منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


من تاريخ هذا اليوم أي إساءه مهما كان نوعها أو شكلها أو لونها تصدر علناً من عضو بحق عضو أو مراقب أو إداري أو حتى المنتدى سيتم الإيقاف عليها مباشره وبدون تفاهم :: قرار هام ::

Like Tree27Likes
موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-15-21, 09:22 AM   #259
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (10:22 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 246»
السيرة النبوية العطرة (( غزوة تبوك ج/3 " معاناة وصَبْر " ))
________
عانى الصحابة كثيرا وهم في طريقهم إلى تبوك ؛ فقد دخلوا في جوع وعطش شديدين ، حتى كان الرجلان يقسمان التمرة بينهما ، فقال أبو بكرٍ الصديقِ رضي الله عنه : يا رسولَ اللهِ ، إن اللهَ قد عوَّدَك في الدعاءِ خيرًا فادعُ لنا . قال: أتحبُّ ذلك ؟ قال : نعم ، فرفع يديْه – صلى الله عليه وسلم - فلم يرجعْهما حتى أظلّت السماءُ ثم سكَبَتْ ، فملؤوا ما معهم .

ومن مواقف المعاناة نذكر موقفا ل [[ أبي ذر الغفاري ]] رضي الله عنه ، فبعد مسيرة ثلاثة أيام من المدينة ، ضعف بعير أبي ذر الغفاري ، فتأخر – رضي الله عنه – عن الجيش مدة لعلاجه ، فلمّا يئس منه ، تركه، وحمل متاعه على ظهره ولحق بالجيش ماشيا بقدميه على رمال الصحراء الملتهبة ، [[ وإنتوا عارفين صحراء السعودية ، اللي لما بعض الناس بيروحوا للعمرة : بكون باص موديل سنته ، ومُكيّف ، وبشربوا ماء مثلج وبتذمروا !! وكل الطريق ساعات معدودة !! وبوقفوا مرات ومرات عند الاستراحات عشان يستريحوا ويوكلوا !!! ]] .

أبو ذر قطع أياما و أياما حتى لحق بالجيش وهو يستريح على مقربة من تبوك !! ففرح النبي – عليه الصلاة و السلام – بقدومه ، وفرح كذلك الصحابة ، فأبو ذر من المستحيل أن يتخلف مثلما فعل غيره ، فهو دائما يطلب الفوز بالجنة ، كيف لا ونبينا – صلى الله عليه وسلم يقول فيه : (( من سرَّه أن ينظر إلى تواضعِ عيسى بن مريم ، فلْينظرْ إلى أبي ذرٍّ )) ، فقد تميز أبو ذَرّ ٍبمَزيدٍ من التَّواضُعِ، ولِينِ الجانِبِ، وخَفضِ الجَناحِ،وكَفِّ النَّفْسِ عن الشَّهَواتِ

ومر الجيش في سيره على منازل {{ثمود}} قوم نبي الله صالح - عليه السلام - وهذه المنطقة في شمال السعودية ، وهي منطقة سياحية يأتي إليها السياح ، فقال رَسولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – لأصحابه : لا تَدْخُلُوا علَى هَؤُلَاءِ المُعَذَّبِينَ إلَّا أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فإنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فلا تَدْخُلُوا عليهم، لا يُصِيبُكُمْ ما أصَابَهُمْ.

[[ يعني البكاء شفقة عليهم و خوفا من أن يحل بكم العذاب مثلهم ]] ، وهذا الكلام ينطبق على كل آثار باقية لقوم أهلكهم الله بسبب معصيتهم، فالمسلم لا يسعى لدخول هذه الأماكن إلا باكيا شفقة عليهم ، وآخذا العبرة من مصيرهم ، [[ واحنا اليوم ما بحلالنا التنزه و الشوي و الطّبل و الزّمر إلا عند هذه الأماكن ، مخالفين التحذير النبوي !! ]] .

وبعد أن أنهى الجيش استراحته قريبا من تبوك ، تجهز النبي - صلى الله عليه وسلم - للرحيل إلى تبوك – أرض المعركة – في اليوم التالي ، وقد سمّيت تبوك بهذا الاسم لأنّ فيها عين ماء ضعيفة {{ تبكّ الماءَ بكّاً }} ، ويروي معاذ بن جبل في صحيح مسلم أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم - قال :

(( إنَّكم ستأتونَ غَدًا إنْ شاء اللهُ عَيْنَ تبوكَ فإنَّكم لنْ تأتوها حتَّى يَضْحى النَّهارُ ، فمَن جاءها فلا يمَسَّ مِن مائِها شيئًا حتَّى آتيَ . قال : فجِئْناها وقد سبَق إليها رجُلانِ والعَيْنُ مِثلُ الشِّراكِ تبِضُّ بشيءٍ مِن ماءٍ [[ يعني ضعيفة ]] ، فسأَلهما رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - : هل مسَسْتُما مِن مائِها شيئًا ؟ فقالا : نَعم . فسبَّهما [[ يعني وبّخهما تأديبا لأنه يعلم أنهما منافقَين ]] ،

وقال لهما ما شاء اللهُ أنْ يقولَ . ثمَّ غرَفوا مِن العَيْنِ بأيديهم قليلًا حتَّى اجتَمَع في شيءٍ ، ثمَّ غسَل رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فيه وجهَه ويدَيْه ثمَّ أعادها فيها ، فجرَتِ العَيْنُ بماءٍ كثيرٍ، فاستقى النَّاسُ . ثمَّ قال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - : يوشِكُ يا معاذُ إنْ طالتْ بك الحياةُ أنْ ترى ما ها هنا قد مُلِئ جِنانًا [[ يعني بساتين نخيل و غيره ]] )) .

وتبوك لم تكن مدينة ، بل كانت منطقة صحراوية قاحلة ، أمّا الآن فقد تحققت نبوءة نبينا – عليه الصلاة و السلام - ، فتبوك أرض بساتين نخيل وارفة وجميلة .
وفي الطريق إلى غزوة تبوك توفّي أحد صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واسمه {{ ذو البجادين }} ،

و سُمّي ذو البجادين لأنه كان يريد الإسلام فمنعه قومه ، وضيقوا عليه ، حتى خرج من بينهم وليس عليه إلا بجاد [[ وهو الكساء الغليظ ]] ، فشقه باثنين واتزر بواحدة وارتدى الأخرى ، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – معلنا إسلامه . وقد قال – عليه الصلاة و السلام – في حقّ ذي البجادين : " اللَّهمَّ إنِّي أمسَيتُ عنهُ راضيًا فارضَ عنهُ " .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 
متأمل likes this.


قديم 05-15-21, 09:24 AM   #260
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (10:22 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 247 »
السيرة النبوية العطرة ((غزوة تبوك ج/3 " انسحاب الروم و تحقّق النّصر" ))
________
وصل المسلمون أخيراً إلى تبوك، فكانت المفاجأة !! إن الجيوش الرومانية العملاقة التي تحكم وتسيطر على نصف العالم القديم تقريبا قد فرّت إلى داخل بلادها عندما علمت بقدوم النبي - صلى الله عليه وسلم – وقد قطع بجيشه الذي يبلغ قرابة الثلاثين ألفا من المقاتلين الأشاوس كل هذه المسافات الطويلة !!! فرّ الروم ، وانسحبوا انسحابا مخزيا بالرغم من تفوقهم الكبير على المسلمين في العدد والعدة والتاريخ والخبرات القتالية وتدريب الجنود . إنه قوله تعالى : {{ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا }} ،

وبالتأكيد إنّ الرومان قد قارنوا هذه الوضع بالمواجهة التي كانت في {{مؤتة}} منذ عام واحد ، وكيف كان التفوق لصالح المسلمين، حيث أوقعوا في الروم عددا كبيرا من القتلى مع أنّ عدد جيش المسلمين في مؤتة لم يتجاوز ثلاثة آلاف مقاتل ، بينما عدد الروم وصل إلى مئتي ألف مع القبائل المتحالفة !!

إذن فرّ الرومان فرارا مخزيا ، وتركوا القبائل المحالفة لهم مثل قبيلتي {{ لخم وجذام }} دون أدنى حماية ، لكنّ النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يعتد على أية قبيلة ، ولم يقتل طفلا أو امرأة أو رجلا ، فالكل أصبح آمنا في وجود الجيش الإسلامي ، [[ هذا هو دين التسامح ، وزمن الصحابة و العِزّة الإسلامية ، وللأسف الآن نعيش مرحلة الوحشيّة في الحروب – فنرى قتل الأطفال و النساء والشيوخ ، والتّمثيل بجثثهم على مرآى من كل كاميرات العالم - وندّعي الحضارة و التقدّم !! ]] .

ثمّ أخذ - صلى الله عليه وسلم - يبث العيون حتى يتأكد أنه لا يوجد للعدو خطة انسحاب ثم عودة ، فلما اطمئن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه لا يوجد لهم تجمع ، وأنه قد دخل قلوبهم الرعب ، قال - صلى الله عليه وسلم - : {{ نصرت بالرعب مسيرة شهر}} [[ يعني قبل أن أصل للعدو مسيرة شهر، ويعلم العدو خروج الجيش الإسلامي ، فيقذف الله الرعب في قلوبهم من النبي قبل شهر ]] .

ثم أراد الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن يوجه رسالة للروم وحلفائها من العرب ، [[ فالعرب قديماً كحالهم تماماً مثل هذه الأيام دويلات وموالاة للغرب ]] ، فكان من هؤلاء الشّرذمة الموالين للرومان ملك عربي يسمى {{ أكيدر بن عبدالملك }} ، قد نصّبه سيّده هرقل ملكا على {{ دومة الجندل }} ، أضخم المناطق العربية في شمال الجزيرة ، قريبة من تبوك ، وتدين بالنصرانية ، [[ حتى إذا ما خالف أمر هرقل أي شرذمة من العرب ، يسلطهم على بعضهم البعض ،

ويبقى الروم متفرجين !! وما أشبه اليوم بالأمس !! ]] ، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوجه للروم وحلفائها من العرب رسالة من خلال تأديب أحد ملوكها ؛ وهو (( أكيدر الكندي )) ، فأرسل – عليه الصلاة و السلام - سرية قوامها {{420}} مقاتلا بقيادة (( خالد بن الوليد )) رضي الله عنه .


وجاء في بعض كتب السيرة أنّ أكيدر سمع بخيلٍ لرسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – تريده ، فانطَلَق إلى النبي – عليه الصلاة و السلام - فقال : يا رسولَ اللهِ ، بلَغني أنَّ خَيلَكَ انطلَقَتْ ، وإني خِفتُ على أرضي ، ومالي ، فاكتُبْ لي كتابًا لا يتعرَّض لشيءٍ هو لي ، فإني مُقِرٌّ بالذي عليَّ منَ الحقِّ ، فكتَب له رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – كتابا بالأمان ، ثم إنَّ أُكَيدِرَ أخرَج قباءً من حرير منسوجًا بالذهبِ [[ ما يسمّى المعطف أو الجاكيت ]] ،

فقال النبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - : ارجِعْ بقبائِكَ ، فإنه ليس أحدٌ يَلبَسُ هذا في الدنيا إلا حُرِمه في الآخرةِ ، فرجَع به الرجلُ ، حتى إذا أتى منزِلَه ، وجَد في نفسِه أن تُرَدَّ عليه هديتُه [[ يعني حزن ]] ،

فرجَع إلى رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -، فقال : يا رسولَ اللهِ ، إنا أهلُ بيتٍ شَقَّ علينا أن تُرَدَّ هديتُنا ، فاقبَلْ مني هديَّتي ، فقال له : انطَلِقْ فادفَعْه إلى عُمرَ ، وقد كان عُمرُ سمِع ما قال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - فقال : أحدَث فيَّ أمرٌ ؟! قلتَ في هذا القباءِ ما سمِعتُ ، ثم بعَثتَ به إليَّ ؟ [[ قصده حُرمة لبسه ]] ، فضحِك رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - حتى وضَع يدَه على فيه ، ثم قال : ما بعَثتُ إليكَ لتَلبَسَه ، ولكن تَبيعَه فتَستَعينَ بثمَنِه .

ويُروى أيضا أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استنكر تعجب الصحابة من ديباج الأكيدر فقال :" لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا" ، [[ المناديل نسميها محارم اليوم ، يعني المناديل التي يقدمها خدم الجنة لسعد بن معاذ يمسح بها يديه أحسن من هذا !! فما بالكم بالباقي !! اللهم إنا نسألك رفقتك مع أصحابك في جنات النعيم ]]


وفي رواية أخرى عن سرية خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك : إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لخالد : إنك ستجده يصيد البقر ،


وتأتيني به ، فخرج خالد حتى إذا كان من حصن أكيدر بمنظر العين ، وفي ليلة مقمرة صافية و أكيدر على سطح له ومعه امرأته ، فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر ، فقالت له امرأته : هل رأيت مثل هذا قط ؟ قال : لا والله ، قالت : فمن يترك هذه ؟ قال : لا أحد ، فنزل فأمر بفرسه فأسرج له ، وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان ، فركب وخرجوا معه بمطاردهم ،

فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بقيادة خالد بن الوليد ، فأسِر أكيدر وقُتل أخوه حسان في المواجهة ، وفتح خالد قصر دومة الجندل ، وغنم ما غنم ، ثم قدم بأكيدر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجد أُكَيْدر للنبي – كما يفعل للملوك - فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم- بيده: «لا، لا» ، وصالحه على الجزية، وحقن دمه، وخلَّى سبيله بعد أن كتب له كتاب أمان ، وقد أهدى أكيدر ديباجا حريريا منسوجا من الذهب للنبي – صلى الله عليه وسلم - ، فأعطاه النبي لعمر بن الخطاب ليبيعه و يستفيد من ثمنه .


ولما سمع ملوك وأمراء الشام بما حدث مع الملك أكيدر ، أتى ملوك وأمراء مدن الشام الذين يجاورون الجزيرة العربية، والموالين للإمبراطورية الرومانية لمصالحة النبي - صلى الله عليه وسلم - على الجزية، بعد أن أدركوا أن أسيادهم القدماء قد ولّت أيامهم ، وكان من الذين جاؤوا،{{ يوحنّا بن رؤبة }} وهو صاحب مدينة {{ أيلة }} ، وهي منطقة العقبة الآن من جهة فلسطين التي يحتلها اليوم إخوة القردة والخنازير، وكذلك جاء أهل {{ جرباء }} وأهل {{ أذرح }} ، وهكذا أحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - سيطرته على كامل شمال الجزيرة العربية ، وأصبحت حدود الدولة الإسلامية ملامسة لحدود الإمبراطورية الرومانية ، وفقدت الإمبراطورية الرومانية حلفائها في شمال الجزيرة العربية ، ومهد هذا للفتوحات الإسلامية في بلاد الشام .

رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك في مضان من السنة التاسعة للهجرة ، وعند طريق العودة لنا أيضا مواقف ،فكما قلنا الطريق من تبوك للمدينة ،أرض صحراء وحرارة الشمس شديدة ، فأصابهم العطش والتعب والهوان [[ فلا طعام ولا ماء ، و رمال الصحراء تعسف بهم ]] ، وأخذ المنافقون يستغلون هذه الظروف ، ويسخرون من هذا الجيش ، ومن الصحابة الذين أنفقوا أموالهم لهذه الغزوة يقولون لهم : أنفقتم أموالكم ، فلا أنتم قاتلتم ، ولا أنتم غنمتم ؟؟
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكشف النقاب عن المنافق لأسباب أهمها : رجاء أن يحسن إسلامه ، فالله يقول :

{{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }} ،كذلك من أجل أن لا يؤذي أقاربهم من الصحابة من ذوي الإيمان ؛ حتى لا يخرجوا من صفوف المسلمين علانية وينضموا إلى العدو فيكثر الأعداء .

وفي غزوة تبوك تدخّل القرآن مباشرة ، وفضح هؤلاء المنافقين بما قاموا به ، وبما سيقع منهم ، وكانت أغلب آيات سورة التوبة تتحدث عنهم ، وتصف أفعالهم ونواياهم الخبيثة ، و أنا أدعوكم إلى قراءتها و التّمعّن في آياتها ، ومن هذه الآيات :
{{ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاَّتَّبَعُوكَ وَلَكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }} .ومنها أيضا :

{{ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }} .
يتبع ....

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 
متأمل likes this.


قديم 05-17-21, 08:02 AM   #261
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (10:22 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 248 »
السيرة النبوية العطرة (( المُخلَّفون عن غزوة تبوك / ))
________

لا زلنا مع قصة الثلاثة الذين خُلّفوا {{ كعب وهلال ومرارة }} - رضي الله عنهم – ونتابع كلام ( كعب ) الذي ورد في صحيح البخاري :

ثُمَّ قال كعب لمن حوله : هلْ لَقِيَ هذا مَعِي أحَدٌ؟ [[ يعني هل هناك أحد من الصحابة لقي من النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك السخط لتخلفهم عنه ؟؟ ]] قالوا: نَعَمْ، رَجُلَانِ، قَالَا مِثْلَ ما قُلْتَ، فقِيلَ لهما مِثْلُ ما قيلَ لَكَ، فَقُلتُ: مَن هُمَا؟ قالوا: " مُرَارَةُ بنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ، وهِلَالُ بنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ " ، فَذَكَرُوا لي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ، قدْ شَهِدَا بَدْرًا، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي، [[ يعني هانت عليه مصيبتو يوم شاف ناس عملوا مثله ، وصار عليهم نفس الكلام ]] ،

ثمّ يتابع كعب قائلا : ونَهَى رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - المُسْلِمِينَ عن كَلَامِنَا نحن الثَّلَاثَةُ مِن بَيْنِ مَن تَخَلَّفَ عنْه،(( هنا بدأت مرحلة الابتلاء الثانية وهي مقاطعة الناس لهم )) ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وتَغَيَّرُوا لَنَا حتَّى تَنَكَّرَتْ في نَفْسِي الأرْضُ ، فَما هي الَّتي أعْرِفُ،

فَلَبِثْنَا علَى ذلكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فأمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وقَعَدَا في بُيُوتِهِما يَبْكِيَانِ، وأَمَّا أنَا، فَكُنْتُ أَجْلَدَ منهما ؛ فَكُنْتُ أخْرُجُ فأشْهَدُ الصَّلَاةَ مع المُسْلِمِينَ، وأَطُوفُ في الأسْوَاقِ ولَا يُكَلِّمُنِي أحَدٌ، وآتي رَسولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - فَأُسَلِّمُ عليه وهو في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فأقُولُ في نَفْسِي: هلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ برَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ أمْ لَا ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا منه، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، وكنت إذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أعْرَضَ عَنِّي .

حتَّى إذَا طَالَ عَلَيَّ ذلكَ مِن جَفْوَةِ النَّاسِ، مَشيتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أبِي قَتَادَةَ، وهو ابنُ عَمِّي وأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عليه، فَوَاللَّهِ ما رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلتُ: يا أبَا قَتَادَةَ، أنْشُدُكَ باللَّهِ هلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ له فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ له فَنَشَدْتُهُ، فَقَالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وتَوَلَّيْتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ .

[[ يعني حتى ابن عمّه قاطعه امتثالا لأوامر النبي – عليه الصلاة و السلام - ]] ، قَالَ: فَبيْنَا أنَا أمْشِي بسُوقِ المَدِينَةِ، إذَا نَبَطِيٌّ مِن أنْبَاطِ أهْلِ الشَّأْمِ، مِمَّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بالمَدِينَةِ، يقولُ: مَن يَدُلُّ علَى كَعْبِ بنِ مَالِكٍ ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ له، حتَّى إذَا جَاءَنِي دَفَعَ إلَيَّ كِتَابًا مِن مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ: أمَّا بَعْدُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي أنَّ صَاحِبَكَ قدْ جَفَاكَ ولَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بدَارِ هَوَانٍ، ولَا مَضْيَعَةٍ، فَالحَقْ بنَا نُوَاسِكَ،[[ يعني رحّب به لاجئا عنده ليبعده عن دين محمد ويحاول شق صفوف المسلمين ]]، فَقُلتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وهذا أيضًا مِنَ البَلَاءِ،

[[ يعني هذا هو الابتلاء الثالث ]] ، فَتَيَمَّمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بهَا، [[ يعني أحرقها في النار ورفض عرض ملك غسّان ،وهذا يدل على قوّة إيمان كعب ]] .

حتَّى إذَا مَضَتْ أرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الخَمْسِينَ، إذَا رَسولُ رَسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - يَأْتِينِي، فَقَالَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - يَأْمُرُكَ أنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، فَقُلتُ: أُطَلِّقُهَا؟ أمْ مَاذَا أفْعَلُ؟ قَالَ: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا ولَا تَقْرَبْهَا. وأَرْسَلَ إلى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذلكَ، [[ يعني إلى هلال ومرارة ]] ، فَقُلتُ لِامْرَأَتِي: الحَقِي بأَهْلِكِ، فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ، حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ في هذا الأمْرِ . قَالَ كَعْبٌ:

فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ رَسولَ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - فَقَالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ: إنَّ هِلَالَ بنَ أُمَيَّةَ شيخٌ ضَائِعٌ، ليسَ له خَادِمٌ، فَهلْ تَكْرَهُ أنْ أخْدُمَهُ؟ قَالَ: لَا، ولَكِنْ لا يَقْرَبْكِ. قَالَتْ: إنَّه واللَّهِ ما به حَرَكَةٌ إلى شيءٍ، واللَّهِ ما زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كانَ مِن أمْرِهِ، ما كانَ إلى يَومِهِ هذا .

ويتابع كعب كلامه : فَقَالَ لي بَعْضُ أهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - في امْرَأَتِكَ كما أذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ أنْ تَخْدُمَهُ؟ فَقُلتُ: واللَّهِ لا أسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - ، وما يُدْرِينِي ما يقولُ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -

إذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟! فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذلكَ عَشْرَ لَيَالٍ، حتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِن حِينَ نَهَى رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - عن كَلَامِنَا (( يعني مقاطعتنا )) .
فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وأَنَا علَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِن بُيُوتِنَا، فَبيْنَا أنَا جَالِسٌ علَى الحَالِ الَّتي ذَكَرَ اللَّهُ، قدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بما رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ علَى جَبَلِ سَلْعٍ بأَعْلَى صَوْتِهِ: يا كَعْبُ بنَ مَالِكٍ ؛أبْشِرْ، قَالَ : فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وعَرَفْتُ أنْ قدْ جَاءَ فَرَجٌ، وآذَنَ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - بتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ،

[[ يعني إلى هلال ومرارة ]] ، فَلَمَّا جَاءَنِي الذي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ له ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إيَّاهُمَا، ببُشْرَاهُ واللَّهِ ما أمْلِكُ غَيْرَهُما يَومَئذٍ، واسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، وانْطَلَقْتُ إلى رَسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بالتَّوْبَةِ، يقولونَ:

لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ كَعْبٌ: حتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إلَيَّ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حتَّى صَافَحَنِي وهَنَّانِي، واللَّهِ ما قَامَ إلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، ولَا أنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – قَالَ لي وهو يَبْرُقُ وجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: أبْشِرْ بخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ ولَدَتْكَ أُمُّكَ، قَالَ: قُلتُ: أمِنْ عِندِكَ يا رَسولَ اللَّهِ، أمْ مِن عِندِ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ مِن عِندِ اللَّهِ.

فَلَمَّا جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ مِن تَوْبَتي أنْ أنْخَلِعَ مِن مَالِي صَدَقَةً إلى اللَّهِ وإلَى رَسولِ اللَّهِ، قَالَ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -: أمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهو خَيْرٌ لَكَ. قُلتُ: فإنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الذي بخَيْبَرَ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ إنَّما نَجَّانِي بالصِّدْقِ، وإنَّ مِن تَوْبَتي أنْ لا أُحَدِّثَ إلَّا صِدْقًا، ما بَقِيتُ. ،

فَوَاللَّهِ ما تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - إلى يَومِي هذا كَذِبًا، وإنِّي لَأَرْجُو أنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيما بَقِيتُ، ووَاللَّهِ ما أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِن نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ، أعْظَمَ في نَفْسِي مِن صِدْقِي لِرَسولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - أنْ لا أكُونَ كَذَبْتُهُ، فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا. [[ فكان يُعرف كعب بأنه الصادق والصديق ، اللهم اجعلنا من الصادقين ، فالصدق في أقوالنا أقوى لنا ، والكذب في أفعالنا أفعى لنا ]] .

ويُنهي كعب كلامه قائلا : وكُنَّا تَخَلَّفْنَا الثَّلَاثَة [[ كعب وهلال و مرارة ]] عن أمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ منهمْ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - حِينَ حَلَفُوا له، فَبَايَعَهُمْ واسْتَغْفَرَ لهمْ، وأَرْجَأَ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - أمْرَنَا حتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذلكَ قَالَ اللَّهُ:

{{ لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }} . وليسَ الذي ذَكَرَ اللَّهُ ممَّا خُلِّفْنَا عَنِ الغَزْوِ، إنَّما هو تَخْلِيفُهُ إيَّانَا، وإرْجَاؤُهُ أمْرَنَا، عَمَّنْ حَلَفَ له واعْتَذَرَ إلَيْهِ فَقَبِلَ منه.


وهُنا ملاحظتان هامّتان جدا:
1- {{ لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ }} ، فمن أي شيء يتوب الله على النبي والمهاجرين والأنصار؟؟ فليس لهم ذنب في من تخلّفوا !! هُنا نقول : إنّ التوبة رمز رفعة و تكريم ، وليس من ذنب اقترفوه – حاشاهم - فالتوبة لها عند الله مكانة ورتبة رفيعة ، وبما أنها منزلة عظيمة عند الله فبدأ بها لنبيه - صلى الله عليه وسلم - لأنه أولى خلق الله بهذه المنزلة .


2- انتهبوا بفهم للآية ، قال تعالى الذين {{ خُلّفُوا }} ولم يقل الذين {{ تخَلفوا }} ، ليس خُلّفوا معناها أنهم تخلّفوا عن رسول الله في الخروج للغزوة !! هذا القول ليس هو المقصود أبدا في الآية، وهذا خطأ شائع ، فمعنى " خُلّفوا " في الآية أي تأجل الحكم عليهم ، حتى يحكم الله فيهم من بين الذين تخلفوا جميعاً وحضروا بين يدي النبي – عليه الصلاة و السلام – لبيان الأعذار و الحلف عليها؛ وهذا ما يقوله كعب في كلامه، فالمنافقون عرفهم النبي – عليه الصلاة و السلام – وانتهى أمرهم في نفس الجلسة، بينما [[ كعب وهلال ومرارة ]] مؤمنون صادقون خُلفَّ أمرهم وتأجل حتى يحكم الله فيهم .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 
متأمل likes this.


قديم 05-17-21, 08:04 AM   #262
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (10:22 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 249»
السيرة النبوية العطرة (( نتائج ودروس مستفادة من غزوة تبوك ))
________
إنّ حكمة الله اقتضت أن يكون الحق والباطل في خلاف دائم، وصراع مستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، كل ذلك ليميز الله الخبيث من الطيب، فمذ بزغ هذا الدين وأعداؤه من يهود ونصارى ومشركين ومنافقين وخونة يحاولون القضاء عليه بكل ما يستطيعون: {{ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوهِهِمْ وَللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَـافِرُونَ }} . والتاريخ في ماضيه وحاضره يشهد بذلك ، وصدق فيهم قول الشّاعر :

كل العدا قد جنـدوا طاقاتهـم * ضـد الـهدى والنور ضـد الرفعة
إسـلامنا هو درعنـا وسلاحنا * ومنـارنا عبـر الدجى في الظلمـة


ويوم يُقلّب المرء صفحات الماضي المجيد لأمتنا الإسلامية ،ويتدبر القرآن الكريم، وما فيه من بطولات و أمجاد لنا، ثم ينظر لواقعنا ويقارنه بذلك الماضي، يشعر بالحسرة و الألم لأنّ الفرق عظيم ؛ يتحسر يوم يرى تلك الأمة التي كانت قائدة قد أصبحت الآن تابعة حينما ابتعدت عن شرع ربها ونهج نبيها !! فعودًا والعود أحمد، عودًا سريعًا إلى الماضي المجيد،

عودًا لسيرة من لم يُطلق العالم دعوة كدعوته، ولم يؤرّخ التاريخ عن مُصلح أعظم منه، ومن لم تسمع أذن عن داعية أكرم و أرحم منه – صلوات الله وسلامه عليه - ، لذلك نعود معكم للنتائج و الدروس و العِبر من غزوة العسرة التي تساقط فيها المنافقون، وثبت فيها المؤمنون، وذل فيها الكافرون، وعزَّ فيها الصادقون .

لقد كان من أهم نتائج غزوة تبوك إسقاط هيبة الروم من نفوس العرب جميعًا - مسلمهم وكافرهم على السواء - لأن قوة الروم كانت في حس العرب لا تقاوم، ولا تُغلب، وهم القوّة التي لا تُقهر!! فكان لا بد من هذا النفير العام لإزاحة هذا الخوف نهائيا من نفوس العرب .

كذلك كان من نتائج هذه الغزوة إظهار قوة الدولة الإسلامية كقوة وحيدة في المنطقة ، قادرة على تحدي القوى العظمى عالميًا – حينذاك - ليس بدافع عصبي أو عرقي، أو تحقيق أطماع شخصيّة، وإنما بدافع نشر الدين ؛ وتحرير الإنسان من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد، ولقد حققت هذه الغزوة الغرض المرجو منها بالرغم من عدم الاشتباك الحربي مع الروم الذين آثروا الفرار شمالا، فحققوا انتصارا للمسلمين دون قتال ؛ فقد أخلوا مواقعهم للدولة الإسلامية، وترتب على ذلك خضوع النصرانية التي كانت تمُت بصلة الولاء لدولة الروم مثل إمارة دومة الجندل، وإمارة إيلة (على خليج العقبة)، وكتب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بينه وبينهم كتابا يحدد ما لهم وما عليهم .


أيضا أصبحت القبائل العربية الشامية الأخرى التي لم تخضع للسيطرة الإسلامية في تبوك تتعرض بشدة للتأثير الإسلامي، وبدأ الكثير من هذه القبائل يراجع موقفه ، ويقارن بين جدوى الاستمرار في الولاء للدولة الرومانية أو تحويل هذا الولاء إلى الدولة الإسلامية الناشئة، ويُعد ما حدث في غزوة تبوك نقطة البداية العملية للفتح الإسلامي لبلاد الشام، والتي واصلها خلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بعده، ومما يؤكد هذا أن الرسول قبل موته جهز جيشا بقيادة أسامة بن زيد بن حارثة ليكون رأس حربة موجهة صوب الروم، وطليعة لجيش الفتح، ضم هذا الجيش جُلَّ صحابة رسول الله، ولكنه لم يقم بمهمته إلا بعد وفاته.

ويُعتبر توحيد الجزيرة العربية تحت حكم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أقوى نتائج غزوة تبوك ؛ حيث تأثر موقف القبائل العربية من الرسول والدعوة الإسلامية بمؤثرات متداخلة كفتح مكة، وخيبر، وغزوة تبوك، فبادر كل قوم بإسلامهم بعد أن امتد سلطان المسلمين إلى خطوط التماس مع الروم ثم مصالحة نجران في الأطراف الجنوبية ، فلم يعد أمام القبائل العربية إلا المبادرة الشاملة إلى اعتناق الإسلام والالتحاق بركب النبوة بالسمع والطاعة؛

ونظرا لكثرة وفود القبائل العربية التي قدمت إلى المدينة من أنحاء الجزيرة العربية بعد عودة النبي – عليه الصلاة و السلام - من غزوة تبوك لتعلن إسلامها هي ومن وراءها، فقد سمي العام التاسع للهجرة في المصادر الإسلامية [[عام الوفود ]] .

أمّا بالنسبة للدروس و العِبر من غزوة تبوك ؛ فأوّل الدروس أن هذه الأمة أمة جهاد ومجاهدة وصبر ومصابرة، حتى إذا ما تركت الجهاد ضُربت عليها الذلة والمسكنة، ولذلك فقد رأينا حياة النبي جهادًا في جهاد، فإذا فرغ من جهاد المشركين رجع إلى جهاد ومقاومة المنافقين ثم جهاد الروم .

و ثاني هذه الدّروس أن الله كتب العزة والقوة لهذه الأمة، متى ما صدقت وأخلصت، فها هي دولة الإسلام الناشئة تقف في وجه دولة الروم الكافرة صاحبة القوة المادية فتهزمها وتنتصر عليها: {{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ }} فمواجهة الأعداء لا يشترط فيها تكافؤ القوة، ثم يكفي المؤمنين أن يُعِدُّوا أنفسهم بما استطاعوا من قوة ، ثم يتقوا الله ويتعلقوا به ويصبروا، وعندها يُنصرون، فها هو عبد الله بن رواحة في مؤتة يقول : " والله مانقاتل الناس بعدد ولا عدة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ".


وثالث هذه الدروس أن العدو ما تسلل إلا من خلال صفوف المنافقين والمرجفين، ولم يكن الضعف والتفرقة في هذه الأمة إلا من قِبَل أصحاب المسالك الملتوية والقلوب السوداء: {{ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأوْضَعُواْ خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّـاعُونَ لَهُمْ }}، فيجب الحذر منهم ؛ فهُم كُثر في زماننا .

ومن الدروس العظيمة من هذه الغزوة: أنّ تمكُّن العقيدة في قلوب رجال الإسلام أقوى من كل سلاح وعتاد، وهذا ما رأيناه من الصحابة الذين صبروا و تحملوا العطش و الجوع و المسير في الحر لنصرة هذا الدّين ، وقضى الله أن الأمة متى ما حادت عن عقيدتها وتعلَّقت بغيرها، إلا تقلَّبت في ثنايا الإهانات والنكبات والنكسات، حتى ترجع إلى كتاب ربها وسنة نبيها .
هذه تبوك غزوة العسرة، وهذه بعض دروسها، فاعتبروا بها - عباد الله - وتدبروها.

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 
متأمل likes this.


قديم 05-18-21, 07:23 AM   #263
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (10:22 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 250»
السيرة النبوية العطرة (( حَجّة أبي بكر- رضي الله عنه - بالمسلمين ونزول الآيات أوّل سورة التوبة ))
________
في العام التاسع من الهجرة النبوية بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {{ أبا بكر}} - رضي الله عنه - أميراً على الحج، ليقيم بالمسلمين المناسك، ولم يخرج معهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج أبو بكر من المدينة المنورة مولّيا وجهه شطر المسجد الحرام مع مئات من المسلمين، ونزل الوحي ببدايات سورة براءة (التوبة) بعد انصرافهم من المدينة ، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم -{{ علي بن أبي طالب }} - رضي الله عنه - وأرضاه ليقرأ تلك الآيات على الناس يوم الحج الأكبر (( يوم النحر بمنى ))

[[ لأن الحجيج لا يجتمعون كلهم إلا في منى بعد عرفة ، ويعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قريشا لا تقف في عرفة ، فإذا كان يوم النحر يستأذن {{ علي }} من أمير الحج - أبي بكر - ويقرأ على الناس ]] ، وقال له – عليه الصلاة و السلام - : (( اخرُجْ بهذه القصَّة مِنْ صَدْرِ بَراءَة وَأَذِّنْ في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بِمِنىً : أنه لا يدخل الجنَةَ كافر، ولا يَحُجُّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريانٌ، ومَنْ كان له عند رسول الله عهدٌ فهو إلى مُدَّته )) .

والحج إلى بيت الله الحرام مما ورثه العرب عن إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - وهو من بقايا الحنيفية التي ما زالوا محافظين عليها، إلا أن كثيراً من أدران الجاهلية وأباطيل الشرك قد تسلل إليه، حتى أصبح مظهراً من مظاهر الشرك أكثر من أن يكون عبادة قائمة على عقيدة التوحيد، ولم يذهب النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى الحج لأسباب كثيرة منها :

إنّ المشركين يرفعون أصواتهم بمعتقداتهم وأقوالهم الشركيّة في الحج ؛ فهم يعارضون بتلبيتهم تلبية المسلمين، فإن قال المسلمون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، قال المشركون: إلا شريكاً هو لك، كما أنّ المشركين يطوفون بالبيت عرايا ، معتقدين بذلك أن الله لا يقبل طوافهم بثياب عصوا الله فيها !! ، ولا يقفون بعرفة ؛

بل عند المشعر الحرام !! وفي نفس الوقت ليس هناك ما يمنعهم من حج بيت الله لما كان بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - من عهد ، وقيل في بعض كتب السيرة إن سبب عدم خروج النبي للحج في السنة التاسعة هو انشغال النبي - صلى الله عليه وسلم - باستقبال الوفود التي تأتي للمدينة لتعلّم الإسلام والقرآن ومبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - . ولذا كان من الحكمة أن لا يحج النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الحجة حتى لا يشارك غير المسلمين عاداتهم و تقاليدهم، لذلك استعمل عَلَىَ هذا الحج أبا بكر الصديق - رضي الله عنه – ولم يأمره بتغيير شيء في الحج من عادات الناس إلى أن يأمر الله له بذلك .

إذن خرج عَلِيٌّ – رضي الله عنه - يَمْتطي ناقة رسول الله حتى أدرك أبا بكرٍ بالطريق، فلما رآه أبو بكر، سأله: أَأَميرٌ أَمْ مأمور؟ قال: بل مأمورٌ، ثم مَضَيَا . وعن زيد قال: سألْنا علياً: بأيّ شيء بُعِثْتَ في الحجة؟ قال: بعثت بأربع: لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مسلم وكافر في المسجد الحرام بعد عامهم هذا، ومن كان بينه وبين النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عهد فعهده إلى مدّته، ومن لم يكن له عهد فأجله إلى أربعة أشهر . وكان هذا النداء بمثابة إعلان نهاية الوثنية في جزيرة العرب بعد هذا العام .


وقد بلّغ علي - رضي الله عنه - للناس ذلك مرة ومرتين ، وأمر أبو بكر- رضي الله عنه - رجالا من الصحابة لهم صوت جهوري يبلغون عن لسان علي حتى تصل الرسالة و الشروط الأربعة للقاصي والداني . وكُلف أمير مكة أن ينفذ هذه الأحكام بعد موسم الحج ، وبذلك أصبحت مكة مهيّأة لاستقبال رسولنا الكريم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في العام القادم حاجاًّ .


وكانت حجّة أبي بكر بالمسلمين هي أول حجة في الإسلام من مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يكن قبله حج في الإسلام، إلا الحجة التي أقامها {{عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية }} من مكة سنة ثمان أيام فتح مكة، وكان عتاب قد استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل مكة، ثم أَمَّرَ أبا بكر سنة تسع للحج بالمسلمين وذلك بعد رجوعه من غزوة تبوك، وَلَمْ يُؤَمِّرِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غير أبي بكر على مثل هذه الولاية، ولم يستخلف على الصلاة أحدا كاستخلاف أبي بكر، وكَان عَلِيٌّ مِنْ رَعِيَّة أبي بكر في هذه الحجّة ؛ فإنه لحقه فقال له (أبو بكر): أَأَميرٌ أَمْ مأمور؟

فقال عليّ : بل مأمور، وكان عليّ يصلي خلف أبي بكر مع سائر المسلمين في هذه الولاية، ويأتمر لأمره كما يأتمر له سائر من معه، وَنَادَى عَلِيٌّ مع الناس في هذه الْحِجَّةِ بِأَمْرِ أبي بكر ، [[ وكل هذا دليل قاطع على كل من ادّعى زورا و بهتانا أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم – عزل أبا بكر و عيّن مكانه عليّا – رضي الله عنهما ]].

وقد يسأل أحدهم قائلا : لماذا أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليا بن أبي طالب ليكون هو المبلغ للآيات بداية سورة التوبة ؟ لماذا لم يقم أبو بكر – أمير المسلمين في الحج – بهذه المهمّة ؟

السبب الرئيس هو ما يسمى {{ العرف والعادة }} ، وما دامت هذه العادات والتقاليد لا تناقض {{ نصاً شرعياً }} فقد أقرها الإسلام ، وفي عادة العرب : لا ينوب عن العرب في الأمور العامة ؛ كالاتفاق على صلح أو أخذ دية أو مطالبة بدم إلا من كان من عصبته من {{ أولي الخمس }} ، والخمس في لغة العشائر هو الجد الخامس ، فالذي عليه دفع الدية عند العرب كان يقبض خنجره على أصابعه الخمس ، ويقول : أنا فلان ابن فلان ابن فلان ابن فلان ابن فلان ، فيسقط خنجره من يده بعد الإصبع الخامس ، فيقولون له : لا دفع عليك في الدم بعد الجد الخامس ، وعلي بن أبي طالب يلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجد الأول [[ عبد المطلب شيبة الحمد ]] ، وأما أبو بكر فلا يلتقي بالنبي من الجد الخامس ؛ فهناك خوف أن لا تقبل قريش بكلام أبي بكر والله أعلم .


لقد كانت حجة أبي بكر- رضي الله عنه - إعلاناً على أن عهد الشرك قدْ تولى وانتهى، وأن مرحلة جديدة قد بدأت، وما على الناس إلا أن يُسلموا، ويستجيبوا لنداء التوحيد، ومن ثم فبعد هذا الإعلان الواضح والقوي الذي انتشر بين قبائل العرب في الجزيرة العربية، أيقنت القبائل العربية أن الأمر جد، وأن عهد الوثنية قد انقضى بالفعل ، فأخذت ترسل وفودها معلنة إسلامها ودخولها في التوحيد،

ثم كانت حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في العام الذي بعده ـ العام العاشر ـ ومعه أكثر من مائة ألف من المسلمين، والتي عُرِفت ب [[ حجة الوداع ]] لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحج غيرها، فقد ودَّع الناس فيها ولم يحج بعدها ، وعُرِفت كذلك بحجة الإسلام و حجة البلاغ لأنه - صلى الله عليه وسلم - بلّغ الناس شرع الله في الحج قولا وعملا، ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بينه صلوات الله وسلامه عليه .

قال تعالى : {{ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ * }} .
وقال أيضا :

{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ * }} .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 
متأمل likes this.


قديم 05-19-21, 07:44 AM   #264
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (10:22 AM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 251»
السيرة النبوية العطرة (( أحداث وقعت في العام التاسع من الهجرة ))
________

(( وفاة [ النجاشي ] )) ملك الحبشة :
تحدثنا في أجزاء العهد المكي كيف وقف النجاشي إلى جانب المسلمين الذين هاجروا إليه بعد اشتداد العذاب الذي لَقِيَه المسلمون من المشركين في قريش، حيث أمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- أصحابه بالهجرة إلى الحبشة ،ولقوا ما لقوا من الكرم والأمن والأمان وحفاوة الاستقبال في تلك البلاد من ملكها النجاشي إلى أن عادوا إلى ديارهم. وقلنا إنَّ النجاشي هو لقب ملك الحبشة ، أمّا اسمه فهو [[ أصحمة بن أبجر ]] .

و كان النجاشي قد أسلم لكنّه كتم إسلامه عن قومه ، وهو الشخص الوحيد الذي صلَّى عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - صلاة الغائب بعد موته، وهذا ما رواه جابر بن عبد الله - رضي الله عنه – قال : " إنَّ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ - قال لأصحابِه : اخرجوا فصلُّوا على أخٍ لكم قد ماتَ، قال: فصلَّى بنا فكبَّر أربعَ تكبيراتٍ، ثمَّ قال : هذا أصحَمَةُ النجاشيُّ " .

(( وفاة [ أم كلثوم ] بنت النبي - صلى الله عليه وسلم – رضي الله عنها )) :
هي أم كلثوم بنت المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأمها خديجة بنت خويلد، تزوجها عتيبة بن أبي لهب قبل البعثة، فلما بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وقف في وجهه عمّه أبو لهب و زوجته ، فأنزل الله {{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وتب . . . }}

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الوحي قد زوج ابنته رقية لعتبة ، وزوّج أم كلثوم لعتيبة ؛ فجاء أبو لهب و زوجته أم جميل وحرّضا ابنيهما فطلّقا بنتي النبي وكان ذلك قبل الدخول . وكان عثمان بن عفان – رضي الله عنه – قد تزوّج من رقية أخت أم كلثوم ، ولما توفيت رقية زوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان، لذلك يسمّى عثمان (( ذو النّورين )) ؛ لأنه تزوج ابنتي الرسول – صلى الله عليه وسلم – وبقيت عنده أم كلثوم إلى أن توفّاها الله في السنة التاسعة للهجرة ، ولم تلد له شيئاً .

(( وفاة [عبد الله بن أُبَيّ بن سلول ] رأس المنافقين )) :
في شهر شوال من السنة التاسعة للهجرة ، وبعد غزوة تبوك وارى الترابُ جثمانَ رجلٍ كان من أشدّ الناس خصومةً للإسلام وأهله ، وشخصيّةٍ كانت مصدر قلقٍ ومنبع شرٍّ للمجتمع الإسلامي بأسره ، ذلك هو زعيم النفاق ورافع لوائه {{ عبدالله بن أُبَيّ بن سلول }} .

هذه الشخصية هي صاحبة الامتياز في إخراج ظاهرة النفاق إلى الوجود ، فلم يكن الناس قبل ذلك إلا مؤمناً صادق الإيمان ، أو كافراً مجاهراً بجحوده ، فأضاف ابن سلول طريقاً ثالثاً أخطر من الشرك الصريح وهو (( الكفر الخفي ، أو ما يُسمّى بالنّفاق )) ؛ ليعمل على هدم الإسلام من داخله ، ويقضي على تلاحم أبنائه ، وتماسك أفراده .

وجذور النفاق عميقةٌ في نفس ابن سلول ، وكانت البداية قبل هجرة النبي – صلى الله عليه وسلم – ، يوم كانت المدينة تعيش قتالاً شرساً بين الأوس والخزرج ، فما إن تهدأ ثائرتها قليلاً حتى تعود للاشتعال مرّة أخرى ، وانتهى الصراع على اتفاقٍ بين الفريقين يقضي بنبذ الخلاف وتنصيب ابن سلول حاكماً على المدينة . ولكن ؛

وعندما دخل الإسلام إلى أرض يثرب ، وتوحد الناس حول راية النبي – صلى الله عليه وسلم - ، صارت نظرة ابن سلول لهذا الدين تقوم على أساس أنه قد حرمه من الملك والسلطان ،ومنذ ذلك اليوم نصب ابن سلول العداوة الخفيّة للمسلمين ، مدفوعاً بالحقد والخبث الذي طُبعت عليه نفسه ، فكرّس حياته لهدم دعائم الإسلام ودولته ، وانطلق ينفث سمومه للتفريق بين المسلمين ، وقد تفنّن في صنع الافتراءات واختلاق الفتن .

وهذه إطلالة سريعة على بعض المواقف و المؤامرات التي حاكها ابن سلول خلال سنينه السبع التي قضاها في الإسلام : فيوم أحد انسحب هذا المنافق بثلاثمائة من أصحابه قبيل اللقاء بالعدو ليخذل المسلمين، وبعد انتصار المسلمين على يهود بني قينقاع سارع ابن سلول في الشفاعة لحلفائه كي لا يقتلهم رسول الله - عليه الصلاة والسلام- فجاء إليه وقال : " يا محمد ، أحسن في مواليّ " .

وفي غزوة بني النضير قام عبدالله بن أبي بن سلول بتحريض حلفائه من اليهود على قتال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعدم الاستسلام له ، ووعَدهم بالنصرة والمساعدة ، فأعلنوا الحرب ، وانتهى بهم الأمر إلى الجلاء من المدينة .
وفي غزوة بني المصطلق ، استطاع ابن سلول - بدهاء ومكر شديدين - أن يحيك مؤامرة دنيئة للطعن في عرض خير نساء النبي – صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - وظل المسلمون يكتوون بنار هذه الفتنة شهراً كاملاً حتى نزلت الآيات من سورة النور وبرّأت عائشة و كشفت مكر ابن سلول .
ويوم تبوك كان ابن سلول العقل المدبّر لفكرة " مسجد الضرار " ، وهو مسجد أسّسه المنافقون ليكون مقرّهم السرّي الذي تصدر منه الفتن وتصنع فيه المؤامرات لإثارة البلبلة بين المسلمين .

وعلى الرغم من المحاولات العديدة التي حاول فيها ابن سلول كتمان غيظه وبغضه للنبي – عليه الصلاة و السلام – ومن حوله من المؤمنين ، إلا أنّ [[ فلتات لسانه ]] كانت تفضحه ،كقوله : " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذلّ " ، ومع كلّ فتنة كان يثيرها ، ونارٍ كان يشعلها ، كانت الآيات تنزل تباعاً تفضح مسلكه وتبيّن حقيقته هو ومن معه من المنافقين ، كقوله تعالى : {{ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون }} .

وقد يتساءل البعض عن موقف النبي – صلى الله عليه وسلم – من ابن سلول ، كيف تحمّله طيلة هذه السنوات ولم يأمر بقتله ؟ والجواب أنّ النبي – صلى الله عليه وسلم – خشي أن يُشاع بين القبائل أن محمدا يقتل أصحابه ، حيث إنّ العرب في أنحاء الجزيرة لم يكونوا يدركون تفاصيل المؤامرات التي تحدث في المدينة ، ولن يتمكّنوا من استيعاب مبرّرات العقوبات التي سيتّخذها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حقّ ذلك المنافق ،

والصورة التي ستصلهم حتماً صورة مشوّهة ، كذلك فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – حريصاً على وحدة الصف الداخلي ، خصوصاً في المراحل الأولى من قدومه إلى المدينة ، في وقتٍ كانت بذرة الإسلام في نفوس الأنصار لا تزال غضّةً طريّة ، فاختار النبي – صلى الله عليه وسلم – أسلوب المداراة والصبر على أذى ابن سلول لتظهر حقيقته من خلال تصرّفاته ومواقفه .

وقد أثمر هذا الأسلوب بالفعل ، حيث وجد ابن سلول العتاب والبغض في كلّ موقفٍ من مواقفه ، وكان ذلك على يد من كانوا يرغبون في تتويجه ملكاً عليهم في السابق ، فنبذه أهله وأقرب الناس إليه ، ولا أدلّ على ذلك من موقف ولده [[عبدالله بن عبدالله بن أبي سلول ]] رضي الله عنه ، والذي كان من خيرة الصحابة ، وقد قال يوماً للنبي – صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، والذي أكرمك ، لئن شئت لأتيتك برأسه ، فقال له نبي الرحمة والإنسانية: لا، ولكن برّ أباك وأحسن صحبته .

وتدور عجلة الأيام ، ويسقط عبد الله بن أبي بن سلول على فراشه وهو يقاسي آلام المرض وشدّة الموت ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – لا يكفّ عن زيارته والسؤال عن حاله بالرغم من عداوته له ، ولعل النبي – صلى الله عليه وسلم – أراد بذلك أن يتألف قلب هذا المنافق ، لعلّه يلين إلى ذكر الله ، والقلوب بين أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء ، إضافةً إلى كون ذلك فرصةً فاعلة لدعوة أتباعه وأوليائه . ويروي لنا عمر بن الخطاب في صحيح البخاري قائلا :

(( لَمَّا مَاتَ عبدُ اللَّهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، دُعِيَ له رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - لِيُصَلِّيَ عليه، فَلَمَّا قَامَ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - وثَبْتُ إلَيْهِ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أتُصَلِّي علَى ابْنِ أُبَيٍّ وقدْ قَالَ يَومَ كَذَا وكَذَا: كَذَا وكَذَا؟ أُعَدِّدُ عليه قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – وقَالَ : أخِّرْ عَنِّي يا عُمَرُ فَلَمَّا أكْثَرْتُ عليه، قَالَ: إنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، لو أعْلَمُ أنِّي إنْ زِدْتُ علَى السَّبْعِينَ يُغْفَرُ له لَزِدْتُ عَلَيْهَا . قَالَ: فَصَلَّى عليه رَسولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إلَّا يَسِيرًا، حتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِن بَرَاءَةٌ: {{ ولَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ }} )) .

وبموت عبدالله بن أبي بن سلول انحسرت حركة النفاق بشكل كبير ، وتراجع بعض أفرادها عن ضلالهم ، في حين اختار البعض الآخر البقاء على الكفر الذي يضمرونه ، والنفاق الذي يظهرونه ، لا يعرفهم سوى حذيفة بن اليمان صاحب سرّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 
متأمل likes this.


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 01:01 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا