد ثم قال " لما كنتي تبكي يا حور "
وآه من هذا السؤال ومن السائل أيضا فما سأقول لك , كنت أبكي بسببك كنت أبكي لأجلك أم ابكي لأنني
لم أتوقف عن حبك رغم ما فعلت بي , فلم أجد إجابة أفضل من الصمت لأن الحقيقة لا تقبل إلا الكتمان
ساد الصمت من جديد حتى وصلنا ثلاثتنا للقصر


















رنيم
















التفتنا جميعا لمصدر الصوت الغاضب فكان غيث واقفا أمام الباب خلفه زبير وأديم
نظرت لهم بصدمة كيف وصلوا بهذه السرعة بل منذ متى وهم هنا
قال أحد الشابين " ومن أنت لتردعنا "
نظر له غيث نظرة حادة وقال " زوجها والمسئول عنها وعن والدتها ولن يلمس أحد شعرة من
رأسها مادمت على قيد الحياة "
نظر لي الأخر وقال بغضب " هل صحيح ما يقول "
قلت ببرود " ولما عليا أن أصحح لك فلا علاقة لك بالأمر "
صرخ قائلا " اسمعي يا كثلة البرود لديك حساب عليك دفعه لنا وزواجك منه يعني نهايتك ونهايته "
اقترب منه غيث امسكه من قميصه وقال بغيض " إن رفعت صوتك عليها ثانيتا حطمت لك وجهك فحديثك
معي وليس معها وأقسم وأنا أبن شامخ آل يعقوب أنني سأجرجركم في المحاكم حتى تعلموا أن الله حق
وسأرميكم للفقر والشارع إن لم تكفوا أذاكم عنهما "
ثم تقدم أديم من الأخر وأمسكه من قميصه أيضا وقال " أحمدا الله أن شقيقنا صهيب ليس معنا الآن لأنكما
حينها لن تناما الليلة إلا في المستشفى وها أنا أعاود تحذيركم بعد أخي أن مصير من يقترب منهما سيكون
السجن أو الموت "
قال زبير حينها " هل أتدخل أم لا حاجة لذلك الآن "
نظر لي أديم وقال " ما نفعل بهما يا رنيم قرري وسننفذ على الفور "
لقد شعرت حينها بالنشوة الغامرة بل شعرت أنني سأرقص فرحا من كلماته وأحسست حينها أن والدي شامخ
عاد للحياة من جديد فقلت بابتسامة نصر وأنا أنظر لهما
" إن عاهداكم على عدم تهديدي ووالدتي اخلوا سبيلهما حاليا "
نظر له أديم بحدة وزاد من شده على قميصه وقال بغيض " ها ما قلت "
قال الشاب " حسننا اتركونا نذهب "
تركه من يده كما فعل غيث كذلك ثم قال غيث " لا تفكرا أنكما ما أن تخرجا من هنا ستفعلان ما يحلوا لكما
فنحن ما تركناكم الآن إلا لأننا نستطيع اللحاق بكم ولو في آخر الأرض "
نظرا له بغيض وخرجا في صمت أعرفهما جيدا فهما لن يعودا لتهديدنا بعد اليوم لأنهما جبانان ولا يستقويان
إلا على الضعفاء
تنهدت براحة وقلت " الحمد لله تخلصنا منهم أخيرا "
نظر لي غيث وقال " رنيم هل لنا أن نتحدث قليلا "
نظرت له وللجميع ثم قلت " حسننا "
صرخ أدهم قائلا " لا تؤذيها يا هذا لأنك ستندم "
ابتسم غيث بسخرية وقال " ومن أنت لتتدخل في شئوني "
قال زوج خالتي بحدة " أدهم هل جننت "
صرخ ادهم " لا لم أجن ولكن عليه أن يعلم أنها ليست وحيدة فلا يتطاول عليها يكفي أنه تركها تأتي
معك عوضا عن الوقوف بجانبها "
قال غيث بغيض " ولما لم تبرز كل هذه العضلات أمام من كانا هنا للتو بدلا من ترك الفتاة تتحدث معهم "
قال أدهم بغضب " لا تمن علينا بما فعلت يا هذا "
صرخت بهم قائلة " يكفي الآن "
قال ادهم " لا لم نكتفي بعد وعلى زوجك أن يعلم أنه ليس الحامي المنقذ الذي انتشلك وحده من مشاكلك فأنا
كنت سأتزوجك وأسافر بك لأحميك منهم فليس لأننا لا نملك النفوذ والمال مثلهم يعني أننا نقف مكتوفي الأيدي
عن حمايتك "
بدأ الشرر يتطاير من عيني غيث كالقذائف وهوا ينظر لي وقال بصراخ غاضب
" ما يفعله هذا هنا الآن "
أحسست برجفة الخوف تسري في كل أنحاء جسمي ولدت بالصمت فنظر لزوج خالتي وقال بغيض
" أخرج ابنك من هنا قبل أن اخطأ بحقك وحقه "
أخذ زوج خالتي ادهم الغاضب وغادرا , بعدها أمسكني غيث من يدي وسحبني للخارج ثم صعد بي لأحد
الغرف أدخلني وأغلق الباب رفع يدي التي يمسكها من جهة الرسغ وقال بصراخ غاضب
" هل لي أن أعرف لما أتيتي بدون أذني "
صرخت بحرقة " حاولت أخبارك مرارا ولكنك لم تكن تكترث لأمري ولا أهمك في شيء "
صرخ بقوة أكبر قائلا " وإن يكن فلا تخرجي بغير إذني هل تريني طفلا أمامك أم نسيتي أني زوجك "
قلت وأنا أسحب يدي من يده " ولما تنسى أنت أنني زوجتك , أمي كانت تواجه الخطر هنا وهم هددوها
إن لم أحضر اليوم فسيؤذونها , هل كنت تتوقع مني أن أنتظر حتى ترأف لحالي وتتحرك إنسانيتك لتسمع
ما سأقول "
تنهد بضيق ثم بدأ يتنفس بقوة وكأنه يحاول تهدئة نفسه ثم قال بغيض
" مادام لديك من يترجل ويحميك فما حاجتك بي "
قلت والدموع تسقط من عيناي " لو كان لي به حاجة لما طلبت منك مرتين أن أتحدث معك رغم معرفتي
لكرهك لي ولسماع حديثي "
نظر لي مطولا بصدمة ثم قال بهدوء " أنا لا أكرهك يا رنيم "
قلت ببكاء " بلى تكرهني وتحملني أثم ذنوب أنا لم أرتكبها أصابع يديك ليست متساوية يا غيث "
قال بحدة " كرهي للنساء شيء وأن أكرهك كزوجة شيء آخر "
ابتسمت بسخرية وقلت " لو اخترت قدري ما كنت اخترتك يوما "
عبارتي كانت جارحة له ولكنه أراد أن يرى شيئا غير البرود فليجرب إذا
قال بتحدي " ولو اخترت قدري ما اخترت أي امرأة على وجه الأرض كانت من تكون "
قلت بهدوء " غيث لا نفع مما نقول دعنا ننهي هذا أرجوك "
قال بحدة " وخروجك دون إذني "
قلت بضيق " لن يتكرر "
قال بذات الحدة " وابن خالتك "
قلت باستياء " وما به ابن خالتي "
قال بغضب " لا يتدخل بشؤوننا ولا بك فأنا لا تنقصني مشاكل "
قلت " هذا شيء تطلبه منه وليس مني "
قال بحدة " بل عليه أن يسمعه منك لكي يقتنع بأن لا شيء له عندي "
ابتسمت بسخرية وقلت " ألم تقل سابقا أنه إن كان لدي شخص أحبه فعلي أخباره أن ينتظرني "
نظر لي بصدمة وقال " وهل تنتظري الفكاك مني لتتزوجي به "
قلت بألم " لن أتزوج به ولا بغيره طوال حياتي لقد أصبحت مثلك يا غيث لقد أكرهتني في الرجال "
ثم قلت بحزن " غيث أرجوك أن ترحمني أنا متعبة ولا رغبة لي في الشجار أكثر "
قال بضيق " لم تجيبي وابن خالتك "
قلت بنفاد صبر " سأتحدث معه "























أديم





لا تقلقوا سأحكي لكم باقي ما حدث ذاك اليوم
بعد خروجي من الشركة توجهت لمنزلها قبل حتى أن أتحدث مع المدير لأتأكد أولا إن كان هوا من فصلها
كي لا يشك بسؤالي المفاجئ عنها وصلت إلى شوارع ضيقة جدا ومنازل متراصة وقديمة عبرت الشوارع
وعيناي تجولان بكل مكان كيف لهم أن يعيشوا هنا وصلت لبيت بباب حديدي أسود اللون وكان البيت مطلي
بالأبيض فوق الطوب مباشرة وعلى الباب رقم كالرقم المدون لدي في العنوان كحال باقي البيوت فكلها مرقمة
نظرت للبيت بتفحص واستغربت أن يطمعوا فيه فهوا لا يساوي شيئا طرقت الباب وبعد مدة فتحت ليان الباب
قليلا تنظر من فتحة ضيقة من يكون الطارق ويبدوا أنها تخاف قدوم أخوتها عندما رأتني ابتسمت وفتحت الباب
قليلا بعد وقالت " وسيم هل هذا أنت "
ثم دخلت قليلا وعادت فتحت لي الباب وأشارت أن أتفضل كتبت لها في الدفتر الذي كنت أحمله معي
( هل يوجد أحد معك )
ابتسمت وأخذت مني الدفتر وكتبت ( نعم فعمي بالداخل هيا ادخل لتتعرف إليه )
دخلت خلفها كان منزلا ضيقا مفتوح من الأعلى تفتح على المكان مجموعة من الأبواب أدخلتني إحدى
الغرف وكان بها صالونا متواضعا ونظيفا جلست هناك وبعد لحظات جاءت تقود شيخا كبيرا وضريرا
أدخلته معها وقالت " عمي هذا وسيم هنا إنه زميلي بالشركة "
ابتسم العم وقال " مرحبا بك يا بني "
قالت ليان بحزن " عمي هوا أخرس إنه لا يسمعك "
ضحك عمها وقال " وكيف لأعمى أن يتفاهم مع أخرس "
ابتسمت وقالت "وما افعله أنا هنا هات مد يدك لتسلم عليه "
مد العجوز يده فصافحته وجلسنا قال عمها " ليان ما به جاء لزيارتك فلم يزرك زملاء لك من قبل "
ابتسمت وقالت " لابد أنه يريد شيئا بخصوص العمل "
يبدوا أنها لم تخبره عما حدث هناك وعن فصلها أو طردها كتبت لها
( لما لم تعودي تحضري للشركة أنا أسف يبدوا أنني تسببت لك بمشكلة )
أخذت الدفتر وكتبت ( لا عليك يا وسيم كان ذلك الأمر سيحدث إن عاجل أم آجل )
كتبت لها ( هل فصلوك من العمل )
كتبت ( لا أعلم المدير طلب مني أن لا أحضر حتى أنهي مشاكلي مع أخوتي ولم يتحدث عن قرار
فصلي قال أن الشركة لها سمعتها ويرفضون الشوشرة أنا أستغرب أنهم لم يفصلوني )
كتبت لها ( ولما لا تعطيهم المنزل هوا لا يساوي شيئا على أية حال )
كتبت ( وأين أذهب )
كتبت أنا ( إن كان ثمة من يريدك تزوجي وأريحي رأسك )
كتبت ( ومن يقبل بعمي فأنا لن أتخلى عنه ما حييت والمعدومين أمثالي لن يتزوجوا بي إلا من
أجل البيت ليعشوا فيه معي )
كتبت لها ( أنا آسف يا ليان لي قريب صديق لأبن مالك الشركة الأكبر وهوا من توسط لي لأعمل هناك
سأتحدث معه بشأنك )
كتبت لي ( لا تجلب المشاكل لنفسك بسببي يا وسيم فقد يفصلونك يكفي أنا )
كتبت لها ( ولكني تسببت لك بمشكلة وأنتي الآن بلا مُعيل فمن أين ستأتي بالمال )
ابتسمت وكتبت ( لا يأس من رحمة الله معي القليل الآن وسأبحث عن عمل )
ثم غادرت وعادت وقد جلبت لي القهوة نظرت للكوب مطولا فوضعته أمامي وتناولت الدفتر وكتبت لي
( إنه كوب نظيف والماء مقطر لاحظتك لا تشرب من قهوة الشركة يبدوا أنك موسوس نظافة )
ابتسمت لها ثم رفعت الكوب وشربت القهوة كلها ثم وقفت مغادرا وكتبت لها
( آسف على إزعاجي لك ولكني أردت الاطمئنان عليك خشية أن يكونوا أخوتك قد ضروك بسببي )
ثم غادرت بعدما شكرتني وأوصلتني حتى الباب وما إن خرجت اتصلت بمدير الشركة وطلبت منه أن
يتحدث معهم بشأنها وطلبت أن يعيدوها بعد يومين كي لا تشك بالأمر
وها أنا وزبير الآن سنغادر دولة رنيم بعدما حللنا مشكلتها مع أولئك وعليا مباشرة عملي عند الغد والسفر
للجنوب من اليوم





















ميس













لابد وأنكم تساءلتم عن مصيري سأحكي لكم كل ما حدث
لقد أخذني ذاك الصعلوكان معهما سألت كثيرا وحاولت فهم شيء ودون جدوى كانا شبه يتشاجران ولكل منهما
رأي جهاد يريد أخذي كرهينة حتى يسلم لهما ذاك الشاب الشيكات الموجودة لديه , حامد كان يعارضه ويقول أني
لا أعني له شيئا ليفعل ذلك من أجل استعادتي وكنت أنا أستمع إليهما ككيس الخضار الذي يتناقشون أيبيعونه
أم يقايضوا به أم يأكلوه فقلت في محاولة أخيرة يائسة
" يا غبيان أنا لا أعني لذاك شيئا ليخسر من أجلي كل تلك النقود لما لا تطلقا سراحي وتخبراه أنني هربت منكما
ولم تجداني ولم ترياني منذ كنا في المستودع "
قال جهاد بغضب " وهل تضنينه غبيا ليصدق هذه القصة الغبية "
أحمق ما يعنيه بذلك هل أنا غبية ,لذت بالصمت وتركتهما يقرران مصيري الذي لم يعد بيدي منذ أيام كثيرة
لقد كان يتصل بهما ذاك الشاب طوال الوقت وهما لا يجيبان , ماذا يريده بي هذا هل أنا أساوي كل هذه الثروة
لديه وحتى إن كنت كذلك فعند تلك العائلة أنا لا أساوي شيئا وهوا الأكيد
وصلنا بعد وقت لمنزل صغير أدخلاني هناك توقعته فارغا ولكنه كان غير ذلك ما إن دخلنا قابلتنا سيدة
صغيرة في السن تحمل طفلة في يديها نظرت لهما وقالت
" هل هذه هي نتيجة عملكما المستمر طوال الأسابيع الماضية يا لها من ثروة هل اختطفتماها "
صرخ بها جهاد " أخرسي وإلا قطعت لسانك "
صرخ به حامد " هل تصرخ بها في حضوري يا جهاد أنا لم أوافق تزويجك بشقيقتي لتهينها "
دفع بي جهاد للداخل وقال " أبقي هنا حتى نعود "
وخرجا وأغلقا الباب خلفهما بالمفتاح بعد أن أخد هاتف زوجته طبعا , وقف كلينا تنظر للأخرى مطولا
ثم قالت " من أنتي وما علاقتك بزوجي وشقيقي "
تنهدت وقلت " قولي ما علاقتهما بي , أنا لا أريد من أحد شيئا ليتركوني أرحل بسلام "
قالت " كيف وجداك إذا "
تأففت وقلت " لقد اختطفوني من أجل الفدية ثم قاما هما باختطافي من زعيمهم لأجل ماذا
لا افهم وهذا كل شيء "
نظرت لي قليلا ثم قالت " يبدوا شكلك غريبا عن أهل هذه البلاد "
قلت بضيق " نعم أمي أيرلندية "
تذكرت حينها والدتي وأني لم أعد أعلم عنها شيئا منذ اتصلت بها أول مرة , آه ومدرستي التي لم أذهب
لها منذ وقت طويل نظرت لها وقلت " أريد الحمام "
أشارت لي عن مكانه فذهبتُ إليه وعندما خرجت وجدتها تقف عند الباب فقالت لي
" يمكنك النوم في غرفة حامد إنها هناك "
توجهت لحيت قالت ونمت من التعب رغم صغر مساحة السرير والحجرة أيضا استيقظت بعد
ساعات وخرجت من الغرفة وجدت الطفلة وحدها في سريرها هناك جلست بجوارها وبدأت ألاعبها
كانت ناعمة وجميلة ليست كوالدها إطلاقا خرجت والدتها فنظرت لها وقلت بابتسامة
" ما اسمها "
قالت متبسمة " شذى "
قلت " هل لي بحملها "
قالت مرحبة " بالتأكيد "
أمسكتها ولاعبتها كثيرا , الأطفال رائعون وليسوا أشرارا كريهين كالكبار لا أتصور كيف لهؤلاء
الناس أنهم كانوا يوما ببراءة الأطفال , مر باقي اليوم تعرفت فيه على زوجة جهاد تبدوا لي محبطة
وحزينة ولكن معها حق إن كان زوجها وشقيقها هما هذان الاثنان
في صباح اليوم التالي عاد جهاد وما أن دخل حتى قالت له بحدة
" أين كنتما ولما تختطفان هذه الفتاة عليكم أعادتها من حيث جاءت "
صرخ بها جهاد قائلا " لا شأن لك بها واعلمي أنني لو أعدتها فسأسجن لسنوات هي وسيلتي لاسترجاع
الشيكات الموقعة بدون رصيد "
استمر الشجار بينهما فبدءا بالحديث عن أمور أخرى وكأنهما وجدا الفرصة للتنفيس عن أنفسهما وكل
منهما يفرغ ما في قلبه تركتهما وعدت للغرفة ولم أخرج منها إلا للحمام حتى حل الليل ومر بي يوم آخر
يتبعه آخر والكثير ولا شيء هنا سوى الشجار والنقاش وبلا فائدة في صباح أحد الأيام جاء حامد في وقت
مبكر جدا طلب مني ومن شقيقته أن نجهز أنفسنا للذهاب , لم أفهم شيئا مما قال ولكن لا شيء أمامي سوى
الانصياع له فمصيري بيده الآن خرجنا الأربعة أنا وحامد وشقيقته وابنتها وصلنا لمكان ما أنزل فيه شقيقته
والطفلة وتركني أنا معه فصرخت به قائلة " إلى أين تأخذني "
قال بغيض " اصمتي يا فتاة ولا تتعبي رأسي "
لذت بالصمت ولعنت اليوم الذي طاوعت فيه أمي للمجيء إلى هنا وها هي أنا ذي قد تم اختطافي للمرة الثالثة
سحقا لكم آل يعقوب حتى بعض النقود استخسرتموها لتحريري منهم وسحقا لذاك الشاب الذي جاء بي إلى هنا
ورماني كالكرة بين أقدام الصعاليك































الجزء الثالث عشر


















غيث













لو أني أجد حلا لمشكلة واحدة من مشاكلنا فقط , صهيب وأعمامي ابنة عمي الجديدة زبير وزوجته
أنا و رنيم وكل المشاكل في كفة ومشكلتي و رنيم في كفة أخرى
وها هي ترفض العودة معي وتريد البقاء مع والدتها لأيام إنها تهدي بالتأكيد هل تتخيل أنني سأبقيها
هنا وحدها لتتسلى مع ابن خالتها , النساء لا يؤتمن لهن جانب لابد أنها تفكر في الاحتفاظ به لوقت
الضرورة فهي تعلم جيدا أننا لن نستمر مع بعضنا
" نعم ماذا تريد "
كان هذا صوتها البارد الجليدي الذي أكرهه علمت الآن بما كانت تحارب طالبي الثأر أولئك إنه
سلاحها الفتاك البرود القاتل ولكني علمت ما يشعله وسأريك يا رنيم
قلت بذات البرود " سنغادر الآن طائرتنا تنتظرنا لقد أجلت رحلتي بعد إخوتي يوما كاملا ألم يكفيك "
قالت بنبرة رجاء " أرجوك يا غيث أتركني هنا بضعة أيام لترتاح أعصابي وأعصابك "
قلت بضيق " لن ترتاح أعصابي لو بقيتي هنا "
قالت ببرود " ولما , فلا أعتقد أن قربي يهمك "
قلت بذات البرود " ولكن ابتعادك لا يريحني "
نظرت لي باستغراب وقالت " لابد وأنني في حلم أو أن شيئا ما أصاب عقلك "
وقفت واتجهت ناحيتها وقلت " بل كابوس أسمه الخيانة "
تنهدت وهزت رأسها بيأس وقالت " لا أمل يرجى منك أبدا وسأبقى في عينك خائنة مهما كنت "
مسحت بأصبعي على خدها وقلت بهمس" وهل ستنكرين ذلك "
رمت بيدي بعيدا وقالت بضيق " لا تتوهم أشياء وتلصقها بي "
جيد هذه اللمسة الأولى أظهرت مفعولها لقد وقعتي يا رنيم وسأكسر برودك القاتل
أمسكتها من خصرها وشددتها إلي وغمرت وجهي بعنقها وشعرها وقلت بهمس
" أعرف نوع عطرك هذا وأميزه في كل مكان إنها رائحة الخائنات "
قالت بغضب وهي تحاول تخليص نفسها " ولما تقترب من رائحة الخائنات لتستنشقها ابتعد عني الآن "
شددت على خصرها أكثر وأنا أنظر لها بابتسامة سخرية فازدادت غيضا وبدأت بضربي بقبضة يدها
وهي تردد " ابتعد هل جننت أم نسيت أين نحن ابتعد عني يا غيث "
قلت ببرود " وما المشكلة زوجتي وأفعل ما أريد وحيثما أريد , قرري هل سترافقيننا أم افعل المزيد "
طرق أحدهم الباب فأفلتها ثم فتحته والدتها ودخلت بابتسامة رقيقة
نظرتُ لرنيم فوجدت وجهها يتلون غضبا وضيقا , رائع دوقي معنى ثوران الأعصاب الذي تفتقدينه بشدة
اقتربت والدتها مبتسمة وقالت وهي تنظر إلي " هل قررت المغادرة "
قلت مبادلا لها الابتسامة " نعم و رنيم كذلك "
نظرت لرنيم وقالت باستغراب " حقا هل غيرتي رأيك "
نظرت لي بحدة فاقتربت من أذنها وهمست " وإلا أكملت بعضا مما بدأته منذ قليل هنا والآن والبقية
بغرفتك الليلة "
خرجت بخطوات سريعة تدل على الغضب والاستياء , كم يشعرني هذا بنشوة الانتصار انصهر
هيا انصهر يا جبل الجليد
بعد عدة دقائق عادت بحقيبتها وقالت " لا يحق لك منعي من البقاء مع والدتي "
قلت بابتسامة جافة " أنا لم أمنعك أنا خيرتك "
قالت بضيق " ألست من اشترط أن يكون زواجنا شكليا فقط ما يعجبك في الخائنة الآن "
قلت ببرود " غيرت رأيي هل لديك مانع "
قالت بحدة " نعم ولا تقترب مني ثانيتا "
قلت وأنا احمل حقيبتها لإخراجها " ذلك حسب مزاجي "
وخرجت وهي تتبعني وتتمتم بغيض " خائنة خائنة ثم تحلوا في عينه فجأة , يا لا سخافة الرجال "
كنت استمع لها بسرور فغضبها موسيقى هادئة بالنسبة لي , ثم ركبنا السيارة وغادرنا للمطار














جود












" أمي انسي الكلام في الأمر لا أريده يعني لا أريده ولن أوافق عليه أبدا "
قالت بضيق " أعرف علاجك جيدا "
قلت بلهجة تحذير " حاذري أن تخبري بحر بالأمر فأنا أعلم فيما تفكري جيدا "
تجاهلتني وسكتت عن الموضوع وما هي إلا دقائق وسمعنا صوت جرس الباب نظرت لأمي وقلت
"سأرى من يكون "
نظرت من عين الباب ثم التفتت ناحية والدتي التي جاءت خلفي وقلت بهمس
" إنه والدي "
نظرنا لبعضنا مطولا ثم قلت " لن نفتح له "
قالت " سيفضحنا مع الجيران بصراخه يا جود يكفينا ما لدينا "
قلت بضيق " وهل الباب سيمسك صراخه عنهم هم يستمعون لنا حتى بالداخل "
قالت بضيق أكبر " يسمعنا واحد ولا عشرة ثم بحر سيغضب لو حدثت شوشرة في الحي "
تنهدت وقلت " ولكنه لن يأخذ مليما ولو على جثثي "
فتحت الباب فأندفع للداخل كالصاروخ وقف بمنتصف المكان وبدأ يصرخ مطالبا بالمال أغلقت الباب
وتوجهت ناحيته وقلت " لقد نفد المال ولم يتبقى لنا شيء وبحر لم يأتي منذ مدة "
صرخ بغضب " تكذبين علي أيتها الوضيعة أعلم أن لديكم الكثير هاتي المال هيا "
صرخت بغضب أفجر به كل ما أكتم بداخلي " لن تأخذ شيئا ولن نأخذ شيئا من بحر بعد اليوم وسنعيش
عالة على الناس مثلك "
هجم عليا وبدأ بضربي فتدخلت والدتي محاولة أبعاده وبعد أن أخذ كفايته مني توجه ناحيتها وصرخ بها
" أحظري المال أو لقيت نفس مصيرها "
ذهبت أمي كعادتها وجلبت له النقود ثم بصق علي وخرج فصرخت بأمي " لما أعطيته إياه "
صرخت بغضب " كان سيأخذه على أية حال ولن نستفيد شيئا إلا الضرب "
وقفت متألمة وصعدت لغرفتي أبكي بحرقة وألم ووجعي ليس في جسدي بل في روحي وقلبي جلست
على سريري أبكي ضياع حياتي رن حينها هاتفي نظرت للمتصل فوجدت أسم ( الرجل الكئيب )
رميت الهاتف بضيق وقلت " لما لا يتركني وشأني هل يرى أنه الوحيد الذي يحمل هموما يصدع
راسي بها ويحكي لي أمور لا تخصني ولا أفهمها وصية وزوجة وأخ أنا حقا إنسانة ساذجة "
عاد الرقم للاتصال مرات ومرات ودون توقف ففتحت الخط بغضب وقلت
" ماذا تريد مني يا هذا هل تعتقد أنك وحدك من يحمل هما لقد ضربني والدي للتو حد الموت ومنعني من
دراستي ويضرب والدتي وأخوتي ويأخذ مالنا وحرمني من الزواج كل هذا وأكثر فهل تريد معرفة
المزيد أم تكتفي بهذا , دعني وشأني ولا تتصل بي فهمت "
وأغلقت الخط دون أن أسمع منه ردا مضى الوقت ولم يعاود الاتصال , بعد ساعات شعرت بالذنب فأنا
كنت متنفسه الوحيد ليحكي لي ما لا يتحدث به مع غيري ولم يطالبني يوما أن أرد عليه أو أتصل به
ويستأذنني كل مرة ليتكلم معي ويشكرني دائما لاستماعي , لقد أفرغت غضبي فيه وهوا لا ذنب له لابد
وأنه كان يشعر بالضيق ويريد التحدث
أووووف ولكنه أوجع رأسي بهموم لا حل لها ولا أستطيع فعل شيء حيالها ولا ينقصني هم مع همي
أمسكت هاتفي بعد صراع طويل مع نفسي وأرسلت له رسالة كتبت فيها
( أنا آسفة لم يكن قصدي قول ذلك , أرجوك لا تتصل بي ثانيتا أتمنى من الله أن يفرج كل همومك )
عاد للاتصال من جديد ولكني لم أجب فلن اكلمه بعد اليوم بعدما علم أنني فتاة وما هي إلا لحظات
ووصلت منه رسالة كتب فيها ( لا داعي للاعتذار يا آنسة فأنا لم أغضب منك فكلنا له هموم يتمنى دائما
تفجيرها في أي كان , لقد استمعتِي لي كثيرا فلن يضرني أن تتحدثي لي عن همومك مرة واحدة فقط )
وبعدها لم يعاود الاتصال بي
















ميس






هل سبق ورأيتم هذا اختطفني ثلاثة ثم قام اثنين باختطافي من الثالث ثم واحد من الثاني ثم الله اعلم
ما سيكون , وقفنا عند منزل قديم جدا نزلنا هناك طرق حامد على الباب فشعرت بالذعر ترى هل جلبني
لرجل أو لرجال لا أعلم حقا , بعد وقت فتحت الباب عجوز كبيرة في السن لا تكاد ترى أو تسمع فصرخ
حامد قائلا " مرحبا يا خالة أنا حامد صديق عزام "
قالت بعد وقت " حامد مرحبا بك هيا تفضل "
دخلنا المنزل فصرخ حامد كثيرا لتفهم منه العجوز أنه يريد إبقائي لديها حتى حين وفهمت أن ابنها غير
موجود هنا ثم قال لي " أبقي هنا ولا تخرجي يا ميس إن كنتي تريدين العودة لمنزلك "
ثم خرج وتركني دون أن اسأل ولا يجيب كيف أبقى هنا لأعود لمنزلي آه يا رب رحمتك بي نظرت للعجوز
مطولا ترى هل سأصبح يوما ما مثلها هكذا آه ميس يالك من سخيفة كم عمرك الآن آخ اشعر أنني كبرت أربعين
سنة عن الأربعين التي بعد وفاة والدي على عمري الأصلي والناتج سأكون أكبر من هذه العجوز قالت بعد صمت
وهي ترمش بعينيها المجعدتان محاولة رؤيتي " من أنتي "
آه يبدوا أن ذاكرتها ضعيفة أيضا قلت بضيق " ميس "
قالت بصراخ " ماذا ارفعي صوتك "
قلت بصراخ أشد " ميس ميس يا جدة ألم يخبرك حامد من أكون "
قالت " حامل ..... من هي الحامل أي مصيبة جئتي بها "
آآآآه ربي رحمتك أرجوا , قلت بصراخ " حامد حامد "
قالت " زوجة حامد من أين وجد واحدة مثلك أحضري لي الماء هيا "
تأففت وجلبت لها الماء وجلست أنتظر المجهول
بعد يومين آخرين جاء حامد وجلب لنا الطعام وقال
" اسمعي يا ميس أنا أريد إطلاق سراحك علمت أن قريبا لك في هذه المنطقة وسأوصلك له ومن ثم
هوا من يعيدك من حيث آتيتي فأنا لا أملك المال كما تعلمي "
شعرت بالسرور ومن سعادتي قلت " حقا هل صحيح ما تقول "
قال بجدية " نعم صحيح ولقد أخبرت ذاك الشاب أنك لا تريدي العودة إليه وأنك ستعودين لعائلتك
لكي يدعني وشأني ولا يبحث عني "
قلت بسرور " كما تريد فقط أخلي سبيلي "
قال بهدوء " في الغد سأتحدث لابن عمك ليأخذك فقط أنا أريد منك خدمة "
قلت باستغراب " خدمة مني أنا "
قال " نعم إنها الشيكات أريد أن تخلصيني من أمرها لكي أغادر المدينة أنا وشقيقتي "
قالت بحيرة " وكيف سأساعدك "
قال " ابن عمك من عائلة معروفة جدا هوا من قد يساعدني "
قلت بضيق " أنا لا أريد أن أطلب منهم شيئا ولكن من أجلك سأفعل أعدك فأعطني اسمك كاملا "
قال بابتسامة " كيف وجدتي العجوز "
قلت بضيق " رقبتي تكاد تتمزق من الصراخ وحتى الآن لم تفهم ما أقول "
ضحك كثيرا ثم غادر وفي صباح اليوم التالي جاء حامد واتصل بذاك الشاب المدعو ابن عمي واتفق
معه على تسليمي له , وأخيرا يبدوا أنه آن الأوان لكيس الخضار أن يستقر عند مشتري معين





















صهيب














بعد بضعة أيام أخرى من البحث متجنبا أبلاغ الشرطة كي لا أضرها بذلك أتصل حامد والغريب أنه
أتصل على رقمي الأساسي وليس الذي أكلمهم منه وهوا لا يعرفه
قلت بصوت هادئ لكي لا يكتشف صوتي " نعم من معي "
قال بهدوء مماثل " هل أنت صهيب شامخ آل يعقوب "
قلت ببرود " نعم هل من شيء "
قال " وابنة عمك اسمها ميس نبيل آل يعقوب "
قلت " نعم وهل تعرف عنها شيئا "
قال " إنها معي الآن وأريد أن التقي بك لتأخذها "
قلت ببرود مصطنع وأنا أغلي كالبركان في الداخل " وما تفعله لديك "
قال بصوت مصدوم " ألا تعلم أنها مختطفة منذ مدة "
قلت " نعم ونحن نبحث عنها هل لي أن أتحدث معها "
قال "بالتأكيد "
جاءني صوتها قائلا بضيق " نعم "
قلت بضيق " يبدوا انك مستمتعة بوجودك هناك "
قالت بغيض أكبر " ما تقصد بما تقول "
قلت بغيض مماثل " ولما تحدثيني بضيق نفس إن كنتي تنتظري من يأتي لإنقاذك "
صرخت قائلة " تعالى لترجعني لوالدتي ولا أريد منك شيئا "
شعرت بالبركان تحول لزلزال وفجر كل صبري على الصمت ما أقوى هذه الفتاة رغم كل ما تمر به
ورغم صغر سنها فلسانها يلتف حول عنقها عشرين مرة
تمالكت نفسي كي لا افسد كل شيء وقلت " حسننا سأفعل ما تريدين أعطني الشاب "
اتفقت معه على مكان ألتقي به فيه لآخذها منه بعد أن تحركت فيه النخوة والشهامة ليعيدها ولكن حسابي معه
ومع الآخر عسير
أغلقت منه الخط وتوجهت لمنزل جهاد وضربته من جديد حد الموت لأفرغ ما بداخلي من غضب ثم أمسكته
وصرخت " ما فعلتماه بالفتاة تكلم الآن "
ابتسم بسخرية وقال " وما رأيك أنت "
عدت لضربه أقوى من السابق بيداي وقدماي حتى انهارت قواي ثم عدت لمكاني فجلس بصعوبة وقال
" لا تستاء لذلك فهي منتهية الصلاحية قبل أن تأتي إلينا "
نظرت له نظرة قادحة كالنار وسؤال واحد يجول في خاطري هل يقول ذلك لإغاظتي أم هوا صحيح ما يقول
ولكن لو كان يكذب فما أدراه أنني لم أقترب إليها أو ألمسها وما مصلحته ليكذب وهوا لا يعلم أنها ابنة عمي
توجهت ناحيته وأمسكته من جديد وقلت " ما تعني بذلك "
قال بابتسامته الكريهة " أعني لا تخدعك بألاعيبها لتفهمك أننا من قام بذلك "
ثم ابتسم بمكر وقال " ولكنها ألذ مما تصورت "
صرخت حينها صرخة أعتقد أنها حطمت كل شيء وخرجت من عنده كالمجنون يبحث عمن يفرغ جنونه
فيه فاتصلت بحامد وأصررت عليه أن يحضرها الآن واتصلت بصديقي سالم واتفقت معه على أن يستلمها
منه ويأخذها للمنزل الذي استأجرته الأيام الماضية
سماح
حال أبنائي لا يعجبني أبدا رنيم وغيث أعلم أنهما لن يتفقا منذ البداية لكن زبير وحور لم أتوقع أن يؤولان
لذات المصير رغم انعدام المشاكل بينهما إلا أن الفتور واضح في علاقتهما والفتاة تنهار شيئا فشيئا, لقد
أغمي عليها بالأمس من جديد فجأة والطبيب يقول أنها تعاني فقر الدم وهبوطا في السكر وحتى في ضغط
الدم لقد خسرت الكثير من وزنها منذ جاءت إلى هنا ويزيدها سجن زبير لها بغرفتها هماً على همها وبحر
الكتوم الصامت الهادئ دائما لا يمكن لأحد أن يفهمه أديم لا نعلم عن حاله هناك ولا يتحدث عن شيء وصهيب
وآه من صهيب فلم يرجع حتى الآن ولا يرد على اتصالاتنا
نظرت لبحر الجالس معي حينها في صمت يقلب هاتفه المحمول وقد ازداد صمته وشروده في الآونة الأخيرة
وحتى غيابه عن القصر أصبح كثيرا وملحوظا ولولا أنه اليوم لا يوجد أحد سواه في المدينة لما بقي معنا فأنا
كنت أخشى أن تمرض حور من جديد أو يغمى عليها ولا أجد من يكون معي منهم , مرت حينها حور بالقرب
منا متجهة للمطبخ فناديتها قائلة " حور هلا أتيت قليلا أود التحدث معك "
نظرت لي ثم لبحر الذي لم يرفع رأسه عن هاتفه ثم أقترب وجلست بجواري فقلت لها بهدوء
" حور يا ابنتي هل تريدي أن أتحدث مع زبير بشأن استقبال الضيوف وحضور الحفلات معهم لا يجوز أن
تبقي سجينة غرفتك هكذا "
قالت بذات الهدوء " لا داعي لذلك خالتي شكرا لك "
قلت بجدية " لن أخبره أنني تحدثت معك عن الأمر "
ابتسمت ابتسامتها الجميلة مثلها وقالت " أنا حقا لا أرغب في ذلك وليس من أجل زبير فقط "
نظرت لها باستغراب وقلت " ولما لا ترغبي بذلك هذا غريب عنا نحن النساء وشابة بجمالك وروعتك من
المفترض أنها تعشق ذلك "
صمتت قليلا وكأنها تتمنى الهرب من الإجابة ثم قالت
" لأنني ومنذ طفولتي لا أحب الاجتماعات وكثرة الضيوف "
ثم سكتت قليلا وقالت " هي حالة يسمونها الانطوائية وسببها نفسي "
رفع عندها بحر رأسه ونظر لي بصدمة لا تقل عن صدمتي ثم قال " ولما فهذا لا يكون بغير سبب "
لاحظت ارتباك حور الواضح من سؤال بحر تبدوا لي هذه الفتاة خجولة جدا سكتت طويلا وكلانا ينظر
لها منتظرا الجواب ثم قالت بحزن " لأني كنت اسجن لساعات في الظلام عند طفولتي "
وقف حينها بحر على طوله مفجوعا وتوقفت الكلمات على لساني من الصدمة فقال بحدة على غير العادة
" هل هم عائلة عمك راجي "
وقفت وقالت بانفعال وعيناها في الأرض " لا ليسوا هم إنه أمر حدث عند طفولتي وانتهى فلا تسألوني المزيد
عن الأمر أرجوكم " وتركتنا وغادرت باتجاه المطبخ
نظر بحر لي وقال " هل لاحظتم شيئا آخر عليها "
قلت نافية " لا إنها طبيعية جدا "
عاد وجلس ينظر للأرض في شرود من جديد فوقفت وتوجهت لغرفتي ففي كل يوم يزداد حالنا تقهقرا
للوراء لقد أصبحت أكره الحديث مع الجميع فالمشاكل تتوالى علينا كلما جلسنا نتحدث













حور













لقد أصبحت اكره هذا المكان , نفسيتي تسوء جدا وحتى حالتي الصحية وها أنا الآن سأصبح بنظرهم
مجنونة, بحر أصبح يتعمد الغياب عن القصر دائما وحتى في وجوده يتجنبني كثيرا قربه يتعبني وبعده
أيضا ينخر صحتي ويوهن روحي فلم أعد أفهم حتى نفسي , زبير رغم مرحه الدائم يبدوا لي حزينا وتائها
كم أتمنى أن يتغير كل هذا وأن يعود بي الزمن للوراء وأعود لمنزل عمي وأنسى كل شيء لا بل تعود بي
السنين وارجع طفلة سأتحمل كل الضرب والسب والسجن ولا أذهب مع عمي راجي ولا أتعرف ببحر
"ماذا بك يا حور "
وقع الصحن الذي أمسكه من وقت تحت صنبور الماء دون حراك من يدي في المغسلة عندما أخرجني
الصوت الهادئ الحزين من شرودي فرفعت الطبق من جديد وعينيا لازالت عليه وقلت
" لاشيء أنا لست مجنونة "
ساد الصمت للحظات ثم قال " ومن قال بأنك مجنونة "
قلت بضيق " أعلم بما فكرتم "
اقترب بضع خطوات وقال بصوت هادئ " حور لا.... "
قاطعته بألم ودموعي بدأت بالسقوط من عيناي مباشرة في حوض الغسيل
" يكفي يا بحر فأنا لم أعد احتمل "
تنهد تنهيدة طويلة ومتألمة وقال " توقفي عن البكاء يا حور , أنا لا احتمل ذلك "
نظرت له وقلت بحسرة " كيف لا تحتمل بكائي وأنت السبب فيه يا بحر كيف , لماذا رحلت وتركتني
لماذا أخلفت بوعدك لي "
ابتسم بحزن وقال " لأنني كنت غبيا "
ابتسمت بسخرية وقلت " وهل اكتشفت ذلك الآن فقط هل كان يلزمك كل هذا لتكتشف "
أشاح بوجهه عني وقال بألم " لقد رفضني عمك "
قلت بأسى وبكاء " ولما لم تخبرني لما لم تتحدث معي عن ذلك , كل ما فعلته أنك اختفيت "
خرجت مني شهقة متألمة ثم تابعت " لماذا ظهرت في حياتي من جديد وأنت لا تريدني لماذا "
نظر لي بصدمة وقال " أنا لا أريدك !!! "
قلت بألم " أجل لا تريدني اختفيت لأربع سنوات وكنت ستختفي لعشرة أو عشرين أو لكل العمر لولا
قدري الذي لم يبتسم لي يوما هوا من وضعني في طريقك "
أقترب مني وقال " حور أنا .... "
أغلقت أذناي بيداي وأنا أتراجع للوراء ورأسي للأسفل وقلت
" يكفي , لا أريد أن أسمع المزيد يكفي يا بحر "
التفت للخلف وقال بصوت حزين " كنت أعلم أنني خسرتك ولكن لم أتوقع أني خسرتك لهذا الحد "
ثم غادر حاملا معه كل شيء أحلامي التي ماتت من سنين ذكرياتي المتوجعة وحتى أحرف كلماتنا المتناثرة
على الأرض غادرت خلفه وتركتني , جلست على الطاولة متكئة على ذراعي أخفي وجهي وابكي بألم
شعرت بيد تمسح على ظهري وصوت دافئ حنون يقول لي " توقفي يا حور سوف تمرضي "
ولم يزدني صوتها إلا ألما وبكاءً فقلت
" أريد أمي لماذا ليس لي أم لماذا رحلت وتركتني لقد احتجتها في كل وقت أنا أريدها الآن "
استمرت في المسح على ظهري وهي ترتل آيات من القرآن حتى هدأت شهقاتي وتوقفت عن البكاء























ليان
















وأخيرا جاء دوري لأحكي لكم حكاياتي الجميلة
لقد أرسلوا لي من الشركة رسولا لإخباري أنه بإمكاني مباشرة العمل منذ الغد وأن راتبي بالنسبة للأيام
التي لم أعمل فيها هناك لن يتم خصمه يبدوا أن ذاك الوسيم الأخرس قد قام بشيء لم أتوقعه فلم أتصور أنه
سيتمكن من فعل ذلك فلأول مرة يبتسم لي الحظ هكذا وتنتهي مشكلة في حياتي على خير
لقد توفيت والدتي منذ عامين ومنذ ذلك الحين وأنا أعاني الأمرين من أشقائي من والدتي لأن المنزل كان
ملكا لها وهم يطالبون به ويقولون أنه لا حق لي فيه كيف يكون ذلك فهي والدتي أنا أيضا ثم هم لديهم منازل
وعائلات وأنا ليس لي ولعمي الضرير سوى هذا المنزل وحتى لو قمنا ببيعه وأعطوني حصتي فلن تكفي
لشراء منزل لقد توفي والدي وأنا في الثالثة وعشت طفولتي وشبابي معها , آه كم كنت سعيدة بوجودها
في هذه الحياة فلم أشعر في قربها يوما بالبؤس واليتم رغم فقرنا الشديد ولم يكونوا أبناءها يزورونها أبدا
ولم أرهم يوما إلا بعد وفاتها
ارتديت ملابسي بعد أن أعددت إفطار عمي وغادرت المنزل للشركة ما إن دخلت المكتب حتى استقبلتني
شروق بالأحضان نظرت لوسيم بسرور وقلت
" آه شكرا لك أيها الوسيم "
ثم كتبت له ( شكرا لفعلك ذلك من أجلي )
فكتب لي ( ولكني لم أتحدث مع صديقي بعد فهوا غير موجود في المدينة الآن )
نظرت له بصدمة ثم قلت دون كتابة " لا بأس فأنت فكرت في فعل ذلك لأجلي وإن لم يحدث "
وكتبت له ( شكرا على أي حال )
ثم جلست بمكتبي فسألتني شروق مباشرة " من قام بإرجاعك يا ليان "
قلت بحيرة " لا أعلم وحتى أنهم لم يخصموا من راتبي "
قالت شروق بدهشة " حقا ... لابد وأنك تمزحي "
قلت بابتسامة " بلى لقــ .... "
وقطع كلامي رنين هاتف المكتب فنظرت شروق لي وقالت
" أجيبي يا ليان قد يكون مدير القسم يريد التحدث معك عن الأمر "
أمسكت يداي عند صدري وقلت " لا أريد لقد أصبحت أتشاءم من هذا الهاتف "
قالت شروق ببرود " وأنا لن أجيب فالأمر لا يخصني "
بلعت ريقي ورفعت سماعة الهاتف ببطء ثم أجبت واطمأن قلبي عندما أتاني صوت مدير قسمنا قائلا
" مرحبا هل الآنسة ليان معي "
قلت براحة " نعم أنا هي ليان "
قال " هلا زرتني في مكتبي يا آنسة "
قلت بتوجس " حسننا في الحال "
ثم أقفلت السماعة وقلت بتوتر " المدير يريدني إن كانت مصيبة فسيكون عليا انتظار الأخرى لباقي اليوم "
ضحكت شروق وقالت " لم أرى شخصا يقوم بعد المصائب وانتظارها غيرك قد يكون شيء روتيني ونحن
معتادون على ذلك فلما كل هذا الخوف "
قلت بضيق وأنا أشير بأصبعي للهاتف " منذ سمعت صوت ذاك الرجل على هذا الهاتف وأنا اشعر أنه
لن يجلب لي إلا المصائب منه , علينا تغييره من اللون الأبيض للأسود فالأسود يليق به "
ضحكت شروق وقالت "ولما نغير لونه "
قلت بضيق " ليصبح الصندوق الأسود "
ثم غادرت باتجاه مكتب المدير دخلت وألقيت التحية ووقفت نظر لي مطولا ثم قال
" السيد أديم طلب إعادتك إلى هنا وألزم عليا تحذيرك من تكرار ما حدث في السابق أو سيتم فصلك نهائيا
هل وصلت الرسالة "
قلت بضيق " وصلت الرسالة , هل يمكنني المغادرة "
قال وهوا ينظر للأوراق أمامه " أجل فهذا كل شيء "
هوا كل شيء حقا فلم يترك سيدك شيء لك لتقوله تنهدت بضيق وغادرت عائدة لمكتبنا دخلت وجلست في
صمت فقالت شروق مباشره
" ما بك عابسة هكذا ما الذي قاله لك "
قلت بضيق " لم يقل شيئا لقد أوصل رسالة لي فقط "
نظرت لي بصدمة وقالت " رسالة مِمَن "
قلت باستياء وحروف ممطوطة " من السيد أدييييييييييييم "
ضحكت بصوت عالي وقالت " لو يسمعك الآن لكسر لك أسنانك "
قلت بلا مبالاة " لقد كسر كرامتي التي هي أهم من أسناني فلن يضرني ذلك "
قالت بابتسامة " وما في الرسالة "
نظرت لها وقلت بحدة " رسالة حب وغرام وأشواق ماذا فيها برأيك "
قالت بذات الابتسامة " وأي غرام هذا الذي يجعلك بكل هذا السوء "
قلت بضيق " يبدوا أنك تسخرين مني أو تتسلي بي كعادتك "
ضحكت وقالت " تخيلي فقط أن السيد مغرم بك "
قلت بغضب " سأقتل نفسي حينها , قال يغرم بي قال وهوا يكرهني دون أن يراني "
قالت بذات الضحكة " وما من حب إلا بعد عداوة "
قلت بتهديد " شروق إن لم تغلقي هذا الموضوع الآن فقأت لك عينك "
وضعت يدها على عينها وقالت " حسننا حسننا أتركي لي عيني لأرى بها وجه السيد عندما
سيأتي لطردك هههههه "
نظرت للأوراق أمامي وقلت " ذاك المغرور يأتي هنا إنه يترفع حتى عن التحدث معي بلطف قاسي
ومتحجر وبلا إحساس "


 


قديم 02-23-17, 12:59 PM   #8
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء الرابع عشر







زبير




لم اتصل بصديقي آه لا بل بصديقتي منذ ذاك اليوم لم أتخيل للحظة أنها فتاة بل يبدوا أنني لم أكن أهتم لجنسه
مطلقا أو من يكون , لقد كانت تحمل كل تلك الهموم وتستمع لهمومي في صمت وصبر حتى أفرغ ما في قلبي
, هذا وهي فتاة تحملت كل ذلك وأنا الرجل أنهرت في لحظة فوالدي لم يضربني يوما ولم يأخذ مالي بل يعطيني
إياه ولم يحرمني دراستي, فقط حرمني الزواج بمن أردت يعني أنني حملت هم واحد من همومها المتعددة ولم
أحتمله , لقد تعلمت منك درسا مهما يا صديقتي
" .....الرجاء ربط الأحزمة ..... "
كانت هذه الجملة الوحيدة التي استطاعت أذني التقاطها فها قد نزلت أرض الوطن بعد أن انتهت مهمتي
هناك توجهت للقصر ودخلت للداخل وجدت أمي شاحبة الوجه وحزينة سلمت عليها ثم قلت باستغراب
" أمي ما بك مكفهرة الوجه هكذا هل من مكروه "
تنهدت وقالت " إنها حور "
قلت بجزع " ما بها حور يا أمي "
قالت بحزن " تسجن نفسها بغرفة من غرف جناحكما لقد وجدتها تبكي بالمطبخ صباح اليوم سنخسر هذه الفتاة
يا زبير أخشى أن يغمى عليها بالداخل "
نظرت من حولي وقلت " وأين هوا بحر "
قالت بحزن " غادر عند الصباح اتصلت به ليأتي ولكننا لم نفلح في شيء فخرج من جديد اذهب وحاول
معها أو افتح الباب بسرعة "
صرخت بضيق وأنا أصعد " ولما لم يكسر الباب قد يكون مكروها أصابها "
قالت " لقد أخبرها أنه سيكسر الباب فقالت أنا بخير أتركوني وحدي "
تنهدت بضيق وصعدت للأعلى توجهت لجناحنا وطرقت باب غرفتها وقلت
" حور افتحي الباب هل أنتي بخير "
فتحت الباب وكان وجهها شاحبا وعيناها حمراوان من شدة البكاء ارتمت في حضني باكية وكأنها تبحث
عن الحنان فيه طوقتها بذراعاي وحاولت تهدءتها ببعض الكلمات فقالت
" زبير أريد الذهاب لبيت عمي لبعض الوقت أرجوك "
قلت وأنا أمسح على شعرها بحنان " حسننا يا حور سوف آخذك الآن فقط توقفي عن البكاء "
ابتعدت عني دخلت الغرفة أخذت عباءتها وحجابها وحقيبة يدها وخرجت فقلت متبسما
" بهذه السرعة هل تكرهين وجودك معنا لهذا الحد "
أنزلت عينيها في خجل وقالت " لا ولكني أريد الذهاب أرجوك زبير "
قلت بهدوء " حسننا أرتدي عباءتك والحقي بي سيارتي بالأسفل "
أخذتها لبيت عمها كان عليها الابتعاد عن هنا قبل أن تذبل وتذبل حتى تموت وردني اتصال من بحر فأجبت
" نعم يا بحر "
قال بهدوء " هل عدت يا زبير "
قلت " نعم لقد عدت "
قال بقلق " زوجتك لا تبدوا بخير هل فتحت الباب "
قلت بهدوء " أجل لقد فتحت الباب إنها بخير شكرا لاهتمامك يا أخي "
أغلقت الخط ونظرت لحور فكانت تتكئ على النافدة وتنظر للطريق بحزن فقلت
" ما بك يا حور ألن تجيبي عن هذا السؤال أبدا "
قالت بعد صمت " لا أملك إجابة تريحني وتطمئنك "
قلت بهدوء " هل كنتي تحبين شخصا وحُرمتي منه بسبب الوصية "
قالت بهدوء مماثل " وهل كنت أنت كذلك "
قلت " نعم "
ابتسمت بحزن وقالت " أما أنا فلا أحب أحد وليس لدي أحد ولن يكون لدي "
إذا كما توقعت ثمة حديث ما دار بينهما ويبدوا أنهما تشاجرا أو ما شابه عدت للصمت حتى وصلنا
قلت لها وهي تنزل " متى أردتي العودة اتصلي بي وإن احتجت أي شيء فلا تترددي في طلبه حسننا "
ابتسمت لي وقالت " شكرا لك يا زبير "
ونزلت متوجهة للداخل كم أتمنى لو بيدي شيء أفعله لها ولكن فاقد الشيء لا يعطيه فأنا أكثر من يحتاج
للحلول لمشاكله














غيث










وضعت يدي عل مقبض باب جناحي ثم نظرت جهة جناح رنيم تنهدت بضيق عليا الذهاب لها الآن فلا
حل أمامي توجهت لجناحها فتحت الباب بهدوء ودخلت غرفتها ووقفت عند الباب أتأمل الواقفة أمام باب
الخزانة ترتدي شورت لنصف الفخذ شديد البياض رصاصي اللون وقميص أحمر قطني قصير ضيق ملتصق
بجسمها وبدون أكمام ترفع شعرها الحريري الأسود القصير للأعلى وتقف على رؤوس أصابعها تحاول جلب
شيء ما من أعلى رفوف الخزانة وقفت أتأملها في صمت من أعلى لأسفل ثم صعودا من الأسفل للأعلى دون
سيطرة على نظراتي كنت أرى فتيات في السابق ليس بهذا اللباس المظهر لأجسادهن هكذا ولكني ما كنت آبه
للنظر لهن ليس لأنهن لا يحللن لي وهذه زوجتي ولكني كنت أقرف من وجودهن أما الآن لا أعلم لما أريد النظر
لهذا الجسد المتناسق رشيق القوام اقتربت منها حتى أصبحت خلفها تماما وشعرت بوجودي فالتفتت مفزوعة مني
تنظر إليا في صمت وصدمة مددت يدي وأنزلت العلبة التي كانت تحاول إنزالها فصار جسدي ملاصقا لجسدها
ووجهها عند صدري مباشرة لا تستطيع الرجوع للخلف لأنها ستسقط داخل الخزانة تراجعت خطوة للوراء
وأعطيتها إياها في صمت فأخذتها في صمت أيضا وعيناها أرضا تحاول سحب ملابسها للأسفل لتستر جسدها
رفعت يدي مررتها على ذراعها بطوله حتى الأصابع ثم أمسكتهم بيدي وعيناي على وجهها ,لا يا غيث لا تضعف
ما بك سوف تكسر الحاجز الذي فرضته عليها لا تفسد ما تخطط له فهذه الفتاة ليست لك ولست لها ولست لأي واحدة
أخرى غيرها هي مثلهن تماما لا تضعف أمام سحرها لا تنسى أن كل غرضك استفزازها لتشعر بالغيظ الذي
تسببه لك , أبعدت يدي بسرعة وأوليها ظهري وقلت بجفاف
" لما ترتدي هذه الثياب في جو بارد كهذا لا تنقصني مشاكل وزيارات للمستشفيات "
قالت بضيق " إذا مرضت فاتركني هنا حتى أموت وترتاح مني "
غرييييب أين البرود في كلامها يبدوا أن شيئا ما جرحها بعنف هل هوا تأثير اللمسة أم الكلمات فرقعت
أصابعي وابتعد جهة الباب دون أن التفت إليها وقلت " كنت أود سؤالك عن أمر طالبي الثأر أولئك "
قالت ببرودها المعتاد " الخوف لن يتركهم يقتربوا مني أعرفهم جيدا هكذا كان يتصرف معهم والدك "
قلت مغادرا " ولكنه لم يكن حلا أبدا علينا أن نجد حلا لذلك "
وخرجت من ذاك المكان قبل أن أتهور في أحد شيئين النوم معها الليلة أو تحطيم وجهها بسبب هذا البرود












ميس










غادر حامد وبعد ساعات عاد وأخبرني أنه سيأخذني له الآن نظرت له بتشكك فقال
" لا تخافي مني يا ميس أقسم أنني لن أؤذيك وسوف أخذك له "
قلت بقلق " أنا خائفة منه أيضا فأنا لا أعرف كيف يكون "
قال مطمئنا " لا تقلقي لقد علمت من صديقي أنه شاب حسن السلوك "
تنهدت وقلت " أمري لله يبدوا أن مأساتي لن تنتهي "
رافقته لمكان مقطوع نزل شاب من السيارة تقدم ناحيتنا وقال " هل أنت حامد "
قال حامد " نعم "
قال الشاب " وهذه ميس "
قال حامد " نعم وهل لي أن أتأكد من اسمك "
رفع الشاب هاتفه وأجرى مكالمة سكت قليلا ثم قال " مرحبا صهيب الشاب يريد التأكد من هوية المستلم "
ثم ضحك وقال " أجل يبدوا ذلك "
آه أسمه صهيب إذا تشرفنا يا ابن العائلة الكريمة
ثم مد بالهاتف لحامد تكلم معه ثم قال لي " اذهبي معه يا ميس سيأخذك لابن عمك "
قلت بخوف " لا أريد لما لم يأتي بنفسه "
تنهد الشاب بضيق وقال " إنه مشغول يا آنسة تعالي معي سوف أخذك ولن أبقى معك لا تخافي "
نظرت لحامد وقلت " تعالى معنا إذا "
قال لي حامد " لا أستطيع أذهبي فلن يؤذيك "
ذهبت اتبع الشاب وانظر للخلف حيث حامد فابتسم وهز برأسه مشجعا لي أخذني ذاك الشاب بسيارته وكل
ما كنت أخشاه أن أصبح مختطفة للمرة الرابعة أوصلني لمنزل في مكان يبدوا لا ساكنين فيه فأغلب البيوت
هنا غير مكتملة أو على الطوب فقط , نزل وقال لي " هيا انزلي "
نظرت له بخوف ولم أتحرك من السيارة تأفف ثم أخرج هاتفه وأجرى مكالمة بعيدا عني ثم اقترب
ومد لي بالهاتف أخذته منه فتحدث الطرف الآخر مباشرة قائلا
" أنزلي معه يا ميس ولا تخافي ستكونين لوحدك في المنزل أنا قادم بعد قليل "
قلت باندفاع " ولما لم تأتي أنت لتأخذني ولما ستضعونني هنا "
قال بضيق " لأن قصر عائلتي ليس في هذه المدينة وأنا منشغل قليلا انزلي وانتظريني هناك يا ميس "
تنهدت بضيق وفتحت باب السيارة وقلت للشاب والهاتف بيدي
"سوف أدخل وتغلق خلفي الباب مباشرة ولن أعطيك هاتفك قبل ذلك ولن أغلق الخط أيضا "
قال بنفاذ صبر " حسننا ولكن كيف ستعطيه لي "
قلت بحدة " ولما تخاطبني هكذا أنا لم أطلب منك تحمل مسؤولية إحضاري "
تنهد وقال بهمس " أعانك الله عليها "
قلت بغضب " ماذا تقول "
قال " لا شيء كيف ستعطينني الهاتف "
قلت ببرود وأنا أدخل " من النافذة "
دخلت وأغلقت الباب من الداخل بالأريكة الموجودة بالصالة ثم أعطيته هاتفه كما اتفقنا بعد وقت سمعت صوت
سيارة وأحدهم فتح باب المنزل الذي وضعني فيه ذاك الشاب ويحاول سحب الأريكة ليفتحه فركضت جهة
الحمام وسجنت نفسي فيه أنتظر باقي المفاجأات التي لم ألتقي بها بعد











صهيب







كانت النار تأكل أحشائي والغضب يدمر ما تبقيه لقد كان عليا لقاء حامد ولكن لا صبر لدي لأتحدث معها
وافهم منها , اتصل بي صديقي للتو وقال أن حامد معه وينتظراني ضنا منه أني لست الشاب ذاك نفسه
الذي اختطفوا منه الفتاة لقد عمل صالحا بإعادتها ولكن عليا أن أفهم ما حدث هناك فكلمات جهاد وكلماتها
لازالت تتردد في أذني دون توقف
(لا تستاء لذلك فهي منتهية الصلاحية قبل أن تأتي إلينا , ولكنها ألذ مما تصورت )
(سوف أدخل وتغلق خلفي الباب مباشرة ولن أعطيك هاتفك قبل ذلك ولن أغلق الخط أيضا )
لو كانت كما قال جهاد فلما تخاف من سالم ولما لم تحاول استمالتي سابقا لأطلق سراحها ولكن كيف لي أن
اهدأ أكاد أجن , وصلت المنزل نزلت بخطوات سريعة فتحت الباب ويبدوا لي أنه كان شيء ما خلفه يعيق
فتحه دفعت بقوة فانفتح الباب وكانت أريكة كبيرة محشورة خلفه تعجبت كيف تمكنت من سحبها وهي بهذا
الوزن دخلت ولم أجدها توجهت للمطبخ ثم الغرف واحدة واحدة وصلت للحمام وكان مغلقا طرقت على الباب
فجاءني صوتها يردده الصدى " من أنت "
لما كل هذا الخوف هل قال لها سالم شيئا يا ترى ولكني أعرف سالم جيدا يبدوا أنني أصبت بالوسوسة بسبب
هذه الفتاة فقلت بهدوء " افتحي يا ميس "
قالت " من أنت "
قلت بنفاذ صبر " أبن عمك من سأكون برأيك "
قالت بضيق " ولما تتأفف هكذا يا هذا قل ما أسمك واسم والدك ووالدي ووالدتي لأتأكد فيكفيني اختطاف حتى الآن "
يبدوا أن هذه الفتاة صار الاختطاف لديها كابوسا مرعبا قلت بهدوء ممزوج ببعض الضيق
" أسمي صهيب شامخ وأنتي ميس نبيل ووالدتك لا أعرف اسمها لأني لم أعرفها أو أرها يوما فافتحي الباب أو
كسرته "
فتحت الباب ببطء وخرجت وما أن رأتني حتى شهقت شهقة قوية وعادت للداخل وأغلقت الباب وقالت بصراخ
" ماذا تريد مني وكيف علمت أنني هنا "
قلت بغضب " أفتحي يا ميس ولا تتعبي لي رأسي أكثر فكل شياطين الأرض تقفز أمام وجهي "
فتحت الباب وقفت أمامي وقالت بصدمة " أنت .. هل أنت إذا ... يعني أنك "
قلت " نعم أنا ابن عمك شامخ "
صرخت بغضب " ما أسعدني بك من ابن عم "
أمسكتها من ذراعها وسحبتها معي وقلت بغيض " توقفي عن ذلك وأخبريني الآن ما أريد قبل أن
أرتكب فيك جرما "
رميتها على الكرسي ووضعت يدي عليه واقتربت من وجهها وصرخت
" ما فعلاه بك ماذا حدث هناك يا ميس قولي الآن "
قالت بصراخ مماثل " هل جننت أنت وما يهمك في الأمر إن كنت أنت لم تهتم لسلامتي فهل ستنتظر
ذلك من الغرباء "
ضربت بيدي بقوة على ظهر الكرسي حتى ظننته سينكسر وهي نظرت ليدي بصدمة ثم قلت بغضب
" إذا ما قاله صحيح يا ميس صحيح يا ابنة عمي "
نظرت لي بصدمة وقالت " ما تعني بما تقول وعما تتحدث "
قلت بصراخ " أعني ما فهمته جيدا "
قالت بصراخ أكبر " لا لم أفهم عما تتحدث لما لا تكون صريحا فيما تقول "
أمسكتها من ذراعها مجددا وسحبتها لأحدى الغرف رميتها على السرير وقلت
" ما الذي حدث بينك وبين جهاد وحامد ما فعلاه "
قالت بصدمة " ماذا .... ما الذي أخبراك به "
قلت بصراخ " لا أريد ما أخبراني أريد أن أعرف منك "
صرخت قائلة " لا شيء لم يحدث شيء "
اقتربت منها ممسكا بكتفيها ووجهي قريب من وجهها وقلت
" إن كان ما قاله صحيح فلن ينقدك وينقدهم مني إلا الموت يا ميس سمعتي "
ابتسمت بسخرية وقالت " إن كان ثمة من يستحق الموت فهوا أنت فكل شيء كان قد يحدث
لي فبسببك ولكن الله كان أرحم بي منكم يا عائلة والدي "
ابتعدت عنها وقلت بحدة " إن لم أعلم الحقيقة منهما فسأتأكد من ذلك بنفسي سمعتي بنفسي "
جلست وقالت بغضب " ماذا تعني بذلك "
قلت مغادرا " ما فهمته "
وخرجت من ذاك المنزل أسوأ حالا من ذي قبل وتوجهت لحيت حامد وسالم وما أن دخلت الشقة
حتى وقف حامد بصدمة وقال " أهذا أنت ... هل هوا أنت ابن عمها "
اقتربت منه وأمسكته من قميصه سحبته لغرفة أخرى وقلت بغيض وأنا أهزه
" ما فعلتماه بالفتاة أو بالأحرى ما فعلتماه معها يا حامد "
صرخ قائلا " لم نفعل لها شيء وبإمكانك أخذها لطبيبة لتتأكد , تم ما كنت لأعيدها لك لو أني لمستها بسوء "
شددت على قميصه أكثر وقلت " ولكن ما يقوله شريكك أمر مختلف تماما "
قال بحدة " كاذب لقد كنا سويا طوال الوقت ولم يستفرد بها لحظة ثم نحن وضعناها مع زوجته التي هي
شقيقتي ثم سرقتها منه وأخذتها لوالدة صديقي أقسم أنها الحقيقة ويمكنك سؤالها عن ذلك "
سحبته معي وأركبته السيارة أخذني لشقيقته لأتأكد مما قال ثم لعجوز صماء صرخ كثيرا حتى
قالت " آه الفتاة لقد كانت هنا أين ذهبت لقد كانت تقوم بخدمتي "
مررت أصابع يدي في شعري ثم أمسكته من الخلف بقوة وكأنني أريد تقطيعه من منابته ثم قلت
" سنذهب الآن لجهاد فلن يهدأ لي بال حتى أسمع ذلك منه "
قال حامد بهدوء " إنها الحقيقة يا هذا فلا تجعل جهاد يلعب بعقلك أنت بقيت مع الفتاة لأسابيع وتعرف
جيدا من أي نوع هي وفي الأيام الماضية لم يقترب منها كن متأكدا "
صرخت به قائلا " اخرس "
ثم ركبنا السيارة وتوجهنا لبيت جهاد دخلت وبرفقتي حامد أخرجت مسدسي وقلت
" سأقتلكما الآن إن لم تخبراني بالحقيقة "
صرخ حامد بجهاد قائلا " لماذا كذبت عليه يا جهاد أنا أعلم جيدا كما تعلم أنت أن ذلك لم يحدث "
ابتسم جهاد بخبث وقال " أنا لم أكذب "
صرخ حامد " بلى تكذب فأنت لم تستفرد بها لحظة "
قال جهاد بذات الابتسامة " وما يدريك بذلك , أنا لم أخف من مسدسه مثلك يا حامد "
حينها تفجرت الدماء في راسي ولم أعد أرى شيئا أمامي رفعت المسدس موجها إياه لجهاد وقلت
" إذا سأقتلكما واقتلها "





















أُديم







لقد عادت هذه الفتاة للسخرية مني من جديد هوا يومها الأول بعد شبه طردها ولسانها لم يزدد إلا
طولا يبدوا أنها تحتاج لدرس آخر يعلمها احترامي
بعد مرور عدة أيام وبينما كان الصمت سائدا في المكتب كعادتهم أغلب الأحيان تنهدت شروق وقالت
" هذا الأمر لا يمكن الخروج منه بنتيجة أبدا "
نظرت لها ليان وقالت " أي أمر هل تواجهك مشكلة في الحسابات "
قالت بضيق " لو كانت كذلك لما كانت مشكلة لأنك سوف تحلينها بسهولة فلدينا عبقرية دفعتها هنا "
قالت ليان " وماذا هناك إذا "
قالت شروق بعبوس " إنه مصروف هذا الشهر منذ ساعة وأنا أحاول تقسيمه ودون جدوى مرض
ابني هذا خل بالميزانية كلها "
قالت ليان بصدمة " هل كنتي تحسبين ميزانية مصروفك وتتركين العمل "
رمت شروق بيدها أمامها وقالت " كلها بضع دقائق بماذا ستؤثر "
قالت لها بغيض " قلتي بنفسك أنك منذ ساعة تحاولي , يالك من مستهترة "
( توبخها وكأنها لا تضيع الكثير من الوقت إذا زارها مرض الثرثرة )
قالت شروق بلا مبالاة " هيا ليان ساعديني في حل لهذا الأمر "
قالت ليان بضيق " دعيني وشأني ولا تتسببي لي بمشكلة فأنا أنتظر واحدة في أي لحظة "
( انتظري قليلا إنها في طريقها إليك )
ضحكت شروق وقالت " ماذا حدث اليوم معك "
قالت ليان بغيض " ذاك الإمعة المدعو شاهد "
قالت شروق " ومن يكون هذا , هوا ليس من أخوتك أليس كذلك "
قالت بضيق " لا إنه حليفهم الجديد هوا يسكن ببداية الشارع طلب من أخي تزويجي له ذاك
الصعلوك الفاشل السكير "
قالت شروق بصدمة " ولما يوافقون عليه وهوا بهذه الصفات "
قالت ليان " هم لا يهمهم ما سيكون مصيري وما سوف أؤل إليه كل ما يهمهم هوا التخلص مني "
قالت شروق بحيرة " وما فعله شاهد ذاك لك اليوم "
قالت باشمئزاز وهي تقلد صوته وحركاته " صباح الخير يا آنسة ليان هلا تحدتنا قليلا عن أمر مهم "
ثم قالت بضيق " ما يضنني ذاك المغفل هل يراني ممن يقفون مع أي كان في الشارع كدت أضربه من
شدة غضبي والوقح جاء البارحة منتصف الليل يطرق باب بيتي وبكل وقاحة يريد الدخول "
قالت شروق بخوف " ليان عليك إيجاد حل لمشاكلك يبدوا الأمر خطيرا جدا "
تنهدت ليان وقالت " لا حل لدي ولن أتزوجه ولو قتلوني "
قالت شروق بهدوء " قد يفكر في أمر آخر غير الزواج "
نظرت لها ليان في صمت وقالت " وهذا ما أخشاه أيضا نظرات ذاك القذر لا تعجبني "
قالت شروق "هل ستستمر مشاكلك هكذا "
قالت ليان بحزن " منذ توفيت والدتي وأنا أعاني الأمرين أخوتي ومشاكلهم التي لا تنتهي حتى
يتسببوا بضياعي ورميي في الشارع , لقد كانت حياتي مختلفة بوجودها معي رغم أننا كنا نعاني
الفقر ونصنع الأشغال اليدوية لنبيعها ونأكل منها إلا أننا كنا مرتاحي البال "
نظرت لها شروق بصدمة وقالت " هل كنتم تعملون ذلك لتأكلوا "
قالت بذات حزنها " نعم وعملت بمحل لبيع الأقمشة أيضا لأتابع دراستي ولم نمد يدنا يوما
لأحد وكنت أرفض بشدة حد الموت مساعدة أي كان لنا "
( عجيب أمر هذه الفتاة أيعقل أن ترى كل ذلك الفقر والتقشف راحة بال وترفض العون من
أي أحد أيضا وأنا أرى الناس تأخذ النقود من أي كان وتخبأها لتقول أنها لا تملك شيئا )
في تلك الأثناء رن هاتف المكتب فأجابت شروق ثم أغلقته وقالت " ليان المدير يريدك "
قالت ليان بهدوء " لابد وأنه يريد الملف "
قالت شروق " ليس مدير القسم إنه مدير الشركة "
شهقت ليان بصدمة وقالت " مدير الشركة ماذا يريد , آآآآه ألم أقل لك ذلك ألم أقل أن ثمة مصيبة
أخرى في انتظاري "













الجزء الخامس عشر









صهيب





صعدت كل الشياطين لرأسي حين سمعت كلام جهاد وبدأت بضغط زناد مسدسي لأقتلهما وأقتلها بعدهم
وما أوقفني إلا صرخ حامد مبعدا له وقال بصراخ
" هل جننت أنت , يمكنك التأكد من ذلك كما أخبرتك إنه يستفزك فقط "
أغلقت عليهما الباب وخرجت وكأني بركان يقذف حممه في كل مكان عدت لميس دخلت كالمجنون
سحبتها من يدها وخرجت بها من فوري لمن يملك جوابا سيريحني وقفت أضرب بقدمي وأصابعي
وحتى برأسي على الجدار بتوتر وأنا أتمنى أن أخترق الباب وأعرف لما كل هذا التأخير ولم يهدأ لي
بال حتى خرجت الطبيبة بالنتيجة وبأوراق قد وقعت عليها بنفسها أيضا لتبرأ ذمتها
تنهدت براحة وشعرت أن جبلا أنزاح من على عاتقي خرجت بعدها ميس وهي تتجنب النظر إلي
وقالت بضيق موشحه بوجهها عني للجانب الآخر " أعدني لوالدتي والآن "
نظرت لها في صمت دون كلام فصرخت قائلة
" ألا تسمع أعدني لوالدتي فأنا لا أريدكم وأكرهكم جميعا فهمت "
أمسكتها من يدها وسحبتها معي للخارج وأركبتها السيارة وعدت بها للمنزل أغلقت الباب ودخلت خلفها
وقفت بالمنتصف ووضعت يديها بوسط جسدها وقالت بغضب
" أخبرتك أنني أريد العودة لوالدتي أم أنك استحليت سجني واختطافي "
تنهدت بضيق وجلست على الكرسي فصرخت وهي تضرب بقدمها على الأرض
" هل يعجبك هذا هل ارتحت بعد أن جعلتني فأر اختبارات "
قلت بحدة " يكفي يا ميس يكفي , ما كنت تتوقعين أن أفعل "
صرخت قائلة " كنت أتوقع أن تصدقني بدل أن تصدق صعلوكان كاذبان "
تنهدت ونظرت للجانب الآخر ثم لها وقلت " توقفي عن الصراخ أنا آسف وكفى "
ابتسمت بسخرية وقالت " آسف ... آسف على ماذا يا ابن العائلة المبجلة , على اختطافك لي أم على تركي
لأسابيع مع مجرمان لا يعرفان حتى الصلاة أم على اختطافهم لي منك أم على شكك بي وبأخلاقي وحتى
صدقي أم على أخذي لطبيبة نسائية ورؤيتي للممرضات وهن يتهامسن وينظرن إلي أم على .... "
صرخت بها قائلا " وما كنتي تريدي مني أن أفعل لم يكن أمامي سوى حلين إما أن أرغمك على الزواج
بي لأتأكد بنفسي أو آخذك لها ولم أشأ إرغامك على الزواج "
قالت بغضب " ليتك فعلت ذلك ولم تأخذني هناك "
نظرت لها بصدمة فتابعت بذات الغضب " أجل هوا أهون علي من أن يصبح أسمي مدونا عندهم وأوراق
دليل عفتي هناك ونظرة الجميع هنالك لي هل تعلم ما قالت لي الطبيبة قبل فحصي "
ابتسمت بألم وتابعت " قالت ما كان عليك الزواج به وأنتي تعلمي ما بك جيدا "
بقيت انظر لها بصدمة دون كلام فقالت بغضب " كان ثمة حل ثالث أمامك وهوا أن تصدقني فأنا لم أهرب
معهما وأنت تعلم جيدا ما حدث فكيف تتهمني هذا الاتهام أنتم لا تفلحون في شيء سوى خذلاني بكم يا عائلة
والدي , كيف تفعل كل ما فعلته بي وأنت ابن عمي وحامد الذي لا يعرفني ولا يقرب لي رأف بحالي وأراد
إرجاعي لوالدتي لرؤيته لما حل بي "
تابعت صمتي ونظري لها لتفرغ كل ما في قلبها ولو ضربتني ما كنت لأمنعها ثم صرخت قائلة
" لما تنظر إليا هكذا أعدني من حيث جئت بي أو أرحل واتركني لوحدي "
قلت بهدوء " هل تكرهينني لهذا الحد "
أشارت بأصبعها لي وقالت بغيض " وأكثر مما تتصور فما الذي تتوقعه مني أن أحبك مثلا "
وقفت وهممت بالخروج حين استوقفني صوتها قائلة
" أترك حامد وشأنه فقد طلب مني أن أتحدث معكم لأنه سيغادر المدينة وشقيقته "
ابتسمت بسخرية وقلت " يبدوا أنكم عقدتم صداقة متينة "
قالت بغيض " هل ستعيد الخطأ ذاته يا صهيب "
كانت هذه المرة الأولى التي تنطق فيها باسمي لقد شعرت بشيء غريب لم أشعر به من قبل ولا أعرف
معناه شيء يشبه الرغبة في الابتسامة ثم خرجت في صمت وحيرة بل هروب مما حل بي
رن هاتفي فكان بحر المتصل تجاهلت الأمر وركبت سيارتي بعد قليل وصلتني رسالة منه كتب فيها
( إن لم تجب علي الآن فسأرمي بنفسي في البحر )
صرخت قائلا " مجنون هل يفعل بكم الحب كل هذا سحقا لكم وله "
أجبت على اتصاله بصراخ " هل جننت يا بحر هل جننت "
قال بصوته الهادئ " لم أجد طريقة غيرها لتجيب على اتصالي "
تنهدت براحة وقلت " لقد أفزعتني يا رجل "
قال بحزن " وهل باعتقادك أنها لو كانت ستريحني ما كنت لأفعلها "
قلت بهدوء " بحر لا تتهور يا شقيقي لا تجعل اليأس والشيطان يتغلبان عليك "
ضحك ضحكة حزينة وقال " إنها تكرهني يا صهيب لم تعد تحبني لقد خسرتها للأبد "
قلت بحيرة " وما يدريك "
قال بهدوء " لا يهم كيف المهم أنني علمت "
سكتت فلا كلام لدي قد يواسيه , هي زوجة شقيقه وعليه أن يدرك ذلك عاجلا أم آجلا مع أني أجزم أنها
تحبه ولكن لا نفع من قولي له هذا الكلام
تكلم كثيرا وبث همومه وأحزانه وأنا أستمع في صمت فليس لدي سوى الاستماع ثم أغلق الهاتف دون أن
يودعني كعادته عندما يكون حزينا عليا العودة إلى هناك بسرعة قدر الإمكان لأكون بجانبه


















رنيم


















مرت أيام منذ عودتي وحور في منزل عمها ولا أحد يتحدث معي فخالتي إما عند إحدى صديقاتها أو لديها
ضيوف , أنا أحسد حور فبالرغم مما تعانيه إلا أن زبير يعاملها بلطف وتركها في بيت عمها لترجع متى
أرادت ذلك , أما أنا فقد حرمني ذلك المتوحش من البقاء مع والدتي ويرفض حتى جلب خادمات لنرتاح
من هذا العناء بدلا من تلك العجوز الوحيدة التي تأتي لساعات معينة فقط يبدوا أن زوجي العزيز هذا مليء
بالعقد والأمراض لقد سأمت السجن وسوء المعاملة فمنذ أن عدنا وأنا وغيث لا نتقابل إلا عند مائدة الطعام
عدا زيارته الرائعة تلك لجناحي حين طعنني في أنوثتي وسخر من ملابسي هل طلبت منه الدخول أم أن يتكفل
بي لو مرضت ثم الجناح به تكييف أم هوا تجريح لي كالعادة فقط فأنا منذ تزوجنا أتجنب الحديث معه رغم تعمده
إهانتي من حين لآخر بشكل غير مباشر , لو أفهم فقط لما يحب استفزازي رغم تجنبي له لما لا يترك كل منا
الآخر وشأنه حتى يقضي الله لنا أمرا أنهيت عملي وتوجهت للأعلى قاصدة جناحي لأنام دخلت لغرفتي وفجعت
مما رأيت بقيت واقفة لدقائق أحملق بصدمة
ماذا يفعل هذا هنا في غرفتي وعلى سريري ويغط في النوم أيضا ما يقصده بذلك هل يطردني من جناحه ليلحقني
لجناحي هل ضاق به المكان المتسع هناك ليزاحمني الغرفة الوحيدة هنا , خرجت بضيق توجهت لجناحه فوجدته
مقفلا ضربت الباب بقدمي وقلت " تبا له يغلق جناحه وينام عندي "
عدت لغرفتي أخذت ثيابي ولحافا من الخزانة وضربت بابها بقوة وخرجت من الغرفة بعدما تركت نورها
مفتوحا وأطفأت التدفئة أيضا وأغلقت الباب فليتجمد بردا توجهت للحمام استحممت وارتديت ثياب النوم
ونمت على الكنبة الغير مريحة بعد كل ذلك التعب نظرت جهة الغرفة فكان النور مطفأ ذلك المتوحش لقد
كان مستيقظا إذا , صحوت عند الفجر اشعر بعظامي متيبسة وكأني نمت على حجر نظرت للغرفة فكان
بابها مفتوحا دخلت فوجدته غير موجود هناك وثيابه مرمية على السرير وأحذيته وحاجياته والفوضى
تعم المكان جمعتها كلها ورميتها له أمام باب جناحه ونزلت للأسفل دخلت المطبخ ووجدته على غير العادة
يجلس مع زوجة والده التي كانت تعد القهوة نظرت لي مبتسمة وقالت
" صباح الخير يا ابنتي لقد استيقظت مبكرة هذا اليوم "
نظرت اتجاهه بغيض وقلت " هذا بسبب النومة المريحة بالأمس "
نظر لي بابتسامة ماكرة وقال " سبل الراحة والتعب متوفرة هنا ولكلن اختياره "
قلت بسخرية " ومن يختار التعب إلا إذا كان كارها لإزعاجات الراحة "
دخل حينها بحر بهدوء وصمته المعتاد هذا الشاب لولا أنني أنظر لكان يخرج ويدخل دون أن
اشعر به فحتى خطواته لا تكاد تُسمع جلس وقال
" صباح الخير أين هوا زبير علينا المغادرة مبكرا "
جلست خالتي وقالت " ومتى أتيت أنت لتغادر "
نظر غيث لوالدته وقال " هل عادت زوجته من منزل عمها "
قالت بهدوء " لا لم تعد بعد "
نظر لي ببرود وقال " عليه ألا يدعها على حل شعرها فالنساء لا يُعطى لهن وجه "
جاء الرد من بحر قائلا " دع شقيقك وشأنه يكفي سجنك لزوجتك "
هذا الشاب لو كان أصغر مني سننا لقبلت رأسه على الدرر التي يلقيها دائما , خرجت من المطبخ
وتركته له بما يحوي وعدت لغرفتي سمعت خطوات تقترب فالتفتت للخلف وكان غيث حاملا أغراضه
دخل ورماها على السرير وقال " من سمح لك برميها خارجا "
قلت ببرود " ومن سمح لك بجلبها إلى هنا "
قال بحدة " لي الحرية أفعل ما أشاء وحيث أشاء "
قلت بتحدي " وأنا لي ما لك وأرمي ما أشاء وحيث ما أشاء "
قال " ومن أعطاك هذا الحق "
قلت بذات النبرة " أنا أعطيته لنفسي ألستُ الآن جزئا من هذه العائلة "
ابتسم بسخرية وقال " سنرى "
قلت بأبرد ما لدي " يدك وما تطال "
امتقع لون وجهه غيضا وامسكني من خصري وشدني إليه ووجهي في وجهه قرب أنفه حتى التصق
بأنفي وقال بابتسامة " ما رأيك لو غيرنا مزاج هذا الصباح "
خلصت نفسي منه قائلة بضيق " لا بارك الله في صباح كهذا يالك من مزاجي متقلب "
أمسكني من ذقني بيده وابتسم بمكر فقلت بغيض
" إن فعلتها ثانيتا الآن كما في السابق حولت صباحك هذا لجحيم "
ويبدوا أن المسألة كانت كتحدي بالنسبة أليه أو هكذا أعتبرها ففعلها وقبلني بقوة ورمى بي على
السرير كما في المرة السابقة وخرج ضاحكا وهوا يقول " هذا ما طالته يدي هذه المرة "
قلت بصراخ غاضب ليصله كلامي " مقزز أتعلم ذلك وأكرهك أيضا "
ما به هذا يغضب ويتلون وجهه فجأة ثم يضحك فجأة ياله من متحجر قاسي ومزاجي أيضا
أمضيت ذلك النهار بمزاج سيء جدا لم أحتمل فيه حتى نفسي , وعند العشاء كنت أرفض تناوله
معهم لولا إصرار خالتي , كنا على طاولة العشاء أنا وخالتي وغيث فقط فقد سافر بحر وزبير
صباح اليوم والجد لدى أحد أبنائه ,جلست أتنهد بضيق كل فترة والأخرى ومزاج غيث في أحسن
ما يكون , جيد ضننت أنه لا يعرف شيء اسمه ابتسامة وأخيرا تصدق عليا برؤية أسنانه
" رنيم لما لا تأكلي هل تشعرين بشيء "
كان هذا صوت خالتي بالطبع فهي ذات قلب كبير يفكر في الجميع
قلت بابتسامة مغصوبة " لا أشعر بالجوع "
قال السيد غيث " يبدوا أنها تأكل في المطبخ هكذا هم النساء لا يصبرون على شيء "
كانت هذه الشعلة التي وضعت على الفتيل نظرت إليه وقلت بغيض
" النساء يأكلون في المطبخ والرجال يأكلونها وهم في السوق لذلك أجسادهم كالجبال "
ضحك بصوت عالي وقال " لقد اكتشفت شيئا جديدا في زوجتي اليوم يا أمي إنها تجيد المزاح "
وقفت خالتي قائلة " لا تثقلا من هذا كي لا تتشاجرا "
وتركتنا وغادرت , هي أكثر من يفهم ما يجري هنا وتعلم فيما يفكر هذا المتوحش , نظرت له
بحدة وقلت " وأنا اكتشفت اليوم أن لي زوجا مزاجيا مقرفا يجبر الناس على مالا يريدون "
ابتسم بمكر وقال " قولي أنها كانت رائعة لما الخجل "
وقفت ونظرت له باشمئزاز وقلت بغيض " يالك من واهم ما تظن نفسك "
قال بابتسامة " هل تعلمي أنك تبدين رائعة اليوم "
نظرت له بصدمة وعيناي مفتوحتان على اتساعهما وقلت
" تبدوا لي بحاجة لزيارة طبيب نفسي وفي أسرع وقت "
قال مبتسما بهدوء " بل اليوم بالذات لا أحتاجه "
تركته وجنونه هذا وصعدت لغرفتي وما هي إلا لحظات حتى لحق بي ووقف عند الباب
نظرت له بغيض وقلت " ماذا تريد ألم تطردني من جناحك في السابق "
دخل وقال " قلت لك سابقا لي الحرية هنا وافعل ما أشاء "
قلت بحدة " وأي حرية هذه التي تجعلك تمنعني من النوم بالغرفة الوحيدة هنا "
بدأ بفتح أزرار قميصه وخلعه قائلا " أنا لم أمنعك من ذلك أنتي من منعتي نفسك "
نظرت له بصدمة وقلت " وما هذا الذي تفعله "
قال ببرود " كما ترين أغير ثيابي لأنام "
ثم نظر لي بابتسامة جانبية وقال " ألن تنامي أنتي أيضا "
رميته بالمنشفة التي كانت في يدي على وجهه وخرجت مغتاظة على صوت ضحكاته ونزلت
للمطبخ لأنهي التنظيف مع خالتي
دخلت وبدأت مباشرة في ترتيب الأشياء معها بصمت فقالت " هل تشاجرتما "
تنهدت بضيق وقلت " لا أعلم لا يبدوا ذلك "
نظرت لي وقالت بهدوء " لما لا تحاولي كسبه يا رنيم بدلا من تكبير الفجوة بينكما "
قلت بضيق " أكسبه .. وهل يمكن لامرأة في العالم أن تكسب رجلا كغيث "
ابتسمت بحب وقالت " أنتي قلتها بنفسك رجل وكل الرجال متشابهون مهما اختلفت طباعهم فقط إن
أرادت المرأة ذلك فستنجح وبسهولة "
نظرت لها بتعجب وقلت " إلا غيث أعرفه جيدا "
قالت بهدوء " مهما عرفته فلن تعرفيه مثلي لاحظي اليوم تغير مزاجه رغم تعكر مزاجك أنتي على غير
العادة يعني أنه شيئا ما فيك كان يريد أن يتغير أو يظهر وأنتي أعلم مني يا رنيم "
تبا له هل يفكر هكذا يا لي من غبية هل كنت أحتاج لخالتي لتوضح لي ذلك هوا يحب أغاضتي إذا ويفعل
ما يفعل ليثير غضبي لذلك هوا مستمتع كثيرا بفعل ذلك سأريك يا غيث سأريك
قالت خالتي بعد صمت " فكري في كلامي جيدا يا رنيم "
قلت وأنا أفتح رف الخزانة " أعلم بما تشعري يا خالتي فأنتي أم وتريدين لأبنائك الحياة السعيدة رغم
أن غيث ليس ابنك ولكن ما بيني وبينه يصعب التفكير فيه "
تنهدت وقالت " أنا أحببتك يا رنيم ولا أريد زوجة غيرك له وأتمنى أن تغيرا من حياتكما معا "
قلت بهدوء " لا أعتقد ذلك فأنتي تعلمي جيدا كرهه للنساء "
قالت بحزن " أعلم وليتني أعلم السبب فقط فطفولة غيث أمر مبهم عن الجميع حتى عن والده "
نظرت لها بحيرة وقلت " طفولته "
قالت " نعم فقد قضى عشر سنين مع والدته خمس منها قبل أن يطلقها شامخ وخمس قبل وفاتها "
عدنا للصمت كلينا فلن يكون هناك أي جواب لأي سؤال قد أسأله فهي لا تعلم عنه شيئا
بعد أن انتهينا صعدت لغرفتي ووجدته نائما على السرير طبعا ولكني سأريه والصباح موعدنا
أخذت ثيابي ولحافي وخرجت لأنام نومتي القاسية الجديدة , لا بأس ستكون هي المرة الأخيرة


















جود











لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة تحدث فيها ذاك الشاب معي ترى ما حدث معه ومع شقيقه ماذا
عن الفتاة والغبية ابنة عمه تلك إنها تضيعه من بين يديها , غريب حقا ما يحدث معي أشعر وكأنني
أشاهد مسلسلا وأريد معرفة نهايته , ما كان عليا أن أتهور وأتحدث معه يومها لو بقيت على صمتي
لعلمت نهاية القصة ولكني كنت منهارة وغاضبة وهوا زاد من غضبي باتصاله رن حينها الهاتف
ويا لا العجب لقد كان الرجل الكئيب يتصل ولكن لن أجيب أبدا بعد أن علم بي أستمر في المحاولة
مرات ومرات ثم أرسل رسالة فيها
( أجيبي أرجوك يا آنسة وحدك من يستمع لي وأتحدث معه دون قيود لا تتكلمي معي فقط استمعي
إلي أعتبري أنني لم أعرف أنك فتاة حسننا )
ترددت كثيرا ثم فتحت الخط فقال بصوت هادئ " شكرا فأنا ممتن لك حقا " وبدأ ببث همومه كالسابق
الاختلاف فقط انه كان يخاطبني على أني رجل أما الآن فيخاطبني كفتاة ها قد علمت الآن أن الفتاة في
بيت عمها منذ أيام وشقيقه شبه تارك للمنزل الأحوال إذا لم تتغير وقريبته تلك لم يعد يحاول التحدث
معها جيد فهي لا تستحق حبه لها , بعد أن فرغ من بث همومه قال
" شكرا لك يا آنسة لقد تعلمت منك شيئا مهما لم أتعلمه من قبل "
فاجئني بما قال كنت أود أن أقول ’ما هوا ’ ولكني لا استطيع ولحسن الحظ تابع قائلا
" همي أنا واحد فقط من همومك الكثيرة وأنتي تستحملي وتستمعي لي أما أنا الرجل فقد انهارت قواي
لمشكلة واحدة ولو تشعبت , لقد تعلمت منك الوقوف بقوة لمواجهة قدري لذلك لم أعد أحاول التكلم مع
الفتاة التي كنت أحب قد يكون لديك أنتي من يستمع لهمومك أما أنا فلا يمكنني بثها لأحد سواك أشكرك
من كل قلبي وداعا الآن "
نظرت بصدمة للهاتف وأنا أرمش بعيناي وأفكر فيما قال , جيد فتهوري في الحديث تلك المرة أحدث مفعوله
فيه وجاء بفائدة رغم خطئي بفعلتي تلك , وقد قال الفتاة التي كنت أحب فلم تعد الفتاة التي أحب يبدوا لي ثمة
تطورات جديدة رميت بالهاتف وخرجت من غرفتي بحثا عن والدتي وأشعر بالراحة لأني اطمأننت على
أحواله لا اعلم لما قد تكون شفقه أو لا أعلم لماذا

















حور











لقد أمضيت بضع أيام في منزل عمي شعرت خلالها بالراحة وحتى صحتي تحسنت رغم شعور
الفقد الذي يجتاحني كل حين فهناك رغم عذابي إلا أنني أسمع اسمه دائما منهم وأخباره أراه من وقت
لوقت بعيد أتعذب نعم ولكنه بقربي على الأقل , ما أصعب أن تبتعد عمن تحب وما أصعب أن تتعذب
بقربه , عليا أن أنسى كل ذلك فأنا متزوجة الآن وزوجي يعاملني بلطف وإن كنت لست أحبه ولا يحبني
ترى هل رفض عمي بحر حقا لا أستغرب ذلك فعمي يرفض زواجنا قبل إتمام الدراسة وقد كنت صغيرة
حينها ولكن الحق عليه لما لم يتحدث معي عن ذلك قد يكون عمي أهانه وجرح كرامته بسبب والده
آه هل تبحثين عن الحجج له يا حور
" حور زوجك ينتظرك في الخارج "
تنهدت وقلت " حسننا قادمة "
لقد طلبت من زبير المجيء لإعادتي للقصر فليس بإمكاني البقاء أكثر من ذلك فتساؤلات عمي وزوجة
عمي عن بقائي كل هذه المدة واتصال خالتي الدائم للسؤال عني ومتى سأعود كلها تجبرني على العودة
هناك كي لا تكبر شكوكهم حول الأمر ولكن من الجيد أن زبير كان يتصل بي يوميا أمامهم ليطمأن على
صحتي وإن كنت أحتاج شيئا , زبير شاب رائع ولكن لست أنا الفتاة التي يستحق فمشاعري وقلبي أغبياء
لا يعرفان في أي اتجاه يتحركان
ودعت عائلة عمي وخرجت خارجا كان زبير يقف خارج السيارة فقلت له بابتسامة
" مرحبا زبير كيف حالك "
ابتسم وقال " بخير , تبدين لي أفضل من السابق بكثير "
قلت وأنا اقترب من باب السيارة " نعم أصبحت أفضل "
فتح لي الباب الأمامي ركبت وغادرنا ولا شيء غير الصمت وكأنه يتجنب سؤالي مثلما أخشى
أنا من السؤال ثم قلت بهدوء " لما يمانع غيث وجود الخادمات في القصر "
قال بذات الهدوء " هل يتعبك العمل هناك "
قلت نافية " لا لم أقصد ذلك ولكن الأمر متعب لنا جميعا "
نظر لي وقال " يبدوا أنك لا تريدي النزول من جناحنا يا حور إن أردتي ذلك فلا تنزلي "
نظرت له بصمت ثم قلت " لن أترك خالتي و رنيم يعملان وحدهما هذه تسمى أنانية لما لا تجلبوا
خادمات ليرتاح الجميع "
نظر لي بابتسامة وقال " سأتحدث مع غيث ونرى ما يجري "
ساد الصمت من جديد وكل منا سافر لعالمه قلت له ونحن نقترب من القصر
" زبير هل لي بسؤال "
قال بحيرة " نعم بالتأكيد "
نظرت للأسفل وقلت " أمازلت على علاقة بالفتاة التي تحب "
قال بعد صمت جاهلة لأثر السؤال عليه " ولما تسألي عن ذلك يا حور "
قلت بارتباك " لأني لا أريد أن تخسر علاقتك بها بسببي "
قال بتعجب " لماذا , هل تقول زوجة لزوجها هذا الكلام "
ابتسمت بسخرية وقلت " ذلك عندما تكون زوجة فعلا , أنا يا زبير مجرد جسد بلا روح فلا
تخسر شيء لأجله "
ابتسم وقال " وأنا جسد سيحميك من كل خطر وبلا روح تكون بقربك نحن متعادلان إذا "
نظرت له باستغراب وقلت " ألا يغضبك كلامي "
قال " لا لم يغضبني أعلم بمشاعرك اتجاهي يا حور "
عدت بنظري للأسفل وقلت " قد يتغير كل شيء يوما حتى مشاعرنا فلندعها للزمن "
قال بابتسامة حزينة " أجل فلندعها للزمن "
وصلنا القصر هممت بالنزول فقال زبير " مهلك فوالدتي تظن أنك حامل "
ضحكت وضحك معي على الكلمة بل على تعاستنا وواقعنا المرير وخرجنا من السيارة على
ذلك الحال ففوجئت ببحر يقف عند باب القصر وينظر لنا بنظرة غريبة لبس بعدها نظارة سوداء
وغادر من أمامنا في هدوء وصمت
ومنذ ذلك اليوم أو ذلك الموقف زاد غياب بحر عن القصر أكثر وتجنبه لي أكثر وأكثر حتى أنه
أصبح يخرج إن دخلت وكأنه يلومني على ما حدث وكأننا حبيبان وأنا خنته























الجزء السادس عشر











زبير








هل جربتم سؤال رجل عن شعوره وهوا تسأله زوجته التي تحب غيره وتصارحه أنها لا تحبه وأن عليه أن
يتمسك بحبيبته السابقة هل سألتموه, أنا لم اشعر بما شعر به ولا أتمنى أن تتغير مشاعر حور اتجاهي هي
تحترمني كرجل وأنا أعاملها بلطف كامرأة وهذا يكفي , رجل غيري ما كان ليقاوم حسنها ورقتها ولكن أنا
يستحيل ذلك قد يطول الأمر لسنين ولكن المهم أن يكون بالي وضميري مرتاحا وكما قالت حور قد تتغير
مشاعرنا يوما فلنتركها للزمن وهل برأيكم سيحدث ذلك وهل يجوز ذلك
وها قد عدت للاتصال بصديقتي حاملة همومي لقد قبلت أخيرا الاستماع لي واليوم سأبلغها عن كل الجديد
رفعت الهاتف واتصلت بها فتحت الخط بعد حين واستمعت بصمت أخبرتها أني أعدت حور للقصر وما
قالته لي وعن موقف بحر وكل شيء مهم وغير مهم ودون ذكر للأسماء طبعا , لقد أصبحت تنتابني دائما
رغبة في أن ترد على كلامي ولو بكلمة واحدة حتى إن كانت مرحبا أو وداعا أردت أن أعرف ما تفعله
اتجاه مشاكلها كيف تواجهها لقد أصبحت قدوتي في الصبر والصمود أمام الصعاب وتغيرت نفسيتي بعض
الشيء بفضلها وعدت زبير المرح شيئا فشيئا زمرد تزداد تجنبا لي فأصبحت أتجنبها أيضا رغم مشاعري
التي لم تمت نهائيا اتجاهها فكم مرة منعت نفسي من محاولة الاتصال بها وكم تمنيت أحيانا أن تتصل بي
من تلقاء نفسها تحدثت بعد أيام مع صديقتي وتكلمت نهاية الحديث عن مشاعري اتجاه زمرد وما يجتاحني
وما أصارع من أفكار وبعد أن أنهيت المكالمة فوجئت بها ترسل لي رسالة كتبت فيها
( علينا أن لا ننظر للماضي إن كنا نريد أن نصبح جزئا من المستقبل فالماضي ليس إلا مقبرة للأموات وكل من
تعلق به أصبح مجرد جثة وخسر المضي مع الماضين للمستقبل عليك أن تدفن الماضي الذي دفنك وتخلى عنك
يا صديقي حتى وإن كان على حساب مشاعرك )
ابتسمت وأنا اقرأ كلماتها وأحسست بوجودها أمامي تخاطبني , فعلا عليا أن ادفن الماضي الذي دفنني ولكن ترى
هل التطبيق سهلا كالكلام أرسلت لها
( هل تعرفي ما اسميك في هاتفي ’بلسم جروحي ’ وأنتي كذلك بالفعل )
أرسلت لي
( أنت فعلا رفيع دوق لتسميني هكذا أما أنا فلم أكن مثلك أعذرني فأسمك لدي ’ الرجل الكئيب ’ )
ابتسمت لما كتبت لا بل ضحكت وضحكت كثيرا أيضا دخلت القصر فقابلتني حور بابتسامة وقالت
" ما الذي يضحكك هكذا "
قلت بضحك " أحدهم يسميني في هاتفه بالرجل الكئيب هل تريني هكذا "
ضحكت لما قلت وقالت " على العكس هوا لم يوفيك حقك يفترض به أن يسميك الرجل العبوس "
ضحكنا كلينا نظرت للأعلى وكان بحر ينزل من السلالم نظر لنا نظرة حملت معاني كثيرة منها اللوم
ومنها الحزن ومنها الغضب أيضا وخرج مارا من بيننا وكأنه يخبرنا بأنه الحد الفاصل بيننا وأن علينا
أن لا ننسى ذلك نظرت لحور فوجدتها تنظر للأرض بحزن والدموع تكاد تتفجر من عينيها بحر يعاملها
بقسوة وجفاء رغم أني أرى اللهفة في عينيه كلما حضر بعد غياب إنها حقا مأساة ما نمر بها جميعنا


















ليان























هل علمتم الآن أن ما أقوله صحيح والمصيبة تجر لي بعدها واحدة أخرى خرجت من المكتب
متوجهة للأعلى صعدت بالمصعد وقلبي يهوي للأسفل , لما يطلبني المدير الأمر لن يكون خيرا أبدا
خرجت من المصعد وتوجهت لمكتب المدير طلب لي السكرتير إذنا ثم دخلت وقفت في صمت فقال
" أنتي ليان سعد عبد القادر "
قلت بتوجس " نعم إنها أنا "
توجه للنافدة وقال وهوا ينظر للخارج ويديه خلف ظهره
" هناك شكوى من البعض عن تحدتك بسوء وسخرية عن أحد مالكي الشركة "
قلت بصدمة " أنا من قال "
التفت إليا وقال صارخا " السيد أديم تكلم معي شخصيا عن الأمر فالموظفون يتنقلون في الشركة
ويسمعون كل شيء يا آنسة لقد تسببت لنا بمشكلة ونحن نحاول تحسين صورة عملنا "
بدأت دموعي بالنزول وقلت ببكاء " ولما أنا فقط من .... "
قاطعني قائلا بحدة " السيد يرسل لك تحذيرا وقال أنه ليس الأول كما أحذرك أنا من الاستهتار أكثر "
قلت بغضب وعبره " بل أنا من ستترك لكم المكان بما فيه ففقر مع عزة النفس ولا نقودكم والمدله وها ذي
أنا أطلب الاستقالة وأخذ مستحقاتي وشهادة نهاية الخدمة "
قال ببرود " الطلب مرفوض وليس الأمر بيدي ولو كان كذلك لقبلتها بكل سرور "
قلت بغيض " لن أبقى هنا يوما واحدا قبلتموها أم لم تقبلوا والمستحقات لا أريدها "
خرجت من عنده ولا كلام إلا بين عينيا وكف يدي هي تتحدث دمعا وهوا يستمع لها عن قرب
دخلت مكتبنا وبدأت بجمع أغراضي وقفت شروق وقالت " ما بك يا ليان ماذا حدث "
قلت ببكاء وأنا أجمع الأغراض في الحقيبة
" سأترك هذه الشركة ومن فيها فليهنأ الأستاذ أديم بحياته بعد خروجي من شركته يكفيه مننا عليا
بأفضاله , الشارع ارحم لي من مذلتي بسببه ولم يكتفي بذلك بل أعطى المدير الفرصة لإهانتي "
اقتربت مني وأمسكت بذراعي وقالت بحدة " هل طلبتي منه الاستقالة من العمل يا ليان هل جننتي "
قلت بألم " أجل وقال أنه طلب مرفوض ولو بيده لكان قبله هم لا يتصدقون علي حتى بمستحقاتي
وشهادة تساعدني للعمل بمكان آخر "
قالت شروق وهي تشد ذراعي " توقفي عن الجنون يا ليان ولا تنسي ما أنتي فيه "
قلت ببكاء " للجحيم هم وشركتهم لقد كنت على قيد الحياة قبل أن أدخلها ولم يقتلني الجوع الله وحده
من يرزق عباده بلا دل ولا مهانة ولا يمن حتى رغم أنه الأحق بذلك "
هممت بالخروج حين استوقفني جسد وسيم الذي ملأ الباب وفي يده دفتره ومكتوب فيه
( لماذا أنتي مغادرة ولما تبكي )
ابتسمت بحزن وقلت " أنت أحق منهم ومن ألسنتهم لأن تكون مالكا لهذه الشركة "
ثم تجاوزته وعبرت الباب خارجة من المكان برمته وتوجهت لمنزلي سيرا على الأقدام رغم بعد
المسافة ولا يخيم فوق راسي إلا الحزن والدموع لا تفارق أجفاني حتى وصلت دخلت المنزل استحممت
وغيرت ثيابي ونمت من شدة التعب والإنهاك


















ميس














بقيت سجينة الغرفة لأيام وأيام أسمع صوت الباب وخطواته يدخل لبعض الوقت ثم يغادر
وها هوا اليوم أطال البقاء على غير عادته يبدوا أنه نام , لما لا يتركني وشأني لا أفهم فلا يأخذني
لتلك العائلة المبجلة ولا يدعني أذهب في حال سبيلي يسجنني هنا ويتفقدني كل حين سمعت خطواته
تقترب من الحجرة شيئا فشيئا ثم طرق الباب فلم أجب طرق ثانيتا وبقوة أكبر وقال
" ميس أفتحي الباب لما تسجني نفسك "
قلت بغيض " لا أريد أن أفتحه أتركني وشأني "
تنهد وقال " لن تضري إلا نفسك يا ميس "
قلت بغضب " لا شأن لك بي ولن أفتح ولن أخرج وسأموت هنا جوعا "
قال بهدوء " ميس لما تفعلي كل هذا "
قلت بحزن " أتركني وشأني لا أريدكم أتفهم "
سكت قليلا ثم قال " ولكننا نريدك "
قلت بصراخ " كاااااذب "
قال بهدوء " لست كاذبا "
قلت بضيق " وإن يكن ذلك فلا يهمني ولا أريدكم "
قال بضيق " ميس "
قلت بأسى " لا تقل ميس لا تنادني باسمي أكرهك وأكرههم "
قال بحدة " ولماذا تكرهين الجميع هل تعرفت إليهم هل تعلمين إن كان يهمهم أمرك "
قلت بغضب " الأمر واضح جدا فأنتم لم تريدونا يوما ولم تسألوا عنا لا أعرف كم لي عم وعمة لي
جد وجدة أم لا , أي عائلة أنتم لم نعرفكم وقت الشدة وقت الحاجة ويوم أن أرسلوا في طلبي كانت
مجرد كذبة ومسرحية لتثبت لي أكثر أنكم بلا مشاعر ولا قلوب "
قال بحدة " ليس صحيحا لقد بحث والدي عنكم كثيرا لقد كان على اتصال دائم بعمي نبيل حتى دخل
الـ ..... "
بثر كلمته ثم تابع " ومنذ ذلك وهوا يبحث عنه ودون جدوى وبعد وفاته بحث عن عائلته ليعلم إن كان
له أبناء لقد أخبرني بذلك بنفسه ولم يمنعه عنكم إلا الموت فكلفني بالمهمة "
ضحكت بسخرية وقلت " هل كلفك باختطافي ورميي في مستودع مع شابان لا خلق ولا دين لهما
هل كلفك أن تتهمني في شرفي وتخترع الطرق لاكتشاف الحقيقة هل كلفك أن تأخذني رهينة و.... "
قاطعني باستياء " يكفي يا ميس يكفي فأنت لا تفهمين شيئا "
قلت بأسى " لا ليس يكفي فلما ترفض سماع الحقيقة لما تسجنني هنا أتركني وشأني "
سكت كلينا لبعض الوقت ثم قال بهدوء " ميس "
قلت بضيق " ماذا تريد "
تنهد وقال " افتحي الباب دعينا نتحدث "
قلت بهدوء " لقد تحدثنا وانتهى أعدني لوالدتي أرجوك عليا أن أكون بقربها "
قال بهدوء مماثل " والدتك بخير أنا أطمئن عليها يوميا وبنفسي "
قلت بأمر " أريد التكلم معها "
قال " موافق إن خرجتي وتناولتي الطعام تركتك تتكلمي معها كيف شئتي "
فتحت الباب بهدوء وخرجت
















صهيب








ما أعند هذه الفتاة إنها تسجن نفسها منذ أيام دون طعام وكلما دخلت المنزل تفقدت الحمام إن كانت
أرضيته مبللة أو جافة لأتأكد أنها تخرج من الغرفة وأنها لازالت على قيد الحياة قررت اليوم
التحدث معها وإقناعها بالخروج ولو كسرت الباب عليها ولم يزد الحديث الأمر إلا سوءا فما كان
أمامي إلا أن أستغل مسألة والدتها فهي الشخص الوحيد الذي تهتم لأمره ففتحت الباب أخيرا وخرجت
منه ببطء تلك العينين الزرقاء الواسعة والملامح الغربية الطفولية يبدوا أنني , آه لقد اكتشفت الآن السر
أنا كنت أفتقد وجودها الأيام الماضية
وقفت مستاءة وقالت " هيا أعطني الهاتف لأكلمها "
قلت بابتسامة " ليس قبل أن تأكلي "
تنهدت بضيق وقالت " لا رغبة لي بالطعام "
قلت بهدوء " إذا لن تتحدثي معها "
تأففت وقالت " حسننا لنرى نهاية هذا الأمر "
جلبت كيس الطعام وضعته على الطاولة وقلت " كليه كله "
وضعت يديها في وسط جسدها وقالت " ماذا كله ,هل تريدني أن أموت أم تضنني عملاقة مثلك "
ضحكت كثيرا ثم قلت " هل هذا رأيك بي هل تريني عملاقا "
قالت بحدة " نعم عملاق وشعرك ليس جميلا ولحيتك غريبة الشكل وثيابك لا تمد للأناقة بصلة "
ضحكت أكثر وقلت " حقا أنا ابدوا هكذا ظننت أنني وسيما وأعجب الفتيات "
ابتسمت بسخرية وقالت " إنهن يخدعنك ليأخذن نقودك فقط "
تم توجهت للطاولة أكلت القليل وقالت " ها قد أكلت اتصل لي بوالدتي فورا "
جلست مقابلا لها وقلت " قليلا بعد "
تأففت وعادت للأكل ببطء وعيناي كانت ترصد كل حركة من حركاتها رفعت عيناها ونظرت لي وقالت
" ألم ترى شخصا يأكل من قبل "
قلت بابتسامة " بلى "
قالت بضيق " إذا لما تنظر إلي "
قلت بهدوء " لا أعلم أخبريني أنتي لما "
قالت بضيق " لأنك ابن العائلة المبجلة التي لا أستغرب منها شيئا "
قلت " هل ترينا سيئين لهذه الدرجة "
قالت بحزن وعينها على الكيس " هذا لأنك لا تعرف ما أشعر به فأنت لم تجربه "
لذت بالصمت فالكلام في الأمر لن يجدي نفعا وعدت للنظر إليها بتمعن لا أعلم لما لا أستطيع
السيطرة على عيناي ولا منعهما من ذلك
نظرت لي بضيق وقالت " لقد انتهيت فهل انتهيت أنت "
قلت بحيرة " انتهيت مما "
قالت بحدة " من النظر لي بشفقة أو بسخرية أنت الأعلم "
ابتسمت وقلت " لما لا تظني بي ظننا حسنا أبدا "
نظرت لي بحيرة وكأنها تحاول تفسير كلماتي فأخرجت هاتفي واتصلت بوالدتها وشغلت مكبر الصوت
ووضعته على الطاولة فجاء صوت والدتها قائلة " مرحبا يا صهيب كيف حالك بني "
نظرت لي ميس بغضب ثم قالت مخاطبة والدتها " هذه أنا يا أمي "
أجابتها بحب " مرحبا بنيتي كيف حالك يا ميس لما تقاطعينني هكذا ما كل هذا الغياب الطويل "
نزلت دمعتان من عيني ميس وقالت بعبرة " لقد اشتقت لك أمي كل ما أريده هوا النوم في حضنك الآن "
وتتابع سيل الدموع التي أراها للمرة الأولى تنزل من عينيها رغم كل ما مرت به , لقد علمت الآن ما يعنيه
بحر حين كان يقول دموعها شيء لا يمكنني تحمله أعانك الله على ما أصابك يا أخي
آه توقف عن هذا يا صهيب هل جننت أتريد أن تنتهي لما انتهى له بحر وزبير وزد عليه أنها تكرهك بشدة
بعد أن أنهت مكالمتها أخذت الهاتف وأعدته لجيبي فنظرت لي وقالت " متى ستفرج عني "
قلت بهدوء " ليس بعد "
قالت بضيق " ومتى إذا ما الذي تريده مني يا صهيب "
أخيرا عادت لذكر اسمي من جديد نظرت لها بابتسامة فقالت بضيق
" هل قلت شيئا يدعوا للسعادة "
قلت بهدوء " نعم "
قالت بضيق أكبر " وما هوا هذا لعلي أسعد معك "
قلت بابتسامة " شيء لن تفهميه ولن يسعدك أبدا "
وقفت مستاءة ودخلت الغرفة وأغلقت الباب ثم فتحته وقالت بغضب " أين المفتاح هل أخذته "
وقفت وقلت مغادرا " نعم أخذتهم جميعا كي لا تعودي لفعلتك "
ثم خرجت من المنزل قاصدا السفر للعاصمة بعد أن تناولت ميس الطعام لا أريد تركها هنا لوحدها
ولكني مطر لذلك ولن أتأخر













رنيم






يبدوا أنه لا أسلوب للتعامل معك يا غيث سوى الند بالند إذا تتعمد إغاظتي ويسعدك ذلك سنرى
جلسنا على الغداء وكنت هادئة تماما كعادتي حين قالت خالتي موجهة حديثها لغيث
" متى قال لك صهيب أنه قادم "
أجاب بعد برهة " عند صباح الغد وسيغادر ذات اليوم "
تنهدت خالتي وقالت " هذا الفتى سيصيبني بالجنون "
ضحك زبير وقال " كم واحدا منا سيصيبك بالجنون ولم تُجني حتى الآن يا أمي "
نظرت له خالتي بضيق وقالت " يبدوا لي مزاجك قد تحسن كثيرا هذه الأيام "
قال بلا مبالاة " لأني اكتشفت أني أخسر نفسي من أجل شيء لن تغيره إلا قدرة الله "
ثم ابتسم وقال "عليا أن لا أدفن نفسي في مقبرة الماضي وأتفرج على المسافرين للمستقبل "
نظرنا جميعا له بحيرة من تبدل حاله فرغم مرحه الدائم إلا أن كلماته كانت لا تخلو من اليأس والإحباط
, ترى هل تحسنت الأمور بينه وبين حور نظرت لها بتساؤل فرفعت كتفيها علامة عدم الفهم فقال غيث
" قد يكون الماضي بمقابره أجمل من الحاضر أو حتى المستقبل الذي سيكون محرقة وليس مقبرة "
نظرت له ببرود قاتل وعدت لتناول الطعام وبعد أن انتهى الجميع من الأكل قامت خالتي وحور بتنظيف
طاولة الطعام وتوجهت أنا للمطبخ ولحق بي السيد غيث طبعا فهوا لم يبرد قلبه بإغاظتي اليوم وقف بجانبي
عند المغسل وقال " أسكبي لي فنجان قهوة "
فقلت ببرود " القهوة جاهزة بآلة تحضير القهوة وقهوتك لا تحتاج لسكر كنت وحدك تأخذها دائما فما الجديد "
قال بحدة " ولما تزوجتك هل لأتفرج عليك "
قلت بذات البرود " بل تنفيذا لوصية والدك "
تغيرت أنفاسه دليل الغضب ثم قال " لا أمر من قهوتي إلا حياتي التي دخلتها أنتي "
ثم خرج ولم أضف كلمة ولا نفس أعلم أنه سيحاول جعلي أدفع ثمن هذا ولكني لن أعطيه المجال
بعد أن انتهينا من أعمالنا جلست وحور نتبادل الأحاديث ونمضي الوقت فكلانا لا تنام بعد الظهيرة وكلانا
طبعا لا زوج لها يفتقدها عند هذا الوقت وأمضيت يومي كالعادة وعند المساء وبعد صراع طويل مع أعمال
المطبخ التي لا تنتهي صعدت لغرفتي وكما توقعتم زوجي العزيز هناك ولكن ما لم يكن هناك هي الأريكة
التي كنت أنام عليها أحسست بالأبخرة تتصاعد من رأسي , ما يريده هذا المتوحش مني ولكني تمالكت
نفسي فلن أعطيه الفرصة للعب بأعصابي توجهت للغرفة فوجدته مضجعا على السرير ومتكأ على
يده ومستيقظ طبعا ليشاهد نتائج انتصاره ابتسمت له ابتسامة باردة وقلت
" هل أصبحت الأرائك تهرب منك أيضا "
قال ببرود " يبدوا ذلك فما افعل في نفسي فالكل يكرهني ويهرب مني حتى زوجتي "
ابتسمت بسخرية وتوجهت للخزانة أخذت ثيابي وخرجت فاستوقفني صوته قائلا " إلى أين "
قلت ببرود " لجناح الضيوف "
قال بحدة " وماذا ستقولين لوالدتي "
قلت " سأطلب منها أن تسألك وقل لها ما يعجبك "
نهض من السرير وتوجه ناحيتي وأمسكني من ذراعي وقال بمكر
" بل ستنامين هنا شئتي أم أبيتي "
نظرت لعينيه وقلت ببرود " لا تفعل شيء لست نده يا غيث كي لا تندم وتلقي باللوم علي فلا تلعب
لعبة لا تعلم نتائجها "
أمسك بذقني وقال بابتسامة جانبية " لما لا نجرب لعبها فقد تعجبنا "
ابتسمت بسخرية وقلت " قد لا يعجبك اللعب مع الخائنات "
قرب وجهي من وجهه وقال " ما رأيك بواحدة رائعة كتلك "
قلت بسخرية " بل لما لا تكون أروع "
قبلني بقوة فلم أقاومه ولم أتفاعل معه في ذلك ثم أفلتني فقلت ببرود
" لم أكن أعلم أن القبلات الكريهة مثلي أصبحت رائعة لما لا تجرب مرة أخرى أم أنك لا تملك
الشجاعة أو ليس لديك الــ ........ "
نظر لي بغضب ويبدوا أن ردة فعلي قد فاجأته فأمسكني ورمى بي على السرير قبل أن انهي كلامي
وتبتني عليه وبدأ بخلع قميصه وهوا يردد بغيض "ستري من الخاسر يا رنيم "
صرخت به قائلة " ابتعد عني يا غيث ماذا ستفعل هل جننت "
أمسكني من كتفاي وقال بغيض " لن أكون غيث لو لم أدفعك ثمن ما قلتي "
حاولت الخلاص منه حاولت الصراخ فكتم صراخي أعماه غضبه واخسرني تحديا له وعنادي
ما تبقى لدي وانتهى كل شيء
















غيث










سحقا لها من فتاة ما الذي فعلته يا غيث كله بسببها وبسبب برودها لقد قمتَ بكسر الحاجز الذي كان بيننا
ودمرت كل شيء كنت جالسا على طرف السرير معطيا إياها ظهري ومطأطأ برأسي للأسفل وصوت
بكائها لا يتوقف عن الوصول فصرخت بغيض " توقفي عن البكاء "
قالت بألم " لا شأن لك بي ماذا تريد مني بعد , لديك جناحك ولن أضايقك فيه "
وقفت ونظرت إليها وهي جالسة على السرير تحضن ساقيها وقلت بغضب
" أنتي السبب فقد حذرتك مرارا من استفزازي يا رنيم "
قالت ببكاء " أخبرتك منذ البداية أن لا تلقي باللوم علي وأن نتائج لعبتك لن ترضيك ثم ما يزعجك
في الأمر وأنا وحدي الخاسرة "
قلت بحدة " ما هذا الذي تقولينه نحن متزوجان وأنا لم أغتصبك لتقولي ذلك "
قالت بغيض " وأي متزوجان نحن قل لي أي متزوجان هؤلاء المعلق زواجهما حتى وقت قد يكون قريبا "
ابتسمت بسخرية وقلت " لا تخافي فابن خالتك لن يرفضك لهذا "
قالت بصراخ " هل هذا كل ما تفكر فيه يالك من مريض يا غيث "
اقتربت منها أمسكتها من ذراعها وقلت " لا تتواقحي يا رنيم كي لا أكرر ما فعلته للتو "
قالت بألم " أفعل ما شئت فلم يعد هناك فرق "
فكنت هذه المرة عند تهديدي وكررت ما فعلته منذ قليل ولكن هذه المرة لم يكن الغضب الأعمى
هوا السبب بل شيء لا أفهم ما هوا ثم قلت مغادرا
" هذا ما سيحدث كلما حاولتي استفزازي "
غادرت الجناح ودخلت جناحي استحممت وارتميت على السرير بضيق فها قد ظهرت نتيجة عنادنا
كنت أود فقط إغاظتها وكانت تتعمد استفزازي وهذه هي النتيجة , يكفي هيا توقف يا غيث فأنتما
متزوجان ومن الطبيعي أن يحدث ذلك ومنذ شهور

























الجزء السابع عشر







ليان









ها قد عدت للصفر من جديد ولكن صفر هذه المرة يحمل في طياته العديد من المشكلات ما سأفعل
يا ترى , إن سلمتهم المنزل فسأبقى وعمي في الشارع خصوصا بعدما خسرت عملي , وما ادخرته من
مال لن يكفيني ولن أعود إلى هناك ولو أكلت العشب ونمت على الرصيف , لا حل لما أنا فيه فمشكلتي
مع أخوتي لا حل لها وشاهد ذاك الزواج منه أسوء من نومة الشارع ووحدي من سيدفع ثمنها لأني
سأصبح مطلقة مرمية بالشارع فبالتأكيد هوا على اتفاق معهما لأخذ المنزل يا إلهي لقد ضاقت ومنك الفرج
عليا أن أبدأ بالبحث عن عمل أي كان ومنذ الغد وسأعود لمهنتي الأساسية التي لن يمن علي أو يطردني
منها أحد وهي الأشغال اليدوية لتساعدني قليلا قبل أن أجد عملا , آه أتمنى أن تنام قرير العين مرتاح البال
الآن يا أديم باشا
وصلت المنزل مثقلة بالهموم وصفر اليدين ككل يوم فمنذ أيام وأنا ابحث عن عمل ودون جدوى والنقود
التي لدي بدأت بالنفاذ سيكون علينا العودة لحياة التقشف تلك من جديد وجدت عمي يقف في منتصف
البيت توجهت ناحيته وقلت بحنان
" عمي ما الذي يوقفك هنا الجو بارد وستمرض هيا تعالى معي للداخل "
قال بابتسامة " لقد جاء أحدهم وترك لك هذه الورقة كنت أود إعطائها لك عند عودتك "
قلت بحيرة " من هذا الذي جاء "
قال " لا أعلم من يكون يبدوا لي من الشركة ألم تكوني هناك "
تنهدت وأخذت منه الورقة وكانت بالفعل خطاب من الشركة لأعود لعملي ما بهم يتمسكون بي هكذا
ألم يشبعوا من إذلالي بعد , أمسكت يد عمي ودخلت به للداخل قائلة
" عمي لو جاء هذا مرة أخرى فلا تأخذ منه شيئا حسننا "
قال بعد صمت " ولما يا ابنتي هل من مكروه "
قلت بهدوء " لا تأخذ منهم شيئا أرجوك يا عمي وهيا ادخل لتدفأ وترتاح وسأعد لك الغداء حالا "
بعد أيام من البحث تحصلت ليس على عمل بل على وعد من زميلة لي أيام الدراسة للحصول على
عمل بمدرسة خاصة تقوم بالتدريس فيها وستتحدث مع مديرة المدرسة بشأن ذلك الأمر
الحمد لله يبدوا أنها قد تُفرج قريبا دخلت المنزل ككل مرة مثقلة بالتعب والهموم وتوجهت من فوري
لتفقد عمي ثم للمطبخ فتحت الخزانة الصغيرة الموجودة فيه وكانت شبه فارغة ارتديت معطفي وحجابي
وأخذت ما تبقى من نقود لأجلب شيئا يؤكل ولو من أجل عمي فأنا قد أتحمل الجوع لأيام خرجت أسير
ببطء وشعرت بحركة ما خلفي التفتت للوراء ولم أجد شيئا , منذ أيام وأنا اشعر بأحدهم يلاحقني لابد وأنه
شاهد وسينال مني ما يستحق عدت بخطوات سريعة للخلف ووقفت عند فتحة الشارع الفرعي فشهقت
بصدمة وقلت " وسيم ما الذي تفعله هنا "
حك مؤخرة شعره وهوا يبتسم بخجل نظرت له بحيرة فرفع يديه فارغتين أي أنه لا يملك دفترا ثم أمسك
بيدي وكتب بأصبعه في كفي كلمة لقد ثم كلمة أضعت ثم عنوان ثم منزلك
ابتسمت له وقلت " كم أنت شاب مهذب يا وسيم لو كنت غنيا ما كنت هكذا "
أمسكت بيده وكتبت له كلمة شكرا ثم كلمة لك , سحبت بعدها يداي بسرعة وشعرت بالخجل وقلت
" يا لي من حمقاء ما هذا الذي فعلته "
ثم نظرت له بابتسامة وأشرت له بيدي أن يأتي معي لمنزلنا ثم ضربت بيدي على جبهتي وقلت
" آه طعام عمي لقد نسيت كيف سأفهمه ذلك الآن "
أخرجت نقودا من جيبي وأشرت له بيدي جهة آخر الشارع حيث يوجد دكان صغير وأشرت
له بيدي ذهابا وعودة وقلت " أفهمني وسيم أرجوك "
ابتسم وهز برأسه موافقا ثم سحبني من يدي لأفهم أنه سيرافقني إلى هناك دخلنا الدكان فأخذ وسيم كيسا
وبدأ بجمع حاجيات متنوعة وكثيرة حتى كاد لا يبقي نوعا لم يأخذ منه ودفع الحساب من جيبه اعترضت
ولكنه لم يرضى إلا أن يدفع فقلت بهمس كي لا يسمعني صاحب الدكان
" أنا أساسا لا أملك ثمن كل هذا يالك من رحمة أرسلت إلي اليوم يا وسيم لو لم تكن أخرس ولا تعلم بحالي
ما كنت لآخذها منك "
التفت إلي ونظر بحيرة حتى أنني شككت أنه قد فهم ما قلت ثم ابتسم وأخذ الدفتر من صاحب الدكان
وكتب لي ( خدي أي شيء يلزمك يا ليان )
أشرت برأسي نفيا وقلت " يكفي هذا يا وسيم أنت لا تعلم أي خدمة أسديت إلي "
ثم غادرنا متوجهين للمنزل ولكن وسيم رفض الدخول وغادر بعد إيصالي حمدا لله الذي وضعك في
طريقي اليوم , دخلت المنزل أعددت غداء عمي ونمت مرتاحة البال ولو اليوم فقط






























أُديم











يبدوا أنني لن أتوقف عن التسبب بالمشاكل لهذه الفتاة أردت معاقبتها علي سلاطة لسانها فقط ولكي
تتوقف عن اهانتي ولم أتصور أنه سيتسبب لها بكل هذا , هل لعزة نفسها أن تخسرها عملها يا لها من
فتاة لقد مرت عدة أيام علي ترکها للعمل ولا يبدوا لي أنها تفكر في العودة طلبت من المدير إرسال
خطاب لها ولكن دون جدوى يبدوا أن کلامها ذاك لم يكن مجرد ساعة غضب
سألت شروق إن قامت ليان بزيارتها أو طلبت منها شيئا ولكن جوابها كان النفي كما توقعت
فتلك الفتاة عزيزة نفس ولن ترضي بذلك خطرت ببالي فكرة مجنونة ونفذتها علي الفور وبدأت
بمراقبتها وهي تجول الأماكن بحثا عن عمل وتأخذ مشغولاتها اليدوية للمحلات لعرضها
عليهم هل ترضي بكل هذا التعب علي أن تعود للشرکة غريب أمرها حقا , شعرت بخيبة أمل
حين اکتشفت أمري وأنني أراقبها أوقات خروجي من العمل ولكن يبدوا أن الأمر جاء بنتيجة
فقد کفرت عن البعض من ذنبي وساعدتها قليلا
ذهبت اليوم محاولا إقناعها بالعودة لعملها تقابلنا عند منتصف الشارع ويبدوا أنها كانت مغادرة
لمكان ما حاولت إقناعها أن تعود للشرکة ولكن دون نتيجة کتبت لها
( هل يعجبك أن تبقي هكذا )
كتبت لي ( هوا أشرف لي ألف مرة )
کتبت لها ( عودي وإن تم مضايقتك ثانيتا فارحلي )
أومأت برأسها رفضا يا لها من عنيدة هل تلتصق في الفقر هكذا , تنهدت بضيق ونظرت
لها فوجدتها تنظر بحدة لشخص ما يبدوا أنه خلفي التفتت فكان کما توقعت شاب علي ملامحه
الغضب هل هوا شقيقها الآخر يا تري
قالت ليان بحدة " ماذا تريد "
نظر لي من أعلي لأسفل ثم قال بابتسامة جانبية " أريد ما يريده هذا الشاب "
صرخت به ليان " لا شأن لك به و بي إنه يعمل معي بالشرکة کما أنه أخرس فهوا ليس من نوعك المتدني "
امسك ذراعها بغيظ وقال " أتدعين العفة وترفضي التحدث معي وتسمحي لهذا , أنا الأولي باللهو معي منه يا
رخيصة "
أمسكت بذراعها وسحبتها منه ونظرت له بغل وقبضت يدي الأخرى ولكمته بها حتى هوي أرضا وكنت سألقنه
درسا غير أن ليان منعتي فوقف وصرخ قائلا
" حسابي ليس معك يا ليان حسابي مع إخوتك "
صرخت به قائلة " لن أتزوج بك يا شاهد ولو قتلوني "
قال بابتسامة سخرية " ومن قال أني لازلت أريد زوجة من أمثالك رخيصة تصادق الرجال ولكن عليك دفع
ثمن کل مليم دفعته لأخوتك إرضاء لهم ليرضوا بي وأنا أعلم جيدا کيف آخذه منك فلينفعك أخرسك هذا "
ثم غادر غاضبا , وضعت ليان يدها على رأسها وقالت " وكأنه ينقصني مصائب ما الذي ينوي فعله بي "
تنهدت بضيق فأنا من يعلم جيدا ما ينوي كتبت لها ( أنا آسف كل مشاكلك بسببي )
ابتسمت بحزن وكتبت ( لا ليست بسببك فلست من حرض أخوتي ولست من طردني من عملي ولا
من تطاول بلسانه علي )
بل أنا السبب حتى هذه اللحظة أنا السبب , كتبت لها
( خذي حذرك منه يا ليان يبدوا لي رجلا سيئا ولا تفتحي باب بيتك لأي كان )
ابتسمت وقالت " ليث الجميع مثلك يا وسيم ما نفع ألسنتهم التي أنت أحق بها "
كتبت لي ( شكرا لاهتمامك وأعتذر عن كل ما سببته لك من مشكلات ) ثم غادرت بحزن
عليا إصلاح ما أفسدته , هي تراني نذير خير ولست سوى نذير شؤم حل بشؤمه عليها , عليا أن
أزور صديقي الوحيد هنا لمساعدتي يجب أن أحمي هذه الفتاة فلن يرتاح ضميري لو تسببت لها بأذى























بحر










وحدي بين الجميع من تحولت حياته لجحيم فلم أجد حلا لي سوى الهروب الدائم ومنذ أشهر وأنا
أتجنب البقاء رغم مرارة البعد فلم يعد بإمكاني احتمال رؤيتها وزبير يتبادلان الحديث والضحك ووحدي
من يبكي على مواجعه هناك , أبتعد وأبتعد لأعود متلهفا لرؤيتها رغما عني فيصفعانني بكف الواقع المرير
الذي أحاول تجاهله دائما , دخلت القصر بعد منتصف الليل كعادتي والكل نيام توجهت للمطبخ فاكتشفت
بأنه قد خانتني توقعاتي فوجدت حور هناك نظرت لي ونظرت لها في صمت موحش ونظراتنا تتحدث
بألم ولهفة وشوق لا بل بتعاسة وحرقة وخيبة أمل
بعد وقت طويل من لقاء العينين قلت بهدوء يشبه الهمس " خائنة "
امتلأت عينا حور بالدموع حينها وعلى الفور وكأنها كانت تنتظر الإشارة للخروج ثم ابتسمت بحزن وقالت
" نعم معك حق فأنا من رحلت وتركتك وأنا من لم تكلف نفسها عناء أخبارك أنها لن تعود لكي تتوقف عن
انتظاري بالسنين بل أنا من حكمت عليك بالموت حين علمتُ أنك ستكون لغيري ووقفت أتفرج "
ابتسمتُ بسخرية وقلت " لا داعي لأن تلقي بلومك علي لتبرئي نفسك قولي أنك سعيدة بحياتك مع غيري "
صرخت قائلة ببكاء " لا يلزمني أن أبرأ نفسي أمامك ولا لأشرح شيئا فلم تأتي أنت منذ سنين إلي لتشرح لي
سبب خذلانك لي , أرحمني من عذابي يا بحر يكفي معاملتك القاسية لي وكأنني السبب بكل شيء وهجرانك
للقصر لأنني فيه وكأني صرت وباء تخشى الاقتراب منه "
قلت بألم " لم أحتمل لا يمكنني احتمال رؤيتك تتبادلين الضحكات والأحاديث مع شقيقي , أنا بشر يا حور بشر
ولست جثة ميتة لا تشعر "
قالت ببكاء أكثر " وأنا ماذا حجر , أنا أيضا اشعر وأتعذب فلست وحدك من تعاني فتوقف عن لومي واتهامي
أعدك أنني لن أترك جناحي طوال فترة بقائك هنا ولكن توقف عن معاملتي بهذا الشكل "
ضغطت قبضة يداي بقوة وقلت بأسى " يكفي بكاء يا حور يكفي "
قالت بألم " لا ليس يكفي فليس لي إلا البكاء أبكي وحدي كل ليلة ولا أحد يمسح لي دموعي ويواسيني
لا أم لا أب ولا عائلة ولا أهل ولا حتى زوج , ليس لي إلا الجدران والأشباح والظلام وبعد كل هذا أكون
الخائنة , ما ذنبي إن تزوجني شقيقك إن زوجوني به الأموات ليرسلوا روحي معهم حيث ذهبوا وأعيش
بجسد وروح ميتة , يكفيني ما خسرت حتى الآن يا بحر أرجوك "
توجهت ناحيتها قربت ظهر أصابعي ومسحت دموعها ثم لففت يدي حول رأسها وشددتها لحظني بقوة
وشددت بقبضة يدي على ثيابها بكل قواي وكأني أعصر ألم السنين ووجع اليوم والأمس شددتها لصدري
بكل قوة وكأني أريد سجنها فيه لتموت شهقاتها هنا وتختفي ولا أسمعها , طوقتها بيدي الأخرى وقلت
بهمس متألم " أخبريني ما العمل يا حور ما العمل "
قالت بوجع " لماذا يحدث معي كل هذا لماذا أنا لست لك أنت ... لماذا "
قلت بحسرة " لأنني غبي ولا أستحقك ولأنني أبن جابر ولست ابن شامخ لأنه ليس لي إلا العذاب
والحرمان والألم "
ابتعدت عني وركضت مسرعة خارج المطبخ واختفت عن ناظري ككل مرة ولكنها تركت ما لم تتركه
في كل المرات تركت ألما في قلبي ونارا تشتعل وسط ضلوعي وعينان تسكب دموعا ليس لها غيرها
فخرجت من القصر أتعثر حتى بحبات الغبار ركبت سيارتي وغادرت إلى حيث قد لا أعود




















حور










خرجت مسرعة من ذاك المكان لا بل هربت من حضنه قبل أن أتهور وأطاوع رغبتي في أن ألف
يداي حول جسده وأشد من احتضانه أكثر من شده لي دخلت غرفتي وبكيت بصراخ وبألم بكيت ما ضاع
مني ولن يعود بكيت هروبي من حضنه وأنا أحوج البشر إليه سمعت طرقا على الباب وصوت زبير يناديني
فصرخت بألم " دعوني وحدي أتركوني وشأني "
وصلني صوته غاضبا " أفتحي الباب يا حور وإلا كسرته الآن "
وقفت وتوجهت جهة الباب وصرخت غاضبة
" أعيدوني من حيث جئتم بي أتركوني أعيش في سلام لماذا أحضرتموني إلى هنا لماذا "
ثم التصقت بالباب وقلت بأسى " أكرهك يا والدي أكرهك يا عمي شامخ أكرههم لقد دمروني "
قال زبير بهدوء " حور افتحي الباب أرجوك هيا "
فتحت الباب وشعرت بأنني أبتعد عن كل شيء أمسكت الباب بقوة ورأيت يده تمتد لي ثم ابتعد كل شيء
وأظلمت الصورة أمام عيني ولم أشعر بنفسي إلا على سريري ولم تكن تلك البداية فقد لازمت السرير من
جديد لعدة أيام ولم أعلم عن بحر إلا أنه تم إيقافه بمركز الشرطة ولم أستطع السؤال عن التفاصيل فلا
يحق لي ذلك ولا حجة لدي

























زبير







عادت أحوال حور الصحية للتدهور من جديد لقد أغمي عليها وهي طريحة الفراش من حينها بكائها
لم يكن طبيعيا قبلها , هذه الفتاة إما سوف تجن قريبا أو ستموت ليته بإمكاني خرق تلك الوصية
" مرحبا بالأخ العزيز "
وقفت ملتفتا للوراء حيث صاحب الصوت وصافحته بقوة قائلا
" مرحبا صهيب أين أنت يا رجل فلم نعد نراك "
قال مغادرا حيث مكتب والدي " جئت لبعض الوقت وسأغادر هل تأتي معي "
ضحكت وقلت وأنا أتبعة " وهل أفوت شيئا يعكر المزاج كهذا "
دخلنا الغرفة حيث كان جدي وأعمامي وغيث وها هي تكتمل بوجود صهيب والحرب ستكون
ضروسا بالتأكيد وما إن دخلنا حتى قال عمي عصام " ها قد شرفتنا برؤيتك أخيرا "
قال صهيب بابتسامة سخرية " حضوري من عدمه لن يغير في رأيي شيئا "
قال عمي عاصم " عليك إيقاف هذه المهزلة يا صهيب سندفع ثمن الفدية وينتهي الأمر "
جلس صهيب وقال ببرود " والشروط "
قال عمي جسار بغيض " أخبرنا أخوتك سابقا أنه لا حق لها لدينا فقد أخذ والدها حقه "
صرخ صهيب " والدها يسمى شقيقكم فالأولى بك أن تقول أخي والحق حقها أحببت أم كرهت وعمي
نبيل لم يأخذ شيئا وبراءته ستظهر وعليكم تدارك الأمر قبل فوات الأوان "
صرخ عمي جسار قائلا " أحترم أعمامك أو من هم أكبر منك إن كنت لا ترانا أعماما لو كان والدك
على قيد الحياة ما تركك تفعل هذا "
ضحك صهيب وقال " والدي , ومنذ متى أحببتموه وقدرتم قدره ليفعل ذلك "
قال حينها جدي بحدة " صهيب يكفي الآن هل ستدفع لهم الفدية أم لا "
قال صهيب ببرود " قبل الشروط ... لا "
وقف حينها جدي وقال " إذا ما من داعي لبقائي "
وخرج مغادرا ثم وقف عمي جسار قائلا
" ستندم يا صهيب وقت لن ينفعك الندم فأنت تلعب بسمعة الفتاة قبل سمعة العائلة "
ابتسم صهيب بسخرية وقال " لو مس سمعة الفتاة شيء فستكون زوجتي في اليوم التالي أي أنها لن
تخسر شيئا "
نظر له بصدمة كحال الجميع ثم قال " وبنات عمك وسمعة العائلة "
قال صهيب ببرود " فليفكر بهم والدهم لو كانوا يهمونه وفكروا بسمعتكم لو كانت تهمكم أما أنا فالفتاة
وحدها مسئوليتي "
صرخ عمي عاصم " هل ابنة الغرب والله وحده يعلم من تكون هي ابنة عمك ومسئوليتك وبناتي الشريفات
لا تهتم لأمرهم هل على هذا رباك والدك "
حينها ثار صهيب كالبركان وقال
" لو لم يهتم والدهم لأمرهم فللجحيم والفتاة أشرف وأنزه منك ومنهم "
رفع حينها يده فأمسكها صهيب وقال بغيض
" زمن الضرب والمهانة قد ولى يا عمي العزيز فلم نعد صغارا ولا تعتقد أن الأطفال ينسوا طفولتهم "
سحب عمي يده منه ثم قال
" إن كان شقيقك الأكبر يجلس كالجبل ولا يردعك فما من رادع لك ولكن لعلمك ستدفع الثمن غاليا يا صهيب "
ابتسم صهيب بسخرية وقال " ليس بيني وبينك مال لأختلسه وترميني في السجن "
خرج حينها كليهما فنظرت لغيث وقلت " غريب لما كل هذا الصمت "
قال غيث " وما الغريب فلو للفتاة حق فعليه أن يظهر فقد يكون عمي نبيل بريئا وسيكون لها حقها لدينا جميعا "
قلت بحدة " ولكن قد يؤذوا شقيقك ولن ينفع الندم حينها يا غيث "
خرج صهيب قائلا " هذه الزيارة قد انتهت فليس لها نفع على ما يبدوا ولوا غيروا رأيهم فليتصلوا بي "
تنهدت بضيق وقلت " كل ما أخشاه أن تتعقد الأمور أكثر "
نظر لي غيث وقال " هل ستتعقد أكثر من ذلك , أخبرني كيف هي زوجتك "
قلت ببرود " لازالت على حالها قد آخذها لبيت عمها لبعض الوقت ما أن تتحسن "
قال بحيرة " هل الأمور سيئة بينكما لهذا الحد "
قلت بهدوء " لا أعلم أنا لا أقسوا عليها كما ترى ولكن ثمة أمر يخصها هوا سبب ما هي فيه وأنت
تعلم كيف تزوجنا "
نظر لي مطولا بصمت ثم قال " هل تعني أنها كانت تريد شخصا "
قلت ببرود " لا أستبعد ذلك , أخبرني أنت ما هي أمورك مع رنيم "
قال ببرود " لا أعلم ما أقول "
نظرت له بحيرة وقلت " كنت دائما تعلم بما تجيب فما تغير الآن "
اكتفى بالصمت فلم أحب الضغط عليه أكثر فقلت مغادرا
" جرب أن تنظر للموضوع من جانب آخر فقد يكون مختلفا "
خرجت خارجا ورأيت ما لم تتمنى عيني رؤيته لا بل سمعت ما تمنيت أن أصم قبل سماعه
فقلت بصدمة " زمرد " فنظرت لي بضيق ثم غادرت
التفت لي صهيب وقال " جيد أنك جئت لإنقاذها مني لأني كنت سألكمها بعد قليل , يبدوا أن نظرة
والدتي لم تخب أبدا "
ثم انصرف وتركني واقفا كالتمثال











غيث















منذ تلك الليلة و رنيم تحول مزاجها لبراكين طوال الوقت , وكأن ما حدث كان ما فجر كل تلك البرودة
التي تسد فوهته وأصبحت متضايقة دائما ولكن الغريب أنني لم أكن مستمتعا بذلك وهذا ما لم أتوقعه
وصرت من يتعمد تجنب الاحتكاك بها كي لا نثير المشكلات بعد أن كان ما يجري هوا العكس وعدت
للنوم في جناحي بالطبع
لو فقط تتغير نظرتي للنساء لعل حياتي تتبدل ولكن كيف أنسى كل ذلك كيف إنه يعشش برأسي حتى
أنني كلما رأيت رنيم شاردة الذهن فكرت أنها تخونني بتفكيرها وكلما غابت قليلا أول ما أفكر فيه أنها
مع أحد ما
" غيث هل تأخذني للسوق "
كان هذا صوت أمي الذي عاد بي للواقع فقلت بهدوء " حسننا "
فأنا أعلم جيدا أن والدتي لا تذهب إلا لحاجة وليس للتسكع فقط ثم أضافت قائلة
" وأريد لرنيم أن تذهب معي "
نظرت لها باستغراب وقلت " هل طلبت هي ذلك "
قالت نافية " لا أنا من يريد ذلك "
قلت بضيق " لماذا إذا وأنتي تعلمي أني أمانع "
قالت بضيق " لأن الفتاة لم تخرج منذ شهور عديدة بل منذ تزوجتم هي بشر وتحتاج لأن تخرج
وتشتري ما يلزمها , لو أفهم فقط ما تنوي وشقيقك فعله باليتيمتين "
ثم تنهدت بحزن وقالت " ظن شامخ أنه يفعل خيرا بتزويجهما بكما ولكنه أخطئ خطأً كبيرا جدا "
قلت بضيق " هل ستكونين في صفهم علينا نحن أبناءك فحتى إن استثنيتني أنا فزبير ابنك "
قالت بحدة " لا فرق عندي بينك وبينه يا غيث أنت أبني وهوا أبني وزوجاتكم في مقام بناتي والظلم
لا يرضاه أحد "
قلت بنفاذ صبر " حسننا من أجلك هذه المرة فقط لكن لا تلوميني على ما قد يحدث "
تأففت ووقفت مغادرة فقلت " أنتظركما في السيارة فلا تتأخري "
جلست في السيارة أفكر بما قاله زبير( انظر للموضوع من جانب آخر فقد يكون مختلفا ) أعلم أنه
لا حل لذلك ولا أعرف لما ورطني والدي في هذا , بعد لحظات جاءت والدتي ركبت السيارة فقلت
" أين هي رنيم "
تنهدت وقالت " رفضت المجيء "
لقد فعلت خيرا وجنبتنا مشاكل نحن في غنى عنها انطلقت بالسيارة فنظرت لي والدتي وقالت
" غيث عليكما أن تجدا حلا لهذا يجب أن تغيرا من طريقة تفكيركم وإن كانت رنيم لا تزال صغيرة
فأنت شاب ناضج وتعلم أن ما يحدث بينكم لن يأتي بنتيجة "
قلت ببرود " أنا لم أطلب زوجة ولم أرد ذلك فلا يلمني أحد على هذا "
تنهدت وقالت " والنهاية "
قلت بهدوء " كلن في حال سبيله "
قالت بصدمة " تطلقها "
قلت بحدة " لكي أرتاح وترتاح هي , لأرحمها مني يا أمي فكلما استمرت معي كلما كانت
في جحيم أكبر "
قالت أمي بأسى " وما ذنبها هي يا غيث إنها ضحية مثلك "
قلت بغضب خرجت فيه عن السيطرة " إنهن خائنات كلهن هكذا ولا تستحق إلا هذا "
هزت رأسها بيأس وقالت " أخشى أن تندم وقت لن ينفع الندم "
ثم عدنا للصمت فلا حل لدي سواه حاليا
عند المساء صعدت رنيم فصعدت خلفها متوجهين لجناحينا وعندما وصلت جناحها ناديتها
" رنيم "
التفتت إليا في صمت فقلت ببرود " يمكنك النوم في جناحنا فما من داعي لتعيشي هناك "
أشاحت بوجهها عني وقالت " وما الذي تغير في الأمر "
قلت بهدوء " لم يتغير شيء ولكن قد يحدث ذلك مع الوقت "
نظرت لي وابتسمت بسخرية وقالت " ونظرتك لي كإحدى النساء "
قلت بعد صمت " قد تتغير أيضا ولكن ليس الآن "
قالت وهي تفتح باب جناحها وتدخل " إذا لا فائدة من شيء والخائنة ستبقى خائنة "
ثم أغلقت الباب بقوة تنهدت بضيق ودخلت جناحي , هي تعلم كما أعلم جيدا أن الأمر سيفشل وبعد الآن
عليها ألا تلقي باللوم علي





























الجزء الثامن عشر







ليان









بعد عدة أيام سمعت طرقا قويا على باب المنزل وقفت خلفه وقلت " من هناك "
فلم يجب أحد بل عاد للطرق من جديد ولكني بعد ما حدث لي مع شاهد لم أعد أفتح الباب فقلت
بصوت أعلى " أجب من أنت أو لن أفتح "
نظرت تحت الباب فكانت هناك أصابع تحشر ورقة من تحته فعرفت صاحبها أصابع بيضاء جدا ونظيفة
ومقصوصة الأظافر بعناية ونظيفة أيضا إنه وسيم بلا شك فتحت الورقة فكان فيها
( أنا وسيم إن كنتي في الداخل فافتحي لي )
فتحت الباب ونظرت له بابتسامة فقد أصبح هذا الشاب ندير خير بالنسبة لي أشار بأصبعه للبيت المجاور
للبيت المقابل لبيتنا ثم كتب لي في دفتره
( كنت ابحث عن منزل للإيجار منذ مدة وقد تحصلت على واحد هنا إن احتجت أي شيء فلا تترددي في طلبه )
ابتسمت وتنهدت براحة وقلت " هل أصبحت جارا لنا يا وسيم الحمد لله على الأقل سأشعر ببعض الأمان بقربك
وإن كنت لا تسمع ما قد يجري "
أخرج هاتفا محمولا صغيرا من جيبه ومده لي مع الدفتر المكتوب فيه
( خبئي هذا لديك فيه رقم هاتفي اتصلي عند الخطر سأرى الرقم وأحضر حالا عديني بذلك يا ليان )
ابتسمت وكتبت له ( أعدك يا وسيم أنت رحمة الله لي من السماء )
ثم مد لي بكيس كبير مليء بالخضار والفواكه فأومأت رافضة وقلت
" غير ممكن فأنا هيا ليان ولن أتغير ولن أقبل شيئا ولو مت جوعا "
كتب لي في الورقة ( سأغضب منك إن لم تأخذيها اعتبريها هدية من جار جديد لكم )
كتبت له ( ستكون هذه الأخيرة فهي ليست الأولى اتفقنا )
ابتسم وأومأ برأسه موافقا أخذت الكيس وشكرته دعوته للدخول ولكنه رفض
سأتصرف فيها ولكن لن آكلها لا أستطيع قبولها ولا أريد رده





















أديم











بعد يومين تحصلت على منزل هوا الأقرب لمنزلها واشتريت لها جهاز هاتف محمول متواضع لأكون
على دراية بما يجري معها , هذه الفتاة ترفض حتى أخذ الحاجيات مني رغم عوزها وقلة مالها فسترفض
أي مساعدة بالتأكيد كنت أتجول طوال الليل في أوقات متفرقة لأراقب منزلها كي لا ينفذ ذلك الحقير
تهديده فقد لاحظت وجوده هنا ليلة الأمس , لم أتوقع أن أصير لما صرت إليه وينتهي بي الأمر بالسكن
هنا رغم أني لا أكون هنا إلا عند المساء حتى الفجر ولكن لم أتخيل يوما هذا , ترى ما تحمله لي الأيام
القادمة من مفاجئات أخرى
عند المساء ذهبت للمنزل دخلت وما إن وصلت للداخل حتى طرق أحدهم الباب توجهت ناحيته
وفتحت وكانت ليان وعمها مدت لي يديها التي تحمل بهما طبقا من الطعام يبدوا أنها أعدته من الخضار
والأرز الذي أحضرتهم لها تلك المرة منذ أيام وأصرت على أن تكون الأخيرة دخلت وجلبت الدفتر وكتبت
( لن أقبلها ما لم تقبلي مساعدتي لك )
ناولتني الطبق وأخذت الدفتر وكتبت ( إنها منك على أي حال سأطهو لك العشاء دائما وسأغسل لك ثيابك
أيضا فقط أعطها لي لقد تحصلت على عمل بسيط فلا تقلق )
كتبت لها ( إن قبلتي حاجياتي أقبل طعامك لنعتبرها تبادل خدمات )
ابتسمت وأومأت برأسها دعوتهما للدخول فرفضت , معها حق فيكفيها ما جاءها مني فقد هجم عليها
شقيقها وضربها بسبب ما قاله له شاهد ولازالت أثار الضرب على وجهها حتى الآن
بعد عدة أيام رن هاتفي فنظرت بصدمة لاسم ليان الظاهر على الشاشة نظرت للساعة فكانت الثانية بعد
منتصف الليل قفزت من السرير واقفا فتحت الخط رغم أنني لن أتحدث ولن تكلمني وخرجت مسرعا
سمعت صوتها تسحب عمها قائلة
" بسرعة يا عمي هيا فقد يكون وسيم نائما ولا يرى اتصالي فهوا لن يسمعه , بسرعة قبل أن يقفز إلى هنا "
ركضت كالمجنون وكنت سأتهور وأصرخ بها سائلا عما يجري لولا أنني رأيت باب بيتها يفتح وما أن رأتني
حتى ابتسمت وركضت ناحيتي وأمسكت يدي قائلة " حمدا لله ظننتك لن تأتي "
لم يكن لدي وقت ولا ورقة لتكتب لي ولأفهم فقد علمت أنه ثمة من يحاول القفز لمنزلها دخلت راكضا
للداخل فوجدت ذلك الحقير شاهد يقفز من السور الخلفي للمنزل سحبته للأسفل وأوسعته ضربا حد الموت
ثم سحبته للخارج ورميت به تحت قدمي ليان المصدومة ثم توجهت لمنزلي جلبت الدفتر والقلم وكتبت لها
كلمتان وأريتها لها ففتحت فمها من شدة الصدمة لما قرأت















جود











( تسير الحياة وتدور عجلة الأيام ولا شيء يتغير سوى أعمارنا وأحياننا أقدارنا , أشياء قد تكون لغيرك
لتتحول إليك وأشياء تكون لك وتراها تهرب لغيرك أمام عينيك وأشياء لم تعد لك ولا تذهب لسواك هي
فقط تسافر مع أمنيات الذين ودعوها بالدموع لأنها لن تتحقق ولن تعود )
أغلقتُ الدفتر وتنهدت بحيرة رن هاتفي فنظرت إليه دون أن امسكه فكان أسم ’ الرجل الكئيب ’ ابتسمت
بعفوية هذا الرجل أصبح جزء من يومي تقريبا قلت بابتسامة " لننظر ما الجديد "
فتحت الخط ففاجئني صوته اليوم كئيبا على غير عادته منذ فترة , فقد بدأت نفسيته تتحسن كثيرا حتى أني
فكرت أن أغير اسمه تنهد بحزن وقال
" لم تعلمي ما حدث معي اليوم بالتأكيد "
كدت أضحك في الهاتف فكيف سأعلم لو لم يخبرني , ثم تنهد من جديد وقال بحزن
" إنها الفتاة التي كنت أحب "
هل تزوجت يا ترى ذلك أفضل إنها لا تستحقه , تابع بعد صمت بذات الحزن
" لقد رأيتها تقف مع أخي بل توقفه هل تعلمي ما تقول له أنا أفهم ما تعنيه بكلماتها جيدا إنها تحاول
استمالته لقد كانت تحاول إيقاعه بشباكها "
ثم تابع بضيق " كيف كنت أحبها طوال تلك السنين ومنذ طفولتي وهي تخدعني وتراني مجرد
فرصة , هي لم تحبني هي كانت تراني أحد أبناء هذه العائلة فقط لا غير هل رأيت كل هذه التعاسة
سمني الرجل التعيس منذ اليوم "
خرجت مني الكلمات مندفعة دون شعور " ولما ذلك كنت سأغير اسمك ولكن ليس لتعيس إنها لا
تستحقك يا هذا لا تستحق منك أن تهدر اتجاهها كل تلك المشاعر انظر إليها كيف تُغير أهدافها لما يتماشى
مع رغباتها فغير أنت من حياتك لما فيه تطوير رغباتك واطمح لها لتتغير حياتك "
ثم وضعت يدي على فمي بصدمة , هل جننت أنا أم ماذا ما إن ذكر تلك الحمقاء التي أضاع عمره من
أجلها حتى طارت الكلمات من جوفي , لاذ بالصمت ولم أعد استمع إلا لأنفاسه وأنا لازلت تحت تأثير
الصدمة وما هي إلا أجزاء من الثانية حتى سمعت صرخة أمي فصرخت بدوري والهاتف بيدي
" أميييييييييييي "
ورميت الهاتف وركضت كالمجنونة وجدتها مرمية على الأرض وكما توقعتم تماما والدي خارج
من المنزل ركضت للأسفل بسرعة فصرختها لم تكن طبيعية توجهت ناحيتها أمسكتها بين يداي فكانت
غائبة عن الوعي تماما هززتها مرارا ولم تستجب دخل حينها بحر وكان وجهه تعيسا ويبدوا عليه التعب
والضيق والحزن وحتى الإحباط كلها معا صرخت قائلة
" أمي يا بحر لقد قتلها إنها لا تتحرك "
خرج خلفه صارخا " سأريك يا جابر ستدفع ثمن كل تلك السنين "
ركضت اتجاهه لأمنعه فهوا على غير وعيه وعادته الهادئة ولكني لم أدركه عدت لوالدتي وقمت
بإسعافها واستفاقت أخيرا نقلتها لحجرتها وجلست بجانبها أبكي حياتي وحياتها وبحر الذي منذ خرج قبل
ساعتين لم يعد , صعدت لغرفتي لأتصل به فوجدت عدد خيالي من المكالمات وكلها من ’ الرجل الكئيب ’
ورسالة كتب فيها ( ماذا حدث معك يا صديقتي لقد شغلتني )
تجاهلته وحاولت الاتصال مرارا ببحر ولكنه لم يجب ثم عاود ذاك الشاب الاتصال من جديد ترددت كثيرا
ثم فتحت الخط فجاءني صوته مباشرة " أين أنتي لما لا تجيبي ما حدث لوالدتك هل أنتم بخير "
قلت ببكاء " لا لسنا بخير "
ثم أغلقت الخط ونزلت للأسفل مسرعة لسماعي جرس الباب فكان جارنا يخبرني أن أخي بحر موقوف بمركز
الشرطة لتشاجره مع أحد رفاق والدي بل أحد شلته الفاسدة


























ميس















بعد أيام عاد المسمى ابن عمي جالبا معه كيس من الطعام بل أكياس من الأطعمة
قلت بحدة " ما كل هذا الطعام هل ستقيم حفلا "
قال بابتسامة " هل هكذا تستقبلين الضيوف عادتا "
قلت بضيق " عندما يكون هذا منزلي تكون أنت ضيفي ولو كان كذلك ما كنت استقبلتك فيه "
تجاهل ما قلت وقال بهدوء وهوا يضع الأكياس على الطاولة " هذا الطعام لك ولي أنا جائع ولم آكل شيئا "
قلت ببرود " كله أنت فأنا لا أريد تم هوا يوشك أن يكفيك وحدك "
ضحك وقال " أجل فالعملاق عليه تناول الكثير "
نظرت له بضيق وقلت " هل لي أن أعلم لما أنت مبسوط بما تفعل كل هذا الانبساط , أخرجني من هنا هيا "
قال وهوا يضع الطعام في الأطباق " تعالي وتناولي الطعام "
قلت بغيض أكبر " هلا شرحت لي ما يجري الآن "
قال بهدوء " أضع الطعام في الأطباق وأدعوك لتناوله "
صرخت وأنا أضرب بقدمي على الأرض وقلت " صهيييييب "
نظر لي في صمت نظرة لم أفهم مغزاها ثم قال بهدوء " نعم يا ميس "
قلت بهدوء مماثل " لما فعلت كل ذلك لما أحضرتني إلى هنا "
شتت نظره على الأطباق أمامه ثم قال " أخبرتك أن والدي كلفني بالمهمة "
قلت بضجر " ومتى ستنتهي "
نظر لي وقال " ليس بعد "
تنهدت بضيق وقلت " ولما تفعل كل هذا لما كلفك باختطافي "
سكت قليلا ثم قال " هوا لم يكلفني باختطافك "
قلت بحدة " وبما إذا "
تنهد وقال " تعالي تناولي الطعام وسنتحدث "
قلت بغيض " هل تراني طفلة تتحايل علي في كل مرة لآكل , ثم أنا لست زوجتك تفرش
الطاولة وأجلس أمامك نتبادل الأحاديث "
قال مبتسما " لو كنتي زوجتي لكنت علمت كيف أجعلك تأكلي "
قلت بغيظ " ما تعنيه بما تقول "
قال بضيق " أعني تعالي لتأكلي ولا تتعبيني معك أكثر يا ميس "
قلت ببرود " أنت من جلب لنفسه التعب أتركني أرحل وسترتاح "
نظر لي بحدة وقال بغضب " ميس أنتي لم تري وجهي الحقيقي بعد أنا أحاول جاهدا التعامل معك بلين "
قلت بصراخ غاضب " لا تصرخ بي هكذا "
قال بحدة " تعالي وتناولي طعامك "
قلت ببرود " وتخبرني لما أتيت بي إلى هنا "
تأفف وقال " تعالي كلي وسأخبرك "
قلت بضيق " لا تتأفف مني يا صهيب "
نظر للأسفل ثم نظر لي وابتسم فقلت وأنا أتوجه نحو الطاولة
" لو أعرف فقط ما الذي يجعل مزاجك يتغير فجأة "
وتابعت دون توقف وأنا أجلس " تكون غاضبا تم تبتسم دون سبب وتغضب دون سابق إنذار أنتم الرجال
غريبين حقا يا لكم من معقدين حتى أنكم .... "
رفعت بصري إليه فكان ينظر لي بابتسامة فقلت بضيق " هل لي أن أعلم سبب سعادتك بإغاظتي "
اكتفى بالصمت فنظرت للجانب الأخر بضيق ثم قلت " هل لي أن أعلم لما تضحك علي "
قال بهدوء " ميس هل لي بسؤال "
نظرت له باستغراب وصمت فقال " هل تكرهينني لأني ابن عمك أم لأني اختطفتك وتسببت بكل ما حدث "
قلت بحزن " كرهي لما فعلته بي لا يساوي شيئا أمام كرهي لكم لأنكم عائلة والدي "
بدت على وجهه ملامح غريبة لم أستطع تفسيرها ثم قال " حتى بعد ما قلته لك عن والدي "
ابتسمت بحزن وقلت " لم يمسح ذلك يوما بائسا من حياتي وسبق وقلت لك أنت لم تعش ما عشت فلن
تشعر بما أشعر "
قال بهدوء " ولأجل هذا أحضرتك إلى هنا يا ميس "
نظرت له باستغراب وقلت " لم أفهم "
تنهد وقال " لأن لديك حق وعليك أن تأخذيه "
قلت بهدوء " حق ...... أنا لا أريد منكم شيئا "
قال بضيق " أنا لا أخيرك أنا ..... "
قاطعته بحدة " تجبرني أليس كذلك "
ثم قلت بغضب ودموعي بدأت بالنزول " أنا لا أريد شيئا قد حرمتم منه والدي , والدي الذي أفنى عمره
يعمل في سكك الحديد , أين كان مالكم آن ذاك بل أين كان وأنا ووالدتي لا نجد عشاء ليلة , بل أين كنتم وأنا
أعمل في تنظيف النوادي الرياضية لأكمل دراستي وأجلب دواء والدتي وجئت أنت لتزيد الأمر سوءا وتدعي
أنك ترجع لي حقي أي حق هذا بالله عليك , وتسألني الآن لما أكرهكم ولما لا أريد منكم شيئا بل تغضب وتستاء
لما قلت لك "
وقف مبتعدا وموليا ظهره لي ثم مرر أصابعه في شعره الكثيف الناعم وكرر ذلك ثلاث مرات ثم التفت لي
وأنا أمسح دموعي وقال " حسننا توقفي عن البكاء يا ميس لن نتحدث مزيدا في الأمر الآن "
وقفت وغادرت المكان دخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفي









صهيب





يبدوا لي أن الأمور تزداد تعقيدا فأعمامي على موقفهم , وميس وآه من ميس لا تتناول الطعام إلا بالحيلة وتنفث
نيران غضبها كلها بي , خرجت من المنزل في حيرة من أمري ومن مشاعري لما أجد نفسي هادئا أمامها
وانتظر بلهفة أن تناديني باسمي وكم يسعدني ذلك , دموعها كانت كالحريق في صدري
لا تقلها يا صهيب لا تقل ذلك .... رفعت هاتفي واتصلت ببحر أجاب من فوره قائلا
" ماذا هناك هل بك مكروه "
قلت بابتسامة " وهل اتصل إلا لمكروه "
ضحك ضحكته الهادئة وقال
" لا ولكنك لا ترد على اتصالاتنا فأن تتصل بي بنفسك يعني مكروها قد حدث "
تنهدت وقلت بهدوء " بحر هل لي بسؤال "
قال بحيرة " سؤال عن ماذا "
قلت بذات الهدوء " ما الذي تشعر به حين تناديك حور باسمك "
ضحك ضحكة خفيفة وقال " هل وقعت يا شقيقي "
قلت بضيق " بحر لا تجعلني أندم لسؤالي لك "
قال بحزن " تشعر أنك لأول مرة تسمعه وكأنه ليس أسمك الذي يناديك به الجمع يبدوا مختلفا ورائعا "
ثم قلت " وبكاءها "
تابع بذات النبرة " إنها نار تحرق أحشائك يا صهيب وفكرة واحدة مجنونة تسيطر عليك حينها وهي أن
تضمها لصدرك بقوة وتخفي دموعها هناك "
تنهدت بضيق وقلت " إذا هوا الشعور ذاته "
قال باستغراب " عن أي شعور تتحدث ما قصتك يا صهيب "
قلت بهدوء " سنتحدث فيما بعد يا بحر وداعا الآن "
ركبت سيارتي وانطلقت لا أدري إلى أين , أيعقل أن تحبها يا صهيب لا لا لا قد تكون مجرد شفقة لحالها
أو .. أو ماذا يا صهيب ماذا هيا ابحث عن مبرر أخر يقنعك إنها تكرهك تكرهك حد الموت عليك أن لا
تنسى ذلك
بعد مرور أيام وقفت على محل لبيع المجلات وصعقت من الخبر الذي غزا كل الصحف الجديدة
المعلقة هناك
( اختطاف الفتاة ميس ابنة عائلة آل يعقوب المعروفة )
( تُختطف في ظروف غامضة ابنة عائلة آل يعقوب )
( ميس نبيل آل يعقوب مختطفة منذ أشهر والخاطفون مجهولون الهوية )
أمسكت الجريدة ونظرت لها عن قرب وكأني أريد تكذيب عيني ثم رميتها أرضا وبدأت بسحبهم
جميعا واحدة بعد الأخرى ورميهم على الأرض وأنا أدوسهم بغضب
" سحقا من فعل ذلك ... تبا لكم تبا "
حاول صاحب المحل إيقافي فرميت له نقوده وأخذت واحدة وركبت سيارتي وقدت كالمجنون
من فعل ذلك من , جهاد في السجن وحامد غادر البلاد ويستحيل أن يفعلها أخوتي لن يضروا بسمعة
الفتاة أنا أعرفهم جيدا و أعمامي ليس من مصلحتهم فعل ذلك , ضربت على يد المقود بقوة وأنا اردد
بغضب " تبا لك يا صهيب أنت لم تجلب لها إلا المتاعب لقد أفلحت حقا فيما أوصاك والدك "
توجهت إلى حيث سجنتها دون منفعة أو نتيجة دخلت وضربت الباب بكل قوتي فوجدتها واقفة عند
باب الغرفة تنظر لي في حيرة من ملامحي ثم قالت بهدوء " ما بك ماذا حدث "
تنهدت بضيق ورميت بالجريدة على الطاولة اقتربت وأمسكت بها نظرت لها مطولا ثم لي وقالت
" ما هذا الذي هنا "
قلت بغيض وأنا اضرب بقدمي على الكرسي " من فعل ذلك سحقا لهم "
قالت بحدة " ولما تصرخ بي ما ذنبي أنا أم أنك ستأخذني للطبيبة من جديد فلا حل لديك سواه "
صرخت بها قائلا " ميس لا تزيديني هما فوق همي هل تسمعي "
قالت بغضب " هذا حصاد أفعالك هل رأيت ما آلت إليه الأمور أخبرتك منذ البداية أن تدعني وشأني "
توجهت ناحيتها أمسكتها من ذراعها وقلت بغيض " ميس توقفي عن ذلك فأنت لم تعرفي غضبي بعد "
ثم ابتعدت عنها موليا ظهري لها تنفست بقوة عدة مرات وقلت بكل ما استطعت جلبه من هدوء
" سنتزوج في الغد "
شهقت بقوة ثم قالت " ماذا !!! بما تهدي أنت , هل تحل كل مشاكلك بمشاكل أكبر منها "
نظرت لها وقلت " هذا آخر ما لدي ولا نقاش في الأمر "
ثم خرجت تاركا إياها في صدمة عجزت معها عن الكلام , أعلم أن هذا الأمر لن توافقني عليه ولو قتلتها
ولكن أنا من أفسد الأمور وأنا من يصلحها , رفعت هاتفي واتصلت أولا بأم ميس ثم بغيث الذي أجاب من
فوره قائلا " هل من جديد يا سبب المشكلات "
قلت بضيق " الخبر وصل للجرائد إنه في كل مكان من فعل ذلك "
قال بضيق أكبر " نعم علمت واسأل نفسك قبل أن تسألني عن الفاعل أجلب الفتاة يا صهيب فقد انتهى كل شيء "
صرخت بغضب " كيف انتهى وحق الفتاة وعمي "
تنهد بضيق ثم قال بهدوء " أجلبها يا صهيب ثم نرى ما سنفعل "
قلت بحدة " ليس قبل أن أعقد عليها "
قال بصراخ مجنون " هل أصاب عقلك شيء لا تتهور يا صهيب "
قلت " تهورت في كل شيء فلأكمل ما بدأت به "
قال بذات النبرة " فلنعلم أولا ما حدث للفتاة ثم .... "
قلت بغضب " لم يحدث معها شيء واترك الموضوع لي "
قال بهدوء " صهيب هل الفتاة لديك أنت "
قلت بعد صمت " نعم "
قال بحدة " مجنون "
ثم أضاف " وهل توافق هي على ذلك "
قلت بهدوء " هي تكرهنا كرها جنونيا وبدون استثناء "
قال بحدة " وكيف ستتزوجها إذا "
قلت ببرود " رغما عنها لن أسمح للألسن أن تتقاذفها بسببي "
قال بحدة " وهل تراه حلا مناسبا ستدمر حياتك وحياتها "
قلت بعد صمت " ولكني أريدها زوجة لي "
صرخ بغضب " ولكنها لا تريد أليس كذلك فما ستجنيه غير التعب , ثم أين وليها هناك "
سحقا فآتتني هذه تنهدت بضيق ثم قلت
" غيث نحن قادمان في الغد وما قلته سأنفذه ولن أترك من فعل ذلك يهنأ به "
ثم أغلقت الخط ولم أترك له أي مجال للرد وضربت على المقود للمرة العاشرة وعدت لميس من جديد

























بحر











لقد كرهت بث همومي حتى للبحر وما عاد وجودي عند شاطئه يواسيني فقد أصبح يذكرني بحزني
وبألم السنين , فكل تلك الأوجاع التي كنت أرمي بها في حضنه أصبح يرمي بها في وجهي مع زحف
أمواجه , ولكن من لي غيرك يا بحر من لي يسمع ولا يعاتب أو يذكرني بالواقع المرير
لما تحدث معها لما زدت ألمي وألمها وها هي صريعة المرض والتعب بسببي يا بحر , كم أحببتها يا بحر
وخسرت نفسي وخسرتها يا بحر , أخبرني ما العمل فحتى هروبي من هناك ما زادني إلا حنينا وحزنا وألما
وما زادني إسكانها تلك اللحظات في حضني إلا احتراقا ضننا مني أني سأواسي جراحي وجراحها وضننا مني
أني بذلك سأعتذر لها عن كل ما فعلت بحقي وحقها لأجد نفسي أرمي بنفسي للهلاك
تنهدت ثم وقفت وغادرت محرقة همومي تاركا خلفي شيء مثله أنا وهوا مثلي يسمونه البحر , ركبت
سيارتي هاربا من مشاكلي لمشاكلي ومن همومي لهمومي لأجد من أنفس فيه غضبي وهوا والدي ذهبت
لحيت يجتمع ورفاقه كالمجنون وقد هاج فيني البحر الذي لم يعرف يوما إلا السكون لأجد أمامي سبب
ضياعه وضياعهم جميعا سبب هلاك كل تلك البيوت التي تعاني كبيت عائلتي فضربته حد الموت حد
الهلاك ونفست فيه عن غضب تلك السنين وكل هموم الماضي و أوجاع الحاضر المؤلمة كنت اركله بقدمي
وقد شل الشرب حركته وأصرخ بألم
" لو لم تكن موجودا لما ضاع والدي لما كنت ابن جابر الذي سقط في أعين الجميع والذي بسببه خسرت أثمن
ما لدي وأغلى ما تمنيت أن أملك ولما عانت عائلتي وحُرمت شقيقتي من أن تكون زوجة وأم ومن أن تنهي
دراستها كمن هم دون ذكاءها لو لم تكن موجودا لما كنت الآن أحترق وما كنت الآن أتعذب ويعاني شقيقاي
ووالدتهم "
كنت أرفعه وأرميه على الأرض حتى تجمعت الناس حولنا ووجدت نفسي في قسم الشرطة
لم أندم لحظة على ما فعلت ولو أعطوني فرصة أخرى لأوسعته ضربا من جديد , وصل المحامي عارف
بعد ساعات فأخبره الضابط بمختصر الحديث
" وكيلك المدعو بحر جابر هذا لا ينطق سوى بجملة واحدة ’ أنا من تهجم عليه ولست مخطئا أو نادما ’ ولا
يريد الإفصاح عن السبب "
ورغم كل المحاولات لم أزد على ما قلت حرفا واحدا فتم إيقافي عدة أيام ثم قام المحامي وإخوتي بإخراجي
ولم أعد من يومها للقصر كي لا أزيد همي وهم من لم أكن يوما إلا سببا لهمومها





























رنيم















لقد أمضيت بضعة أيام هنا عند والدتي مؤكد أنكم استغربتم الأمر , لا لم يطردني غيث ولم نتشاجر وتركت
القصر لقد جلبني إلى هنا بنفسه مؤكد تريدون معرفة التفاصيل
في الآونة الأخيرة أصبح الجو مشحونا جدا والتوتر يزداد ونفسيتي ساءت جدا بعد تلك الليلة وما حدث
فيها وبعد ما خلفته من مشكلات , كنت جالسة منذ أيام عند الشرفة المطلة على الحديقة في هدوء
حزين وصمت فكما أخبرتكم مزاجي أصبح كالبارود كل من اقترب مني انفجر فيه فتجنبت الحديث
مع الجميع حتى مع خالتي , سمعت صوت باب الجناح يفتح ثم توجهت تلك الخطوات الثقيلة التي أعلم
جيدا لمن تكون ووقفت خلفي
قلت بنبرة هادئة دون أن التفت إليه " إن كنت تريد تعكير مزاجي فهوا سيء للغاية من دون عناء فارحمني
أرجوك يا غيث "
تنهد بضيق ثم قال " رنيم هل لنا أن نتحدث "
قلت بهدوء حذر " لا شيء نتحدث عنه فلا تفتح مجالا للشجار "
قال ببرود " هل لي أن أعلم لما كل هذا المزاج السيئ ومنذ ذاك اليوم , رنيم أنتي زوجتي فلا تشعريني
أن ما فعلته جريمة بحقك "
خبأت وجهي تحت ذراعي وأنا متكئة بها على حافة الشرفة وقلت بحزن
" وهل هكذا يأخذ الزوج حقه هل بهذه الطريقة , لو طلبت ذلك ما كنت لأعترض فأنا أعي جيدا أنني
زوجتك وأن علي واجبات سوف أحاسب عليها ولكن ما دفعك يومها لما فعلت لم يكن حقا تطالب به بل
غضبا نفست عنه وحقدا جسدته في الواقع وانتقاما أردت به أن أخسر وقد قلت ذلك بنفسك وفعلت أيضا "
قال بحدة " ولكني لم أرد يوما أن تخسري أو أن انتقم منك لقد كانت كلمات في ساعة غضب "
قلت ببرود " والغاضبون أكثر من يقولون الحقيقة ولا شيء أصدق من كلمات الغضب يا غيث "
قال بضيق " لماذا لا تريدين فهمي إلا كما تحبين أنا لم أرد ذلك اقسم لك فأنتي مثلي حاصرتك وصية
لا مخرج منها "
قلت ببكاء ودموعي وجدت لها مسلكا تعبر منه " لا لست مثلك فلو كان بإمكاني الخلاص دون أن أؤدي
أحدا لذهبت ولو كلفني ذلك أن أنام في الشارع فهوا أفضل مئة مرة من الذل والمهانة التي رايتها منك حاولت
دائما أن أتجنب الشجار معك لتمضي الأيام بيننا بسلام حتى يجد كل منا سبيله ولكنك لم يكن يهنئ لك بال
حتى تغيظني وتتعمد إثارة غضبي والآن لم يعد ما تريد يعجبك أخبرني ما الذي تريده لأفعله يا غيث "
وضع يده على كتفي وقال " توقفي عن البكاء يا رنيم فلن يجدي هذا نفعا ولنتحدث بروية ونتفاهم "
استويت جالسة ومسحت دموعي وقلت " وبما سنتفاهم "
جلس مقابلا لي وقال " نتفاهم على حل ولو لبعض مشاكلنا "
نظرت له بصمت فتابع قائلا " عليك ترك هذا الجناح والنوم في جناحنا أينما أحببتِ بغرفتنا أو بإحدى
الغرف رغم أنني أرى انه ما من داعي لتبتعدي فقد حدث ما حدث وانتهى , وعلى كل واحد منا احترام
الآخر في كل شيء في كلماته وتصرفاته وكل شيء "
قلت بهدوء " والخروج والهاتف والشكوك كلها ما سيحل بها "
نظر للأسفل وقال " اعذريني فذلك خارج عن إرادتي "
تنهدت وقلت " ووالدتي إني أموت شوقا لرؤيتها خدني إليها ولو ليوم واحد وكن معي هناك "
قال بعد صمت " إن كان ذلك فقط فسنجد له حلا "
قلت بصوت هامس " إذا هي هدنة حتى حين "
قال وهوا يقف " نعم حتى تفصل الوصية بيننا أو نجد لنا رأيا آخر "
نظرت له باستغراب فخرج من فوره دون أن يضيف كلمة أخرى وفي مساء ذلك اليوم أخذت حاجياتي
وانتقلت لجناحنا الأصلي بعد ما فكرت في الأمر من كل جوانبه فكانت الهدنة هي الحل الأنسب لكلينا
وقفت في ردهة الجناح في حيرة أين سأنام عليا أن أقرر الآن وبعد تردد توجهت لغرفة النوم فتحت الباب
بهدوء كانت مظلمة تماما سوى من ضوء الابجورة الصغيرة عند الجهة الفارغة من السرير يبدوا أن غيث
تركها متعمدا لأعلم أن هذه الجهة من السرير ستكون الشاغرة في حال قررت النوم هنا فأنا أعرفه جيدا
منذ نام بغرفتي في السابق يحب النوم في الظلام الدامس توجهت ببطء إلى السرير ونمت عليه بهدوء
أطفئت النور ونمت سريعا "
مرت الأيام القليلة التي تليها بسلام كما اتفقنا كل واحد منا يحاول تجنب الآخر قدر الإمكان إلا للضرورة
وبكلمات مختصرة جدا وهدوء تام وجاهدت نفسي أن لا أتحدث معه ببرود كي لا أتسبب بمشكلة جديدة
واستمر الوضع ليلا بتسللي لغرفة النوم لأنام هناك بصمت وهدوء سوى من بعض الكلمات الجانبية
( أوقظيني عند الثامنة , أعطني منديلا لقد انسكب الماء من القارورة , اخفض التدفئة قليلا )
وغيرها من الكلمات المبتورة والنادرة جدا حتى تلك الليلة التي نمت فيها بهدوء كالعادة فشعرت
بيد غيث تتسلل ناحيتي ثم أمسك بذراعي وسحبني نحوه ببطء وصمت كنت أعلم أن هذا سيحدث
وليس لرجل أن يقاوم امرأة تنام معه على سرير واحد مهما كان ما بينهما لم أقاوم سحبه لي فأنا
من قلت ذلك الكلام في الشرفة ولن استطيع فعل النقيض الآن
ولم يقل غيث شيئا سوى أنه همس في أذني قائلا " لا نريد أبناء الآن حتى نرى ما سوف يؤل له الأمر "
لم أتلفظ بأي كلمة وانتهى الأمر في برود وصمت كما في الليالي التي تليها وبعد عدة أيام أخبرني
أنه سيأخذني لوالدتي لم اصدق ما سمعت أذناي سيأخذني لها وسيتركني لأيام معها ووحدي أيضا
لكني لم أظهر تلك الفرحة لأني أعلم إلى أين سيسافر به خياله وقلت بتصنع
" يوما واحدا يكفي لذلك سأعود معك "
قال معترضا " لا لن يكفي لأنك ستحتاجين لمدة طويلة لتزوريها ثانيتا "
قلت بهدوء " لا بأس كما تريد "
ثم صعدت لغرفتنا كالبرق وجهزت ثيابي وسافرنا ذلك اليوم بالطائرة طبعا , النقود تنفع أحيانا كثيرة فما
أسهل السفر الآن عن السيارة لقد كنا عائلة ميسورة الحال نوعا ما فقد ترك لنا والدي بعض الأملاك وزد
عليه الراتب الذي كان يصرفه لنا والدي شامخ
ولكن السفر مجيئا وذهابا سيكون مكلفا جدا بسبب اعتماد الدولة على السياحة والحدود قريبة بعض الشيء فكنا
نستقل السيارة , كانت الرحلة هادئة والصمت سيد المكان طبعا كعادتنا مؤخرا بعد وصولنا ركبنا السيارة
متجهين لمنزل والدتي الذي يكون في المدينة المجاورة وبعد صمت طويل تكلم غيث قائلا
" رنيم ليس علي إعادة ما سأقوله الآن "
قاطعته قائلة بهدوء " أجل أعلم أقسم أنني لن أخرج ولن أتحدث بهاتف والدتي ويمكنك أخذه معك إن أحببت "
قال بحدة " وابن خالتك لن تقابليه أبدا "
تنهدت وقلت " لم أفكر في فعل ذلك من أساسه , غيث اسمعني جيدا اقسم لك برب السموات أنه ليس
بيني وبين ابن خالتي ما تضن ولم نتحدث يوما لوحدنا أو حتى نجلس ولم أفكر يوما بالارتباط به لولا
ظروفي وإلحاح والدتي علي حتى أن والدي شامخ كان يرفض الفكرة في حياته "
نظر لي باستغراب وقال " والدي كان على علم بالأمر "
قلت وأنا أنظر ليداي " نعم وقد ألزم علي أن لا أوافق إلا على من يوافق هوا عليه ورحبت بالفكرة فقد
كان كل همي هي دراستي ولم أكن أفكر في الزواج لا من أدهم ولا غيره كانت كل أحلامي أن أتخرج وأعمل
وأبني مستقبلي وأنضج وتنضج أفكاري قبل أن أفكر في الارتباط بأحد ولكن الله أراد غير ذلك "
قال بهدوء " وبعد وفاة والدي ما كان رأيك "
قلت بعد صمت " لقد كان ثمة اتفاق بيني وبين والدك أن لا أتزوج إلا بعلمه وبمن أراد ولو بعد موته لم
أفهم شيئا من ذلك ولكن حين علمت بالوصية فهمت لما كان يرمي بكلامه لكنني لم أتوقع أن يحدد بمن
أتزوج كنت أتوقع أن يحررني من اتفاقنا فقط ولم يخطر ذلك ببالي يوما فهوا يعلم جيدا رفضي للزواج
قبل مرور سنوات "
تنهد بضيق ثم قال " إذا لا علاقة بينك وبين ابن خالتك "
قلت بعد صمت " لا ولا من أي نوع "
قال ببرود " ولكن الأمر مختلف بالنسبة له فلا تقابليه أبدا "
قلت بابتسامة " لو لم أكن أعلم مشاعرك اتجاهي لقلت أنك تغار علي "
ابتسم بسخرية وقال " وماذا إن كان كذلك "
قلت بعد ضحكة خفيفة " لن ارجع معك حينها أبدا لأنك لن تكون طبيعيا وثمة جن ما قد سكنك "
ضحك كثيرا وأنا أنظر له بصدمة واستغراب فلأول مرة يضحك لكلماتي ونحن وحدنا أيضا يا لا العجب
نظر لي وقال " لما تنظري لي هكذا "
قلت بابتسامة " يبدوا أن الجن قد بدأ بالاقتراب منك "
ضحك من جديد , جيد يبدوا الوقت مناسبا لتفجير القنبلة انتظرت حتى سكت ثم نظر إلي فقلت
" غيث أنا حامل "
نظر لي مطولا دون استيعاب ثم قال " ماذا "
نظرت جهة النافذة وقلت " أنا حامل "
تجنبت النظر إليه خوفا من ردة فعله ولكن الصمت كان هوا رده الأول ثم قال
" الم نتفق على غير ذلك كيف حدث الأمر هذا مستحيل "
نظرت له بصدمة وقلت " ما تعني بذلك هل تتهمني يا غيث "
قال بضيق " ومن قال أنني أتهمك لا تفهمي ما أقول كما تريدي أنا أعلم أن الكثيرات يحملن رغم
حرص الرجل ولكنني نبهتك لذلك كان عليك أن تجدي لك وسيلة ما "
قلت بضيق أكبر " ما حدث تلك الليلة هوا كان السبب هل لي أن أحتاط يومها اعذرني فأنت لم تعطني
إنذارا قبلها "
نظر لي بصمت ثم قال " منذ متى حملتي "
قلت ونظري للأسفل " منذ شهرين "
ضغط بيديه على المقود بقوة ولم يتحدث فقلت بهدوء حزين
" أعلم أنك لا تريد ذلك ولكن لا دخل لي بما حدث ولم اعلم إلا بعد شهر "
قال بحدة " ولما لم تخبريني "
قلت بعد تردد " لم أجد وقتا مناسبا وخشيت أن تغضب مني لا أعلم لقد كنت محتارة ومترددة "
تنهد وقال " ومن يعلم بذلك "
قلت " لا أحد غيرك "
قال بعد صمت ومن بين أسنانه " وكأنه تنقصني مشاكل "
أمسكت نفسي بصعوبة عن قول أي كلمة كي لا تكبر المشكلة , سيتركني الآن هنا ويعود حتى يهدا
ويستوعب الأمر قليلا
وصلنا حينها للمنزل فقال لي " سأعود لأسلم على والدتك بلغيها أسفي فلدي أمر مهم هنا "
قلت بهدوء " حسننا "
ثم قال كلمة جعلتني أقف مكاني وأنا أوشك على النزول حين وصلني صوته قائلا
" اعتني بنفسك "
ولكن كرامتي كانت مجروحة منه حد الألم فقلت " أعلم فلا تنقصك مشكلات "
ثم نزلت متوجهة من فوري لباب المنزل ولم أره حتى عندما جاء ليرى والدتي وها قد مرت عدة أيام
على وجودي هنا وهوا يتصل بوالدتي مرتين يوميا أعلم لما يفعل ذلك يدعي السؤال عني خشية أن تشك
والدتي بالأمر , كان سيأتي في الغد لإرجاعي ولكنه اتصل ليقول أن صهيب قادم في الغد وثمة أمور
ستمنعه من المجيء هوا يحمل هموم العائلة كلها لقد لاحظت ذلك كثيرا فهوا أشدهم عند الصعاب وأقواهم
عند الشدة لذلك أختاره والدي شامخ زوجا لي ليحميني كما يعتقد ولكنه حماني وأذاني أيضا
لم أخبر والدتي عن حملي إلا الأمس وقد فرحت بذلك كثيرا حتى حور سرها الخبر عند اتصالها بي اليوم
رغم أنها تعلم ما بيني وبين غيث الكل يبدوا لي مسرورا بذلك إلا من يعنيه الأمر
دخلت والدتي بعد بقائي لساعات مع همي وأفكاري لتخبرني أن غيث ينتظرني في الأسفل ويريد رؤيتي
فقلت بفزع " قال أنه لن يأتي ماذا هناك هل حدث لهم مكروه يا ترى "
قالت بحيرة " لا اعلم ولا يبدوا لي بمزاج جيد يبدوا غاضبا جدا "
نزلت وكلي حيرة وخوف من ما ينتظرني منه فأنا أعرف غضبه جيدا


 


قديم 02-23-17, 01:00 PM   #9
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء التاسع عشر










غيث












لا أعلم من أين تتقاذف عليا المشكلات لم أفكر للحظة أن يحدث ذلك ( حامل ) ولكني لن أتخلى عن ابني
ولن يكون سببا لربطنا بمصير مجهول لن يسعد كلينا سيكون معي ولو نمنا بالشارع لكن زوجة امرأة
هذا شيء لا يمكنني استحمال وجوده طويلا و لا ألايد أن تسيطر عليا الأفكار السوداء فرنيم لا تخرج
ولا رجال يأتون هنا
" غيث ألن تذهب لجلب رنيم "
قلت بهدوء " لا أعلم كنت سأجلبها عند الغد لولا صهيب ومشاكله التي لا تنتهي "
قالت بحنان " ولكن قد تتأزم بعض الأمور هل ستتركها هناك "
قلت ببرود " أفكر في الذهاب اليوم لا حل أمامي "
قالت " هل أخبرتها بذهابك "
قلت بذات البرود " لا لقد أخبرتها أنني سأؤجل رحلتي , على كلن لا يحتاج الأمر أخبارها "
قالت بحيرة " ما بك يا بني أراك شارد الذهن كثيرا "
ثم أضافت بابتسامة " يبدوا لي غياب رنيم لم يكن فكرة جيدة "
نظرت لها ببرود وقلت " نحن ننتظر مولودا يا أمي "
سُرت أساريرها وكأنني أخبرتها أن والدي عاد للحياة من جديد وقالت بفرح
" حمدا لله مبارك عليكما يا غيث كم أسعدني هذا لقد كنت خائفة من هذا الموضوع "
نظرت لها بحيرة وقلت " خائفة من ماذا , أن لا ننجب مثلا "
قالت بهدوء " بل من أن تكون العلاقة بينكم وزوجاتكم سيئة لهذا الحد فأنتم متزوجون منذ أشهر ليست
بقليلة ولم تحمل لا حور ولا رنيم "
تنهدت بضيق وقلت " بقي لك زبير إذا ليشغل تفكيرك "
تنهدت بارتياح وقالت " يكفيني أن أرى ولو ابنك أنت فقط "
يالك من امرأة يا أمي رغم أني لست ابنك ولكن لم أشعر بذلك معك يوما
قاطعت أفكاري قائلة " هل أخبرك صهيب شيئا "
قلت بحدة " لا يخبر ذاك إلا بالسوء الفتاة وصلت أخبارها لكل الصحف وهوا وجنونه لا يفترقان أبدا "
وضعت يدها على فمها بصدمة وقالت " ماذا الصحف هل انتشر خبر الاختطاف "
نظرت لها بحيرة وقلت " ألم يخبرك أحد بذلك "
قالت بحزن " ومن سيخبرني صهيب الذي لا يتحدث معي حتى بالهاتف أم أديم الذي انقطعت أخباره
ولم يحظر هذه الإجازة أم بحر الذي أصبح غير موجودا إلا بالاسم فقط حتى زبير كثر سفره ولم نعد نراه "
قلت بضيق " أحدهم نقل الخبر للصحف وأصبح الموضوع على كل لسان ستأتيك صديقات السوء لأخبارك
في أي لحظة "
قالت بصوت دافئ وحزين " آه يا لها من مسكينة تلك الفتاة تعاني الاختطاف ثم الفضيحة الآن , اللوم على
صهيب لما لم يخلصها منذ البداية هوا السبب فيما حدث لها "
تنهدت وقلت " لن يجدي إلقاء اللوم الآن شيئا لقد حدث ما حدث وانتهى "
قالت بهدوء " وما تفكرون به الآن هل سيجلبها هنا "
قلت بضيق " نعم قال أنه سيجلبها معه في الغد "
ثم وقفت وقلت " عليا المغادرة الآن الرحلة ستستلزم وقتا "
قالت بحيرة " هل ستذهب الآن"
قلت مغادرا " نعم فلا وقت لدي عليا أن أكون هنا عند المساء "
وصلت إلى هناك جوا ثم برا وما أن وصلت حتى رأيت مالم ولن يسرني رؤيته أبدا كان أدهم مغادرا
المنزل لقد شعرت بالأبخرة تتصاعد من رأسي ولو كانت رنيم أمامي الآن لفصلت رأسها عن جسدها
دخلت المنزل بغضب لو أخرجته لفجر المكان فقابلتني والدتها في الخارج وكما يبدوا لي أنهم كانوا
يجلسون بالحديقة ألقيت التحية وعيناي تتجولان وتبحثان في كل مكان ثم قلت بضيق
" أين هي رنيم "
قالت بابتسامة " حمدا لله على سلامتك أولا , لما لم تخبرنا بقدومك "
قلت بهدوء مصطنع " سلمك الله يا خالة ولكن لم تجيبي عن سؤالي "
قالت بذات الابتسامة " إنها في الأعلى في غرفتها "
قلت بضيق " ألم تكن معكما هنا "
قالت بحيرة " معنا من نحن "
كادت عيناي تخرج من الصدمة ألا تعلم والدتها بمن خرج من هنا ويلك مني يا رنيم
قلت بضيق أكبر " هلا استدعيتها من فظلك بعد أن ندخل للداخل "
قالت باستغراب من نبرتي وغضبي " حسننا يا بني كما تريد "
دخلنا للداخل توجهت لمجلس الضيوف وبعد لحظات جاءت ودخلت الغرفة فقلت بضيق وحدة
" أغلقي الباب خلفك "














زبير







( خائنة هي الحروف وخائنة بعض الكلمات تلتف حول قلوبنا وتنسج مكائدها لتعبر شرايين
أجسادنا ثم تتناثر على ضفاف ألسنتنا لتقفز هاربة وتكشف سترنا من خلف حجاب الصمت لتنسج
عبارات تحكي ما ليس يفترض به أن يُحكى فيتحول الصمت لمعاني وتخرج الأنفاس تُلقي حديثا يعجز
عن قوله لسان الحال, فأعذر صمتي أيها الطيف البعيد وأعذر كلماتي أيها الرجل الغريب ولا تحملني
وزر النوايا كما يفعل الجميع )


أغلقت هاتفي بعد أن قرأت رسالتها هذه لعشرات بل ألاف المرات وفي كل مرة أقرأها فيها
أفهم منها معنا جديدا ويولد حينها شعورا غريبا وجديدا أيضا , كانت هذه الرسالة هي ردها
على اتصالاتي المتواصلة وإلحاحي معرفة ما حل بها وما قالته لي ردا على حديثي الأخير
لقد أصبحت هذه الفتاة لغزا محيرا وغموضا غريبا ومحادثتها شيئا أساسيا في جدول يومي
وحتى تفكيري

" هل أخبرك متى سيأتي وفي أي وقت "

صدق بحر عندما قال لا تسافر بخيالك وأنت في القصر لأن والدتي لديها نقاط تفتيش
لا يمكنك اجتيازها وستلقي القبض عليك وتعيدك من حيث بدأت
ابتسمت وقلت " أمي هل يسعدك حقا أن توقظي شارد الذهن مما هوا فيه "
نظرت لي مطولا باستغراب ثم قالت " لن تشعروا بشعور الأم أبدا لأنكم لم ولن تجربوه "
قلت بهدوء
" لذلك لن يكلف صهيب نفسه أبدا عناء أخبارك متى سيأتي وليس لدي الجواب الذي تريدي "
قالت بضيق " وأديم لم يأتي عطلة نهاية الأسبوع ولم يكلف نفسه عناء طمأنتي وغيث يبدوا لي
يعاني مشاكل مع زوجته ولا يرحمني بشرح الأمر لي وبحر يتعذب في صمت من ماذا لا أدري
وأنت وحور أحوالكم لا تزداد إلا سوءا والفتاة لا تزيد إلا وهنا ومرضا وكلكم ضائعون ولا تكترثوا
لشعور الأم التي يحترق قلبها عليكم كل حين "
قلت بهدوء " أمي لما ترفعين هم الجميع دائما أجزم أن الأمهات ليسوا جميعهن كذلك , بالنسبة
لبحر فهوا متكتم عن كل ما بداخله منذ صغره وأديم تحدث مع غيث وأخبره أنه لن يأتي وصهيب
سيأتي اليوم ونحدد ما سنفعل بشأن الفتاة أما أنا وغيث فأنتي أدرى منا بحالنا وبسببه وبأن كل
ما يجمعنا بزوجاتنا وصية منتهية المفعول في أي حين "
قالت بحدة " بما تهدي يا زبير أخبرني هل ستجد أنت أو غيث أفضل مما لديكما ثم غيث
ينتظر مولودا فهل سيحكمان عليه بالتشتت والضياع "
قلت بابتسامة " حقا ما تقولي هل سيصبح غيث أبا "
هههههه لقد فعلها ذلك المجرم
تنهدت وقالت " نعم وننتظر دورك أنت أيضا "
قلت ببرود وبعد صمت " لا تنتظري كي لا تتعبي وها قد أخبرتك "
قالت بحدة
" زبير لابد أن عقلك قد أصابه شيء أخبرني ما في حور لا يعجبك أم أن زمرد أفضل منها في شيء "
وقفت وقلت بضيق " أمي أنا لم أقل أن حور يعيبها شيء وزمرد لن أتزوج بها ولا بعد ألف عام
كوني مطمئنة فهي لم تعد تعنيني "

غادرت متضايقا وتوجهت لحديقة القصر جربت الاتصال بصديقتي التي أصبح الحديث معها ولو
من طرف واحد إدمانا لا يمكنني العيش بدونه ولكنها لم تجب أرسلت لها رسالتي العاشرة أو ما يزيد
ولكني هذه المرة كتبت فيها

( ليس من العدل أن يقطع قاسي القلب عن الظامئ المحروم منبع قطرات الماء التي ترويه )

ففوجئت بها تتصل بي ومن صدمتي لم أجب إلا بعد حين فتحت الخط وانتظرت في صمت
فجاءني صوتها عذبا هادئا وهي تقول
" هل ستنقلب الأدوار وستنتظرني لأبث همومي لك "
قلت بابتسامة " بل انتظر أن أعلم أن من أتحدث معه كائن موجود حقا "
قالت بذات الصوت الناعم
" ماذا عن الفتاة كيف أصبحت وشقيقك هل هوا بخير عليكم البحث عنه "
ضحكت ضحكة خفيفة وقلت " يبدوا لي أن همهم يشغلك أكثر مني "
قالت بصوت مبتسم " هل أقول لك شيئا ولا تغضب مني "
قلت مباشرة " أغضب منك , لا لن يحدث ذلك أبدا "
قالت بهدوء " أشعر أنني أشاهد مسلسلا وأرغب معرفة نهايته "
ضحكت وقلت " وأنا الراوي والممثل الوحيد وكاتب السيناريو والمخرج أيضا "
ضحكت وقالت " هذا لأنني المشاهد الوحيد "
قلت بعد صمت " ألن تسأليني عن شيء آخر "
ساد صمت غريب فقلت " أين أنتي "
قالت " عن ماذا مثلا "
قلت " عن التي كانت حبيبتي وليتها لم تكن "
قالت بهدوء " هل تقابلتم أو تحدثت معها "
قلت " لا ولن يكون ذلك بعد اليوم "
قالت مباشرة " ذلك أفضل "
قلت بابتسامة " لا أستغرب الآن أن يكرهها الجميع فحتى أنتي التي لا تعرفينها قد كرهتها "
قالت بهدوء " أنا آسفة لم أقصد ذلك ولكن الحب شيء ثمين والبعض لا يستحقه "
قلت " وهل جربتِ الحب يوما "
قالت بعد صمت طويل " لا ولا أتمنى ذلك "
قلت مباشرة " ولما "
قالت بحزن " لأنه كما أخبرتك هوا شيء ثمين ويستنزف منك الكثير من المشاعر والبعض
لا يستحق ذلك فلن تجني سوى الألم وأنت أعلم مني بذلك وها هوا شقيقك يعاني "
قلت بابتسامة " ولكن من لا يحاول لا يحصل على ما يريد والفشل أفضل طريق للنجاح "
قالت بذات الحزن " يكفيني ما فقدت حتى الآن لقد خسرت الكثير "
ثم قالت " والدتي تناديني عليا النزول إليها وداعا "
قلت باندفاع " هيه انتظري أنا لم اصدق أن أجبتي على اتصالي هل سنتحدث ثانيتا "
قالت " فلندعها للظروف وداعا الآن "
وأغلقت الخط وتركتني في حيرة من كلماتها أكثر من صمتها






















ليان
























كانت هذه الليلة من أسوء ليالي حياتي التي بدأت منذ أيام بعد أن ضربني شقيقي حتى تعب بعدما أخبره
شاهد أنني على علاقة برجال وأخرج معهم , سمعت صوت خشخشة عند السور الخلفي لمنزلي فأنا أتجول
بحذر كل ليلة وابقي أذناي مفتوحتان طوال الليل اقتربت من السور ووجدت أحدهم يحاول تسلقه فهوا كان
مرتفعا بعض الشيء ركضت لهاتفي السري واتصلت بوسيم ثم اتجهت من فوري لحجرة عمي لأخرجه
معي فلن أطمئن لبقائه بعدي وليس لدي مكان أذهب إليه سوى منزل وسيم رغم علمي أنه لو كان نائما
فلن يسمع طرقي على الباب ولكن كان يكفيني أن التصق بالباب لأشعر بالأمان ستقولون عني مجنونة
ولكنها الحقيقة فعندما لا يكون لك من تستند إليه وقت الشدة فستتعلق ولو بالأوهام وليس بحقيقة موجودة
وإن كانت خلف باب موصد فأنا أعلم ما يفكر به شاهد فلو فعل بي أي شيء لن يصدقني أشقائي بسبب كذبه
عليهم ولن ينصفوني في كل الأحوال وما أن خرجت من المنزل حتى وجدت وسيم خارجا بسرعة من منزله
ركضت جهته دون شعور وكأنني حلمت حلما مستحيلا وتحقق فجأة فأمسكت بيده وكل ما أخشى أن يكون
خيالا وأردت التحقق منه
اختفى داخل المنزل طويلا ثم عاد يجر شاهد في يده كأنه قطعة قماش ورماه أمام قدماي ثم غادر لمنزله وعاد
حاملا دفتره وما أن قرأت ما كتب حتى تجمدت من الصدمة فقد كتب لي
(هل تتزوجينني )
بقيت أنظر إليه بصدمة مطولا فكتب ( هل لأني أخرس )
أومأت برأسي نفيا وقلت " لا لما تفهمني هكذا ولكن .... آه ياله من إحراج "
كتب ( أنا من سيقوم برعايتك وعمك وسأوفر لنا سكننا ولن تعملي عملك ذاك بعد اليوم وسنعطي المنزل
لأخوتك لنرتاح من مشاكلهم )
تنهدت وقلت " لقد فاجأتني حقا يا وسيم "
كتب ( ماذا تقولي فأنا لا أسمعك )
كتبت له ( وما تفعله بزوجة لا شيء لها حتى المنزل ستخسره ومعها عمها الضرير لتزيدك هما فوق همومك )
كتب لي ( إن لم يكن خرسي هوا السبب فواقي يا ليان ليرتاح ضميري أرجوك )
نظرت له باستغراب ثم كتبت ( وما شأنك أنت ليؤنبك ضميرك )
كتب وفي عينيه نظرة ضيق ( لا تسأليني يا ليان قولي الآن رأيك لنجد حلا لهذا الملقى أرضا )
كتبت ( أعطني مهلة أفكر )
كتب ( إذا ترفضين عرضي )
أومأت برأسي نفيا فابتسم لي فابتسمت بخجل وقلت " يا لي من حمقاء متسرعة حتى مع الذين لا يسمعون ,
هل استحق كل هذا يا ترى شابا وسيما ومؤدبا وشهما وأنيقا حتى , وكأنه لا يمد للفقر بصلة "
كتبت له ( موافقة ولكن بشرط )
نظر لي باستغراب فكتبت ( لن أعود للعمل في الشركة )
ابتسم وأومأ برأسه موافقا ثم كتب ( وأنا لدي شرط , لا تسأليني عن عائلتي وماضيا شيئا مهما حدث )
نظرت له بتوجس وخوف فكتب لي
( لا تخافي فليس لي جرائم أو مطارد من الشرطة فقط أريدك بعيدة عن كل عالمي الحقيقي وأن أكون
دائما وسيم الذي عرفت فقط )
هززت رأسي بالموافقة ثم كتبت له ( وما نفعل بهذا المرمي تحتنا )
كتب ( دعيه سيستفيق وحده وأغلقي منزلك وتعالا لمنزلي عند الفجر سآخذ عمك للمحكمة لننهي الزواج )
وقفت مترددة ولكنه سحبني من يدي وأدخلني منزله ثم عاد وأخذ عمي إلى هناك أيضا دخلت المنزل
كان شبه فارغ من الأثاث نظر من حوله ثم كتب ( تعاليا معي لغرفتي فهي الوحيدة المفروشة هنا )
دخلنا الغرفة كانت بخشب جديد وراقي بعض الشيء وتبدوا لي باهظة الثمن الثياب كانت في كل مكان
والفوضى تعم الغرفة حك وسيم رأسه بخجل وكتب
( هذا مؤقت فقط عند الصباح سنستأجر غيره )
كتبت له ( لا بأس سأقوم بترتيبها )
خرج خارجا لا أعلم إلى أين وبدأت بترتيب غرفته كانت ثيابه قليلة وكأنه يقضي وقتا قصيرا هنا أو أنه
لا يملك غيرها رتبت قدر المستطاع وفي أسرع وقت ثم ذهبت للمطبخ فلم يكن أقل منها فوضى تنهدت
وقلت " آه ليت منزلك مرتب مثلك يا وسيم "
أحسست بشيء ما خلفي فابتعدت مفزوعة ثم قلت " آه لقد أفزعتني "
كتب لي مبتسما ( لا تتعبي نفسك في تنظيف هذا فسننتقل من هنا عند الغد , يمكنك النوم بغرفتي )
قلت بهدوء " وتحسبني وقحة لهذا الحد لا ينقص إلا أن أسحبك معي لها "
كتبت له ( عليا جمع أغراضنا من منزلي )
كتب لي ( لن تعودي إلى هناك سنجلب أوراق المنزل وأوراقكم الضرورية فقط والباقي سنشتريه )
نظرت له بصدمة ثم كتبت ( ولكن لما نشتري سيكلفك ذلك كثيرا )
كتب لي ( ليان عليك أن تتعلمي شيئا وهوا أن لا تناقشيني فيما أقرر راتبي جيد وليس لدي أحد وسنشتري
الثياب والحاجيات لك ولعمك وانتهى الأمر )
ابتسمت وقلت " يالك من رجل يا وسيم للجحيم كل الرجال الذين بألسنتهم "
ثم كتبت له ( لو لم تصبح زوجي ما قبلت منك ذلك ولو حفيت )
كتب لي متبسما ( من الغد فصاعدا ستطلبين مني كل ما تحتاجينه وإلا ضربتك فهمتي )
ضحكت لما كتب وكتبت ( تضرني من أول يوم )
كتب ( وأكسر رأسك أيضا فليان القديمة ستبقى هناك في منزلها القديم )
تنهدت وقلت " بل كل ذكرياتي الجميلة ستبقى مع منزلي هنا والدتي وطفولتي وصباي وكل شيء "
نزلت من عيني دمعة مسحتها لتلحق بها الأخرى رفع وسيم وجهي بأصابعه ومسح دموعي بإبهامه ثم
ابتسم سمعنا صوت جلبة ثم أحدهم قال " ليان أين ذهبتي وتركتني يا ابنتي فأنا لا أعرف السير
في هذا المكان "
ركضت بسرعة باتجاه عمي وأعدته للغرفة وطلبت منه النوم هناك وبقيت بجانبه حتى الصباح







أُديم






أعلم أنه قرار مجنون ولكني لم أتسرع في اتخاذه أبدا فهذه الفتاة لن يتركها شاهد وشأنها أبدا فلم يعد هدفه
الزواج بها وما حدث الليلة أكبر دليل على ذلك وكل هذا وغيره بسببي أنا فمنذ البداية لعبت معها لعبة من
الذي يثبت غروره ويكسر الآخر ولم أفكر بمصير هذه المسكينة
على كل حال فأنا أحاول النظر للجانب المشرق في الأمر فهي فتاة محترمة وطيبة قلب وجميلة وماذا أيضا
يا أديم حاول أن لا تتراجع أو تغير رأيك على كل حال هي ستعيش هنا وأنا لن أتركها حتى بعد اقتسام الميراث
وانتهاء مهمتي هنا وسأنقلها هناك فيما بعد ولن يعلم بها أحد ويمكنني الزواج بغيرها متى أردت لتكون تلك
زوجتي أمام الناس
كنت جالسا بجوار غرفة نومي والأفكار تسافر بي وتعود حتى طلع أول خيوط الفجر فخرجت ليان
ووجدتني هناك ابتسمت وقالت " هاهي المتاعب بدأت تنهال عليك من الليلة "
أشرت لها بيدي للحمام وشعرت بارتباكها وخجلها فوقفت مغادرا للخارج هذه الفتاة غريبة بالفعل لما
لا تنظر لعيوبي لا أنني أخرس ولا مجهول الهوية ولا فقير وبلا منزل حتى , إنها لا تفكر بذلك بل رأت
أني ورطت نفسي بها , عدت بعد فترة دخلت الحمام وتوضأت وصليت الفجر ثم سمعت صوت جلبة
عند المطبخ توجهت إلى هناك فكانت كما توقعت ليان تحاول إيجاد شيء ينفع كإفطار لنا جلبت الدفتر
وكتبت لها ( سأجلب شيئا نأكله فلا تتعبي نفسك بهذا )
ابتسمت وخرجت من المطبخ متوجهة لعمها في صمت خرجت بعد ذلك بوقت وجدت لنا منزلا مناسبا في
حي متواضع لكنه جيد والمنزل كان حديثا وجديدا بعض الشيء جعلته يكون الأقرب للبساطة لكي لا تشك
ليان بالأمر , أسهل شيء تجده هنا هي الإيجارات فالأغلب يترك الجنوب قاصدا العاصمة وما حولها من مدن
عدت لهم بالطعام واستأذنت للخروج برفقة عمها لنكمل باقي الترتيبات وجلبنا من منزل ليان جميع أوراقهم
حاولت ليان أخذ بعض الحاجيات ولكني اكتفيت بالنظر لها بضيق فتركتها وأخذت تذكارا واحدا فقط لوالدتها
خرجت بالعم سيرا على الأقدام حتى مسافة قريبة ثم أخذته بسيارتي التي لو رآها لما ركبها لشكه أني سرقتها
من أحد الأغنياء بعد وقت قلت بهدوء " عم سعيد "







ميس





لقد جن ذاك المغفل بالتأكيد ما هذه السخافة التي رماني بها كالقذيفة وخرج أنا أتزوج بابن تلك
العائلة وليس أي ابن من اختطفني وعرض حياتي للضياع مرات عديدة واتهمني في شرفي أيضا
بعد وقت انفتح الباب ثم دخل وأنا كنت واقفة مستندة بكتفي عند حافة باب الغرفة مكتفة يداي لصدري
نظرت له بضيق وقلت " خرجت بقرار مجنون فبما عدت "
قال بابتسامة تحدي " عدت بنفس القرار "
قلت بغضب " ولما هل لي أن أعلم "
قال " لعدة أسباب "
قلت بنفاذ صبر " وهي "
قال ببرود " لن يهمك الأمر فلما أقول "
قلت بضيق " إن كان من أجل الناس وما يقولون فللجحيم جميعا سأعود لوالدتي ولن يلحقوني هناك
وحتى إن حدث فلن أهتم فلا تدعي الشهامة لتصلح ما تسببت أنت به "
نظر لي مطولا بصمت ثم قال " سنغادر عند الغد هذا المكان وسنذهب لقصر عائلتي وسنتحدث في
الموضوع فيما بعد "
قلت بغضب " ليس لدي ما أقول غير الذي قلت ولن أكون زوجة لأبن لتلك العائلة ولو قتلتموني ولن
أذهب لهم أبدا "
قال بضيق " ميس أنا لا آخذ رأيك فهمتي "
قلت بأسى " ما الذي تريده مني أتركني وشأني أنا لا أريد منكم شيئا دعوني أرحل في سلام "
قال بغضب " ميس والدك لديه حق علينا استرجاعه أحببتي ذلك أم كرهتي "
قلت بحرقة " والدي مات وحقه لم يعد يعنيه الآن ولا يعنيني أنا أيضا "
قال بحدة " بل يعنيك ويعنيه ويعنيني كما عنى والدي الذي سعى لتحقيقه وأنا جلبتك هنا لأضغط
عليهم لكي يحققوا ما أردت ولكن أحدهم أفسد كل شيء وأوصل الخبر للصحف "
نظرت له مطوا في حيرة ثم قلت " وها قد فشل الأمر فأعدني لوالدتي حالا "
تنهد بضيق وقال " ستعودين معي للقصر يا ميس وغدا صباحا "
قلت بتحدي " لا "
ابتسم وقال " تذهبي معي أو تزوجنا عند الصباح ودون تأجيل "
قلت بحدة " ما بك أنت كيف تتزوج من فتاة لا توافق على الزواج بك "
قال بهدوء " لن أدع حقك وحق عمي يضيع ولو كان الثمن حياتي فهمتي "
قلت بذات الحدة " وما دخل ذاك بالزواج أم أن أحد الحقوق أن تتزوجني "
هز رأسه بيأس وقال " ميس أنتي متعِبة جدا والتفاهم معك أمر مستحيل "
قلت بسخرية " هنيئا لك بمثل هذه الزوجة "
قال بمكر " وما المانع إن روضتها فيما بعد "
ضربت بقدمي على الأرض وقلت " أنا لست حيوانا لتروضني ولن أتزوج بك فهمت "
تنهد بضيق وقال " دعينا نذهب في الغد إلى هناك ولندع كل شيء لوقته "
قلت ببرود " وهل لي أن أعرف سبب أخذي إلى هناك أم أن لقصركم سجننا ستضعني فيه "
قال بغضب " ميس أنتي لا تريدي أن تفهمي أبدا والدك كان متهما باختلاس أموال من شركة جدي ثم
سافر بعدها على الفور ولبسته تهمة أخرى هناك ومشابهة لها وسجن بعدها فعلينا معرفة الحقيقة وتبرئة
والدك الذي هوا عمي وإرجاع حقكم إليكم "
نظرت له بصدمة مما سمعت ثم قلت بهدوء يشبه الهمس " ماذا .... اختلاس وسجن مستحيل "
تنهد وقال " تلك هي الحقيقة لذلك أنا أخبرت جدي وأعمامي أنك مختطفة وأني لن أتفاوض مع
الخاطفين حتى يحققوا شروطي بإعطائك ووالدتك حقك من الميراث وتبرئة عمي من التهمة "
ثم ضرب بقبضة يده على الجدار وقال بغيض
" ولكن أحدهم أفسد كل شيء لابد أنه من كان وراء تلك التهم "
قلت بصدمة " وما قالوه لك "
نظر للجانب الأخر بضيق وقال " أعمامي رفضوا بشدة وقالوا أن لا حق له لدينا أما جدي فاكتفى بالصمت "
ابتسمت بسخرية وقلت " لم يخب ظني بكم يوما "
قال بحدة " ميس لا تضعي الجميع في نفس الكفة "
قلت بسخرية " وهل تسمي ما فعلته معي حتى الآن شيئا مختلفا عنهم "
قال بنفاذ صبر " قد أكون أخطأت في بعض الأمور ولكن قصدي لم يكن سيئا أبدا "
قلت بأسى " لن أسامحكم ما حييت يا آل يعقوب فكرهي لكم كان بحجم الكون وها هوا الآن يتضاعف كثيرا "
ثم قلت بحزن " والدي مختلس وخريج سجون مستحيل لن اصدق ذلك أبدا لقد كان رجلا شريفا ونزيها دائما في
عمله كيف يجتمع النقيضان كيف "
قال بهدوء " وهذا ما علينا معرفته "
قلت بضيق " ولم تجد إلا هذه الطريقة لقد كدت تتسبب بهلاكي عدة مرات لتتهمني بجريمة لم ارتكبها وأنت السبب
فيها يالك من متهور "
قال بهدوء " آسف يا ميس أعلم أنني عرضتك وحياتك للخطر ولكني .... "
قاطعته قائلة وأنا أدخل الغرفة " لن أستغرب ذلك منكم "
ثم أغلقت الباب خلفي بكل قوة وارتميت على السرير ببكاء مرير وحقد في قلبي يزداد في كل دقة من دقاته
أمسكت اللحاف بقبضة يدي وقلت ببكاء وصراخ غاضب
" سحقا لكم من عائلة سحقا لهم من والد وأخوة ليس في قلوبهم أي رحمة "







الجزء العشرون


















غيث

















دخلنا للداخل توجهت لمجلس الضيوف وبعد لحظات جاءت ودخلت الغرفة فقلت بغضب
" أغلقي الباب خلفك "
نظرت لي نظرة خوف لأول مرة أراها في عينيها ثم قالت " غيث ماذا هناك "
تنهدت بل زفرت نيرانا تخرج من جوفي وقلت بغضب
" أغلقي الباب يا رنيم فنهايتي أو نهايتك ستكون اليوم "
تراجعت خطوتين للوراء وقالت " غيث أنت في حالة سيئة من الغضب لن نستطيع التحدث الآن "
توجهت ناحيتها وأمسكتها من يدها سحبتها للداخل وأغلقت الباب ثم قلت بغضب
" ماذا كان يفعل ابن خالتك هنا "
قالت بضيق " اسأل والدتي هي من تعلم ولست أنا "
قلت بغضب أكبر " والدتك لا تعلم بوجوده هنا يا رنيم "
صرخت بغيض " ما تعني بما تقول أنا لم أره أو أتحدث معه واسأل والدتي عن الأمر "
توجهت ناحيتها أمسكتها من ذراعها بقوة وقلت بصراخ
" أخبرتك أن والدتك لا تعلم تكلمي يا رنيم قبل أن ارتكب فيك جرما "
قالت ببكاء " توقف عن ذلك واترك يدي يا غيث أنت تؤلمني , رغم حلفي لك وتحدثي معك ولكنك لا تكف
عن اتهامي "
قلت وكل شياطين الأرض تقفز أمامي " لن أتق بك ولا بأي امرأة يا رنيم هل تفهمي وها قد أتبتي لي ذلك "
دخلت حينها والدتها وقالت بخوف " ما بكما يا غيث لما كل هذا الصراخ "
صرخت و رنيم لازالت ذراعها بقبضتي " مع من كانت ابنتك قبل قليل "
قالت والدتها بدهشة " كانت في غرفتها "
ثم أضافت بهدوء " غيث يا بني اهدأ فالأمور لا تحل بهذه الطريقة ولا تنسى أن بينكما طفلا "
قالت رنيم ببكاء " إنه طفلي هوا لم يرده أبدا "
ضغطت على ذراعها بقوة أكبر وقلت من بين أسناني " لا تحلمي أن أترك ابني لخائنة لتربيه لن يتكرر
ذلك فهمتي "
قالت بغضب " أنت مريض يا غيث مريض ولا أمل في الحياة معك وأقسم ولن أكون رنيم لو لم تفكر
أن هذا الطفل ليس ابنك "
نظرت لها بصمت ولم استطع الإنكار أو التحدث فكانت ردة الفعل من والدتها التي شهقت
بصدمة وقالت " ماذا ... ما الذي يحدث بينكما أنتي قلتي لي مرارا يا رنيم أن أمورك جيدة هناك ما هذا
الذي اسمعه منكما للتو "
قلت بغضب " اسألي ابنتك , اسأليها إن كان أد...... "
قاطعتني رنيم قائلة " انتظر فأنا من سيسألها لأني أعلم جيدا عقلك إلى أين سيحملك , أمي مع من كنتي
عند مجيء غيث "
نظرت لي ولها ثم قالت " كنت لوحدي "
نظرتُ لها فكانت الصدمة تعلوا وجهها كنت سأتحدث لولا أنها قالت
" أمي من كان معك قبل وصوله مباشرة وليس عند دخوله "
قالت والدتها بسرعة " كان معي أدهم أبن خالتك وخرج أمام عيني قبل دخول غيث بدقائق "
قالت رنيم ببكاء " وأين كانت ابنتك الخائنة هذه حين قدومه "
قالت بحيرة " كنتي في غرفتك طلب رؤيتك ولكنك لم تنزلي ولما خائنة أنا من رباك وأعرفك جيدا "
قالت بألم " بل نتائج تربيتك كانت ابنة خائنة لا تستحق حتى الخروج أو التنفس "
أفلتت ذراعها وقلت بحدة " وماذا أراد منها , ماذا كان يريد "
قالت والدتها " لا أعلم أخبرني أنه يريد التحدث معها وعندما أخبرتها قالت أنها متعبة ولا تريد
النزول فطلب مني أن تحدثه بهاتفي ولكنها رفضت فتحججت له تجنبا للإحراج "
تنفست بغيض وضلوعي تكاد تتهشم من الاشتعال الذي كان بداخلي لقد تجنبت رنيم ذكر اسمه لوالدتها
كي لا أشك أنها لفقت الموضوع معي لتحمي ابنتها بقيت أتنهد بضيق وازفر كالتنين في صمت
نظرت لي رنيم بحدة وقالت " أنا لن أذهب معك ولا أريدك ولا طفلي أيضا أخرج من حياتي يا غيث "
قلت بغضب وأنا ألوح بيدي في الهواء " لا تحلمي أن اترك ابني ليربه ابن خالتك ذاك ابني من حقي وأنتي
وهوا للجحيم "
ثم توجهت عند الباب وقلت " أنا انتظرك في الخارج "
قالت بحرقة " لن أذهب معك ولا مع ابن خالتي ولا أي رجل أكرهكم جميعا هل تسمع "
ضربت الباب بقبضة يدي وقلت بغضب " لا تعانديني يا رنيم لأنك وحدك من سيخسر "
وخرجت للخارج أنفت بقايا نيران غضبي , ذاك التافه ماذا يريد منها هل يعلم بأمر الوصية يا ترى
وينتظر فكاكها أم ماذا هناك , بعد بعض الوقت جاءتني والدتها وقالت بضيق
" أدخل معي للداخل يا غيث دعنا ننهي هذا الأمر "
قلت بضيق أكبر " الأمر انتهى وعليها الخروج الآن لنغادر فلا وقت لدي "
تنهدت وقالت " أدخل ولو احتراما لي رجاءا يا غيث "
وقفت وقلت " من أجلك فقط وكلامي لن اثنيه أبدا "
قالت بهدوء " أدخل ولنرى ما سنفعل "
دخلت اتبعها فوجدت رنيم تجلس بمكانها حيث تركتها وتبكي بشدة توجهت والدتها ناحيتها أمسكتها
من يدها وقالت " توقفي عن البكاء يا رنيم وتعالي لتغسلي وجهك ونتحدث جميعنا "
قالت رنيم بغضب " لن أتحدث مع أحد فاتركاني وشأني "
صرخت والدتها بغيض وقالت " أنا أكبر منك ومن زوجك وعليكما احترامي وافعلي ما أقول يا رنيم
هذه ليست عادتك معي "
وقفت رنيم وقالت " آسفة يا أمي "
ثم خرجت وعادت بعد لحظه ووجهها شديد الحزن وخداها مشتعلتان من الاحمرار تنظر للأرض في
صمت فأمسكت والدتها بهاتفها وقالت " سأتصل الآن بأدهم وستتحدثين معه أمام زوجك وتفهمي منه
سبب زيارته "
اكتفيت بالصمت لغضب والدتها الشديد فما كنت لأسمح لها بالحديث معه لولا ذلك
اتصلت به ووضعت الهاتف أمامها وفتحت مكبر الصوت فقال أدهم " مرحبا خالتي هل من مكروه "
قالت بهدوء " مرحبا يا أدهم هذه رنيم معك لتتحدث معها "
قال بعد صمت " مرحبا رنيم كيف أنتي قالت لي خالتي أنك متعبة "
نظرت لي بحزن واكتفت بالصمت جاء صوت ابن خالتها قائلا " رنيم هل تسمعينني "
تنهدت وقالت ببرود " نعم أدهم أنا أسمعك , ماذا كنت تريد مني "
قال بلهجة غريبة " ماذا بك يا رنيم هل أنتي بخير علمت أن قدومك لأيام هنا ليس طبيعيا وصوتك الآن
أكد لي ذلك "
قالت بضيق " أدهم هل لهذا تريد الحديث معي منذ متى كنا نتحدث في الخصوصيات "
قال بهدوء " آسف يا رنيم لإزعاجي لك ولكن كما تعلمي كنا سنتزوج لولا ما حدث "
قالت رنيم بحدة " ولكن لم يحدث ذلك فما تريد مني يا أدهم أنا متزوجة ولا أريد مشاكل مع زوجي "
تحولت لهجته للغضب وقال " ولكني كما تعلمي رغبت بك كزوجة أعلم أنك لم تبادليني المشاعر يوما
ولكن أعلمي أن زواجك من ذاك لا يريحني وأشعر أن موضوعا ما وراء ذلك فإن أكدتِ لي ذلك الآن
فسأتصرف في الأمر "
توجهت جهة الهاتف وأخذته من على الطاولة وضربته بالحائط فتحول لقطع ثم قلت بغيض
" رنيم ألم أطلب منك التحدث معه سابقا ألم نتفق على ذلك "
قالت بضيق " لقد فعلت فما ذنبي أنا إن لم يقتنع "
قلت بحدة " لأن فـــــ ..... "
قاطعتنا والدتها قائلة " توقفا كليكما عن هذا الجدال الغير المجدي , واجلس أنت يا غيث هنا بجانب
زوجتك واستمعا لما سأقول "
جلست أتنهد بضيق وأشاحت رنيم بنظرها جانبا فجلست والدتها أمامنا وقالت
" اسمعاني جيدا كليكما أنتم لستم صغارا على ما يجري الآن لتتصرفا كمراهقين "
قاطعتها رنيم تود الاعتراض على كلامها لكنها قالت بغيض " رنيم لا تقاطعيني وأنا أتكلم "
سكتت متضايقة وتابعت والدتها قائلة " أعتقد أنكم ارشد من هذه التصرفات الصبيانية وتعلمان جيدا أن
مصير عائلة كاملة بين يديكم والتهور سيدفع ثمنه غيركما فلو كان وحدكما المتضرران فذلك سيكون قراركما
وعليكما تحمل نتائجه ولكن أن تدمرا تلك العائلة فهذا ما لن أسمح أنا به , وأنت يا غيث تعلم أن من ربى
رنيم هوا من رباك والسهم الذي ترميه في مرمى تربيتي لها يصيبني كما يصيبك أنت ويصيب والدك
, و رنيم لم توافق يوما على الارتباط بأدهم واتهامك لها دون دليل شيء لن أرضاه لي قبل ابنتي
وأنتي يا رنيم لم أربك يوما على أن ترفعي صوتك في وجه زوجك أو أن تخالفي أوامره , هذا الرجل الذي
اختاره لك والدك الذي رباك وعصيانه عصيان لوصيته ولتربيته وأن تتهمي زوجك باتهامه لك في شرفك
ونسب طفله لغيره دون أن يذكر هوا ذلك شيء لن أرضاه لغيث "
قالت رنيم بحدة " اسأليه يا أمي فليقسم أمامك أنه لم يفكر بذلك "
قلت بهدوء " أنا آسف يا خالتي لم أقصد إهانتك أو اتهامك في تربيتك لها "
تنهدت وقالت " أنت مدين باعتذار لرنيم أيضا وهي عليها طاعتك فيما تقرر وتقول , ومن خالف
ما أقول فلن يخاطب لساني لسانه أبداً ما حييت "
بعد صمت طويل ساد المكان نظرت جهة رنيم التي كانت تنظر للأرض بحزن وقلت
" أنا آسف يا رنيم "
ثم نظرت لوالدتها وقلت " ولكن عليكم أن تجدوا حلا لابن شقيقتك ذاك لأنني سأقتله "
قالت بهدوء " أنا من سأتفاهم معه وسينتهي الأمر ولكن هل ستنتهي المشكلات بذلك "
كان الجواب هوا الصمت فلن أعدها بما لا أستطيع ثم وقفت وقلت
" أنا انتظرك في السيارة يا رنيم فلا تتأخري "
بعد دقائق غادرنا البلاد في صمت موحش طوال الرحلة وكأنه لا يوجد بالسيارة أو الطائرة أحد














صهيب










يا لها من شرسة و عنيدة صدقت والدتها عندما قالت جرب صبرك على تكسير الحجارة أولا لتصبر
على عنادها وشراستها , يبدوا أنني سأتعب كثيرا مع هذه الفتاة
كان صوت بكائها يصلني بوضوح وكبتي لمشاعري يحرق أضلاعي أكثر , لما لا أحتمل بكائها لما
توجهت لباب الغرفة وطرقته وقلت " ميس توقفي عن البكاء "
لم تجدي محاولتي نفعا فطرقت مرة أخرى وقلت " ميس إن لم تتوقفي فتحت الباب ودخلت "
قالت بصراخ " دعني وشأني يا صهيب أرجوك "
لقد قالت كلمة السحر التي لا أسمعها منها إلا ناذرا لذلك ابتعدت وجلست قريبا من الباب أفرقع
أصابعي واضرب بقدمي بتوتر , لا اعلم أي يوم ينتظرنا في الغد هذه الفتاة تكره الجميع وإقناعها بتقبلهم
سيكون صعبا للغاية ألم تجد لك حفرة أيسر من هذه توقع قلبك فيها يا صهيب
استمرت في بكائها لوقت طويل ثم هدئت اتجهت لإحدى الغرف جربت النوم فيها ولكن دون فائدة ولم أنم
إلا بعد صلاة الفجر
عند الصباح استيقظت باكرا خرجت من الغرفة ووجدت ميس تجلس في المطبخ تحتسي كوبا من القهوة
وقفت عند الباب وقلت " جهزي نفسك يا ميس علينا المغادرة "
قالت بهدوء وعيناها على الكوب " كيف غادر والدي البلاد متهما بتلك التهمة "
قلت بذات الهدوء " بعض الأمور لا تزال غامضة عني حتى الآن "
قالت " أريد التحدث مع والدتي "
قلت مباشرة " علينا أن نذهب الآن وستتحدثين مع من تريدي "
قالت بحدة " لن اذهب قبل التحدث معها "
تنهدت بقلة حيلة فعليا تنفيذ ذلك فلن أخذ منها شيئا إلا بالحيلة مددت لها بهاتفي فقالت
" وأين هاتفي "
قلت " في السيارة هيا خذي هاتفي وتحدثي كما شئتي "
أخذت الهاتف واتصلت بوالدتها التي أجابت على الفور
" ...... "
ميس بضيق " هذه أنا أمي هذه أنا , منذ متى أصبح هذا ابنك "
" ................"
" أمي أنتي حقا طيبة قلب ماذا سأتوقع منك "
" ........ "
" حسننا حسننا أمي أخبريني ما تعرفيه عن سجن والدي والقضية "
" ....... "
" نعم لقد علمت هل كنتي تريدين إخفاء الأمر عني طوال العمر "
" ........ "
كانت ميس تستمع بصمت ثم امتلأت عيناها بالدموع دون نزول وقالت بأسى
" يستحيل ذلك "
" ....... "
" ومن كان وراء تلك القضية هل تعلمي "
" ......... "
" هل سيكون لديه شيء "
" ....... "
" نعم أنا أذكره جيدا "
" ....... "
" حسننا وداعا أمي "
" ........ "
" أجل أمي اطمئني فلن يحدث لي أكثر مما حدث "
أنهت المكالمة وتركت الهاتف على الطاولة وغادرت المطبخ لغرفتها بعد قليل خرجت تحمل
حقيبتها التي أحضرتها معها عند وصولها وخرجنا من المنزل في صمت متوجهين للعاصمة ولأن
المدينة قريبة فلم تأخذ منا وقتا طويلا وعند وصولنا القصر وقفت ميس تنظر له بشيء من التردد
وضعت ذراعي على كتفيها أحثها علي السير وقلت " ادخلي يا ميس الجميع هنا ينتظرون قدومك "
نظرت لي في صمت ثم قالت " لا تكذب علي لأنني لن أصدقك "
ابتسمت وقلت " ستصدقين عندما تعرفينهم "
دخل كلينا للداخل فكان هناك غيث وزبير ووالدتي و رنيم اقتربت والدتي وسلمت على ميس بحضن
كبير وقالت بحب " مرحبا بالفتاة الجميلة "
لقد حمدت الله أنها لم تمنعها من ذلك وتجرح مشاعرها
ثم تقدمت رنيم وصافحتها بابتسامة قائلة " مرحبا بك معنا يا ميس "
أجابتها ميس " شكرا لك "
كانت ملامح ميس تتسم بالبرود التام وهذا لا أستغربه أبدا بل وأتوقع الأسوأ
قالت أمي بابتسامة " لقد جهزنا لك غرفتك الخاصة أتمنى أن تجدي الراحة هنا "
ابتسمت ابتسامة باهتة وقالت " شكرا لك سيدتي "
ابتسمت أمي وقالت " أعلم أنك تعتبي كثيرا علينا ومعك كل الحق ولكن يا حبذا لو نديتني خالتي فأنا
زوجة عمك ولست بغريبة عنك "
أكتفت ميس بالبرود والصمت دون إجابة ثم قالت والدتي
" أعرفك يا ميس هذه رنيم زوجة غيث ابن عمك الواقف هناك وهذا زبير وزوجته في الأعلى فهي
متعبة بعض الشيء ولا زال هناك أديم وأبني من زوجي الأول واسمه بحر "
نظرت للجميع واحدا واحدا ثم ابتسمت بسخرية وقالت " يبدوا أنكم العائلة الوحيدة التي في استقبالي "
نظروا جميعا لبعضهم في صمت ثم قالت والدتي " أعمامك كلن له منزله "
قالت ميس بحدة " لا تقولي أعمامك من فضلك "
عاد الجميع لنظرات الاستغراب والصدمة التي تتقاذف بينهم كالكرة أما أنا فلم استغرب ذلك أبدا فهي
لم تعترف حتى بخالها فكيف بمن هنا
وقف غيث وقال " وجدي هنا هل تريدي رؤيته "
نظرت له ببرود وقالت " هل أبنائه أيضا هنا "
قال بهدوء " نعم وينتظرون قدومك إنهم في المكتب ألحقي بي "
غادر غيث وهي تتبعه نظرت للبقية وقلت " وأنا ذاهب أيضا "
قال زبير " ولما تذهب أنت "
قلت بابتسامة " لن أفوت هذا الحدث أبدا إن أردت أن ترى شيئا لن يتكرر في حياتك دائما فتعال "
قال بحماس " إذا سأكون معكم أيضا "








أديم





















نظرت ناحية الجالس بجواري في السيارة وقلت بهدوء " عم سعيد "
تلفت حوله كثيرا ثم قال " هل من شخص هنا هل ناداني أحدهم "
قلت بذات الهدوء " هذا أنا وسيم أتكلم معك "
قال بصدمة " وسيم الأخرس "
قلت بابتسامة " نعم وسيم الأخرس زميل ليان ومن سيكون زوجها "
قال باستغراب " كيف ... هل أنت لست بأخرس "
قلت " نعم وأسمي ليس وسيم أيضا ولكن عليك أن لا تخبر ليان بشيء "
بدت على ملامح العجوز القلق فقلت مطمئنا
" لا تخشى يا عم فلن يمس ليان سوء مادمت على قيد الحياة وأنت وهي في رعايتي "
قال بعد صمت " ولما تخفي حقيقتك وحقيقة اسمك لما لا تخبرها بالحقيقة "
تنهدت وقلت " عم سعيد إن حكيت لك كل شيء هل تساعدني وتتكتم على الأمر "
قال بابتسامة " لقد أحببت شهامتك مع ابنة أخي ولن أخذلك أبدا "
حكيت له عن كل شيء عن أسمي وعائلتي ووصية والدي وحتى ما جرى لي مع ليان وهوا يستمع
بصمت ودون مقاطعة فكبار السن يستمتعون بلباقة يفتقدها الكثير من الشباب وبعد أن انتهيت قال بهدوء
" حكايتك غريبة جدا يا بني أرجوك يا من كنت تكون وسيم أو الأخر لا تظلم ابنتي إنها حياتي المتبقية
وعيناي التي أرى بهما كل شيء "
قلت بهدوء مماثل " لا تقلق يا عم ستكونان بأحسن حال فقط لا تذكر اسمي أمامها لأنه سوف يجن جنونها
لو علمت وستأخذك وتغادر من حينها ولا تتكلم عن مركزي فهي تكره الأغنياء حد الجنون "
ضحك وقال " أعرف ليان جيدا فلا يحتاج أن تحكي لي لو تعلم أنها ستتزوج من صاحب ثروة كثروتكم
فستختار الموت من وقتها على الموافقة فليكن الله في عونك لو علمت "
ضحكت وقلت " ولما تعلم فلن نتحدث عن ذلك بعد الآن , فقط كان عليا إخبارك كي ننهي أمور الزواج
في المحكمة فأنت وليها وستعلم باسمي وإن لم أتكلم ولكي تتصرف لو أصابني مكروه فأنت الآن تعرف
عائلتي فالجأ إليهم من فورك لمساندتكم "
قال بابتسامة " على بركة الله على الأقل سيطمئن قلبي على المسكينة اليتيمة التي لم أستطع حمايتها يوما
ولم أجلب لها إلا المتاعب "
بعد أن انتهينا من عقد الزواج توجهت والعم للسوق واشتريت له من أرقى الثياب هناك هوا لن يراها
ولكنه يستحقها فلقد تعلمت شيئا مهما عن الفقر والفقراء ثم وقفت عند محلات النساء حائرا كيف سأجد
مقاسها لا يمكنني تحديد ذلك تحدث مع البائعة فسألتني أسئلة عديدة لتساعدني ثم قالت بنفاذ صبر
" لما لا تتصل بها لتسألها عن المقاسات سيساعدنا ذلك كثيرا "
خرجت خارجا واتصلت بليان فأجابت بعد فترة ثم أغلقت الخط وكتبت لها رسالة فيها
( أرسلي لي مقاسات ثيابك جميعها )
أرسلت لي ( لما لا نخرج فيما بعد للشراء )
أرسلت لها ( لا أرسليها الآن وسأجلبها لك )
كنت أعلم أن خروجها معي سيكون أفضل ولكن حينها لن أتمكن من شراء هذه الماركات الراقية من
الثياب أرسلت لي بمقاسها فأرسلت لها ( وغيره هيا يا ليان لا تتعبيني معك لقد أصبحنا زوجين الآن )
بعدها اتصلت بحور فهي من ستساعدني فرنيم لا تملك هاتفا سألتها عن ألوان الموضة النسائية وآخر
ما ترتدي النساء بعد أن أخبرتها أنني أود مساعدة صديق لي ليشتري لزوجته وكان العم سعيد يتحدث بجواري
لذلك لم تشك اشتريت ثيابا متنوعة وعديدة لها دون أن أطلب مساعدة البائعة لأني أعرف جيدا طرق تسويقهم
للبضائع النائمة والقديمة لديهم
خرجت بكل الحاجيات ونزعت منها ماركة شركاتها وذهبت بالعم والأغراض للمنزل الجديد ثم عدت لليان
أخذتها لشقيقيها أولا لتتنازل لهم عن المنزل واصطحبت العم معي ليؤكد لهم زواجي بها دون أن يروا ورقة
الزواج , لم يترددوا لحظة أو يسألوا حتى من أكون وكيف ستعيش معي وأين بل كان كل همهم المنزل يا لهم
من جشعين ولكن صبرك يا ليان فسيكون لك منزل أفضل منه مئة مرة وباسمك أيضا
نظر لها شقيقها ونحن نغادر وقال بابتسامة جانبية " لا تعودي إلينا في الغد بعد أن يعلم حقيقتك "
كانت ليان ستتكلم ولكني أمسكت يدها وسحبتها معي للخارج وتوجهنا لمنزلنا الجديد وحياتي
الجديدة التي الله وحده يعلم كيف ستكون فها أنا أغوص شيئا فشيئا في هذا العالم الذي اخترت الابتعاد عنه
قدر الإمكان ولست أعلم إن كانت هذه هي النهاية أم ثمة جديد سيكون أكبر من هذا ولكن بعدما رأيت من
أخوتها اليوم فلن أتخلى عن مساندتها ما حييت























ليان

















بعد أن خرجنا من عند إخوتي أخذنا وسيم في سيارة أجرة لمنزل كان رائعا وجميلا جدا كنت أنظر
في كل اتجاه وسرور العالم كله يعتريني والابتسامة لا تفارق ثغري نظر لي وسيم بابتسامة ثم كتب لي
( هل يعجبك المنزل )
كتبت ( وكيف لا يعجبني )
كتب لي ( اصبري قليلا وسيكون ملكا لك ما هوا أحسن منه )
تجول بي في جميع الغرف كان يتكون من طابق واحد به مجلس جميل ومرتب للضيوف وصالة جانبية وممر
يحوي ثلاثة غرف وحمام وغرفة نوم بحمامها الخاص كان المنزل بسيطا وجميلا ويبدوا جديدا بعد أن انهينا
الجولة عدنا حيث كان عمي وجلب وسيم الكثير من الأكياس واراني بعض الفساتين والبنطلونات وتنانير
وبيجامات وأشياء كثيرة رائعة بل مبهرة وكادت عيناي تخرج من مكانها من المفاجئة كنت أراها قطعة
قطعة وأقول بسعادة " هذه الثياب لم أحلم بها يوما كم أنت رائع يا وسيم أنا سعيدة بك حقا "
ثم كتبت له ( كم كلفك هذا تبدوا راقية جدا )
كتب لي ( أنتي تستحقي أفضل من ذلك , واطمئني الثياب تقليد عن الأصل فهي ليست باهظة الثمن كثيرا ثم
أنتي عروس ومن حقك أن يكون لديك ثياب جديدة وجميلة )
كنت منهمكة في تقليبها وتفتيشها فأقترب وجلس بجانبي وكتب لي ( هل أنتي متأكدة أن عمك لا يرى )
ضحكت وكتبت ( كل التأكيد لما هل تريد أن تختبره )
ابتسم وكتب لي ( أجل وفي الحال )
رفعت عيني من على الدفتر بحيرة فقبل شفتاي مطولا بعمق ثم قام وغادر جهة المطبخ شعرت بأنني سأذوب
من الخجل والإحراج وشعرت وكأن عمي كان يرانا , ما أسعدني بما أنا فيه لقد أعطاني الله فوق ما أتمنى زوج
يرعاني وعمي وأنهى مشاكلي ومنزل وثياب كثيرة ورائعة رجل لم أحلم به يوما شهما ورقيقا ووسيما أيضا
وحتى قبلته شيء آخر , أمسكت خداي بيداي في خجل ثم جلست بجوار عمي وقلت
" انظر يا عمي ما جلب لي وسيم من ثياب كلها جديدة وجميلة "
ابتسم عمي وقال " ليسعدك الله يا بنتي إنه شاب رائع لقد اشترى لي أيضا ثيابا كثيرة "
ثم توجهت للكيس الذي لم يرني وسيم إياه فتحته فكان يحوي ملابس داخلية وقطع لقمصان نوم لففت الكيس
بسرعة ورميته قبل أن يراني خرج وسيم من المطبخ سحبني من يدي لداخله ثم خرج وجلب عمي كان قد
جهز الأكل في الأطباق ووضع العصير وكل شيء نظرت للطعام بسرور وقلت
" يا لك من رائع يا وسيم لم أحلم يوما بزوج ولا حياة كهذه "
خرج مجددا وعاد بدفتره وكتب ( آسف لأني تزوجتك دون حفل زفاف )
كتبت له ( لا عليك فأنا لم أفكر في الأمر أساسا فلا عائلة لي ولا لك فمع من سنحتفل يكفيني كل هذا إنه أروع
من أي حفل )
انهينا طعامنا ووقف بعدها عمي وقال " خذيني لغرفتي يا ابنتي لأنام قليلا "
وقفت وقلت " بالتأكيد وحالا فأنت لم تنم منذ صليت الفجر "
أخذته لغرفته ولحق بنا وسيم وعند خروجي من غرفة عمي سحبني من يدي باتجاه غرفة النوم شعرت
بالخوف والخجل أمسكت يده وكتبت له فيها بإصبعي كلمة عليا ثم كلمة تنظيف ثم المطبخ فابتسم وقبلني
على خدي ثم حملني للغرفة دون أي رد
ومرت بي الأيام معه كان يخرج منذ الصباح لعمله ولكنه لم يكن يرجع إلا عند المساء ويقضي الليل كله
معنا كان يحيرني كثيرا أمره لما يغادر كل هذا الوقت وأيام الإجازة الأسبوعية يقضيها بعيدا عنا كنت أود
سؤاله عن كل هذا وعن عائلته ولكنني لم أرد إغضابه فقد اشترط عليا ذلك منذ البداية وليس علي سؤاله عن
خصوصياته وكنت أعلم ما ستكون النتيجة فستبدأ بسؤال عفوي ثم ستتحول لشجار وتكثر شجاراتنا وأتسبب
حينها بتدمير حياتي
" ما بك يا ليان صامتة طوال اليوم هل يشغل بالك شيء "
تنهدت وقلت " نعم يا عمي يشغلني أمر وسيم "
قال بحنان " وما في أمر وسيم يشغلك هل تشاجرتما "
قلت نافية " لا لم يحدث ذلك يوما ولكن الغموض الذي يلفه يحيرني يتغيب عن البيت أغلب اليوم وحتى
الإجازات أيضا , وعائلته لا نعرف عنها شيئا ولا يمكنني سؤاله فهوا اشترط علي وأنا وافقت "
قال عمي بهدوء " لا تجعلي الأفكار والهواجس تفسد عليك حياتك هوا لا يُنقص علينا شيئا فأحسني الظن
بزوجك وثقي به "
أجل وسيم رائع جدا معي رغم قلة رؤيتي له حتى أنه جلب لي سلسالا ذهبيا منذ أيام كان بسيطا ولكني لم
امتلك مثله يوما فعليا أن لا أفسد على نفسي ذلك
قلت بهدوء " كل ما أخشاه أن يصاب وسيم بمكروه لا قدر الله فمن سيكون لنا ولم يعد لدينا منزل
وهذا المنزل إيجار فقط "
قال مطمئنا " لا تقلقي يا ابنتي فالله لن ينسانا ولا تخافي فحتى لو أصابه مكروه فلن تضيعي بعده "
تنهدت وقلت " أتمنى أن لا يصيبه أي مكروه وأن يتركني نحسي أعيش باقي حياتي سعيدة "

























الجزء الواحد والعشرون









صهيب






كنت أعلم أن مواجهة ميس بالعائلة لن يكون أمرا سهلا وحمدا لله أنها لم تجرح والدتي أو
رنيم بكلمة من كلامها الناري غادرت ميس تتبع غيث للمكتب وغادرنا أنا وزبير خلفهم
متوجهين لمكتب والدي القديم دخلت ميس خلف غيث الذي جلس على الأريكة بينما اكتفت
هي بالوقوف مكتوفة اليدين وترسل بنظراتها الحادة للجميع ووقفت أنا وزبير جهة الباب
نراقب في صمت نظر لها عمي عاصم من أعلى لأسفل ثم قال
" أين كنتي "
ابتسمت بسخرية وقالت " كان يجدر بك أن تسأل مع من كنتي لتأخذ بالحق منهم وليس
أين كنت ولا تسألني ما فعلوا بك لأني أعلم أنه السؤال القادم ولن أجيب "
قال بحدة " احترمي أعمامك وجدك ولا تتواقحي "
قالت بذات السخرية " عندما تكونوا أعمامي سيكون عليا احترامكم "
وقف عمي جسار وقال " زني كلماتك يا ابنة نبيل "
قالت بحدة " أجل ابنة نبيل الغصن الطيب الذي نبت في التربة الخبيثة فرفضته لأنه لا يليق بها "
وكزني زبير وقال بهمس " ما هذه النارية "
ابتسمت وقلت بذات الهمس " لم ترى شيئا بعد"
قال عمي عاصم ببرود " من الذين اختطفوك وماذا حدث معك "
نظرت له بكبرياء وقالت " لن أقول ولن يهمك الأمر ولا سمعتي حتى فأنا لست ابنتكم على أية حال "
قال عمي جسار بحدة " سكتنا عن طول لسانك كثيرا فألزمي حدودك خيرا لك "
قالت بغضب " لا ترفع صوتك علي يا هذا ولا أحد له الحق علي ولا أريد من قمامتكم مليما ولكن حق
والدي سيخرج من بين عظامكم واقسم أن الفاعل سيندم حتى الموت "
قال عمي جسار بسخرية " وما سنتوقع من تربية الغرب ومختلسي الأموال "
كانت تلك هي الجملة التي ضربت قلب البركان فثارت ميس قائلة بصراخ تقذف
حممها عليهم
" بل اشرف وأنبل منك وممن ربيت ولست تساوي نعال والدي وإن لم تترجى وتتعذر
لابنة مختلس الأموال هذه فلن أكون ابنة نبيل الرجل الذي أفنى عمره يغرف دراهم
الحلال بأظافره وينام على الأرض ويأكل الماء والخبز ليكون شرفا وعزا لي ما حييت "
توجه عمي جسار ناحيتها بغضب وصراخ رافعا يده عليها
" وقحة ولم تجدي من يقوم بتربيتك التي ستكون على يدي "
ركضت جهته وأمسكت يده بقوة وقلت بغيض " لن تلمس شعرة منها ما دمت حيا "
سحب يده مني وقال بغضب
" رائع وتدافع عن سلاطة لسانها مع أعمامها و من هم في عمر والدها أيضا ولم تحترم حتى جدها "
قالت بغضب " لستم أعمامي وهوا ليس جدي وإن ضربتني أقسم أننا سنجتمع الليلة في قسم الشرطة "
قال بصراخ " بل سأكسر عظامك وأرني ما ستفعلينه "
قلت بحدة وأنا أقف بينهما " إن كنت ستضربها فعليك قتلي أولا "
قال بغيض " وبأي حق فأنا الأقرب لها منك وأضربك واضربها "
قلت بغضب " بحق أنها ابنة عمي الذي حرمتمونا من رؤيته وبحق أنها ستكون زوجتي ومن يمسها
بسوء فلن يسلم مني أبدا "
قال عمي عاصم بسخرية " انتقيت جيدا يا ابن أخي تليقان ببعض حقا "
ثم قال عمي جسار بغيض
" لا تعتقدي أن هذا الطفل يحميك مني وأقسم إن لم تحترميني ثانيتا كسرت رأسك "
قالت بسخرية " أنا لا أخاف منك ولا أحتاج لمن يحميني وإن كان بيننا حق فالقانون يحسمه وإن
لم يكن فلست أعرفك ولا أعترف بك "
وقف جدي وقال أخيرا " أنتهي الحديث في الأمر غادرا الآن "
نظر له عمي جسار بحدة وقال " هذا بدل أن تؤدبها وتوبخها يا أبي "
قال جدي بحدة " كل واحد منكم أخذ حقه بلسانه فلا ظالم ولا مظلوم هنا "
غادر عمي جسار غاضبا ثم قال عمي عصام
" لقد شوهتِ سمعتنا وسمعة بناتي يا مجتلبة المصائب "
قالت بسخرية " إن كان لشقيقك ذاك أبناء فزوجهن إياهم صاحبات السمو الآتي لم تدخل
عليهن تربية الغرب والمختلسين واتركوا عديمة الشرف والعفة هذه لكلام الناس الذي لا
يجد وزنا إلا في عقولكم "
خرج حينها عمي عاصم يهدد ويتوعد وغادر جدي في صمت دون أن يضيف كلمة وقال
حينها زبير
" اقسم أنه لن ينام أي منهما الليلة هههههه "
قال غيث " لن يسكتا أعرفهما جيدا قد تؤذي نفسك يا ميس "
قالت ببرود " لا يهم ولست بخائفة من أي منهم فلن أخسر أكثر مما خسرت والدي وسمعته
وحياتي وعملي ودراستي ثم سمعتي فما تبقى شيء أخاف عليه "
ثم نظرت لي ويداها في وسط جسدها وقالت بحدة
" هذا ما كنت تود جلبي إليه إهانتي واهنة والدي , لقد آذيتني حقا وبما فيه الكفاية يا ابن العائلة المبجلة "
ثم غادرت ونظر إليا زبير وقال " هل ستتزوجها حقا "
قلت " نعم ورغما عن أنفها فأنا من تسبب بما شاع عنها "
قال غيث " وهل تجد هذا حلا , لقد رأيت بنفسك إنها شرسة وحادة الطباع وتكرهنا جميعا ستتحول
حياتك لجحيم يا صهيب "
قلت بتصميم " لن أعود في كلامي وسيكون ذلك ولو بعد حين "
نظر زبير لغيث وقال " حمدا لله أن والدي لم يشترط زواجي بها في وصيته لقد نجونا حقا "
ضحك غيث وقال " لو كانت رنيم مثلها لتحول القصر لحطام بالتأكيد "
نظر لي زبير وقال " البنزين والنار لا يجتمعا يا أخي إنها تشبهك كثيرا لن ينجح الأمر اقسم لك "
ابتسمت بسخرية وقلت مغادرا
" وهل نجح معكما إنكما تتوجان زواجكما بالفشل كل يوم رغم اختلافهما عن ميس "
خرجت متوجها لحيت والدتي وقلت " أين هي ميس "
قالت " سألتني عن مكان غرفتها فدللتها عليه ماذا حدث هناك "
ابتسمت وقلت " حرب طاحنة خرجنا منها بأقل خسائر والحمد لله "
تنهدت بحزن وقالت " تبدوا لي هذه الفتاة ناقمة على الجميع هنا "
قلت بهدوء
" علينا بالصبر يا أمي فما مرت به ووالدتها في حياتهم ليس سهلا وستغير رأيها بنا حتما "
قالت بذات الحزن " أتمنى ذلك إني أرأف لحالها حقا لقد خسرت الكثير وأخرهم سمعتها "
قلت بعد صمت " أمي أنا المذنب وأنا من عليه إصلاح ذلك "
نظرت لي بصدمة وقالت " ما تعني بذلك يا صهيب "
قلت بتصميم " أعني ما فهمتي والفتاة لم يمسسها أحد فلا تقلقي "
تنهدت وقالت بأسى " ستتعب كثيرا قبل إقناعها "
قلت مغادرا " لا يهم وإن فشلت فسأجبرها "
وكان الأمر كما توقعت فقد سجنت نفسها في غرفتها ولم تخرج منها















جود








( ما أجمل السفر مع الأميات عندما لا تكون إلا جميلة وغير مستحيلة عندما تكون أرق من
النسيم وأنقى من عطر الزهور كم نهفو لتلك الأشياء وكم نتمنى أن لا تزول وإن لم تتحقق )
أغلقت دفتري بعدما نثرت على صفحاته جزءا جديدا من حبر قلمي ورميت به على السرير أمسكت
بهاتفي وفتحت الرسالة التي قرأتها اليوم عدد دقائق الساعات
( غريب أمر بعض البشر فمهما تحدث إليه تشعر وكأنك لم تقل شيئا ولم تتحدث مع أحد من
قبل فبعض القلوب الطيبة حديثها مطر وصمتها مطر فكيف لا نزهوا بقربها.... الرجل الكئيب )
ابتسمت وأغلقتها وقلت
" ويكتب أسمه أيضا تحت الرسالة هل يحب هذا الاسم رغم أنه ليس جميلا "
نحن لم نتحدث منذ ذاك اليوم ولم يتصل بي وكأنه يحترم رغبتي حال لم أشاء الحديث وأرسل
لي بهذه الرسالة فجر اليوم التي لازلت أترجم معانيها حتى الآن , بعد قليل رن هاتفي فكان كما
توقعتم الرجل الكئيب لابد وأنه يريد الاطمئنان على رسالته إن وصلت بسلام أجبت بعد لحظات
فجاء صوته قائلا " مساء الخير يا بلسم "
ضحكت وقلت " هل أصبح لي اسما جديدا ولا أدري "
قال بصوت مبتسم " وما أفعل في رأيك فأنا لا أعرف اسمك هل تخبريني به "
قلت " لا أستطيع "
قال بهدوء " إذا أنتي بلسم إن لم يعجبك فسأغيره "
قلت بابتسامة " بلى يعجبني فهوا أجمل من اسمك لدي "
ضحك وقال " ومن قال أنه ليس جميلا يكفي أنك من اختاره "
ساد الصمت للحظات ثم قال " بلسم أين ذهبتي "
قلت بهدوء " نعم أسمعك "
قال " اعذريني إن كان ما قلت أزعجك "
قلت بصوت مبتسم " لا أبداً وشكرا لتقديرك لما أختار "
قال " هل أزعجك اتصالي أخاف أن لا يكون الوقت مناسبا "
قلت مباشرة " لا أبدا لم أكن أفعل شيئا مهما "
قال " وما كنتي تفعلي "
قلت بعد صمت " أكتب في دفتري "
قال " أمممم أنتي لا تدرسي فما تكتبيه إذا في الدفتر "
قلت بخجل " بعض الكلمات التي تخطر ببالي "
قال بصوت دافئ " إذا أنا أنتظر منك أن ترسلي لي شيئا منها ما أن ننهي اتصالنا موافقة "
قلت بهمس " موافقة "
قال بهدوء " ما هي أخبارك وكيف تسير أموركم "
قلت بأسى " جيدة أحيانا وسيئة أحيانا أخرى "
قال بصوت حنون " حدثني عما يضايقك يا بلسم أو حتى أطلبي ما شئتي لمساعدتك "
قلت بحزن " شكرا لكرمك معي ولكن لا يمكنك مساعدتي في شيء لقد تحطمت كل أحلامي ولا
يمكن إعادة ما تحطم "
قال بحدة " ما هذا الذي تقولينه أنتي من علمني الوقوف بوجه ألمي ومشاكلي كيف تقولي هكذا "
قلت " الأمر معي مختلفا جدا صدقني , أخبرني ما هي أخبارك أنت "
تنهد وقال " لازال وضع شقيقي يشغلني كثيرا يبدوا لي الأمور تزداد تعقيدا عليا التصرف والتخلي
عن نصيبي من الإرث ومخالفة أوامر والدي لأتركها له , كنت أود التحدث معك في الأمر "
قلت بصدمة " تتحدث معي أنا "
قال بجدية " نعم وقد أفعل ما تشوري به علي "
قلت بحيرة " لما تضعني بهذا الموقف ماذا لو عمِلتَ بما أقول وفشل الأمر "
قال مباشرة " لا يهم ولا أعتقد أن ما تقولينه سيكون دون نفع "
قلت بهدوء " أعفني من ذلك أرجوك وكل ما يمكنني قوله لك أن ما تفكر به قد لا يكون
حلا مناسبا فسيكون على شقيقك أيضا أن يتخلى عن نصيبه وقد لا يفعل ذلك لو كان محتاجا
للمال فتذهب الفتاة لرجل آخر لا يمكنه حينها استرجاعها منه "
قال بحيرة " أخاف أن باقي الوصية لا يفك ارتباطي بها وتستمر المأساة لا استطيع مخالفة
أوامر والدي لا أستطيع "
تنهدت وقلت " ليس أمامكم إلا الصبر إنكم في مأزق حقيقي إلا إن كنت ترغب في تركها
لتتزوج بحبيبيك السابقة "
قال بحدة " بلسم "
قلت بتوجس " ماذا ... هل قلت شيئا أزعجك "
قال بضيق " بلى قلتي , أنا لم أعد أفكر في الزواج منها أبدا وأنتي تعلمي ذلك "
قلت براحة " ذلك أفضل كنت أود اختبارك لما انزعجت "
قال بحيرة " ولما تختبرينني "
قلت بعد صمت " لأرى إن تجاوزت أزمتك أم عدت من حيث بدأت أنا آسفة فلا تغضب مني "
قال بهدوء " أنتي آخر من قد أغضب منه , اعتني بنفسك جيدا ولا تنسي الرسالة وداعا "
قلت بابتسامة " وداعا "
ثم فتحت دفتري فتشت فيه وكتبت له رسالة وأرسلتها له

















رنيم












لولا والدتي وإصرارها ما كنت لأرجع معه وليصنع ما بدا له وليتصرفوا في مشاكل وصيتهم
أنا ينعتني بالخائنة أمامها ويقول أنه لن يترك ابنه لخائنة مثلي تربيه , ابنه الذي لم يصفه إلا بالمشكلة
لقد توسعت الفجوة بسببه حتى أنني توقفت عن الحديث معه حتى الكلمات القليلة المبتورة لم تعد تخرج
مني وأصبح هوا أيضا يتعمد ذلك فأنقطع الكلام بيننا وتحولت لشبة بكماء طوال فترة وجوده كنت أنوي
النوم في حجرة مستقلة عنه ولكني تراجعت كي لا يظن أني أمنعه من نفسي عقابا له
علينا اليوم زيارة الطبيبة لمتابعة حملي كم أكره الخروج برفقته رغم أنه سيكون متنفسي الوحيد فحتى
عند زيارتي لوالدتي لم أخرج أبدا ولم أجني خيرا أيضا فلو أني خرجت لكان أفضل
لقد تحسنت حالة حور شيئا فشيئا وها هي عادت لتعمل معي في هذا المطبخ الضخم الذي لا تنتهي أعماله
فليس سوانا وخالتي وهما يصران على تخفيف الأعمال عني بحجة حملي ولكني لازلت في البداية وعليا
مساعدتهما فابنة عمهم الجديدة تلك لا نراها إلا نادرا وتبدوا كارهة للجميع ومجبرة على البقاء أنا لا
ألومها فلو كنت مكانها وظهرت لي عائلة الآن لأكتشف أنها تخلت عني وعن مشاكلي كل تلك السنين
فسأفجرهم تفجيرا
" رنيم يبدوا لي حملك قد أفسد مزاجك أكثر من السابق "
نظرت لها بابتسامة وقلت " نعم يا رفيقتي في المطبخ "
ضحكت وقالت " رفيقة غير دائمة أنا آسفة لتركي لك وحيدة "
قلت بهدوء " لا عليك يا حور المهم أن تكوني بخير وبصحة جيدة "
أحوال حور غريبة جدا فشيء ما يسبب لها كل هذا الحزن والتعب
قالت بابتسامة " لما أنتي منزعجة من حملك يا رنيم فالأمومة شيء جميل جدا "
تنهدت وقلت " ولكن في وضعي أنا هي شيء في غير وقته "
قالت بذات الابتسامة " ظننت أن كل منكما ينام في جناح كما في السابق يبدوا أن الأمور قد تطورت "
قلت بحسرة " تطور سيء جدا لا أتمناه لك "
قالت بهدوء " إنه طفلك يا رنيم وعليك أن تكوني سعيدة به ولا تهتمي لشيء فما أن تريه
ستنسي كل همومك "
قلت بأسى " كل ما أفكر فيه هوا مستقبل هذا الطفل مع أبوين لم يحدد مستقبلهما بعد "
قالت " لابد أن وجوده سيغير ذلك "
قلت ببرود " لا أعتقد ولن يحصل أبداً "
قالت بهدوء " ولما التشاؤم يا رنيم كم من أبناء غيروا حياة أبائهم "
قلت بألم " ما بيني وبين غيث لا يغيره أبن أبدا ولا حتى عشرة إنه يحتاج لمعجزة ألاهية "
نظرت لي وهي تقف على المغسلة وقالت بابتسامة
" إذا انتظري المعجزات الإلهية ولا تيئسي "
ثم سقط الصحن من يد حور على الأرض وماتت ابتسامتها خلف حزنها المعتاد
وكل ذلك حدث بنظرة واحدة لشيء ما خلفي التفتت للخلف فوجدت بحر واقفا عند
الباب نظرت لحور فكانت منشغلة بجمع الزجاج عن الأرض
فقال بصوته الهادئ وعيناه على حور
" آسف لقد ظننت أن والدتي هنا هل تعرفان أين أجدها "
وما هي إلا أجزاء من الثانية وكانت خالتي تقف خلفه وقالت بحب
" مرحبا يا بحر مرحبا بني لما كل هذا الانقطاع عنا "
التفت ناحيتها وغادرا يتابعان حديثهما , توجهت ناحية حور لمساعدتها في تنظيف
الزجاج وقلت بهمس هادئ
" حور هل تعرفين بحر قبل مجيئك إلى هنا هل بينكما شيء ما "
لم يبدر منها أي ردة فعل لا صدمة من كلامي ولا إنكار لما قلت ولا شيء سوى أنها توجهت
للكرسي بخطى متثاقلة وجلست عليه فجلست بجانبها ووضعت يدي على يدها وقلت
" ما بك يا حور أخبريني "
شدت على يدي بقوة ونزلت من عينيها دمعتان سقطتا على الطاولة مباشرة ودون كلام
حضنتها وقلت " لا تقوليها يا حور لا تقولي ذلك أرجوك "
قالت بألم " لم أعد احتمل يا رنيم لم أعد أحتمل هذا "
كنت امسح على ظهرها بصمت يا لها من مصيبة التي أنتي فيها يا حور لهذا كانت
متعبة ومريضة وحزينة طوال الوقت يبدوا أنني لست الأتعس هنا كما اعتقدت كيف
لإنسان أن يكون بهذه التعاسة مجتمعة , زواج إجباري من شخص لا يحبها وحب لشقيقه
يا لا الكارثة
قلت بحنان " توقفي عن البكاء يا حور سوف تمرضي من جديد "
ثم قلت بابتسامة " من سيساعدني في المطبخ حينها "
رفعت رأسها وابتسمت ابتسامة حزينة فقلت لها " هل كنتِ تعرفينه في السابق "
قالت بحزن " بل كنت أحبه بجنون "
قلت بأسى " يا إلهي ويبدوا لي أنه هوا أيضا كذلك "
قالت بذات الحزن " كان .. كل شيء كان وانتهى "
قلت بهدوء " قد يكون كان ولكنه لم ينتهي على ما يبدوا لي فلما وافقت يا حور وهوا شقيقه لما
أوقعتي نفسك في هذه المصيبة "
قالت ودموعها بدأت بالنزول من جديد " أنتي تعلمي أني لم أوافق ولم يطلبوا موافقتي حتى ولم أكن
أعلم أنه شقيقه فليس لهما نفس الاسم لقد علمت بعد وصولي إلى هنا "
قلت بدهشة " يا إلهي لقد كانت صدمة كبيرة لك بالتأكيد "
قالت بابتسامة حزينة " بل كدت أفقد عقلي يومها "
قلت بحزن
" نعم أذكر ما مررت به بعد وصولك لم أتصور أن الأمر كذلك ولكن لما افترقتما ما الذي حدث "
قالت وهي تمسح دموعها " لقد رفضه عمي عند خطبته لي ولم أره من حينها قبل أربعة سنين "
تنهدت بألم وقلت
" سحقا لها من وصية كم حطمت من قلوب وأبكت من عيون كل يوم اكتشف سؤها أكثر "
قالت بضيق " لقد أصبحت أكره حرف الواو وحرف الصاد والياء والتاء المربوطة أيضا "
ضحكت من بين حزني وقلت " وحرف الواو أحد حروف اسمك والياء من أسمي "
ابتسمت بحزن وقالت " حمدا لله أنه لا يوجد باسمي حرفا آخر منها "
قلت بابتسامة
" هل سيكون هناك أسوء مما أنتي فيه ليزيده الحرف فحرف واحد قد دمر كل شيء "
ثم تابعتُ قائلة " وميس أيضا تملك حرفا لا بد أن الوصية سبب جلبها إلى هنا "
قالت بابتسامة " لقد سمعت زبير وصهيب يتحدثان عن ذلك "
ضحكت وقلت " شر البلية ما يضحك , بقي أديم لابد أن يحظر واحدة تحمل أحد الحروف
والكثير من التعاسة أيضا "
وقف حينها غيث عند باب المطبخ وقال " أين هي أمي "
تمنيت أن تجيبه حور ولكن ما باليد حيلة فالأفضل أن لا تتحدث هي عن بحر فقلت بهدوء
" لقد وصل بحر للتو وهما معا "
قال وهوا يغادر " جهزي نفسك لأخذكم للعيادة النسائية "
تنهدت وقلت بهمس " سيكون اليوم من أتعس أيام حياتي بالتأكيد "
ثم وقفت مغادرة لجناحنا لأجهز نفسي ولولا إصرار خالتي لما ذهبت فليولد أو يموت أو
يحدث ما يحدث له فكله بمشيئة الله























غيث









كانت هذه أول مرة نتبادل فيها الكلمات منذ ذلك اليوم لقد تحولت رنيم لعالم من الصمت
فلما أنا المذنب فيما حدث كيف أكون ملاما وقد رأيت ابن خالتها بعيني يخرج من منزلهم
وأنكرت والدتها وجوده هناك
لقد أصبحت رنيم تفهمني جيدا فلو أنها تركتني أسال والدتها عنه باسمه لبقيت شاكا طوال
الوقت أنها قد كذبت علي لتغطي على ابنتها ولو لم يقل أدهم بلسانه أنه لا يعلم سبب هذا
الزواج لبقيت على ضني بأنهما على اتفاق لتتخلص مني وتتزوجه بمجرد فتح باقي
الوصية , دائما ما أفكر بأشياء اتجاهها وأكتشف فيما بعد أني مخطئ ولكن ما بيدي حيلة
لا أستطيع أن أتق بامرأة كانت من تكون لا استطيع
توجهت لحيت كانت والدتي فوجدتها هي وزبير ألقيت التحية وقلت
" أين هوا بحر أليس هنا "
قالت " كان هنا وغادر وصهيب "
تنهدت وقلت " هيا يا أمي عليك مرافقتنا للطبيبة "
قالت بهدوء " ولما عليا الذهاب معكما "
قلت بذات الهدوء " لتكوني معها إنها أمور تخصكم أنتم النساء وقد تنفعينها بشيء أنا ما علاقتي "
وقفت وقالت " أمري لله الأبناء متعبين مهما كبروا "
قال زبير بابتسامة " لازال هناك تربيته ستكون عليك المساعدة فيها أيضا وكل من يليه "
ضحكت وقالت " أرجوكم لا تكثروا العدد من أجل صحتي "
ضحك وقال " لديك خمسة أبناء لو أنجب كل واحد منهم أثنين فقط فسيكونون عشرة "
قالت مغادرة بابتسامة " عشرة ولم نرى منهم إلا واحدا بعد قرابة العام "
خرجت خلفها وتوجهت للسيارة في انتظارهم وبعد وقت جاءت رنيم وحدها وركبت
بجانبي فنظرت لها باستغراب وقلت " أين أمي "
قالت بهدوء وعيناها للأسفل " قالت أن ابنة عمها قادمة الآن لزيارتها "
اجزم أنها خططت لذلك كي لا تأتي معنا انطلقنا في صمتنا المعتاد الذي أصبح كثيرا وموحشا
وصلنا لمجمع حديث للعيادات الخاصة دخلنا ووقفنا ننتظر دورنا فقلت بضيق
" أليس من المفترض بنا لو ذهبنا لعيادة خاصة خارجية على الأقل ستكون غير مزدحمة
وهناك صالة انتظار أو جعل طبيبة نسائية خاصة للعائلة "
قالت بعد صمت " سألت خالتي عنهم كثيرا فأغلبهم أطباء رجال أو طبيبات سيئات هي
من اختارت هذه "
كنت واقفا على أدق عصب من أعصابي هي المرة الأولى التي أخرج فيها مع رنيم وكلما
مر أحد الرجال نظرت باتجاهها لا شعوريا وكأني متأكد من أنها ستنظر إليه أو ستأشر له
ببعض الإشارات وكانت في كل مرة على حالها شاردة الذهن تنظر للأرض وتبدوا في
عالم آخر تماما وقف شابان مقابلان لنا كنت سأطلب منها تغيير مكاننا لولا خروج السيدة
التي كانت بالداخل فقلت
" إنه دورك "
فلم تتحرك نظرت لها وقلت " رنيم لقد حان دورك "
نظرت لي بعد أن عادت من شرودها وقالت " ألن تدخل معي "
قلت ببرود " ما من داعي لذلك أنتي من ستكشف عليها وليس أنا "
قالت بإصرار " بل عليك الدخول معي "
ثم ابتسمت بسخرية وقالت " قد تتحدث مع إحداهن وأنا بالداخل "
نظرت لها بضيق فقالت " آسفة نسيت أننا في هدنة "
ثم أمسكت بيدي وسحبتني معها للداخل ولا أعلم لما كل هذا الإصرار على دخولي
جلسنا أمام الطبيبة أخذت أسماءنا وبياناتنا وقالت " ما المشكلة التي تعانيانها "
قالت رنيم " أنا في بداية حملي وستكونين المشرفة عليه "
ابتسمت وقالت " زوجك معك ظننت أنها مشاكل في الإنجاب "
قالت رنيم " لا ولكني من أصر على وجوده معي "
ثم بدأت تطرح عليها الكثير من الأسئلة الروتينية وقامت بفحص الجنين ثم طلبت منها
رنيم طلبا غريبا وقالت
" هلا حددتِ لي وقت حملي بدقة رجاءا "
ها قد علمت الآن لما أدخلتني معها كانت تريدني أن أسمع منها هذا الجواب بالتحديد كتبت
الطبيبة بعض الأرقام والتواريخ التي سألتها عنها سابقا وبدأت تحسب ثم رفعت عينيها وقالت
" الحمل حدث في الأيام من السابع إلى العاشر من شهر محرم "
وكان بالفعل ذاك اليوم احد هذه الأيام ثم وقفت رنيم وشكرتها وأخذت منها مواعيد زيارتها
التي أصرت كثيرا أن تكون اقل ما يمكن وفي أبعد وقت ثم خرجنا فقلت بضيق
" ما معنى ما فعلته الآن "
قالت بهدوء " آسفة يا غيث أعلم أنك لم تقل أو تطلب ذلك ولكن لكي ترتاح وأرتاح
لأني سأظن بشكك بي دائما وإن لم يحدث "
لم أحب إطالة التحدث في الأمر خصوصا بعد كلامها الأخير ركبنا السيارة وغادرنا
ففكرت لوقت في مكان ليس به أحد وينفع للذهاب إليه فكرت وفكرت ودون جدوى في
النهاية قلت
" هل تريدي الذهاب لأي مكان "
نظرت لي باستغراب لوقت طويل ثم قالت بهدوء وهي تعيد نظرها للأسفل
" شكرا لا أريد فلنعد للقصر "
قلت بذات الهدوء " رنيم لما لا تعطيني الفرصة كلما حاولت إصلاح الأمور "
قالت بعد صمت " لأن الأمر سيفشل صدقني سيفشل مادامت أفكارك لم تتغير "
قبضت على المقود بقوة وقلت بضيق
" لهذا لم أرد الزواج ولم أكن سأتزوج أبدا كي لا أظلم امرأة معي فأتعب وأتعبها "
نظرت لي وقالت " لماذا يا غيث ما السبب "
لقد كانت المرة الأولى التي تسألني هذا السؤال فقلت
" لأنهن خائنات كريهات وأكرههن جميعا "
قالت بأسى " ألست تحب والدتك وتعامل حور وحتى ابنة عمك بلطف ألم تنجبك
امرأة وربتك ورعتك هل هي خائنة أيضا "
قلت بغضب " بل خائنة سمعتي خائنة وجميعهن كذلك الكثيرات كن خائنات "
نظرت لي بصدمة فتذكرتُ فجأة أنني خرجت عن السيطرة في كلامي فقلت بضيق
" أغلقي هذا الموضوع يا رنيم "
ثم وصلنا للقصر فنزلت هي في صمت وغادرت أنا





























أُديم













الآن قد ارتاح ضميري مادامت مشاكل ليان قد انتهت لم أتخيل يوما الزواج من فتاة
دون طبقتي وليس أي دون ولكن ما يعجبني أن حياتي معها هادئة جدا لا تسألني أين
كنت ولا لما تأخرت ولا أين تذهب أيام الإجازة حتى أنها لا تتذمر أمامي رغم ظنها
أني لا أسمع , تُرى إن كانت زوجة من الغنيات هل كانت ستكون هكذا
كنت أقضي يومي بعد العودة من الشركة في شقتي حيث عالمي الحقيقي
الرقي والفخامة وجهازي المحمول أتحدث عبره وعبر الهاتف والتقي
بصديقي ونتحدث ونمزح طويلا وعند المساء أذهب لعالمي الجديد المنزل
المتواضع والصمت التام والزوجة الجميلة المبتسمة والعم الطيب كنت
أجلس أستمع لحديثها المطول وعمها الحياة هناك شيء مختلف وكأنني
أعيش عالم غير عالمي وكأنني منهم أشعر أنني لست أديم بل وسيم الشخصية
الجديدة التي كرهتها عندما اضطررت لعيشها حتى أن ذاك المنزل والحياة
بدأت تشدني وأصبحت أرغب أحيانا في ترك شقتي والذهاب إليها قبل المساء
بكثير , كانت فرحتها لا تضاهى كلما اشتريت لها شيئا وأخذته لها ولو كان شيئا
بسيطا لو كانت من الغنيات ما فرحت بذاك السلسال الذهبي الذي لم يكلفني شيئا
لقد كانت وكأنها امتلكت طقما ألماسي
لا أعرف لما أتصرف هكذا كنت أتخيل لو أنني تزوجت من فتاة فقيرة ومعدومة كليان
فلن أعاملها إلا بتكبر ولن ألمسها حتى اللمس لو تزوجتها قبل أن أعيش هنا وأعرفها
وأعرف عالمها ما كنت لأعيش معها هكذا فالبساطة والطيبة والمحبة وأشياء كثيرة
توجد فيها وتفتقدها بنات طبقتي المترفة لقد طلبت منها اليوم أن نخرج للعشاء فهي لم
تخرج من المنزل أبدا منذ تزوجنا كنت جالسا في سيارة متواضعة قد استأجرتها لساعات
لنذهب فيها
خرجت بعد قليل وركبت السيارة تجولنا طويلا ثم توجهنا لمطعم مميز للعشاء وقد دفعت
لهم مسبقا كي لا يجلبوا الفاتورة أمامها تناولنا العشاء في صمت وأنا أراقب كل حركاتها
وعيناي لا تفارق وجهها كم تمنيت كسر حاجز هذا الصمت لنتبادل الأحاديث معا وأستمتع
بمزاحها وضحكاتها التي لا أسمعهم إلا مع الغير
انظروا ما حل بي فحتى ثرثرتها أصبحت شيئا يجذبني لامتلاكه نظرت لي وابتسمت فأمسكت
يدها وقبلتها بعمق فهذا كل ما أستطيع تقديمه لها الآن وغير ذلك ستكون عواقبه وخيمة
ولن تسامحني عليه
بعد مرور عدة أيام كنت جالسا في الشركة في مكتبي المعتاد طبعا وبعد ساعات من
العمل جلست أقلب هاتفي المحمول لأتواصل مع أحد فشدني حنيني لسيدة مسائي الجميلة
ليان فأرسلت لها رسالة كتبت فيها
( أجمل ابتسامة هي عندما تبتسم لشخص ليس موجودا من حولك ولكنه خطر على بالك )
كانت أول رسالة أعبر فيها عن مشاعري أرسلها إليها فأرسلت بعد قليل
( لا تنسى إحضار ثيابك )
ابتسمت وهذا ما توقعته فليان تخجل من الحديث معي عن مشاعرها بسبب خرسي الوهمي
فنحن لا نتحدث هذه الأحاديث ولا حتى على الورق فأرسلت لها
( بعض الرسائل تكفينا وإن كانت فارغة وكأن أحدهم يقول لك أنا أذكرك )
أرسلت بعد قليل ( لا تنسى أن تحظر كل الأغراض التي كتبتها لك )
هههه يبدوا أنها تتعمد فعل ذلك أرسلت لها
( ألا يوجد لديك شيء ترسليه غير الطلبات )
أرسلت على الفور ( بلى ...... عمي يسلم عليك )
ضحكت بصوت مرتفع فنظرت لي شروق باستغراب فتناولت الدفتر وكتبت لها
( هل ترغبي في رؤية ليان )
ابتسمت بلهفة ما أن قرأت المكتوب وأومأت برأسها إيجابا فكتبت لها
( إذا أعطني عنوانك لأحظرها إليك )
كتبت لي بسرعة ( كيف تحظرها لم أفهم )
كتبت لها ( ليان أصبحت زوجتي منذ فترة )
شهقت شروق شهقة كبيرة من الصدمة وقالت " تبا لتلك المحتالة تزوجتك إذا سأريها "
ثم كتبت لي ( هلا اتصلت لي بها لأكلمها أنا مشتاقة لها كثيرا )
كتبت ( حسننا ولكن هاتفي يعاني عطلا بسيطا ولا يتحدث إلا بواسطة مكبر الصوت ولأني
كما تعلمي لا أتحدث به فلم أصلحه )
قالت بلهفة وهي تهز رأسها لي إيجابا " موافقة "
وقد فاتها أن تطلب مني رقم هاتفها والحمد لله , اتصلت بها وفتحت مكبر الصوت لأسمع كل
ما يدور بينهما وما أن فتحت ليان الخط حتى صرخت بها شروق
" محتالة لقد تزوجتي بوسيمك إذا لقد شككت بأمره منذ البداية "
ضحكت ليان وقالت " مرحبا شروق كيف حالك لقد اشتقت لك كثيرا "
قالت شروق ببرود مصطنع
" ها اشتقتي لي يا كاذبة لابد أن هذا الوسيم أنساك كل شيء "
قالت ليان " لم أنساك يوما يا صديقتي "
قالت شروق بغضب " ولما لم تزوريني يا كاذبة مادمت مشتاقة إلي ولم تفكري حتى
في طلب ذلك من زوجك أو أن تحدثيني عبر هاتفه "
قالت ليان بهدوء " خفت أنه لا يريد قول ذلك لأحد فلم أشأ مضايقته أو إحراجه "
قالت شروق " نعم نعم ياقلبي على الذين يخافون على مشاعر أزواجهم "
قالت ليان " وسيم هوا كل دنياي وسعادتي يا شروق لقد تغيرت حياتي كلها منذ
ارتبطت به وفارقني النحس أخيرا "
( أسمعوا المحتالة لما لا تخبرني بكل هذا الكلام )
قالت شروق بابتسامة
" أتمنى لك السعادة حقا يا ليان لقد سرني ما علمت رغم أن شقيقي لازال ينتظر موافقتك "
ضحكت ليان وقالت " احتفظي بشقيقك لنفسك "
قالت شروق بحدة " ليس لأنه غير وسيم يعني أن تسخري منه "
قالت ليان " أنا لم أقس الأمر بشكله أبدا وليس لأن وسيم جميلا اخترته ولكن ما يمتلكه وسيم
لم يمتلكه أحد ممن تقدموا لخطبتي ولا حتى صاحب العقارات ذاك "
قالت شروق ببرود " نعم ولكنه يفتقد لسانا وأذنين "
قالت ليان بضيق " لم أتوقع منك هذا يا شروق لقد فعل وسيم من أجلي أشياء لم يفعلها الذين
بألسنتهم جميعا ولم أرى ذلك عيبا فيه ولا للحظة فلا تجعليني أغضب منك ولا تعيدي ذلك "
قالت شروق بضحكة " حسننا حسننا لا تغضبي مني لن أهين حبيب القلب ثانيتا , أخبريني
ألن تقرري العودة إلى هنا "
قالت ليان بضيق " أبدا ولو شنقوني وها قد أصبح لدي زوج يوفر لي كل ما أحتاج ودون
سؤال حتى , فما أصنع بعملهم الذي لم أجني منه سوى الذل والمهانة فليهنأ سيدكم أديم
بحياته بعد أن خرجت المستهترة الفاشلة من شركته "
ضحكت شروق وقالت " توقفي عن قول ذلك كي لا يسمعك ويذهب لك بنفسه "
قالت بغيض " آخر ما أتمنى في حياتي أن أراه أو أسمع صوته حتى "
ثم قالت بحزن
" لقد أهانني ذاك كما لم يهينني أحد من قبل أقسم أنه جرحني في كرامتي جرحا لم أنساه يوما "
( آه اعذريني يا ليان ماذا لو علمت أنك زوجته الآن )
قالت شروق
" لقد أخبرني وسيم أنه سيجلبك لزيارتي سأعطيه العنوان وسأنتظرك على أحر من الجمر "
قالت ليان بحدة " ولما تتحدثي مع زوجي ها , قومي بعملك ولا تحدثيه ثانيتا "
شهقت شروق وقالت " ليان هل جننتي هل تغارين على زوجك مني ومن كانت تناديه طوال
الوقت بالوسيم أليس أنتي "
ضحكت ليان وقالت " أمزح معك ولكن حاذري أن تقترب منه إحدى الموظفات كوني مستيقظة "
ضحكت شروق وقالت " وما ستفعلين لها "
قالت ليان " سأقتلع عينيها بالطبع وداعا الآن يا صديقتي قبل أن يفصلك سيدك بسببي "
ناولتني شروق هاتفي وكتبت لي عنوانها في ورقة وعادت لمكتبها وبعد ساعة أرسلت
لي ليان رسالة كتبت فيها
( لقد غمرتني دائما بهداياك واليوم اشتريت لك أنا هدية لأقدمها إليك ما أن تأتي مساء اليوم )
وهل سأنتظر حتى المساء بالتأكيد لا , بعدها بقليل وصلت منها رسالة أخرى كتبت فيها
( أحبك )
لقد كانت مفاجأة لم أتوقعها أبدا ابتسمت بحب ولم استطع إبعاد عينيا عنها ثم قررت الانتقام
منها لما فعلت بي عندما راسلتها فأرسلت لها
( لا تنسي غسل قميصي الأزرق )
أرسلت لي ( من عيني )
ضحكت وخبأت هاتفي في جيبي فقد فشلت في النيل منها , لقد أصبحت ليان شيئا
مهما في حياتي
بعد انتهاء الدوام ذهبت من فوري لمنزلي وليان ولم أذهب للشقة ما أن دخلت حتى
نظرت لي بصدمة وقالت
" لو أعلم أن الهدية ستأتي بك باكرا لجلبت لك واحدة كل يوم "
المحتالة إذا تشتاقي لوجودي ولا تخبريني , اقتربت منها وحضنتها بحب وقبلتها
كم كنت أود أن أخبرها عن كل ما في قلبي اتجاهها بأن تسمعها من لساني وهي
تنظر لعيناي وليس لورق الدفتر حملتها للغرفة بين ذراعي وضعتها على السرير
وكتبت
( أي هدية اشتريت لي وأنتي لا تخرجي من المنزل هل خرجت دون أذني )
كتبت ( لا لم أخرج ولن أخرج دون مرافقتك لي )
كتبت ( إذا ما هي وكيف اشتريتها )
كتبت ( لم اشترها لقد أعطوها لي لأقدمها لك )
كتبت لها ( ومن هذا الذي أعطاها لك سأقتلك يا ليان )
ضحكت وكتبت ( من يحبني كثيرا ويعطيني بغير حساب )
كتبت مستاء ( من )
كتبت ( الله )
نظرت لها باستغراب فكتبت ( أنا حامل )
































الجزء الثاني والعشرون









بحر





لقد كان هذا العام من أسوء أعوام حياتي لم أجني منه سوى الألم والحسرة والهروب
عليا اليوم زيارة والدتي فقد أصبحت تلومني على كثرة غيابي وهي لا تعلم أنه أكثر عذابا من وجودي
معهم , دخلت وكلي خوف من لقاء من كنت أهرب منها وأحترق شوقا لرؤيتها لو أني فقط أتوقف عن
حبها عن الشوق لها عن النظر إليها والحلم بها كل ليلة , لو أنها فقط تختفي كما اختفى الماضي والأمل
والكثير من السعادة , جلست مع والدتي وانظم إلينا صهيب وزبير فقالت بعتب
" لما كل هذا الغياب يا بحر هل يضايقك شيء هنا "
قلت بهدوء " لا شيء يضايقني إنه عملي يا أمي يأخذ أغلب وقتي "
قالت بضيق " أخوتك جميعهم يعملون لما لا يتغيبون مثلك "
تنهدت وقلت " وما تصنعونه بي تعاستكم حضرتها معكم والأخبار السعيدة لم تعد لها وجود بهذا القصر "
قالت بابتسامة " وما أدراك أنه لا أخبار سعيدة هنا "
نظرت لها مطولا في حيرة ثم قلت " هل من جديد "
قالت بفرح " أجل فحور حامل "
صفعتني تلك الكلمات وضربتني بالجدار ثم أعادتني حيث أنا , كنت أريد الصراخ بهم جميعهم لولا
أن الحروف خانتني حاولت أخراجها بكل قواي ودون جدوى وددت لو صرخت وقلت
( يكفيييييييييييييي ) فيكفيني ألما وهما وحزنا , لقد ضاعت منك يا بحر ضاعت تماما ولن تعود
كنت أحملق بها وعيناي تكادان تخرجان من الصدمة
فتكلم زبير قائلا " ماذا حور حامل يا أمي من قال ذلك "
قالت أمي باستغراب " ومن قال أن حور الحامل "
قال صهيب بضيق " أنتي قلتها للتو يا أمي "
رمشت بعينيها قليلا في صمت قاتل يذبحني في كل حين تكلمي يا أمي ارحميني أرجوك قولي أنها كذبة
قالت أخيرا ورأفت بي " هل قلت حور يبدوا أنني أخطأت رنيم وغيث هم من ينتظرون مولودا "
الخبر كان سعيدا يا أمي ولكنك جردته من كل معاني السعادة ورميتني به
ثم قالت بابتسامة " وها نحن ننتظر أن يفاجئنا زبير وحور أيضا ويسعداننا أكثر "
نظر زبير للجانب الآخر وقال بضيق " أمي قلت لك أن تنسي الأمر فلا تتعبي رأسي "
تأففت والدتي ثم نظرت لي وقالت " وأنت أيضا يا بحر ما إن يتقسم الميراث سنخطب لك "
قلت بهدوء حزين " لا يهم فأنا لا أريد الزواج "
قالت بحيرة " ولماذا ألم تخبرني فيما سبق أن ثمة فتاة تريد الارتباط بها "
قلت بأسى " قلت وكان ولم يعد ذلك موجودا "
قالت بصدمة " لماذا "
نظرت لها وقلت بحرقة " لأنها تزوجت يا أمي تزوجت وانتهى كل شيء "
وقفت حينها مغادرا فيكفيني أوجاع لقد جئت لأتلقى نصيبي منها ككل مرة وقد كانت هذه المرة
الأقسى على الإطلاق وفور خروجي تقابلت وحور وقفت مستندة بالجدار وتنظر للأسفل لتفسح لي
المجال للمرور ولكنني وقفت أمامها وأسندت يدي للجدار بجانب رأسها وضربت بها عليه بقوة وأنا
أشير بسبابة يدي الأخرى حيث زبير والبقية وقلت بألم
" اتركيه يا حور انفصلي عنه في الحال فهمتي "
قالت ببكاء ورأسها للأسفل " أرحمني يا بحر أرجوك "
قلت بذات الألم وأنا أضرب بقبضة يدي على صدري " وأنا من يرحمني من , تكلمي يا حور"
خرج حينها صهيب نظرت له بضيق وخرجت مغادرا وهوا يتبعني اقتربت من سيارتي وهوا ينادي
" أنتظر يا بحر هل جننت "
أمسكني من كتفي وأدار وجهي إليه وقال بدهشة
" تبكي يا أخي !!! لقد كنت قويا دائما أمام الصعاب هل تبكي الآن "
رميت بيده عني وقلت " لا شيء لي سواه فهل سأحرم نفسي منه أيضا "
ثم ركبت السيارة وغادرت المكان كله من جديد وككل مرة














ميس

















منذ وصولي هنا وأنا سجينة هذه الغرفة لا أريد أن أرى ولا أتحدث مع أحد كنت انزل لوجبات الطعام
بشكل متقطع ومجبرة إما بإلحاح من والدتهم أو صهيب
أشعر بمزاجي سيء للغاية منذ أتيت بسبب ما علمته عما عانى والدي وما اتهموه به ولازال ما قاله
المدعوين أعمامهم يدوي في رأسي كل حين فسحقا لهم من أعمام
يبدوا لي أنهم وهذه العائلة ليسوا على وفاق فقد تشاجرا مع صهيب حين دافع عني وحتى أخويه لم
ينهيانه أو يوبخاني لما قلت بل أن المدعو زبير كان سعيدا بذلك , آه لو أني أعود من حيث أتيت ولكن
ليس قبل أن آخذ بحق والدي من الفاعل
سمعت طرقا على الباب وأنا أجلس أمام النافذة وأتكئ بيدي عليها موليه ظهري إياه
فقلت ببرود " تفضل "
لابد أنها والدتهم جاءت لتلح عليا بالنزول كالعادة سمعت الباب يفتح والخطوات تقترب حتى
جاءني صوت ليس لها بل لصهيب قائلا " لماذا تسجني نفسك هكذا يا ميس "
قلت ببرود " وفيما يضركم ذلك "
قال " لا يضرنا ولكن يضرك أنتي لما لا تنزلي وتشاركي العائلة حياتها لترفهي عن نفسك وتري
الضيوف وتتعرفي عليهم "
ابتسمت بسخرية وقلت " أتعرف عليهم أم يتعرفوا هم على الفتاة التي اختطفتها العصابة أعلم جيدا
لما يسألون عني "
قال بضيق " ميس ليس عليك أن تأخذي الأمور بهذا الشكل قد يكونوا يريدون حقا رؤيتك ومن سيمسك
بكلمة أقسم أنني أنا من سيطرده "
قلت بحزن " وفر على نفسك ووالدتك الإحراج فأنا لن أنزل لرؤية أحد كي لا أخطئ بحق ضيوفكم فتوقعوا
مني الكثير "
ضحك وقال " من قال لك شيئا سيستحق منك ما سيأتيه "
ثم أضاف بهدوء " ميس لا تحملي هم ذلك وما أن نتزوج سينتهي كل الأمر "
قلت بضيق " ألن تتوقف عن هذه الأوهام "
قال بابتسامة " لا ليس بعد "
التفت إليه وقلت " وحتى متى "
قال بذات الابتسامة " حتى تصبح الأوهام حقيقة "
عدت أنظر للنافذة وقلت " إذا ستنتظر كثيرا "
قال مباشرة " لا بأس "
قلت بهدوء " أريد الذهاب لأيرلندا "
قال " لا شيء لتذهبي له هناك ووالدتك ستنتقل للعيش معك هنا "
وقفت وقابلته وقلت " ولما تتفضلون علينا بالمأوى نحن لا نحتاجكم "
قال بحدة " ميس توقفي عن العناد أنتم عائلتنا وعلينا حمايتكم وتلبية حاجياتكم جميعها فهمتي "
قلت بأسى " ليس لنا لديكم شيء فبأي حق ستتكفلون بنا "
قال بحدة " بلى لكم وليس لدينا فقط بل لدى جميع أعمامي إنه حقكم يا ميس وليس لأحد أن
يمن عليكم به "
قلت بحزن " وحدك من يقول ذلك "
قال بهدوء " وإخوتي جميعا من رأيي "
قلت ببرود " وأعمامك وجدك "
قال بجدية " سيعترفون بذلك رغما عنهم "
ابتسمت ابتسامة حزينة وقلت " أنت تهدر وقتك فقط فأنا لا أريد إلا براءة والدي "
اقترب مني أمسك كتفاي وقال بجدية " سأقتلعها من الجاني اقتلاعا كوني أكيدة من ذلك "
ثم أمسك وجهي بيده وقال بهدوء " وبالنسبة للمال وإن لم توافقي على ما لدينا فستكونين زوجتي ومالي
هوا مالك "
نظرت له مطولا في صمت ثم أبعدت يده وتنهدت بضيق وقلت
" إن كنت ترى في زواجك بي تكفيرا لما حدث فأنا أخبرك أني أحللك من ذلك فلا تصلح الخطأ بخطأ أكبر "
قال وهوا يشد بأصبعيه على خدي ويقرصه " ولكن ضميري لن يرتاح "
قلت بألم " آآآي إنك تؤلمني يا صهيب "
ابتسم وقال " من أجل هذه الكلمة فقط سوف آخذك لأيرلندا ولكن أخبريني لما "
نظرت له بحيرة وقلت " من أجل أي كلمة "
ابتعد وجلس على الكرسي وقال " أخبرتك سابقا أنك لن تفهمي ذلك ولن يهمك "
قلت بلا مبالاة " كما تريد , ولكن لن تذهب معي سأذهب لوحدي "
قال بحدة " لن تتوجهي لأي مكان بدوني يا ميس "
وضعت يداي في وسط جسدي وقلت بضيق " هل ستتحكم بي بأي حق "
نظر لي بحدة وقال " لن تذهبي بدوني يا ميس أو لن تذهبي أبدا وها قد خيرتك "
تنهدت بضيق وقلت " لقد كنتُ حياتي كلها وحيدة وحتى المجيء إلى هنا جئت لوحدي فما سيتغير الآن "
نظر لي مطولا ثم قال " ولما تريدي أن تذهبي لوحدك من ستقابلين هناك "
قلت بغضب " ما تضنني يا هذا وما رأيك أن تأخذني للطبيبة بعد عودتي "
وقف وصرخ غاضبا " ميس لا تقللي من احترامي "
نظرت للجانب الآخر بلا مبالاة وفي صمت تام
تنفس كثيرا بضيق ثم قال ببعض الهدوء " قولي إلى أين ستذهبين وسوف آخذك "
قلت بضيق " إلى ضابط في الشرطة كان يعرف والدي وهوا من يعرف عن قضية سجنه هناك
هل ارتحت الآن "
قال وهوا يغادر " إذا سنذهب معا ونحظر والدتك معنا , هيا أنزلي معي لنتناول الغداء مع البقية "
قلت ببرود " لا أريد "
عاد للداخل وقال " ميس لا تتصرفي كالأطفال أنتي تعلمي جيدا أن الجميع هنا يحبونك ويرغبون
ببقائك ووالدتك معنا فلما كل هذا "
قلت بضيق " أنا لا أريد أحدا "
تنهد وقال " وإن قلت من أجلي هذه المرة "
نظرت له وابتسمت بسخرية وقلت " وما الذي فعلته لي لأفعل شيئا من أجلك "
أحسست من تغير ملامح وجهه أن كلماتي جرحته كثيرا فقلت بهدوء ونظري للأرض
" أنا آسفة "
قال " لن أقبل أسفك ما لم تنزلي لتناول الطعام "
تنهدت وقلت " حسننا ولكن ليس لأجلك فلتكن على علم "
ضحك وقال " موافق وليس لأجلي "
نزلنا معا توجهنا لغرفة الطعام وكان هناك زبير وزوجة غيث ووالدتهم فقط
جيد أن الجد ليس موجودا لكنت عدت أدراجي للأعلى وعلى الفور , وصلنا الطاولة
فقالت والدتهم بابتسامة " لو كنت أعلم أنك ستجعلها تنزل لأرسلتك لها كل وجبة طعام "
قال صهيب بابتسامة وهوا يجلس " لا تعلمي كم أتعبني إقناعها حتى كدت أنزلها على كتفي "
نظرت له بحدة وقلت " وهل ستجبرني على هذا أيضا "
ابتسم بمكر وقال " وعلى ماذا أجبرتك سابقا "
قلت بضيق " على الكثير ولازال لديك المزيد "
قالت صاحبة البشرة ناصعة البياض المدعوة رنيم " لا تزعجوها كثيرا فنحن لا نريد أن تتركنا "
جلست أتناول الطعام في صمت وهم يتبادل بعض الأحاديث حتى قال صهيب
" سنسافر أنا وميس ونجلب والدتها وبعض أوراقها من أجل الدراسة "
نظرت له بصدمة وقلت " ومن قال أنني سأدرس هنا "
قال بهدوء " وأين ستدرسين إذا "
قلت بضيق " نحن لم نتحدث في هذا فلما تقرر وحدك "
قال وهوا يتناول الطعام " لا نقاش في أمر كهذا "
ما يضن نفسه ليتحكم بي هكذا فهوا ليس حتى الابن الأكبر للعائلة لا أحد له هذا الحق
وقفت وغادرت وأنا لم آكل شيئا يذكر وصعدت لغرفتي تجنبا لمشكلات مع أي منهم
























ليان















كنت خائفة كثيرا من ردة فعل وسيم لو علم بحملي هوا لم يخبرني سابقا إن كان يريد طفلا أو إن كان
علينا تأجيل الأمر ولكن اطمئن بالي حينما رأيت الفرحة في عينيه ثم قام باحتضاني بشدة وكتب لي
( أريد فتاة جميلة مثلك )
ضحكت وكتبت له ( وكيف تكون جميلة ومثلي يعني ذلك أن تكون مثلك )
كتب لي ( ومن قال أنك لستِ جميلة )
تنهدت وقلت " مهما كنت جميلة فأمامك سأكون الأقبح "
ثم كتبت له ( ولكني لا أريد فتاة أريد مولودا ذكرا )
كتب وعلى ملامحه الضيق ( بل فتاة )
كتبت ( بل فتى لأني أحتاج للذكور في حياتي كثيرا )
كتب بضيق ( لو أنجبت ولدا فسأضربك )
رميت الدفتر بعدما أخذته منه وارتميت في حضنه وقلت
" كلهم منك رائعون إن فتاة أو صبي أو حتى الاثنين معا "
مسح على شعري وقبل رأسي ثم وقف وناولني عباءتي وحجابي ففرحت حد الجنون لأنه على ما
يبدوا سنخرج معا وبالفعل خرجنا على الفور وتنزهنا كثيرا على قدمينا وفي السيارة
كان يوما رائعا ومن أجمل أيام حياتي وقد اشترى لي وسيم هدية جميلة لم أتخيلها أبدا
كنت أتمنى فقط أن يسعده خبر حملي ولم أفكر أن يفعل كل هذا من أجلي
وأصبحت زيارات وسيم لنا بمرور الأيام تزداد شيئا فشيئا فأصبح يتناول وجبة الغداء معنا أيضا وأحيانا
يمضي اليوم كله بالمنزل أخبرني أنه يعمل عملا إضافيا لذلك هوا يتغيب كثيرا لا استغرب الآن سبب توفيره
لنا لكل ما نحتاج حتى أنه بدأ بجلب ملابس المولود قبل أوانه بكثير وكانت كلها ملابس فتيات هههه يبدوا
مصرا جدا































رنيم












فور عودتي من العيادة صعدت لجناحنا بكيت هناك وحدي بحرقة ومرارة بكيت ما ضاع مني وما سيضيع
لما لا يتوقف عن ذلك لما يلومني على عدم إعطائه الفرصة وهوا من يؤكد أن نظرته لي لن تتغير وشكوكه
لن تتوقف بل كيف أنسى نعته لي بالخائنة على الدوام, ما ذنبي أنا إن صرت زوجته مرغمة وما دخل والدته
بالأمر يا ترى لما نعتها بالخائنة وقال أن الكثيرات كن مثلها ما عناه بذلك ومن هن وما فعلن له , آه ولما أدفع
أنا ثمن أخطاء غيري
بعد ساعات من الوحدة والبكاء نزلت للأسفل ساعدت خالتي في تحضير الغداء الشبه جاهز وقالت لي
أن حور لم تخرج من جناحها منذ الصباح مسكينة هذه الفتاة كنت أرى معاناتها والآن بعدما علمت أصبحت
اشعر بها صعدت للاطمئنان عليها طرقت الباب فخرج لي زبير وقال أنها قالت تريد النوم وأنها بخير لابد
وأن زبير لا يريد أن يقول أنها تسجن نفسها في غرفة لوحدها كي لا أعلم أنهما لا ينامان معا
لم يحظر غيث وجبة الغداء ولم يعد للقصر ولم يتناول حتى وجبة العشاء فبدأت شكوك خالتي وخوفها يزداد
ما أعظم هذه السيدة من يراها يظن أنه ابنها الذي أنجبته وليس ابن زوجها حاولت الاتصال به ولا يجيب
قامت بالتحدث مع أبنائها ليتصلوا به ودون جدوى لقد كان مستاء جدا عندما أوصلني صباح اليوم ترى هل
ما حدث بيننا سبب اختفائه لا أعتقد أن كلامي سيجعل غيث يغضب ويبتعد هكذا لابد وأنها كلماته التي
قالها كانت السبب وليس كلماتي لقد كان غاضبا وتحدث دون وعي منه , سمعت طرقا على باب الجناح فتحت
الباب وكانت خالتي فقالت لي بحزن
" رنيم هلا اتصلتِ به من هاتفي قد يجيب عليك أخاف أن مكروها أصابه "
قلت بعد صمت " إنه هاتفك فما يدريه أنها أنا "
قالت " أرسلي له رسالة رجاء يا ابنتي "
أدخلتها للداخل وقلت لها بحنان ويدي على كتفها " لا تترجيني يا خالتي أنتي تأمريني فقط "
جلسنا معا أخذت هاتفها وأرسلت له رسالة كتبت فيها
( غيث إن كنت بخير فأجب على اتصالاتنا لنطمئن عليك أرجوك ..... رنيم )
وجلست وخالتي ننتظر في صمت بعد أن تحول الانشغال منها لي فمهما كان بيننا هوا زوجي
ووالد ابني ومن يقوم بحمايتي من أولئك المتوحشين وبعد ساعة من الانتظار اتصل غيث أخيرا
فقالت خالتي بفرح " حمدا لله لو كنت أعلم لطلبت منك ذلك منذ النهار "
آه لو كنتي تعلمي ما دار بيننا ما كنتي طلبتي ذلك من أساسه
ثم فاجأتني وهي تمد لي بالهاتف وتقول " خدي يا رنيم أجيبي أنتي فهوا يريد طمأنتك بالتأكيد "
قلت بتوتر " لا يا خالتي أنتي من كان يحترق انشغالا منذ الصباح فتكلمي معه "
ولكنها لم تعطني أي فرصة لتستمع لما أقول ففتحت الخط وناولتني الهاتف أمسكته بتردد
ثم أجبت قائلة " مرحبا غيث هل أنت يخير "
جاء صوته هادئا " أنا بخير اطمئنوا "
تنهدت وقلت " حمدا لله لقد شغلتنا عليك وزوجة والدك تكاد تُجن "
قال بذات الهدوء " أنا قادم بعد قليل لا تقلقوا "
قلت بهمس " حسننا وداعا "
أعطيتها الهاتف وقلت " قال أنه بخير وسيصل بعد قليل "
تنهدت براحة وقالت " حمدا لله ظننت أن مكروها أصابه سوف أتصل بصهيب لأنه خرج للبحث عنه "
ثم غادرت الجناح عدت لغرفتي ودخلت السرير وبعد ساعة عاد غيث لم أتحرك ولم أتحدث معه ولابد
أنه يظن بأني نائمة استحم وغير ثيابه ولم يشغل النور يبدوا لكي لا يزعج نومي ثم نام في صمت
قلت بهمس هادئ " غيث ما بك هل أنت غاضب من كلامي اليوم "
قال ببرود " لا فهي ليست المرة الأولى فما سيتغير "
انقلبت للجانب الآخر وتركته سحقا له ولي , الحق علي أني سألته يبدوا مستاءً من الأمر بالفعل
بعدها بقليل أحسست بيده تسحبني إليه , هكذا هم الرجال إذا غضبوا أو حزنوا فرغوا شحناتهم عند
النساء وكأنها مجرد آلة لا تشعر ولا تحس نام بعد ذلك بوقت أمضاه في التنهد بضيق والتأفف من
حين لآخر ودون سبب لقد فارق النوم عيني تلك الليلة استحممت وأضجعت على السرير وعيناي
مفتوحتان يشغلني أمر حور وما أصابها وما علمته اليوم عنها وأمر غيث وما يخفيه
بعد وقت طويل بدأت أسمع أنينا خفيفا مصدره صدر غيث جلست وشغلت النور الخفيف بجواري
فكان نائما ويتنفس بقوة وأنين صدره يزداد شيئا فشيئا ثم بدأ يقبض بيديه على اللحاف بقوة ويشده ,
شعرت بالذعر لما أصابه فقلت بخوف " غيث "
قال من بين نومه " ابتعدي عني يا امرأة ماذا تريدي ابتعدي آه ابتعدي "
ثم أن قليلا وبعدها قال " أمي لا أريدك لا أريد البقاء ولا أريدها أبعدوها حسام لا تبكي أرجوك لا تبكي "
كنت أنظر له بصدمة ثم هززته بيدي بقوة وأنا أقول " غيث ما بك استيقظ يا غيث "
ولكنه لم يستيقظ بل مد يده وكأنه يمسك شيئا وقال " خائنات إنهن .... لا تبكي يا حسام "
أمسكت يده وحضنتها وبكيت قائلة " انهض يا غيث أرجوك ما حل بك "
ثم أخذت قارورة الماء من جانبي وسكبت بعضا منها في يدي ومسحت بها على وجهه ففتح عينيه
وجلس مفزوعا فقلت " غيث هل أنت بخير هل كنت ترى حلما "
مسح وجهه بيده وتنفس بضيق وقال " إنه كابوس "
سكبت له الماء في الكوب وقلت " خذ اشرب بعض الماء "
أخذه مني وشربه كله ثم عاد واستلقى في مكانه ينظر للسقف وصدره يعلوا ويهبط بشدة من قوة تنفسه
وضعت يدي على صدره وبدأت بقراءة آيات من القرآن حتى عاد تنفسه لطبيعته ثم أغمض عينيه ببطء
ونام أضجعت وأمسكت يده وبقيت أقرأ القرآن حتى غفيت دون شعور وبعد نوم طويل سمعت صوته
في حلمي يناديني استيقظت وكان الصوت حقيقتا لغيث وهوا يوقظني من النوم
" رنيم .... رنيم "
فتحت عيناي فقال مبتسما " هيا استيقظي واتركي يدي أريد الذهاب لعملي "
نظرت ليدي فكانت لازالت تمسك يده بقوة أفلتها وضممتها لصدري بخجل وقلت
" هل أنت بخير الآن "
قال وهوا يقف " نعم أنا بخير لم تأتيني تلك الكوابيس منذ مدة طويلة لا تخافي إنها شيء عادي "
جلست وقلت " ولكنك كنت تئن كثيرا وتهدي ولم تستيقظ رغم هزي لك بقوة "
فتح الخزانة أخذ منشف وقال " آسف على إزعاجي لك "
وغادر للحمام ثم لغرفة الملابس ثم خرج صلى الفجر ونزل مباشرة دون كلام يبدوا أنه لا يريد
التحدث في الأمر , نزلت بعده بقليل توجهت للمطبخ وكان جالسا هناك يحتسي القهوة دخلت خالتي بعدي
مباشرة وقالت " صباح الخير "
قلنا معا " صباح الخير "
جلست تتحدث مع غيث عن ميس وموضوع سفرها ووالدتها والكثير من الأمور أخذت أنا فنجان قهوة
وجلست أنظر لغيث المنشغل بالنظر للأوراق أمامه ويستمع لحديث زوجة والده ورحلت بي الأفكار
ما سبب تلك الكوابيس التي تحدث عنها يا ترى ومن تلك التي كان يطلب منها الابتعاد ووالدته وحسام
والخائنات ما الرابط بينهم جميعا ما الذي تخفيه يا غيث أفقت من سرحاني فوجدته ينظر إليا بحيرة
أخفضت نظري للأسفل ثم وقفت وغادرت المطبخ





















زبير

















ما أن أنهيت الاتصال معها حتى بدأت الدقائق تمر ساعات منتظرا رسالتها لما لم يجعلوا لساعة
الانتظار مفتاحا لتقديم الوقت , لا أعلم لما هذه الفتاة تأخذ كل هذا الحيز من تفكيري هل هوا الغموض
حولها أم ماذا , وصلت رسالتها أخيرا ففتحتها وكان فيها
( بعض الحاضرين من البشر حكاية ولكن بعض الغائبين حكاية أخرى تماما فبالرغم من أنك
لم تعرف ملامحهم يوما إلا أنك تراهم في كل تفاصيل الأشياء من حولك لتجد صورهم حتى على
الجدران الملساء )
كانت عيناي تنسخ كل حرف فيها مجيئا وذهابا وكأني أزرعها في دماغي وفجأة تغيرت الصورة في
شاشة هاتفي لاتصال من أحدهم فقلت
" آآآآخ منك هل هذا وقتك "
ثم فتحت الخط وقلت " ألا تخبرني ما صلة القرابة بينك وبين والدتي "
ضحك وقال " لا قرابة بالتأكيد فلما تسأل "
قلت بتذمر " كلاكما تظهران في الوقت الغير مناسب لتقطعا حبل الأفكار "
ضحك وقال " إذا أحمد الله أنني لا أقرب لها "
ضحكنا سويا ثم قلت " ما هي الأخبار لديك يا جبير "
تنهد وقال " على حالها يا صديقي ما أخبارك أنت "
قلت بهدوء " جيدة قبل أن تتصل بي وتفسدها هههه "
قال متبسما " لابد أنك كنت مع زوجتك آسف أعلم أن الوقت غير مناسب "
قلت " لا عليك فلم أكن معها , ها قل لي ما قررت بشأن ذاك الأمر "
قال بضيق " لا شيء جديد ولن أتزوجها مادامت لا تريد شقيقاي معي "
تنهدت وقلت " أعانك الله يا جبير أنت في مأزق حقيقي ولكن لا تدع قلبك يحكم بما يريد ويدمر
مستقبل أخوتك "
قال بعد صمت " وهذا ما يشغل تفكيري لذلك سأبحث عن غيرها فما يهمني الآن أخوتي وليس
أنا ولا هي , حسننا يا زبير وداعا الآن واعذرني لإزعاجي لك "
قلت بهدوء " لا عليك يا صديقي اتصل متى شئت وداعا "
عدت للرسالة أتفحص حروفها من جديد وأول شيء فعلته عند الفجر وفور نهوضي أن قادتني أصابعي
لإرسال واحدة لها فأرسلت ( مازال في القلب بقايا أمية أخاف أن يقتلها الفشل )
فجاءني الرد سريعا ( أحيانا الأشياء الجميلة التي تحدث مصادفة أكثر جمالا من التي طال انتظارها )
بالفعل صدقتي يا بلسم فمعرفتي لك بالمصادفة كان أكثر جمالا من حبي لزمرد الذي عاش في
قلبي لسنوات ولكني لازلت أخاف أن تموتي كباقي أمنياتي الفاشلة
ومرت بعدها أيام لم أتحدث فيها معها أو أرغمت نفسي على ذلك فقد أصبح هاتفي يشدني
كالمغنطيس إليها كلما أمسكته , أخبريني ما فعلتِه بي يا فتاة
وبعد مرور أيام أخرى وصلتني رسالة منها وقت الفجر تفاجئت أن تبادر هي بمراسلتي ففتحتها
بلهفة فكان فيها ( هذا الصباح قرعت أجراس قلبي أغمضت عيناي وتمنيت أن يكون غائبي بخير )
فاتصلت بها من فوري فجاء ردها سريعا قائلة
" صباح الخير أعذرني على إزعاجي لك ولكني ضننت أن مكروها أصابك "
قلت بهدوء " ولما ضننتِ ذلك "
قالت بعد صمت " لأنك لم تتصل من مدة و.... لا أعلم انشغل بالي عليك "
قلت بابتسامة " شكرا لك يا بلسم على كل شيء "
قالت بحنان " على ماذا أنا لم افعل شيئا يستحق "
قلت مباشرة " بلى فعلتي الكثير وأكثر مما يُحكى "
ساد الصمت قليلا فقلت " هل لي أن أسألك سؤالا "
قالت " وهل عليا الإجابة في كل الأحوال "
قلت " لا "
قالت بصوت مبتسم " إذا لا بأس اسأل ما تريد "
قلت بتردد " بلسم ما الذي أعنيه لك "
ساد الصمت من طرفها فقلت " إذا لا جواب "
قالت بهدوء " لا أعلم حقا أنا في حيرة من أمري فهلا أجبتني أنت عن مثيله "
قلت مباشرة " نعم ولكن انتظري قليلا "
ثم قلت " ماذا عن دراستك إلى أين درستي "
قالت بصوت حزين " أنهيت الثانوية للتو وبعد عناء وكدت أخسرها أيضا وبعدها لم أدرس أبدا لقد
خسرتها للأبد "
قلت بصدمة " أنتي صغيرة في العمر إذا "
قالت بذات الحزن " لا أعلم أحيانا أشعر أنني عجوز "
ضحكت وقلت " لو تسمعك العجائز فلن تقول إحداهن عن عمرها الحقيقي أبدا "
ضحكت وقالت " هل تظن ذلك "
ثم قالت " وكم عمرك أنت "
قلت " أمممم قريبا الخامسة والعشرون "
قالت بصدمة " حقا !!! توقعتك أكبر أنت صغير على ما حملك والدك وعلى ما عانيت "
ضحكت وقلت " لو سمعتك أمي لوبختك وقالت أي صغير هذا فمن هم في عمره لديهم خمسة أبناء "
ضحكت في صمت ولم تتكلم فقلت " وماذا بشأن الزواج لما يمنعك والدك "
تنهدت وقالت " والدي لا يمنعني ولكنه يقطعه تماما لقد كرهت أن أتزوج بسبب ما يُقال عنه "
قلت بإلحاح " ماذا عن سؤالي ألن تجيبي عليه "
قالت بصوت مبتسم " هيا عليك أن تلحق صلاة الفجر إنه وقتها وداعا "
قلت بنفاد صبر " حسننا سأنتظر منك الجواب أعتني بنفسك جيدا , وداعا "
أنهيت المكالمة وبعد أن صليت الفجر أرسلت لها رسالة فيها جوابي عن نفس السؤال , وأتمنى أن
لا تكسريني أنت أيضا أيتها الغريبة


 


قديم 02-23-17, 01:04 PM   #10
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء الثالث والعشرون




رنيم






عند الغداء كنا نجلس على طاولة الطعام الموجودين في العادة والغائبين ككل مرة بحر وأديم والجد

لقد كان كل شيء في ليلة البارحة غريبا ترى أين كان غيث طوال يوم الأمس وما سر كابوس البارحة
ولازلت أحاول إيجاد تفسيرا لذلك
" رنيم هلا ناولتني العصير "
كان هذا صوت غيث الذي وصلني بهدوء تجمدت في مكاني للحظات فمنذ فترة ليست بقليلة كل منا يتجنب
الآخر ناولته كوبا بعد أن سكبت له عصيره المفضل وبعد قليل قال
" رنيم هلا ناولتني طبق السلطة أمامك "
لاااااااااااا الأمر لا يبدوا لي طبيعيا اليوم لابد وأن كابوس البارحة قد أثر فيه ناولته إياه
فقال زبير " حور هلا سكبت لي الأرز في صحني "
ثم ضحك وضحكنا جميعا فقال " من الرائع أن تكون لك زوجة تخدمك "
قال صهيب من بين ضحكاته " نعم كان سيقول لك بعد قليل رنيم هلا أطعمتني بالملعقة "
قال غيث بضيق " لما تفسدان علي زوجتي يا لكما من شقيقان "
قالت خالتي بابتسامة " إنهما يحسدانك فقط "
قال زبير " على ماذا سأحسده لدي واحدة أيضا في خدمتي صهيب ممكن أن يكون كذلك "
قال صهيب بضيق " ما تعنيه بما تقول قريبا ستكون لي زوجة فلما أحسده "
قالت ميس ببرود وعيناها على الطعام " هل تتزوجون النساء ليخدموكم "
قال صهيب وعينيه عليها " كلن له مهامه الزوج والزوجة "
ابتسمت بسخرية وقالت " أنا لا أرى ذلك إنهما يقضيان جل اليوم في المطبخ "
قلت بهدوء " وهل نترك خالتي تخدمنا جميعا لما نحن زوجات أبنائها إن لم تجد منا يد العون "
قالت ببرودها ذاته " ولما يوجد أناس اسمهم خدم وشيء اسمه نقود "
شعرت الآن بإحساس غيث عندما كان يغضب من برودي يا له من سلاح فتاك
قال غيث بهدوء " لن يكون هناك خدم هنا رضي من رضي وكره من كره وبعد موتي اصنعوا
ما يحلوا لكم "
شعرت بانقباض في صدري لتلك الفكرة وهي أن يموت غيث لا أعرف لما شعرت بذلك قد يكون
لأني أحتاج حمايته أو أن ما علمته ليلة البارحة أحدث أشياء لا أعرف ما تكون
قالت خالتي بهدوء " أطال الله في عمرك بني لما تذكر الموت الآن "
قال ببرود " يبدوا أني مصدر هموم كثيرة فما نفع وجودي "
لا يبدوا لي غيث طبيعيا أبدا اليوم لو أعلم فقط ما حدث معه وهل للخدم علاقة بالأمر أم لا
قالت خالتي " لديك زوجة وابن تنتظرانه لقد أصبحت مسئولا عن عائلة وهي تحتاجك "
رفعت بصري فوجدته ينظر إلي فأرخيت نظري للأسفل وقلت بهدوء
" يكفيني ما أخد الموت مني لا تقل ذلك يا غيث أرجوك "
ساد المكان صمت غريب وموحش أنهى فيه الجميع طعامهم وغادر كل لحال سبيله وأنا وحور
للمطبخ طبعا بعد قليل جاءت ميس وقفت وقالت " هل أساعدكما "
نظرنا لبعضنا باستغراب ثم لها فقالت " لما أنتما مستغربتان هكذا لا تعتقدا أني كسولة ومدللة لقد
كنت أعمل لسنوات في تنظيف النوادي لأجني المال "
قالت حور بصدمة " تنظيف النوادي "
اقتربت ميس وبدأت بترتيب الأغراض معنا وقالت
" نعم فلم أعش حياة مترفة كنت فتاة من عائلة بسيطة يعمل والدي في سكك الحديد ومات ولم
يترك لنا شيئا سوى منزل هوا لوالدتي "
ابتسمت وقلت " معك حق في أن تكرهي العائلة كلها أنا كنت دائما أعذرك على ما تشعري "
قالت حور " ولكن هذه العائلة مختلفة تماما صدقيني "
تنهدت ميس وقالت " لن أنسى أن الجميع تخلا عنا وعن والدي قبلنا لن أنسى ذلك "
" ولكن ثمة أشخاص عذرهم معهم يا ميس "
نظرنا جميعنا لمصدر الصوت فكان صهيب متكأ على حافة الباب مكتفا يديه لصدره ونظره على ميس
تنهدت ميس وقالت
" ليس عليكم الهروب من الحقيقة فما من مذنب يعترف بخطئه فحتى أعمامك نكروا حق والدي "
قال بهدوء " ولكننا لم ننكره ولن ننكره أبدا وما كنا نعلم عنكم "
قالت بضيق " ولكن والدكم كان يعلم أليس كذلك "
أجاب صهيب " لقد شرحت لك سابقا ولكنك ترفضين فهم ذلك لقد بحث عنه والدي ثم عنكم لسنوات "
تركت ميس ما في يدها وغادرت المطبخ مستاءة فقال لنا صهيب
" جربا تليين دماغها فيبدوا أنها ألفتكما ولا تراكما من العائلة "
نظرنا لبعضنا ثم قلت " قد تكرهنا أيضا إن أصررنا عليها "
قال مغادرا " حاولا ولو لمرة واحدة فقط "
نظرت لحور وقلت " هل تفهمين شيئا "
هزت رأسها نفيا ثم قالت بابتسامة " هل افهم نفسي لأفهم غيري "
ضحكت وقلت " وأنا لم أعد أفهم نفسي أيضا يبدوا أنها تعويده وليست وصية "
ضحكت حور فقلت لها بهدوء " لما لا تطلبي من زبير العيش بعيدا عن هنا "
تنهدت وقالت " كيف أطلب طلبا كهذا لن يبتعد عن عائلته ولن أجني شيئا فما في القلب
سيرحل معي "
قلت بهدوء " على الأقل ستتوقفين عن رؤيته "
عادت للتنظيف وقالت " هوا شبه تارك للقصر فليس عليا فعل ذلك "
عدنا للعمل في صمت حتى انتهينا فضحكت وقلت
" كنا سنحصل على بعض المساعدة اليوم لولا أن صهيب أفسد علينا ذلك "
ضحكنا معا ثم غادرنا نمضي الوقت في الأحاديث كعادتنا بعد الظهيرة وقد دعونا ميس لمشاركتنا أيضا
عند المساء وبعد انتهائنا من أعمال المطبخ صعدت لجناحنا دخلت الغرفة فكان غيث نائما استحممت
ونمت على السرير فجاءني صوته هادئا يقول " رنيم ما الذي قلته البارحة "
قلت بعد صمت " لا أعلم لم تقل شيئا معيننا وواضحا لقد كنت تتحدث عن أشخاص دون أسماء لقد
كنت فزعة عليك ولم أركز "
قال بعد صمت طويل " هل خفتي عليا حقا "
فاجأني سؤاله حتى أنني عجزت عن الرد فتابع قائلا بهدوء
" كنت أشعر بيدك تمسك يدي وأنتي تقرئين القرآن طوال الليل ظننتك تكرهينني يا رنيم "
قلت بذات الهدوء " لا , لا أكرهك فكلنا ضحايا لأشياء خارجة عن إرادتنا أعلم أنك لا تريد التحدث
عن الأمر ولكني متأكدة من أنك تحمل سببا بداخلك يرغمك على أن تكون كذلك "
أمسك يدي قبل كفها بعمق ثم نام في صمت وتركني جامدة كالتمثال من الصدمة







جود







لم أتوقع منه هذا السؤال وفي هذا الوقت تحديدا ترى ما يعني بسؤاله هذا الآن , آه لا تكوني حمقاء يا جود
ولا تنسي ابنة من تكونين وأنه رهن وصية تتحكم بمصيره يا إلهي ما العمل أتمنى أن لا توقعني مشاعري
في مأزق , وما هي إلا لحظات ووصلتني منه رسالة مكتوب فيها
( أحببتك رغم أني لا أحتضنك , ولا أراك أبدا , أحببتك لأني كتبت بك ! وقرأت لك
وضحكت من أجلك ! وتغيرت لأجلك "حتى وأنت بعيد " ...... هذا جواب السؤال يا بلسم )
احتضنت الهاتف بحب وكدت أطير فرحا ثم أرسل بعد وقت ( هيا أين جوابك )
حرت في أمري ماذا أفعل هل أبوح بمشاعري أم أصمت يا إلهي ماذا أفعل
وصلت رسالة أخرى منه وفيها ( بلسم لا تلعبي بأعصابي قولي جوابك أيا كان )
أمسكت هاتفي وأرسلت
( شخص يوصيني بأن أنتبه لنفسي كثيرا , أريده أن يعلم أنني أفقد نفسي عندما يغيب )
وما هي إلا لحظات ورن هاتفي وكان المتصل الرجل الكئيب ترددت كثيرا يا إلهي ماذا
حدث له كيف سأجيب بعد رسالتي تلك وبعد إصرار منه أجبت فجاءني صوته مندفعا
" هل حقيقة ما قرأت هل أنا في حلم "
قلت بخجل " بل في مسلسل أم نسيت "
ضحك وقال " لا لم أنسى وها أنتي صرتي جزءا منه , هل ستنتظرينني يا بلسم "
قلت بهمس " حتى آخر العمر "
قال بسرور " أنت أجمل ما حدث لي في حياتي يا .... "
قطع حديثه وقال " ألن تخبريني الآن باسمك أريد أن أعرفه وأن أراك وكل شيء "
ما إن فتحت فمي لأتحدث حتى سمعت الصوت الذي يعيدني دائما لواقعي بعد إخراجي من
أحلامي الجميلة التي لن تبقى سوى أحلام فقلت بخوف " يا إلهي ليس من جديد "
ورميت بالهاتف وركضت مسرعة للأسفل فكان والدي يصرخ مناديا لي وأمي تحاول منعه من
الصعود وما أن رآني حتى رمى بأمي أرضا وصعد لي وجرني من يدي جرا وأنا أحاول منعه والإمساك
بكل ما هوا أمامي وأصرخ وهوا يصرخ ويقول " أمامي الآن فالرجل في انتظارنا "
قلت ببكاء " إلى أين تأخذني إلى أين "
قربني من وجهه وقال " أخذك لمن ننتفع منه , خير لك من بقائك هنا دون نفع "
كنت أصرخ وأصرخ وأنادي باسم بحر وأنا على يقين أنه لن يأتي ولن ينقذني فنحن وقت
الفجر وقد غادر لرؤية والدته منذ الأمس





أديم




رغم إخفائي خبر زواجي بليان إلا أنني سررت كثيرا أنها تحمل طفلي الطفل الذي طالما تمنيت
امتلاكه لحبي الشديد للأطفال فسيكون من ليان تحديدا , كدت أصرخ فرحا حينما أخبرتني فلكم أن
تتوقعوا صعوبة كبت مشاعرك وعدم الإفصاح عنها حينما تندفع بقوة للخارج كنت سأجلب الدنيا
واضعها بين يديها حتى أنني أخذتها لشروق وزارتها لقد أصبح أمرها شغلي الشاغل ترى هل سأبقيها
سرا كما خططت وأعيش عالمي وحياتي وأتزوج بغيرها واعزلها عن الجميع ترى هل سأقدر على فعل
ذلك , لقد أصبحت جزءا مني فكيف سأفصلها عني بسهولة كيف لي أن أهملها وكيف لي أن أضمها لعالمي
وهي تكره الغنى والأغنياء وأديم خصوصا وأنا السبب في ذلك طبعا
ثم أنا لازلت على اعتقادي أن الفقراء سيتعرضون للذل حال زواجهم بالأغنياء وقد تواجه ليان الكثير
من ذلك كما سأتعرض أنا لسخرية البعض منها وهذا رأي ليان دائما , كشف حقيقتي لها يخيفني كما
أني ارغب بوجودها دائما معي , أنا حقا في حيرة من أمري فلن يرحمني أصدقائي لو علموا بمن
تزوجت وأنا من كان ينفخ رؤوسهم دائما بمعتقداته حتى أنني لم أكن أصادق الفقراء أبدا
طردت كل تلك الأفكار من رأسي وأمسكت هاتفي وأرسلت لها ( كيف هي ابنتي الآن )
أرسلت من فورها ( وماذا عن أمها )
ابتسمت وأرسلت ( إنها حبيبتي وأم ابنتي )
كنت أتمنى أن يكون المولود فتاة لأننا حرمنا دائما منهم فلم يكن لدينا إلا الأولاد فحتى أشقائي من
والدي ووالدتي أولاد أيضا
أرسلت لي بعد قليل ( ابنتك تريد شيئا )
أرسلت لها ( فلتأمر وأنا أنفذ )
أرسلت ( تريد أن تراك سريعا فهي تشتاق إليك كثيرا )
قفزت من على الأريكة حملت مفتاح سيارتي وخرجت من الشقة متوجها إليها لقد أصبح بقائي
في الجنوب اقل مللا فقد تغير في حياتي الكثير منذ زواجنا ويبدوا أنه في القريب ستصبح الإجازات
التي أقضيها مع عائلتي هي المملة
بعد عدة أيام اتصلت بي ليان وأنا في الشركة استغربت من ذلك وتذكرت يوم حاول شاهد القفز
لبيتها فخرجت من فوري تاركا عملي وسرت بسرعة جنونية إلى هناك وما أن دخلت المنزل
وجدتها جالسة على الأرض ومتكئة على حافة الكرسي وتبكي بشدة توجهت ناحيتها وحضنتها
بقوة فقالت من بين شهقاتها " لقد مات عمي يا وسيم مات وتركني "
زدت من احتضاني لها أكثر ونزلت من عيني دموع لم تسألني إن كنت آذن لها بذلك أم لا , نزلت حزننا
على الرجل الطيب الذي عشت معه لأشهر من حفظ سري حتى مات معه , وها هي ليان بقيت في هذا
العالم لا أحد لها بعد الله غيري فبأي قلب ومشاعر سأتخلى عنها
بعد وقت طويل من بكائها في حضني ساعدتها على الوقوف وأدخلتها غرفة نومنا وتوجهت لغرفة
العم سعيد الذي كان ممدا على السرير دون حراك اقتربت منه قبلت جبينه وعينيه ذكرني هذا بيوم
وفاة والدي دائما الطيبون هم من يرحلون سريعا وهم من يتركون فراغا بحجم الكون
غطيت له جسده ووجهه باللحاف بعدما وجهته جهة القبلة وخرجت توجهت لليان لأتفقدها ثم غادرت
وجلبت معي من يساعدني على نقله وفي اليوم التالي قمنا بدفنه لم يحظر العزاء أحد فلا أهل لليان
غيره وأشقائها ما كانوا ليكترثوا لأمرها ولعمها ولا من أهلي أحد بالطبع فقد حرمتها حتى من أن يكون
لها عائلة زوج تقف بجانبها فلو كان أحد الأغنياء لجاءت الناس من كل البلاد لتقديم التعازي رغم سوء
خلقه ودناءة أصله ولكن هذا العجوز الطيب لأنه لا يملك شيئا لم يأتي أحد ليعزي ابنة شقيقه فيه
أما ليان فقد حضرت شروق لتعزيتها وقضت معها بعض الوقت حمدا لله أنه زارها ولو شخص واحد
لقد عاشت ليان بعدها أيام حزن كنت بجانبها خلالها قدر الإمكان فلم يعد هناك من يبقى معها غيري
وأصبحت فيما بعد مُطرا للبقاء معها باقي اليوم وحتى الإجازات لم أعد اذهب خلالها لعائلتي فلم يكن
بإمكاني تركها وحيدة ليومين أو ثلاث بعد وفاة عمها فلن اطمئن لنومها في المنزل لوحدها وخاصة
أنها في الأشهر الأولى المتعبة من حملها فقد تتعب في أي وقت وتحتاج لزيارة المستشفى , ودخلت
في دوامة سؤال أهلي المُلح دائما عن عدم سفري إليهم وعدم مقدرتي على ترك ليان لوحدها













صهيب












الأمور تزداد سوءا والألسن تلتهم ميس التهاما وعنادها يفوق ذلك ولا شيء اکبر منه إلا كرهها لنا
" صهيب حالك لا يعجبني منذ عدت من سفرك "
تنهدت وقلت " لا تشغل بالك يا عوف "
أمسك حجرا ورماه وقال " هل هوا موضوع ابنة عمنا الجديدة "
قلت بضيق " إنه في تأزم مستمر "
قال بهدوء " الكلام لا يتوقف عنها "
اتكأت للخلف ونظرت للسماء وقلت " عليا التصرف سريعا "
نظر إلي وقال " وما ستفعل حيال ذلك "
قلت بهدوء " سأتزوجها "
قال بصدمة " ماذا .... تتزوجها "
قلت بذات الهدوء " نعم ألا تسمع جيدا "
قال باندهاش " ولكنها ...... "
قلت بحدة " ولكنها ماذا يا عوف تكلم "
تنهد وقال " أنت تعلم ما أعني الفتاة كانت مختطفة لمدة طويلة وما يدريك قد تكون .... "
قاطعته بغضب وأنا استوي جالسا " عوف هل جننت أنت أيضا فلن ألوم الآخرين بعد اليوم "
قال بحدة " اسمع يا صهيب من الطبيعي أن يفكر أي شخص بما أفكر وحتى أنت , هل تعلم ما
حل بها وهل تري زواجك منها حلا , فسيقول الجميع أنك تسترت عليها لأنها ابنة عمك "
صرخت به قائلا " بل الجميع يفكر کما تفكر ها أنت ابن عمها هل فكرت بالتستر عليها لقد كنت
ترميها بظنونك للتو , الناس يعلمون جيدا أنه لا أحد يتستر علي هذه الأمور ولا حتى أبناء العم وأنت
من قال لي بعظمة لسانه سابقا أنها قد تكون علي اتفاق مع من قاموا باختطافها , فزواجي بها وحده
ما سيحل الموضوع "
قال ببرود " وماذا لو أکتشفت أنهم فعلوا بها شيئا "
قلت ببرود مماثل " الطب تطور وقد أکتشفت سلامتها بنفسي "
قال بهدوء " ولما أنت تحديدا من عليه التضحية "
قلت ببرود " لأني المتسبب بذلك "
قال بعد صمت " ولما وضعت نفسك بذلك الموقف "
قلت بشرود " أحياننا تحاول إصلاح الأمور فتفسدها "
تنهد وقال " وهل زواجك سيصلحها أم يفسدها أيضا "
قلت بذات النبرة " قد يصلح ولو جزئا بسيطا ثم من سيفعل ذلك أنت مثلا "
ابتسم بخبث وقال " ولما لا مادمت تأكدت من الأمر ووالدتها أيرلندية فلابد أنها رائعة الجمال "
قلت بغضب " أري کلامك تغير فجأة "
قال بابتسامة " أردت الأجر فقط "
قلت بذات الغضب " لن تنالها ولا في منامك سمعت "
نظر لي بصدمة ثم قال بدهشة " صهيب تبدوا لي وقعت غريقا "
عدت للإضجاع علي الأرض وقلت " إنها تكره الجميع کره العمى "
ابتسم وقال " أذا سأحاول أنا "
نظرت له بحدة فضحك وقال " امزح يا رجل فما هوا لك مُحرم علي "
نظرت للسماء وقلت " من الجيد أنك عقلت في الوقت المناسب ثم يكفيك علياء "
تنهد وقال بضيق " أتعلم ما قال لي والدي بالأمس "
ثم ابتسم بسخرية وقال " لقد قال أن عمي يوافق على تزويجها بي "
جلست وقلت " جيد أليس هذا ما كنت تريد "
قال بسخرية " الآن صار مرغوبا بي من والدها بعد الذي شاع عن ميس وتصور
أنه قال إن كان أحد من أخوتي يريد الزواج بزمرد فهوا موافق أيضا يا لا السخافة "
قلت بضيق " يفكر في ابنتيه ولا يهتم لأمر ابنة شقيقه "
قال بابتسامة " ولما يتعب نفسه بذلك فهناك من يفكر بأمرها نيابة عن الجميع "
تجاهلته وقلت " حسننا وما المانع من زواجك بابنته لقد كنت تريدها دائما "
قال بحزن " أريدها ولكن ليس مكرهة علي فهي لم تفكر بي يوما ولقد غضضت النظر
عن الأمر منذ زمن "
وقفت وقلت " هيا علينا المغادرة کي نصل قبل حلول الظلام "
قال باستغراب " ألن نقوم برحلة صيد جديدة اليوم "
قلت متوجها للسيارة " لا سنرجع في يوم آخر هيا لنجمع الأغراض "
قطعت رحلتي عائدا للقصر وفور دخولي سمعت أصوات في الحديقة اقتربت منهم فكانت
رنيم وحور وميس معهم أيضا
قلت بابتسامة " هل تهربون من أعمال المطبخ يا كسولات "
ضحكت رنيم وقالت " لا ولكن زبير قرر إعفائنا اليوم وسيحظر طعاما من الخارج "
قلت بابتسامة " ويل له من غيث إذا , فهوا يكره طعام المطاعم "
ثم قلت بخبث " عليك أن لا تتركي زوجك بدون عشاء يا رنيم فزبير يفكر في راحة زوجته وإفساد
ليلتك بمشكلة مع غيث "
وقفت حينها ميس تنوي المغادرة فقلت " انتظري يا ميس علينا التحدث "
قالت وهي تتابع سيرها " لا أريد "
وانصرفت ونظري يتبعها فقالت رنيم " اصبروا عليها إنها تعاني مما أصابها "
نظرت لها بحيرة وقلت " ماذا حدث "
تنهدت وقالت " لقد تقابلت مع إحداهن اليوم بالمصادفة وحدثت مشادة کلامية بينهما "
قلت بضيق " ماذا قالت لها "
قالت بحزن " سألتها تلك السيدة هل أنتي الفتاة التي اغتصبها الرجال يالك من مسكينة "
قلت " وما كان جواب ميس "
قالت " لقد قالت لها : إن كان لديك بنات فجهزي نفسك فسيصيبهم ما رميتني به فقالت لها
بغضب : بناتي عفيفات شريفات لهن من يرعاهن , يا لها من سليطة لسان "
قلت بغضب " وکيف لأمي أن تستقبل هكذا سيدات "
قالت حور " لن يلومها أحد فليست وحدها من يتحدث غير أن البعض لا يتكلمون في وجهها "
غادرتهما مستاءً وتوجهت لغرفتها قرعت الباب عدة مرات ولم تجب قلت بعدها مناديا
" ميس افتحي الباب لنتحدث أو سأدخل "
قالت بحدة " لا أريد التحدث مع أحد "
تنهدت وقلت " إن لم تفتحي دخلت الآن "
فتحت الباب وتوجهت للداخل ووقفت عند النافذة مولية إياي ظهرها فقلت بهدوء
" ميس أنا آسف لكل ما يجري سأخبر الجميع أنني من قام باختطافك إن كان سيصلح الأمر "
قالت باستياء " ما الذي ستصلحه من ماذا الآن لقد فات الأوان "
اقتربت منها وقلت " ميس لنتزوج وننهي الأمر "
التفتت إليا وقالت بألم " وهل سينتهي ذلك بزواجنا برأيك , إلى متى سأعاني بسببكم هل أنا النجسة الدنيئة
والفتيات الأخريات بكل عيوبهن الشريفات العفيفات هل بضنك لو تزوجتني سيتغير الأمر , سأبقى أنا هي
ذاتها "
ثم التفت للنافذة وقالت بحزن " وتريد مني أن أدرس هنا يالك من حالم لقد أضعتها علي كما كل شيء "
قلت بحدة " إن كنتي لا تريدين الدراسة فلن تدرسي أما موضوع الزواج فلا نقاش فيه ووالدتك موافقة أيضا "
نظرت لي بصدمة وقالت " والدتي ... هل تحدثت معها في الأمر "
قلت بهدوء " نعم لم أخبرها ما حدث ولكني صارحتها برغبتي في الزواج بك "
قالت بضيق " لن يحدث ذلك أبدا لن تتزوجني لتغطي الفضيحة أنا لست لعبة بيدك فهمت "
قلت بعد صمت " وماذا لو أخبرتك أني أريد ذلك حقا "
قالت بحدة " كاذب ولن أصدق ذلك أبدا "
قلت بهدوء " لك أن تصدقي أو لا تصدقي ولكنها الحقيقة "
ثم قلت مغادرا " سنسافر في الغد فكوني جاهزة "









الجزء الرابع والعشرون




جود




أي قسوة هذه وأي جبروت تموت معها المشاعر والقلوب فتجعل الأب يبيع ابنته ثمننا للمال , لقد جرني جرا
كالشاة وهم يسوقونها ليذبحوها ولا يحق لها أن تعترض وما أن وصلنا للباب حتى كان بحر راكضا باتجاهنا
فياله من ربيع يزهر على أرضنا القاحلة عندما يظهر بحر في الوقت المناسب
سحبني منه بقوة وقال " إلى أين تأخذها هل جننت "
قلت وأنا ارتجف خلفه ببكاء " يريد أن يبيعني يا بحر يريد بيعي لأحدهم "
صرخ والدي قائلا " لا دخل لك بابنتي فأنا والدها ابتعد أو حطمت رأسك "
صرخ به بحر قائلا " لن تأخذها إلا على جثثي سمعت وإن لم تبتعد عنها الآن أوسعتك
ضربا كما فعلت بالإمعة شبيهك ذاك اليوم "
قال والدي بغضب وهوا يؤشر بإصبعه لي " لن ينقدك مني دائما سمعتي وسيحدث
ما أريد رغما عنك وعنه ولن أخافه ثانيتا لأنني سأفعل ذلك بالقانون "
ثم خرج من المنزل ونزلت أنا على الأرض أبكي بمرارة شديدة احتضنني بحر وهوا
يطمئنني قائلا " لا تبكي يا جود لن يفعل لك شيئا ما دمت حيا "
قلت بين بكائي وشهقاتي " لقد سمعت ما قال سوف يدمر الباقي مني سوف يدمرني تماما يا بحر "
أمسكني وقال " هيا قفي يا جود سنغادر المنزل فورا "
نظرت له بصدمة وقلت " نغادر ولكن أين "
قال بجدية " هيا قفي ستغادرين معي الآن لن أبقيك له لحظة أخرى فلن يكون بإمكاني
حمايتك منه دائما هنا , وحمدا لله أنني جئت في الوقت المناسب "
أوقفني وسار بي جهة السلالم وقال " أجمعي كل أغراضك سنغادر الآن "
قلت بحيرة " وأمي ومازن "
قال " سيبقيان هنا , عليا الآن أبعادك فهما لن يؤديهما مثلك "
قلت معترضة " سيضرب والدتي إن لم يجدني "
قالت والدتي من خلف بحر " فليضرب كما شاء فلن يستفيد مني في شيء المهم أنتي يا جود فكري
في نفسك الآن فلو بقيتي هنا سيعود لأخذك وقد لا يتمكن حتى بحر من منعه "
صعدت السلالم ببطء وكل درجة منه تشهد على جريان دموعي فوقها وصلت لغرفتي وبدأت بجمع
أغراضي ووالدتي تساعدني ثم قالت " جود هاتفك لا يتوقف عن الرنين أنظري من المتصل "
قلت بألم " دعيه يا أمي فأمثالنا ليس لهم الحق حتى أن يحلموا أحلاما جميلة "
أنهيت جمع أغراضي ثم أخذته ووضعته على الوضع الصامت ودسسته في حقيبتي فما كان علي
أن أسافر بمشاعري كثيرا وأنسى واقعي المرير, بعد أن انتهيت احتضنت والدتي بشدة وبكيت
بكاء لم أعرفه في حياتي وقلت " أمي لا أريد الابتعاد عنكم لا أريد لا تغيبوا عني طويلا "
قالت وهي تمسح على شعري
" اطمئني يا ابنتي فطالما أنتي مع بحر لن تكوني إلا بخير وسنتقابل يوما بالتأكيد "
قلت وأنا أزيد من حضني لها " أخشى أن يكون بعيدا أبعد مما نتصور "
أبعدتني عنها وقالت " لا تفقدي إيمانك بالله واحمديه أنك مغادرة الآن مع شقيقك وليس مع
والدك حيث الله وحده يعلم أين "
مسحت دموعي بيدي وقلت " حمدا لله على كل حال , أمي أعتني بنفسك جيدا وبمازن وأخبريه
أني أحبه كثيرا "
ونزلت دموعي من جديد تبكي على بكائي ومأساتي
نزلتُ للأسفل حيث كان بحر وغادرنا سويا لحيت لا أدري أين المهم بعيدا عن والدي حاليا












بحر
















غادرت القصر كما دخلته بحطام حلم ونزيف قلب تمنى الحياة يوما غادرت لا أعلم إلى أين ولكنني
جلت كل الأماكن وأنا لا أرى أمامي شيئا وعند المساء دخلت مدينة عائلتي ذهبت لصديق لي هناك لعلي
أجد من يسليني قليلا فأخذنا الوقت حتى مقربة الفجر ثم غادرت متوجها لمنزل والدي كي أزورهم قبل
سفري لأيام من أجل العمل وما أن اقتربت من الباب حتى سمعت صراخ جود وهي تستنجد بي الصراخ
الذي زلزل كل ما بداخلي صوت شقيقتي التي لا أحزن لدي من سماع بكائها فكيف بصراخها هكذا
ركضت كالمجنون باتجاه المنزل ودخلت لأجد المأساة تنتظرني هناك , كيف لهذا الرجل أن يفعل بابنته
هكذا أين قلبه أين إنسانيته
كنت في صغري ألوم والدتي على طلاقها وتركها لي مشردا بينهما ولكني الآن أعذرها فرجل كوالدي
لا يستحق الزوجة والأبناء أبدا , كان عليا أخذها من هنا قبل أن يُضيع باقي مستقبلها بجنونه عليا إبعادها
لأي مكان , جمعت كل أغراضها وغادرنا كانت تبكي طوال الطريق في صمت حاولت مواساتها
إسكاتها وطمأنتها ولكن دون جدوى سافرت آخذا إياها معي حيث كنت سأذهب أقم نا في فندق لأيام
واتصلت بعدها بغيث فأجابني من فوره قائلا " مرحبا يا بحر هل الأمور على ما يرام "
قلت بهدوء " نعم لقد قمت بكل شيء اطمئن "
قال بسرور " رائع أنا أعتمد عليك "
قلت بعد صمت " غيث أنا أعاني مشكلة تخصني هل لك بمساعدتي "
قال مباشرة " بالتأكيد ماذا هناك يا بحر هل من مكروه "
حكيت لغيث عن كل ما حدث منذ دخولي منزل والدي حتى الآن فقال بحزن
" يا إلهي كيف له أن يكون بهذه القسوة إنها ابنته يا رجل "
قلت بألم " لم يعتبرها كذلك يوما "
قال بهدوء " بما أساعدك يا أخي أنا في الخدمة "
قلت بعد صمت " أريد مكانا تكون فيه محمية عن والدي ولا أطر للبقاء معها دائما وأكون
مطمئننا عليها فلم أجد غير قصر العائلة "
قال من فوره " لك ذلك يا بحر ومن دون إذني هوا قصرك كما لنا جميعا وسأتحدث مع والدتي
عن قدومها ومع المحامي عارف سنرفع قضية تلغي أي سلطة له عليها وستكون أنت وليها "
قلت بامتنان " شكرا لك يا غيث لن أنسى لك ذلك "
قال " هذا ليس تفضلا منا عليك أنت واحد منا يا بحر أم نسيت "
قلت بهدوء " لا لم أنسى ولكن ليس أن أجلب باقي عائلتي "
قال بذات الهدوء " كن مطمئنا فهي ستكون بخير هناك ولن يصل إليها والدك أبدا حتى لو علم بمكانها "
قلت بجدية " غيث لا أريد أن يعلم أحد بما حدث أخبر والدتي فقط إن أطر الأمر "
قال مؤكدا " لا تقلق ودع الأمر لي ووالدتك لن تعلم أيضا حسننا "
قلت براحة " لقد حملت عني عبئا ثقيلا شكرا لك يا أخي ووداعا الآن "



















رنيم







بعد تلك الليلة الغريبة رمادية اللون سوداء الملامح بيضاء الخيوط وكأنها ليلة صيفية هطل فيها
المطر فجأة وهبت رياح البرد وجمدت كل شيء ليعود الحر من جديد , الليلة التي بقيتُ طوال ساعاتها
أقلب كف يدي في حيرة وكأنه ليس لي وأتساءل ترى هل ما حدث حقيقة أم خيال هل يعي حقا أنها يدي التي
قبلها بعمق وحنان أم أنه كان يضنها شيئا آخر , كان ما حدث سيكون شيئا عاديا بين أي زوجين أما معنا فهوا
حدث يجب أن تتناقله الصحف ونشرات الأخبار
وبعد تلك الليلة التي لم تشبه أي ليلة قضيتها معه خلال كل هذا العام مرت الأيام بيني وبين غيث هادئة ساكنة
خالية من كل أنواع المشكلات وانزاح ذاك البرود والصمت , لم يتطور الأمر كثيرا ولكننا عدنا نتبادل بعض
الكلمات القليلة ومزاج كلينا عاد لطبيعته
علمت اليوم من صهيب أن غيث لا يأكل أكل المطاعم وبما أن عشائنا اليوم من الخارج فقررت طهوا الطعام
له وحده وأعددت أكثر من طبق من أطباق دولتي وعند العشاء كانت أطباقه لوحده جهة كرسيه ووقف صهيب
وزبير أمام الكرسي يتناقشان من سيجلس هناك ليأكل الطعام الذي أعددته وأنا وحور وخالتي نضحك لشجارهما
حينها دخل غيث قائلا " ما بكما أصواتكم تصل للخارج "
نظرت له خالتي وقالت ضاحكة " تعالى وانقد عشائك قبل أن لا تجد منه إلا الأطباق الفارغة "
اقترب مستغربا وقال " ولما عشائي تحديدا "
ثم نظر للطعام أمامنا وقال بصدمة " هل جلبتم الطعام من الخارج من صاحب هذه الجريمة "
ثم نظر للجميع باحثا عن الجاني فأشار لي زبير وقال " إنها زوجتك "
شهقت بصدمة وقلت " أنا لا لم يحدث "
ضحك الجميع ثم قالت خالتي " زبير صاحب الجريمة ويستحق العقاب أيضا "
قال زبير بضيق " هل الكل ضدي الآن لم أرى منكم اعتراضا حين قررت جلب الطعام "
كل هذا ولم يلحظ غيث وجود أطباق مختلفة عما لدينا فقال بضيق
" ولما سأنقد عشائي إن كنت لن آكله "
قال زبير بحماس " ها سمعتم قال لن يأكله هوا من نصيبي إذا "
ضحكت خالتي وقالت " ولما جلبت الطعام إن كنت لا تريده "
قال بتذمر " أردت أن ترتاحوا من أعمال المطبخ ولو لنصف يوم ولم أكن أعلم أن رنيم ستخوننا وتطهوا
لزوجها طعاما مخصصا وغريبا عن أطباقنا المعتادة "
نظر غيث لطعامه ثم لي مطولا ولم أفهم ما كان مغزى تلك النظرة ثم نظر لهما وقال
" هيا ابتعدا كليكما عن طعامي "
قال صهيب وهوا يجلس على كرسيه " هذا ليس عدلا أبدا هل لأنه ليس لي زوجة يعني أن آكل من
هذا وأنت لا "
قال زبير مازحا " حور سأطلقك الليلة "
ضحكت حور وقالت " وكيف لي أن أطهوا طعاما لا أعرفه ثم أنت من جلب الطعام "
وقف غيث عند كرسيه وأشار بأصبعه للكرسي المجاور له وقال
" رنيم تعالي واجلسي هنا سنأكل نحن من هذا وهم يأكلون طعامهم "
وقف صهيب بيننا وقال معترضا " لن أسمح لهذا أن يحدث وإن لم آكل منه فسأقلب الطاولة
رأساً على عقب "
قال زبير " وأنا كذلك "
تنهد غيث بضيق وقال " رنيم لمن أعددت الطعام "
قلت بابتسامة " لك أنت "
نظر لهما ثم لي وقال " وهل يأكلان منه "
نظرت لهما بخبث وقلت " لا "
قال مبتسما وهوا يجلس " إذا قضي الأمر وعندما أشبع كلا ما تبقى هيا تعالي يا رنيم واجلسي "
نظر لي زبير وقال " لم أتوقعها منك يا رنيم لقد صدمتني بك "
ضحكت وقلت " تلك هي الحقيقة هل تريدني أن أكذب "
قال صهيب " على الأقل كنتي سمحت لنا بالأكل معه يا لكما من أنانيان "
ضحك غيث وقال " إذا سأكله كله ولو قتلني الليلة "
كنت أنظر له خلال حديثه مع أخوته باستغراب فلم أكن أتصور أن شيئا بسيطا مني كهذا قد يسعده, يبدوا
أن خالتي كانت على حق فكان علي أن لا أساعد في تكبير الفجوة بيننا قد أحتاج وقتا طويلا لتغيير نظرة
غيث لي ولكن ما علمته عن ماضيه وإن كان غير واضح جعلني أتحمس لمحاولة البدء من جديد فإما أن
أنجح وأنا الكاسبة في ذلك أو أن أفشل وحينها لن أخسر شيء , وبعد أن أنهينا العشاء وقد سمح لهما غيث
بتناول القليل معه مع كثرة ما أعددت له توجهنا أنا وحور للمطبخ لتأدية تقوسنا المعتادة بعد كل وجبة عشاء
فقالت حور مبتسمة " لقد ضحكت الليلة كما لم أضحك من قبل هنا "
قلت مبادلة لها الابتسامة " أجل فزبير صاحب ضل خفيف جدا "
قالت لي بهدوء " يبدوا لي أن الأمور تحسنت كثيرا بينكما أنتي وغيث "
قلت بعد صمت " أتمنى ذلك فأنا حقا سأحاول تقليص المسافة بيننا رغم صعوبة المهمة "
قالت بابتسامة " ستنجين يا رنيم ما لم يجد اليأس لك طريقا "
قلت بهدوء " وأنتي يا حور ألن تفكري في تغيير حياتك "
خيم الحزن فجأة على ملامحها وقالت " كيف ذلك يا رنيم كيف "
قلت بإصرار " حاولي التأقلم مع وضعك الجديد ونسيان الماضي "
تسللت دمعة من عينها وعبرت طريق أنفها لتنتهي في حوض المغسلة وقالت
" مستحيل , هذا أشبه بالمستحيل فحتى الليلة كنت أفتقد وجوده معنا على طاولة الطعام فكل مكان
هنا أراه خاليا بدونه حتى غرفتي أشعر أنها تفتقده أكثر من أي شيء آخر رغم أنها لم تعرفه يوما "
قلت بحزن " ولكن هذا لن يجدي بشيء يا حور "
قالت بابتسامة حزينة " يبدوا أنك لم تجربي الحب يوما فلو جربته ما كنتي لتقولي ذلك "
قلت بأسى " إن كان كذلك فأتمنى حقا أن لا أجربه "
قالت بذات الحزن " إذا أحبي زوجك قدر الإمكان فعلى الأقل هوا ملكٌ لك "
ابتسمت بسخرية وقلت " وما نفع ذلك إن لم يحبني هوا فالأمران سيان "
انهينا أعمالنا وصعدت لجناحنا استحممت وجلست بردهة الجناح متجنبة الدخول لغرفتنا , لا أعلم
لما ولكنني كنت أريده أن ينام قبل دخولي ولا تسألوا عن السبب فحتى أنا لا أملك الجواب
شغلت التلفاز وجلست والنوم يسحبني إليه سحبا ولا أدري عن ما يعرض على الشاشة شيئا , بعد قليل
انفتح باب الغرفة نظرت باتجاهه فكان غيث واقفا أمامه وقال بهدوء
" رنيم ألن تنامي "
قلت بتوتر وكأني أنام معه للمرة الأولى " ليس بعد "
قال بذات الهدوء " مؤكد أنك متعبة وهذه ليست عادتك هيا تعالي "
قلت وعينيا للأرض " حسننا قليلا فقط "
توجه ناحيتي أغلق التلفاز ثم سحبني من يدي وقال " بل الآن ما بك الليلة "
دخلنا الغرفة أقفل الباب وأخذني للسرير أجلسني جهة نومه وجلس بجانبي وأبعد خصلات شعري عن
وجهي ثم وجهه ناحيته وقال " شكرا لك يا رنيم على كل ما فعلته لأجلي اليوم "
نظرت للأسفل بخجل وقلت " هذا واجبي اتجاهك يا غيث لما الشكر "
قال بهمس " رنيم انظري إلي "
رفعت عيناي لعينيه فقبلني على شفتي بحنان وقال بهدوء
" أريد الليلة مختلفة عن كل سابقاتها أريدها الأروع حسننا "
نظرت للأسفل بخجل وقلت " سأحاول "
وكانت بالفعل مختلفة عن كل الليالي السابقة أحسست فيها معه أنني أنثى للمرة الأولى

















ميس






هل جن هذا أم ما أسمعه خيالا كيف يريد إقناعي بأنه يرغب بالزواج بي رغبتا منه وليس تكفيرا
عن أفعاله أو رحمتا بي إنه مخادع ويحاول خداعي ونيل ما يريد بالحيلة كما يفعل دائما فسيتزوجني
ليرتاح ضميره ومن تم سيرمي بي ليتزوج بأخرى يريدها , عائلة مخادعة فاشلة في كل شيء
لم أنزل بعد ذلك من غرفتي ولا حتى لتناول العشاء لقد كانت رنيم وحور يحاولان تعديل مزاجي
طوال النهار بعدما حدث وجاء هوا ليفسده كله لقد أخبرتني والدته أنه في رحلة صيد فما الذي جاء
به فجأة لا أعلم
نمت تلك الليلة كالريشة التي سكنت الريح لتريحها من عناء سفرها ولا تعلم متى ستعصف لتحملها من
جديد استيقظت صباحا على صوت رنين هاتفي نظرت للمتصل فكان صهيب فقلت بتأفف
" ما أجمل هذا الصباح "
أجبت بعد حين فقال " هل كنتي نائمة آسف لإزعاجي لك "
تنهدت وقلت " تسرق نومي وتوقظني منه يالك من مصدر للسعادة "
قال بصوت مبتسم " لم أعلم أنك قضيتي الليل تفكرين بي حتى غاب النوم عن عينيك لكنت
شاركتك سهرتك "
قلت بضيق " يالك من واهم لا تفسر الأمور كما تريد "
ضحك وقال " صباح الخير إذا "
قلت ببرود " يفترض أن تقولها في بداية المكالمة وليس نهايتها "
قال بضحكة " ومن قال أنها انتهت ثم أنتي أيضا لم تفكري في قولها لي "
قلت بضيق " لأني لست خيرا على أحد يصبح بي ولا من أصبح به "
قال بهدوء " إهانة مقبولة منك يا ابنة عمي "
قلت ببرود " ألا ترى أننا منحوسان حقا , لما اجتمعنا لا أعلم "
قال بصوت يشبه الهمس " بل هذا أجمل ما حدث لي "
ياله من وقح لقد صدق نفسه وكلامه البارحة لم يكن إلا القطرة التي يبدأ بها المطر الغزير
قلت بعد صمت " لا تكذب على نفسك فهي أيضا لن تصدقك "
قال بعد صمت طويل " ميس هلا تحدثنا بجدية "
قلت بحدة " أنا لم أمزح معك يوما "
تنهد وقال " حسننا دعينا من ذلك الآن ستكون رحلتنا عند الواحدة ظهرا فكوني جاهزة حسننا "
قلت ببرود " شكرا لك وداعا "
ضحك وقال " ما أكبر كرهك لي يا ميس , حسننا وداعا الآن "
عند الظهيرة غادرنا سويا أرض الوطن الذي لطالما كرهت العودة إليه متمنية أن تكون رحلتي
الأولى والأخيرة , ركبنا الطائرة ونمت من فوري طوال الرحلة وكأنني لم أنم من قبل حتى استيقظت
على صوت صهيب يقول " ميس استيقظي هيا ما كل هذا النوم "
قلت بنعاس " اتركني أنام ماذا تريد مني "
قال بحدة " هيا يا ميس عليك ربط الحزام لقد وصلنا "
تأففت واعتدلت في جلستي أفرك عيناي من النوم مد يديه وأمسك بالحزام وقال بنفاذ صبر
" على هذا الحال لن تربطيه إلا بعد هبوط الطائرة "
قلت بضيق " إذا لماذا توقضني إن كنت ستفعل ذلك بنفسك "
اقترب مني فصار وجهه مقابل وجهي وقال
" ميس لا تحاولي إكراهي فيك بما تفعليه فلن أكرهك أبدا سمعتي "
قلت بسخرية وعينيا في عينيه " أنا لا أتعمد ذلك ولا يحتاج الأمر أن أفعل فأنت لا تحبني "
قال بابتسامة " هل تختبرينني بكلامك "
دفعته بعيدا وقلت " ولما أختبرك فأنا لا أشك في الأمر لأتأكد ولا يهمني معرفة الحقيقة "
نزلنا من الطائرة وهوا يضحك طوال الوقت لا أعلم ما أصاب عقل هذا الفتى غادرنا المطار
متوجهين لمنزل صديقتي جيسي وما أن وصلنا حتى نزلتُ ركضا وطرقت الباب ففتحت
لي واحتضنتها بحب ثم قلت بلهفة " أين هي والدتي "
قالت " في الداخل هيا أدخلي "
ثم نظرت خلفي وهمست " هل هذا هوا خطيبك كم يبدوا أنيقا ووسيما ومميزا "
ضربتها على كتفها وقلت " حمقاء هيا ابتعدي عن طريقي "
دخلنا للداخل فخرجت والدتي من إحدى الغرف ارتميت في حضنها كالغريب الذي وجد وطنه بل من
هذا الذي قال أن الوطن أم فالأم هي كل الأوطان متجمعة بكيت في حضنها كثيرا بكيت كل ما مررت
به من يوم ذهابي وتركي لهذا الحضن
مسحت على رأسي وقالت بحنان " ميس حبيبتي توقفي عن البكاء واتركيني اسلم على ابن عمك "
قال صهيب مبتسما " دعيها فهي تخزن كل هذا منذ شهور "
ابتعدت عنها فسلمت على صهيب ودعتنا جيسي للجلوس لكنني قلت رافضة
" سنذهب لمنزلنا فيكفي ما بقيته معك وأعدك أن أسدد كل ما دفعتي "
ابتسمت وقالت وهي تنظر لصهيب " لا عليك فخطيبك من كان يدفع وليس أنا "
نظرت له بصدمة ثم لها ثم لأمي وقلت " هل صحيح ما سمعت يا أمي "
قالت بهدوء " نعم يا ابنتي صحيح إنـــ ..... "
قاطعتها قائلة بحدة " لماذا يا أمي لماذا هل أنقصت عليك شيئا من قبل لتطلبيه منهم "
قالت بدهشة " بنيتي أنا لم أطلب منه شيئا هوا من قـــ ..... "
قلت بغضب " أمي لما لا تشعري بما أشعر ألا يهمك أمر والدي أبدا ألا يهمك ما عانينا طوال حياتنا "
ثم خرجت مغادرة للمنزل بغضب وسرت في الشارع على قدماي وصهيب يتبعني قائلا
" ميس عودي الآن ما بك أنا لم أفعل شيئا يستدعي منك كل هذا الغضب "
وقفت وقلت ببكاء مرير " أخرجوا من حياتنا أخرجوا الآن "
شدني إليه وحضنني وقال " أصمتي يا حمقاء أصمتي هيا هل كنتي ترضين أن تصرف عليها صديقتك
ونحن عائلتكم نتفرج أقسم أني ما كنت لأرضاها "
قلت من بين دموعي " أكرهكم لما لا تتركوننا وشأننا "
زاد من احتضاني وقال " حسننا تكرهيننا وتتمنين زوالنا من هذا العالم ولكن توقفي عن البكاء يا ميس
فبكائك يؤلمني كثيرا "
ابتعدت وقلت " كاذب "
ابتسم وقال وهوا يشدني من يدي عائدا بي لمنزل جيسي " وكاذب أيضا هل يريحك ذلك "
دخلنا المنزل فقلت بضيق " سأنتظر في الخارج "
قالت والدتي " لن أخرج من هنا مادمت غاضبة مني "
تنهدت وقلت " أمي لست غاضبة هيا لنرحل "
قالت بهدوء " بل غاضبة وبدون سبب أيضا "
نظرت لها بصدمة فقالت بحدة " هل لك أن تخبريني ما ذنب هذا الشاب لتعامليه هكذا لقد دفع لي أموالا
كثيرة وفوق ما أحتاج ليساعدني وشرح لي كيف علم بأمرنا وكم بحثوا عنا , هيا توقفي عن جنونك يا ميس "
قلت بضيق " أمي لا تجعليني أغضب منك بالفعل هذه المرة "
دخلت أمي الغرفة دون كلام لتجمع أغراضها فنظرت لي جيسي وقالت
" أنتي فتاة متعبة جدا يا ميس ووالدتك لن تعيش طويلا بسببك "
قلت بغضب " لما الجميع على صواب ووحدي المخطئة ضعوا أنفسكم في مكاني ولو لدقيقة وأقسم
أنكم لن تستحملوا الأمر "
وضع صهيب يده على كتفي وقال
" هيا لنغادر للخارج يا ميس أقسم أننا نشعر بك ولكن ليس لأحد أن يغير الماضي فدعينا نحاول
إصلاح ما بقي منه "
خرجت مستاءة وجلست في السيارة وبعد وقت خرج الجميع ركبوا السيارة واقتربت جسي من نافذة
صهيب وقالت لي " قومي بزيارتي قبل أن تعودي لدولتك يا ميسي "
نظرت للجانب الآخر بضيق ولم أجب فضحكت وقالت
" لا أحسدك على خطيبتك هذه فلا تتزوجها وانجوا بنفسك "
قال صهيب بضحكة " لن أتزوج غيرها أبدا وبكل عيوبها "
غادرنا في صمت من جانبي ووالدتي تصف له مكان منزلنا , عند وصولنا دخلنا جميعا ثم استأذن
صهيب للذهاب فقالت والدتي " ابقى بضيافتنا يا بني لما تريد المغادرة "
قال بابتسامة " شكرا على كرمك يا خالة سأذهب للفندق إن احتجتما أي شيء فأخبراني فقط وسأجلب
لكما الطعام حالا ولا تتعبا نفسيكما بالتنظيف اجمعا الأغراض الخفيفة فقط وسنسافر في أقرب وقت "
ثم نظر لي وقال " في الصباح سأمر بك لنزور الرجل الذي أخبرتني عنه حسننا "
لذت بالصمت وأنا أنظر لعينيه دون كلام فابتسم لي وخرج مغادرا

















أُديم








تحولت إقامتي من شقتي لمنزلي وليان ومن قضاء الإجازات مع عائلتي لقضائها معها اشتريت لنا تلفازا
نقضي عليه بعض وقتنا رغم إصرار ليان أن أعود لعملي الإضافي الذي كنت أعمله وأن أعود لحياتي
الطبيعية ولكني ما كنت لأطمئن لذلك وأكون هناك وبالي معها هنا , لقد حكيت لصديقي خيري عنها في حال
أصابني أي مكروه خصوصا بعد وفاة عمها الذي كان وحده من يعلم بالأمر كنت أقضي الساعات الطوال
جالسا بمنزلنا وهي في حضني تتحدث أحيانا كثيرة معي وكأنني أسمعها رغم أني كنت أسمعها فعلا
وأستمتع بحديثها وهذيانها كالأم وهي تستمع لثرثرة صغيرها الغير مرتبطة ببعضها بحب وسرور وكأنه
لم يتحدث شخصٌ قبله, أنا أفهمها فهي تعاني الوحدة بعد وفاة عمها الذي كان الشخص الوحيد الذي تتحدث
معه كنت أحتضنها بحب وأقبل رأسها كل حين وأحيانا لأغامر وجهي فيه لأكتم ضحكتي عندما تقول شيئا
مضحكا وحتى مشاعرها اتجاهي كانت تبوح لي بها دائما وهي تنام على صدري عوضا عن الحبر على
بياض الورق وكأنها اختارت نقشها هنا على ضلوعي لتعيش للأبد بدلا من أن تُرمى مع بقايا الأوراق
والدفاتر رغم أن ليان لا ترمي منها شيئا وتحافظ عليهم وكأنهم أحد كنوزها حتى أنها يوما أحضرتهم لي
لنقوم بقراءتهم ونسترجع كل ما كتبنا وضحكنا كثيرا على بعض الكلمات
ما تزال ليان في شهور حملها الأولى ولكن بطنها بدأ بالانتفاخ قليلا إنها ابنتي تخترق صغر حجمها لتكبر
كالزهرة رويدا رويدا كنت أجلس محتضننا لها كعادتي نشاهد التلفاز عندما جلست ليان وكتبت لي
( ابنتك تريد عنبا أسودا )
ضحكت وكتبت لها ( ألم يكفيها الأخضر )
ابتسمت وأومأت برأسها نفيا فوقفت لأغادر وأجلبه فوقفت معي وأمسكت بيدي وابتسمت
آه الخبيثة تريد الخروج معي إذا
كتبت لها ( هل ابنتي تريد العنب أم أن والدتها تريد الخروج )
ابتسمت وأخذت الدفتر وكتبت ( بلى هي تريد العنب وأنا أريد الخروج )
أشرت لها بأصبعي على وجهها بمعنى أرتدي حجابك فانطلقت مسرعة وارتدت عباءتها وحجابها
وخرجنا معا ولففت بها الأماكن على قدمينا حتى أنهكها التعب وأصبحت تترجاني لنعود
وكانت أيامي تمضي معها هكذا حتى ذاك اليوم الذي اتصلت بي وأنا في الشركة فقفزت كالمجنون لعلمي
أن اتصالها لن يكون إلا لأمر طارئ فهكذا اتفقنا وعندما وصلت للمنزل وجدت بعض الرجال بالخارج اقتربت
فكان صوت صراخ ليان يخرج من المنزل تستنجد بالناس عدت لسيارتي أخذت مسدسي الخاص ركضت
باتجاههم فكانوا يصرخون ويتناقشون لكسر الباب يا لهم من حمقى وما ينتظروا فصرخت بهم قائلا
" ابتعدوا إنه منزلي وزوجتي بالداخل "
ابتعدوا عن الباب ففتحته ودخلت وافجعني ما رأيت فرفعت مسدسي ورميته بالرصاص















الجزء الخامس والعشرون





رنيم




كانت ليلة البارحة غريبة ومميزة ولا أعرف ما أقول غير أنني لم أعد أفهم غيث ولا نفسي حتى
عند الصباح استيقظت ولم يكن غيث موجودا نزلت للأسفل فقابلت خالتي وتوجهنا للجلوس معا
وتبادلنا الأحاديث المختلفة ثم قالت " رنيم في أي شهر أنتي الآن "
قلت بعد برهة " في منتصف الخامس "
قالت بابتسامة " ظننتك أكثر من ذلك "
نظرت لجسمي وقلت " نعم يبدوا لي أن بطني ينتفخ بسرعة هل هذا غير طبيعي "
" هذا ليكون رجلا قويا فاتركا ابني ينموا كما يريد "
نظرنا كلينا لمصدر الصوت الذي كان صاحبه غيث بالتأكيد فقالت خالتي
" قد يكون فتاة فما يدريك "
جلس وقال بابتسامة " بل رجلا قويا لقد اتصلت بالطبيبة وأخبرتني "
نظرت لي خالتي بصدمة وقالت " هل علمتما بذلك "
قلت بصدمة " لا أنا لا علم لي إلا الآن "
نظرت لغيث وقالت بضيق " محتال لما طلبت منها أخبارك ألم أنهاكما عن ذلك "
قال بذات الابتسامة " لم استطع الانتظار "
قالت بضيق " أنتم الرجال هكذا دائما تصابون بالجنون إن لم تعلموا إن كان ذكرا أم لا "
قال بهدوء " المهم أن يسلم كليهما كان ما يكون "
آه ما هذه الهدية الصباحية الرائعة , آخ لقد أصبحت مدعاة للضحك فأتفه الأشياء تشعرني بالسرور لقد
صدق من قال أن أطيب وجبات الطعام تلك التي تأكلها على جوع
وقف غيث وقال " هل توصيان شيئا "
قالت خالتي بحب " سلامتك فقط بني "
ثم قال مغادرا " رنيم هلا لحقتِ بي أريدك في أمر "
وقفت وغادرت خلفه تقودني عدة أشياء قدماي ليست منهم إطلاقا , دخل المكتب ودخلت خلفه وأغلقت
الباب ثم وقف ووقفت مقابلة له فقال بعد صمت
" أحد اللذان يهددانك سابقا أقحمته في قضية ودخل السجن والآخر تحت التهديد حاليا وهم يطالبونني أن
أعفوا عن السجين فاشترطت عليهم أن يوقعوا تعاهدا على عدم الاقتراب منك ووالدتك أو أدخل الأخر
معه ووافقوا "
نظرت له بصدمة ثم تحولت لابتسامة وقلت " حقا هل صحيح ما تقول أَقسم على ذلك "
قال بابتسامة " صحيح وسنسافر لإتمام الأمر "
لم أشعر بنفسي إلا وأنا أحتضنه وأتمسك بعنقه بقوة وأبكي فرحا وأقول
" حمدا لله لقد كان بالي منشغلا على والدتي ومستقبلنا كثيرا شكرا لك يا غيث "
مسح على ظهري وقال " لما البكاء الآن يا رنيم "
ابتعدت عنه وقلت وأنا أمسح دموعي " أنت لا تعلم ما يعنيه الأمر لي لقد أسكنوا الرعب بداخلي طويلا
وحتى والدي شامخ رحمه الله لم يوافقوا على عرضه للتفاوض فكان يهددهم فقط وهم خافوا من مركزه "
قال بهدوء " هذا لأن والدي لم يكن يريد استخدام القوة معهم أما أنا فلم أجد حلا غيره إنهم ممن يخافوا ولا يستحوا "
قلت بذات الهدوء " هل عليا السفر هناك لهم أنا لا أريد ذلك أذهب أنت وزوج خالتي "
قبلني على خدي وقال مغادرا " عليك أن تكوني معنا لتوقعي على التعاهد معهم "
غادر المكتب وتركني كصورة في تلفاز انقطع عنها الإرسال لتتجمد على آخر حركة فعلتها
ثم مررت أصابع يدي على خدي ونظرت لهم وكأنني أريد التأكد مما حدت بل وكأنني سأجد قبلته
لازالت عاقة على خدي مكانها وستسحبها أصابعي لأتأكد منها بعيني










جود







( بعض المشاعر تبدوا غريبة حقا لا ننتمي إلى أصحابها ولكننا نعيشها أحياننا وبكل تفاصيلها هل جربت يوما
ذلك .... هل جربت أن تمشي وسط الأحياء ولكنك لا تشعر بالانتماء لهم وكأنك مجرد جثة تمشي علي قدمين
ثابتتين... عينان يكسوهما صمت غريب ... ابتسامتك ميتة وكلماتك تخرج محترقة بالرغم من أن أنفاسك باردة
كالجليد ، كبرودة جسدك المتهالك ... لا تسمع سوي الفراغ ولا تري سوي الظلام ولا تستنشق إلا رائحة التراب
تماما كالأموات يرونك جميعهم ولكنك لست معهم لا تراهم لا تسمعهم ولا تشعر إلا بالوحدة والسكون .... إنهم
مثلك تماما أحياء ولكنك لست مثلهم فأنت بلا حياة وبلا مستقبل ولا أمل تماما كأولئك الذين بكتهم العيون
وفقدهم الأحباب وتركوا هذا العالم للآبد
هل جربت يوما هذا الشعور إنه حقا شعور قاسي ومؤلم ولكنه أحيانا يبدو مريحا للغاية )
أغلقت دفتري بعدما دونت فيه حكاية جديدة من حكايا ألمي في كلمات علها تكون شيئا يعبر عن جزء
منه , أغلقته واحتضنته وأنا أبكي ألما وحزنا وفقدا ودسسته في ظلمات حقيبتي ليروي لها مالم تسمعه اليوم
لقد خرجت يومها من منزلي كالحافي الذي يبحث عن حدائه في قدميه رغم علمه أنه ليس موجودا وأنه لم
يمتلكه يوما وكأنه يخبر الجميع أنه لديه حداء ولكنه لا يعلم أين , فخرجت كذلك مجردة من كل أمياتي مخلفة
خلفي أهلي الذين عشت حياتي معهم وحلم ولد تلك الليلة ليموت فيها خرجت محرومة منهم وأبحث عنهم بين
ثنايا أملي وأنا أوقن أنهم رحلوا ولست أنا من رحلت
أمضيت أيام عديدة هنا سجينة هذه الغرفة كان الفندق فخما وراقيا للغاية لكنني كرهت حتى التجول
فيه , بحر كان يقضي أغلب يومه خارجا فهوا جاء من أجل العمل ويعود منهكا ومتعبا يحاول إقناعي
بالخروج سويا ولكني أرحم حاله وأعلم بحالي فلا رغبة لي إلا في الموت , حاول ذاك الشاب الاتصال بي
كثيرا يومها ولم اجب فليس لدي ما أقول فالأمر يخجل لساني من ذكره وعقلي من تذكره, بعدها أغلقت
هاتفي ولم افتحه إلا اليوم لأتحدث مع والدتي فوصلتني رسالة معلقة منه منذ البارحة كتب فيها
( تبا لمكالمة هاتفية ننتظرها كل ليلة ونحن متأكدون أنها لن تأتي أبدا )
ثم بعدها وعلى الفور أرسل رسالة فيها ( إن كنت أعني لقلبك ولو كذبة صغيرة أجيبي على اتصالاتي )
بكيت كثيرا بحرقة وألم ثم أرسلت له ( لا أستطيع مهاتفتك حاليا أعذرني فظروفي لا تسمح بذلك )
وصلت منه رسالة فيها ( إذا عديني أنك ستتصلين بي قريبا )
لم أجب فأرسل بعد وقت ( عديني الآن ولا تنسي عهدك القديم بانتظاري عديني يا بلسم )
أرسلت له ( أعدك ما لم تمنعني الظروف في كلا العهدين )
ثم عدت وأغلقت هاتفي من جديد لعلي أغلق معه بابا يطرقه هذا الغريب كل حين ليشعل بداخلي أملا جديدا
في الحياة ويرمي في حجرات قلبي أزهارا من صنع يديه وخيوط خيالي
ما كان عليك أن تحبيه يا جود فأمثالك ليسوا للحب وليس الحب لهم أمثالك ليس عليهم التعلق بشيء إلا الموت
في اليوم التالي أخبرني بحر أننا سنعود للوطن وأني سأقيم في قصر عائلة والدته حتى حين ولا أعلم ما عناه
بذلك الحين ومتى سيكون يا لي من مصيبة حلت على رأسك يا بحر وجعلتك تلجأ لهم لحملها معك حاولت
الاعتراض ولكن هل من حل غيره , أخبرني أنهم لن يعلموا بحقيقة الأمر وذلك أفضل لي وله وقد أخبرهم أني
في فترة للعلاج هناك في إحدى المستشفيات لا أعلم أي مرض هذا الذي سأخترعه ليصدقه الجميع فلا شيء
يؤلمني سوى قلبي المكسور وحلمي الضائع وشبابي المسافر مع الريح
في اليوم التالي غادرت وبحر للقصر وما أن وقفت أمامه حتى أبهرني جمال ما رأيت إنهم عائلة مترفة
لابد وأن أمانيهم وأحلامهم كقصرهم جميلة وتتحقق بسهولة , وما أن اقتربنا من باب القصر حتى خرج
شابا وسيما ببنية جسدية قوية بني الشعر بعينان عسليتان واسعتان ولحية خفيفة محددة بإتقان وكأنها رُسمت
على وجهه رسما وابتسامة رقيقة قابل بها أخي بحر قائلا " مرحبا يا بحر متى عدت "
قال بحر مرحبا " مرحبا زبير لقد عدت للتو كيف هي أمورك "
يبدوا لي أنه أحد أخوته من ترحيبه به , قال بهدوء " جيدة وأنت "
ثم نظر لي وقال هامسا لبحر بابتسامة " من هذه يا بحر هل تزوجت "
قال بحر بعد ضحكة هادئة " وهل أتزوج شبيهة لي ألا ترى الشبه بيننا "
نظر لي ذاك الشاب بتركيز حتى أشعرني بالخجل ثم قال بذات الهمس متبسما
" يا رجل إنها أجمل منك بكثير "
ثم ضحك وبعدها قال " قل صراحة من هذه يا بحر "
قال بحر " إنها جود شقيقتي "
نظر لي بصدمة ثم لبحر وقال " شقيقتك , أقسم بذلك لقد ظننتها صغيرة فنحن لم نرها يوما "
ياله من قليل ذوق هل يضنني لا أكبر أبدا
قال بحر " وهل يبقى الصغير صغيرا دائما إنها في التاسعة عشرة الآن "
نظر لي وقال بابتسامة " عذرا منك يا جود ومرحبا بك عندنا , أعذراني عليا المغادرة "
وغادر ودخلنا القصر غاب بحر قليلا ثم جاء برفقة سيدة تشبه شقيقه ذاك أو بالتأكيد هوا من يشبهها
فهي من أنجبته احتضنتني بحب وقالت
" مرحبا بك في بيتك يا جود لقد سرني التعرف عليك كثيرا "
لقد كدت أبكي في حضنها فقد ذكرتني بوالدتي كثيرا غير أن هذه السيدة تخلصت من والدي وأمي
لازالت تعاني ويلاته حتى اليوم
ثم أعتذر بحر مغادرا وهوا لم يصل إلا الآن وكأنه يهرب من جدران هذا القصر وتركني خلفه في
مكان مجهول وعائلة غريبة عني لم أرها يوما , عرفتني السيدة على زوجات أبنائها كن لطيفات للغاية
وجميلات خصوصا تلك زوجة الذي قابلنا عند الباب وحدثتني عن جميع أبنائها الحاضرين منهم والغائبين
فأحدهم يعمل في بلدة أخرى والأخر سافر مع ابنة عمه التي هي أحدى سكان هذا القصر والأكبر زوج
اللطيفة المسماة رنيم وكانوا هم هؤلاء أربعة أبناء من غير بحر ثم أخذوني لجناح الضيوف لأقيم فيه أيامي
الغير معلومة هنا , كان كبيرا وفخما للغاية نمت فيه من شدة تعبي لساعات طويلة وتعمدت عدم الخروج كي
لا أضايق أحدا وبعد الغروب جاءت رنيم وحور لتفقدي وجلسا معي لعلمهما بتعمدي عدم الخروج محاولتان
تبديد وحدتي فقلت مستفسرة "رنيم تبدين لي حاملا صحيح "
ابتسمت وقالت " نعم وسأكون قريبا في الشهر السادس "
قلت بابتسامة مماثلة " أتمنى لك ولجنينك السلامة "
قالت بحنان " سلمك الله يا جود "
ثم سألتني قائلة " هل أنتي شقيقة بحر الوحيدة "
قلت بهدوء " لا لديه مازن أيضا وهوا أصغر مني بسبع سنين "
حمدا لله أنه لم يسألني أحد عن طبيعة مرضي الوهمي واكتفوا بسؤالهم إن كان خطيرا أم لا
تحدثنا كثيرا ثم وقفت حور وقالت " هيا يا رنيم سنتأخر عن تحضير العشاء "
نظرت لهم بحيرة وقلت " هل أنتم من يطبخ الطعام هنا "
قالت رنيم بابتسامة " نعم وسيعجبك أكلنا بالتأكيد "
قلت بحيرة أكبر " ألا يوجد خادمات هنا "
أجابت حور مباشرة " في المطبخ لا ليس غيرنا وباقي القصر تتولاه شركة تنظيف "
قلت باستغراب " ولما "
ضحكت حور وقالت " زوج هذه الحامل يمنع الخادمات هنا "
نظرت رنيم لحور بضيق وقالت " ولما لم يجبره زوجك على تغيير رأيه "
قالت حور بابتسامة " وهل يمكن لأحد كسر كلمته هوا لم يفكر حتى بزوجته الحامل "
نظرت لها رنيم بنصف عين وقالت " أتحداك أن تقولي هذا له "
ضحكتُ وقلت " يكفيكما فستتشاجران ويبقى الجميع بدون عشاء الليلة "
ثم قلت " هل أساعدكما "
قالت رنيم " لا فأنت ضيفتنا يا جود "
قلت بهدوء " ولكني ضيفة سيطول بقائها فدعاني أساعدكم أفضل من تمضية الوقت وحدي "
قمنا سويا بتحضير العشاء وتناولت عشائي وحدي بعد إصرار كبير مني على ذلك ففوجئت
ببحر يدخل الجناح ليشاركني العشاء ثم أضجعت على السرير وقادني الحنين أو هوا الجنون أم غربة
المشاعر لفتح هاتفي والاتصال بذاك الشاب فأجاب من فوره وكأنه كان جالسا داخل الهاتف وقال
" لما أنتي قاسية هكذا أيعجبك ما فعلته بي "
نزلت دموعي رغما عني وأجهشت في البكاء فقال بلهفة
" بلسم ما بك لما البكاء هكذا حبيبتي توقفي أرجوك "
فزدت بكاء على بكائي وأغلقت الخط وبعد لحظات موجعة كجمال كلماته والعشرات من محاولات
الاتصال بي أجبت على اتصاله فقال معاتبا " ارحميني بالله عليك وقولي ما بك أرجوك "
قلت بحزن " لا شيء مهم أو لا شيء جديد "
قال بهدوء " هل هوا والدك "
قلت بذات الحزن " كان يريد بيعي لأحدهم تخيل يريد المتاجرة بي من أجل جني المال "
وعدت للبكاء من جديد فقال بحسرة
" سحقا لي ... لولا هذه الوصية الرعناء لتزوجتك على الفور ودفعت له كل ما يريد يا لي من عديم نفع "
قلت من بين شهقاتي " علمت الآن معنى كلماتك حين قلت لي لم أعد أرغب في الحياة "
قال بحدة " إياك والتفكير بذلك ولا تنسي ما أرسلته لي حين قلت ذلك , بلسم لا تفعلي ذلك بي أرجوك "
ثم تنهد وقال " وكيف حللتم الأمر "
قلت بحزن " وجدنا له حلا مؤقتا ولا أعلم ما النهاية "
قال بجدية " هل أساعد في شيء هل يمكنني ذلك "
قلت بهدوء " لا , فلديك ما يكفيك "
قال بعد صمت " ألن تخبريني ما اسمك على الأقل "
قلت بألم " ليس الآن اتركها للزمن "
قال " إذا هل تريدي معرفة اسمي "
قلت بحزن " لا فلنتركهما يخرجان للنور معا أو يموتان كالحلم معا "
قال بجدية " بل سيخرجان للنور يوما فأبقي على الوعد وانتظريني وحاربي كل شيء من أجل ذلك "
قلت بأسى " سأحاول قدر استطاعتي وأتمنى أن لا يفشل الأمر فالواقع أقسى مما تتصور "
ثم قلت " وداعا الآن تمنى لي حضا سعيدا "
قال بحنان " أتمنى أن أجدك يوما أمام عينيا حقيقتا , أعتني بنفسك جيدا حبيبتي وداعا "








ميس






قضيت ووالدتي الليل في الشجار والجدال وتنظف غرفتينا والمطبخ لا أعلم هل هي طيبتها الزائدة من
تجعلها كذلك أم أنها لا تهتم لما حدث لوالدي , حتى حكيت لها ما قالاه شقيقاه عنه فنزلت الدموع الغالية
من عينيها الواحدة تركض خلف الأخرى فحضنتها بحب وقلت
" لا تبكي يا أمي أرجوك لو كنت أعلم أن هذا ما سيحدث ما قلت لك ذلك "
مسحت دموعها وقالت " رحمك الله يا نبيل لا تستحق كل ما قيل عنك "
قلت بحزن " أقسم أن يرجع حقه ومكانته كما كانت وستتحدث الناس جميعهم عن براءته من علم ومن لم
يعلم بما حدث في الماضي "
مسحت والدتي على شعري وقالت " وافقي على ابن عمك يا ميس كي يرتاح قلبي يا ابنتي "
تأففت وقلت " أمي هل يرتاح قلبك بتعبي أنا "
تنهدت وقالت " لو تفعلين مرة واحدة ما أقول لك "
قلت بضيق " بلى يا أمي فقد فعلت ما قلتي وذهبت إلى هناك وما جنيت إلا المآسي والمعاناة "
نظرت لي باستغراب وقالت " عن أي مآسي ومعاناة تتحدثين "
تنهدت وقلت " أمي لن أطيل الحديث في الأمر لأنه لن يكفيني الليل بطوله لأحكي لك ما عانيت ولكن ما
عليك معرفته أنهم لم يستدعوني ولم يرد جدهم رؤيتي كلها كانت كذبة من صهيب ليجبرهم على ذلك "
نظرت لي بصدمة ودون كلام للحظات ثم قالت " كانت لعبة من صهيب ولم يستدعك الجد "
قلت بحزن " ولم يفكر بي أبدا ولا بك وحده عمي شامخ من بحث عنا طويلا وقد تأكدت من ذلك من
السيد جيمس وقد كلف صهيب أن يكمل ذلك أما البقية فلا يرونه إلا مختلسا سرق أموالهم ولا حق لنا لديهم
وحدهم أخوة صهيب من اعترفوا بحقنا "
قالت بحزن " لا حق يضيع مهما طالت السنين يا ابنتي "
قلت بغيض " على الفاعل أن ينال ما يستحق ويقاسي كما قاسى والدي "
ثم قلت بجدية " أمي يكفيك هذا لقد تعبتِ كثيرا وستمرضين "
ابتسمت وقالت " وما فعلته أنا فأنتي من فعل كل شيء "
أمضينا الوقت على ذلك الحال حتى انتهينا ثم نمت من شدة التعب وصحوت صباحا على صوت
رنين الهاتف طبعا , فأجبت وعينيا مغمضتين وقلت بهمس ونعاس
" جيسي ما بك هكذا مزعجة أنا لم أنم البارحة "
جاءني صوت رجولي قائلا " هل بسبب التفكير بي أيضا "
قلت بضيق " أهذا أنت "
ضحك وقال " ما كل هذا النوم لا أريد زوجتي أن تكون كسولة "
تأففت وقلت " صهيب ألن ترحمني من هذا "
قال بهدوء " ألن ترحميني أنتي من هذه الكلمة إما قوليها دائما لأعتادها وإما لا تقوليها أبدا "
قلت بحيرة " عن أي كلمة تتحدث "
ضحك وقال " هيا انهضي بسرعة يا كسولة ورائنا مشوار أم أنك نسيتي "
أغلقت الهاتف في وجهه ورميت به وعدت للنوم ثم وصلتني رسالة بعد قليل فتحتها فكانت منه وكان
فيها " إن أغلقت الخط في وجهي ثانيتا سيكون حسابي معك عسيرا فهمتي أنا خارج من الفندق الآن
كوني جاهزة "
أرسلت له " دعني أنام قليلا أرجوك فأنا لم أنم حقا "
اتصل وعاد الهاتف للرنين المزعج وضعت الوسادة على رأسي وقلت بضيق
" ما هذا المزعج لما هوا مستعجل هكذا "
أجبت فقال من فوره بحدة " لما أغلقت الهاتف في وجهي "
قلت ببرود " لأن المكالمة انتهت "
قال بغضب " أنا من بدأها وأنا من ينهيها وفي كل الأحوال كان عليك احترامي أم تريني طفلا أمامك "
تنهدت وقلت " حسننا آسفة أيها السيد هلا تركتني أنام قليلا "
قال بحدة " لا "
قلت من فوري "هل هوا والدك أم والدي ما كل هذا النشاط "
قال " لن تعلمي أبدا ولن تفهمي ما يعنيه الأمر لي أقسم أن أدمر من فعل به ذلك شر تدمير ولو كان شقيقي "
بقيت صامتة طويلا لما سمعت منه فقال " هيه ميس هل عدتي للنوم "
قلت بسخرية " نعم وأحلم حلما جميلا أيضا "
قال بغيض " هل تسخرين من كلامي يا ميس "
قلت بحدة " لما تفهم كل ما أقول بشكل سيء هل أنا سيئة لهذا الحد كي لا تتوقع مني إلا السخرية منك "
قال بحدة " وما معنى ما قلتيه الآن "
تأففت وقلت " لم أعني ما فهمت أقسم لك بذلك "
قال بضيق " إذا هيا قومي فأنا سأصل قريبا "
تنهدت وقلت " حسننا ها قد قمت هل أنت مبسوط الآن "
ضحك وقال " ليس بعد حتى توافقي على الزواج بي "
قلت بضيق " لو اعلم فقط كيف يتبدل مزاجك فجئه , هيا وداعا ولا تقل أني أغلقت الخط في وجهك "
قال بهدوء " حسننا وداعا حتى دقائق فقط "
أغلقت الهاتف وقلت " متى سأتخلص منك لا أعلم "
بعد نصف ساعة نزلت للأسفل وكان هوا ووالدتي منسجمان في الحديث تماما لما لا يتزوجها ويريحني
ضحكت للفكرة وتابعت نزولي للأسفل نظرا إلي كليهما ثم قال صهيب مبتسما
" لو كنت أعلم أنك قضيتي الليل كله في التنظيف لما كنت أيقظتك باكرا وأجلنا ذلك للغد "
نظرت لوالدتي بضيق وقلت " يبدوا أنه كان عليا وضعك على الصامت البارحة "
ضحكا فقالت والدتي " لقد سألني وأجبت ما المشكلة في ذلك "
تنهدت وقلت " هل لي أن أتناول إفطاري أم ممنوع أيضا "
وقف وقال " سنتناوله خارجا هيا علينا الذهاب "
قلت برجاء " ولا حتى كوب قهوة "
جلس وقال مبتسما " حسننا بسرعة كلي ولا تتأخري كالاستيقاظ "
قلت بتذمر " آه أنا لست كسولة فقط كنت متعبة يا لك من قاسي قلب "
ضحكت والدتي وقالت " انظروا من يتحدث عن قسوة القلب "
نظرت لها وقلت بضيق " لو سأسمع رأيك فسأحضن عائلة والدي بحب جميعهم واحدا واحدا "
نظر لي صهيب بنصف عين وقال " ومن سيسمح لك بذلك "
قلت بابتسامة وأنا أغادر " من سيكون غير الذي كذب كذبة وصدقها بالطبع "
قال لوالدتي بهدوء " ابنتك هذه ستصيبني بالجنون هي لا تعترف بي في كل قواميسها "
ضحكت والدتي وقالت " أخبرتك بذلك منذ البداية "
عدت خطوتين للوراء وقلت " لقد سمعتكما وستريان "
قال صهيب " اسمعي يا ميس إن كنتي عنيدة فأنا أعند منك "
وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وإن كنت زوجة سيئة "
قال بابتسامة " أنا أسوء منك "
قلت بمكر " وإن كنت أكرهك "
ضحك وقال " أنا أكثر منك ...... أحبك "
قلت بغيض " معتوه وواهم هيا لنخرج قبل أن تغسل دماغ والدتي أكثر "
قال ضاحكا " والإفطار "
قلت متوجهة ناحية باب البيت " لم أعد أريده "
حمدا لله أن والدتي لا تفهم العربية
















زبير













( قد نسافر ونحن لا ننوي السفر بدون تذكرة ولا طائرة ولا موعد للهبوط , نسافر بأفكارنا بخيالاتنا
بأمانينا التائهة التي تنتظر فرصة للتحقق بل نسافر حتى في منامنا ونزور من لن تأتي بهم الصدف
ولا السنين مهما طالت إنه السفر الذي لا يعترف بحدود ولا يجلب إلا الحنين )
منذ أيام كنت جالسا أقلب هاتفي الذي أصبح لا يفارق عيناي لحظة أقلبه كما أقلب ما فيه أنظر إليه من جميع
الاتجاهات لتخترق عيناي كل تفاصيله من الداخل وكأن ثمة شيء يوجد هناك وسيخرج في أي حين
وكأنها تسكن بداخله ولن أصل إليها إلا من خلاله فكما يقولون
’’ نحن لا ندمن هواتفنا نحن ندمن أشخاص لا يجمعنا بهم سواها ’’
لو لم تتحدث معي يومها لكنت سأصاب بالجنون كيف لها أن تختفي فجأة لتتركني معلقا بين متاهاتي وظنوني
ياله من قاسي ذاك الوالد الذي لا يقدر قيمة ما لديه تنهدت للمرة الواحد بعد المائة ثم أرسلت لها رسالة كتبت
فيها ( كيف هي حبيبتي اليوم )
أرسلت بعد قليل ( بخير مادمت بخير )
كم أتمنى أن تظهري أمامي الآن لكي أشعر أنني فعلا بخير
" مرحبا بحر هل بـــ ..... "
نظر بحر كما نظرت أنا لصاحب الكلمات المبتورة الواقف عند الباب ثم ابتسم وقال
" مرحبا يا جود لقد بحثت عنك لنذهب لزيارة الطبيب ولم أجدك فطلبت من والدتي البحث عنك "
هذه كانت جود شقيقة بحر فما أن رأتني حتى بترت جملتها لتكملها بهمس كم هي رقيقة هذه الفتاة ولا
أستغرب ذلك من شقيقة بحر وهوا الرجل لا تكاد تشعر بوجوده معك كيف بها هي
قالت وعيناها أرضا " لقد كنت مع حور و رنيم في الحديقة سأجهز نفسي حالا "
وغادرت كالنسيم كما دخلت أستغرب أن فتاة بجمالها ورقتها لم تتزوج بعد صحيح أنها ما تزال صغيرة
ولكن لما فوت الكثيرين فتاة مثلها نظرت لبحر وقلت
" مما تشكوا شقيقتك هل من مكروه ما "
قال بهدوء " لا هوا شيء بسيط جدا ولكنه يحتاج لفترة من العلاج "
ابتسمت وقلت " أسأل الله لها العافية ولك الأجر "
بحر شاب تحاصره الظروف من كل جانب ولا تراه إلا صامتا حتى أنني لم أعرف عمر شقيقته إلا الآن
ولا أعرف عن حياته هناك سوى أن والده أهمل عائلته وهوا من يهتم بشؤونهم , لما لا تتزوج شقيقته
ويرتاح قليلا , بعد قليل غادر بحر فأمسكت بهاتفي واتصلت بأديم فأجاب بعد وقت فقلت مباشرة
" من أين أتتك هذه المرة أجبت دون أن ترسل رسالة بأنك ستتصل بي فيما بعد "
ضحك وقال " ما لديك من الآخر "
قلت ببرود " يالك من شقيق متحجر القلب , على كلن لدي لك عروس "
ضحك وقال " منذ متى اشتغلت خاطبا "
ضحكت وقلت " منذ الآن , إنها لا تُفوّت يا رجل جميلة ورقيقة كأنها نسمة هواء عليلة "
ضحك أكثر وقال " ومنذ متى صرت شاعرا "
قلت بابتسامة " منذ رافقت الشعراء , المهم ما رأيك "
قال " ما رأيي في ماذا يا رجل هل أنت جاد اعتقدت أنك تمزح "
قلت بحدة " وهل هناك مزاح في هذه الأمور "
قال بصوت مبتسم " ومن تكون هذه الأسطورية "
ضحكت وقلت " شقيقة بحر التي اسمها جود "
قال باستغراب " شقيقة من !! ولكن من أين عرفتها "
قلت " إنها في القصر الآن المهم ها ما رأيك فأنت وحيد هناك وأعزب لما لا ترفع الحمل عن شقيقك "
ضحك وقال " ومنذ متى اشتغلت بجمعية حقوق الإنسان "
قلت بلهجة جافة " ليس بعد , في القريب ممكن "
قال بهدوء " زبير ابتعد عن عالم الفقراء فإن حاولت إصلاح أمر لهم أفسدت كل شيء "
قلت باستغراب " أديم قل شيئا مفهوما من فضلك "
تنهد بضيق وقال " عالمهم لا يعرفه ويفهمه أحد سواهم فلا تفسده بمحاولة إصلاحه "
قلت بلامبالاة " أسمع أسمع أتركنا من الغموض والألغاز فعائلة بحر ليسوا فقراء صحيح أن والدهم
شبه متخلي عنهم ولكن بحر يوفر لهم حياة مترفة كما نعلم جميعا "
قال بتذمر " أخرجني من دماغك يا زبير وحاذر أن تدخل الفكرة برأس أمي , أمامك صهيب لما لا تجرب
معه فبحر المفضل لديه بين الجميع "
قلت ببرود " الحق علي لقد كان في بالي عريس آخر ولكني فضلت أخي أولا , أنت ترفس النعيم بقدميك
وستندم فيما بعد , وما كنت سأفوتها على صهيب لو كان مناسبا , وداعا الآن فلا نفع من هذه المكالمة "
أديم الغبي لقد ضيعها منه سوف أتصل بجبير لأعرض عليه هذه الماسة وها أنا اليوم جاءني رد جبير أنه
موافق اتصلت بأديم لأشمت به ولكنه لم يجب ولم يرسل حتى رسالة غريب فهوا لم يفعلها سابقا

أُ














ديم






لم أرى شيئا أمامي سوى الظلام والحقد والغضب وأنا أرى شاهد يصفع ليان على وجهها بعدما
أخرجها من الغرفة التي يبدوا لي أنها كانت مختبئة فيها فرفعت مسدسي ورميته بالرصاص كانت ذاتها
اللحظة التي دخلت فيها الشرطة ويبدوا أن من كانوا في الخارج هم من أبلغوهم وذاتها اللحظة التي سقطت
فيها ليان مغشيا عليها ركضت ناحيتها حضنتها وقلت
" ليان ما بك حبيبتي استيقظي أرجوك هيا استيقظي "
أمسك بي الشرطي بعدما أخذوا المسدس مني ووضعوه بكيس بلاستيكي وبدئوا بسحبي وأنا اصرخ بهم
" اتركوني اطمئن على زوجتي أولا فليس لديها أحد أتركوني "
ولكن ما من فائدة ولا من مجيب سحبوني وأنا أناديها وهي كالجثة الهامدة لا أعرف إن كانت على قيد الحياة
أم لا وما هي إلا لحظات حتى كنت في سيارة الشرطة ثم في مركزهم ثم في الزنزانة وها هي جرتني الأحداث
لأكون ما كنت عليه الآن
بعد ثلاثة أيام لم يروني فيها ولا يتفقدوني وكأني نسيا منسيا أجلس على الأرض بين اللصوص والمجرمين
أخرجوني للتحقيق فطلبت منهم الاتصال بشقيقي غيث وبالمحامي عارف اللذان وصلا في وقت قياسي جدا
وما أن دخلا حتى أمسكت بغيث من يديه وقلت
" أخرجاني من هنا يا غيث "
قال بأسى " ما الذي دفعك لذلك يا أديم لما فعلت ما فعلت "
طلب المحامي الاستفراد بي لأني موكله فوافقوا وجلسنا ثلاثتنا فقال
" أحكي لي ما حدث يا أديم لنرى ما سنفعل "
نظرت لهما وقلت " ليان إنها هناك ولا أحد لها إنها حامل ومغمى عليها إنها .... "
ثم أمست براسي وقلت " آه ما حل بها يا ترى "
قال غيث بصدمة " من ليان هذه "
قلت بحزن " زوجتي وتحمل طفلي لم يتركوني أطمئن عليها لا أعلم إن كانت حية أم ميتة "
زادت الصدمة على ملامحه حتى كاد تنفسه يتوقف وقال " ماذا ... زوجتك ولكن كيف ومتى "
تنهدت وقلت " تلك قصة طويلة "
قال عارف " وما علاقتها بما حدث "
قلت بغيض " النجس الحقير لقد هجم عليها وأنا غير موجود ولم تكن الأولى فقتلته "
قال عارف بعد صمت " وهل هناك شهود غيرها على ما حدث "
قلت " وجدت بعض الرجال خارج المنزل وهم من استدعوا الشرطة "
قال بهدوء " جيد فلدينا زوجتك والشهود قد يكونوا من الجيران والمسدس مرخص قد يساعدنا ذلك
هل زواجك بها شرعي وموثق "
قلت " نعم شرعي وفي المحكمة أيضا "
قال " جيد وماذا عن المرة الأخرى التي تهجم فيها عليها هل من شاهد "
قلت بألم " لا أحد غير عمها الضرير وقد توفي منذ شهور قليلة "
قال غيث بضيق " وما الذي دفعك للزواج في السر يا أديم لماذا "
تنهدت وقلت " أخبرتك أنها قصة طويلة وأحداث متعاقبة وما حدث قد حدث "
هز رأسه وقال " لا أصدق ما يجري وكأنني في حلم كيف لأخي أن يقتل رجلا "
قلت بغضب " لو كنت مكاني ما فعلت وأنت تصل منزلك لتسمع صراخ زوجتك من هي قطعة من
قلبك وتحمل طفلك تستنجد بالناس وتصرخ ثم تدخل لتجد دنيئا حقيرا سخر منك ودخل منزلك في غيابك
وتهجم عليها ماذا ستفعل "
قال " علينا البحث عنها وأخذها أعطني العنوان يا أديم "
قلت باستغراب " ألن أخرج من هنا "
قال عارف " ليس الأمر كما تتصور يا أديم سيحتاج لوقت سينهون التحقيق ثم يحولون القضية للمحكمة
وعلينا فتح ملف لها وجمع الشهود والمعلومات والتحدث مع أهل المقتول أيضا الضابط المسئول هنا يشتكي
منه الجميع ولن تنفع الوساطة لإخراجك حتى ننقلك للعاصمة لصدور الحكم لقد حاولنا كثيرا "
أمسكت به وقلت " ولكنه المذنب هوا من فعل ما فعل كيف سأبقى هنا أنت لم ترى المكان كيف يبدوا "
قال غيث بجدية " كن قويا يا أديم سينتهي كل شيء قريبا وسنفعل ما في وسعنا "
مسحت قفا عنقي بيدي وقلت " غيث أذهب لها وخذها من هناك ولكن لا تخبرها عني شيئا ولا أي شيء "
قال بحيرة " لم أفهم ما تعني "
قلت بجدية " هي لا تعلم من أكون ومن أين أتيت أخبرها أنك شقيقي فقط ولا تأخذها للقصر حتى أتحدث
معها حسننا عدني بذلك يا غيث "
تنهد وقال " أنا حقا في شيء لا يشبه الواقع أبدا "
غادرا بعد حين وأعادوني لتلك الزنزانة المقرفة أنا أديم أكون هنا هذا ما لم أتخيله أبد كي لا أتمناه , وفي
اليوم التالي عاد غيث لزيارتي جلست وقلت باندفاع
" هل هي بخير هل جنينها بخير أخبرني يا غيث "
نظر لي نظرة غريبة في صمت تام وكأنه يقول لي مت يا أديم مت شيئا فشيئا
















الجزء السادس والعشرون






حور





كان ينقصني من الحنين إليه أن تكون شقيقته التي تشبهه في كل ملامحه أمامي كل حين ليزداد الحديث
عنه والشوق إليه , كم هوا رائع في تعامله معها حتى أنه يتناول أغلب وجبات الغداء والعشاء هنا ليكون
معها بجناحها ولا تأكل وحيدة هي لا تتوقف عن الحديث عنه وعن ما يعني لها ولعائلتها وكأن أحدهم أخبرها
أن هناك شخص هنا يموت شوقا إليه فلا تدعيه ينساه وزيدي شوقه شوقا لقد طلب مني زبير
أن أكون معها في وجبات الطعام التي تكون فيها وحيدة فقررنا أنا وهي اليوم أن يكون غدائنا مميزا فطهوناه
بطريقة مختلفة وأعددنا الأطباق وكأننا في مطعم فخم جدا ومرحنا كثيرا في إعداده وجلست معها في جناحها
لنتناوله وما أن بدأنا حتى انفتح الباب ودخل من لم أتمنى دخوله اقترب منا وقال بهدوء وابتسامة وهوا ينظر
لجود " ما كل هذا هل تحتفلين بعدم وجودي معك اليوم "
قالت بذات الابتسامة " بل أرفه عن نفسي لأنسى غيابك عن طاولتي "
نظرت لها بضيق وقلت " تقولينها في وجهي يا جود "
ضحكت وقالت " لا لا لم أقصد ذلك , آه ياله من مأزق "
وقفت وقلت مبتسمة " استأذن منكما فخدا راحتكما في الطعام "
قال بحر معترضا " لا فأنتم من جهز كل هذا إن خرجتِ فلن آكل "
قالت جود برجاء " ابقي برفقتنا يا حور رجاءً "
آه منك يا جود ومن شقيقك هل تعلمين ما صنعتي بي , جيد أن زبير غير موجود على الغداء اليوم كي
لا يسألني سؤال ليس له جواب لدي , جلسنا ثلاثتنا نتناول وجبة الغداء في صمت حين كسرت جود ذلك
الصمت بحجارة كلماتها وقالت " حور هل درستِ بالجامعة هنا هل هي كالتي هناك أنا لم أرهما يوما "
قلت بعد صمت " درست ثلاث سنين هناك وواحدة هنا "
قالت مباشرة " وأيهما كانت الأفضل "
قلت بحزن " المكان لا يحدد جمال الأيام التي تقضينها فيه بل هم الأشخاص والأشياء الجميلة التي تعيشيها
هناك تجعله جميلا أو سيئا "
قالت بهدوء " إذا لابد وأن ثمة سنة كانت أجمل "
ابتسمت بحزن وقلت " نعم كانت تلك التي تحولت بعدها جميع السنين لخراب وجميع الأماكن لمنفى
للذكريات كانت واحدة جميلة وأخرى تعيسة حد التعاسة واثنتين لم يساويا عندي شيئا "
قال بحر بصوته الهادئ " هناك من لازال يزور خراب الذكريات ذاك حتى اليوم لعلها السنين تعود
ليتغير فيها الكثير "
قلت بحزن كادت تتفجر معه عيناي دموعا " لا شيء قد تعيده الذكريات وأماكنها إلا الوجع والحنين "
قال بألم " والكثير من الندم أيضا "
قالت جود بحيرة " فيما تتحدثان أنا لا أفهم شيئا "
وقف بحر وقال " فيما تحدثت أنتي فيه لكن يبدوا أنك شاردة الذهن اليوم "
ثم غادر وقالت لي " هلا شرحتِ لي شيئا "
ابتسمت ابتسامة تعصرني ألما وأحاربها جاهدة لتكون طبيعية وقلت
" عن الدراسة والسنين لا شيء مهم "
انهينا طعامنا الذي لم أتذوق منه طعما ولم أرى له شكلا غير أشياء تدخل جوفي وتسافر فيه خرجت
وصادفت زبير داخلا فقال " حور ما بك "
قلت " لا شيء ألم تعدني أن تأخذني اليوم لمنزل عمي "
قال مبتسما " وأنا عند الوعد هيا جهزي نفسك "













رنيم











لقد سافرت منذ فترة برفقة غيث ووقعنا ورقة التعاهد التي سوف تحميني منهم مدى الحياة لقد كان من أهم
الإحداث في حياتي وأخيرا انزاح الهم الذي عاش معي منذ صغري وعشت في رعب وخوف دائمين
بسببه , لم أرى أدهم الذي اختفى منذ وصولي هناك وقمت بزيارة والدتي أيضا لقد صنع لي غيث معروفا
لن أنساه أبدا , بدأت أحاول تقليص المسافة قدر الإمكان رغم علمي بمشاعر غيث اتجاهي وأصبح الحديث
بيننا يأخذ مناحي أخرى ولكن لن يتغير شيء مادام غيث لا يسمح لي بالخروج أو اقتناء هاتفا خاص بي لقد
تغيرت نظرتي للأمر قليلا وصرت أعذر تصرفاته
" رنيم لحظة من فضلك "
التفتت لمصدر الصوت فكان غيث ويبدوا على وجهه بعض التعب والشحوب وقفت وقلت
" عن إذنك يا جود قليلا "
قالت بابتسامة " خدي راحتك يا رنيم "
سار وسرت خلفه ولا أشعر بالاطمئنان أبدا وقفنا في طرف الحديقة تنهد بضيق فقلت
" غيث ما بك يبدوا لي أمرا سيئا قد حدث "
مرر أصابعه في شعره الأسود الكثيف وقال " أديم في السجن "
شهقت ووضعت يدي على فمي ثم قلت " ماذا حدث "
تنهد بضيق وقال " قتل رجلا في الجنوب "
أحسست بالأرض تدور من تحتي وأنني أفقد توازني فأمسكني وقال
" رنيم ما بك أردتك أن تسانديني لا أن أساندك "
وقفت على طولي وقلت " يا إلهي ما هذه المصيبة يا غيث هل أخبرت خالتي "
قال بضيق " لا لذلك أردت الحديث معك علينا أن نرى كيف سنخبرها "
قلت " ولما فعل ذلك "
قال " دفاع عن العرض "
قلت بحيرة " عن عرض من "
قال بعد صمت " زوجته "
كادت عيناي تخرج من الصدمة وقلت بنفس متقطع
" غيث أرحمني أنت تعلم أني متعبة من الحمل خفف الصفعات عني "
أشاح بوجهه وقال بضيق " مع من سأتحدث إذا مع زوجة زبير أم مع شقيقة بحر "
أمسكت يده بكلى يداي وقلت بحنان " أنا آسفة لم أقصد ذلك ولكن الخبرين مفجعان وغير متوقعان "
تنهد وقال " علينا أن نجد طريقة لنخبر والدته "
قلت بحزن " من علم من إخوتك "
قال " لا أحد حتى الآن لا أعلم ما سأفعل وعليا العودة إليه والبحث عن زوجته التي اختفت منذ
يوم الحادث "
قلت وأنا أمسح بيدي على ظهره وكتفه
" عليك أخبارهم لمساندتك لا تحمل كل هذا لوحدك يا غيث فستشعر بالراحة لوجودهم بقربك "
قال " شكرا لك يا رنيم جدي لنا حلا لنخبرها أرجوك "
قلت بهدوء " اترك الأمر لي فقط كن قريبا تحسبا لأي طارئ "
قال في حيرة " أخاف من وقع الخبر عليها قد نخسرها بسبب ذلك "
قلت " لما لا تخفوا الأمر عنها إذا حتى تجدوا حلا للقضية "
تنهد وقال " لن يجدي ذلك وستعلم إن منا أو من غيرنا "
قلت بهدوء " زبير موجود هنا يمكنك المغادرة الآن وسأطلب منه أن لا يخرج في حال احتجناه
وما أن تغادر ضيفة خالتي سأتحدث معها بطريقتي "
وضع يده على كتفي وقال " اتصلي بي لو حدث أي شيء حسننا وأنا سأذهب للشركة وعليا زيارة
المحامي والتحدث مع بحر وصهيب أيضا إن اطر الأمر "
أمسكت يده بقوة وقلت " أعانك الله يا غيث كن قويا كما عرفتك دائما "
قبلني على خدي وغادر في صمت سرت بخطوات ثقيلة كأن ساقاي مقيدة بالسلاسل وصلت
عند جود ولاحظت خروج ضيفة خالتي فقلت لها " جود هلا أسديتِ لي معروفا "
قالت بحيرة " ما بك يا رنيم تبدين لي شاحبة جدا هل قال لك غيث شيئا "
تنهدت وقلت " سنتحدث فيما بعد قومي الآن فقط بالبحث عن زبير وأخبريه أن لا يخرج من
القصر ولا من مكانه حتى أطلب منه ذلك والحقي بي عند خالتي فساقاي بالكاد تحملانني "
وقفت جود وغادرت من فورها وتوجهتُ أنا حيث كانت خالتي دخلت فنظرت لي بابتسامة وقالت
" مرحبا برنيم يبدوا لي أن حملك أصبح متعبا لك جدا "
جلست بجانبها وقلت " لي صديقة لديها مشكلة هي من تتعبني "
قالت بتوجس " خيرا يا رنيم ماذا حدث "
تنهدت وقلت " ابنها مسجون في قضية قتل لكن خروجه منها يبدوا قريبا "
قالت بحنان " حمدا لله فهوا على الأقل سيخرج منها سالما ولتحمد الله أنه لم يمت فالموتى
وحدهم من لا يعودون "
قلت لها بهدوء " لو خيروك بين موت أحد أبناءك لا قدر الله أو سجنه ما كنتي ستختارين "
قالت " لا أتمنى كليهما لأبنائي ولكن قضاء الله لا راد له وسجنه عشرين عاما ويعود إلي أرحم
عندي من موته "
أمسكت يدها وقلت " خالتي أنت هي صديقتي وأديم هوا أبنها "
شهقت بقوة ووقفت على طولها فوقفت معها وقلت
" خالتي أذكري الله واحمديه أنه لم يمت وقضيته سيخرج منها قريبا "
قالت والدموع بدأت تنزل من عينيها " حمدا لك يا رب على كل حال وويل قلبي عليك يا بني "
أجلستها وأعطيتها كوب ماء وقلت
" كوني قوية يا خالتي من أجل أبنائك أرجوك وسيعود لك قريبا إن شاء الله "
قالت بحزن " من قتل ولما وكيف "
قلت بهدوء وأنا أحتضن كتفيها " دعي غيث يحكي لك فهوا من يعلم كل شيء فقط أعلمي أنه ليس
ظالما في قتله له والقانون يقف في صفه "
تنهدت وقالت " علمت أن كثرة غيابه لم تكن أمرا طبيعيا فلم نره منذ شهور , كله من وصيتك يا شامخ
انظر ما فعلت بابني "
قلت وأنا أربت عل كتفها " قدر الله وما شاء فعل يا خالتي لا تستمعي لكلام نفسك والشيطان "
قالت بهمس " استغفر الله استغفر الله "
قلت بحنان " هل تشعرين بشيء يا خالتي "
قالت بتعب " لا , أحظري لي عسلا فقط "
نهضت من فوري توجهت للمطبخ فدخل زبير وقال بانفعال " ماذا هناك يا رنيم ماذا حدث "
تنهدت وقلت " أديم في السجن وكان عليا أخبار خالتي وأردتك أن تبقى هنا في حال حدث لها مكروه "
قال بفزع " في السجن لماذا "
قلت مغادرة " تكلم مع غيث وافهم منه , عليا العودة لها حالا وعدم تركها ولا تخرج من القصر رجاء يا زبير "
عدت لها فكانت تمسك رأسها بيديها ناولتها ملعقة من العسل وأخذتها لغرفتها لترتاح هناك بعد عناد طويل
منها وبقيت ممسكة بيدها أحاول تثبيتها بكلماتي وأقرأ على مسمعها آيات من القرآن ثم اتصل غيث بهاتفها
أجبت فجاء صوته مباشرة قائلا " ماذا حدث معك يا رنيم "
قلت بهمس " كل الأمور بخير وهي ستنام الآن "
قال " ما كان ردة فعلها هل تعبت "
قلت بذات الهمس " لا والحمد لله لقد بسطت لها الأمر "
قال " هل أخبرتها بكل شيء "
قلت " أخبرتها أنه في السجن وأنه قتل شخصا ولم أخبرها عن السبب أو زوجته "
تنهد وقال " لقد أزحت عن عاتقي حملا ثقيلا يا رنيم "
قلت بهدوء " وما نفعي إن لم تجدني لمثل هذا الوقت سأكون بجانبها وإن حدث شيء سأتصل
بك فكن مطمئنا "
قال " حسننا أنا أعتمد عليك فلا تتركيها أبدا حتى أعود للتحدث معها "
قلت بهدوء " حسننا وداعا الآن "
قال بهدوء " وداعا وشكرا لك "
لازمت خالتي طوال الوقت وزبير كان يطمئن عليها كل حين وجود المسكينة هي من قامت بتحضير
العشاء لوحدها فحور في بيت عمها منذ الظهيرة , كانت خالتي تلح عليا طوال الوقت لتتحدث مع غيث
ولكني كنت أمانع ذلك فيكفيه ما هوا فيه الآن وبعد أن أتعبتني معها خرجت واتصلت به فقال بتوجس
" ما بك يا رنيم هل من مكروه "
قلت مطمئنة " لا كل شيء على ما يرام فقط هي خالتي حاولت معها جهدي ولكنها تصر على الحديث معك
أعلم أنك مشغول الآن ولكن عليك طمأنتها بنفسك لتصدق "
قال " هل أنتي بجانبها الآن "
قلت " لا لقد خرجت لأكلمك وحدي وفي حال رفضت لن تصر علي لتأخذ مني الهاتف "
قال بهدوء " حسننا دعيني أكلمها "





















جود












لا تقلقوا فلن أنسى أن أحكي لكم ما حدث طلبت مني رنيم أن ابحث عن زبير فجلت القصر كثيرا
ثم وجدته نازلا من السلالم فقلت له بحياء " زبير "
وقف ونظر لي مطولا ثم قال " نعم يا جود هل من مكروه "
قلت وعينيا أرضا " أوصتني رنيم أن أبحث عنك وأخبرك أن لا تخرج من القصر وتكون قريبا "
قال بحيرة " لماذا ما الذي حدث "
نظرت له ثم أخفضت عينيا مجددا وقلت
" لا أعلم لقد ناداها زوجها وتحدثا ثم طلبت مني أن أخبرك بذلك "
قال بتوجس " ماذا قال لها وماذا قالت لك "
رفعت كتفاي وقلت " لا أعلم ولكنها لم تكن بخير "
قال بحيرة " وأين هي الآن "
قلت " مع والدتك "
قال " أين "
قلت " لا أعلم "
قال بضيق " لا أعلم لا أعلم ألا يوجد لديك شيئا غيرها "
قلت ودموعي بدأت بالنزول " لأنني حقيقتا لا علم لي ولا يحق لي أن أتدخل فيما لا يعنيني "
وغادرت راكضة نزولا وتوجهت لجناحي الحالي دخلت إلى هناك وارتميت على السرير
وبكيت كثيرا ولم أخرج يومها إلا وقت تخضير العشاء فلا أحد غيري رنيم مع والدة بحر ولا أعلم
لما ولم اسأل وحور غير موجودة , بعد لحظات دخل المدعو زبير كان يتحدث عبر الهاتف مع أحدهم
وما فهمت من الأمر أن أحد أخوته يواجه مشكلة خطيرة خفت جدا وخشيت أن يكون بحر ولكني لن
أساله أبدا هذا الفض قليل الدوق , أنهى مكالمته ثم اتصل بزوجته وأخبرها أنه لن يذهب اليوم لإرجاعها
ثم اتصل ببحر فحمدت الله أنه بخير ولكن انشغل بالي على شقيق بحر كان من يكون , ألم يجد هذا مكانا
غير المطبخ ليتحدث فيه , ثم أخد قارورة ماء وغادر ولم يعتذر حتى عن فظاظته معي لابد وأنه يرى
أني أنا المخطئة في حقه
وعند العشاء لم تجلس لا رنيم ولا الخالة لتناول العشاء فقد رفضتا ذلك وضعت عشاء زبير على الطاولة
وغادرت لحجرتي فليأكل أو ليمت جوعا فلن أخبره عنه










ميس







غادرنا صباح اليوم متوجهان لمنزل السيد جيمس هوا ضابط شرطة وقد اتفق معنا على أن نزوره باكرا
قبل ذهابه لعمله وخلال الطريق كان صهيب يتحدث عبر الهاتف مطولا لقد أتته مجموعة من الاتصالات
كان غاضبا ويتحدث معهم بحدة وغضب يبدوا لي مختلفا جدا ويبدوا أنه كان صادقا عندما قال أنني لم
أرى وجهه الحقيقي بعد , صرخ بالرجل كثيرا ثم رمى بالهاتف وقال
" عديمو النفع وكأنني أشرح للجدار "
نظرت له باستغراب فنظر لي وقال بضيق " هل ترينني للمرة الأولى "
قلت بعد صمت " نعم بكل تأكيد "
تنهد بضيق وقال " أنظري إذا لنظرة الناس لك "
قلت بصدمة " لي أنا "
قال " نعم فهل تعلمين ما قال أخي يوم لقائك بأعمامي قال لي إنها تشبهك تماما "
قلت بصدمة " حقا قال ذلك "
ثم ابتسمت وقلت " تبدوا لي رائعا وجذابا وأسلوبك راقي جدا ومميز "
ضحك وقال " هل تغيرت نظرتك لي الآن يالك من محتالة "
وصلنا حينها فنزلت وأنا أقول " لا لم يتغير رأيي بك ولكن الصفات التي تشبهني فيها رائعة جدا "
أغلق باب السيارة وقال " إذا لما لا تتزوجين بي "
قلت وأنا أتوجه للمنزل " لأني لا أريد زوجا رائعا أريد واحدا سيئا جدا "
ضحك وقال وهوا يتبعني " آه شكرا هل ترينني رائعا "
وقفت واستدرت نحوه وقلت بحدة " صهيب لننهي الأمر "
قال بابتسامة " أوامرك سيدتي فقد قلتي شيئا سحريا "
هززت رأسي بيأس وقلت " لو أفهم ألألغاز التي تقولها فقط "
قال ونحن نقف أمام الباب " أخبرتك سابقا لن تفهمي ولن تهتمي "
استقبلنا السيد جيمس بالترحيب فهوا كان أحد أصدقاء والدي المقربين وبعد وفاته لم ينقطع
عن السؤال عنا , دخلنا ثلاثتنا لمكتبه الخاص جلست وصهيب مقابلين له فقال
" نعم يا ميس عما تريدي التحدث معي في موضوع والدك "
قلت بهدوء " كل ما تعرفه عن قضية سجنه والقضية الأخرى في دولته "
وقف وجلب ملفا بحث عنه لبعض الوقت ثم عاد للجلوس وقلب الورق كثيرا ثم قال
" لقد أتهم والدك باختلاس أموال من من شركة تأمين عمل بها هنا وكانت القضية كبيرة جدا وملفقة
أيضا حكم عليه بالسجن خلالها عشرون عاما لتظهر براءته بعد أربعة سنين على يد محامي أسمه
جورج جيلاس وخرج من السجن بعدها وأعاقت يد خفية كل تحركاته للحصول على فرصة عمل جيدة
من جديد للعمل بالشركات مما أطره للعمل بعيدا عن شهادته وتخصصه أما القضية الأخرى فلم يكن
يتحدث عنها مطلقا وأعتقد أن المتسبب فيهما واحد "
قلت باستفسار " ومن وراء ذلك "
هز رأسه نفيا وقال " لا أعلم "
قال صهيب " وكيف أثبت المحامي براءته أي من كان المذنب الحقيقي لابد وأنه يعلم "
قال وعيناه على الملف " المحامي أيضا كان من طرف شخص مجهول عني ويبدوا لي أن السيد
نبيل كان يعرف من يكون ذاك الشخص جيدا وباقي تفاصيل القضية قد ينفعكم هوا بها "
قال صهيب " هل يعيش هنا في دبلن "
قال " أجل أعتقد ذلك سأجلب لكم المعلومات عنه فانتظرا حتى الغد فقط "
وقفت ووقف صهيب بعدي مباشرة فقال السيد جيمس
" هل أنفعكما بشيء آخر إن احتجتما شيئا فأعلماني "
قال صهيب مصافحا له " شكرا جزيلا لك سأكون عندك في الغد من أجل المعلومات "
نظر لصهيب باستغراب ويده لا تزال تصافحه وقال " هل تقرب للسيد نبيل أيها الشاب "
قال صهيب " أجل أنا ابن شقيقه شامخ "
قال بابتسامة " حقا هل أنت ابن شامخ "
قال بذات الابتسامة " نعم وهل تعرف والدي "
قال جيمس " نعم فأنا من أخبره عن وفاة نبيل لأنه هوا من طلب مني ذلك وقد اتصل بي قبل
عامين أيضا وهوا يحاول البحث عن عائلته فكيف هوا الآن لقد كان متعبا قليلا "
قال صهيب بحزن " لقد توفي منذ العامين ذاتهما قبل أن يوفق في الوصول إلى هنا "
قال بحزن " ليرحمه الرب هوا الشخص الوحيد الذي حكا لي عنه نبيل لقد كان يحبه على ما يبدوا "
قال صهيب " وكيف علمت أنني أقربه "
قال جيمس بابتسامة " من طريقة مصافحتك لي إنها واحدة نبيل وشامخ وأنت الآن "
نظرت باستغراب فأنا لم ألحظ ذلك أبدا وقلت بابتسامة " يفترض بهم أن يجعلوك محققا وليس ضابطا "
ضحك وقال " بعد كل هذا العمر , المحققين عملهم يحتاج لعقل لازال صغيرا "
صافحته وشكرته ثم غادرنا عائدين للمنزل وفي الطريق نظر لي صهيب وقال
" يوجد هنا شارع يسمى بشارع قرانفتون إنه من الشوارع الأشهر بأوروبا وبه محلات راقية جدا ما رأيك أن
نقوم بالتجول فيه ونشتري بعض الأغراض "
نظرت للنافذة وقلت " لا أريد "
تنهد وقال بضيق " ألا يوجد لديك جملة غيرها أبدا "
قلت ببرود " بلى لدي "
قال بذات الضيق " إذا غيريها بها من فضلك "
نظرت له وقلت " أخرج من حياتي "
ضحك وقال " لا لا أتركي الأولى أفضل "
نظرت للأسفل وقلت بصوت هادئ يشبه الهمس " صهيب "
نظر لي مطولا وقال بهدوء " نعم يا ميس "
طال صمتي فقال " ما بك يا ميس هل كنت تنوين قول شيء "
نظرت للنافدة وقلت " لا لاشيء "
قال بعد صمت " ميس "
نظرت له وقلت " نعم "
قال مبتسما " لا شيء " ثم ضحك
ضربته بحقيبتي على كتفه وقلت " تبا لك هل تحسبني طفلة لتعاملني هكذا "
قال من بين ضحكاته " بلى فأنتي تتصرفين كالأطفال "
نظرت جهة النافذة وقلت بضيق " يا لك من عديم ذوق هل تقول هكذا لفتاة "
قال مبتسما " وهل يوجد من هم أجمل وألطف من الأطفال فالجميع يحبونهم "
عدت للصمت وأكملنا طريقنا عليه , ترى لما يعاملني عكس طبعه لا يحبني بالتأكيد ولن
أصدق ذلك أبدا , نظرت له وقلت " هل الشفقة علي ما يجعلك تعاملني بلين عكس طبعك "
قال بهدوء " لا قطعا "
قلت " ولما إذا "
تم هددته بسبابتي وقلت " لا تقل لن تفهمي ولن يهمك ذلك قم بتغيير هذه الجملة فهمت "
نظر لي ثم للطريق وقال " وهل ستفهمين حقا إن أخبرتك "
وصلنا حينها للمنزل فقلت وأنا افتح باب السيارة
" لا تقل لي ذلك كان ما سيكون فأنت مخادع ومحتال دائما ومراوغ فلن أصدقك "
قال بصوت مبتسم " تعرفين الجواب إذا وترفضين تصديقه "
نظرت له من النافذة وقلت " لأنك كاذب وليس لأني أرفض التصديق "
ثم غادرت ودخلت المنزل










أديم








كل ما حدث كان كالكابوس وها قد سحبني ذاك العالم لحيت أنا الآن لا بل سرق مني ليان أيضا كما
أهداها لي نظرت لغيث نظرة خوف وتوجس وحيرة بقدر ما تمنيته أن يتكلم تمنيت أن لا يقول شيئا
فهل كان سؤالي يحتاج منه كل هذا الجهد لإخراج الجواب , جمعت شتاتي وقلت
" قل شيئا يا غيث لا تقتلني بصمتك أرجوك "
تنهد وقال " لم أجدها هناك لقد اختفت "
قلت بصدمة " اختفت ولكن كيف "
قال بهدوء " هذا ما حدث يا أديم وحتى من كانوا هناك قالوا أنها غادرت سيرا على قدميها ولم
تتحدث مع أحد "
قلت باندفاع " ولكن ليس لها أحد غيري لا أحد "
ثم قلت " أشقائها أو شروق وحدهم من تعرفهم ليان أذهب للسؤال عنها هناك "
قال " حسننا أعطني عناوينهم وسأذهب فورا وسأتردد على المنزل دائما فقد تعود إليه "
قلت " عد لأخباري اليوم يا غيث أرجوك "
قال بقلة حيلة " لا أستطيع فالزيارات ممنوعة وعارف وصديقك فعلا كل ما بوسعهم ليسمحوا لي برؤيتك
وهذا الضابط متعب جدا ولم تجدي حتى الأوامر التي جاءته من مركز العاصمة "
تنهدت وقلت " لا تتأخر عني إذا "
قال بعد صمت " خلال الأيام القادمة سينقلونك لسجن العاصمة "
قلت بصدمة " سجن العاصمة .... هل صرت مجرما حقيقيا هل سيعلم الجميع بما حدث "
ربت على كتفي وقال " لا تخف يا أديم إن صرت هناك أخرجناك على الفور حتى صدور الحكم وكثر مروا
بنفس القضية وخرجوا منها ووالد رنيم أحدهم كما تعلم "
قلت بأسى " بعد كم من السنين سيكون ذلك "
قال " لن يكون سنينا أبد اطمئن فأنت تعرف المحامي عارف جيدا وسنحاول التفاوض مع أهله "
قلت بيأس " لابد أنها نهايتي هناك في السجن هذا ما أراده والدي لنا "
قال بغيض " بما تهدي يا أديم فوالدي لم يطلب منك قتله إنها مشيئة الله يا رجل "
قلت بحرقة " بلى هوا من أدخلني هذا العالم الغريب عني وأقحمني فيه هوا من وضع ليان في طريقي "
وقف وقال " لا تدع الشيطان يستغل ضعفك الآن يا أديم وأخبرتك أن الأمور تجري لصالحنا فقد وجدنا
كل من كانوا موجودين يوم الحادث وسيشهدون لصالحك "
ثم غادر وتركني كالغريق الذي مدوا له بعصا وأمسك بها فلا هم رفعوه وأخرجوه ولا هم تركوه يغرق
فبقي يعيش على الأمل الكاذب
بعد يومين عاد غيث ليزيد ناري اشتعالا وهوا يخبرني أن ليان غير موجودة عند أخوتها وأنهم لم يروها
منذ تزوجت وشروق قد رحلت من المدينة قبل الحادث وحتى هاتف ليان وجده محطما في المنزل ولم
تأخذه معها ولم تعد حتى الآن أخبرته أن يبقي البيت مستأجرا ومفتوحا أيضا ويترك لها رسالة تجدها
حين تأتي فلا مكان لليان غيره فقد سأل عنها حتى في الحي الذي كانت تسكنه وذهب لبيتها القديم ووجده
قد تم بيعه ولم يرى ساكني المنزل الجدد أي واحدة بمواصفاتها
أين ذهبتِ وتركتني يا ليان وكيف فعلتي ذلك بي , ترى ما جرى لك وأين أنتي الآن فحتى المستشفيات
جابها غيث وسأل عنها وبلا فائدة
وبعدها بأيام قليلة تم نقلي لسجن العاصمة بعد جهد كبير من خيري لنقلي من براثن هذا الضابط الهمجي
والمحامي عارف سيتكفل بباقي المهمة الآن بعد أن صرت هنا , سمعت طرقات على الباب فوقفت من
فوري منتظرا بلهفة فانفتح الباب ودخل إخوتي احتضنتهم واحدا واحدا بحب حتى جاء دور سليط اللسان
زبير فضحك وقال حاضنا لي " مرحبا بالزواج السري وحركات الغموض والإثارة "
ضربت بقبضتي على ظهره وقلت ضاحكا " قل مرحبا بالإجرام والقتل "
ابتعد عني وشد كتفي وقال بجدية " بل بطل دافع عن أهله وعرضه "
ضحكت وقلت " لو سمعك أهله لقتلوك بدلا عني "
ضحك بحر وقال " لقد غطيت على ميس عند ألسن الناس "
ضحكت كثيرا ثم قلت " صحيح أين هوا صهيب ألم يرجع بعد "
قال زبير بابتسامة غامزا بعينه " لا , ويبدوا أنه تزوجها بالسر أيضا "
قلت بضحكة " لن أسلم من لسانك أبدا كنت أعلم , ولكن هل أخبرتموه "
قال غيث " كنت أنوي ذلك لكني قررت تأجيل الأمر وسأخبره الآن كي لا يغضب منا "
قال بحر " ألم ينتهي ما ذهب من أجله بعد "
قال غيث " لا ليس بعد إنه يبحث عن أمر لن يجده بسهولة "
ودعني إخوتي وغادروا بعدما بشروني بخروجي القريب جدا


 


قديم 02-23-17, 01:06 PM   #11
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء السابع والعشرون








غيث






ظننت أنني تقدمت خطوة للأمام في حل مشاكلي بعد أن تحسنت الأحوال بيني وبين
رنيم ولو بعض الشيء فلم نعد نتشاجر ولا نتحاشى الحديث مع بعض وقد أصبحت
أصارع نفسي حد الموت كي لا أشك أو أتهمها بشي

وبعد عناء كبير قلت مشكلنا كثيرا ولكن ها قد ظهرت مشكلة جديدة أسوء من كل المشكلات
الماضية المحامي يطمئنني كثيرا ولكن لن يطمئن بالي قبل أن يخرج أديم من هناك فقد أصبح
شغلي الشاغل أخراجه وحركت كل نفوذنا وسيخرج قريبا ولكن زوجته لم تظهر حتى الآن
ولا أعلم ما سر اختفائها وأين ذهبت لقد حركت كل من في شركة الجنوب للبحث عنها ودون
جدوى حتى الآن
إن كانت ليست ميتة ولا في المستشفيات ولا أقسام الشرطة ولا مع من تعرفهم فأين تكون فلم
يبقى سوى أمر واحد وهوا أن تكون مختطفة وهذا ما لا أتمناه أبدا , أديم لا يتوقف عن السؤال
عنها ولا جواب لدي على ذلك , دخلت القصر مثقلا بالهموم كما خرجت منه فقابلتني والدتي قائلة
" ماذا حدث معك يا غيث فلم نرك منذ يومين "
قلت بتعب " كنت في الجنوب وعدت للتو أديم سيخرج قريبا اطمئني "
قالت بحزن " هل من أخبار عن زوجته "
قلت بهدوء " لا فلا جديد حتى الآن "
توجهت لغرفتي وارتميت على السرير دخلت رنيم وتوجهت نحوي جلست
بجانبي وقالت وهي تمسح على شعري
" حمدا لله على سلامتك تبدوا متعبا جدا هل وجدت شيئا "
قلت وأنا أمسك جبهتي بأصابعي " لا لم أجدها "
قالت بحزن " مسكينة تلك الفتاة أين تكون يا ترى "
ثم توجهت عند قدماي نزعت حدائي وجواربي وفتحت أزرار قميصي وقالت
" عليك أن ترتدي شيئا مريحا لتنام فيه "
جلبت لي ملابس النوم وساعدتني في ارتدائها جالسا بإصرار منها حتى أنها هي من
غطتني باللحاف وأغلقت الأنوار وقبلتني على جبيني وخرجت , آه كم كنت أحتاج
لكل هذا منك يا رنيم نمت مباشرة من شدة التعب ولساعات طويلة واستيقظت على
همس غير مفهوم ففتحت عيناي ووجدت رنيم تجلس بجانبي ابتسمت وقالت
" استيقظ يا غيث لقد أقترب وقت صلاة المغرب وأنت لم تصلي العصر حتى الآن "
جلست بصعوبة من التعب في عظامي فأنا لم أنم منذ أيام فأمسكت بيدي تسحبني قائلة
" هيا ولا تتكاسل فلا وقت أمامك "
ابتسمت وقلت " هل تختطفينني "
ضحكت وقالت
" وهل هناك من تختطف زوجها وهل تراني في وضع يساعد على اختطاف أحد "
وضعت يدي على بطنها وقلت " آسف يا بني فلم آخذك لصديقتك هذا الموعد "
وضعت يدها على يدي وقالت " إن كان يحبك فسيعذرك حتما "
نظرت لها وقلت " وماذا عن والدته "
شدت يدي وقالت بابتسامة
" يبدوا أنك تنوي الهروب من الصلاة تحرك بسرعة هيا "





















جود

















رن هاتفي بين يداي نظرت لشاشته فوجدته ذاك الشاب أجبت فقال مباشرة
" إن لم اتصل أنا فلا تسألين أبدا "
قلت بابتسامة " يالك من محتال اتصلت بك كثيرا يومها ولم تجب لقد خفت أن مكروها أصابك "
قال بهدوء " اعذريني فلقد كنت منشغلا قليلا بمشاكلي التي لا تنتهي "
قلت " هل هي الوصية مجددا "
قال بضيق " وهل يوجد لدينا مصيبة غيرها تجلب كل المشاكل المتعددة "
قلت بحيرة " هل من جديد "
قال " هل سنقضي العمر نتحدث عن همومنا دعينا منها الآن وأخبريني متى
سأراك أكاد أجن يا قاسية "
ضحكت وقلت " فلأختبر حبك لي أكثر "
قال بعتب " كل هذا وتختبرينني حقا أنك بلا قلب "
قلت بهدوء " أنت من أجمل الأشياء في حياتي ولا أريد أن أخسرك حقا "
قال " وهل فيما طلبت ما يجعلك تخسرينني "
قلت بحزن " أنت رهن المجهول فما يجدي لقائنا قبل أن تتحرر من الوصية "
قال بضيق " الوصية الوصية ألا تنسينها مرة واحدة فقط وترحميني من الشوق لرؤيتك
يبدوا أنك أنتي لا تريدي ذلك "
قلت " بلى وبشدة وأتمنى أن المحك ولو من بعيد ولكن ليس الآن فظروفي لا تسمح بذلك أبدا "
تنهد وقال " أمري لله فقدري أن أحب فتاة قاسية "
ضحكت وقلت " وقدري أن أحب رجلا مسجون في قفص حديدي بلا باب لا أعلم إن
كان سيخرج منه يوما ويتحرر ويطير إليا أم لا , فلك أن تتخيل موقفي "
قال بجدية " سيطير تأكدي ولو كلف الأمر أن أفجره وأخسر كل شيء "
قلت بدهشة " وتصير إلى الشارع "
ضحك وقال " لا تخافي سنبني مستقبلنا شيئا فشيئا "
ضحكت وقلت " نعم فلن أخاف من شيء بقربك "
قال بهدوء " متى ذلك يا ترى متى أراك ولو للحظة "
تنهدت وقلت " لا أعلم قد يكون اليوم وقد يكون غدا وقد لا يكون أبدا "
قال بحدة " يا لك من متشائمة لما تقولين ذلك "
ضحكت وقلت " حسننا سيكون الآن ما رأيك "
قال " نعم هكذا أريدك فما يدريك قد نتقابل في الشارع بعد قليل ولا ندري "
قلت بابتسامة " لا أعتقد ذلك فأنا لن أخرج اليوم "
قال بضيق " عدنا للتشاؤم من جديد ألا توجد أشياء اسمها أمور طارئة تجعلك تخرجي "
ضحكت ثم قلت " أحدهم يطرق باب غرفتي أعذرني الآن , وداعا "
تنهد وقال بضيق " حسننا وداعا "
انفتح الباب فكان بحر هوا الطارق قال متبسما " ظننتك نائمة جيد أنك لم تنامي بعد "
عدلت جلستي وقلت " وإن كنت نائمة فأيقظني , أين أنت يا بحر فلم أعد أراك "
جلس بجواري وقال " أنتي تعلمي ظروف عملي ومسألة أديم تشغل ألجميع "
قلت بحزن " أتمنى أن يفرج الله همه وهمكم هل من جديد في الأمر "
قال بهدوء " سيتم الإفراج عنه قريبا وقبل الحكم "
ابتسمت وقلت " حمدا لله إنه خبر سار حقا "
قال " لو كنتي تخرجين من الغرفة لسمعتي به ما بك تسجنين نفسك هنا "
قلت بعد صمت
" الكل مجتمعين هنا هذه الأيام وأعصابهم مشدودة لا أريد أن أزعج أحد "
قال بعد صمت " هنالك موضوع أردت التحدث معك فيه "
قلت بخوف " عسا أن يكون خيرا "
ابتسم وقال" لما خفتي هكذا خيرا بالتأكيد "
ابتسمت وقلت " والدي لم يترك لذلك مجالا أبدا "
قال مبتسما " لا حيلة لديه الآن بعد أن فقد الوصاية عليكما فأنتما الآن في نظر القانون
لستما ابنيه إلا بالاسم فقط وأنا وكيلكما في كل شيء "
ثم غير في جلسته وقال " أسمعي يا جود ثمة أمر تحدث فيه معي زبير بخصوصك والرأي
الأول والأخير لك طبعا وإياك أن تجبري نفسك على شيء من أجلي "
قلت بحيرة " زبير وموضوع يخصني , أنا لا أفهم شيئا "
قال بهدوء " لقد تحدث معي مند فترة عن صديق له يبحث عن زوجة ولديه شقيقان
يعيشان معه وهوا أختارك أنتي وعرض عليه الأمر فوافق لقد تحدث معي زبير
ولكن موضوع أديم أخر الحديث معك فيه أنا أخبرك لأخذ رأيك فكري جيدا وقرري
ولا تجبري نفسك على شيء اتفقنا "
قلت بصدمة " ولما يفعل ذلك "
قال بعد صمت " قال أنه رأى فيك الفتاة المناسبة له وهوا يمدحه كثيرا "
قلت بضيق " قد يكون تغير رأيه بي الآن "
قال بتساؤل " ماذا هناك يا جود ماذا حدث "
قلت ببكاء " لا شيء يا بحر لا شيء "
أمسكني من كتفاي وقال " ماذا حدث بينك وبين زبير يا جود أخبريني الآن "
قلت بألم " لقد صرخ في وجهي لأني أخبرته أني لا أعلم عما يحدث شيئا يوم علموا
بسجن شقيقه ولكنني كنت لا أعلم فعلا , وحتى أنه لم يفكر بالاعتذار عما قال "
وقف بحر وقال بضيق " لن أسمح لأحد هنا أن يهينك يا جود كان من يكون "
أمسكت بيده وقلت " بحر لا تدخل في مشكلة معه بسببي أرجوك إنسا ما حدث
ولا أريد منه عريسا ولا شيئا "
تنهد بضيق فقلت " أرجوك يا بحر لا تجعلني أندم لإخباري لك عن ما حدث "
جلس وقال " ألهذا السبب فقط ترفضينه "
نظرت للأسفل وقلت " بل لعدة أسباب منها هذا ووالدي "
قال " وما علاقة والدي بالأمر "
قلت بحزن " لن أسمح لهم بإهانتي بسببه يوما وأنت تعلم ما أعني "
قال بجدية " جود عليك أن ترفعي هذه الأفكار من رأسك ولا تجعليها عائقا أمام مستقبلك "
قلت بحزن " إن كنت أنت تريد ذلك فأنا موافقة "
قال بهدوء " جود إياك أن تفكري يوما أني أريد التخلص منك وأقسم أني لن أزوجك
إلا ممن تقتنعين به وتوافقي عليه وأسأل عنه بنفسي ألف مرة لأتأكد "
حضنته بحب وقلت " أنت كل ما لدي يا بحر ليحفظك الله من أجلي "
أبعدني عن حضنه وقال " ولكنني سأتحدث مع زبير عما حدث فإن كان ثمة من
يتضايق من وجودك فسأخرجك من هنا على الفور "
قلت برجاء " لا تتشاجر معه بسببي يا بحر أرجوك "
قال وهوا يقف مغادرا " لا تقلقي سنتحدث فقط "



















صهيب


















تحصلت على عنوان المحامي من السيد جيمس وقمت بزيارته وكادت ميس تأكلني
لأني لم أصطحبها معي وقد علمت منه أسم المذنب الحقيقي وراء تلفيق التهمة وكان
عليا البحث عنه مطولا لنجده وعلمت أيضا أن والدي من كان وراء إمساك هذا
المحامي قضية عمي نبيل ولم ترتاح ميس حتى أخذتها إليه
وبعد أيام وبحث طويل ها أنا تحصلت على عنوان ذاك الرجل المدعو أندريانوا
وينادونه أندري وكان عليا اصطحاب ميس معي طبعا كي لا يصيبني ما أصابني منها
المرة السابقة وصلنا لحي شعبي مزدحم وأطفال يتراكضون بكل مكان وأشخاص
يتجولون وكأننا في شارع من شوارع فقراء أمريكيا الجنوز وبعد وقت وصلنا للعنوان
طرقت الباب فخرج طفل أشقر صغير ابتسم وقال
" مرحبا من أنتما "
قلت بابتسامة " هل والدك موجود "
ابتسم وقال " لا هوا في الخارج ضرب والدتي وغادر "
أمسكت يد بالطفل وسحبته للداخل ثم نظرت لنا سيدة من نصف الباب وقالت
" من أنتما وماذا تريدان "
قالت ميس " مرحبا سيدتي كنا نود مقابلة السيد أندري هل هوا موجود "
" ماذا تريدان مني "
كان هذا الصوت الرجولي الغاضب الذي جاء من خلفنا فالتفتنا إليه وقلت
" هل أنت السيد أندريانوا "
قال بضيق " نعم هل من مشكلة "
وكزتني ميس ثم قالت " جئنا لك في موضوع مهم يخص حياتك "
نظر لنا باستغراب ثم قال " وهل تعرفانني من قبل "
قالت " نعم وجيدا أيضا ولكنك لا تعرفنا "
أدخلنا للداخل جلس وقال " تفضلا واختصرا رجاءا "
جلسنا فقالت ميس " شركة ( ..... ) للتأمين مؤكد أنك تذكرها والسيد نبيل يعقوب والمحامي
جورج جيلاس وقضية الاختلاس سوف يورطوك بها من جديد "
قال بصدمة " كيف يورطوني أنا قضيت محكوميتي وانتهى الأمر فلم أكن سوى طرفا فيها "
قالت بثقة " ولكن قضاياهم لا تنتهي ويريدون توريطك لأنك تسترت عنهم أنت
لا تعرف العرب جيدا "
قال بغضب " سحقا لهم ولمايكل ذاك سأريه "
قالت بتبات " يا غبي لا تورط نفسك منذ الآن بالتحدث معه "
نظر لنا بحيرة وقال " ولما تخبراني بذلك "
قالت بنبرة واثقة وجدية " لأنهم ورطوا نبيل يعقوب قبلك في عدة أمور لأنه تستر
عليهم وهم يطاردون ابنيه ويهددانهم وعليك أن تحافظ على حياتك من أجل ابنك
الصغير ذاك كي لا يدمروا مستقبلك ومستقبله "
نظر إلينا بتشتت ثم قال " هل أهرب من هنا "
قالت " لا فهم سيجدونك أعطني أسم ذاك الرجل فقط سنتخلص منهم ونخلصك
أيضا في أسرع وقت "
نظر لها بتشكك فقالت " إن مسك سوء فواجهني علينا بتر تلك اليد قبل أن تطال الجميع "
صمت طويلا ثم بدأ يسرد الأحداث كالشريط المبرمج وقال أن الرجل المدعو مايكل هدد
حياته إن هوا تكلم ولكن الرجل العربي الذي وراء الأمر لم نعرف منه سوى اسمه الأول
فقط ولقب من رائه في جرائمهم فهم يلقبونه بالتنين ولا يعرف لما , ثم غادرنا بعد أن أكد
لنا أنه لن يخبر مايكل ذاك فقالت ميس
" سيخل بوعده بالتأكيد وسيخبره "
قلت بجدية " إذا ما العمل "
قالت " علينا التصرف بسرعة ومقابلة مايكل ذاك "
ولكن يبدوا أن آندري كان أسرع منا فلم نجد له أثرا أبدا تنهدت وقلت
" يبدوا لي أنك تسرعتِ بذلك "
قالت بحدة " وكيف كنا سنخرج بالمعلومات ها أخبرني , ذاك الرجل ما كان ليتكلم
إلا بتلك الطريقة فأنا اعرفهم جيدا وعشت معهم كل حياتي "
قلت بضيق " لقد اختفى هوا أيضا يبدوا أنه أخافه معه "
قالت بهدوء " سنجده فلا تخف "
قلت " وكيف خطر ببالك أن تخبريه أن رجلا عربيا وراء ذلك "
قالت بغيض " لأنه من المستحيل أن يكون وراء قضية الاختلاس الأولى هناك رجلا
أيرلنديا إنه شخص من دولتنا ولكن من "
واصلنا البحث في الأيام التالية حتى جاءني اتصال من غيث وأنا في السيارة فقلت
" ماذا كيف حدث ذلك , حسننا سنعود في الفور "
ثم أغلقت الخط فقالت ميس " ماذا حدث يبدوا لي أن مكروها حدث هناك "
قلت بضيق " أديم يواجه مشكلة كبيرة وعلينا العودة "
قالت بصدمة " نعود , وماذا عن .... "
قاطعتها بحدة " ليس وقته الآن يا ميس أخي في السجن وتريدين مني البقاء هنا هم
يحتاجونني هناك "
قالت بضيق " ولما تصرخ بي هكذا سافر وحدك واتركني "
صرخت بغضب " ألا مشاعر لديك يا ميس يالك من متحجرة "
قالت بصراخ أكبر " وهل عليا أن أبكي لأجله الآن لأكون بمشاعر وقلب "
أوقفت السيارة بقوة حتى ضرب رأسها أماما وقلت بغضب
" سنعود على أقرب رحلة أحببتِ ذلك أم كرهتي تسمعين "
تأففت بغيض ونظرت جهة النافدة فأوصلتها للمنزل وذهبت للحجز على أقرب رحلة










زبير










كنت جالسا في حديقة القصر جربت الاتصال كثيرا ببلسم ولكنها لا تجيب بالأمس
اتصلت بي فما بها اليوم هذه الشحيحة عليا الانتظار طويلا قبل أن تعطيني مجالا
لأتصل بها أرسلت لها رسالة كتبت فيها
( يا لك من متحجرة يا بلسم لو كنت متسولا أمام بيتك لعطفت علي )
أرسلت بعد وقت
(يالك من طماع فلو كنت متسولا لاكتفيت , أخي كان معي ولم أستطع أن أجيب )
اتصلت بها فأجابت من فورها فقلت
" ألا يفارقك شقيقك أبدا كلما اتصلت كان معك أو دخل عليك "
ضحكت وقالت " أنت تتصل وقت وجوده ما سأفعل لك "
قلت بجدية " اسمعي يا بلسم سوف اتصل بك كل صباح وكل مساء
وعليك أن تجيبي إما على إحداهما أو كليهما "
شهقت وقالت " صباحا ومساءا ما سنقول في كل هذا "
ضحكت وقلت " حقا أنتي غريبة جدا ألا تعلمي كم يتكلم العشاق في هواتفهم بالساعات الطوال "
قالت بدهشة " وما يقولون كل هذا يا لهم من مستهترين ولا شيء يشغلهم "
ضحكت وقلت " يقولون كلاما غراميا طوال الوقت يا شحيحة "
ضحكت وقالت " وهل عليا فعل ذلك أنت تهدي بالتأكيد "
تنهدت وقلت " لا بالطبع يكفيني شحك ولو قليلا خيرا من لا شيء "
قالت بهدوء " ما حل بمشكلتك لم تخبرني عنها "
قلت " حمدا لله شارفت على أن تفرج أخبريني عنك أنتي "
قالت بعد صمت " لا جديد مهم عريس فقط ورفضته "
قلت بحدة " إياك أن تخلفي وعدك لي يا بلسم لا تفعلي هذا بي أرجوك "
قالت بصوت مبتسم " وها أنا أحاول أتمنى أن لا يطول حالنا هكذا "
رأيت بحر قادما نحوي من بعيد فقلت
" ها قد جاء من سيفسد صفونا وداعا الآن حبيبتي وسأكلمك مساء اتفقنا "
قالت بهدوء " حسننا وداعا "
اقترب بحر وجلس أمامي وقال " لقد تحدث بالأمس مع جود فيما حدثني عنه "
قلت بابتسامة " وهل وافقت إنه ينتظر ردها "
قال بنبرة غريبة " لا وأنا أيضا لم أعد موافقا "
نظرت له بدهشة وقلت " هل من خطب يا بحر ما بك "
قال بضيق " أسمع يا زبير إن كان وجود شقيقتي يضايق أحدا هنا خرجت بها
الآن واستأجرت لنا منزلا "
قلت بصدمة " ما الذي تقوله يا بحر من قال أنني متضايق من وجودها أنا
لم أقصد ذلك بما فعلت "
قال بضيقه ذاته " أنا لا أتحدث عن موضوع الزواج "
قلت بحيرة " وعن ماذا إذا "
قال بعد صمت " أنت تعلم عن ماذا أتحدث "
قلت بهدوء " لا لا أعلم هلا أخبرتني "
قال بحدة " عن صراخك بها يوم علمتم بسجن أديم إنها تسجن نفسها في غرفتها من
يومها كي لا تضايق أحدا ولا يتضايق منها أي منكم وتبكي أيضا , أليس لك مشاعر
يا رجل حتى أنك لم تعتذر لها عما قلت "
قلت بصدمة " ولكن .... "
قاطعني بحدة " أسمع يا زبير جود ليست كما تتصور إنها أرق من رأيت على ظهر الأرض
إن تنفست في وجهها نفسا واحدا غير طبيعي جرحتها بشدة وقد رفضت عريسك فأخبره بذلك "
قلت بضيق " ولما ترفضه , هل لأنه من طرفي أنا إنه شاب رائع يا بحر أخبرها أنني سأخرج
من الموضوع وسأطلب منه أن يتفاهم معك "
وقف وقال مغادرا " لديها عدة أسباب هذا أحدها فقط فأنهي الموضوع معه , وشقيقتي
سأجد لها حلا يرضيك ويرضيني "
لحقت به وأمسكته من ذراعه وقلت " بحر بما تهدي أنت إن كنتم ترفضون جبير فهذا
حقكم ولكن أن تفهم أنني متضايق من وجودها هنا فهذا ما لن أسمح به أبدا سمعت "
تنهد وقال " أتركني وشأني يا زبير فأنا لا أريد التشاجر معك "
لففته ناحيتي بقوة وقلت بحدة " لا لن أدعك وشأنك ولن نتشاجر يا أخي وإن أخرجت
شقيقتك من القصر فلن أبقى فيه يوما واحدا بعده سمعت "
تنهد في صمت وأشاح بوجهه عني فقلت " ما بك يا بحر لا تسمم عقلك بهذه الأفكار أنا
آسف لما حدث إن ضايقك ذلك وسأخبر جبير أن ينسى الموضوع برمته "
قال بهدوء " زبير لا تجرح شقيقتي رجاءا "
قلت بجدية " لم أقصد أن أجرحها صدقني فأنت تعلم ما كنا عليه ذاك اليوم "
غادر وتركني واقفا مكاني معقول أن تلك الكلمات قد جرحتها كل هذا القدر , يبدوا أني
كنت قاسيا معها فما ذنبها إن كانت لا تتدخل بشؤون العائلة ولا تعلم ما يجري ولكني
كنت مشدود الأعصاب ومتوترا ولم أعي ما فعلت ظننته شيئا عاديا
توجهت للداخل ووجدتها و رنيم في المطبخ فقلت مخاطبا إياها
" آسف يا جود إن جرحك كلامي فلا ترفضي جبير لهذا السبب فهوا شاب رائع ومهذب "
اكتفت بالصمت وعيناها على الصحن أمامها فقلت " آنسة جود "
قالت بحزن " عذرا منك ولكن لا أريد "
قلت بضيق " ولما "
قالت " وهل عليا الإجابة "
تنهدت وقلت " ما اخترت ترشيحك له إلا لأني رأيت فيك فتاة مميزة تستحق شابا مثله "
وقفت وقالت بحدة وهي تغادر " لا أريد منك شيئا ولا تتحدث مع بحر عنه ثانيتا من فضلك "
وخرجت وتركتني مصدوما مما قالت نظرت لرنيم ووجدتها لا تقل عني صدمة ثم
خرجت من فوري
















الجزء الثامن والعشرون












أُديم











سأخرج اليوم من سجن العاصمة فلقد سعى غيث والمحامي كثيرا في إخراجي
وقبل صدور الحكم , وطمئننا المحامي أن الأمور تسير لصالحنا ولكن لا فرحة
لي بالخروج من هنا مادمت لم أجد ليان , كيف تختفي هكذا فجئه وليس لديها
مكان تذهب إليه لقد وضعت جميع الاحتمالات ولم تكن صحيحة عليا أن أبحث
عنها بنفسي الآن , كم اشتقت لك يا ليان كيف تذهبي وتختفي هكذا وتتركيني
حظر إخوتي لإخراجي من هنا جميعهم وأحسست خلال هذه المحنة التي استمرت
قرابة الشهرين أنني بالفعل لست وحيدا وصلت المنزل فكان استقبال أمي لي
حافلا بالدموع والأحضان وحمدت الله أنه لم يصبها مكروه بسماع الخبر فقلت
وأنا امسح على ظهرها
" أمي لقد كنتي قوية حين وصلك الخبر هل ستضعفين الآن "
ابتعدت عن حضني وابتسمت من بين دموعها وقالت
" لولا فضل الله ومن ثم رنيم لقتلني ذلك"
نظرت جهة رنيم وقلت بابتسامة " مرحبا رنيم كيف حالك "
قالت بابتسامة " حمدا لله على سلامتك أنا بخير بعض الشيء "
ابتسمت وقلت " يبدوا لي وصلتي المراحل المتعبة أتمنى لك السلامة , كيف أنت يا حور "
قالت بابتسامة " جيدة كيف أنت وحمدا لله على السلامة "
قلت " سلمك الله , رنيم ما السحر الذي فعلته بوالدتي لتتقبل الخبر هكذا "
ضحكت والدتي وقالت " لقد حكت لي قصة كاملة عن صديقة لها وجعلتني أهون
أمرها لها ثم قالت لي صديقتي هي أنتي وأبنها هوا أديم "
ضحكنا جميعا ثم قال غيث " لقد فجرت الخبر كالقنبلة يومها برنيم حتى كادت تفقد
وعيها وطلبت منها هي أن تخبر والدتك "
قلت بابتسامة " ما الذي فعلته يا رجل كيف تضع هكذا مسئولية على عاتقها "
ضحك وقال " من الجيد أنني لجأت لها فما كان ما فعلته سيخطر لي على بال "
قلت بمرح " حاذر أن تضرها فتخسرنا ولي العهد الأول في العائلة "
قالت أمي بهدوء " زوجتك في أي شهر الآن "
قلت بحزن " لو أنها على قيد الحياة فهي في الشهر الخامس "
قالت أمي بابتسامة " إذا بينها وبين رنيم شهرين فقط "
ثم تنهدت وقالت " ما كان عليك إخفاء ذلك عنا يا أديم ما سيجري لو أخبرتنا "
قلت وأنا أتوجه بها للداخل " كانت الظروف هكذا يا أمي وكل شيء حدث كالمصادفة "
قالت بحنان " هيا حدثني عنها وكيف تعرفت عليها وكل شيء "
ضحكت وقلت " هل تريدي أن أحكي لك أحداث حدثت في أكثر من سنة في مرة واحدة "
تنهدت وقالت " حسننا أحكي لي ولو مبسطا "
قلت بابتسامة وأنا أجلس وأجلسها معي وجميع أخوتي معنا
" لقد تعرفت عليها في الشركة بل في القسم ذاته الذي عملت به إنها فتاة فقيرة تكره الأغنياء
كرها شديدا ولا تعلم أبن من أكون ولا أنني من الأثرياء وتظنني أخرس أيضا "
نظرت لي بصدمة وقالت " أخرس "
قلت بابتسامة " هل هذا فقط ما شدك في الموضوع , عندما عملت هناك كنت كارها للوضع الذي
أصبحت فيه فرفضت الاحتكاك بالجميع هناك فمثلت عليهم أنني أخرس ولم يعلم أحد من أكون
وتزوجتها بعدما تسببت لها بمشكلات كثيرة كتكفير لذنوبي معها ثم أحببتها حقا وها قد أضعتها الآن "
قالت بهدوء " وأي مشاكل التي سببتها لها "
قلت " لقد كان أخوتها من والدتها يطاردونها لإخراجها وعمها الضرير من منزلها
الوحيد ورميها في الشارع وكان الرجل الذي قتلته يهدها وحاول القفز لبيتها ليلا بعد أن
ضربته فطلبت منها الزواج بي وتزوجنا "
قال بحر بهدوء " ولما تكره الأغنياء "
قلت " إنها عفيفة نفس وعزة نفسها لم أرها عند أحد وتكره الأغنياء لأنها تراهم ينظرون
للفقراء أنهم أقل منهم ويدلونهم بسبب حاجتهم إليهم , حتى أنها اختارت ترك العمل وبقيت
وعمها دون عشاء ليلة لأن كرامتها جُرحت هناك "
قالت بحزن " كم عانت تلك الفتاة والله وحده يعلم ما تعاني الآن "
دخلت حينها سيدة غريبة عني بملامح غربية وحجاب أسود فقالت والدتي بابتسامة
" هذه زوجة عمك نبيل والدة ميس "
اقتربت مني وصافحتني وقالت بالإنجليزية
" كيف حالك بني وحمدا لله على السلامة "
قلت بابتسامة مماثلة " شكرا لك ومرحبا بك بين عائلتك "
ابتسمت وغادرت من فورها في هدوء كما دخلت , وبعد يومين كان عليا العودة لعملي
كما اشترطت الوصية ورجعت للجنوب هذه المرة دون ليان ودون وجودها معي دون
ابتسامتها وطعامها الطيب وثرثرتها التي أحب وحضنها الدافئ وابنتي التي تكبر في
أحشائها أقمت في منزلنا وتركت الشقة على أمل أن تعود من جديد لتبحث عني وكنت
أترك الأبواب مفتوحة
كنت أمضي طوال الليل أقرأ كل دفاترنا والكلمات التي كنا نتبادلها معا كم كنت غبيا
حين فكرت أنني سأتركها في الظلام وأتزوج بأخرى معها فلم أعد أرغب الآن بسواها

بعد أسابيع انتهت القضية وحُكم بالإفراج عني دفاعا عن عرضي ومالي وأخذ أهل شاهد
الدية منا لكي لا يطاردوني يبدوا أنه كان يشكل مصيبة لهم تخلصوا منها وحصلوا على المال
مقابلا لها
اتصلت بشروق مرارا وهاتفها مقفل يبدوا أنها غيرته أو أضاعته سألت كثيرا عنها وعلمت
أين انتقلت فذهبت لها ولم أجد عندها أحدا ولا تعلم عنها شيئا وقالت أن هاتفها قد تمت سرقته
منها ولم تجده وها قد عدت للصفر من جيد وكانت الأيام تمر وكل يوم يخبرني أنها قد رحلت
للأبد ولن تعود وتخيلت حتى أن الكلاب قد أكلتها لذلك لم نجدها حتى الآن , كنت أتجول في
الشوارع لساعات لعلي أجدها بين المارة بالمصادفة ولكن دون جدوى












رنيم








تسابقت الأحداث بسرعة وكان الكل منشغلا بأمر أديم وقضيته وزواجه المفاجئ وزوجته
المختفية منذ مدة ولم يهنئ لأحد بال حتى خرج أديم سالما من محنته , هذه العائلة أصبحت
جزئا من عالمي وحياتي وما يسعدهم يسعدني وما يكدر صفوهم يكدر صفوي معهم كيف
لا وفي أحشائي يوجد طفل سيحمل اسمهم يوما ولو لم أستمر زوجة لابنهم
لقد تجاوزت شهري السابع الآن بأسبوعين وبدأ الحمل يتعبني كثيرا وكأنني في نهاية حملي
وأوضاعي وغيث على حالها فطوال الفترة الماضية كان مشغولا جدا وكنت أحاول أن أكون
بجانبه قدر الإمكان وقد تحسنت الأمور بيننا بعض الشيء
" رنيم لما لا تجلسي وترتاحي رجاء فلا تتعبي رأسي معك "
تنهدت وقلت " وما نفعي إذاً , لقد أصبحت كالكرسي هنا يجب عليا الجلوس فقط "
ابتسمت حور وقالت " لن ندخل في حرب مع خالتي وغيث إنهما يصران
على عدم عملك معنا "
قلت بتذمر " أنا لا أساعد في شيء أبدا ولازال أمامي قرابة الشهرين لألد فهل
ستبقون دائما في خدمتي "
ضحكت جود وقالت " حمدا لله أن حور ليست حاملا أيضا لكنت الآن في مشكلة "
ضحكنا معا ثم قلت " ميس ستقوم حينها بالواجب صحيح أن مزاجها يكون سيئا بعض
الأحيان وتسجن نفسها في غرفتها لكن إن دخلت الشيء أبدعت فيه "
" من هذا الذي يتحدث عني بالسوء "
كان هذا صوت ميس جاء من باب المطبخ وهي تضع يديها وسط جسدها وترسم
ابتسامة على شفتيها قلت بابتسامة
" هذه أنا ويا ويلي منك الآن "
ضحكت وقالت وهي تدخل " لو لم تكوني حاملا لضربتك بقدمي وطيرتك من تلك النافذة "
قالت جود من بين ضحكاتها " كي يطيرك غيث للمريخ "
قالت حور ضاحكة " ذكرتني بأفلام الكرتون عندما يضربونه ويطير ياااااااااااا
هههههه تخيلوا رنيم كذلك "
ضحكوا فقلت باستياء " هل تسخرون مني يا لكم من فتيات "
ثم نظرت لميس بنصف عين وقلت " ستتزوجين صهيب قريبا وسأريك "
تأففت بضيق تم سرعان ما غيرته بابتسامة وقالت لإغاظتي
" أجل وذلك سيكون يوم سعدي "
أشرت لها بعيني خلفها وقلت بابتسامة " بل يوم سعدك اليوم "
تغيرت ملامح وجهها للصدمة واختفى لونها ثم التفتت للخلف فلم تجد أحدا فضحكنا
عليها ثلاثتنا فهجمت عليا تحاول خنقي والكل يضحك
" هيه تعالوا فثمة جريمة ستحدث هنا أين غيث "
نظرنا جميعنا لمصدر الصوت فكان زبير واقفا عند الباب وما هي إلا لحظات ووقف
ورائه غيث قائلا " ماذا هناك "
قال زبير بابتسامة " وجدت إحداهن تخنق زوجتك والأخريات يشجعنها "
شهقت حور من الصدمة وقالت " لم نشجعها لقد كذبت علينا "
قال غيث بضيق " ألم تجدوا غير زوجتي لتخنقوها يا لكم من وحوش "
ضحك زبير وقال " كان يفترض بك يا ميس خنق حور معها أيضا "
خرجت حينها جود في صمت وهدوء من باب المطبخ الخارجي وقالت ميس
" زوجتك هي الظالمة لقد جعلتهن يضحكن مني وإن فعلتها مرة أخرى سأقتلها وابنها "
قال غيث " هيا يا رنيم علينا زيارة الطبيبة فبقائك هنا فيه خطر عليك "
تنهدت ميس بضيق وقالت " بالطبع زوجتك وستدافع عنها يالك من ابن عم "
ضحك غيث وقال " لديك من يدافع عنك فلقد كان سيتقاتل هوا وعمي جسار
وابنه بالأمس لأجلك "
قلت بصدمة " يتقاتلون ولما "
قال مغادرا " الموضوع نفسه بسرعة يا رنيم فلا وقت لدي "
غادرت خلف غيث وصعدت لغرفتي لأرتدي عباءتي ونذهب لزيارة الطبيبة ولم
أخبركم فقد غير غيث مجمع العيادات ذاك وأصبحنا نذهب لعيادة خاصة بالنساء
الحوامل فقط ودون رجال ولا أعلم كيف وجدها , رغم علمي أن ثمة ماضي وراء
غيث يجعله كذلك إلا أن ذلك يشعرني بالسوء وكأنه موقن في حال تركه لي وحدي
أو حتى معه في مكان به رجال سأفعل شيئا سيئا وبت أصارع نفسي وأرغمها على
أن تتقبل منه الأمر وكأنه شيء عادي وأعلم أنه يجاهد نفسه كي لا يسيء إليا أحيانا
في طريق عودتنا أمسك بيدي وقبلها وقال
" سنخرج الليلة للعشاء فما رأيك "
نظرت له بصدمة ثم ابتسمت وقلت
" نتعشى في الخارج وآكل وحدي كيف سيكون ذلك "
ابتسم وقال " ما رأيك لو أخذنا الطعام معنا "
ضحكت وقلت " لما لا نجعل حور وجود طباختان وميس نادلة وغرفتنا مطعما "
ضحك كثيرا ثم قال " وزبير وصهيب أحدهما سائق والآخر يفتح لنا الباب "
ضحكت وقلت بألم " أآآآآي لا أستطيع احتمال ذلك أسكت يا غيث أرجوك "
أمسك بيدي وقال " هل تشعرين بشيء "
قلت " قليلا فقط لا تقلق "
قبل يدي ثانيتا وقال " رنيم أعذري لي كل ما فات سأحاول أن أغير كل شيء لكن
أصبري معي قليلا "
قلت بابتسامة " سأصبر رغم أن ذلك قاسي جدا ويشعرني أنك متأكد من كوني امرأة
سيئة وستخونك في أي لحظة "
قال بعد صمت " هذا خارج عن إرادتي وأنا أجبر نفسي على التغير فساعديني "
تنهدت وقلت " مادمت غير مقتنع بذلك فالإجبار لن يجدي نفعا "
قال بهدوء " سنخرج الليلة ونذهب حيث تشائين وسنجعلها البداية حسننا "
قلت بسرور " أَقسم على ذلك يا غيث قل قسما سنخرج أينما أريد "
ضحك وقال " ألهذا الحد أنا مجرم في حقك "
نظرت له بنصف عين وقلت " أتركني في صمتي عنك أفضل لك ولي "
ثم ابتسمت وقلت " ولكن مميزاتك أكثر بكثير من الخروج ومن الشكوك أحيانا "
ضحك وقال " أحيانا فقط يا ظالمة "
ضحكت وقلت " بل أغلب الأحيان "
وعند المساء اتصل بي لأجهز نفسي ونخرج وكنت طوال اليوم أفكر أين سنذهب وماذا
سأختار من أمكنة ثم تجهزت وجلست , انتظرت وانتظرت ولم يحظر فقلت بضيق
" فعلتها إذا يا غيث وخدعتني لابد وأنه سيتحجج الآن بأي حجة ليظهر أنه أراد أن يُخرجني
ولكن ظروفه لم تسمح له "
شعرت بالاستياء بعد طول الانتظار فخلعت ملابسي وجلست وحدي في جناحي بضيق وبعد
وقت طويل سمعت طرقا على الباب فقلت بضيق
" لا أريد تناول العشاء شكرا لك يا حور "
جاءني صوت خالتي قائلة " هل لي بالدخول يا رنيم "
وقفت وفتحت لها الباب فقالت بملامح متعبة ووجه شاحب وكأنه سيغمى عليها فورا
" رنيم ...... إنـ .... "
قلت بخوف " خالتي ماذا هناك "
قالت بتعب " غيث حصل له حادث بالسيارة وهوا في المستشفى "
لم أرى شيئا حينها وما هي إلا بضعة أجزاء من الثانية وكنت في ظلام دامس مغمى
عليا وانهرت أرضا وبعد وقت لا أدري كم كان استفقت وأول ما قلت
" ماذا حدث مع غيث "
قالت خالتي وهي تمسح على كتفي
" لا أعلم يا ابنتي لا أحد يجيب على اتصالاتي فلنأمل من الله خيرا "
ثم قالت وهي تمسك كوبا لا أعلم ما به
" رنيم خذي اشربي قليلا من هذا سيفيدك كثيرا "
قلت بحزن " لا أريد يا خالتي فأنا بخير اطمئني أريد فقط التحدث مع
غيث أرجوك لا تخفي عني الحقيقة "
تنهدت وقالت " أقسم أني لم أخفي عنك شيئا ولا أعلم عن شيء ولا أحد
منهم يجيب على اتصالاتنا "
قلت بتألم " خالتي حاولي معهم مرة أخرى أرجوك "
خرجت وعادت بعد فترة طويلة وأعطتني الهاتف وقالت
" خذي تحدثي معه لتطمئني "
أخذت الهاتف وقلت مباشرة " غيث هل أنت بخير ماذا حدث لك "
قال بصوت ضعيف ومتعب " أنا بخير رنيم لا تقلقي مجرد حادث بسيط "
قلت ودموعي بدأت بالنزول تباعا " كيف بخير صوتك متعب جدا ماذا حدث "
قال " رنيم لا تقلقي من أجل صحتك أرجوك وتوقفي عن البكاء هيا "
قلت من بين شهقاتي " أَقسم لي أنك بخير "
قال بصوت مبتسم ومتعَب " لو لم أكن بخير ما كانوا ليسمحوا لي بالتحدث معك , طمئنيني
عنك أنتي هل نستدعي الطبيبة "
ضحكت وقلت " حتى وأنت في المستشفى يا غيث تفكر بعدم خروجي , عد
لي سالما هذا فقط ما أريد "
تنهد وقال " لما لا تضنين بي ضننا حسننا أبدا أردت راحتك يا ظالمة , حسننا وداعا الآن "
أعطيت الهاتف لخالتي ثم غادرت مباشرة وهي تحدثت مع زبير وبقيت وحدي مع بكائي
وحزني لقد ظننت أن العلاقة بيننا المدة الماضية قد حسنت بعض التوتر فقط ولكن عند سماعي
الخبر اليوم شعرت باحتياجي لوجوده بقربي دائما شعرت أنني لا أحتمل فكرة فقده للأبد وأن
تكون حياتي خالية من وجوده أعلم ما معنى هذه المشاعر جيدا وأخشى أن لا يكون ما في قلب
غيث مساويا لها ولا يراني سوى شيء مرهون بوقت الوصية فقط











سماح









لا تنتهي مشكلة لأبنائي إلا لحقتها الأخرى فأديم لم يجد زوجته بعد وأحواله لم تعد
تعجبني وصهيب في شجار دائم مع أعمامه وبعض أبنائهم وصراع مستمر مع
ميس التي بدأت بتقبل الجميع شيئا فشيئا إلا هوا و
ها هوا الآن حادث غيث الذي لا أعلم عن حالته شيئا ولا أحد من أخوته يجيب على
اتصالاتنا و رنيم التي أغمي عليها فور سماعها بالخبر , ما كان عليا تفجير الخبر في
وجهها هكذا كالقنبلة وهي حامل ولكن ما كنت سأفعل
خرجت بحثا عن ميس الوحيدة التي لم أطلب منها الاتصال بأحدهم فزبير لم يجب على
اتصالات حور وحتى جود حاولت مع بحر ولكنه كان خارج العاصمة ولا يعلم شيئا وأخبرها
أنه سيرجع حالا فطلبت من ميس أن تتصل بصهيب ولكن دون نتيجة بعد وقت اتصل بي زبير
فأجبت من فوري قائلة
" أين أنتم يا زبير كيف لكم قلوب بهذه القسوة تتركوني وزوجته المريضة في كل هذا الانشغال "
قال بضيق " أمي لقد كان الأطباء معه في الداخل ولا نعلم عنه شيئا كيف سنجيب على اتصالاتك
وما كنا سنقول لك ونحن لا نعلم شيئا "
قلت بغضب " كنت قلت لي ما قلت للتو أفضل من تركي معلقة بين السماء والأرض أرحموا
زوجته المسكينة إن لم تريدوا أن ترحموني "
قال مباشرة " ما بها رنيم هل أصابها مكروه "
قلت بحدة " لقد أغمي عليها حين سماعها بالخبر وهي ملازمة الفراش وترفض إلا الاطمئنان
عليه ماذا لو تعبت كثيرا كيف كنت سأتحدث معكم لتسعفوها معنا أنتم لا تفكرون في غيركم أبدا "
قال بتوجس " هل تريدون نقلها للمستشفى هل أحضر الآن "
تنهدت وقلت " قالت أنها لا تريد وأنها بخير فقط دعوها تتحدث معه يا زبير "
قال " حسننا ها هوا تحدثي معه ولا تكثري عليه الحديث يا أمي أرجوك "
أعطاه الهاتف فقلت بين دموعي " غيث هل أنت بخير يا بني حمدا لله على سلامتك "
قال بصوت متعب " أنا بخير يا أمي اطمئني كيف هي رنيم هل هي متعبة كثيرا "
قلت بهدوء " تبدوا لي بحال أفضل ولكنها لا تريد قول شيء هي تصر على محادثك "
قال " حسننا دعيني أكلمها قليلا "
أخذت الهاتف لرنيم التي تحدثت معه ودموعها لا تفارق عينيها وهوا يحاول طمأنتها وهي
ترفض قول إلا أنها بخير ولا تريد زيارة المستشفى ثم خرجتُ وتحدثت مع زبير الذي أخبرني
أن غيث تعرض لكسر في عظمة ساقه الأيسر وآخر في عظم فخده الأيمن وبعض الجروح
والرضوض وسيغادر المستشفى قريبا
تبدوا لي أحوال غيث و رنيم في تحسن مستمر كم أتمنى أن يتراجع غيث عن فكرة الانفصال
عنها ما أن يتم اقتسام الميراث وتُلغى الوصية
عند وقت الفجر عاد زبير وصهيب فقابلتهم عند الباب وقلت بقلق
" كيف حاله الآن "
قال زبير " بخير وسيخرج قريبا , لقد تركنا بحر معه وسنعود حالا ليخرج بحر ويرتاح فقد عاد للتو "
قلت بارتياح " الحمد لله وماذا عن الكسور "
قال صهيب " لقد قاموا بتجبير كلتا ساقيه والجبيرة ستأخذ وقتا علينا نقله للأسفل هنا ولكن المشكلة
أن جناح الضيوف مشغول الآن ولا أجنحة أو غرف غيره في الطابق الأرضي "
قلت بهدوء " وكيف العمل أذاً "
قال بحيرة " لا يمكننا نقل شقيقة بحر فقد تنزعج من طلبنا ذلك وتعتقد أنها تضايقنا
فلقد أخبرني بحر مرارا عن مدى تحسس هذه الفتاة حتى من الكلمة الواحدة وليس
أمامنا سوى الملحق الخارجي "
قال زبير معترضا " ولكن الملحق منفصل تماما وستكون زوجته معه وفي وضعها
سيصعب عليها مساعدته وحدها ولن يكون بإمكاننا التردد عليهم دائما لمساعدتها "
قلت " سأتحدث مع جود دعا الأمر لي إنها فتاة طيبة وستتفهم الأمر أنا متأكدة فقط
لا تقولا ذلك أمام بحر حتى أتحدث معها "
تنهد زبير وقال " معك حق في ذلك فبحر لا يستحمل أن يضرها نسيم الهواء وسيفهم
الأمر كما يحلوا له "
تنهدت وقلت " حمدا لله المهم أن غيث سلم من كل ذلك "
وقد غادر المستشفى للقصر بسبب عناده كوالده تماما كم كان يصر على مغادرة
المستشفى دائما ولا يبقى فيه












جود











يبدوا لي أن الأغنياء أيضا يعانون ظننت أنه وحدنا من نعاني وأن هذه العائلة حياتها
كقصرها ولكن اكتشفت عكس ذلك فحور تبدوا لي حزينة دائما و رنيم زوجها قد أصبح
بلا حرك الآن وما فهمته أنهما لم يكونا على وفاق سابقا أديم يعاني ما يعاني وحتى ميس
وصهيب يواجهان مشكلة كبيرة مع أقارب العائلة على ما يبدوا وبحر أنا أعلم بحاله قبل
مجيئي إلى هنا وحده المدعو زبير من لا يحمل هما ويبتسم ويمزح على الدوام
لقد صرت أتحاشاه هوا دوننا عن الجميع بعد ذلك الموقف منذ شهرين وهوا لاحظت أنه
كذلك بعد ملاحظته لتجنبي له فعلاقتي بحور رائعة وهوا زوجها فلم أرد أي مشاكل لي
معها ولكن ما زاد الأمور سوءا أنه بانتقالي للطابق العلوي ليأخذ غيث و رنيم الجناح
السفلي صرت في الغرفة الأقرب لجناحه وأتقابل معه كل يوم تقريبا , بالنسبة لذاك الشاب
فقد أصبح يتصل بي صباحا ومساء كما قرر ولو ليقول كلمة صباح أو مساء الخير وأصبح
يتحدث لي أكثر عنه عن طفولته عن طموحاته عن كل شيء وأنا كذلك حتى زادت رغبتي
في رؤيته أكثر ولكن ما الفائدة من ذلك , لنبقى هكذا أفضل فيكفيني تعلقا به
ارتميت على السرير وأمسكت بهاتفي الذي أصبح منذ عام جزءا مني فوجدت رسالة منه
قد وصلت قبل قليل وكان فيها
( بعض الحب يشبه المرض الشفاء منه يعني أن تتذكر دائما بأنه سيعود لك من جديد ....أحبك )
ثم وفورا جاء اتصال منه ففتحت الخط فقال مباشرة وبحسرة
" لقد حلمت بك البارحة كنتي ذاهبة وأنا أركض خلفك لأراك وعندما وصلت إليك استيقظت يا له
من حلم لماذا كان ناقصا متى التكملة يا ترى "
ضحكت وقلت " جرب الليلة قد ينجح الأمر "
قال بضيق " هل هذا فقط ما لديك عليا أن أراك أو سوف أجن فورا "
تنهدت وقلت " هل سنتحدث في هذا دائما كم سأشرح لك ذلك "
قال بتذمر " ومتى ستسمح ظروفك هذه لا أعلم , حسننا أمري لله "
قلت بابتسامة " أقسم أني أحبك وسأنتظرك ما استطعت ولكن عليك أن تقدر ظروفي قليلا "
ثم ضحكت وقلت " أحدهم يطرق باب غرفتي عليا إنهاء المكالمة وداعا "
قال بضيق " اسمعي سأتصل بك بعد قليل شئتي أم أبيتي مفهوم "
ضحكت وقلت " مفهووووووم "
ثم فتحت الباب فكانت حور ابتسمت وقالت
" أعتذر على الإزعاج لكن جود هلا ساعدتني في حمل بعض الحاجيات من جناحي رجاء "
قلت ببرود " هل زوجك موجود "
ضحكت وقالت " لا إنه في الخارج , لو أعلم فقط سبب نفوركما من بعض "
قلت بضيق " مشكلة قديمة ولا تكترثي لها فأنت المفضلة لدي , هيا لننجز العمل
بسرعة قبل أن يعود "
ضحكت وقالت " هيا بسرعة "
أخذت هاتفي معي لأستقبل اتصال ذاك الشاب عندما يتصل بي بعد قليل كي لا يغضب
مني ككل مرة حين أترك هاتفي في الغرفة وقت اتصالاته المعتادة
توجهت لجناح حور وزبير وبدأنا في ترتيب بعض الحاجيات في غرفة المكتب الخاص
بزوجها واستمر العمل لوقت وانهمكنا فيه حتى سمعت صوت باب جناحهم يُفتح فقلت بذعر
" حور هذا زوجك قد دخل لقد ورطتني معه الآن "
ضحكت وقالت " وما المشكلة في ذلك يا جود "
فتح حينها علينا باب المكتب نظر لنا مطولا ثم قال
" آسف ظننت أنه لا أحد هنا "
قلت ونظري للأرض " عن إذنكما "
وخرجت من فوري من الغرفة ومن الجناح كالصاروخ ونزلت للأسفل فورا وهربا منه










زبير

















لا اعلم لما تكرهني أخت بحر تبدوا لي رقيقة جدا وتحب الجميع إلا أنا ومنذ ذلك اليوم .

نظرت لحور وقلت " ما كنتما تفعلان هنا "
قالت بهدوء " لقد طلبت من جود أن تساعدني في نقل الأغراض وترتيبها في المكتب "
قلت وأنا أتوجه للداخل
" لما لم تتركي عمال شركة النظافة من يقومون بذلك لما تتعبي نفسك وجود في ذلك "
قالت بابتسامة " العمل ليس صعبا فلما نؤجله ولما يبقى المكتب غير مرتب حتى يأتوا "
قلت بذات الابتسامة " شكرا لكما إذا وبلغي جود شكري أيضا "
غادرت حور واتصلت من فوري ببلسم رن هاتفها طويلا ولم تجب عاودت الاتصال وذات
الشيء ولكن ما شد انتباهي أنني كنت أسمع رنين هاتف ليس بهاتف حور في الجناح فتجاهلت
الأمر وكتبت لها رسالة وفيها
( فعلتها إذا يا مخادعة لن أرضى عنك هذه المرة أبدا )
وأرسلتها فسمعت حينها رنين رسالة من ذات المصدر انتابني الشك حينها فاتصلت بها مجددا
فسمعت الصوت ذاته ثم قطعت الاتصال فتوقف الصوت اتصلت ثانيتا فعاد للرنين فخرجت
من المكتب أتتبع الصوت فكان من هاتف موضوع على الطاولة في ردهة جناحي رفعته وأنا
اتصل فكان على شاشته أسم الرجل الكئيب يتصل والرقم ذاته رقم هاتفي من مفاجأتي
بالأمر قطعت الاتصال وعاودت اتصالي بها ثانيتا لأصدق ما تراه عيناي فظهر الاسم والرقم
ذاته سمعت باب حجرة حور يُفتح فأوقفت الاتصال وخرجت لحظتها فقلت لها
" لمن هذا الهاتف يا حور "


















الجزء التاسع والعشرون

























زبير

قطعت الاتصال وعاودت اتصالي بها ثانيتا لأصدق ما تراه عيناي فظهر الاسم والرقم
ذاته سمعت باب حجرة حور يُفتح فأوقفت الاتصال وخرجت لحظتها فقلت لها
" لمن هذا الهاتف يا حور "
نظرت له للحظات ثم قالت
" آه إنه هاتف جود لقد نسيته هنا هل هوا من كان يرن طوال هذا الوقت "
من صدمتي وهول مفاجئتي لم استطع الكلام جود أيعقل أن تكون جود ولكن كيف ذلك كيف
قلت بتوتر " لقد توقف الاتصال ما إن وصلت خذيه لها فقد يكون بحر أو والدتها من يتصل بها "
أخذته وعيناي تتبعانه وكأنها أخذت قلبي وعقلي معها بعد لحظات نزلتُ للأسفل
فقابلتني حور تصعد للأعلى فتوجهت من فوري للمطبخ وجدت جود وحدها هناك
والهاتف ذاته بجانبها قلت بصوت هادئ
" جود "
التفتت إليا من فورها بقيت أتأملها للحظات حتى شعرت بالخجل من حيائها مني فقلت
" جود هل تكرهينني "
سكتت طويلا لا اعلم لصدمتها من سؤالي أم بحثا منها عن إجابة , قولي لا يا جود
قوليها أرجوك ثم قالت وعيناها للأسفل
" لا لم أكرهك يوما "
كدت أقفز ناحيتها واحتضنها لولا أن تمالكت نفسي فقلت
" لا تغضبي مني بسبب ذاك الموقف أرجوك فقد كنت متوترا يومها فلن يتكرر ذلك
ولن أجلب لك أي عريس ثانيتا "
يا لي من أحمق ألم أجد غيرها كي أخطبها لجبير لا وعرضتها على أديم
قبله , تستحق الجلد على ما فعلت يا أحمق
قالت بعد صمت طويل " لا عليك لقد انتهى الأمر على خير وأنا آسفة أيضا "
دخلت حينها رنيم وقالت " أين هي حور "
هل هذا وقتك يا رنيم , خرجتُ من فوري وقفت قريبا واتصلت بها فسمعت هاتفها يرن
وكأنني لازلت أريد التأكد منها ثم خرجت للحديقة فأجابت قائلة
" أعلم أنك غاضب مني ولن تصدقني أيضا ولكني نسيت هاتفي بعيدا عني "
قلت بأندفاع " أحبك أحبك وأحبك فقط ولست غاضبا منك "
ضحكت وقالت " لا تبدوا لي طبيعيا أبدا "
قلت بابتسامة " وهل تركتي بي شيئا طبيعيا يا فتاة "
لا أصدق أنك أمامي وأني كنت أراك وأنا أموت شوقا لرؤيتك , آه من حظي الذي
ابتسم لي فجئه قالت بمرح " أين ذهبت "
قلت من فوري " ذهبت إليك طبعا , أخبريني كيف مشكلتك مع والدك "
قالت " لقد أصبح شقيقي هوا الوصي علينا الآن "
لهذا إذا جلبك بحر إلى هنا ليهرب بك من والدك يالك من رائع يا بحر لقد فعلت
أجمل شيء في حياتك قلت
" إذا لن تكوني لغيري وإن فعلتي ذلك قتلته سمعتي "
ضحكت وقالت " وإن قتلته دخلت السجن وتزوجت أنا بغيره "
قلت بحدة " بلسم لا تقولي ذلك ولا مازحة لن تتزوجي غيري مفهوم "
قالت " مفهوم وهل بعد كل هذا التهديد سأفعلها "
قلت بجدية " وأنا عند تهديدي فكوني حذرة "
تنهدت وقالت " أنا فقط أخاف من ظروفي وتقلباتها فلا تلمني حينها أرجوك "
قلت بضيق " أقسم إن أخلفتِ بوعدك لي قتلت نفسي "
قالت بفزع " ما هذا الكلام الذي تقول ما الذي حدث لك اليوم "
قلت بهدوء " حدث رائع وجميل ولم أتصوره يوما , وداعا الآن حبيبتي ها قد
جاء من سيعكر مزاجي "
ضحكت وقالت " وداعا واعتني بنفسك لأجلي "
آه يا قلبي كيف لي تحمل كل هذا لو أكتشف أنها تكرهني لأني زبير فسأموت حتما
توجه صهيب ناحيتي وقال بضيق " أين أنت يا رجل ألا يُعتمد عليك أبدا "
قلت بحدة " تحدث معي بأسلوب أفضل يا صهيب فيما أخطأت أنا "
قال مغادرا " تعلم فيما أخطأت وأصلح خطأك فورا "
غادر فقلت بلا مبالاة " لا أحسد من ستتزوجك عليك وكم أتمنى أن تكون ميس لتريني فيك
يوما رائعا كهذا اليوم , يا الله ما أروعه من يوم "

















حور















قد لا تسير الأمور دائما كما نشاء فمثلما تشرق شمس الصباح أحيانا ونحن لازلنا
بحاجة ملحة للمزيد من النوم وكما تغيب عند الغروب أحيانا ونحن لا نزال ننتظر
قدوم أحدهم قبل أن يأتي المساء كذلك سارت بيالرياح عكس ما تشتهي سفن عقلي
وأصبح وجود جود هنا يقرب المسافة بيني وبين بحر أكثر فقد زادت زياراته
ومصادفات لقائي به وحتى الكلمات القليلة العابرة أصبحت تجد طريقا لها بيننا
وتقتلني في كل حرف من حروفها الجوفاء
" حور .... هيه ما بك "
قلت بفزع " نعم يا رنيم لقد أفزعتني "
قالت وهي تتوجه جهة الموقد
" لقد ناديك مرارا ولكنك كنتي في عالم آخر تماما , ماذا حدث للحساء هل نضج "
ثم شهقت وقالت " أنظري لقد كاد يحترق يا حور لقد اعتمدت عليك "
قلت بإحراج " آه آسفة لقد نسيت أمره "
نظرت لي ويديها في وسطها وقالت " حور حالك لا يعجبني أبدا لقد كثر شرودك جدا , يبدوا
لي أن الأمور تأخذ منحا جديدا "
قلت بحزن " ليثني أموت يا رنيم وأرتاح لقد تعبت حقا "
تنهدت وقالت " لا ألومك الآن يا حور أحبيه كما تريدي أتمنى أن تجتمعا سويا يوما ما "
قلت بألم " يا لها من أمية سخيفة وغير معقولة "
قالت " ولما غير معقولة الله قادر على كل شيء "
قلت بحزن " ها نحن ذا نعبر عامنا الثاني ولا بوادر تبشر بالفكاك من هذه الوصية يبدوا لي أننا
ننتظر عبثا كمن يركض خلف السراب وهوا يعي أنه لن يدركه وسترحل بنا السنين ونحن على
حالنا نركض في أماكننا ولا شيء سوى تحطم الأميات والبكاء ليلا والنوم مع وجع الذكريات "
قالت بأسى " كل منا ينتظر أن يتخلص من تلك الوصية ولكن ما أخشاه أن نصبح
يوما نهرب من الفكاك منها "
نظرت لها مطولا وقلت
" يبدوا لي أنك أنتي المعنية بما قلتي الآن هل صرت تخشين الفكاك من غيث "
قالت بشرود " لا أعلم ما الذي يحدث معي فعندما فكرت أنني سأخسره بسبب الحادث
كدت أجن , أخاف أن مشاعره اتجاهي ليست كذلك وأصل لمرحلة أكره فيها الفكاك منه
ويرغب هوا بعكس ذلك "
قلت بحسرة " لا أتمنى لك ذلك يا رنيم إنه أقسى ما في الوجود "
قالت وهي تسكب الحساء " هذا ما كنت أخشاه ويبدوا لي أنه ما سيحصل حقا "
قلت بهدوء " وما هي مشاعر غيث اتجاهك ما يقول لك وما تلاحظين عليه "
قالت بحيرة " لا أعلم هوا لا يصارحني بمشاعره حتى الآن ولا أنا كذلك تعامله معي تغير
كثيرا ولكن ..... أنا حقا لا أعلم "
قلت بجدية " عليك أنتي البدء بذلك لتشجيعه على قول ما يكتم بقلبه فالبعض يحتاج
لدفعة ولو بسيطة ليفجر ما بداخله وغيث يبدوا لي رجلا قويا وصلبا وهذا النوع
من الرجال لا يتحدث عما بداخله بسهولة "
قالت وهي تحمل الصينية " أخشى أن تدمرني نصيحتك "
ضحكت وقلت " جربي فلن تخسري أكثر فإن لم تنفع لن تضر "
ضحكت وقالت " عليا أن أحمل الحساء الآن له قبل أن يبرد والباقي يمكن تأجيله قليلا "

رنيم تسعى جاهدة لتغيير حياتها وتفكر جديا في مستقبلها مع غيث أما أنا فلا تزداد
حياتي إلا ضياعا وتشتتا فلا أنا لزبير الذي بين يداي الآن ولا لبحر الذي يفصلني
عنه كل شيء فكم أتمنى أن أرسى يوما كما يحدث مع رنيم ليثني مثلها لم أحب
يوما أحدا فليس لي إلا لحزن والحرمان وهذه الدموع التي لا تتركني لحظة
" حور هل لي أن ..... "
مسحت دموعي والتفتت لمصدر الصوت فكان بحر الذي قطع كلامه وقال بصدمة
" ما بك تبكي يا حور "
أعدت نظري للأسفل في صمت فقال بهدوء " هل ضايقك أحدهم بشيء "
قلت بعبرة مخنوقة " لا أبداً "
قال بهدوء " أنا آسف أعلم أن وجودي قد أصبح يضايقك "
هززت رأسي نفيا وقلت " لا ليس كذلك فلا تفهم الأمور خطئا أرجوك "
جاء صوت جود من خلفه قائلة " بحر أهذا أنت هنا وأنا أبحث عنك "
التفت لها وغادرا يتحدثان ولا أعلم عن ماذا أو لا أسمع في ماذا يتحدثان فأذناي غاب
عنهما الوعي تماما ليتركا كل شيء لدموعي المتدفقة وحدها تسمع وترى وتتحدث


















رنيم


























لم يكن بالأمر السهل أن أتقبل خبر تعرض غيث لحادث وأنا لا أعلم ما خلف فيه
كان خبر أن يصاب بزكام كفيل بجعلي أتعذب معه آآآآه هل وصلت لهذا الحد من
الجنون هل عليا كسر الحاجز بيننا يا ترى وهل لدي من الشجاعة ما يجعلني أفعل
ذلك لما ليس هوا فهوا الرجل وهوا من عليه أن يصارحني بما في قلبه اتجاهي
ترى هل يكون لاشيء من هذا في قلبه لذلك لم يتكلم أم هوا كما قالت حور من النوع
الذي يحتاج لدفعة قوية ليبوح بما في داخله آه يا رب ساعدني لما أنا كان نصيبي
زوجا جافا هكذا ولما أتعلق به كل يوم أكثر من سابقه
عليا أن أجرب رغم أن الفشل قد يكون حليفي وحينها لن ينقدني منك أحد يا حور
" رنيم ما بك الملعقة أصبحت فارغة "
نظرت ليدي بصدمة بعدما أوقظني صوت غيث من شرودي وكانت الملعقة مائلة في
الصحن وانسكب كل ما فيها يالي من بلهاء هوا ينتظر أن أطعمه الحساء وأنا ...
آآآآه منك يا حور لقد أفقدتني عقلي رفعت عينيا إليه لوجهه لعينيه بل أنت هوا من أفقدني
عقلي يا غيث ليثني أدخل هذا الرأس وهذا القلب لأعرف من أنا فيهما ابتسمت وقلت بعفوية
" كان ساخنا خفت أن يحترق لسانك فتوبخني "
ضحك بتعب وقال " بل كنتي شاردة الدهن تماما فيما كنتي تفكري "
قلت بهمس وعينيا على الصحن " في شخص "
قال بصوت مصدوم " شخص "
نظرت له بضيق ثم قلت بتذمر " غيث لا تأخذك أفكارك وتسافر بك بعيدا اقسم سأغضب منك "
ابتسم ولاذ بالصمت ولم يقل لي حتى كاذبا أنا لم اشك بك ليراعي مشاعري تنهدت بضيق فقال
" هل يتعبك لهذا الحد "
نظرت له في حيرة وقلت " من "
نظر للسقف متكأ برأسه على ظهر السرير وقال " لا شيء يا رنيم "
قلت بهدوء وعينيا عليه " هل أنت غاضب مني "
نظر لي بحيرة وتشتت أو لا أعلم ما تكون تلك النظرة ثم قال بعد صمت
" ولما سأغضب منك "
أنزلت رأسي أرضا وعضضت شفتي السفلى يا لي من حمقاء كم كان هذا سؤالا أحمقا
قال بهدوء " رنيم "
نظرت له في صمت فقال " ماذا هناك هل تريدي قول شيء "
آه يا إلهي هل يظهر عليا ذلك بوضوح سحقا لك يا رنيم هيا إنها فرصتك قولي شيئا إما أن
يصلح الأمور أو يفسدها
قال بحيرة " ما بك "
تنهدت ثم ملئت رئتي بالأكسجين وقلت بهمس وعينيا أرضا
" بلى أريد قول شيء "
قال بعد صمت وكأنه يخمن ما سيكون أو ينتظر أن أتابع
" نعم يا رنيم قولي كل ما تريدين "
بدأت ألعب بأصابعي بتوتر وكأني مراهقة تود الاعتراف لحبيبها أنها تحبه
وها قد أبت الكلمات أن تخرج من جوفي فوصلني صوته قائلا
" هل الأمر صعبا عليك لهذا الحد "
نظرت له بصدمة فقال مبتسما " هل الموضوع صعب التحدث فيه هكذا "
آه حمدا لله فكرت للحظة أنه دخل عقلي وعلم بما فيه قلت بتوتر
" لا شيء إنسا الأمر "
قال مباشرة " هل ستؤجلين ذلك أم لم تعودي ترغبي بالحديث "
تأففت وقلت " غيث ما بك يبدوا أنك تشعر بالملل وتتسلى بي "
ضحك وقال " رنيم أنتي التي ما بك أنا سألت فقط "
سحقا لك يا رنيم ولعقلك ولقلبك ولسانك ولحور أيضا وها قد اكتشفت أنك جبانة
يا رنيم ولكن لما لا يتكلم هوا ترى ألا يحبني , وصل صوته متبسما
" لما لا تغلقي عينيك وتتحدثي "
نظرت له مندهشة وقلت " غيث فيما فكرت أني أريد قوله "
قال بهدوء " لو فكرت في شيء ما طلبت منك أن تتحدثي "
لا أعلم من أين جاءني كل هذا الغباء عليا تغيير الموضوع كي لا يتفاقم أكثر من
ذلك نظرت للصحن وقلت
" يبدوا أنه برد عليا أن أعيد تسخينه "
قال مباشرة " لا داعي لذلك أريده باردا "
أطعمته ملعقة وأخرى وثالثة في صمت كم أنا حمقاء هل كان عليا أن أصر على
إطعامه له بنفسي هذا ولم أقل شيئا كيف سأكون حينها , أمسك بيدي والملعقة فيها
وهي أمام شفتيه سكب الحساء منها في الصحن ووضعها على فخذه المجبرة وهوا
يضغط عليها بقوة ونظر للسقف مجددا وقال
" الرجل الذي كان في السيارة الأخرى توفي على الفور رغم أنه هوا المخطأ لكني
شعرت أنني قتلته وأنا من كان يفترض به أن يموت "
ارتعشت يدي في يده كما هوا حال كل جسمي لهذه الفكرة وقلت بلا تفكير
" لا غيث أرجوك "
شد على يدي أكثر وأغمض عينيه وقال " لا تريدي أن أموت يا رنيم "
قلت وأنا أمسح دمعة نزلت من عيني " أنت حياتي يا غيث لا تتركني وترحل "
ها قد قلتها وليحدث ما يحدث عاد بنظره ورأسه عن السقف نظر إلي مطولا في صمت
فأرخيت نظري للأسفل فقال " وها أنا لم أتركك "
هل .... ألم يسمعها لما لم يعلق عليها يبدوا أنه لم يهتم لذلك تنهدت بيأس وصمت فقال
" وإن مت أنا يا رنيم "
نظرت له بخوف وقلت " غيث ما بك مع الموت اليوم "
ابتسم وقال " أريد جوابا "
نزلت حينها دموعي متتالية سحبت يدي من يده ومسحت بها دموعي وقلت بصوت
مخنوق وأشبه للهمس " أفقد حياتي "
هاهي المحاولة الثانية وأقسم أن تكون الأخيرة لو لم يكترث أو ينتبه
قال بهدوء " لو قلتي غير هذا لقلت أنك كنتي تكذبين في الأولى "
المحتال انتبه لها ولم يعلق عليها وقفت وقلت مغادرة " سأقوم بتسخينه من جديد "
أعلم أنني مغفلة وكان عليا أن أنتهز الفرصة وأسأله عن مشاعره اتجاهي ولكن يكفي
لا يمكنني فعل أكثر من ذلك , ولم ينتهي الأمر عند ذلك فقد سألني ما أن عدت عما
كنت أريد التحدث ومن الجيد أنه تجاهل ما تحدثنا عنه مؤخرا


































صهيب





















" أمي إنسي أن يحدث ذلك أخبرتك مرارا "
تنهدت وقالت " عوف لما لا تحاول معه بني "
قال بحيرة " أنا لست بأفضل حالا منك فأنا في شجار دائم مع
والدي وأنيس وموقفي صعب جدا "
قالت بحزن " لما لا يعترفون بهم ويعطونهم حقهم لينتهي الأمر أخشى أن
تكبر المسألة وتتقاذفنا الألسن فيكفي ما حدث حتى الآن "
قال عوف بهدوء " حاولت كثيرا ولم أجني سوى التوبيخ "
قالت بضيق " وعلياء ضربها والدها من أجل ذلك وحدك أنت وهي وأبنائي من يدافع عن حقهما "
قال بتساؤل " ولما يضربها "
قالت بحزن " لأنها قالت رأيها في الأمر مثلك "
ثم وقفت وقالت " عليهم أن يخافوا الله في حق ابنة أخيهم اليتيمة "
ثم غادرت فهمس لي عوف قائلا
" هيه صهيب من الفتاة التي كانت مع والدتك عند وصولي بالأمس "
قلت بضيق " وهل أتذكر اليوم لأتذكر الأمس "
قال بحماس " هيا يا صهيب لا تصعب عليا الأمر "
نظرت له بحيرة وقلت " عوف ما حل بك "
تنهد بضيق وقال " قل لي من هي و أرحمني "
قلت ببرود " وكيف سأعلم وأنت من راءاها وليس أنا "
قال بتذمر " أنت تعلم كل الموجودين هنا "
تنهدت بضيق وقلت " لون عيناها أزرق أم سمائي أم اسود أم أخضر "
ضحك وقال " هل لديكم من كل لون واحدة "
ضحكت وقلت " نعم , فزوجة غيث ذات عينين سوداء وزوجة زبير لون عينيها سمائي
غريب لا يمكنك تحديده أما ميس فأزرق غامق وشقيقة بحر خضراء العينين فإن كانت
إحدى زوجات إخوتي أو ميس فلا تزد في الموضوع حرفا أو قطعت لسانك "
قال بابتسامة " إذا هي شقيقة بحر "
نظرت له مطولا وقلت " وكيف رأيتها ها "
قال بإحراج " كنت داخلا وظننت أن عمتي سماح لوحدها فكانت معها وما أن رأتني
حتى خرجت من فورها ورأسها أرضا ولم أرها سوى تلك اللمحة البسيطة هلا تحدثت
مع شقيقك في الأمر "
ضحكت وقلت " مهلك يا رجل أبهذه السرعة "
قال بضيق " حسننا وما في ذلك "
قلت بابتسامة " سيقتلك والدك بالتأكيد "
قال بلا مبالاة " لا يهم فسليمان تزوج بمن يريد رغما عن الجميع وفي النهاية تقبلوا
الأمر , ها قلي هل ستحدثه "
ضحكت وقلت " سأرى ما سأفعل هيا دعنا نغادر "
قال ونحن مغادران " متى ستتحدث معه "
ضحكت وقلت " ليس الآن "
عند المساء كنت داخلا للقصر صعدت السلالم متوجها لغرفتي فسمعت صوتا يناديني قائلا
" مهلا صهيب "
التفتت فكانت ميس تقف عند بداية الممر عدت ناحيتها وقلت
" نعم يا ميس "
قالت بهدوء " هل صحيح أنك تشاجرت مع عمك وابنه من جديد "
قلت بابتسامة " صحيح ولن تكون الأخيرة فليقتلوني أو يفعلوا ما أريد "
نظرت للأسفل وقالت " أريد الذهاب لدبلن من جديد "
قلت " ولما "
قالت " عليا البحث عن المدعو مايكل "
قلت بعد صمت " لا داعي لذلك فلقد وجدته "
نظرت لي بصدمة وقالت " وجدته ولكن كيف "
قلت " بمساعدة الضابط جيمس لقد كنت هناك بداية الشهر وقد سحبنا منه المعلومات أيضا "
قالت " ومن دوني "
أمسكت وجهها وقلت " لن أعرضك للخطر يا ميس سمعتي "
هزت رأسها نفيا وقالت " لا هذا من حقي أنا وليس غيري ولو كان فيه موتي "
قلت بهدوء " ميس أنا أحبك ولن أرضى بأذيتك أبدا "
نظرت لي مطولا بصمت فقلت " لا تقولي كاذب أرجوك فأقسم أنها الحقيقة "
هربت من أمامي راكضة دون أن تعطيني أي أمل أو تقطعه ذهبت وخلفتني كالجدار لا يفكر
أبدا أن يغير مكان وقوفه وبعد وقت تنهدت وذهبت لغرفتي وأرسلت لها رسالة كتبت فيها
( أحبك يا ميس وأقسم على ذلك )
بعد وقت أرسلت لي
( طلبت مني أن لا أقول لك كاذب فليس لدي ما أقول )
ابتسمت وأرسلت لها
( أحبك يا قاسية وأنتي تعلمين ذلك جيدا ولن تكوني لغيري إلا على جثتي )
بعد أن صليت الفجر توجهت للصالة الرياضية الملحقة بالقصر وهوا مكاني
المعتاد يوميا في هذا الوقت وبعد حين سمعت خطوات تدخل الصالة تم تقترب
من الغرفة ثم دخلت فكانت ميس

























ميس






















سألت خالتي أين أجد صهيب ويكون وحده هنا , فقالت أنه يقضي ساعتين بعد الفجر
في الصالة الرياضية الملحقة بملحق القصر فتوجهت له فجر تلك الليلة دخلت المكان
فكان عبارة عن صالة كبيرة تحوي ملعبا صغيرا لكرة السلة وبنهايتها غرفتين أحداها
كانت مفتوحة ويخرج منها صوت رفع لثقل آلة رياضية وصوت زفير لأحد يحركها
وبالتأكيد هوا صهيب توجهت للغرفة ووقفت أمام الباب فكان هناك بالفعل يرتدي سروالا
رياضيا قصيرا حتى نصف الساق فقط ولا شيء من الأعلى
شعرت بالخجل من وجودي فقلت وعينيا أرضا
" آسفة يبدوا أنني اخترت وقتا غير مناسب "
جلس وأخذ منشفة ووضعها على كتفيه وظهره وقال
" ما الذي أخرجك في هذا الوقت وكيف علمت أنني هنا "
قلت " سألت خالتي عن مكان تكون فيه لوحدك فأخبرتني "
نظر لي بحيرة وقال " هل من مشكلة يا ميس "
قلت بعد صمت " أنا اشك بأحدهم وهوا وراء ما حدث لوالدي "
نظر لي مطولا تم قال " من "
قلت مباشرة " عمك جسار "
وقف وقال " عمي جسار ولما هوا تحديدا "
قلت " لأنه الوحيد الغير متضرر بفضيحة اختطافي ومن وراء هذه سيكون وراء
الأخريات فوحدهم أخوتك وأعمامك وجدك من يعلمون بالأمر "
نظر لي مطولا تم قال " وحامد وجهاد يعلمان أيضا "
قلت " جهاد لن يستطيع وحامد يستحيل ذلك فقد أفرجت عنه وشقيقته قالت أنه تغير
في كل شيء بقي إذا أعمامك وجدك فقط "
قال " ولما لا يكون عمي عاصم أو حتى جدي "
قلت بهدوء " لا اعلم أرى أنه وحده من وراء ذلك فحتى الكره في عينيه
وكلماته كان أكثر من شقيقه "
قال بشرود " ربما ليس هوا وإنما ..... ربما يكون ذاك يفعلها القذر "
نظر لي مطولا في صمت فقلت " لما تنظر لي هكذا "
قال وهوا يرتدي قميصه " لأنني استغرب من شيء "
قلت بحيرة " من ماذا من أن أتهم أحدهم "
قال بابتسامة " بل من أن تأتي إليا هنا "
قلت بضيق " ما تعني بذلك "
قال بذات الابتسامة " هل لأجل هذا فقط جئتي "
قلت بحدة وأنا أغادر الغرفة " يا لي من تافهة حقا وظننت أنك ستهتم للأمر "
لحق بي وأمسكني من يدي وقال " ميس انتظري أود قول شيء "
وقفت وقلت بغيض " ما الذي لم تقله بعد "
قال بهدوء " ميس ماذا عما حدثتك عنه البارحة قولي أي شيء "
نظرت له وقلت " هل أقول أي شيء "
قال بابتسامة " إلا كاذب "
تنهدت وقلت " صهيب ماذا تريد مني بالتحديد "
فعل حركته المعتادة وقرص خدي وقال
" هل تعلمي ما تفعلينه بي حين تذكرين اسمي إنك تصيبينني بالجنون يا ميس "
قلت بتألم وأنا أبعد يده " آآآآآآي متى ستكف عن معاملتي كالأطفال "
ضحك وقال " حتى تكبري "
تجاهلته وقلت بضيق " لم تجب عن سؤالي ماذا تريد "
اقترب من أذني وقال بصوت أشبه للهمس
" أريدك لي وحدي , زوجتي وحبيبتي "
ابتعدت عنه بضع خطوات وقلت
" وهل تعي ما ستكون عليه حياتنا إن تزوجتني فأنا لا أريدك "
قال بعد صمت " ميس ستتزوجين بي أحببت ذلك أم لا "
قلت بضيق " لماذا تريد الزواج بي قل الحقيقة "
تنهد بضيق وقال " أخبرتك مرارا لأني أريدك زوجتي "
قلت " فقط "
قال بتذمر " ولأنني السبب فيما يقال عنك "
قلت مغادرة " لذلك لن أتزوجك أبدا "


 


قديم 02-23-17, 01:07 PM   #12
حسين سلطان

الصورة الرمزية حسين سلطان

آخر زيارة »  10-15-23 (07:46 AM)
المكان »  البحرين
الهوايه »  القراءة والكتابة

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الجزء الثلاثون






















غيث





























لقد شق التغيير حياتي وصرت من محلق تحت سماء هذا العالم إلى نائم على سرير
في جناح الضيوف ياله من تناقض غريب ساقين مجبرتان وجسد متعب ورفيق جديد
ليس الشركات والسفر والأوراق والمستندات والعملاء بل رنيم الزوجة التي لم أكن
أراها إلا خلال وجبة من وجبات الطعام وسرير غرفة نومنا لتصبح هي عالمي
الجديد الذي أحلق به وخلاله فصارت قدماي اللذان تقودانني على الرغم من
شدة تعبها والأذنان التي تستمع إلي والعينان التي أرى بهما عالمي الخارجي حيث
لم يتمكن أي من رفاقي أو رجال الأعمال من زيارتي لوجودي داخل القصر بدلا
عن الملحق وأخوتي استلموا زمام الأمور مؤقتا
فحمدا لله أنني أقحمتهم أكثر في أعمالنا وشركاتنا طوال السنة الماضية وهذه السنة , لقد
علِمت عن رنيم الكثير بعدما وجدنا متسعا أكبر من الوقت لنقترب لبعضنا أكثر وتقترب
أفكارنا شيئا فشيئا لنكتشف فيما كنا نختلف وفيما نتشابه تحدثت لي كثيرا عن طفولتها
وعن مراهقتها لا أعلم هل هي تحاول بذلك طرد الملل عني أم لتقربني من عالمها أكثر
فأكثر واكتشفت أنني لم أعطي هذه الزوجة حقها في أن تشعر أنها شريكة لإنسان في
حياته كما اكتشفت أنها أنقى مما كنت أتصور ولا تجيد إخفاء ما يجول بخاطرها ولا
حتى كيف تبوح به
لقد أصبحت تصر على مساعدتي في كل شيء بعد أن أصبحت طريح الفراش بساقين
مجبرتين وهي ترفض مساعدة أخوتي لها إلا فيما تعجز حالتها الصحية عن فعله فوالدتي
أصبحت منهمكة في زيارات صديقاتها لها بعد سماع الجميع بالحادث لتصبح رنيم هي
من تعمل على راحتي حتى أنها تفتح الباب وتغلقه في اليوم عشرات المرات كلما جاء أحد
أخوتي لزيارتي أو لاستشارتي وأحظر معه كومة الأوراق
وفي النهاية اشترطت عليهم زيارة عمل واحدة لكل منهم لي في اليوم الواحد ووقت محدد
أيضا واتصالات هاتفية محددة ومنعتني من الرد على غير أخوتي , لتسبب قوانينها الصارمة
هذه ضيقا وإرباكا لهم جميعا وراحة كبيرة لي بالطبع
" رنيم اتصلي بأحدهم لن تستطيعي إسنادي للوقوف أكثر من ذلك لليوم "
قالت بضيق " هل اشتكيت لك يا غيث , ولا تقلق فعندما أعجز عن ذلك سأطلب
المساعدة منهم تأكد "
قلت بهدوء " ولكنك .... "
قاطعتني قائلة " أعلم لكني حامل ومتعبة وسيضرني ذلك "
ثم أمسكت بيدي وقالت
" هيا يا غيث لا تتعبني معك وتأكد أنه لا يموت أحد قبل يومه "
ساعدتني للوصول لحمام الغرفة والعودة كأغلب المرات وسندتني للسرير فتنهدت بألم فقالت
" هل تشعر بشيء يا غيث "
ابتسمت وقلت " لا تقلقي مجرد الآم بسيطة "
قالت مغادرة " سأقوم بوضع الكمادات على مواضع الألم سيساعدك ذلك كثيرا "
وغادرت من فورها كي لا أعترض أو أمنعها وبعد قليل دخل صهيب وهوا ينظر خلفه ثم
أقترب مني بسرعة وقال " جيد أنها تركتك قليلا اسمع هذا المدعو أحمد رافع يصر على
رؤيتك لهذه , لقد أتعب رأسي اليوم "
وقفت رنيم عند الباب وقالت " صهيب ماذا تفعل "
قال بتذمر دون أن ينظر للخلف " آه بربك رنيم هل تخرجين من الجدران أم ماذا "
اقتربت وأخذت منه الأوراق وقالت بغضب
" لقد انتهت حصتك لليوم منذ الصباح وهذه الزيارة انتهت أيضا "
قال برجاء " رنيم أرجوك الأمر مهم جدا "
قالت بحدة " ممنوع "
قال بضيق " ولما "
قالت " لأنكم جميعا تقولون ذلك ولن أسمح لكم أن ترهقوه أكثر ألا ترون أنه
لا يزال متعبا أرحموا شقيقكم قليلا حتى تتحسن صحته ولو بعض الشيء "
قال مغادرا بضيق " رنيم كان يفترض بهم تعيينك مديرة لنزل الطالبات "
ضحكنا كلينا ثم جلست بجانبي وقالت " غيث عندما ترى أن الأمر لا يمكن تأجيله حقا
فأشر لي بأصبعك هكذا ولا تقل أمامهم أنك من يريد ذلك لأنهم لن يرحموك بعدها أبدا "
أمسكت يدها وقبلت كفها بعمق ثم ضممتها في حضني وقلت
" شكرا لك رنيم , شكرا على كل شيء "
حضنتني بيديها برفق وقالت " أنت ........ "
وبترت جملتها كعادتها فقلت مبتسما " أنا ماذا "
غمرت وجهها في صدري وقال " أنت أثمن ما لدي يا غيث "
تأوهت بألم فابتعدت عني وقالت " آسفة هل تشعر بالألم "
ابتسمت وسحبتها بيدي لتتكئ على صدري وقلت وأنا أمسح على شعرها
" لا تقلقي حبيبتي أنا بخير "
جلست ثانيتا ونظرت لي بصدمة فقلت مبتسما
" حبيبتي وحياتي وزوجتي وأم أبني "
عادت للنوم على صدري في صمت ولم تتكلم


















رنيم























منذ مدة وأنا أعمل بنصيحة حور وأحاول أن أكون أكثر انفتاحا في الحديث مع
غيث كان الأمر صعبا في البداية ولكنه أصبح أكثر يسرا بالتدريج وبتشجيع حور
الدائم لي وها قد نطق الحجر أخيرا
كنت نائمة على صدره وأشعر أنني ملكت الدنيا بتلك الكلمات البسيطة التي تحتاجها
كل أنثى من رجل أصبح يعني لها الكثير , في هذه الفترة استطاع كلينا أن يكون
أقرب لقلب الآخر لعالمه لتفكيره وحتى لحضنه يبدوا لي غيث كما قالت حور لا
يعبر عما بداخله بسهولة وقد يكون ممن يرى الأفعال أهم من الأقوال لقد حدثني
عن أمور كثيرة عنه والماضي ليس من ضمنها طبعا فهوا يتجنب نبشه وأنا تجنبت
السؤال عنه
" رنيم هل نمتي "
ضحكت وقلت " بل أحاول السباحة للوصول لقلبك "
قال وهوا يلعب بشعري بين أصابعه " ولما "
قلت بهدوء " لأجمع المحار والعب على الشاطئ وأكتب على رماله اسمي وأعيش هناك للأبد "
قال بحنان " كيف تريدين الوصول هناك وأنتي فيه تعبثين بكل تلك الأشياء التي ذكرتِ "
ما أسعدني به اليوم يبدوا لي مخدرا أو ماذا , مؤكد ليس طبيعيا
جلست ووضعت يدي على جبينه وقلت " غيث هل تشعر بشيء "
ضحك بصوت متعب وقال " هل أنا جاف لهذه الدرجة "
قلت بخجل " آممم .. آه لا ... يبدوا لي أحيانا هههههه لا أعلم "
قبلني وقال " كنت اضن أنني أفعل أشياء تعبر عن ذلك "
ثم ضحك وقال " رنيم هل تذكري عندما تقابلنا هنا وكم تشاجرنا "
ضحكت وقلت " لو لم تكن متعبا الآن لضربتك لقد كنت تكرهني بجنون "
اتكأ برأسه للخلف نظر للسقف وتنهد بحزن وقال
" اعذريني فالأمر لم يكن يوما بإرادتي , فلك أن تتصوري أنك تكرهين الرجال حد
الموت وتجدي نفسك فجئه زوجة لأحدهم كيف سيكون شعورك "
قلت بهدوء " ولكن لما "
أغمض عينيه بقوة وكأنه يحاول طرد شيء من ذاكرته أو صور ظهرت أمام عينيه ثم قال
" رنيم لا تسأليني عن ذلك حبيبتي أرجوك "
نمت على صدره من جديد وقلت
" حسننا لن أسألك أبدا , فقط لا تفكر بي ذاك التفكير فأقسم أنك الرجل الوحيد في حياتي "
مسح على رأسي بصمت ليخبرني بصمته أن ذاك الأمر سيكون صعبا عليه الآن
































جود



























تماما أنا كالطفلة أحتضن دوما أمنياتي بشدة ليس لأنني أحبها ولا لكي أشعر بدفئها ولكن
لأنني أخشى أن تطير بعيدا عني ولا أجدها أخشى أن تسافر كما سافرت كل تلك الأميات
البعيدة وتركتني
( لم يعد للشوق حكاية غيرك أنتي ولا للحب فصولا غير فصول حبي لك ولا بداية إلا
معك ولا نهاية إلا بقربك حبيبتي )
كانت هذه آخر رسالاته إلي , لم يعد يصر على رؤيتي كما لم يعد يتحدث إلا عن كوني شيئا
سيئول إليه ويهدد ويتوعدني بالويلات إن صرت لغيره ولكن كيف أكون له ونحن يفصلنا
كل شيء كم هي معقدة قصتي معه ترى لما وضعه القدر في طريقي لما أنا من تحدث
معها دونا عن كل البشر هل ليسعدني يوما أم ليبكيني طوال العمر
" جود ما بك كالصورة على ذات حركتك منذ ساعة "
وضعت الهاتف من يدي وقلت " لا شيء رنيم فقط شردت قليلا "
جلست بجانبي ووضعت يدها على يدي وقالت
" جود ما الذي يشغل بالك هذه الأيام هل تعانين من مشكلة "
دخلت في صمت طويل فقالت " جود تبدين لي حزينة وأمر ما يشغلك "
قلت بهدوء " هل أخبرك ولا تخبرين أحدا ولا حتى زوجك "
قالت بتأكيد " ألا تثقين بي يا جود , أقسم لن يعلم أحد "
قلت بعد صمت " أنا أحب شابا أعرفه عن طريق الهاتف "
نظرت لي بصدمة مطولا ثم قالت " عن طريق الهاتف فقط , ألا تعرفينه "
قلت وعينيا للأسفل " لا .. لا أعرف عنه شيئا سوى حكاياته الحزينة "
قالت بحيرة " لم أفهم "
تنهدت وقلت " لقد اتصل بي رقم غريب منذ سنة وأنا منشغلة على بحر واعتقدت أنه
أحد أشقائه فأجبت في صمت فكان رجلا طلب مني أن أصمت واستمع إليه فقط دون
أن يعلم من أكون وبدأ يبث همومه لي وأمور لم يكن يحكيها لأحد لأنها لا تُحكى ثم .... "
قالت بهدوء " ثم ماذا يا جود "
حكيت لها عن كل شيء إلا ما أمنني عليه وهي الوصية وتفاصيل حكاية شقيقه تنهدت وقالت
" جود قد يكون خطأ ما أقدمت عليه كيف تحبينه وأنتي لا تعرفينه ماذا لو كان يكذب عليك "
قلت مباشرة " ولكنه طلب مني انتظاره وأكد لي رغبته الزواج بي كثيرا "
قالت بجدية " وأين هوا إذا "
قلت بحزن " لا أستطيع أن أقول لك كل شيء ولكن لديه ظروف صعبة الآن "
وضعت يدها على كتفي وقالت
" أتمنى أن لا تندمي على هذا يا جود وأن لا يجلب لك المشكلات "
ثم وقفت مغادرة وتركتني مع حيرتي التي كبرت أكثر مما كانت , وما هي إلا لحظات
حتى وقف زبير أمام باب المطبخ , وزبير هذا حكاية أخرى لقد أصبح لطيفا جدا معي عكس
السابق حتى أنني صرت أشك أن يكون طبيعيا يبدوا أنني ظلمته كثيرا بضني به سابقا
نظر إليا مطولا تم غادر في صمت وهذه إحدى عجائبه الجديدة النظر في صمت والمغادرة




































زبير































هذه الفتاة ستصيبني بالجنون لم أعد أتمالك نفسي أمامها ولا يهنأ لي بال إن لم أراها كل
حين لم أعد استطيع التحكم في مشاعري اتجاهها ولا أستطيع التحدث معها بعد أن علمت
مني عما أخفيه وعن حب شقيقي لحور فهي ستعلم بكل شيء حينها وقد تفضح أمري
توجهت حيث كان بحر جالسا ينتظر صهيب فجلست مقابلا له وقلت
" أين أنت يا رجل ظننت أنه لم يعد في الوجود سوى بحر المياه "
ضحك بهدوء وقال " وما تريد بي "
لا أريد شيئا فقط لا تأخذ هذه الماسة من هنا , قلت بابتسامة
" أريد أن تشبع عينيا بالنظر إليك طبعا "
قال صهيب وهوا يدخل " خذ حذرك يا بحر بعد قليل سيكتب فيك قصيدة "
قلت بضيق " وما شأنك أنت أيها الحسود "
ضحك وقال " هل أحسده عليك ألم أجد من أحسد "
تجاهلته ونظرت جهة بحر فجلس بجانبه وقال بحر
" ما بك جئت بي على عجل ولم تحدثني عما تريد في الهاتف "
قال صهيب بضيق " بحر ما بك يا رجل هل نحجز لرؤيتك "
اكتفى بحر بالصمت وأنا أكثر من يعذره ويفهمه فقال صهيب
" عوف ابن عمي جسار أرادني أن أحدثك في أمر مهم "
قال بحيرة " عوف , وماذا يريد مني "
قال صهيب " لا يريدك طبعا بل يريد شقيقتك "
نظر له بحر بصدمة بل أنا من كادت عينيا تخرج من مكانهما ثم قال
" شقيقتي !!! وما يريد بها "
قال صهيب بتذمر " ما بك يا بحر هل صرت بطيء فهم أم ماذا "
قال بنفاذ صبر " نعم بطيء فهم فهلا شرحت لي "
قال صهيب بهدوء " لقد رآها مع والدتي بالمصادفة وسألني عنها وأخبرني أن أتحدث
معك في الأمر ها ما قلت "
كل هذا كان يجري أمامي وأنا كالبركان الذي يحاول إخماد نيرانه بل كدت أقفز على
صهيب وأخنقه وأبحث عن عوف ذاك لأقتله
قال بحر بعد صمت كاد يقتلني به
" الرأي الأول لها هي ثم بعدها عليا السؤال عنه بنفسي "
قال صهيب " يعني !!! "
قال بحر " يعني أنه ليس وقت قول رأيي في الأمر "
قال صهيب مباشرة " إذا ستتحدث معها أولا "
قال بحر بهدوء " نعم ولكن ليس اليوم بالتأكيد "
حينها انفجر البركان الذي كنت أحاول إسكاته منذ وقت ووقفت قائلا بغضب
" لن يحدث ذلك أبدا "
نظرا إليا بصدمة فقلت " إن تزوجها عوف فسأقتله "
قال صيب بدهشة " زبير ما بك "
قال بحر " زبير أنت تعلم أن جود هي من رفضت صديقك وبمحض إرادتها "
خرجت من عندهم بضيق يسع لسكان الأرض جميعا وقلت بهمس
" لن تفهمني أبدا يا بحر لن تفهم , وأخشى ما أخشاه أن توافق جود لتخفف العبء عن
شقيقها كما فكرت أنا بذلك سابقا "
هل أحبها أنا كل هذا الحب ليأخذها عوف أو غيره وأنا أتفرج لن يحصل ذلك ولو تنازلت
عن حصتي في الميراث وخالفت أوامر والدي للمرة الأولى في حياتي , اتصلت بجود من
فوري فأجابت سريعا وقالت
" لما تتصل اليوم في غير وقتك المعتاد هل من مكروه "
حاولت أن أكون طبيعيا كي لا تشك بي وقلت وأنا أغلي من الدخل
" هل ستنتظرينني حقا هل ستكونين لي ارحميني وقولي أجل "
قالت بحيرة " هل حدث معك شيء أخبرني "
قلت " أجيبي الآن حبيبتي أرجوك "
قالت بهدوء " سأنتظرك حتما "
قلت " ومهما حدث ومهما تغير "
قالت بحيرة " أنا لا أفهمك اليوم حقا "
قلت بحدة " إن وافقت على الزواج بغيري قتلتك سمعتي "
ضحكت وقالت " كنت ستقتله هوا فما تغير الآن "
قلت بضيق " بلسم أنا لا أمزح "
قالت " حسننا حسننا ولما الغضب هكذا أنا لا أحتمل منك هذا الأسلوب "
قلت بهدوء " لا تكوني لغيري ولن أغضب منك أبداً "
قالت " ومن قال أنني سأكون لغيرك , لو أعلم فقط ما حل بك اليوم "
قلت بعد صمت " بلسم هل تحبينني هل أعني لك شيئا "
قالت مباشرة " وهل هذا سؤال تسأله لي وأنت من يعلم دوما إجابته "
قلت بهدوء " لا تنسي الوعد يوما يا بلسم لا تنسي ذلك ..... وداعا الآن حبيبتي "
ستكونين هنا تحت عيني ولن أسمح لأحد بالاقتراب منك أبداً



























حور
























تسعدني حقا كل هذه السعادة التي أراها في عيني رنيم فأحوالها وغيث في تحسن تلحظه
في ملامحها ها قد أصبحت وحدي من يتمنى الفكاك من تلك الوصية هل عليا أن أكون كرنيم
يا ترى وأغير رغباتي بما يتماشى مع ظروفي , ولكن كيف وبحر لا يترك مكانا شاغرا في
قلبي وعقلي وعينيا وكل شيء بل كيف سيكون ذلك و زبير لا يراني زوجة له ولا يرغب بهذا
التغيير, آآآآآآآه خرجت تلك التنهيدة حزينة مؤلمة من جوف جوف قلبي
قالت ميس بصدمة " حور ما كل هذا لقد كدت تحرقين الكعكة وهي جاهزة "
ضحكن جميعهن فتابعت قائلة " شخصين فقط كم أتمنى أن أدخل داخلهم لأعلم شيئا "
ضحكت رنيم بتعب وقالت " ومن هما "
قالت ميس " حور وبحر شقيق أبناء عمي "
سقط حينها من يدي صحن الكرز الذي كنا نزين به الكعكة وتناثرت حباته في
كل مكان وبدأت بجمعها في توتر وصمت
قالت جود بهدوء " أنا شقيقته لم أستطع يوما فهم ومعرفة خلجات بحر "
قالت ميس " يبدو لي يحمل هما كبيرا كما حور وكأنهما شخص واحد هههههه "
قلت مبررة " لا تخلطي بين الأمور يا ميس وتثيري الشكوك حولي أنا لدي طفولة لا يعلمها أحد "
نظرت لي باستغراب كما الجميع وقالت رنيم " هل مررتِ بطفولة قاسية يا حور "
تنهدت وقلت " لقد عشت سنوات من طفولتي لا يعلمها إلا الله فبعد وفاة والدتي تناقل أعمامي
تربيتي لديهم ورأيت ما لم أره في حياتي ضرب وسجن وكل شيء حتى التحرش "
شهقت جود ووضعت يدها على فمها وقالت " كل هذا وأنتي طفلة "
قلت بحزن " لقد كان عمري حينها أربع سنوات فقط عشت مع أحد أعمامي وكانت زوجته
تضربني دائما وتسجنني لساعات طويلة في الظلام وكنت أخاف الظلمة منذ صغري "
ارتجفت يداي وتابعت برجفة " لقد كنت أرى أشباحا غير موجودة ولا أستطيع الصراخ
ولا البكاء لأنها حينها ستقوم بحرقي بالنار "
ثم قلت وعيناي بدأتا بذرف الدموع " بعدها انتقلت لمنزل عمي الآخر وعمري سبع سنين
كانت زوجته تعاملني بجفاف لا تضرب ولا تسجن ولكن لا تهتم لأمري كان عمي يضربها
كثيرا وكان لهم ابن فاشل صعلوك يتحرش بي دائما وأسكنني الرعب منه طوال الليل حتى
عاد عمي راجي من سفره وأنا في الثامنة وأخذني معه لقد مرضت كثيرا وكانت تأتيني
الكوابيس في الليل وأصبت بمرض الرهاب لسنوات ثم تحول لانطوائية وعزلة "
توجهت جود ناحيتي وحضنتني وقالت
" يا الهي حور كم قاسيتي وكم تكتمين في قلبك حمدا لله أن عمك ذاك جاء لأخذك "
ابتعدت عن حضنها مسحت دموعي وقلت بحزن " لقد علمت يوم زواجي بزبير من عمي
راجي أن السيد شامخ رحمه الله هوا من أخبره عن ما كان يحدث لي وأنه حاول أخذي منهم
مرارا ولكنهم رفضوا فهم الأحق بتربيتي فأوصل ما يجري لي لعمي راجي الذي كان يعيش
في الخارج فجاء وأخذني معه لقد تلقيت العلاج النفسي لسنوات لأنني كنت أرى الكوابيس
وأصرخ طوال الليل ولكن الانطوائية هي الشيء الذي لم أشفى منه حتى الآن لذلك أنا لا أحب
الأماكن المظلمة ولا المزدحمة بالناس ولا أصادق أو أتحدث مع الكثيرين "
قالت ميس " أنا آسفة يا حور لم أكن أقصد أن أفتح جراحك "
قلت بابتسامة حزينة " لا عليك يا ميس أنا أعلم أن الجميلات هكذا دائما تعيسات انظرن
لأنفسكن فأنتن جميلات وكل واحدة منكن تظهر على ملامح وجهها التعاسة "
تنهدت جود وقالت " لقد قاسيت بسبب والدي كثيرا حرمني من دراستي ومن أن أفكر حتى
بالزواج من أحدهم وكان يضربني ووالدتي دائما ولولا بحر لكنا الآن نعمل في البيوت "
قالت ميس بحيرة " هل بحر من يقوم برعايتكم "
قالت بحزن " أجل ولا ينقصنا شيء أبدا وكل ماله ينفقه علينا ويعطيه لوالدي كي لا يضرب
والدتي أو أنا ومازن وحتى المنزل الذي نعيش فيه هوا من استأجره لنا ويدفع الكثير ثمنا له
ويرفض استئجار منزل بسيط ويجلب لي الهدايا والحلي وكل شيء "
ثم شهقت ببكاء وقالت " لو يصيب أخي بحر مكروه فسوف اجن وأقتل نفسي "
كان دوري الآن لحضنها والتخفيف عنها فتابعت ببكاء " كم أتمنى أن أعلم ما يحزنه لأزيله
عنه لو فقط أعلم من يكون والدها لركعت تحت قدميه ليزوجها إياه ليسعد في حياته ولو قليلا "
نظرت لوجهها وقلت بصدمة " من هي "
قالت بحزن " بعد أن أنهى بحر دراسته الجامعية أخبرنا أنه يريد الزواج بفتاة وبعد فترة قال
أن أهلها رفضوه وأنه لن يتزوج بغيرها وخطبها مرارا ودون يأس لقد حزن كثيرا وكان يخفي
ذلك عنا دائما تم تعايش مع الواقع ورفع فكرة الزواج من رأسه كما قال ولكن منذ أكثر من عام
عاد الحزن لبحر أقوى وأشد مما كان ولا أعرف لما , أقسم لو أعلم من يكونون أهل الفتاة
لترجيتهم كل عمري ليعطوها إياه "
نظرت لي رنيم فنزلت دمعة من عيني رغما عني وشهقت شهقة صغيرة ثم كتمت أنفاسي
كي لا يلحظوا شيئا فقالت ميس
" يا لا تعاسة البشر كل واحد منهم يرى أنه الأتعس حتى يستمع لهموم غيره "
تم تنهدت وقالت " منذ مات والدي تحولت طفولتي ومراهقتي وكل شيء في حياتي لهموم
مرضت والدتي واضطررت للعمل لأوفر لنا لقمة العيش وانهي دراستي , المدارس الإسلامية
هناك تنتهي عند مرحلة الإعدادية والانضمام لها صعب جدا وبعدها كان عليا الدراسة في
المدارس المحلية لديهم وكلها بنظام يتبع للكنائس لقد قاسينا كثيرا ونمنا من دون طعام لليالي
وبكيت حتى جفت دموعي وتحولت لحجر لا يبكيه أي شيء لأكتشف بعدها أن لدي عائلة
يعيشون في رغد الحياة وطردوا والدي وشردوه بلا رحمة ولا قلب فكرهتهم كرها أعمى "
تنهدت رنيم وقالت " ما هذه الجلسة الكئيبة التي جلسناها "
ابتسمت وقلت " يبدوا أنك وحدك من لم تعاني يا رنيم "
ابتسمت بحزن وقالت " بلى وحدي السعيدة بينكم فقد قتل والدي رجلا وتمت تبرئته ومات
بعدها مباشرة في الحرب وبقيت أعاني ويلات طالبين الثأر منه وعيشوني في الرعب طوال
حياتي وهددوني بكل أنواع التهديد حتى بالحرق والخطف وبالاغتصاب "
قالت جود بصدمة " وما ذنبك أنتي في ذلك يا رنيم "
قالت بحزن " لأنني ابنته ولأنه لا أحد له غيري فكنت ضحية ذلك "
قلت بهدوء " وماذا فعلتي حيال الأمر "
قالت " لقد أنهى غيث المشكلة ووقعوا على تعاهد بعدم المساس بي وانتهى الأمر أخيرا "
قالت ميس بأسى " اجزم أن هذه الكعكة أصبح طعمها سيئا ولن يأكلها أحد بعد الذي سمعته "
ضحكنا جميعا ثم نظرت لي رنيم وقالت
" جود تملك أيضا إحدى تلك الحروف يا حور أتمنى أن لا تقع ضحيتها أيضا "
ضحكت وقلت " وزوجة أديم المختفية كذلك لديها حرف الياء "
ضحكنا معا فقالت جود بحيرة " عما تتحدثان أنتما "
وقف حينها بحر عند باب المطبخ ونظر لجود وقال بهدوء
" جود أريدك قليلا من فضلك "
وقفت لتضع ما في يدها وكانت عيناي تدققان في ملامح وجهه وكأني أراه للمرة الأولى
فنظر إليا فخفضت بصري للأرض وغادرت جود ولحق هوا بها , لما لم يبتسم لي حظي
عندما خطبني لما , آه يبدوا أنه لن يبتسم أبدا

































الجزء الواحد والثلاثون





































ميس

























منذ ذلك اليوم وصهيب يتحاشى التحدث معي ولم يفتح موضوع الزواج ثانيتا يبدوا لي أنه
غير رأيه في الأمر أخيرا أو أن كلماتي أغضبته لقد زارنا اليوم المدعوتان بنات عمي لم
أرغب في رؤية أحد منهم ولكن خالتي و رنيم وحتى حور أكلوا رأسي أكلا ويصرون على
أن أقابلهم ماذا يريدان بي فأنا لا رغبة لي برؤية أحد من تلك العائلتين ولا أعترف بأقارب
والدي سوى عمي شامخ بعدما علمت من السيد جيمس والمحامي ما فعله لأجل والدي وكم
بحث عنا
فكان عليا النزول لرؤيتهم كم أكرههم وأكره وجودهم , والدتي معهم منذ وصولهم أمي هذه
ستصيبني بالجنون لا تترك ضيفة تزور زوجة عمي ولا تجلس معها رغم أنها لا تفهم مما
يقولون شيئا ولكنها في الاستقبال دائما حتى أنها بدأت بتلفظ بعض الكلمات العربية وتعلمتها
حبا في خالتي سماح هي طيبة حقا وتعاني من أنها لا تفهم والدتي , صحة أمي تحسنت كثيرا
ولم تعد النوبات تأتيها دائما بعد أن قام صهيب بالتكفل بعلاجها والسفر بها لأجل ذلك
نزلت للأسفل وتوجهت لمجلس الضيوف دخلت ووجدت خالتي ووالدتي و رنيم والفتاتان
الغريبتان اقتربت منهم فقالت خالتي
" تعالي يا ميس وتعرفي بنات عمك "
صافحتهما في صمت وجلست بعيدا كانت إحداهما تتحدث مع رنيم ويبدوا أن رنيم
تحبها كثيرا وحتى والدتي تحدثها ببعض الكلمات الانجليزية أما الأخرى فتبدوا مختلفة
عنها تماما تتحدث بضيق وتصمت أغلب الوقت , نظرت لي المدعوة علياء وقالت
" ميس هل ستدرسين هنا "
قلت ببرود " لا لن أدرس هنا أبدا "
قالت بابتسامة " ولكن لماذا سأكون سعيدة لو درستِ في جامعتي "
قلت ببرود أشد " لأنهي الثانوية أولا "
قالت الأخرى بضيق " ألم تكتفي بما يقال لك هناك يا علياء "
نظرت لها ببرود وقلت " معك حق فكيف تأخذ معها وصمة العار شخصيا "
قالت بابتسامة سخرية " لا يحتاج الأمر ذلك فقد هلت علينا المصائب في عقر دارنا بسببك "
قالت خالتي بضيق " زمرد توقفي عن ذلك واحترمينا وابنة عمك "
قلت بلا مبالاة " دعيها تخرج ما في جوفها لعلها ترتاح ابنة الحسب والنسب والعفة "
وقفت وقالت " أشرف من أمثالك "
وخرجت من فورها وتركتني أغلي كالبركان فقالت علياء
" آسفة يا ميس وأعتذر منك نيابة عنها فلا تكترثي لها أبدا "
وقفت وقلت بضيق " أخبرتكم مرارا أنني لا أريد رؤية أحد منهم وها قد جاءتكم النتيجة "
خرجت متوجهة للأعلى فوجدتها تقف مع صهيب كان موليا ظهره لي ولا يراني وهي كانت
منشغلة بالحديث معه اقتربت قليلا وسمعتها تقول
" انتظر قليلا يا صهيب أنت الوحيد الذي درس الأدب الانجليزي هلا ساعدتني أرجوك "
قال بصوت يملئه البرود " ليس لدي وقت آسف "
قالت بابتسامة عريضة " ومتى سيكون لديك وقت أنا لست مستعجلة "
تأفف وقال بضيق " زمرد ما الذي تريديه مني "
تغيرت ملامح وجهها وكأنها لم تتوقع منه هذا السؤال ثم قالت
" أريدك في أمر خاص "
قال " ماذا لديك قولي الآن "
قلت بنعومة وتغنج " ليس هنا لا يمكننا التحدث الآن أين أجدك لوحدك "
قال بضيق " لا أكون لوحدي أبدا فقولي ما لديك أو ارحلي "
قالت ببكاء مصطنع وغنج " ما بك قاسي هكذا يا صهيب "
ضحكت وقلت " مرحبا ببنات الشرف الآتي أشرف مني "
التفت لي صهيب بصدمة ونظرت هي لي بكره وقالت
" احترمي ألفاظك ولا تتهميني "
قلت بسخرية " أنا لم اتهمك أنا رأيت بعيني وسمعت بأذني "
قالت بضيق " وما شأنك أنتي بي ابن عمي وأتحدث معه ما علاقتك بالأمر "
كنت أعلم ما كانت تصبوا إليه من كلامها معه لذلك حان دوري لأخذ حقي منها
فقلت مقلدة لطريقتها في الكلام
" لأنه خطيبي يا آنسة "
نظرت لي بصدمة ثم له وكادت عيناها تقفزان من مكانهما ثم قالت
" هل هذا صحيح يا صهيب "
نظر لي تم لها وقال ببرود " ولما عليا توضيح ذلك لك "
قالت بحرقة " هل تخطب شريكة العصابات هذه التي شوهت سمعتنا وتترك بنات عمك "
قال بغضب " زمرد اختاري كلماتك جيدا أو حطمت لك وجهك هذا , ميس ابنة عمنا مثلكم
وأشرف وأنزه مما تعتقدي أو تفكري "
ثم أشار بأصبعه لباب القصر وقال
" أخرجي من هنا الآن ولا أراك في قصرنا أو أقسم أن أجرجرك من شعرك وقد سبق
وأقسمت أن أطرد من يتجرأ على إهانة ميس أمامي بسبب ما حدث "
قالت ببكاء وهي تغادر " هل تطردني من قصركم يا صهيب من أجلها أقسم أن أخبر جدي "
قال بصراخ غاضب لتسمعه " لست أهتم لك ولا لغيرك "
ثم صعد للأعلى دون أن يضيف حرفا واحدا ولا حتى أن ينظر إلي























أديم





























لقد تحولت حياتي لأيام جوفاء كما كانت عند وصولي إلى هنا فلا شيء سوى هذا
المنزل الذي لا يحوي غيري وذكرياتي وليان وبابه المفتوح الذي لا يدخل منه إلا
الشمس صباحا والرياح ليلا ولم تحمل لي أيا منهما زوجتي وابنتي ولا حتى خبرا
سارا عنهما , كيف تختفي هكذا , كيف تبلعها الأرض ولا وجود لها لما لا تأتي هنا
أو حتى للشركة لتسترجع وظيفتها لو أني فقط أجد حلا لهذا اللغز وكل ما أفعله أنني
أقوم بطرد الأفكار التي تخبرني بأنها قد تكون ميتة منذ شهور , لقد تركت لي فراغا
بحجم هذا الكون كم أشتاق لحديثها ولصمتها القليل جدا لابتسامتها لعيناها اللتان تشبهان
بحيرتان واسعتان ولكل شيء فيها
أنا أعرف ليان جيدا فهي تفضل الموت على أن تطلب شيئا من أحد فأين ستكون أين يا
ترى , ليان لماذا فعلتي هذا بي كيف فكرتي بأنني سأتركك في هذا العالم وحدك حتى
لو سُجنت طوال حياتي ما كنت لأتركها للشارع , آه ولكن ما كان يدريها بذلك وهي
تعتقد أنني لا أملك شيئا سوى وضيفتي
" أديم ما بك يا رجل هل جئت بي لأجلس أستمع لتنهيداتك وزفراتك "
قلت بضيق " إن لم يعجبك هذا يمكنك المغادرة يا خيري "
قال بلوم " وهل تظن أنني سأتركك بهذه الحال أنت لا تعجبني هذه الأيام أبدا "
مررت أصابعي في شعري وأنا ارفع رأسي للأعلى وقلت
" إن لم أجدهما فسوف أجن كيف تختفي هكذا كيف "
تنهد وقال " وما الذي بيدنا ولم نفعله لو كانت قشة لوجدناها "
نظرت له بحدة وقلت
" كيف تكون ضابطا في الاستخبارات ولا تجدها يالك من فاشل يا خيري "
ضحك وقال " زوجتك هذه جعلت حجمي كالبعوضة وتغلبت علي "
ضحكت وقلت "ولما لا تقل أنها أثبتت ذلك وليس جعلت "
نظر لي بضيق وقال
" بل أثبتت أن كل شعاراتك تلك عن الفقراء والأغنياء فاشلة "
نظرت له نظرة جانبية وقلت ببرود
" لا تتهرب من فشلك بتغيير مجرى الحديث "
ضحك وقال " بل أنت الذي تتهرب من الحقيقة بالعودة لنقطة البداية "
قلت بضيق " هيا هيا اجمع خردتك هذه وعد لشقتك "
ضحك كثيرا ثم قال " حسننا ولكن إياك أن تطلب مني المجيء ثانيتا "
قلت بضيق " رافقتك السلامة ولا تغلق الباب خلفك ككل مرة "
ضحك كثيرا ثم وقف مغادرا وقال
" لا تحلم أنك ستتخلص مني تصبح على خير "


































سماح










































لم يتحسن إلا حال رنيم وغيث وهذا وحده كفيل بجعلي أسعد كثيرا رنيم أصبحت في نهاية
شهرها الثامن الآن وبطنها أصبح كبيرا جدا حتى أنها تتجنب كثرة مقابلة أبنائي رغم لباسها
الواسع خصوصا بعد أن تحسنت حال غيث وتم نزع الجبيرة عن أحدى ساقيه وأصبح يتنقل
بحرية داخل القصر ويستقبل الضيوف الذين لا يتوقفون عن المجيء وما يدخل لحظة حتى
يستلمه أخوته بسبب الشركات والأعمال كم كان يحمل غيث من أعباء ولا ندري عنها إلا الآن
" خالتي هل رأيت جود إنني أبحث عنها منذ مدة "
قلت بقلق " لا لم أرها هل هناك شيء "
قالت بابتسامة وهي تجلس بصعوبة " لا شيء خالتي فقط كنت أود التحدث معها في أمر "
قلت بهدوء " تبدين لي متعبة جدا اليوم يا رنيم "
قالت بصوت متعب ونفس متقطع
" هكذا تكون حالتي دائما عند الصباح وسوف تتحسن فيما بعد "
قلت " حملك كان متعبا منذ منتصف شهوره فكيف سيكون الآن أعانك الله على الشهر القادم "
قالت بابتسامة " أصبحت اشك أن الذي بداخلي طفلا أحيانا أشعر أنه جرار "
ضحكت وقلت " رنيم يا ابنتي حركة الجنين شيء طبيعي "
قالت بتألم " وهل كل هذا الركل طبيعي أشعر أحياننا أنه سيمزق أحشائي ويخرج من معدتي "
ضحكت كثيرا وقلت " ابن والده كيف سيكون "
ضحكت وقالت " إنه يتحسسه كل حين ويشجعه على الركل أكثر وكأنه لا يعلم أنه يركلني أنا "
دخل حينها غيث مستندا بعكازه الطبي وقال بابتسامة
" ما بالكم وابني دعوه وشأنه يفعل ما يريد "
قالت رنيم بضيق " ألم أقل لك ذلك أخشى ما أخشاه أن يستمر هذا التشجيع بعد أن أنجبه "
جلس بجانبها وقال ضاحكا " هذا لكي يضرب شقيقته فيما بعد ويربيها "
قالت بضيق " أنت تهدي بالتأكيد هل تحلم أن أترك لكم ابنتي يا متوحشان "
ضحك ثم قال " أمي ما رأيك أنتي "
قلت بحدة " لن تُضرب فتاة لدي مادمت حية يكفيني ذكور وعنف "
قال بابتسامة " هل تعلمي يا رنيم ما كانت تقول والدتي حين كنا صغارا هههههه كانت
تصرخ قائلة لو أحبني الله لكنتم إناث على الأقل سأنتفع بكم "
قالت رنيم بضحكة " يبدوا أنكم كنتم مشاغبين جدا ومتعبين "
تنهدت وقلت " لن تتصوري ذلك يا رنيم كانوا سيخرجون لي قرونا في رأسي صهيب والكل
يشتكي من أنه ضربه وأديم يعظ إخوته دائما وكأن كلبا قد أرضعه من حليبه وغيث يضرب
كل من يقترب من أغراضه وزبير لا يترك شيئا في مكانه ويومي كله أركض والخادمات خلفه
وحده بحر من لم أتعب في تربيته "
دخل حينها صهيب وقال وهوا يقترب " أسمع اسمي يذكرونه بالخير ما هناك يا ترى "
ضحك غيث وقال " لو كنت بحر لصدقناك "
قال باستياء " ما هذه العنصرية يا أمي "
قلت بلا مبالاة " أنا لم أقل إلا الحقيقة فبحر وحده من ربيته وكأنني لم أربي
طفلا موجودا وكأني أعتني بدمية "
قال بضيق " إذا سوف أجمع أغراضي وأرحل "
ضحك غيث وقال " أفعلها سريعا أرجوك "
زفر صهيب بضيق ثم قال مغادرا " أنتم لم تروا شيئا بعد انتظروا أبنائي ليأخذوا بحقي "
ضحكت رنيم بعدما خرج وقالت " أنا لا أحسد زوجته على الركلات التي ستتلقاها من أبنائها
منه إن كان ابن غيث هكذا فكيف بابن صهيب "
قال غيث بابتسامة " وزيدي على ذلك أن تكون والدتهم ميس كما يريد هوا "
ضحكنا ثلاثتنا تم دخل زبير مستاء ويتبعه صهيب قائلا بغضب
" ساعة يا رجل وأنا انتظرك أين كنت "
تأفف زبير بضيق ولم يجب وهذا حاله منذ أيام انقلب للسوء فجئه
ثم دخل بعدهم بحر قبل رأسي بهدوء وجلس فخرجت رنيم عندما اجتمعوا فناداها غيث قائلا
" رنيم جهزي نفسك لنزور الطبيبة سيأخذنا بحر لها ومن ثم سنذهب لشراء كل ما سيلزمكما "
غادرت رنيم في صمت وجلس زبير وصهيب ثم قال صهيب
" بحر ماذا بشأن الموضوع الذي حدثتك عنه لو كانت قضية أمنية لاتخذتم قراركم "
قال بحر بهدوئه المعتاد " وما بك مستعجل هكذا "
قال زبير بضيق " بحر ألا ترى أن شقيقتك لا تزال صغيرة وقد توافق فقط لترفع عنك مسؤوليتها "
نظر له صهيب باستغراب وقال " ومن هذا الذي كان يوزعها على الجميع "
قال زبير بضيق أكبر " هذا فقط لأن عوف صديقك تلمعه له فلا تنسيا كلاكما ابن من يكون
وما ستعانيه جود من والدته وعمي وأبنائه "
قال بحر بهدوء " زبير لا أدري ما الذي يضايقك في الموضوع "
قال بصدمة " هل توافقن عليه يا بحر "
قال بحر بضيق " القرار لجود قبلي ثم أقرر أنا ولا شأن لأحد بذلك فهمتم "
غادر زبير متضايقا يتبعه صهيب قائلا " انتظر هل ستذهب لوحدك "
خرج حينها غيث فنظرت لبحر وقلت " ما الذي يضايق زبير في الأمر يبدوا لي مستاء جدا "
قال بهدوء شبه هامس " وأنا أيضا أعجز عن فهمه "
دخلت حينها حور وقالت " خااا .... "
ثم توترت كثيرا ونظرت للأرض وقالت بهمس " خالتي أين رنيم "
قلت بهدوء " إنها في غرفتها ستخرج برفقة غيث الآن "
قالت " هل سيذهبان للتسوق "
قلت " نعم "
قالت " هل غيث معها الآن "
قلت بهدوء " لا أعلم يا ابنتي "
قالت بهمس " شكرا لك "
ثم غادرت بهدوء فنظر لي بحر وقال " إلى متى سيسجن ابنك هذه المسكينة
يبدوا أنها تريد شيئا وستطلب من رنيم أن تجلبه لها "
قلت بقلة حيلة " لا أعلم ولا حيلة لدي "
قال بضيق " ابنك هذا لا يتصرف تصرفا عاقلا أبدا كم أخطأ والدي شامخ فيما فعل "
نظرت له بصدمة فوقف وغادر صامتا لو أعرف ما بينه وبين زبير ولما تتوتر
حور كلما رأته وما سبب ضيقه من كل أمر يضايقها , ترى هل .... لا يا الهي
هل تكون هي الفتاة التي حدثني عنها منذ سنوات لا تقوليها يا سماح لا تقوليها
وقفت وسرت باتجاه المطبخ ووجدت حور هناك جلست وفي ذهني ألف سؤال
والجواب واحد ولديها هي , تحدثت معها في أمور متعددة ثم سألتها إن كانت
عاشت كل حياتها هنا في العاصمة فعلمت منها أنها كانت تسكن في مدينة والد
بحر ذاتها ودرست في نفس جامعته فقلت
" يعني أنك درست في جامعة بحر نفسها "
توترت بشكل واضح ثم قالت " لا أعلم قد يكون ذلك أو أني درست بعد تخرجه "
لقد كان شكي في محله , يا ويل قلبي عليك يا بحر ألن يسعد هذا الشاب أبدا في حياته لقد
علمت الآن سبب كثرة تغيبه وسبب مرض حور الدائم وحزنها , شامخ لا بارك الله في
وصاياك لقد دمرت قلوب أبنائي جميعهم





















غيث





















بعد أن تحسنت حالتي كان عليا الخروج و رنيم للتسوق من أجل المولود , منذ مدة أقنعت
نفسي واقترحت عليها أن تذهب برفقة والدتي وأحد أخوتي لتشتري ما يلزمها ولكنها رفضت
ذلك وأصرت على أن تنتظر حتى أنزع الجبيرة ونخرج سويا لقد بدأ أخوتي بجلب ملابس عديدة
من أجل ابني كلما سافروا بعضها لغير سنه حين يولد وبعضها مضحك والكثير منها لا يليق بحديثي
الولادة وحده أديم من لازال حتى الآن يحضر ملابس الإناث ويكومها في جناحه كم أتمنى أن يجمعه
الله بهما في أقرب وقت
أصرت رنيم على جود وركبت رأسها هذه العنيدة حتى وافقت جود على المجيء معنا زرنا الطبيبة
ثم ذهبنا للسوق تركنا بحر هناك وغادر اختارتا محلا كبير جدا متخصص بملابس الأطفال ومستلزمات
الولادة لكي لا يتعباني في السير وبدأتا بالتنقل في كل ناحية كالنحلتين جود تجر رنيم لتسرع وترى ما
وجدت و رنيم تتبعها بتعب كانتا مضحكتان حقا فالنساء ينسون أنفسهن عندما يدخلن الأسواق
وقفت عند إحدى القطع وناديت على رنيم فجاءت وقلت لها
" انظري لهذه إنها رائعة "
ضحكت بتعب ثم قالت " آآآي غيث أرجوك ما هذا هل ستلبس ابننا بذلة رجال الجيش هذه "
قلت بضيق " وما في هذه القطعة لا يعجبك "
قالت بابتسامة " غيث المولود يكون لحمة طرية يصعب حتى إمساكه كيف سنلبسه هذه , يبدوا
أن أخوتك قد أثروا فيك بما جلبوه "
قلت بضيق " وما في الذي اشتريتماه ما ينفع إنها تبدوا كملابس المتسولين "
ضحكت وقالت " كل المواليد يرتدون تلك إنها خفيفة ومريحة "
دخل عندها للمحل شابان وحدهما على غير العادة فمثل هذه الأمكنة تدخلها السيدات وحدهن
أو رجال بصحبة زوجاتهن كبتت مشاعر الضيق بداخلي ففي كل الأحوال أنا صرت أعرف
رنيم جيدا نظرت رنيم لهما ثم لجود ونادتها قائلة
" جود هيا لنغادر "
قالت جود مقتربة " ولكننا لم ننتهي بعد "
قالت رنيم بهدوء " لقد اشترينا أغلب الأشياء والباقي ستحظرينه أنتي أو خالتي فيما بعد "
ثم نظرت لي وقالت " اتصل ببحر لنغادر "
قلت بعد صمت " تابعا تسوقكما وأنهيا ما تريدانه أولا "
قالت معترضة " لقد أخذنا كل الضروريات والباقي سنشتريه فيما بعد "
حاسبت البائعة وخرجنا بكومة أكياس وحظر بحر سريعا لحسن الحظ فأقترح أن
نذهب لمكان للتنزه فأثنيت على الفكرة لأن رنيم تحتاج للمشي كثيرا واقترحت عليهم
أن نذهب للبحر فأنا أعلم جيدا أن بحر يحفظ كل شبر في ذاك المكان وسيختار لنا
مكاننا هادئا ومناسبا وكان كما توقعت تمشيت برفقة رنيم بصعوبة طبعا وجلس بحر
وجود عند الشاطئ
" غيث دعنا نعود ونجلس سوف يتعبك المشي كثيرا "
قلت " حسننا ويمكنك المشي برفقة جود وسنجلس أنا وبحر هناك "
سرنا بضع خطوات ثم قالت " كم المكان هادئ وجميل هنا ليتنا أحضرنا حور معنا "
ضحكت وقلت " وهل هناك من تخرج مع زوجها وتجلب الجميع معها "
ضحكت وقالت " يا لي من عديمة رومانسية حقا "
ضحكنا سويا ثم قالت " ما أن تشفى سنعود إلى هنا سويا "
قلت بابتسامة " بالتأكيد وشامخ الصغير معنا أيضا "
وصلنا عند بحر وشقيقته فقالت رنيم " جود هيا تعالي لنتمشى معا "
وقفت جود وغادرتا وجلست بجوار بحر فقال بهدوء
" يبدوا لي أنك و رنيم قد تجاوزتما خلافاتكم "
قلت بعد صمت
" لا شيء يبقى على حاله يا بحر فإما أن تتعايش معه وإما أن تتخلص منه "
قال بهمس " محق إما أن تتعايش أو تتخلص أو تهرب "
نظرت له في حيرة ثم قلت " ما بك يا بحر ما الذي تخفيه عن الجميع "
نظر لعرض البحر وقال بحزن " إنها حور يا غيث "
قلت بصدمة " حور ما بها "
قال بذات النظرة والنبرة
" إنها هي الفتاة التي كنت أحب وخطبتها ورفضني عمها منذ خمس سنين "
ألجمتني الصدمة عن الحديث وكأنه صفعني بيد من حديد فقلت بعد صمت
" حور "
نظر لرمال الشاطئ تحته وقال بحزن " نعم حور رفضني ووافق على زبير ودون تردد لقد
قتلني يا غيث قتلني ولا زال يفعل ذلك كل يوم "
هززت رأسي وكأنني أريد رمي كل ما سمعت منه خارجه وقلت
" مستحيل كيف يحصل معك كل هذا , ولكن هل زبير يعلم "
قال بهدوء " لا أعتقد ذلك ولا أريد أن يعلم "
قلت بأسى " سحقا لتلك الوصية لماذا هي تحديدا لماذا "
قال بألم " لأتعلم درسا قاسيا اسمه لا تفرط فيما لديك كي لا تراه عند غيرك "
قلت بهدوء " ولكنه هوا من رفضك وأنت لم تفرط فيها "
ابتسم بحزن وقال " ولكنني هربت بعيدا وتركتها ولم أخرج بحل آخر من تحت الصخور "
قلت بحيرة " هل كان والدي على علم بذلك "
قال بهدوء " لا أعتقد ذلك فهوا لم يجد عمها إلا بعد سنة مما حدث وأنا لم أخبره أنه زوج والدتي "

آه ليتك لم تبث همك لي يا بحر ياله من جبل هذا الذي تحمله على كتفيك يا أخي وكأنه
ينقصك هموم قلت بهدوء
" أنا استغرب أن تتحدث معي في الأمر يا بحر هذه ليست عادتك "
قال بحزن " أخبرتك بذلك لتعلم أنه ما أن يتركها زبير سأتنازل عن نصيبي وسأتزوجها أو
أموت سعيا من أجل ذلك ولن أقف متفرجا مرة أخرى "
قلت بحدة " هل تعي ما سيقوله الناس عنا حينما يطلق أحدنا زوجته ليتزوجها شقيقه بعده على
الفور ثم وعائلتك كيف ستصرف عليهم "
قال بألم " لن أفرط فيها لو صارت حرة يا غيث ولو أفنوني من البلاد ونمنا على رصيف الشارع "
اقتربت حينها رنيم وجود ووقفنا مغادرين للمكان بعدما حملني بحر هما بحجم شبيهه الذي تركناه خلفنا



























صهيب

































ذهبت باحثا عن ضالتي حتى وجدته أمسكت به من ثيابه ووجهت له لكمة على وجهه حتى
نزف انفه ثم زدته الثانية وقلت " أنت يا أنيس أنت من فعلها أليس كذلك "
قال بغضب " عما تتحدث أنت "
قلت بصراخ وأنا أشد عليه أكثر
" عن الفضيحة أتحدث عن ميس وخبرها في الجرائد تعلم عما الآن "
قال " لا أعم أتركني وشأني "
لكمته الثالثة فهوى أرضا نزلت عنده خنقته بيد واحدة من رقبته حتى تغير لون
وجهه وقلت بغيض " ستعترف الآن أو قتلتك "
أفلته حين وصل أقصى درجات التحمل ثم سعل وقال
" تقتلني يا صهيب من أجل فتاة "
ركلته وقلت بغضب " وأقطعك أيضا إنها ابنة عمك يا حثالة شرفك وسمعتك ألا تفكر فيها ألم
تجد طريقة أخرى لتنتقم مني بها غيرها "
قال بسخرية " هذه بتلك يا صهيب "
ركلته بقدمي مرات ومرات حتى تعبت ثم رفعته من ثيابه وقلت بغيض من بين أسناني
" ليس غريبا هذا عن الأنذال أمثالك وسترى ما سيحل بك أما ميس فستكون زوجتي وخطتك
فشلت بل خدمتني خدمة العمر أما أنت فحسابي معك عسيرا "
ثم رميته على الأرض وغادرت































الفصل الثاني والثلاثون



































زبير





























لا يعلم بحر أي سكين يضربني به كلما قال أن جود هي من يقرر وها هي لم تقرر حتى الآن
ولم تخبرني عنه أيضا فما معنى هذا , كل ما أخشاه أن توافق عليه من أجل بحر وما الذي
يجعلها لا توافق ولست سوى شاب تعرفت عليه عبر الهاتف لا تعرف عنه شيء ولا حتى
اسمه ومرهون بوصية لا أحد يعلم متى يمكنه الفكاك منها ولديها مشاكل لا حل لها سوى أن
تتزوج , لم أكرهك يوما يا عوف لكنني الآن أتمنى أن أقتلك وسأفعلها لو أطرني الأمر لذلك
فلن يأخذها مني أحد كائنا من كان
دخلت القصر وكانت المفاجئة في انتظاري عوف يقف مع جود في الحديقة ويتحدثان
اقتربت منهما فغادرت من فورها نظرت له بكره وصمت فقال
" مرحبا زبير "
قلت بغيض " هل لي أن أعلم ما الذي تفعله هنا "
قال بتوجس " ليست هذه المرة الأولى التي أزور فيها قصركم يا زبير "
قلت بغضب " ولكنها الأولى التي أراك فيها تقف مع أحدى نساءه ولوحدكم , هذا إن كانت الأولى "
قال بضيق " لا أسمح لك أن تتهمني هكذا يا زبير وأن تتهم جود "
قلت والنيران تشتعل وتخرج من جوفي " رائع ومنذ متى رفعت الكلفة هنا "
قال بحدة " أنا لم أخطأ بشيء لقد تحدثت معها في أمر يخصنا أمام الباب وعلى مرأى من الجميع "
قلت بصراخ غاضب " أقسم إن رأيتك تقف معها حطمت رأسك يا عوف ولن يرحمك مني أحد
أنت طلبتها من شقيقها وعليك أن تنتظر الجواب منه تفهم , ولا تحاول إقناعها أو قتلتك "
تخطاني وقال مغادرا " عجبا هل ستتحكمون بها لأنها تسكن لديكم ولكن حديثي ليس معك "
لحقت به وأمسكته من ثيابه وقلت مهددا إياه
" إن علم بحر بشيء مما دار بيننا فلن تحلم بها مادمت أنا على وجه الأرض تفهم "
ثم أفلته فغادر غاضبا وقلت من بين أسناني
" ولن تحلم بها في كل الأحوال "
دخلت والنيران لا تزال تلتهب وتلتف حول جسدي كالإعصار فقابلت جود في طريقي حاولت
كبت جماح غضبي كي لا يتكرر ما حدث في السابق فبحر حينها لن يتركها لحظة هنا وقلت
" جود ماذا كان يريد منك عوف "
قالت بعد تردد وتلكك " طـ طـــلب أن يعرف رأيي في أمر "
زفرت بقوة وقلت " وماذا قلتي له "
نظرت لي في حيرة واستغراب فقلت بحدة " جووود "
ارتجفت بخوف وقالت " اقسم أنني لا أعرفه هوا من تكلم معي "
تنفست بقوة وقلت بهدوء
" جود لا تفهميني خطأ وتغضبي مني كالسابق لكن ما كان عليك الوقوف معه "
أخفضت رأسها وقالت " آسفة ولكنه هوا من استوقفني "
قلت بجدية " هل أنتي موافقة على الزواج به "
نظرت لي بصدمة فقلت بتوتر " أعني إن كنتي وافقتي ..... أو إن كان رأيك ..... "
تبا لك يا زبير ألم تعد تعرف كيف تنتقي الكلمات غادرت وتركتها واقفة وخرجت من القصر
برمته تجولت في الشوارع لساعات وأنا لا أرى شيئا أمامي ثم ذهبت لصديقي جبير طرقت
الباب ففتح لي شقيقه الأصغر وقال بابتسامة طفولية
" مرحبا عمي زبير هل أحضرت لي الشكولاته "
حملته بيدي ووضعته على كتفي وقلت
" أنت تعلم أن جبير يغضب من أكلك لها كثيرا سأحضرها فيما بعد حسنا "
قال بحزن " لاااااااااااا أنت لا تأتي من دونها أبدا "
أنزلته وقلت " في المرة القادمة سأحظرها أعدك بذلك "
نظرت لي فتاة من فتحة الباب بخجل كم أحب هذه الطفلة ابتسمت وقلت
" هناك أميرة صغيرة تختبئ خلف الباب متى ستظهر يا ترى "
خرجت ببطء وقالت " الشيكولا "
ضحكت وقلت " هل أصبحت رمزا للشكولاتة هنا "
" هههههه أنت السبب في ذلك "
كان هذا صوت جبير نازلا من الأعلى فقلت بابتسامة
" ولما تمنعني من إحضارها إذا "
قال بذات الابتسامة " لقد زرنا طبيب الأسنان مرتين متتاليتين بسبك هذا الشهر "
نظرت لهما وقلت " إذا سنغيرها بشيء آخر ما رأيكما "
قال أمجد بضحكة " الحلوى إذا "
قال جبير بجدية " والحلوة ممنوعة أيضا "
قفزت ملاك وقالت " إذا الدمى "
ضربها أمجد على رأسها وقال " غبية ما نريد بالدمى "
ركضت باتجاه غرفتها باكية ولحق بها جبير بعد أن وبخ أمجد , مسكين جبير يرفع كل
هذه المسئولية لوحده وحتى الفتاة التي يحب تخلت عنه في هذه المحنة
خرج وقال بغضب " إلى غرفتك يا أمجد "
غادر أمجد فقال بضيق " أكاد أجن منهما "
ضحكت وقلت " أحمد الله أنهما اثنين فقط "
تنهد وقال " اثنين ولكنهما بعشرة , وكما تعلم فالكثير من الأمور لا تعرف التصرف فيها إلا
النساء وكم أخشى أن يكون اختياري سيئا فأضر بهما "
قلت بهدوء " ولهذا لم تختر واحدة بعد "
قال بحزن " هذا بعض من كل "
قلت بيأس " إذا لم تنسى تلك الفتاة بعد "
قال وهوا يضع يده على كتفي حاثا لي للدخول معه
" كل شيء يأخذ وقته يا صديقي "
قلت بمرح " وما رأيك أن أبحث لك عن واحدة "
قال بضحكة " كالسابقة "
ضحكت وقلت " لا فلن أقول لك عنها حتى أعرف رأيها وبالنسبة
لشقيقة بحر فأنا من أفسد الأمر "
جلس وقال بصدمة " أنت من أفسده "
قلت بابتسامة " ودون قصد طبعا ولكني خيرا فعلت "
قال بحيرة " ولما هل اكتشفت عنها شيئا سيئا "
قلت مباشرة " لا على الإطلاق ولولا أسبابي لسعيت حتى حفيت
لأزوجك بها إنها الماسة يا جبير "
قال بمكر " جيد سأطلبها من شقيقها إذا "
قلت بحدة " أحذرك من فعلها سمعت "
ابتسم وقال " لقد وقعت يا صديقي ما قصتك معها "
تنهدت وقلت " قصة معقدة ككل قصصي "
قال بحيرة " لما لا تحكي لي ما تخفيه يا زبير تلك ليست عادتك "
قلت بأسى " لا أستطيع ذلك الآن في المستقبل ربما "
قال بعد صمت " وماذا عن زوجتك إنك متزوج يا رجل "
تنهدت وقلت " وتلك قصة أخرى دعنا منها الآن "
قال بضيق " لا أعلم ما الذي غيرك عني فجئه ولكن لا بأس فلكل واحد منا ظروفه "
ضربته على كتفه وقلت " عليا أخذ شقيقك في نزهة الآن بدلا عن الشيكولاتة ورفعا
لمسئولية النزهات عنك كما اتفقنا "
قال بابتسامة " لا أعرف كيف أشكرك يا زبير "
قلت وأنا أقف مغادرا " لا تشكرني حتى نجد لك عروسا مناسبة "
خرجت وقلت مناديا " أين هما الشقيان فسنذهب في نزهة الآن "
خرجا من فورهما ركضا وكأنهما كانا خلف الباب وتعلقا بساقي وكأنني سأطير بهما
عند المساء اتصل بي صهيب وكما توقعت كان يصرخ ويزمجر فقلت له مختصرا الأمر
أن ما فعله عوف سيجعل جود تطر للموافقة من أجل بحر فأغلق الخط مستاء وها أنا
ليس لدي إلا الغليان والانتظار

























جود


























عليا أن أتحدث مع بحر لأعطيه رأيي في الأمر كم أشعر بالحيرة حيال الموضوع فعليا أن
أفكر في شقيقي ولا أكون أنانية وأنتظر السراب ولكني أحب ذاك الشاب حقا , آه يا جود وهل
له أي وجود حتى أنك لا تعرفين اسمه ولا شكله ولا متى تنتهي ظروفه تلك , كم أشتاق لوالدتي
ومازن فلم أرهم منذ أشهر سامحك الله يا والدي
" جود هلا تحدثنا قليلا "
نظرت للواقف وصدمت بأنه صهيب فسكتت مطولا ثم قلت بتلعثم
" أ أ أنا "
قال بهدوء " نعم قليلا فقط لو سمحتي "
قلت بتوتر " نعم هل من مكروه "
نظر لأصابعه ثم قال " بشأن عوف أعطني رأيك في الزواج به ولن يعلم أحد ولا
حتى بحر ولا زبير وسأقف معك مهما كان قرارك أعدك بذلك "
قلت بحيرة " وما شأن زبير بذلك "
قال بهدوء " لقد تشاجر مع عوف وهدده لأنه رآك تقفين معه وسبق أن تشاجر مع بحر أيضا "
قلت بدهشة " ولما يتشاجر معهما "
قال بلامبالاة " لا أعلم ربما بسبب رفضك لصديقه , قولي ما رأيك "
تنهدت وقلت " أنا غير موافقة "
قال بجدية " إذا سأتحدث معه لينتهي الأمر دون علم أحد حسننا "
قلت بهدوء " ولكن لما تفعل ذلك "
قال مغادرا " لأنني لا أريدك أن توافقي من أجل بحر لن أرضى بأن تظلمي
نفسك , تلك هي طبيعتي "
التقى هوا وميس داخلة فتخطاها وخرج نظرت لي في حيرة فقلت بتوتر
" ميس لا تستعجلي في الحكم علينا "
ضحكت وقالت " ما بك خائفة هكذا "
تنهدت بارتياح وقلت " حسبتك ستفهمين الأمر خطأ "
قالت بهدوء " لا لم أفكر في شيء من ذلك ولكن فيما كنتما تتحدثان "
قلت بحزن " مشكلة كنت أبحث لها عن حل دون علم بحر وحمدا لله أنه خرج لي
ليحلها كم هوا رائع خطيبك يا ميس "
قالت بضيق " أنتي أيضا خطبتني له "
قلت بجدية " ميس ستكونين غبية لو أضعته من يدك "
جلست وقالت بلا مبالاة " هوا لم يعد يهتم للأمر على كل حال "
جلست أمامها وقلت " ماذا حدث بينكما "
قالت ببرود " لا شيء ولا أعلم ما به ولم أسأله "
وقفت وقلت مغادرة
" ميس بعض الأشياء لا نعرف قيمتها إلا عندما نخسرها تذكري ذلك جيدا "
توجهت لغرفتي أمسكت الهاتف وحاولت الاتصال به مجددا ودون جدوى هوا لا يجيب
على اتصالاتي مند مدة ولا أعلم ما به أرسلت له رسالة وكتبت فيها
( أعلم أنني لم أعد أعني لك شيئا ولكن أخبرني أنك بخير على الأقل )
أرسل رسالة وفيها ( أنا بخير )
أرسلت ( لماذا أنت غاضب مني )
ولكنه لم يجب لا اذكر أنني قلت شيئا يزعجه مني هكذا , تركت الهاتف وخرجت فتقابلت
وزبير نظر للجانب الآخر وغادر في صمت لا أعلم لما هذا أيضا غاضب مني ما ذنبي أنا
إن أوقفني ابن عمه وتحدث معي
المشكلة أنه لا يمكنني التحدث مع بحر في الأمر كي لا يغضب كما في السابق




























صهيب





















" لا أحد يمكنه مساعدتي هناك غيرك يا عوف "
قال بتردد " ولكنه والدي كيف افعل ذلك "
قلت بحدة " أقسم إن كان والدي لفعلتها دون أن أتردد "
قال بهدوء " وما يدريك أنهما هما وراء ذلك "
قلت بجدية " هناك أمور علمتها جعلتني أشك بالأمر "
قال بحذر " ما هي "
قلت بضيق " هل عليا قولها لك "
قال بجدية " إن لم تخبرني وتقنعني فلن أساعدك "
تنهدت وقلت " تحصلت على معلومات من رجل أيرلندي تفيد بأن رجلا عربيا وراء تهمة
عمي نبيل هناك فتحريت عنه وكان من هنا وكان يعمل لدى جدي في الماضي "
قال ببرود " وهل هذا يعني أن والدي أو وعمي وراء ذلك "
قلت بضيق " إنسا الأمر يا عوف "
قال بحدة " وما بك هكذا متسرع في الحكم عليا يا صهيب "
قلت بغضب " لأنك وعلى ما يبدوا لا تريد مساعدتي ولا تصدقني حتى "
قال بهدوء " لن أفعل ذلك بوالدي أبدا ومهما كان "
وقفت وقلت بغضب " وترضى أن يفعل ذلك بعمك البريء أليس كذلك أنظر كم عانى
بسببهما وكم عانت أسرته لقد خذلتني يا عوف "
صرخ غاضبا " لو كنت مكاني ما كنت لتفعل ذلك بوالدك ثم أنت ليس لديك دليل قاطع حتى الآن "
قلت مغادرا " أقسم إن كان والدي لسجنته ولن أترك حق أحد يضيع أمام عيني "
غادرت مغتاظا وتوجهت من فوري للقصر فلم يبقى أمامي إلا حل واحد أخير بحثت عن رنيم
وعلمت أنها في جناحها وغيث فاتصلت به لأستأذن للدخول فتحت لي باب الجناح دخلت وقلت
" مرحبا رنيم كيف حالك "
قالت وهي تتحدث بصعوبة " بخير لو أن ما جئت به في هذه الساعة لا يسبب التعب "
ضحكت وقلت " ولما أنتي خائفة هكذا "
دخلت الغرفة ألقيت التحية وجلست بجوار غيث وقلت مازحا
" أشك أنك قد تعافيت وتفعل هذا لأنك استحليت خدمات رنيم وتدليلها لك "
ضحك وقال " ومن شر حاسد إذا حسد "
قلت بضيق " لما يتهمني الجميع بالحسد هنا يا لكم من عائلة "
دخلت رنيم وجلست بعيدا فضحكت وقلت
" رنيم لقد ذكرتني بيوم فتحنا الوصية وجلستي مبتعدة عن الجميع لكن القذيفة طالتك أينما كنتي "
ابتسمت وقالت " لا تذكرني بذلك اليوم أرجوك "
قال غيث بضيق " تقولينها أمامي يا رنيم وأنا من أصبح يحب تلك الوصية "
ضحكت وقالت " الآن شيء وذاك اليوم شيء آخر "
قال بأسى " لقد صدمتني حقا "
ضحكت وقلت " هيا ما بكما لا تتشاجرا بسببي "
وقفت رنيم فقلت " أين ستذهبين يا رنيم أريدك في أمر "
نظرت لي بخوف وقالت " بالله عليك يا صهيب إن كانت مصيبة فاتركها حتى ألد "
ضحكنا كلينا وقال غيث " هي جربت ذلك سابقا فأجل الأمر إن كان سيئا "
قلت بابتسامة " لا ليس سيئا لك ولا لأحد منا "
قالت " إذا سأحظر لك العصير "
قلت بسرعة " لا شكرا يا رنيم دعينا نتحدث قليلا وسأغادر "
جلست مكانها فقلت
" بالتأكيد لدى والدتي رقم هاتف علياء ابنة عمي عصام هل تتحدثين معها "
قالت بحيرة " علياء ولكن لما "
قلت بجدية " الموضوع مهم ويخص عمي نبيل ووحدها من يمكنه المساعدة "
قال غيث " ماذا هناك يا صهيب "
حكيت لهما كل ما علمت فأمسكت رنيم رأسها وكادت تتهاوى من الكرسي وقالت
" يا إلهي ما كل هذا "
وقف غيث وتوجه ناحيتها يجر ساقه المجبرة دون عكاز وقال
" رنيم هل أنتي بخير ما هذا الذي فعلته يا صهيب "
قلت معتذرا " آسف ما كنت أقصد ذلك "
قالت بتعب " لا عليكما إنه دوار بسبب انخفاض الضغط وسيزول حالا "
جلس غيث بجانبها وقال " هل أنتي متأكدة "
قالت " أجل ولكن ما علاقة علياء بذلك "
قلت بهدوء " أريد أن تبحث لي بين أوراق والدها "
قالت " وهل تظن أنها ستوافق "
قلت " إما أن تفعل أو تتكتم عن الأمر هلا ساعدتني يا رنيم فكما علمت من والدتي
هي تستلطفك كثيرا وقد أصبحتما صديقتان "
قالت بحيرة " وكيف ستساعدك إنه والدها "
قلت بجدية " هوا ضربها لأنها دافعت عن حق ميس ووالدتها فهذا يعني أنها ضد ما يجري "
قل غيث " ولكن ذاك شيء وأن تشي بوالدها أمر لن تقبله أبدا "
قلت واقفا لأغادر " لنجرب إذا ولن نخسر شيئا "
قال غيث " ستخسر إن أطلعت علياء والدها على ذلك "
قلت بلامبالاة " فليفعل ما يحلو له "
قال بحدة " هل تعي ما ستفعل يا صهيب إنهم أعمامك أمام الناس مهما حدث "
غادرت في صمت , ما كان عليا أن أتحدث معها في وجوده على كلن لن أتوقف عند هذا الحد
وسوف ابحث عن غيرهما صعدت لغرفتي فوجدت ميس تقف مستندة على جدار الممر تجاوزتها
في صمت فقالت بهدوء " صهيب "
التفتت لها وقلت " نعم "
قالت بعد صمت " ماذا حدث بشأن قضية والدي هل من جديد "
قلت ببرود " لا جديد حتى الآن "
نظرت لعيناي قالت " لماذا أنت غاضب مني "
قلت بذات البرود " ومن قال أنني غاضب منك "
نظرت للأسفل وقالت " تصرفاتك تقول "
قلت بضيق " أنا لا أفهمك حقا يا ميس ما الذي أفعله ليعجبك "
غادرت راكضة فلحقت بها وأمسكتها من ذراعها كانت تحاول إخفاء وجهها عني فلففتها
حتى أصبحت مقابلة لي ورفعت وجهها بيدي فصدمت لثواني ثم قلت
" ميس لما تبكي "
ركضت ودخلت غرفتها وتركتني جامدا في مكاني , ميس التي لم تبكيها أعتا المصائب وأوجع
الإهانات تبكي الآن من كلماتي هذه , طرقت باب غرفتها مرارا ولكنها لم تجب ففتحت الباب
ودخلت, وجدتها مرتمية على سريرها وتخفي وجهها بذراعيها
اقتربت وجلست على طرف السرير وقلت بهدوء " ميس هلا تحدثنا قليلا "
قالت بصوت باكي ووجها مخفي عني " لا أريد "
تنهدت وقلت " توقفي عن البكاء الآن ودعينا نتحدث "
لم تجب ولم تتحرك فقلت بجدية
" ميس إن لم تتوقفي وتريني وجهك الآن فسأفعل شيئا لن يعجبك "
جلست ونظرها للأسفل وقالت بحدة " هاذي أنا جلست ماذا تريد "
قلت بابتسامة " أردت أن أرى وجهك وأنتي تبكي فهذا المشهد لن يتكرر إلا بعد سنين "
نظرت لي بضيق فقلت " ميس متى سننتهي من هذا "
نظرت للجانب الآخر في صمت فوقفت وقلت
" آسف على إزعاج لك "
وغادرت متوجها لغرفتي وبعد يومين وأنا في الصالة الرياضية سمعت خطواتها
تدخل ثم تقترب جلست مبتسما وارتديت قميصي ها قد جاءت الفراشة للفخ فلا شيء
يجدي معك سوى الحيل يا ميس






















ميس
























بدأ برود صهيب اتجاهي يصيبني بالجنون لما يفعل ذلك وفيما أخطأت أنا في حقه هل
عليا أن أوافق عليه ليرضى عني هل أكذب ليرضى , حتى أنه لم يعد يخبرني ما فعل
بشأن والدي ويرفض أن افعل أي شيء بخصوص الأمر ويحاصرني هنا كي لا أفعل
شيئا من تلقاء نفسي , كلام جود اليوم جعلني أفكر مليا وقررت فقط أن أساله لما
هوا منزعج مني
انتظرته طويلا حتى خرج من جناح شقيقه لقد ظننت أنه سوف ينام هناك فمر بجانبي
وكأنه لم يراني كعادته مؤخرا استوقفته لأكلمه وكلماته رغم بساطتها لكنها أشعرتني بحجم
كبير من الإهانة على غير العادة لقد جرحتني كلماته حقا ولا أعلم لما ونزلت دموعي رغما
عني ولا أعلم لما أيضا
بعد يومين قررت التحدث معه لنضع نهاية لكل هذا كما قال , توجهت لمكانه المعتاد بعد صلاة
الفجر دخلت قاصدة الغرفة ذاتها التي وجدته فيها المرة الماضية فخرج منها قبل أن أصل إليها
نظرنا لبعضنا مطولا ثم أخفضت بصري وقلت
" هل ستُظهر براءة والدي هل ستفعلها مهما طال الزمن "
اقترب مني ورفع وجهي بأصابعه حتى التقت عينينا مجددا وقال
" ولن أكون صهيب إن لم أفعلها "
قلت بعد صمت " إذا أنا أوافق على الزواج بك "
ابتسم وقال " وما الجديد في الأمر "
قلت وأنا ابعد يده عن وجهي " من أجل ذلك فقط "
وضع يديه في جيوب بنطاله وقرب وجهه مني وقال
" ومن أجل ماذا أيضا "
قلت ببرود " ومن أجل أن تتوقف عن ترديد ذلك وترحمني "
قال " ومن أجل ماذا أيضا "
قلت بنفاذ صبر " ومن أجل الفضيحة التي تسببت لي بها طبعا "
ابتسم ابتسامة جانبية وقال " وأيضا "
نظرت له بصدمة ثم قلت " ما بك أنت هل جننت "
ضحك وقال " وكيف لي أن لا أجن وأنتي توافقين عليا أخيرا "
قلت بجدية " ولكن لدي شروط أخرى "
اقترب مني خطوة وقال " حسننا وما هي "
ابتعدت خطوة وقلت " دراستي سأكملها ولكن ليس هنا "
اقترب خطوة وقال " وماذا أيضا "
ابتعدت ثانيتا بخطوة وقلت " والدتي "
اقترب وقال مبتسما " وما بها "
التصقت بالجدار وقلت " صهيب ابتعد عني "
وقف وسد الطريق بيده وقال " هل تناديني باسمي وتطلبي مني الابتعاد "
قلت بحدة " إن لم تبتعد فلن نكمل حديثنا وإنسا كل شيء "
ضحك وقال " لم أتصور أن تخافي مني هكذا يا ميس أنا لن أؤذيك فأنتي حبيبتي "
قلت ببرود " ومنذ متى كنت حبيبتك "
أمسك وجهي بيده وقال " منذ رأيتك أول مرة "
أبعدت يده وقلت بتهديد " صهيب إن لم تبتعد الآن صرخت بكل صوتي "
ابعد يديه ووضعهما في جيوبه وقال بابتسامة " حسننا ها قد ابتعدت تابعي "
قلت " لن نتزوج حتى تفعل ذلك "
هز رأسه بالنفي فقلت بضيق " إذا لن نتزوج "
تنهد وقال " ميس لما لا ترحمينني أقسم أنني أتعذب وسوف أصاب بالجنون "
قلت بضيق " سوف تتخلى عن كل ذلك يوما وحتى أنا ستتزوج بغيري لأني مجرد
مسئولية بالنسبة إليك "
أخرج يديه من جيوبه ورفعهما جانبا على حدهما وقال بعتب وضيق
" ماذا أفعل لتصدقي بل ما الذي لم أفعله بعد يا ميس لقد أتعبتني معك حقا "
نزلت من عيناي دمعتان غبيتان لا أعلم لما لم تسألانني أولا وقلت ببكاء
" لا تتحدث معي هكذا طريقتك هذه أصبحت تجرحني حقا "
مرر أصابعه في شعره ممسكا إياه للخلف ثم تركه يتساقط على وجهه وهو ينظر
للأسفل وقال " لا تبكي يا ميس رجاءا "
مسحت دموعي وغادرت باتجاه الباب فأمسكني من يدي وقال
" نحن لم ننهي كلامنا بعد "
قلت ورأسي للأسفل ويدي في يده " لنتحدث في وقت آخر "
سحبني وأعادني جهة الجدار وقال " بل الآن "
لذت بالصمت فقال بهدوء " سنتزوج الآن "
فتحت شفتاي لأتحدث فوضع أصبعه عليهما وقال بجدية
" أقسم أن حق والدك لن يضيع يا ميس ولو كان الثمن حياتي ووالدتك في عهدتي
حتى الموت ولن أتزوج بعدك بأخرى ولست أراك مسئولية ألقيت على عاتقي بل
أحبك حقا وأريدك لي وحدي "
نظرت للأسفل في صمت فقال
" لدي حل لهذا , فلنعقد قراننا ولا نتزوج حتى ينتهي كل ذلك حسننا "
نظرت له في حيرة فتنهد وقال
" ميس أجيبي لما تعشقين اللعب بأعصابي "
عدت بنظري للأسفل وقلت
" حسننا ولكن لن يكون جدك أو أحد أعماك وليا لي أبدا "
قال بضيق " ومن سيكون إذا , أنا مثلا "
قلت ببكاء " إذا لن أتزوج كل حياتي "
قال بضيق " ميس توقفي عن البكاء أولا ولا تعقدي الأمور أكثر ثانيا "
أشحت بنظري عنه وتملك المكان صمت غريب سوى من شهقاتي الصغيرة فقال بهدوء
" ميس توقفي عن البكاء حالا أو لا تلوميني على ما سأفعله الآن "
مسحت دموعي ولذت بالصمت فقال بهدوء
" ميس لا يجوز أن أتزوجك دون ولي ولن أرضى أن يكونوا أعمامي لأنهم لن
يوافقوا على فعل ذلك وجدي وليك قبلهم مادام حيا هذا هوا القانون والشرع أيضا "
قلت بحزن " أنا لا أعترف بهم "
ابتسم وقال " حسننا لا تعترفي بعدي بأحد "
نظرت له بضيق وقلت " هل صدقت نفسك "
ضحك وقال " لا قطعا يا متعبة "
نظرت جهة الباب وقلت " هيا أبعد يدك عن الطريق عليا أن أعود للقصر "
ضحك وقال " يالك من فتاة جافة حقا "
قلت بضيق " وماذا تريد مني أن أفعل أرتمي في حضنك مثلا "
قال بابتسامة وهوا يبعد يده " ليس الآن بالطبع ولكن لاحقا بالتأكيد "
قلت وأنا أتوجه خارجه " يالك من واهم "
ضحك وقال بصوت مرتفع لأسمعه " ستفعلينها رغما عنك يا قاسية "
توجهت للقصر فقابلتني خالتي سماح عند الباب نظرت لي بحيرة وقالت
" ميس أين كنتي "
قلت " في الخارج "
قالت بصدمة " الآن ولكن أين "
ابتسمت وقلت " ذهبت في نزهة "
شهقت وقالت " نزهة في هذا الوقت "
ثم قالت ضاحكة وهي تنظر خلفي " علمت الآن عن أي نزهة تتحدثين "
التفتت للخلف فكان صهيب خلفي يا إلهي هل كان يتبعني كيف ظهر فجئه
وضع يده على كتفي وقال بابتسامة " أمي لدي خبر سيسعدك "
قالت بترحاب " قله بسرعة فأنا أفتقد الأخبار السارة منذ زمن "
وكزته بمرفقي ليسكت هذا الثرثار المتسرع فقال بتألم "
آه ميس لما تكزينني "
ياله من أحمق ومخادع , قلت بضيق
" بل تستحق قطع لسانك "
ضحك وقال " أمي أنا وميس سنتزوج "
قالت بسرور " حقا , ياله من خبر سار "
نظرت له وقلت بضيق " هل أنت مرتاح الآن ألا تستطيع التكتم عن أمر ولو قليلا "
تنهد وقال " أمي جدي لي حلا مع هذه القاسية وافقت أن نعقد قراننا فقط وبعد جهد "
قالت بابتسامة " وفقكما الله يا أبنائي "
قال بضيق " هذا فقط ما استعطي عليه أمي "
ضحكت وقالت " كل شيء إلا زعل ابنتي ميس "
رميت بيده بعيدا عن كتفي وقلت " لقد غيرت رأيي "
قال بصدمة " ماذا قلتي "
ثم أشار بإبهامه للخلف وغمز بعينه وقال
" يبدوا أنه علينا العودة هناك "
ضحكت وقلت " لا أرجوك "
نظر لوالدته وقال " سوف نعقد قراننا اليوم "
شهقت بصدمة فقال واضعا أصبعه أمام شفتيه ومهددا
" أنتي تصمتي ولا حرف أخر لقد أجلت الزواج حسب رغبتك أما هذا فلن أفعل "
قالت خالتي " لا تتسرع بني سيكون علينا الترتيب لحفل من أجلكما "
قلت بتذمر " ولما الحفل هذا ليس زواجا رسميا "
قال صهيب " بلى وحفلا يحظره الجميع "
نظرت له وقلت بإصرار " لا أريد ذلك لا أريد "
هز رأسه بالنفي فقلت بحدة " إذا لن يكون هناك شيئا "
نظر لوالدته وقال " أمي هل رأيت بنفسك الآن "
قلت بضيق " لا تشتكيني لأحد ثانيتا أو غضبت منك "
ضحكت خالتي وقالت مغادرة " تفاهما في الأمر وأخبراني "
نظرت له وقلت " لن نقيم أي حفل "
قال بحدة " بل سيكون ما أريد "
قلت بغضب " لا لن يحدث "
تركني وتوجه جهة السلالم فقلت بغضب أكبر
" أين تذهب انتظر هنا "
ولكنه لم يعرني أي انتباه وصعد متوجها للأعلى ياله من عنيد


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع : أشباه الظلال
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أشباه رجال حسين سلطان ابداعات أقلام الاعضاء الحصريه للمنتدى ( أقلامُنا ) 26 02-07-17 02:12 PM
..خيــــوط الظلام.. برنس وصاب مواضيع إسلاميه - فقه - أقوال ( نفحات ايمانيه ) •• 4 12-30-16 09:04 PM
جبل الظلام general قصص - روايات - Novels stories - روايات طويله •• 9 01-27-16 09:57 PM
كن بشراً وليس أشباه البشر الامير قسم العام للمواضيع العامه •• 2 12-29-13 03:15 PM
في الظلام ذات ليله سيبوهـ خواطر عذب الكلام ( أنَّات الخواطر ) •• 5 09-26-13 11:57 PM


| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 06:54 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا