"تُنسى كأنكَ لم تكن"
هذه القصيدة لمحمود درويش كلما قرأتها أو مرت بعقلي كلماتها تسري بجسدي قشعريرة كأنما تياراً كهربائياً حلَّ بي!.

فكرة أننا يوماً ما سنرحل دون أن تُخلِّدنا ذاكرة الأماكن مربكة جداً..

هذا المنزل . .
الحَئ . .
المدينة . .
سيسكنهم أشخاص لم نمر بهم و لم يمروا بنا،
أشخاص لا يعرفونَ حتى أسماؤنا،
يمرون كل يوم بذاتِ الطريق الذي مررنا به يوماً،
يلامسون ذاتَ الجدران التي اتَّكأنا بأجسادنا عليها ذاتَ يوم،
و يشربونَ من ذاتِ المياه التي شربنا منها يوماً . .
لكن لا أحد سيتذكرنا حينها . . لأننا كنا بزمانٍ آخر غير زمانهم.

مجرد التفكير بالأمر مُربِك،
أحياناً و أنا أمشي بالطريق أُفكِّر بمن مرَّ به قبلَ قرنٍ من الزمان،
هل فكَّر يوماً بأن هذا الطريق و من به سينساه يوماً؟!،
و هل كانَ سيئاً متكبراً شديد البَطش،
أم حَسَناً ليناً كريماً تستلطفه القلوب!.

تُرى . .
هل تنسانا الأشجار و الحجارة أيضاً . .

صِدقاً
ابنة الثلاثة عشرَ سنة تركت في قلبي ما لم يتركهُ أحدٌ من الراحلين،
رحمة الله تغشاها.

قبلَ أيام ذهبت لزيارة والدي،
و بين حديثنا قال لي: سأكون معكم الخميس القادم إن شاء الله.
شعرتُ بأن قلبي يكاد يصل السماء،
سألته إن كان هناك خبراً عن صفقة تبادل أم إفراج أو ما شابه،
أجابني بأن لا . . و بأنه حلمَ بأن عمي يقول لنا بأن لا ضرورة لزيارة والدكم هذا الأسبوع،
فهو قادمٌ لكم يوم الخميس الآتي إن شاء الله.

لم أهبط من السماء،
بل سقطتُ منها على رأسي سقوطاً مدوياً أدى لانعقادِ لساني.

مثل هذه الأحلام نحلم بها بشكلٍ مستمر،
ربما حديثُ نفس،
ربما بشاراتُ خير،
لكتني آمُل أن تتحقق بالقريب العاجل.

كلما اقترب يوم نترقبه بشغف،
كلما تباطأت الأربَعَ و عشرون ساعة للأيام القليلة قبله،
و أمسَت كل ساعةٍ منها تَمُر كيومٍ طويلٍ ممل.

الدراسة اقتربت يا رفاق،
سبعونَ يوماً فقط . .
أقصُد ..
سبعاً بالتقويم،
و سبعون بالانتظار.

"حربنا مجرد حرب نفسية بس"
هكذا سمعتُ بهيمة المعتقل . . أقصد مديره يقول لأحدهم،
أجل حرب نفسية فقط لا مكان للدماء بها
لدرجة أن بعض المعتقلين قُتِلوا . . عفواً قصدي ماتو،
لا أعلم لِمَ يموت الواحد تلو الآخر لديهم . .
ما هكذا عهدناكم يا معشَر المعتقلين!،
تموتون من مجرد حرب نفسية؟!،
لو كنتم تموتون جرَّاء إهمالٍ صحي أو تعذيبٍ وحشي لعذرناكم،
لكن تموتون لمجرد ضغوطٍ نفسية؟!،
ليُمسِك بهم أحدكم يا رفاق،
فهم يتساقطونَ من عيني.

دائماً أقول . .
قبلَ أن تغسل وجهك للوضوء
حاول أن تفعل ذاتَ الشيء مع قلبك،
و إلا فإنك لم تُحسِن الوضوء.

أعتقد بأننا بحاجة لدورات كيف تُطهِّر قلبك أكثر من أي شيء آخر،
صباح الخير . . للأنقياء .