منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


من تاريخ هذا اليوم أي إساءه مهما كان نوعها أو شكلها أو لونها تصدر علناً من عضو بحق عضو أو مراقب أو إداري أو حتى المنتدى سيتم الإيقاف عليها مباشره وبدون تفاهم :: قرار هام ::

Like Tree27Likes
موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-23-21, 09:22 AM   #253
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 240 »
السيرة النبوية العطرة (( حصار الطائف ))
________
كان فرار هوازن في ثلاثة اتجاهات : جزء إلى {{أوطاس}} ؛ وهو السهل الذي بجانب وادي حنين ،وجزء إلى بلدة {{ نخلة}} ، والجزء الأكبر اتجه إلى مدينة {{ الطائف}} الحصينة ومعهم قائدهم {{ مالك بن عوف}} ،


فاندفع المسلمون خلفهم يطاردونهم حتى يمنعوهم من التجمع مرة أخرى ، فاتجه بعض الصحابة خلفهم إلى أوطاس ، والبعض إلى نخلة ، بينما توجه الجيش الرئيسي بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف ، وكانت نتيجة المعركة استشهاد {{ ٥ }} فقط من المسلمين مقابل مقتل أكثر من {{ 70 }} مشركا، وكانت الغنائم كثيرة جدا، لأن مالك بن عوف كما قلنا كان قد أتى بكل أموال هوازن .


إذن اتجه النبي - صلى الله عليه وسلم - لتتبع هوازن، حتى يقابلهم في معركة فاصلة في الطائف، وهي المدينة التي ذهب إليها في السنة العاشرة من الهجرة ومعه {{ زيد بن حارثة }} ليعرض عليهم الإسلام، ولكنهم رفضوا الإسلام ، وطردوه ، و أمروا سفهاءهم أن يُمطروه بوابل من الحجارة و الشّتائم ، وفي ذلك الوقت قال الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لزيد بن حارثة : "يَا زَيْدُ، إِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لِمَا تَرَى فَرَجًا وَمَخْرَجًا، وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرٌ دِينَهُ، وَمُظْهِرٌ نَبِيَّهُ " .


فسبحان الله !! مرت الأيام، وغيّر الله الأحوال ، وكما يقول الله : {{ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ }} ، فقد جاء نبيّنا الكريم الآن إلى الطائف عزيزًا منتصرًا مُمَكَّنًا، رافعًا رأسه، ومحاطًا بجيش مؤمن جرّار، يزلزل الأرض من حوله ، وتحقّق ما ذكره – عليه الصلاة و السلام - لزيد بن حارثة .

ولا شك أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - وهو ذاهب إلى الطائف جالت في خاطره ذكريات كثيرة ، فقد تذكّر أهل الطائف وهم يرفضون دعوته جميعًا -بلا استثناء- في تعنّت أشد من تعنّت أهل مكة. ولعله تذكر زعيم ثقيف (( عبد يا لِيل بن عمير الثقفي )) عندما وقف يسخر منه قائلا : ألم يجد الله إلا أنت يا محمد يبعثك رسولا إلى العالمين؟ وها هو الآن يفرّ فرارًا مخزيًا من أرض حُنين، وذهب يختبئ في حصون الطائف.

ولعله تذكر أيضا ((عَدَّاس النصراني )) ذلك الغلام الصغير الذي آمن عندما أحضر له العنب من بستان عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة اللذان يرقدان الآن في قَلِيب بدر يُعذَّبان مع قادة الكفر في مكة . ولعله تذكر وهو يمر على وادي نخلة (( مجموعة الجن )) التي آمنت به في رحلته إلى الطائف، وهو في طريق عودته إلى مكة المكرمة، ذكريات كثيرة بعضها سعيد وبعضها أليم، والأيام على أي حال تمرّ، وكل شيء يذهب، ولا يبقى إلا العمل .

وصل الجيش الإسلامي إلى الطائف، والكل يتوقع معركة هائلة بين هذين الجيشين الضخمين ؛ والذي لم تشهد الجزيرة العربية مثيلا لهما من قبل ،ولكن كانت المفاجأة أن تجمعت قبائل هوازن داخل الطائف المحصّنة جيّدا ، ورفضت الخروج لقتال المسلمين، واختاروا أن يمكثوا في حصونهم دون قتال ،بالرغم من أن أعدادهم أكثر من ضعف عدد المسلمين ، وبالرغم من أن نساءهم ، وأبناءهم وأموالهم في أيدي المسلمين ، ومع ذلك خافوا وجبُنوا من الخروج لحرب المسلمين وإنقاذ نسائهم و أموالهم ، وكان ذلك خزيا كبيرا لهوازن، وهزيمة أخرى لهم .

أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – بحصار هوازن التي بدأت بإطلاق السهام بكثافة على المسلمين ، بينما سهام المسلمين لم تكن تصل إليهم ، بل أصيب عدد كبير من المسلمين ، فقرر – عليه الصلاة و السلام - تغيير مكان الجيش مستعينا بخبرات الخبير الإستراتيجي {{ الحباب بن المنذر }} - رضي الله عنه - [[ تذكرون هذا الاسم ؟ أشار بتغيير مكان الجيش في بدر فكان ذلك سببا من أسباب النصر]] .فانطلق الحباب حتى انتهى إلى موضع (( هو الآن مكان مسجد الطائف )) ، وتحول الجيش إلى هذا المكان .

واحتاج المسلمون لتدمير الأسوار إلى المنجنيق الذي عرفوه في غزوة خيبر، واستعانوا الآن ب((سلمان الفارسي)) للإشراف على صناعته ، كما صنعوا {{ دبابة خشبية }} لأول مرة ،

[[ وهي عبارة عن غرفة صغيرة مصنوعة من الخشب الصلب لها عجلات، يختبئ عدد من الجنود تحتها، ويدفعونها وهم بداخلها، حتى يلتصقوا بالسور، ثم يعملون بواسطة آلات الحفر الحديدية على هدم حجارة السور من المكان الذي أضعفته حجارة المنجنيق، وكلما هدموا جزءا وضعوا له دعائم خشبية حتى لا ينهارالسورعليهم ، حتى إذا فرغوا من عمل فجوة متسعة، دهنوا الأخشاب بشيء من الزيوت، ثم أشعلوا النيران وانسحبوا بالدبابة، فإذا احترقت الأخشاب انهار السور مرة واحدة، تاركا فتحة كبيرة صالحة للاقتحام منها ]] .


وبالفعل بدأ المسلمون في قذف أسوار الطائف بالمنجنيق ، وسار عدد من الجنود تحت الدبابة الخشبية، واستطاع المسلمون كسر جزء من السور ، وكاد المسلمون يدخلون داخل أسوار الطائف، ولكن هوازن فاجأت المسلمين بإلقاء الحسك الشائك المُحمَّى في النار عليهم :[[ وهو عبارةعن أشواك حديدية ضخمة على هيئة صليب ، يحمى عليها في النار ثم تُلقى ]] ، فأصيب المسلمون إصابات بالغة ولم يستطيعوا التقدم باتجاه الحصن .


ثم أمر الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن ينادي أصحابه على هوزان أنّ أي عبد من العبيد يخرج إلى المسلمين فهو حر ، وكان الهدف من ذلك هو حرمان هوازن من طاقة هؤلاء العبيد ، والحصول على معلومات عسكرية من داخل الحصن ، وفعلا بدأ العبيد يفرون من الحصن وينضمون إلى المسلمين، وعلم المسلمون منهم أن داخل الطائف طعام وشراب يكفيان أهلها لمدة سنة على الأقل .


استمر حصار الطائف {{ ٤٠ يوما }} استشهد فيها عدد من الصحابة ، وجرح عدد كبير منهم ، فاستشار النبي – عليه الصلاة و السلام – أصحابه ومنهم [[ نوفل بن معاوية الذي ساعد بنو بكر على قتال خزاعة ، فكان من نتيجة ذلك فتح مكة و غزوة حنين و حصار الطائف ، فالنبي – عليه الصلاة و السلام - أرسله الله رحمة للعالمين ،وكذلك فعل مع عمرو بن العاص و خالد بن الوليد ، حيث ولّاهم مناصب استفاد منها المسلمون ، وهذه من حكمته – صلى الله عليه وسلم ]]
فقال نوفل : "يا رسول الله، هم ثعلب في جُحرٍ، إن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك". فكان قرار النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع الحصار عن الطائف والعودة . . .

ومرّت الأيّام وأسلمت ثقيف بعد أقل من عام واحد ، لأن كل من بقي من القبائل العربية جاء بعد ذلك إلى المدينة فبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ووجدت هوازن أنها لا طاقة لها بحرب كل من حولها من العرب، وحسن إسلامها بعد ذلك، وعلى الرغم أنها كانت آخر العرب إسلاما، فإنّ هوازن ثبتت على الإسلام بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرتدوا كما فعلت بعض القبائل العربية .


يتبع .... توزيع غنائم حنين

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-25-21, 09:53 AM   #254
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 241 »
السيرة النبوية العطرة (( غنائم حُنين ))
________
بعد غزوة حنين وفرار هوازن إلى الطائف ؛ كان النبي - صلى الله عليه وسلم – قد أمر بتجميع الغنائم في وادي {{الجعرانة}} القريب من حُنين حتى يفرغ من حرب هوازن ، وبعد حصار الطائف الذي استمر {{٤٠ يوما }} ،

قرّر – عليه الصلاة و السلام - رفع الحصار عن الطائف، ثمّ توجه بعدها هو وجيش المسلمين إلى وادي الجعرانة حتى يقوم بتوزيع الغنائم .وكانت غنائم حنين ضخمة جدا ، بل كانت أكبر وأعظم غنائم في تاريخ العرب قاطبة ، لأن قبائل هوازن قبائل كثيرة جدا ، وكان زعيمهم {{ مالك بن عوف}} قد أمرهم بأن يصحبوا معهم نساءهم وأنعامهم وكل أموالهم ، وذلك لتحفيز الجيش على القتال حتى الموت ، ولكن [[ تأتي الرياح بما لا تشتهي السّفن ]] ، فقد هُزموا شرّ هزيمة و تركوا كل ما يملكون غنيمة للمسلمين .

وقد ورد أنّ غنائم حنين بلغت : ٢٤ ألفا من الأبل ، ٤٠ ألفا من الأغنام ، ١٥٠ كغم من الذهب والفضة ، ٦٠ ألفا من السبي !!! وجلس - صلى الله عليه وسلم -متأنياً في تقسم الغنائم ؛ لأنه كان يرجو أن تأتي هوازن مسلمة ؛ وقلنا سابقا إنّ هوازن هي مجموعة قبائل حول الطائف ، و فيها {{ بنو سعد }} الذي استرضع فيهم - صلى الله عليه وسلم – في بيت حليمة السّعديّة ،

و تربى بينهم أربع سنين، ففيهم عماته وخالاته من الرضاعة ، وكان يرجو أن يأتوا مسلمين فلا يقعون بالسبي ، وبنو سعد من كرام العرب فلم يحب أن تسبى نساؤهم وأولادهم ،ولكنهم تأخروا ؛ فأضطر أن يوزع الغنائم وهذا شرع الله .
والقاعدة الشرعية في توزيع الغنائم :

1- أربعة أخماس الغنائم توزع بالتساوي على الجيش والفارس يأخذ ثلاثة أضعاف الراجل ،لأن الفارس ينفق بنفسه على فرسه ،

2- الخمس يتصرف فيه رئيس الدولة كما يشاء، فقد يشتري به سلاحا، وقد يتم به افتداء الأسرى، وقد يعطي منها لمن كان مميزا في القتال، وقد ينفق على الفقراء والمساكين، وقد يدخل في أي مشروع من مشروعات الدولة .


فوزع النبي - صلى الله عليه وسلم - الأربعة أخماس على الجيش الذي عدده يقارب ال١٢ ألفا ، أما خمس الله ورسوله الذي من حق النبي، فقد قرر- صلى الله عليه وسلم - توزيعها على زعماء القبائل المختلفة ،لأن الدولة الإسلامية اتسعت الآن اتساعا كبيرا ، فأراد أن يؤلّف قلوبهم ؛ فهم حديثو العهد بالإسلام ، و الدولة تحتاجهم ، فهم أصحاب الكلمة الأولى في القبيلة ، وعندما يجدون أن وضعهم الاجتماعي والمادي قد تحسن في ظل الإسلام ؛ فلاشك أن حبهم وانتماءهم للإسلام سيقوى ويترسخ، وهؤلاء هم الذين يطلق عليهم في الإسلام {{ المؤلفة قلوبهم }} .

وجاء في كتب السّيرة أنّ توزيع الغنائم على هؤلاء المؤلفة قلوبهم و الزعماء كان توزيعًا سخيًّا ، فقد بلغ نصيب البعض مائةً من الإبل، حتى إنّ أبا سفيان قد ذُهل من هذا العطاء ، فقال : ما أعظم كرمك ! وما أحلمك ! فداك أبي وأمي ، لقد حاربتك، فنِعمَ المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت [[ انظروا أثر تأليف القلوب ]] . وكذلك فعل -عليه الصلاة و السلام – مع حكيم بن حزام وهو من أشراف مكة، وعمته هي خديجة – رضي الله عنها - ، فقد سُرّ بعطاء النبي – صلى الله عليه وسلم – وقال : " والله يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا " ، وفعلا مات و لم يأخذ شيئا من غنائم المسلمين بعد غزوة حُنين .

أمّا صفوان بن أمية ؛ فقد كان سيّدا في قومه، وقد اشترك في حنين وهو لا يزال مشركا ، وقلنا إنه طلب مهلة شهرين حتى يسلم ، وقد أعطاه – عليه الصلاة و السلام - مائة من الأبل كما أعطى زعماء مكة ، وزاده كثيرا من الأنعام ، فقال صفوان : إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فأسلم صفوان - رضي الله عنه - وحسُن إسلامه .

وعندما وجد الأنصار عطاء النبي - صلى الله عليه وسلم - من خمسه لسادة قريش عطاء ليس له حدود ؛ وجدوا في أنفسهم [[ أي تأثروا ]] ، فقال بعضهم لبعض: [[ لقد لقي النبي قومه : يعني رجع لأهله وفرح بهم ]]

غفر الله لرسول الله! يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم بالأمس !!! {{ وقد جال في خاطرهم أنّ الدولة الإسلامية قامت على أكتافهم ، فقد قاتلوا عادوا القبائل من أجل نشر الإسلام ، وكانوا كرماء النفس مع المهاجرين ، وبذلوا دماءهم في سبيل نصرة هذا الدّين ، وهم رجال الأزمات }} .

فلما بلغت هذه المقالة للنبي - صلى الله عليه وسلم – تأثر كثيرا ، وأرسل إلى {{ سعد بن عبادة زعيم الخزرج }} وهو الباقي من سادة الأنصار ، وقال له – عليه الصلاة و السلام - يا سعد ، ما مقالة بلغتني عن قومك ؟؟

قال له: أجل يا رسول الله ؛ إن هذا الحي من الأنصار قد تأثروا في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ؛ فقد قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظيمة في قبائل العرب، ولم يكن لهذا الحي من الأنصار شيئا !!! فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: فأين أنت من ذلك يا سعد ؟ [[ يعني شو موقفك أنت ؟؟ ]] فقال سعد: - ما أنا إلا رجل من قومي !! فقال له – عليه الصلاة و السلام - :

إذن فاجمع لي قومك لا يخالطكم غيركم ، فخرج سعد فجمع الأنصار{{ الأوس والخزرج }} في شعب لم يدخل فيه إلا أنصاري ، وأتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحده لا يصحبه إلا أبو بكر الصّدّيق ، فحياهم بتحية الإسلام ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال :
(( يا معشرَ الأنصارِ،ألَم آتِكُم ضُلَّالًا فهداكُم اللهُ ؟ وعالةً فأغناكُم اللهُ ؟ وأعداءً فألَّفَ اللهُ بينَ قلوبِكُم ؟ قالوا : بلَى ! قالَ رسولُ اللهِ : ألا تجيبونَ يا معشرَ الأنصارِ ؟ قالوا : وما نقولُ يا رسولَ اللهِ ؟ وبماذا نُجيبُكَ ؟ المَنُّ للهِ ورسولِهِ . قالَ : واللهِ لَو شِئتُم لقُلتُم فصدَقتُم وصُدِّقتُم : جئتَنا طريدًا فآوَيناكَ ، وعائلًا فآسَيناكَ ، وخائفًا فأمَّنَّاكَ ، ومَخذولًا فنصَرناكَ . . . فقالوا :

المَّنُ للهِ ورسولِهِ . فقال : أوَجَدتُم في نُفوسِكُم يا مَعشرَ الأنصارِ في لُعاعَةٍ مِن الدُّنيا تألَّفتُ بِها قَومًا أسلَموا ؟ ووَكَلتُكُم إلى ما قسمَ اللهُ لكُم مِن الإسلامِ ؟ ! [[ أي: هلْ حَزِنتُم في قُلوبِكم يا مَعشَرَ الأنصارِ بسَبَبِ شَيءٍ حَقيرٍ مِن أُمورِ الدُّنيا كان الهدف منها تأليف قلوب من دخل في الإسلام حديثا ؟؟ ]] أفَلا تَرضَونَ يا مَعشرَ الأنصارِ أن يذهبَ النَّاسُ إلى رِحالِهِم بالشَّاءِ والبَعيرِ وتذهَبونَ برسولِ اللهِ إلى رِحالِكُم ؟!

فَوَالَّذي نَفسي بيدِهِ ، لَو أنَّ النَّاسَ سَلَكوا شِعبًا وسَلَكتِ الأنصارُ شِعبًا ، لسَلَكتُ شِعبَ الأنصارِ ، ولَولا الهجرةُ لكُنتُ امْرأً مِن الأنصارِ .

[[ وكان الظّنّ قد غلبهم أن النبي سيقيم في مكة ؛ فقد أصبحت دار إسلام ، وهي مسقط رأس النبي ، وهي بلد الله الحرام ، فظنوا أن النبي لن يرجع إلى المدينة معهم ، فتفاجؤوا بهذا الخبر المفرح ]] ، ثم قال : اللَّهمَّ ارحَمْ الأنصارَ ، وأبناءَ الأنصارِ ، وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ . فبكَى القَومُ حتَّى أخضَلوا لِحاهُم . وقالوا : رَضينا باللهِ رَبًّا ، ورسولِهِ قسمًا ، ثمَّ انصرفَ ، وتفرَقوا . . . ))

فهنيئا للأنصار ، كان حظهم الأوفى من العطاء ، فقد فازوا بالحبيب الأعظم - صلى الله عليه وسلم - اللهم اجمعنا به في جنات النعيم .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-27-21, 09:24 AM   #255
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 242 »
السيرة النبوية العطرة (( أحداث متفرقة بعد غزوة حُنين ))
________
جاء في بعض كتب السّيرة أن من الذين وقعوا في السبي يوم حُنين : حذافة بنت الحارث وهي {{ الشيماء }} أخت النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرضاعة ؛ فقد استرضع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بني سعد أربعة أعوام ، والتي أرضعته هي {{ حليمة السعدية }} ،

و أخواته من الرضاعة : عبدالله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء و أبو سلمة بن عبد الأسد ، وكانت الشيماء تتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -بالسن عشر سنوات ، وكانت تقول لمن أسرها : إني أخت صاحبكم من الرضاعة !! فلم يصدقوها وجاؤوا بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت :

يا رسول الله إني لأختك من الرضاعة ، فقال لها : إن تكوني صادقة فإن بك منّي أثرا لن يبلى .

[[ يعني علامة بجسمك أنا سببها لا تنمحي ]] ، فكشفت عن عضدها ثم قالت: نعم يا رسول الله، حملتك وأنت صغير فعضضتني هذه العضة ، فعرفها - صلى الله عليه وسلم - فوثب وقام لها قائما و رحب بها، وبسط لها رداءه ، وأجلسها عليه ، وذرفت عيناه بالدموع وأخذ يكلمها ، ثم قال لها : إن أحببتِ فأقيمي عندي محببة مكرمة، وإن أحببت فارجعي إلى قومك ، فاختارت أن تعود إلى قومها . وعُرفت الشيماء بعد ذلك بكثرة العبادة والتنسك و الدفاع عن الإسلام رضي الله عنها و أرضاها .

وحتى نكون منصفين في فترة طفولة النبي و شبابه، فلا بدّ من الإشارة إلى الصحابية الجليلة أم علي ( فاطمة بنت أسد الهاشمية )) ، زوجة أبي طالب عم النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وقد أسلمت بعد وفاة زوجها أبي طالب، ثم هاجرت بعد ذلك إلى المدينة المنورة مع أبنائها، وقد تميزت برواية الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يزورها بين الحين والآخر ، وورد في بعض كتب السيرة أنه لمّا ماتت – رضي الله عنها - دخَل عليها رسولُ اللهِ ، فجلَس عندَ رأسِها وقال :

" رحِمكِ اللهُ يا أُمِّي ، كُنْتِ أُمِّي بعدَ أُمِّي ؛ تجوعينَ وتُشبِعيني وتعرَيْنَ وتكسُونَني ، وتمنَعينَ نفسَكِ طيِّبَ الطَّعامِ وتُطعِميني تُريدينَ بذلكَ وجهَ اللهِ والدَّارَ الآخرةَ " .

وجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الجعرانة وفد من هوزان ، فيه عدد من أشرافهم ، فأسلموا ، ثم كلموا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغنائم، وقالوا: يا رسول الله ، إن في من أصبتم الأمهات ، والأخوات ، والعمات ، والخالات ، وحواضنك اللاتي كن يكفلنك وأنت خير مكفول ، ونرغب إلى الله وإليك يا رسول الله .

فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : قد كنت أخّرت توزيع الغنائم بضع عشرة ليلة أملاً في إسلامكم ، وقد وقعت المقاسم مواقعها [[ أي تقاسم المسلمون أموالكم ]] ، فأي الأمرين أحب إليكم أطلب لكم السبي ؟ أم الأموال ؟؟ قالوا: يا رسول الله، فالحسب أحب إلينا ، ولا نتكلم في شاة ولا بعير ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : أما الذي لبني هاشم فهو لكم ، وسوف أكلّم لكم المسلمين وأشفع لكم ، فأعطى المسلمون كل ما بأيديهم، وطلب القليل منهم الفداء .

ونأتي إلى موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - مع (( مالك بن عوف )) قائد جيش هوزان ، فماذا كان مصير مالك بن عوف بعد هزيمة هوازن؟ فقد سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد هوازن عن مالك بن عوف ، ما فعل ‏؟‏ فقالوا ‏:‏ هو بالطائف مع ثقيف ،[[ وهي ليست قبيلته ، فكان عندهم ذليلا منكسرا لأنه سبب فقد نسائهم و أموالهم ]] ،

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ‏:‏ أخبروا مالكا أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله ‏، وأعطيته مائة من الإبل ‏.‏ وعندما علم مالك بذلك خرج إليه من الطائف ، وقد كان مالك خاف على نفسه من ثقيف أن يعلموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له ما قال ، فيحبسوه ، فأمر براحلته ، فهيئت له ، وأمر بفرس له ، فأتى به إلى الطائف ،

فخرج ليلاً ، وجلس على فرسه ، فركضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تُحبس ، فركبها ، ولحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدركه بالجعرانة ، فرد عليه أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل ، وأسلم فحسن إسلامه ؛ فقال مالك بن عوف حين أسلم ‏:‏

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله * في الناس كلهم بمثل محمد
أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدى * ومتى تشأ يخبرك عما في غد

[[ هل يمكن أن يتخيل ذلك أحد ؟! هل يوجد في التاريخ كله قائد منتصر يتعامل بهذا الرقي وهذه الإنسانية مع زعيم الجيش المعادي له ، والمهزوم أمامه ؟ بل على العكس ؛ لقد وجدنا في التاريخ القديم والحديث القادة المنتصرين يتلذذون بمحاكمة وعقاب وإذلال زعماء أعدائهم ]] .

ثمّ أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوظف إمكانات مالك بن عوف القيادية لمصلحة الدولة الإسلامية ،فاستعمله على من أسلم من قومه ، فكان يقاتل بهم ثقيفا ، لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه ، حتى ضيق عليهم ؛ فقال الشاعر أبو محجن الثقفي ‏:‏

هابت الأعداء جانبنا *** ثم تغزونا بنو سلمة
وأتانا مالك بهم *** ناقضا للعهد والحرمة

وقبل عودة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة من الجعرانة ، توجه – عليه الصلاة و السلام - لأداء العمرة، وكانت هذه هي العمرة الثالثة التي يؤدّيها بعد عمرة صلح الحديبية ، وعمرة القضاء ، أما العمرة الرابعة والأخيرة فقد قرنها - صلى الله عليه وسلم مع حجته - وكانت في السنة العاشرة من الهجرة .
ولم يحج النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا العام ، وإنما حج بالمسلمين أمير مكة {{ عَتّاب بن أسيد }} الذي عيّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح مكة أميرا عليها ، وترك معه معاذ بن جبل ، يفقّه الناس في الدين .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-30-21, 09:04 AM   #256
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 243 »
السيرة النبوية العطرة (( إسلام عدي بن حاتم الطائي ))
________
نحن الآن في مطلع العام التاسع للهجرة ويسمّى أيضا {{ عام الوفود }} ، ففي شهر ربيع الآخر من السنة التاسعة أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب ومعه {{ ١٥٠٠ رجل }} من الأنصار إلى قبائل {{ طيء }} وسيدها هو {{ حاتم الطائي }} المعروف في التاريخ والمشهور بالكرم ، وبعد موته أصبح ابنه {{ عدي }} هو سيّد طيء ، وكان قد تنصّر [[ يعني اعتنق النصرانية ولم يلتزمها ، بل كان يخلط بين النصرانية والصابئة ، يعني عامل دينه كوكتيل ]] ، وكان هدف السرية هو {{ هدم صنم طيء}} وكان من الأصنام المشهورة باسم {{ الفلس }} في الجزيرة .

وقد شنّ عليهم المسلون الغارة مع الفجر، وهدموا صنمهم ، واصطحبوا معهم أنعاما كثيرة وسبي، وفرّ قائدهم عدي إلى حلفائه من ملوك الشام ، وأخذ زوجته وولده ، تاركاً {{ أخته سفّانة }} [[ ومعنى سفانة اللؤلؤة ؛ وبها كان يُكنّى أبوها حاتم الطائي لا بولده ، كان يُقال له : أبا سفانة وليس أبا عدي ]] ، فلمّا رأت سفّانة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قامت إليه وقالت :

يا رسول الله ، هلك الوالد، وغاب الوافد {{ تقصد أخاها }} ، فامنن علي من الله عليك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: قد فعلت، فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة، حتى يبلغك إلى بلادك، ثم أخبريني، فأقامت حتى قدم ركب من قضاعة (( قومها )) قالت: فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، قد قدم رهط من قومي، لي فيهم ثقة وبلاغ، وإنما أريد أن آتي أخي بالشام، قالت: فكساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحمَّلني، وأعطاني نفقة ، وقد عاملوني خير معاملة ، فخرجت معهم حتى قدمت الشام .

فلما وصلت إلى أخي أخبرته بما لقيت من رسول الله من كرم وحسن معاملة، وكيف أنه معجبٌ بمكارم أخلاق أبي ؛ وقلت له : أرى أن تلحق به سريعاً، فإن يكن نبياً فللسابق إليه فضله، وإن يكن ملكاً فأنت أنت .

ويروي لنا عدي بن حاتم الطائي – بعد أن أسلم – ما حدث بعد ذلك ،فقال : بُعِث رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - حيثُ بُعِث فكرِهْتُه أكثَرَ ما كرِهْتُ شيئًا قطُّ (( فقد شعر عدي أن الإسلام سحب السيادة من بين يديه )) ،فانطلَقْتُ حتَّى كُنْتُ في أقصى الأرضِ ممَّا يلي الرُّومَ فقُلْتُ : لو أتَيْتُ هذا الرَّجُلَ [[ يقصد محمّدا ]]، فإنْ كان كاذبًا لم يَخْفَ علَيَّ وإنْ كان صادقًا اتَّبَعْتُه.

فأقبَلْتُ فلمَّا قدِمْتُ المدينةَ استشرَف لي النَّاسُ وقالوا : جاء عَديُّ بنُ حاتمٍ جاء عَديُّ بنُ حاتمٍ ، فقال النَّبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لي : يا عَديُّ بنَ حاتمٍ أسلِمْ تسلَمْ . قال : قُلْتُ : إنَّ لي دِينًا ، قال : أنا أعلَمُ بدِينِكَ منكَ - مرَّتينِ أو ثلاثًا - ، ألستَ ترأَسُ قومَك ؟ قُلْتُ : بلى . قال : ألستَ تأكُلُ المِرباعَ ؟[[ أي يحل لنفسه أن يأخذ ربع غنائم الحرب ، فيشرع لنفسه مالا يشرع لغيره ]] قُلْتُ : بلى . قال : فإنَّ ذلك لا يحِلُّ لك في دِينِك . قال : فتضعضَعْتُ لذلك، [[ ارتبكت ]] ،

ثمَّ قال : يا عَديُّ بنَ حاتمٍ ، أسلِمْ تسلَمْ ؛ فإنِّي قد أظُنُّ - أو قد أرى أو كما قال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - أنَّه ما يمنَعُك أنْ تُسلِمَ خَصاصةٌ تراها مِن حولي ، [[ يعني ما بدّك تسلم عشان اللي حولي صحابة بعضهم فقراء ومحتاجين ومن العامة!!]]

ثمّ أكمل – عليه الصلاة و السّلام – قائلا : والذي نفسي بيده لتوشِكُ الظَّعينةُ أنْ ترحَلَ مِن الحِيرةِ بغيرِ جِوارٍ حتَّى تطوفَ بالبيتِ ، [[ أي المرأة على البعير في الهودج تسير في أمان للحج ]] ولَتُفتَحَنَّ علينا كنوزُ كِسرى بنِ هُرْمُزَ[[ أي سينتشر الإسلام ، وهؤلاء الصحابة سيغنمون كنوز الفرس ]]

ولَيَفيضَنَّ المالُ - أو لَيفيضُ - حتَّى يُهِمَّ الرَّجُلَ مَن يقبَلُ منه مالَه صدقةً [[ أي : تَعُمَّ الثَّروةُ في أيدي النَّاسِ جميعًا، فلا يَحتاج أحدٌ إلى الزَّكاةِ، حتَّى يَحزَنَ صاحب المالِ؛ لأنَّه لم يجِدْ مَن يَقبَلُ صدَقتَه ]] ، قال عَديُّ بنُ حاتمٍ : فقد رأَيْتُ الظَّعينةَ ترحَلُ مِن الحِيرةِ بغيرِ جِوارٍ حتَّى تطوفَ بالبيتِ ، وكُنْتُ في أوَّلِ خيلٍ أغارَتْ على المدائنِ على كنوزِ كِسرى بنِ هُرْمُزَ ، وأحلِفُ باللهِ لَتَجيئَنَّ الثَّالثةُ إنَّه لَقولُ رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – لي .

نعم، فقد أسلم عدي بن حاتم الطّائي لما رأى من سماحة الإسلام ، و علوّ شأن محمد – عليه الصلاة و السلام – و أصحابه ، وقد شهد التاريخ حدوث النبوءة الثالثة في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه .

ودائما نقول : إنّ السيرة للتأسّي وليس للتّسلّي ، فما ورد بين عدي و رسولنا – صلى الله عليه وسلم - عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه ،وها نحن اليوم نعيش نبوءة من نبوءات النبي – صلى الله عليه وسلّم - : (( يُوشِكُ الأممُ أن تداعَى عليكم كما تداعَى الأكَلةُ إلى قصعتِها . فقال قائلٌ :
ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغُثاءُ السَّيلِ ، ولينزِعنَّ اللهُ من صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم ، وليقذِفَنَّ اللهُ في قلوبِكم الوهْنَ . فقال قائلٌ : يا رسولَ اللهِ ! وما الوهْنُ ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا وكراهيةُ الموتِ )) .

يا الله !! يا رب العرش !! الطف بحالنا ، يا رب اهدِ شبابنا و بناتنا وابعد عنهم الفتن ‘ يا رب الأمل فيك أن تردّنا إلى دينك ردّا جميلا ، يا رب لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا ، يا رب لا تجعل مصيبتنا في ديننا ، يا رب أرنا عجائب قدرتك في اليهود وأعداء الإسلام و من عاونهم ، يا رب أعِد للأمة الإسلامية مجدها و عزّها ، اللهم عجّل بنبوءة نبيك محمد – صلى الله عليه وسلم – في هلاك اليهود ليعود المسجد الأقصى شامخا عزيزا إلى عرين الإسلام ؛ فقد قال نبينا :

" لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ " .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 05-01-21, 08:57 AM   #257
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 244 »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة تبوك / ج1 " التجهيز للغزوة " ))
________
نحن الآن في بداية العام التاسع للهجرة، ويُطلق عليه أيضا {{عام الوفود }} فقد كان فيه مجيء القبائل العربية لمبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام ، [[ طبعا الوفود لم تنحصر في عام واحد ، فمنذ فتح مكة إلى حجة الوداع والوفود تأتي إلى المدينة تعلن إسلامها ]] ، ومع مجيء هذه الوفود - خاصة التي تسكن على أطراف بلاد الشام - حملت هذه القبائل للنبي – عليه الصلاة و السلام -

أخبارا تفيد بأنّ {{ الإمبراطورية الرومانية }} تحشد جيوشها من الروم و العرب و الغساسنة لغزو الجزيرة ، وهي أخبار في غاية الخطورة، وقد وصلت هذه الجيوش إلى منطقة {{ البلقاء }} وهي المنطقة الموجودة الآن في شمال غرب الأردن [[ ملاصقة للضفة الغربية الفلسطينية]] ، وكان سبب حشد هذه الجيوش هو خوف الإمبراطورية الرومانية من التصاعد السريع لقوة الدولة الإسلامية والرغبة في كسر شوكة المسلمين قبل أن يستفحل خطرها ، خاصة بعد مواجهة {{غزوة مؤتة }} التي أذلّت جيشهم و أوقعت بهم خسائر فادحة ، فأرادت أن تقضي عليها في عقر دارها .


اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - القرار السريع والحاسم بالخروج لقتال الروم في الشام قبل أن يتحركوا هم في اتجاه المدينة ،مع أن الجيش الذي سيظل في مكانه سيتمتع بميزة هامة، وهو أن الجيش الآخر سيصل إليه مرهقا ،لأن المسافة بين المدينة وبين الشام طويلة جدا، تزيد عن {{ 100 كم }} في صحراء قاحلة، وطرق وعرة، وحرارة شديدة ، ومع ذلك اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - القرار بالزحف في اتجاه الشام ، ومع علمه أن الجنود الرومان والغساسنة لا يتحملون التوغل في الصحراء هذه المسافة الطويلة وفي هذه الحرارة العالية .

وكان السبب في زحف النبي إليهم أيضا هو أن عددا كبيرا من القبائل بين المدينة وبين الشام قد دخلت في الإسلام ، فلو بقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة وترك هذه القبائل في مواجهة الجيوش الرومانية فهذا معناه التدمير الكامل لهذه القبائل ،و النبي – عليه الصلاة و السلام – مسؤول أيضا عن أمن هذه القبائل ، وليس فقط المدينة المنورة ، كذلك تحرك الجيش باتجاه الروم هو قوة و إظهار هيبة للمسلمين .

إذن أمر النبي – عليه الصلاة و السلام - الصحابة بالتجهز للقتال، وقد بلغ حبيبنا - صلى الله عليه وسلم - من العمر الآن {{ ٦٢ عاما }} وهذه الغزوة ستكون آخر غزوة له ، وكان الأمر الإلهي قد نزل بقتال الكفار الأقرب فالأقرب ،

قال تعالى : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً }} ، ومعنى {{ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ }} يعني أقرب الكفار من دياركم، والروم في الشام هم الآن أقرب الكفار إلى المسلمين بعد أن فتح الله على المسلمين مكة و الطائف و خيبر و غيرها من المناطق ، كما أرسل – عليه الصلاة و السلام - إلى القبائل العربية التي دخلت في الإسلام، وبعث إلى مكة وقبائل العرب ليستنفرهم للقتال .

ولأول مرة يعلن - صلى الله عليه وسلم – عن وجهة الجيش ، فقد كان من عادته أن يخفي وجهة الجيش حتى يفاجئ أعداءه، ولكن في هذه الغزوة لم يخفِ وجهة الجيش لعدة أسباب ؛ أهمّها :

أن المسافة بعيدة جدا والطرق وعرة والحر شديد، فينبغي أن يستعد المسلمون لذلك بتجهيز المؤن وغيرها، لدرجة أن النبي -صلى الله عليه وسلم - أمر أن يصحب كل رجل معه نعلين ، كذلك فإن الجيش به عدد كبير من الأعراب الذين لم يتمكن الإيمان من قلوبهم، فكان لابد من الإعلان حتى لا تحدث معارضة من هذه الإعداد الكبيرة بعد الخروج ،أيضا إن إخفاء الجيش في هذه الغزوة أمر صعب جدا نظرا لضخامة الجيش وبُعد المسافة . وقد تسارع الصحابة في الصدقة لتجهيز جيش تبوك

(( جيش العسرة )) ، وكانت لأغنياء الصحابة نفقات عظيمة ،كالعباس بن عبد المطلب، وطلحة بن عبيد الله، ومحمد بن مسلمة، وعاصم بن عدي وغيرهم الكثير، وتصدق {{ عبد الرحمن بن عوف}} بنصف ماله، وكانت حوالي {{ ٢٤ كيلو }} من الفضة . وهنا لي وقفة ،،للأسف الكثير من المسلمين يتصورون أن الصحابة كانوا كلهم فقراء ، و محتاجين !! حتى قالوا إن النبي - صلى الله عليه وسلم – مات وهو يعاني الفقر !! كيف ذلك و قد قال لعائشة – رضي الله عنها – في أيام وجعه الذي مات فيه :

" ما فَعلَتِ الذَّهَبُ؟ قُلتُ: ها هو ذِهْ عِندِي يا رَسولَ اللهِ. قال: ائْتِيني بها. وهي بَينَ التِّسعةِ والخَمسةِ، فجَعَلَها في كَفِّه، ثم قال: ما ظَنُّ مُحمدٍ باللهِ لو لَقيَ اللهَ وهذه عِندَه؟ أنفِقيها " . إذن كان عنده ما يكفي حاجته وحاجة أهل بيته ، ولا حاجة لأن يطلب دَينا من أحد .

وقد تصدق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - بنصف ماله كذلك، وكانت ثلاثة آلاف درهم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك ؟ فقال عمر: مثله .

ثم أتى أبو بكر، وتصدق بأربعة آلاف درهم ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما أبقيت لأهلك ؟ فقال أبو بكر: أبقيت لهم الله ورسوله . فقال عمر: لا أسابقك إلى شيء أبدا . وتصدق فقراء المسلمين بما يقدرون عليه، حتى أن بعضهم تصدق ببعض التمر . وبعثت النساء بحليهنّ ليشاركن بتجهيز هذا الجيش .

أما أكبر من أنفق في هذا اليوم فهو {{عثمان بن عفان}} ، وكان عثمان ذا مال كثير والسبب أنه ورث من أبيه المال الكثير، تذكرون جيش أبرهة أصحاب الفيل ؟ كانت أموالهم بعد أن هزمهم الله بالطير الأبابيل غنيمة لأهل مكة ، فكان أبوه ممن جمع من هذا الجيش الغنائم الكثيرة ،فلما مات ورثها عثمان رضي الله عنه.

ويُروى أنّ عثمانُ – رضي الله عنه – جاء إلى النَّبيِّ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ - بألفِ دينارٍ ذهبيّة في كمِّهِ حينَ جَهَّزَ جيشَ العُسرةِ فنثرها في حجر النبي – صلى الله عليه وسلم - حتى يسد حاجة الجيش ، وحاجة من أتى راغبا في الجهاد ولا يجد ما يُحمل عليه ، فقالَ عبدُ الرَّحمنِ بن سمرة : فرأيتُ النَّبيَّ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ - يقلِّبُها في حجرِهِ ويقولُ : ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ ، وكررها مرتين .

ومع كل هذه النفقة فلم تكفِ الأموال لتجهيز كل من أراد الخروج للجهاد في هذا الجيش ، فلم يكن عند المسلمين ما يكفيهم من الجمال و النوق و البعران ، فكان يأتي البعض إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون : يا رسول الله ، احملنا ! فيقول لهم : والذي نفسي بيده لا أجد ما أحملكم عليه ؛

فيبكون من شدة الحزن ، [[ مش ببكوا على خسارة فريقهم بكرة القدم !! ولا على مسلسل تركي مات فيه العشيق !! ولا على واحد فاز في مسابقة غناء أمام لجنة كلها فسق و عري!! كانوا يبكون لأنهم لا يجدون ما يحملهم للذهاب إلى الجهاد في سبيل الله و قتال الأعداء ، ورفع راية الإسلام ، مش رفع راية فريق أجنبي على ظهر السيارة ، و إطلاق الزامور وإزعاج الناس !! لا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم اهدِ شباب المسلمين و بناتهم إلى الخير واتّباع طريق الحق ]] .


وقد سجل القرآن الكريم لأولئك الصحابة هذا الحزن ، وذلك البكاء ، قال تعالى يصف حالهم : {{ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ }} .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 05-07-21, 09:11 AM   #258
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 245 »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة تبوك ج/2 " موقف المنافقين " ))
________
رأينا موقف الصحابة المؤمنين الصادقين في التبرع لتجهيز الجيش، ولنأخذ الآن في المقابل حال المنافقين ؛ فقد قام {{ عبدالله بن سلول رأس المنافقين }} وجمع من هم على شاكلته في النفاق في فناء داره ، وجلس يحدثهم : [[ بلُغتنا اليوم :جلس يعطيهم تحليله السياسي لهذه المرحلة ]] فقال لهم : يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحرّ والبلد البعيد ؟؟!!

يحسب محمد أن قتال بني الأصفر معه اللعب ؟؟ [[ مفكر قتالهم لعبة ]] والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرنين في الحبال ، ولا أرى محمدا ينقلب إلى المدينة أبدا ، إنا لنخشى بني الأصفر ونحن في ديارنا أنذهب إلى ديارهم ؟! {{ بنو الأصفر يقصد الروم : لأن أغلبهم لون بشرتهم وشعرهم أشقر قريب للصفار، كذلك يتعاملون بالذهب في التجارة و اللباس و صناعة الأواني بشكل كبير }}،

وكان يقول ذلك الكلام ليحبط الناس حتى يتخلفوا عن الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

ولقد أورث ابن سلول هذا المعتقد في المنافقين إلى أيامنا هذه ، فالمنافقون و أصحاب القلوب المأجورة في زماننا يُصوّرون جيوش الغرب بأنها عظيمة لا تُقهر، ويبثّون الرّعب و الجُبن في نفوس الناس حتى تبقى أوطاننا و مقدّساتنا تحت سيطرة اليهود !! ونسوا بأن الله ناصرٌ عباده أصحاب القلوب المؤمنة الصادقة المتوكّلة على ربها حق التوكل ، بغض النظر عن العدد و العدّة وهذا ما رأيناه في غزوات النبي – صلى الله عليه وسلم - .

وقد سجّل القرآن الكريم في سورة (( التوبة )) كل أقوال عبد الله بن سلول مع المنافقين ، كذلك أقوال المنافقين مع بعضهم ،وكل ما قالوه من أعذار للنبي – صلى الله عليه وسلم – حتى لا يذهبوا لقتال الروم ، وكان هذا بالتفصيل الذي لا يتوقعه حتى المنافقين أنفسهم ، فقد كشفت السورة كل ألاعيبهم و كذبهم ، وفضحت أمرهم ، وبعثرت خططهم في قرآن يُتلى إلى يوم القيامة ، لذلك من أسماء سورة التوبة : [[ الكاشفة ، الفاضحة ، المبعثرة ، . . . ]] .

ومن الذين طلبوا الإذن من النبي – صلى الله عليه وسلم - وتعلّلوا بعلل واهية و ضعيفة حتى لا يخرجوا للقتال مع جيش العسرة {{ الجد بن قيس }} ، وله ابن صادق مؤمن اسمه عبد الله ، وتقول بعض كتب السيرة : إنّه جاء إلى النبي – عليه الصلاة و السلام – وهو في مسجده وقال له : أتأذن لي يا رسول الله هذه المرة أن أجلس في المدينة ولا أذهب للقتال ؟

فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبتسم : إنك موسر يا جد فتجهز ، تجهز في سبيل الله [[ أي لست فقيرا ، معك مال ، و ليس لك عذر ، تجهّز تجهّز ]] فقال الجد : يا رسول الله إني ذو ضبعة [[ الضبعة هي شدة الشهوة اتجاه النساء ]] ، وأخشى إن رأيت نساء بني الأصفر ألا أصبرعنهن فأُفتتن !! هل رأيتم تفاهته ؟؟ يقول ذلك للنبي في مسجده وبين أصحابه !! يقول الصحابة : فأعرض عنه – عليه الصلاة و السلام - بوجهه وهو مغضب وقال له : قد أذنت لك فلا تخرج .

فلما خرج الجد بن قيس من المسجد ، لحقه ابنه وعاتبه على ذلك بأدب قائلا : يا أبي!! لِمَ تعتذر لرسول الله وقد أكد عليك وقال لك مرتين تجهز تجهز ؟؟ فكيف تخالف رسول الله وتعتذر له بما ليس فيك ؟؟

[[ يعني الولد بيعرف إنه أبوه مش نافع ، وقاعد بيكذب على رسول الله ]] فصرخ أبوه في وجهه وقال : اسكت ، لأنت أشد عليّ من محمد ، فأنا أعلم منك بالدوائر ، ولن يصمد محمد ومن معه أمام جيش الروم ، ولن يعودوا إلى المدينة أبدا . فأنزل الله تعالى فيه قوله : {{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي ۚ أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ۗ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ }}

[[ لا تفتني يعني لا تبتليني برؤية نساء بني الأصفر ]] . إذن ، فإنّ من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة طلب السلامة من فتنة لم تقع بعد، فقد وقع في فتنة كبرى، ألا وهي ترك ما أوجبه الله تعالى عليه من الاحتساب. وقيل في رواية أخرى إن الجد بن قيس لما امتنع و اعتذر قال للنبي: أعينك بمالي، فأنزل الله تعالى : {{ قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم }} .

وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم - يأذن لهؤلاء المنافقين لأنه لا يريدهم في الجيش، فهم يثبطون الجيش؛ ولكن الله تعالى عاتب الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -

لأنه أعطى الإذن لهؤلاء فقال تعالى : {{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ * لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ }} ، هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذه ؟؟ بدأ بالعفو قبل المعاتبة ، لكي لا يؤلم قلب حبيبه - صلى الله عليه وسلم .

ليس هذا فحسب ؛ بل كان المنافقون يحاولون تثبيط المسلمين عن النفقة فعندما يجدون أحد أغنياء المسلمين يتصدق بالأموال الكثيرة يقولون : ما فعل هذا إلا رياء !! وعندما يتصدق بعض الفقراء بالأموال القليلة يقولون : إن الله لغني عن هذه الصدقة!!

فنزل قول الله تعالى في سورة التوبة : {{ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }} . [[ يلمزون يعني يعيبون ]] . كذلك كان المنافقون يثبطون الناس عن الخروج والغزو ويتعللون بقوّة العدو، والحر الشديد في الصحراء ، فقال الله تعالى مخبرا عنهم : {{ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }} .

تجهز جيش المسلمين وبلغ تعداد الجيش {{٣٠ ألف }} مقاتل ، وأطلق على هذا الجيش {{جيش العسرة}} لأن الخروج في هذا الجيش كان أمرا عسيرا وشاقا ، والجزاء دائما على قدر المشقة ، ومن أسباب الصعوبة الشديدة في الخروج إلى تبوك ، قوة العدو وشدته، وتفوقه في العدد والعدة فكان عددهم {{١٠٠ ألف }} ، كذلك بُعد المسافة ؛ فهي أكثر من {{ 1000 كم }}، كذلك قلة المؤن من الطعام والشراب ، أيضا قلة المطايا و الدواب التي سيمتطيها المقاتلون ، أضف إلى ذلك شدة الحر، فالوقت الذي خرج فيه الجيش هو فصل الصيف ووقت جني الثمار، والمدينة بلد زراعي، وأغلب أهلها يعملون بالزراعة

خرج النبي على رأس الجيش، في يوم الخميس ،غرّة رجب من السنة التاسعة للهجرة ، وكان عمره كما قلنا ٦٢عاما ، واستعمل على المدينة الصحابي {{ محمد بن مسلمة}} ، وخلف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهله {{علي بن أبي طالب}} رضي الله عنهما و أرضاهما .

وانطلق الجيش باتّجاه الروم ، وأخذ المنافقون ينسحبون واحداً تلو الآخر فكانوا يتخلفون عن الجيش، ويعودون إلى المدينة، فكان كلما تخلف واحد قال الصحابة : يا رسول الله ، تخلف فلان [[ يعني رجع ]]

فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " دعوه ، إن يك فيه خير فسيُلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه " . وكان أن بقي بعض المنافقين في الجيش رغبة في الغنائم ، ورهبة في أن يكشف القرآن نفاقهم ، وقد وقع ما كانوا يخشونه ! فحدث أن قال بعضهم لبعض : أيظن محمّدٌ أن يفتح قصور الروم وحصونها ؟؟!! هيهات هيهات . فأطلَع الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما قالوا ، فقال : علي بهؤلاء النفر . فدعاهم ، فقال : قلتم كذا وكذا . فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب . فنزل قوله تعالى : (( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب )) .
ومن المواقف التي أظهرت هؤلاء المنافقين أيضا ، الموقف الذي كان عندما ضلت ناقة الرسول – صلى الله عليه وسلم - أثناء الطريق ، خرج بعض الصحابة في طلبها ، فقال أحد المنافقين وهو (( زيد بن اللصيت )) :

[[ واللصيت معناها عند العرب تصغير واحتقار لوصف اللص ]] ، أليس محمد يزعم أنه نبي يخبركم خبر السماء وهو لا يدري أمر ناقته ؟! فلما علم النبي ذلك عن طريق الوحي قال: " إني والله ما أعلم إلا ما علمني الله ، وقد دلني الله عليها وهي في الوادي قد حبستها الشجرة بزمامها " ،

فانطلقوا و جاءوا بها . وكان هذا المنافق في خيمة الصحابي (( عمارة بن حزم رضي الله عنه )) ، فقام عمارة بإخراجه من الخيمة عندما عرف نفاقه ؛ لأن المرء على دين خليله ، و الصّاحب ساحب ، ومن جالس جانس .
يتبع ....
اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 03:37 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا