في كل مرة نرحل ونختار من الأوصاف الشعرية ما يدخلنا بيئة معينة،،، عادة يكون البر وحياة البادية تحكم قوانينها ،،،اليوم نحن مختلفين ،،، لكن مع ذلك متقدمين في مسار سباق الألفاظ والمفردة والمعنى،،، نقضي رحلتنا بين بر وبحر فلم نلتزم بشريعة " خلك من البحر وأهواله ورزق الله على السيف " بل على العكس تماما خضنا المغامرة ،،، حيث شاعرنا أحب أن يجابه ذاك البحر،،،

عشق أجواء محاكاته استل من عبق ماضيه رحلة على متن محمل الغوص يبحث عن دانته في أعماق بحار الخليج الدافئة،،، مع إنه لا يجيد العوم لكن البحر كان له منظر عدم المقاومة فالمجازفة بالعمر كان حلم عمره ،،، ومن يتهيب صعود الجبال سيعيش طوال العمر بين الحفر ولأن العمر مرة والعشق الحقيقي يأتي بالعمر مرة فكانت المراهنة على الحياة لأن العمر لا حياة له دون من يهواها القلب،،،


بطاقة الصعود على متن المحمل هواها حيث نبضات قلبه كانت دليله وبوصلته ،،، وإن حصل بعدها ما يحصل لأن كل شيء في الحياة مكتوب قدر خُط منذ قبل الوجود ،،، منذ أن كان شاعرها مجرد من الوجود كان وقتها في العدم حتى حضر للدنيا فعاش في عالم الموجودات كان يعتقد أن المرء يحيا بعالم طالما هو موجود لكن علم أن الوجود الحقيقي مختلف عما كان يعيه تلك الحقيقة أدركها منذ نبض القلب تغيرت طبيعة خفقاته ،،، كان ينبض نعم ،،، كان يدق تلك الدقات لتخبره أنه من عالم الموجودات ،،،

لكن عندما تغير نظام الدقات بين علو وهبوط ،،، تقرب لتزداد خفقاته تغيب ليضعف ويعتصر ويشكو حنين علم أن الوجود مختلف فبعض الوجود معدوم إن لم يكن يعنيها

شاعر من طراز مميز جدا،،، أراه شاعر منصات بالتأكيد رغم أني ولا مرة وقفت بساحاته لكني لن أفوت فرصة الدخول لعالم البحر والتمتع بصخب الموجات وغضبها فالعرض مغري العرض ابداع لنخض غمار أول مغامرة لنجمعها لمغامرات بين بر وبحر لا يهم ،،، الأهم أن نجد روعة الوجود لا مجرد وجود للوجود فقط،،،

هل كل شيء قسمة ونصيب
؟؟؟

يقول الشاعر السامر في كلمات قصيدته " آهات " ترنم على ألحانها خالد عبد الرحمن
" وأقول للي بالجفا عذبتني *** عسى الشقا من بيننا بالنصيفة "


يرى تلك القسمة العادلة كي تحس معاناة حبها ،،، علها بعد شعورها ذاك تعشقه من احساسها كم تعني له ،،، بالمناصفة قابل أن يكون ذاك الشقا على الرغم لا يهون من يهوى تعذيب محبوبته لكن حاله الحب والهوى مؤلمة هنا فهواها يعذبه وهي لا تلتفت فكانت تلك الأمنية ،،، كانت تلك رائعة
و
شاعرنا
بو نوره
في هواه المقسوم يمثل رائعة جديدة
في
" الهوى مقسوم "

العنوان يدل على أن الهوى هنا بمعنى ((الحب)) جاء قسمة ونصيب من باب أنه كالرزق مقسم ولك حظ مكتوب به ،،، لكن لنتوقف هنا وقفة تأملية هل بالفعل من يحب يقبل القسمة لو كانت ليست من نصيبه كشكل ظاهري ؟؟؟

بالطبع لأ ،،، وسيعمل جهده حتى ينال حبه وعشقه وهواه ،،، هنا سيتبع طريق " أنا لا أعلم الغيب " فكيف أقر أنها ليست من قسمتي ؟؟؟ ليست من نصيبي ؟؟؟ هذه الخدعة وإن بدت للتحايل لكنها حقيقة من أهتوى قلبه ،،،

العاشق لا يستسلم بسهولة وإن استسلم فذلك لم يكن حبا سيكون إعجاب ،،، قد يكون تقلب عاطفي لكن بالتأكيد لن يكون حب صادق القلب عند حبه الصادق يجد وتدا مغروسا بأرضه كجذور أصيلة ممتدة الأعماق،،، لذا نجد شاعرنا هنا يتخذ العنوان ويخالف ذاته مرات نعم للحب صد وجفوه لكن لا يكون هجر عواطف ،،،
العنوان رائع لو أخذناه من جانب آخر لو جاء مناصفة لكن هل يقصد شاعرنا هنا المناصفة بينهما؟؟؟ سيتضح ذلك في بيت الختام ،،،


جمالية العنوان أنه أسبغ على القصيدة محاولة عاشق اقناع ذات لا تكاد ترضى بظاهر قسمتها المقدرة في تلك اللحظة الآنية ،،، تمثل حقيقة عشاق يحاولون أن يكون سندا للذات كعضيد يكفكف الدمع ،،، ويسند الحيل ،،، وشعر شاعرنا أبو نورا ما فيه حيلة
،،،

((1))

أنا لي ثلاث ايام ما ذقت طعم النوم
عسى الله يرحم حال من زادت احزانه


بدأ شاعرنا يبث شكواه ثلاثة أيام لم يذق بها طعم الكرى والنوم،،، جافاه النوم وهجره وحل السهر بديل ،،، ويا ليل ما طولك على قلب ما طال مبتغاه ،،، فالنوم راحة وشاعرنا يقاسي الأمريين فلا نوم ولا راحة تلك الحاجة الفسيولوجية التي فطر عليها الإنسان لقدرته على القيام بحياته،،، لشحن طاقته وتجديدها ،،، هنا الإرهاق كان يمثله ،،،

يعبر الشاعر عن شتات الحال فما حال من لم ينم ؟؟؟ تعب مرهق مشتت يضيع منه التركيز،،، لكن للآن لم نعلم سبب ذلك الأرق؟؟؟ علمنا هناك ضيقة؛ حيث الشطر الثاني به فعل من أفعال الرجاء " عسى " والتوجه من خلال ذاك الرجاء لله لربما يغير الحال ويبدله برحمته الواسعة التي وسعت كل ما في الكون ،،،


يدلنا الشطر الثاني كم شاعرنا يعاني لذا كان طلب الرحمة لذاك الحال الذي لا يسر ،،، وليت الأحزان تقف عند حد بل هي متزايدة نستشعر وكأنها فاضت عن الحد المعقول ،،، بيت يكتبه ألما جميل الألم جميل في حالة شاعرنا لأنه ولد إبداع أما حال الإنسانية تتمنى وترجو بعسى يغير ربي الحال ,,,

‘‘‘

" ثلاثة أيام ": كناية عن الفترة الزمنية للدلالة على أمر حزين مهم خيم على حال شاعرنا فهجره النوم ،،،


هنا ملاحظة الأمور التي لا تشغلنا لا تُسهرنا نعم حقيقة هي ,,,,


" ذقت طعم النوم": استعارة،،، شبهت النوم بطعام قابل للتذوق الغرض منها: بيان أن الراحة لم تعد تحت سيطرتك لخطب ما قد ألم بك وسبب لك ألم غض مضجعك,,,


" عسى" : من أفعال الرجال كناية هنا عن الدعاء وطلب الرحمة من الله حيث فاض الحزن وتجاوز حد صبرك ،،،


" زادت أحزانه": استعارة،،، شبهت الحزن كمادة قابلة للنمو والتزايد غرضها: لبيان تفاقم الوضع عن ما كان عليه ،،،


رائعة الصور
،،،

(( 2 ))


اعالج هموم الناس وأمسيت انا مهموم
وحظي المعاند صك قفله وبيبانه!!

سمعنا عن من يملك دواء الناس ويعجز يداوي نفسه ،،، من باب مثلنا القائل" عندي دوى الناس وما عندي دوا روحي" هنا الشاعر يعبر عن هذا المعنى وهو مضرب المثل عاجز عن إيجاد حل لمشكلته وهو يحل مشاكل خلق الله ،،،

كطبيب يعالج الناس وعلته عجز يوجد دوائها بارع عند الكل إلا نفسه ،،، فمن يعالج ويحل هموم الناس في نهاره يأتي مساءه ليرى همومه تتكالب عليه،،، فيسخر من نفسه هنا ويخاطبها" أنا جاي من حل ومعالجة مشاكل الناس وكأني أوصف لهم حل سحري وأجي عند نفسي وأعجز" ذاك التناقض رغم ما يبثه من أحزان إلا أنه دعا شاعرنا ليثير المضحك المبكي تلك " سخرية قدر " وكأن الذات تسخر من ذاتها تُسخر جميع إمكاناتها للأخرين وتعجز أمام ذاتها ،،،


وكم جاء اختيار وقت " المسااا " رائع حيث هنا خلوة النفس ومراجعة ومحاسبة للأمور في الحياة فالانشغال مع معمعة الناس وصخبهم ومشاكلهم نهارا ألهاه نعم لم ينسى لكنه شُغل أما الليل فمن يسليه عن تلك الهموم إذا كانت هي السلوى والبلوة معا ،،، روعة هنا


ذاك الحظ يقف موقف العنيد الذي أرهق صاحبه ،،، حظ يتسم بصفة " العناد " هل العند صفة مرهقة؟؟؟ واللهي صدقت شاعرنا أقوى صفات الإرهاق العند فمن أكثر ما يجر الشخص للتهلكة العناد لهذا قال الله تعالى في سورة إبراهيم " وخاب كل جبار عنيد " هنا الربط بين من يتصف بالجبروت والطغيان وبين العناد لأنه يؤدي للتهلكة ،


طبعا هنا الله يقصد العند في تقبل الدين ،،، لكن لو قسنا ذلك على تصرفات البشر لرأينا العناد مرهق حتى لو كان الشخص يعاند ذاته ،،، لهذا عندما نعاند أيقن اننا نُرهق لذا أبدعت جدا في اختيار " العناد " للحظ كون الحظ معاند هنا معنى الإرهاق متجسد تماما ،،،