((خيوط الأسف))

7

حسافة حبنا والوقت والايام ذي تجري
حسافة عمر ضيعته على رجواك بيديه

هنا الأبيات تأخذ في الهبوط ’’’ في تقليل حدة التصاعد الذي بدا كثورة عارمة ’’’ هنا لغة تعتبر هادئة مقارنة بما مضى من الأبيات ’’ فهنا الحسرة وهنا الندم ’’’ وهنا الأسف على ماذا؟؟؟ على أيام ضاعت سدى ’’’ على حب لم يكتمل ’’’ وكم هو الأسف كبير حيث كان ممكن لهذا الحب أن ينمو ويترعرع ’’’ كان ممكن أن يصل لغايته ’’’ لولاها ’’’ فمن جهتك قدمت كل الإمكانات والأدوات التي من شأنها أن تكلل تلك العلاقة بالنجاح ’’’ لكن الفشل كان بسببها ’’ هنا اللوم والعتب المبطن الموجه لها ’’’ وكم راق لي دقة اللفظ في كلمة (( تجري )) فالأيام قد تجمعت لتكون السنوات ’’’ تلك الأيام التي طالما خشيت أن تستنزف الوقت الذي أضاعته ’’’ فقد مر الزمن كما قلت ببقايا الأمس حيث لن يقف ’’’ وهي لا تنشد عن مروره ’’’ كل ذلك الأسف تولد بحسرة وغصة ’’’ روعة جدا ’’’

والشطر الثاني كان رثاء لذاتك ’’’ كان الندم والأسف ’’’ على عمرك الذي أهدر بلا فائدة ’’’ فقد ضاع العمر وأنت على أمل تحقيق رجائك بنيل حبها ’’’ لكن هيهات أن يتحقق وهي بتلك الأفعال ’’ وبعد توجيه اللوم والعتب لها في شطرك الأول ’’’ تأتي هنا في الشطر الثاني لتلوم نفسك وتعاتبها وتأنبها ’’’ وكأنك تلوم قلبك الذي وثق بها ’’’ حيث عقلك كان ينافيه لكنه مسير لأمره ’’’ بدا منذ سنوات إدراكك ببقايا الأمس من التنبيه لها على الوقت ومضيه ’’’ وبالفعل تحققت نبؤة عقلك ’’’ وخسر رهان قلبك ’’’ فأنت الملام كيف عشت الوهم وجمعت خيوطه بسنوات عمرك ’’’ كيف صدقت كذبة بدا لك وضوح نيتها ’’’ لكنه هو الهوى يسير العاشقين حسب مشتهاه ’’’ روعة وإبداااع ’’’

الصور والمحسنات والأساليب:

((حسافة)): كناية عن الأسف والندم ’’’

((ذي تجري)): استعارة ’’’ شبهت الأيام ككائن حي يجري ويركض ’’’ الغرض منها: المرور السريع للزمن ’’’

((عمر ضيعته)): استعارة ’’’ شبهت العمر كالإنسان قابل للضياع ’’’ الغرض البلاغي منها: بيان مرور سنوات العمر سدى دون تحقيق الغاية والهدف من العشق ’’’

روعة ’’’

الأدب المقارن:
بين بقايا الأمس وخيوط الوهم
للشاعر
((الملهم))

تمثلت المقارنة بين القصيدتين بفارق زمني يصل لقرابة العقد من الزمن – عشرة أعوام – فيما يلي:
أولا: أوجه التشابه:

*اختيار العنوان: تميز الشعر في القصيدتين بجمالية اختيار العنوان الذي أراه يناسب أجواء القصيدة ككل ’’ كما تميزت العناوين لديه بالاختصار ورشاقة الكلمات وعمق تعبيرها ’’’ فالانتقائية رائعة رغم الفيصل الزمني ’’’ خاصة إذا وضعنا بعين الاعتبار إن بقايا الأمس لم تكن الوليدة الأولى لشاعرها ’’’

*الصور والأساليب والمحسنات: يميل الشاعر الملهم إلى الصور البيانية المتمثلة في : الاستعارات ’ والكنايات ’’ والتشبيهات ’’ رغم الاختلاف النوعي بين القصيدتين كعمق سأذكره في وقته ’’’ لكنه بالرغم من ذلك تتصدر تلك الصور البيانية لديه القائمة ’’’ كما أنه لا يميل لاستخدام الأساليب الإنشائية والمحسنات البديعية بوجه عام ’’’
*اللفظ والمعنى: جاءت المعاني قوية ’’’ كما يوجد هناك انتقائية متعمقة للفظ وتوظيفه ’’ مع الاختلاف النوعي الكبير لصالح ((خيوط الوهم سأبينه لاحقا)) ’’’

ثانيا: أوجه الاختلاف:

*العمق في المعاني: على الرغم من قوة التراكيب كاللفظ ومعناه في القصيدتين إلا إن قصيدة ((خيوط الوهم)) جاءت بنضج لفظي أكبر بكثير من قصيدة ((بقايا الأمس)) حيث استخدمت المعاني بعمق أكبر ’’’ وبتوسع جدا أعمق ’’’ وبدلالات باعدت عن معناها اللفظي بروعة التعابير وعلى سبيل المثال: ((عشق مضحك)) و ((الخطوات سرية)) ((اخضبها)) ((أغني)) ((الرومنسية)) كل تلك الألفاظ جاءت بمعاني عميقة تعاكس ظاهرها ولكنها مع ذلك واضحة في معناها المعاكس ’’ فتميز الشاعر هنا وتفوق جدا عن بقايا الأمس،

*التجربة الشعرية: تميزت التجربة الشعرية في القصيدة بعدد من المميزات بين القصيدتين فقد جاءت ((خيوط الوهم)) كنتيجة فعلية وعملية ((لبقايا الأمس)) ومن يقرأ القصيدتين سيدرك أن بقايا الأمس تسبق خيوط الوهم بزمن بدلالتها اللفظية ففي ((بقايا الأمس)): كان الرجاء بالوصل من الأمثلة: ((الشوق يعذبني)) و ((الشفقان)) ((يبي يفرح)) ((عيونك للخفوق آمال))

بينما نجد التجربة الشعرية مختلفة تماما عن تلك الألفاظ في ((خيوط الوهم)) فهي نتيجة مرور زمني من الأمثلة: ((بقايا رحلة الفارس)) ((منسية)) ((مزري)) ((وهم)) ((الطيف)) ((نحسبها)) ((طاح الجمر)) ((حسافة عمر ضيعته)) هنا الألفاظ للدلالة على نهاية العلاقة فلا يوجد رجاء وشوق ولهفة بالوصل ’’’
فالمقارن بينهما سيدرك من أول وهلة أن بقايا الأمس كانت الأسبق بعمر ’’’

* تنوع الدلالات: لقد برع الشاعر في ((خيوط الوهم)) بالدلالات بصورة جدا أعمق من ((بقايا الأمس)) مما كان له أثر على الصور البيانية وعمقها وتنوعها ’’
من حيث:

أ-التنوع المادي والمعنوي: اكتفى الشاعر في قصيدة ((بقايا الأمس)) بالدلالات المعنوية مثل: ((الشوق)) ((طموح)) ((يفرح)) ((أماني)) ((يواسيني)) ((الولهان)) بينما مال الشاعر إلى الدلالات المتنوعة في

((خيوط الوهم)): التي تنوعت بين المادية والمعنوية أمثلة: ((أحلام)) ((الشعور)) ((الطيف)) ((حبنا)) فهي من الدلالات المعنوية ’’ ومن الأمثلة على المادية: ((تكبر)) ((خيوط)) ((القمري)) ((عروقها حية)) ((أقداح)) ((الجمر)) كلها ذات دلالات حسية مادية ’’

ب-استخدام مفردات البيئة: لقد أكتفى الشاعر في قصيدة ((بقايا الأمس)) من استخدام الجمادات من البيئة ووظفها ضمن أبيات القصيد مثل: البحر ’ والصحاري ’’ والخسوف ’’ والشروق ’’ بينما تميزت قصيدة ((خيوط الوهم)) بالجمادات والكائنات الحية مثل: القمري ’’ الشمس ’’ الفي ’’ الورق ’’ الفارس ’’

ج- استخدام نفس اللفظ بشكل مختلف: فقد استخدم الشاعر في قصيدتيه ((بقايا الأمس)) و ((خيوط الوهم)) لفظ الصبر ولكنه في قصيدة بقايا الأمس كان الصبر ككائن أسقط عليه صفات ’’ بينما في خيوط الوهم كان كالضحية الذي أحرقته جمر الشمس ((المحبوبة)) فلا شك إنه أبدع في خيوط الوهم بصور تصويرية أكثر عمقا

د- الدلالة الذاتية: لقد كانت ذاتية الشاعر أعمق بكثير في قصيدة (( خيوط الوهم )) حيث استخدم الألفاظ الذي تشرك أجزائه الحسية و المعنوية ’’’ بينما أكتفى بالإشارة لذاته بانفعالاته العاطفة في (( بقايا الأمس )) فنجد على سبيل المثال في بقايا الأمس يشير إلى ذاته من خلال العاطفة مثل : لهفتي ’’ الشفقان ’’ يواسيني ’’ الولهان ’’ كلها كلمات تشير لشعور عاطفي ’’ بينما نجد أن الشاعر في (( خيوط الوهم )) يستخدم الانفعالات إلى جانب جانبه البدني مثل : دم ’ أخضب ’ تمسكت ’ عروق حية ’’ دمع ’ هذا الجانب المادي ’’أما العاطفي مثل : الشعور ’’ أحلام منسية ’’ نحسبها الرومنسية ’’ كلها عاطفية ’’

و-دلالة الحواس: في (( خيوط الوهم تنوعت الدلالات اللونية مثل لون الدم ’’ لون الخضاب – الحنة – ’’ وهناك دلالات صوتية تخاطب وتحاكي السمع : مثل أغني ’’ نوح ’’ وهناك دلالات للتذوق كالشرب والظمأ وأقداح العنا ’’ وهناك دلالات تقوي اللمس من الخضاب ’’ وطاح الجمر ’’ وبارد الفي ’’ غابت كل تلك الدلالات بتنوعها عن (( بقايا الأمس ))

مقارنة سريعة خلاصتها: النضج الفكري للشاعر بين القصيدتين وضح في: الفكرة ’’ التعبير ’’ العمق ’’ التنوع ’’ وقد كانت بقايا الأمس قوية ’’ ولكن مثلت خيوط الوهم قفزة في عالم الإبداع على الرغم إن أبياتها أقل عددا لكنها أكبر وأوسع تنوعا وعمقا ’’

شاعرنا الكبير
((الملهم))
تمكن ما بعده تمكن ’’
أسعدتني وامتعتني ’’
ونعم نحن لا نجاملك أنت شاعر كبير يدرس من خلالك الأدب المقارن والدليل والبرهان قد سلف ’’
ومحاور لكل تحليل لنصوصك تنم عن ثقافة عالية ’’

منها للأعلى إن شاء الله وأنا أراك الآن كما قلت شاعر منصات
أراك في قمة تألقك الشعري ’’
موفق دوم
صح لسانك ’’ سلمت يمناك ’’

مررت من هنا
الجادل
2018
’’’