منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


من تاريخ هذا اليوم أي إساءه مهما كان نوعها أو شكلها أو لونها تصدر علناً من عضو بحق عضو أو مراقب أو إداري أو حتى المنتدى سيتم الإيقاف عليها مباشره وبدون تفاهم :: قرار هام ::

Like Tree27Likes
موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-28-21, 08:22 AM   #229
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:46 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 216 »
السيرة النبوية العطرة (( زواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من صفية بنت حيي بن أخطب ))
______
ذكرنا سابقا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل {{ كنانة بن الربيع بن أبي حقيق }} وكان أحد زعماء اليهود، لأنه أخفى {{ مسك حيي بن أخطب }} سيّد بني النضير ، وكانت زوجته (( صفية بنت حيي بن أخطب )) قد سُبيت مع كثير من نساء يهود خيبر، وكان عمرها في ذلك الوقت {{ ١٧ }} عاما .
أمّا عن قصة زواجه – صلى الله عليه وسلم – من صفية ، فقد وردَ في صحيح مسلم إنَّ رجلًا من المسلمين اسمه دحية، جاء إلى رسول الله فقال له :

" يا رَسولَ اللهِ، أَعْطِنِي جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ، فَقالَ : اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً، فأخَذَ صَفِيَّةَ بنْتَ حُيَيٍّ، فَجَاءَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ – فَقالَ : يا نَبِيَّ اللهِ، أَعْطَيْتَ دِحْيَةَ صَفِيَّةَ بنْتَ حُيَيٍّ سَيِّدِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ؟ ما تَصْلُحُ إلَّا لَكَ، قالَ: ادْعُوهُ بهَا، قالَ: فَجَاءَ بهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهَا النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ - قالَ: خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبْيِ غَيْرَهَا، قالَ : وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا " .


إذن أعتقها النبي – صلى الله عليه وسلم - وخيّرها بين أن تعتنق الإسلام وتكون زوجة رسول الله، أو أن تبقى على دينها وتلحق بقومها، وتروي كتب السيرة أنها قالت في ذلك الموقف : " يا رسول الله! لقد هويتُ الإسلام وصدّقت بك قبل أن تدعوني،[[ أتذكرون ذلك ؟ فقد عَرفت أنه رسول الله عندما كان عمرها عشر سنوات ؛ قدم النبي إلى يثرب وقت الهجرة، و ذهب أبوها وعمها في استقباله وقالا في حديثهما لبعضهما : إنه هو نبي آخر الزمان ، وقد طابق وصفه ما جاء في كتب اليهود ، وقال أبوها حيي : سأعاديه ما حييت ؛؛ لأنه كان يريد نبيا من بني إسرائيل وليس من العرب!! ]] ،

حيث صرت إلى رحلك يا نبي الله وما لي في اليهودية أرب، وما لي فيها والد ولا أخ، وخيرتني الكفر و الإسلام، فالله ورسوله أحب إليَّ من العتق وأن أرجع إلى قومي"، وأعلنت إسلامها – رضي الله عنها - فأعتقها النبي وتزوجها .

أمَّا الحكمة المستخلَصة من قصة زواج النبي من صفية بنت حُيي فقد أوردَها الإمام النووي في شرح هذا الحديث الشريف، حيث قال: " رأى النبي في إبقائها لدحية مفسدة لتميُّزه بمثلها على باقِي الجيش [ فهي ابنة سيد بني النضير ] ، ولمَا فيه من انتهاكِها مع مرتبتها وكونِها بنت سيّدهم، ولما يخاف من استعلائها على دحية بسبب أنها ابنة أشراف القوم ،

وربَّما ترتَّبَ على ذلك شِقاق أو غيرُهُ، فكان أخذهُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إياها لنفْسِهِ قاطعًا لكلِّ هذه المفاسد ، وتعظيما لمرتبتها . ويمكن القول أيضًا إنَّ الحكمة من زواجه هو أن يبين للناس أنَّه لا حرمة في أن يأخذ المسلم سبية ويعتقها ويجعلها زوجة له في الإسلام، والله تعالى أعلم .

وهناك سؤال يخطر في بال الكثير الآن : كيف دخل النبي- صلى الله عليه وسلم -على صفية ؟ فأين العدة أربعة أشهر وعشرة أيام ؟؟

وجواب ذلك أنّ الذي قام بهذا الفعل النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو المشرع عن ربه - عزوجل – و أمر زواجه بأكثر من أربعة نساء خصّه الله به عن سائر المسلمين ،

كذلك فإنّ كنانة زوج صفية السابق مات يهوديا وليس مسلما ، وزوجته أسلمت بعد موته مباشرة ، إذن انقطع الرباط بينها وبين زوجها السابق نهائيا . أمّا العدة فهي لأمرين : احترام حق الزوجية؛ وزوجها السابق كافر وهي قد أسلمت ، والإسلام يجبّ ما قبله ، والأمر الثاني استبراء الرحم من حمل سابق ، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخل رجل على ذات حمل ، ولقد أقامت صفية في خيمة أم سلمة زوجة النبي – عليه الصلاة و السلام - بضعة عشر يوما ( قبل أن يبني النبي بصفيّة ) ،

وعلمتها أحكام الصلاة ، والطهارة ، وبعد أيام توقفت عن الصلاة بسبب الحيض ، وتبين خلو الرحم من الحمل .
وعند عودة النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة مع صفية ، زادت غيرة نساء النبي – عليه الصلاة و السلام – فالغَيْرةَ قد تَقَعُ مِنْ أفضلِ النِّساءِ، حتَّى لَو كُنَّ زَوجاتِ الرَّسولِ - صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- فهنّ كباقي النساء في هذا الأمر، وقد تعلمنا من بيت النبي – صلى الله عليه وسلم – أشياء كثيرة في هذا الباب ،

إذ ينبغي على الزَّوجِ أنْ يُعاملَ زَوجتَه بالتي هي أحسَنُ، وأنْ يَتعاملَ معها باللُّطفِ، خاصَّةً إذا وَجَد منها شيئًا مِنَ النَّقصِ أو القُصورِ. يقولُ أنسٌ - رضي اللَّه عنه - : ((إنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللَّه عليه وسلَّم - كان عند إحْدَى نِسائهِ، وهي عائشةُ - رضي اللَّهُ عنها -، فأرسَلتْ إحدى أُمَّهاتِ المؤمنين بِصَحفةٍ : [[ إناءٌ مِنْ خَشَبٍ فيه طعامٌ ]] فضَربتِ عائشةُ يَدَ الخادمِ الَّذي جاء بِالصَّحفةِ، فَسَقَطَتِ الصَّحفةُ مِنْ يَدِهِ فانفَلَقَت [[ فانشَقَّت ]]،

فَجَمَعَ النَّبيُّ - صلَّى اللَّه عليه وسلَّم - فِلَقَ الصَّحفةِ، ثُمَّ جَعَل يَجمعُ فيها الطَّعامَ الَّذي كان في الصَّحفةِ ويقول للحاضرين عنده :غارَتْ أُمُّكُم ... )) . اعتِذارًا منه - صلَّى اللَّه عليه وسلَّم - لِئلَّا يُحمَلَ صنيعُها على ما يُذَمُّ، بل يَجري على عادةِ الضَّرائرِ مِنَ الغَيْرة؛ فإنَّها مُرَكَّبةٌ في النَّفْسِ، بحيث لا يُقدَرُ على دَفْعِها ، وأعاد مع الخادم صفحة أخرى صحيحة .

[[ شوفوا كيف حُسنُ خُلُقهِ - صلَّى اللَّه عليه وسلَّم - وإنصافُه وحِلمُه ، مش مثل بعض أزواج اليوم ؛ مع أول كلمة بينو وبين مرتو يا بضربها يا بتحرد عند دار أهلها يا برمي عليها الطلاق !! وكم هي كثيرة حالات الطلاق في المحاكم في زماننا هذا !! ]] .

فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ومعه السيدة صفية ، كان يدافع عنها ويقف إلى جوارها ، فقد وُجّهت أحيانا السهام الجارحة لها بأصلها اليهودي ، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت يهودي ، فبكت فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تبكي فقال: فما يبكيك؟ قالت: قالت لي حفصة إني ابنة يهودي ، فقال- صلى الله عليه وسلم -: وإنك لابنة نبي، وأن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟ ثم قال: اتقي الله يا حفصة)) . وقلنا إنّ نسب صفية ينتهي إلى نبي الله هارون، وعمها كليم الله موسى - عليهما السلام ،

وهذا بياناً لمكانتها وجبراً لخاطرها.
وقد ورد أيضا أن النبي الله - صلى الله عليه وسلم - في الوجع الذي توفي فيه اجتمعت إليه نساؤه ، فقالت صفية بنت حيي : أما والله يا نبي الله لوددت أن الذي بك بي ،[[ يعني يا ريت أنا ولا أنت ]] فغمزنها أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - [[ غمزوا بعض :يعني شوفي هاليهودية ايش بتقول ]]،وأبصرهنّ – عليه الصلاة و السلام - فقال : مضمضن . فقلن : من أي شيء يا نبي الله؟ قال: من تغامزكنّ بصاحبتكنّ !! والله إنها لصادقة .

فكانت - رضي الله عنها - عاقلة حليمة فاضلة ، وكانت وفاتها سنة اثنتين وخمسين للهجرة في خلافة معاوية رضي الله عنهم أجمعين .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-02-21, 08:23 AM   #230
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:46 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 217 / الجزء الأوّل »

السيرة النبوية العطرة (( الرسائل إلى الملوك والزعماء / المُقدّمة ))
______
بعد أن رجع النبي - صلى الله عليه وسلم – من خيبر بعدة أيام ، بدأ في إرسال الرسائل إلى الملوك والزعماء داخل وخارج الجزيرة العربية ، لماذا ؟؟ لأن الإسلام دين عالمي ، وليس فقط للعرب وقريش والجزيرة العربية ، قال تعالى : {{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}} ، وقد بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوة الملوك ، والزعماء داخل وخارج الجزيرة العربية بعد صلح الحديبية ؛ لأن صلح الحديبية كان يعني اعتراف قريش بالدولة الإسلامية ، وبذلك أصبح للدولة الإسلامية مكانتها بين دول العالم القديم ، وكان هذا من أهم مكاسب صلح الحديبية ،

ولو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بادر إلى دعوة الملوك والزعماء قبل صلح الحديبية لما التفت أحد إلى هذه الرسائل ، لأنها في ذلك الوقت ستعتبر رسائل مرسلة من جماعة مارقة غير شرعية ، وليست من دولة لها سيادة .
ولو ألقينا نظرة على حال العرب بين الدول قبل الإسلام ، فلن نتعب في الشرح !! فهو يشبه حال الأمة العربية في هذا الوقت تماماً ، فقد كان العرب ذيلا لمعسكرين اثنين :

{{ معسكر فارس و معسكر الروم }} ، ونحن اليوم تفتحت أعيننا على الدنيا ونحن بين معسكرين :غربي شرقي ؛ يتحكّمون بنا كما يشاؤون ، وهكذا كان العرب بلا دين ، و عندما جاءهم الإسلام أعزهم ، ورفع شأنهم ، وحررهم من هذه التبعية فكانوا : {{ خير أمة أخرجت للناس }} ، فاللهمّ أعز الإسلام و المسلمين ،وأذل الشرك و المشركين ،وأعد لنا هيبتنا يا رب العالمين .

إذن بدأ - صلى الله عليه وسلم – بإرسال أصحابه برسائل الدعوة إلى الإسلام ، وقد بدأ بأعظم دولتين ، الفرس وعظيمها يلقّب ب [[ كسرى فارس ]] ، والروم وعظيمها يُلقّب ب [[ قيصر الروم ]]

[[ يعني كسرى وقيصر لقبان ، ويُقال لعظيم الحبشة النجاشي ، وليس هذا اسمه ، وكذلك يقال لعظيم الأقباط في مصر المقوقس ]] وخاطبهما بلهجة القوي المتمكن ، فهو رسول الله ، ومؤيد منه جل في علاه ، فكان كلما خاطب رجلا فيهم في رسالة يقول له : {{ أسلم تسلم }} بمعنى أنك إن لم تسلم لن تسلم . وانطلق الصحابة بهذه الرسائل من مسجده في وقت واحد وذلك كما يلي :

رسالة إلى هرقل قيصر الروم وحملها دحية الكلبي رضي الله عنه .
رسالة إلى كسرى ملك فارس وحملها عبد الله بن حذافة رضي الله عنه
رسالة إلى المقوقس حاكم مصر حملها حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه.
رسالة إلى النجاشي ملك الحبشة حملها عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه ( ليس النجاشي الذي أسلم ، سنوضح ذلك في رسالته ) .
رسالة إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين وحملها العلاء بن عمرو الحضرمي رضي الله عنه .

رسالة إلى هوذة بن علي ملك اليمامة وحملها سَليط بن عمر رضي الله عنه
رسالة إلى الحارث بن أبي شَمِر ملك دمشق، وحملها شجاع بن وهب رضي الله عنه .
رسالة لأمير بُصرى حملها الحارث بن عمير الاسدي .[[ ليست بُصرى التي في العراق ‘ إنّما التي ذكرناها بداية السيرة ، كان يقيم فيها الراهب بحيرا المعروفة الآن بصيرة الطفيلة ]] ،

وهذا الوحيد الذي قٌتِل من الذين حملوا الرسائل !! وللأسف من المؤلم جدا حين تعرفوا من الذي قتله؟؟ !! نعم للأسف . . .
إنه الوالي العربي المنافق ( شرحبيل بن عمرو الغسّاني ) فقد ولّاه الروم على تلك المنطقة ، وكل الزعماء حافظوا على المواثيق و العهود التي تخص الرسل إلا هذا العربي المنافق أحبّ أن يزيد في ( تسحيجه ونفاقه للروم ) .


وعندما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب للملوك ، قال له أصحابه : يا رسول الله ، إنهم لا يقرؤون كتابا إلا إذا كان مختوما ، فصنعوا له خاتما يختم به رسائله مكتوب فيه (( الله رسول محمد ))، ونلاحظ في هذا الختم أنه مكتوب من أسفل إلى أعلى ، وقد قصد النبي ذلك ؛ حتى لا يعلو اسم محمد اسم الله – جلّ جلاله - وهذا من أدبه – عليه الصلاة و السلام - مع ربه . فصيغة الختم هي (( محمد رسول الله )) .

قبل أن نبدأ بالرسائل نلقي نظرة سريعة على حال دولة الروم و دولة الفرس ، دولة كسرى فارس مقرها ( العراق ) ويعبدون النار، ودولة قيصر الروم مقرها ( الشام ) وهم أهل كتاب على بقايا تعاليم المسيح عيسى - عليه السلام - وكانوا في صراع وحروب دائمة ، فعندما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة ، وقعت حرب بين الروم والفرس ، وانتصر الفرس على الروم انتصارا كبيرا ، وأخذوا صليبهم رمز عزتهم ، وأهان الفرس الروم إهانة كبيرة ، وكانت قريش تميل إلى الفرس ، وفرحت بهذا النصر لأن قريشا تعبد الأصنام والفرس تعبد النار، بينما الروم أهل كتاب مثل محمد وصحبه الذين كانوا يميلون إليهم وحزنوا على هزيمتهم ، فنزل قوله تعالى :

{{ الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ }} .

وفعلا في هذا العام ، وفي الوقت الذي أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - رسائله ، كان نصر الروم على الفرس على يد هرقل عظيمهم ، واستعاد الصليب ، وأجلى دولة فارس من بلاد الشام كما أخبر الله تعالى نبيه تماماً ، وهذا من الإعجاز التاريخي في القرآن .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-02-21, 08:25 AM   #231
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:46 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 217 / الجزء الثاني »

السيرة النبوية العطرة (( رسالة الرسول – صلى الله عليه وسلّم - إلى هرقل قيصر الروم ))
______
كان من عادته – صلى الله عليه وسلم – أن يُرس لكل مهمة الصحابي الذي يُناسب جدّا هذه المهمة ، ونحن الآن أمام قيصرالروم – صاحب المُلك و الجاه و السّيادة ، لذلك أرسل – عليه الصلاة و السلام - دحية الكلبي ( صاحب الهيئة الجميلة و الوجه الحسن ) إلى قيصر الروم [[ ومعنى قيصر في اللغة البقير، وهو شق البطن ، نسميها اليوم ولادة قيصرية ، وكان القيصر يفتخر أنه لم يخرج من فرج ]] ، كان اسم هذا القيصر ( هرقل ) ، وكان قد انتصر على الفرس ،وأصبح يسيطر الآن على نصف أوروبا الشرقية وتركيا والشام ومصرو شمال افريقيا ، وكلها مطلة على البحر المتوسط ، لذلك كان يسمّى {{ البحيرة الرومانية }} ، وكل حكّام المناطق تحت سيطرته .

وكان هرقل قد نذر إن نصره الله على الفرس أن يأتي مشياً على قدميه من مكان إقامته في {{حمص }} إلى {{ بيت المقدس }} شكرا لله على نصره في حربه ضد الفرس ،

[[ وكان هرقل متدينا وذا علم ، وكان يعلم من كتب أهل الكتاب التي قرأها أن هناك نبيا بعد عيسى - عليه السلام - وقرأ صفاته في تلك الكتب لكنّه لا يعلم أنه صاحب الرسالة الآن ]] ، فخرج ماشيا إلى بيت المقدس تُبسط له البسط وتوضع عليها الرياحين ليمشي عليها ، تخيلوا كم كان ملكه !!!

وكان دحية الكلبي رسول رسول الله يريد التوجه إلى حمص ، فلما وصل للشام {{ الأردن }} أخبروه أن قيصر موجود الآن في بيت المقدس {{ فلسطين }} فحول طريقه إلى فلسطين ، وقرأ على هرقل نص الرسالة :

(( بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى: أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين،

[[ أي لإيمانك بعيسى ثم بمحمد ]] فإن توليت عليك إثم الأريسيِّين،[[ يعني البسطاء الغالب عليهم الجهل وهم على دين ملوكهم، فإن آمنت بوحدانية الله آمنوا معك ، وإن كفرت فإثمهم في رقبتك ]] ، وتلا قوله تعالى : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} )) .

لم يتعجل هرقل في الرد على دحية الكلبي ، وأمر جنوده أن يأتوا له ببعض العرب من أهل مكة لكي يسألهم عن هذا النبي الذي ظهر في بلادهم ، وبالفعل أحضر الجنود عددا من تجار مكة الذين جاؤوا لفلسطين ، وكان بينهم أتدرون من ؟؟ أبو سفيان بن حرب !!! وهنا يروي لنا أبو سفيان بعد أن أسلم ما دار بينه وبين هرقل :

(( . . . فَدَعَانا هرقل في مَجْلِسِهِ، وحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَا بتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أيُّكُمْ أقْرَبُ نَسَبًا بهذا الرَّجُلِ الذي يَزْعُمُ أنَّه نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أبو سُفْيَانَ: فَقُلتُ أنَا أقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أدْنُوهُ مِنِّي، وقَرِّبُوا أصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ،( انظروا ذكاء هرقل ، جعلهم خلف أبي سفيان حتى ما يتعاونوا في الإجابة ) ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لهمْ إنِّي سَائِلٌ هذا ( أبو سفيان ) عن هذا الرَّجُلِ ( محمد ) ،

فإنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ [[ يعني تهديد ، و يا ويلك يا أبو سفيان إذا بتكذب ]] . ثُمَّ كانَ أوَّلَ ما سَأَلَنِي عنْه أنْ قَالَ: كيفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلتُ: هو فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ : فَهلْ قَالَ هذا القَوْلَ مِنكُم أحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟

قُلتُ: لَا. قَالَ : فَهلْ كانَ مِن آبَائِهِ مِن مَلِكٍ؟ قُلتُ: لا قَالَ : فأشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ . قَالَ: أيَزِيدُونَ أمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ منهمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلتُ: لَا. قَالَ: فَهلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بالكَذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ ما قَالَ؟ قُلتُ: لَا. قَالَ: فَهلْ يَغْدِرُ؟ قُلتُ: لَا، ونَحْنُ منه في مُدَّةٍ ( عهد صلح الحديبية )

لا نَدْرِي ما هو فَاعِلٌ فِيهَا . قَالَ: فَهلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلتُ: نَعَمْ. قَالَ : فَكيفَ كانَ قِتَالُكُمْ إيَّاهُ؟ قُلتُ: الحَرْبُ بيْنَنَا وبيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا ونَنَالُ منه. قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلتُ: يقولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وحْدَهُ ولَا تُشْرِكُوا به شيئًا، واتْرُكُوا ما يقولُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ والصِّلَةِ. ( لاحظوا كل أسئلة هرقل تدل على عقلانية و حكمة وذكاء ) .

( الآن هرقل يريد أن يوضّح لأبي سفيان ومن معه سبب كل سؤال ) فَقَالَ هرقل لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ له: سَأَلْتُكَ عن نَسَبِهِ؟ فَذَكَرْتَ أنَّه فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذلكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ في نَسَبِ قَوْمِهَا. وسَأَلْتُكَ هلْ قَالَ أحَدٌ مِنكُم هذا القَوْلَ؟

فَذَكَرْتَ أنْ لَا، فَقُلتُ: لو كانَ أحَدٌ قَالَ هذا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بقَوْلٍ قيلَ قَبْلَهُ. وسَأَلْتُكَ هلْ كانَ مِن آبَائِهِ مِن مَلِكٍ؟ فَذَكَرْتَ أنْ لَا، قُلتُ فلوْ كانَ مِن آبَائِهِ مِن مَلِكٍ، قُلتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أبِيهِ. وسَأَلْتُكَ، هلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بالكَذِبِ قَبْلَ أنْ يَقُولَ ما قَالَ ؟

فَذَكَرْتَ أنْ لَا، فقَدْ أعْرِفُ أنَّه لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ علَى النَّاسِ ويَكْذِبَ علَى اللَّهِ. وسَأَلْتُكَ أشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ فَذَكَرْتَ أنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، و ( الضعفاء ) هُمْ أتْبَاعُ الرُّسُلِ. وسَأَلْتُكَ أيَزِيدُونَ أمْ يَنْقُصُونَ؟ فَذَكَرْتَ أنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وكَذلكَ أمْرُ الإيمَانِ يزيد حتَّى يَتِمَّ . وسَأَلْتُكَ أيَرْتَدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَذَكَرْتَ أنْ لَا، وكَذلكَ الإيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ ( يثبت في القلب ) .

وسَأَلْتُكَ هلْ يَغْدِرُ؟ فَذَكَرْتَ أنْ لَا، وكَذلكَ الرُّسُلُ لا تَغْدِرُ. وسَأَلْتُكَ بما يَأْمُرُكُمْ؟ فَذَكَرْتَ أنَّه يَأْمُرُكُمْ أنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ ولَا تُشْرِكُوا به شيئًا، ويَنْهَاكُمْ عن عِبَادَةِ الأوْثَانِ، ويَأْمُرُكُمْ بالصَّلَاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ، . . . فإنْ كانَ ما تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، [[ أي إنَّ هذا الرَّجُلَ نبيٌّ حقًّا، وسيَملِكُ أرضَ بَيتِ المَقدِسِ، وهي الشامُ، و أرضَ مُلكِ هِرقلَ ، وسينتشر الدين الإسلامي ]] .

وقدْ كُنْتُ أعْلَمُ أنَّه خَارِجٌ، ولَمْ أكُنْ أظُنُّ أنَّه مِنكُمْ، فلوْ أنِّي أعْلَمُ أنِّي أخْلُصُ إلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ ( سافرت إليه ) ، ولو كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عن قَدَمِهِ ( طقوس دينية مسيحية تدل على الاحترام والإكرام ) . . .

قَالَ أبو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ ما قَالَ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وارْتَفَعَتِ الأصْوَاتُ ( عظماء الروم ما عجبهم كلام هرقل ) وأُخْرِجْنَا، فَقُلتُ لأصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لقَدْ عظُم أمْرُ ابْنِ أبِي كَبْشَةَ،[[ لقدْ عَظُمَ شأنُ مُحمَّدٍ الَّذي كُنَّا نَدْعوه اسْتِهزاءً وسُخْريةً هذا ابنُ أبي كَبْشةَ يُكَلَّمُ مِن السَّماءِ! وأبو كَبْشةَ أبوه مِن الرَّضاعةِ ]]، إنَّه يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأصْفَرِ. [[ حَتَّى أصْبَحَ يَخافُه مَلِكُ الرُّومِ، ويَعترِفُ له بالفَضلِ والنُّبوَّةِ ]] . . .
وسَارَ هِرَقْلُ إلى حِمْصَ، . . .
فأذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ في دَسْكَرَةٍ له بحِمْصَ [[ عمل اجتماعا طارئا في قصره عندما عاد من بيت المقدس إلى حمص ]]، ثُمَّ أمَرَ بأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يا مَعْشَرَ الرُّومِ، هلْ لَكُمْ في الفلاحِ والرُّشْدِ، وأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هذا النبيَّ؟

[[ يعني أنا متأكد أنه نبي ، وسيقضي على مُلكنا ، فإنْ أردْتُم أن يبقى ملككم فعاهِدوا مُحمَّدًا على الإسلامِ ]] ،

فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إلى الأبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قدْ غُلِّقَتْ،[[ رأى هِرَقْلُ نُفورَهم مِن الإسلامِ وثَوْرتَهم العَنيفةَ عليه ،وهروبهم من المكان مثل الحمر الوحشية ]] فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وأَيِسَ مِنَ الإيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ،[[ تعالوا ارجعوا ، لا تصدقوا كلامي ]] وقَالَ: إنِّي قُلتُ مَقالتي آنِفًا أخْتَبِرُ بهَا شِدَّتَكُمْ علَى دِينِكُمْ،

[[ كنت أمزح معكم يا جماعة ]] ، فَسَجَدُوا له ورَضُوا عنْه . . .

إذن يبدو أنّ هرقل كان سيُسلم ، ولكنّه آثر البقاء على الكرسي مثل الكثير في زماننا !!! واشترى المُلك الزائل و المنصب المائل عندما وجد نفورا من قومه ، نعم إنّ هرقل علم علما قطعيّا صِدقَ نبوّة محمَّدٍ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – وأنّ الإسلام سيقضي على امبراطوريّته ، لكنّه ركب رأسه وسنرى كيف تحطّم ملكه ابتداء من غزوة مؤتة ثمّ الفتوحات المتتالية في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم .

يقول دحية : وقبل أن أغادر من عند هرقل ، وصلت رسالة من والي دمشق (( الحارث بن أبي شَمر )) يقول فيها :

إنني أجهّز لغزو محمد في المدينة ، وأريد أن أستأذنك يا هرقل في ذلك ( الحارث عربي موالي للروم ويسحّج ويُنافق لهم !! ) ، وكان (( شجاع بن أبي وهب )) قد حمل إلى الحارث والي دمشق رسالة من النبي – صلى الله عليه وسلم – يدعوه فيها إلى الإسلام ، وعندما قرأ الحارث الرسالة أحمرّ وجهه ، وغضب وقال : من ينزع مني ملكي ؟؟ إني سائر اليه، ولو كان في اليمن لجئته إليه .

قال دحية : فغضب هرقل غضباً شديداً ، وأمر أن يرسل إلى الحارث: لا تفعل ولا تزعج الرجل ، وأكرم وفادة حامل الرسالة ، فقام الحارث واعتذر للرسول وأكرمه وحمّله الهدايا ، ولغى فكرة غزو المدينة ، [[ لقد برد رأس هذا الذنَب

- الحارث والي دمشق - لإنه أجاه الأمر من أسياده الروم ، فتوقّف عن الغضب و الرغبة في قتال المسلمين ، وما أشبه اليوم بالأمس !! ]]
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-03-21, 07:53 AM   #232
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:46 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 219 »
السيرة النبوية العطرة (( المقوقس حاكم مصر))

______

أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - رسالة إلى {{ المقوقس }} حاكم مصر وكان المقوقس مسيحيا وتابعا للامبراطورية الرومانية ، فكان الأقباط في مصر ، وعظيمهم المقوقس يدينون بالنصرانية ، فخاطبهم - صلى الله عليه وسلم - بالصيغة التي خاطب فيها عظيم الروم لأنهم أهل كتاب ، والذي حمل الرسالة هو {{ حاطب بن أبي بلتعة }} - رضي الله عنه - وكان نصّ الرسالة :

{{ بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى ،أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإنما عليك إثم القبط [[ لأن كل راع مسؤول عن رعيته ، وسيتحمّل إثمهم ]] ، ثم ختم الرسالة بالآية كما ختمها لقيصر :

{{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} ،

[[ تماماً كما قال لهرقل عظيم الروم ، الأجر الأول إيمانك بالمسيح عيسى -عليه السلام - واتباعك له ، والأجر الثاني إيمانك بمحمد واتباعك له ، أما كسرى لم يضع له هذه العبارة ؛ فينبغي لنا من السيرة أن نتعلم كيف يجب أن نخاطب كل قوم بما يناسبهم ]] .

يقول حاطب : عندما أعطيته الرسالة ؛ قرأها وأمعن النظر فيها ، ثم طوى الرسالة وقبّلها و وضعها في قطعة من حرير، ثم وضعها في صندوق ، وأمّن عليها جارية خاصة له في القصر، وأمر أن يجهز لي مكانا للراحة في قصره . ثم دعاني لمجلسه وقد جمع عنده أكابر حاشيته و قال لي : إذا كان صاحبك نبيا كما تقول إذن ما منعه أن يدعو بالهلاك على من خالفه وأخرجه من بلده مكة ؟؟

فقال له حاطب بكل هدوء: ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله ؟ قال المقوقس : بلى . فقال حاطب : فلماذا لم يدع عيسى على قومه بالهلاك حيث أخذوه ، وأرادوا أن يقتلوه ويصلبوه ، لكنه صبر حتى رفعه الله إليه ؟ فتبسم المقوقس وقال : أحسنت جواباً ، أنت حكيم جاء من عند حكيم .

[[وهكذا، كان يُحسن النبي اختيار رسله لأنه يمثل حال ولسان وسياسة دولته]] و يُتابع حاطب قائلا : فمكثت عنده أياما أحسن فيها ضيافتي ، و أكرمني خير إكرام ، و لم يراجعني في شيء . ثم دعاني بعد ذلك إلى مجلسه ، وأخذ يسألني عن الإسلام ، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم – و أنا أجيبه فيقول المقوقس لي : هذه صفته .
بعد ذلك دعا كاتبه ، وكتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – رسالة [[ وهو الوحيد الذي رد على النبي برسالة ]] جاء فيها :

(( لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلامٌ عليك، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أنّ نبيًا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، [[ أي من بني إسرائيل ]] ،

وقد أكرمتُ رسولك ، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام عليك )) . ولم يزد على هذا ، وحمّلني الهدايا وقال : ارحل من عندي ولا تسمع منك القبط حرفًا واحدا . أمّا الجاريتان فهما {{ مارية القبطية }} التي تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم – وقد أنجبت له {{ إبراهيم }} ، و

{{ وسيرين }} التي تزوجها {{ حسان بن ثابت }} .

وإذا كان الهدف من الرسالة أن يرسل المقوقس بهدية، أو يهب جارية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن لسان حال النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- كما قال أخوه سليمان -عليه الصلاة والسلام-: {أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} . ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقبل هديته لولا أنه جازى ما صنع مع حاطب - رضي الله عنه - من إكرام وحسن قِرى. يعني قبل – عليه الصلاة و السلام – الهدية بسبب إحسان المقوقس إلى حاطب بن أبي بلتعة ، وطمعا في إسلام المقوقس لاحقا ، فقد وجد في قلبه شيئا تجاه الإسلام ، لكنّه لم يسلم !!!

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-03-21, 07:55 AM   #233
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:46 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 220 »
السيرة النبوية العطرة (( هدايا المقوقس للنبي وزواجه من مارية القبطية ))
______
إذن اقتنع المقوقس بالإسلام وأيقن بنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنه لم يدخل في الإسلام ، وأرسل مع حاطب - رضي الله عنه - جاريتين من أسرة ذات مكانة مرموقة في منطقة المنيا بصعيد مصر ؛ إحداهما مارية القبطية - رضي الله عنها - أم إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد مات إبراهيم بعد ( 18 ) شهرا تقريبا من ولادته ، و كان أشبه الناس خلقاً برسول الله – صلى الله عليه وسلم - .

وقد تسرّى النبي - صلى الله عليه وسلم – بماريا القبطيّة، و [[ التسري هو أن يجعلها زوجة ولكنها ليست حرة ، وسمّيت سريّة لأنها موضع سروره مثل الزوجة ]] ، وقد وضع الإسلام في التّسرّي كل شروط الزواج : مثل براءة الرحم و ثبوت نسب الأولاد ، وغير ذلك ... واستثنى الإسلام العقد ، لأن عقد الزواج أدنى من عقد ملك الرقبة ، وحثّ الإسلام أن يكون لها بيت مثل الزوجة ، وحرّم أن يتسرّى بها غير مالكها .

وقد وردت إباحة التسري في آية إباحة الزواج (( و إن خفتم ألّا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث و رباع ، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألّا تعولوا )) . وقد كان التسري معروفا في كل الأمم قبل الإسلام ؛ لكن الإسلام أول من وضع شروطا ونظاما للتسري وذلك لحفظ حقوقهنّ.

إذن تسرى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمارية القبطية ، و عرض عليها الإسلام فأسلمت ، وأراد أن يعتقها ثم يتزوجها ، فاعتذرت منه قائلة : يا رسول الله ، لقد تربيت على الرهبانية عند القبط حتى أتقنت ديني ، فألفت نفسي الرق والعبودية ، وأخشى أن لا أكون بمستوى الأحرار ، فأنا أقرب لخدمتك وأنا أمه فتسرى بها وهي أمه ، و أنجبت له إبراهيم .

و قلنا إن الإسلام جعل شروطا للتسري ، ومنها : أنّ الأمة المملوكة الرقيقة ، إذا أنجبت غلاما فابنها يحررها ، فلما أنجبت مارية – رضي الله عنها – إبراهيم
لم تعد أمه ، و أصبحت حرة ، وهي من أمهات المؤمنين مثل باقي زوجات النبي – عليه الصلاة و السلام - ومع ولادتها لإبراهيم زادت غيرة نساء النبي منها .
أمّا الجارية الثانية هي أختها سيرين ، أهداها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى شاعره الأنصاري {{حسان بن ثابت }} - رضي الله عنه - فأعتقها حسان وتزوجها ، وأصبحت صحابية جليلة تروي الحديث رضي الله عنها و أرضاها .

وقيل أيضا إنّ المقوقس أهدى للنبي – صلى الله عليه وسلم – أشياء أخرى ؛ منها {{ بغلة شهباء }}

ومعنى شهباء[[ أي لونها أبيض ]] ، وقد استغربها الصحابة ، فلم يكونوا يعرفون التهجين بين الحصان و الحمارة لينتج البغل أوالبغلة !!! وسمّى النبي البغلة [[ دلدل ]] . ومن الهدايا أيضا زق من عسل مدينة ( بنها ) في صعيد مصر التي فيها أفضل أنواع العسل .[[ الزّق : وعاء جلدي ]] كما أهداه بعض الثياب و العود والمسك . . . و الله أعلم .

وهنا نذكر حديثا نبويا في حق إخواننا في مصر، والتي خرج منها العلماء بعد أن فّتحت على يد عمرو بن العاص – رضي الله عنه – وفيه نبوءة للنبي ، حيث يروي أبو ذر الغفاري قول النبي – عليه الصلاة و السلام - :

(( إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضًا يُذْكَرُ فيها القِيراطُ [[ وهو مِعيارٌ في الْوزْنِ والقِياسِ ]] ، فاسْتَوْصُوا بأَهْلِها خَيْرًا، فإنَّ لهمْ ذِمَّةً [[ حق ]] ورَحِمًا، [[ وذلكَ لكونِ هَاجرَ أُمِّ إسماعيلَ بنِ إبراهيم عليهما السَّلامُ مِن مِصْر ]] ، وفي رواية : وصِهرا [[ لأن مارية زوجة النبي من مصر ]] ، فإذا رَأَيْت رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ في مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فاخْرُجْ مِنْها . . . )) .

عاشت مارية – رضي الله عنها - ما يقارب الخمس سنوات في ظلال الخلافة الراشدة، وتوفيت في السنة السادسة عشرة ، في خلافة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - ودفنت إلى جانب نساء أهل البيت النبوي، وإلى جانب ابنها إبراهيم .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-05-21, 08:10 AM   #234
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (06:46 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 221 »
السيرة النبوية العطرة (( رسالة النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى النجاشي ))
________
أرسل النبي – صلى الله عليه وسلم – الصحابي {{ عمرو بن أمية الضمري }} - رضي الله عنه - برسالة إلى النجاشي ( أصحمة بن أبجر ) ، وكان الهدف من هذه الرسالة أمانة التبليغ ، وأغلب الروايات تؤكّد إسلام النجاشي أصحمة على يد {{ جعفر بن أبي طالب }} عندما أوى النجاشي المهاجرين وأحسن إليهم ؛ ولكنّه لم يعلن إسلامه ، وقبل أن يرسل الرسائل إلى الزعماء ، كان – صلى الله عليه وسلم - قد أرسل كتابا إلى النجاشي يوكّله أن يخطب له أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان [[ وقد ذكرنا ذلك في الجزء 214 ]] .

وجاء في نص رسالته – صلى الله عليه وسلم – إلى النجاشي :

(( بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة، فإني أحمد إليك الله، الذي لا إله إلا هو،الملك القدوس،السلام، المؤمن، المهيمن، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله، وكلمته ألقاها إلى مريم البتول ( العفيفة ) ، فحملت به، فخلقه من روحه، ونفخه، كما خلق آدم بيده، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني، وتؤمن بالذي جاءني، فإني رسول الله، وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى )) .

لاحظوا معي : لم يختم له الرسالة ب {{ فإن أبيت فإن عليك إثم النصارى كباقي الرسائل إلى هرقل و كسرى و ... }} ، ولم يختم له أيضا بالآية كما ختمها لقيصر والمقوقس :

{{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }} ، وهذا دليل على إسلامه ، و إنما هذه الرسالة للتبليغ ، وأن يدعو من عنده للإسلام والعمل بتعاليم الدين الإسلامي والله أعلم .

فلما وصلت الرسالة إلى النجاشي أخذها وقبلها ووضعها على رأسه وعينيه، ونزل عن سريره تواضعا ، وأمر أن تُحفظ بقطعة من حرير .

وعندما بلغ النبي – صلى الله عليه وسلم – خبر وفاة النجاشي ، صلّى النَّبِيُّﷺ عَلَى أَصْحَمَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا. وَفِي لَفْظٍ قَالَ : قد تُوُفِّيَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنْ الْحَبَشِ فَهَلُمُّوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ . وهذا دليل على إسلامه ، و قد ورد ذلك في الصحيحين .


وبعد وفاة النجاشي ( أصحمة ) أرسل النبي – صلى الله عليه وسلم – رسالة إلى النجاشي الجديد ، وأيضا كانت مع نفس الصحابي [[ عمرو بن أمية الضمري ]] ولم تذكر كتب السيرة اسمه ، ولكن ورد في صحيح مسلم أن هذا النجاشي الثاني لم يسلم ،

فقد روى أنس بن مالك ( إنَّ نَبِيَّ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ - كَتَبَ إلى كِسْرَى، وإلَى قَيْصَرَ، وإلَى النَّجَاشِيِّ، وإلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إلى اللهِ تَعَالَى، وَليسَ بالنَّجَاشِيِّ الذي صَلَّى عليه النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ) لاحظوا وجود كلمة " جبّار " في نهاية الرسالة [[ لأنهم كلهم لم يسلموا ]] .

هكذا نكون قد انتهينا من أبرز رسائل النبي – صلى الله عليه وسلم - وهنالك رسائل أخرى ، ولكن يكفي هذا القدر ، و كانت كلها رسائل خير ، أدخلت أقواما في دين الله – عزوجل - بفضل الله و رحمته ، وحكمته صلى الله عليه وسلم .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
_______


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 06:46 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا