" 8"

وانا صابر ٍ صبر الجمل والزعل مكظوم
تحمّلت مشروه الخبالين من شانه

"9"

اعد الدقايق والثواني و يوم بيوم
لكن الليالي لو وفت يوم خوّانه !!

ما حيلة عاشق غُلب على أمره لا يملك من أمر قلبه شيء سوى أنه يرعيه ويمنيه بالصبر،،، صبر كبير لحمل ثقيل " صبر الجمل للحمل " صبر فاق الحد وجاوزه فلا هو يستطيع اقناع القلب بتغيير بوصلة القلب ولا هو نال الملاقاة ليرتاح ويريح هذا القلب من العناء والتعب،،، خايف من طيحة الجمل وتكثر سككينه لذا هو يتحمل تفاهه من يعدهم خارج نطاق العقل والحكمة والتفكير،،،

هؤلاء الذين لم يجربوا معنى الحب ويجهلون ماهيته ومستمرين في اللوم ،، وليت الملام من ناس تسوى وتستحق الحشيمة هم فئة حاشم نفسه عنهم ،،، " الخبالين " الغير راكز والتافه لكن كل ذلك من سوايا ما صنعته به ،،، لذا كان الغيظ مكظوم ،،،

لأنها أغلى مما يجعلها حقيرة الشأن بينهم من حبه لها وعشقه آثر أن يستر على ما يعانيه جراء ما تفعله به ،،، زعلان منها لحد الغيط ،،، مع ذلك يحبها لدرجة عدم التصريح ،،، يبقى لهم ما لا يستطيع كتمانه ،،، حاله الظاهر المتدهور من الحب ،،، بادي وواضح لكن استحاله يقول: هي سبب علتي ،،، هي اللي سبب شقائي الحب تكظم ولا تصغر شأن من يهواها القلب ذاك منظاره الذي اشقاه ،،،

والروعة هنا تتجسد في استخدام لفظ " مكظوم " فالزعل أنت صاحبه وأنت كاظمه ،،، من الأشخاص الذي يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " الكاظمين الغيظ " لأن التحكم في النفس نادر من يجيده من الأساس لكن هنا أيضا دعنا لا ننسى هيامك بها كان جزء من ذلك الكظم أكيد ،،،

بعد ما تقدم تأتي الآن للأهم ليلوم من يلوم وليعاتب من يعاتب ذلك كله غير مهم المهم متى تحضر هي ؟؟؟ متى تأتي ؟؟؟ فمنذ غيابها وأنت تعد كل جزء من غيابها من أكبر وحداته حتى أصغرها حتى الثواني تعدها ،،، ترى أيام معدودة على اصابعك ليست محسوبة من عمرك ،،، اللهفة والشوق واضحة هنا روعة جدا،،،

لكن مع ذلك كأن الليالي في صفها كأنما متفقة معها أن لا تخون عهد هجرها ،،، لذلك توفي لها وتخونك أنت بعدم حضورها حتى وقتك متفق معها عليك لا يخذلها وأنت تتمنى ليته يخذلها ويتركها تجي وتأتي لأنك ما عدت تطيق بعادها ،،،
حقيقة


الساعة جدا بطيئة في غياب من يهواها القلب مهمته العد ثم الانتظار ولا شيء سواه وفي القرب الساعات والأيام والسنوات تطير حقيقة عبرت أنت عنه بكل روعة
مبدع شاعرنا جدا ،،،

وانا صابر ٍ صبر الجمل: كناية عن همومك الثقال،،،

الزعل مكظوم: كناية عن سترك على ما صنعته بك من هموم وألم ،،،

مشروه : كناية عن اللوم والعتب ،،،

الخبالين: أما الخبلان فهم كناية عن الناس ذات الفكرة التافه الغير سوي ،،،

اعد الدقايق والثواني و يوم بيوم: كناية عن اللهفة والشوق

لكن الليالي لو وفت: استعارة شبهت الليالي كإنسان يتسم بالوفاء أو الخيانة غرضها: بيان إن الغياب مستمر فالوقت لا ينصف شعورك وتلك الليالي شاهدة لأنك تسهر ليلك،،،

وفت يوم خوّانه: وفت وخوانه طباق إيجابي الغرض بيان غيابها المستمر

روعة جدا ،،،مبدع شاعرنا

"10"

انا في لجوج الحب ما عاد اعرف العوم
طبع محملي واندار دقله وسكّانه

"11"

ولا شك هذي علتي و الهوى مقسوم
من الله عظيم الشان والعرش سبحانه

بعد تلك الحال أنت عايش دونها كأنك بظلمة حالكة ظلمة ليلة حالكة السواد بها متتابع وإن كان النهار لا تزال تلك الليلة مستمرة ،،، وكأنه موج متتابع الأمواج عميق كلا الحالتين تناسبك من غيرها ،،، وقد ورد لفظ " اللجة " في عدد مواضع من القرآن الكريم بمعنى الظلمة والبحر العميق ،،، في سورة المؤمنون الآية 75 قال تعالى:" ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون"

وفي الآية 40 من سورة النور قال تعالى:" في بحر لجي "

وفي سورة النمل الآية 44 " فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها"

فحبها كان رمز للبحر العميق بأمواجه المتلاطمة و الليل الحالك وكأنها قمرك وشمسك معا ،،،


وكأنك سفينة في عرض البحر ومن الواضح أنه من البيئة الخليجية اللفظ يدل على أنه ذاك المحمل الذي سُمي بذلك الاسم لأنه خصص للغواصين ويقومون بتحميل حمولتهم عليه من البضائع والأحمال ،،،

المحمل سفينة خشبية كبيرة لها عدة مسميات في الخليج منها: السنبوك والشوعي والبتيل والسنيار وغيرها كانت تخرج بلحظات الغوص ومن أكبر وأبشع الكوارث " طبع المحمل " والطبع هنا بمعنى الغرق

والله يا شاعرنا جلبت لنا متعة حديث شيق من ثقافة تغيب عن الكثير من القصايد فكم قصيدتك اليوم ذات ألفاظ ومعاني نادرة ،،،

نعود لقصيدتنا طبعا أهل البحر لهم علم كبير بأمر المحامل اللي يترأسها النوخذة أو ما يُعرف اليوم بقبطان السفينة ،،، والآن تتضح معنى " لجة " بشكل أكبر حيث البحر ،،، وما يتعلق به من محمل وعوم ،،،

العوم = السباحة خبري النوخذة ما يأخذ معاه من لا يجيد السباحة لكن الشعر يصح فيه ما لا يصح لغيره وأنت ابدعت وبشدة هنا ،،،


أنت تجهل فنون ذاك الحب هنا نستشف إن حبها هو الأول بحياتك ذاك الحب الذي جاء عن قدر أنت لم تعي هذه المشاعر إلا معها وكأنك تخبرها بأنها ذاك الحب الأول والأخير حب حقيقي ،، لذا أنت غارق في بحرها ،،،


من روائعك اليوم هناك روائع أنت تعبر عنها من حيث لا تعلم ،،، لهذا تفردت بشاعريتك ،،، " ما أعرف العوم " هنا يحضر نزار قباني بقصيدته " من تحت الماء "


لو اني اعرف ان الحب خطير جدا مااحببت

لو اني اعرف ان البحر عميق جدا ماابحرت

لو اني اعرف خاتمتي ماكنت بدأت

الموج الازرق في عينيك يناديني نحو الاعمق

وانا ما عندي تجربة في الحب ولا عندي زورق

اني اتنفس تحت الماء اني اغرق

اني اغرق اني اغرق اغرق اغرق

ياكل الحاضر والماضي ياعمر العمر

هل تسمع صوتي القادم القادم من اعماق البحر

ان كنت قويا اخرجني من هذا اليم

فانا لااعرف لااعرف فن العوم

أنت تمثل هذا المعنى كله تتصور !!!

نعود مرة أخرى لمحمل طبعان غارق ذاك المحمل الذي فقد فيه ربانه السيطرة على توجيهه،،، ربان ضاع في بحور الهوى فلم يعد المقود رهن تحكمه " سكانه " فالسكان هنا هو مقود وسيلة المواصلات وهو فعلا مشهور لدى أهل الخليج كلفظ ،،، كما إن شراعه توجه لغير هدفه وكأنه انحرف عن مساره الصحيح " اندار " من غير الاتجاه الله والله على الألفاظ الرائعة التوظيف ،،،


في الأخير تقول هذه بلا شك هي علتي متمثلة بها يقين لا شك ،،، هي ولا سواها افلت زمام الأمور من يدك ،،، ومن يستطيع على عاشق أكثر من محبوبته ،،، هي علك ودواك ،،، هي هواك كرزق مقسوم لك من السماء ،،، وعسى الشقى يكون بالنصيفة لينصف القدر ربان عشق دانته أليس هي أمنيتك فلتكن كما تمنيت ،،،

لجوج الحب: استعارة حيث شبهت إن الحب كالبحر المظلم الغرض منه بيان إنك تايه بحبها وغرامها،،،

اعرف العوم: كناية عن الضياع من غيرها وتشتتك،،، كما إنها حبك الأول والحقيقي،،،

طبع محملي: كناية عن غرق السفينة والغرض منها بيان أيضا ضاعك من غيرها لدرجة الاختناق ،،،
واندار دقله: الدقل وهو صارية السفينة التي تثبت عليها الشراع أي غير الاتجاه والغرض هنا بيان حالك في البحث عنها كذلك الشتات والضياع


وسكّانه: السكان " مقود القياد " كناية عن فقدان السيطرة على الحال

روووعة هنا بقمة الجمال مبدع وبشدة