منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


Like Tree2326Likes
موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-05-21, 09:14 PM   #25
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  01-20-24 (04:38 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



صافحتهُ بيدٍ باردة ظاهريا بينما داخلي يرتجف ألماً وبؤساً ،ضغط على يديّ بقوة ، وكلمات المجاملة التقليدية التي ألقاها على مسامعي بعد السلام احسستها كالحمم البركانية تحرقني ،
عيناه تقتنصان كل حركة لي ، يعرف أن وراء ملامحي اللامبالية قلباً جريحاً وهو سيفعل كل ما يستطيع ليجعل هذا الجرح مفتوحاً لوقتٍ طويل ، كعادته في كل مرة نتقابل فيها ....
جلست في ركن قصيّ من المقهى الشعبي ورطبت حلقي ببضع رشفات من العصير ، فاليوم لا يزال في أوله ، ويبدوا أنه سيكون من أتعسها ذلاً ومهانة .

لم أكن اتوقع في يومٍ ما أن أكون بمثل هكذا مواقف ، لكن الظروف أقوى من الإرادة تقهر كل أمل وتفاؤل فينا مع تلاحق خيباتها !
تذكرت جملة قالها لي يوما جعلت حلاوة المشروب في فمي كالعلقم بمرارته
" أنا عمك والعم والد ، وفي أي وقت تحتاجني سأكون بجانبك "
حقا كدت انسى تلك الكلمات
أنا حتى لا اذكر نبرات صوته آنذاك ، لأتبين على الأقل صدقها من عدمه ، كل الذكريات معه إختلفت وتشوهت فلم أعد أعرف من الظالم و المظلوم فينا !

أنا ام هو !!

- متى ستسدد بقية الدين يا أبن أخي ؟

توقفت كل الأصوات الجانبية حتى تلك التي إحتلت أفكاري ، هاقد بدأ أسطوانته المكررة في كل مرة ، لكن يبدو هذه المرة ستكون مختلفة ، فصوته العال يدل على أنه سينفذ تهديده وسيظهر ما بيننا للناس
" بفضيحة "
كيف الهرب والى أين ؟ وأنا محاصر بهذه الأعراف البالية التي لا تنجيك من القريب المؤذي تحت مسميات كثيرة ،
، إحراج جارح أتحمل مرارته هنا على مرأى ومسمع من رجال الحي الذين سيتناولونه فاكهة لحديثهم لأيام وشهور
و يبدو أن هذا ما يطمح إليه الآن " الفضيحة " ، رغم أنه يعرف جواب سؤاله فقد سألني هذا السؤال في اتصال هاتفي عند الصباح !!

- عمي حماك الله لقد أخبرتك أني سأعطيك دفعة نهاية هذا الشهر أم أنك نسيت ،

حاولت الرد عليه بصوت هادئ قدر الإمكان فصبري منه قد بدأ ينفذ
علي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعتي قبل أن يكمل بقية كلامه ، رغم أني أعرف في قرارة نفسي أنهم سيصدقونه ويكذبوني فعمي رجل كبير بالسن وقور الهيئة ، صنع لنفسه سمعة بماله وسطوته بالحارة
، فلولا أني رأيت وجهه الآخر لكنت صدقته وكذّبتُ نفسي
اكملت :
- كما أن المتبقي مبلغ بسيط لم يعد هناك غير ربع الدين والحم ...

لم أكمل كلمتي الأ وقد طارت الطاولة بما فيها على رأسي ، تسارعت اللحظات كالحلم فلم أشعر الأ بحرقة تسلع جانب وجهي وقد اصابته قطعة زجاج طائرة
أصوات كثيرة تداخلت هنا وهناك
- هوّن عليك يا حاج
- اولاد آخر زمن لا يحترمون الكبير
- ناكر للمعروف ، هكذا يجازي عمه الذي لولاه لكان إلى جانب يُتمه مشردا !!!

شعرت وكأن ظهري كُسر ، وكل نفس آخذه يتحول في رئتاي إلى شظايا زجاجية تنزف ما تبقى لي من كرامة وعزة ذات، هذه المرة فهمت حقا معنى قهر الرجال ،
كل ما عانيته في حياتي في كفة وهذا الموقف في الكفةِ الأخرى
نهضت من مكاني وعيناي لا ترى سوى موضع قدمها،
لم يعد أي شيء مهما الآن ، إنتهى كل إحترامٍ وحبٍ كنت أحمله في قلبي لعمي .
لِمَ يفعل كل هذا ؟
إذا كان يريد دينه فقد إتفقنا على أن يكون كدفعات كل نهاية شهر وأنا ملتزم بها
فماذا يريد ؟
لم أجد إجابة شافية للسؤال الذي في بالي أبدا .
فقط ليته يعلم أن الظلم ظلمات وكل كلمة و موقف هي دين على ظهره .
فتحت باب المنزل بهدوء وكما توقعت وجدت زوجتي في الإنتظار .
- الأصوات كانت عالية جدا في الشارع ، يا الله !!
ماهذا الجرح على وجهك !
تعال تعال إجلس سأنظفه لك ..
أحضرت مافي يدها وبدأت بمسح وجهي بقطعة قماش ودواء وهي تقول :
- زوجة عمك جاءتني إيضا ، تقول أن هذا البيت لزوجها وليس ملك والدك وأننا عائلة سارقة ،والكثير من الكلام الذي لم أفهمه ، حسبي الله ونعم الوكيل .

خطر على بالي أن هذه قد تكون إجابة سؤالي ، و أنه ربما بينه وبين والدي في الماضي مشاكلٌ وأحقاد ، و لازال يحملها في قلبه إلى الآن ، ويبدو أني من سيتحمل نتائجها ، لكن بالنسبة لي لم يعد السبب مهما، حقا لم يعد مهم ابدا ...

-هذا يكفي رائحة المطهر تخنقني ، اليوم كان طويلا ومتعبا جدا سأنام قليلا لا توقظيني ...

لم يشعر كم المدة التي نامها ، كانت غفوته مليئه بالكوابيس والمواقف الكثيرة مع عمه
الصوت هذه المرة كان اعلى وكأنه حقيقي
* سالم إنهض إبن عمك إتصل لقد وقع حادث لعمك وهم في المستشفى الآن !

قفزت من مكاني بمجرد إستيعابي للكلمات ، طوال الطريق كانت اللحظات والمواقف تتصارع في رأسي
، لم أتذكر منها سوى المواقف الجميلة وكأن السيئة محيت من ذاكرتي ولم اعد اذكرها الأ كالحلم

وصلت إلى المستشفى وقابلت أبناء عمومتي ، يقولون أن الطبيب أخبرهم إنه بحاجةٍ للدم بسرعة عاجلة ، ليس في العائلة كلها من هو بنفس زمرة الدم السلبية الأ انا وعمي
وافقت بدون أدنى تفكير ، كل الفحوصات كانت مناسبة أدخلوني لغرفة جانبية خاصة ، وسرحت بأفكاري
سبحان الله قبل ساعات أسآل دمي والآن يحتاجه ،

إنتظرنا طويلا إلى أن إستقرت حالته و تم نقله لغرفة أخرى ، وحين عرف بقصة قدومي وتبرعي أصر على رؤيتي له ،
هيئته الضعيفه ملئت قلبي بالرحمة والعطف
كلمة واحدة رددها على مسامعي بكل رجاء وقلة حيلة

- سامحني ، سامحني .

-لا عليك يا عمي انا نسيت كل شيء والأهم الآن هي صحتك فقط .
خرجت من المشفى وأنا احس بالحرية
،فالدين قد سُدد أخيراً ، نشوت الفرح الكبيرة أعمتني ، لم ألاحظ أني قد تجاوزت الرصيف ، سقوط عنيف ، صفحة سماء زرقاء ف ظلام دامس ...


 
على مزاجي likes this.


قديم 11-05-21, 09:29 PM   #26
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  01-20-24 (04:38 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي ثلج ... لحظية



-ثلج ، ثلج !! ابي امي انظروا السماء تُثلج !!
في باحة المنزل اصيح فرحاً ، هذه أول مرة أرى فيها ثلجا ،
يخرج والدي من بيتنا متفاجئا ، وقد غطى بياض الثلج كل الأرجاء :
- سبحانك ربي ، سبحان الله العظيم ، الله اكبر ، الله اكبر

...

فتحت عيناي وصوت والدي الفزع لايزال يرن في اسمعاي
مهلاً هذا ليس حلما بل صوته حقا !!
- إلى أين تذهب ، أنت بالكاد ترى نهاراً ، فكيف بهذا الظلام الحالك ؟
- المساجد تنادي حيّ على الجهاد ، ماذا تريدين أن أفعل ؟ ، لقد سُلّمت كل المعسكرات لجماعة "**" وأصبحوا على مشارف المدينة ، لا خير فينا إن تركناها لهم ...
فتحت باب الغرفة وخيال والدي الحامل لسلاحه ،يجتاز عتبة الباب فيبتلعه ظلام الليل سريعا ، صوت نشيج والدتي وكأن روحها تُنازع ، من قال أن المرأة لا تجاهد ،ها هي صابرة شامخة ، أحبابها يسيرون للموت بينما هي تحتسب أجر الفراق ...
- هل سنذهب من دون والدي !؟
- سيعود إن شاء الله قبل ذهابنا ، لنكمل التجهيزات ، بضع ساعات وستشرق الشمس ، سننتظرهم حتى ذلك الوقت ..
- من هم ؟ هل ذهب معه كل أهل الحارة ...
- نعم ذهب معهم كل من يستطيع حمل السلاح.
إذا حتى إخوتي معهم ، تساقط دمعي ، الحزن لم يتوقف على أرضنا منذ بدأت هذه الحرب اللعينة !
فتحت نافذة غرفتي بعد سماعي لبعض الأصوات ، تحت تحذير والدتي ، البيوت كأنها خاوية ، لا ضوء لا شمع ينير ظلام ليلها فأي نور هنا يصبح ضحية لقناصين الشر من على سفوح الجبال ، يهيأ لي سماع نياح قلوب المودعات لرجالهن ،و دعواتهن ، تكبيرات المساجد عادت بصوت أقوى تؤازر المجاهدين ، تربط على افئدة المنتظرين ...
،حيّ على الجهاد
حيّ على الجهاد
يختفي صوت إحدى المآذن بعد دوي انفجار فترفع المآذن الأخرى تكبيراتها ، يأتي الصباح محملا بما تبقى منك يا أبي ، يغطي الموت مدينتنا كالثلج في حلمي ، متألمة هي ، كقلوبنا المفجوعة برحيلك ...

تمت ...


 
على مزاجي likes this.


قديم 11-06-21, 04:14 PM   #27
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  01-20-24 (04:38 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي الجوعى لا ينتصرون ...



- لم اعد استطيع اعطائك أكثر ، الدين عليكم أصبح كبيرا...

فتحت الدولاب الوحيد في المطبخ ، تناظره بحسرة وقد خلى من أي مؤونة إلّا من بعض العدس في كيس صغيرة ، وكأن البقال يعرف أني سأطلب منه دينا آخر حتى يسبقني برفضه !
هل يمكن لومه حتى ؟ لقد تحملنا لأشهر والحال هنا سيئ على الجميع ، عدا أن حالتنا تبدو أسوأ هذه المرة .
رنين الهاتف المعلق على رقبتها بخيط ايقظها من شرودها ، هذا بِكرها مُحسن ومن غيره يذكرها ، فتحت الخط بلهفة .
- يوم السعد ، اليوم الذي اسمع فيه صوتك يا حبيبي ، قل لي كيف حالك ؟ هل تأكل جيدا ! هل تنتبه لنفسك كما اوصيتك ؟
- على مهلك يا أمي انا بخير ، لا املك رصيد اتصال كثير هذه المرة ، لكننا نتقدم في الجبهة ، نحن ننتصر يا أمي ، ادعي لنا بالتوفيق ، انتبهي لصحتك و لأخوتي .
- في حفظ الرحمن ، استودعتك الله يا ولدي .
خجلت من نفسها حين اوحت لها أن تقول له عُد ،بالرغم من أن الحرب قد دخلت عامها السابع ولا يوجد أي امارة للإنتصار إلّا ان كلامه مطمئن الآن ، ربما قليلا من الصبر لن يضرّ ، وهي ستحاول تدبر أمرها إلى ذلك الحين .
مساءً اخذت الهاتف لتستبدله ببضع وريقات نقديه ، تشتري بها الخبز والماء ، هكذا توالت الأيام ، ينقص فيها كل يوم شيء من البيت ، بكى اولادها كثيرا حين باعت التلفاز لأحد الجيران ، لكنها لم تتوقع أن يرفض اعطائها النقود واعتبرها تخليص للدين الذي عندها ، استغل ظرفها لتبيت في حسرتها تلك الليلة .
في اليوم التالي وقفت طويلا امام المخبز ، لا تعرف كيف تفعلها وبأي طريقة ، بخطوات مرتجفة اقتربت وقد عزّت عليها نفسها أن تفعل ذلك ، خرج صوتها خافتا ذليلا ،ليعرف البائع ما تريده لحظتها ، استبشرت اساريرها من تحت الخمار البالي الذي يغطي وجهها حين رأته وهو يضع لها بضع حبات من الخبز في الكيس ، لكن الواقع ابا الأ ان يصفعها ليعيدها إلى مرارته .
- لا تعودي يا خالة ، نحن نعلم بظروفكم لكننا على هذا الحال سنفلس ، فمثلك كثيرون ولسنا جمعية خيرية !
انكسرت ، أخذت نفسها تجرّها بثقل وكأن على ظهرها جبل لا يتزحزح ...
مرت المزيد من الأيام الموجعة ، انين البطون اصبح صداه يملىء جدران ذلك البيت المتعفف ،
على غير هدى خرجت هذه المرة ، الضياع سبيلها الوحيد ، تخبطتها الطرقات وأكلت لحمها العيون ، هل ستفرط بآخر شيء تملكه ؟؟ شرفها !!
كيف لها أن تفكر بذلك حتى ؟!
على طريق عودتها تمزق حذائها لتلامس قدماها تراب هذه الأرض ، جاف ، ساخن ، يلسعها دون رحمة !
منذ متى كانت هذه الأرض طيبة ؟
كم اخذتي مني ؟ هاه!
إلى متى ؟
بداية بوالدي
ثم الأمان
و زوجي سندي
والآن اللقمة التي نسد بها جوعنا !
الأ يحق لي بعد كل ما فقدته أن أعيش عليك عزيزة كريمة ؟
ها أنت تمتصين دموعي ، كما كل شيء ، تأخذين دون أي عطاء!
ماذا ابقيتِ لي !
تذكرت !نعم !!بقي لها شيء واحد !
بأقصى ما تملك من سرعة اخذت وجهتها
توسلت كثيرا على الهاتف العمومي ..
وصلها صوته المتألم ، فمن ذا الذي سيتصل به غيرها ؟
- أمي ، لقد هزمنا ، جميع أصدقائي استشهدوا بصاروخ ، أمي لم يبقى لهم أي اثر سوى بقايا متفحمة ، ماذا أفعل امي ؟ أشعر أن قلبي يتمزق ألماً !!
علت شهقاتها بوجع ، هاقد ذهب كل صبرها هباءً
- عُد إلينا أرجوك ، نحن بحاجتك ، عُد يا بُني ،

عُد فالجوعى لا ينتصرون ...

تمت


 


قديم 11-06-21, 04:25 PM   #28
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  01-20-24 (04:38 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الزوار 7

منورين

ملاحظة صغنونة :

القصص بقلمي لا تنسخوها رجاء ^^


 


قديم 11-07-21, 06:35 PM   #29
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  01-20-24 (04:38 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



امس كان يوم طويل ومتعب واليوم خربتها
شاي من هنا وكعك من هناك

وين الي يقولوا ان الأكل يعدل المزاج


 


قديم 11-07-21, 06:38 PM   #30
نجمة

الصورة الرمزية نجمة

آخر زيارة »  01-20-24 (04:38 AM)

 الأوسمة و جوائز

افتراضي أول الشر



صوت المركب يبدد هدوء المكان ، خيوط الشمس المشرقة تلامس البحر بخجل فبدت كذراتٍ من الألماس تتلألئ على سطحه ، منظر لا يراه كل يوم بسبب انشغاله بظروف حياته ومشاكلها التي لا تنتهي .
ضربة يد سالم القوية على ظهره مع صوته الصاخب عكر عليه صفاء نفسه.
- هيا ابتهج يا مازن ، الرحلة من اجلك ، لنخرجك من كآبتك هذه.
تنهد بيأس :
- هل تظن أن هذا سينجح ، أبدو كمن يهرب من مشاكله !
- وكأنك ستظل هنا مدى الحياة ، يومان لن ينقصا او يزيدا من أمرك شيئا .
(سالم ، عوّاد و فهد )
أصدقاء طفولته ، تربوا في بيوت متلاصقة الجدران فكانت علاقتهم أشد قوة من أي قرابة دم ونسب، لكن في آخر السنين بدأت الأقدار في زعزعة استقراره فأخذت الديون تغرقه وتكبله ، تارة بسبب مرض ابنه واخرى بسبب حادث سيارة الى أن أصبحت الحياة بالنسبة له ايام أخرى من شقاء و كبد .
القى بنظره على أصدقاءه الضاحكين ، لقد كان في حرب طويلة مع حسده الذي ما ينفك عن مقارنة وضعه بهم ، فقد كان المستقيم بينهم لكنه الأسوأ حظا والأكثر تعاسة ، كان سالم يريهم مافي كيسه خلسة عنه وكأنه لا يعرف أنهم يذهبون الى تلك الجزيرة للشرب وتعاطي الممنوعات !
لقد كانت بالنسبة له جزيرة الجحيم فلا يجتمع بها الأ شياطين الأنس ، لكن الآن هو في حاجة للإبتعاد ولا يهمه المكان الذي سيذهب إليه ابداً!
اطلّت عليهم الجزيرة بساحلها الذهبي المبهر وجبلها الصغير الذي يتوسطها ، اوقف سالم القارب وثبت المرساة ، اعدوا كل شيء في دقائق قليلة ، سيعودون للبحر للصيد وهو سيبقى هنا يحرس الماء والطعام حتى لا تأكله الكلاب والسحالي المنتشرة بكثرة هنا .
بقي لفترة بعد ذهابهم يراقب ثم اخذ في التمشي هنا وهناك يستكشف طبيعة المكان ويتمتع به ، اصطدمت قدمه بشيء صلب لتفيقه من سرحانه ، ارتطم جسده على الرمل بقوة
- ماهذا .
لقد كانت صخرة شمعية مائلة للبياض ذات رائحة عفنه ، سحبها الى وسط الساحل بصعوبة ، لا يصدق عيناه ، هل هذا عنبر ؟ رآه بضع مرات مع الصيادين المحظوظين لكنها كانت اصغر حجما ، لم تكن بمثل هذا الحجم الهائل ، تبدو بوزن ثمانين كيلو او اكثر ، لا يريد أن يتوهم بأحلامه ، سينتظر عودة سالم ليتأكد .
في لحظة وصولهم كانت الشمس قد مالت للغروب ، تناولوا عشاءهم بنهم شديد وقد نال منهم الجوع الشديد .
- سالم تعال اريد التحدث معك قليلا .
مشى معه سالم بتذمر وكسل ، كان يريد اخذ قيلولة قصيرة من أجل سهرتهم ليلا .
- انظر .
فُتحت عيني سالم على مصرعيها ، لا يصدق ما يراه
- هذا عنبر !!
اخرج ولاعته من جيبه بسرعة واشعل طرف صغير لتفوح رائحة لطيفة في الأجواء ، اطفأها بسرعة وقلبه يرجف فرحا وسعادة
- هذا لا يصدق ، هل أنا أحلم ، لقد اتينا لهذه الجزيرة عشرات المرات ولم نرى شيئا ، هذا يوم المُنى يا وجه الخير علينا.
ضحك بسرور وهو يحتضن مازن المصدوم
ماذا يقصد سالم ب"علينا " تلك الثرورة ملكه ،هو من وجدها والوحيد الأحق بها ، هل سيتقاسم معهم رزقه ، لو كانت رزقهم لكانوا وجدوها في المرات الماضية ...
كانت الأفكار تتصارع في رأسه بينما سالم يُبشر بقية الرفاق ، مر الوقت بسرعة بين ضحكهم الصاخب ، كان يوما لا ينسى بالنسبة لهم ، اخرج سالم قوارير الشراب منتشيا
- سنحتفل حتى الصباح ،لن ينام احدا منكم ابداً .
اصطدمت إحدى القوارير بقدم مازن ليرفع نظره لسالم الذي رماها .
- جربه معنا اليوم ، ليلة واحدة لن تضر .
فتحها بيدين متعرقتين ، علّ بضع رشفات منها تهدأ الوَساوس التي تتماوج في عقله ..
- كم سيكون نصيب كل واحدٍ منا .
قالها عوّاد وقد بدأ السُكر ينال منهم.
- نصف مليون دولار او أكثر .
اجابه سالم بعد دقائق من الصمت أحتسب فيها القيمة التقريبيه لثروتهم .
- سأذهب بها لأوروبا لن أعود لحياتي مع سميرة سأهجرها و اترك كل شيء خلفي ، سأعيش هناك بين الجميلات ، وأنت يا سالم ماذا ستفعل بها ؟
- قد افتتح مشروع تجاري .
- انا سأبني بها شقق استلم اجارها كل شهر وانا نائم في البيت.
قالها فهد وهو يزيد الحطب على النار فقد بدأ الجو يبرد بشدة .
- لن تكفيني سوى لشراء منزل وسيارة وبعدها علي العودة للعمل لأوفر لقمة العيش لعائلتي بينما أنتم تبعثرون النقود التي اسميتموها نصيبكم ! اصلاً انا من وجد العنبر ، لماذا علي أن اقتسمه معكم ؟ من المفترض أن يكون نصيبي الأكبر على الأقل !
كلمات مازن الحانقة حطمت كل أحلامهم فعمّ السكون جلستهم ، تبادلوا النظرات بلغة يفهمونها فيما بينهم لينهض سالم ويقترب من مازن بهدوء .
- تعلم نحن أصدقاءك واخوتك لن يهنئ لك بال وأنت تأخذ كل شيء لك ، صحيح ؟
لم يفهم مازن نبرة الوعيد في كلمات سالم فقد ذهب عقله وافتقد السيطرة عليه .
- اصدقاء
قهقهة مكتومة خرجت من حلقة ثم أكمل
- أين كنتم حينما طلبت منكم إقتراض بعض المال ولم نكن أنا وعائلتي نجد ما نأكل ، هذا العنبر ملكي وانتهى لن ...
قبضة قوية على عنقة قطعت كلامه لتبرز عيناه خوفاً وهو يرى سالم وقد تحولت صفحة وجهه الى السواد .
شيطان !
نعم لقد تحولت ملامحه لشيطان لا يعرفه
- ستقتسم معنا برضاك أو غصباً عنك ، وإلا سنتركك هنا لتموت من العطش ، القارب ملكي ومصاريف الرحلة مقتسمة بين عوّاد وفهد لذلك نحن في كل هذا معاً ، هل فهمت !
هز رأسه بصمت ليتركه سالم وهو يطفئ النار بغضب
- السهرة انتهت ، ناموا .
اقترب الفجر ولم يغمض لمازن جفن ، يشعر أن سالم سيغدر به بأي لحظة ، تلك الملامح ارعبته لقد كان شخصا لم يعرفه من قبل ، لم يعد يأتمن حياته بينهم ، لن ينتظر الأ أن يتعشوا به بل سيتغدى بهم اولاً .
نهض ببطئ يتحسس خطواته بخفوت ، اخذ العنبر بصعوبة وادخله للقارب ، سيذهب لن ينتظرهم ، سيبيعه سريعا ثم سيرسل احداً ليعيدهم الى المدينة .
أين مفتاح القارب ؟
عادة سالم يتركه على المحرك .
- هل تبحث عن هذا ؟
، تظن أننا أغبياء إلى هذه الدرجة !
فهد !
قيّد يديه للخلف وأنت يا عوّاد احضر جميع اغراضنا سنعود وسنقتسم العنبر بيننا نحن الثلاثة فقط ، سيكون هذا عقابك أيها الخائن .
لا لا لن يعود لتلك الحياة ابداً ، كان فهد يقترب منه ومعه الحبل ، لم يفكر كثيرا تلقائيا يديه أخرجت الخنجر الصغير من جيبه ليشق بها رقبة فهد دون وعي منه
شلال الدم
حشرجة فهد المختنقة
صياح سالم وعوّاد
ما الذي فعله ؟
كيف هذا ؟
لقد أصبح قاتل
اطلق قدميه حين تأكدوا أن فهد قد مات
- أيها القاتل
تسلق الجبل وقد بدأ ضوء النهار في الطلوع
الهرب لن يفيده في هذا المكان المفتوح طويلاً
يجب أن يفكر ويجد حلاً ما
لا يملك خيارات كثيرة ، إما أن يقتلهم جميعا او يتفاوض معهم ، اذا تخلى عن نصيبه من العنبر لهم ربما يُدارون عن جريمته ،
خرج من مخبأه ليراهم لازالوا كما تركهم جثة فهد ملقاة وهم بجانبها ، القى بخنجره إليهم .
- لنتحدث ، تعلمون أني لم اقصد قتله
قفز عوّاد بسرعة فوقه ليبرحه ضربا
- ايها المجرم ، الا تستحي ، ماذا سنقول لوالدته واهله !!
اطاح به مازن ليثبت جسده بقدميه ويديه تضغط على رقبته فيطلّ عليهم شبح الموت مرة أخرى .
- سال م سا عدني
كانت بضع دقائق فقط حتى سكن فيها ذلك جسد عوّاد كجثة هامدة !
ران صمت مخيف للحظات .
- لماذا تركتني اقتله ؟
- بهذه الطريقة لن يبقى لي سوى قتلك ثم ارميكم إلى البحر وأعود بالقارب حزينا لفقد اصدقائي الذين غرقوا بدوامة مائية وهم يسبحون !
- هل تظن أني سأتركك تقتلني بسهولة ؟
قالها مازن وقد بات لا يعرف نفسه ،و إلى أي شيطان تحول .
- اعرف هذا ، لكن ليس لديك خيار إما أن اقتلك أو نموت معا .
اخذ الخنجر الملقي على الأرض ، لن يقاتل سالم القوي دون سلاح ،هو ليس بهذا النُبل .
هجم عليه سالم وسلبه الخنجر من أول ركلة .
- لطالما نظرت إلينا بعين مستصغرة ، لكنك أصحبت أسوأ منا ، كنت شيطانا متستر بلباس التقوى أيها الساقط .
قالها وهو يدور حول مازن المستلقي بغير حذر ، مد مازن قدمه ليتعثر سالم ، أخرج الحبل الذي كان سيقيده به فهد من جيبه وربطه على عنق سالم ، طعنه بكتفه عدة مرات لكن جسد مازن وكأنه أصبح بلا أي أحساس
- خبأت الماء والوقود الإحت ياطي إذا ققتلتني لنن تستطيع النجاة
قالها سالم وقد بدأت اطرافه بالبرود ، تركه بسرعة بعد سماعه لتلك الكلمات لكنه ظلّ ينازع حتى توقف جسده عن أي حركة .
- أنتظر لا تمت ، أين تركت الماء والوقود .
قال انه خبأ الماء والوقود !
امسك برأسه بقوة
لماذا لم يتركه سريعاً ، مالذي أعماه الى تلك الدرجة .
دار من خلف القارب وبحث على طول الساحل لكنه لم يجد شيئاً ،
- يا إلهي .
هل حفر لها مخبأ في الرمل ! ربما ، فلا مخبأ هنا سوى تحت الأرض .
كل الإحتمالات واردة
بيدين عاريتين بدأ في الحفر بكل مكان ، بدأ الليل يُلقي بظلاله عليه وقد اعياهُ العطش حتى شرب من ماء البحر فلم يزده الأ عذاباً .
طفحت الدموع من عينيه ، وقد بدأ يعود له وعيه ، يسترجع ذكريات الأمس ، لقد قتل إخوته ، من عاش معهم كل حياته ، لا يتذكر أنه ضحك و بكى الأ وهم معه ، أي بلاء حلّ عليهم وأي نهاية هو ملاقيها !
حين طلعت شمس اليوم التالي على القارب كان هناك العنبر الذي وضعه مازن بيديه على علبتي الماء والوقود واربع جثث حول القارب تتنازع لحمها الكلاب والسحالي بنهم !

تمت


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 03:10 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا