منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


من تاريخ هذا اليوم أي إساءه مهما كان نوعها أو شكلها أو لونها تصدر علناً من عضو بحق عضو أو مراقب أو إداري أو حتى المنتدى سيتم الإيقاف عليها مباشره وبدون تفاهم :: قرار هام ::

Like Tree27Likes
موضوع مُغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-17-21, 09:13 AM   #247
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 234»
السيرة النبوية العطرة (( أحداث متفرقة وقعت بعد فتح مكة ))
________
قرّت عين رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وعيون المسلمين بالفتح، وعمّت الفرحة قلوب المهاجرين الذين عادوا إلى وطنهم بعد رحلة طويلة من الألم و العناء الصبر ، فها هو عبد الله بن أم مكتوم، ينشد حين دخل مكة:

يا حبذا مــكة من وادي * أرض بها أهلي وعـوادي
أرض بها أمشي بلا هـادي * أرض بها ترسخ أوتـادي

ثمّ بدأ النبي – صلى الله عليه وسلم - يستقبل بيعة من يريدون الدخول في الإسلام من أهل مكة، فقد تزاحمت قريش تبايعه على الإسلام ، صغارا وكبارا، رجالا ونساء، فجلس لهم على الصفا، وعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يجلس أسفل من مجلسه، يأخذ على الناس، وجاء بينهم أبو قحافة

( والد أبي بكر الصديق ) وكان شيخا كبيرا، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " هلا تركتم الشيخ حتى جئت إليه أنا في بيته " ، ثم أجلسَه بين يديه ومسح صدره؛ احتراما لسنه؛ فتقدير كبار السن واحترامهم والاهتمام بهم ورعايتهم من أسمى تعاليم الإسلام؛ وذلك لأنهم أناس أفنوا حياتهم في تعمير الأرض وتربية الأولاد وخدمة المجتمع .

وكان رَأْسُ أبي قحافة وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا،[[ نبات أبيض ]] ، فَقالَ رَسولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ -: (( غَيِّرُوا هذا بشيءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ )) .

وكان النبي- صلى الله عليه وسلم - لا يزال يحمل مفتاح الكعبة ، فطلب العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب أن يكون لبني هاشم شرف السدانة [[ يعني الاحتفاظ بمفتاح الكعبة، والعناية بشؤونها من تنظيف وكسوة وغير ذلك ]] ، بالإضافة إلى شرف السقاية [[ سقاية الحجيج ]] ، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - رفض ذلك ، فليس هناك في الإسلام ما نطلق عليه الآن {{ الواسطة أو المحسوبية }} وقال : لقد نزل علي قوله تعالى :

{{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها }} ودعا عثمان بن طلحة ، ورد إليه مفتاح الكعبة ، ليس هذا فحسب بل قال له : خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم . وهذا درس في الأمانة و الوفاء من رسولنا و قدوتنا [[ وبسبب هذا التوجيه والتحذير النبوي الكريم، لم يجرؤ أي حاكم أو سلطان على أخذ مفتاح الكعبة من بني أبي طلحة ، ومنهم بني شيبة إلى اليوم ]] .
وعندما حانت صلاة الظهر أمر- عليه الصلاة و السلام - بلالا ، أن يصعد فوق الكعبة و يؤذّن للصلاة ،

[[ سبحان الله ، كم عانى بلال من العذاب على أرض مكة ، وها هو اليوم سيّد من سادات الإسلام ، يصدح بصوته العذب على مسمع قريش بأكملها ]] ، وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم بالمسلمين - ثم أرسل مناديا ينادي: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنماً إلّا كسره .
ثمّ قال أسامة بن زيد للرسول - صلى الله عليه وسلم - : ألا تنزل في دارك ؟

فقال النبي له : وهل أبقى عقيل لنا دارا، [[ ابن عمه باع داره ]] ، ولم يأمر برد بيوت المهاجرين تأليفا لقلوب من أسلم من أهل مكة ، ولأنهم هجروها في الله تعالى، فلا يرجعون فيما تركوه في الله تعالى ، ثم ضربت خيمة صغيرة للرسول - صلى الله عليه وسلم - في الأبطح ، فنزل فيها وكان معه زوجتاه أم سلمة وميمونة رضي الله عنهما .

وأقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة {{١٩يوما }} ،[[ لم يجلس فيها لاستقبال التهاني ، وإقامة الحفلات الساهرة، كما يحدث في وقتنا ]] ، إنما كان همّه نشر الإسلام ، و القضاء على مظاهر الشّرك ؛

فخلال هذه الأيام أرسل - صلى الله عليه وسلم -عددا من السرايا لتحطيم الأصنام في المناطق المحيطة بمكة، وذلك لتطهير الجزيرة العربية من رموز الشرك والوثنية، وكانت هذه السرايا إشارة إلى أن الجزيرة العربية مقبلة على مرحلة جديدة من التوحيد الاعتقادي والعملي ، وكانت هذه الأصنام لها مكانة عظيمة في قلوب المشركين ، وقد اعتبرها البعض بنات الله ، ومنها : اللات ، مناة ، العزى ، سواع ، ود ، هبل ، يعوق ، يغوث ، . . .

وبحمد الله تمّ القضاء عليها جميعا .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-18-21, 09:40 AM   #248
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 235 »
السيرة النبوية العطرة (( الذين أَهدر النبي – صلى الله عليه وسلم – دمهم بعد فتح مكة / ج1))
________
كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - قد عَهِدَ إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم بدخول مكة أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، لكنّه في نفس الوقت كان قد أهدر دماء عدد من أهل مكّة قيل إنّهم ( 15 نفرا ) ، سمّاهم بأسمائهم ، وأمر صحابته بقتلهم وإن وُجدوا متعلقين بأستار الكعبة ، ولم يقتل منهم سوى أربعة فقط قصاصا ،وعفا عن الباقين . وهؤلاء الذين أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلهم قد قاموا بجرائم شديدة ضد المسلمين .

ومنهم {{ عبد الله بن الأخطل }} ، فقد أسلم وهاجر إلى المدينة ثم بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأخذ الصدقة ، وكان معه مولى له مسلم ، فأمر مولاه بأن يصنع له طعاما، ثم نام ،فلما استيقظ وجد مولاه نائما ولم يصنع شيئا، فقتله، ثم خاف أن يُقام عليه الحد، فارتد مشركا وعاد إلى مكة ، وكان شاعرا فأخذ يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - ،وكان له جاريتان تغنّيان بهذا الشعر ، فأمر بقتله قصاصا لقتل إنسان مسلم ، فقُتل عبد الله بن الأخطل وهو متعلق بستار الكعبة لأن الحد لا تهاون فيه .


ومن الذين أُهدر دمهم أيضا {{ عبد الله بن أبي سرح }} كان قد أسلم ، وهو من كتّاب الوحي ، فأزلَّه الشَّيطانُ ، فلحِق بالكفَّارِ ، فأمر – عليه الصلاة و السلام - أن يُقتَلَ يومَ الفتحِ ، فاختَبَأ عندَ عثمانَ بن عفّان ، فلما دعا رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - الناسَ للبيعةِ جاء به حتى أوقَفه عنده ، فقال : يا رسولَ اللهِ ، بايِعْ عبدَ اللهِ ، قال : فرفَع رأسَه ، فنظَر إليه ثلاثًا كلُّ ذلك يَأبى ، فبايَعه بعدَ الثلاثِ ، [[ يعني 3 مرات أعرض عنه نبيّنا ، فجُرمه كبير لأنه من كتّاب الوحي ]] ثم أقبَل على أصحابِه ، فقال : ما كان فيكم رجلٌ رشيدٌ يقومُ إلى هذا حيث رآني كفَفتُ يدي عن بيعتِه فيقتُلُه ؟

قالوا : وما يُدرينا يا رسولَ اللهِ ما في نفسِكَ ؟ ألا أومَأتَ إلينا بعينِكَ ، قال : إنه لا يَنبَغي لنبيٍّ أن تكونَ له خائنةُ أعيُنٍ . وقد أسلم عبد الله وحسن إسلامه ، وقد ولاَّه عثمان - رضي الله عنه - على" مصر " ، وهو الذي قاد معركة " ذات الصواري " ، وقد غزا إفريقية ففتح كثيراً من مدنها ، واعتزل فتنة علي ومعاوية - رضي الله عنهما -

ثم خرج إلى " الرملة " في فلسطين ، وتوفي سنة تسع وخمسين للهجرة . ولم يرد أبدا في كتب السيرة أن عبد الله بن أبي سرح قد شكّك في الوحي ،إنما حدث ذلك من شخص آخر من كتّاب الوحي لم يُعرف اسمه ، كان قد أسلم وارتد وشكّك في الوحي و آيات القرآن ، ومات على نصرانيّته ، ويُقال إن الأرض لفظته مرارا عند دفنه .

ومن الذين أُهدر دمهم أيضا {{عكرمة بن أبي جهل }} ، فقد كان عكرمة من أشد الناس عداوة لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وقد شرب هذه العداوة من أبيه ـ فرعون هذه الأمة ـ مما جعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في فتح مكة يُهدر دمه ، وقاتل مع قريش في بدر وأحد ، وهو أحد الذين اقتحموا الخندق مع {{عمرو بن ود}} قبل أن يُقتل ، ثمّ فرّ هاربا ، وهو ممن شارك بني بكر في قتال بني خزاعة ، وقتل عددا منهم فنقض صلح الحديبية ، وكان أخيرا قائد جيش المشركين الذين تصدوا للمسلمين في فتح مكة عند جبل {{ الخندمة }} ، فأهدر النبي - صلى الله عليه وسلم - دمه .

فلما دخل المسلمون مكة هرب واتجه إلى البحر يريد اليمن، وكانت امرأته {{ أم حكيم بنت الحارث}} قد أسلمت قبل الفتح ، وانفصلت عن زوجها ؛ فالمسلمة لا تحل لكافر ، وهي أخت أم المؤمنين {{ ميمونة بنت الحارث }} التي تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عمرة القضاء ، فجاءت تطلب لعكرمة العفو من نبيّنا – عليه الصلاة و السلام - ، فرق قلب النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لها وقال : أدركِي زوجك فهو آمن ، فخرجت في طلبه ، ولحقته ، وجاء و أعلن إسلامه .

يروي المؤرخون المسلمون أنه بعد وفاة رسول الله قاتل عكرمة المرتدين ، واستعمله أبو بكرعلى جيش وسيّره إلى أهل عُمان، وكانوا قد امتنعوا عن دفع الزكاة ، وانتصر عليهم عكرمة، ثم وجهه أبو بكر أيضاً إلى اليمن ، فلما فرغ من قتال أهل الردة سار إلى الشام مجاهداً أيام أبي بكر مع جيوش المسلمين ، وفي يوم اليرموك أقبل عكرمة على القتال إقبال الظامئ على الماء البارد في اليوم شديد الحر، و أوتي لخالد بن الوليد بعكرمة جريحاً فوضع رأسه على فخذه ، فجعل يمسح على وجهه ويقطر الماء في حلقه، إلى أن خرجت روحه رضي الله عنه و أرضاه .


ومن الذين أُهدر دمهم أيضا {{ صفوان بن أمية }} ، كان من أشد قريش عداوة للنبي - صلى الله عليه وسلم – وإيذاء المسلمين ،وهو ابن أمية بن خلف أحد صناديد قريش الذين قُتلوا في بدر، وشارك أيضا بنقض صلح الحديبية عندما عاون بني بكر على قتل خزاعة ، وأيضا قاتل خالد بن الوليد عند دخوله مكة ، فلما كان فتح مكة هرب صفوان باتجاه البحر يريد اليمن، وكان له ابن عم اسمه عمير بن وهب ، [[ ذكرت لكم قصته بعد بدر ، وكيف اتفق صفوان وعمير على قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيف أسلم ]] ،

فقال عمير بن وهب : يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه ، وقد خرج هاربا منك إلى البحر ، فأمّنه ، فقال -عليه الصلاة و السلام - : هو آمن ؛ قال : يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك ؛ فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمامته ، فرجع معه ، حتى وقف به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال صفوان : إن هذا يزعم أنك قد أمنتني قال : صدق ، قال : فاجعلني فيه بالخيار شهرين ؟ قال : أنت بالخيار فيه أربعة أشهر ، وأسلم في وقت غزوة حنين .
ومن الذين أُهدر دمهم أيضا {{ وحشي بن حرب }} :

أهدر رسول الله دمه لأنه قتل حمزة - رضي الله عنه - يوم أُحد، وكان الصحابة أحرص شيء على قتله، فلما فُتحت مكة هرب إلى الطائف ، ولما خرج وفد الطائف ليسلموا ضاقت عليه المذاهب فخرج حتى قدم على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وشهد شهادة الحق ،

فقال له – عليه الصلاة و السلام - : أما إسلامك فقد قبلناه ، ولكن غيّب وجهك عني ... وتمضي الأيّام ؛ وخرج وحشي مع مَن خرج لقتال أهل الردة في خلافة أبي بكر- رضي الله عنه - فقتل مسيلمة الكذاب بحربته التي قتل بها حمزة ، فكان يقول : أرجو أن تكون هذه بتلك [[ أي أرجو أن يكفّر قتل مسيلمة إثمي عندما قتلت حمزة ]] . فما أعظم عفو الإسلام وسماحته !!

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-18-21, 09:42 AM   #249
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 236 »
السيرة النبوية العطرة (( الذين أَهدر النبي – صلى الله عليه وسلم – دمهم بعد فتح مكة / ج2))
________
ومن هؤلاء الذين أهدر النبي – صلى الله عليه وسلم - دمهم بعد فتح مكة {{ مقيس بن صبابة }} ،كان قد أسلم وحدث أن قام أحد الأنصار بقتل أخيه خطأ في أحد الغزوات ظنا منه أنه من العدو ، فأخذ الدية ثم قتل هذا الأنصاري، وارتد وعاد مشركا إلى قريش، فلما كان الفتح قُتل قصاصا .

و من الذين أُهدر دمهم أيضا {{ الحارث بن هشام و زهير بن أمية }} : كانا شديدي العداوة للنبي وللمسلمين ، فأهدر رسول الله – عليه الصلاة و السلام - دمهما يوم الفتح ، فهربا واختبآ في بيت[[ أم هانئ بنت أبي طالب ]] أخت عليّ - رضي الله عنه - فأجارتهما ، فأجاز النبي جوارها ، ثم جاءت بهما إليه ؛ فأسلما وحسن إسلامهما . ولم تكن أم هانئ قد أسلمت ، فأسلمت في ذلك اليوم . وزارها النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتها ، فقال : هل عندَكِ مِن طعامٍ آكُلُه ؟ فقالت إنَّ عندي لَكِسَرًا بائتةً [[ أي خبز ]] وإنِّي لَأستحي أنْ أُقرِّبَها إليكَ . قال : هلُمِّيها . فقرَّبَتْهنَّ ،


وجاءَتْه بمِلْحٍ فقال : يا أُمَّ هانئٍ ، هل مِن إدامٍ ؟ [[ يعني الخبزة نضعها بالزيت أو المرقة يسمى هذا الوضع أدُم ، مثل الكعك نضعه بالشاي ]] ، قالت : ما عندي إلَّا شيءٌ مِن خَلٍّ . قال هلُمِّيه . فلمَّا جاءَتْ به مسَّه على طَعامِه ، و أكَل منه ، ثمَّ حمِد اللهَ و قال : نِعْمَ الإدامُ الخَلُّ . . . (( وثبت في العلم الحديث فوائد كثيرة و عظيمة للخل )) .


ومن الذين أُهدر دمهم أيضا {{ الحويرث بن نقيد }} و {{ هبار بن الأسود }} وقد اشتهرا بعداوتهما وشدة إيذائهما للمسلمين، واشتركا في محاولة منع السيدة {{ زينب }} بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - من الهجرة، وأخذا ينخسان الجمل الذي كانت تركبه، حتى سقطت على صخرة، وكانت حامل فسقط جنينها، ولم تزل مريضة حتى ماتت ، فلما كان فتح مكة تمكّن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – من قتل الحويرث ، أما هبار فقد هرب و اختفى عندما علم أنه مهدور الدم ،ثمّ جاء إلى المدينة المنورة وأعلن إسلامه بين يدي النبي – صلى الله عليه وسلم – فعفا عنه ؛ فهو نبي الرحمة و الإنسانية.


ومن الذين أُهدر دمهم أيضا {{ كعب بن زهير بن أبي سلمى }} و هو من أشعر شعراء العرب، وكان يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - بشعره وينشره بين العرب ، ويطعن في أهل بيته ، وكان الشعر كما قلنا من قبل هو [[ الوسيلة الإعلامية الفعّالة والمؤثرة جدا عند العرب ]] ، فلما بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أهدر دمه، هرب من مكة ، فبدأ أخوه (( بُجير )) يبعث إليه رسائل و قصائد يدعوه فيها إلى الإسلام ، و أنّ محمدا نبي الرحمة ، وسيعفو عنك ، ومن قصيدته :

فَمَنْ مُبْلِغٌ كَعْبًا؟ فَهَلْ لَكَ فِي الَّتِي * تَلُومُ عَلَيْهَا بَاطِلاً وَهْيَ أَحْزَمُ
إِلَى اللهِ - لاَ العُزَّى وَلاَ اللاَّتِ - وَحْدَهُ فَتَنْجُو إِذَا كَانَ النَّجَاءُ وَتَسْلَمُ

فما كان من كعب بعد أن ضاقت عليه الأرض بما رَحُبت إلاَّ أن جاء إلى مسجد النبي – عليه الصلاة و السلام - في المدينة وأعلن إسلامه .

وجاء في بعض كتب السيرة أنّه أنشد قصيدة في مدح الرسول – صلى الله عليه و سلم - والمشهورة بمطلعها "بانت سعاد" وهي من طلائع ما وعَتْه الذاكرة

الأدبيَّةُ في مدح نبينا – عليه الصلاة و السلام – ومن أبياتها :
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ * مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني * وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ * مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً * والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ
فقام صاحب الخلق العظيم – صلى الله عليه وسلم – و أعطاه بردته

[[ أي العباءة التي يلبسها ]] . وهذه البردة غير {{ بردة البوصيري }} والتي يقول فيها البوصيري :

محمدٌّ سـيدُ الكــونينِ والثقَلَـيْنِ والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ
نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــدٌ أبَـرُّ في قَــولِ لا منـه ولا نَعَـمِ
هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ ** لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحَمِ

ومن الذين أُهدر دمهم أيضا {{ سارة مولاة بني المطلب }} وهي مغنّية في مكة ، وكانت تغني بهجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قدمت المدينة تشكو الحاجة ،

وقالت: إن قريشا تركوا الغناء منذ قتل منهم من قتل ببدر، فعرض عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسلام فرفضت، فأعطاها ما يكفي حاجتها ، وقبِل منها أن تظل بالمدينة على كفرها ؛ ولكنها خانت كل ذلك ؛ وحملت كتاب {{حاطب بن أبي بلتعة}} - رضي الله عنه - إلى قريش ، والذي يخبرهم فيه بمسير الرسول - صلى الله عليه وسلم - إليهم ، فلما كان فتح مكة اختفت ، ثم جاءت إليه - عليه الصلاة و السلام - واستأمنته وأسلمت ، وعاشت حتى خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه .


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-19-21, 09:21 AM   #250
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 237»
السيرة النبوية العطرة (( إسلام هند بنت عتبة و ابنها معاوية ))
________
{{ هند بنت عتبة }} ، زوجة أبي سفيان وأم معاوية ، كانت شديدة في كفرها، و هي إحدى النساء اللاتي حاربن الإسلام طويلاً، ولها ذكريات مؤلمة عند المسلمين وعند رسول الله شخصيًّا ؛ فهي التي مثلت بجسد حمزة عم الرسول - صلى الله عليه وسلم -

وكانت {{ المثلة }} سابقة لم تعرفها العرب من قبل ، فقد ابتكرت شيئاً من وحي الشيطان ، حيث أمرت وحشي أن يبقر لها بطن سيد الشهداء – حمزة رضي الله عنه - ويستخرج لها كبده ، فلاكتها ، كما أمرت بتقطيع أنوف وآذان الشهداء ، فجعلت منها قلادة تضعها في عنقها تدخل بها مكة .

واستمرت في حربها ضد الإسلام حتى اللحظات الأخيرة من فتح مكة، ورفضت هند بنت عتبة ما طلبه زوجها من أهل مكة أن يدخلوا في بيوتهم طلبًا لأمان الرسول – صلى الله عليه وسلم -، بل دَعَت أهل مكة لقتل زوجها . إنه تاريخ طويل وشرس لهند بنت عتبة مع المسلمين . فلما كان يوم الفتح ورأت بعينيها قوة و هيبة المسلمين ؛ لزمت منزلها ، فقد علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أهدر دمها .

جلس - صلى الله عليه وسلم - على الصفا يبايع أهل مكة على الإسلام ، فجاءه الكبار والصغار والرجال والنساء يشهدون أمامه أن {{ لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله }} ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، وما كانوا يطيقون التمعن فيه من شدة جماله وهيبته صلوات ربي وسلامه عليه . فجاءه رجل يبايعه ، فلما نظر إلى الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أخذته الرعدة ، فقال له :

" هون عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد " القديد : [[ هو اللحم المجفف ، الذي يأكله عامة الناس ]] .
وتروي بعض كتب السيرة في إسلام هند بنت أبي عتبة أنها كانت مع النساء اللواتي جئن يبايعن النبي - صلى الله عليه وسلم – ( طبعا لم يبايع ببسط اليد ووضع اليد ) تقول السيدة عائشة {{ ما وضع - صلى الله عليه وسلم - يده بيد امرأة إلا امرأة تحل له [[ أي زوجته ]] أو ذات محرم }}

وكانت هند بنت عتبة قد سمعت عن سماحة و عفو نبينا – عليه الصلاة و السلام – فدخلت بين النساء وهي متنقبة [[ أي تخفي وجهها ]] ، فقال النبي لهنّ : أبايعكنّ على أن " تشهدن أن لا إله إلا الله ، وأنّي أنا محمد رسول الله ". فقالت النساء : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأنّك محمد رسول الله ، ثمّ أكمل وقال : "وَلاَ تَسْرِقْنَ". فوقفت هند وقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني، ويكفي بَنِيَّ، فهل عليَّ من حرج إذا أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال : "خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيكِ وَبَنِيكِ بِالْمَعْرُوفِ".

ثم انتبه على أن هذه التي تتكلم هي هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان، فقال لها : وَإِنَّكِ لَهِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ؟ قالت: نعم، هند بنت عتبة، فاعفُ عمَّا سلف عفا الله عنك ؛ فهي تعرف تاريخها الطويل مع المسلمين ، والرسول يعفو ويصفح، فتنازل – عليه الصلاة و السلام - عن كل هذا التاريخ الطويل، وقَبِل إسلامها، وأكمل البيعة مع النساء وقال:

"وَلاَ تَزْنِينَ". فقالت هند: يا رسول الله، وهل تزني الحرة؟ فقال : لا والله لا تزني الحرة . "وَلاَ تَقْتُلْنَ أَوْلاَدَكُنَّ ". فقالت هند: قد ربيناهم صغارًا، وقتلتهم كبارًا يوم بدر !! فتبسم وأخذ كلامها بشيء من الصبر

[[ فهو يعرف الألم الذي في قلبها على مقتل ذويها في بدر ، وقدَّر موقفها ]] ، ثم قال : "وَلاَ تَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيِدِيكُنَّ وَأَرْجُلِكُنَّ". فقالت هند: والله إن إتيان البهتان لقبيح .

وتمّت المبايعة ، وقالت هند للنبي - صلى الله عليه وسلم - : والله يا رسول الله ما كان على وجه الأرض أهل خباء [[ أي نساء أهل بيت ]] أحب إلي أن يذلوا من أهل خباءك !! ثم ما أصبح اليوم أهل خباء على وجه الأرض ، أحب إلي من أن يعزوا من أهل خبائك ، لقد كنا في جاهلية يا رسول الله ؛ فاصفح الصفح الجميل . فقال صلى الله عليه وسلم : قد عفونا وصفحنا يا ابنة عتبة .

وسبحان الله! فقد حسُنَ إسلام هند بنت عتبة – رضي الله عنها -، وكما كانت تخرج مع جيوش الكفار لتحمِّسَها لحرب المسلمين، بدأت تخرج مع جيوش المسلمين لتحمسهم لحرب الكفار. ومن أشهر المواقف لها يوم اليرموك، عندما بدأت تشجِّع المسلمين على القتال في سبيل الله، وعلى خوض غمار المعركة الهائلة ضد مائتي ألف رومي، فكانت من أدوات النصر العظيمة في ذلك اليوم المجيد.

إسلام معاوية بن أبي سفيان
معاوية من كبار الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وأحد كُتَّاب الوحي، العاملين بكتاب ربهم والمحافظين على سنة نبيهم، المدافعين عن شريعته، القائمين بحدوده، المجاهدين في سبيله ،وأمه هي هند بنت عتبة بن ربيعة ، وقيل إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بسبب أبيه، ولكن ما أظهر إسلامه إلا يوم الفتح، فيُروى عنه أنه


قال :
" لما كان عامُ الحديبية وصَدُّوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عن البيت، وكتبوا بينهم القضية ، وقع الإسلام في قلبي، فذكرت ذلك لأمي ، فقالت : إياك أن تخالف أباك، فأخفيتُ إسلامي، فوالله لقد رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -من الحديبية وإني مصدق به، ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم، وعلم أبو سفيان بإسلامي، فقال لي يومًا:

لكنَّ أخاك خير منك، وهو على ديني، فقلت: لم آلُ نفسي خيرًا، وأظهرتُ إسلامي يوم الفتح، فرحّب بي النبي - صلى الله عليه وسلم – " . وقد روى معاوية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من السنن والمسانيد، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين . وقد حذَّرَ رسولنا الكريم من الطعن في صحابته الأخيار، وأوجب على جميع المسلمين أن يعرفوا لصحابته قدرهم وحقهم، لذلك نقول ونكرر دائما :

(( إنّ ما جرى بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من فتن هي دماء طهّر الله أيدينا منها ، فيجب أن نُطهّر ألستنا منها ، فالله يحكم بينهم يوم القيامة )) .
ويكفينا حكم الله فيهم يوم القيامة :

{{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }}


اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-21-21, 09:50 AM   #251
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 238 »
السيرة النبوية العطرة (( الطريق إلى حُنَين ))
________
لم تمض على فتح مكة أيام قليلة حتى وصل للحبيب المصطفى- صلى الله عليه وسلم - أن {{ هوازن }} قد اجتمعت لحرب المسلمين ، فمن هي قبيلة هوازن ؟ ولماذا اجتمعت على حرب المسلمين ؟ قبيلة هوازن هي واحدة من أكبر وأشرس قبائل الجزيرة العربية ، وهي تضم عددا كبيرا جدا من القبائل (( بني نصر، بني سعد ، ثقيف )) ، وكانت أغلب قبائل هوازن في الشمال الشرقي من مكة، على بعد حوالي {{ ٢٠ }} كم من مكة ، بينما قبيلة ثقيف وحدها اتخذت مدينة الطائف ، في الجنوب الشرقي من مكة .

وكانت {{ ثقيف }} من أكبر وأقوى قبائل الجزيرة ، وكانت مدينة {{ الطائف}} هي المدينة الثانية في الجزيرة بعد مكة ، حتى أن الله تعالى ذكر قول الكفار : {{ وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }} ،

وكانوا يقصدون بالقريتين {{ مكة والطائف}} ، وكان في الطائف صنم اللات، وهو كما قلنا من أشهر أصنام العرب، وأحد أطراف الثالوث {{اللات والعزى ومناة }} وكانت قبائل هوازن كما هو حال العرب في كل مكان في الجزيرة العربية تعيش حياة التفرق والتنافر والاقتتال فيما بينها، ولم يحدث أبدا أن توحدت في كيان واحد سواء سياسيا أو عسكريا ؛ فلما رأت هوزان وثقيف أن مكة فتحت وأن الكثير من قريش أسلموا ، فقالوا : [[ ايش ضل بعد مكة ؟ إذن سيأتينا محمد فاتحا الطائف يوما من الأيام ، علينا أن نباغته وهو في مكة ]] .

تجمعت كل قبائل هوازن في جيش واحد، وتحت قيادة واحدة لحرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان قائد هذا التحالف من قبائل هوازن هو {{ مالك بن عوف النصري }} وكان شابا لم يبلغ الثلاثين من عمره ، ولكنه كان من أشهر فرسان الجزيرة، وكان معروفا بخططه العسكرية المميزة ، وكان أيضا شاعرا وخطيبا مفوها، وله قدرة فائقة على حشد الناس والتأثير عليهم ، لذلك استطاع أن يضم قبيلة ثقيف معه بالرغم من العداوة بينهما ؛ فالخطر يداهم الجميع ؛ و أصبح جيش مالك بن عوف يُقدّر ب (( 25 ألفا )) من المقاتلين .


وقبل أن يخرج مالك بن عوف ماذا فعل ؟؟ أمر هوزان بأن يأخذوا معهم إلى أرض القتال النساء والأطفال والأنعام والأموال وكل ما يمتلكونه ، فتوضع خلف الجيش، وذلك لتحفيز الجيش على القتال، ويستميت الرجل منهم في الدفاع عن النساء والأطفال والأموال .

وخرج مع الجيش أحد شيوخ هوازن المخضرمين عسكريا وهو {{ دريد بن الصمة }} ، وكان عمره أكثر من 120 سنة ، وقيل إنه خاض مئة معركة لم يهزم في واحدة منها !! وقد خرج على راحلة في هودج صغير ليس للحرب ، ولكن ليأخذوا المشورة والرأي منه . وقالوا له : لا نخالفك في أمر تراه .

وسار الجيش حتى نزل وادي {{ أوطاس }} على بعد حوالي {{ ٥٠ كم }} من مكة ، [[ يعني مسيرة يوم تقريبا من مكة]] ،

وكان دريد الآن ضعيف البصر، فقال لمن حوله: بأي وادٍ أنتم ؟؟ قالوا: - بأوطاس ، فقال: نعم مجال الخيل، لا حَزْنٌ ضَرِسٌ ولا سَهْلٌ دَهِسٌ [[ يعني هذا الوادي أفضل مكان للخيل والحرب والقتال والكر والفر لأن أرضه ليست صلبة غليظة فيصعب عليها المشي ، و ليست لينة جدا فيثقل فيها المشي ]] ثم قال دريد : ما لي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ؟ قالوا له : لقد اصطحب مالك بن عوف مع الجيش أموالهم ونساءهم وأبناءهم و دوابّهم !!

فنادى مالكا وقال له ‏: لم ذاك ؟ قال ‏:‏ أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم !! فأخرج دريد صوتا من فمه كالصوت الذي يخرجه الرعاة للغنم !! ثم قال‏ لمالك :‏ راعي ضأن والله ‏!‏ [[ أي أنت لا تنفع إلا أن تكون راعيا للغنم، ولا تصلح للقيادة العسكرية ]] ، وهل يرد المنهزم شيء ‏؟‏ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فُضِحتَ في أهلك ومالك ، ‏فأخرج بالمقاتلة فقط [[ يعني رجّع النساء و الأطفال و الأنعام و خلي فقط المقاتلين معك ، بلاش تنهزم و تخسر كل إشي ]] .

ثم قال له أيضا دريد : إنك تقاتل رجلا كريما، قد أوطأ العرب، وخافته العجم، وأجلى اليهود [[ يعني إنت مفكر محمد - صلى الله عليه وسلم - رجل عادي ؟؟ هذا الذي قاتل العرب وانتصر عليهم ، وهابه هرقل والروم وسحق اليهود في ديارهم ]] .

ولكن مالك بن عوف أصر على رأيه وقال له : والله لا أطيعك، إنك قد كبرت وضعف رأيك !! فقام دريد يخاطب الناس: يا معشر هوازن، والله ما هذا لكم برأي، إنّ هذا فاضحكم في عورتكم [[ يقصد نساءهم ]] وممكِّن منكم عدوكم، ولاحقٌ بحصن ثقيف وتارككم، فانصرفوا واتركوه . وكادت أن تتأثر هوازن برأي دريد ، ولكن مالك بن عوف - كما قلنا - كان خطيبا مفوّها، وله قدرة على التأثير على الناس، فسلّ سيفه ، وقام قائلا :

والله لتطيعُنَّني يا معشر هوازن أو لأتكِئنَّ على هذا السيف حتى يخرج من ظهري [[ يعني يا تسمعوا كلامي يا بقتل نفسي ، وابحثوا لكم عن قائد غيري ]] ، فأطاعت هوازن مالك بن عوف ، ولم يلتفت أحد إلى رأي الخبير العسكري دريد بن الصمة ، (( طبعا لاحقا ندموا على ذلك )) .

وهنا نشير إلى أن كثيرا من الجيوش كان يستخدم طريقة مالك بن عوف ، و فيأخذون معهم إلى الحرب النساء و الأطفال وكل ما يملكون ، و ربّما كان مالك بن عوف يدرك تماما استماتة المسلمين و شجاعتهم في القتال وحُب الشهادة في سبيل الله ، فأراد أن يرفع من معنويات جيشه كي يستبسلوا مثل جيش المسلمين .
يتبع غزوة حُنَين . . .

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


قديم 04-23-21, 09:19 AM   #252
عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (02:38 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



هذا الحبيب « 239 »
السيرة النبوية العطرة (( غزوة حُنين ))
________
وصلت هوازن كما قلنا إلى سهل {{ أوطاس }} ونظّم قائد هوازن (( مالك بن عوف )) جيشه تنظيما جيدا، فرتب الجيش في صفوف متوازية ، فماذا فعل ؟؟ وضع الخيل في المقدمة ، ثم الرَّجَّالة خلفهم [[ يعني الرجال الذين يمشون على أقدامهم ليس معهم خيل ]] ،ثم وضع النساء فوق الإبل خلف الرجال ، لكي يوهم المسلمين أن هناك أيضا من الرجال عددا كبيرا فوق الجمال ،

فتزداد الأعداد أمام المسلمين إلى الضعف ، فتضعف بذلك عزائم المسلمين ، ثم جعلوا الإبل والبقر والغنم صفوفا خلف الجيش كي لا يهرب الجيش ، ترتيب منظم حتى إن أنس بن مالك – رضي الله عنه - وصف جيش هوازن بقوله متعجبا :{{ فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت }} .

ثم ماذا فعل مالك أيضا ؟؟ استفاد من طبيعة الأرض التي اختارها للمعركة ، فهو يعرفها جيدا ، فقد وضع الكمائن في قمم الجبال [[ الفخ ]] وفي الشعاب والمضائق والمنعطفات والأشجار التي على جانبي وادي {{حنين}} وهو واد منحدر وهو الوادي الذي سيمر منه المسلمون ليصلوا إلى سهل أوطاس ، وكان وصول هوازن إلى أرض المعركة قبل المسلمين أمر في صالحها ، لأنها نشرت قواتها في الأماكن المناسبة، واحتلت المواقع الاستراتيجية في أرض المعركة ، تماما كما فعل المسلمون في غزوة بدر، و أخذ مالك بن عوف يخطب في هوازن ويحمسهم للقتال .

وفي الجانب الآخر خرج جيش المسلمين بقيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقتال هوازن وكانوا بكامل طاقتهم العسكرية ، فقد خرج نحو{{ ١0آلاف }} مقاتل ، وهم الذين فتح بهم مكة ، وخرج معهم قرابة {{ 2000 }} مقاتل من أهل مكة ممن أسلموا ،

وقيل كان منهم بعض المشركين الذين خرجوا للدفاع عن بلدهم مكة ، وهو أكبر عدد من المقاتلين في تاريخ المسلمين حتى ذلك الوقت ،ولم يكتف النبي - صلى الله عليه وسلم - بسلاح الجيش الذي فتح به مكة ، بل ذهب بنفسه إلى أكبر تجار السلاح في مكة ، وأحضر بعض الدروع والرماح والسيوف ، وعيّ!ن - صلى الله عليه وسلم - حراسة مشددة حول مكة، وكل هذه الإجراءات تبين أنه لم يتهاون بقبيلة هوازن ، لأن المقاتل إذا تهاون بخصمه فهذا يعني أنّ هزيمة المقاتل محققة .

لكنّ كثرة جيش المسلمين هذه لم تكن في صالحهم !!! فلم يكن كل الجيش يحسب حسابا لهوازن؛ وكان المسلمون يظنون أن عددهم كبير ، وقد انتصر المسلمون بأقل من هذه الأعداد بكثير ، وبدأ المسلمون يتحدثون عن كثرة أعدادهم، وأن النصر محقق، بل قال بعضهم : لن نُهزم اليوم من قلة !! وهذا يعني أنهم اعتمدوا على الأسباب وليس على ربّ الأسباب ، وتوكلوا على أنفسهم وليس على الله تعالى !! [[ مثل الناس اليوم خايفة من كورونا ، فيعتمدون على التعقيم فقط ، وعلى الأسباب وليس على رب الأسباب ]] ،

وقد سجل القرآن العظيم هذا الموقف من بعض المسلمين يوم حنين فقال تعالى في سورة التوبة : {{ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ }} .

وفي {{ 10 شوّال سنة 8 للهجرة }} وصل المسلمون إلى وادي حنين ، وهو اليوم الذي ستدور فيه أحداث الغزوة ، وكان وصولهم مع الفجر، ولا تزال هناك بقايا من ظلمة الليل ، وبينما المسلمون ينحدرون في الوادي، وعندما أصبح أكثر الجيش داخل الوادي أعطى مالك بن عوف إلى جيشه إشارة البدء، فبدؤوا بإطلاق السهام ، وأمطروا المسلمين بآلاف من السهام، والمسلمون لا يعرفون مصادر السهام لظلمة المكان واختفاء العدو، فاضطربت صفوف المسلمين، وماج بعضهم في بعض، وبدأ المسلمون في التراجع والفرار . ويصف القرآن العظيم هذا المشهد فيقول تعالى في سورة التوبة

{{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ }} .

ولم يثبت حول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموقف العصيب إلّا القلّة القليلة ، وبينما كان المسلمون يفرون إلى الوراء ، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يندفع بدابته في اتجاه المشركين ، وهو يقول بأعلى صوته : أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب ، هلمّوا إلي أيها الناس ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبدالله ، وكأن المشهد يقول :

[[ بأن المسلمين مقبلون على هزيمة مريرة ،تضيّع كل ما حققه المسلمون من انتصارات في السنوات الثمانية السابقة ، منذ هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم- وتعود بهم إلى نقطة الصفر ]] .

وكان سبب هذه الهزيمة السريعة في بداية المعركة غرور فئة من الجيش بكثرة عددهم ، كذلك وجود عدد من الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم ؛ فقد جاؤوا للغنائم فقط ، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يعلم ذلك لكنّه مضطر لاصطحابهم حتى لا ينقلبوا عليه في مكة ويتآمروا مع هوازن أو غيرها ، و يخسر الفتح العظيم الذي كان قبل أيّام .

ثمّ صاح النبي - صلى الله عليه وسلم - بعمّه العباس ، وكان العباس جهوري الصوت، فقال له : يا عباس ، اصرخ {{ يا أصحاب السمرة }}

[[يعني يا أصحاب الشجرة التي كانت تحتها بيعة الرضوان في صلح الحديبية ]] ، فهؤلاء بايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم -على الموت ،وهؤلاء الذين فتح بهم خيبر، وهؤلاء هم خير أهل الأرض في ذلك الوقت . فصاح العباس : يا أصحاب السّمرة !! يا أصحاب السّمرة !! سمع المسلمون صوت العباس فأخذوا يجيبونه :

لبيك ... لبيك ، وارتفعت أصوات الصحابة من كل مكان في أرض المعركة لبيك ... لبيك ، فأخذ الصحابة يتجمعون حول النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان الصبح قد طلع ، وعاد الصحابة للقتال بروح معنوية عالية ،وبصفوف منظمة ، فاستقبلوا العدو، وحملوا عليه ، وبدأ يرمي عليهم – عليه الصلاة و السلام - حصيات – ويقول: " حمي الوطيس ... انهزموا و رب محمد ...

" [[ الوطيس : هي حجارة توقد العرب تحتها النار، يشوون عليها اللحم ]] ، ووقع قتال من أشرس أنواع القتال ، ونزلت الملائكة من السماء لتثبيت قلوب المسلمين- كما نزلت في بدر- فأخذ جيش هوازن بالتراجع وقد أصابهم الرعب ، ثمّ بدؤوا بالفرار تاركين خلفهم نساءهم وأبناءهم وأموالهم، وتحولت سريعا هزيمة المسلمين في بداية المعركة إلى نصر ساحق .

يتبع ....

اللهم اجمعنا به - صلى الله عليه وسلم - في جنّات النّعيم


 


موضوع مُغلق

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 03:25 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا