|
موضوع مُغلق |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-05-21, 09:14 PM | #25 | |||||||||||
|
صافحتهُ بيدٍ باردة ظاهريا بينما داخلي يرتجف ألماً وبؤساً ،ضغط على يديّ بقوة ، وكلمات المجاملة التقليدية التي ألقاها على مسامعي بعد السلام احسستها كالحمم البركانية تحرقني ، عيناه تقتنصان كل حركة لي ، يعرف أن وراء ملامحي اللامبالية قلباً جريحاً وهو سيفعل كل ما يستطيع ليجعل هذا الجرح مفتوحاً لوقتٍ طويل ، كعادته في كل مرة نتقابل فيها .... جلست في ركن قصيّ من المقهى الشعبي ورطبت حلقي ببضع رشفات من العصير ، فاليوم لا يزال في أوله ، ويبدوا أنه سيكون من أتعسها ذلاً ومهانة . لم أكن اتوقع في يومٍ ما أن أكون بمثل هكذا مواقف ، لكن الظروف أقوى من الإرادة تقهر كل أمل وتفاؤل فينا مع تلاحق خيباتها ! تذكرت جملة قالها لي يوما جعلت حلاوة المشروب في فمي كالعلقم بمرارته " أنا عمك والعم والد ، وفي أي وقت تحتاجني سأكون بجانبك " حقا كدت انسى تلك الكلمات أنا حتى لا اذكر نبرات صوته آنذاك ، لأتبين على الأقل صدقها من عدمه ، كل الذكريات معه إختلفت وتشوهت فلم أعد أعرف من الظالم و المظلوم فينا ! أنا ام هو !! - متى ستسدد بقية الدين يا أبن أخي ؟ توقفت كل الأصوات الجانبية حتى تلك التي إحتلت أفكاري ، هاقد بدأ أسطوانته المكررة في كل مرة ، لكن يبدو هذه المرة ستكون مختلفة ، فصوته العال يدل على أنه سينفذ تهديده وسيظهر ما بيننا للناس " بفضيحة " كيف الهرب والى أين ؟ وأنا محاصر بهذه الأعراف البالية التي لا تنجيك من القريب المؤذي تحت مسميات كثيرة ، ، إحراج جارح أتحمل مرارته هنا على مرأى ومسمع من رجال الحي الذين سيتناولونه فاكهة لحديثهم لأيام وشهور و يبدو أن هذا ما يطمح إليه الآن " الفضيحة " ، رغم أنه يعرف جواب سؤاله فقد سألني هذا السؤال في اتصال هاتفي عند الصباح !! - عمي حماك الله لقد أخبرتك أني سأعطيك دفعة نهاية هذا الشهر أم أنك نسيت ، حاولت الرد عليه بصوت هادئ قدر الإمكان فصبري منه قد بدأ ينفذ علي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعتي قبل أن يكمل بقية كلامه ، رغم أني أعرف في قرارة نفسي أنهم سيصدقونه ويكذبوني فعمي رجل كبير بالسن وقور الهيئة ، صنع لنفسه سمعة بماله وسطوته بالحارة ، فلولا أني رأيت وجهه الآخر لكنت صدقته وكذّبتُ نفسي اكملت : - كما أن المتبقي مبلغ بسيط لم يعد هناك غير ربع الدين والحم ... لم أكمل كلمتي الأ وقد طارت الطاولة بما فيها على رأسي ، تسارعت اللحظات كالحلم فلم أشعر الأ بحرقة تسلع جانب وجهي وقد اصابته قطعة زجاج طائرة أصوات كثيرة تداخلت هنا وهناك - هوّن عليك يا حاج - اولاد آخر زمن لا يحترمون الكبير - ناكر للمعروف ، هكذا يجازي عمه الذي لولاه لكان إلى جانب يُتمه مشردا !!! شعرت وكأن ظهري كُسر ، وكل نفس آخذه يتحول في رئتاي إلى شظايا زجاجية تنزف ما تبقى لي من كرامة وعزة ذات، هذه المرة فهمت حقا معنى قهر الرجال ، كل ما عانيته في حياتي في كفة وهذا الموقف في الكفةِ الأخرى نهضت من مكاني وعيناي لا ترى سوى موضع قدمها، لم يعد أي شيء مهما الآن ، إنتهى كل إحترامٍ وحبٍ كنت أحمله في قلبي لعمي . لِمَ يفعل كل هذا ؟ إذا كان يريد دينه فقد إتفقنا على أن يكون كدفعات كل نهاية شهر وأنا ملتزم بها فماذا يريد ؟ لم أجد إجابة شافية للسؤال الذي في بالي أبدا . فقط ليته يعلم أن الظلم ظلمات وكل كلمة و موقف هي دين على ظهره . فتحت باب المنزل بهدوء وكما توقعت وجدت زوجتي في الإنتظار . - الأصوات كانت عالية جدا في الشارع ، يا الله !! ماهذا الجرح على وجهك ! تعال تعال إجلس سأنظفه لك .. أحضرت مافي يدها وبدأت بمسح وجهي بقطعة قماش ودواء وهي تقول : - زوجة عمك جاءتني إيضا ، تقول أن هذا البيت لزوجها وليس ملك والدك وأننا عائلة سارقة ،والكثير من الكلام الذي لم أفهمه ، حسبي الله ونعم الوكيل . خطر على بالي أن هذه قد تكون إجابة سؤالي ، و أنه ربما بينه وبين والدي في الماضي مشاكلٌ وأحقاد ، و لازال يحملها في قلبه إلى الآن ، ويبدو أني من سيتحمل نتائجها ، لكن بالنسبة لي لم يعد السبب مهما، حقا لم يعد مهم ابدا ... -هذا يكفي رائحة المطهر تخنقني ، اليوم كان طويلا ومتعبا جدا سأنام قليلا لا توقظيني ... لم يشعر كم المدة التي نامها ، كانت غفوته مليئه بالكوابيس والمواقف الكثيرة مع عمه الصوت هذه المرة كان اعلى وكأنه حقيقي * سالم إنهض إبن عمك إتصل لقد وقع حادث لعمك وهم في المستشفى الآن ! قفزت من مكاني بمجرد إستيعابي للكلمات ، طوال الطريق كانت اللحظات والمواقف تتصارع في رأسي ، لم أتذكر منها سوى المواقف الجميلة وكأن السيئة محيت من ذاكرتي ولم اعد اذكرها الأ كالحلم وصلت إلى المستشفى وقابلت أبناء عمومتي ، يقولون أن الطبيب أخبرهم إنه بحاجةٍ للدم بسرعة عاجلة ، ليس في العائلة كلها من هو بنفس زمرة الدم السلبية الأ انا وعمي وافقت بدون أدنى تفكير ، كل الفحوصات كانت مناسبة أدخلوني لغرفة جانبية خاصة ، وسرحت بأفكاري سبحان الله قبل ساعات أسآل دمي والآن يحتاجه ، إنتظرنا طويلا إلى أن إستقرت حالته و تم نقله لغرفة أخرى ، وحين عرف بقصة قدومي وتبرعي أصر على رؤيتي له ، هيئته الضعيفه ملئت قلبي بالرحمة والعطف كلمة واحدة رددها على مسامعي بكل رجاء وقلة حيلة - سامحني ، سامحني . -لا عليك يا عمي انا نسيت كل شيء والأهم الآن هي صحتك فقط . خرجت من المشفى وأنا احس بالحرية ،فالدين قد سُدد أخيراً ، نشوت الفرح الكبيرة أعمتني ، لم ألاحظ أني قد تجاوزت الرصيف ، سقوط عنيف ، صفحة سماء زرقاء ف ظلام دامس ... | |||||||||||
|
11-05-21, 09:29 PM | #26 | |||||||||||
|
ثلج ... لحظية
-ثلج ، ثلج !! ابي امي انظروا السماء تُثلج !! في باحة المنزل اصيح فرحاً ، هذه أول مرة أرى فيها ثلجا ، يخرج والدي من بيتنا متفاجئا ، وقد غطى بياض الثلج كل الأرجاء : - سبحانك ربي ، سبحان الله العظيم ، الله اكبر ، الله اكبر ... فتحت عيناي وصوت والدي الفزع لايزال يرن في اسمعاي مهلاً هذا ليس حلما بل صوته حقا !! - إلى أين تذهب ، أنت بالكاد ترى نهاراً ، فكيف بهذا الظلام الحالك ؟ - المساجد تنادي حيّ على الجهاد ، ماذا تريدين أن أفعل ؟ ، لقد سُلّمت كل المعسكرات لجماعة "**" وأصبحوا على مشارف المدينة ، لا خير فينا إن تركناها لهم ... فتحت باب الغرفة وخيال والدي الحامل لسلاحه ،يجتاز عتبة الباب فيبتلعه ظلام الليل سريعا ، صوت نشيج والدتي وكأن روحها تُنازع ، من قال أن المرأة لا تجاهد ،ها هي صابرة شامخة ، أحبابها يسيرون للموت بينما هي تحتسب أجر الفراق ... - هل سنذهب من دون والدي !؟ - سيعود إن شاء الله قبل ذهابنا ، لنكمل التجهيزات ، بضع ساعات وستشرق الشمس ، سننتظرهم حتى ذلك الوقت .. - من هم ؟ هل ذهب معه كل أهل الحارة ... - نعم ذهب معهم كل من يستطيع حمل السلاح. إذا حتى إخوتي معهم ، تساقط دمعي ، الحزن لم يتوقف على أرضنا منذ بدأت هذه الحرب اللعينة ! فتحت نافذة غرفتي بعد سماعي لبعض الأصوات ، تحت تحذير والدتي ، البيوت كأنها خاوية ، لا ضوء لا شمع ينير ظلام ليلها فأي نور هنا يصبح ضحية لقناصين الشر من على سفوح الجبال ، يهيأ لي سماع نياح قلوب المودعات لرجالهن ،و دعواتهن ، تكبيرات المساجد عادت بصوت أقوى تؤازر المجاهدين ، تربط على افئدة المنتظرين ... ،حيّ على الجهاد حيّ على الجهاد يختفي صوت إحدى المآذن بعد دوي انفجار فترفع المآذن الأخرى تكبيراتها ، يأتي الصباح محملا بما تبقى منك يا أبي ، يغطي الموت مدينتنا كالثلج في حلمي ، متألمة هي ، كقلوبنا المفجوعة برحيلك ... تمت ... | |||||||||||
|
11-06-21, 04:14 PM | #27 | |||||||||||
|
الجوعى لا ينتصرون ...
- لم اعد استطيع اعطائك أكثر ، الدين عليكم أصبح كبيرا... فتحت الدولاب الوحيد في المطبخ ، تناظره بحسرة وقد خلى من أي مؤونة إلّا من بعض العدس في كيس صغيرة ، وكأن البقال يعرف أني سأطلب منه دينا آخر حتى يسبقني برفضه ! هل يمكن لومه حتى ؟ لقد تحملنا لأشهر والحال هنا سيئ على الجميع ، عدا أن حالتنا تبدو أسوأ هذه المرة . رنين الهاتف المعلق على رقبتها بخيط ايقظها من شرودها ، هذا بِكرها مُحسن ومن غيره يذكرها ، فتحت الخط بلهفة . - يوم السعد ، اليوم الذي اسمع فيه صوتك يا حبيبي ، قل لي كيف حالك ؟ هل تأكل جيدا ! هل تنتبه لنفسك كما اوصيتك ؟ - على مهلك يا أمي انا بخير ، لا املك رصيد اتصال كثير هذه المرة ، لكننا نتقدم في الجبهة ، نحن ننتصر يا أمي ، ادعي لنا بالتوفيق ، انتبهي لصحتك و لأخوتي . - في حفظ الرحمن ، استودعتك الله يا ولدي . خجلت من نفسها حين اوحت لها أن تقول له عُد ،بالرغم من أن الحرب قد دخلت عامها السابع ولا يوجد أي امارة للإنتصار إلّا ان كلامه مطمئن الآن ، ربما قليلا من الصبر لن يضرّ ، وهي ستحاول تدبر أمرها إلى ذلك الحين . مساءً اخذت الهاتف لتستبدله ببضع وريقات نقديه ، تشتري بها الخبز والماء ، هكذا توالت الأيام ، ينقص فيها كل يوم شيء من البيت ، بكى اولادها كثيرا حين باعت التلفاز لأحد الجيران ، لكنها لم تتوقع أن يرفض اعطائها النقود واعتبرها تخليص للدين الذي عندها ، استغل ظرفها لتبيت في حسرتها تلك الليلة . في اليوم التالي وقفت طويلا امام المخبز ، لا تعرف كيف تفعلها وبأي طريقة ، بخطوات مرتجفة اقتربت وقد عزّت عليها نفسها أن تفعل ذلك ، خرج صوتها خافتا ذليلا ،ليعرف البائع ما تريده لحظتها ، استبشرت اساريرها من تحت الخمار البالي الذي يغطي وجهها حين رأته وهو يضع لها بضع حبات من الخبز في الكيس ، لكن الواقع ابا الأ ان يصفعها ليعيدها إلى مرارته . - لا تعودي يا خالة ، نحن نعلم بظروفكم لكننا على هذا الحال سنفلس ، فمثلك كثيرون ولسنا جمعية خيرية ! انكسرت ، أخذت نفسها تجرّها بثقل وكأن على ظهرها جبل لا يتزحزح ... مرت المزيد من الأيام الموجعة ، انين البطون اصبح صداه يملىء جدران ذلك البيت المتعفف ، على غير هدى خرجت هذه المرة ، الضياع سبيلها الوحيد ، تخبطتها الطرقات وأكلت لحمها العيون ، هل ستفرط بآخر شيء تملكه ؟؟ شرفها !! كيف لها أن تفكر بذلك حتى ؟! على طريق عودتها تمزق حذائها لتلامس قدماها تراب هذه الأرض ، جاف ، ساخن ، يلسعها دون رحمة ! منذ متى كانت هذه الأرض طيبة ؟ كم اخذتي مني ؟ هاه! إلى متى ؟ بداية بوالدي ثم الأمان و زوجي سندي والآن اللقمة التي نسد بها جوعنا ! الأ يحق لي بعد كل ما فقدته أن أعيش عليك عزيزة كريمة ؟ ها أنت تمتصين دموعي ، كما كل شيء ، تأخذين دون أي عطاء! ماذا ابقيتِ لي ! تذكرت !نعم !!بقي لها شيء واحد ! بأقصى ما تملك من سرعة اخذت وجهتها توسلت كثيرا على الهاتف العمومي .. وصلها صوته المتألم ، فمن ذا الذي سيتصل به غيرها ؟ - أمي ، لقد هزمنا ، جميع أصدقائي استشهدوا بصاروخ ، أمي لم يبقى لهم أي اثر سوى بقايا متفحمة ، ماذا أفعل امي ؟ أشعر أن قلبي يتمزق ألماً !! علت شهقاتها بوجع ، هاقد ذهب كل صبرها هباءً - عُد إلينا أرجوك ، نحن بحاجتك ، عُد يا بُني ، عُد فالجوعى لا ينتصرون ... تمت | |||||||||||
|
11-06-21, 04:25 PM | #28 | |||||||||||
|
الزوار 7 منورين ملاحظة صغنونة : القصص بقلمي لا تنسخوها رجاء ^^ | |||||||||||
|
11-07-21, 06:35 PM | #29 | |||||||||||
|
امس كان يوم طويل ومتعب واليوم خربتها شاي من هنا وكعك من هناك وين الي يقولوا ان الأكل يعدل المزاج | |||||||||||
|
11-07-21, 06:38 PM | #30 | |||||||||||
|
أول الشر
صوت المركب يبدد هدوء المكان ، خيوط الشمس المشرقة تلامس البحر بخجل فبدت كذراتٍ من الألماس تتلألئ على سطحه ، منظر لا يراه كل يوم بسبب انشغاله بظروف حياته ومشاكلها التي لا تنتهي . ضربة يد سالم القوية على ظهره مع صوته الصاخب عكر عليه صفاء نفسه. - هيا ابتهج يا مازن ، الرحلة من اجلك ، لنخرجك من كآبتك هذه. تنهد بيأس : - هل تظن أن هذا سينجح ، أبدو كمن يهرب من مشاكله ! - وكأنك ستظل هنا مدى الحياة ، يومان لن ينقصا او يزيدا من أمرك شيئا . (سالم ، عوّاد و فهد ) أصدقاء طفولته ، تربوا في بيوت متلاصقة الجدران فكانت علاقتهم أشد قوة من أي قرابة دم ونسب، لكن في آخر السنين بدأت الأقدار في زعزعة استقراره فأخذت الديون تغرقه وتكبله ، تارة بسبب مرض ابنه واخرى بسبب حادث سيارة الى أن أصبحت الحياة بالنسبة له ايام أخرى من شقاء و كبد . القى بنظره على أصدقاءه الضاحكين ، لقد كان في حرب طويلة مع حسده الذي ما ينفك عن مقارنة وضعه بهم ، فقد كان المستقيم بينهم لكنه الأسوأ حظا والأكثر تعاسة ، كان سالم يريهم مافي كيسه خلسة عنه وكأنه لا يعرف أنهم يذهبون الى تلك الجزيرة للشرب وتعاطي الممنوعات ! لقد كانت بالنسبة له جزيرة الجحيم فلا يجتمع بها الأ شياطين الأنس ، لكن الآن هو في حاجة للإبتعاد ولا يهمه المكان الذي سيذهب إليه ابداً! اطلّت عليهم الجزيرة بساحلها الذهبي المبهر وجبلها الصغير الذي يتوسطها ، اوقف سالم القارب وثبت المرساة ، اعدوا كل شيء في دقائق قليلة ، سيعودون للبحر للصيد وهو سيبقى هنا يحرس الماء والطعام حتى لا تأكله الكلاب والسحالي المنتشرة بكثرة هنا . بقي لفترة بعد ذهابهم يراقب ثم اخذ في التمشي هنا وهناك يستكشف طبيعة المكان ويتمتع به ، اصطدمت قدمه بشيء صلب لتفيقه من سرحانه ، ارتطم جسده على الرمل بقوة - ماهذا . لقد كانت صخرة شمعية مائلة للبياض ذات رائحة عفنه ، سحبها الى وسط الساحل بصعوبة ، لا يصدق عيناه ، هل هذا عنبر ؟ رآه بضع مرات مع الصيادين المحظوظين لكنها كانت اصغر حجما ، لم تكن بمثل هذا الحجم الهائل ، تبدو بوزن ثمانين كيلو او اكثر ، لا يريد أن يتوهم بأحلامه ، سينتظر عودة سالم ليتأكد . في لحظة وصولهم كانت الشمس قد مالت للغروب ، تناولوا عشاءهم بنهم شديد وقد نال منهم الجوع الشديد . - سالم تعال اريد التحدث معك قليلا . مشى معه سالم بتذمر وكسل ، كان يريد اخذ قيلولة قصيرة من أجل سهرتهم ليلا . - انظر . فُتحت عيني سالم على مصرعيها ، لا يصدق ما يراه - هذا عنبر !! اخرج ولاعته من جيبه بسرعة واشعل طرف صغير لتفوح رائحة لطيفة في الأجواء ، اطفأها بسرعة وقلبه يرجف فرحا وسعادة - هذا لا يصدق ، هل أنا أحلم ، لقد اتينا لهذه الجزيرة عشرات المرات ولم نرى شيئا ، هذا يوم المُنى يا وجه الخير علينا. ضحك بسرور وهو يحتضن مازن المصدوم ماذا يقصد سالم ب"علينا " تلك الثرورة ملكه ،هو من وجدها والوحيد الأحق بها ، هل سيتقاسم معهم رزقه ، لو كانت رزقهم لكانوا وجدوها في المرات الماضية ... كانت الأفكار تتصارع في رأسه بينما سالم يُبشر بقية الرفاق ، مر الوقت بسرعة بين ضحكهم الصاخب ، كان يوما لا ينسى بالنسبة لهم ، اخرج سالم قوارير الشراب منتشيا - سنحتفل حتى الصباح ،لن ينام احدا منكم ابداً . اصطدمت إحدى القوارير بقدم مازن ليرفع نظره لسالم الذي رماها . - جربه معنا اليوم ، ليلة واحدة لن تضر . فتحها بيدين متعرقتين ، علّ بضع رشفات منها تهدأ الوَساوس التي تتماوج في عقله .. - كم سيكون نصيب كل واحدٍ منا . قالها عوّاد وقد بدأ السُكر ينال منهم. - نصف مليون دولار او أكثر . اجابه سالم بعد دقائق من الصمت أحتسب فيها القيمة التقريبيه لثروتهم . - سأذهب بها لأوروبا لن أعود لحياتي مع سميرة سأهجرها و اترك كل شيء خلفي ، سأعيش هناك بين الجميلات ، وأنت يا سالم ماذا ستفعل بها ؟ - قد افتتح مشروع تجاري . - انا سأبني بها شقق استلم اجارها كل شهر وانا نائم في البيت. قالها فهد وهو يزيد الحطب على النار فقد بدأ الجو يبرد بشدة . - لن تكفيني سوى لشراء منزل وسيارة وبعدها علي العودة للعمل لأوفر لقمة العيش لعائلتي بينما أنتم تبعثرون النقود التي اسميتموها نصيبكم ! اصلاً انا من وجد العنبر ، لماذا علي أن اقتسمه معكم ؟ من المفترض أن يكون نصيبي الأكبر على الأقل ! كلمات مازن الحانقة حطمت كل أحلامهم فعمّ السكون جلستهم ، تبادلوا النظرات بلغة يفهمونها فيما بينهم لينهض سالم ويقترب من مازن بهدوء . - تعلم نحن أصدقاءك واخوتك لن يهنئ لك بال وأنت تأخذ كل شيء لك ، صحيح ؟ لم يفهم مازن نبرة الوعيد في كلمات سالم فقد ذهب عقله وافتقد السيطرة عليه . - اصدقاء قهقهة مكتومة خرجت من حلقة ثم أكمل - أين كنتم حينما طلبت منكم إقتراض بعض المال ولم نكن أنا وعائلتي نجد ما نأكل ، هذا العنبر ملكي وانتهى لن ... قبضة قوية على عنقة قطعت كلامه لتبرز عيناه خوفاً وهو يرى سالم وقد تحولت صفحة وجهه الى السواد . شيطان ! نعم لقد تحولت ملامحه لشيطان لا يعرفه - ستقتسم معنا برضاك أو غصباً عنك ، وإلا سنتركك هنا لتموت من العطش ، القارب ملكي ومصاريف الرحلة مقتسمة بين عوّاد وفهد لذلك نحن في كل هذا معاً ، هل فهمت ! هز رأسه بصمت ليتركه سالم وهو يطفئ النار بغضب - السهرة انتهت ، ناموا . اقترب الفجر ولم يغمض لمازن جفن ، يشعر أن سالم سيغدر به بأي لحظة ، تلك الملامح ارعبته لقد كان شخصا لم يعرفه من قبل ، لم يعد يأتمن حياته بينهم ، لن ينتظر الأ أن يتعشوا به بل سيتغدى بهم اولاً . نهض ببطئ يتحسس خطواته بخفوت ، اخذ العنبر بصعوبة وادخله للقارب ، سيذهب لن ينتظرهم ، سيبيعه سريعا ثم سيرسل احداً ليعيدهم الى المدينة . أين مفتاح القارب ؟ عادة سالم يتركه على المحرك . - هل تبحث عن هذا ؟ ، تظن أننا أغبياء إلى هذه الدرجة ! فهد ! قيّد يديه للخلف وأنت يا عوّاد احضر جميع اغراضنا سنعود وسنقتسم العنبر بيننا نحن الثلاثة فقط ، سيكون هذا عقابك أيها الخائن . لا لا لن يعود لتلك الحياة ابداً ، كان فهد يقترب منه ومعه الحبل ، لم يفكر كثيرا تلقائيا يديه أخرجت الخنجر الصغير من جيبه ليشق بها رقبة فهد دون وعي منه شلال الدم حشرجة فهد المختنقة صياح سالم وعوّاد ما الذي فعله ؟ كيف هذا ؟ لقد أصبح قاتل اطلق قدميه حين تأكدوا أن فهد قد مات - أيها القاتل تسلق الجبل وقد بدأ ضوء النهار في الطلوع الهرب لن يفيده في هذا المكان المفتوح طويلاً يجب أن يفكر ويجد حلاً ما لا يملك خيارات كثيرة ، إما أن يقتلهم جميعا او يتفاوض معهم ، اذا تخلى عن نصيبه من العنبر لهم ربما يُدارون عن جريمته ، خرج من مخبأه ليراهم لازالوا كما تركهم جثة فهد ملقاة وهم بجانبها ، القى بخنجره إليهم . - لنتحدث ، تعلمون أني لم اقصد قتله قفز عوّاد بسرعة فوقه ليبرحه ضربا - ايها المجرم ، الا تستحي ، ماذا سنقول لوالدته واهله !! اطاح به مازن ليثبت جسده بقدميه ويديه تضغط على رقبته فيطلّ عليهم شبح الموت مرة أخرى . - سال م سا عدني كانت بضع دقائق فقط حتى سكن فيها ذلك جسد عوّاد كجثة هامدة ! ران صمت مخيف للحظات . - لماذا تركتني اقتله ؟ - بهذه الطريقة لن يبقى لي سوى قتلك ثم ارميكم إلى البحر وأعود بالقارب حزينا لفقد اصدقائي الذين غرقوا بدوامة مائية وهم يسبحون ! - هل تظن أني سأتركك تقتلني بسهولة ؟ قالها مازن وقد بات لا يعرف نفسه ،و إلى أي شيطان تحول . - اعرف هذا ، لكن ليس لديك خيار إما أن اقتلك أو نموت معا . اخذ الخنجر الملقي على الأرض ، لن يقاتل سالم القوي دون سلاح ،هو ليس بهذا النُبل . هجم عليه سالم وسلبه الخنجر من أول ركلة . - لطالما نظرت إلينا بعين مستصغرة ، لكنك أصحبت أسوأ منا ، كنت شيطانا متستر بلباس التقوى أيها الساقط . قالها وهو يدور حول مازن المستلقي بغير حذر ، مد مازن قدمه ليتعثر سالم ، أخرج الحبل الذي كان سيقيده به فهد من جيبه وربطه على عنق سالم ، طعنه بكتفه عدة مرات لكن جسد مازن وكأنه أصبح بلا أي أحساس - خبأت الماء والوقود الإحت ياطي إذا ققتلتني لنن تستطيع النجاة قالها سالم وقد بدأت اطرافه بالبرود ، تركه بسرعة بعد سماعه لتلك الكلمات لكنه ظلّ ينازع حتى توقف جسده عن أي حركة . - أنتظر لا تمت ، أين تركت الماء والوقود . قال انه خبأ الماء والوقود ! امسك برأسه بقوة لماذا لم يتركه سريعاً ، مالذي أعماه الى تلك الدرجة . دار من خلف القارب وبحث على طول الساحل لكنه لم يجد شيئاً ، - يا إلهي . هل حفر لها مخبأ في الرمل ! ربما ، فلا مخبأ هنا سوى تحت الأرض . كل الإحتمالات واردة بيدين عاريتين بدأ في الحفر بكل مكان ، بدأ الليل يُلقي بظلاله عليه وقد اعياهُ العطش حتى شرب من ماء البحر فلم يزده الأ عذاباً . طفحت الدموع من عينيه ، وقد بدأ يعود له وعيه ، يسترجع ذكريات الأمس ، لقد قتل إخوته ، من عاش معهم كل حياته ، لا يتذكر أنه ضحك و بكى الأ وهم معه ، أي بلاء حلّ عليهم وأي نهاية هو ملاقيها ! حين طلعت شمس اليوم التالي على القارب كان هناك العنبر الذي وضعه مازن بيديه على علبتي الماء والوقود واربع جثث حول القارب تتنازع لحمها الكلاب والسحالي بنهم ! تمت | |||||||||||
|
موضوع مُغلق |
مواقع النشر (المفضلة) |
| |
| أصدقاء منتدى مسك الغلا | | |||||