منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


Like Tree42Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-01-23, 07:44 AM   #97
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:59 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

9️⃣7️⃣

عقوبة ترك الدعوة إلى الله

وعلى الناحية الأخرى لو لم نقم بالدعوة، ماذا ستكون النتيجة؟

ليس مجرد أنه لا يوجد حسنات فقط بل ستكون النتيجة صعبة جداً، فسيُترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا أمر في منتهى المشقة على العبد وعلى الأمة؛ ويدل على ذلك: الحديث الذي رواه الترمذي رحمه الله عن حذيفة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله ﷺ : (والذي نفسي بيده!)، وعندما يقسم الرسول ﷺ فهو يقصد شيئاً مهماً جداً؛ مع أننا نصدقه، لكن هو يريد أن يعمق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينا، فيقسم على أهمية هذا الأمر فيقول: (والذي نفسي بيده! لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاباً منه)، وفي رواية: (عقاباً منه)،

إما هكذا وإما هكذا، إما أن تدعوا إلى الله عز وجل، وتأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر، وإما أن يبعث الله عز وجل عليكم عذاباً منه، وبعد ذلك: (ثم تدعونه فلا يستجيب لكم)، عندما تجد ربنا سبحانه وتعالى يؤخر إجابة دعوتك مرة ومرتين وعشرة ولديك أزمات كثيرة لم تحل، وأنت رافع يديك إلى الله سبحانه وتعالى، يمكن أن تكون هذه هي المشكلة المعيقة للإجابة،

يمكن أن تكون هذه هي المشكلة الكبيرة التي هي عند كثير منا أنهم يعبدون ربنا سبحانه وتعالى، لكن ليس لهم شأن بالناس، فجاره يكون بعيداً عن الله وليس له شأن به، وزميله في العمل بعيد عن ربنا وليس له شأن به، حتى أحياناً أن زوجته وأولاده وأمه وأباه وإخوانه بعيدون عن ربنا عز وجل، ومع ذلك ليس له شأن بهم! فهل أنت عايش لنفسك فقط؟! إن هذه ليست حياة وما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، فالصحابة كانوا يعيشون لأهل الأرض أجمعين، وليس فقط لأنفسهم وأولادهم وزوجاتهم وإخوانهم وقبيلتهم وعشيرتهم.

روى الإمام أحمد وابن ماجه وابن حبان عن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل رسول الله ﷺ فعرفت في وجهه أن قد حفزه شيء) يعني: همه وأحزنه شيء، (فتوضأ ثم خرج فلم يكلم أحداً، فدنوت من الحجرات فسمعته يقول أي: بدأ يخاطب الناس في المسجد بخطبة شديدة قال فيها: (يا أيها الناس! إن الله عز وجل يقول: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر)، وبعد ذلك يهدد تهديداً في منتهى الخطورة.

فيقول: (من قبل أن تدعوني فلا أجيبكم، وتسألوني فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم).

أليس من الممكن أن إهمال المسلمين لقضية الدعوة هو السبب في حالة الانهيار الكبير الذي وصلت إليه الأمة اليوم؟ والذي نراه أمام أعيننا من أزمات طاحنة في الأمة الإسلامية في كل مكان، وتأخير النصر عنا، ونحن ندعو ربنا سبحانه وتعالى، ويجوز أن يكون عندنا مشاكل أخرى هي التي تؤخر النصر، فقد تكون في مرحلة الإعداد، -يجوز أن يكون هناك تقصير- أو في عملية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا من الممكن أن يؤخر قيام أمة، بل ويستأصل أمة بكاملها، لأنها لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر، وهذه كانت أول مشكلة وقعت في بني إسرائيل،

حيث أن المؤمنين لم يقوموا بواجبهم على الوجه الأكمل، فكانت الهلكة لبني إسرائيل جمعياً، وتعالوا لنرى وصف رسول الله ﷺ لأمر بني إسرائيل وكيف سقطوا؟ يقول رسول الله ﷺ في الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل)، أي: أول مشكلة ظهرت في بني إسرائيل، وكان بعدها الهلكة واللعنة لهم، (كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع، فإنه لا يحل لك)، أي: يأتي الرجل المؤمن فيرى رجلاً يقوم بمعصية ما، فيقول له: يا أخي اتق الله فإن هذا لا يحل لك أن تفعله، فيجده مرة يسرق، ومرة يزني، ومرة يقتل، ومرة يعمل كذا أو كذا من الموبقات والمعاصي، وينهاه عن هذا الفعل ويقول له: لا تعمل هذا، فإنه لا يحل لك في دينك، (ثم يلقاه من الغد)

أي: يأتي اليوم الثاني ويمشي المؤمن من جوار العاصي، (فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده) يعني: يأتي في اليوم الثاني ويلقاه على نفس المعصية والجرم الذي كان يقوم به، والذي نهاه عنه الرجل المؤمن قبل ذلك، ثم بعد ذلك تجد الرجل المؤمن الذي كان داعية إلى الله عز وجل لا يمتنع عن أن يأكل معه ويشرب معه ويقعد معه، وكأن شيئاً لم يكن، وليس هناك ثمة مشكلة، فهو نهاه مرة عن المنكر وأمره بالمعروف، ثم بعد ذلك نسي،

وعاشت هذه الأمة -بني إسرائيل- بهذه الطريقة، فماذا حصل عندما تركت الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال رسول الله ﷺ : (فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض. ثم قال : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم } إلى قوله : { فاسقون }. ثم قال : " كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا ".

... يتبـــــــــ؏....


 


رد مع اقتباس
قديم 02-01-23, 07:45 AM   #98
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:59 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

9️⃣8️⃣

إصلاح الأوضاع من مهام هذه الأمة

إن هذه الأمة لا تُهلك بكاملها، ولا يستأصلها الله عز وجل بأجمعها؛ لأنها الأمة التي تحمل الرسالة الباقية إلى الخلق أجمعين وذلك إلى يوم القيامة،

ولكن من الممكن أن تستبدل -كلمة في منتهى الخطورة- فالله عز وجل يستبدل جيلاً بجيل آخر، فيذهب جيل فاسد ويأتي جيل صالح، وكذلك يذهب فرد فاسد ويجيء فرد صالح، وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم من المسلمين أيضاً، لكن من المسلمين الذين فهموا دينهم جيداً، قال تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38]، أي: أن الأمة التي لم تستوف شروط الخيرية ستستبدل بأمة مسلمة ثانية، وذلك مثلما استبدل ربنا سبحانه وتعالى أمماً كثيرة من الأمم الإسلامية السابقة، فدول إسلامية قامت ودول إسلامية سقطت، وهذا السقوط كان متبوعاً بقيام أمة تحافظ على شروط الخيرية،

وأهم شروط الخيرية لهذه الأمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110]، ومن أول صفات هذه الأمة الخيرية: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110]، وتأمل هنا: مع أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزء من الإيمان بالله عز وجل، لكن الله سبحانه وتعالى قدمه لكي يُعظِّم قيمته، ولكي تعرف أنه من غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -حتى لو كنت تعمل عبادات كثيرة جداً- لا خيرية لهذه الأمة أبداً.


إن من مهام هذه الأمة إصلاح الأوضاع على وجه الأرض بكاملها، وليس فقط في بلاد المسلمين فحسب، بل من واجب هذه الأمة أن تُعِّلم كل الأرض، سواء الذين يعيشون في الصين، أو الذين يعيشون في روسيا، أو الذين يعيشون في أوروبا، أو في أمريكا واستراليا، أو الذين يعيشون في الجزر النائية في أعماق المحيطات، فواجب عليك أن توصل لهم هذا الدين وتعلمهم وتصبر على أذاهم إن حاربوك أو رفضوك فهذا هو واجبك، وأنت لا تتفضل عليهم بذلك، لأنك من أمة الخيرية المأمورة بذلك، وإذا كنت لا تريد أن تكون من خير الأمم فاترك أمر الدعوة، لكن لا تقول: أنا خير أمة أخرجت للناس.

يقول أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه -يصف أمة الإسلام- كما جاء في صحيح البخاري: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.

ويقصد بذلك: الفتوحات الإسلامية التي كان أول همها تعليم الناس، ودعوة الناس إلى الله عز وجل، وكان هناك أناس كثيرون جداً يكرهون الفتوحات الإسلامية، فغزت جيوش المسلمين هذه الأمم، وكانت ترفض دخول الجيوش الإسلامية إليها، لكن مع مرور الوقت دخل الناس في الإسلام، ويمكن أنها دخلت في بداية الإسلام،

لأن الإسلام دين عظيم وكبير ومهيمن على الأرض في ذلك الزمن، لكن بعد ذلك اكتشفوا عظمة هذا الدين، فأسلموا وحسن إسلامهم، وأصبحوا من أهل الجنة، وكان من الممكن أن يدخلوا النار لو بقوا طول عمرهم يعبدون النار أو يعبدون المسيح أو يعبدون الشجر أو الحشرات كما كان يحصل في الهند، وقد كانوا عبدوا كل شيء إلا الله عز وجل، فكان واجب المسلمين أن يعلموهم ويدلوهم على الطريق الحق.
وانظر كم من خير؟!

تأتون بهم بالسلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام، وهذا هو سبب خيرية هذه الأمة، ليس لأنها أمة تقيم العدل في إطار توليها فقط، وفي إطار حدودها فقط، وتترك العالم من حولها يعبد ما شاء، ويعيش كما يشاء، ويظلم كما يشاء، ويسرق كما يشاء، ويعصي ربنا سبحانه وتعالى كما يشاء، لا، فهذه ليست مهمة أمة الإسلام، وإنما مهمة أمة الإسلام أنها تعلم جميع الناس الخير.

يقول الرسول ﷺ في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: (عجب الله من قوم يدخلون الجنة بالسلاسل)، أي: الناس الذين آمنوا بدين الله عز وجل بعد حرب طويلة، فالمسلمون قد حاربوا أناساً كثيرين، وأسروا أناساً كثيرين، وهؤلاء الأسرى بعد أن جاءوا إلى بلاد الإسلام، ورأوا الإسلام على حقيقته أحبوا هذا الدين، ودخلوا في دين الإسلام، ودخلوا الجنة بعد ذلك، ولم يكونوا يريدون ذلك، لكن أمة الإسلام كانت هي السبب في دخولهم الجنة، وهذا فضل كبير جداً، لذلك قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110].

... يتبـــــــــ؏....


 

رد مع اقتباس
قديم 02-02-23, 10:00 AM   #99
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:59 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

9️⃣9️⃣

ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إيذان بفساد الأرض

الصحابة كانوا يفهمون هذه الحقائق جيداً، وكانوا يعرفون أنه إذا لم يحصل دعوة، ليس فقط سيخسر الداعية والمدعو، بل المجتمع كله سيخسر، وكذلك فهموا هذا الحديث الرائع للنبي ﷺ عندما ضرب مثالاً للناس بيِّن فيه حال تلك الأمة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أو تلك التي لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر.
فقد روى البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه قال: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة) أي: أن هناك أناساًَ ركبوا سفينة ثم أقرعوا فيما بينهم، فصار بعضهم في أعلى السفينة والآخرين في أسفل السفينة، ثم قال النبي ﷺ : (فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم) فالماء موجود عند الناس الذين كانوا في أعلى السفينة،

والذين في أسفلها كلما أرادوا أن يشربوا لا بد أن يصعدوا إلى أعلى السفينة ويمشون من جوارهم، فقد يزعجونهم وهم نائمون، أو وهم مستيقظون، وفي كل وقت أزعجوهم، فعملوا لهم نوعاً من القلق، فأحبوا أن يحلوا هذا الموضوع بحسن نية، فقالوا: (لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا) يعني: يخرمون في السفينة خرماً من الأسفل حتى يشربون منه! فهم يفكرون في حدود تفكيرهم ونيتهم سليمة، لأنهم لا يريدون أن يضروا الناس الذين في الأعلى، فسيخرمون خرماً في أسفل السفينة ويشربون من ماء البحر مباشرةً، فيقول ﷺ : (فإن يتركوهم -الناس الذين في الأعلى- وما أرادوا هلكوا جميعاً)،

أي: عندما تغرق السفينة سيغرق الذين في الأعلى والأسفل وليس الأسفل فقط، ثم قال ﷺ : (وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)، فكل السفينة ستنجو بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ما كان يريد أن يوضحه النبي ﷺ للصحابة، والصحابة قد استوعبوه تماماً، وبدءوا يتحركون في حياتهم بهذا المفهوم.
إذاً: تولد عن هذه المشاعر التي دخلت في نفوس الصحابة إحساس عميق جداً، ألا وهو: إذا كنت مؤمناً لا بد أن تدعو غيرك إلى الخير، وأن تدعو غيرك إلى الإسلام، وأن تدعو غيرك إلى الله عز وجل، وليس مجرد تكثير حسنات وتثقيل ميزان فقط، وإن كان هذا شيئاً مهماً جداً،

لكن الأمر أعظم من ذلك، إنها وظيفة إجبارية، فلا ينفع أن لا تصلي وأن لا تزكي، بل لا بد أن تصلي ولا بد أن تزكي، وكذلك لا بد أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، لأن بدونها ستفسد الأفراد وتفسد الأمة، بل وتفسد الأرض بكاملها،
ولذلك كان هناك شيء مهم جداً في الدين اسمه: (فتوح إسلامية) فتوح فارس، فتوح الروم، فتوح شمال أفريقيا، فتوح الأندلس، فتوح الهند، وكل منطقة فتحت بالإسلام كان الغرض الأساسي أنك تعلم الناس الدين، والصحابة كانوا يرون هذا الشيء واجباً عليهم، وليس مجرد فضل من فضائل الأعمال.

.. يتبـــــــــ؏.....


 


رد مع اقتباس
قديم 02-02-23, 10:01 AM   #100
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:59 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

1️⃣0️⃣0️⃣

فهم الصحابة لأهمية دور المسلم في الدعوة إلى الله

موقف ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس

تأمل لكلام ربعي بن عامر رضي الله عنه وأرضاه -من صحابة رسول لله ﷺ الذين فتحوا فارس- وهو يكلم رستم -بفتح الراء وإسكان السين، وليس بضم الراء كما هو مشهور، فهو لفظ أعجمي عند الفارسيين وأتى بعد ذلك إلى العرب- كلاماً يدل على الفهم الدقيق لمهمة المسلم في هذه الحياة، فيقول: (لقد ابتعثنا الله)، وكلمة: (ابتعثنا) تدل على أنه ابتعثنا مثل الرسل، فالله سبحانه وتعالى كلفنا بمهمة كان الرسل مكلفين بها، وبما أنه لم يعد هناك أنبياء ورسل، فنحن الذين نتحمل هذه المهمة إلى يوم القيامة.

ثم قال: (لنخرج العباد) أي: أن كل العباد في مشارق الأرض ومغاربها على اختلاف الأزمنة والأمكنة مسئولية في رقبة كل المسلمين.

ثم قال: (من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد)، فأهل فارس لم يكونوا يعبدون كسرى، وأهل الروم لم يكونوا يعبدون قيصر، لكن كان هؤلاء الزعماء كسرى وقيصر ومن كان على شاكلتهم يشرع لقومه، ويضع قوانين مخالفة لما أمر الله عز وجل به، فهذا التشريع هو عبادة لهم، فلما أتى الإسلام أمر الله عز وجل المسلمين أن ينتقلوا إلى هؤلاء ليعلموهم أن الله قال كذا وكذا وكذا، وأن الحكم لله عز وجل، وأن الأمر بيد الله عز وجل، وأن الناس أجمعين لا بد أن يسيروا على ما أمر به الله عز وجل، ويبتعدوا عن ما نهى الله عز وجل عنه، هذه هي العبادة الحقيقية،
والمسلمون لهم مهمة في منتهى الوضوح، وهي: إخراج العباد من عبادة العباد، -سواء كانت عبادة حسية أو كانت طاعة مخالفة لما أمر الله عز وجل به- إلى عبادة رب العباد.

وقوله: (ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة)، هذه هي مهمة المسلمين التي كان يفهمها الصحابي الجليل الذي خاطب رستم في موقعة القادسية، وكان يفهمها كل الصحابة، وهذا هو الفهم الذي نريد أن نزرعه بداخلنا.

وهناك شيء آخر مهم جداً في قضية الدعوة عند الصحابة، ألا وهو: أنهم لم يكن عندهم يأس أبداً من قضية الدعوة، فتدعو الإنسان مرة وثانية وثالثة وعشرة وعشرين ومائة ولا تيأس، لأنه ليس هناك جهد ضائع كما يقولون، ولا أحد يقول: لا تضع وقتك مع فلان، فهذا لن يهتدي أبداً ف (القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)، وأجرك ستأخذه في كلا الحالتين، سواء استجاب هذا المدعو لله عز وجل أو لم يستجب، فأجرك واقع على الله عز وجل ما دام أن الكلام قد خرج من فمك، وما دام أنك أخذت بكل الأسباب التي تستطيع أن تصل بها الكلمة إلى قلب ذلك المدعو، وبعد ذلك: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص:56].

إذاً: كل الناس بلا استثناء سندعوهم إلى الله عز وجل، وكل المسلمين البعيدين عن طريق الله عز وجل سيُدعون إلى الله عز وجل، وكل اليهود والنصارى والمشركين والمجوس والهنود سيُدعون إلى الله عز وجل، وهذه هي مهمة المسلمين جميعاً.

... يتبـــــــــ؏..


 


رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 07:41 AM   #101
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:59 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

1️⃣0️⃣1️⃣

المواقف الدعوية للصديق رضي الله عنه

انظروا إلى الصحابة كيف كانوا يتعاملون مع قضية الدعوة، فانظروا مثلاً إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، ونحن قد تكلمنا بالتفصيل عن أبي بكر الصديق في مجموعة الصديق، وتكلمنا عنه في مجموعة السيرة، فلن نفصل الآن في دعوة الصديق، فـ الصديق قد قضى حياته كلها على قضية الدعوة، فهو من أول يوم آمن بالله عز وجل تحرك بهذه الدعوة، ومن أول ما شعر بحلاوة هذا الدين أراد أن ينقل هذه الحلاوة إلى كل من يعرف، حمية عظيمة جداً لنشر هذا الدين،

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يكن عمره في الإسلام كثيراً، بل كان عمره ساعات وبدأ يتحرك، ففي أول يوم يأتى بـ عثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف، وهؤلاء الخمسة أصبحوا من أعظم علماء المسلمين، ومجاهدي المسلمين، وصحابة رسول الله ﷺ ، والذين حملوا الدين على أكتافهم، وعلموا أهل الأرض الدين، ولم يتوقف في اليوم الثاني، بل أتى بـ أبي عبيدة بن الجراح وعثمان بن مظعون والأرقم بن أبي الأرقم وأبو سلمة بن عبد الأسد، وكل هؤلاء جميعاً في ميزان الصديق، فعندما يقوم أحدهم بعمل الخير فإن أبا بكر يحصل على مثل أجر هذا الخير.

وانظروا إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه عندما تبرع بتجهيز جيش العسرة، وعندما بنى مسجد رسول الله ﷺ ، وعندما اشترى بئر رومة، فإن أبا بكر يأخذ مثله من الحسنات، وهذا شيء لا يمكن أن تتخيله.

وأيضاً الزبير بن العوام عندما حارب وجاهد ودافع عن دين الله عز وجل في شمال مصر وفي الشام وفي العراق وهنا وهناك، وعندما يربي ابنه عبد الله بن الزبير على الخير، وعندما يقوم بأي عمل من أعمال الخير، فإن الصديق يأخذ مثلها من الحسنات.

وتأمل معي أجر هؤلاء الرجال الذين أسلموا على يد أبي بكر، وتخيل أنه أعتق عبيداً بكميات كبيرة، وصرف كل ماله على إعتاق العبيد، وكانت أمنيته أن يجمع المسلمين، وبعض الناس اليوم عنده هواية جمع الطوابع، وجمع التحف وغيرها، بينما الصديق رضي الله عنه وأرضاه كان فاهماً للدنيا جيداً، وكان فاهماً لرسالته في الأرض تماماً: (ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد).
وانظر إلى بلال وهو يعبد إلهاً غير الله عز وجل، فيذهب الصديق ويدعوه إلى الله عز وجل، فيؤمن بلال، ويعذب، وبعد ذلك يدفع قيمته الصديق رضي الله عنه، لكي يستنقذ بلالاً من العذاب، وهو مع ذلك لا يرجو منه جزاءً ولا شكوراً، وإنما يرجو وجه الله عز وجل.

وعامر بن فهيرة يعتقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، ويدخله في دين الله عز وجل، والزنيرة وابنتها رضي الله عنهن، وكثير من الصحابيات، وكثير من المعذبين والمعذبات في أرض مكة، وكثير من العبيد أدخلهم الصديق رضي الله عنه وأرضاه في دين الإسلام ثم أعتقهم.

فأي خير وأي عظمة لهذا الرجل؟! وكل ذلك ببركة الدعوة إلى الله عز وجل، وأدخل جميع عائلته إلى الإسلام، فأدخل زوجته أم رومان رضي الله عنها، وأدخل أولاده أسماء وعبد الله، وأما السيدة عائشة فولدت في الإسلام، وبعد ذلك أدخل أمه وابنه الأكبر عبد الرحمن، مع أنه تأخر ولكنه دخل في الإسلام، وكذلك أبوه تأخر في الدخول في الإسلام، لكنه أسلم بعد ذلك.

فخير عظيم جداً لهذا الرجل، لذلك لو وزن إيمان الصديق بإيمان الأمة لرجح إيمان الصديق، لأن كل الأمة عندما تعمل تضيف حسنات إلى الصديق رضي الله عنه، فأي واحد منا الآن يعمل فهو يعمل من خلال دعوة الصديق في البداية، فهو يعطي حسنات للصديق، يعني: أنت الآن لو قمت وصليت ركعتين لله، فـ الصديق يأخذ ثواباً مثل ثوابك، وكذلك لو دفعت مبلغاً في سبيل الله، أو جاهدت في فلسطين، أو في الشيشان، أو أي عالم كتب كتاباً أو سجل شريطًا أو علم معلومة، فهل أنت متخيل حجم الثواب؟! فهذه هي الدعوة إلى الله عز وجل، وهذا هو الصديق، وهؤلاء هم صحابة رسول الله ﷺ .

... يتبـــــــــ؏.....


 


رد مع اقتباس
قديم 02-03-23, 07:42 AM   #102
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (08:59 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



سلسلة_كن_صحابياً

1️⃣0️⃣2️⃣

الموقف الدعوي للطفيل بن عمرو مع دوس

مثال آخر: الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه، فإن قصة إسلامه قصة لطيفة، والمجال لا يتسع لذكر القصة بكاملها، لكن أنا سأقف على موقف في آخر هذه القصة، ألا وهو: أنه بعد إسلامه مباشرة، وبعد أن سمع من الرسول آيات قليلة جداً، وصار مؤمناً بالله عز وجل، وقال: فوالله ما سمعت قولاً قط أحسن ولا أمراً أعدل منه.

يعني: من كلام الله عز وجل، ثم قال: فأسلمت وشهدت شهادة الحق، ثم قال: يا نبي الله! وانظر هنا فـ الطفيل بن عمرو الدوسي ليس من أهل مكة، وإنما هو من قبيلة دوس في اليمن، فيقول: يا نبي الله! إني امرؤ مطاع في قومي، وأنا راجع إليهم، وداعيهم إلى الإسلام.

وتأمل إلى الطفيل، فهو رضي الله عنه لم يكن يعرف في الإسلام شيئاً، وأنا على يقين من أن أي واحد في الحضور، أو أي واحد يسمع هذا الكلام عنده علم أكثر من الذي كان عند الطفيل بن عمرو الدوسي عندما قال هذا الكلام، فهو رضي الله عنه سمع كلمات في الإسلام وبعض الآيات، ونحن قد قرأنا القرآن مرات ومرات، وقرأنا أحاديث كثيرة عن رسول الله ﷺ ، وعرفنا الصلاة والصوم والزكاة وأحكام كثيرة،

فهل تحركنا مثلما تحرك الطفيل بن عمرو الدوسي؟
فرق كبير جداً بين الطفيل بن عمرو الدوسي بعلمه المحدود في ذلك الوقت، ولكن الحمية العالية جداً لنشر هذا الدين، وبين من عنده علم عظيم وكبير، ولكن لا ينقله ولا يتحرك به إلى من حوله من الناس، فرق عظيم جداً بمجرد أن شعر الطفيل بن عمرو الدوسي بحلاوة هذا الدين، فهو رضي الله عنه يريد أن ينقلها إلى أهله وإلى أحبابه وإلى عشيرته وإلى الناس أجمعين، ولا تتحمل نفسه أن ينفرد بهذا الخير وحده، ولكن يريد أن يدعو الآخرين إلى ما علمه من هذا الدين، يريد أن يعرف الناس أمر الإسلام، وسبحان الله ما أسلم إلا منذ دقائق، لكن أصبح داعية، وفقه حقيقة الدعوة وأهميتها وقيمتها في هذا الدين.

يقول الطفيل رضي الله عنه: فلما نزلت -أي: وصلت بلادي- أتاني أبي وكان شيخاً كبيراً فقلت: إليك عني يا أبت، فلست مني ولست منك، فاستغرب أبوه وقال: ولم أي بني؟ قال: قلت: أسلمت وتابعت دين محمد ﷺ يعني: أن ديني غير دينكم الآن.

والطفيل رضي الله عنه كان سيداً ومطاعاً في قومه، وكان له رأي وحكمة، وأبوه كان يعظم من قدره، ولذلك لما وجد ابنه يقول له: إليك عني، لا أنا منك ولا أنت مني، قال أبوه مباشرة: ديني دينك، ودخل معه في دين الإسلام، فاغتسل ولبس ثيابه وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

ومعلوم أن هذه الطريقة ليست الطريقة المثلى للدعوة؛ لأن فيها نوعاً من الحدة الكبيرة والقسوة الشديدة، لكن الحمد لله جاءت بنتيجة، فلما رأى النتيجة مع والده جرب نفس الأسلوب مع زوجته، فجاءت إليه امرأته فقال لها: إليك عني، فلست منك ولست مني، قالت: ولم بأبي أنت وأمي؟! قال: قلت: فرَّق بيني وبينك الإسلام، فأسلمت.

ثم خرج إلى قومه وقال لهم: إليكم عني، لست منكم ولستم مني، لكن قومه لم يستجيبوا له ورفضوا الدخول في الإسلام، وذلك لأن في طريقته معهم حدة فلم تنفع أن تكون هذه طريقة دعوة، لأنه كان ما يزال علمه في الدعوة قليل، وما زال تعليم الإسلام عنده ضعيفاً، لذلك رفضت الناس الدعوة، وجلس يدعو بهذه الحدة والناس ترفض ذلك، فرجع إلى رسول الله ﷺ في مكة، وقال: (يا رسول الله! إن دوساً عصت وأبت، فادع الله عليها).

كلمة قالها من قلبه رضي الله عنه، وهو الذي كان يحب العشيرة ويحب قبيلة دوس، لكن بمجرد أن عرف حلاوة هذا الدين أراد أن ينقلها لقومه، ولما رفض قومه هذه الدعوة انقطعت الرابطة القلبية بينه وبين هؤلاء، وأصبحت الرابطة القلبية التي تربط بين الطفيل وبين الناس هي رابطة الإيمان بالله عز وجل، وهو الذي منذ أيام يتمنى أن يدعوهم إلى الخير الذي هو عليه لحبه لهم، فلما أبوا الإيمان وأصروا على الكفر أصبح يكرههم في الله، إلى درجة أنه يطلب من رسول الله ﷺ أن يدعو عليهم، فرفع رسول الله ﷺ يده وظن الناس أنه سيدعو عليهم وقالوا: هلكت دوس؛ لكن الرسول ﷺ الرحمة المهداة، والحريص على كل نفس، والحريص على كل البشر، سواء كان يعرفه أو لم يعرفه،

رآه أو لم يره مطلقاً في حياته، يحرص على قوم الطفيل أكثر من حرص الطفيل نفسه على قومه، فرفع الرسول ﷺ يديه وقال: (اللهم اهد دوساً وأت بهم، ثم قال للطيفل: ارجع إلى قومك فادعهم)، وبعد ذلك قال له كلمة في منتهى الرحمة: (وارفق بهم)، والظاهر أن الطفيل قد حكى له ماذا عمل مع والده ومع زوجته، فرأى الرسول ﷺ أن هذه الطريقة لا تنفع مع بقية القوم، فقال: (وارفق بهم)، والرفق بالناس أي: الرحمة بهم.

.. يتبـــــــــ؏.....


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 10:30 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا