منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-23-15, 04:39 PM   #91
برنس وصاب

الصورة الرمزية برنس وصاب

آخر زيارة »  03-08-19 (01:32 PM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




ابتسم بول نصف ابتسامة وانسل خارجا من السيارة , وانسلت هي أيضا, وأخذت تحجل على ساق واحدة حتى وصلت الى مدخل العمارة, كانت عملية مرهقة بالنسبة لها ولكنها أصرت على ألا يساعدها, وهز بول كتفيه العريضين وتبعها . وقال عدة كلمات للبواب, وسارت في طريقها قبل أن يلحق بها بول ويسألها:

" هل أنت مرهقة؟".
" كلا... أستطيع السير, اياك أن تلمسني!".
هز بول رأسه وتبعها داخل المصعد , كانت الساعة حوالي السادسة والنصف عندما وصلت كارن الى شقتها... كان الجو دافئا لطيفا في الداخل, وتوقعت كارن أن ينتظر بول على عتبة الباب, ولكنه تبعها داخل الشقة وأغلق الباب بأحكام واستند عليه, كانت هذه هي أول فرصة حقيقية يرى فيها المكان الذي تعيش فيه, ونظر حوله باهتمم ملحوظ , وخلعت كارن معطفها , وعبرت غرفة الجلوس ببطء متجهة الى غرفة نومها حيث أخذت المفتاح , وعادت الى بول فوجدته يتجول في الغرفة وينظر الى اللوحات على الجدران ويفحصها , وترددت كارن ولكنها سألته بحدة:
"هل أجرؤ على أن أقدم لك مشروبا ؟".
واستدار بول ورد بلطف :
" نعم... ولكن لا تزعجي نفسك... سوف أحضره أنا".
وصب بعض الشراب في كأسين , ناولها واحدة , وراح يحتسي من الأخرى , ثم عاد يتجول وينظر الى اللوحات مرة أخرى ويفحص كل واحدة على حدة, كان واضحا أن الرسوم تثير أهتمامه , فالتفت اليها وهي تجلس على الأريكة وقال:
" أنها صور جميلة جدا, من الذي رسمها؟".
قالت بسرعة:
" أنا".
أجاب:
" أنت؟ صحيح؟ لم أعرف أبدا أنك تهتمين بهذا النوع من الفن , كنت أظن أنك لا تهتمين الا بتصميم رسوم النسيج".
هزت كارن كتفيها النحيلين وقالت:
"أنها هوايتي , وقد قررت أن أمارسها في وقت فراغي الكبير".
أومأ بول ببطء وقال بجفاف:
" أنك تدهشينني دائما, ولكن أخبريني , لا بد أنك تعرفين أنها رسومات جيدة, هل حاولت بيعها؟
هزت كارن رأسها وقالت:
" دعنا نكون واقعيين يا بول. هناك عشرات من الفنانين يحاولون بيع مثل هذه الأشياء , أنها موضة الآن, فما هي فرصتي بينهم؟ أضف الى ذلك أن لويس يقول...".
وسكتت , وتضايقت من نفسها لأنها ذكرت اسم لويس , بينما ضاقت عينا بول وقال:
" نعم... ماذا يقول مارتن عن اللوحات؟".
عضت كارن شفتها ثم قالت:
" حسنا, يقول أنها جيدة , ولكن لا تصلح للبيع بالتأكيد , أنها تسلليني فقط, ولكنها بليدة!".
رفع بول حاجبيه , وبدا مدهوشا جدا, واحتسى بقية شرابه وقال وهو يفكر:
" أخشى أنني أختلف معه... أعتقد أنها لوحات جيدة جدا لدرجة أنني أتمنى أن أشتري واحدة!".
تورد وجه كارن وصاحت:
" أرجوك يا بول... خذ ما تشاء... ولا تذكر النقود . أنني مستعدة لأن أعطيك أية لوحة".
ونهضت من مكانها ثم استطردت قائلة:
" أختر أي لوحة تريد, أن عندي الكثير منها ".
ضاقت عينا بول وقال بجفاف:
" ولكن هذا ليس أسلوب عمل!".
" وهل علينا أن نتعامل أحدنا مع الآخر بأسلوب عمل؟".
هز بول كتفيه وصب لنفسه كأسا أخرى , وأجاب:
"وهو كذلك".
واختار لوحة بألوان حمراء وخضراء وصفراء, وقال مفكرا:
" تعجبني هذه اللوحة, أنها تذكري بغروب الشمس الذي تعودنا أن نرقبه من نوافذ تريفاين".
قالت وهي تبتسم:
" يا لمهارتك! هذا بالضبط ما قصدت أن أرسمه".
نظر اليها مليا وقال:
" كنا دائما نشترك في أمور كثيرة ... هل تذكرين؟".
ارتجفت كارن ... هل تتذكر؟ ليته يعرف كم تؤلمها هذه الذكريات!".
وتمتمت بصوت خفيض:
" نعم , أذكر".
شرب ما بقي في كأسه , وقال بلهجة غليظة نوعا:
" يجب أن أنصرف... أن لدي موعدا".
وأنزلت اللوحة وقالت:
" وهو كذلك يا بول ... خذ اللوحة معك أذن".
وأخذ اللوحة وحاول ألا يلمس يدها , وقال بجفاف:
" من يعرف؟ لعلها تساوي ثروة في يوم من الأيام".
أجابت كارن بهدوء :
" لا أطن... أوه... هذا هو مفتاح الكاراج , أرجوك أيضا أن تعطي مفتاح الشقة الأحتياطي هذا للبواب".
وأخذ المفاتيح وتمتم قائلا:
" وهو كذلك... أرجو أن تعتني برسغك".
قالت كارن بسخرية محاولة أن تبدد جو الكآبة الذي انتابها عند رحيله:
" وهل يهمك هذا حقيقة يا بول؟".
كانت الدقائق القليلة الأخيرة طبيعية على نحو ممتع ... والآن يعود بول الى روث ! وتمتم قائلا:
" نعم, يهمني!".
ثم خرج من الشقة وصفق الباب وراءه .
وحملقت كارن في الفضاء , وخفق قلبها , ترى ماذا قصد من قوله هذا؟ بالطبع لم يكن يعني شيئا مما تخيلته , كانت واثقة من هذا, ولكنها أحست بارتياح لأنهما أفترقا بطريقة ودية.
وسارت نحو الجدار حيث كانت اللوحة التي أخذها بول, كانت لوحتها المفضلة , يكفي أن تعرف أنها عنده وأنه قد ينظر اليها في بعض الأحيان, ترى هل يتذكرها عندما ينظر الى اللوحة؟ كم تمنت هذا! على الأقل سيتجه جزء من اهتمامه اليها أحيانا فأسعدتها الفكرة.
وتنهدت وأشعلت سيكارة , بعد أقل من شهرين سيتزوج مرة أخرى, بعد شهرين! هل تستطيع أن تتحمل هذا؟ وعندما يتزوج هل ستظل تفكر فيه وفي روث؟ أنها تحسد روث ! هل ستكون لحياتها أية قيمة بعد ذلك؟ وشعرت بالدموع تخزها في عينيها, أليس من الأفضل أن ترحل من أنكلترا؟ تستطيع أن تحصل على وظيفة في جنوب أفريقيا أو في أستراليا اذا أرادت , أن لها مؤهلات طيبة ويستطيع لويس أن يرشحها لوظيفة ... أنها تحتاج الى تغيير الجو , ولكنها ستكون عندئذ بعيدة عن بول... مسافة طويلة جدا , وهذا ما لا تريده , أما اذا بقيت في لندن فأنه يستطيع على الأقل أن يتصل بها تلفونيا اذا أحتاج اليها, أما اذا ذهبت الى أستراليا فلن يستطيع أن يجدها , وبالطبع لا تستطيع أن ترسل اليه عنوانها , لا... لن ترحل... ستبقى... على الأقل في الوقت الحاضر, فلا يزال أمامها شهران قبل أن يقع الحدث المحتوم!


 


قديم 09-23-15, 04:41 PM   #92
برنس وصاب

الصورة الرمزية برنس وصاب

آخر زيارة »  03-08-19 (01:32 PM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




الزجاج له وجهان

بعد حوالي أسبوع كان بول على وشك مغادرة مكتبه ليتناول الغداء, عندما رن جرس التلفون الداخلي , وقطب بول وجهه وهو يرفع السماعة, وفوجىء بصوت سيمون يقول:
" يسرني أنني وجدتك, هل أستطيع رؤيتك الآن؟".
نظر بول الى ساعته , كان لديه موعد مع تاجر نسيج من ميلاند, فقال وقد نفذ صبره قليلا:
"وهو كذلك يا سيمون , تعال".
ترى ما الذي يريده سيمون الآن؟".
وضع سيمون سماعة التلفون , واسترخى بول في مقعده, ونظر مفكرا الى التلفون, وتمنى ألا يكون سيمون قد تورط في متاعب أخرى, وعندما تذكر موضوع سيمون وساندرا , استعاد آخر لقاء بينه وبين كارن, كان دائما يتذكرها منذ أن رآها ويتساءل ترى ماذا فكرت؟ ماذا يحدث لو أنه قبَلها في شقتها كما فعل معها في منزل يريفاين؟ في الشقة سيكون وحده معها , بدون أن تقاطعهما السيدة بنسون بصينية الشاي , وشعر بالدم يتدفق في عروقه وهو يتذكر عناقه لها , كان من السهل أن يقول لنفسه بهدوء وتعقل أنه لن يعتزم التورط عاطفيا مع أية أمرأة ثانية , ولكن عندما توضع النواحي العملية لمثل هذه الفكرة موضع الأختيار , فأن الحل لا يبدو بهذه البساطة , ولكنه كان مقتنعا بأن روث لن تثير عواطفه مهما واجها من أوضاع.
وعندما وصل سيمون بدا قلقا مضطربا , وسأله بول:
" حسنا يا سيمون, ماذا حدث؟".
ونظر بول بعينيه الباردتين الى وجه أخيه الذي احمر , وغاص سيمون في المقعد المقابل قائلا:
"نعم... أقصد... أنني يا بول لا أرى هذا الموضوع سهلا , وأنت لا تحاول أن تسهل لي الأمور".
رد بول بلهجة جافة بعض الشيء".
" يؤسفني هذا, أن لديَ موعدا يا سيمون , أخبرني بصراحة ماذا حدث؟ هل الموضوع يتعلق بالنقود؟".
رد بسرعة:
" كلا... أنه يتعلق بساندرا ستاسي... فقد كنت أقابلها ".
" ماذا؟".
رد سيمون ببلادة:
" لقد سمعت ... كنت أقابلها منذ أن ... حدثتني عنها آخر لقاء".
قال بول بلهجة لا تقبل المهادنة:
" أوه...".
ثم سكت, وسأله سيمون في يأس:
"ألا تقول شيئا؟".
أجاب بول ببطء:
" أنني أعطيك فرصة لتقول لي سبب هذا... لا بد أن يكون عندك تفسيرا!".
" نعم... ولكن... قد لا تظنه كافيا".
قال بول متبرما :
" حسنا... استمر".
" لقد بدأت ساندرا تتصل بي تلفونيا , بل تمادت الى حد أن تتصل بي تلفونيا في المنزل ... وكتبت لي أيضا رسائل ... وتستطيع تصور نوعية مثل هذه الرسائل , وبدأت جوليا تغضب, وواقفت على مقابلة ساندرا وأنهاء كل شيء".
أخرج بول سيكارة من علبة السكائر الموضوعة على مكتبه وأشعلها, وأعاد الولاعة الى جيبه, واستمر يتفحص وجه أخيه الذي استطرد قائلا:
" حسنا, عندما تقابلنا بدأت تهددني بكل شيء اذا أنهيت علاقتي بها, كنت غبيا, ولكنني تركتها تملي أرادتها , أن الأمور في أية حال بدأت تفلت من يديَ الآن. أنها تريد أكثر مما أنا مستعد لأعطائه ... أنها تريد الزواج!".
قال بول وهو يهز رأسه:
" الواقع أنني لا أستطيع أن أفهم عقليتك .بحق السماء ما الذي أعجبك فيهاأولا؟ أنها ليست من طراز الفتيات الذي يعجبك , أنها ترتدي ثياب كريهة!".
رد سيمون بحرارة:
" هذا هو رأيك فقط ... أنها في الواقع فتاة حلوة".
قال بول ببرود:
" أذن تزوجها ".
تململ سيمون قلقا في جلسته , ومدَ أصابعه الى ربطة عنقه ثم قال في حرج:
" أن جوليا... لا يمكن أن تطلقني!".
" يمكن أن تطلقك اذا عرضت عليها تسوية سخية, ألم تلاحظ أن المال هو الذي يهم جوليا ؟ أنك وسيلتها للحياة في الوقت الحاضر, ولكن اذا كانت غنية بحيث تستطيع تكفًل نفسها , فلا أحد يعرف ما يمكن أن تفعله!".
تمتم سيمون:
" وهو كذلك , لقد أوضحت وجهة نظرك".
" الواقع أنني أوضحتها , أنك لا تريد أن تطلق جوليا لأنك تحب وضعك الحالي المريح بلا روابط تقيدك, كن أمينا مع نفسك واعترف بذلك".
قال سيمون:
" وهو كذلك , وهو كذلك ... أنا موافق , ساعدني أذن".
سأله بول بأمتعاض:
" لماذا يتعيَن علي أن أساعدك ؟ يجب أن أتركك تدير شؤونك بنفسك, ولو كانت أية فتاة أخرة غير ساندرا ستاسي لتركتك وشأنك".
" أعرف , ولكنك ستفعل شيئا بالتأكيد لأنها أخت كارن".
بدا الغضب على بول الآن , وصحح له قائلا:
" بل لأنها في السابعة عشرة من عمرها, وبلا حكمة".
وقال سيمون وهو يهز كتفيه:
" فليكن , المهم أن أخرج من هذا المأزق , هل تفهم؟".
" أفهم تماما , أذن لا تقابل ساندرا من الآن فصاعدا , ومهما قالت لك , سوف أعد الترتيبات لك لتغادر لندن لفترة , وعندما تعود سأكون قد سويت المشكلة وأنتهيت منها".
" رائع... ولكن حاول أن تبعد هذه... عني".
تنهد بول وقال:
" لا أعرف ما الذي يعجبها في شخص ضعيف مثلك".
" أنه سحر آل فريزر! أم أنك لا تمارس سحرك يا أخي العزيز؟".
كانت عينا بول باردتين , وهو يقول مهددا :
" أخرج من هنا فورا قبل أن أفقد أعصابي حقا".
رد سيمون ساخرا:
" سأخرج ... شكرا على وقتك".
وصفق الباب وراءه .
وتنهد بول بعمق , كان يسره أن يصبح سيمون قادرا على تدبير شؤون حياته بطريقة أكثر ذكاء , وحملق شاردا في الفضاء, كان لا بد من الأعتراف بأن سيمون هذه المرة لم يكن الملوم وحده , كانت ساندرا مخطئة أيضا ... أن الرجل في العادة لا يتقرب من أمرأة الا اذا وافقت , وعندما تاح لأي رجل هذه الفرصة فأنه بالطبع ينتهزها... ترى هل هذا هو ما حدث في حياتهما ؟ هل كانت ساندرا هي التي ألقت بنفسها عليه منذ البداية ؟ والى أي حد تمادت؟ ودعا ألا تكون ساندرا قد تمادت أكثر مما يجب , هل هي حمقاء الى هذا الحد؟ لعلها ظنت حقا أنها تحبه؟ أن نساء كثيرات يعتبرنه جذابا ... وبالنسبة لفتاة دون العشرين مثا ساندرا , فربما بدا سيمون فتى الأحلام!".
وقطب جبينه وسحب نفسا من سيكارته , ولكن سيمون متزوج , ولا يصح العبث مع رجال متزوجين حتى ولو كانت العابثات من سنهم, ناهيك عن المراهقات!.
ورغم حالة ذهنه المشوشة ذهب بول لمقابلة أرنولد جيسون, وطوال الغداء ظل صامتا منطويا على نفسه على عكس طبيعته عندما يكون في حالة عادية , وكانت النتيجة أنه لم يصل معه الى أي أتفاق , ولم يجر معه أي نقاش هام , وكان لا بد من ترتيب مقابلة ثانية... وشعر بول بأنه لم يكن ليدهش لو أن جيسون قر أن يذهب الى شركة أخرى لينفذ عمله , كان بول وقحا وكان من حق جيسون الأعتراض , وأن يتوقع منه معاملة أفضل , ولكن من حسن الحظ أن جيسون كان رجلا متفهما وأدرك تماما أن شيئا ما يزهج رفيقه, فافترقا على نحو ودي بعد أن رتبا مقابلة في يوم آىخر.
كان بول في حالة مضطربة جدا , عندما عاد الى مكتبه في الساعة الثالثة ., واضطر أن يعتذر لسكرتيرته , بعد أن ثار في وجهها بدون سبب, فتمتم قائلا , وقد لاحت على وجهه أبتسامة أعتذار:
" سامحيني ... آسف اذا كنت تصرفت بوقاحة".
ابتسمت الآنسة هوبر وقالت:
" لا عليك يا سيد فريزر , أعرف أن السيد سيمون كان هنا منذ قليل".
ابتسم بول بدوره , لقد استطاع الآن أن يفهم كيف قدرت الأمور .
كان كل من يعمل في الشركة يعرف حماقة سيمون , فلم يبذل أية محاولة ليجعل شؤونه الخاصة سرا.
وبعد أنصراف الآنسة هوبر, أشعل سيكارة , كان عليه ايجاد حل لمشكلة ساندرا, كان من عادة سيمون التورط في مشكلة, ثم يتوقع من شخص آخر أخراجه منها.
وبدأ حل يتكون في ذهنه بعد الظهر , وتحسنت حالته النفسية لذلك, لو أستطاع الأنتهاء من تلك المشكلة فأنه سيرتاح تماما, بدلا من أن يفكر ويتساءل ويخشى ما يمكن أن يحدث بعد ذلك, وفجأة مال الى الأمام ورفع سماعة تلفونه الخاص خارج الخط, وأدار رقم شقة كارن بشعور غريب أشبه بعدم رغبة , كان لا بد أن يتحدث اليها , فلماذا لا يفعل وينتهي؟ ورن جرس التلفون على الطرف الآخر من الخط.
وبعد فترة بدت وكأنها دهر, وبعد أن فكر بول في أعادة السماعة الى مكانها , سمع صوت كارن تقول لاهثة:
" نعم, من المتحدث؟".
تردد بول لحظة , ثم قال بلهجة جافة بعض الشيء:
" أنا بول يا كارن".
شعرت كارن بقلبها يقفز بين ضلوعها عندما سمعت الصوت الأجش يخاطبها , ترى لماذا طلبها اليوم؟ لا يمكن أن كون هذا بخصوص ساندرا!".
أجابت وهي تحاول أن تبدو طبيعية وهادئة:
"أهلا يا بول , آسفة لأنني جعلتك تنتظر , فقد كنت في الحمام".
" بالتأكيد لم تكوني نائمة في الحمام!".
كان المرح يبدو في نبرات صوته.
وضحكت كارن وقالت:
" لا ... على الأقل لا أعتقد ذلك, آسفة يا بول".
وتنهد بول وقال لها بطريقة جادة:
" حسنا ... أحرصي على ألا تفعلي شيئا بهذا الغباء!".
صاحت مقاطعة:
" حبيبي... قل ما تريد , أنني أتجمد, فلم أرتد ثيابي كاملة ".
وقال مؤنبا:
" أوه كارن... هل أتصل بك بعد دقائق؟".
قالت مفكرة:
" تستطيع الحضور بعد دقائق , سأكون قد أرتديت ثيابي بالطبع".
" لا ... شكرا".
كان بول مصمما ... ويعرف أنه اذا خضع لأغراء الذهاب الى شقتها , فلا يعلم الا الله ماذا يمكن أن يحدث! لعلها تتعمد أثارته ... وقالت كارن:
" وهو كذلك يا حبيبي... سوف أتجمد بعد لظات ... ماذا حدث لسيمون وساندرا؟".
" أنهما يتقابلان".
قالت كارن في دهشة:
" ماذا؟".
" نعم... أعرف أنهما كانا يتقابلان حتى اليوم في أي حال, أعتقد أنني أستطعت أقناع سيمون الآن, هل تعتقدين أنك أنت وأمك تستطيعان أن تفعلا الشيء نفسه مع ساندرا؟ من الواضح أنها تجري وراءه في المكتب وفي المنزل وتكتب له رسائل أيضا".
صاحت كارن:
" يا ألهي. هل تعتقد أنها يمكن أن تتعقل؟".
" لا أعرف , أنها أختك , وأنت تعرفينها أفضل مني , لا شك أنها مجنونة بحبه ... لقد جاء سيمون وقابلني اليوم... وهكذا عرفت...".
بدا الضيق في صوت كارن عندما قالت:
" لا أستطيع التفكير في شيء أقوله لها, وأنت تعرف موقف أمي منها".
" أعرف ... أسمعي , ألا تستطيع أمك هي وساندرا أن تقوما بأجازة في أي مكان خارج لندن؟ أن بضعة أسابيع يمكنها أن تتيح لسيمون العثور على فتاة أخرى , وبالأضافة الى ذلك قد تجد ساندرا لنفسها شيئا جديدا يثير أهتمامها , من الواضح أنها صغيرة وتمتلىء بالحياة , رغم أنه يبدو أن الفتيان في سنها لا يروقون لها , والا فلماذا تعجب بسيمون".
قالت كارن وهي تتعمد أغاظته :
" مثلي... ولكن بصراحة يا بول أن أمي ليست غنية كما تعرف , ولا أعتقد أن بأستطاعتها القيام برحلة الى أي مكان في الوقت الحاضر".
قال بول بهدوء:
" أنني على أستعداد لتمويل الرحلة".
صاحت كارن غاضبة:
" كلا... كلا... لا تقل شيئا من هذا القبيل يا بول , أن هذا الموضوع لا يخصك!".
" أوه... ولكنه يخصني... فأنا أريد ساندرا أن تترك سيمون بقدر ما تريدينها أنت ... أنها أصغر منه بكثير ولا أريد أن تصاب بأي سوء".
" حسنا , لا أعرف ماذا أقول , يبدة الأمر وكأنني أطالب بنقود".
" أنني أستطيع دفع نفقات الرحلة يا عزيزتي كارن".
" أعرف .... ولكن...".
وخفت صوتها ثم عادت تقول:
"في أي حال أتصل بأمي واعرض عليها الفكرة , أنها ستفرح جدا , فكبرياؤها تتلاشى عندما يأتي حديث النقود!".
قال بول وقد بدا سعيدا:
" لا تكوني متباعدة هكذا يا كارن ومستقلة , أنني أود المساعدة, أود أن أساعدكم جميعا".
قالت في محاولة أخيرة:
" ولكن هذه مشكلتنا ".
قال بنعومة:
" لقد جعلتها مشكلتي أيضا ... هل تذكرين؟".
شعرت بأنه غلبها فقالت باستسلام:
" حسنا... أفعل ما تشاء يا بول".
بدا بول قلقا وقال:
" اسمعي يا كارن , سأمر عليك في الشقة حوالي الساعة الثامنة هذا المساء , ونذهب معا لرؤية مادلين وساندرا ... هل توافقين؟".
تنهدت كارن وشعرت بمقاومتها تضعف , كان وضع المشكلة في يدي بول شيئا رائعا, لقد بدا الوضع وكأنه أبا روحيا لها , واضطرت الى الأستسلام.
واعترفت بهدوء قائلة:
" أنها فكرة عظيمة ... ولكن ... الا ... تعترض روث؟".
تساءل بول بسرعة:
" لماذا تعترض ؟ كفي عن أقحام أموري الشخصية في هذا . أن الموضوع يتعلق بأمك وساندرا فقط... وليس بأي شخص آخر".
صاحت كارن:
" وهو كذلك يا حبيبي, لا تغضب مني, ولكن ألا تتوقع روث أن تراك الليلة؟".
أجاب في تهكم:
" لا ... لقد طارت الى الولايات المتحدة منذ بضعة أيام لتحضر أبويها للزفاف...".
شعرت كارن بالألم المعتاد في معدتها وقالت:
" أوه... حسنا يا بول, هل ستصعد الى الشقة أم أنتظرك أمام العمارة؟".
أجاب وقد بدا صوته مرحا مرة أخرى:
" سأصعد الا أذا توقف المصعد في منتصف الطريق بالطبع!".
وضحكت كارن وأعادت السماعة الى مكانها , رغم أن موضوع ساندرا وسيمون كان مشكلة, الا أنها شعرت بشيء من الأمتنان نحوهما لأنهما كانا السبب في لقائها مع بول مرة أخرى ! ولكن ألا تثير المشاكل لنفسها بهذه الطريقة؟ من يدري لعل بول أعتبر المسألة مجرد حلقة مسلية في حين أنها تتورط عاطفيا على نحو أكثر كل دقيقة.


 


قديم 09-23-15, 04:41 PM   #93
برنس وصاب

الصورة الرمزية برنس وصاب

آخر زيارة »  03-08-19 (01:32 PM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




وفي الساعة السابعة والنصف سمعت طرقا على الباب , ونظرت الى ساعتها بدهشة, لقد أتى بول مبكرا, كانت تجلس على الأريكة تقرأ في مجلة فألقتها جانبا , وذهبت لتفتح الباب بلهفة, وهي ترتدي ثوبا بلون الشمسيتناسب مه لون بشرتها العاجية الجميلة, وشعرها ينسدل فوق كتفيها , وعندما فتحت الباب وهي تبتسم مرحبة تراجعت في دهشة وأستياء واضح, فقد وجدت أمامها لويس مارتن!".

وصاحت قائلة:
" أنها مفاجأة يا لويس ".
ضاقت عيناه قليلا وهو يلمح ثوبها ووجنتيها المتوردتين وقال:
" تبدين جذابة جدا , أعتقد أنك تستعدين للخروج".
أجابت في حرج:
" نعم بعد قليل ... هل تريد الدخول؟".
"شكرا".
ودخل لويس وأغلقت كارن الباب بشيء من الضيق . وقدمت له مشروبا ثم سألته:
" والآن ما الذي أستطيع أن أعمله لك؟".
ابتسم لويس وقال:
" أردت أن أعرف هل ترغبين في عمل التصميم الجديد الذي سيعرض في شهر آب( أغسطس) لقد توقعت أن تذهبي الى المكتب هذا الأسبوع , ولكنك خيبت أملي, فقررت الحضور لأطمئن عليك, يبدو أنك بخير".
وشعرت كارن بالغضب , لم يكن لويس قد قال شيئا غير مناسب ولكنها شعرت رغم ذلك بشيء في سلوكه , ولكنها لم تستطع تحديده, وأجابت:
"حسنا أنني لا أزال أعمل في تصميم السجاجيد ...".
"نعم بالطبع, أعرف يا عزيزتي ... على مهلك".
كادت تقول له: أذن لماذا أتيت الى هنا؟ هل تتجسس علي؟ ولكنها حاولت السيطرة على أعصابها , وتساءلت , ترى هل سيظل جالسا مدة طويلة؟ اذا وصل بول ووجد لويس فأنه يشك في شيء ! لماذا يا ترى أختار هذه الليلة بالذات ليزورها؟
وقدم لها سيكارة وألقت نظرة على ساعتها , ثم نهض لويس وأخذ يجول في الغرفة وينظر الى اللوحات , ترى هل سلحظ أن هناك لوحة ناقصة؟
وأخيرا قال:
" لا أفهم حقيقة لماذا تضيعين طاقتك في هذه الرسوم؟".
فكرت كارن ... لا بد أنه قال ذلك متعمدا , وأجابت بجمود :
" أحب أن أسترخي عندما لا أعمل ".
استدار اليها ثم قال:
" نعم, أن الأسترخاء شيء عظيم , وماذا تفعلين أيضا لتنعمي بالأسترخاء؟".
قطبت كارن جبينها , ترى ما الذي يقصده الآن؟ وقالت ببطء:
" أرسم ... وأقرأززز وأقود السيارة"ز تمتم بهدوء:
"تقودين السيارة ؟ نعم... أنها هواية بهيجة جدا , لقد شاهدت سيارة بالقرب من هنا أثارت أهتمامي منذ أيام!".
بدأ الملل ينتاب كارن , كما أن بول يمكن أن يصل في أية لحظة , قالت:
" صحيح.. أنها من طراز ليموزين , أليس كذلك؟".
قررت كارن أن تأخذ الثور من قرنيه , فقالت في تحد:
" أعتقد أن بول يقود سيارة من طراز ليموزين ".
ولم تبد الدهشة على لويس رغم أنه قال:
" لم أكن أعرف".
كانت كارن مقتنعة بأنه يعرف جيدا, وأن هذه طريقته ليخبرها بأنه عرف أن بول زارها في شقتها , ترى ما الذي كان يفكر فيه ؟ هل يتبعها بنفسه؟ أم أنه أرسل أحدا لمتابعتها ؟ وارتجفت رغما عنها, واخيرا قالت بوضوح:
" لقد أتى الى هنا منذ عدة أيام, جاء ليرى لوحاتي الفظيعة , ولكنه قال أنها جيدة".
ضاقت عينا لويس ببرود وقال:
" صحيح ... شيء لطيف جدا".
وفجأة سمعت طرقا على الباب , وتجاهلت كارن لويس وذهبت تفتحه وهي تشعر بالأمتنان .
كان بول يرتدي حلة زرقاء داكنة ومعطفا سميكا من وبر الجمل , ويبدو أنيقا وسيما لدرجة أن كارن تمنت أن تلقي بنفسها بين ذراعيه!
وابتسم لكارن ثم رأى لويس , وأمسكت كارن بذراعه وجذبته ليدخل وهي تقول:
" أن لويس سيرحل حالا".
واتجه لويس نح الباب , وقالت له كارن:
" سوف أخبرك عن هذه التصميمات بعد يوم أو يومين".
قال لويس:
"وهو كذلك".
ثم انصرف , ولم ينطق بول بكلمة, وأغلقت كارن الباب وراءه واستندت عليه , ثم نظرت الى بول وقالت وقد احمر وجهها:
" لمعلوماتك , لقد وصل لويس في الساعة السابعة والنصف تماما".
أجاب بول وهو يفك أزرار معطفه:
" لا داعي لأن تبرري لي تصرفاتك , أن شقتك لطيفة يا كارن".
تنهدت كارن وقدمت له بعض الشراب , وقدم لها سيكارة وجلس على الأريكة , كان يبدو مرتاحا وكأنه في منزله , وبدأت كارن تشعر بالسعادة , وأخذت نفسا من سيكارتها وعبرت الغرفة في قلق, وفجأة قال بول بلهجة آمرة:
" أجلسي...".
أطاعته وجلست على مقعد منخفض.
قال بهدوء:
" والآن... أنني لم أحضر الى هنا لأتشاجر معك, حتى ولو وجدت أن مارتن في وضع المالك".
ردت كارن وهي تتنهد:
" أن لويس لا يملك شيئا , لا يملكني أنا على الأقل , لماذا يجب أن تقول مثل هذه الأشياء يا بول".
ونهضت, ومرة أخرى عبرت الغرفة , وبينما كانت تمر أمام بول مال الى الأمام , وبسرعة أشبه بسرعة النسر قبض بأصابعه على معصمها وشدَ عليه ... وسألها وقد بدا الغضب ولتوتر في عينيه :
" ماذا تتوقعين مني أن أقول؟".
قالت معترضة وهي تحاول التخلص من قبضته:
" أنك تؤلمني...".
" صحيح؟".
ولم يخفف من قبضته , ولكنه هبَ واقفا ومضى يقول:
" استمري ... ماذا تتوقعين مني أن أقول؟ أنني معجب بثوبك! وتبدين جميلة جدا هذه الليلة!".
احمر وجه كارن وقالت:
" لا يمكن أن أتوقع مثل هذا الكلام .... لا أتوقع مثل هذا الكلام الصريح... أنني أعرف أنك رجل خاطب الآن... كل ما أريد ألا تلقي تلميحات مستترة".
اسودت عينا بول وقال في عنف:
" أن هذا الرجل يعرَك في كل مرة ينظر فيها اليك , واذا لم تلحظي النظرة في عينيه فلا بد أنك ساذجة على نحو لا يصدق!".
صاحت قائلة:
" أنك مجنون , أن لويس ليس من هذا الطراز".
ولكن حتى وهي تنطق هذه الكلمات كانت تتساءل عما اذا كانت صحيحة تماما , لقد كان لويس لحوحا في الأيام الأخيرة , وانتزعت كارن نفسها من قبضة بول ثم قالت:
" الأفضل أن نخرج".
وارتدت معطفها الموهير الجميل الذي اشتراه بول لها, وأبرز لونه العاجي صفاء بشرتها البيضاء , ولم يبد على بول أنه تذكر المعطف فأومأ برأسه موافقا وخرجا, كانت سيارته الجديدة أمام العمارة , ولا تتناسب مع هذا الحي المتواضع , ولكن كارن شعرت بالدفئ يتدفق في جسمها , عندما أدركت أنها ستقضي أمسية برفقة بول , وأنطلقت بهما السيارة , ومرا بسيارة كانت تقف في مكان مظلم في الحي, وأحست كارن بأنها سيارة لويس , ترى هل كان يراقبها ليعرف متى غادر بول شقتها ؟ وأفزعتها الفكرة وأغضبتها , وخطر لها أن تخبر بول بشكوكها , ولكنها عدلت عن ذلك, خشية أن يصمم على العودة ومواجهة لويس , ولم تكن تستطيع تحمل مشادة أخرى هذه الليلة!
ونظر اليها بول بفضول غير مرة أثناء المسافة القصيرة حتى وصلا الى منزل أمها , كانت صامتة ومنطوية على نفسها , وتمنى لو عرف فيم تفكر... أوقف السيارة أمام المنزل, فانسلت كارن قبل أن ينزل بول ويساعدها , وفتحت الباب بمفتاحها , ودخلت يتبعها بول ... وشعرت كارن بحرج , كانت لا تزال زوجة بول عندما صحبها لزيارة أمها آخر مرة , وعندما سمعت ليزا صوتهما جاءت بسرعة من المطبخ , وبدت مذهولة عندما رأت بول وصاحت:
" أهلا بك يا سيد بول... يا لها من صدمة يا سيدي".
" آسف يا ليزا... كيف حال مدبرة المنزل المفضلة عندي؟".
ضحكت ليزا بمرح , وتوهَج وجهها , وتنهدت كارن , كان في استطاعة بول أن يأسر لبَ أي شخص , وليزا دائما تقع أسيرة سهلة لسحره , وقالت:
" السيدة ستاسي وساندرا في غرفة الجلوس , وأعتقد أنهما تشاهدان التلفزيون".
وكانت مادلين وأبنتها الصغرى تشاهدان التلفزيون فعلا , وقد جلست ساندرا على مقعد ترتدي بنطلون جينز وبلوزة بدون أكمام , وتبدو متبرمة ممتعضة , وعندما رأت كارن وبول قفزت واقفة وصاحت بطريقة مسرحية قائلة:
" حسنا ... حسنا... أنظري من هنا يا أمي".
هبت مادلين واقفة , وأخذت تحملق هي الأخرى في وجه بول وهي لا تصدق , وصاحت:
" ولدي العزيز, يا لها من مفاجأة رائعة, ما معنى هذا؟".
وأنتقلت نظرتها الى كارن التي علقت بلهجة جافة قائلة:
" لا شيء مما تفكرين فيه يا أمي ... أن بول يريد أن يتحدث معك لأن عنده اقتراحا يريد عرضه عليك".
بدا الأهتمام على مادلين , كانت حياتها مملة في الأيام الأخيرة , كما أن موضوع ساندرا وسيمون زادها كآبة , ولذلك شعرت بشيء من السعادة عندما سمعت أن بول جاء ليقدم لها أقتراحا ... كان بول كريما معها دائما, فابتسمت ابتسامة لطيفة , وقالت بلهفة:
"ما هو الأقتراح أذن؟".
نظرت كارن الى ساندرا وطلبت منها أن تتركهم قليلا , ولكن ساندا عبست واعترضت قائلة:
" لماذا أترككم... لست طفلة , ما هذا الذي لا تريدون مني سماعه؟".
عندئذ نظر اليها بول مباشرة وقال:
" سوف تعرفين بعد قليل... أتركينا فقط نتحدث مع أمك وحدها دقائق قليلة ... أرجوك".
استجابت ساندرا لطلب بول الهادىء , كان لطيفا وحاسما في الوقت نفسه, وتحرص دائما على أرضائه قبل أي شخص آخر , ولكنها قالت متوسلة:
" هل الموضوع يتعلق بسيمون ؟ هل تريدني أن أتركه يا بول؟".
" لا تقلقي يا ساندرا ... كل حديثي مع أمك سيكون لصالحك!".
" ولكن هل ستفرقون بيني وبين سيمون؟ لا تستطيع ذلك يا بول ".
وبكت بحرقة ثم صاحت غاضبة وقد تغير وجهها :
" كلكم تكرهونني , كلكم لا تريدون سعادتي".
بدا الغضب في صوت بول وهو يأمرها قائلا:
" كفى... اذهبي الى غرفتك الآن حتى نستدعيك".
وخرجت ساندرا وصفقت الباب وراءها, وسمعوا وقع خطواتها صاعدة الى غرفتها , وأغلقت مادلين التلفزيون , بينما جلس بول على الأريكة وأخذ يدخن , نظرت اليه كارن وشعرت بقلبها يتقلص, لم يكن يستطيع أي رجل آخر أن يؤثر عليها مثل بول , مجرد النظر اليه يغمرها بالسعادة , بول شعر بنظراتها اليه فنظر اليها بدوره , وألتقت عيونهما لحظة , وأشاحت بنظرها خشية أن يرى المشاعر في عينيها وتساءلت: ترى كيف يفكر في هذا الموضوع , فيما يتعلق بأمها وساندرا؟
ما لبثت أن بدأت الحديث قائلة:
" حسنا يا أمي, ساندرا لا تزال تحاول مقابلة سيمون! وقد تأكد بول من هذا ...".
أجابت مادلين مذعورة:
" ماذا ؟ ولكنك أخبرتني...".
قطع بول المشادة التي توشك أن تبدأ , فقال موجها كلامه لمادلين:
" يحسن أن تسمعيني قبل أن تقولي أي شيء".


 


قديم 09-23-15, 04:42 PM   #94
برنس وصاب

الصورة الرمزية برنس وصاب

آخر زيارة »  03-08-19 (01:32 PM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



احمر وجه الأم وقالت:
" حسنا... ولكنني ظننت أن كارن حدثتك عن الموضوع قبل ذلك".

صاح بول قائلا:
" لقد فعلت, على أن تدخلي لم يكن ناجحا تماما, أبنتك الصغيرة العزيزة تكتب رسائل عاطفية لسيمون , وتتصل به تلفونيا في المكتب وفي البيت, حتى أن جوليا بدأت تشكو".
وذهلت مادلين , كان تصرف ساندرا الصغيرة على هذا النحو المشين مذهلا بالتأكيد .
ووضعت يدها على فمها وصاحت في ألم وهي لا تصدق:
" لا , لا , كيف تتصرف على هذا النحو؟ كيف تهين كرامتها هكذا؟".
تنهدت كارن وقالت:
" أرجوك يا أمي ... لا تكوني عصبية".
" عصبية؟ كيف تتمالكين هدوءك بالنسبة لهذا الموضوع؟ أن أختك على علاقة برجل متزوج! أليس لديك شعور يا كارن ؟ لعلك لا تهتمين بكل هذا! طبعا , أنت فتاة مستقلة ... واستقلالك قلب حياتك رأسا على عقب!".
توهَج وجه كارن خجلا , ونظرت الى بول , كانت أمها تتصرف حتى تلك اللحظة بمنتهى الأدب والهدوء في وجود بول , ولكنها الآن تلقي بالأتهامات جزافا... فماذا يقول؟".
والواقع أن بول دهش من محاولة مادلين وضع المسؤولية على عاتق كارن. أنها تلوم كان مع أنها يجب ألا تلوم الا نفسها. فما لبث أن قال بوضوح:
" مادلين... كارن ليس لها يد في هذا الموضوع... ليس لها يد على الأطلاق , أنت الملومة! لقد دللت ساندرا وأفسدتها طوال حياتها , حتى أعتقدت أنها تستطيع أن تأخذ ما تشاء , واذا بها تفاجىء الآن بأن الحياة ليست مفروشة بالزهور".
شعرت مادلين بصدمة , كارن فقط هي التي تنتقدها ... ولكن بول يلومها الآن أيضا , قالت مدافعة عن نفسها وقد أمتلأت عيناها بالدموع.
" أنني أمها , مات أبوها وهي طفلة صغيرة . ولذلك أخصها برعايتي وحناني , واذا كنت قد دللتها قليلا...".
قاطعها بول بصراحة قائلا:
"دعينا نكون صادقين على الأقل , لقد حطمت ساندرا , وأشك في أن أيا منكما يمكن أن تتغير الآن . أنني أريد أن أساعدك , ليس فقط من أجل ساندرا ولكن من أجل سيمون أيضا . لقد عرضت أقتراحا على كارن اليوم فقالت أنه قد يساعد على حل المشكلة , وأردت أن أعرف رأيك قبل أن ننفذه".
مسحت مادلين عينيها وقالت في هلع:
" لن تأخذا ساندرا مني...".
وصاحت كارن في يأس:
" طبعا لا يا أمي. لسنا عديمي الأنسانية".
تنهد بول ومضى يقول:
" أقترح أن تغادري أنت وساندرا لنددن , وتقوما باجازة في أي مكان لعدة أسابيع , لا شك أن ساندرا ستنسى كل شيء عن سيمون. وسوف أتولى دفع كل نفقات الرحلة , ما رأيك؟".
ازدادت عينا مادلين أتساعا , وفكرت كارن وهي متقززة في أن النقود التي ستنفق على أمها لا تعني لها شيئا ما دامت ستتمتع بأجازة ! بل شكت كارن في أن تكون أمها فكرت حقا في ساندرا بعد أن قدم بول أقتراحه بالأجازة !
وصاحت أخيرا :
" يا لها من فكرة مدهشة يا بول! لا أعرف كيف أشكرك ... أنه حل مثالي".
بدت السخرية على وجه بول , وأدركت كارن أنه لا بد تأكد أنه لا بد تأكد من سلطان المال على كل شيء ...وبدت مادلين أشبه بمتسابقة في سباق الحصول على المال , أما مشاعرها بالنسبة لساندرا فكانت في المرتبة الثانية!
قال بول بهدوء:
" أفهم من ذلك أنك موافقة!".
" طبعا ... أنه حل مدهش ... سامحيني يا كارن لأنني تصورتك لا تهتمين بنا".
" أنها فكرة بول ... لا تشكريني , لا شأن لي بها".
بدت السعادة عليها وهي تتصور نفسها بعيدة عن جو لندن الملوث في ذلك الحين.
ونفث بول دخان سيكارته ببطء متعمد , ثم قال وهو يفكر :
" أقترح أن تذهبا الى أسبانيا , أنها مكان رائع في مثل هذا الوقت من السنة".
شهقت كارن وقالت في دهشة:
" أسبانيا... أعتقدت أنك تقصد أن يذهبا الى مكان ما بجنوب أو غرب أنكلترا , أو شيء من هذا القبيل".
هز بول كتفيه وقال مستنكرا:
" أجازة في أنكلترا في هذا الوقت من السنة لا توجد يا عزيزتي أية متعة على الشواطىء الآن في الأعاصير والمطر".
ثم نفض رماد سيكارته , وقال مخاطبا الأم:
"والآن أقترح أن تتولي أنت ابلاغ ساندرا , ومن الأفضل أن تتجاهلي موضوع مقابلة ساندرا وسيمون مؤخرا , ويكفي أن تقولي أنك تحتاجين الى قضاء اجازة للراحة , وأنني وافقت على دفع نفقات الرحلة , قد لا تروق الفكرة لساندرا, ولكن عندما تصلان الى شاطىء اسبانيا ستتمتعان فعلا بجو ينسي ساندرا متاعبها ".
" هذا صحيح يا بول, أنني متأكدة من أن ساندرا ستلتقي بصديق آخر عندما تبتعد عن أخيك!".
نهضت كارن من مكانها وقالت ببرود:
" سنخرج الآن يا أمي ... واذا أردت أي شيء فأتصلي بي, واذا واجهت أية مشكلة أخبريني".
وبدت السخرية في عبارتها الأخيرة , والواقع أن أمها شفافة مثل الزجاج , رغم أن الزجاج يكون له وجهان في بعض الأحيان!
ثم أردف بول قائلا:
" سأطلب من سكرتيرتي حجز التذاكر والغرف في الفنادق , وليس عليك الا أن تعدَي جوازات السفر لك ولساندرا , هل تستطيعين الأستعداد للسفر بعد أسبوع؟".
أجابت مادلين والفرحة تبدو في عينيها:
" نعم... أوه... بول حبيبي , أشكرك مرة أخرى , أشكرك من كل قلبي!".
هز بول رأسه , وفتح باب غرفة الجلوس, فأخذ معطفه ومعطف كارن من الخزانة , كما كان يفعل عندما كانا متزوجين , وعندما ساعد كارن على أرتداء معطفها , تذكر أنه كان يفعل ذلك في الأيام الماضية! وتذكر كيف كانا يفرحان بعودتهما الى بيتهما حيث يخلعان معطفيهما , ويجلسان أمام المدفأة في منزل تريفاين , ويتحدثان في أشياء عامة , وكل منهما سعيد بصحبة الآخر , ولكن كل شيء قد تغيَر , كيف يمكن أن يسامح كارن لأنها حطمت حياته!
وفي طريقهما الى شقة كارن سألها بول اذا كانت قد تناولت العشاء , فلما أجابت بالنفي قال:
"أذن ما رأيك في تناول العشاء معي؟".
اتسعت عينا كارن وقالت مبتسمة:
" طبعا, اذا كنت تريد".
" ليس لديَ عمل هذا المساء وكذلك أنت , فلماذا لا نقضيه معا".
رقص قلبها فرحا لأنها ستقضي المساء مع بول.
وغادرا لندن, ووصلا الى مطعم اسمه أيبوني كين, كان مكانا فخما , وانبهرت كارن بالديكور الرائع , والمضيفات الفاتنات , وكان الأثاث مصمما ليناسب المكان بموائده ومقاعده وأزهاره , وقام المدير بنفسه بخدمة بول , ورغم أن الغرفة كانت مزدحمة الا أن مائدة أو مائدتين وضعتا في ركن منعزل , وجلسا حول مائدة, وقدم المدير قائمة الطعام لبول, وابتسمت كارن وقالت:
" تبدو معروفا هنا".
قال وهو يبتسم ابتسامة لطيفة:
" يجب أن أكون معروفا , لأن شركتي تملك هذا المكان!".
قالت كارن في دهشة:
" لم أكن أعرف أن الشركة تستثمر أموالها في المطاعم".
" أننا لا نفعل ذلك عادة , أنها تجربة , واذا نجحت فستحصل على دعاية فخمة من ورائها".
أومأت كارن موافقة وقالت وهي تهز كتفيها النحيلتين :
" أعتقد أنها كانت فكرتك".
ابتسم بول وسألها:
" كيف خمنت؟ هل أطلب الأكل!".
ونظر اليها متمعنا فأجابت كارن:
"بكل سرور , أنك تعرف أجمل الأشياء!".
أجاب بجفاف:
" ليس في الأكل فقط".
واحمر وجه كارن, وبدت مسرورة عندما حضر رئيس الخدم لخدمتهما.
واختار بول عدة أنواع من الطعام , وبينما ذهب الموظف لأحضار الطلبات , أخذت كارن تجول بعينيها في المكان , وتساءلت: ترى هل يعرف الموجودون بول؟ وهل يعرفونها؟
وسألته كارن بفضول:
" متى أفتتح المطعم؟".
" منذ حوالي شهرين على ما أعتقد".
واتجهت كارن بنظرها الى الفرقة الموسيقية التي كانت تعزف ألحانا شكلت خلفية لحديث الموجودين , كان مكان الرقص صغيرا ولكنها تذكرت أن الراقصين في هذه الأيام لا يتحركون كثيرا, ونظرت الى بول وهو يتفحص قائمة الشراب , لم يكن منتبها لنظراتها وكان في استطاعتها أن تتفرسه , كان أنيقا كالعادة بشعره الأسود اللأمع , وقميصه البيض الناصع , وبشرته السمراء التي لفحتها الشمس, وشعرت بقلبها يخفق بألم, كيف استطاعت أن تتركه كل تلك السنين ؟ كيف يمكن أن يفترق الناس بلا رجعة؟ الكبرياء لا تغري الا قليلا في أوقات كهذه !
ترى هل ستكون روث عامل التوجيه في حياته من الآن فصاعدا؟ وهل تحتمل هذا؟ وعندما تذكرت ملامح روث الحلوى أرتعدت رغما عنها, أنها واثقة من أن روث لن تسعده حقيقة, لأنها تعتمد عليه أكثر مما يجب, مثل طفلة صغيرة, في حين أن بول يحتاج الى أمرأة تستطيع أن تقابله في منتصف الطريق , وتستطيع أن تتحدث اليه بقدر ما تستمع له.


 


قديم 09-23-15, 04:43 PM   #95
برنس وصاب

الصورة الرمزية برنس وصاب

آخر زيارة »  03-08-19 (01:32 PM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




وفجأة أدركت أنه يتأملها فاحمرت وجنتاها وحاولت أن تأخذ الأمور بمرح فقالت:

" أنك لا تتغير كثيرا يا بول".
بدا ساخرا وقال:
"أستطيع أن أعتبر هذا مديحا , يمكن أن يكون له معنيان ولكنني سآخذ المعنى الحسن!".
وشعرت كارن بالحرج مرة أخرى , ليتها لم تلق هذه الملاحظة السخيفة , لا بد أنه تصور أنها كانت تحاول أن تجعله يصرف أهتمامه عنها.
وسألها بول:
" أخبريني , هل رسمت لوحات أخرى؟".
هزت كارن رأسها بالنفي , فعبس بول وفاجأها قائلا:
" الواقع أنني فكرت كثيرا في رسومك هذا الأسبوع , وأود أن يقوم صديق لي بألقاء نظرة عليها , هل سمعت باسم آرون برنارد؟".
صاحت كارن مذهولة:
" أوه... أنه من أشهر وأبرع النقاد الفنيين في العالم".
رد بول برقة:
" تمما, ويهمه أيضا أكتشاف مواهب جديدة , وأعتقد أن لوحاتك سوف تبهره".
بدا الشك في عيني كارن , فقد تذكرت تعليقات لويس , وقالت:
" ولكن لويس يعرف كثيرا عن الفن يا بول , ولوحاتي لا تعجبه أطلاقا".
أجاب بول ببرود :
" صحيح ! يبدو أنك تثقين في رأيه أكثر من رأيي . أذا أردت رأيي أعتقد أن مارتن يركز أهمية كبرى على حكمه, من هو في أية حال؟ أنه مجرد مصمم نسيج وطموحه يفوق قدراته كثيرا".
" ليس هذا صحيحا يا بول, لقد ساعدني كثيرا ... منذ الطلاق!".
رد بول غاضبا:
" وقبله أيضا... طبعا... بحق السماء يا كارن لا تحاولي الدفاع عن الرجل... لا أجد شيئا أشكره عليه . أنني أبذل جهدي حتى أسيطر على أعصابي لمجرد أن أنظر اليه! أعتقد أنني أكرهه!".
تنهدت كارن وقالت:
" أستطيع أن أفهم كراهيتك له يا بول , ولكن اذا تكلمت بطريقة موضوعية بحتة , فأن لديه أفكارا جيدة في العادة".
هز بول كتفيه وقال:
" وكيف أستطيع أن أكون موضوعيا بالنسبة لرجل... حسنا... أغوى زوجتي !".
تحول وجه كارن ألى لون قرمزي وصاحت:
" مستحيل أن تعتقد أننا كنا عاشقين في يوم من الأيام , مستحيل يا بول".
أسود وجه بول على نحو كريه وقال:
" ولم لا؟ لقد طلقتك لذلك السبب... كان سبب طلاقنا هو خيانتك , هل تذكرين؟ واذا لم يكن هذا صحيحا فلماذا لم تدافعي عن نفسك في القضية؟".
عضت كارن شفتها وقالت:
"لو أنني دافعت , فماذا كنت أجني من دفاعي؟ هل كنت ستصدقني؟".
تمتم بحدة:
" في ذلك الوقت كنت سأقتنع بذرة واحدة من الأمل , لم أنك أظهرت رغبة في العودة الي ولو مرة واحدة لأختلف الوضع تماما".
شبكت كارن أصابعها , لماذا قال كل هذا ؟ كلامه جعل الوضع فظيعا , ووفر عليها الخادم الأجابة عندما جاء بالطلبات , ولكنها كانت قد فقدت شهيتها للطعام , ولم يبد بول بدوره اهتماما كبيرا بالأطباق الشهية, وعندما انصرف الخادم عاد بول يقول:
"هل نسيت أنني كنت مزودا بكل البراهين , لقد بدت الأدلة حاسمة , وقد زادت حسما بصمتك , وبصرف النظر عن أي شيء فقد أعترف مارتن نفسه بأنها صحيحة ... كل كلمة منها صحيحة".
عندئذ صاحت كارن غاضبة:
" هراء , لا يمكن أن يقول لويس مثل تلك الأشياء ... وحتى اذا كان قد قال , فكيف استطعت أن تتأكد من صحة كلامه؟".
قال بول بلهجة جافة:
" كان عندي محامي . هل تذكرين؟ وكانت القضية بسيطة وواضحة , لم يكن هناك ما يقال أكثر مما قيل , في أي حال فلننسى هذا الموضوع , ولا داعي لمناقشته أثناء العشاء".
ولكن كارن لم ترغب في نسيانه , أو في نسيان أية كلمة منه, كيف يمكن أن يعترف لويس بشيء من هذا القبيل في حين أنهما لم يكونا أكثر من مجرد صديقين ؟ وانتابتها الحيرة , كانت تعتقد أن لويس صديق مخلص أمين فأذا به... كاذب , يا له من خطر غريب مخيف! وأزاحت مثل هذه الأفكار عن ذهنها , لا بد أن هناك تفسيرا , لا بد أنه تصور أنه يساعدها بذلك , لعله قال أن الخطأ خطأه حتى يبرئها من كل لائمة! ومع ذلك ظلت كائرة مرتبكة , لم يكن أمامها شخص تلجأ اليه الا لويس! لم يكن هناك من تطلب منه النصح الا لويس , وقررت أن تناقش الموضوع مع لويس نفسه , من يدري لعله يقدم لها تفسيرا معقولا , لعل بول أخطأ فهم مقصده ... لعل كلامه تضمن شيئا أعتبره بول حقيقة لأنه كان يتوقعه , وراحت تفكر وتبحث عن قشة كما يقولون , فلا بد أن هناك سببا . يوجد سبب لكل شيء.






وساد الصمت فترة طويلة , ولم تتكلم الا عندما سألها بول قائلا:
" حسنا, هل تريدين أن يلقي آرون برنارد نظرة على لوحاتك؟".
أفاقت لورين من تفكيرها وصاحت:
" هل أريد؟ طبعا يا بول أتمنى أن يأتي , ولكن فقط اذا كنت تعتقد أنه لن يضيع وقته, فأنني لا أريد أن أسمعه يسخر منها لأن سخريته ستقضي على كل شيء , في حين أنني آمل أن أرسم شيئا ذا قيمة في يوم ما, أشعر بمتعة كبيرة في الرسم , فأذا قال لي أن استمراري في الرسم حماقة فسوف أشعر بحزن كبير , وفي الوقت الحاضر أشعر بهذا الأمل الغريب سأرسم شيئا قيَما في يوم من الأيام".
ابتسم بول وقال:
" أتمنى أن أكون واثقا من كل شيء قدر ثقتي من لوحاتك , ومع ذلك اذا لم تعجبه فسأشتريها أنا شخصيا ... كلها!".
ضاقت عينا كارن وسألته بتهكم:
" لبيتك الجديد؟".
نظر اليها مليا وقال:
" ربما... هل يدهشك هذا؟".
" لا بد أنك تمزح .... بالطبع يدهشني , لو كنت مكان روث لما رضيت أن أضع في منزلي أية لوحات بريشة أمرأة أخرى , وخاصة اذا كانت الرسامة زوجة سابقة لزوجي! أنه شيء مضحك ... أليس كذلك؟".
بدا وجه بول متوترا بعض الشيء ووافق قائلا:
" نعم, ولكنك مختلفة تماما عن روث يا كارن, ليست لديها شخصيتك المتسلطة, تحبين أن تتساوي بالرجال , في حين أن روث مستعدة لأن تظل الزوجة فقط, أنها ذكية وقادرة على سماع وفهم حديث زوجها , ورغم ذلك تظل مشغولة تماما ببيتها".
صاحت كارن باستياء:
" يا ألهي , أنها أذن من طراز ربة البيت الصغيرة, هل سترتق جواربك يا حبيبي , وتضع حذاءك بجوار المدفأة؟".
امتقع وجه بول , وأدركت كارن أنه غضب, ورد عليها قائلا:
" عل الأقل لن تحاول أن تبحث عن عمل ... أن روث لم تعمل أطلاقا ولذلك لن تفتقد العمل, صدقيني يا كارن, أن معظم النساء يحلو لهن أن يكُن زوجات وأمهات بمعنى الكلمة".
بدت كارن محرجة الآن, ولكنها قالت وهي تبتسم بدهاء:
"أعتقد من الطراز القديم يا حبيبي , أنت تريد زوجة ترتدي الثياب بالكرانيش والدانتيل , أنا أمرأة واقعية عادية , كما أنني أرتكبت أفظع الأخطاء عندما تجرأت بالرد عليك وتوقعت أن تستمع الي!".
كانت أصابع بول تقبض بشدة على كأس الشراب الرقيقة , وتعجبت كارن لأن الكأس لم تتحول الى حطام! وقال بول بهدوء مميت:
" أنك لم تردي عليَ فقط يا كارن... أنك تركتني . لا تنسي هذا ... لقد تركتني لمجرد أن تثبتي أنك مستقلة تماما كما تعودت دائما, لمجرد أن تثبتي أنك لا تكتفين بأن تكوني السيدة فريزر فقط".
أبعدت كارن طبق الفراولة الذي لم تلمسه , وقالت وهي تضحك بلا مرح:
" نعم... لقد فعلت هذا الأمر الذي يثبت أنه حتى أنا لا أخلو من الخطأ".
قال بول وقد تصلب وجهه:
" أنت لا تصدقين ذلك حقا, أعتقد أنه يسرك أن تهزأي بي! ".
بدت الدهشة على كارن وقالت:
" يسرني؟ أستطيع أن أؤكد لك أن تلك الحلقة في حياتي لم تكن أكثر ما علق في ذاكرتي".
وتغلب فضوله على تحفظه الطبيعي فسألها:
" أذن ما هو الشيء الذي علق بذاكرتك؟".
قالت وهي تنظر الى قهوتها التي بدأت تبرد :
" أعتقد أنه شهر العسل".
ولم يرد بول... ولكنه أخرج علبة سكائره وأشعل سيكارة في صمت.
وفجأة قالت كارن:
" أنه وضع يثير الضحك اذا فكرت فيه, ها نحن شخصان مطلقان نجلس هنا ونتناول العشاء معا, وكأننا كنا صديقين قديمين! يا ألهي يا لها من مسافة طويلة قطعتها الحضارة , يبدو أننا فقدنا كل العواطف البدائية في بوتقة الحياد أو اللياقة على الأصح... لم يعد هناك دماء حمراء ... لم يعد هناك الا هذا النوع من التسامح السطحي الذي حل محل العداء الصحي".
قال بول بابتسامة ساخرة:
" كلمات عميقة... هل ستستمر على هذه النغمة؟".
وفي طريق العودة ساد بينهما جو من التوتر , وعندما أوقف بول السيارة أمام عمارة كارن , نظرت اليه وقالت بمرح محاولة أن تعود الى جو المزاح اللطيف الذي بدأ به المساء:
" حسنا , أشكرك على كل ما فعلته لأمي ولساندرا, لقد أثبت أنك كريم حقا".
بدا صوتها ساخرا, ولكن وجه بول ظل جامدا , وفي الضوء الخافت تألق شعر كارن مثل الفضة فوق اللون العاجي لمعطفها الموهير, وعندما حركت رأيها , لمس الشعر الحريري كتف معطفه . أنها جميلة جدا... حلوة جدا... مثيرة جدا... وشعر بول بحواسه تتحرك بسرعة , ولكنه أحس بالمهانة عندما وجد نفسه يستجيب لها, وخاصة بعد كل ما قالته , وقال بحدة:
" تصبحين على خير".
كانت يداه النحيلتان تضغطان على عجلة القيادة حتى أبيضت مفاصلهما ولم يكن يعرف الى متى يستطيع السيطرة على نفسه.
ولم تفهم كارن فهزت كتفيها وفتحت باب السيارة وقالت وهي تخرج :
" تصبح على خير".
... ولم يتكلم بول ثانية , هز رأسه فقط وانطلق بالسيارة بأقصى سرعة حتى كادت العجلة الخلفية تلف من شدة السرعة , ورأته كارن ينعطف الى الشارع الرئيسي قبل أن تدخل العمارة , وشعرت بأنها وحيدة باردة خائفة من المستقبل , ولكنها لم تعرف ما الذي أثار خوفها!


 


قديم 09-23-15, 04:44 PM   #96
برنس وصاب

الصورة الرمزية برنس وصاب

آخر زيارة »  03-08-19 (01:32 PM)
MMS ~

 الأوسمة و جوائز

افتراضي




6- لا تكوني مضحكة

مر الأسبوع التالي ببطء , واتصلت أم كارن تلفونيا لتقول أن ساندرا قبلت فكرة السفر رغم أنها لم تبد حماسا كبيرا , ولم تشعر كارن بالقلق, لأنها كانت واثقة من أن ساندرا ستعود الى طبيعتها اذا ابتعدت عن تأثير سيمون , وفكرت كارن, لقد بدت الحلقة وكأنها على وشك أن تنتهي , فبعد أن تسافر مادلين وساندرا الى أسبانيا لن تحتاج الى مقابلة بول , كان زواجه في أي حال يلوح في الأفق ويقترب يوما بعد يوم.
وذهبت الى المكتب آملة أن يكون لويس قد عاد الى سلوكه العادي اللطيف , ولكنها لاحظت أنه لا يزال على وضعه الغريب , ولم تستطع كارن أن تفهمه , لعل ذهنها المشتت هو الذي صور لها أن لويس أصبح مختلفا ... ولكنها بدأت تفكر جديا في البحث عن وظيفة أخرى.
وفي نهاية الأسبوع أستيقظت صباحا على رنين التلفون, ألقت نظرة على الساعة فوجدتها السابعة والربع, ترى من الذي يطلبها في هذه الساعة المبكرة , وأخذت تهز رأسها لتطرد النوم من عينيها , ونهضت من فراشها وذهبت لترد , وعندما رفعت السماعة سمعت صوت أمها تقول:
" أخيرا وجدتك يا كارن!".
" ماذا حدث يا أمي؟ هل تعرفين كم الساعة الآن؟".
" نعم, أعرف , الأمر هام جدا".
ومرت فترة صمت, فسمعت كارن صوت أمها وهي تجهش بالبكاء!
فقالت في فزع:
" ماذا حدث؟ هل أصيبت ساندرا بسوء؟".
أجابت مادلين بصوت متقطع :
" أسوأ من هذا , لقد هربت وتركت لي رسالة تقول أنها حامل... والأب طبعا هو سيمون !".
ألقت كارن بنفسها على المقعد بجانب التلفون وصرخت:
" يا ألهي , أهدأي يا أمي وسوف أحضر فورا".
ووضعت مادلين السماعة, وتنهدت كارن وقد أنتابها شعور بالخوف, طفل؟ ما الذي تستطيع أن تفعله الآن؟ أن سيمون لن يفرج بالنبأ مهما كان شعوره نحو ساندرا , كان يفضل الحرية على كل شيء آخر , في حين أن الأطفال تعني المسؤولية, وغيرت كارن ملابسها وقادت سيارتها الى منزل أمها , وعندما رأت كارن أجهشت بالبكاء, فقالت كارن محاولة أن تهدىء من روع أمها :
" ماذا حدث؟".
عضت الأم شفتها وحاولت السيطرة على أعصابها , وقالت:
" عندما أخبرت ساندرا بموضوع الرحلة, وافقت لكنها لم تكن متحمسة , كان واضحا أنها تخطط للهرب , وأعتقد أن هذا الحيوان سيمون كان يعرف كل شيء عن خطتها , لقد شعرت ساندرا بأننا نحاول أبعادها عنه".
ومرة أخرى أجهشت بالبكاء , وبعد فترة استطردت تقول:
" لقد تصادف أنني استيقظت في الساعة الخامسة والنصف وأنا أشعر بصداع مؤلم , وذهبت الى غرفة ساندرا أبحث عن قرص من الأسبرين , فوجدت فراشها خاويا , والورقة التي تركتها مشبوكة في وسادتها".
تنهدت كارن وسألت أمها:
" وهل أخذت ملابسها ؟".
" أخذت بعضها".
" واذا فعلت عندما وجدت الرسالة؟".
" أتصلت بك , ولكنني لم أحصل على رد ... وأعتقدت أنك خرجت".
وتذكرت كارن الحبة المنومة , وقالت:
" آسفة يا أمي , لا بد أنني كنت مستغرقة في النوم".
وناولتها أمها رسالة ساندرا فقرأتها :
" أمي العزيزة ....
لقد أصبحت حياتي هنا لا تطاق , أنك وكارن مصممتان على أن تفرقا بيني وبين الرجل الذي أحبه , وأنا لا أحتمل هذا, أنني أنتظر طفل سيمون , وسوف نتزوج بسرعة عندما يستطيع أن يطلق هذه الجوليا اللعينة , ى تحاولا أن تبحثا عني, سأعود عندما تدركان أنني على صواب".
وعندما فرغت كارن من قراءة الرسالة أخبرتها أمها أن ساندرا أخذت دفتر توفيرها , وكان به خمسة وسبعون جنيها , وقالت كارن بلهجة حادة:
" لا تلومي الا نفسك يا أمي...".
مسحت مادلين عينيها وردت:
" هل أتيت لتساعديني أم لتعذبيني؟".
" لأساعدك بالطبع , ولا داعي للشجار يا أمي... لا أريدك فقط أن تتصوري أن ساندرا فتاة مسكينة صغيرة في حين أنها بنت مدللة طائشة وتحتاج الى يد قوية, في أي حال أهدئي يا أمي , يجب أن نفعل شيئا".
نظرت اليها أمها ثم قالت:
" اتصلي ببول وأخبريه".
كانت كارن تعرف في قرارة نفسها أن بول هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يساعدهما فقالت ببطء:
" أعتقد أن هذا هو الحل السليم الوحيد... ولكن ألا تعتقدين أننا نثقل عليه؟".
نهضت الأم من مكانها وقالت في كبرياء:
" ولكن أخاه هو سبب هذه المشكلة".
وتنهدت كارن وسارت نحو التلفون , وأدارت رقم شقة بول في بلجرافيا وقالت:
" أنا كارن يا بول!".
صاح بول بصوت مبحوح , وكان واضحا أنه لا يزال نائما :
" يا ألهي ... كارن؟ كم الساعة الآن؟".
" أنه أمر هام .... ولا بد أن أراك الآن الا أذا فضلت أن أروي لك كل شيء على التلفون ".
" لا .... لا ... سأراك ... أين أنت؟".
" في منزل أمي , هل تستطيع أن تأتي؟".
" أفضا أن تأتي أنت يا كارن الى هنا ... عندما تصلين سأكون قد حلقت وارتديت ثيابي".
ووافقت كارن , وأخبرت أمها أنها ستذهب الى بول في شقته , وعلقت السيدة ستاسي في شك على ذلك قائلة:
" أرج ألا تنسي السبب الذي تذهبين من أجله الى شقته!".
وفهمت كارن ما تعنيه أمها , فقالت غاضبة:
" يجب أن تتذكري أنك أنت السبب في ذهابي الى هناك يا أمي!".
وارتدت كارن معطفها , وغادرت منزل أمها , وقادت سيارتها بسرعة الى شقة بول... كانت الطريق قد بدأت تزدحم بالمرور فتعطلت قليلا, ووصلت الى المبنى الذي يقيم فيه بول في الساعة التاسعة الا الثلث, ودخلت الى المصعد , وضغطت زر الطابق العلوي حيث تقع شقة بول, كانت الشقة تطل على مدينة لندن من أعلى , وتذكرت أنها وبول كانا يقضيان الليل في الشقة عندما يسهران في المدينة, وارتجفت رغما عنها وهي تدق الجرس وتنتظر , وفتح الباب خادم لا تعرفه , لا بد أن بول استغنى عن طاقم الخدم القديم , واستبدل به طاقما جديدا, ودخلت كارن الى غرفة الجلوس , واتجهت نحو النافذة العريضة التي كادت تشغل كل الحائط , كانت تطل على نفس المنظر الذي بهرها , كان صخب لندن يتحول الى همس من هذا الأرتفاع الشاهق , وأخبرها الخادم أن السيد فريزر في الحمام سيخرج حالا ثم أنصرف , وراحت كارن تجول في الغرفة وتنظر الى الأثاث وهي سعيدة , كانت الجدران مغطاة بصور للنرويج أحضرها بول حسب رغبتها بعد أن قضيا أجازة هناك , وكانت الغرفة مزودة بتدفئة مركزية , كان المكان كله مليئا بذكريات أختزنتها كارن في قلبها.
وجلست على مقعد وأشعلت سيكارة وشعرت بالراحة , وعندما دخنت سيكارتها نهضت من مكانها واتجهت الى الباب الذي يؤدي الى غرفة نوم بول, أرادت أن تعرف اذا كان قد غير مظهر الغرفة , لأنها غرفة نومهما , كانت الغرفة أنيقة نظيفة مفروشة بالسجادة الناعمة نفسها وتفوح برائحة الدخان مما يدل على عدم وجود أمرأة في الشقة , وفتحت كارن النافذة على مصراعيها ورأت الحدائق تمتلىء بالزهور , وتنهدت في آسف , يا لها من حياة غريبة ... أم هو القدر المحتوم!
منذ أسابيع قليلة فقط لم تكن تحلم بأن تتحدث الى بول مرة أخرى , لقد تصورت أن كل شيء قد أنتهى , وها هي اليوم واقفة في شقته, في غرفة نومه, وابتسمت , كم من أحداث غريبة تقع! بل أن هذا الموضوع بالذات كله يبدو أغرب من القصص والروايات.
وفجأة فتح باب الحمام ودخل بول غرفة النوم , وقفزت كارن فزعة, وكأنها طفلة صغيرة ضبطت وهي تأخذ قطعة حلوى من الصندوق الممنوع , كان يرتدي ملابسه الداخلية ويلف عنقه بمنشفة, واحمر وجه كارن وشعرت بحرج شديد , ترى كيف سيفسر هذا؟ يا لها من حمقاء ! ونظر اليها متفرسا بعينيه الداكنتين , ولم تند عليه الدهشة لأنه رآها وقال بعد لحظة:
" آسف لأني لم أكن في أنتظارك عندما وصلت , كنت أعمل حتى ساعة متأخرة في الليلة الماضية".
نسيت كارن كل شيء عن ساندرا وأمها عندما رأته , وبدأ بول يرتدي ملابسه , فعادت الى غرفة الجلوس , بدا كل شيء طبيعيا تماما كما كان يحدث كل يوم عندما كانا متزوجين . ولحق بها بول وأشعلت كارن سيكارة ثم قالت:
" لقد هربت ساندرا من البيت . وتقول أنها حامل , ويمكنك أن تخمن من يكون الأب!".
بدا الغضب واضحا على وجه بول , لم يكن يحلم أطلاقا أن سيمون يمكن أن يتمادى الى هذا الحد مع فتاة دون العشرين , وشعر كأنه يستطيع أن يخنق أخاه في هذه اللحظة , وأشعل سيكارة وأخذ يدخنها في قلق! فقالت كارن معتذرة:
" آسفة يا بول , ولكنني لم أجد شخصا غيرك ألجأ اليه ".
هز بول رأسه وقال:
" أن سيمون هو الملوم في هذه الحالة , يا له من أحمق , وساندرا أيضا لا بد أنها مجنونة!".
وناولته كارن رسالة ساندرا ليتضح له كل شيء , وقرأها بول بسرعة ثم قال:
" يا ألهي... أنها تصدق أنه يعتزم الأنفصال عن جوليا , لقد قال لي منذ أيام فقط أنه ليس في نيته أن يطلقها".
" هل تعتقد أنه كان يقابل ساندرا سرا؟".
" لقد أرسلت سيمون الى توتنغهام في عطلة نهاية الأسبوع الماضي ولم يعد الا أمس فقط".
" وهل تعتقد أنها اتصلت بسيمون أمس عندما عاد؟".
" هذا احتمال بعيد".
" وما الذي سنفعله الآن؟".
" يجب أن نعثر على ساندرا أولا , وسوف أتحدث اليها بنفسي".
" ولكن كيف نعثر عليها؟".
" سوف أتصل بسيمون وأسأله اذا كان يعرف مكانها, يحتمل أن تكون قد أخبرته".
وفي هذه اللحظة دخل الخادم بصينية عليها فناجين القهوة, وطلب منه بول أن يعد له ولكارن طعام الأفطار , وانصرف الخادم بأدب , فسألت كارن في دهشة:
" هل سأتناول الأفطار هنا؟".
" بالطبع, لم لا, أنك تبدين شاحبة بما فيه الكفاية".
" أشعر بالجوع فعلا, أننا نبدو كما كنا في سالف الأيام! نتناول الأفطار معا!".
كانت كارن تثق في بول وتعتمد عليه , كأ ن بول أصبح بمثابة الأب الروحي لها ولأسرتها , وتمنت لو أستطاعت أن تشرح له بمشاعرها , ونظر اليها بول وسألها:
" هل تجدين الأشياء هي نفسها هنا كما كانت من قبل؟".
" نعم, ولا أزال أعتقد أن الشقة رائعة".
" ولماذا دخلت غرفة النوم؟".
احمر وجه كارن وقالت مدافعة عن نفسها :
" لقد أنتابني الفضول, وأردت أن أجدد ذكرياتي".
" وهل كانت ذكريات سارة؟".
تمتمت قائلة:
" بالطبع".
" في بعض الأحيان تكونين شفافة جدا".
"ماذا تقصد؟".
"لا شيء... أنسي ما قلته!".
ولكن كارن لم تستطع أن تنسى بسهولة , وبدت قلقة مضطربة ... وتمنت الا تكون قد أتاحت له فرصة للنقد".
ودخل الخادم يحمل الأفطار , وجلسا حول المائدة... والتهم بول طعامه , أما كارن قد اكتفت بشرب القهوة وتناول قطعة من الخبز المقدد , وفجأة سألته:
" متى تعود روث من أميركا؟".
" بعد يوم أو يومين, عندما أتصلت بي تلفونيا قالت أنها ستعود قريبا , وأنها ستبرق بموعد وصولها , ولكنها لم تتصل بي ثانية".
" لا بد أنك مشتاق لعودتها".
رد باقتضاب:
" نعم".
وبعد أن فرغا من تناول طعام الأفطار قال بول فجأة:
" نسيت أن أخبرك أن أرون برنارد يريد رؤية لوحاتك , لقد حاولت أن أتصل بك تلفونيا في الليلة الماضية ولكنني لم أجدك".
وتذكرت كارن الحبة المنومة فقالت:
" لقد أخذت حبة منومة , ولا بد أنني استغرقت في النوم".
" ولماذا تأخذين حبوبا منومة؟".
"حتى لا أظل ساهرة!".
" اذا كنت لا تستطيعين النوم, فلا بد أن شيئا يشغل ذهنك".
" هل تكتب في ركن القلوب المحطمة في الصحف؟".
قال بول بلهجة جادة:
" لا أحب أن تأخذي مثل هذه الحبوب يا كارن , سوف تألفينها وتعتمدين عليها تماما".
قالت وهي تحاول أن تغير موضوع الحديث:
" فلنعد الى موضوع آرون برنارد , متى يريد رؤية اللوحات؟".
"الواقع أنه يود رؤيتها اليوم, وهذا هو سبب اتصالي بك في الليلة الماضية".
" ولكن هذه الضجة بالنسبة لساندرا وسيمون , ومشكلة حملها ؟".
عندئذ قال بول:
" حتى اذا كانت حاملا , فهي ليست أول فتاة يحدث لها هذا".
" أذن , هل تعني أن هناك شكا في هذا؟".
" محتمل جدا , يمكن أن يكون زعم ساندرا مجرد أنذار كاذب , ولذلك سوف أتصل بآرون ليرى الرسوم في المساء , ومن يدري؟ لعلنا نكون قد وصلنا الى كشف لغز ساندرا هذا ".
تنهدت كارن وهي تقول:
" معك حق... أشكرك يا بول. يجب أن أنصرف الآن والا قلقت علي أمي".
" أنك تفعلين ما طلبته منك....".
" حسنا.... دعني أتصل بها تلفونيا".
"سأتصل بها أنا حتى تقول لي ما تريده".
وأمسك سماعة التلفون وأدار رقم السيدة ستاسي وأنتظر أن ترد, وشعرت مادلين بالسعادة عندما حدثها بول, فقد أثبت بذلك أنه يعالج الموضوع بكل جدية , كانت مادلين تحتاج دائما الى أحد تعتمد عليه , وطلب منها بول أن تهدأ وتنام قليلا, اذا كانت لا تزال تشعر بالقلق , وأنهما هو وكارن سيبحثان عن ساندرا حتى يجداها ويعودا بها الى البيت , كان لبقا بطريقة ساحرة , وأيقنت كارن أن كلماته طمأنت أمها الى حد كبير, وعندما انتهى بول من المحادثة التلفونية , وضع السماعة والتفت الى كارن وقال:
" كانت لطيفة جدت".
" لأنها تحبك, على فكرة, أنك تتحدث عن محاولة العثور على ساندرا وكأنه أمر سهل .... ألا تضيق بشيء؟".
قال بول بقسوة:
"أضيق فقط بالزوجات الخاطئات".
ارتجفت طارن... هناك دائما العامل الشخصي بينهما , وكان قريبا جدا من السطح بحيث يطفو في أية مناسبة , وردت عليه قائلة:
" وماذا عن الأزواج القساة؟".
سألها بتهكم:
" وهل كنت قاسيا ؟ لا أطن".
" أنك تفكر دائما من الزاوية العاطفية ".
" وما هي الزاوية الأخرى؟".
" أنني أنسانة ولست قطعة أساس , هل كنت تريدني أن أفقد شخصيتي في شخصيتك؟".
" لا ... لنفرض أنني كنت مخطئا بقدر ما كنت مخطئة , ماذا نجني من هذا؟".
تمتمت وهي تلهث فجأة:
" هذا يتوقف عليك....".
ركَز بول نظراته عليها ... وفجأة دق جرس الباب , وشعرت كارن بأمتئاب فظيع . وعبس بول قائلا بغضب:
" ترى من يكون هذا؟".
قالت كارن وهي تفكر:
" ربما يكون سيمون... سأفتح الباب".
سارت كارن بسرعة نحو الباب وفتحته , وفي الحال أنتشر عطر مثير ملأ أنفها... واذا بها أمام فتاة قصيرة سوداء الشعر , ترتدي معطفا ثمينا من الفراء , وقبعة فيها ريش وردي , وحذاء أنيقا , كانت روث!
وتعرفت عليها كارن في الحال, وشعرت بشيء من الخجل من ثيابها المتواضعة اذا قورنت بملابسها الثمينة , وبدا الغضب على وجه روث عندما تعرفت هي أيضا على كارن , على أن بول أضطرب قليلا عندما دخلت خطيبته الغرفة بعد أن رمت كارن بنظرة قاتلة.
وأغلقت كارن الباب واستندت عليه , وهي تشعر بالفخر لثقة بول الفائقة في نفسه, وأيقنت كارن أنها لو كانت مكان روث لأحترقت غضبا مثلها, ووقفت روث وسط غرفة الجلوس , وراحت تحدق في بول بغضب ثم قالت ببرود:
"لا بد أن هناك تفسيرا لهذا! ويهمني أن أسمعه , يبدو أنني عدت في لحظة غير مناسبة".
هز بول كتفيه العريضتين وقال:
" لماذا تتصورين ذلك؟ كلا ... يا روث.... لقد حضرت كارن الى هنا لسبب مشروع جدا . أن الأشياء ليست في حقيقتها كما تبدو من الظاهر دائما...".
اتسعت عينا كارن , والتفتت روث ونظرت الى كارن باحتقار , ثم قالت بلهجة وقحة:
"يبدو أنك تتذرعي بأسباب لا حصر لها لتطاردي بول بعد أن أنفصلت عنه!".
احمر وجه كارن, قال بول:
" أن هذا الموضوع لا يمت لك بصلة يا روث".
قاطعته كارن قائلة:
" لا تزعج نفسك يا بول, باستطاعتي أن أحارب معاركي بنفسي, خطيبتك الفاتنة تثبت ببساطة أنها تشك فيك, ومن الواضح أنها تريد أن تعتقد أننا نسيء التصرف".
ردت روث عليها:
" أنك تودين أن ننفصل يا آنسة ستاسي , لقد أرتكبت غلطة كبيرة عندما سمحت لبول بأن يطلقك".
وعندئذ تدخل بول وقال بهدوء:
" أن أخت كارن حامل, وقد هربت من البيت".
قالت روث:
" يا له من شيء مقزز, لا بد أنها....".
قاطعتها كارن بغضب قائلة:
" أن أختي ليست ساقطة , فهي تتصور أنها تحب سيمون !".
قالت روث :
" ألم يكن في أستطاعتك أن تتحدثي تلفونيا؟".
رد بول:
" أنا الذي طلبت منها أن تحضر".
خلعت روث قفازها , وقالت وهي تنظر الى كارن باحتقار:
" أنني واثقة أنها طاردت سيمون المسكين".
وكان هذا أكثر مما تحملته كارن, كان سيمون معروفا بطيشه وحماقته, ولا بد أن روث نفسها تعرف هذا , ولكنها كانت تتعمد مضايقة كارن , لقد أحتقرتها بشدة عندما فتحت لها الباب , ولكنها كانت تنتقد الآن ساندرا التي لم ترها في حياتها , وهذا أمر مختلف .
ردت كارن عليها على نحو متهور:
"لعلك تعتقدين أن كل أسرتنا هكذا يا آنسة ديلاني, لقد تغيبت بضعة أيام , وعندما عدت وجدتني في شقة بول , وقد تناولت الأفطار معه , ما معنى هذا؟ وماذا أبدو في نظرك؟.
صاحت روث في هلع:
" بول...".
نظر بول الى كارن بعينين متوسلتين , ولكنها مضت تقول بلا أكتراث:
" لا تقلق يا بول, لن أختلق أية حكايات , دع خطيبتك تكوَن رأيهابنفسها عن الموضوع , واذا خرجت بالفكرة الخاطئة فأنك تستحق هذا على ما أعتقد , لأنك تسرعت وقفزت الى نتائج خاطئة وظلمتني منذ سنتين , أليس كذلك؟".
وزمت كارن شفتيها , وفجأة شعرت وكأنها طفلة مدللة تحاول تبرير حماقتها , وبدون أن تنطق بكلمة واحدة أخرى , أخذت معطفها وخرجت من الشقة , وصفقت الباب خلفها , وسمعت بول يصيح كارن, ولكنها لم تتوقف.
وبعد انصراف كارن ساد صمت رهيب لعدة دقائق, كانت كل كلمة قالتها كارن تطن في رأس بول , ولم يستطع أن يخلص نفسه من الشعور بأنه أخطأ في حقها , وعودة روث لم تخرجه من عواطفه المشوشة كما كان يتصور , بالعكس لقد تضايق لأنها قطعت حديثه مع زوجته السابقة.


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة


المواضيع المتشابهه للموضوع : حب غير متوقع اكبر تجمع روائي لروايات احلام وعبير
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وتفوح من طيب الثناء روائح..! رويدا محمد عدسات وفلاش كاميرات الأعضاء ( تصويرُنا ) 26 05-04-16 02:52 PM
اليمن :قبر عشرينية يمنية تفوح منه روائح عطور مميزة اللورد يحيا أخبار من الصحف المحليه والعالميه 8 08-30-13 11:23 PM
اكثر مكان غير متوقع لبناء السينما لقيت روحي قسم الصور والرسوم العامه 11 05-03-12 05:20 PM
آسف على عطل المنتدى الغير متوقع ~ M.ahmad ملتقى تواصل الأعضاء - فعاليات - تهاني ومناسبات . . ◦● 1 06-08-10 08:41 PM


| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 09:09 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا