منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


من تاريخ هذا اليوم أي إساءه مهما كان نوعها أو شكلها أو لونها تصدر علناً من عضو بحق عضو أو مراقب أو إداري أو حتى المنتدى سيتم الإيقاف عليها مباشره وبدون تفاهم :: قرار هام ::

Like Tree27Likes
موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-12-21, 06:53 AM   #241
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (03:34 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « ٢٢٨ »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة مؤتة هي انتصار للمسلمين ))
________
عاد الجيش الإسلامي من مؤتة إلى المدينة المنورة ، بعد أن لقّن الرومان درسا في الشجاعة و التضحية و الصبر وفنّ التخطيط للقتال ، واستشهد من الجيش الإسلامي فقط (( 12 )) من أصل (( 3 آلاف )) مقاتل ، ولا يُعتبر هذا رقما في الحروب لأن عدد الرومان قارب ال (( 200 ألف )) مع مقاتلي القبائل العربية ، وقد خسر الرومان في المعركة أعدادا كبيرة لا تُعد ولا تُحصى .

و كان النبي – صلى الله عليه وسلم – على رأس المستقبلين لهذا الجيش ، و حوله المسلمون كبارا وصغارا ، نساء و أطفالا ، فالكل كان مستعدا لتهنئة هذا الجيش بالنصر و الصمود أمام أقوى جيش في ذلك الزمان .

وهُنا كان بين المستقبلين صبية فقدوا آباءهم في الغزوة ، فجعلهم النبي -عليه الصلاة و السلام - حوله حتى لا يشعروا بألم فقد آبائهم ، ووضع عبد الله بن جعفر في حجره وهو يقول : هنيئا لك ، أبوك في الجنة يطير مع الملائكة .
وغزوة مؤتة هي انتصار للمسلمين ، وهزيمة للرومان بكل المقاييس ، وكان انسحاب خالد بن الوليد – رضي الله عنه – انسحاب المنتصر؛ لأن هذا الانسحاب أفضل النتائج التي من الممكن أن نتوقعها في مثل هذه الظروف .

وقد وردت روايات ضعيفة في سندها ، وللأسف الشديد منتشرة في كتب السيرة ، وتقول بأن المسلمين في المدينة وصفوا الجيش الإسلامي ب (( الفُرّار )) ، و حثّوا على وجوههم التراب ، وفي ذلك إشارة إلى هزيمة المسلمين في الغزوة ، ثمّ قال لهم النبي بل هم (( الكُرّار )) ، وهذه الروايات ضعيفة لأنّ غزوة مؤتة نصر للمسلمين ، و إليكم الدلائل على هذا النّصر .

الدليل الأول : ما جاء في البخاري عن أنس – رضي الله عنه - يحكي عن معجزة من معجزات الرسول – صلى الله عليه وسلم - وهو يخبر أصحابه نبأ أهل مؤتة قبل أن يعودوا إلى المدينة المنورة، فقد قال : " أ َخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ،

ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ". يقول أنس : وعيناه تذرفان ( يعني يبكي على استشهاد الثلاثة وكانوا جميعًا من أحبِّ الناس إلى قلبه): "حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ". فجملة "حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ" لا تحتمل إلّا معنى النصر والفتح والعلو؛

فالمسلمون انتصروا وفتح الله عليهم، ثم قرر خالد بن الوليد – رضي الله عنه - أن ينسحب، وأن يكتفي بهذا الانتصار دون محاولة متابعة الجيش الروماني؛ وذلك لأن خالد بن الوليد كان واقعيًّا لأبعد درجة، وقد علم أنه لا يستطيع أن يتوغل في أرض الروم بهذا الجيش الإسلامي الصغير، فكان هذا بالفعل فتحًا من الله على المسلمين، كما ذكر الرسول عليه الصلاة و السلام .

الدليل الثاني : وهي ملاحظة مهمة جدًّا، إذ كم تتخيل وتتوقع أن يكون عدد شهداء المسلمين في هذه الموقعة الطاحنة؟ إنه رقم لن تتخيله مطلقًا مهما فكرت فيه؛ إذ لن يوصلك تفكيرك إلى أنهم اثنا عشر شهيدًا فقط،

منهم الأمراء الثلاثة من جملة ثلاثة آلاف مقاتل مسلم في مواجهة مائتي ألف مقاتل روماني !! وهذا دليل دامغ على انتصار المسلمين؛ وذلك لأن الجيش المهزوم من المستحيل أن يموت منه اثنا عشر فقط، وخاصة إذا كان مهزومًا من مائتي ألف.

الدليل الثالث: غَنِم المسلمون في مؤتة غنائم عدة، ولا يغنم إلا الجيش المنتصر، بل إنهم غنموا ممتلكات بعض كبار القادة الرومانيين، ومعنى هذا أنهم قتلوا بعض القادة الرومان، وأخذوا أسلابهم. وقد روى ذلك أبو داود وأحمد عن عوف بن مالك الأشجعي ، إذ يروي أن أحد المسلمين قتل روميًّا يحمل سلاحًا مذهَّبًا، ويركب فرسًا أشقر، وقد أخذ المسلم كل هذا . وهذا يُعَدّ غنيمة عظيمة، خاصةً إذا علمنا أنه لا يحمل الذهب في المعارك إلا القادة الكبار، وليس عامَّة الجند.

الدليل الرابع : لم نسمع بعد هذه الغزوة عن شماتة شعرية من شعراء قريش، أو فخرًا من عرب الشمال، وقد كانوا لا يتركون مثل هذه الأحداث أن تمر دون قصائد شعرية. فلو هُزِم المسلمون ما تركهم أعداؤهم في قصائدهم الشعرية، إلا أننا لم نسمع عن مثل هذا، بل كان العكس هو الصحيح، حيث سمعنا فخرًا من المسلمين على لسان كعب بن مالك، وحسان بن ثابت -رضي الله عنهما- في موقعة مؤتة، وهذا لا يأتي إلا إذا كان هناك نصر.

الدليل الخامس: تركت هذه الموقعة أثرًا إيجابيًّا هائلاً على عرب الجزيرة، خاصةً المناطق الشمالية من الجزيرة، ورأينا بعد هذه الموقعة وفود القبائل التي طالما كادت للإسلام والمسلمين تأتي مذعنة إلى المدينة المنورة؛ لتعلن إسلامها بين يدي الرسول – صلى الله عليه و سلم - . ولو كانت الغلبة في هذه الموقعة للرومان والقبائل المتحالفة معها، لكان التسابق لطلب وُدِّ الرومان وغسّان هو السمة الغالبة، لكن شيئًا من ذلك لم يحدث.

إذن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس هي أن موقعة مؤتة كانت انتصارًا للمسلمين على الرومان بكل المقاييس؛ في أول لقاء بينهما، وكان هذا بداية لسلسلة مضنية من حروب الفتوحات الإسلامية ، و التي كانت فيها اليد العليا دومًا للمسلمين .

و أخيرا أقول : علينا أن نزور مؤتة ، ففي زيارة أرض المعركة ، وزيارة قبور الشهداء الذين ضحّوا بأنفسهم من أجل هذا الدين ( عِبرة وموعظة ) لنا و لأبنائنا ، ونسلّم على صحابة رسول الله ، فإنهم أحياء بنص القرآن الكريم :
{{ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }} ، طبعا بعيدا عن الممارسات غير المشروعة ، مثل التبرّك بالقبور و طلب العون من الشهداء و الشفاء و الرزق ... إلى آخره من مظاهر الشرك التي يغفل عنها البعض .

فمن زار منطقة مؤتة الآن يجد بجانب جامعة مؤتة ساحة فيها بنيان قديم ، هناك لوحة مكتوب عليها أسماء الشهداء، وهناك دفن الشهداء ، أما قبور القادة الثلاثة [[ جعفر وزيد و عبد الله ]] – رضي الله عنهم – فهي في وسط مؤتة ، كل واحد في قبر وكل قبر عنده مسجد . رحمة الله عليهم وعلى جميع شهداء المسلمين .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-12-21, 06:56 AM   #242
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (03:34 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 229 »
السيرة النبوية العطرة (( سرية ذات السّلاسل ))
________
في جمادى الآخرة من (( السنة الثامنة للهجرة )) بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتداء قبائل منطقة (( قضاعة )) على مجموعة من صحابته ، وهنا كان لا بد له أن يقف وقفة جادة مع هذه القبائل ؛ كي لا تهتز صورة الدولة الإسلامية في الجزيرة العربية. وبالفعل قرر- صلى الله عليه وسلم - أن يُخرِج جيشًا إلى مناطق قضاعة. وقضاعة قبائل قوية وكبيرة، وتبعد عن المدينة المنورة حوالي {{ ٦٠٠ كم }} ،

وكانت منطقة قضاعة تسمي {{ السّلاسِل }} وهو رَمْلٌ يَنعقِدُ بعضُه على بَعضٍ كالسِّلسلةِ، وقيل: هو بئر ماء ، لذلك عُرفت هذه السرية باسم سرية {{ ذات السُلاسل}} ، ولكي لا تختلط علينا الأمور هناك أيضا معركة أخرى عرفت بنفس الاسم أكثر منها شهرة ،

[[ وهي المعركة التي كانت بين المسلمين بقيادة خالد بن الوليد ، وبين الفرس بقيادة هرمز في سنة ١٢ للهجرة في عهد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - وانتهت بانتصار المسلمين، وعرفت بذات السلاسل لأن هرمز أمر بربط الجنود بسلاسل حتى لا يفروا ، وكانت النتيجة أنهم قُتلوا جميعا لأنهم لم يستطيعوا الفرار ]] ، وبالمناسبة فإن المضيق الموجود في الخليج العربي معروف حتى الآن باسم مضيق " هرمز " ؛ الأمير الفارسي شديد البغض للإسلام والمسلمين والعرب ، والأولى أن يكون اسمه : مضيق خالد بن الوليد .

نرجع إلى سرية ذات السلاسل ، فقد اختار النبي - صلى الله عليه وسلم -لقيادة هذه السرية {{عمرو بن العاص}} - رضي الله عنه - الذي لم يمض على دخوله المدينة ومبايعته لنبينا بالإسلام سوى أربعة شهور فقط !!! ويبدو أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يؤلف قلب عمرو بن العاص ، ويحفظ له منزلته ومكانته حتى تستفيد منه الدولة الإسلامية، فهو معروف بالحنكة والفطنة و الدّهاء ، فدعاه – عليه الصلاة و السلام – و أمره بالخروج إلى قضاعة على رأس جيش قوامه {{ ٣٠٠ }} من الصحابة ، مهاجرين وأنصار .

مضى عمرو بن العاص بالجيش ، فكان يسير بالليل ويكمن في النهار حتى لا ترصده عيون أعدائه، وزحف بالفعل حتى اقترب من قضاعة ، وبعث العيون ، فوصل إليه أن أعداد قضاعة كبيرة جدا ، فأرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم في المدينة - يطلب منه المدد .

[[ وسنجد بعد ذلك أن عمرو بن العاص في فتوحاته في مصر وفلسطين كان لا يُقبِل على قتال إلا بعد دراسة متأنية للواقع ]] وبالفعل أرسل اليه النبي - صلى الله عليه وسلم - {{ ٢٠٠ }} من الصحابة ، وكان أميرهم {{ أبو عبيدة عامر بن الجراح }} ، و أوصاه النبي - صلى الله عليه وسلم – قائلا : إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا ولا تختلفا .

ولا تستغربوا إذا علمتم أنّ من بين المقاتلين في الجيش الصحابي الجليل {{ أبو بكر الصديق }} - رضي الله عنه وأرضاه ، الرجل الثاني في الدّولة الإسلامية بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و أيضا كان في الجيش الصحابي الجليل الفاروق {{ عمر بن الخطاب }} - رضي الله عنه وأرضاه -وكان أميرهم عمرو بن العاص و عمره في الإسلام فقط ٤ شهور !!!

[[ هل رأيتم ؟؟ لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يختارالقادة بالأقدمية ، ولا الأكبر سنّاً ، ولا الذين يملكون المال ويشترون به ذمم الناس ليفوزوا بالانتخابات فيظلمون العباد و البلاد ، فهم رُويبضة العصر ، تافهون ينطقون بأمر العامّة !! والله سيحاسب كل من باع و اشترى وشارك بالظلم .

" و تحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم " ]] . إذن كان – عليه الصلاة و السلام – يُنزل الناس منازلهم ، وكل له دوره ، ولا تعني الإمارة أن تكون أنت الأفضل ، لا . فعمرو بن العاص رجل عسكري الآن ، ولا يعني ذلك أنه أفضل من أبي بكر وعمر .

إذن أصبح جيش المسلمين الآن خمسمئة مقاتل ، وجاء موعد الصلاة ، وتقدم أبو عبيدة لإمامة المسلمين ، فقد كانت العادة أن الأمير هو الذي يؤم المسلمين في الصلاة ، و كان يظنّ أبو عبيدة أنه هو القائد . ولكن عمرو بن العاص قال له: إنما قدمت علي مددا ، وأنا الأمير، وليس لك أن تؤمّني !! وكان أبو عبيدة أحد السابقين في الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة،

وقال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه {{ أمين هذه الأمة }} ، لذلك أطاع أمرعمرو بن العاص امتثالا لنصيحة النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا " ، وحتى لا يحدث خلاف بين صفوف الجيش الإسلامي .

هل رأيتم سبب انتصارات المسلمين في ذلك الوقت ؟؟ الوحدة وعدم الاختلاف ، و تقديم المصلحة العامة على الخاصة ، و التواضع للآخرين ، و انتشار الألفة و المحبة بينهم .

وفي الليل أراد الجيش أن يوقد نارا للتدفئة ، فالجو شديد البرودة ، لكن القائد عمر بن العاص رفض أن يوقد أي رجل نارا ،وغضب الصحابة ، وشكوا أمرهم إلى أبي بكر، فتحدث أبو بكر إلى عمرو بن العاص ، فرفض وقال : لا يوقد أحد منهم نارا إلا قذفته فيها . فقال أبو بكر : سمعا وطاعة، و استجاب الجيش .


وبدأ القتال مع قضاعة ، وكانت أعدادهم أضعاف أعداد المسلمين، ووقعت معركة هائلة، كتب الله تعالى فيها النصر للمسلمين، وفرّت قضاعة من أمام المسلمين، وبدأ المسلمون في تتبعهم ومطاردتهم ، ولكن عمرو بن العاص أمر المسلمين بعدم تتبع قضاعة ،ومرة أخرى يغضب الجيش ولكنهم يطيعون قائدهم
وعندما عادوا إلى المدينة اشتكى الصحابة عمرو بن العاص للنبي - صلى الله عليه وسلم –، فقال عمرو بن العاص : أمرتهم أن لا يوقدوا نارا لأنني كرهت أن يرى عدونا قلة عددنا

[[ لأن النار كانت تدل على عدد الجيش ]]، ومنعتهم من تتبع قضاعة لأنني كرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد ، فأحببت أن أنجو بأصحابي ، وأردهم لك سالمين ، فما فقدت جندياً واحداً [[ وفعلا لم يستشهد في هذه السرية أحد ]] ، فأقرّه – صلى الله عليه وسلم - على ما فعل .

ويُروى أنّ عمرو بن العاص سأل النبي قائلا: يا رسول الله، من أحب الناس عندك ؟؟ فقال: عائشة، [[ وكأنه علم ما في نفس عمرو فأراد أن يغلق عليه الباب]] قلت : لست أسألك عن أهلك قال : فأبوها. قلت : ثم من ؟؟ قال : عمر .قلت : ثم من ؟؟ فأخذ يعدّ لي رهطًا من مهاجرين وأنصار، فسكتّ مخافة أن يجعلني في آخر المسلمين!! إذن فالإمارة والإمامة {{ لا تعني الأفضلية }} .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
__________


 


قديم 04-13-21, 08:51 AM   #243
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (03:34 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 230 »
السيرة النبوية العطرة (( قريش تنقض صلح الحديبية ))
________
كان من بنود صلح الحديبية – كما تذكرون - :{{ من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه }} وكانت التحالفات في الجزيرة العربية معروفة ، فقد كانت القبائل القوية تعتدي على القبائل الضعيفة ، فماذا كانت تفعل القبائل الضعيفة لتحمي نفسها ؟؟

كانت تتحالف مع قبيلة قوية ، ما نسميه اليوم بلغة العصر{{ اتفاقية دفاع مشترك}} بين دولتين ، فتصبح كل قبيلة ملزمة بالدفاع عن القبيلة المتحالفة معها إذا وقع أي اعتداء .فدخلت قبيلة {{خزاعة }} في حلف النبي – عليه الصلاة و السلام - وكان أحيانا يستخدمهم كعيون له بالرغم من أنهم لايزالون على شِركهم .

ودخلت قبيلة أخرى اسمها {{ بنو بكر }} في حلف قريش، لماذا ؟؟ لأن خزاعة وبني بكر بينهم حروب وعداوات وثارات كثيرة ، فأرادت قبيلة بني بكر أن تكون في الحلف المعاكس ، لتستمد منه القوة إذا وقعت الحرب مع عدوها . وفي أثناء هدنة صلح الحديبية ، وفي السنة الثامنة من الهجرة ، وقف شاب من بني بكر يردد شعرا يهجو فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعه شاب من خزاعة ، فقام بضربه ،هنا ثار الدم في القبيلتين ؛ فماذا فعلت قريش ؟؟

أخذت قريش تحرض حليفتها بني بكر على قتال خزاعة ،وأعانت قريش بنو بكر بالسلاح والدواب، بل واشترك في القتال بعض فرسان قريش ، منهم : ((عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو الذي كتب بنود صلح الحديبية )) ، فباغتوا بني خزاعة في الليل وهم آمنون عند عين ماء لهم يقال لها {{ الوتير }}،

وقتلوا منهم بعض رجالهم ، فلما رأت خزاعة أنها ستُهزم هرب كثير من رجالهم و دخلوا إلى الحرم ، [[ وكانت العرب لا تقتل لا في الحرم ولا في الأشهر الحرم، وكان الرجل يرى قاتل أبيه داخل الحرم، فلا يستطيع أن يقترب منه حتى يخرج من الحرم ]] ، وقالوا لقائد بني بكر واسمه {{ نوفل بن معاوية }} - وقد أسلم فيما بعد - قالوا له : يا نوفل ، إنا قد دخلنا الحرم، الله الله في إلهك !! فإننا نحتمي به في البيت . فقال نوفل :

لا إله هذه الليلة !! وصاح برجاله : يا بني بكر أصيبوا ثأركم ( فقتلوا 20 رجلا من خزاعة داخل الحرم )!! ماذا يعني هذا ؟؟ نعم ، إنّه نقض واضح وصريح من قريش لصلح الحديبية التي أعانت قبيلة بني بكر بالسلاح ، وقتال خزاعة حلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم- ، ولو كانت قريش لم تشترك معهم لكان اكتفى – عليه الصلاة و السلام - بعقاب بني بكر فقط ، مثلما أرسل الكثير من السرايا لعقاب القبائل التي اعتدت على بعض الصحابة سابقا .

هذا ما وقع في مكة ، ننطلق الآن بكم مباشرة إلى المدينة المنورة ، فعندما وقع هذا الاعتداء ، انطلق فورا من قبيلة خزاعة أحد شعرائها وهو {{عمرو بن سالم الخزاعي}} ،انطلق إلى المدينة المنورة يستنصر النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجده وبين أصحابه ، وكان عمرو مغبرّا أشعثاً من آثار السّفر ، فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم – وصحابته الكرام ، ثم روى ما حدث مع قبيلته شعراً ،

وبكل بلاغة و فصاحة :

- يَا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا * حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
- أنّ قريشاً أخلفوك الموعدا * ونقضوا ميثاقك المؤكّدا
- هم بيِّتونا بالوتير هجـــدا * وقتلونا ركــــعــا ً وسجدا
- فانصر رسول الله نصرا أبدا * وادع عباد الله يأتوا مددا


فلما انتهى من شعره، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم - في قوة وحزم : نُصِرتَ يا عمرو بن سالم ، والله لأنصرنّكم ، ولأمنعنّكم مما أمنع منه نفسي وأهلي . إذن قرر النبي -صلى الله عليه وسلم -أن ينتقم لخزاعة من بني بكر ومن قريش لاعتدائهم عليهم، ونقضهم صلح الحديبية، وقال: يا عمرو، ارجع إلى مكة، ولا تخبر أحدا أنك جئتنا، ودخل - صلى الله عليه وسلم – بيته ، ولم يحدد كيف سيكون هذا العقاب .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم
__________


 


قديم 04-14-21, 09:27 AM   #244
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (03:34 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 231 »
السيرة النبوية العطرة (( قرار فتح مكة ))
________
بعد نقض قريش لصلح الحديبية ، قرر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم بغزو مكة ، وسبحان الله العظيم إذا أراد أمراً هيّأ له الأسباب ، فمكة بيت الله الحرام ، ولا يجوز أن تكون تحت حكم المشركين ، ولا يجوز أن تكون هناك أصنام حول الكعبة ،ولا يجوز أن يطوف البعض بالبيت عراة ، كما أن مكة لها مكانتها المعروفة بين العرب ، فلو فتحها المسلمون ستدخل أغلب قبائل الجزيرة العربية في الإسلام،وهذا ما حدث بالفعل كما قال تعالى : {{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا }}

أخذت قريش تبحث عن حل للمشكلة التي أوقعت نفسها فيها، فقد نقضت الصلح مع المسلمين ، وهي تعلم جيدا أنها الآن أضعف بكثير من المسلمين الذين تفوّقوا قبل مدة على اليهود في خيبر ، وعلى الرومان في مؤتة، وخضعت لهم كثير من القبائل ، وقد يدخلون مكة الآن في أي وقت ، لذلك قررت قريش أن ترسل {{ أبا سفيان بن حرب }} لتجديد العهد مع المسلمين ، وزيادة المدة ، وقالوا له : تذهب إلى المدينة متحجّجا بزيارة ابنتك رملة

{{ أم حبيبة رضي الله عنها }} ، وهي كما تعلمون زوجة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وكان هذا تنازل كبير لقريش عن كرامتها وكبريائها ، فهي الآن ترسل سيد قريش لتمديد المدة !!! فهذا التنازل خير ألف مرة من مواجهة المسلمين ، لأن قريشا خائفة من قتال المسلمين .

انطلق أبو سفيان إلى المدينة، وكان عمره في ذلك الوقت {{ ٧٠ عاما }} واتجه أول الأمر إلى ابنته أم حبيبة ، وأبو سفيان له 10 من البنات و 7 من الأولاد ، و ولده الأكبر اسمه {{ حنظلة }} الذي قتل في بدر كافرا ، فأبو سفيان لقب ، أمّا كنيته الحقيقية هي {{ أبو حنظلة }} ومن أبنائه أيضا {{ معاوية }} الذي أصبح لاحقا خليفة المسلمين . وصل أبو سفيان ، ودخل حجرة ابنته أم حبيبة - رضي الله عنها - وكان هذا اللقاء بعد غياب {{ ١٦ سنة }} ،

فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طوته دونه ، فاستنكر والدها ذلك وقال : " يا بنيّة ، أرغبتِ بهذا الفراش عنّي؟ ، أم رغبتِ بي عنه ؟ [[ يعني لم تجلسيني على الفراش لأني رجل عظيم لا يصح أن أجلس على هذا الفراش المتواضع، أم أنا أقل من أن أجلس على هذا الفراش؟؟ ]]

،فأجابته إجابة المعتزّ بدينه ، المفتخر بإيمانه : بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت امرؤ نجسٌ مشرك . فقال لها : يا بنية، لقد أصابك بعدي شرٌّ كبير . قالت : بل أصابني الخير الكثير وهداني الله تعالى للإسلام .

فتركها ، وخرج متّجها إلى المبعوث رحمة للعالمين – صلى الله عليه وسلم - فدخل إلى مسجده ، وسلم ، وجلس ، ثمّ قال : يا محمد ،حين انعقد الصلح مع قريش لم أكن شاهده ، وقد تبدلت الأيام وتغيرت ، وأمْرقريش بين يدي ، فأحببت أن آتيك مؤكّدا للعهد ، وراغبا في زيادة المدة ، [[ شوفوا كيف السياسة وأهلها !!عندما يضعف العدو أول شيء يقوم به النّفاق والمفاوضة ]] .

ثم أعرض بوجهه عنه - صلى الله عليه وسلم – ولم يردّ عليه . فخرج من عنده إلى أبي بكر ، وطلب منه أن يكلم له رسول الله ، فقال أبو بكر: ما أنا بفاعل . فخرج من عنده إلى عمر بن الخطاب ، فقال له عمر: أأنا أشفع لكم... ؟ فوالله لو لم أجد إلا الذّرّ لجاهدتكم به

[[ يعني إذا مات الرجال كلهم ، وما بقي رجال ؛ بغزوكم بالنمل ]]، ثم خرج إلى علي بن أبي طالب فقال له : يا علي إنّك أقرب القوم مني قرابة ؛ فاشفع لي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فقال :

ويحك أبا حنظلة ! و الله لقد عزم رسولنا على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه ، لكنك سيد بني كنانة فقم فأجِر بين الناس ، ثم الحق بأرضك . فقام أبو سفيان في المسجد فقال: أيها الناس إني قد أجرت بين الناس [[ يعني منع وقوع الحرب بينهم ]] ، ثم ركب بعيره فانطلق . فلما أن قدم على قريش قالوا: ما وراءك ؟ فقصّ عليهم الخبر ، فقالوا : هل أجاز ذلك محمد؟ قال: لا. قالوا: ويحك ، فما يغني عنا ما قلت !! وهكذا فشل أبو سفيان في مهمّته .

وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالتجهز للغزو، ولم يعلمهم بوجهته ، وحرص على السرية حتى يُفاجئ قريشا قبل أن تستعد للقتال ، و أيضا هو لا يُريد إراقة الدماء في الحرم المكي . وقد استنفر القبائل التي حول المدينة ، فمنهم من جاء إلى المدينة، ومنهم من رتّب معهم ليلقاهم في الطريق، وقد بلغ عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل ،

و إلى الآن لا يعرف أحد وجهة هذا الجيش ؛ ما عدا بعض القادة العسكريين الذين أوكل إليهم مهمات عسكرية على امتداد الطريق إلى مكة، وحواجز تفتيش ، و مراقبة حول المدينة حتى لا يعلم أحد من الخارج بتجهيزات الجيش ، وعدده و مهامّه . ومن الصحابة الذين علموا بنيّة النبي – صلى الله عليه وسلم - في فتح مكة {{حاطب بن أبي بلتعة}} - رضي الله عنه – وكان عمره عند الفتح {٤٣ عاما }} ،

وهو من المهاجرين ، ومن الذين اشتركوا في بدر وثبت مع النبي في أحد ، كما شهد الخندق والحديبية ، وهو الذي أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المقوقس حاكم مصر ، الذي قال له : أنت حكيم جئت من عند حكيم .

ولكن حدثت له لحظة من لحظات الضعف الإنساني - والصحابة ليسوا بمعصومين – فقد كان لحاطب في مكة أولادٌ ومال، فأراد أن يؤدي لأهل مكة خدمة حتى لا يؤذونه في أهل بيته ولا في تجارته ، فكتب إليهم كتابا ، وبعثه مع امرأة مغنّية من قريش اسمها ( سارة ) جاءت إلى المدينة تشكو الحاجة بعد غزوة بدر [[ ما ظل إلها عمل في مكة بسبب حزن أهل مكة الشديد على قتلاهم ]] ، ولكنها لم تدخل في الإسلام . فأعطاها حاطب مالا مقابل هذا العمل ، وطلب منها أن تُخفي الكتاب ، لأنّ الحراسة مشدّدة .

وما إن خرجت هذه المرأة من المدينة حتى نزل جبريل – عليه السلام – يُخبر نبينا – صلى الله عليه و سلم – بذلك ، فأرسل في طلبها على الفور علي بن أبي طالب والزبير والمقداد ؛ فالتقوها في منطقة الروضة . فقالوا لها : أخرجي الكتاب، قالت: ما معي من كتاب . قالوا : لتخرجِنَّ الكتابَ، أو لنلقِيَنَّ الثياب! [[ يعني الموضوع ما فيه كذب ]] ، فأخرَجَتِ الكتاب من جديلة شعرها، فأخذوا الكتاب إلى رسول الله، فإذا فيه :

" من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يُخبِرُهم ببعض أمرِ رسول الله . . . " . فقال رسول الله: يا حاطبُ، ما هذا؟!! قال: لا تعجل عليَّ؛ إني كنت امرأً من قريش، ولم أكن من أنفسهم [[ يعني أصلي ليس من قريش ]] ، وكان مَن معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة، فأحبَبْتُ إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتَّخِذَ يدًا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرًا ولا ارتدادًا عن ديني، ولا رضيت بالكفر بعد الإسلام .

فقال رسول الله: ((إنه صَدَقَكم))، فقال عمر: دعني أضرِبْ عنق هذا المنافق، فقال رسول الله: (( إنه قد شهد بدرًا، وما يدريك لعلَّ اللهَ اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم ))، وبعد أن سمع الصحابة الذين شهدوا غزوة بدر هذه البشرى بكوا بكاء شديدا فرحين بهذه المنزلة الكبيرة .

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - عفا عن حاطب بن أبي بلتعة ، وأيضا رفع من قدره أمام المسلمين، لأن حاطب قدم تضحيات كثيرة، فليس معنى أنه أخطأ مرة أن ننسى أعماله الطيّبة في خدمة المسلمين ! ثم نزلت هذه الآيات تصف إيمان حاطب ، وتأمرنا بعدم موالاة الأعداء ، قال تعالى في أول سورة الممتحنة:


{{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ }} .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-16-21, 09:47 AM   #245
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (03:34 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 232 »
السيرة النبوية العطرة (( استعداد جيش المسلمين لدخول مكة ))
________
في العاشر من رمضان من السنة الثامنة للهجرة ، خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة يريد فتح مكة بجيش مدجج بالسلاح قوامه {{10آلاف }} مقاتل من مهاجرين و ألأنصار و بعض القبائل العربية التي دخلت في الإسلام .

الله الله ، ما أعظم دين الله!! قبل ثماني سنوات فقط هاجر – صلى الله عليه وسلم – من مكة إلى المدينة وهو مطارد في الطريق ، و اليوم يعود إليها فاتحا بجيش لم تشهد الجزيرة مثل عدده الكبير إلا جيش أبرهة في عام الفيل ، و في ذلك الوقت كانت قريش لا تعلم شيئا عن تحركات المسلمين، فقد أعمى الله بحكمته و قدَره الأخبار عنها ، فلم يعلموا بوصول الجيش إليهم .

وأثناء مسير الجيش الإسلامي نحو مكة كان {{العباس بن عبد المطلب}} عم النبي - صلى الله عليه وسلم- قد خرج بأهله من مكة مهاجرا إلى المدينة، وكان قد أسلم منذ ست سنوات تقريبا ، لكنه لم يُهاجر ، لأنه كان عينا في مكة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قابل العباس جيش المسلمين في منطقة {{ الجحفة }} ، وانضم إلى جيش المسلمين المتجه لفتح مكة ، وأرسل أهله وثقله إلى المدينة .

تابع الجيش مسيره إلى أن وصل {{ مَرُّ الظهران}} ، على بعد (( 22 كم )) عن مكة ، فعسكر الجيش هناك ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم – عناصر الجيش بأن يوقد كل منهم نارا ، فأوقدوا عشرة آلاف نار، حتى إذا رأتهم عيون قريش أصابتهم الرهبة من الجيش، وكان قائد الحرس هو {{ عمر بن الخطاب}} رضي الله عنه .

وكان العباس – رضي الله عنه - عندما رأى جيش المسلمين وكثرتهم علم أن قريشا لا قبل لها بهذا الجيش ، وإذا وقع قتال فسيتم سحق قريش تماما ، فأشفق على قريش ، وعلم أيضا أن النبي – عليه الصلاة و السلام - لا يريد سفك دماء ، فركب بغلته واتجه إلى مكة حتى يقنع قريشا بأن تستسلم ، وأن تطلب الأمان من النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وفي الطريق التقى بأبي سفيان ومرافقين معه ، كانوا قد خرجوا يلتمسون أخبار هذه النيران ، فقال لهم العباس : هذا رسول الله في الناس ، على رأس عشرة آلاف مدجج بالسلاح ، واصباح قريش!!

[[ يعني خربت دياركم ، ولن يصبحكم الله بخير إذا قاتلتموه ]] ، فقال أبو سفيان: فما الحيلة يا أبا الفضل ؟ فقال العباس: أتسأل المشورة هذا الليلة يا أبا حنظلة ؟!! والله لئن ظفر بك ليضربنّ عنقك !! فاركب خلفي على هذه البغلة، حتى آتي بك رسول الله فأستأمنه لك . فعاد من كان مع أبي سفيان ، وسار العباس وأبو سفيان إلى معسكر المسلمين .

دخل العباس و أبو سفيان إلى خيمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال قائد الحرس -عمر بن الخطاب -: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد، فدعني أضرب عنقه [[ يعني جاء بعد أن نقض صلح الحديبية ،ولا عهد له الآن ، وقتلُه مكسب للمسلمين ، فهو قائد قريش ]] ، فقال العباس: يا رسول الله، إني قد أجرته . ثم قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -للعباس : اذهب به يا عباس إلى رحلك، فاذا أصبحت فأتني به [[ النبي – عليه الصلاة و السلام – مبعوث رحمة للعالمين ، ويتمنى الهداية للجميع ، لذلك طمع في إسلام أبي سفيان ، وذلك خير من قتله ]] .


فذهب أبو سفيان مع العباس ، ونظر للصحابة : منهم من قام يصلي ، ومنهم من يقرأ القرآن ، ومنهم من يناجي ربه ، ولما أذّن بلال لصلاة الفجر رأى الصحابة يتلقّون وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتبادرون لخدمته ، فقال أبو سفيان للعباس : ما رأيت مُلكاً مثل هذه الليلة ، ولا ملك كسرى ولا ملك قيصر !! لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً . فقال له العباس : إنها النبوة يا أبا سفيان ، وليس المُلك . قال أبو سفيان : نعم هو ذاك . فلما جاء الصباح ذهب أبو سفيان إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - برفقة العباس ، وأعلن إسلامه .

[[ وقد حسن إسلامه وشارك لاحقا في غزوة حنين و حصار الطائف ، وشارك في معركة اليرموك مع خالد بن الوليد وعمره 76 عاما ، رضي الله عنه ]] ، ثم قال العباس: يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئا ، فقال – عليه الصلاة و السلام - : (( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن )) . لأنه – عليه الصلاة و السلام - لا يريد إراقة الدماء أصلا ، و " حظر التجول " هو المطلوب في مكة.

واستكمالا لخطة إخافة قريش ؛ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - العباس بأن يجعل أبا سفيان في مكان يرى فيه الجيش كله ، حتى ينقل هذه الصورة لقريش . فذهب به العباس إلى مضيق الوادي الذي سيمر منه الجيش ، ومرّ الجيش كله أمام أبي سفيان

[[ مثل العروض العسكرية التي تقوم بها الدول الآن ، مع فارق المضمون ]] ، وكانت كل قبيلة تمر وهي تحمل رايتها، فكلما مرت قبيلة سأل أبو سفيان عنها قائلا : يا أبا الفضل ، من هذه ؟ فيرد عليه : هذه غفار ، وهذه سليم ، وهذه مزينة ، وهذه جهينة... إلى أن مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبته الخضراء

[[ مش لابسين أخضر كما يستدل البعض ،
العرب تطلق الخضرة على السواد ، لأنهم لابسين لباس الحرب الكامل ]] ، فقال أبو سفيان مدهوشا : من هؤلاء ؟ قال العباس : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المهاجرين والأنصار. فقال أبو سفيان: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة ، والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً !! فقال العباس مرة أخرى : يا أبا سفيان إنها النبوة .

ثم قال له العباس : الحق الآن بقومك وحذّرهم ، فانطلق أبو سفيان إلى مكة ، وتجمع حوله الناس ، فبدأ يحذّرهم بأعلى صوته : يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن . . . ، فدخل أغلب أهل مكة بيوتهم ، ولجأ البعض إلى المسجد ، فقامت إليه زوجته {{هند بنت عتبة}} ونادت: يا معشر قريش ، اقتلوا هذا الشيخ الأحمق – تقصد زوجها أبي سفيان - هلا قاتلتم ودافعتم عن أنفسكم وبلادكم ؟

إذن نجحت خطة المسلمين في تحطيم مقاومة قريش ، ومع ذلك رفض بعض شباب قريش الاستسلام ، وقرروا المقاومة ، وفي نفس الوقت استعد الجيش لدخول مكة ، فما الذي حدث بعد ذلك ؟؟

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-16-21, 09:50 AM   #246
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (03:34 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 233»
السيرة النبوية العطرة (( يوم فتح مكة - شرّفها الله تعالى - ))
________
وصل الجيش الإسلامي إلى مشارف مكة ،والكل مشتاق إلى دخولها ، خاصة المهاجرين ، فليس أحب إلى الإنسان المهاجر من أن يعود إلى وطنه ومرتع صباه . وقبل أن يدخل مكة - صلى الله عليه وسلم – كان قد قرر دخولها بأربع كتائب من أربع جهات في نفس الوقت ، وكانت هذه الخطة حتى يضيّع على قريش فرصة المقاومة ، وقد كانت العرب لا تعرف دخولاً لمكة إلا من المسفلة [[ أي الطريق السهلة الرملية ، بعيدا عن المنحدرات ]] ، فجعل على رأس أول كتيبة{{ خالد بن الوليد}} يدخل من أسفل مكة ، ثم كتيبة {{ الزبير بن العوام}} يدخل من كداء أعلى مكة

[[ تُسمّى جبل الحجون ]] مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم كتيبة {{ أبي عبيد بن الجراح }} يدخل من جهة أخرى من أعلى مكة ، وأخيرا كتيبة {{ سعد بن عبادة }} زعيم الخزرج يدخل من غرب مكة .
وكان قد أمر أصحابه - صلى الله عليه وسلم - قائلاً:

" لا تقاتلوا أحداً إلا إذا قاتلكم " [[ يعني الذي يقاتلنا نقاتله دفاعا عن النفس ،لأنه حريص على دخول مكة من غير سفك دماء ]] . وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأس هذه الكتائب ثلاثة من أهل مكة [[ أي من المهاجرين ]] ، وذلك تأليفاً لأهل مكة ، حتى لا يشعروا أنه غزو خارجي ، وجعل على كتيبة واحدة واحدا من الأنصار حتى ينفي عن الجيش صفة العنصرية – لا سمح الله - .

هنا لنا وقفة ، تُرى لماذا اختار النبي أن يدخل مكة مع الزبير من منطقة كداء (الحجون ) الشاهقة ، الوعرة ، صاحبة الصخور الملساء ؟ قيل إنّ الحِكمةُ مِن الدُّخولِ مِن جِهةِ العُلوِّ: لِما فيه مِن تَعظيمِ المكانِ، وقيل:

لأنَّه - صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - خرَجَ من مكة مُختفيًا في الهِجرةِ، فأرادَ أنْ يَدخُلَها جاهرًا عالِيًا، وقيل: لأنَّ مَن جاء مِن تلك الجِهةِ كان مُستقبِلًا للبيتِ. ويُروى أنّ عثمان بن طلحة في بداية الدعوة و – قبل أن يُسلم - صدّ النبي - صلى الله عليه وسلم – عن دخول الكعبة ،فقال له – عليه الصلاة و السلام - : (( يا عثمان كيف ترى إذا كان هذا المفتاح يوماً في يدي أضعه أنا حيث أشاء ؟! ))

فقال عثمان باستهزاء واستخفاف : [[ إذن ذلك يوم طلعت فيه الخيل من الحجون ]] " وفي ذلك إشارة إلى استحالة حدوث ذلك " ، ويُروى أيضا أنّ العباس قال لأبي سفيان بعد الحصار في شعب أبي طالب :

يا أبا سفيان ، ألا تعلم أن محمداً صادقاً ؟ قال : نعم . قال : فما عليك لو اتبعناه ؟ فقال أبو سفيان : [[ اتبعه إذا رأيت نواصي الخيل تطلع علينا من الحجون !!]] ، فكانت الحكمة من دخوله - صلى الله عليه وسلم - بالخيل من الحجون ليؤكّد لهم صدق رسالته والله أعلم .
ودخلت هذه الكتائب من الجهات الأربعة بلا أية مقاومة باستثناء كتيبة ((خالد بن الوليد )) حيث تجمع بعض رجال قريش بقيادة عكرمة بن أبي جهل وصفوان عند جبل اسمه {{ الخندمة }} وكان فيهم رجل اسمه {{ جماش بن قيس }} ، أعدّ سلاحه طوال مدّة لقتال المسلمين ؛ وقال لزوجته :

لأخدمنّك خادما من بعض من أستأسره!! [[ مغرور وواثق من نفسه قدّام زوجته ! ]] ، وفي صباح اليوم التالي التقت هذه القوة الضعيفة بكتيبة خالد بن الوليد ،وبدأت بمهاجمة المسلمين فقتلت أحدهم ، فانقضّت عليهم كتيبة خالد فقتلت منهم بضعا و عشرين رجلا كما تقول بعض الروايات ،و تفرّق شملهم ، وعادوا يختبئون في بيوتهم ، فقالت زوجة ( جماش ) مستهزئة به : أين الخادم ؟! فقال لها شِعرا :

وأنتِ لو أبصرتنا بالخندمة إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمة
واستقبلتنا بالسيوف المسلمة يقطعن كل ساعد وجمجمة
ضربا فلا تسمع إلا غمغمة لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة

وقبل أن يدخل مكة اغتسل الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -[[ وهذه سنة ثابتة أن يغتسل الرجل قبل دخول مكة ]] ،

ونزع عنه السلاح ، ولبس لباسه ، وأعتمّ بعمامته السوداء التي لبسها ليلة الاسراء والمعراج، وقد أرخى طرفيها على كتفيه ، ثم ركب ناقته القصواء ، وتقدم نحو مكة ، فسطع النور المحمدي على أهل مكة من الحجون ، فياله من مشهد !! وياله من يوم !!

صلوات ربي وسلامه عليك يا حبيب الله ، صلوات ربي وسلامه عليك يا خير خلق الله . فلما رأى قريشا من الأعلى والناس تستشرف لرؤيته ، طأطأ رأسه - صلى الله عليه وسلم - حتى أن شعر لحيته كاد أن يمس ظهر راحلته ، وسكب الدموع تلو الدموع ، وهو يتلو قوله تعالى :

{{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا }} . فلما وصل إلى الكعبة ، استقبل الحجر الأسود بعصاه [[حتى يعلّم أمته ترك المزاحمة على الحجر ]] ، وطاف بالبيت ، وأخذ يدفع الأصنام حول الكعبة ، وهو يقول : {{ وقل جَاءَ الْحقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنّ الْبَاطِلَ كانَ زَهُوقا ً}} .


ثم جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - في ناحية من المسجد وأرسل في طلب {{عثمان بن طلحة}} ليُحضر مفتاح الكعبة من عند أهله ، فلمّا دنا منه ليعطيه المفتاح قال- عليه الصلاة و السلام - لعثمان : يا عثمان أتذكر يوم قلت لك كيف بك إذا رأيت المفتاح في يدي أضعه أنا حيث أشاء ؟ أرأيت اليوم نواصي الخيل تطلع من الحجون ؟ فقال عثمان : أشهد أنك رسول الله . ثم فتح النبي - صلى الله عليه وسلم – الكعبة ، وغسلها بماء زمزم ، وصلّى وقريش واقفة قد أخذت الأمان قبلها من نبي الرحمة :

" من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، ومن دخل بيته فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ... " وهذا كله بداية العفو من نبي الإنسانية ، الذي أسند يديه على جانبي باب الكعبة وقال مخاطبا مشركي مكّة – كما جاء في بعض كتب السيرة - :


ما ترون أنّي فاعل بكم ؟؟ يالها من عبارة تذكّرت قريش بها سجلّ أحداث زادت على 20 سنة !! هذا محمد يتيم أبي طالب الذي كان لقبه فيكم الصادق الأمين ، هذا الذي أحبه الجميع واحتكموا لديه يوم تجديد بناء الكعبة و وضع الحجر الأسود ،

هذا محمد الذي كذّبته قريش عند نزول الوحي ، ووصفته بأنّه ساحر ومجنون ، هذا محمد الذي عذّبت قريش أصحابه ، وحاصرته و أصحابه في شعب أبي طالب ثلاث سنوات ،ومات الكثير فيها من الجوع ، هذا محمد الذي حاولتم قتله ليلة الهجرة ، وخرج حزيناً وحيداً ، مفارقا أحب أرض إليه ، هذا هو محمد رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لكم الآن – كما جاء في بعض كتب السيرة - : يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟ فقالوا مقولة الذليل المسترحم : أخٌ كريم وابن أخ كريم رحيم

[[ فهم يعلمون حِلمه ورحمته و عفوه ]] ، فقال لهم و هو مبتسم : فإني أقول لكم كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء ، فسُمّي من أسلم منهم ( الطّلقاء ) .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 04:34 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا