منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


من تاريخ هذا اليوم أي إساءه مهما كان نوعها أو شكلها أو لونها تصدر علناً من عضو بحق عضو أو مراقب أو إداري أو حتى المنتدى سيتم الإيقاف عليها مباشره وبدون تفاهم :: قرار هام ::

Like Tree27Likes
موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-05-21, 08:12 AM   #235
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 222 »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة ذات الرقاع ، والسرايا التي بعدها ))
________
أتذكرون قبيلة غطفان ؟ وكم مرة غدروا بالمسلمين ؟؟ أتذكرون دورهم و خيانتهم للمسلمين ، وكيف تآمروا مع قريش في غزوة الأحزاب ؟؟ بعد غزوة خيبر، قرر الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - تأديب {{ غطفان }} وبعض القبائل التي تأمرت على المدينة ، فلم تكن هناك لحظة ضائعة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحياة هذا الجيل من الصحابة، وهذا يفسر لنا هذا الكم الهائل من الأحداث والإنجازات التي وقعت في تلك الفترة القصيرة .

غطفان هي مجموعة كبيرة من القبائل الشرسة المرتزقة الذين يعيشون على السلب والنهب وقطع الطرق ؛ وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سمع باجتماع قبيلتين من غطفان وهما {{ بني أنمار }} و {{ بني مُحارب }} وأنهما تريدان الإغارة على المدينة ؛ فخرج - صلى الله عليه وسلم - بنفسه إلى ديار غطفان على بعد 300 كم من المدينة ، في جيش قوامه {{٧٠٠ }} مقاتل ، وهو عدد قليل نسبيا في مواجهة غطفان ؛

لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يريد ترك المدينة بلا جيش يحميها ، ولم يكن مع المسلمين سوى {{ ٦٠ أو ٧٠ بعير }} ، فكان كل ستة من الصحابة يتناوبون ركوب البعير الواحد ، وسار الرسول – عليه الصلاة و السلام - مسافة كبيرة بجيشه في عمق الصحراء ، والصحابة يسيرون على أقدامهم، حتى بليت نعالهم ، وأخذوا يلفون الخرق وقطع القماش على أقدامهم ، فلذلك سميت هذه الغزوة {{ بذات الرقاع }} .

وعندما وصل الجيش الإسلامي إلى ديار غطفان ، كانت الظروف كلها في صالح غطفان : فأعدادهم كبيرة، والمعركة في ديارهم، وفي الطرق والدروب التي يعرفونها جيدا ، والمسلمون أعدادهم قليلة، ومرهقون من السير في الصحراء ، ومع كل هذه الظروف فإن غطفان أصابها الرعب وانسحبت من أمام المسلمين ، وهذا هو الإعداد الذي أمر الله به نبيه ، لا كما يفهمه الناس اليوم

قال تعالى :{{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}}الإعداد هنا القوة الإيمانية ومعطوف عليها رباط الخيل هو السلاح.
فالإيمان الصادق يهز قلوب الأعداء و أذنابهم ، وكان - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ذات الرقاع قد كسر الجناح الثالث ممن اشتركوا في غزوة الأحزاب ( اليهود وقريش و غطفان ) .

ولم ينته الأمر عند ذلك ، بل أرسل – صلى الله عليه وسلم - عدة سرايا متتالية إلى قبائل غطفان وغيرها ، ولم تجترئ قبائل غطفان بعد غزوة ذات الرقاع وبعد هذه السرايا أن ترفع رأسها مرة أخرى أمام المسلمين .

ومن هذه السرايا {{ سرية أبي بكر الصديق }} إلى {{ بني فزارة }} وهم يتبعون لغطفان ، وقد أغاروا عليهم بعد صلاة الفجر و غنم منها المسلمون ورجعوا . ومنها أيضا {{ سرية عمر بن الخطاب }} إلى {{ هوازن }} ، فلما وصل الخبر إلى هوزان هربوا جميعا من الخوف .

ومنها أيضا {{ سرية غالب بن عبد الله الليثي }} إلى {{ بني عوال و بني عبد بن ثعلبة }} في ناحية نجد ، حيث قتلوا جمعا من أشرافهم ، واستاقوا الأنعام ، ولم يأسروا أحدا . وفي هذه السرية يقول أسامة بن زيد [[ أسامة يعتبر عند رسول مثل ابن ابنه ، أبوه زيد بن حارثة ، تربى في بيت النبي وكان يُطلق عليه زيد بن محمد ، فأبطل الله التبني ولكن بقيت المشاعر كما هي ]] .

يقول أسامة : كان رجل من القوم اسمه {{ نهيك بن مرداس }} يقاتل بقوة وشجاعة ، فعندما هُزموا؛ تبعته أنا ورجل من الأنصار، فرفعت عليه السيف فقال : لا إله إلا الله ، فكفّ الأنصاري [[ أي توقف عن قتله ]] ، يقول أسامة : فطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمت المدينة استقبلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بفرح ، وأخذ الصحابة يحدثونه عن أسامة وبطولته ، فهو شاب صغير، ومحبوب عند النبي عليه الصلاة و السلام .

ثم قالوا : يا رسول الله لو رأيت ما فعل أسامة !! لقد قتل رجلا من أشجع القوم وكان قبلها الرجل ينطق ب {{ لا إله إلا الله }} فشد عليه أسامة فقتله ، [[ هم يظنون أن هذا العمل بطولي لأسامة ]] ،

يقول الصحابة : فما راعنا إلا والنبي - صلى الله عليه وسلم - رفع رأسه الشريف ، وصاح بأسامة غاضبا : يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟؟ فقال أسامة رضي الله عنه: إنما قالها خوفا من السلاح [[ أي لم يؤمن ، قالها خوفا ولم يقصد الإيمان ]] !!

فقال له النبي : فهلا شققت عن قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب‏ ؟‌‏؟!! أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟؟ !!!!

قال أسامة : فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم [[ يعنى تمنى لو كان قد أسلم بعد هذا اليوم لأن الإسلام يجبّ ما قبله ]]
وذلك حتى تعلموا يا خير أمة كيف أن دم المؤمن عند الله عظيم !! وقد شدَّد الإسلام في الحفاظ على النفس البشرية وحُرمتها، وجاءت التشريعات في ذلك عامة تشمل كلَّ إنسان، وما كان ذلك إلا لأن


الله كرَّم الإنسان وفضَّله على سائر المخلوقات. قال تعالى :

(( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا )) . وقال تعالى: (( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا )) . وقال – صلى الله عليه وسلم - : (( إنَّ بيْنَ يدَيِ السَّاعةِ الهَرْجَ، قالوا: وما الهَرْجُ؟ قال: القَتلُ )) .

أهٍ يا رسول الله !! فنحن في زمان قد كثُر فيه القتل ، بل أبشع أنواع القتل !! فقد رأينا الابن يقتل أباه! والأخ يقتل أخاه ! و الجارُ يقتل جارَه ! والصديق يقتل صديقَه ! والأمّة المسلمة تستحل دماء بعضها البعض !!! فقد رُمّلت النساء من كثرة القتل في الحروب ، ويُتّم الأطفال ، واغتصبت المسلمات ، و دُنّست المقدّسات !!!

نسأل الله العظيم أن يُعيد إلى أمّتنا سبيل الرشاد ، و أن يُبعد عن أبنائنا و بناتنا الفسق و الفجور و الزنا و القتل و المخدّرات، وأن يُحبّب الإيمان في قلوبهم .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-07-21, 07:20 AM   #236
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب «223»
السيرة النبوية العطرة (( عمرة القضاء ))
________
مر عام على {{ صلح الحديبية }} ، وقد كان من شروطه ألا يدخل المسلمون مكة لأداء العمرة ذلك العام ؛على أن يعودوا في العام المقبل لأداء العمرة ، ويدخلون مكة بسيوفهم فقط ، ويمكثون في مكة ثلاثة أيام فقط ، ثم يخرجون بعد ذلك ، وتترك قريش لهم مكة هذه الأيام الثلاث . وفي ذي القعدة من السنة السابعة أعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيخرج لأداء العمرة ، و أن لا يتخلف عنها أحد شهد الحديبية ، وكانت ثاني عمرة يقوم بها - صلى الله عليه وسلم - ؛ فالأولى هي عمرة الحديبية ووقع أجرها - بإذن الله - بالرغم من عدم دخول مكة ، و الثانية هي ( عمرة القضاء ) موضوع حديثنا في هذا الجزء ، و الثالثة بعد فتح مكة عندما رجع من غزوة حنين ، و العمرة الرابعة مقرونة بحجه - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع .

وعمرة القضاء أو عمرة القضية أو عمرة الصلح [[ سمّيت بهذه الأسماء لأن النبي قاضى قريشا عليها، أي صالحهم عليها ]] خرج فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه {{ ٢٠٠٠ من الصحابة }} غير النساء والصبيان ، وقد أحرم المسلمون من {{ ذي الحلفية / آبار علي الآن }} وبدؤوا التلبية طوال عشرة أيام في طريقهم إلى مكة، وقلدوا وأشعروا الهدي

[[ شرحنا من قبل : قلّد أي جعلوا شيئا من جلد على عنق الناقة ، و أشعر أي جرح سنام الناقة ،وأخذ من دمها ودهن شعرها منه ]] ، ليعلم الناس أن هذه الإبل للهدي فلا يعتدي عليهم أحد . وعندما خرجوا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه أن يخرجوا بالسلاح الكامل ؛ وهي السيوف والرماح والسهام والدروع وغير ذلك ،ولم يخرجوا بالسيوف فقط لأنّه – عليه الصلاة والسلام - كيّسٌ فطن ، ولا يأمن مكر قريش ، وفي نفس الوقت أراد إظهار قوّة و عزّة المسلمين .

وحتى يسير على الاتفاق أبقى على السيوف في أغمادها مع المسلمين ، وجعل باقي الأسلحة مع مئتي صحابي يحرسونها عند (( التّنعيم )) ، وكان هؤلاء الصحابة يتناوبون مع المعتمرين في حراسة الأسلحة .

فلما اقترب - صلى الله عليه وسلم - من مكة لأداء مناسك العمرة ؛هنا قامت قريش بترك مكة كما كان الاتفاق في الحديبية ، وخرج أهلها إلى جبال مكة .
دخل - صلى الله عليه وسلم - مكة راكبا على ناقته {{ القصواء }} وحوله الصحابة وهم يقولون في مشهد رائع ، و بصوت اهتزت له مكة كلها :

لا إله إلا الله وحده [[ يعلن التوحيد رغم أنف قريش وتنكيلاً بآلهتم ]] ، صدق وعده [[ لأنه وعدنا وقال : {{ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ }} فهذا الوعد قد حصل ]] ونصر عبده [[ لأن صلح الحديبية كان فتحا ونصرا ]] وأعز جنده [[ أي المؤمنين ؛ لأن عزتهم ممتدة من الله ]] وهزم الأحزاب وحده [[ يذكرهم بيوم الأحزاب ، وكيف هزمهم الله بالريح ، وهي جند من جنود الله ]] .

أتذكرون ؟؟ خرج صلى الله عليه وسلم قبل {{ ٧ }} سنوات مهاجرا من مكة مع أبي بكر متخفياً ، واليوم يدخل مكة معتمراً على ناقته القصواء وحوله ٢٠٠٠ من أصحابه يلبّون ويكبّرون على مسمع قريش !! سبع سنوات فقط من العمل للدعوة كان نتيجتها هذه العزة و القوة للمسلمين !! ونحن اليوم على ديننا ، وأخرجنا من ديارنا بظلم وبغي ، ومضى علينا أكثر من {{ ٦٠ عاما }} فماذا فعلنا ؟؟ و إلى أين وصلنا ؟ وماذا قدّمنا تجاه عدوّنا ؟؟ اللهمّ أعز الإسلام و المسلمين ، وانصر عبادك المستضعفين .

ولما اقترب – صلى الله عليه وسلم - من الكعبة نزل عن راحلته ، واقترب منها وراع الصحابة شيء جديد ، وهو أنّ الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يكشف عن كتفه الأيمن ، ما يسمى {{ بالاضطباع }} ،

وهو أن يجعل الرداء أسفل المنكب الأيمن، وتبقى الكتف اليمنى مكشوفة ، وقال بصوت مرتفع ومسموع : رحم الله امرءاً أراهم اليوم من نفسه قوة ، [[ وهذا رد عملي على دعاية قريش أنّ المسلمين سيطوفون بالبيت وقد تعبوا {{ أوهنتهم حمّى يثرب }} فكشف عن كتفه بهدف إظهار قوة المسلمين ]] ،

ثم دنا واستلم الركن ، ثم رأوا شيئا جديداً آخر من رسول الله!! يستلم النبي الحجر الأسود ويقبله ثم يرمل رملا [[ هرولة ]] وليس مشيا كباقي الناس ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته {{ بالرَّمل }} وهو الهرولة في الأشواط الثلاثة الأولى من الطواف ، ولم يأمرهم بالرمل في بقية الأشواط شفقة عليهم .

وبقي {{ الرمل والاضطباع }} من سنن الطواف المستحبة ، فلما رأى المشركون المسلمين وهم يطوفون بهذه السرعة وكانوا على الجبال : أهؤلاء الذين زعمتم أنّ الحمّى قد أوهنتهم ؟؟ لا والله ، هؤلاء أجلد من كذا وكذا ، وترك ذلك أثرا كبيرا في المشركين .

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تقبيل الحجر الأسود و الهرولة {{ سُنّة }} ، والنهي عن إيذاء المسلم {{ واجب }} ، ومزاحمة المرأة للرجال والاحتكاك بهم و التلامس معهم {{ مُحرّم }} ، فلا يجوز


لك كمسلم أن تؤذي الناس وتدافعهم لتقبل الحجر الأسود ، ولا يجوز للمرأة مزاحمة الرجال لتطبق السنّة ، يعني : {{ لا تُقدّموا السُنّة على الوقوع في المحظور }}

وبعد أن انتهى من الطواف – عليه الصلاة و السلام - صلى ركعتين عند مقام إبراهيم ، وشرب من زمزم ، ثم مضى للمسعى ، وجاء إلى الصفا أولاً ، وقرأ قوله تعالى : {{ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا }} ،

فلما رقى الصفا ، استقبل الكعبة حتى إذا وقع نظره على الكعبة رفع يديه وقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده . ورددها أصحابه من خلفه بصوت عال حتى سمعتها كل أهل مكة ، وارتج المسعى بصوتهم ، ثم سعى سبعة أشواط ورمل بين الميلين [[ الضوء الأخضر في المسعى ]].

وعندما انتهى عند المروة ، قدموا له الهدي فنحر ، ثم دعا حالقه فحلق له رأسه [[ كما فعل يوم الحديبية أتذكرون ؟؟ ]] ،

وهو أجمل الناس خَلقاً وأجلهم خُلقاً ، وقريش تنظر إليه و إلى أصحابه من أعلى الجبال ، وقد سطعت مكة كلها بنوره المحمدي وهيبته ، وكانت أعمال هذه العمرة سبب إعجاب الكثير من قريش بهذا الدين ، ومنهم خالد بن الوليد سيف الله المسلول ، وسنذكر إسلامه إن شاء الله . ومن قريش من قال : لِمَ نكابرعلى أنفسنا ، حقاً إن محمداً ليس كالبشر !!!! {{ صلوا على حبيبكم المصطفى ، صلوا عليه وسلموا تسليما }} ، وكانوا لا يستطيعون أن يعلنوا ذلك ، فلما أسلموا أخبروا الصحابة ، بما قالوا في أنفسهم .

ثم أخذ الناس يحلقون ويقصرون ، فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر وقال : هل صدقك الله وعده يا ابن الخطاب ؟؟

فقال عمر : أشهد أنك رسول الله ، وصدق الله تعالى وعده ، وهذا يقيني بالله ، فقد نزلت هذه الآيات قبل عام :
{{ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا }} .

ثم حلّ إحرامه – عليه الصلاة و السلام - واغتسل ، ولبس ثيابه . وانظروا إلى خلقه - صلى الله عليه وسلم - فهو خير من وفّى بعهد ، فهو لم يستفز أحدا من قريش ، وطاف بالبيت والأصنام حوله هو و الصحابة ؛ ولم يعثروا بصنم ولم يحركوه من مكانه ، وعندما أراد أن يرفع الأذان لم يقل لبلال اصعد على الكعبة ، بل قال : يا بلال ارق الصفا فأذّن للظهر، فصعد بلال الذي هو في نظر قريش عبد لا قيمة له، ونادى بلال على مسمع قريش كلها ولأول مرة في مكة : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر [[ تخيلوا أنكم تسمعون الآن الأذان بصوت بلال ؛ ذلك الصوت الجميل، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم ]] ، وقريش الآن تسمع هذا العبد الذي كان يُعذّب على رمال مكة الحامية ، وقد أصبح الآن عزيزا بالإسلام ، وكل من كان الله معه فهو عزيز في الأرض وفي السماء .

أذّن بلال ، وصلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يعطيهم الدروس الميدانية ، والحكمة من كل عمل من أعمال العمرة ، ولقد تأثر الكثير من المشركين بمنظر هذه الجموع من المسلمين ، ومدى تمسّكهم بالدّين الإسلامي ، وفاضت عيون البعض من الدمع ؛ مما عرفوا من الحق واليقين .
قضى – عليه الصلاة و السلام - اليوم الأول والثاني في مكة ، وفي اليوم الثالث جاءه عمه العباس - رضي الله عنه - يحدثه عن أخت زوجته " ميمونة " - رضي الله عنها – ورغبتها في الزواج منه . . .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-09-21, 06:40 AM   #237
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 224 »
السيرة النبوية العطرة (( أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث ))
________
كانت ميمونة – رضي الله عنها - قد أسلمت في مكة وكتمت إيمانها ، ومات زوجها خلال أعوام هجرة المسلمين ، وكان عمرها {{ ٢٦ عاما }} ، وكان اسمها (( برّة )) ، لجأت لبيت {{ العباس }} – رضي الله عنه - لأنه زوج لبابة أختها ، و كان يقيم في مكة و يكتم إيمانه . وعند قدوم النبي – صلى الله عليه وسلم - إلى مكة تحدثت ميمونة إلي أختها أم الفضل - زوجة العباس - برغبتها في الزواج من النبي – صلى الله عليه وسلم – و الهجرة إلى المدينة المنورة ، ولم يتردد العباس في تبليغ هذه الرسالة لرسول الله ، فعرض عليه الزواج من السيدة ميمونة .

استجاب النبي - صلى الله عليه وسلم – لكلام عمه العباس رغبة في إسلام {{ قبيلة بني هلال }} إحدى أهم القبائل في قريش ، والتي منها ميمونة بنت الحارث ، وبالفعل بعد هذا الزواج بدأ أهل هذه القبيلة يدخلون في الإسلام تباعا ، ومنهم – خالد بن الوليد – ابن أخت ميمونة .

بعث – عليه الصلاة و السلام - ابن عمه جعفر بن أبي طالب (( زوج " أسماء " أخت ميمونة الصغرى )) لكي يخطبها من العباس – رضي الله عنه -باعتبار العباس وليّها الآن، وتمّ عقد الزواج ،ولم يتم البناء ( الدخول ) ، وكان ذلك بعد فراغه من عمرة القضاء في اليوم الثالث و الأخير من المدة التي اتفق عليها الرسول مع المشركين للعمرة .
وقد أراد النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يؤلّف قلوب قريش و يعمل وليمة عرسه في مكَّة، فطلب تمديد المهلة يوما وقال : ما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم ، وصنعنا لكم طعامًا فحضرتموه ؟

ولكنهم رفضوا ذلك وقالوا له : لا حاجه لنا بطعامك ، وأبوا ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرحيل فورا حفاظا على العهد مع قريش ، فخرج الجميع إلى (( سرف )) وهو موضع قرب التنعيم ، يبعد عن مكة عشرة أميال ، وهناك أقام المسلمون أياما ، وَبَنَى النبي – عليه الصلاة و السلام – بميمونة و أولَم لها ، وكان عمرها عندئذٍ 26 عامًا .

ومنذ هذه اللحظة سماها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - [[ ميمونة بدلاً من برّه ]] اسمها الأول ؛ لأن زواجه بها كان مناسبة ميمونة ، ودخلت السيدة ميمونة بيت النبي – عليه الصلاة و السلام - وهي سعيدة بما أنعم الله عليها من الزواج بسيد البشر وأفضل خلق الله . وكانت ميمونة - رضي الله عنها - مثلاً عاليًا للصلاح ورسوخ الإيمان . تشهد أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - على ذلك بقولها : ".. إنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم". وعاشت أم المؤمنين ميمونة إلى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - وعندما شعرت باقتراب أجلها ؛ طلبت أن تدفن في المكان الذي تزوج بها النبي في سرف ، رضي الله عنها و أرضاها .

ومما حدث في عمرة القضاء ، وأثناء رحيل النبي - صلى الله عليه وسلم – بعد عمرة القضاء ، حدث أن تبع المسلمون فتاة صغيرة وهي {{ عُمارة بنت حمزة بن عبدالمطلب }} في السابعة من العمر تقريبا ، أبوها حمزة سيد الشهداء وأسد الله ورسوله ،[[عندما هاجر حمزة لم تكن زوجته قد أسلمت ، فلم تتبعه ، وكان له منها ابنة واحدة ]] وبما أن كنيته أبو عمارة ، اشتهر هذا الاسم على ابنته ، فكانوا يقولون لها عُمارة ، ولكن اسمها الحقيقي {{ أمامة بنت حمزة }}.

عندما علمت أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم – و المسلمين سيعودون إلى المدينة ، خرجت و وقفت في الطريق ونادت بأعلى صوتها : يا عم يا عم [[ لان أباها حمزة -رضي الله عنه - هو أخو النبي بالرضاعة ، فقد أرضعتهما ثويبة جارية أبي لهب التي أعتقها عمه أبو لهب يوم بشرته بولادة النبي - صلى الله عليه وسلم - ]] . فكلم علي النبي – عليه الصلاة و السلام – قائلا : علام نترك ابنة عمنا يتيمة بين المشركين ؟؟ فلم ينهه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إخراجها .

وعندما وصلوا اختصم علي و جعفر و زيد بن حارثة في كفالتها ،فقال زيد بن حارثة : أنا أحق بها لأنها ابنة أخي (( كان عليه الصلاة و السلام قد آخى بينه و بين حمزة )) ، فلما سمع بذلك جعفر بن أبي طالب قال : الخالة والدة وأنا أحق بها (( خالتها أسماء زوجة جعفر )) . ثم قال علي : ألا أراكم تختصمون في ابنة عمي وأنا أخرجتها من بين أظهر المشركين ، وليس لكم إليها نسب دوني وأنا أحق بها منكم؟؟!! (( هي بنت عمّه )) ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

أنا أحكم بينكم ، أما أنت يا زيد فمولى الله ورسوله ، وأما أنت يا علي فأخي وصاحبي ، وأما أنت يا جعفر- يا شبيه خلقي وخلقي - أولى بها ؛ لأن تحتك خالتها ، ولا تنكح المرأة على خالتها ولا على عمتها ، فقضى بها لجعفر. وكان أول شيء فعلته عمارة أنها ذهبت إلى قبر أبيها لزيارته .

وبعد مدّة زوّجها رسول الله – صلى الله عليه وسلم - سلمة بن أبي سلمة ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : هل جزيت سلمة .

وهكذا كان الصحابة يتنافسون على كفالة اليتيم ، لما يعلمون من أجر كبير أعدّه الله لكافل اليتيم ، وكانت الكفالة حقيقية ؛ أي يكون اليتيم في بيتك ، ومع أبنائك، فينشأ نشأة طبيعية، كما نشأ النبي - صلى الله عليه وسلم – القائل :
(( أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وأَشارَ بالسَّبَّابَةِ والوُسْطَى، وفَرَّجَ بيْنَهُما شيئًا )) .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-09-21, 06:44 AM   #238
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 225 »
السيرة النبوية العطرة (( إسلام خالد بن الوليد ، وعثمان بن طلحة ، وعمرو بن العاص ، رضي الله عنهم ))
________

أول حدث في شهر{{ صفر}} من السنة الثامنة للهجرة كان إسلام ثلاثة من عمالقة قريش وهم : خالد بن الوليد [[ فارس قريش ]] و عمرو بن العاص [[ كان يسمّى داهية العرب ]] ، و عثمان بن طلحة [[ من وجوه أهل مكة ]] ، وهذا الحدث من أعظم الأحداث ، ونصر من أكبر انتصارات الإسلام ، ونقطة فارقة في التاريخ الإسلامي ، فقد أسلم بإسلام هؤلاء كثير من أهل مكة ، واتّبعوا دين الحق، وبذلك قويت شوكة الإسلام، وأصبح فتح مكة على الأبواب .

نبدأ مع سيف الله المسلول أبي سليمان ( خالد بن الوليد – رضي الله عنه - ) ؛ فعندما أوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة كان خالد شاباً عمره {{ ٢٧ عاما }} ، وعندما أسلم كان عمره {{ ٤٧ عاما}} ، فقد بقي خالد عشرين عاما كاملة يرفض الإسلام ويحارب المسلمين ، وكان سبب رفضه وعداوته للإسلام طوال هذه الفترة أنه من بيت يكره الإسلام :

فأبوه هو {{ الوليد بن المغيرة ، سيد بني مخزوم }} ومن أغنى أغنياء قريش، ومن أشد قريش عداوة للنبي - صلى الله عليه و سلم – وقد ذكرنا ذلك في العهد المكي ، كذلك كان لخالد بن الوليد مكانته في الجيش المكي ؛ فهو قائد فرسان قريش ، وكان يخشى على مكانته أن تضيع إذا دخل في الإسلام .

وكان هناك أسباب كثيرة لإسلام خالد بن الوليد ، تذكرون عندما شاهد المسلمين وهم يصلون ويسجدون في صلح الحديبية، ولم يستطع الانقضاض عليهم،وقال : إنهم ممنوعون [[ أي إن الله تعالى يمنع ويحمي هؤلاء ]] ؟؟


كذلك كانت {{عمرة القضاء }} قد تركت أثراً كبيرا في نفوس الكثير من مشركي قريش : فهذا محمد الذي ترك مكة ، وهاجر إلى المدينة هو وأصحابه المستضعفون خفية ، والخوف يملؤ قلوبهم من قريش التي نكّلت بهم و عذّبتهم ؛ هاهم الآن يدخلون مكة محرمين ملبّين ، ويطوفون بالبيت بكل عزة نفس وكبرياء . . . هذا المشهد المهيب ، وهذا السر في انتشار الدين الإسلامي ، والتفاف الناس و القبائل حول محمد بن عبد الله الذي قضى على اليهود و جعل قريشا ترضخ لشروط الحديبية ، كل هذا وغيره حرّك تفكير الكثير من كفار قريش ، ومنهم الآن خالد بن الوليد ، وعثمان بن طلحة والكثير الكثير .
وتروي كتب السيرة عن خالد بن الوليد - رضي الله عنه – أنه روى قصة إسلامه و إسلام عمرو بن العاص و عثمان بن طلحة ، حيث قال :

(( لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة في عمرة القضاء ، تغيبتُ ولم أشهد دخوله، فكان أخي [[ الوليد بن الوليد ]] قد دخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة القضاء، فطلبني فلم يجدني، وكتب إليَّ كتاباً فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد: فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك!! ومِثْلُ الإسلام يَجْهَلُهُ أحد؟!

[[ يعني لا يوجد أحد عاقل لا يدخل الإسلام ]] وقد سألني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنك، فقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مِثْلُهُ جهل الإسلام، ولو كان جعل نِكَايَتَهُ وَجِدَّهُ المسلمين على المشركين كان خيرا له ، و لقدّمناه على غيره، فاستدرك يا أخي ما قد فاتك، وقد فاتتك مواطن صالحة. . . .

ويتابع خالد كلامه : فلما جاءني كتابه نشطت للخروج ، وزادني رغبة في الإسلام ، وسرني سؤال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عني . فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: من أُصاحب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فذهبت إلى صفوان بن أمية فأنكر عليّ ذلك !! كذلك فعل عكرمة بن أبي جهل !! فلقيت (( عثمان بن طلحة )) ،

أتذكرون شهامة هذا الرجل ؟؟ [[عندما هاجرت أم سلمة لم يتركها تهاجر وحدها ، وخرج ماشياً على قدميه حتى أوصلها وابنها المدينة المنورة ، ثم رجع . وقلنا إنّ له سابقة خير، فهداه الله للإسلام . وكان ينتظر من يقوّي عزيمته للذهاب إلى المدينة المنورة ، و مبايعة النبي – صلى الله عليه وسلم - ]] .

فانطلقت مع عثمان بن طلحة حتى انتهينا إلى الهدة [[ منطقة بين الطائف و مكة ]] ، فوجدنا (( عمرو بن العاص )) بها، قال : مرحباً بالقوم، فقلنا: وبك، فقال: إلى أين مسيركم يا أبا سليمان ؟ فقلنا: وما أخرجك؟ فقال عمرو بن العاص : وما أخرجكم؟ قلنا: الدخول في الإسلام ، واتباع محمد - صلى الله عليه وسلم -

فقلت والله لقد استقام المنسم (تبين لي الطريق ووضح)، وإن الرجل لنبي [[ يقصد محمدا ]] ، اذهب فأسلم . فقال عمرو بن العاص : والله ما جئتُ إلا لأسْلِم .

[[ وكان عمرو بن العاص فيما ترويه كتب السيرة قد توجّه هو و بعض الرجال إلى النجاشي بعد غزوة الأحزاب و انتصار وعلو الدين الإسلامي ، وقال لمن معه : رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده، فإن ظهر ( انتصر ) محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فأن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد

( ولم يمكن يعلم عمرو بإسلام النجاشي ) ، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرف، فلن يأتينا منهم إلا خير. لكنّ عمرو بن العاص فوجئ بالنجاشي يعرض عليه الإسلام ، فأسلم و كتم إسلامه عن أصحابه ، وذهب لمبايعة النبي – صلى الله عليه و سلم – على الإسلام ، و في الطريق ؛ و عند منطقة الهدة التقى مع خالد بن الوليد و عثمان بن طلحة رضي الله عنهم جميعا ]] .

ويتابع خالد بن الوليد حديثه قائلا : فقدمنا المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلقينا بوجه مبتسم ، و استقبلنا خير استقبال ، وبايعناه على الإسلام ، فحمد الله على هدايتنا ، و أخبرنا أنّ الإسلام يجبّ (يمحو) ما قبله )).
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم – في خالد بن الوليد: ( نِعْمَ عبدُ الله!

خالد بن الوليد ، سيف من سيوف الله) . . .

وتمضي الأيام و يُحارب خالد - رضي الله عنه – مع المسلمين ، ويشهد حروب الشام قائداً وجندياً ، و يُبلي بلاء عظيما في حروب أهل الرِّدَّة، وُمَسْيلمة الكذاب . وقد عاش ستين سنة، وتوفي - رضي الله عنه - بحمص سنة إحدى وعشرين هجرية على فراش الموت . وقال عنه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – " عجزت النساء أن يلدن مثل خالد " ، وقال عنه أصدقاؤه و أعداؤه : " الرجل الذي لا ينام ولا يترك أحدا ينام " .

أمّا (عمرو بن العاص ) ـ رضي الله عنه ـ ويُكنّى [[ أبا عبد الله وأبا محمد ]] فهو من فرسان قريش وأبطالهم المعدودين، وهو من دهاة العرب وشجعانهم وذوي آرائهم، يُضرب به المثل في الفطنة والدهاء والحزم ، وقال عنه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( أسلم الناسُ، وآمن عمرو بن العاص ) .

ولَّاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إمرة جيش المسلمين في [[ ذات السلاسل ]] بعد إسلامه بشهرين، ثم استعمله على عُمان، وسار بعد ذلك ـ رضي الله عنه ـ في فتوحات وانتصارات للإسلام والمسلمين على مشارف أعظم دولتين في العالم ؛ فارس والروم، كما أنّ الإسلام دخل مصر على يديه ... توفي عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ بمصر في العام الثالث والأربعين من الهجرة النبوية، وقد تجاوز عمره التسعين سنة .

أمّا ( عثمان بن طلحة ) – رضي الله عنه - فقد بقي في المدينة طوال حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، ويُذكر له شهامته في توصيل أم سلمة إلى أبي سلمة في المدينة ، و أعطاه وقومه مفاتيح الكعبة . و لما توفي – عليه الصلاة و السلام - نزل عثمان بن طلحة بمكة ، فلم يزل بها حتى مات في أول خلافة معاوية سنة 41 هجرية


هؤلاء الرجال وغيرهم من الصحابة الرجال شرُفوا بصحبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتربوا على يديه، وقال الله ـ عز وجل ـ فيهم :

{{ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }} ، وقد كتب الله ـ عز وجل ـ على أيديهم صفحات مشرقة من تاريخ المسلمين، أصبحت باقية في ذاكرة الأمة وتاريخها المجيد على مر الزمان ، رضي الله عن صحابة رسول الله أجمعين .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-10-21, 07:49 AM   #239
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 226 »
السيرة النبوية العطرة (( الخروج إلى غزوة مؤتة ))
________
في شهر {{جمادى الآخرة من السنة الثامنة للهجرة }} كانت {{ غزوة مؤتة }} جنوب الأردن ، وهي أول مواجهة للمسلمين مع الإمبراطورية الرومانية، أكبر دولة في العالم في ذلك الوقت ، وكان سبب هذه الغزوة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل أحد الصحابة وهو {{الحارث بن عمير }} برسالة إلى أمير بصرى ، يدعوه فيها إلى الإسلام ، وقد ذكرناها مع الرسائل ، و اعترض طريقه ملك الغساسنة {{ شرحبيل بن عمرو}}

فأوثقه و قتله و صلبه ، [[ وكان العرف في العالم كله في ذلك الوقت وحتى الآن أن الرسل لا تُقتل، وإذا حدث وقُتل رسول دولة، فإن ذلك يُمثل إهانة كبيرة وإعلان حرب على تلك الدولة ]] . ليس هذا فحسب بل بدأت الدولة الرومانية، ومعها القبائل العربية الموالية لها في شمال الجزيرة وهي قبائل تدين بالنصرانية، في تعقب وقتل كل من يسلم ، حتى قتل والي {{ معان }} بالأردن ، لأنه أعلن إسلامه .

ومملكة الغساسنة هي مملكة تدين بالنصرانية ، فهي موالية للإمبراطورية الرومانية ، وقد سقطت بعد ذلك وانتهت في معركة اليرموك أثناء الفتح الإسلامي للشام . وكان رد النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذه التصرفات هو ضرورة إرسال جيش إلى هذه المنطقة ، والحروب في الإسلام تكون بهدف الدفاع عن النفس ضد أي اعتداء ، ولتأمين حركة الدعوة الإسلامية، ومنح الناس حقهم في الاعتقاد، وحقهم في اختيار الدين الذي يريدونه ، وحتى يضع حداً لهذه التصرّفات الرومانية الهمجية ، ولأجل تأديبهم .

ومما جعل الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يسرع بإرسال هذا الجيش هو أنه كان واضحاً أن المواجهة مع الإمبراطورية الرومانية العملاقة، ومع القبائل القوية الموالية لها في شمال الجزيرة أمر حتمي ولا بد منه ، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تكون هذه المواجهة في حياته هو وألا يتركها لمن يأتي بعده ، حتى يكسر حاجز الخوف من مواجهة الإمبراطورية الرومانية في الغرب أو الفارسية في الشرق، أو أي دولة مهما بلغت قوتها .

قام - صلى الله عليه وسلم - بإعداد جيش قوي قوامه {{ ٣ آلاف }} مقاتل وهو أكبر جيش إسلامي حتى ذلك الوقت ، وجعل على رأس الجيش {{ زيد بن حارثة}} - رضي الله عنه – وكان في الثالثة و الأربعين من العمر ، ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : إن أصيب زيد ف{{ جعفر بن أبي طالب }} على الناس ، وإن أصيب جعفر ف{{عبدالله بن رواحة }} على الناس ، فإن أصيب ابن رواحة فليرتضِ المسلمون برجل يجعلوه عليهم . [[ وهذا يعني أنه كان يتوقع حرباً شرسة في هذه المعركة ]] . وأوصاهم أن يأتوا مكان مقتل الصحابي الحارث بن عمير - رضي الله عنه - ويدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا فالقتال .

ولم يخرج – عليه الصلاة و السلام - في هذه الغزوة بنفسه ، حتى لا يشق على أمته ؛ لأنه لو خرج في كل غزوة لخرج كل المسلمين معه، وهذا أمر لا يتحمله كل الناس ، و أيضا لكي يتعود المسلمون و قادتهم من بعده – عليه الصلاة و السلام - الاعتماد على أنفسهم، و ينهضون بالرسالة بعده - صلى الله عليه وسلم - .

خرج النبي – صلى الله عليه و سلم – و المسلمون لوداع الجيش ، و بكى عبد الله بن رواحة ، فقالوا : ما يبكيك يا ابن رواحة ؟ فقال : " أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار : {{ وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا }} فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود ؟ ". فقال المسلمون :

صحبكم الله ،
ودفع عنكم ، وردّكم إلينا صالحين ، فأجابهم عبد الله بن رواحة :
لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبــدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي أرشده الله من غاز وقد رشدا


[[ أي أنه يتمنى الشهادة في سبيل الله ]] ، وجاء في بعض الروايات أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم – أوصى صحابته قائلاً : ( اغزوا باسم الله وفي سبيل الله ، وقاتلوا من كفر بالله . اغزوا ولا تغدروا ، ولا تغلوا ولا تمثّلوا ، ولا تقتلوا وليدا ولا أصحاب الصوامع ، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ، ولا طفلاً صغيراً ، ولا امرأة ، و أحسنوا إن الله يحب المحسنين ) .

وانطلق الجيش على بركة الله ، وكانت الطريق من المدينة إلى مؤتة تبلغ قرابة ال {{ ١٢٠٠ كم }} في صحراء قاحلة شديدة الحرارة، وهي أكبر مسافة سارها جيش مسلم حتى ذلك الوقت . وصل الجيش بعد أسبوعين إلى منطقة {{معان}} على بعد حوالي 150 كيلو من أرض مؤتة ، وكان هدفهم الغساسنة وقائدهم شرحبيل بن عمرو الذي قتل حامل الرسالة ، ولكن في هذا المكان نقلت الاستخبارات الإسلامية إلى زيد بن حارثة مفاجأة غير متوقعة!! إن الدولة الرومانية قد قررت الاشتراك في الغزوة بنفسها وأرسلت جيشا قوامه١٠٠ ألف مقاتل بالإضافة إلى نفس العدد من مقاتلي بعض القبائل العربية!!

مقابل كم من المسلمين ؟؟ 3آلاف مسلم !!! على ماذا يدل هذا ؟؟يدل على مدى الرعب الذي كان فيه هؤلاء الروم وأتباعهم ، وخوفهم من المسلمين ، والهيبة العظيمة التي استطاع الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - تحقيقها للدولة الإسلامية .

عندما علم جيش المسلمين بعدد الروم ،جمع قائدهم - زيد بن حارثة – الصحابة واستشارهم كما تعلّم من القائد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ؛ فبعضهم رأى أن يرسل المسلمون رسالة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة ، ويطلبون رأيه ، وقد تم رفض هذا الرأي لأن المسافة بعيدة والوقت ضيق ،

و رأى آخرون أن ينسحب الجيش ويعود إلى المدينة، لأن الجيش جاء لمحاربة مملكة غسان ، ولم يأت لقتال تحالف بين الإمبراطورية الرومانية العملاقة ومن حالفها من القبائل العربية ، ودخول معركة كهذه معناه هلاك الجيش الذي هو كل عماد الدولة الإسلامية في ذلك الوقت ، وقال أصحاب هذا الرأي لزيد بن حارثة: " قد وطئت البلاد، وأخفت أهلها ، فانصرف ، فإنه لا يعدل العافية شيء " [[ يعني خروج الروم بهذا العدد يعني خوفهم منا و هذا نصر لنا ]].

فوقف عبد الله بن رواحة وقال: (( يا قوم ، والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم له تطلبون الشهادة ، ما نقاتل الناس بعدد ، ولا عدة ، ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين ، إما ظهور ، وإما شهادة )) .

فقال الناس : صدق والله ابن رواحة . وكانت الأغلبية في الجيش مع هذا الرأي الأخير، وهو الدخول في الحرب، وكان هذا القرار أجرأ قرار عسكري على مر التاريخ كله .

غادر المسلمون منطقة معان بعد أن أقاموا فيها يومين ، و ساروا حتى وصلوا إلى قرية تسمى {{ شارف }} وكانت هذه القرية مشهورة بصناعة السيوف ، وكان يُقال " سيوف مشرفية " [[ أي صُنعت في شارف ]] ،

ولكن المسلمون وجدوا أن هذا المكان غير مناسب للقتال بالنسبة لهم ، فانحازوا إلى قرية يطلق عليها {{ مؤتة }} ، وأقاموا معسكرهم هناك ، وكان سبب اختيارهم لهذه القرية هو استغلال مزارع القرية ، وبيوتها لتكون حماية طبيعية للجيش ، فلا يتمكن الرومان من تطويق الجيش، وتكون المواجهة بنفس أعدادهم، وهي نفس خطة الرسول – عليه الصلاة و السلام - في بدر وفي أحد .

وصلت جيوش العدو، أمواجا بشرية هائلة تنساب إلى أرض الغزوة بسلاحهم الضخم و ديباجهم و حريرهم و ذهبهم ، وكل مظاهر الزينة و التفاخر ، و المسلمون واقفون ثابتون كالجبال ، لأنهم لا ينتصرون بالعدد و العدة ، و إنما بالعقيدة الصادقة . وجاءت ساعة الصفر ، وأعطى زيد بن حارثة إشارة البدء إلى أصحابه، وبدأ القتال ، ما الذي حدث بعد ذلك ؟

يتبع . . .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-11-21, 07:42 AM   #240
عطاء دائم

آخر زيارة »  يوم أمس (07:46 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 227 »
السيرة النبوية العطرة (( أحداث غزوة مؤتة ))
________
التحم الجيشان وحمي الوطيس ، واقتتلوا قتالا شديداً ، واستمر القتال طوال اليوم، ولم يتراجع المسلمون، وإنما وقفوا كالجبال أمام طوفان قوات التحالف الرومانية العربية [[ قبائل عربية أعطت ولاءها لأسيادها الرومان مقابل الذل و الهوان وفقدان العزة و الكرامة ]] ،

وكان صمود وأداء المسلمين في الغزوة مفاجأة بالنسبة لقوات العدو، فقد كانوا يتوقعون ألا تستمر هذه المعركة سوى ساعات ثم يتم إبادة الجيش المسلم بالكامل ، ولكنهم فوجئوا أن المسلمين يقاتلون بشراسة وشجاعة لم يشهدوا مثلها ، وحاولوا تطويق المسلمين ، واعتقدوا أنه أمر سهل لتفوقهم في العدد الكبير ، ولكن المسلمون لم يمكنوهم من ذلك، ونجحت خطة القائد زيد بن حارثة في الاستفادة من جغرافية أرض مؤتة ، فلم يتمكن الروم من تطويق الجيش المسلم .

ركز الروم هجومهم على القائد حامل اللواء{{ زيد بن حارثة }} الذي مزقته رماح الروم ، وهو مقبل عليهم كالأسد حتى وقع شهيدا رضي الله عنه . ثمّ أخذ الراية {{ جعفر بن أبي طالب }} صاحب الثلاثة و الثلاثين عاما ، و أخذ يُنشد :

يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردا شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
علي إن لاقيتها ضرابها

ثمّ تكالب عليه الرومان ، وأصيب عشرات الإصابات ما بين ضربة سيف، وطعنة رمح، ورمية سهم، وهو لا يتوقف عن القتال ، [[ وكان من عادة الجيوش قديما أنهم يعتبرون الراية هي رمز بقائهم ، فإذا سقط اللواء كانت هزيمة معنوية ، وكانت راية المسلمين بيضاء ، مكتوب عليها لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله ]] ، فمازال جعفر يقاتل حتى تمكن أحد الروم من قطع يده التي يحمل بها اللواء ، فترك سيفه الذي يقاتل به، وأمسك اللواء بيده الأخرى ، أي أنه يدفع حياته ثمنا لعدم سقوط لواء رسول الله على الأرض، فقطعوا يده الأخرى ، فحمل اللواء بعضديه، ثم مات شهيداً - رضي الله عنه - .

وأثاب الله تعالى جعفر عن قطع يديه بجانحين يطير بهما في الجنة ، يقول الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (( رأيتُ جعفَرَ بنَ أبِي طالِبٍ مَلَكًا يَطيرُ في الجنةِ مع الملائِكةِ بِجناحَيْنِ )) ولذلك لقب جعفر بن أبي طالب [[ بجعفر الطيار]] .

ثم أخذ اللواء [[ عبد الله بن رواحة ]] – رضي الله عنه - ، فردد أبياتا من الشعر يشجّع نفسه فيها على القتال ، فقال :

أقسمت يا نفس لتنزلنّ لتنزلنّ أو لتكرهنّ
إن أجلب الناس وشدوا الرنّة ما لي أراك تكرهين الجنة
قد طال ما قد كنت مطمئنة هل أنت إلا نطفة في شنة
وقال أيضا :

يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صُليتِ
وما تمنيتِ فقد أعطيتِ إن تفعلي فعلهما هُديتِ
[[ يعني الشهيد إذا مات أين يذهب أيتها النفس ؟؟ للجنة ، انتِ يا نفس كرهانة الجنة ؟؟!! عاجبتك الدنيا كثير يعني ؟؟!! فالموت مكتوب سواء في أرض المعركة أم في غيرها ]] ، وقاتل – رضي الله عنه - حتى وقع شهيداً .
وهكذا استشهد الأمراء الثلاثة الذين عينهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وبقي الجيش بلا قائد ، ثم أخذ الراية ( ثابت بن أرقم الأنصاري ) فقال : يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ، فقالوا : أنت فقال : ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على (( خالد بن الوليد )) رضي الله عنه .

وقد سارع الوحي إلى إبلاغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأحداث المعركة ؛ فعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى زيدا و جعفرا و ابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال : ((أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذها جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب - وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ، حتى فتح الله عليهم )) . حمل خالد بن الوليد الراية، وعادت الروح المعنوية المرتفعة للمسلمين ، بعد أن كانت قد بدأت بالتأثر نتيجة استشهاد الأمراء الثلاثة .

انتهى اليوم الأول من القتال ، وقد أبدى فيه المسلمون شجاعة و استبسالا ، استشهد فيه اثنا عشر مسلما ، بينما قُتل من الرومان أعدادا كثيرة لا تُعد ولا تُحصى ، وهذا بحد ذاته نصر للمسلمين . والسؤال الأهم الآن : ماذا صنع خالد بن الوليد رضي الله عنه ؟؟

لقد رأى كثرة العدو ، فأدرك أنّه من المحال أن يُواصلوا النصر الكامل و الثبات أمام هذا العدد الضخم من الرومان ( قلنا إنه بلغ 200 ألف مقاتل مع القبائل العربية ) لذلك خطّط أن ينسحب بالجيش [[ انسحاب المنتصر ]] لأن المسلمين - وإن كانوا قد حققوا تفوقا في اليوم الأول - فليس هناك احتمال لتحقيق النصر الكامل، فلا يمكن تعقّب الروم ، والتوغل داخل أراضي الرومان بهذا الجيش الصغير ، فكيف كانت خُطّته في الانسحاب ؟

أخذ يفكر: لو انسحب المسلمون من أمام الرومان بطريقة طبيعية، فلابد أنّ الرومان سيلحقون بهم ، وستكون مجزرة حقيقية يُباد فيها الجيش الإسلامي بأكمله ، فوضع –رضي الله عنه - خطة انسحاب محكمة أراد بها ايهام الجيش الرومي أن انسحاب المسلمين هو خدعة يريد بها استدراج الجيش الرومي، فلا يلحقون بهم ، وبذلك ينجو بالجيش الإسلامي بلا خسائر . ولتنفيذ هذه الخطة قام بما يلي :
جعل الخيل طوال الليل تجري في أرض المعركة لتثيرالغبارالكثيف وصاحبَ ذلك أصوات تكبير المسلمين، فيُخيّل للرومان أن هناك مددا للمسلمين قد جاء طوال الليل .

عندما جاء الصباح ، جعل في خلف الجيش وعلى مسافة بعيدة منه مجموعة من الجنود خلف أحد التلال ، فاختار {{ ١٠٠ فارس }} وقال : قفوا خلف هذا التل {{ تل مؤتة }} فإذا طلعت الشمس تأتوني عشرة عشرة ، وكل عشرة معهم لواء ، وتضربون الأرض بالخيل ، وتثيرون الغبار [[ ليشعر الرومان بالمدد المستمر الذي يأتي للمسلمين ]] ، فإذا هدأت الغبار يتقدم عشرة ، يضربون الأرض بالخيل وهكذا .

قام بتغيير ترتيب الجيش : فجعل الميمنة ميسرة والميسرة ميمنة ، وجعل
المقدمة مؤخرة والمؤخرة مقدمة .

وحين رأى الرومان الجيش الإسلامي في الصباح، ورأوا الرايات والوجوه والهيئة قد تغيرت، أيقنوا أن هناك مددا قد جاء للمسلمين ، نتيجة ذلك ساد فيهم الرعب والارتباك ، ولسان حالهم يقول :

[[ إذا كان ذلك العدد الصغير بالأمس قد فعل بنا العجب العُجاب ، فماذا بعد أن يصل اليهم هذا المدد الكبير ؟؟ ]] وأثناء ارتباك الروم قام خالد بهجوم قوي قُتِل فيه الكثير من الروم ، وقبل أن يعيد الروم ترتيب صفوفهم أعطى خالد الإشارة لقادته بالارتداد إلى الخلف كما اتفق معهم ، فأخذ الجيش يغادر أرض المعركة بكل هدوء وثقة وانضباط .

وكان خالد يجول بفرسه بين الجيش ليشرف على عملية الانسحاب ، وشاهد الرومان المسلمين وهم يرتدون إلى الخلف بعد الهجوم الكاسح الذي قاموا به، وقد اعتقد الروم أيضا أن المدد قد وصل إلى الجيش الإسلامي، فأيقنوا أن هذا الانسحاب مكيدة يريد بها المسلمون استدراج الجيش الرومي إلى أحد الكمائن ، وهم يعرفون أن العرب يجيدون {{ الكر والفر والكمائن في الحرب }} ،

فخافوا من تتبع المسلمين، وأصدر القادة الروم أوامرهم بعدم تعقب المسلمين .
وهكذا نجحت الخطة العسكرية للقائد المسلم خالد بن الوليد – رضي الله عنه - ونجح بالانسحاب بجيش المسلمين بعد القتال المشرّف ضد الرومان .

وفي المدينة وقبل وصول الجيش الإسلامي ، خرج - صلى الله عليه وسلم - من مسجده وهو يكفكف دمعه متجهاً إلى بيت جعفر بن أبي طالب [[ فهو ابن عمه ويعتبر أخوه، لأنهم تربوا معاً في بيت أبي طالب ]] ، و احتضن ولديه عبد الله و محمد ، وبكى بكاء شديدا ، ثم قال : (( اصنعوا لآلِ جعفرٍ طعامًا؛ فقد أتاهم ما يَشْغَلُهم )) . وفي ذلك سُنّة لجميع الشهداء و أموات المسلمين ، ولكن ليس مثل أيامنا : إسراف و تبذير من أهل الميت للناس !!! الناس يجب أن تُكرم أهل بيت الميت وليس العكس ، و يجب أن يكون ذلك دون إسراف كما يحدث الآن!!!

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 05:50 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا