منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


من تاريخ هذا اليوم أي إساءه مهما كان نوعها أو شكلها أو لونها تصدر علناً من عضو بحق عضو أو مراقب أو إداري أو حتى المنتدى سيتم الإيقاف عليها مباشره وبدون تفاهم :: قرار هام ::

Like Tree27Likes
موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-21-21, 07:20 AM   #265
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:16 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 252 »
السيرة النبوية العطرة (( إسلام ثقيف ))
________
قلنا إن العام التاسع للهجرة هو [[ عام الوفود ]] حيث شهدت المدينة المنورة حضورا مكثفا للوفود من كل أنحاء الجزيرة العربية ، وقيل في بعض كتب السيرة إنّ هذه الوفود وصلت إلى مئة وفد ، وقد بدأت هذه الوفود في القدوم إلى المدينة بعد فتح مكة وحرب هوازن في السنة الثامنة للهجرة،

ثم ازدادت كثافة بعد غزوة {{ تبوك }} في السنة التاسعة للهجرة بعد أن شاهدت القبائل العربية الجيش الرومي العملاق ينسحب انسحابا مخزيا قبل وصول الجيش الإسلامي ، فعلمت هذه القبائل أن لا قِبَل لها بالدولة الإسلامية الناشئة ، فجاءت إلى المدينة لمبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبعض هذه القبائل جاء إلى المدينة مقتنعا بالإسلام ، والبعض جاء خوفا على مصالحه التي قد تزول أمام قوة الدولة الإسلامية .

وكان أول هذه الوفود قدوماً بعد تبوك، وأهم هذه الوفود من ناحية الأثر هو وفد {{ ثقيف }} ؛ فمن هي ثقيف ؟ وما قصة إسلامهم ؟

ثقيف هي أكبر بطون قبيلة {{ هوازن }} وقد قلنا إن هوازن واحدة من أكبر قبائل الجزيرة العربية، تضم عددا كبيرا من البطون ، وكانت ثقيف شبه مستقلة عن هوازن ، وتسكن مدينة الطائف على بعد حوالى {{ ١٠٠ كم }} جنوب شرق مكة، والطائف هي المدينة الثانية في الجزيرة العربية بعد مكة .

وذكرنا في بداية السيرة رحلة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى {{ الطائف }} في السنة العاشرة من البعثة ، حيث جلس مع ثلاثة من زعماء الطائف على رأسهم ابن عبد ياليل ، ولكنهم رفضوا الإسلام ، ووبّخوه ، ليس هذا فحسب بل أرسلوا خلفه - صلى الله عليه وسلم - أولادهم وسفهاءهم وأخذوا يسبونه ويقذفونه بالحجارة حتى سالت الدماء من قدميه الشريفتين - صلى الله عليه وسلم - .


وذكرنا كذلك بعد فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة كيف تجمعت كل قبائل هوازن لأول مرة في تاريخها في جيش ضخم لحرب المسلمين في {{ غزوة حنين }} ، وكيف انسحبت هوازن إلى مدينة الطائف تاركة كل ما تملك غنيمة للمسلمين ،وكيف قام المسلمون بحصار الطائف شهرا كاملا، ولم ينجحوا في اقتحام الطائف ، ولكن ؛ وبعد عودة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - {{عروة بن مسعود الثقفي }} وهو أكبر زعماء الطائف، وأسلم بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم عاد عروة إلى قومه ودعاهم إلى الإسلام، ولكنهم رفضوا الإسلام وسبوه وأغلظوا له القول ، وقتلوه !!

وبالرغم من أن ثقيفا قد قتلت عروة بن مسعود ، إلا أنها لاحقا فكّرت في الدخول في الإسلام ،وذلك لأسباب كثيرة أهمها هزيمتهم المدوّية أمام المسلمين في غزوة حنين ، فقد أصبح المسلمون قوة لا تضاهيها قوة ، كذلك فقد أسلمت تقريبا جميع قبائل الجزيرة العربية، حتى بطون هوازن نفسها، ولا تستطيع ثقيف أن تقف أمام كل العرب ،

كذلك إسلام {{ مالك بن عوف }} أضعف شوكتهم ، فقد كان قائد جيش هوازن في غزوة حنين ضد المسلمين ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم – قد كلفه بحصار الطائف، فضيّق ذلك عليهم بشدة، وأخذ الوضع الاقتصادي لثقيف بالتردي نتيجة هذا الحصار، وفقدت الطائف مكانتها التجارية ، كل هذه الأسباب جعلت ثقيف تفكر في الإسلام .

ولذلك ، وبعد عودة النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك من السنة التاسعة من الهجرة جاء إلى المدينة وفد من ثقيف فاستقبلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - استقبالاً طيباً يليق بنبي كريم ، ولم يُذكّرهم بشيء من ذلك التاريخ الطويل من العداء ،ولكنهم أرادوا الإسلام بشروط معينة، فتحدث زعيمهم {{ كنانة بن عبد ياليل }} وقال: أفرأيت الزنى ؟

فإنا قوم نغترب ولا بد لنا منه ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :هو عليكم حرام ، وتلا :{{ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا }} قال كنانة : أفرأيت الربا ؟ فإنه أموالنا كلها ؟ فقال – عليه الصلاة و السلام - :_لكم رؤوس أموالكم ،

وتلا :{{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين }} .فقال كنانة : أفرأيت الخمر؟ فإنه عصير أرضنا لا بد لنا منها ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : إن الله قد حرمها ، وقرأ عليه : {{ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون }} .

ثم طلبوا طلبا أخيرا وهو أن يتم إعفاؤهم من الصلاة !! فرفض النبي - صلى الله عليه وسلم - طلبهم ؛ فالصلاة هي عمود الدين .

ثم قال كنانة : أرأيت الربة يا محمد، ماذا نصنع فيها ؟ [[ والربة هي صنم اللات وقد ذكرنا أنها كانت من أعظم أصنام العرب، وكان يُقسم بها ويُهدى إليها ويُذبح عندها ]] فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنتهى الحزم وقال: اهدموها . ففزع الوفد وقال كنانة : هيهات ، لو تعلم الربة أنك تريد هدمها ، لقتلت أهلها !! تول أنت هدمها ، فأما نحن ، فإنا لا نهدمها أبدا . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم: سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها .

وبعد أن أسلموا أمّر عليهم {{عثمان بن أبي العاص}} مع أنه كان أصغرهم سنا ، وهذا يدل على اقتناع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإمكانات الهائلة للشباب[[ واليوم أصبحت إمكانات بعض شبابنا أمام شاشات ماجنة وحفلات خليعة إلا من رحم ربي ]] .

انطلق الوفد عائدا إلى ثقيف ، وما زالوا يحدثونهم عن قوة وعظمة جيش المسلمين إن أصرّت ثقيف على موقفها ، فأسلموا ، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – قد بعث سرية لهدم صنم [[ اللات ]] في ثقيف وأمّر عليها القائد الفذ {{ خالد بن الوليد }} - رضي الله عنه - ،

وجعل مع هذه السرية {{ المغيرة بن شعبة }} وهو من ثقيف ، كما أرسل معهم أيضا {{ أبا سفيان بن حرب }} وهذه إشارة هامة إلى أن زعيم الوثنية السابق هو الذي يذهب بنفسه لهدم أشهر أصنام العرب . هذه كانت قصة اسلام قبيلة ثقيف ، ومن حُسن إسلامها أنها لم تكن من ضمن القبائل التي ارتدت عن الإسلام بعد وفاة الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 05-22-21, 06:48 AM   #266
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:16 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 253»
السيرة النبوية العطرة (( ضمام بن ثعلبة ممثّل وفد بني سعد بن بكر ))
________
من الوفود المباركة التي قدمت المدينة وفد {{ بني سعد بن بكر }} أحد بطون هوازن، وكان هذا الوفد مكونا من رجل واحد فقط وهو {{ ضمام بن ثعلبة }} ، و لم يكن ضمام سيد قومه ، ولكن كان من عقلاء القوم وحكمائهم فوقع الخيار عليه وذلك لثقتهم فيه وفي رأيه ، فكان خير وفد وخير وافد ، وكفى قومه هذه المهمة . بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدًا إلى رسول الله، فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ثمّ عقله، ثمّ دخل المسجد والنبيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - مُتَّكِئٌ بيْنَ أصحابه [[ يعني " مكوّع " بلغة اليوم ]]،

وكلمة " مكوّع " تعبير خاطئ قياسا للمعنى الحقيقي للكلمة في اللغة العربية ؛ فالكوع الذي يعرفه الناس اليوم لا يُسمّى في اللغة بالكوع ، بل هو مرفق بنص القرآن الكريم : {{ . . . وأيديكم إلى المرافق }} ، و نرى إذا أراد الناس أن يذموا شخصا في سوء الفهم قالوا : (( فلان لا يعرف كوعه من بوعه )) أتعرفون أين الكوع ؟؟ الكوع هو العظم الذي يلي أبهام اليد ، والبوع عظم يلي إبهام القدم ، ومعنى المثل : [[ فلان ما بيعرف ايده من رجله ، ويتخبط بقراراته تخبط عشوائي مثل البعض اليوم ]] .

وكان ضمام رجلاً جلدًا أشعر ذا غريرتين، فأقبل حتى وقف على رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في أصحابه، فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله: " أنا ابن عبد المطلب". قال: محمد؟ قال: "نعم". [[ ودائما الشخصيات المشهورة تحاول أن تبتعد عن الناس، لأنها تعلم أنها اذا خالطت الناس فسيرون عيوبهم وستسقط الهالة التي حولهم،

أما الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فنتعلم منه التواضع و الألفة ؛ فهو شديد الاختلاط بأصحابه، وكلما خالط أصحابه كلما ازدادوا له حبا، وكلما ازداد هيبة في قلوبهم، وإجلالا في أعينهم ]] فقال ضمام : يا ابن عبد المطلب، إني سائلك ومغلظ في المسألة، فلا تجدن في نفسك ،[[ يعني لا تغضب مني وتحزن لقولي ]] . فقال – عليه الصلاة و السلام - : " لا أجد في نفسي، فسل عما بدا لك".

فقالَ ضمام : أسْأَلُكَ برَبِّكَ ورَبِّ مَن قَبْلَكَ، آللَّهُ أرْسَلَكَ إلى النَّاسِ كُلِّهِمْ؟ فقالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ . قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمْسَ في اليَومِ واللَّيْلَةِ؟ قالَ:

اللَّهُمَّ نَعَمْ . قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ نَصُومَ هذا الشَّهْرَ مِنَ السَّنَةِ؟ قالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. قالَ: أنْشُدُكَ باللَّهِ، آللَّهُ أمَرَكَ أنْ تَأْخُذَ هذِه الصَّدَقَةَ مِن أغْنِيائِنا فَتَقْسِمَها علَى فُقَرائِنا؟ فقالَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - : اللَّهُمَّ نَعَمْ. فقالَ الرَّجُلُ: آمَنْتُ بما جِئْتَ به، وأنا رَسولُ مَن ورائِي مِن قَوْمِي، وأنا ضِمامُ بنُ ثَعْلَبَةَ أخُو بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ. فقال رسول الله حين ولّى ضمام : " إن يصدق ذو العقيصتين يدخل الجنة " ، أي إن طبّق تعاليم الإسلام هذا الرجل صاحب الخصلتين الملتويتين من الشعر فهو من أهل الجنة ، وهذه بشارة لكل من طبق أركان الإسلام بصدق و طمأنينة اعتقادٍ بالله تعالى .

بعدها أتى ضمام إلى بعيره فأطلق عقاله ، ثم خرج حتى قدم على قومه، فاجتمعوا إليه ، فكان أوَّل ما تكلم به أن قال : بئست اللات والعزى! قالوا: مه يا ضمام، [[ يعني على مهلك لا تستعجل ]] ،

اتَّقِ البرص والجذام ، اتَّقِ الجنون . [[ يعني احذر أن تصاب بهذه الأمراض لأنك تشتم الآلهة ،هكذا كانوا يعتقدون أن من شتم الآلهة ابتلي بالجذام والبرص والجنون ، هم على جاهلية واليوم بعض المسلمين تراهم إذا غضبوا يسبون الذات الإلهية في الطرقات وعلى مسمع الناس !! ]] قال: ويلكم! إنَّهما والله لا يضرَّان ولا ينفعان،

إنَّ الله قد بعث رسولًا، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مَّما كنتم فيه، وإنِّي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، إني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه. قال: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمًا. وهذا درس لنا نتعلم فيه أنّ العبرة ليست في الكثرة ، فشخص واحد غيّر واقع قبيلة لأنه صادق في نيّته ، كذلك نتعلم القوة في قول الحق وأنّ ديننا دعوة إلى الله وليس فقط عبادة .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 05-25-21, 07:40 AM   #267
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:16 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 254»
السيرة النبوية العطرة (( وفد بني عامر، و محاولة قتل النبي – صلى الله عليه وسلم - ))
________
اجتمع بنو عامر وقالوا لزعيمهم {{ عامر بن الطفيل }} : يا عامر، ألا ترى العرب تدخل في دين محمد أفواجاً ؟؟ فإنا نخشى أن يظهر أمره على الجزيرة ، فلنأخذ من أمرنا من الآن ،[[ يعني ندبر حالنا و نشوف وضعنا ]] ،

فنرى أن تفد إليه ، واختر من تشاء من الرجال معك ، فاختار رجلا واحدا يقال له {{ أربد بن قيس }} ، فقال عامر لأربد : يا أربد ، إني لا أخشى على نفسي رجلا في قومي غيرك ، [[ يعني كان بينهما منافسة مين يكون زعيم في قومه ]] ،

وإني كنت والله آليت على نفسي حتى تتبع العرب كلها عقبي [[ أي جاهدت نفسي أن أصير ملكا على العرب ، و كلهم تحت أمري !! أرأيتم منطق الشر؟ ]] ، فاليوم أتبع أنا عقب هذا اليتيم من قريش؟!! [[ يعني مش عاجبه أبدا يكون نبينا محمد سيّدا عليه وعلى قومه ]] ،

لذلك رأينا عامر بن الطفيل كثيرا ما يفتخر بنفسه في شعره أنه سيّد قومه بكل تكبّر و اختيال :

إنّي وَإِنْ كنت ابن سيّدِ عامرٍ وفِي السرّ منها والصميم المهذّبِ
فما سوّدتني عامرٌ عن وراثة أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أبِ

ثمّ قال : قم يا أربد معي ، ولنا في الطريق حديث وشأن ؛ فقدِما المدينةَ على رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فانتَهَيا إليه وهو جالسٌ ، فجلَسا بَيْنَ يدَيْهِ - عليه الصلاة و السلام - ، فقال عامرُ بنُ الطُّفَيْلِ : يا مُحمَّدُ ما تجعَلُ لي إنْ أسلَمْتُ ؟ [[ يعني يريد منصبا ]] ،

فقال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لكَ ما للمُسلِمينَ وعليكَ ما عليهم . قال عامرٌ أتجعَلُ ليَ الأمرَ إنْ أسلَمْتُ مِن بعدِكَ ؟ فقال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لكَ ما للمُسلِمينَ وعليكَ ما عليهم . قال عامرٌ : أتجعَلُ ليَ الأمرَ إنْ أسلَمْتُ مِن بعدِكَ ؟ قال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ليس ذلكَ لكَ ولا لقومِكَ ، ولكنْ لكَ أعِنَّةُ الخَيلِ . فقال عامر : أنا الآنَ لي أعِنَّةُ الخيلِ تُجَرُّ!! اجعَلْ ليَ الوَبَرَ ولكَ المَدَرَ.

[[ يعني أكون أنا ملكا على البادية و أنت يا محمد تكون ملكا على المدينة ]] . فرفض رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – ذلك .

فلمَّا خرَج أَرْبَدُ وعامرٌ، قال عامرٌ : يا أَرْبَدُ ، إنِّي أشغَلُ عنكَ مُحمَّدًا بالحديثِ فاضرِبْه بالسَّيفِ ؛ فإنَّ النَّاسَ إذا قتَلْتَ مُحمَّدًا لَمْ يَزيدوا على أنْ يرضَوْا بالدِّيَةِ ويكرَهوا الحربَ ، فسنُعطيهم الدِّيَةَ . قال أَرْبَدُ : أفعَلُ .

[[ طبعا عامر بن الطفيل خبيث ، يريد أن يقضي على محمد ، وفي نفس الوقت أصحاب محمد سيقتلون أربد ، فتخلو السيادة له كما يُخطّط لها !! ]] ، قال : فأقبَلا راجِعَيْنِ إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - . فقال عامرٌ : يا مُحمَّدُ ، قُمْ معي أُكلِّمْكَ . فقام معه رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - مُخلِّقًا إلى الجِدارِ، ووقَف معه يُكلِّمُه ، وسَلَّ أَرْبَدُ السَّيفَ ، فلمَّا وضَع يدَه على السَّيفِ يبِسَتْ على قائمةِ السَّيفِ!! فلَمْ يستطِعْ سَلَّ السَّيفِ ، وأبطَأ أَرْبَدُ على عامرٍ بالضَّربِ ، فالتَفَت رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فرأى عامرًا وما يصنَعُ فانصرَف عنهما .

فلمَّا خرَج عامرٌ وأَرْبَدُ مِن عندِ رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - مضَيَا حتَّى إذا كانا بالرَّقْمِ أرسَل اللهُ على أَرْبَدَ صاعقةً فقتَلَتْه ، وخرَج عامرٌ حتَّى إذا كان بالخُرَيمِ أرسَل اللهُ قُرحةً فأخَذَتْه ،

[[ أصيب بتقرّحات في حلقه ]] فأدرَكه اللَّيلُ في بيتِ امرأةٍ مِن بني سَلُولٍ ، فجعَل يمَسُّ القُرحةَ في حَلقِه ويقولُ : غُدَّةٌ كغُدَّةِ الجمَلِ في بيتِ سَلُوليَّةٍ يرغَبُ أنْ يموتَ في بيتِها !!! [[ لقد بعث الله على عامر بن الطفيل القرحة في عنقه، فقد انتفخت عنقه فأصبحت غدة كغدة البعير]] ، ثمَّ ركِب فرسَه حتَّى مات عليه راجعًا . وقيل في بعض كتب التفسير:

أنزل الله آيات من سورة الرعد في هذه القصة: {{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ من أمر الله}} (( المعقّبات )) : قيل هي ملائكة حفظت النبي – عليه الصلاة و السلام – من غدر بن الطفيل . {{ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء }} قيل إنها في مقتل أربد بن قيس . اللهم اجعل كيد أعداء الإسلام في نحورهم .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 05-25-21, 07:43 AM   #268
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:16 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 255»
السيرة النبوية العطرة (( وفد نصارى نجران ج/1))
________
ما زلنا نتحدث عن الوفود التي جاءت إلى المدينة في السنة التاسعة والسنة العاشرة من الهجرة ،ومن هذه الوفود وفد {{ نصارى نجران }} ، ونجران .. هي بلدة كبيرة جنوب مكة باتجاه اليمن ، وكانت تدين بالنصرانية ، فكان معظم أهلها – وليس الكل - من النصارى ، وكان ولاؤهم للروم ، فكانت ولاية رومانية في اليمن .

وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل إليهم كتاباً يدعوهم فيه إلى الإسلام، فإن رفضوا فيدفعون الجزية ؛ فلما وصلهم الكتاب قرروا أن يرسلوا وفدا رسميا إلى المدينة ، ليس لإعلان الإسلام ؛ ولكن لمجادلة النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت عنوان ما يعرف اليوم بالحوار السياسي . وكان عدد هذا الوفد {{ ٦٠ }} رجلا ، وفيهم بضع نساء وصبية ، وكان الوفد برئاسة ثلاثة من رجال الدين تحت أسماء كانوا يقدسونها : العاقب ( هو أميرهم وصاحب الرتبة الأعلى واسمه عبد المسيح ) ، السيّد ، الأسقف .


وقد جاء الوفد في هيئة منظمة، وفي صورة منمقة بشدة لدرجة المبالغة ؛ حيث لبسوا الثياب الحريرية، وتحلوا بالخواتم الذهبية، وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم - يحرّم هذه الأمورعلى الرجال، وتوشحوا بالصلبان

[[ أي علقوا في صدورهم الصليب من الذهب ]] ولذلك كره الكلام معهم، وهم بهذه الصورة، وأَجّل الحديث معهم إلى اليوم التالي، حيث جاؤوا يلبسون ثياب الرهبان، ومن ثَمَّ بدأ الكلام معهم . وكانوا يحملون الهدايا للنبي - صلى الله عليه وسلم – فقبل منهم كل شيء إلا ما فيه نقش الصليب [[ أي شي فيه رسم للصليب رده لهم بكل لطف وأدب ، معتذرا منهم ؛ لأنّ هذا لا يتّفق مع سلامة العقيدة الإسلامية ]] .

ولم يكن من همِّ وفد نصارى نجران ولا من نيّته أن يُسلم ، ولا حتّى فكّروا في الإسلام، وإنما أتى الوفد ليناظر الرسول – عليه الصلاة و السلام - ولذلك كان الحوار معهم على صورة تختلف كثيرًا عن الحوار مع الوفود الأخرى. فلما رأى الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - جدلهم عقيماً لا يريدون به معرفة الحقيقة

[[ مجرد وفد شكلي غير مقنع مثل ما بنشوف بأيامنا هذه ]] عرض نبينا الكريم الإسلام عليهم ، فرفضوا وقال أميرهم الملقّب بالعاقب: كنا مسلمين قبلكم . [[ يعني ما صار الك يا محمد عشرين سنة مبعوث ، واحنا اتباع المسيح ، ومسلمين قبل ما تنولد ب ٦٠٠ سنة !! ]]

و عبارة [[ كنا مسلمين قبلكم ]] صحيحة لو كانوا فعلاً متبعين لكتبهم الأصلية دون تبديل أو تحريف، حيث قال الله في أهل الكتاب الذين يتبعون الكتاب الصحيح غير المحرف: {{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ * وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آَمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِين }} .

ولكن يشترط لصدق هذه الكلمة أن يتبعوا كتابهم غير المحرف اتباعًا كاملاً، وفي هذا الكتاب غير المحرف بشارة برسولنا الكريم – عليه أفضل الصلاة و أتمّ التّسليم - وعلامات واضحة لنبوته، وأدلة على صدقه، لذلك فعلماء اليهودية والنصرانية يعرفون الرسول حقّ المعرفة

{{ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ }} ، ويعرفون علاماته، ويوقنون بصدقه، وبوجوب اتباعه، لكن يمنعهم الكبر والمصالح، والدنيا والهوى والحسد، وأشياء كثيرة، ولذلك فهم يخفون هذه الآيات والدلائل مع علمهم بها، ويتبعون كتبهم المحرفة بدلاً من اتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - .


لذلك أنكر- عليه الصلاة و السلام - مقولتهم هذه، وذكر لهم أنهم يحرفون دينهم في أمور كثيرة، وهذا التحريف يتنافى مع الإسلام؛ لأن الإسلام معناه أن يُسلم الإنسان نفسه تمامًا لله ، ولتشريعاته وقوانينه، ولا يسلم نفسه لأهوائه الشخصية، أو مصالحه الخاصة. ثمّ قال لهم - صلى الله عليه وسلم - :


"يَمْنَعُكُمْ مِنَ الإِسْلامِ ثَلاثٌ: عِبَادَتُكُمُ الصَّلِيبَ، وَأَكْلِكُمْ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَزَعْمُكُمْ أَنَّ لِلِّهِ وَلَدًا". فهذه أمور ثلاثة حرفتموها في الإنجيل، ولم تسلموا فيها لله رب العالمين، ولا يستقيم أن تطلقوا على أنفسكم مسلمين قبل أن تتركوا هذا الاعتقاد الفاسد، وللأسف فهذا اعتقاد جازم عند معظم النصارى، وهو يمنعهم من التفكير في الإسلام، ولذلك عند نزول المسيح قبل يوم القيامة ، يجعل من مهمته أن يصحح هذه الأمور التي أُلصقت بدينه، ولم تكن فيه، حيث يكسر الصليب.

وقد روى أحمد وابن حبان عن أبي هريرة – رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قال:
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا؛ فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلُهُ أَحَدٌ".
ومن الواضح أن هذه الأمور تغلغلت في قلوب كل النصارى، وليس فقط وفد نصارى نجران ،

حتى اعتبروها جزءًا من الدين، لا يمكن التنازل عنه بأي حال من الأحوال، ومن ثَمَّ فإنهم - بسبب هذه الأمور- يرفضون التفكير أصلاً في مبدأ الإسلام، فكانت هذه الأمور كالغشاوة على أعينهم، والتي تحجب الرؤية تمامًا، ومن هنا جاء حرص المسيح على إلغاء هذه الأمور بمجرد نزوله.

إذن وفد نجران لم يكن يريد الإسلام، ولذلك كثر الجدال بينهم وبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وكان مما قالوه: ما لك تشتم صاحبنا [[ يقصدون عيسى - عليه السلام - ]] وتقول إنه عبد الله؟ فقال – صلى الله عليه وسلم - :

"أَجَلْ، إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلى مَرْيَمَ الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ". وهذا ليس انتقاصًا أبدًا من سيدنا عيسى -عليه السلام - بل العبودية لله تشريف، وهو رسول من أولي العزم من الرسل، وهو كلمه الله ألقاها إلى مريم - عليها السلام - والتي نُكرمها أيضًا ونجلَّها،

وننفي عنها أي شبهة سوء، فنقول: إنها مريم العذراء البتول .لكن النصارى يبالغون في تكريم المسيح حتى خرجوا به عن طبيعته إلى طبيعة أخرى، فقالوا: هو الله. وقالوا: هو ابن الله. وقالوا: ثالث ثلاثة.

وكلها مبالغات غير مقبولة، وعقيدة فاسدة، دفعهم إليها الحب الزائد، والتقديس الزائد عن الحد المطلوب، لذلك كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حريصًا عند موته على إبراز هذا المعنى، حتى لا يتجاوز المسلمون الحب المفروض له إلى الحب الذي يقود إلى ضلال وكفر، فيخرجون بطبيعة الرسول إلى غيرها، فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي لم يقم منه:


" لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ ". ولكون النصارى في وفد نجران لا يتنازلون عن هذا الاعتقاد، فإنهم غضبوا من وصف عيسى بالبشرية والعبودية، وقالوا: هل رأيت إنسانًا قَطُّ من غير أب، فإن كنت صادقًا فأرنا مثله؟
فأنزل الله جبريل – عليه السلام - بالحجة الدافعة، حيث ضرب لهم مثلاً يوضح حقيقة عيسى – عليه السلام - فقال الله تعالى :

{{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }} . النصارى لا ينكرون أن آدم خُلق من غير أب ولا أم، وهذا في كتبهم، فإن كان الله قادرًا على خلق آدم بدون أب أو أم، فهل يعجز أن يخلق عيسى بأم بلا أب؟! [[ يعني آدم في وجهة نظركم لازم يكون رب في المرتبة الأولى ، وعيسى مرتبة ثانية !! ]] .

كذلك فإنّ الذي لا يقبله العقل أن يكون الإله بشرًا يأكل ويشرب وينام ويخرج ويُصاب بالألم ويجرح، بل - في عرف النصارى- يُقتل ويصلب، ونحنُ المسلمون نؤمن أنه لم يُقتل ولم يُصلب ، بل رفعه الله إليه :

{{ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بل رفعه الله إليه . . . }} .

ليس من المعقول أن يكون الإله بهذه الصورة التي يعتريها الضعف البشري، ولكن المعقول والمقبول أن يكون البشر كذلك، وليس هذا تقليلاً لقيمة عيسى - عليه السلام - فهو من أولي العزم من الرسل، ومن أعظم الخلق، وآية الله وكلمته، فَرْضٌ على المسلمين أن يؤمنوا به، وبنبوته، وبعظمته، ونبله. ولكن هذا الكلام المقنع لم يقنع النصارى، أو قل: لم يعجب النصارى، ووصلت المحاورة إلى طريق مسدود.

فلما سمعوا كلام الله أُحبِطوا ، وظلوا يتجادلون بين بعضهم : نُسلم أو لا نُسلم؟!!
يتبع إن شاء الله . . .
__________
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 05-26-21, 07:22 AM   #269
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:16 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 256 »
السيرة النبوية العطرة (( وفد نصارى نجران ج/2 ))
________
أخذ وفد نصارى نجران يجادل النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعات طويلة بل عدة أيام ، ثم لجأ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إلى طريقة فريدة لإقامة الحجة عليهم، فطلب منهم أن يقوموا بالمباهلة [[ أي الملاعنة ]] ،

وذلك تنفيذًا لأمر الله الذي نزل في سورة آل عمران :{{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}} . وهذه طريقة فيها ثقة شديدة بالله ،

ويقين كامل بالحق الذي مع رسولنا – صلى الله عليه وسلم - ، والمباهلة تعني : (( أن يجمع كل طرف أهله ؛ أطفالا و نساء و رجالا ويقف مع الطرف الآخر وجهًا لوجه، يبتهل كل منهما أن ينزل الله لعنته على الذي يكذب وينكر الحق، فلو كانوا يعتقدون اعتقادًا جازمًا أن الحق معهم، أو أن هذا ليس برسول، فلا يجب أن يخافوا من هذه المباهلة أو الملاعنة )) .

وافق نصارى نجران على المباهلة ، فاستعجلوا وقالوا للنبي – عليه الصلاة و السلام - : نعم نباهلك !! ولكن متى ؟؟ فقال لهم :غداً إذا ارتفعت الشمس . وبالفعل جاء – صلى الله عليه وسلم - في اليوم التالي و معه أهله ، وقال لهم :

" إِذَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا ". ولما رأى قادة وفد النصارى جدية الرسول – صلى الله عليه وسلم - خافوا من هذه الملاعنة، وقالوا لقومهم : مَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيًّا إِلاَّ هَلَكُوا، وربِ موسى وعيسى لو باهلنا محمدا اليوم ودعا علينا بمن معه ، فلن يبقى لنا مالٌ ولا ولد ، [[ يعني بينقطع أثرنا من الأرض ، وقد تذكروا غضب الله على اليهود حين اعتدوا في سبتهم فمسخهم الله قردة وخنازير ]] ،

وهذا يُثبت - بما لا يدع مجالاً للشك - أنهم يؤمنون بنبوته وصدقه، ولكنهم يجحدون ذلك لهوىً في نفوسهم، واتباعًا لشهواتهم ، وهذا حال دول الكُفر اليوم ، {{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ }} ثمّ قالوا لنبينا الكريم : نعتذر عن المباهلة ، ولكن احكم علينا بما أحببت . فقال لهم – صلى الله عليه وسلم - : إمّا أن تدخلوا في الإسلام ، وإما أن تعطوا الجزية ، وإما الحرب بيننا وبينكم ، فاختاروا دفع الجزية .

ثمّ قال وفد نصارى نجران : ابعث معنا رجلا من أصحابك يا محمّداً يكون أمينا حقّا ليستوف منا الجزية ، ويقض فينا فيما يقع من أمرها ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : قم يا أبا عبيدة ،فوقف أبو عبيدة {{ عامر بن الجراح}} - رضي الله عنه - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هذا أمين هذه الأمة ، امض معهم يا أبا عبيدة واستلم منهم الجزية في كل عام ،ثم أمرأن يُكتب بالتفصيل البنود المادية لهذه الجزية ، وأن يُكتب في آخر الكلام {{ هذه ذمة الله ، وذمة محمد رسول الله لنصارى نجران }} .

وللأسف بعض الناس في وقتنا الحاضر يعترضون على كلمة (( ذِمّي )) !! يظنون أن كلمة " ذمي " تحقير!! لا ، لا يا أخي ؛ ذمّي يعني صاحب عهد وذمة من الله ورسوله، ولا يجوز لمسلم أن يعتدي عليه . و أيضا يعترضون على كلمة (( نصارى )) !! ويريدون أن نقول : " مسيحييّن " !! ألا تعلم يا أخي أن كلمة نصارى {{ مدحٌ وليس ذم }} ،

قال تعالى : {{ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ }} ، وكلمة المسيح اسم فقط لسيدنا {{ عيسى عليه السلام }}، والله الذي أعطاه هذا الاسم في القرآن الكريم : {{ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ }} .

إذن رجع وفد نصارى نجران إلى قومهم راضين بدفع الجزية لأبي عبيدة ،ثم ما إن وصلوا وأخبروا قومهم بما حدث معهم ؛ قال لهم قومهم : بئس ما رجعتم به إلينا !! علمتم أن محمداً على الحق ولم تتبعوه ولم تصدقوه ؟؟!!

فضاج القوم على قادتهم ، ثم رجعوا جميعاً إلى الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - مسلمين {{ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ }}

اللهم عجل لنا بيوم يُعَزّ فيه أولياؤك ، ويُذلّ به أعداؤك
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 05-29-21, 08:10 AM   #270
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (08:16 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 257»
السيرة النبوية العطرة (( وفد عبد القيس وإسلامهم ))
________
ومن ضمن الوفود التي أتت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد قبيلة عبد القيس، من الأحساء وكانت تسمى [[ البحرين ]] - طبعا ليست البحرين الموجودة الآن - وكانت لهذه القبيلة وفادتان: الأولى في العام الخامس من الهجرة النبوية، والثانية في العام التاسع بعد فتح مكة.

وتذكر كتب السيرة عن الوفادة الأولى : كان رجل من قبيلة عبد القيس يقال له: (( منقذ بن حيان )) يأتي إلى المدينة المنورة للتجارة قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها، فلما جاء بتجارته بعد مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلم بالإسلام، أسلم ، وتعلم أشياء كثيرة عن الإسلام ،

وذهب بكتابٍ من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه ، وعندما رأوا أثر الإسلام في حياته أسلموا . وفي العام الخامس للهجرة جمعوا منهم وفداً في ثلاثة أو أربعة عشر رجلا، [[ هم مؤمنون ومسلمون ولكن أرادوا أن يروا النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسمعوا منه عن الإسلام ]] وذهبوا إلى المدينة للقاء النبي – صلى الله عليه وسلم - .

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قَدِمَ وفدُ عبدِ القيس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال ((مرحباً بالقومِ، غير خزايا ولا الندامى.[[ والمرادُ أنَّه لم يكُنْ منهم تَأخُّرٌ عن الإسلامِ ولا عِنادٌ، ولا أصابَهم أسْرٌ ولا سبْيٌ، ولا ما أشبَهَ ذلك ممَّا يَستحيُون بسَببِه أو يَندَمون، فهذا إظهارٌ لشَرَفِهم؛ حيث دَخَلوا في الإسلامِ طائعين مِن غَيرِ خِزيٍ ]] ، فقالوا: يا رسول الله إن بيننا وبينك المشركين من مُضَرَ، [[ لا يستطيعون الوصول إلى المدينة بسبب خوفهم من قبيلة مضر ]] ،

وإنَّا لا نَصِلُ إليك إلا في أشهر الحرم (( ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب))، حدثنا بجُمَلٍ من الأمرِ: إن عملنا به دخلنا الجنة، وندعو به مَن وراءنا . قال - عليه الصلاة و السلام - : آمرُكم بأربعٍ وأنهاكم عن أربعٍ، الإيمان بالله، هل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة ،وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تُعطوا من المغانِمِ الخُمُس {{ لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الحج لأنه لم يكن قد فُرِض عندما وفدوا إليه }}.وأنهاكم عن أربعٍ: ما انتُبِذَ في الدُّبَّاءِ والنَّقيرِ والحنتَمِ والمُزَفَّت )) .

[[ الدُّبَّاءِ، والنقير، والحنتم، والمُزَفَّت: هذه الأسماء الأربعة لأنواع من الأوعية والآنية التي كانوا يضعون فيها النبيذ. والدباء: القرع اليابس يفرغ ويجعل إناء، والحنتم: آنية كبيرة مدهونة خضر كانت تحمل فيها الخمر إلى المدينة، والنقير: جذع النخل ينقرونه ثم يضعون فيه الخمر، والمزفت: الوعاء المطلي بالزفت ]] . والنَّهيُ عن استِخدامِ هذه الأوعيةِ بخُصوصِها؛ لأنهم يجوّفونها ويَستَخدِمونها كسِقاءٍ، ويَحتَفِظون فيه ببَعضِ الأشربةِ، فتَشتدُّ وتُصبِحُ خَمرًا، فربَّما شَرِبَ منها مَن لم يَشعُرْ بتَغيُّرِها .

ثمَّ نُسخ هذا الحديث ، ورَخَّص - صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - بعْدَ ذلك في استخدامِ كلِّ وِعاءٍ، مع النَّهيِ عن شُرْبِ كلِّ مُسكِرٍ؛ كما ورَدَ في صَحيحِ مسلمٍ:
(( كنتُ نَهيتُكم عن الانتباذِ إلَّا في الأسقيةِ "وهي الآنيةُ الَّتي تُصنَعُ مِن الجِلدِ المدبوغِ " فانتبِذوا في كلِّ وِعاءٍ، ولا تَشرَبوا مُسكِرًا )) . " الانتباذِ وهو أن يُجعَلَ في الماءِ حبَّاتٌ مِن تمرٍ، أو زبيبٍ، أو نحوِهما؛ ليحلُوَ، ويُشرَب " .
ويروي زَارعُ بنُ عامرِ بنِ عبدِ القيسِ أولى لحظات لقاء وفد عبد القيس بالنبي - صلى الله عليه وسلم - :

(( لَمَّا قَدِمْنا المدينةَ، ووصَلْنا عِنْدَ النَّبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - جعَلْنا نَتبادَرُ مِنْ رَواحِلِنا [[ أي: نَتسارَعُ في النُّزولِ عن الإبلِ ]] ليَسْبِقَ بعضُنا بعضًا، فنُقبِّلُ يَدَ النَّبيِّ – عليه الصلاة و السلام – ويتابع زَارِعُ بنُ عامِرٍ: وانْتَظَرَ [[ المُنْذِرُ الأَشَجُّ ]] أي: لَمْ يُسارِعْ هذا الرجل كالَّذين سارَعوا إلى النَّبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وكان على رأسِ وَفْدِ عبدِ قيسٍ ومُقدِّمتِهم، ثمّ أتى مُستودَعَ ثيابِه، فلَبِس أحسنها - وقيل: كانتْ بِيضًا - ثُمَّ أتى النَّبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -

فقال له نبيّنا : إنَّ فيكَ خُلَّتَينِ [[ أي: خَصْلتَينَ ]] يُحِبُّهما اللهُ، الحِلْمُ والأَناةُ [[ والحِلْمُ: العَقْلُ، والأناةُ: التَّرفُّقُ وعَدَمُ التَّعجُّلِ ]] ، فقال المُنْذِرُ: يا رسولَ اللهِ، أنا أَتخلَّقُ بِهما أَمِ اللهُ جَبَلني علَيهِما؟ [[ أي: هل اكتسبتهما في حياتي أم جَعَلَهُما اللهُ فِيَّ دونَ اكْتِسابٍ لهما وتَعوُّدٍ عليهِما ]] ؟؟ فقال النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - : بَلِ اللهُ جَبَلَك عليهِما ،فقال المُنْذِرُ: الحمدُ للهِ الَّذي جَبَلَني على خُلَّتينِ يُحِبُّهما اللهُ ورسولُه )) .

وتذكر كتب السيرة عن الوفادة الثانية :
كانت هذه الوفادة في العام التاسع للهجرة (( عام الوفود )) ، وكان عدد " وفد عبد القيس" أربعين رجلا، وكان فيهم [[ الجارود بشر بن المعلّى العبدي ]] وكان نصرانياً على دين المسيح عليه السلام [[ صحب القوم ليرى النبي - صلى الله عليه وسلم - أولاً ، ويسمع منه ثانياً ، كي يقارن ما يرى ويسمع بما عنده من علم الكتاب ]] ، فقال له النبي – عليه الصلاة و السلام - :

يا جارود إني أدعوك إلى لا إله إلا الله محمد رسول الله . فقال الجارود : يا محمد ، إني تارك ديني لدينك، أفتضمن لي ديني؟ فقال رسول الله : إن الدين عند الله الاسلام ، فهو دين عيسى وموسى ومحمد والناس أجمعين . فقال الجارود : والذي بعثك بالحق [[ هنا دخل الايمان قلبه ]] لقد وجدت صفتك التي أرى الآن ونطقك الذي أسمع الآن في الإنجيل كما بشر به المسيح عيسى - عليه السلام - ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك محمد خاتم النبيين رسول الله .

وكان الجارود سيد قومه في البحرين ، فلما عاد أسلم قومه كلهم ، وكان له أثر طيبٌ بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ تسللت الردة إلى بعض الأقوام فوقف خطيبا في قومه في البحرين محذّرا إياهم من الردة، فقال : إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإن مات محمد فإن الموت حق ، الله الحي الذي لا يموت ، أما والله الذي بعث محمداً بالحق ، ما ارتدّ أحد منكم عن دينه إلا ضربت عنقه ، فمنع الردة في البحرين . هل رأيتم صدقه مع الله ؟؟

وأخيرا نقول : لقد تركت لنا تلك الوفود عامة، ووفد عبد القيس خاصة، منهجاً نبويَّا كريماً في طريقة تعامله - صلى الله عليه وسلم - معهم، وأظهرت لنا مدى اهتمامه بهم ودعوتهم للإسلام، وحرصه على تعليمهم أمور دينهم، وحكمته في تعامله ودعوته لهم مع اختلاف معتقداتهم وأفكارهم، فرجعت تلك الوفود دعاة هداة، يُعلّمون أقوامهم مما تعلموا ، وبذلك انتشر الإسلام .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 12:57 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا