منتديات مسك الغلا | al2la.com
 


من تاريخ هذا اليوم أي إساءه مهما كان نوعها أو شكلها أو لونها تصدر علناً من عضو بحق عضو أو مراقب أو إداري أو حتى المنتدى سيتم الإيقاف عليها مباشره وبدون تفاهم :: قرار هام ::

Like Tree54Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-20-23, 07:22 AM   #253
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:58 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



مراجعة كتاب "أدباء في حياتي" للكاتبة الكبيرة "ضياء قصبجي" بقلم: حسين قاطرجي.
في هذا الكتاب رحلة تقدير. لقد كانت الأديبة "ضياء قصبجي" طيلة حياتها محظوظةً بما يكفي لمقابلة العديد من الكتّاب الذين تركوا أثراً عميقاً في نفسها وساهمت كلماتهم وقصصهم ووجهات نظرهم الفريدة في فهمها للعالم وأشعلت حبها للأدب.
في هذا الكتاب تذكر الروائية الأدباء الذين مروا في حياتها، وعبّرت عن تقديرها الصادق للتأثير العميق الذي تركوه في حياتها، والبصمة التي لاتُمحى في رحلتها الأدبية، والتعبير عن تجاربها بشكل جميل، لقد ألهمتها هذه القامات طريقاً لاكتشاف صوتها الأدبي والبحث عن العزاء في الكلمة المكتوبة أثناء رحلتها في عالم الأدب الواسع.
في أدب "ضياء قصبجي" عوالم ساحرة مليئة بالحب والمأساة والجمال، لقد أيقظت قدرتها على مزج الواقع مع الخيال خيال القرّاء على قلّتهم (أقول على قلتهم لأنّ أعمالها لم تعد متوفرة في المكتبات ولم تُطبع طبعاتٍ جديدة فبقيت الكاتبة إرثاً وتاريخاً لايعرفه القرّاء الشباب إلا ماندر منهم).
علمت "قصبجي" أن رواية القصص يمكن أن تتجاوز حدود الواقع، أو تخوض فيه وتعرّيه، ولم تكن تسعى إلى حلّ ألغاز الحياة العميقة والطبيعة المعقدة للعلاقات الإنسانية. لكنّها تعيننا على استيعاب تعقيدات المشاعر وهشاشة التجربة الإنسانية وأهمية التعامي عن الشكوك والصّعاب التي تُفرط فيها الحياة.
تطرح الكاتبة -بطريقةٍ غير مباشرة- أهمية المجتمع وقوة التعاون في مجال الإبداع، ولا أنكر أنّني أحار بين رأيين؛ ويستميلني ،غالباً، الرأي الآخر الذي يستأثر بالخلوة ويمدحها، والبعد عن المجتمع والناس بما في ذلك المجتمع الأدبي.
أصدّق أنّ الادباء الذين مروا في حياتها أثروها بطرقٍ لا تستطيع الكلمات وحدها التعبير عنها؛ من قصصهم الجذّابة إلى رؤاهم العميقة. لقد تبادلت معهم الإمكانيات اللامحدودة للغة والقوة التحويلية للأدب، ومن خلال أعمالهم تعلّمت وعلّمت احتضان الإرادة، والتساؤل حول العالم من حولها وتقدير الجمال في كلٍّ من الأمور العادية وغير العادية.
في كتابها "أدباء في حياتي" تضع الكاتبة خمسةً وعشرين مقالاً، في كلّ مقالٍ تحكي ذكرياتها وتجاربها مع أحد الأدباء، وتُعَنوِنُ كلّ مقالٍ باسم أحد أبرز الأعمال الأدبية للكاتب الذي تتناوله في موضوع مقالها. ذكرت الأديبة لقاءاتها ومراسلاتها وانطباعاتها مع:
- عبد السلام العجيلي، أحد أديبين أجرت الكاتبة معهما لقاءً صحفياً، أمّا الثاني فهو الكبير نجيب محفوظ.
- فاضل السباعي، الذي تعترف بأنّ دعمه وتشجيعه الدائم شكّل إقلاعها الأوّل من مطار الأدب.
- وليد إخلاصي، الذي حار الوشاة في الإيقاع بينهما دون أن يفلحوا.
- فاتح مدرّس، الذي أهداها لوحةً لتكون غلاف عملها المقبل، وبقي يعاتبها على قلة زياراتها له ومع كل زيارةٍ تجيئه بها كانت لاتجده، حتى قال لها أخيراً: "كلكم هكذا! تأخذون ما تريدون ثم لاتعودون".
- عبد الله يوركي حلاق، أول من نشر لها قصةً، كان ذلك في ستينيات القرن الماضي وفي مجلته الضاد، ثمّ أكثر عليها المعاتبة بعد أن وجدها تدعم شعر التفعيلة وهو المتعصّب الغيور للشعر العامودي.
- محمد قرانيا، الناقد الذي يقرأ أسرار العمل الأدبي وماوراءه، وكتب عن روايتها "اختياراتي والحبّ" نقداً دقيقاً ومطوّلاً، أُعجبت الكاتبة به كلّ الإعجاب.
- إلفة الأدلبي، الكاتبة التي أحبّت دمشق حدّ الوله مع اعتزازها بأصولها الداغستانية، وهي التي ساهمت بنشر أحد اعمال الكاتبة ضياء وبقيت محبةً ومخلصة لهذه الصداقة.

كما كتبت ذكرياتها مع الأدباء: محمد عمران ،علي بدّور، محمد كمال، عصام ترشحاني، جلال قضيماتي، أحمد دوغان، د.حسن حميد، عبد الله أبو هيف، محمد غازي التدمري، ليلى مقدسي، مصطفى أحمد النجار، محمد الراشد، هيثم يحيى الخواجة، عصام قصبجي، والباحث والأديب الكبير محمود فاخوري. ومن مصر الأدباء: محمد الراوي، وحسني سيد لبيب، وعلاء الدين وحيد.

ملاحظات لابدّ منها:
- تشير الكاتبة غير مرة إلى النكران الذي يعانيه الكاتب عند أفول نجمه وبلوغه أواخر خريف العمر، كان الأدباء يحدّثونها -عندما تزورهم- عن حال الجفاف الوجداني والقطيعة التي يشعرون بها وهم منزوّون في بيوتهم لايعيدهم قريب ولايهاتفهم صديق. (أخشى أنّه ألمّ بها الشعور ذاته هذه الأيام أطال الله في عمرها).

- تلمّح الكاتبة إلى القطيعة (أو لنسمّها: حالة الفتور المقصود) الحاصلة بين أدباء حلب وأدباء دمشق. تقول الكاتبة ضياء: ( أذكر أنّني كنت أرى ألفة الأدلبي من بعيد في المؤتمر السنوي لاتحاد الكتّاب العرب، لكن كم من الأناس الذين أمتلئ إعجاباً بهم لكنّني لا أبوح لهم، ولا أكلمهم..إذا لم تُتح لي الفرصة لذلك.. ربّما لأنّني أخجل، وربّما لا أريد أن أفرض نفسي على كتّاب دمشق، ولهذا السبب أيضاً مضى ربع قرنٍ من العمر وعضوية الإتحاد، ولم نتكلم أنا والأديبة د.ناديا خوست لأنّها لم تبادر إلى التعرّف بي. هل هذا إحساسٌ بالغربة؟! لأنّني من حلب وهم من دمشق، وفي اعتقادي، أنّهم هم الذين يجب أن يُسلّموا علي؟ ربّما). ص 93

- كما يلفت النظر، ويُستغرب منها، أنّها لم تأتِ إلا على ذكر كاتبتين فقط (ألفة الإدلبي وليلى مقدسي)، رغم أنّ السّاحة الأدبية زاخرة بالكاتبات المُجايلات للأستاذة ضياء.

تنويه أخير: أرى أنّه من حق الكاتبة أن تعترض على مقدمتي التي قلتُ فيها: "لقد كانت الأديبة ضياء قصبجي طيلة حياتها محظوظةً بما يكفي لمقابلة العديد من الكتاب الذين تركوا أثراً عميقاً في نفسها وساهمت كلماتهم وقصصهم ووجهات نظرهم الفريدة في فهمها للعالم وأشعلت حبها للأدب." ذلك لأنّها تصرّح بخلاف ذلك في الكتاب إذ قالت: "كان اعتزازي بحرية آرائي كبيراً، ولا أريد أن أكون مدينةً لأحدٍ بأفكاري، فلقد كوّنت لنفسي مبادئي، ولن أنتمي لأفكار أيّ إنسان.". ص72.
لم تضع الأديبة "ضياء قصبجي" في هذا الكتاب سيرتها الأدبيّة، ولا يمكن اعتباره دراساتٍ في الأدب، أو قصصاً واقعية من حياة الأدباء الذين خالطتهم خلال مسيرتها الحافلة فحسب، بل هو مزيجٌ غنيٌّ من كل هذه المعاني..

وبينما نتمنى أن تستمر الأديبة "ضياء قصبجي" في رحلة الكتابة الخاصة بها، أشعر بدوري بالامتنان للكتّاب الذين مهدوا الطريق لي، لقد علموني تبنّي فنّ السّرد والنقد والقصّ، وتقدير الكلمة المكتوبة، والتعرّف على التأثير الهائل الذي يمكن أن يحدثه الأدب على الأفراد والمجتمعات. إنّني مع كل صفحة أقوم بها قراءةً أو كتابةً يتّسع ذوقي في الأدب، وأتذكر الكتّاب الذين مروا في حياتي، تاركين إرثًا دائمًا من التقدير والإلهام.



 


رد مع اقتباس
قديم 10-01-23, 07:22 AM   #254
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:58 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



مراجعة كتاب "مواطنة متلبّسة بالقراءة" للكاتبة الكبيرة غادة_السّمّان
إنّ القراءة نافذةٌ تُطلع بصيرتنا إلى عوالم لا حصر لها، حيث يمكننا التعرّف إلى أفكار الآخرين واكتشاف الحقائق المخفية وراء الكلمات المكتوبة. ولكن هل نقتصر على قراءة الكلمات الموجودة أمامنا؟ هل نقف عند السطر المكتوب أم نبحث عن المعاني العميقة والرسائل المستترة خلف هذه الكلمات؟ هذا ماتطرحه، وتجيب عنه الكاتبة الكبيرة "غادة السّمّان" في كتابها "مواطنة متلبّسة بالقراءة" من خلال مراجعتها للعديد من الكتب والأعمال الأدبية الخالدة.

تحاول الكاتبة إثبات أنّ الكلمات قد تكون مجرد واجهة ظاهرية تخفي وراءها الكثير من الحقائق والمشاعر التي لا يمكن أن نراها بوضوحٍ إلا إذا قرأنا المعاني المحتشدة بين السطور؛ قد يتطلب ذلك منّا فهم الرموز والاستدلالات غير المباشرة لاكتشاف الرسائل الكامنة والأفكار العميقة التي يحاول الكاتب إيصالها إلينا.

تقدّم السّمّان عملها هذا للقارئ العادي، وتحفّز عنده التحليل النقدي والبحث عن المعاني الحقيقية التي تكمن في العمق، وتقدّم لنا منظوراً مختلفاً من خلال قراءتها الواعية للكتب وتشاركنا هذا الرأي، ثمّ تختلق آراءاً مخالفة تتوقعها لتضعها محل نقاش إثراءً للفكرة والكتاب.

في عملها هذا مقالاتٍ جمعتها الكاتبة من الصحف والمجلات التي نشرتها وهي مجلة "الأسبوع العربي" و"الحوادث" و"الموتور" وذلك في أزمنة متفرّقة غالبيتها في ستينيّات القرن الماضي، وهذا يعني أنّ الكاتبة لم تؤلّف الكتاب لغرضه، ولايمكن عدّه كتاباً تقليدياً، هو أداة مثالية للترفيه والمعرفة من حيث مرونة التعامل واختيار المقالات دون الاضطرار لقراءته دفعةً واحدة من الغلاف إلى الغلاف.

من مقالات الكتاب: دراسة مبسّطة ورأي للكاتبة حول مسرح اللامعقول وأبرز أعلامه. علاقة الأدب العبثي بالرسم التكعيبي. ظهور آثار الأدب العبثي في الأدب العربي. الكاتب الذي ينحاز إلى الشهرة من خلال تقديم أدبٍ كلاسيكيٍّ سطحي يشبه حكايات الجدّات سعياً لإرضاء الجمهور (سومرست موم أنموذجاً). مقارنة سريعة بين أشهر كاتبَي مسرح في أميركا (تينيسي وليامز وآرثر ميللر). وغيرها من المقالات التي تُعدّ دليلاً معرفياً للأدب بأبعاده المتعدّدة.


صدرت الطبعة الأولى من الكتاب عن منشورات غادة السّمّان عام 1979، ويقع في 320 صفحة من القطع الكبير، وبالمجمل فإنّ الكاتبة لاتقيّم لنا جودة الأعمال بقدر ما تحاول أن تسلّط الضوء على المكامن المخفية من رسائل هذه الأعمال وأن تلامس الفحوى وأوجه القلق والأمل والحبّ والفقدان التي تكمن في طيّات الكتب.



 


رد مع اقتباس
قديم 10-06-23, 07:24 AM   #255
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:58 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



مراجعة رواية تغريبة_القافر للروائي العُماني زهران القاسمي الحائزة على جائزة البوكر 2023.

تجسّد رواية تغريبة القافر للروائي والشاعر العُماني زهران القاسمي لوناً من التراث القصصي العربي، هي رحلة نحو ما يدحر وحشة العطش، وبحثٌ مستمرٌّ عن الماء الذي يُقام به أود الحياة.

في الرواية: تُصاب مريم بنت حمد ود غانم بألمٍ نابضٍ في دماغها (داء الشقيقة) لاينجع معه إلا أن تطرح رأسها في الماء، وقد زاد مُصابها حتى صارت تهذي وتسمع أصواتاً تناديها؛ كان آخرها صوتاً جاءها من بئرٍ بعيدة فاستجابت له بعقلٍ مغيّب فوجدت نفسها صريعةً غريقةً في القعر.

احتشد القوم عند فم البئر وانبرى الوعري لإنقاذ المتردّية، وعندما صارت بين أيديهم قالت خالتها عائشة أنّ في بطن مريم جنينٌ حي، فاختلف الحاضرون بصدق حدس الخالة حتى قامت إليها إحداهنّ وبقرت بطنها وأخرجت منه صبيّاً موفور الصحة ينبض بالحياة؛ فأسموه سالماً تيمّناً بسلامته وكفِلته عمة الغريقة كاذية بنت غانم حتى صار رجلاً.

كان لسالم بن عبد الله حاسة سمعٍ رهيفة تصل به إلى لباب الأشياء وجوهرها، كان يسمع خرير الماء وجريانه في أفلاج الأرض حتى صار تُكلان أهل القرية عليه أيام المحل ليقتفي لهم مواطن تجمّع الماء في صدوع الغبراء اليابسة. وهكذا مضى اسمه بين الناس القافر.

في عباب فضاء الرواية قصص حبٍّ شتى، حبّ المرضعة آسيا بنت محمد لزوجها الذي هجرها ثم حنّ لمعشرها بعد طول فراق. والحب العذري الكتيم بين كاذية والوعري والذي ظلّ مطويّاً لايعترف به أحدهما لصاحبه. وحبّ سالم لزوجته نصرا بنت رمضان والتياعه بانتظار نظرة قبولٍ من وجهها الفاتن الخلّاب. وغيرها كثير من قصص الحبّ، لكنّها بالمجمل لا تجعل من ثيمة الرواية حكاية عشق بقدر ما هي هجرانٌ وصدٌّ وبحثٌ دؤوبٌ عن الماء في براري الأرض وسهوبها. الماء الذي هو أسُّ الحياة ومعناها.

في الرواية أيضاً قفزاتٌ زمنيةٌ حادة درجة أنّنا نلحظ مرّ السنون المثابرة على الإنقضاء بين فصلٍ وآخر، وجميلٌ ما سيجده قارئ الرواية من أنّ زمن الأحداث مرتبطٌ بحضور الماء وغيابه، وأنّ أعمار النّاس تحددها التجارب وعقبات الحياة لاتوالي الأيام.

لايسع المتأمّل في الرواية إلا أن ينبهر باللغة الحكيمة التي استخدمها الكاتب. هي لسانٌ ينطق من وحي البيئة، ويبدو أن زهران القاسمي توخى تخيّر المفردات ذاتها التي اصطلح أبناء المنطقة على توارثها حتى لو استعصى على غير العُماني فهمها، كما زيّن نصّه بمفرداتٍ عاميّة لم تزعج النص ولم توغل كثيراً في المحكي. ولم يحرص على استخدام لغةٍ شاعرية ولو أراد لفعل ونعلم أنّ في رصيده دواوين شعرٍ عدّة.

هذه الرواية وأمثالها تشكّل إضافةً مُنتظرة للمكتبة العربية، من حيث أصالة موضوعها وطريقة معالجته الأدبية والدرامية، كما هي أرشفةٌ لمفرداتٍ محكيّةٍ كاد يُخشى عليها من الاندثار لزوال المهنة التي ارتبطت بها. وصريح القول أنّ الرواية تستحق جائزة البوكر التي نالتها، كما يستحق كاتبها الاحتفاء والتكريم لأنه قدّم مغامرةً -أدبيّةً- شكليّةً وتجريبيةً تغطي على الاستهتار الأدبي الذي أنهك الرواية العربية خلال العقدين المنصرمين؛ لكنّه عملٌ بديعٌ يتيم ضمن جوقة نشرٍ شديدة القتامة والدمامة، والزهرةُ لاتصنع ربيعاً.

صدرت الرواية عن دار مسكلياني وتقع في 230 صفحة من القطع المتوسط، وبالمجمل هي رواية لاتمارس على القارئ مهنة الواعظ المتفلسف، بل تنقل له وقائع صادقة من بيئةٍ تغشاها أطوارٌ من السلام والتعب تماماً كما السماء التي تجود علينا طلّاً، أو تقلع فتلد سنيناً عِجاف..




 


رد مع اقتباس
قديم 10-13-23, 08:01 AM   #256
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:58 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



مراجعة رواية عرس_الشاعر للكاتب التشيلي الكبير أنطونيو سكارميتا..

"أنطونيو سكارميتا" كاتبٌ متفرّدٌ يبهرني دائماً، وهو من كتّابٍ قلّة إن شرعتُ بقراءة عملٍ لهم لا أتركه إلا عند الغلاف الأخير. ما يميز هذا الكاتب هو قدرته على خلق شخصياتٍ حقيقيةٍ ومعقدة، تتراوح بين الأبطال والأشرار والشخصيات المجتمعية التي لايسع القارئ إلا أن يتعاطف معها ويعيش رفقتها كلّ المغامرات والصراعات التي تواجهها، هي متعةٌ تأتيك خلال الرواية، وتشويقٌ متزايدٌ يراودك لمعرفة نهاية الحدث.

تدور أحداث رواية عرس الشاعر في جزيرةٍ مُتخيّلة تُدعى "جيما"، وفي ليلةٍ مشؤومة من نهايات القرن التاسع عشر وعندما كانت القرية تتحضّر لزفاف الحسناء "مارتا ماتاراسو" على الثري "ستاموس" الذي يُدير متجراً حافلاً بالبضائع المستوردة؛ تموت العروس في ظروفٍ غامضة، فيفقد الرجل حبّ حياته فيهجر القرية إلى غير رجعة ويلفّ هجرته هذه التباسٌ مُعضِل، ولأنّ ما حصل كان عصيّاً على الفهم وبعيداً عن المنطق نسب أهالي الجزيرة كل هذه الأحداث إلى الخرافة والأسطورة أعانهم على ذلك انتشار داءٍ في كروم العنب أفقدهم ريع المحصول الأهم في الجزيرة وبشّرهم بفقرٍ قريب.

عند هذا المُفترق التاريخي من عمر الجزيرة يصل إليها مصرفيٌّ نمساويٌ يُدعى "جيرونيمو فرانك" ويُلقّب بالشاعر، يحاول الشاعر دبّ الحياة في متجر "ستاموس"، ويبثّ في القرية وشبابها روح الأمل والوفرة. لكنّ انخراط النمسا في الحرب (عام 1914) جعلها ترسل إلى الجزيرة خَفَرَاً يجنّد أبناءها، فتلوح في الأفق صراعاتٍ جديدة.

تظهر على ساحة العمل الروائي شخصيّتان فاعلتان وهما الأخوان "كوبيتا" (رينو القاسي حادّ الطباع الذي يرى في الدم حَلاً لكلّ مشكلة، واستيبان الرقيق الهادئ المحبّ للشِّعر الذي يعارض أخاه في جلافته)، يهرع "رينو" لقيادة حملةٍ عسكريةٍ للدفاع عن الجزيرة من المعتدين النمساويين فتخرج الأمور عمّا خُطّط له ويقع أهالي القرية ضحايا لطيبتهم وصفاء نيّاتهم، في حين ظنّ "استيبان" والطيّبون أمثاله أن النّيات النقيّة تصنع فرقاً في هذا العالم الموحش. فهل يتعرّضون للخيبة وتكرار التجربة المريرة ويُدركون أنّ العالم لايعرف كيف يكافئ الخير والصدق؟ أم أنّ للخير قوةً لاتنالها الأيدي الغاشمة؟؟ هذا ماتكشفه خواتيم الرواية.

يُعدّ "أنطونيو سكارميتا" مبدعًا في صياغة الرحلة الشخصية للشخصيات، حيث يستخدم التفاصيل الدقيقة والحوارات العميقة لتجسيد تطوّر الشخصيات على مر الأحداث، ويقدم لكلّ أبطاله فرصاً عادلة للتغيير والنمو، ويضعها في مواقف صعبة تجبرها على مواجهة أفعالها واختياراتها، ويجعل القارئ شاهداً على هذه المواجهة.

صدرت الرواية عام 2020 وتقع في307 صفحة من القطع المتوسط وبترجمة رائعة من المحترف صالح علماني.



 


رد مع اقتباس
قديم 10-16-23, 08:04 AM   #257
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:58 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



الحب في القرآن، محمد سعيد رمضان البوطي
الحب عزيمةٌ صادقةٌ وانقيادٌ فعليٌّ ينبعُ من القلب، وللحبّ قانونٌ يؤكد صدقه وصفاءه، تعلو به الروح والمشاعر نحو طاعة المحبوب والانقياد له، وتسمو به صَعََداً لأداء حقوق الحب من المهابة والتعظيم..
في الوقت الذي تفيض فيه المكتبة العربية بكتبٍ تجد في الحبّ الجسدي مرعىً غثّاً تستمدّ منه مادتها يأتي هذا الكتاب ليسمو بمعاني الحبّ وسلطانه ليحدّثنا عن الحب الذي يحتضن العقل والقلب معاً، الحبّ كما وصفه الله تعالى وكما أراده.
تتنقل أبواب الكتاب من المعنى العام للحبّ إلى حديث القرآن الكريم عن الحبّ الكسبي من الإنسان لله تعالى، ثمّ يعالج هذه الطريقة الكسبيّة ووسائلها وثمارها كما ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم.
ثمّ يتناول مؤلف الكتاب الشيخ (محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله) مستلزمات هذه المحبة ومطالبها ودورها في حياة الإنسان، وكيف أنّ محبة الإنسان لله تعالى تستوجب إخلاص العبد في سائر عباداته وصدق معاملاته مع أخيه الإنسان.
ثمّ يتحدث فضيلة الشيخ عن الفرق بين رضا الله تعالى على العبد ومحبته له، ويشرح بإسهابٍ مستفيضٍ معنى أن يعتمد المرء على العقل وحده وأن يعتمد على الحبّ وحده ويرى أنهما آفتين لايصلح العمل بهما منفصلتين بل بالتنسيق والانسجام.
الكتاب بارعٌ في مضمونه ومحتواه وقد صدرت الطبعة الأولى منه في 176 صفحة من القطع الكبير، وقد وصل عدد طبعاته إلى ستة آخرها عام 2018، ويحقّ لكل مؤمنٍ أن يطلع فيه ويتزوّد منه معانٍ سامية حول حقيقة الحبّ، فتسمو بها روحه ونفسه معاً.




 


رد مع اقتباس
قديم 10-20-23, 08:12 AM   #258
عطاء دائم

الصورة الرمزية عطاء دائم

آخر زيارة »  اليوم (07:58 PM)
المكان »  في بلدي الجميل
الهوايه »  القراءة بشكل عام وكتابة بعض الخواطر

 الأوسمة و جوائز

افتراضي



مراجعة رواية عرس_الشاعر للكاتب التشيلي الكبير أنطونيو سكارميتا..

"أنطونيو سكارميتا" كاتبٌ متفرّدٌ يبهرني دائماً، وهو من كتّابٍ قلّة إن شرعتُ بقراءة عملٍ لهم لا أتركه إلا عند الغلاف الأخير. ما يميز هذا الكاتب هو قدرته على خلق شخصياتٍ حقيقيةٍ ومعقدة، تتراوح بين الأبطال والأشرار والشخصيات المجتمعية التي لايسع القارئ إلا أن يتعاطف معها ويعيش رفقتها كلّ المغامرات والصراعات التي تواجهها، هي متعةٌ تأتيك خلال الرواية، وتشويقٌ متزايدٌ يراودك لمعرفة نهاية الحدث.
تدور أحداث رواية عرس الشاعر في جزيرةٍ مُتخيّلة تُدعى "جيما"، وفي ليلةٍ مشؤومة من نهايات القرن التاسع عشر وعندما كانت القرية تتحضّر لزفاف الحسناء "مارتا ماتاراسو" على الثري "ستاموس" الذي يُدير متجراً حافلاً بالبضائع المستوردة؛ تموت العروس في ظروفٍ غامضة، فيفقد الرجل حبّ حياته فيهجر القرية إلى غير رجعة ويلفّ هجرته هذه التباسٌ مُعضِل، ولأنّ ما حصل كان عصيّاً على الفهم وبعيداً عن المنطق نسب أهالي الجزيرة كل هذه الأحداث إلى الخرافة والأسطورة أعانهم على ذلك انتشار داءٍ في كروم العنب أفقدهم ريع المحصول الأهم في الجزيرة وبشّرهم بفقرٍ قريب.

عند هذا المُفترق التاريخي من عمر الجزيرة يصل إليها مصرفيٌّ نمساويٌ يُدعى "جيرونيمو فرانك" ويُلقّب بالشاعر، يحاول الشاعر دبّ الحياة في متجر "ستاموس"، ويبثّ في القرية وشبابها روح الأمل والوفرة. لكنّ انخراط النمسا في الحرب (عام 1914) جعلها ترسل إلى الجزيرة خَفَرَاً يجنّد أبناءها، فتلوح في الأفق صراعاتٍ جديدة.

تظهر على ساحة العمل الروائي شخصيّتان فاعلتان وهما الأخوان "كوبيتا" (رينو القاسي حادّ الطباع الذي يرى في الدم حَلاً لكلّ مشكلة، واستيبان الرقيق الهادئ المحبّ للشِّعر الذي يعارض أخاه في جلافته)، يهرع "رينو" لقيادة حملةٍ عسكريةٍ للدفاع عن الجزيرة من المعتدين النمساويين فتخرج الأمور عمّا خُطّط له ويقع أهالي القرية ضحايا لطيبتهم وصفاء نيّاتهم، في حين ظنّ "استيبان"

والطيّبون أمثاله أن النّيات النقيّة تصنع فرقاً في هذا العالم الموحش. فهل يتعرّضون للخيبة وتكرار التجربة المريرة ويُدركون أنّ العالم لايعرف كيف يكافئ الخير والصدق؟ أم أنّ للخير قوةً لاتنالها الأيدي الغاشمة؟؟ هذا ماتكشفه خواتيم الرواية.

يُعدّ "أنطونيو سكارميتا" مبدعًا في صياغة الرحلة الشخصية للشخصيات، حيث يستخدم التفاصيل الدقيقة والحوارات العميقة لتجسيد تطوّر الشخصيات على مر الأحداث، ويقدم لكلّ أبطاله فرصاً عادلة للتغيير والنمو، ويضعها في مواقف صعبة تجبرها على مواجهة أفعالها واختياراتها، ويجعل القارئ شاهداً على هذه المواجهة.

صدرت الرواية عام 2020 وتقع في307 صفحة من القطع المتوسط وبترجمة رائعة من المحترف صالح علماني.

وخلاصة القول؛ لقد اكتشفتُ أن الإلهام يأتي في أشكال مختلفة، لكن ثمّة إلهامٌ يشعل فينا الشغف والإصرار ويجعلنا نتطلع إلى المستحيل. فلنبحث عن تلك القصص الملهمة والأشخاص الذين يعكسون السّحر والخيال؛ وليس أمهر من سكارميتا في إيصالنا إلى هذه البهجة.



 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are معطلة



| أصدقاء منتدى مسك الغلا |


الساعة الآن 09:15 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.1 al2la.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
بدعم من : المرحبي . كوم | Developed by : Marhabi SeoV2
جميع الحقوق محفوظه لـ منتديات مسك الغلا